من (ع ل ل) ما يتعلل به أي ما يتلهى به ويكتفي، أو ما يشغل به.
من (ع ل ل) ما يتعلل به أي ما يتلهى به ويكتفي، أو ما يشغل به.
علل: العَلُّ والعَلَلُ: الشَّرْبةُ الثانية، وقيل: الشُّرْب بعد الشرب
تِباعاً، يقال: عَلَلٌ بعد نَهَلٍ.
وعَلَّه يَعُلُّه ويَعِلُّه إِذا سقاه السَّقْيَة الثانية، وعَلَّ
بنفسه، يَتعدَّى ولا يتعدَّى. وعَلَّ يَعِلُّ ويَعُلُّ عَلاًّ وعَلَلاً،
وعَلَّتِ الإِبِلُ تَعِلُّ وتَعُلُّ إِذا شَرِبت الشَّرْبةَ الثانية. ابن
الأَعرابي: عَلَّ الرَّجلُ يَعِلُّ من المرض، وعَلَّ يَعِلُّ ويَعُلُّ من
عَلَل الشَّراب. قال ابن بري: وقد يُسْتَعْمَل العَلَلُ والنَّهَل في
الرِّضاع كما يُسْتَعْمل في الوِرْد؛ قال ابن مقبل:
غَزَال خَلاء تَصَدَّى له،
فتُرْضِعُه دِرَّةً أَو عِلالا
واستَعْمَل بعضُ الأَغْفال العَلَّ والنَّهَلَ في الدعاء والصلاة فقال:
ثُمَّ انْثَنى مِنْ بعد ذا فَصَلَّى
على النَّبيّ، نَهَلاً وعَلاَّ
وعَلَّتِ الإِبِلُ، والآتي كالآتي
(* قوله «والآتي كالآتي إلخ» هذه بقية
عبارة ابن سيده وصدرها: عل يعل ويعل علاً وعللاً إلى أن قال وعلت الابل
والآتي إلخ) والمصدر كالمصدر، وقد يستعمل فَعْلى من العَلَل والنَّهَل.
وإِبِلٌ عَلَّى: عَوَالُّ؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد لِعَاهَانَ بن
كعب:تَبُكُّ الحَوْضَ عَلاَّها ونَهْلاً،
ودُون ذِيادِها عَطَنٌ مُنِيم
تَسْكُن إِليه فيُنِيمُها، ورواه ابن جني: عَلاَّها ونَهْلى، أَراد
ونَهْلاها فحَذَف واكْتَفى بإِضافة عَلاَّها عن إِضافة نَهْلاها، وعَلَّها
يَعُلُّها ويَعِلُّها عَلاًّ وعَلَلاً وأَعَلَّها. الأَصمعي: إِذا وَرَدتِ
الإِبلُ الماءَ فالسَّقْية الأُولى النَّهَل، والثانية العَلَل.
وأَعْلَلْت الإِبلَ إِذا أَصْدَرْتَها قبل رِيِّها، وفي أَصحاب الاشتقاق مَنْ
يقول هو بالغين المعجمة كأَنه من العَطَش، والأَوَّل هو المسموع. أَبو عبيد
عن الأَصمعي: أَعْلَلْت الإِبِلَ فهي إِبِلٌ عالَّةٌ إِذا أَصْدَرْتَها
ولم تَرْوِها؛ قال أَبو منصور: هذا تصحيف، والصواب أَغْلَلْت الإِبلَ،
بالغين، وهي إِبل غالَّةٌ. وروى الأَزهري عن نُصَير الرازي قال: صَدَرَتِ
الإِبلُ غالَّة وغَوَالَّ، وقد أَغْلَلْتها من الغُلَّة والغَلِيل وهو
حرارة العطش، وأَما أَعْلَلْت الإِبلَ وعَلَلْتها فهما ضِدَّا أَغْلَلْتها،
لأَن معنى أَعْلَلتها وَعَلَلتها أَن تَسْقِيها الشَّرْبةَ الثانية ثم
تُصْدِرَها رِواء، وإِذا عَلَّتْ فقد رَوِيَتْ؛ وقوله:
قِفِي تُخْبِرِينا أَو تَعُلِّي تَحِيَّةً
لنا، أَو تُثِيبي قَبْلَ إِحْدَى الصَّوافِق
إِنَّما عَنى أَو تَرُدِّي تَحِيَّة، كأَنَّ التَّحِيَّة لَمَّا كانت
مردودة أَو مُراداً بها أَن تُرَدَّ صارت بمنزلة المَعْلُولة من الإِبل.
وفي حديث علي، رضي الله عنه: من جَزيل عَطائك المَعْلول؛ يريد أَن عطاء
الله مضاعَفٌ يَعُلُّ به عبادَه مَرَّةً بعد أُخرى؛ ومنه قصيد كعب:
كأَنه مُنْهَلٌ بالرَّاح مَعْلُول
وعَرَضَ عَلَيَّ سَوْمَ عالَّةٍ إِذا عَرَض عليك الطَّعامَ وأَنت
مُسْتَغْنٍ عنه، بمعنى قول العامَّة: عَرْضٌ سابِرِيٌّ أَي لم يُبالِغْ، لأَن
العَالَّةَ لا يُعْرَضُ عليها الشُّربُ عَرْضاً يُبالَغ فيه كالعَرْضِ على
الناهِلة. وأَعَلَّ القومُ: عَلَّتْ إِبِلُهم وشَرِبَت العَلَل؛
واسْتَعْمَل بعضُ الشعراء العَلَّ في الإِطعام وعدّاه إِلى مفعولين، أَنشد ابن
الأَعرابي:
فباتُوا ناعِمِين بعَيْشِ صِدْقٍ،
يَعُلُّهُمُ السَّدِيفَ مع المَحال
وأُرَى أَنَّ ما سَوَّغَ تَعْدِيَتَه إِلى مفعولين أَن عَلَلْت ههنا في
معنى أَطْعَمْت، فكما أَنَّ أَطعمت متعدِّية إِلى مفعولين كذلك عَلَلْت
هنا متعدِّية إِلى مفعولين؛ وقوله:
وأَنْ أُعَلَّ الرَّغْمَ عَلاًّ عَلاَّ
جعَلَ الرَّغْمَ بمنزلة الشراب، وإِن كان الرَّغْم عَرَضاً، كما قالوا
جَرَّعْته الذُّلَّ وعَدَّاه إِلى مفعولين، وقد يكون هذا بحذف الوَسِيط
كأَنه قال يَعُلُّهم بالسَّدِيف وأُعَلّ بالرَّغْم، فلما حَذَف الباء
أَوْصَلَ الفعل، والتَّعْلِيل سَقْيٌ بعد سَقْيٍ وجَنْيُ الثَّمرة مَرَّةً بعد
أُخرى. وعَلَّ الضاربُ المضروبَ إِذا تابَع عليه الضربَ؛ ومنه حديث عطاء
أَو النخعي في رجل ضَرَب بالعَصا رجلاً فقَتَله قال: إِذا عَلَّه
ضَرْباً ففيه القَوَدُ أَي إِذا تابع عليه الضربَ، مِنْ عَلَلِ الشُّرب.
والعَلَلُ من الطعام: ما أُكِلَ منه؛ عن كراع. وطَعامٌ قد عُلَّ منه أَي
أُكِل؛ وقوله أَنشده أَبو حنيفة:
خَلِيلَيَّ، هُبَّا عَلِّلانيَ وانْظُرا
إِلى البرق ما يَفْرِي السَّنى، كَيْفَ يَصْنَع
فَسَّرَه فقال: عَلَّلاني حَدَّثاني، وأَراد انْظُرا إِلى البرق
وانْظُرَا إِلى ما يَفرِي السَّنى، وفَرْيُه عَمَلُه؛ وكذلك قوله:
خَلِيلَيَّ، هُبَّا عَلِّلانيَ وانْظُرَا
إِلى البرق ما يَفْرِي سَنًى وتَبَسَّما
وتَعَلَّلَ بالأَمر واعْتَلَّ: تَشاغَل؛ قال:
فاسْتَقْبَلَتْ لَيْلَة خِمْسٍ حَنَّان،
تَعْتلُّ فيه بِرَجِيع العِيدان
أَي أَنَّها تَشاغَلُ بالرَّجِيع الذي هو الجِرَّة تُخْرِجها
وتَمْضَغُها. وعَلَّلَه بطعام وحديث ونحوهما: شَغَلهُ بهما؛ يقال: فلان يُعَلِّل
نفسَه بــتَعِلَّةٍ. وتَعَلَّل به أَي تَلَهَّى به وتَجَزَّأَ، وعَلَّلتِ
المرأَةُ صَبِيَّها بشيء من المَرَق ونحو ليَجْزأَ به عن اللَّبن؛ قال
جرير:تُعَلِّل، وهي ساغَبَةٌ، بَنِيها
بأَنفاسٍ من الشَّبِم القَراحِ
يروى أَن جريراً لما أَنْشَدَ عبدَ الملك بن مَرْوان هذا البيتَ قال له:
لا أَرْوى الله عَيْمَتَها
وتَعِلَّةُ الصبيِّ أَي ما يُعَلَّل به ليسكت. وفي حديث أَبي حَثْمة
يَصِف التَّمر: تَعِلَّة الصَّبيِّ وقِرى الضيف. والــتَّعِلَّةُ والعُلالة:
ما يُتَعَلَّل به. وفي الحديث: أَنه أُتيَ بعُلالة الشاة فأَكَلَ منها،
أَي بَقِيَّة لحمها. والعُلُل أَيضاً: جمع العَلُول، وهو ما يُعَلَّل به
المريضُ من الطعام الخفيف، فإِذا قَوي أَكلُه فهو الغُلُل جمع الغَلُول.
ويقال لبَقِيَّة اللبن في الضَّرْع وبَقيَّة قُوّة الشيخ: عُلالة، وقيل:
عُلالة الشاة ما يُتَعَلَّل به شيئاً بعد شيء من العَلَل الشُّرب بعد
الشُّرْب؛ ومنه حديث عَقِيل بن أَبي طالب: قالوا فيه بَقِيَّةٌ من عُلالة
أَي بَقِيَّة من قوة الشيخ. والعُلالةُ والعُراكةُ والدُّلاكة: ما
حَلَبْتَ قبل الفِيقة الأُولى وقبل أَن تجتمع الفِيقة الثانية؛ عن ابن
الأَعرابي. ويقال لأَوَّل جَرْي الفرس: بُداهَته، وللذي يكون بعده: عُلالته؛ قال
الأَعشى:
إِلاَّ بُداهة، أَو عُلا
لَة سابِحٍ نَهْدِ الجُزاره
والعُلالة: بَقِيَّة اللَّبَنِ وغيرِه. حتى إِنَّهم لَيَقولون لبَقِيَّة
جَرْي الفَرَس عُلالة، ولبَقِيَّة السَّيْر عُلالة.
ويقال: تَعالَلْت نفسي وَتَلوَّمْتها أَي استَزَدْتُها. وتَعالَلْت
الناقةَ إِذا اسْتَخْرَجْت ما عندها من السَّيْر؛ وقال:
وقد تَعالَلْتُ ذَمِيل العَنْس
وقيل: العُلالة اللَّبَن بعد حَلْبِ الدِّرَّة تُنْزِله الناقةُ؛ قال:
أَحْمِلُ أُمِّي وهِيَ الحَمَّاله،
تُرْضِعُني الدِّرَّةَ والعُلاله،
ولا يُجازى والدٌ فَعَالَه
وقيل: العُلالة أَن تُحْلَب الناقة أَوّل النهار وآخره، وتُحْلَب وسط
النهار فتلك الوُسْطى هي العُلالة، وقد تُدْعى كُلُّهنَّ عُلالةً. وقد
عالَلْتُ الناقة، والاسم العِلال. وعالَلْتُ الناقة عِلالاً: حَلَبتها صباحاً
ومَساء ونِصْفَ النهار. قال أَبو منصور: العِلالُ الحَلْبُ بعد الحَلْب
قبل استيجاب الضَّرْع للحَلْب بكثرة اللبن، وقال بعض الأَعراب:
العَنْزُ تَعْلَمُ أَني لا أَكَرِّمُها
عن العِلالِ، ولا عن قِدْرِ أَضيافي
والعُلالة، بالضم: ما تَعَلَّلت به أَي لَهَوْت به. وتَعَلَّلْت
بالمرأَة تَعَلُّلاً: لَهَوْت بها. والعَلُّ: الذي يزور النساء. والعَلُّ:
التَّيْس الضَّخْم العظيم؛ قال:
وعَلْهَباً من التُّيوس عَلاً
والعَلُّ: القُراد الضَّخْم، وجمعها عِلالٌ
(* قوله «وجمعها علال» كذا
في الأصل وشرح القاموس، وفي التهذيب: أعلال) ، وقيل: هو القُراد
المَهْزول، وقيل: هو الصغير الجسم. والعَلُّ: الكبير المُسِنُّ. ورَجُلٌ عَلٌّ:
مُسِنٌّ نحيف ضعيف صغير الجُثَّة، شُبِّه بالقُراد فيقال: كأَنه عَلُّ؛ قال
المُتَنَخِّل الهذلي:
لَيْسَ بِعَلٍّ كبيرٍ لا شَبابَ له،
لَكِنْ أُثَيْلَةُ صافي الوَجْهِ مُقْتَبَل
أَي مُسْتَأْنَف الشَّباب، وقيل: العَلُّ المُسِنُّ الدقيق الجسم من كل
شيء.
والعَلَّة: الضَّرَّة. وبَنُو العَلاَّتِ: بَنُو رَجل واحد من أُمهات
شَتَّى، سُمِّيَت بذلك لأَن الذي تَزَوَّجها على أُولى قد كانت قبلها ثم
عَلَّ من هذه؛ قال ابن بري: وإِنما سُمِّيت عَلَّة لأَنها تُعَلُّ بعد
صاحبتها، من العَلَل؛ قال:
عَلَيْها ابْنُ عَلاَّتٍ، إِذا اجْتَشَّ مَنْزِلاً
طَوَتْه نُجومُ اللَّيل، وهي بَلاقِع
(* قوله «إذا اجتش» كذا في الأصل بالشين المعجمة، وفي المحكم بالمهملة)
إِنَّما عَنى بابن عَلاَّتٍ أَن أُمَّهاته لَسْنَ بقَرائب، ويقال: هما
أَخَوانِ من عَلَّةٍ. وهما ابْنا عَلَّة: أُمَّاهُما شَتَّى والأَب واحد،
وهم بَنُو العَلاَّت، وهُمْ من عَلاَّتٍ، وهم إِخُوةٌ من عَلَّةٍ
وعَلاَّتٍ، كُلُّ هذا من كلامهم. ونحن أَخَوانِ مِنْ عَلَّةٍ، وهو أَخي من
عَلَّةٍ، وهما أَخَوانِ من ضَرَّتَيْن، ولم يقولوا من ضَرَّةٍ؛ وقال ابن شميل:
هم بَنُو عَلَّةٍ وأَولاد عَلَّة؛ وأَنشد:
وهُمْ لمُقِلِّ المالِ أَولادُ عَلَّةٍ،
وإِن كان مَحْضاً في العُمومةِ مُخْوِلا
ابن شميل: الأَخْيافُ اختلاف الآباء وأُمُّهُم واحدة، وبَنُو الأَعيان
الإِخْوة لأَب وأُمٍّ واحد. وفي الحديث: الأَنبياء أَولاد عَلاَّتٍ؛ معناه
أَنهم لأُمَّهات مختلفة ودِينُهم واحد؛ كذا في التهذيب وفي النهاية لابن
الأَثير،أَراد أَن إِيمانهم واحد وشرائعهم مختلفة. ومنه حديث علي، رضي
الله عنه: يَتَوارَثُ بَنُو الأَعيان من الإِخوة دون بني العَلاَّت أَي
يتوارث الإِخوة للأُم والأَب، وهم الأَعيان، دون الإِخوة للأَب إِذا
اجتمعوا معهم. قال ابن بري: يقال لبَني الضَّرائر بَنُو عَلاَّت، ويقال لبني
الأُم الواحدة بَنُو أُمٍّ، ويصير هذا اللفظ يستعمل للجماعة المتفقين،
وأَبناء عَلاَّتٍ يستعمل في الجماعة المختلفين؛ قال عبد المسيح:
والنَّاسُ أَبناء عَلاَّتٍ، فَمَنْ عَلِمُوا
أَنْ قَدْ أَقَلَّ، فَمَجْفُوٌّ ومَحْقُور
وهُمْ بَنُو أُمِّ مَنْ أَمْسى له نَشَبٌ،
فَذاك بالغَيْبِ مَحْفُوظٌ ومَنْصور
وقال آخر:
أَفي الوَلائِم أَوْلاداً لِواحِدة،
وَفي المآتِم أَولاداً لَعِلاَّت؟
(* في المحكم هنا ما نصبه: وجمع العلة للضرة علائل، قال رؤبة: دوى بها لا يغدو العلائلا).
وقد اعْتَلَّ العَلِيلُ عِلَّةً صعبة، والعِلَّة المَرَضُ. عَلَّ
يَعِلُّ واعتَلَّ أَي مَرِض، فهو عَلِيلٌ، وأَعَلَّه اللهُ، ولا أَعَلَّك اللهُ
أَي لا أَصابك بِعِلَّة. واعْتَلَّ عليه بِعِلَّةٍ واعْتَلَّه إِذا
اعتاقه عن أَمر. واعْتَلَّه تَجَنَّى عليه. والعِلَّةُ: الحَدَث يَشْغَل
صاحبَه عن حاجته، كأَنَّ تلك العِلَّة صارت شُغْلاً ثانياً مَنَعَه عن شُغْله
الأَول. وفي حديث عاصم بن ثابت: ما عِلَّتي وأَنا جَلْدٌ نابلٌ؟ أَي ما
عذْري في ترك الجهاد ومَعي أُهْبة القتال، فوضع العِلَّة موضع العذر. وفي
المثل: لا تَعْدَمُ خَرْقاءُ عِلَّةً، يقال هذا لكل مُعْتَلٍّ ومعتذر
وهو يَقْدِر.
والمُعَلِّل: دافع جابي الخراج بالعِلَل، وقد، اعْتَلَّ الرجلُ. وهذا
عِلَّة لهذا أَي سبَب. وفي حديث عائشة: فكان عبد الرحمن يَضْرِب رِجْلي
بِعِلَّة الراحلة أَي بسببها، يُظْهِر أَنه يضرب جَنْب البعير برِجْله
وإِنما يَضْرِبُ رِجْلي. وقولُهم: على عِلاَّتِه أَي على كل حال؛ وقال:
وإِنْ ضُرِبَتْ على العِلاَّتِ، أَجَّتْ
أَجِيجَ الهِقْلِ من خَيْطِ النَّعام
وقال زهير:
إِنَّ البَخِيلَ مَلُومٌ حيثُ كانَ، ولَـ
ـكِنَّ الجَوَادَ، على عِلاَّتِهِ، هَرِم
والعَلِيلة: المرأَة المُطَيَّبة طِيباً بعد طِيب؛ قال وهو من قوله:
ولا تُبْعِدِيني من جَنَاكِ المُعَلَّل
أَي المُطَيَّب مرَّة بعد أُخرى، ومن رواه المُعَلِّل فهو الذي
يُعَلِّلُ مُتَرَشِّفَه بالريق؛ وقال ابن الأَعرابي: المُعَلِّل المُعِين
بالبِرِّ بعد البرِّ.
وحروفُ العِلَّة والاعْتِلالِ: الأَلفُ والياءُ والواوُ، سُمِّيت بذلك
لِلينها ومَوْتِها.
واستعمل أَبو إِسحق لفظة المَعْلول في المُتقارِب من العَروض فقال:
وإِذا كان بناء المُتَقارِب على فَعُولن فلا بُدَّ من أَن يَبْقى فيه سبب غير
مَعْلُول، وكذلك استعمله في المضارع فقال: أُخِّر المضارِع في الدائرة
الرابعة، لأَنه وإِن كان في أَوَّله وَتِدٌ فهو مَعْلول الأَوَّل، وليس في
أَول الدائرة بيت مَعْلولُ الأَول، وأَرى هذا إِنما هو على طرح الزائد
كأَنه جاء على عُلَّ وإِن لم يُلْفَظ به، وإِلا فلا وجه له، والمتكلمون
يستعملون لفظة المَعْلول في مثل هذا كثيراً؛ قال ابن سيده: وبالجملة
فَلَسْتُ منها على ثِقَةٍ ولا على ثَلَجٍ، لأَن المعروف إِنَّما هو أَعَلَّه
الله فهو مُعَلٌّ، اللهم إِلاَّ أَن يكون على ما ذهب إِليه سيبويه من قولهم
مَجْنُون ومَسْلول، من أَنه جاء على جَنَنْته وسَلَلْته، وإِن لم
يُسْتَعْملا في الكلام استُغْنِيَ عنهما بأَفْعَلْت؛ قال: وإِذا قالُوا جُنَّ
وسُلَّ فإِنما يقولون جُعِلَ فيه الجُنُون والسِّلُّ كما قالوا حُزِنَ
وفُسِلَ.
ومُعَلِّل: يومٌ من أَيام العجوز السبعة التي تكون في آخر الشتاء لأَنه
يُعَلِّل الناسَ بشيء من تخفيف البرد، وهي: صِنٌّ وصِنَّبْرٌ ووَبْرٌ
ومُعَلَّلٌ ومُطْفيءُ الجَمْر وآمِرٌ ومُؤْتَمِر، وقيل: إِنما هو مُحَلِّل؛
وقد قال فيه بعضُ الشعراء فقدَّم وأَخَّر لإِقامة وزن الشعر:
كُسِعَ الشِّتاءُ بسَبْعةٍ غُبْر،
أَيّامِ شَهْلَتِنا من الشَّهْر
فإِذا مَضَتْ أَيّامُ شَهْلَتِنا:
صِنٌّ وصِنْبرٌ مع الوَبْر
وبآمرٍ وأَخِيه مُؤْتَمِر،
ومُعَلِّل وبمُطْفِئِ الجَمْر
ذَهب الشِّتاءُ مولِّياً هَرَباً،
وأَتَتْكَ واقدةٌ من النَّجْر
(* قوله «واقدة» كذا هو بالقاف في نسختين من الصحاح ومثله في المحكم،
وسبق في ترجمة نجر وافدة بالفاء، والصواب ما هنا).
ويروى: مُحَلِّل مكان مُعَلِّل، والنَّجْر الحَرُّ.. واليَعْلُول.
الغَدِير الأَبيض المُطَّرِد. واليَعَالِيل: حَبَابُ الماء. واليَعْلُول:
الحَبَابة من الماء، وهو أَيضاً السحاب المُطَّرِد، وقيل: القِطْعة البيضاء
من السحاب. واليَعَالِيل: سحائب بعضها فوق بعض، الواحد يَعْلُولٌ؛ قال
الكميت:
كأَنَّ جُمَاناً واهِيَ السِّلْكِ فَوْقَه،
كما انهلَّ مِنْ بِيضٍ يَعاليلَ تَسْكُب
ومنه قول كعب:
مِنْ صَوْبِ ساريةٍ بِيضٌ يَعالِيل
ويقال: اليَعالِيلُ نُفَّاخاتٌ تكون فوق الماء من وَقْع المَطَر، والياء
زائدة. واليَعْلُول: المَطرُ بعد المطر، وجمعه اليَعالِيل. وصِبْغٌ
يَعْلُولٌ: عُلَّ مَرَّة بعد أُخرى. ويقال للبعير ذي السَّنَامَيْنِ:
يَعْلُولٌ وقِرْعَوْسٌ وعُصْفُوريٌّ.
وتَعَلَّلَتِ المرأَةُ من نفاسها وتَعَالَّتْ: خَرَجَتْ منه وطَهُرت
وحَلَّ وَطْؤُها.
والعُلْعُل والعَلْعَل؛ الفتح عن كراع: اسمُ الذَّكر جميعاً، وقيل: هو
الذَّكر إِذا أَنْعَظ، وقيل: هو الذي إِذا أَنْعَظَ ولم يَشْتَدّ. وقال
ابن خالويه: العُلْعُل الجُرْدَان إِذا أَنْعَظَ، والعُلْعُل رأْسُ
الرَّهابَة من الفَرَس. ويقال: العُلْعُل طَرَف الضِّلَعِ الذي يُشْرِفُ على
الرَّهابة وهي طرف المَعِدة، والجمع عُلُلٌ وعُلُّ وعِلٌّ،
(* قوله «والجمع
علل وعل وعل» هكذا في الأصل وتبعه شارح القاموس، وعبارة الازهري: ويجمع
على علل، أي بضمتين، وعلى علاعل، وقال بعد هذا: والعلل أَيضاً جمع العلول،
وهو ما يعلل به المريض، إِلى آخر ما تقدم في صدر الترجمة) ، وقيل:
العُلْعُل، بالضم، الرَّهابة التي تُشْرِف على البطن من العَظْم كأَنه
لِسانٌ.والعَلْعَل والعَلْعالُ: الذَّكَر من القَنَابِر، وفي الصحاح: الذَّكر
من القنافِذ. والعُلْعُول: الشَّرُّ؛ الفراء: إِنه لفي عُلْعُولِ شَرٍّ
وزُلْزُولِ شَرٍّ أَي في قتال واضطراب.
والعِلِّيَّة، بالكسر: الغُرْفةُ، والجمع العَلالِيُّ، وهو يُذْكر
أَيضاً في المُعْتَلِّ.
أَبو سعيد: والعَرَب تقول أَنا عَلاَّنٌ بأَرض كذا وكذا أَي جاهل.
وامرأَة عَلاَّنةٌ: جاهلة، وهي لغة معروفة؛ قال أَبو منصور: لا أَعرف هذا
الحرف ولا أَدري من رواه عن أَبي سعيد.
وتَعِلَّةُ: اسمُ رجل؛ قال:
أَلْبانُ إِبْلِ تَعِلَّةَ بنِ مُسافِرٍ،
ما دامَ يَمْلِكُها عَلَيَّ حَرَامُ
وعَلْ عَلْ: زَجْرٌ للغنم؛ عن يعقوب. الفراء: العرب تقول للعاثر لَعاً
لَكَ وتقول: عَلْ ولَعَلْ وعَلَّكَ ولَعَلَّكَ بمعنىً واحد؛ قال
العَبْدي:وإِذا يَعْثُرُ في تَجْمازِه،
أَقْبَلَتْ تَسْعَى وفَدَّتْه لَعل
وأَنشد للفرزدق:
إِذا عَثَرَتْ بي، قُلْتُ: عَلَّكِ وانتهَى
إِلى بابِ أَبْوابِ الوَلِيد كَلالُها
وأَنشد الفراء:
فَهُنَّ على أَكْتافِها، ورِمَاحُنا
يقُلْنَ لِمَن أَدْرَكنَ: تَعْساً ولا لَعَا
شُدَّدت اللام في قولهم عَلَّك لأَنهم أَرادوا عَلْ لَك، وكذلك
لَعَلَّكَ إِنما هو لَعَلْ لَك، قال الكسائي: العرب تُصَيِّرُ لَعَلْ مكان لَعاً
وتجعل لَعاً مكان لَعَلْ، وأَنشد في ذلك البيتَ، أَراد ولا لَعَلْ،
ومعناهما ارْتَفِعْ من العثْرَة؛ وقال في قوله:
عَلِّ صُروفِ الدَّهْرِ أَو دَوْلاتِها،
يُدِلْنَنا اللَّمَّة من لَمَّاتِها
معناه عاً لِصُروف الدهر، فأَسْقَطَ اللام من لَعاً لِصُروف الدهر
وصَيَّر نون لَعاً لاماً، لقرب مخرج النون من اللام، هذا على قول من كَسَر
صروف، ومن نصبها جعل عَلَّ بمعنى لَعَلَّ فَنَصَب صروفَ الدهر، ومعنى لَعاً
لك أَي ارتفاعاً؛ قال ابن رُومان: وسمعت الفراء يُنْشد عَلِّ صُروفِ
الدهر، فسأَلته: لِمَ تَكْسِر عَلِّ صُروفِ؟ فقال: إِنما معناه لَعاً لِصُروف
الدهر ودَوْلاتها، فانخفضت صُروف باللام والدهر بإِضافة الصروف إِليها،
أَراد أَوْ لَعاً لِدَوْلاتها ليُدِلْنَنا من هذا التفرق الذي نحن فيه
اجتماعاً ولَمَّة من اللمَّات؛ قال: دَعا لصروف الدهر ولدَوْلاتِها لأَنَّ
لَعاً معناه ارتفاعاً وتخَلُّصاً من المكروه، قال: وأَو بمعنى الواو في
قوله أَو دَوْلاتِها، وقال: يُدِلْنَنا فأَلقى اللام وهو يريدها كقوله:
لئن ذَهَبْتُ إِلى الحَجَّاج يقتُلني
أَراد لَيَقْتُلني. ولعَلَّ ولَعَلِّ طَمَعٌ وإِشْفاق، ومعناهما
التَّوَقُّع لمرجوّ أَو مَخُوف؛ قال العجاج:
يا أَبَتا عَلَّك أَو عَساكا
وهما كَعَلَّ؛ قال بعض النحويين: اللام زائدة مؤَكِّدة، وإِنما هو
عَلَّ، وأَما سيبويه فجعلهما حرفاً واحداً غير مزيد، وحكى أَبو زيد أَن لغة
عُقَيْل لعَلِّ زيدٍ مُنْطَلِقٌ، بكسر اللام، من لَعَلِّ وجَرِّ زيد؛ قال
كعب بن سُوَيد الغَنَوي:
فقلت: ادْعُ أُخرى وارْفَع الصَّوتَ ثانياً،
لَعَلِّ أَبي المِغْوارِ منك قَرِيب
وقال الأَخفش: ذكر أَبو عبيدة أَنه سمع لام لَعَلَّ مفتوحة في لغة من
يَجُرُّ بها في قول الشاعر:
لَعَلَّ اللهِ يُمْكِنُني عليها،
جِهاراً من زُهَيرٍ أَو أَسيد
وقوله تعالى: لعَلَّه يَتَذَكَّر أَو يخشى؛ قال سيبويه: والعِلم قد أَتى
من وراء ما يكون ولكِن اذْهَبا أَنتما على رَجائكما وطمَعِكما
ومَبْلَغِكما من العِلم وليس لهما أَكثرُ مِنْ ذا ما لم يُعْلَما، وقال ثعلب:
معناه كي يتَذَكَّر. أَخبر محمد بن سَلاَم عن يونس أَنه سأَله عن قوله تعالى:
فلعَلَّك باخِعٌ نفْسَك ولعَلَّك تارِكٌ بعض ما يُوحى إِليك، قال: معناه
كأَنك فاعِلٌ ذلك إِن لم يؤمنوا، قال: ولَعَلَّ لها مواضع في كلام
العرب، ومن ذلك قوله: لعَلَّكم تَذَكَّرون ولعَلَّكم تَتَّقون ولعَلَّه
يتَذَكَّر، قال: معناه كيْ تتَذَكَّروا كيْ تَتَّقُوا، كقولك ابْعَثْ إِليَّ
بدابَّتك لعَلِّي أَرْكَبُها، بمعنى كي أَرْكَبَها، وتقول: انطَلِقْ بنا
لعَلَّنا نتَحدَّث أَي كي نتحدَّث؛ قال ابن الأَنباري: لعَلَّ تكون
تَرَجِّياً، وتكون بمعنى كيْ على رأْي الكوفيين؛ وينشدون:
فأَبْلُوني بَلِيَّتَكُمْ لَعَلِّي
أُصالِحُكُم، وأَسْتَدْرِجْ نُوَيّا
(* فسره الدسوقي فقال: أبلوني أعطوني، والبلية الناقة تعقل على قبر
صاحبها الميت بلا طعام ولا شراب حتى تموت، ونويّ بفتح الواو كهويّ، وأَصله
نواي كعصاي قلبت الالف ياء على لغة هذيل والشاعر منهم، والنوى الجهة التي
ينويها المسافر. وقوله: استدرج، هكذا مجزومة في الأصل).
وتكون ظَنًّا كقولك لَعَلِّي أَحُجُّ العامَ، ومعناه أَظُنُّني
سأَحُجُّ، كقول امرئ القيس:
لَعَلَّ مَنايانا تَبَدَّلْنَ أَبْؤُسا
أَي أَظُنُّ منايانا تبدَّلنَ أَبؤُسا؛ وكقول صخر الهذلي:
لعَلَّكَ هالِكٌ أَمَّا غُلامٌ
تَبَوَّأَ مَنْ شَمَنْصِيرٍ مَقاما
وتكون بمعنى عَسى كقولك: لعَلَّ عبدَ الله يقوم، معناه عَسى عبدُ الله؛
وذلك بدليل دخول أَن في خبرها في نحو قول مُتَمِّم:
لعَلَّكَ يَوْماً أَن تُلِمَّ مُلِمَّةٌ
عَلَيْك من اللاَّتي يَدَعْنَكَ أَجْدَعا
وتكون بمعنى الاستفهام كقولك: لَعَلَّك تَشْتُمُني فأُعاقِبَك؟ معناه هل
تشْتُمني، وقد جاءت في التنزيل بمعنى كَيْ، وفي حديث حاطب: وما يُدْريك
لعلَّ اللهَ قد اطَّلَع على أَهل بَدْرٍ فقال لهم اعْمَلوا ما شئتم فقد
غَفَرْتُ لكم؛ ظَنَّ بعضهم أَن معنى لَعَلَّ ههنا من جهة الظَّن
والحِسْبان، وليس كذلك وإِنما هي بمعني عَسى، وعَسى ولعَلَّ من الله تحقيق. ويقال:
عَلَّك تَفْعَل وعَلِّي أَفعَلُ ولَعَلِّي أَفعَلُ، وربما قالوا:
عَلَّني ولَعَّنِي ولعَلَّني؛ وأَنشد أَبو زيد:
أَرِيني جَوَاداً مات هُزْلاً، لعَلَّني
أَرى ما تَرَيْنَ، أَو بَخِيلاً مُخَلَّدا
قال ابن بري: ذكر أَبو عبيدة أَن هذا البيت لحُطائط ابن
يَعْفُر، وذكر الحوفي أَنه لدُرَيد، وهذا البيت في قصيدة لحاتم معروفة
مشهورة. وعَلَّ ولَعَلَّ: لغتان بمعنىً مثل إِنَّ ولَيتَ وكأَنَّ ولكِنَّ
إِلاَّ أَنها تعمل عمل الفعل لشبههنَّ به فتنصب الاسم وترفع الخبر كما
تفعل كان وأَخواتها من الاًفعال، وبعضهم يخفِض ما بعدها فيقول: لعَلَّ زيدٍ
قائمٌ؛ سمعه أَبو زيد من عُقَيل. وقالوا لَعَلَّتْ، فأَنَّثُوا لعَلَّ
بالتاء، ولم يُبْدِلوها هاءً في الوقف كما لم يبدلوها في رُبَّتْ وثُمَّت
ولاتَ، لأَنه ليس للحرف قوَّةُ الاسم وتصَرُّفُه، وقالوا لعَنَّك
ولغَنَّك ورَعَنَّكَ ورَغَنَّك؛ كل ذلك على البدل، قال يعقوب: قال عيسى بن عمر
سمعت أَبا النجم يقول:
أُغْدُ لَعَلْنا في الرِّهان نُرْسِلُه
أَراد لعَلَّنا، وكذلك لأَنَّا ولأَنَّنا؛ قال: وسمعت أَبا الصِّقْر
ينشد:
أَرِيني جَوَاداً مات هُزْلاً، لأَنَّنِي
أَرَى ما تَرَيْنَ، أَو بَخِيلاً مُخَلَّدا
وبعضهم يقول: لَوَنَّني.
غرر: غرّه يغُرُّه غَرًّا وغُروراً وغِرّة؛ الأَخيرة عن اللحياني، فهو
مَغرور وغرير: خدعه وأَطعمه بالباطل؛ قال:
إِن امْرَأً غَرّه منكن واحدةٌ،
بَعْدِي وبعدَكِ في الدنيا، لمغرور
أَراد لمغرور جدًّا أَو لمغرور جِدَّ مغرورٍ وحَقَّ مغرورٍ، ولولا ذلك
لم يكن في الكلام فائدة لأَنه قد علم أَن كل من غُرّ فهو مَغْرور، فأَيُّ
فائدة في قوله لمغرور، إِنما هو على ما فسر. واغْتَرَّ هو: قَبِلَ
الغُرورَ. وأَنا غَرَرٌ منك، أَي مغرور وأَنا غَرِيرُك من هذا أَي أَنا الذي
غَرَّك منه أَي لم يكن الأَمر على ما تُحِبّ. وفي الحديث: المؤمِنُ غِرٌّ
كريم أَي ليس بذي نُكْر، فهو ينْخَدِع لانقياده ولِينِه، وهو ضد الخَبّ.
يقال: فتى غِرٌّ، وفتاة غِرٌّ، وقد غَرِرْتَ تَغَرُّ غَرارةً؛ يريد أَن
المؤمن المحمودَ منْ طَبْعُه الغَرارةُ وقلةُ الفطنة للشرّ وتركُ البحث
عنه، وليس ذلك منه جهلاً، ولكنه كَرَمٌ وحسن خُلُق؛ ومنه حديث الجنة:
يَدْخُلُني غِرّةُ الناس أَي البُلْه الذين لم يُجَرِّبوا الأُمور فهم قليلو
الشرِّ منقادون، فإِنَ منْ آثرَ الخمولَ وإِصلاحَ نفسه والتزوُّدَ لمعاده
ونَبَذَ أُمور الدنيا فليس غِرًّا فيما قَصَد له ولا مذموماً بنوع من
الذم؛ وقول طرفة:
أَبا مُنْذِرٍ، كانت غُروراً صَحِيفتي،
ولم أُعْطِكم، في الطَّوْعِ، مالي ولا عِرْضِي
إِنما أَراد: ذات غُرورٍ لا تكون إِلا على ذلك. قاله ابن سيده قال: لأَن
الغُرور عرض والصحيفة جوهر والجوهر لا يكون عرضاً.
والغَرورُ: ما غَرّك من إِنسان وشيطان وغيرهما؛ وخص يعقوب به الشيطان.
وقوله تعالى: ولا يغُرَّنَّكم بالله الغَرور؛ قيل: الغَرور الشيطان، قال
الزجاج: ويجوز الغُرور، بضم الغين، وقال في تفسيره: الغُرور الأَباطيل،
ويجوز أَن يكون الغُرور جمع غارٍّ مثل شاهد وشُهود وقاعد وقُعود، والغُرور،
بالضم: ما اغْتُرَّ به من متاع الدنيا. وفي التنزيل العزيز: لا
تَغُرَّنَّكم الحياةُ الدنيا؛ يقول: لا تَغُرَّنَّكم الدنيا فإِن كان لكم حظ فيها
يَنْقُص من دينكم فلا تُؤْثِروا ذلك الحظّ ولا يغرَّنَّكم بالله الغَرُور.
والغَرُور: الشيطان يَغُرُّ الناس بالوعد الكاذب والتَّمْنِية. وقال
الأَصمعي: الغُرور الذي يَغُرُّك. والغُرور، بالضم: الأَباطيل، كأَنها جمع
غَرٍّ مصدر غَرَرْتُه غَرًّا، قال: وهو أَحسن من أَن يجعل غَرَرْت غُروراً
لأَن المتعدي من الأَفعال لا تكاد تقع مصادرها على فُعول إِلا شاذّاً، وقد
قال الفراء: غَرَرْتُه غُروراً، قال: وقوله: ولا يَغُرّنّكم بالله
الغَرور، يريد به زينة الأَشياء في الدنيا. والغَرُور: الدنيا، صفة غالبة. أَبو
إِسحق في قوله تعالى: يا أَيها الإِنسان ما غَرَّكَ بربِّك الكريم؛ أَي
ما خدَعَك وسوَّل لك حتى أَضَعْتَ ما وجب عليك؛ وقال غيره: ما غرّك أَي ما
خدعك بربِّك وحملك على معصِيته والأَمْنِ من عقابه فزيَّن لك المعاصي
والأَمانيَّ الكاذبة فارتكبت الكبائر، ولم تَخَفْه وأَمِنْت عذابه، وهذا
توبيخ وتبكيت للعبد الذي يأْمَنُ مكرَ ولا يخافه؛ وقال الأَصمعي: ما
غَرَّك بفلان أَي كيف اجترأْت عليه. ومَنْ غَرَّك مِنْ فلان ومَنْ غَرَّك
بفلان أَي من أَوْطأَك منه عَشْوةً في أَمر فلان؛ وأَنشد أَبو الهيثم:
أَغَرَّ هشاماً، من أَخيه ابن أُمِّه،
قَوادِمُ ضَأْنٍ يَسَّرَت ورَبيعُ
قال: يريد أَجْسَرَه على فراق أَخيه لأُمِّه كثرةُ غنمِه وأَلبانِها،
قال: والقوادم والأَواخر في الأَخْلاف لا تكون في ضروع الضأْن لأَن للضأْن
والمعز خِلْفَيْنِ مُتحاذِيَينِ وما له أَربعة أَخلاف غيرهما،
والقادِمان: الخِلْفان اللذان يَليان البطن والآخِران اللذان يليان الذَّنَب فصيّره
مثلاً للضأْن، ثم قال: أَغرّ هشاماً لضأْن
(*قوله« لضأْن» هكذا بالأصل
ولعله قوادم لضأن) .له يَسَّرت وظن أَنه قد استغنى عن أَخيه وقال أَبو
عبيد: الغَرير المَغْرور. وفي حديث سارِق أَبي بكر، رضي اللَّه عنه:
عَجِبْتُ مِن غِرّتِه بالله عز وجل أَي اغترارِه.
والغَرارة من الغِرِّ، والغِرّة من الغارّ، والتَّغرّة من التَّغْرير،
والغارّ: الغافل. التهذيب: وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَيّما رجل
بايعَ آخَرَ على مشورة
(* قوله « على مشورة» هو هكذا في الأصل، ولعله على غير
مشورة. وفي النهاية بايع آخر فانه لا يؤمر إلخ) . فإِنه لا يُؤَمَّرُ
واحدٌ منهما تَغرَّةَ أَن يُقْتَلا؛ التَّغرَّة مصدر غَرَرْته إِذا أَلقيته
في الغَرَر وهو من التَّغْرير كالــتَّعِلّة من التعليل؛ قال ابن الأَثير:
وفي الكلام مضاف محذوف تقديره خوف تَغرَّةٍ في أَن يُقْتَلا أَي خوف
وقوعهما في القتل فحَذَف المضافَ الذي هو الخوف وأَقام المضاف إِليه الذي هو
ثَغِرّة مقامه، وانتصب على أَنه مفعول له، ويجوز أَن يكون قوله أَن
يُقْتَلا بدلاً من تَغِرّة، ويكون المضاف محذوفاً كالأَول، ومن أَضاف ثَغِرّة
إِلى أَن يُقْتَلا فمعناه خوف تَغِرَّةِ قَتْلِهما؛ ومعنى الحديث: أَن
البيعة حقها أَن تقع صادرة عن المَشُورة والاتفاقِ، فإِذا اسْتبدَّ رجلان
دون الجماعة فبايَع أَحدُهما الآخرَ، فذلك تَظاهُرٌ منهما بشَقّ العصا
واطِّراح الجماعة، فإِن عُقدَ لأَحد بيعةٌ فلا يكون المعقودُ له واحداً
منهما، وليْكونا معزولين من الطائفة التي تتفق على تمييز الإِمام منها،
لأَنه لو عُقِد لواحد منهما وقد ارتكبا تلك الفَعْلة الشنيعة التي أَحْفَظَت
الجماعة من التهاوُن بهم والاستغناء عن رأْيهم، لم يُؤْمَن أَن يُقْتلا؛
هذا قول ابن الأَثير، وهو مختصر قول الأَزهري، فإِنه يقول: لا يُبايع
الرجل إِلا بعد مشاورة الملإِ من أَشراف الناس واتفاقهم، ثم قال: ومن بايع
رجلاً عن غير اتفاق من الملإِ لم يؤمَّرْ واحدٌ منهما تَغرّةً بمكر
المؤمَّر منهما، لئلا يُقْتَلا أَو أَحدهما، ونَصب تَغِرّة لأَنه مفعول له وإِن
شئت مفعول من أَجله؛ وقوله: أَن يقتلا أَي حِذارَ أَن يقتلا وكراهةَ أَن
يقتلا؛ قال الأَزهري: وما علمت أَحداً فسر من حديث عمر، رضي الله عنه، ما
فسرته، فافهمه.
والغَرِير: الكفيل. وأَنا غَرِير فلان أَي كفيله. وأَنا غَرِيرُك من
فلان أَي أُحذِّرُكَه، وقال أَبو نصر في كتاب الأَجناس: أَي لن يأْتيك منه
ما تَغْتَرُّ به، كأَنه قال: أَنا القيم لك بذلك. قال أَبو منصور: كأَنه
قال أَنا الكفيل لك بذلك؛ وأَنشد الأَصمعي في الغَرِير الكفيل رواه ثعلب
عن أَبي نصر عنه قال:
أَنت لخيرِ أُمّةٍ مُجيرُها،
وأَنت مما ساءها غَرِيرُها
أَبو زيد في كتاب الأَمثال قال: ومن أَمثالهم في الخِبْرة ولعلم: أَنا
غَرِيرُك من هذا الأَمر أَي اغْترَّني فسلني منه على غِرّةٍ أَي أَني عالم
به، فمتى سأَلتني عنه أَخبرتك به من غير استعداد لذلك ولا روِيّة فيه.
وقال الأَصمعي في هذا المثل: معناه أَنك لستَ بمغرور مني لكنِّي أَنا
المَغْرور، وذلك أَنه بلغني خبرٌ كان باطلاً فأَخْبَرْتُك به، ولم يكن على ما
قلتُ لك وإِنما أَدَّيت ما سمعتُ. وقال أَبو زيد: سمعت أَعرابيا يقول
لآخر: أَنا غريرك مِن تقولَ ذلك، يقول من أَن تقول ذلك، قال: ومعناه
اغْترَّني فسَلْني عن خبره فإِني عالم به أُخبرك عن أمره على الحق والصدق. قال:
الغُرور الباطل؛ وما اغْتَرَرْتَ به من شيء، فهو غَرُور. وغَرَّرَ بنفسه
ومالِه تَغْريراً وتَغِرّةً: عرَّضهما للهَلَكةِ من غير أَن يَعْرِف،
والاسم الغَرَرُ، والغَرَرُ الخَطَرُ. ونهى رسول اللَّه ،صلى الله عليه
وسلم، عن بيع الغَرَرِ
وهو مثل بيع السمك في الماء والطير في الهواء. والتَّغْرير: حمل النفس
على الغَرَرِ، وقد غرَّرَ بنفسه تَغْرِيراً وتَغِرّة كما يقال حَلَّل
تَحْلِيلاً وتَحِلَّة وعَلّل تَعِْليلاً وتَعِلّة، وقيل: بَيْعُ الغَررِ
المنهيُّ عنه ما كان له ظاهرٌ يَغُرُّ المشتري وباطنٌ مجهول، يقال: إِياك
وبيعَ الغَرَرِ؛ قال: بيع الغَرَر أَن يكون على غير عُهْدة ولا ثِقَة. قال
الأَزهري: ويدخل في بيع الغَرَرِ البُيوعُ المجهولة التي لا يُحيط
بكُنْهِها المتبايِعان حتى تكون معلومة. وفي حديث مطرف: إِن لي نفساً واحدة
وإِني أَكْرهُ أَن أُغَرِّرَ بها أَي أَحملها على غير ثقة، قال: وبه سمي
الشيطان غَرُوراً لأَنه يحمل الإِنسان على مَحابِّه ووراءَ ذلك ما يَسوءه،
كفانا الله فتنته. وفي حديث الدعاء: وتَعاطِي ما نهيت عنه تَغْريراً أَي
مُخاطرةً وغفلة عن عاقِبة أَمره. وفي الحديث: لأَنْ أَغْتَرَّ بهذه الآية ولا
أُقاتلَ أَحَبُّ إِليّ مِنْ أَن أَغْتَرَّ بهذه الأية؛ يريد قوله تعالى:
فقاتِلُوا التي تبغي حتى تَفيءَ إلى أَمر الله، وقوله: ومَنْ يَقْتَلْ
مؤمناً مُتَعَمِّداً؛ المعنى أَن أُخاطِرَ بتركي مقتضى الأَمر بالأُولى
أَحَبُّ إِليّ مِن أَن أُخاطِرَ بالدخول تحت الآية الأُخرى.
والغُرَّة، بالضم: بياض في الجبهة، وفي الصحاح: في جبهة الفرس؛ فرس
أَغَرُّ وغَرّاء، وقيل: الأَغَرُّ من الخيل الذي غُرّتُه أَكبر من الدرهم،
وقد وَسَطَت جبهَته ولم تُصِب واحدة من العينين ولم تَمِلْ على واحد من
الخدّينِ ولم تَسِلْ سُفْلاً، وهي أَفشى من القُرْحة، والقُرْحة قدر الدرهم
فما دونه؛ وقال بعضهم: بل يقال للأَغَرّ أَغَرُّ أَقْرَح لأَنك إِذا قلت
أَغَرُّ فلا بد من أَن تَصِف الغُرَّة بالطول والعِرَض والصِّغَر
والعِظَم والدّقّة، وكلهن غُرَر، فالغرّة جامعة لهن لأَنه يقال أَغرُّ أَقْرَح،
وأَغَرُّ مُشَمْرَخُ الغُرّة، وأَغَرُّ شادخُ الغُرّة، فالأَغَرُّ ليس
بضرب واحد بل هو جنس جامع لأَنواع من قُرْحة وشِمْراخ ونحوهما. وغُرّةُ
الفرسِ: البياضُ الذي يكون في وجهه، فإن كانت مُدَوَّرة فهي وَتِيرة، وإن
كانت طويلة فهي شادِخةٌ. قال ابن سيده: وعندي أَن الغُرّة نفس القَدْر الذي
يَشْغَله البياض من الوجه لا أَنه البياض. والغُرْغُرة، بالضم: غُرَّة
الفرس. ورجل غُرغُرة أَيضاً: شريف. ويقال بِمَ غُرّرَ فرسُك؟ فيقول صاحبه:
بشادِخةٍ أَو بوَتِيرةٍ أَو بِيَعْسوبٍ. ابن الأَعرابي: فرس أَغَرُّ،
وبه غَرَرٌ، وقد غَرّ يَغَرُّ غَرَراً، وجمل أَغَرُّ وفيه غَرَرٌ وغُرور.
والأَغَرُّ: الأَبيض من كل شيء. وقد غَرَّ وجهُه يَغَرُّ، بالفتح، غَرَراً
وغُرّةً وغَرارةً: صار ذا غُرّة أَو ابيضَّ؛ عن ابن الأَعرابي، وفكَّ
مرةً الإِدغام ليُري أَن غَرَّ فَعِل فقال غَرِرْتَ غُرّة، فأَنت أَغَرُّ.
قال ابن سيده: وعندي أَن غُرّة ليس بمصدر كما ذهب إِليه ابن الأَعرابي
ههنا، وإِنما هو اسم وإِنما كان حكمه أَن يقول غَرِرْت غَرَراً، قال: على
أَني لا أُشاحُّ ابنَ الأَعرابي في مثل هذا. وفي حديث عليّ، كرم الله تعالى
وجهه: اقْتُلوا الكلبَ الأَسْودَ ذا الغُرّتين؛ الغُرّتان: النُّكْتتان
البَيْضاوانِ فوق عينيه. ورجل أَغَرُّ: كريم الأَفعال واضحها، وهو على
المثل. ورجل أَغَرُّ الوجه إذا كان أَبيض الوجه من قوم غُرٍّ وغُرّان؛ قال
امرؤ القيس يمدح قوماً:
ثِيابُ بني عَوْفٍ طَهارَى نَقِيّةٌ،
وأَوجُهُهم بِيضُ المَسافِر غُرّانُ
وقال أَيضاً:
أُولئكَ قَوْمي بَهالِيلُ غُرّ
قال ابن بري: المشهور في بيت امرئ القيس:
وأَوجُههم عند المَشاهِد غُرّانُ
أَي إذا اجتمعوا لِغُرْم حَمالةٍ أَو لإِدارة حَرْب وجدتَ وجوههم
مستبشرة غير منكرة، لأَن اللئيم يَحْمَرُّ وجهه عندها يسائله السائل، والكريم
لا يتغيّر وجهُه عن لونه قال: وهذا المعنى هو الذي أَراده من روى بيض
المسافر. وقوله: ثياب بني عوف طهارَى، يريد بثيابهم قلوبهم؛ ومنه قوله تعالى:
وثِيابَك فطَهِّرْ. وفي الحديث: غُرٌّ محجلون من آثارِ الوُضوء؛
الغُرُّ: جمع الأَغَرّ من الغُرّة بياضِ الوجه، يريد بياضَ وجوههم الوُضوء يوم
القيامة؛ وقول أُمّ خالد الخَثْعَمِيّة:
ليَشْرَبَ جَحْوَشٌ ، ويَشِيمهُ
بِعَيْني قُطامِيٍّ أَغَرّ شآمي
يجوز أَن تعني قطاميًّا أَبيض، وإِن كان القطامي قلما يوصف بالأَغَرّ،
وقد يجوز أَن تعني عنُقَه فيكون كالأَغَرّ بين الرجال، والأَغَرُّ من
الرجال: الذي أَخَذت اللحيَةُ جميعَ وجهه إِلا قليلاً كأَنه غُرّة؛ قال عبيد
بن الأَبرص:
ولقد تُزانُ بك المَجا
لِسُ، لا أَغَرّ ولا عُلاكزْ
(* قوله «ولا علاكز» هكذا هو في الأصل فلعله علاكد، بالدال بلد الزاي) .
وغُرّة الشيء: أَوله وأَكرمُه. وفي الحديث: ما أَجدُ لما فَعَل هذا في
غُرَّةِ الإِسلام مَثَلاً إِلا غنماً وَرَدَتْ فرُمِيَ أَوّلُها فنَفَر
آخِرُها؛ وغُرّة الإِسلام: أَوَّلُه. وغُرَّة كل شيء: أَوله. والغُرَرُ:
ثلاث ليال من أَول كل شهر. وغُرّةُ الشهر: ليلةُ استهلال القمر لبياض
أَولها، وقيل: غُرّةُ الهلال طَلْعَتُه، وكل ذلك من البياض. يقال: كتبت
غُرّةَ شهر كذا. ويقال لثلاث ليال من الشهر: الغُرَر والغُرُّ، وكل ذلك
لبياضها وطلوع القمر في أَولها، وقد يقال ذلك للأَيام. قال أَبو عبيد: قال غير
واحد ولا اثنين: يقال لثلاث ليال من أَول الشهر: ثلاث غُرَر، والواحدة
غُرّة، وقال أَبو الهيثم: سُمِّين غُرَراً واحدتها غُرّة تشبيهاً بغُرّة
الفرس في جبهته لأَن البياض فيه أَول شيء فيه، وكذلك بياض الهلال في هذه
الليالي أَول شيء فيها. وفي الحديث: في صوم الأَيام الغُرِّ؛ أَي البيض
الليالي بالقمر. قال الأَزهري: وأَما اللَّيالي الغُرّ التي أَمر النبي،صلى
الله عليه وسلم ، بصومها فهي ليلة ثلاثَ عَشْرةَ وأَربعَ عَشْرةَ وخمسَ
عَشْرةَ، ويقال لها البيض، وأَمر النبي، صلى الله عليه وسلم، بصومها
لأَنه خصها بالفضل؛ وفي قول الأَزهري: الليالي الغُرّ التي أَمر النبي، صلى
الله عليه وسلم، بصومها نَقْدٌ وكان حقُّه أَن يقول بصوم أَيامها فإِن
الصيام إِنما هو للأَيام لا لليالي، ويوم أَغَرُّ: شديد الحرّ؛ ومنه قولهم:
هاجرة غَرّاء ووَدِيقة غَرّاء؛ ومنه قول الشاعر:
أَغَرّ كلون المِلْحِ ضاحِي تُرابه،
إذا اسْتَوْدَقَت حِزانُه وضياهِبُه
(* قوله «وضياهبه» هو جمع ضيهب كصيقل، وهو كل قف أو حزن أو موضع من
الجبل تحمى عليه الشمس حتى يشوى عليه اللحم. لكن الذي في الاساس: سباسبه، وهي
جمع سبسب بمعنى المفازة) .
قال وأنشد أَبو بكر:
مِنْ سَمُومٍ كأَنّها لَفحُ نارٍ،
شَعْشَعَتْها ظَهيرةٌ غَرّاء
ويقال: وَدِيقة غَرّاء شديدة الحرّ؛ قال:
وهاجرة غَرّاء قاسَيْتُ حَرّها
إليك، وجَفْنُ العينِ بالماء سابحُ
(* قوله «بالماء» رواية الاساس: في الماء) .
الأَصمعي: ظَهِيرة غَرّاء أَي هي بيضاء من شدّة حر الشمس، كما يقال
هاجرة شَهْباء. وغُرّة الأَسنان: بياضُها. وغَرَّرَ الغلامُ: طلع أَوّلُ
أَسنانه كأَنه أَظهر غُرّةَ أَسنانِه أَي بياضها. وقيل: هو إذا طلعت أُولى
أَسنانه ورأَيت غُرّتَها، وهي أُولى أَسنانه. ويقال: غَرَّرَت ثَنِيَّنا
الغلام إذا طلعتا أَول ما يطلعُ لظهور بياضهما، والأَغَرُّ: الأَبيض، وقوم
غُرّان. وتقول: هذا غُرّة من غُرَرِ المتاع، وغُرّةُ المتاع خيارُه
ورأْسه، وفلان غُرّةٌ من غُرَرِ قومه أَي شريف من أَشرافهم. ورجل أَغَرُّ:
شريف، والجمع غُرُّ وغُرَّان؛ وأَنشد بيت امرئ القيس:
وأَوْجُهُهم عند المشاهد غُرّان
وهو غرة قومِه أَي سّيدهُم، وهم غُرَرُ قومهم. وغُرّةُ النبات: رأْسه.
وتَسَرُّعُ الكَرْمِ إلى بُسُوقِه: غُرّتُه؛ وغُرّةُ الكرم: سُرْعةُ
بُسوقه. وغُرّةُ الرجل: وجهُه، وقيل: طلعته ووجهه. وكل شيء بدا لك من ضوء أَو
صُبْح، فقد بدت لك غُرّته. ووَجْهٌ غريرٌ: حسن، وجمعه غُرّان؛ والغِرُّ
والغرِيرُ: الشابُّ الذي لا تجربة له، والجمع أَغِرّاء وأَغِرّة والأُنثى
غِرٌّ وغِرّة وغَريرة؛ وقد غَرِرْتَ غَرارَةٌ، ورجل غِرٌّ، بالكسر،
وٌغرير أَي غير مجرّب؛ وقد غَرّ يَغِرُّ، بالكسر، غرارة، والاسم الغِرّة.
الليث: الغِرُّ كالغِمْر والمصدر الغَرارة،وجارية غِرّة. وفي الحديث:
المؤمنُ غِرٌّ كَريم الكافرُ خَبٌّ لَئِيم؛ معناه أَنه ليس بذي نَكراء،
فالغِرُّ الذي لا يَفْطَن للشرّ ويغفلُ عنه، والخَبُّ ضد الغِرّ، وهو الخَدّاع
المُفْسِد، ويَجْمَع الغِرَّ أَغْرارٌ، وجمع الغَرِير أَغرّاء. وفي الحديث
ظبيان: إنّ ملوك حِمْير مَلَكُوا مَعاقِلَ الأَرض وقرَارَها ورؤوسَ
المُلوكِ وغِرارَها. الغِرار والأَغْرارُ جمع الغِرّ. وفي حديث ابن عمر: إنّك
ما أَخَذْتَها بَيْضاءَ غَرِيرة؛ هي الشابة الحديثة التي لم تجرِّب
الأُمور. أَبو عبيد: الغِرّة الجارية الحديثة السِّنِّ التي لم تجرِّب
الأُمور ولم تكن تعلم ما يعلم النساء من الحُبِّ، وهي أَيضاً غِرٌّ، بغير هاء؛
قال الشاعر:
إن الفَتَاةَ صَغِيرةٌ
غِرٌّ، فلا يُسْرَى بها
الكسائي: رجل غِرٌّ وامرأَة غِرٌّ بيِّنة الغَرارة، بالفتح، من قوم
أَغِرّاء؛ قال: ويقال من الإنسان الغِرّ: غَرَرْت يا رجل تَغِرُّ غَرارة، ومن
الغارّ وهو الغافل اغْتَرَرْت. ابن الأَعرابي: يقال غَرَرْت بَعْدي
تَغُِ غَرارَة فأَت غِرُّ والجارية غِرٌّ إذا تَصابَى. أَبو عبيد: الغَريرُ
المَغْرور والغَرارة من الغِرّة والغِرَّة من الغارّ والغَرارةُ والغِرّة
واحدٌ؛ الغارّ: الغافل والغِرَّة الغفلة، وقد اغْتَرّ، والاسم منهما
الغِرة. وفي المثل: الغِرَّة تَجْلُب الدِّرَّة أَي الغفلة تجلب الرزق، حكاه
ابن الأَعرابي. ويقال: كان ذلك في غَرارتي وحَداثتي أَي في غِرّتي.
واغْتَرّه أَي أَتاه على غِرّة منه. واغْترَّ بالشيء: خُدِع به. وعيش غَرِيرٌ:
أَبْله يُفَزِّع أَهله. والغَريِر الخُلُق: الحسن. يقال للرجل إِذا
شاخَ: أَدْبَرَ غَريرهُ وأَقْبَل هَريرُه أَي قد ساء خلُقه.
والغِرارُ: حدُّ الرمح والسيف والسهم. وقال أَبو حنيفة: الغِراران
ناحيتا المِعْبلة خاصة. غيره: والغِراران شَفْرتا السيف وكل شيء له حدٌّ،
فحدُّه غِرارُه، والجمع أَغِرّة، وغَرُّ السيف حدّه؛ ،منه قول هِجْرِس بن
كليب حين رأَى قاتِلَ أَبيه: أَما وسَيْفِي وغَرَّيْه أَي وحَدّيه. ولَبِثَ
فلان غِرارَ شهر أَي مكث مقدارَ شهر. ويقال: لَبِث اليومُ غِرارَ شهر أَي
مِثالَ شهر أَي طُول شهر، والغِرارُ: النوم القليل، وقيل: هوالقليل من
النوم وغيره. وروى الأَوزاعي عن الزهري أَنه قال: كانوا لا يَرَون
بغرار النَّوْم بأْساً حتى لا يَنْقض الوضوءَ أَي لا ينقض قليلُ النوم الوضوء.
قال الأَصمعي: غِرارُ النوم قلّتُه؛ قال الفرزدق في مرثية الحجاج:
إن الرَّزِيّة من ثَقيفٍ هالكٌ
تَرَك العُيونَ ، فنَوْمُهُن غِرارُ
أَي قليل. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: لا غِرار في صلاة ولا
تسليم؛ أَي لا نقصان. قال أَبو عبيد: الغرارُ في الصلاة النقصان في ركوعها
وسجودها وطُهورها وهو أَن لا يُتِمَّ ركوعها وسجودها. قال أَبو عبيد:
فمعنى الحديث لا غِرار في صلاة أَي لا يُنْقَص من ركوعها ولا من سجودها ولا
أَركانها، كقول سَلْمان: الصلاة مكيال فمن وَفَّى وُفِّيَ له، ومن طَفّفَ
فقد علمتم ما قال الله في المُطَفِّفِين؛ قال: وأَما الغِرَارُ في التسليم
فنراه أَن يقول له: السَّلام عليكم، فَيَرُدُّ عليه الآخر: وعليكم، ولا
يقول وعليكم السلام؛ هذا من التهذيب. قال ابن سيده: وأَما الغِرارُ في
التّسليم فنراه أَن يقول سَلامٌ عليكَ أَو يَرُدَّ فيقول وعليك ولا يقول
وعليكم، وقيل: لا غِرَارَ في الصلاة ولا تَسليم فيها أَي لا قليل من النوم
في الصلاة ولا تسليم أَي لا يُسَلِّم المصلّي ولا يَسَلَّم عليه؛ قال
ابن الأَثير: ويروى بالنصب والجر، فمن جرّه كان معطوفاً على الصلاة، ومن
نصبه كان معطوفاً على الغِرار، ويكون المعنى: لا نَقْصَ ولا تسليمَ في صلاة
لأَن الكلام في الصلاة بغير كلامها لا يجوز ؛ وفي حديث آخر: تُغارُّ
التحيّةُ أَي يُنْقَص السلامُ. وأَتانا على غِرارٍ أَي على عجلة. ولقيته
غِراراً أَي على عجلة، وأَصله القلَّةُ في الرَّوِية للعجلة. وما أَقمت عنده
إلا غِراراً أَي قليلاً. التهذيب: ويقال اغْتَرَرْتُه واسْتَغْرَرْتُه
أَي أَتيته على غِرّة أَي على غفلة، والغِرار: نُقصانُ لبن الناقة، وفي
لبنها غِرارٌ؛ ومنه غِرارُ النومِ: قِلّتُه. قال أَبو بكر في قولهم: غَرَّ
فلانٌ فلاناً: قال بعضهم عرَّضه للهلَكة والبَوارِ، من قولهم: ناقة
مُغارٌّ إذا ذهب لبنها لحَدث أَو لعلَّة. ويقال: غَرَّ فلان فلاناً معناه
نَقَصه، من الغِرار وهو النقصان. ويقال:: معنى قولهم غَرَّ فلان فلاناً
فعل به ما يشبه القتلَ والذبح بِغرار الشّفْرة، وغارَّت الناقةُ بلبنها
تُغارُّ غِراراً، وهي مُغارٌّ: قلّ لبنها؛ ومنهم من قال ذلك عند كراهيتها
للولد وإنكارها الحالِبَ. الأَزهري: غِرارُ الناقةِ أَنْ تُمْرَى فَتَدِرّ
فإن لم يُبادَرْ دَرُّها رفَعَت دَرَّها ثم لم تَدِرّ حتى تُفِيق.
الأَصمعي: من أَمثالهم في تعَجُّلِ الشيء قبل أوانِه قولهم: سَبَقَ درَّتُه
غِرارَه، ومثله سَبَقَ سَيْلُه مَطرَه. ابن السكيت: غارَّت الناقةُ غراراً
إِذا دَرَّت، ثم نفرت فرجعت الدِّرَة؛ يقال: ناقة مُغارٌّ، بالضم، ونُوق
مَغارُّ يا هذا، بفتح الميم، غير مصروف. ويقال في التحية: لا تُغارَّ أَي
لا تَنْقُصْ، ولكن قُلْ كما يُقال لك أَو رُدَّ، وهو أَن تمرَّ بجماعة
فتخصَّ واحداً. ولِسُوقنا غِرارٌ إذا لم يكن لمتاعها نَفاقٌ؛ كله على
المثل. وغارَّت السوقُ تُغارُّ غِراراً: كسَدَت، ودَرَّت دَرَّةً: نفَقَت؛
وقول أَبي خراش
(*: قوله «وقول أبي خراش إلخ» في شرح القاموس ما نصه: هكذا
ذكره صاحب اللسان هنا، والصواب ذكره في العين المهملة) :
فغارَرت شيئاً والدَّرِيسُ ، كأَنّما
يُزَعْزِعُه وَعْكٌ من المُومِ مُرْدِمُ
قيل: معنى غارَرْت تَلَبَّثت، وقيل: تنبهت ووَلَدَت ثلاثةً على غِرارٍ
واحدٍ أَي بعضُهم في إثْر بعض ليس بينهم جارية. الأَصمعي: الغِرارُ
الطريقة. يقال: رميت ثلاثة أَسْهُم على غِرار واحد أَي على مَجْرًى واحد. وبنى
القومُ بيوتهم على غِرارِ واحدٍ. والغِرارُ: المثالُ الذي يَضْرَب عليه
النصالُ لتصلح. يقال: ضرَبَ نِصالَه على غِرارٍ واحد؛ قال الهُذَلي يصف
نصلاً:
سَديد العَيْر لم يَدْحَضْ عليه الـ
ـغِرارُ، فقِدْحُه زَعِلٌ دَرُوجُ
قوله سديد ، بالسين، أَي مستقيم. قال ابن بري: البيت لعمرو بن الداخل،
وقوله سَدِيد العَيْر أَي قاصِد. والعَير: الناتئ في وسط النصل. ولم
يَدْحَضْ أَي لم يَزْلَقْ عليه الغِرارُ، وهو المثال الذي يضرب عليه النصل
فجاء مثل المثال. وزَعِلٌ: نَشِيط. ودَرُوجٌ: ذاهِبٌ في الأرض.
والغِرارةُ: الجُوالِق، واحدة الغَرائِر؛ قال الشاعر:
كأَنّه غرارةٌ مَلأَى حَثَى
الجوهري: الغِرارةُ واحدة الغَرائِر التي للتّبْن، قال: وأَظنّه معرباً.
الأَصمعي: الغِرارُ أَيضاً غرارُ الحَمامِ فرْخَه إذا زَقّه، وقد
غرَّتْه تَغُرُّه غَرًّا وغِراراً. قال: وغارَّ القُمْرِيُّ أَُنْثاه غِراراً
إذا زقَّها. وغَرَّ الطائرُ فَرْخَه يَغُرُّه غِراراً أَي زقَّه. وفي حديث
معاوية قال: كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يَغُرُّ عليًّا بالعلم أَي
يُلْقِمُه إِيّاه. يقال: غَرَّ الطائرُ فَرْخَه أَي زقَّه. وفي حديث علي،
عليه السلام: مَنْ يَطِع اللّه يَغُرّه كما يغُرُّهُ الغُرابُ بُجَّه
أَي فَرْخَه. وفي حديث ابن عمر وذكر الحسن والحسين، رضوان اللّه عليهم
أَجمعين، فقال: إِنما كانا يُغَرّان العِلْمَ غَرًّا، والغَرُّ: اسمُ ما
زقَّتْه به، وجمعه غُرورٌ؛ قال عوف بن ذروة فاستعمله في سير الإِبل:
إِذا احْتَسَى، يومَ هَجِير هائِفِ،
غُرورَ عِيدِيّاتها الخَوانِفِ
يعني أَنه أَجهدها فكأَنه احتَسَى تلك الغُرورَ. ويقال: غُرَّ فلانٌ من
العِلْمِ ما لم يُغَرَّ غيرهُ أَي زُقَّ وعُلِّم. وغُرَّ عليه الماءُ
وقُرَّ عليه الماء أَي صُبَّ عليه. وغُرَّ في حوضك أَي صُبَّ فيه. وغَرَّرَ
السقاء إِذا ملأَه؛ قال حميد:
وغَرَّرَه حتى اسْتَدارَ كأَنَّه،
على الفَرْو ، عُلْفوفٌ من التُّرْكِ راقِدُ
يريد مَسْك شاةٍ بُسِطَ تحت الوَطْب. التهذيب: وغَرَرْتُ الأَساقِيَ
ملأْتها؛ قال الراجز:
فَظِلْتَ تَسْقي الماءَ في قِلاتِ،
في قُصُبٍ يُغَرُّ في وأْباتِ،
غَرَّكَ في المِرارِ مُعْصَماتِ
القُصْبُ: الأَمْعاءُ . والوَأْباتُ: الواسعات. قال الأَزهري: سمعت
أَعرابيًّا يقول لآخر غُرَّ في سِقائك وذلك إِذا وضعه في الماء وملأَه بيده
يدفع الماء في فيه دفعاً بكفه ولا يستفيق حتى يملأَه.
الأَزهري: الغُرّ طَيْرٌ سُود بيضُ الرؤوس من طير الماء، الواحدة
غَرَّاء، ذكراً كان أَو أُنثى. قال ابن سيده: الغُرُّ ضرب من طير الماء، ووصفه
كما وصفناه. والغُرَّةُ: العبد أَو الأَمة كأَنه عُبِّر عن الجسم كله
بالغُرَّة؛ وقال الراجز:
كلُّ قَتىلٍ في كُلَيْبٍ غُرَّه،
حتى ينال القَتْلَ آلُ مُرَّه
يقول: كلُّهم ليسوا يكفء لكليب إِنما هم بمنزلة العبيد والإِماء إن
قَتَلْتُهُمْ حتى أَقتل آل مُرَّة فإِنهم الأَكفاء حينئذ. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: أَنه قَضَى في ولد المَغْرور بغُرَّة؛ هو الرجل يتزوج امرأَة
على أَنها حرة فتظهر مملوكة فيَغْرَم الزوجُ لمولى الأَمة غُرَّةً، عبداً
أو أَمة، ويرجع بها على من غَرَّه ويكون ولدُه حرًّا. وقال أَبو سعيد:
الغُرَّة عند العرب أَنْفَسُ شيء يُمْلك وأَفْضلُه، والفرس غُرَّةُ مال
الرجل، والعبد غرَّةُ ماله، والبعير النجيب غُرَّةُ مالِهِ، والأَمة
الفارِهَةُ من غُرَّة المال. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن حَمَلَ بن
مالك قال له: إِني كنت بين جاريتين لي فَضَرَبتْ إِحداهما الأُخرى
بِمِسْطَحٍ فأَلقت جَنِيناً ميتاً وماتت، فقَضَى رسول الله، صلى الله عليه وسلم
بديَةِ المقتولة على عاقلة القاتلة، وجَعَلَ في الجَنِين غُرَّةً،
عبداً أَو أَمة. وأَصل الغُرَّة البياض الذي يكون في وجه الفرس وكأَنه
عُبّر عن الجسم كله بالغُرَّة. قال أَبو منصور: ولم يقصد النبي،صلى الله
عليه وسلم ، في جعله في الجنين غُرَّةً إِلا جنساً واحداً من أَجناس
الحيوان بِعينه فقال: عبداً أَو أَمة. وغُرَّةُ المال: أَفضله. وغُرَّةُ
القوم: سيدهم. وروي عن أَبي عمرو بن العلاء أَنه قال في تفسير الغُرّة الجنين،
قال: الغٌرّة عَبْدٌ أَبيض أَو أَمَةٌ بيضاء. وفي التهذيب: لا تكون إِلا
بيضَ الرقيق. قال ابن الأَثير: ولا يُقْبَل في الدية عبدٌ أَسود ولا
جاريةٌ سوداء. قال: وليس ذلك شرطاً عند الفقهاء، وإنما الغُرَّة عندهم ما
بلغ ثمنُها عُشْر الدية من العبيد والإِماء. التهذيب وتفسير الفقهاء: إن
الغرة من العبيد الذي يكون ثمنُه عُشْرَ الدية. قال: وإنما تجب الغُرّة في
الجنين إِذا سقط ميّتاً، فإِن سقط حيًّا ثم مات ففيه الدية كاملة. وقد
جاء في بعض روايات الحديث: بغُرّة عبد أَو أَمة أَو فَرَسٍ أَو بَغْلٍ،
وقيل: إِن الفرس والبَغْل غلط من الراوي. وفي حديث ذي الجَوْشَن: ما كُنْتُ
لأَقْضِيَه اليوم بغٌرّة؛ سمّي الفرس في هذا الحديث غُرّة؛ وأَكثرُ ما
يطلق على العبد والأَمة، ويجوز أَن يكون أَراد بالغُرّة النِّفِسَ من كل
شيء، فيكون التقدير ما كنت لأَقْضِيَه بالشيء النفيس المرغوب فيه. وفي
الحديث :إِيّاكم ومُشارّةَ الناس فإِنها تَدْفِنُ الغُرّةَ وتُظْهِرُ
العُرّةَ؛ الغُرّة ههنا: الحَسَنُ والعملُ الصالح، شبهه بغُرّة الفرس. وكلُّ
شيء تُرْفَع قيمتُه، فهو غُرّة. وقوله في الحديث: عَليْكُم بالأَبْكارِ
فإِنّهُنّ أَغَرُّ غُرَّةً، يحتمل أَن يكون من غُرَّة البياض وصفاء اللون،
ويحتمل أَن يكون من حسن الخلُق والعِشْرةِ؛ ويؤيده الحديث الآخر:
عَلَيْكمُ بالأَبْكار فإِنّهُنّ أَغَرُّ أَخْلاقاً، أَي إِنهن أَبْعَدُ من فطْنةِ
الشرّ ومعرفتِه من الغِرّة الغفْلة.
وكلُّ كَسْرٍ مُتَثَنٍّ في ثوب أَو جِلْدٍ: غَرُّ؛ قال:
قد رَجَعَ المُلْك لمُسْتَقَرّه
ولانَ جِلْدُ الأَرضِ بعد غَرّه
وجمعه غُرور؛ قال أَبو النجم:
حتى إذا ما طَار منْ خَبِيرِها،
عن جُدَدٍ صُفْرٍ، وعن غُرورِها
الواحد غَرُّ، بالفتح؛ ومنه قولهم: طَوَيْت الثوبَ على غَرِّه أَي على
كَسْرِه الأَول. قال الأَصمعي: حدثني رجل عن رؤبة أَنه عُرِضَ عليه ثوبٌ
فنظر إليه وقَلَّبَه ثم قال: اطْوِه على« غَرَّه. والغُرورُ في الفخذين:
كالأخادِيد بين الخصائل. وغُرورُ القدم: خطوط ما تَثَنَّى منها. وغَرُّ
الظهر: ثَنِيُّ المَتْنِ؛ قال:
كأَنَّ غَرَّ مَتْنِه ، إِذ تَجْنُبُهْ،
سَيْرُ صَناعٍ في خَرِيرٍ تَكْلُبُهْ
قال الليث: الغَرُّ الكَسْرُ في الجلد من السِّمَن، والغَرُّ تكسُّر
الجلد، وجمعه غُرور، وكذلك غُضونُ الجلْد غُرور. الأَصمعي: الغُرورُ
مَكاسِرُ الجلد. وفي حديث عائشة تصِفُ أَباها، رضي الله عنهما، فقالت: رَدَّ
نَشْرَ الإِسلام على غَرِّه أَي طَيِّه وكَسْرِه. يقال: اطْوِ الثَّوْبَ على
غَرِّه الأَول كما كان مَطْوياًّ؛ أَرادت تَدْبيرَه أَمرَ الردة ومُقابَلة
دَائِها. وغُرورُ الذراعين: الأَثْناءُ التي بين حِبالِهما. والغَرُّ:
الشَّقُّ في الأَرض. والغَرُّ: نَهْرٌ دقيق في الأَرض، وقال ابن الأعرابي:
هو النهر، ولم يُعَيِّن الدَّقِيقَ ولا غيره؛ وأَنشد:
سَقِيّة غَرٍّ في الحِجال دَمُوج
هكذا في المحكم؛ وأَورده الأَزهري، قال: وأَنشدني ابن الأَعرابي في صفة
جارية:
سقيّة غَرٍّ في الحِجال دَمُوج
وقال: يعني أَنها تُخْدَمُ ولا تَخْدُمُ. ابن الأَعرابي: الغَرُّ النهر
الصغير، وجمعه غُرور، والغُرور: شَرَكُ الطريق، كلُّ طُرْقة منها
غُرٌّ؛ ومن هذا قيل: اطْوِ الكتابَ والثوبَ على غَرّه وخِنْثِه أَي على
كَسْره؛ وقال ابن السكيت في تفسير قوله:
كأَنّ غَرَّ مَتْنِهِ إِذ تَجْنُبُهْ
غَرُّ المتن: طريقه. يقولُ دُكَيْن: طريقتُه تَبْرُق كأَنها سَيْرٌ في
خَرِيز، والكَلبُ: أَن يُبَقَّى السَّيْرُ في القربة تُخْرَز فتُدْخِل
الجاريةُ يدها وتجعل معها عقبة أو شعرة فتدخلها من تحت السير ثم تخرق خرقاً
بالإِشْفَى فتخرج رأْس الشعرة منه، فإِذا خرج رأْسها جَذَبَتْها
فاسْتَخْرَجَت السَّيْرَ. وقال أَبو حنيفة: الغَرّانِ خَطّانِ يكونان في أَصل
العَيْر من جانبيه؛ قال ابن مقروم وذكر صائداً:
فأَرْسَلَ نافِذَ الغَرَّيْن حَشْراً،
فخيَّبه من الوَتَرِ انْقِطاعُ
والغرّاء: نبت لا ينبت إِلاّ في الأَجارِع وسُهولةِ الأَرض ووَرَقُها
تافِةٌ وعودها كذلك يُشْبِه عودَ القَضْب إلاّ أَنه أُطَيْلِس، وهي شجرة
صدق وزهرتها شديدة البياض طيبة الريح؛ قال أَبو حنيفة: يُحبّها المال كله
وتَطِيب عليها أَلْبانُها. قال: والغُرَيْراء كالغَرّاء، قال ابي سيده:
وإِنما ذكرنا الغُرَيْراء لأَن العرب تستعمله مصغراً كثيراً.
والغِرْغِرُ: من عشب الربيع، وهو محمود، ولا ينبت إِلا في الجبل له ورق
نحو ورق الخُزامى وزهرته خضراء؛ قال الراعي:
كأَن القَتُودَ على قارِحٍ،
أَطاع الرَّبِيعَ له الغِرْغِرُ
أراد: أَطاع زمن الربيع، واحدته غِرْغِرة. والغِرْغِر، بالكسر: دَجاج
الحبشة وتكون مُصِلّةً لاغتذائها بالعَذِرة والأَقْذار، أَو الدجاجُ
البرّي، الواحدة غِرْغرة؛ وأَنشد أَبو عمرو:
أَلُفُّهُمُ بالسَّيفِ من كلِّ جانبٍ،
كما لَفَّت العِقْبانُ حِجْلى وغِرغِرا
حِجْلى: جمع الحَجَلِ، وذكر الأَزهري قوماً أَبادهم الله فجعل عِنَبَهم
الأَراك ورُمَّانَهم المَظَّ ودَجاجَهم الغِرْغِرَ.
والغَرْغَرَةُ والتَّغَرْغُر بالماء في الحَلْقِ: أَن يتردد فيه ولا
يُسيغه. والغَرُورُ: ما يُتَغَرْغَرُ به من الأَدْوية، مثل قولهم لَعُوق
ولَدُود وسَعُوط. وغَرْغَر فلانٌ بالدواء وتَغَرْغَرَ غَرْغَرةً
وتَغَرْغُراً. وتَغَرْغَرَت عيناه: تردَّد فيهما الدمع. وغَرَّ وغَرْغَرَ: جادَ
بنفسه عند الموت. والغَرْغَرَةُ: تردُّد الروح في الحلق. والغَرْغَرَةُ: صوتٌ
معه بَجَحٌ. وغَرْغَرَ اللحمُ على النار إِذا صَلَيْتَه فسمعت له
نشِيشاً؛ قال الكميت:
ومَرْضُوفة لم تُؤْنِ في الطَّبْخِ طاهِياً،
عَجِلْتُ إلى مُحْوَرِّها حين غَرْغَرا
والغَرْغَرة: صوت القدر إذا غَلَتْ، وقد غَرْغَرت؛ قال عنترة:
إِذ لا تَزالُ لكم مُغَرْغِرة
تَغْلي، وأَعْلى لَوْنِها صَهْرُ
أَي حارٌّ فوضع المصدر موضع الاسم، وكأَنه قال: أَعْلى لونِها لونُ
صَهْر. والغَرْغَرةُ: كَسْرُ قصبة الأَنف وكَسْرُ رأْس القارورة؛
وأَنشد:وخَضْراء في وكرَيْنِ غَرْغَرْت رأْسها
لأُبْلِيَ إن فارَقْتُ في صاحِبي عُذْرا
والغُرْغُرةُ: الحَوْصلة؛ وحكاها كراع بالفتح؛ أَبو زيد: هي الحوصلة
والغُرْغُرة والغُراوي
(* قوله «والغراوي» هو هكذا في الأصل) .والزاورة.
وملأْت غَراغِرَك أَي جَوْفَك. وغَرْغَرَه بالسكين: ذبحه. وغَرْغَرَه
بالسّنان: طعنه في حلقه. والغَرْغَرةُ: حكاية صوت الراعي ونحوه. يقال: الراعي
يُغَرْغِرُ بصوته أَي يردِّده في حلقه؛ ويَتَغَرْ غَرُصوته في حلقه أَي
يتردد.
وغَرٌّ: موضع؛ قال هميان بن قحافة:
أَقْبَلْتُ أَمْشِي، وبِغَرٍّ كُورِي،
وكان غَرٌّ مَنْزِلَ الغرور
والغَرُّ: موضع بالبادية؛ قال:
فالغَرّ تَرْعاه فَجَنْبَي جَفَرَهْ
والغَرّاء: فرس طريف بن تميم، صفة غالبة. والأَغَرُّ: فرس ضُبَيْعة بن
الحرث. والغَرّاء: فرسٌ بعينها. والغَرّاء: موضع؛ قال معن بن أَوس:
سَرَتْ من قُرَى الغَرّاء حتى اهْتَدَتْ لنا،
ودُوني خَراتيّ الطَّوِيّ فيَثْقُب
(* قوله« خراتي» هكذا في الأصل ولعله حزابي.)
وفي حبال الرمل المعترض في طريق مكة حبلان يقال لهما: الأَغَرَّان؛ قال
الراجز:
وقد قَطَعْنا الرَّمْلَ غير حَبْلَيْن:
حَبْلَي زَرُودٍ ونَقا الأَغَرَّيْن
والغُرَيْرُ: فحل من الإِبل، وهو ترخيم تصغير أَغَرّ. كقولك في أَحْمَد
حُمَيد، والإِبل الغُرَيْريّة منسوبة إِليه؛ قال ذو الرمة:
حَراجيج مما ذَمَّرَتْ في نتاجِها،
بناحية الشّحْرِ الغُرَيْر وشَدْقَم
يعني أَنها من نتاج هذين الفحلين، وجعل الغرير وشدقماً اسمين للقبيلتين؛
وقول الفرزدق يصف نساء:
عَفَتْ بعد أَتْرابِ الخَلِيط، وقد نَرَى
بها بُدَّناً حُوراً حِسانَ المَدامِع
إِذا ما أَتاهُنَّ الحَبِيبُ رَشَفْنَه،
رشِيفَ الغُرَيْريّاتِ ماءَ الوَقائِع
والوَقائعُ: المَناقعُ، وهي الأَماكن التي يستنقع فيها الماء، وقيل في
رَشْفِ الغُرَيْرِيّات إِنها نوق منسوبات إِلى فحل؛ قال الكميت:
غُرَيْريّة الأَنْساب أَو شَدْقَمِيَّة،
يَصِلْن إِلى البِيد الفَدافِد فَدْفدا
وفي الحديث: أَنه قاتَلَ مُحَارِبَ خَصَفَة فرأَوْا من المسلمين غِرَّةً
فصلَّى صلاةَ الخوف؛ الغِرَّةُ: الغَفْلة، أَي كانوا غافلين عن حِفْظِ
مقامِهم وما هم فيه من مُقابلة العَدُوِّ؛ ومنه الحديث: أَنه أَغارَ على
بنِي المُصْطَلِق وهم غارُّون؛ أَي غافلون. وفي حديث عمر: كتب إِلى أَبي
عُبَيدة، رضي الله عنهما، أَن لا يُمْضِيَ أَمْرَ الله تعالى إِلا بَعِيدَ
الغِرّة حَصِيف العُقْدة أَي من بعد حفظه لغفلة المسلمين. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: لا تطْرُقُوا النساء ولا تَغْتَرّوهُنّ أَي لا تدخلوا إِليهن
على غِرّة. يقال: اغْتَرَرْت الرجل إِذا طلبت غِرّتَه أَي غفلته. ابن
الأَثير: وفي حديث حاطب: كُنْتُ غَرِيراً فيهم أَي مُلْصَقاً مُلازماً لهم؛
قال: قال بعض المتأَخرين هكذا الرواية والصواب: كنت غَرِيًّا أَي
مُلْصَقاً. يقال: غَرِيَ فلانٌ بالشيء إِذا لزمه؛ ومنه الغِراء الذي يُلْصَقُ به.
قال: وذكره الهروي في العين المهملة: كنت عَرِيراً، قال: وهذا تصحيف منه؛
قال ابن الأَثير: أَما الهروي فلم يصحف ولا شرح إِلا الصحيح، فإِن
الأَزهري والجوهري والخطابي والزمخشري ذكروا هذه اللفظة بالعين المهملة في
تصانيفهم وشرحوها بالغريب وكفاك بواحد منهم حجة للهروي فيما روى وشرح، والله
تعالى أَعلم. وغَرْغَرْتُ رأْسَ القارورة إِذا استخرجْتَ صِمامَها، وقد
تقدم في العين المهملة.
شعل: الشَّعَلُ والشُّعْلَة: البياضُ في ذَنَب الفَرَس أَو ناصيتِه في
ناحية منها، وخَصَّ بعضهُم به عَرْضها. يقال: غُرَّةٌ شَعْلاءُ تأْخذ
إِحدى العينين حتى تدخل فيها، وقد يكون في القَذَال، وهو في الذَّنَب أَكثر،
شَعِلَ شَعَلاً وشُعْلَةً؛ الأَخيرة شاذة، وكذلك اشْعالَّ اشْعِيلالاً
إِذا صار ذا شَعَلٍ؛ قال:
وبَعدَ انتِهاضِ الشَّيْب في كلِّ جانبٍ،
على لِمَّتِي، حتى اشْعَأَلَّ بَهِيمُها
أَراد اشْعَالَّ فحرَّك الأَلف لالتقاء الساكنين، فانقلبت همزة لأَن
الأَلف حرف ضعيف واسع المَخْرَج لا يَتَحَمَّل الحركة، فإِذا اضطُرُّوا إِلى
تحريكه حَرَّكوه بأَقرب الحروف إِليه، ويقال إِذا كان البياض في طَرَف
ذَنَب الفرس فهو أَشْعَلُ، وإِن كان في وَسَط الذَّنَب فهو أَصْبَغ، وإِن
كان في صَدْره فهو أَدْعَم، فإِذا بلغ التحجيلُ إِلى ركبتيه فهو
مُجَبَّب، فإِن كان في يديه فهو مُقَفَّزٌ، وقال الأَصمعي: إِذا خالط البياضُ
الذَّنَب في أَيّ لون كان فذلك الشُّعْلة. والفَرَس أَشْعَلُ بَيِّنُ
الشَّعَل، والأُنثى شَعْلاء.
وشَعَل النارَ في الحَطَب يَشْعَلُها وشَعَّلَها وأَشْعَلها فاشْتَعَلَت
وتَشَعَّلَتْ: أَلْهَبَها فالتَهَبَت. وقال اللحياني: اشْتَعَلَت النارُ
تَأَجَّجَتْ في الحطب. وقال مُرَّةُ: نارٌ مُشْعَلَة مُلْتَهِبة
مُتَّقدة. والشُّعْلَةُ: ما اشْتَعَلَتْ فيه من الحطب أَو أَشْعَلَه فيها؛ قال
الأَزهري: الشُّعْلَة شِبْه الجِذْوة وهي قطعة خَشَب تُشْعَل فيها النارُ،
وكذلك القَبَس والشِّهَاب. والشُّعْلَة: واحدة الشُّعَل. والشُّعْلة
والشُّعْلُول: اللَّهَبُ؛ والمَشْعَلَةُ: الموضع الذي تُشْعَل فيه النارُ.
والشَّعِيلة: النار المُشْعَلة في الذُّبَال، وقيل: الفَتِيلة المُرَوَّاة
بالدُّهْن شُعِل فيها نار يُسْتَصْبَحُ بها، ولا يقال لها كذلك إِلا
إِذا اشْتَعَلَت بالنار، وجمعها شُعُلٌ مثل صَحِيفةٍ وصُحُفٍ. والمَشْعَلة:
واحدة المَشَاعِل؛ قال لبيد:
أَصاحِ، تَرَى بُرَيْقاً هَبَّ وَهْناً،
كَمِصباحِ الشَّعِيلة في الذُّبَال
وفي حديث عمر بن عبد العزيز: كان يَسْمُر مع جُلَسائه فكاد السِّراجُ
يَخْمَد فقام وأَصْلَحَ الشَّعِيلة وقال: قُمْتُ وأَنا عُمَر وقَعَدْتُ
وأَنا عُمَر؛ الشَّعِيلة: الفَتِيلة المُشْعَلَة. والمَشْعَل:
القِنْديل.وشُعلَةُ: اسم فرس قَيس بن سِبَاع على التشبيه بإِشعال النار
لسُرْعتها.واشْتَعَل غَضَباً: هاج، على المثل، وأَشْعَلْته أَنا. واشْتَعَل الشيبُ
في الرأْس: اتَّقَد، على المثل، وأَصله من اشْتِعال النار. وفي التنزيل
العزيز: واشْتَعَل الرأْسُ شَيْباً؛ ونصب شَيْباً على التفسير، وإِن شئت
جعلته مصدراً، وكذلك قال حُذَّاقُ النحويين. واشْتَعَلَ الرأْسُ شَيْباً
أَي كَثُر شيبُ رأْسه، ودخل في قوله الرأْس شَعَرُ الرأْسِ واللِّحية
لأَنه كُلَّه من الرأْس. وأَشْعَلَتِ العينُ: كثُر دمعُها. وأَشْعَلَ إِبلَه
بالقَطِران: كَثَّرَ عليها منه وعَمَّها بالهِنَاء ولم يَطْلِ النُّقَب
من الجَرَب دون غيرها من بَدَن البَعير الأَجْرَب. وكَتِيبةٌ مُشْعَلةٌ:
مَبْثُوثة انْتَشَرَت. وأَشْعَلَ الخَيْلَ في الغارة: بَثَّها؛ قال:
والخَيْلُ مُشْعَلةٌ في ساطِعٍ ضَرِمٍ،
كأَنَّهُنَّ جَرادٌ أَو يَعَاسِيبُ
وأَشْعَلَتِ الغارةُ: تَفَرَّقَت. والغارة المُشْعِلَة: المنتشِرة
المتفرِّقة. ويقال: كَتِيبة مُشْعِلة، بكسر العين، إِذا انْتَشَرَتْ؛ قال جرير
يخاطب رجلاً، قال ابن بري: والصحيح أَنه للأَخطل:
عايَنتَ مُشْعِلَةَ الرِّعالِ، كأَنَّها
طَيْرٌ تُغَاوِلُ في شَمَامِ وُكُورا
وشَمَامِ: جَبَلٌ بالعالية. وجَرَادٌ مُشْعِلٌ: كثير متفرِّق إِذا
انتَشَرَ وجَرَى في كل وجه. يقال: جاء جَيْشٌ كالجَراد المُشْعِل، وهو الذي
يَخْرُج في كل وجه، وأَما قولهم جاء فلان كالحَرِيقِ المُشْعَل، فمفتوحة
العين، لأَنه من أَشْعَل النارَ في الحَطَب أَي أَضْرَمَها؛ وأَنشد ابن بري
لجرير:
واسْأَلْ، إِذا خَرِجَ الخِدَامُ، وأُحْمِشَتْ
حَرْبٌ تَضَرَّمُ كالحَرِيقِ المُشْعَلِ
وأَشْعَلَ الإِبِلَ: فَرَّقَها؛ عن اللحياني. وأَشْعَلْت جَمْعَه إِذا
فَرَّقته؛ قال أَبو وَجْزَة:
فَعاد زمانٌ بَعْدَ ذاك مُفَرِّقٌ،
وأُشعِل وَلْيٌ من نَوًى كلَّ مُشْعَل
والشُّعْلول: الفِرْقة من الناس وغيرِهم. وذَهَبُوا شَعَالِيلَ
بقِرْدَحْمَةٍ، وما في قِرْدَحْمَة من اللغات مذكور في موضعه. وذَهَب القومُ
شَعَالِيلَ مثل شَعَارِيرَ إِذا تفرَّقوا؛ قال أَبو وَجْزَة:
حتى إِذا ما دَنَتْ منه سَوابِقُها،
ولِلُّغَامِ بِعِطْفَيْه شَعَالِيلُ
وشعَلَ في الشيء يَشْعَلُ شَعْلاً: أَمْعَنَ. وغلامٌ شَعْلٌ أَي خَفِيف
مُتَوَقِّد، ومَعْلٌ مثلُه؛ وقال:
يُلِحْنَ مِن سَوْقِ غلامٍ شَعْلِ،
قام فنادَى برَواحٍ مَعْلِ
وكان تأَبَّط شَرًّا يقال له شَعْلٌ؛ ومنه قوله:
سَرَى ثابتٌ مَسْرًى ذَمِيماً، ولم أَكن
سَلَلْتُ عليه، شَلَّ مني الأَصابِعُ
ويَأْمُرني شَعْلٌ لأَقْتُل مُقْبِلاً،
فَقُلْتُ لشَعْلٍ: بِئْسَما أَنت شافِعُ
والمِشْعَل: شيء من جُلُود له أَربع قوَائم يُنْتَبذُ فيه؛ قال ذو
الرُّمَّة:
أَضَعنَ مَوَاقِتَ الصَّلوَاتِ عَمْداً،
وحالَفْنَ المَشاعِلَ والجِرَارا
قال ابن بري: ومثه قول الراجز:
يا حَشَراتِ القاعِ من جُلاجِل،
قد كَشَّ ما هاجَ من المَشَاعِل
(* قوله «قد كش ما هاج» تقدم في ترجمة كشش: قد نش ما كش).
الحَشَرات: القَنَافِذ والضَّباب، كَشَّ ونَشَّ واحدٌ أَي عَلَيْكُنَّ
بالهَرَب من هذه المواضع لا تُؤْكَلْنَ؛ المِشْعَل، بكسر الميم: شيء
يَتَّخِذه أَهل البادية من أَدَمٍ يُخْرَزُ بعضه إِلى بعضٍ كالنِّطعْ ثم
يُشَدُّ إِلى أَربع قوائم من خشب فيصير كالحوض يُنْبَذُ فيه لأَنه ليس لهم
حِبَابٌ. وفي الحديث: أَنه شَقَّ المَشَاعِلَ يوم خَيْبَر؛ قال: هي زِقَاق
كانوا يَنْتَبِذُون فيها، واحدها مِشْعَلٌ ومِشْعالٌ. ورَجُلٌ شاعِلٌ أَي
ذُو إِشْعال مثل تامِرٍ ولابِنٍ، وليس له فعل، قال عمرو بن الإِطْنابة،
والإِطْنَابَةُ أُمُّه وهي امرأَة من بني كِنانة بن القَيْس بن جَسْرِ بن
قُضَاعة، واسم أَبيه زَيْدُ مَنَاة:
إِني مِنَ القومِ الذين إِذا ابْتَدَوْا،
بَدَؤُوا بحَقِّ اللهِ ثُمَّ السائل
المانِعِين من الخَنَى جاراتِهم،
والحاشِدين على طَعامِ النَّازِل
ليْسُوا بأَنْكاسٍ، ولا مِيلٍ، إِذا
ما الحرب شُبَّتْ أَشعَلُوا بالشّاعِل
وأَشْعَلَتِ القِرْبةُ والمَزَادةُ إِذا سالَ ماؤُها متفرِّقاً.
وأَشعَلَتِ الطَّعْنةُ أَي خَرَج دَمُها مُتَفَرِّقاً. وأَشعَلَ السَّقْيَ:
أَكثَر الماءَ؛ عن ابن الأَعرابي. وشَعْلٌ: اسم رجل. وبنو شُعَل: حَيٌّ من
تَمِيم. وشَعْلان: موضع. والشَّعَلَّعُ: الطويلُ.
حفا: الحَفا: رِقَّة القَدم والخُفِّ والحافر، حَفِيَ حَفاً فهو حافٍ
وحَفٍ، والاسم الحِفْوة والحُفْوة. وقال بعضهم: حافٍ بيِّنُ الحُفْوة
والحِفْوة والحِفْية والحِفَاية، وهو الذي لا شيء في رِجْله من خُفٍّ ولا
نَعْل، فأَما الذي رقَّت قَدماه من كثرة المَشْي فإنه حافٍ بيّن الحَفَا.
والحَفَا: المَشْيُ بغير خُفٍّ ولا نَعْلٍ. الجوهري: قال الكسائي رجل حافٍ
بيّنُ الحُفْوة والحِفْية والحِفاية والحفاءِ، بالمد؛ قال ابن بري: صوابه
والحَفَاء، بفتح الحاء، قال: كذلك ذكره ابن السكيت وغيره، وقد حَفِيَ
يَحْفَى وأَحفاه غيره. والحِفْوة والحَفا: مصدر الحَافي. يقال: حَفِيَ
يَحْفَى حَفاً إذا كان بغير خفّ ولا نَعْل، وإذا انْسَحَجَتِ القدم أَو
فِرْسِنُ البعير أَو الحافرُ من المَشْيِ حتى رَقَّت قيل حَفِيَ يَحْفَى حَفاً،
فهو حَفٍ؛ وأَنشد:
وهو منَ الأَيْنِ حَفٍ نَحِيتُ
وحَفِيَ من نَعْليه وخُفِّه حِفْوة وحِفْية وحَفاوة، ومَشَى حتى حَفِيَ
حَفاً شديداً وأَحْفاه الله، وتَوَجَّى من الحَفَا وَوَجِيَ وَجىً
شديداً. والاحْتِفاء: أَن تَمْشِيَ حافياً فلا يُصيبَك الحَفَا. وفي حديث
الانتعال: ليُحْفِهِما جميعاً أَو لِيَنْعَلْهما جميعاً؛ قال ابن الأَثير: أَي
ليمشِ حافيَ الرِّجلين أَو مُنْتَعِلَهما لأَنه قد يشق عليه المشي بنعل
واحدة، فإنَّ وضْعَ إحْدى القدمين حافية إنما يكون مع التَّوَقِّي من
أَذىً يُصيبها، ويكون وضع القدم المُنْــتَعِلة على خلاف ذلك فيختلف حينئذ
مشيه الذي اعتاده فلا يأْمَنُ العِثارَ، وقد يتَصَوَّر فاعلُه عند الناس
بصورة مَنْ إحْدى رجليه أَقصرُ من الأُخرى. الجوهري: أَما الذي حَفِيَ من
كثرة المشي أَي رَقَّت قدَمُه أَو حافِره فإنه حَفٍ بَيِّنُ الحَفَا،
مقصور، والذي يمشي بلا خُفٍّ ولا نَعْل: حافٍ بيّن الحَفَاءِ، بالمد. الزجاج:
الحَفَا، مقصور، أَن يكثر عليه المشي حتى يُؤلِمَه المَشْيُ، قال:
والحَفاءُ، ممدود، أَن يمشي الرجل بغير نَعْل، حافٍ بَيِّن الحفاء، ممدود،
وحَفٍ بيّن الحَفَا، مقصور، إذا رَقَّ حافره. وأَحْفَى الرجلُ: حَفِىت
دابته.وحَفِيَ بالرجُل حَفَاوة وحِفاوة وحِفاية وتَحَفَّى به واحْتَفَى:
بالَغَ في إكْرامه. وتَحَفَّى إليه في الوَصِيَّة: بالغَ. الأَصمعي: حَفِيتُ
إليه في الوصية وتَحَفَّيْت به تَحَفِّياً، وهو المبالغة في إكْرامه.
وحَفِيت إليه بالوصية أَي بالغت. وحَفِيَ اللهُ بك: في معنى أَكرمك الله.
وأَنا به حَفِيٌّ أَي بَرٌّ مبالغ في الكرامة. والتَّحَفِّي: الكلامُ
واللِّقاءُ الحَسَن. وقال الزجاج في قوله تعالى: إنَّه كان بِي حَفِيّاً؛ معناه
لطيفاً. ويقال: قد حَفِيَ فلان بفلان حِفْوة إذا بَرَّه وأَلْطَفه. وقال
الليث: الحَفِيُّ هو اللطيف بك يَبَرُّكَ ويُلْطِفك ويَحْتَفِي بك. وقال
الأَصمعي: حَفِيَ فلان بفلان يَحْفَى به حَفاوة إذا قام في حاجته
وأَحْسَن مَثْواه. وحَفا الله به حَفْواً: أَكرمه. وحَفَا شارِبَه حَفْواً
وأَحْفاه: بالَغَ في أَخْذه وألْزَقَ حَزَّه. وفي الحديث: أَنه، عليه الصلاة
والسلام، أَمر أَن تُحْفَى الشواربُ وتُعْفَى اللِّحَى أَي يُبالَغ في
قَصِّها. وفي التهذيب: أَنه أَمر بإحْفاءِ الشوارب وإعْفاء اللِّحَى.
الأَصمعي: أَحْفَى شارِبَه ورأْسَه إذا أَلزق حَزَّه، قال: ويقال في قولِ
فلانٍ إحْفاءٌ، وذلك إذا أَلْزَق بِك ما تكره وأَلَحَّ في مَسَاءَتِك كما
يُحْفَى الشيءُ أَي يُنْتَقَص. وفي الحديث: إن الله يقول لآدم، عليه السلام:
أَخْرِجْ نَصِيبَ جَهَنَّمَ منْ ذُرِّيَّتِكَ، فيقولُ: يَا رَبّ كَمْ؟
فيقول: مِن كلِّ مائة تسْعَةً وتسعينَ، فقالوا: يا رسول الله احْتُفِينا
إذاً فَماذا يَبْقى؟ أي اسْتُؤْصِلْنَا، من إحْفَاءِ الشعر. وكلُّ شيءٍ
اسْتُؤْصِلَ فَقَد احْتُفِيَ. ومنه حديث الفتح: أَنْ يَحْصُدُوهم حَصْداً،
وأَحْفَى بيَدِه أَي أَمالَها وصْفاً للحَصْدِ والمُبالَغة في القَتْل.
وحَفاهُ من كل خَيْر يَحْفُوه حَفْواً: مَنَعَه. وحَفَاه حَفْواً:
أَعطاه.وأَحْفاه: أَلَحَّ عليه في المَسْأَلة. وأَحْفَى السُّؤالَ: رَدَّده.
الليث: أَحْفَى فلان فلاناً إذا بَرَّح به في الإلْحاف عليه أَو سَأَلَه
فأَكْثَر عليه في الطلب. الأَزهري: الإحْفاء في المسأَلة مثلُ الإلْحاف
سَواءً وهو الإلْحاحُ. ابن الأَعرابي: الحَفْوُ المَنْعُ، يقال: أَتاني
فحَفَوْته أَي حَرَمْتُه، ويقال: حَفَا فلان فلاناً من كلّ خير يَحْفُوه إذا
مَنَعه من كلّ خير. وعَطَس رجلٌ عند النبي، صلى الله عليه وسلم، فَوْقَ
ثلاثٍ فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم: حَفَوْتَ، يقول مَنَعْتَنا أن
نُشمِّتَكَ بعدَ الثلاثِ لأَنَّه إنما يُشَمِّتُ في الأُولى والثَّانية،
ومن رواه حَقَوْتَ فمعناه سَدَدْت علينا الأَمْرَ حتى قَطَعْتَنا، مأْخوذٌ
من الحَقْوِ لأَنه يقطع البطنَ ويَشُدُّ الظهر. وفي حديث خَلِيفَةَ:
كتبتُ إلى ابن عباس أَن يَكْتُب إليَّ ويُحْفِيَ عَنِّي أَي يُمْسِكَ عَنِّي
بعضَ ما عنده مِمَّا لا أَحْتَمِلُه، وإن حمل الإحفاء بمعنى المبالغة
فيكون عَنِّي بمعنى عليَّ، وقيل: هو بمعنى المبالغة في البِرِّ بِهِ
والنصيحةِ له، وروي بالخاء المعجمة.
وفي الحديث: أَن رجلاً سلَّم على بعض السلف فقال وعليكم السلامُ ورحمةُ
الله وبَرَكاتُه الزَّاكِيات، فقال: أَراك قد حَفَوْتَنا ثَوابَها أَي
مَنَعتَنا ثواب السلام حيث استَوْفَيت علينا في الردِّ، وقيل: أَراد
تَقَصَّيْتَ ثوابَها واستوفيته علينا.
وحَافَى الرجلَ مُحافاةً: مارَاه ونازَعه في الكلام. وحَفِيَ به
حِفَايةً، فهو حَافٍ وحَفِيٌّ، وتَحَفَّى واحْتَفَى: لَطَفَ بِهِ وأَظهر السرورَ
والفَرَحَ به وأَكثر السؤال عن حاله. وفي الحديث: أَنَّ عجوزاً دخلَت
عليه فسَأَلها فأَحْفَى وقال: إنَّها كانت تَأْتِينا في زَمَن خَدِيجَة
وإنَّ كَرَم العَهْدِ من الإيمان. يقال: أَحْفَى فلان بصاحبه وحَفِيَ به
وتَحَفَّى به أَي بالَغَ في بِرِّهِ والسؤال عن حاله. وفي حديث عمر:
فَأَنْزَلَ أُوَيْساً القَرَنيَّ فَاحْتَفَاهُ وأَكْرَمَه. وحديث علي: إنَّ
الأَشْعَثَ سَلَّم عليه فَرَدَّ عليه بغَيْر تَحَفٍّ أَي غيرَ مُبالِغٍ في
الردّ والسُّؤَالِ. والحَفاوة، بالفتح: المُبالَغةُ في السؤَال عن الرجل
والعنايةُ في أَمرهِ. وفي المثل: مَأْرُبَةٌ لا حَفاوةٌ؛ تقول منه: حَفِيت،
بالكسر، حَفاوةً. وتَحَفَّيْت به أَي بالَغْت في إكْرامِه وإلْطافِه
وحفِيَ الفرسُ: انْسَحَجَ حافِرهُ. والإحْفاء: الاسْتِقْصاء في الكلام
والمُنازَعَةُ؛ ومنه قول الحرث بن حِلِّزة:
إن إخْوانَنَا الأَراقِمَ يَعْلُو
نَ عَلَيْنا، فِي قيلِهِم إخْفاءُ
أَي يَقَعون فينا. وحافَى الرجلَ: نازَعَه في الكلام وماراه. الفراء في
قوله عز وجل: إن يَسْأَلْكُمُوها فيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا؛ أَي
يُجْهِدْكُم. وأَحْفَيْتُ الرجلَ إذا أَجْهَدْتَه. وأَحْفاه: بَرَّحَ به في
الإلحاحِ عليه، أَو سأَله فأَكْثَر عليه في الطلب، وأَحْفى السؤالَ كذلك. وفي
حديث أَنس: أَنهم سأَلوا النبي، صلى الله عليه وسلم، حتى أَحْفَوْه أَي
اسْتَقْصَوْا في السؤالِ. وفي حديث السِّواكِ: لَزِمْتُ السِّواكَ حتى كدت
أُحْفِي فَمِي أَي أَسْتَقْصِي على أَسناني فأُذْهِبُها بالتَّسَوُّكِ.
وقوله تعالى: يسأَلونك كأَنك حَفِيٌّ عنها؛ قال الزجاج: يسأَلونك عن أَمر
القيمة كأَنك فرحٌ بسؤالهم، وقيل: معناه كأَنك أَكثرت المسأَلة عنها، وقال
الفراء: فيه تقديم وتأْخير، معناه يسأَلونك عنها كأَنك حفِيٌّ بها؛ قال:
ويقال في التفسير كأَنك حَفِيٌّ عنها كأَنك عالم بها، معناه حافٍ عالمٍ.
ويقال: تحافَيْنا إلى السلطان فَرَفَعَنَا إلى القاضي، والقاضي يسمى
الحافيَ. ويقال: تَحَفَّيْتُ بفلان في المسأَلة إذا سأَلت به سؤالاً أَظهرت
فيه المحَبَّةَ والبِرَّ، قال: وقيل كأَنك حفِيٌّ عنها كأَنك أَكثرت
المسأَلة عنها، وقيل: كأَنك حَفِيٌّ عنها كأَنك مَعْنِيٌّ بها، ويقال: المعنى
يسأَلونك كأَنك سائل عنها. وقوله: إنه كان بي حَفِيّاً؛ معناه كان بي
مَعْنِيّاً؛ وقال الفراء: معناه كان بي عالماً لطيفاً يجيب دعوتي إذا
دعوته. ويقال: تحَفَّى فلان بفلان معناه أَنه أَظهر العِناية في سؤَاله إياه.
يقال: فلان بي حَفِيٌّ إذا كان مَعْنِيّاً؛ وأَنشد للأَعشى:
فإن تَسْأَلي عنِّي، فيا رُبَّ سائِلٍ
حَفِيٍّ عن الأَعْشى به حيث أَصعَدا
معناه: مَعْنِيٌّ بالأَعْشى وبالسؤَال عنه. ابن الأَعرابي: يقال لقيت
فلاناً فَحفِيَ بي حَفاوة وتَحَفَّى بي تَحَفِّياً.
الجوهري: الحَفِيُّ العالم الذي يَتَعَلَّم الشيءَ باسْتِقْصاء.
والحَفِيُّ: المُسْتَقْصي في السؤال.
واحْتَفى البَقْلَ: اقْتَلعَه من وجه الأرض. وقال أَبو حنيفة:
الاحْتِفاء أَخذُ البقلِ بالأَظافير من الأَرض. وفي حديث المضْطَرّ الذي سأَل
النبيَّ، صلى الله عليه وسلم: مَتى تَحِلُّ لنا المَيْتَةُ؟ فقال: ما لم
تَصْطَبِحُوا أَو تَغْتَبِقُوا أو تَحْتَفِيُوا بها بَقْلاً فشَأْنَكُم بها؛
قال أَبو عبيد: هو من الحَفا، مهموز مقصور، وهو أَصل البَرْدي الأَبيض
الرَّطبِ منه، وهو يُؤْكَل، فتأَوَّله في قوله تَحْتَفِيُوا، يقول: ما لم
تَقْتَلِعُوا هذا بعَيْنه فتأْكلوه، وقيل: أَي إذا لم تجدوا في الأَرض من
البقل شيئاً، ولو بأَن تَحْتَفُوه فتَنْتِفُوه لِصغَرِه؛ قال ابن سيده:
وإنما قَضَينا على أَنّ اللام في هذه الكلمات ياء لا واو لما قيل من أَن
اللام ياء أَكثر منها واواً. الأَزهري: وقال أَبو سعيد في قوله أَو
تَحْتَفِيُوا بَقْلاً فشَأْنَكُم بها؛ صوابه تَحْتَفُوا، بتخفيف الفاء من غير
همز. وكلُّ شيء اسْتُؤْصل فقد احْتُفِيَ، ومنه إحْفاءً الشَّعَرِ. قال:
واحْتَفى البَقْلَ إذا أَخَذَه من وجه الأَرض بأَطراف أَصابعه من قصره
وقِلَّته؛ قال: ومن قال تَحْتَفِئُوا بالهمز من الحَفإ البَرْدِيّ فهو باطل
لأَن البَرْدِيَّ ليس من البقل، والبُقُول ما نبت من العُشْب على وجه
الأَرض مما لا عِرْق له، قال: ولا بَرْدِيَّ في بلاد العرب، ويروى: ما لم
تَجْتَفِئُوا، بالجيم، قال: والاجْتِفاء أَيضاً بالجيم باطل في هذا الحديث
لأَن الاجْتِفاء كبُّكَ الآنِيَةَ إذا جَفَأْتَها، ويروى: ما لم
تَحْتَفُّوا، بتشديد الفاء، من احْتَفَفْت الشيء إذا أَخذتَه كلّه كما تَحُفُّ
المرأَة وجهها من الشعر، ويروى بالخاء المعجمة، وقال خالد ابن كلثوم:
احْتَفى القومُ المَرْعى إذا رَعَوْهُ فلم يتركوا منه شيئاً؛ وقال في قول
الكميت:
وشُبِّه بالْحِفْوة المُنْقَلُ
قال: المُنْقَلُ أَن يَنْتَقِلَ القومُ من مَرْعىً احْتَفَوْه إلى
مَرْعىً آخر. الأَزهري: وتكون الِحَفْوَة من الحافي الذي لا نَعْلَ له ولا
خُفَّ؛ ومنه قوله:
وشُبِّه بالِحفْوة المُنْقَلُ
وفي حديث السِّباق ذكر الحَفْىاء، بالمد والقصر؛ قال ابن الأَثير: هو
موضع بالمدينة على أَميال، وبعضهم يقدم الياء على الفاء، والله أَعلم.
ميث: ماثَ الشيءَ مَيْثاً: مَرَسَه. وماثَ المِلحَ في الماء: أَذابه؛
وكذلك الطين، وقد انماثَ. الليث: ماث يُمِيثُ مَيْثاً: أَذابَ الملح في
الماء حتى امَّاثَ امِّياثاً. وكلُّ شيءٍ مَرَسته في الماء فذاب فيه، من
زعفرانٍ وتمرٍ وزبيبٍ وأَقِط، فقد مِثْتَه ومَيَّثْتَه. وأَماث الرجلُ
(*
قوله «وأَماث الرجل إلخ» صوابه وامتاث. كذا بهامش الأَصل بخط السيد مرتضى،
والعهدة عليه في ذلك. وقوله إِذا مرسته إلخ لعل صوابه مرسه في الماء
وشربه كما هو ظاهر.) لنفسه أَقِطاً إِذا مَرَسْتَه في الماء وشرِبْتَه؛ وقال
رؤبة:
فَقُلْتُ، إِذا أَعْيا امْتِياثاً مائِثُ،
وطاحتِ الأَلْبانُ والْعَبائِثُ
يقول: لو أَعياه
(* قوله «لو أَعياه إلخ» المشاهد في البيت اذ أعيا،
فلعله سبق القلم.) المَريسُ من التمر والأَقِط فلم يجد شيئاً يمتاثُه ويشرب
ماءه، فيتبلغ به لقلة الشيء وعَوَزِ المأْكول.
ابن السكيت: ماث الشيءَ يموثُه ويَمِيثُه، لغة، إِذا دافَه. الجوهري:
مِثْتُ الشيءَ في الماء أَمِيثه لغة في مُثْتُه إِذا دُفْتَه فيه. وفي حديث
أَبي أُسَيد: فلما فرغ من الطعام أَماثَتْه فسقته إِياه؛ قال ابن
الأَثير: هكذا روى أَماثَتْه، والمعروف ماثَتْه. وفي حديث عليّ: اللهمَّ مِثْ
قلوبَهم، كما يُماثُ الملح في الماء. والمَيْثاءُ: الأَرضُ اللينةُ من غير
رمل وكذلك الدَّمِثَة؛ وفي الصحاح: المَيْثاء الأَرض السَّهلة، والجمع
مِيثٌ، مثل هَيْفاءَ وهِيفٍ.
وتَمَيَّثَت الأَرضُ إِذا مُطِرَت فلانت وبرَدَت.
والمَيْثاءُ: الرملة السَّهلة والرابية الطَّيِّبة. والمَيْثاء:
التَّلْعة التي تَعْظُم حتى تكون مثلَ نصف الوادي أَو ثُلُثيه.
ومَيَّثَ الرجلَ: ذلله. ومَيَّثَهُ: لَيَّنَهُ؛ وأَنشد لمتمم:
وذو الهَمِّ تُعْديه صَرِيمَةُ أَمْرِهِ،
إِذا لم تُمَيِّثْه الرُّقَى وتُعادِل
ومَيَّثَه الدهرُ: حَنَّكَهُ وذَلَّلَهُ.
والامْتِياثُ: الرَّفاهِيَةُ وطِيبُ العَيش.
أَبو عمرو: يقال لِغِرْقِئِ البَيضِ: المُسْتَميثُ. ومَيْثاءُ: اسم
امرأَة؛ قال الأَعشى:
لِمَيْثاءَ دارٌ قد تَعَفَّتْ طُلولُها،
عَفَتْها نَضِيضاتُ الصَّبا، فمَسِيلُها
علش: العِلَّوْشُ: الذِّئب؛ حِمْيريَّة، وقيل ابنُ آوى. قال الخليل: ليس
في كلام العرب شين بعد لام ولكن كلها قبل اللام، قال الأَزهري: وقد
وُجِد في كلامهم الشين بعد اللام، قال ابن الأَعرابي وغيره: رجل لَشْلاشٌ،
وسنذكره.
رثث: الرَّثُّ والرِّثَّةُ والرَّثيثُ: الخَلَق الخَسيسُ البالي من كل
شيء. تقول: ثوبٌ رَثٌّ، وحَبْلٌ رَثٌّ، ورجل رَثُّ الهيئةِ في لُبْسه؛
وأَكثر ما يُستعمل فيما يُلبس، والجمع رِثاثٌ. وفي حديث ابن نَهيكٍ: أَنه
دَخلَ على سَعْدٍ، وعنده متاع رَثٌّ أَي خَلَقٌ بالٍ. وقد رَثَّ الحبلُ
وغيره يَرِثُّ ويَرُثُّ رثاثَة ورُثُوثة، وأَرَثَّ، وأَرثَّه البِلى، عن
ثعلب. وأَرثَّ الثوبُ أَي أَخْلَق؛ قال ابن دريد: أَجاز أَبو زيد: رَثَّ
وأَرَثَّ، وقال الأَصمعي: رَثَّ بغير أَلف؛ قال أَبو حاتم: ثم رجع بعد ذلك
وأَجاز رَثَّ وأَرَثَّ؛ وقول دُرَيد بن الصِّمَّة:
أَرَثَّ جديدُ الحَبْلِ من أُمِّ مَعْبدِ
بعاقبةٍ، وأَخْلَفَتْ كلَّ مَوْعِدِ
يجوز أَن يكون على هذه اللغة، ويجوز أَن تكون الهمزة في الاستفهام دخلت
على رَثَّ. وأَرَثَّ الرجلُ: رًثَّ حَبْلُه، والاسم من كل ذلك
الرِّثَّةُ. ورجل رَثُّ الهَيئة: خَلَقُها باذُّها. وفي خَلْقه رَثاثةٌ أَي
بَذاذَة. وقد رَثَّ يَرُثُّ رَثاثةً، ويرِثُّ رُثوثةً.
والرَّثُّ والرِّثَّةُ جميعاً: رَديءُ المتاع، وأَسْقاطُ البَيْت من
الخُلْقانِ.
وارْتَثَثْنا رِثَّةَ القوم، وارْتَثُّوا رِثَّةَ القوم: جَمَعُوها أَو
اشترَوها. وتُجْمَع الرِّثَّةُ رِثاثاً. والرِّثَّة: خُشارة الناس
وضُعَفاؤُهم، شُبِّهُوا بالمتاع الرديء. وروى عَرْفجةُ عن أَبيه قال: عَرَّفَ
عَلِيٌّ رِثَّةَ أَهلِ النَّهْر، قال: فكان آخِرُ ما بَقِيَ قِدْرٌ، قال:
فلقد رأَيتُها في الرَّحَبة، وما يَغْتَرفُها أَحدٌ. والرِّثَّة: المتاعُ
وخُلْقانُ البيتِ، والله أَعلم. والرِّثَّة: السَّقَطُ من متاع البيت من
الخُلْقان، والجمع رِثَثٌ، مثل قِرْبةٍ وقِرَبٍ، ورِثاثٌ مثلُ رِهْمةٍ
ورِهام. وفي الحديث: عَفَوْتُ لكم عن الرِّثَّة؛ هي متاعُ البيت الدُّونُ؛
قال ابن الأَثير: وبعضهم يرويه الرِّثْية، والصوابُ الرِّثَّة، بوزن
الهِرَّة. وفي حديث النُّعْمان بن مُقَرِّنٍ يومَ نَهاوَنْد: أَلا إِن
هؤٌلاء قد أَخْطَرُوا لم رِثَّة، وأَخْطَرْتم لهم الإِسلامَ؛ وجمعُ الرِّثَّة
رِثاثٌ. وفي الحديث: فجَمَعْتُ الرِّثاثَ إِلى السائب.
والمُرْتَثُّ: الصَّريعُ الذي يُثْخَنُ في الحَرْب ويُحْمَلُ حَيّاً ثم
يموت؛ وقال ثعلب: هو الذي يُحْمَلُ من المَعْرَكة وبه رَمَق، فإِن كان
قتيلاً، فليس بمُرْتَثٍّ. التهذيب: يقال للرجل إِذا ضُربَ في الحَرْبِ
فأُثْخِنَ، وحُمِلَ وبه رَمَق ثم ماتَ: قد ارْتُثَّ فلانٌ، وهو افْتُعِلَ،
على ما لم يُسَمَّ فاعله، أَي حُمِلَ من المعركة رَثيثاً أَي جَريحاً وبه
رَمَقٌ؛ ومنه قولُ خَنْساءَ حين خَطَبَها دريدُ ابن الصِّمَّة، على كِبَرِ
سِنِّه: أَتَرَوْنَني تاركةً بني عَمِّي، كأَنهم عَوالي الرِّماحِ،
ومُرْتَثَّةً شيخَ بني جُشَمٍ؟ أَرادت: أَنه مذ أَسَنَّ وقَرُبَ من الموت
وضَعُف، فهو بمنزلة مَن ؛حُمِلَ من المَعْركة، وقد أَثْبَتَتْه الجراحُ
لضَعْفِه.
وفي حديث كعب بن مالك: أَنه ارْتُثَّ يومَ أُحُدٍ، فجاءَ به الزبيرُ
يَقُود بزِمام راحلته؛ الارْتثاثُ: أَن يُحْمَلَ الجريحُ من المَعْركة، وهو
ضعيف قد أَثْخَنَتْه الجِراح.
والرَّثِيث أَيضاً: الجريح، كالمُرْتَثِّ. وفي حديث زيد بن صُوحانَ:
أَنه ارْتُثَّ يوم الجَمل، وبه رَمَقٌ. وفي حديث أُم سلمة: فرآني
مُرْتَثَّةً أَي ساقطةً ضعيفة؛ وأَصلُ اللفظة من الرَّثِّ: الثوب الخَلَق.
والمُرْتَثُّ، مُفْتَعِل، منه. وارْتَثَّ بنو فلانٍ ناقةً لهم أَو شاةً: نَحَروها
من الهُزال.
والرِّثَّة: المرأَة الحَمقاءُ.
سهك: السَّهَكُ: ريح كريهة تجدها من الإنسان إذا عَرِقَ، تقول: إنه
لَسَهِكُ الريح، وقد سَهِكَ سَهَكاً، وهو سَهِكٌ؛ قال النابغة:
سهَكِينَ من صَدَإِ الحديد كأنهم،
تَحْتَ السَّنَوَّرِ، جِنَّةُ البَقَّارِ
(* قوله «جنة البقار» تقدم انشاده في س ن ر: جبة البقاربالباء بدل النون
وبضم الجيم بدل كسرها، وهو تحريف والصواب ما هنا جمع جنِّي. والبقار:
اسم موضع كما في الديوان. وفي ياقوت: وقنة البقار، بضم القاف: جبيل لبني
أسد، وينشد تحت السنور قنة البقار. ورواية البيت هنا تتفق وروايته في ديوان
النابغة).
ولولا لبسهم الدروع التي صَدِئَتْ ما وصفهم بالسَّهَكِ. والسَّهْكُ
والسَّهَكَةُ: قبحُ رائحة اللحم إذا خَنِزَ. وسَهكَتِ الريحُ، وسَهَكَتِ
الدابةُ سُهُوكاً: جَوَتْ جَرْياً خفيفاً، وقيل سمعوكُها استِنانِها يميناً
وشمالاً، وأساهيكها ضُروب جريها واستِنانُها يميناً وشمالاً، وأساهيكها
ضُروب جديها واستِنانِها، أَنشد ثعلب:
أَذْرَى أَساهِيكَ عَتِيقٍ أَلَّ
أَراد ذي أَلٍّ وهو السرعة، وإن شئت قلت إنه وصفه بالمصدر. والمَسْهكُ:
مَمَرُّ الريح. وفرس مَسْهَكٌ أي سريع الجري. الجوهري: والسَّهَكُ،
بالتحريك، ريح السمك وصَدَأ الحديد. يقال: يدي من السمك وصَدَإ الحديد سَهِكة،
كما يقال يدي من اللبن والزُّبْد وَضِرةٌ، ومن اللحم غَمِرة.
وسَهْوَكْتُه فَتَسَهْوَك أَي أَدبر وهلك.
وسَهَكه يَسْهَكه: لغة في سَحقَه. وسَهَك الشيء يَسْهَكه سَهْكاً:
سَحقه، وقيل: السَّهْك الكَسْر والسَّحْق بعد السَّهْك. وسَهَكَتِ الريحُ
الترابَ عن وجه الأَرض تَسْهَكه سَهْكاً: كسحقته، وذلك التراب سَيْهَكٌ.
ويقال: سَهَكَتِ الريحُ إذا أَطارتْ ترابَها؛ قال الكُمَيْت:
رَماداً أَطارَتْهُ السَّواهِكُ رِمْدَدا
وريح ساهِكة وسَهُوك وسَيْهَكٌ وسَيْهُوكٌ وسَهُوج وسَيْهجٌ وسَيْهُوجٌ
ومَسْهَكة: عاصف قاشرة شديدة المرور؛ وأَنشد:
بساهكاتِ دُقَقٍ وجَلْجال
وقال النَّمِر بن تَوْلَبٍ:
وبَوارحُ الأَرْواحِ كلَّ عَشِيَّةٍ،
هَيْفٌ تَرُوحُ وسَيْهَكٌ تَجْرِي
وسَهَكَتِ الريح أَي مَرَّتْ مَرّاً شديداً، والمَسْهكةُ: مَمَرُّها؛
قال أَبو كَبير الهُذَليّ:
ومَعابِلاً صُلْعَ الظُّباتِ، كأَنها
جَمْرٌ بمَسْهَكَةٍ تُشَبُّ لمُصْطَلي
وفي الصحاح: بمعابل صلع الظباتِ. وبعَيْنِه ساهكٌ مثلُ العائر أَي رَمَد
وحكة، ولا فعل له إنما هو من باب الكاهل والغارب. وخَطيب سَهَّاك: بليغ؛
عن كراع. والسَّهُوكُ: العُقابُ. والسَّهْوَكَة: الصَّرْعُ، وقد
تَسَهْوَكَ. وفي النوادر: يقال سُهاكَةٌ من خَبَرٍ وَلُهاوَة أَي تَعِلَّة
كالكَذِب. وتقول: سَهَكْتُ العِطْرَ ثم سَحَقْتُه، فالسَّهْكُ كسرك إياه
بالفِهْر ثم تَسْحَقه؛ وقول الأَعشى:
وحَثَثْنَ الجِمالَ، يَسْهَكن بالبا
غِزِ والأُرْجُوانِ خَمْلَ القَطيفِ
أَراد أَنهن يطأن خَمْلَ القطائف حتى يَتَحات الخَمْلُ.
رقص: الرَّقْصُ والرَّقَصانُ: الخَبَبُ، وفي التهذيب: ضَرْبٌ من
الخَبَب، وهو مصدر رَقَصَ يَرْقُص رَقْصاً؛ عن سيبويه، وأَرْقَصَه. ورجل
مِرْقَصٌ: كثير الخبب؛ أَنشد ثعلب لغادية الدبيرية:
وزاغ بالسَّوْطِ عَلَنْدىً مِرْقَصا
ورَقَصَ اللَّعَّابُ يَرْقُص رَقْصاً، فهو رقَّاصٌ. قال ابن بري: قال
ابن دريد يقال رَقَصَ يَرْقُص رَقَصاً، وهو أَحد المصادر التي جاءت على
فَعَلَ فَعَلاً نحو طَرَدَ طَرَداً وحَلَبَ حَلَباً؛ قال حسان:
بِزُجاجةٍ رَقَصَت بما في قَعْرِها،
رَقَصَ القَلُوصِ بِراكبٍ مُسْتَعْجِلِ
وقال مالك بن عمار الفُرَيْعِيّ:
وأَدْبَرُوا، ولَهُمْ من فَوْقِها رَقَصٌ،
والموتُ يَخْطُرُ، والأَرْواحُ تَبْتَدِرُ
وقال أَوس:
نَفْسي الفِداءُ لِمَنْ أَدّاكُمُ رَقَصاً،
تَدْمَى حَراقِفُكم في مَشْيِكم صَكَكُ
وقال المساور:
وإِذا دَعا الداعِي عَلَيّ رَقَصتُمُ
رَقَصَ الخَنافِس من شِعابِ الأَخْرَم
وقال الأَخطل:
وقَيْس عَيْلانَ حتى أَقْبَلُوا رَقَصاً،
فبايَعُوك جِهاراً بَعدما كَفَرُوا
ورَقَصَ السَّرابُ والحَبابُ: اضطرب. والراكب يُرقِصُ بَعِيرَهُ:
يُنَزِّيه ويَحْمِلُه على الخَبَبِ، وقد أَرْقَصَ بَعِيرَه. ولا يقال يَرْقُص
إِلا لِلأعِب والإِبلِ، وما سوى ذلك فإِنه يقال: يَقْفِزُ ويَنْقُزُ،
والعرب تقول: رَقَصَ البعيرُ يَرْقُصُ رَقَصاً، مُحرك القاف، إِذا أَسرع في
سيره؛ قال أَبو وجزة:
فما أَرَدْنا بها مِنْ خَلَّةٍ بدَلاً،
ولا بها رَقَصَ الواشِين نَسْتَمِعُ
أَراد: إِسراعهم في هَتِّ النَّمائم. ويقال للبعير إِذا رَقَصَ في
عَدْوِه: قد الْتَبَطَ وما أَشدَّ لَبْطَتَه. وأَرْقَصَت المرأَة صبِيَّها
ورَقَّصَته: نَزَّتْه. وارْتَقَصَ السِّعْرُ: غلا؛ حكاها أَبو عبيد. ورَقَصَ
الشرابُ: أَخَذَ في الغَلَيَانِ. التهذيب: والشرابُ يَرْقُصُ، والنبِيذُ
إِذا جاشَ رَقَصَ؛ قال حسان:
بِزُجاجةٍ رقَصَتْ بما في قَعْرِها،
رَقَصَ القَلُوصِ براكبٍ مُسْتَعْجِل
وقال لَبِيد في السراب:
فبِتِلْكَ إِذ رَقَصَ اللوامِعُ بالضُّحَى
قال أَبو بكر: والرَّقَصُ في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أَرْقَصَ
القومُ في سَيْرِهم إِذا كانوا يَرْتَفِعُون ويَنْخَفِضُون؛ قال الراعي:
وإِذا ترَقَّصَت المَفازةُ غادَرَتْ
رَبِذاً يُبَغِّلُ خَلْفَها تَبْغِيلا
معنى تَرَقَّصَت ارتفعت وانخفضت وإِنما يرفعها ويخفضها السرابُ:
والرَّبِذُ: السريعُ الخفيف، واللّه أَعلم.
طبخ: الطَّبْخُ: إنضاج اللحم وغيره اشتواء واقتداراً. طبخَ القِدْرَ
واللحمَ يطبُخُهُ ويَطبخُه طَبخاً واطَّبخه؛ الأَخيرة عن سيبويه، فانطبخ
واطَّبَخ أَي اتخذ طبيخاً، افتعل، ويكون الاطّباخ اشتواء واقتداراً. يقال:
هذه خبزة جيدة الطبخ، وآجُرَّة جيدة الطبخ.
وطابِخَةُ: لقب عامر بن الياس بن مضر، لقبه بذلك أَبوه حين طبخ الضَّب،
وذلك أَن باه بعثه في بغاء شيء فوجد أَرنباً
(* هكذا بالأصل) فطبخها
وتشاغل بها عنه فسمي طابخة. وتميمُ بنُ مرّ ومزينة وضبة بنو أَدّ بن طابخة
بن خِندِف، وكأَنه إِنما أَثبت الهاء في طابخة للمبالغة.
والمطبخ: الموضع الذي يطبخ فيه؛ وفي التهذيب: المَطَبخ بيت الطَّباخ،
والمِطبخ، بكسر الميم؛ قال سيبويه: ليس على الفعل مكاناً ولا مصدراً ولكنه
اسم كالمربد. والمِطْبخ آلة الطبخ.
والطَّبَّاخ: معالج الطبخ وحرفته الطِّباخة؛ وقد يكون الطبخ في القرص
والحنطة. ويقال: أَتقدروُنَ أَم تشوُون؟ وهذا مُطَّبَخ القوم ومُشْتواهم.
ويقال: اطَّبِخُوا لنا قُرصاً. وفي حديث جابر: فاطَّبخنا هو افتعلنا من
الطبخ فقلبت التاء لأَجل الطاء قبلها.
والاطّباخ: مخصوص بمن يطبخ لنفسه، والطبخ عام لنفسه ولغيره.
والطِّبْخُ: اللحمُ المطبوخ. والطبيخ: كالقدير، وقيل: القدير ما كان
بِفِحىً وتوابِلَ، والطبيخ: ما لم يفَحَّ.
واطَّبَخنا: اتخذنا طبيخاً؛ وهذا مُطَّبَخ القوم وهذا مُشْتواهم.
والطُّباخَة: الفُوارَة، وهو ما فار من رغوة القِدر إِذا طبخ فيها.
وطبُاخَة كل شيء: عصارته المأْخوذة منه بعد طَبْخِه كعصارة البَقَّمِ ونحوه.
التهذيب: الطُّباخَة ما تحتاج إِليه مما يُطبَخ نحو البَقَّمِ تأَخذ
طُباخَتَه للصبغ وتطرح سائره؛ وقول الشاعر:
والله لولا أَن تَحُشَّ الطُّبَّخُ
بِيَ الجَحِيمَ، حيث لا مُسْتَصْرَخُ
يعني بالطُّبَّخ الملائكة الموكلين بالعذاب يعني عذاب الكفار،
والطُّبَّخ جمع طابخ.
والطبيخ: ضرب من الأَشربة؛ ابن سيده: والطبيخ ضرب من المُنَصَّف.
وطَبَخ الحَرُّ الثمر: اءنضجه؛ ومنه قول أَبي حَثْمة قي صفة التمر:
تُحفةُ الصائم وتَعِلَّةُ الصبيِّ ونُزُلُ مريمَ، عليها السلام، وتُطبَخُ ولا
تُعَنِّي صاحبهَا.
وطبائخ الحر: سمائمها في الهواجر، واحدتها طبيخة؛ قال الطرماح:
ومستأْنس بالقَفرِ، باتت تلُفُّه
طبائخُ حرٍّ، وقعُهُنَّ سَفُوعُ
والطابخة: الهاجرة. والصابخُ: الحمَّى الصالِبُ.
والطّبَاخُ: القوَّة. ورجل ليس به طباخ أَي ليس به قوّة ولا سِمن، ووجد
بخط الأَزهري طُباخ، بضم الطاء، ووجد بخط الإِيادي طَباخ، بفتح الطاء؛
قال حسان بن ثابت:
المالُ يَغْشَى رجالاً لا طَباخَ بهم،
كالسَّيل يَغْشَى أُصولَ الدِّندِن البالي
ومعناه: لا عقل لهم. والدِّنْدِنُ: ما بلي وعفِنَ من أُصول الشجر،
الواحدة دِنْدِنَة، و قد جاء هذا البيت في شعر لِحَيَّةَ بن خلف الطائي يخاطب
امرأَة من بني شمحَى بن جرم يقال لها أَْسماءُ، وكانت تقول ما لِحَيَّة
مال فقال مجاوباً لها:
تقول أَسماء لما جئت خاطبها:
يا حيُّ ما أَرَبي إِلاَّ لذي مالِ
أَسماءُ لا تفعليها، رُبّ ذي إِبل
يغشى الفَواحش، لا عَفّ ولا نال
الفقر يزري بأَقوام ذوي حسب،
وقد يسوّد، غيرَ السيد، المالُ
(* في هذا البيت إقواء)
والمال يغشى أُناساً، لا طَبَاخ لهم،
كالسيل يغشى أُصول الدِّندِن البالي
أَصون عرضي بمالي لا أُدنسه،
لا بارك الله بعد العرض في المال
أَحتال للمال، إِن أَودى، فأَكسبه
ولست للعرض، إن أودى، بمخنال
قوله نال من النوال وأَصله نَوِلَ مثل قولهم كبش صافٍ وأَصله صَوِفٌ؛
وفي حديث ابن المسيب: ووقعت الثالثة فلم ترتفع، وفي الناس طباخ: أَصل
الطباخ القوّة والسمن ثم استعمل في غيره، فقيل: لا طباخ له أَي لا عقل له ولا
خير عنده؛ أَراد أَنها لم تبق في الناس من الصحابة أَحداً؛ وعليه يبنى
حديث الأَطبخ الذي ضرب أُمّه عند من رواه بالخاء. وفي الحديث: إِذا أَراد
الله بعبد سوءاً جعل ماله في الطبيخين؛ قيل: هما الجص والآجرّ، فعيل بمعنى
مفعول. وامرأَة طباخية مثل علانية: شابة ممتلئة مكتنزة اللحم؛ قال
الأَعشى:
عبْهَرةُ الخَلْقِ طَباخِيَّةٌ،
تَزينه بالخُلُق الطاهر
(* قوله «طباخية» في خط المؤلف بتشديد الياء وان كان ما قبله يقتضي
التخفيف، وفي القاموس ككراهية وغرابية، بتشديد الياء ففيه التخفيف
والتشديد).ويروى لُباخِيَّة. وقيل: امرأَة طباخية عاقلة مليحة، وفي كلامه طُباخ
إِذا كان محكماً.
والمُطَبَّخُ: الشابُّ الممتلئ؛ ابن الأَعرابي: يقال للصبي إِذا ولد:
رضيع وطفل ثم فطيم ثم دارِجٌ ثم جَفْر ثم يافع ثم شَدَخ ثم مطبخ ثم
كوكب.وطبَّخ: ترعرع وعقل.
ابن سيده: والمُطبِّخ، بكسر الباء مشدّدة: من أَولاد الضأْن أَملأُ ما
يكون؛ وقيل: هو الذي كاد يلحق بأَبيه وأَوّله حِسْل ثم غَيْداق ثم
مُطَبِّخٌ ثم خُضَرِم ثم ضبّ.
وقد طَبَّخَ الحِسلُ تطبيخاً: كبر.
ورجل طبْخَةُ: أَحمق، والمعروف طيخة.
والأَطبخ: المستحكم الحمق كالطبخة بيِّن الطبَخ. وفي الحديث: كان في
الحي رجل له زوجة وأُم ضعيفة فشكت زوجتُه إِليه أُمه فقام الأَطبخ إِلى أُمه
فأَلقاها في الوادي؛ حكاه الهروي في الغريبين.
والطِّبِّيخُ بلغة أَهل الحجاز: البطيخ، وقيده أَبو بكر بفتح الطاء.
فعل: الفِعل: كناية عن كل عمل متعدٍّ أَو غير متعدٍّ، فَعَل يَفْعَل
فَعْلاً وفِعْلاً، فالاسم مكسور والمصدر مفتوح، وفَعَله وبه، والاسم
الفِعْل، والجمع الفِعال مثل قِدْح وقِداح وبِئر وبِئار، وقيل: فَعَله يَفْعَله
فِعْلاً مصدر، ولا نظير له إِلا سَحَره يَسْحَره سِحْراً، وقد جاء خَدَع
يَخْدَع خَدْعاً وخِدْعاً، وصَرَع صَرْعاً وصِرْعاً، والفَعْل بالفتح
مصدر فَعَل يَفْعَل، وقد قرأَ بعضهم: وأَوحينا إِليهم فَعْلَ الخيرات، وقوله
تعالى في قصة موسى، عليه السلام: وفَعَلْتَ فَعْلَتَك التي فَعَلْت؛
أَراد المرة الواحدة كأَنه قال قَتَلْت النفس قَتْلَتَك، وقرأَ الشعبي
فِعْلَتَك، بكسر الفاء، على معنى وقَتَلْت القِتْلة التي قد عرفتها لأَنه
قَتَله بوَكْزة؛ هذا عن الزجاج، قال: والأَول أَجود. والفَعال أَيضاً مصدر
مثل ذَهَب ذَهاباً، والفَعال، بالفتح: الكرم؛ قال هدبة:
ضَرُوب بلَحْيَيْه على عَظْم زَوْرِه،
إِذا القوم هَشُّوا للفَعال تَقَنَّعا
قال الليث: والفَعال اسم للفِعْل الحسن من الجود والكرَم ونحوه. ابن
الأَعرابي: والفَعال فِعْل الواحد خاصة في الخير والشر. يقال: فلان كريم
الفَعال وفلان لئيم الفَعال، قال: والفِعال، بكسر الفاء، إِذا كان الفعل بين
الاثنين؛ قال الأَزهري: وهذا هو الصواب ولا أَدري لمَ قَصَر الليثُ
الفَعال على الحسَن دون القبيح، وقال المبرد: الفَعال يكون في المدْح
والذمِّ، قال: وهو مُخَلَّص لفاعل واحد، فإِذا كان من فاعِلَين فهو فِعال، قال:
وهذا هو الجيد. وكانت منه فَعْلة حسنة أَو قبيحة، والفَعَلة صفة غالِبة
على عَمَلةِ الطين والحفر ونحوهما لأَنهم يَفْعَلون؛ قال ابن الأَعرابي:
والنَّجَّار يقال له فاعل.
قال النحويون: المفعولات على وُجوه في باب النحو: فمفعول به كقولك
أَكرمت زيداً وأَعَنْت عمراً وما أَشبهه، ومفعول له كقولك فَعَلْت ذلك حِذارَ
غضبك، ويسمى هذا مفعولاً من أَجلٍ أَيضاً، ومفعول فيه وهو على وجهين:
أَحدهما الحال، والآخر في الظروف، فأَما الظَّرْف فكقولك نِمْت البيتَ وفي
البيت، وأَما الحال فكقولك ضرب فلان راكباً أَي في حال رُكوبه، ومفعول
عليه كقولك عَلَوْت السطحَ ورَقِيت الدرَجة، ومفعول بلا صِلةٍ وهو المصدر
ويكون ذلك في الفعل اللازم والواقع كقولك حفِظْت حِفْظاً وفَهِمْت
فَهْماً، واللازم كقولك انكسر انكساراً، والعرب تشتقُّ من الفعْل المُثُلَ
للأَبنية التي جاءت عن العرب مثل فُعالة وفَعُولة وأُفْعُول ومِفْعِيل
وفِعْليل وفُعْلول وفِعْوَلّ وفِعَّل وفُعُلّ وفُعْلة ومُفْعَنْلِل وفَعِيل
وفِعْيَل. وكنى ابن جني بالتَّفْعِيل عن تَقْطِيع البيت الشعريِّ لأَنه إِنما
يَزِنه بأَجزاء مادَّتها كلها «فعل» كقولك فَعُولن مَفاعِيلن وفاعِلانن
فاعِلن ومُسْتَفْعِلن فاعِلن وغير ذلك من ضُروب مقطَّعات الشعر؛
وفاعِليَّان: مثال صيغ لبعض ضُروب مربَّعِ الرَّمَل كقوله:
يا خليليَّ ارْبَعا، فاسْـ
ـتَنْطِقا رَسْماً بِعُسْفان
فقوله مَنْ بِعُسْفانْ فاعِليَّان.
ويقال: شعر مُفْتَعَل إِذا ابتَدعه قائله ولم يَحْذُه على مِثالٍ
تَقدَّمه فيه مَنْ قَبْلَه، وكان يقال: أَعذب الأَغاني ما افتُعِل وأَظرَفُ
الشعر ما افتُعِل؛ قال ذو الرمة:
غَرائِبُ قد عُرِفْن بكلِّ أُفْقٍ،
من الآفاق، تُفْتَعَل افْتِعالا
أَي يبتدَع بها غِناء بديع وصوت محدَث. ويقال لكل شيء يسوَّى على غير
مِثال تقدَّمه: مُفْتَعَل؛ ومنه قول لبيد:
فرَمَيْت القوم رَشْقاً صائِباً،
ليس بالعُصْل ولا بالمُفْتَعَل
وقوله تعالى: والذين هم للزكاة فاعِلون؛ قال الزجاج: معناه مُؤتون.
وفِعال الفَأْس والقَدُوم والمِطْرَقة: نِصابها؛ قال ابن مقبل:
وتَهْوِي، إِذا العِيسُ العِتاق تَفاضَلَتْ،
هُوِيَّ قَدُومِ القَيْن حال فِعالها
يعني نِصابَها وهو العَمُود الذي يجعل في خُرْتِها يعمَل به؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
أَتَتْه، وهي جانِحة يداها
جُنوحَ الهِبْرقِيِّ على الفِعال
قال ابن بري: الفَعال مفتوح أَبداً إِلاَّ الفِعال لخشبة الفأْس فإِنها
مكسورة الفاء، يقال: يا بابوسُ أَوْلِج الفِعال في خُرْت الحَدَثان،
والحَدَثان الفَأْس التي لها رأْس واحدة. والفِعال أَيضاً: مصدر فاعَل.
والفَعِلة: العادة. والفَعْل: كناية عن حَياء الناقة وغيرها من الإِناث.
وقال ابن الأَعرابي: سئل الدُّبَيْريُّ عن جُرْحه فقال أَرَّقَني وجاء
بالمُفْتَعَل أَي جاء بأَمر عظيم، قيل له: أَتَقولُه في كل شيء؟ قال: نعم
أَقول جاء مالُ فلان بالمُفْتَعَل، وجاء بالمُفْتَعَل من الخطإِ، ويقال:
عَذَّبني وجَع أَسْهرَني فجاء بالمُفْتَعَل إِذا عانى منه أَلماً لم
يعهَد مثله فيما مضى له. ابن الأَعرابي: افْتَعل فلان حديثاً إِذا اخْتَرقه؛
وأَنشد:
ذكْر شيءٍ، يا سُلَيْمى، قد مَضى،
وَوُشاة ينطِقون المُفْتَعَل
وافْتَعل عليه كذباً وزُوراً أَي اختلَق. وفَعَلْت الشيء فانْفَعَل:
كقولك كسَرْته فانكسَر. وفَعالِ: قد جاء بمعنى افْعَلْ وجاء بمعنى فاعِلة،
بكسر اللام.
فحم: الفَحْم والفَحَم، معروف مثل نَهْر ونَهَر: الجمر الطافئ. وفي
المثل: لو كنت أنْفُخ في فَحَم أي لو كنت أعمل في عائدة؛ قال الأغلب
العجلي:هل غَيْرُ غارٍ هَدَّ غاراً فانْهَدَمْ؟
قد قاتَلُوا لو يَنْفُخُون في فَحَمْ،
وصَبَروا لو صَبَرُوا على أَمَمْ
يقول: لو كان قتالهم يغني شيئاً ولكنه لا يغني، فكان كالذي ينفخ نارً
ولا فحم ولا حطب فلا تتقد النار؛ يضرب هذا المثل للرجل يمارس أمراً لا
يُجدي عليه، واحدته فَحْمة وفَحَمة. والفَحِيم: كالفَحْم؛ قال امرؤ
القيس:وإذْ هِيَ سَوْداءُ مثل الفَحِيم،
تُغَشِّي المَطانِبَ والمَنْكِبا
وقد يجوز أن يكون الفَحِيم جمع فَحْم كعبْد وعَبِيد، وإن قلّ ذلك في
الأجناس، ونظير مَعْز ومَعِيز وضَأْن وضَئِين.
وفَحْمة الليل: أوّله، وقيل: أشدّ سواد في أوّله، وقيل: أشدّه سواداً،
وقيل: فحمته ما بين غروب الشمس إلى نوم الناس، سميت بذلك لحرّها لأن أوّل
الليل أَحرّ من آخره ولا تكون الفحمة في الشتاء، وجمعها فِحام وفُحوم مثل
مَأْنة ومُؤون؛ قال كثيِّر:
تُنازِعُ أشْرافَ الإكامِ مَطِيَّتي،
مِن الليل، شَيحاناً شَدِيداً فُحومُها
ويجوز أن يكون فُحومها سوادها كأنه مصدر فَحُم. والفَحْمة: الشراب في
جميع هذه الأوقات المذكورة. الأزهري: ولا يقال للشراب فحمة كما يقال
لِلجاشِرِيَّةِ والصَّبُوح والغَبُوق والقَيْل. وأَفْحِمُوا عنكم من الليل
وفَحِّمُوا أي لا تسيروا حتى تذهب فَحمته، والتفحيم مثله. وانطلقنا فَحْمةَ
السَّحَر أي حينه. وفي الحديث: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: ضُموا
فَواشِيَكم حتى تذهب فحمة الشتاء؛ والفَواشي: ما انتشر من المال والإبل
والغنم وغيرها. وفَحْمة العِشاء: شدة سواد الليل وظلمتِه، وإنما يكون ذلك
في أوّله حتى إذا سكن فَوْرُه قَلَّت ظُلمته. قال ابن بري: حكى حمزة بن
الحسن الأصبهاني أن أبا المفضل قال: أخبرنا أبو معمر عبد الوارث قال كنا
بباب بكر بن حبيب فقال عيسى بن عمر في عرض كلام له قَحْمة العِشاء، فقلنا:
لعله فحمة العشاء، فقال: هي قحمة، بالقاف، لا يختلف فيها، فدخلنا على
بكر بن حبيب فحكيناها له فقال: هي فحمة العشاء، بالفاء لا غير، أي فَورته.
وفي الحديث: اكْفِتوا صبيانكم حتى تذهب فحمة العشاء؛ هي إقباله وأول
سواده، قال: ويقال للظُّلمة التي بين صلاتي العشاء الفحمة، والتي بين العتمة
والغداة العَسْعَسَةُ.
ويقال: فَحِّموا عن العشاء؛ يقول: لا تَسِيروا في أوله حين تَفُور
الظُّلمة ولكن امْهَلوا حتى تَسْكن وتَعتدل الظلمة ثم سيروا؛ وقال
لَبيد:واضْبِطِ الليلَ، إذا طالَ السُّرى
وتَدَجَّى بَعْدَ فَوْرٍ، واعْتَدَلْ
وجاءنا فَحْمةَ ابن جُمَيْرٍ إذا جاء نصف الليل؛ أَنشد ابن الكلبي:
عِنْدَ دَيْجورِ فَحْمةِ ابن جُمَيْرٍ
طَرَقَتْنا، والليلُ داجٍ بَهِيمُ
والفاحِمُ من كل شيء: الأَسود بَيِّن الفُحومة، ويُبالَغ فيه فيقال:
أَسود فاحم. وشَعر فَحِيم: أَسود، وقد فَحُم فُحوماً. وشعر فاحِم وقد فَحُم
فُحُومة: وهو الأَسود الحسن؛ وأَنشد:
مُبَتَّلة هَيْفاء رُؤْد شَبابُها،
لَها مُقْلَتا رِيمٍ وأَسْودُ فاحِمُ
وفَحَّم وجهه تفحيماً: سوَّده.
والمُفْحَم: العَييُّ. والمفْحَم: الذي لا يقول الشعر. وأفْحَمه الهمُّ
أو غيره: منعه من قول الشعر. وهاجاه فأَفْحَمه: صادفه مُفْحَماً. وكلَّمه
فَفَحَم: لم يُطق جواباً. وكلمته حتى أَفْحَمْته إذا أَسكتَّه في خصومة
أو غيرها. وأَفْحَمْته أي وجدته مُفْحَماً لا يقول الشعر. يقال:
هاجَيْناكم فما أَفْحَمْناكم. قال ابن بري: يقال هاجيته فأَفْحَمْته بمعنى
أََسكتُّه، قال: ويجيء أَفحمته بمعنى صادفته مُفحَماً، تقول: هَجَوته فأَفحمته
أي صادفته مفحماً، قال: ولا يجوز في هذا هاجيته لأن المهاجاة تكون من
اثنين، وإذا صادفه مُفْحَماً لم يكن منه هجاء، فإذا قلت فما أَفحمناكم بمعنى
ما أَسكتناكم جاز كقول عمرو بن معد يكرب: وهاجيناكم فما أفحمناكم أي فما
أَسكتناكم عن الجواب. وفي حديث عائشة مع زينب بنت جحش: فلم أَلبث أن
أَفْحَمْتها أي أَسكتُّها. وشاعر مُفْحَم: لا يجيب مُهاجِيه؛ وقول
الأخطل:وانزِعْ إلَيْكَ، فإنَّني لا جاهلٌ
بَكِمٌ، ولا أنا، إنْ نَطَقْتُ، فَحُوم
قال ابن سيده: قيل في تفسيره فَحُوم مُفْحَم، قال: ولا أدري ما هذا إلاّ
أن يكون توهّم حذف الزيادة فجعله كرَكُوب وحَلُوب، أو يكون أراد به
فاعلاً من فَحَم إذا لم يُطق جواباً، قال: ويقال للذي لا يتكلم أصلاً فاحِم.
وفَحَم الصبيُّ، بالفتح، يَفْحَم، وفَحِمَ فَحْماً وفُحاماً وفُحوماً
وفُحِمَ وأُفْحِمَ كل ذلك إذا بكى حتى ينقطع نفَسُه وصوته. الليث: كلمني
فلان فأَفْحَمته إذا لم يُطق جوابك؛ قال أبو منصور: كأَنه شبه بالذي يبكي
حتى ينقطع نفَسه. وفَحَم الكبشُ وفَحِمَ، فهو فاحِم وفَحِمٌ: صاح. وثَغا
الكبْشُ حتى فَحِمَ أي صار في صوته بحُوحة.
ذرع: الذِّراعُ: ما بين طرَف المِرْفق إِلى طرَفِ الإِصْبَع الوُسْطى،
أُنثى وقد تذكَّر. وقال سيبويه: سأَلت الخليل عن ذراع فقال: ذِراع كثير في
تسميتهم به المذكر ويُمَكَّن في المذكَّر فصار من أَسمائه خاصّة عندهم،
ومع هذا فإِنهم يَصِفون به المذكر فتقول: هذا ثوب ذراع، فقد يُمَكَّنُ
هذا الاسم في المذكر، ولهذا إِذا سمي الرجل بذراع صُرف في المعرفة والنكرة
لأَنه مذكر سمي به مذكر، ولم يعرف الأَصمعي التذكير في الذراع، والجمع
أَذْرُعٌ؛ وقال يصف قوساً عَربية:
أَرْمِي عليها، وهْيَ فَرْعٌ أَجْمَعُ،
وهْيَ ثَلاثُ أَذْرُعٍ وإِصْبَعُ
قال سيبويه: كسّروه على هذا البناء حين كان مؤنثاً يعني أَن فَعالاً
وفِعالاً وفَعِيلاً من المؤنث حُكْمُه أَن يُكسَّر على أَفْعُل ولم
يُكسِّروا ذِراعاً على غير أَفْعُل كما فَعَلوا ذلك في الأَكُفِّ؛ قال ابن بري:
الذراع عند سيبويه مؤنثة لا غير؛ وأَنشد لمِرْداس ابن حُصَين:
قَصَرْتُ له القبيلةَ إِذ تَجَِهْنا،
وما دانَتْ بِشِدَّتِها ذِراعي
وفي حديث عائشةَ وزَينبَ: قالت زينبُ لرسول الله، صلى الله عليه وسلم:
حَسْبُك إِذ قَلبَتْ لك ابنة أَبي قُحافةَ ذُرَيِّعَتَيْها؛ الذُّرَيِّعةُ
تصغير الذراع ولُحوق الهاء فيها لكونها مؤنثة، ثم ثَنَّتْها مصغرة
وأَرادت به ساعدَيْها. وقولهم: الثوب سبع في ثمانية، إِنما قالوا سبع لأَن
الذراع مؤنثة، وجمعها أَذرع لا غير، وتقول: هذه ذراع، وإِنما قالوا ثمانية
لأَن الأَشبار مذكرة. والذِّراع من يَدَيِ البعير: فوق الوظيفِ، وكذلك من
الخيل والبغال والحمير. والذِّراعُ من أَيدي البقر والغنم فوق الكُراع.
قال الليث: الذراع اسم جامع في كل ما يسمى يداً من الرُّوحانِيين ذوي
الأَبدان، والذِّراعُ والساعد واحد. وذَرَّع الرجلُ: رَفَعَ ذِراعَيْه
مُنذراً أَو مبشراً؛ قال:
تُؤَمِّل أَنفالَ الخمِيس وقد رَأتْ
سَوابِقَ خَيْلٍ، لم يُذَرِّعْ بَشيرُها
يقال للبشير إِذا أَوْمَأَ بيده: قد ذَرَّع البَشيرُ.
وأَذْرَع في الكلام وتذَرَّع: أَكثر وأَفْرَط. والإِذْراعُ: كثرةُ
الكلامِ والإِفْراطُ فيه، وكذلك التَّذَرُّع. قال ابن سيده: وأَرى أَصله من
مدّ الذِّراع لأَن المُكْثِر قد يفعل ذلك. وثور مُذَرَّع: في أَكارِعه
لُمَع سُود. وحمار مُذَرَّع: لمكان الرَّقْمةِ في ذِراعه. والمُذَرَّعُ: الذي
أُمه عربية وأَبوه غير عربي؛ قال:
إِذا باهليٌّ عنده حَنْظَلِيَّةٌ،
لها وَلَدٌ منه، فذاك المُذَرَّعُ
وقيل: المُذَرَّع من الناس، بفتح الراء، الذي أُمه أَشرف من أَبيه،
والهجين الذي أَبوه عربيّ وأُمه أَمة؛ قال ابن قيس العدوي:
إِنَّ المُذَرَّعَ لا تُعْنَى خُؤُولَتُه،
كالبَغْلِ يَعْجِزُ عن شَوْطِ المَحاضِير
وقال آخر يهجو قوماً:
قَوْمٌ تَوارَثَ بيتَ اللُّؤْمِ أَوَّلُهم،
كما تَوارَثَ رَقْمَ الأَذْرُعِ الحُمُرُ
وإِنما سمي مُذَرَّعاً تشبيهاً بالبغل لأَنَّ في ذراعيه رَقْمتين
كرَقْمتي ذراع الحِمار نَزَع بهما إِلى الحِمار في الشبه، وأُمّ البغل أَكرم من
أَبيه.
والمُذَرَّعة: الضبع لتخطيط ذِراعَيْها، صفة غالبة؛ قال ساعدة بن جؤية:
وغُودِرَ ثاوِياً، وتَأَوَّبَتْه
مُذَرَّعةٌ أُمَيْم، لها فَلِيلُ
والضبع مّذَرَّعة بسواد في أَذْرعها، وأَسد مُذَرَّع: على ذِراعَيْه
دَمُ فَرائِسه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
قد يَهْلِكُ الأَرْقَمُ والفاعُوسُ،
والأَسَدُ المُذَرَّعُ المَنْهُوسُ
والتذْرِيع: فضل حبل القَيد يُوثَق بالذراع، اسم كالتَّنْبيت لا مصدر
كالتَّصْويت. وذُرِّعَ البعيرُ وذُرِّعَ له: قُيِّدَ في ذراعَيْه جميعاً.
يقال: ذَرَّعَ فلان لبعيره إِذا قَيَّدَه بفضل خِطامه في ذراعه، والعرب
تسميه تَذْريعاً.
وثوب مُوَشَّى الذِّراع أَي الكُمِّ، وموشَّى المَذارِع كذلك، جمع على
غير واحده كمَلامحَ ومَحاسِنَ.
والذِّراعُ: ما يُذْرَعُ به. ذَرَع الثوب وغيره يَذْرَعُه ذَرْعاً:
قدَّره بالذِّراع، فهو ذارِعٌ، وهو مَذْرُوع، وذَرْعُ كلّ شيء: قَدْرُه من
ذلك.
والتذَرُّع أَيضاً: تَقْدِير الشيء بذِراع اليد؛ قال قَيْس بن الخَطِيم:
ترى قَِصَدَ المُرّانِ تُلْقَى، كأَنَّها
تَذَرُّعُ خِرْصانٍ بأَيْدي الشَّواطِبِ
وقال الأَصمعي: تَذَرَّعَ فلان الجَرِيدَ إِذا وضَعه في ذِراعِه
فشَطَبه؛ ومنه قول قَيْس بن الخَطِيم هذا البيت، قال: والخِرْصانُ أَصلها
القُضْبان من الجَرِيد، والشَّواطِبُ جمع الشاطِبة، وهي المرأَة التي تَقْشُر
العَسِيب ثم تُلْقِيه إِلى المُنَقِّية فتأْخذ كل ما عليه بسِكِّينها حتى
تتركه رقيقاً، ثم تُلْقِيه المنقِّيةُ إِلى الشاطِبة ثانية فتَشْطُبه على
ذِراعها وتَتَذَرَّعُه، وكل قَضِيب من شجرة خِرْصٌ. وقال أَبو عبيدة:
التَّذَرُّع قدر ذِراع يَنكسر فيسقط، والتذَرُّع والقِصَدُ واحد غيره، قال:
والخِرْصان أَطراف الرماح التي تلي الأَسنَّة، الواحد خُرْص وخِرْص
وخَرْص. قال الأَزهري: وقول الأَصمعي أَشبههما بالصواب. وتَذَرَّعتِ المرأَة:
شقَّت الخُوص لتعمَل منه حَصِيراً. ابن الأَعرابي: انْذَرَع وانْذَرَأَ
ورَعَفَ واسْتَرْعَفَ إِذا تقدَّم.
والذَّرِعُ: الطويلُ اللسان بالشَّرِّ، وهو السيّار الليلَ والنهارَ.
وذَرَع البعيرَ يَذرَعُه ذَرْعاً: وَطِئه على ذِراعه ليرْكب صاحبُه.
وذَرَّعَ الرجلُ في سباحتِه تَذْرِيعاً: اتَّسَع ومدَّ ذِراعَيْه.
والتَّذْرِيعُ في المشي: تحريك الذِّراعين. وذَرَّع بيديه تَذْرِيعاً:
حرَّكهما في السعْي واستعان بهما عليه. وقيل في صفته، صلى الله عليه وسلم: إِنه
كان ذَرِيعَ المشْي أَي سريعَ المشْي واسعَ الخَطْوة؛ ومنه الحديث:
فأَكَل أَكْلاً ذَريعاً أَي سريعاً كثيراً. وذَرَع البعيرُ يَده إِذا مَدَّها
في السير. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَذْرَعَ
ذِراعَيْه من أَسفلِ الجُبّةِ إِذْراعاً؛ أَذْرَع ذِراعَيْه أَي أَخرَجهما من تحت
الجُبَّة ومدَّهما؛ ومنه الحديث الآخر: وعليه جَمَّازةٌّ فأَذْرَع منها
يده أَي أَخرجها. وتَذَرَّعَت الإِبل الماءَ: خاضَتْه بأَذْرُعِها.
ومَذارِيعُ الدابة ومَذارِعُها: قوائمها؛ قال الأَخطل:
وبالهدايا إِذا احْمَرَّت مَذارِعُها،
في يوم ذَبْح وتَشْرِيقٍ وتَنْحارِ
وقوائم ذَرِعاتٌ أَي سَريعاتٌ. وذَرِعاتُ الدابة: قوائمها؛ ومنه قول ابن
حذاق العبدي:
فأَمْستْ كَنَيْسِ الرَّمْلِ، يَغْدُو إِذا غَدَتْ،
على ذَرِعاتٍ يَعْتَلِين خُنُوسَا
أَي على قوائم يَعْتَلين من جاراهُنَّ وهنَّ يَخْنِسْنَ بَعْضَ جَرْيِهن
أَي يُبْقين منه؛ يقول لم يَبْذُلْن جميع ما عندهن من السير. ومِذْراعُ
الدابة: قائمتها تَذْرَعُ بها الأَرض، ومِذْرَعُها: ما بين ركبتها إِلى
إِبْطها، وثَور مُوَشَّى المَذارِع.
وفرس ذَروعٌ وذَرِيعٌ: سَريعٌ بَعِيدُ الخُطى بيِّن الذَّراعة. وفرس
مُذَرَّع إِذا كان سابقاً وأَصله الفرس يلحق الوَحْشيّ وفارِسُه عليه
يَطْعَنُه طَعْنة تَفُور بالدم فيُلَطِّخ ذِراعَي الفرس بذلك الدم فيكون علامة
لسَبْقِه؛ ومنه قول تميم:
خِلالَ بُيوتِ الحَيِّ مِنها مُذَرَّع
ويقال: هذه ناقة تُذارِعُ بُعْد الطريق أَي تَمُدّ باعَها وذِراعها
لتَقْطعَه، وهي تُذارِع الفلاة وتَذْرَعُها إِذا أَسْرعت فيها كأَنها
تَقِيسُها؛ قال الشاعر يصف الإِبل:
وهُنَّ يَذْرَعْن الرِّقاقَ السَّمْلَقا،
ذَرْعَ النّواطِي السُّحُل المُرَقَّقا
والنواطِي: النَّواسِجُ، الواحدة ناطيةٌ، وبعير ذَرُوعٌ. وذَارَع
صاحِبَه فذَرَعه: غَلَبه في الخَطْو. وذَرعه القَيْءُ إِذا غَلبه وسَبق إِلى
فيه. وقد أَذْرَعه الرجلُ إِذا أَخرجه. وفي الحديث: مَن ذَرَعه القَيْء فلا
قضاء عليه أَي سبَقه وغَلبه في الخُروج. والذَّرْعُ: البَدَنُ،
وأَبْطَرَني ذَرْعِي: أَبْلى بَدنِي وقطَع مَعاشي. وأَبطَرْت فلاناً ذَرْعَه أَي
كَلَّفْته أَكثر من طَوْقه. ورجل واسعُ الذَّرْع والذِّراع أَي الخُلُق،
على المثل، والذَّرْعُ: الطاقةُ. وضاقَ بالأَمر ذَرْعُه وذِراعُه أَي
ضعُقت طاقتُه ولم يجد من المكروه فيه مَخْلَصاً ولم يُطِقه ولم يَقْو عليه،
وأَصل الذرْع إِنما هو بَسْط اليد فكأَنك تريد مَدَدْت يدي إِليه فلم
تَنَلْه؛ قال حميد بن ثور يصف ذئباً:
وإِن باتَ وَحْشاً لَيْلةً لم يَضِقْ بها
ذِراعاً، ولم يُصْبحْ لها وهو خاشِعُ
وضاق به ذَرْعاً: مثل ضاق به ذِراعاً، ونَصْبَ ذرْعاً لأَنه خرج
مفسِّراً مُحَوِّلاً لأَنه كان في الأَصل ضاق ذَرْعي به، فلما حُوّل الفعل خرج
قوله ذرعاً مفسراً، ومثله طِبْت به نفساً وقَرَرْت به عَيناً، والذَّرْعُ
يوضع موضع الطاقة، والأَصل فيه أَن يَذْرَع البعير بيديه في سيره ذَرْعاً
على قدر سَعة خَطْوه، فإِذا حملته على أَكثر من طَوْقه قلت: قد
أَبْطَرْت بعيرك ذَرْعه أَي حَمَلْته من السير على أَكثر من طاقته حتى يَبْطَر
ويَمُدّ عنقه ضَعْفاً عما حُمِل عليه. ويقال: ما لي به ذَرْع ولا ذِراع أَي
ما لي به طاقة. وفي حديث ابن عوف: قَلّدوا أَمْركم رَحْب الذِّراع أَي
واسِعَ القوة والقدرة والبطش. والذرْعُ: الوُسْع والطاقة؛ ومنه الحديث:
فكَبُر في ذَرْعي أَي عظُم وقْعُه وجلَّ عندي، والحديث الآخر: فكسَر ذلك من
ذَرْعي أَي ثَبَّطَني عما أَردته؛ ومنه حديث إِبراهيم، عليه الصلاة
والسلام: أَوحى الله إِليه أَنِ ابنِ لي بَيْتاً فضاق بذلك ذَرْعاً، وجهُ
التمثيل أَن القصير الذِّراع لا ينالُ ما ينالهُ الطويل الذراع ولا يُطيق
طاقتَه، فضرب مثلاً للذي سقطت قوَّته دون بلوغ الأَمر والاقتدار عليه.
وذراعُ القَناة: صدرُها لتقدُّمه كتقدُّم الذراع. ويقال لصدر الفتاة: ذراع
العامل. ومن أَمثال العرب السائرة: هو لك على حَبْلِ الذِّراع أَي
أُعَجِّله لك نقداً، وقيل: هو مُعَدٌّ حاضر، والحبْلُ عِرْق في الذراع.
ورجل ذَرِعٌ: حَسَن العِشْرةِ والمخالَطةِ؛ ومنه قول الخَنْساء:
جَلْد جَمِيل مَخِيل بارِع ذَرِع،
وفي الحُروبِ، إِذا لاقَيْتَ، مِسْعارُ
ويقال: ذارعْتُه مذارعةً إِذا خالطته.
والذِّراع: نَجم من نُجوم الجَوْزاء على شكل الذراع؛ قال غَيْلانُ
الربعي:
غَيَّرها بَعْدِيَ مَرُّ الأَنْواءْ:
نَوءِ الذِّراعِ أَو ذِراعِ الجَوْزاءْ
وقيل: الذراعُ ذِراع الأََسد، وهما كوكبانِ نَيِّران ينزلُهما القمر.
والذِّراع: سِمةٌ في موضع الذِّراع، وهي لبني ثعلبة من أَهل اليمن وناسٍ من
بني مالك بن سعد من أَهل الرِّمال.
وذَرَّع الرجلَ تذْريعاً وذَرَّعَ له: جعل عُنقه بين ذراعه وعُنُقه
وعضُده فخنَقَه ثم استعمل في غير ذلك ما يُخْنَق به. وذَرَّعَه: قتله. وأَمْر
ذَريع: واسع. وذَرَّع بالشيء: أَقَرَّ به؛ وبه سمي المُذَرِّعُ أَحدُ
بني خَفاجةَ بن عُقَيْل، وكان قتل رجلاً من بني عَجْلان ثم أَقرَّ به
فأُقيدَ به فسمي المُذَرِّعَ.
والذَّرَعُ: ولد البقرة الوحْشِيَّة، وقيل: إِنما يكون ذَرَعاً إِذا
قَوِيَ على المشي؛ عن ابن الأَعرابي، وجمعه ذِرْعانٌ، تقول: أَذْرَعتِ
البقرةُ، فهي مُذْرِعٌ ذات ذَرَعٍ. وقال الليث: هنَّ المُذْرِعات أَي ذوات
ذِرْعانٍ.
والمَذارِعُ: النخل القريبة من البيوت. والمَذارِعُ: ما دانى المِصْر من
القرى الصِّغار. والمَذارِعُ: المَزالِفُ، وهي البلاد التي بين الريف
والبرّ كالقادِسية والأَنْبار، الواحد مِذْراعٌ. وفي حديث الحسن: كانوا
بمذراع اليمن، قال: هي القريبة من الأَمصار. ومَذارِعُ الأَرض: نَواحيها.
ومَذارِعُ الوادي: أَضْواجُه ونواحيه.
والذَّرِيعة: الوسيلة. وقد تَذَرَّع فلان بذَريعةٍ أَي توسَّل، والجمع
الذرائعُ. والذريعةُ، مثل الدَّريئة: جمل يُخْتَل به الصيْد يَمْشي
الصيَّاد إِلى جنبه فيستتر به ويرمي الصيدَ إِذا أَمكنه، وذلك الجمل يُسَيَّب
أَوَّلاً مع الوحش حتى تأْلَفَه. والذريعةُ: السبَبُ إِلى الشيء وأَصله من
ذلك الجمل. يقال: فلان ذَرِيعتي إِليك أَي سَبَبي ووُصْلَتي الذي أَتسبب
به إِليك؛ وقال أَبو وجْزةَ يصف امرأَة:
طافَت بها ذاتُ أَلْوانٍ مُشَبَّهة،
ذَرِيعةُ الجِنِّ لا تُعْطِي ولا تَدَعُ
أَراد كأَنها جنية لا يَطْمَع فيها ولا يَعْلمها في نفسها. قال ابن
الأَعرابي: سمي هذا البعير الدَّرِيئة والذَّريعة ثم جعلت الذريعةُ مثلاً لكل
شيء أَدْنى من شيء وقَرَّب منه؛ وأَنشد:
وللمَنِيَّةِ أَسْبابٌ تُقَرِّبها،
كما تُقَرِّب للوَحْشِيَّة الذُّرُع
وفي نوادر الأَعراب: أَنت ذَرَّعْت بيننا هذا وأَنت سَجَلْته؛ يريد
سَبَّبْتَه. والذَّريعةُ: حَلْقة يُتَعلَّم عليها الرَّمْي.
والذريعُ:السريعُ. وموت ذريعٌ: سريع فاشٍ لا يكاد الناس يَتدافَنُون،
وقيل: ذَريع أَي سريع. ويقال: قتلوهم أَذْرَع قتل. ورجل ذَرِيعٌ بالكتابة
أَي سريع.
والذِّراعُ والذَّراعُ، بالفتح: المرأَة الخفيفةُ اليدين بالغَزل، وقيل:
الكثيرة الغزل القويَّةُ عليه. وما أَذْرَعَها وهو من باب أَحْنَكِ
الشاتَيْن، في أَن التعجب من غير فِعل. وفي الحديث: خَيْرُكنَّ أَذْرَعُكن
للمِغْزَل أَي أَخَفُّكُنَّ به، وقيل: أَقْدَركنَّ عليه.
وزِقٌّ ذارِعٌ: كثير الأَخذ من الماء ونحوه؛ قال ثعلبة بن صُعَيْر
المازنيّ:
باكَرتُهُم بسِباء جَوْنٍ ذارِعٍ،
قَبْل الصَّباحِ، وقَبْلَ لَغْو الطائرِ
وقال عبد بن الحسحاس:
سُلافة دارٍ، لاسُلافة ذارِعٍ،
إِذا صُبَّ منه في الزُّجاجةِ أَزْبدا
والذارِعُ والمِذْرَعُ: الزِّقُّ الصغير يُسْلَخ من قِبَلِ الذِّراع،
والجمع ذَوارِعُ وهي للشراب؛ قال الأَعشى:
والشارِبُونَ، إِذا الذَّوارعُ أُغْلِيَتْ،
صَفْوَ الفِصالِ بطارِفٍ وتِلادِ
وابنُ ذارِعٍ: الكلْب. وأَذْرُعٌ وأَذْرِعات، بكسر الراء: بلد ينسب
إِليه الخمر؛ قال الشاعر:
تَنوَّرْتُها من أَذْرِعاتِ، وأَهلُها
بيَثْرِبَ أَدْنى دارِها نَظَرٌ عالي
ينشد بالكسر بغير تنوين من أَذرعاتِ، وأَما الفتح فخطأ لأَن نصب تاء
الجمع وفتحه كسر، قال: والذي أَجاز الكسر بلا صرف فلأَنه اسم لفظُه لفظُ
جماعة لواحد، والقول الجيِّد عند جميع النحويين الصرف، وهو مثل عَرفات،
والقرّاء كلهم في قوله تعالى من عَرَفاتٍ على الكسر والتنوين، وهو اسم لمكان
واحد ولفظه لفظ جمع، وقيل أَذرعات مَوضِعانِ ينسب إِليهما الخمر؛ قال
أَبو ذؤيب:
فما إِنْ رَحِيقٌ سَبَتْها التِّجا
رُ من أَذْرِعاتٍ، فَوادِي جَدَرْ
وفي الصحاح: أَذْرِعات، بكسر الراء، موضع بالشام تنسب إِليه الخمر، وهي
معروفة مصروفة مثل عرفات؛ قال سيبويه: ومن العرب من لا ينون أَذرعات،
يقول: هذه أَذرعاتُ ورأَيت أَذرعاتِ، برفع التاء وكسرها بغير تنوين. قال ابن
سيده: والنسبة إِلى أَذْرِعات أَذْرَعِيٌّ، وقال سيبويه: أَذرعات بالصرف
وغير الصرف، شبهوا التاء بهاء التأْنيث، ولم يَحْفَلوا بالحاجز لأَنه
ساكن، والساكن ليس بحاجز حَصين، إِن سأَل سائل فقال: ما تقول فيمن قال هذه
أَذرعاتُ ومسلماتُ وشبه تاء الجماعة بهاء الواحدة فلم يُنَوِّن للتعريف
والتأْنيث، فكيف يقول إِذا نكَّر أَيُنوّن أَم لا؟ فالجواب أَن التنوين مع
التنكير واجب هنا لا محالة لزوال التعريف، فأَقْصى أَحوال أَذْرِعات
إِذا نكرتها فيمن لم يصرف أَن تكون كحمزةَ إِذا نكرتها، فكما تقول هذا حمزةُ
وحمزةٌ آخر فتصرف النكرة لا غير، فكذلك تقول عندي مسلماتُ ونظرت إِلى
مسلماتٍ أُخرى فتنوّن مسلماتٍ لا محالة. وقال يعقوب: أَذْرِعات ويَذْرِعات
موضع بالشام حكاه في المبدل؛ وأَما قول الشاعر:
إِلى مَشْرَبٍ بين الذِّراعَيْن بارِد
فهما هَضْبتان. وقولهم: اقْصِدْ بذَرْعِك أَي ارْبَعْ على نَفْسك ولا
يَعْدُ بك قَدْرُك.
والذَّرَعُ، بالتحريك: الطمَعُ؛ ومنه قول الراجز:
وقد يَقُودُ الذرَعُ الوَحْشِيَّا
والمُذَرِّعُ، بكسر الراء مشددة: المطر الذي يَرْسَخ في الأَرض قدرَ
ذِراع.
هطل: الهَطل والهَطَلان: المطَر المتفرِّق
(* قوله «المطر المتفرق»
عبارة المحكم: تتابع المطر المتفرق. وقوله «وهو مطر» عبارة المحكم: وقيل هو
مطر) العظيم القطْر، وهو مطَر دائم مع سكون وضعف. وفي التهذيب: الهَطَلان
تتابع القطر المتفرِّق العِظام. والهَطْل: تَتابع المطر والدَّمْع
وسيلانُه. وهَطَلَت السماء تَهْطِل هَطْلاً وهَطَلاناً وتهْطالاً، وهَطَل المطر
يَهْطِل هَطْلاً وهَطَلاناً وتَهْطالاً، ودِيمةٌ هُطْلٌ وهَطْلاء،
فَعْلاء لا أَفْعَلَ لها، ومَطر هَطِل وهَطَّال؛ قال:
أَلَحَّ عليها كلُّ أَسْحَم هَطَّالِ
والهَطْل: المطر الضعيف الدائم، وقيل: هو الدائم ما كان. الأَصمعي:
الديمةُ مَطر يَدُوم مع سكون، والضَّرْب فوق ذلك، والهَطْل فوقه أَو مثل ذلك؛
قال امرؤ القيس:
دِيمةٌ هَطْلاءُ فيها وَطَفٌ،
طَبَقُ الأَرضِ تَحَرَّى وتَدُرُّ
قال أَبو الهيثم في قول الأَعشى مُسْبِل هَطِل: هذا نادر وإِنما يقال
هَطَلت السماء تَهْطِل هَطْلاً، فهي هاطِلة، فقال الأَعشى: هَطِل بغير
أَلف. الجوهري وغيره: سَحاب هَطِل ومطر هَطِل كثير الهَطَلان. وسحائب هُطَّل:
جمع هاطِل، وديمة هَطْلاء. قال النحويون: ولا يقال سحاب أَهْطَل ولا مطر
أَهْطَل، وقولهم هَطْلاء جاء على غير قياس، وهذا كقولهم فرس رَوْعاء وهي
الذَّكِيَّة، ولا يقال للذكر أَرْوَع، وامرأَة حَسْناء ولم يقولوا رجل
أَحْسَن. والسحاب يَهْطِل بالدموع
(* قوله «والسحاب يهطل بالدموع» هكذا في
الأصل، وعبارة التهذيب: والسحاب يهطل والعين تهطل بالدموع) وهَطَل
الدَّمْعُ، ودمعٌ هاطِل، وهَطَلت العين بالدمع تَهُْطِل. وفي الحديث: اللهم
ارْزُقْني عَيْنَيْنِ هَطَّالتين ذَرَّافَتَيْن للدموع، من هَطَل المطر
يَهْطِل إِذا تتابع؛ وهَطَل يَهْطِل هَطَلاناً: مضى لوجهه مشياً. وناقة
هَطْلى: تمشي رُوَيْداً؛ وأَنشد أَبو النجم يصف فرساً:
يَهْطِلُها الرَّكْضُ بطَيْسٍ تَهْطِلُهْ
(* قوله «يهطلها الركض» في الصاغاني: يعصرها الركض. وقوله «بطيس» في
التكملة والتهذيب: بطشّ).
أَبو عبيد: هَطَل الجريُ الفرسَ هَطْلاً إِذا أَخرج عَرَقه شيئاً بعد
شيء، قال: ويَهْطِلها الركضُ يُخرج عَرَقها. والهَطَّال: اسم فرس زيد
الخيل؛ قال:
أُقَرِّبُ مَرْبَط الهَطَّالِ، إِني
أَرى حَرْباً تَلَقَّحُ عن حِيالِ
والهَطَّال: اسم جبل؛ وقال:
على هَطَّالهم منهم بُيوتٌ،
كأَنَّ العَنْكَبوت هو ابْتَناها
والهَطْلى من الإِبل: التي تمشي رُوَيْداً؛ قال:
أَبابيل هَطْلى من مُراحٍ ومُهْمَلِ
ومشت الظِّباء هَطْلى أَي رُوَيْداً؛ وأَنشد:
تَمَشَّى بها الأَرْآمُ هَطْلى كأَنها
كَواعِبُ، ما صِيغتْ لهنّ عُقودُ
والهَطْلى: المهملة. وجاءت الإِبل هَطْلى وهَطَلى أَي متقطعة، وقيل:
هَطْلى مطلَقة ليس معها سائق. أَبو عبيدة: جاءت الخيل هَطْلى أَي خَناطِيل
جماعات في تفرقة، ليس لها واحد. وهَطَلَت الناقة تَهْطِل هَطْلاً إِذا
سارت سيراً ضعيفاً؛ وقال ذو الرمة:
جَعَلْت له من ذِكْرِ مَيٍّ تَعِلَّةً
وخَرْقاءَ، فوق الناعِجاتِ الهَواطِل
(* قوله «فوق الناعجات» هكذا في الأصل والتهذيب، وفي التكملة للصاغاني:
فوق الواسجات).
والهِطْل: المُعْيي، وخص بعضهم به البعير المُعْيي. والهَطْل: الإِعياء.
ابن الأَعرابي: الهِطْل الذئب، والهِطْل اللصُّ، والهِطْل الرجل
الأَحمق.والهَيْطَل والهَياطِل والهَياطِلة: جنس من التُّرْك أَو الهِنْد؛
قال:حَمَلْتُهم فيها مع الهَياطِلَهْ،
أَثْقِلْ بهم من تِسْعَةٍ في قافِلَهْ
والهَيْطَل: الجماعة يغزى بهم لَيْسُوا بالكثير. ويقال: الهَياطِلة
جِيلٌ من الناس كانت لهم شَوْكة وكانت لهم بلاد
(* قوله «وكانت لهم بلاد إلخ»
هكذا في الأصل، والذي في الصحاح: واتراك خلخ إلخ، وفي شرح القاموس:
طخارستان واتراك خلج والخنجية من بقاياهم اهـ. وفي ياقوت: ان طخارستان
وطخيرستان لغتان في اسم البلدة، وفيه خلج آخره جيم اسم بلد وأما خلخ وخزلخ آخره
خاء وخنجينة فلم يذكرهما) طَخَيْرِسْتان، وأَتراك خزلخ وخنجينة من
بقاياهم. وفي حديث الأَحنف: أَن الهَياطِلة لما نزلت به بَعِلَ بهم؛ قال: هم
قوم من الهِنْد، والياء زائدة كأَنه جمع هَيْطَل، والهاء لتأْكيد الجمع.
والهَيْطَل يقال: هو الثعْلب. الأَزهري: قال الليث الهَيْطَلة آنية من
صُفْر يطبخ فيها؛ قال الأَزهري: هو معرب ليس بعربي صحيح، أَصله
باتِيلَهْ.التهذيب: وتَهَطْلأْتُ وتَطَهْلأْتُ أَي وقَعْتُ
(* قوله «اي وقعت» في
التكملة: برأت من المرض).
الأَزهري في ترجمة هلط عن ابن الأَعرابي: الهالِطُ المسترخي البطن،
والهاطِل الزرع الملتفُّ.
حرس: حَرَسَ الشيء يَحْرُسُه ويَحْرِسُه حَرْساً: حفظه؛ وهم الحُرَّاسُ
والحَرَسُ والأَحْراسُ. واحْتَرس منه: تَحَرَّزَ. وتَحَرَّسْتُ من فلان
واحْتَرَسْتُ منه بمعنى أَي تحفظت منه. وفي المثل: مُحْتَرِسٌ من مثله وهو
حارِسٌ؛ يقال ذلك للرجل الذي يُؤْتَمَنُ على حفظ شيء لا يؤمن أَن يخون
فيه. قال الأَزهري: الفعل اللازم يَحْتَرِسُ كأَنه يحترز، قال: ويقال
حارسٌ وحَرَسٌ للجميع كما يقال خادِمٌ وخَدَمٌ وعاسٌّ وعَسَسٌ. والحَرَسُ:
حَرَسُ السلطان، وهم الحُرَّاسُ، الواحد حَرَسِيٌّ، لأَنه قد صار اسم جنس
فنسب إِليه، ولا تقل حارِسٌ إِلا أَن تذهب به إِلى معنى الحِراسَة دون
الجنس. وفي حديث معاوية، رضي اللَّه عنه: أَنه تناول قُصَّة شعر كانت في يد
حَرَسِيٍّ؛ الحرسي، بفتح الراءِ: واحد الحُرَّاس. والحَرَس وهم خَدَمُ
السلطان المرتبون لحفظه وحِراسَتِه.
والبناء الأَحْرَسُ: هو القديم العادِيُّ الذي أَتى عليه الحَرْس، وهو
الدهر. قال ابن سيده: وبناء أَحْرَسُ أَصم.
وحَرَسَ الإِبل والغنم يَحْرُِسها واحْتَرَسَها: سرقها ليلاً فأَكلها،
وهي الحَرائِس. وفي الحديث: أَن غِلْمَةً لحاطب بن أَبي بَلْتَعَةَ
احْتَرَسُوا ناقة لرجل فانتحروها. وقال شمر: الاحْتِراسُ أَن يؤْخذ الشيء من
المرعى، ويقال للذي يسرق الغنم: مُحْتَرِس، ويقال للشاة التي تُسْرَق:
حَرِيسَة. الجوهري: الحَريسَة الشاة تسرق ليلاً. والحَريسة: السرقة.
والحَريسَة أَيضاً: ما احْتُرِس منها. وفي الحديث: حَريسَة الجبل ليس فيها قَطْع؛
أَي ليس فيما يُحْرَس بالجبل إِذا سُرِق قطع لأَنه ليس بحرز.
والحَريسَة، فعيلة بمعنى مفعولة أَي أَن لها من يَحْرُسها ويحفظها، ومنهم من يجعل
الحَريسَة السرقة نفسها. يقال: حَرَس يَحْرِس حَرْساً إِذا سرق، فهو حارس
ومُحْتَرِس، أَي ليس فيما يُسْرَق من الجبل قطع. وفي الحديث الآخر: أَنه
سئل عن حريسة الجبل فقال: فيها غُرْم مثلها وجَلَداتٌ نكالاً فإِذا آواها
المُراح ففيها القطع. ويقال للشاة التي يدركها الليل قبل أَن تصل إِلى
مُراحِها: حَرِيسة. وفي حديث أَبي هريرة: ثمن الحَريسَة حرام لعينها أَي
أَكل المسروقة وبيعها وأَخذ ثمنها حرام كله. وفلان يأْكل الحِراساتِ إِذا
تَسَرَّق غَنَمَ الناس فأَكلها. والاحتراس أَن يُسْرَق الشيء من المرعى.
والحَرْسُ: وقت من الجهر دون الحُقْب.
والحَرْسُ: الدهر؛ قال الراجز:
في نِعْمَةٍ عِشْنا بذاك حَرْسا
والجمع أَحْرُس؛ قال:
وقَفْتُ بعَرَّافٍ على غيرِ مَوْقِف،
على رَسْمِ دارٍ قد عَفَتْ مُنذُ أَحْرُسِ
وقال امرؤ القيس:
لِمَنْ طَلَلٌ دائِرٌ آيُهُ،
تَقادَمَ في سالِف الأَحْرُسِ؟
والمُسْنَدُ: الدهر. وأَحْرَسَ بالمكان: أَقام به حَرْساً؛ قال رؤبة:
وإِرَمٌ أَحْرَسُ فوقَ عَنْزِ
العَنْز: الأَكَمَة الصغيرة. والإِرَمُ: شبه عَلَمٍ يُبْنى فوق القارَة
يستدل به على الطريق. قال الأَزهري: والعَنْزُ قارة سوداء، ويروى:
وإِرَمٌ أَعْيَسُ فوق عنز
والمِحْراسُ: سهم عظيم القدر. والحَرُوسُ: موضع. والحَرْسانِ:
الجَبَلانِ يقال لأَحدهما حَرْسُ قَسا؛ وقال:
هُمُ ضَرَبُوا عن قَرْحِها بِكَتِيبَةٍ،
كبَيْضاءِ حَرْسٍ في طَرائِفِها الرَّجْلُ
(* قوله «عن قرحها» الذي في ياقوت: عن وجهها.)
البيضاء: هَضْبَةٌ في الجَبَلِ.