Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=135273#b0d2e9
تمييز، الــتعجيز
سبق ذكره.
سبق ذكره.
عجز: العَجْزُ: نقيض الحَزْم، عَجَز عن الأَمر يَعْجِزُ وعَجِزَ عَجْزاً
فيهما؛ ورجل عَجِزٌ وعَجُزٌ: عاجِزٌ. ومَرَةٌ عاجِزٌ: عاجِزَةٌ عن
الشيء؛ عن ابن الأَعرابي. وعَجَّز فلانٌ رَأْيَ فلان إِذا نسبه إِلى خلاف
الحَزْم كأَنه نسبه إِلى العَجْز. ويقال: أَعْجَزْتُ فلاناً إِذا أَلفَيْتَه
عاجِزاً. والمَعْجِزَةُ والمَعْجَزَة: العَجْزُ. قال سيبويه: هو
المَعْجِزُ والمَعْجَزُ، بالكسر على النادر والفتح على القياس لأَنه مصدر.
والعَجْزُ: الضعف، تقول: عَجَزْتُ عن كذا أَعْجِز. وفي حديث عمر: ولا تُلِثُّوا
بدار مَعْجِزَة أَي لا تقيموا ببلدة تَعْجِزُون فيها عن الاكتساب
والتعيش، وقيل بالثَّغْر مع العيال. والمَعْجِزَةُ، بفتح الجيم وكسرها، مفعلة
من العَجْز: عدم القدرة. وفي الحديث: كلُّ شيءٍ بِقَدَرٍ حتى العَجْزُ
والكَيْسُ، وقيل: أَراد بالعَجْز ترك ما يُحبُّ فعله بالتَّسويف وهو عامّ في
أُمور الدنيا والدين. وفي حديث الجنة: ما لي لا يَدْخُلُني إِلاَّ
سَقَطُ الناس وعَجَزُهُم؛ جمع عاجِزٍ كخادِمٍ وخَدَم، يريد الأَغْبِياءَ
العاجِزِين في أُمور الدنيا. وفحل عَجِيزٌ: عاجز عن الضِّراب كعَجِيسٍ؛ قال
ابن دُرَيْد: فحل عَجِيزٌ وعَجِيسٌ إِذا عَجَز عن الضِّراب؛ قال الأَزهري
وقال أَبو عبيد في باب العنين: هو العَجِيز، بالراء، الذي لا يأْتي
النساء؛ قال الأَزهري: وهذا هو الصحيح، وقال الجوهري: العَجِيز الذي لا يأْتي
النساء، بالزاي والراء جميعاً. وأَعْجَزَه الشيءُ: عَجَزَ عنه.
والــتَّعْجِيزُ: التَّثْبِيط، وكذلك إِذا نسبته إِلى العَجْز. وعَجَّزَ
الرجلُ وعاجَزَ: ذهب فلم يُوصَل إِليه. وقوله تعالى في سورة سبأ: والذين
سَعَوْا في آياتنا مُعاجِزِين؛ قال الزجاج: معناه ظانِّين أَنهم
يُعْجِزُوننا لأَنهم ظنوا أَنهم لا يُبعثون وأَنه لا جنة ولا نار، وقيل في
التفسير: مُعاجزين معاندين وهو راجع إِلى الأَوّل، وقرئت مُعَجِّزين، وتأْويلها
أَنهم يُعَجِّزُون من اتبع النبي، صلى الله عليه وسلم، ويُثَبِّطُونهم
عنه وعن الإِيمان بالآيات وقد أَعْجَزهم. وفي التنزيل العزيز: وما أَنتم
بمُعْجِزِين في الأَرض ولا في السماء؛ قال الفاء: يقول القائل كيف وصفهم
بأَنهم لا يُعْجِزُونَ في الأَرض ولا في السماء وليسوا في أَهل السماء؟
فالمعنى ما أَنتم بمُعْجِزِينَ في الأَرض ولا من في السماء بمُعْجِزٍ، وقال
أَبو إِسحق: معناه، والله أَعلم، ما أَنتم بمُعْجِزِين في الأَرض ولا لو
كنتم في السماء، وقال الأَخفش: معناه ما أَنتم بمُعْجِزِين في الأَرض
ولا في السماء أَي لا تُعْجِزُوننا هَرَباً في الأَرض ولا في السماء، قال
الأَزهري: وقول الفراء أَشهر في المعنى ولو كان قال: ولا أَنتم لو كنتم في
السماء بمُعْجِزِينَ لكان جائزاً، ومعنى الإِعْجاز الفَوْتُ والسَّبْقُ،
يقال: أَعْجَزَني فلان أَي فاتني؛ ومنه قول الأَعشى:
فَذاكَ ولم يُعْجِزْ من الموتِ رَبَّه،
ولكن أَتاه الموتُ لا يَتَأَبَّقُ
وقال الليث: أَعْجَزَني فلان إِذا عَجَزْتَ عن طلبه وإِدراكه. وقال ابن
عرفة في قوله تعالى مُعاجِزِينَ أَي يُعاجِزُون الأَنبياءَ وأَولياءَ
الله أَي يقاتلونهم ويُمانِعُونهم ليُصَيِّروهم إِلى العَجْزِ عن أَمر الله،
وليس يَعْجِزُ اللهَ، جل ثناؤه، خَلْقٌ في السماء ولا في الأَرض ولا
مَلْجَأَ منه إِلا إِليه؛ وقال أَبو جُنْدب الهذلي:
جعلتُ عُزَانَ خَلْفَهُم دَلِيلاً،
وفاتُوا في الحجازِ ليُعْجِزُوني
(* قوله« عزان» هو هكذا بضبط الأصل. وقوله «فاتوا في الحجاز» كذا بالأصل
هنا، والذي تقدم في مادة ح ج ز: وفروا بالحجاز.)
وقد يكون أَيضاً من العَجْز. ويقال: عَجَزَ يَعْجِزُ عن الأَمر إِذا
قَصَرَ عنه. وعاجَزَ إلى ثِقَةٍ: مالَ إليه. وعاجَزَ القومُ: تركوا شيئاً
وأَخذوا في غيره. ويقال: فلان يُعاجِزُ عن الحق إلى الباطل أَي يلجأُ إليه.
ويقال: هو يُكارِزُ إلى ثقة مُكارَزَةً إذا مال إليه.
والمُعْجِزَةُ: واحدة مُعْجِزات الأَنبياء، عليهم السلام. وأَعْجاز
الأُمور: أَواخِرُها. وعَجْزُ الشيء وعِجْزُه وعُجْزُه وعَجُزُه وعَجِزُه:
آخره، يذكر ويؤنث؛ قال أَبو خِراش يصف عُقاباً:
بَهِسيماً ، غيرَ أَنَّ العَجْزَ منها
تَخالُ سَرَاتَه لَبَناً حَلِيبا
وقال اللحياني: هي مؤنثة فقط. والعَجُز: ما بعد الظهر منه، وجميع تلك
اللغات تذكر وتؤنث، والجمع أَعجاز، لا يُكَسَّر على غير ذلك. وحكى
اللحياني: إِنها لعظيمة الأَعْجاز كأَنهم جعلوا كل جزء منه عَجُزاً، ثم جمعوا على
ذلك. وفي كلام بعض الحكماء: لا تُدَبِّرُوا أَعْجازَ أُمور قد وَلَّت
صُدورُها؛ جمع عَجُزٍ وهو مؤخر الشيء، يريد بها أَواخر الأُمور وصدورها؛
يقول: إِذا فاتَكَ أَمرٌ فلا تُتْبِعه نفسَك متحسراً على ما فات وتَعَزَّ
عنه متوكلاً على الله عز وجل؛ قال ابن الأَثير: يُحَرِّض على تَدَبُّر
عواقب الأُمور قبل الدخول فيها ولا تُتْبَع عند تَوَلِّيها وفواتها.
والعَجُزُ في العَرُوض: حذفك نون «فاعلاتن» لمعاقبتها أَلف«فاعلن» هكذا عبر
الخليل عنه ففسر الجَوْهر الذي هو العَجُز بالعَرَض الذي هو الحذف وذلك تقريب
منه، وإِنما الحقيقة أَن تقول العَجُز النون المحذوفة من «فاعلاتن»
لمعاقبة أَلف «فاعلن» أَو تقول الــتَّعْجيز حذف نون« فاعلاتن» لمعاقبة أَلف«
فاعلن» وهذا كله إِنما هو في المديد. وعَجُز بيت الشعر: خلاف صدره.
وعَجَّز الشاعرُ: جاء بعَجُز البيت. وفي الخبر: أَن الكُمَيْت لما افتتح قصيدته
التي أَولها:
أَلا حُيِّيتِ عَنَّا يا مَدِينا
أَقام بُرْهة لا يدري بما يُعَجِّز على هذا الصدر إِلى أَن دخل حمَّاماً
وسمع إِنساناً دخله، فسَلَّم على آخر فيه فأَنكر ذلك عليه فانتصر بعض
الحاضرين له فقال: وهل بأْسٌ بقول المُسَلِّمِينَ؟ فاهْتَبلَها الكُمَيْتُ
فقال:
وهل بأْسٌ بقول مُسَلِّمِينا؟
وأَيامُ العَجُوز عند العرب خمسة أَيام: صِنّ وصِنَّبْر وأُخَيُّهُما
وَبْرٌ ومُطْفِئُ الجَمْر ومُكْفِئُ الظَّعْن؛ قال ابن كُناسَة: هي من
نَوْءِ الصَّرْفَة، وقال أَبو الغَوْث: هي سبعة أَيام؛ وأَنشد لابن
أَحمر:كُسِعَ الشِّتاءُ بِسَبْعَةٍ غُبْرِ،
أَيَّامِ شَهْلَتِنا من الشَّهْرِ
فإِذا انْقَضَتْ أَيَّامُها، ومَضتْ
صِنٌّ وصِنِّبْرٌ مع الوَبْرِ،
وبآمِرٍ وأَخيه مُؤْتَمِرٍ،
ومُعَلِّلٍ وبِمُطْفِئِ الجَمْرِ
ذهبَ الشِّتاء مُوَلِّياً عَجِلاً،
وأَتَتْكَ واقِدَةٌ من النَّجْرِ
قال ابن بري: هذه الأَبيات ليست لابن أَحمر وإِنما هي لأَبي شِبْلٍ
الأَعرابي؛ كذا ذكره ثعلب عن ابن الأَعرابي.
وعَجِيزَةُ المرأَة: عَجُزُها، ولا يقال للرجل إِلا على التشبيه،
والعَجُزُ لهما جميعاً. ورجل أَعْجَزُ وامرأَة عَجْزاءُ ومُعَجِّزَة: عظيما
العَجِيزَةِ، وقيل: لا يوصف به الرجلُ. وعَجِزَت المرأَة تَعْجَزُ عَجَزاً
وعُجْزاً، بالضم: عَظُمَتْ عَجِيزَتُها، والجمع عَجِيزاتٌ، ولا يقولون
عَجائِز مخافة الالتباس. وعَجُزُ الرجل: مؤَخَّره، وجمعه الأَعْجاز، ويصلح
للرجل والمرأَة، وأَما العَجِيزَةُ فعَجِيزَة المرأَة خاصة. وفي حديث
البراء، رضي الله عنه: أَنه رفع عَجِيزَته في السجود؛ قال ابن الأَثير:
العَجِيزَة العَجُز وهي للمرأَة خاصة فاستعارها للرجل. قال ثعلب: سمعت ابن
الأَعرابي يقول: لا يقال عَجِزَ الرجلُ، بالكسر، إِلا إِذا عظم عَجُزُه.
والعَجْزاء: التي عَرُض بطنُها وثَقُلَت مَأْكَمَتُها فعظم عَجُزها؛
قال:هَيْفاءُ مُقْبِلَةً عَجْزاءُ مُدْبِرَةً
تَمَّتْ، فليس يُرَى في خَلْقِها أَوَدُ
وتَعَجَّزَ البعيرَ: ركِبَ عَجُزَه. وروي عن علي، رضي الله عنه، أَنه
قال: لنا حقٌّ إِن نُعْطَهُ نأْخذه وإِن نُمْنَعْه نركب أَعْجازَ الإِب
وإِن طال السُّرى؛ أَعْجاز الإِبل: مآخيرها والركوب عليها شاقّ؛ معناه إِن
مُنِعْنا حقنا ركبنا مَرْكَب المشقة صابرين عليه وإِن طال الأَمَدُ ولم
نَضْجَر منه مُخِلِّين بحقنا؛ قال الأَزهري: لم يرد عليٌّ، رضي الله عنه،
بقوله هذا ركوبَ المشقة ولكنه ضرب أَعْجاز الإِبل مثلاً لتقدم غيره عليه
وتأْخيره إِياه عن حقه، وزاد ابن الأَثير: عن حقه الذي كان يراه له وتقدّم
غيره وأَنه يصبر على ذلك، وإِن طال أَمَدُه، فيقول: إِن قُدِّمْنا
للإِمامة تقدّمنا، وإِن مُنِعْنا حقنا منها وأُخِّرْنا عنها صبرنا على
الأُثْرَة علينا، وإِن طالت الأَيام؛ قال ابن الأَثير: وقيل يجوز أَن يريد وإِن
نُمْنَعْه نَبْذُل الجهد في طلبه، فِعْلَ مَنْ يضرب في ابتغاء طَلِبَتِه
أَكبادَ الإِبل، ولا نبالي باحتمال طول السُّرى، قال: والوجه ما تقدم
لأنه سَلَّم وصبر على التأَخر ولم يقاتل، وإِنما قاتل بعد انعقاد الإِمامة
له.
وقال رجل من ربيعة بن مالك: إِن الحق بِقَبَلٍ، فمن تعدّاه ظلَم، ومن
قَصَّر عنه عَجَزَ، ومن انتهى إِليه اكتفى؛ قال: لا أَقول عَجِزَ إِلاَّ من
العَجِيزَة، ومن العَجْز عَجَز. وقوله بِقَبَلٍ أَي واضحٌ لك حيث تراه،
وهو مثل قولهم إِن الحق عاري
(* قوله« عاري» هكذا هو في الأصل.) وعُقاب
عَجْزاءُ: بمؤخرها بياض أَو لون مخالف، وقيل: هي التي في ذَنَبها مَسْح
أَي نقص وقصر كما قيل للذنَب أَزَلُّ، وقيل: هي التي ذنبها ريشة بيضاء أَو
ريشتان، وقيل: هي الشديدة الدائرة؛ قال الأَعشى:
وكأَنّما تَبِعَ الصِّوارُ، بِشَخْصِها،
عَجْزاءَ تَرْزُقُ بالسُّلَيِّ عِيالَها
والعَجَزُ: داء يأْخذ الدواب في أَعْجازِها فتثقل لذلك، الذكر أَعْجَزُ
والأُنثى عَجْزاءُ.
والعِجازَة والإِعْجازَة: ما تُعَظِّم به المرأَةُ عَجِيزَتَها، وهي شيء
شبيه بالوسادة تشده المرأَة على عَجُزِها لِتُحْسَبَ أَنها عَجْزاءُ.
والعِجْزَةُ وابن العِجْزَةِ: آخر ولد الشيخ، وفي الصحاح: العِجْزَةُ،
بالكسر، آخرُ ولد الرجل. وعِجْزَةُ الرجل: آخر ولد يولد له؛ قال:
واسْتَبْصَرَتْ في الحَيِّ أَحْوى أَمْرَدا،
عَجِزَةَ شَيْخَينِ يُسَمَّى مَعْبَدا
يقال: فلان عِجْزَةُ ولد أَبويه أَي آخرهم، وكذلك كِبْرَةُ ولد أَبويه،
والمذكر والمؤنث والجمع والواحد في ذلك سواء. ويقال: وُلِدَ لِعِجْزَةٍ
أَي بعدما كَبِر أَبواه.
والعِجازَةُ: دائرة الطائر، وهي الأُصبع المتأَخرة.
وعَجُزُ هَوازِنَ: بنو نَصْر بن معاوية وبنو جُشَمِ ابن بكر كأَنه
آخرهم.وعِجْزُ القوس وعَجْزها ومَعْجِزُها: مَقْبِضها؛ حكاه يعقوب في المبدل،
ذهب إِلى أَن زايه بدل من سينه، وقال أَبو حنيفة: هو العِجْز ولا يقال
مَعْجِز، وقد حكيناه نحن عن يعقوب. وعَجْز السكين: جُزْأَتُها؛ عن أَبي
عبيد.
والعَجُوز والعَجُوزة من النساء: الشَّيْخَة الهَرِمة؛ الأَخيرة قليلة،
والجمع عُجُز وعُجْز وعَجائز، وقد عَجَزَت تَعْجُزْ عَجْزاً وعُجوزاً
وعَجَّزَتْ تُعَجِّزُ تَعْجِيزاً: صارت عَجُوزاً، وهي مُعَجِّز، والاسم
العُجْز. وقال يونس: امرأَة مُعَجِّزة طعنت في السن، وبعضهم يقول: عَجَزَت،
بالتخفيف. قال الأَزهري: والعرب تقول لامرأَة الرجل وإِن كانت شابة: هي
عَجُوزُهُ، وللزوج وإِن كان حَدَثاً: هو شَيْخُها، وقال: قلت لامرأَة من
العرب: حالبي زوجكِ، فَتَذَمَّرَتْ وقالت: هلا قلتَ حالبي شَيْخَكِ؟ ويقال
للرجل عَجُوز وللمرأَة عَجُوز. ويقال: اتَّقِي الله في شَبِيبَتِكِ
وعُجْزِك أَي بعدما تصيرين عَجُوزاً. قال ابن السكيت: ولا تقل عَجُوزَة
والعامة تقوله. وفي الحديث: إِن الجنة لا يدخلها العُجُز؛ وفيه: إِياكم
والعُجُزَ العُقُرَ؛ قال ابن الأَثير: العُجُز جمع عَجُوز وعَجُوزة، وهي المرأَة
الكبيرة المسنَّة، والعُقُر جمع عاقِرٍ، وهي التي لا تلد. ونَوى
العَجُوزِ: ضرب من النَّوَى هَشٌّ تأْكله العَجُوزُ لِلينِه كما قالوا نَوى
العَقُوقِ، وقد تقدّم. والعَجُوز: الخمر لقدمها؛ قال الشاعر:
لَيْتَهُ جامُ فِضَّةٍ من هَدايا
هُ، سِوى ما به الأَمِيرُ مُجِيزِي
إِنما أَبْتَغِيهِ للعَسَلِ المَمْـ
ـزُوجِ بالماءِ، لا لِشُرْبِ العَجُوزِ
وفي التهذيب: يقال للخمر إِذا عَتَقَتْ عَجُوز. والعَجُوز: القِبْلة.
والعَجُوز: البقرة. والعَجُوز: نَصْل السيف؛ قال أَبو المِقْدام:
وعَجُوز رأَيتُ في فَمِ كَلْبٍ،
جُعِلَ الكلبُ للأَمِيرِ حَمالا
الكلبُ: ما فوق النصل من جانبيه، حديداً كان أَو فضة، وقيل: الكلب مسمار
في قائم السيف، وقيل: هو ذُؤابَتُه. ابن الأَعرابي: الكلب مسمار مَقْبِض
السيف، قال: ومعه الآخر يقال له العَجُوز.
والعَجْزاءُ: حَبْل من الرمل مُنْبِت، وفي التهذيب: العَجْزاءُ من
الرمال حَبْل مرتفع كأَنه جَلَدٌ ليس بِرُكام رمل وهو مَكْرُمَة للنبت،،
والجمع العُجْز لأَنه نعت لتلك الرملة. والعَجُوز: رملة بالدَّهْناء؛ قال يصف
داراً:
على ظَهْرِ جَرْعاءِ العَجُوزِ، كأَنها
دَوائرُ رَقْمٍ في سَراةِ قِرامِ
ورجل مَعْجُوزٌ ومَشْفُوهٌ ومَعْرُوكٌ ومَنْكُودٌ إِذا أُلِحَّ عليه في
المسأَلة؛ عن ابن الأَعرابي.
والعَجْزُ: طائر يضرب إِلى الصُّفرة يُشْبه صوتُه نُباح الكلب الصغير
يأْخذ السَّخْلَة فيطير بها ويحتمل الصبي الذي له سبع سنين، وقيل:
الزُّمَّجُ، وجمعه عِجْزان.
وفي الحديث: أَنه قَدِمَ على النبي، صلى الله عليه وسلم، صاحبُ كِسْرى
فوهب له مِعْجَزَةً فسُمِّيَ ذا المِعْجَزَة، هي بكسر الميم، المِنْطَقَة
بلغة اليمن؛ قال: وسميت بذلك لأَنها تلي عَجُزَ المُتَنَطِّق بها، والله
أَعلم.
ذرر: ذَرَّ الشيءَ يَذُرُّه: أَخذه بأَطراف أَصابعه ثم نثره على الشيء.
وذَرَّ الشيءَ يَذُرُّهُ إِذا بَدَّدَهُ. وذُرَّ إِذا بُدِّدَ. وفي حديث
عمر، رضي الله عنه: ذُرّي أَحِرَّ لَكِ أَي ذُرِّي الدقيق في القِدْرِ
لأَعمل لك حَرِيرَةً. والذَّرُّ: مصدر ذَرَرْتُ، وهو أَخذك الشيء بأَطراف
أَصابعك تَذُرُّهُ ذَرَّ الملح المسحوق على الطعام. وذَرَرْتُ الحَبَّ
والملح والدواء أَذُرُّه ذَرّاً: فرَّقته؛ ومنه الذَّرِيرَةُ والذَّرُورُ،
بالفتح، لغة في الذَّرِيرَة، وتجمع على أَذِرَّةٍ؛ وقد استعاره بعض
الشعراء للعَرَضِ تشبيهاً له بالجوهر فقال:
شَقَقْتِ القَلْبَ ثم ذَرَرْتِ فيه
هَوَاكِ، فَلِيمَ فالْتَأَمَ الفُطُورُ
ليم هنا إِما أَن يكون مغيراً من لُئِمَ، وإِما أَن يكون فُعِلَ من
اللَّوْمِ لأَن القلب إِذا نُهِيَ كان حقيقاً أَن ينتهي. والذَّرُورُ: ما
ذَرَرْتَ. والذُّرَارَةُ: ما تناثر من الشيء المذْرُورِ. والذَّرِيرَةُ: ما
انْتُحِتَ من قصَبِ الطِّيبِ. والذَّرِيرَةُ: فُتَاتٌ من قَصَبِ الطيب
الذي يُجاءُ به من بلد الهند يشبه قصَبَ النُّشَّابِ. وفي حديث عائشة:
طَيَّبْتُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لإِحرامه بذَرِيرَةٍ؛ قال: هو نوع
من الطيب مجموع من أَخلاط. وفي حديث النخعي: يُنْثَرُ على قميص الميت
الذَّرِيرَةُ؛ قيل: هي فُتاتُ قَصَب مَّا كان لنُشَّابٍ وغيره؛ قال ابن
الأَثير: هكذا جاء في كتاب أَبي موسى. والذَّرُورُ، بالفتح: ما يُذَرُّ في
العين وعلى القَرْحِ من دواء يابس. وفي الحديث: تَكْتَحِلُ المُحِدُّ
بالذَّرُورِ؛ يقال: ذَرَرْتُ عينَه إِذا دوايتها به. وذَرَّ عينه بالذَّرُورِ
يَذُرُّها ذَرّاً: كَحَلَها.
والذَّرُّ: صِغارُ النَّمل، واحدته ذَرَّةٌ؛ قال ثعلب: إِن مائة منها
وزن حبة من شعير فكأَنها جزء من مائة، وقيل: الذَّرَّةُ ليس لها وزن، ويراد
بها ما يُرَى في شعاع الشمس الداخلِ في النافذة؛ ومنه سمي الرجل ذَرّاً
وكني بأَبي ذَرٍّ. وفي حديث جُبير بن مُطْعِم: رأَيت يوم حنين شيئاً
أَسود ينزل من السماء فوقع إِلى الأَرض فَدَبَّ مثل الذَّرِّ وهزم الله
المشركين؛ الذَّرُّ: النمل الأَحمر الصغير، واحدتها ذَرَّةٌ. وفي حديث ابن
عباس: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى عن قتل النحلة والنملة والصُّرَدِ
والهُدْهُدِ؛ قال إِبراهيم الحَرْبِيُّ: إِنما نهى عن قتلهن لأَنهن لا
يؤذين الناس، وهي أَقل الطيور والدواب ضرراً على الناس مما يتأَذى الناس
به من الطيور كالغراب وغيره؛ قيل له: فالنملة إِذا عضت تقتل؛ قال: النملة
لا تَعَضُّ إِنما يَعَضُّ الذَّرُّ؛ قيل له: إِذا عَضَّت الذَّرَّةُ
تقتل؛ قال: إِذا آذتك فاقتلها. قال: والنملة هي التي لها قوائم تكون في
البراري والخَرِبات، وهذه التي يتأَذَّى الناس بها هي الذَّرُّ.
وذَرَّ الله الخلقَ في الأَرض: نَشَرَهُم والذُّرِّيَّةُ فُعْلِيَّةٌ
منه، وهي منسوبة إِلى الذَّرِّ الذي هو النمل الصغار، وكان قياسه
ذَرِّيَّةٌ، بفتح الذال، لكنه نَسَبٌ شاذ لم يجئ إِلاَّ مضموم الأَول. وقوله
تعالى: وإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ ن بني آدم من ظهورهم ذُرِّيَّاتِهم؛ وذُرِّيَّةُ
الرجل: وَلَدُهُ، والجمع الذَّرَارِي والذُّرِّيَّاتُ. وفي التنزيل
العزيز: ذُرِّيَّةً بعضُها من بعض؛ قال: أَجمع القرّاء على ترك الهمز في
الذرّية، وقال يونس: أَهل مكة يخالفون غيرهم من العرب فيهمزون النبيَّ
والبَرِيَّةَ والذُّرِّية من ذَرَأَ الله الخلقَ أَي خلقهم. وقال أَبو إِسحق
النحوي: الذُّرِّيَّةُ غير مهموز، قال: ومعنى قوله: وإِذ أَخذ ربك من بني
آدم من ظهورهم ذُرِّيَّاتهم؛ أَن الله أَخرج الخلق من صلب آدم كالذَّرِّ
حين أَشهدهم على أَنفسهم: أَلَسْتُ بربكم؟ قالوا: بَلى، شهدوا بذلك؛ وقال
بعض النحويين: أَصلها ذُرُّورَةٌ، هي فُعْلُولَةٌ، ولكن التضعيف لما كثر
أُبدل من الراء الأَخيرة ياء فصارت ذُرُّويَة، ثم أُدغمت الواو في الياء
فصارت ذُرِّيَّة، قال: وقول من قال إِنه فُعْلِيَّة أَقيس وأَجود عند
النحويين. وقال الليث: ذُرِّيَّة فُعْلِيَّة، كما قالوا سُرِّيَّةٌ، والأَصل
من السِّر وهو النكاح. وفي الحديث: أَنه رأَى امرأَة مقتولة فقال: ما
كانت هذه تُقاتِلُ، الحَقْ خالداً فقل له: لا تَقْتُلْ ذُرِّيَّةً ولا
عَسِيفاً؛ الذرية: اسم يجمع نسل الإِنسان من ذكر وأُنثى، وأَصلها الهمز لكنهم
حذفوه فلم يستعملوها إِلا غير مهموزة، وقيل: أَصلها من الذَّرِّ بمعنى
التفريق لأَن الله تعالى ذَرَّهُمْ في الأَرض، والمراد بها في هذا الحديث
النساء لأَجل المرأَة المقتولة؛ ومنه حديث عمر: حُجُّوا بالذُّرِّية لا
تأْكلوا أَرزاقها وتَذَرُوا أَرْباقَها في أَعْناقِها أَي حُجُّوا
بالنساء؛ وضرب الأَرْباقَ، وهي القلائد، مثلاً لما قُلِّدَتْ أَعناقُها من وجوب
الحج، وقيل:
كنى بها عن الأَوْزارِ.
وذَرِّيُّ السيف: فِرِنْدُه وماؤه يُشَبَّهانِ في الصفاء بِمَدَبِّ
النمل والذَّرِّ؛ قال عبدالله بن سَبْرَةَ:
كل يَنُوءُ بماضِي الحَدِّ ذي شُطَبٍ،
جَلَّى الصَّياقِلُ عن ذَرِّيِّه الطَّبَعَا
ويروى:
جَلا الصَّياقِلُ عن ذرّيه الطبعا
يعنى عن فِرِنْده؛ ويروى: عن دُرِّيِّهِ الطبعا يعني تلألؤه؛ وكذلك يروي
بيت دريد على وجهين:
وتُخْرِجُ منه ضَرَّةُ اليومِ مَصْدَقاً،
وطولُ السُّرَى ذَرّيَّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ
إِنما عنى ما ذكرناه من الفرند. ويروى: دُرِّيَّ عَضْبٍ أَي تلألؤه
وإِشراقه كأَنه منسوب إِلى الدُّرِّ أَو إِلى الكوكب الدُّرِّيِّ. قال
الأَزهري: معنى البيت يقول إِن أَضَرَّ به شِدَّة اليوم أَخرج منه مَصْدَقاً
وصبراً وتهلل وجهه كأَنه ذَرِّيُّ سيف. ويقال: ما أَبْيَنَ ذَرِّيَّ سيفه؛
نسب إِلى الذَّرِّ.
وذَرَّتِ الشمسُ تَذُرُّ ذُرُوراً، بالضم: طلعت وظهرت، وقيل: هو أَوّل
طلوعها وشروقها أَوَّلَ ما يسقط ضَوْؤُها على الأَرض والشجر، وكذلك البقل
والنبت. وذَرَّ يَذُرُّ إِذا تَخَدَّدَ؛ وذَرَّتِ الأَرضُ النبتَ ذَرّاً؛
ومنه قول الساجع في مطر: وثَرْد يَذُرُّ بَقْلُه، ولا يُقَرِّحُ أَصلُه؛
يعني بالثَّرْدِ المطرَ الضعيفَ. ابن الأَعرابي: يقال أَصابنا مطر ذَرَّ
بَقْلُه يَذُرُّ إِذا طلع وظهر؛ وذلك أَنه يَذُرُّ من أَدنى مطر وإِنما
يَذُرُّ البقلُ من مطر قَدْرِ وَضَحِ الكَفِّ ولا يُقَرِّحُ البقلُ
إِلاَّ من قَدْرِ الذراع. أَبو زيد: ذَرَّ البقلُ إِذا طلع من الأَرض. ويقال:
ذَرَّ الرجلُ يَذُرُّ إِذا شابَ مُقَدَّمُ رَأْسه.
والذِّرَارُ: الغَضَبُ والإِنكارُ؛ عن ثعلب، وأَنشد لكثير:
وفيها، على أَنَّ الفُؤَادَ يُجِبُّها،
صُدُودٌ، إِذا لاقَيْتُها، وذِرَارُ
الفراء: ذَارَّت الناقةُ تَذَارُّ مُذَارَّةً وذِرَاراً أَي ساءَ
خُلُقُها، وهي مُذَارُّ، وهي في معنى العَلُوق والمُذَائِرِ؛ قال ومنه قول
الحطيئة:
وكنتُ كَذاتِ البَعْلِ ذَارَت بأَنْفِها،
فمن ذاكَ تَبْغي غَيْرَه وتُهاجِرُهْ
إِلاَّ أَنه خففه للضرورة. قال أَبو زيد: في فلان ذِرارٌ أَي إِعراضٌ
غضباً كَذِرَارِ الناقة. قال ابن بري: بيت الحطيئة شاهد على ذَارَت الناقةُ
بأَنفها إِذا عطفت على ولد غيرها، وأَصله ذَارَّتْ فخففه، وهو ذَارَتْ
بأَنفها، والبيت:
وكنتُ كذاتِ البَوِّ ذَارَتْ بأَنفِها،
فمن ذاكَ تَبْغي بُعْدَه وتُهاجِرُهْ
قال ذلك يهجو به الزِّبْرِقانَ ويمدح آلَ شَمَّاسِ
بن لاي؛ أَلا تراه يقول بعد هذا:
فَدَعْ عَنْكَ شَمَّاسَ بْنَ لأي فإِنهم
مَوالِيكَ، أَوْ كاثِرْ بهم مَنْ تُكاثِرُهْ
وقد قيل في ذَارَتْ غيرُ ما ذكره الجوهري، وهو أَن يكون أَصله
ذَاءَرَتْ، ومنه قيل لهذه المرأَة مُذَائِرٌ، وهي التي تَرْأَمُ بأَنفها ولا
يَصْدُقُ حُبُّها فهي تَنِفرُ عنه. والبَوُّ: جِلْدُ الحُوَارِ يُحْشَى
ثُماماً ويُقامُ حَوْلَ الناقةِ لِتَدِرَّ عليه.
وذَرُّ: اسم.
والذَّرْذَرَةُ: تفريقك الشيء وتَبْدِيدُكَ إِياه. وذَرْذَارٌ: لقب رجل
من العرب.
لوم: اللَّومُ واللّوْماءُ واللَّوْمَى واللائمة: العَدْلُ. لامَه على
كذا يَلومُه لَوْماً ومَلاماً وملامةً ولوْمةً، فهو مَلُوم ومَلِيمٌ:
استحقَّ اللَّوْمَ؛ حكاها سيبويه، قال: وإنما عدلوا إلى الياء والكسرة
استثقالاً للواو مع الضَّمَّة. وألامَه ولَوَّمه وألَمْتُه: بمعنى لُمْتُه؛ قال
مَعْقِل بن خُوَيلد الهذليّ:
حَمِدْتُ اللهَ أن أَمسَى رَبِيعٌ،
بدارِ الهُونِ، مَلْحِيّاً مُلامَا
قال أبو عبيدة: لُمْتُ الرجلَ وأَلَمْتُه بمعنى واحد، وأنشد بيت مَعْقِل
أيضاً؛ وقال عنترة:
ربِذٍ يَداه بالقِداح إذا شَتَا،
هتّاكِ غاياتِ التِّجارِ مُلَوِّمِ
أي يُكْرَم كَرَماً يُلامُ من أَجله، ولَوّمَه شدّد للمبالغة.
واللُّوَّمُ: جمع اللائم مثل راكِعٍ ورُكَّعٍ. وقوم لُوّامٌ ولُوّمٌ ولُيَّمٌ:
غُيِّرت الواوُ لقربها من الطرف. وأَلامَ الرجلُ: أَتى ما يُلامُ عليه. قال
سيبويه: ألامَ صارَ ذا لائمة. ولامه: أخبر بأمره. واسْتلامَ الرجلُ إلى
الناس أي استَذَمَّ. واستَلامَ إليهم: أَتى إليهم ما يَلُومُونه عليه؛ قال
القطامي:
فمنْ يكن اسْتلامَ إلى نَوِيٍّ،
فقد أَكْرَمْتَ، يا زُفَر، المتاعا
التهذيب: أَلامَ الرجلُ، فهو مُليم إذا أَتى ذَنْباً يُلامُ عليه، قال
الله تعالى: فالْتَقَمه الحوتُ وهو مُليمٌ. وفي النوادر: لامَني فلانٌ
فالْتَمْتُ، ومَعّضَني فامْتَعَضْت، وعَذَلَني فاعْتَذَلْتُ، وحَضَّني
فاحْتَضَضت، وأَمَرني فأْتَمَرْت إذا قَبِلَ قولَه منه. ورجل لُومة: يَلُومُه
الناس. ولُوَمَة: يَلُومُ الناس مثل هُزْأَة وهُزَأَة. ورجل لُوَمَة:
لَوّام، يطرّد عليه بابٌ
(* هكذا بياض بالأصل) . . . ولاوَمْتُه: لُمْته
ولامَني. وتَلاوَمَ الرجُلان: لامَ كلُّ واحد منهما صاحبَه. وجاءَ
بلَوْمَةٍ أي ما يُلامُ عليه. والمُلاوَمة: أن تَلُوم رجلاً ويَلُومَك.
وتَلاوَمُوا: لام بعضهم بعضاً؛ وفي الحديث: فتَلاوَموا بينهم أي لامكَ بعضُهم
بعضاً، وهي مُفاعلة من لامَه يَلومه لَوماً إذا عذَلَه وعنَّفَه. وفي حديث
ابن عباس: فتَلاوَمْنا. وتَلَوَّمَ في الأمر: تمكَّث وانتظر. ولي فيه
لُومةٌ أَي تَلَوُّم، ابن بزرج: التَّلَوُّمُ التَّنَظُّر للأمر تُريده.
والتَّلَوُّم: الانتظار والتلبُّثُ. وفي حديث عمرو بن سَلَمة الجَرْميّ: وكانت
العرب تَلَوّمُ بإسلامهم الفتح أي تنتظر، وأراد تَتَلَوّم فحذف إحدى
التاءين تخفيفاً، وهو كثير في كلامهم. وفي حديث علي، عليه السلام: إذا
أجْنَبَ في السفَر تَلَوََّم ما بينه وبين آخر الوقت أي انتظر وتَلَوَّمَ على
الأمر يُريده. وتَلَوّم على لُوامَته أي حاجته. ويقال: قضى القومُ
لُواماتٍ لهم وهي الحاجات، واحدتها لُوَامة. وفي الحديث: بِئسَ، لَعَمْرُ
اللهِ، عَمَلُ الشيخ المتوسِّم والشبِّ المُتلومِّم أي المتعرِّض للأَئمةِ في
الفعل السيّء، ويجوز أن يكون من اللُّومة وهي الحاجة أي المنتظر
لقضائها.ولِيمَ بالرجل: قُطع. واللَّوْمةُ: الشَّهْدة.
واللامةُ واللامُ، بغير همز، واللَّوْمُ: الهَوْلُ؛ وأنشد للمتلمس:
ويكادُ من لامٍ يَطيرُ فُؤادُها
واللامُ: الشديد من كل شيء؛ قال ابن سيده: وأُراه قد تقدم في الهمز، قال
أبو الدقيش: اللامُ القُرْبُ، وقال أَبو خيرة: اللامُ من قول القائل
لامٍ، كما يقول الصائتُ أيا أيا إذا سمعت الناقة ذلك طارت من حِدّة قلبها؛
قال: وقول أبي الدقيش أَوفقُ لمعنى المتنكّس في البيت لأنه قال:
ويكادُ من لامٍ يطيرُ فؤادُها،
إذ مَرّ مُكّاءُ الضُّحى المُتَنَكِّسُ
قال أبو منصور: وحكى ابن الأعرابي أنه قال اللامُ الشخص في بيت المتلمس.
يقال: رأَيت لامَه أي شخصه. ابن الأعرابي: اللَّوَمُ كثرة اللَّوْم. قال
الفراء: ومن العرب من يقول المَلِيم بمعنى المَلوم؛ قال أبو منصور: من
قال مَلِيم بناه على لِيمَ. واللائِمةُ: المَلامة، وكذلك اللَّوْمى، على
فَعْلى. يقال: ما زلت أَتَجَرّعُ منك اللَّوائِمَ. والمَلاوِم: جمع
المَلامة. واللاّمةُ: الأمر يُلام عليه. يقال: لامَ فلانٌ غيرَ مُليم. وفي
المثل: رُبَّ لائم مُليم؛ قالته أُم عُمَير بن سلمى الحنفي تخاطب ولدها
عُمَيراً، وكان أسلم أخاه لرجل كلابيٍّ له عليه دَمٌ فقتله، فعاتبته أُمُّه في
ذلك وقالت:
تَعُدُّ مَعاذِراً لا عُذْرَ فيها،
ومن يَخْذُلْ أَخاه فقد أَلاما
قال ابن بري: وعُذْره الذي اعتذر به أن الكلابيّ التجأَ إلى قبر سلمى
أَبي عمير، فقال لها عمير:
قَتَلْنا أَخانا للوَفاءَِ بِجارِنا،
وكان أَبونا قد تُجِيرُ مَقابِرُهْ
وقال لبيد:
سَفَهاً عَذَلْتَ، ولُمْتَ غيرَ مُليم،
وهَداك قبلَ اليومِ غيرُ حَكيم
ولامُ الإنسان: شخصُه، غير مهموز؛ قال الراجز:
مَهْرِيّة تَخظُر في زِمامِها،
لم يُبْقِ منها السَّيْرُ غيرَ لامِها
وقوله في حديث ابن أُم مكتوم: ولي قائد لا يُلاوِمُني؛ قال ابن الأثير:
كذا جاء في رواية بالواو، وأَصله الهمز من المُلاءمة وهي المُوافقة؛
يقال: هو يُلائمُني بالهمز ثم يُخَفَّف فيصير ياء، قال: وأما الواو فلا وجه
لها إلا أن تكون يُفاعِلني من اللَّوْم ولا معنى له في هذا الحديث.
وقول عمر في حديثه: لوْما أَبقَيْتَ أي هلاَّ أَبقيت، وهي حرف من حروف
المعاني معناها التحضيض كقوله تعالى: لوما تأْتينا بالملائكة.
واللام: حرف هجاء وهو حرف مجهور، يكون أَصلاً وبدلاً وزائداً؛ قال ابن
سيده: وإنما قضيت على أن عينها منقلبة عن واو لما تقدم في أخواتها مما
عينه أَلف؛ قال الأزهري: قال النحويون لَوّمْت لاماً أي كتبته كما يقال
كَوَّفْت كافاً. قال الأزهري في باب لَفيف حرف اللام قال: نبدأ بالحروف التي
جاءت لمعانٍ من باب اللام لحاجة الناس إلى معرفتها، فمنها اللام التي
توصل بها الأسماء والأفعال، ولها فيها معانٍ كثيرة: فمنها لامُ المِلْك
كقولك: هذا المالُ لزيد، وهذا الفرس لمحَمد، ومن النحويين من يسمِّيها لامَ
الإضافة، سمّيت لامَ المِلْك لأنك إذا قلت إن هذا لِزيد عُلِمَ أنه
مِلْكُه، فإذا اتصلت هذه اللام بالمَكْنيِّ عنه نُصِبَت كقولك: هذا المالُ له
ولنا ولَك ولها ولهما ولهم، وإنما فتحت مع الكنايات لأن هذه اللامَ في
الأصل مفتوحة، وإنما كسرت مع الأسماء ليُفْصَل بين لام القسم وبين لام
الإضافة، ألا ترى أنك لو قلت إنّ هذا المالَ لِزيدٍ عُلِم أنه مِلكه؟ ولو قلت
إن هذا لَزيدٌ عُلم أن المشار إليه هو زيد فكُسِرت ليُفرق بينهما، وإذا
قلت: المالُ لَك، فتحت لأن اللبس قد زال، قال: وهذا قول الخليل ويونس
والبصريين. (لام كي): كقولك جئتُ لِتقومَ يا هذا، سمّيت لامَ كَيْ لأن معناها
جئتُ لكي تقوم، ومعناه معنى لام الإضافة أيضاً، وكذلك كُسِرت لأن المعنى
جئتُ لقيامك. وقال الفراء في قوله عز وجل: رَبَّنا لِيَضِلُّلوا عن
سبيلك؛ هي لام كَيْ، المعنى يا ربّ أَعْطيْتهم ما أَعطَيتَهم لِيضِلُّلوا عن
سبيلك؛ وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: الاختيار أن تكون هذه اللام وما
أَشبهها بتأْويل الخفض، المعنى آتيتَهم ما آتيتَهم لضلالهم، وكذلك قوله:
فالتَقَطَه آلُ فهرْعون ليكونَ لهم؛ معناه لكونه لأنه قد آلت الحال إلى
ذلك، قال: والعرب تقول لامُ كي في معنى لام الخفض، ولام الخفض في معنى لام
كَي لِتقارُب المعنى؛ قال الله تعالى: يَحْلِفون لكم لِترضَوْا عنهم؛
المعنى لإعْراضِكم
(* قوله «يحلفون لكم لترضوا عنهم؛ المعنى لاعراصكم إلخ»
هكذا في الأصل). عنهم وهم لم يَحْلِفوا لكي تُعْرِضوا، وإنما حلفوا
لإعراضِهم عنهم؛ وأنشد:
سَمَوْتَ، ولم تَكُن أَهلاً لتَسْمو،
ولكِنَّ المُضَيَّعَ قد يُصابُ
أَراد: ما كنتَ أَهلا للسُمُوِّ. وقال أبو حاتم في قوله تعالى:
لِيَجّزِيَهم الله أَحسنَ ما كانوا يَعْملون؛ اللام في لِيَجْزيَهم لامُ اليمين
كأنه قال لَيَجْزِيَنّهم الله، فحذف النون، وكسروا اللام وكانت مفتوحة،
فأَشبهت في اللفظ لامَ كي فنصبوا بها كما نصبوا بلام كي، وكذلك قال في قوله
تعالى: لِيَغْفِرَ لك اللهُ ما تقدَّم من ذنبك وما تأَخر؛ المعنى
لَيَغْفِرنَّ اللهُ لك؛ قال ابن الأَنباري: هذا الذي قاله أبو حاتم غلط لأنَّ
لامَ القسم لا تُكسَر ولا ينصب بها، ولو جاز أن يكون معنى لِيَجزيَهم
الله لَيَجْزيَنَّهم الله لقُلْنا: والله ليقومَ زيد، بتأْويل والله
لَيَقُومَنَّ زيد، وهذا معدوم في كلام العرب، واحتج بأن العرب تقول في التعجب:
أَظْرِفْ بزَيْدٍ، فيجزومونه لشبَهِه بلفظ الأَمر، وليس هذا بمنزلة ذلك
لأن التعجب عدل إلى لفظ الأَمر، ولام اليمين لم توجد مكسورة قط في حال
ظهور اليمين ولا في حال إضمارها؛ واحتج مَن احتج لأبي حاتم بقوله:
إذا هو آلى حِلْفةً قلتُ مِثْلَها،
لِتُغْنِيَ عنِّي ذا أَتى بِك أَجْمَعا
قال: أَراد هو آلى حِلْفةً قلتُ مِثْلَها،
لِتُغْنِيَ عنّي ذا أَتى بِكَ أَجْمَعا
قال: أَراد لَتُغْنِيَنَّ، فأَسقط النون وكسر اللام؛ قال أَبو بكر: وهذه
رواية غير معروفة وإنما رواه الرواة:
إذا هو آلى حِلْفَةً قلتُ مِثلَها،
لِتُغْنِنَّ عنِّي ذا أَتى بِك أَجمَعا
قال: الفراء: أصله لِتُغْنِيَنّ فأسكن الياء على لغة الذين يقولون رأيت
قاضٍ ورامٍ، فلما سكنت سقطت لسكونها وسكون النون الأولى، قال: ومن العرب
من يقول اقْضِنٍَّ يا رجل، وابْكِنَّ يا رجل، والكلام الجيد: اقْضِيَنَّ
وابْكِيَنَّ؛ وأَنشد:
يا عَمْرُو، أَحْسِنْ نَوالَ الله بالرَّشَدِ،
واقْرَأ سلاماً على الأنقاءِ والثَّمدِ
وابْكِنَّ عَيْشاً تَوَلَّى بعد جِدَّتِه،
طابَتْ أَصائلُه في ذلك البَلدِ
قال أبو منصور: والقول ما قال ابن الأَنباري. قال أبو بكر: سأَلت أبا
العباس عن اللام في قوله عز وجل: لِيَغْفِرَ لك اللهُ، قال: هي لام كَيْ،
معناها إنا فتَحْنا لك فَتْحاً مُبِيناً لكي يجتمع لك مع المغفرة تمام
النعمة في الفتح، فلما انضم إلى المغفرة شيءٌ حادثٌ واقعٌ حسُنَ معنى كي،
وكذلك قوله: ليَجْزِيَ الذين آمنوا وعمِلوا الصالحاتِ، هي لامُ كي تتصل
بقوله: لا يعزُبُ عنه مثقال ذرّة، إلى قوله: في كتاب مبين أَحصاه عليهم لكيْ
يَجْزِيَ المُحْسِنَ بإحسانه والمُسِيءَ بإساءَته. (لام الأمر): وهو
كقولك لِيَضْرِبْ زيدٌ عمراً؛ وقال أبو إسحق: أَصلها نَصْبٌ، وإنما كسرت
ليفرق بينها وبين لام التوكيد ولا يبالىَ بشَبهِها بلام الجر، لأن لام الجر
لا تقع في الأفعال، وتقعُ لامُ التوكيد في الأفعال، ألا ترى أنك لو قلت
لِيعضْرِبْ، وأنت تأْمُر، لأَشبَهَ لامَ التوكيد إذا قلت إنك لَتَضْرِبُ
زيداً؟ وهذه اللام في الأَمر أَكثر ما اسْتُعْملت في غير المخاطب، وهي
تجزم الفعل، فإن جاءَت للمخاطب لم يُنْكَر. قال الله تعالى: فبذلك
فلْيَفرَحُوا هو خير؛ أكثرُ القُرّاء قرؤُوا: فلْيَفرَحوا، بالياء. وروي عن زيد بن
ثابت أنه قرأَ: فبذلك فلْتَفْرَحوا؛ يريد أَصحاب سيدنا رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، هو خير مما يَجْمَعون؛ أي مما يجمع الكُفَّار؛ وقَوَّى
قراءةَ زيد قراءةُ أُبيّ فبذلك فافْرَحوا، وهو البِناء الذي خُلق للأَمر
إذا واجَهْتَ به؛ قال الفراء: وكان الكسائي يَعيب قولَهم فلْتَفْرَحوا لأنه
وجده قليلاً فجعله عَيْباً؛ قال أبو منصور: وقراءة يعقوب الحضرمي بالتاء
فلْتَفرَحوا، وهي جائزة. قال الجوهري: لامُ الأَمْرِ تأْمُر بها
الغائبَ، وربما أَمرُوا بها المخاطَبَ، وقرئ: فبذلك فلْتَفْرَحوا، بالتاء؛ قال:
وقد يجوز حَذْفُ لامِ الأَمر في الشعر فتعمل مضْمرة كقول مُتمِّم بن
نُوَيْرة:
على مِثْلِ أَصحابِ البَعوضةِ فاخْمُِشِي،
لكِ الوَيْلُ حُرَّ الوَجْهِ أو يَبكِ من بَكى
أراد: لِيَبْكِ، فحذف اللام، قال: وكذلك لامُ أَمرِ المُواجَهِ؛ قال
الشاعر:
قلتُ لبَوَّابٍ لَدَيْه دارُها:
تِئْذَنْ، فإني حَمْؤها وجارُها
أراد: لِتَأْذَن، فحذف اللامَ وكسرَ التاءَ على لغة من يقول أَنتَ
تِعْلَمُ؛ قال الأزهري: اللام التي للأَمْرِ في تأْويل الجزاء، من ذلك قولُه
عز وجل: اتَّبِعُوا سَبِيلَنا ولْنَحْمِلْ خَطاياكم؛ قال الفراء: هو أَمر
فيه تأْويلُ جَزاء كما أَن قوله: ادْخُلوا مساكنكم لا يَحْطِمَنَّكم،
نهيٌ في تأْويل الجزاء، وهو كثير في كلام العرب؛ وأَنشد:
فقلتُ: ادْعي وأدْعُ، فإنَّ أنْدَى
لِصَوْتٍ أن يُناديَ داعِيانِ
أي ادْعِي ولأَدْعُ، فكأَنه قال: إن دَعَوْتِ دَعَوْتُ، ونحو ذلك. قال
الزجاج: وزاد فقال: يُقْرأُ قوله ولنَحْمِلْ خطاياكم، بسكون اللام وكسرها،
وهو أَمر في تأْويل الشرط، المعنى إِن تتبَّعوا سَبيلَنا حمَلْنا
خطاياكم. (لام التوكيد): وهي تتصل بالأسماء والأفعال التي هي جواباتُ القسم
وجَوابُ إنَّ، فالأسماء كقولك: إن زيداً لَكَريمٌ وإنّ عمراً لَشُجاعٌ،
والأفعال كقولك: إه لَيَذُبُّ عنك وإنه ليَرْغَبُ في الصلاح، وفي القسَم:
واللّهِ لأصَلِّيَنَّ وربِّي لأصُومَنَّ، وقال اللّه تعالى: وإنَّ منكم
لَمَنْ لَيُبَطِّئنّ؛ أي مِمّنْ أَظهر الإِيمانَ لَمَنْ يُبَطِّئُ عن
القتال؛ قال الزجاج: اللامُ الأُولى التي في قوله لَمَنْ لامُ إنّ، واللام التي
في قوله ليُبَطِّئنّ لامُ القسَم، ومَنْ موصولة بالجالب للقسم، كأَنّ
هذا لو كان كلاماً لقلت: إنّ منكم لَمنْ أَحْلِف بالله واللّه ليُبَطِّئنّ،
قال: والنحويون مُجْمِعون على أنّ ما ومَنْ والذي لا يوصَلْنَ بالأمر
والنهي إلا بما يضمر معها من ذكر الخبر، وأََن لامَ القسَمِ إِِذا جاءت مع
هذه الحروف فلفظ القَسم وما أََشبَه لفظَه مضمرٌ معها. قال الجوهري: أما
لامُ التوكيد فعلى خمسة أَََضرب، منها لامُ الابتداء كقولك لَزيدٌ
أَََفضل من عمرٍٍو، ومنها اللام التي تدخل في خبر إنّ المشددة والمخففة كقوله
عز وجل: إِنَّ ربَّك لبِالمِرْصادِ، وقوله عز من قائلٍ: وإنْ كانت
لَكبيرةً؛ ومنها التي تكون جواباً لِلَوْ ولَوْلا كقوله تعالى: لولا أََنتم
لَكُنَّا مؤمنين، وقوله تعالى: لو تَزَيَّلُوا لعذّبنا الذين كفروا؛ ومنها
التي في الفعل المستقبل المؤكد بالنون كقوله تعالى: لَيُسْجَنَنّ
وليَكُونَن من الصاغرين؛ ومنها لام جواب القسم، وجميعُ لاماتِ التوكيد تصلح أَن
تكون جواباً للقسم كقوله تعالى: وإنّ منكم لَمَنْ لَيُبَطئَنّ؛ فاللام
الأُولى للتوكيد والثانية جواب، لأنّ المُقْسَم جُمْلةٌ توصل بأخرى، وهي
المُقْسَم عليه لتؤكِّدَ الثانيةُ بالأُولى، ويربطون بين الجملتين بحروف
يسميها النحويون جوابَ القسَم، وهي إنَّ المكسورة المشددة واللام المعترض
بها، وهما يمعنى واحد كقولك: والله إنّ زيداً خَيْرٌ منك، وواللّه لَزَيْدٌ
خيرٌ منك، وقولك: والله ليَقومَنّ زيدٌ، إذا أدخلوا لام القسم على فعل
مستقبل أَدخلوا في آخره النون شديدة أَو خفيفة لتأْكيد الاستقبال وإِخراجه
عن الحال، لا بدَّ من ذلك؛ ومنها إن الخفيفة المكسورة وما، وهما بمعنى
كقولك: واللّه ما فعَلتُ، وواللّه إنْ فعلتُ، بمعنى؛ ومنها لا كقولك:
واللّهِ لا أفعَلُ، لا يتصل الحَلِف بالمحلوف إلا بأَحد هذه الحروف الخمسة،
وقد تحذف وهي مُرادةٌ. قال الجوهري: واللام من حروف الزيادات، وهي على
ضربين: متحركة وساكنة، فأَما الساكنة فعلى ضربين: أَحدهما لام التعريف
ولسُكونِها أُدْخِلَتْ عليها ألفُ الوصل ليصح الابتداء بها، فإِذا اتصلت بما
قبلها سقَطت الأَلفُ كقولك الرجُل، والثاني لامُ الأمرِ إِذا ابْتَدَأتَها
كانت مكسورة، وإِن أَدخلت عليها حرفاً من حروف العطف جاز فيها الكسرُ
والتسكين كقوله تعالى: ولِيَحْكُم أَهل الإِنجيل؛ وأما اللاماتُ المتحركة
فهي ثلاثٌ: لامُ الأمر ولامُ التوكيد ولامُ الإِضافة. وقال في أَثناء
الترجمة: فأَما لامُ الإِضافةِ فعلى ثمانية أضْرُبٍ: منها لامُ المِلْك كقولك
المالُ لِزيدٍ، ومنها لامُ الاختصاص كقولك أخ لِزيدٍ، ومنها لام
الاستغاثة كقول الحرث بن حِلِّزة:
يا لَلرِّجالِ ليَوْمِ الأرْبِعاء، أما
يَنْفَكُّ يُحْدِث لي بعد النُّهَى طَرَبا؟
واللامان جميعاً للجرّ، ولكنهم فتحوا الأُولى وكسروا الثانية ليفرقوا
بين المستغاثِ به والمستغاثَ له، وقد يحذفون المستغاث به ويُبْقُون
المستغاثَ له، يقولون: يا لِلْماءِ، يريدون يا قومِ لِلْماء أَي للماء أَدعوكم،
فإن عطفتَ على المستغاثِ به بلامٍ أخرى كسرتها لأنك قد أمِنْتَ اللبس
بالعطف كقول الشاعر:
يا لَلرِّجالِ ولِلشُّبَّانِ للعَجَبِ
قال ابن بري: صواب إنشاده:
يا لَلْكُهُولِ ولِلشُّبَّانِ للعجب
والبيت بكماله:
يَبْكِيكَ ناءٍ بَعِيدُ الدارِ مُغْتَرِبٌ،
يا لَلْكهول وللشبّان للعجب
وقول مُهَلْهِل بن ربيعة واسمه عديّ:
يا لَبَكْرٍ أنشِروا لي كُلَيْباً،
يا لبَكرٍ أيْنَ أينَ الفِرارُ؟
استغاثة. وقال بعضهم: أَصله يا آلَ بكْرٍ فخفف بحذف الهمزة كما قال جرير
يخاطب بِشْر بن مَرْوانَ لما هجاه سُراقةُ البارِقيّ:
قد كان حَقّاً أَن نقولَ لبارِقٍ:
يا آلَ بارِقَ، فِيمَ سُبَّ جَرِيرُ؟
ومنها لام التعجب مفتوحة كقولك يا لَلْعَجَبِ، والمعنى يا عجبُ احْضُرْ
فهذا أوانُك، ومنها لامُ العلَّة بمعنى كَيْ كقوله تعالى: لِتَكونوا
شُهَداء على الناس؛ وضَرَبْتُه لِيتَأدَّب أَي لِكَيْ يتَأدَّبَ لأَجل
التأدُّبِ، ومنها لامُ العاقبة كقول الشاعر:
فلِلْمَوْتِ تَغْذُو الوالِداتُ سِخالَها،
كما لِخَرابِ الدُّورِ تُبْنَى المَساكِنُ
(* قوله «لخراب الدور» الذي في القاموس والجوهري: لخراب الدهر).
أي عاقبته ذلك؛ قال ابن بري: ومثله قول الآخر:
أموالُنا لِذَوِي المِيراثِ نَجْمَعُها،
ودُورُنا لِخَرابِ الدَّهْر نَبْنِيها
وهم لم يَبْنُوها للخراب ولكن مآلُها إلى ذلك؛ قال: ومثلُه ما قاله
شُتَيْم بن خُوَيْلِد الفَزاريّ يرثي أَولاد خالِدَة الفَزارِيَّةِ، وهم
كُرْدم وكُرَيْدِم ومُعَرِّض:
لا يُبْعِد اللّهُ رَبُّ البِلا
دِ والمِلْح ما ولَدَتْ خالِدَهْ
(* قوله «رب البلاد» تقدم في مادة ملح: رب العباد).
فأُقْسِمُ لو قَتَلوا خالدا،
لكُنْتُ لهم حَيَّةً راصِدَهْ
فإن يَكُنِ الموْتُ أفْناهُمُ،
فلِلْمَوْتِ ما تَلِدُ الوالِدَهْ
ولم تَلِدْهم أمُّهم للموت، وإنما مآلُهم وعاقبتُهم الموتُ؛ قال ابن
بري: وقيل إن هذا الشعر لِسِمَاك أَخي مالك بن عمرو العامليّ، وكان
مُعْتَقَلا هو وأخوه مالك عند بعض ملوك غسّان فقال:
فأبْلِغْ قُضاعةَ، إن جِئْتَهم،
وخُصَّ سَراةَ بَني ساعِدَهْ
وأبْلِغْ نِزاراً على نأْيِها،
بأَنَّ الرِّماحَ هي الهائدَهْ
فأُقسِمُ لو قَتَلوا مالِكاً،
لكنتُ لهم حَيَّةً راصِدَهْ
برَأسِ سَبيلٍ على مَرْقَبٍ،
ويوْماً على طُرُقٍ وارِدَهْ
فأُمَّ سِمَاكٍ فلا تَجْزَعِي،
فلِلْمَوتِ ما تَلِدُ الوالِدَهْ
ثم قُتِل سِماكٌ فقالت أمُّ سماك لأخيه مالِكٍ: قبَّح الله الحياة بعد
سماك فاخْرُج في الطلب بأخيك، فخرج فلَقِيَ قاتِلَ أَخيه في نَفَرٍ
يَسيرٍ فقتله. قال وفي التنزيل العزيز: فالتَقَطَه آلُ فرعَون ليكونَ لهم
عَدُوّاً وحَزَناً؛ ولم يلتقطوه لذلك وإنما مآله العداوَة، وفيه: ربَّنا
لِيَضِلُّوا عن سَبيلِك؛ ولم يُؤْتِهم الزِّينةَ والأَموالَ للضلال وإِنما
مآله الضلال، قال: ومثله: إِني أَراني أعْصِرُ خَمْراً؛ ومعلوم أَنه لم
يَعْصِر الخمرَ، فسماه خَمراً لأنَّ مآله إلى ذلك، قال: ومنها لام الجَحْد
بعد ما كان ولم يكن ولا تَصْحَب إلا النفي كقوله تعالى: وما كان اللهُ
لِيُعذِّبَهم، أي لأن يُعذِّبهم، ومنها لامُ التاريخ كقولهم: كَتَبْتُ
لِثلاث خَلَوْن أي بَعْد ثلاث؛ قال الراعي:
حتّى وَرَدْنَ لِتِمِّ خِمْسٍ بائِصٍ
جُدّاً، تَعَاوَره الرِّياحُ، وَبِيلا
البائصُ: البعيد الشاقُّ، والجُدّ: البئرْ وأَرادَ ماءَ جُدٍّ، قال:
ومنها اللامات التي تؤكِّد بها حروفُ المجازة ويُجاب بلام أُخرى توكيداً
كقولك: لئنْ فَعَلْتَ كذا لَتَنْدَمَنَّ، ولئن صَبَرْتَ لَترْبحنَّ. وفي
التنزيل العزيز: وإِذ أَخذَ اللّهُ ميثاق النبييّن لَمَا آتَيْتُكُم من
كِتابٍ وحِكمة ثم جاءكم رسول مَصدِّقٌ لِما معكم لَتُؤمِنُنَّ به
ولَتَنْصُرُنَّه «الآية»؛ روى المنذري عن أبي طالب النحوي أَنه قال: المعنى في قوله
لَمَا آتَيْتكم لَمَهْما آتيتكم أَي أَيُّ كِتابٍ آتيتُكم لتُؤمنُنَّ به
ولَتَنْصُرُنَّه، قال: وقال أحمد بن يحيى قال الأخفش: اللام التي في
لَمَا اسم
(* قوله «اللام التي في لما اسم إلخ» هكذا بالأصل، ولعل فيه سقطاً،
والأصل اللام التي في لما موطئة وما اسم موصول والذي بعدها إلخ). والذي
بعدها صلةٌ لها، واللام التي في لتؤمِنُنّ به ولتنصرنَّه لامُ القسم
كأَنه قال واللّه لتؤْمنن، يُؤَكّدُ في أَول الكلام وفي آخره، وتكون من
زائدة؛ وقال أَبو العباس: هذا كله غلط، اللام التي تدخل في أَوائل الخبر تُجاب
بجوابات الأَيمان، تقول: لَمَنْ قامَ لآتِينَّه، وإذا وقع في جوابها ما
ولا عُلِم أَن اللام ليست بتوكيد، لأنك تضَع مكانها ما ولا وليست
كالأُولى وهي جواب للأُولى، قال: وأَما قوله من كتاب فأَسْقط من، فهذا غلطٌ لأنّ
من التي تدخل وتخرج لا تقع إِلاَّ مواقع الأَسماء، وهذا خبرٌ، ولا تقع
في الخبر إِنما تقع في الجَحْد والاستفهام والجزاء، وهو جعل لَمَا بمنزلة
لَعَبْدُ اللّهِ واللّهِ لَقائمٌ فلم يجعله جزاء، قال: ومن اللامات التي
تصحب إنْ: فمرّةً تكون بمعنى إِلاَّ، ومرةً تكون صلة وتوكيداً كقول اللّه
عز وجل: إِن كان وَعْدُ ربّنا لَمَفْعولاً؛ فمَنْ جعل إنْ جحداً جعل
اللام بمنزلة إلاّ، المعنى ما كان وعدُ ربِّنا إِلا مفعولاً، ومن جعل إن
بمعنى قد جعل اللام تأكيداً، المعنى قد كان وعدُ ربنا لمفعولاً؛ ومثله قوله
تعالى: إن كِدْتع لَتُرْدِين، يجوز فيها المعنيان؛ التهذيب: «لامُ التعجب
ولام الاستغاثة» روى المنذري عن المبرد أنه قال: إذا اسْتُغِيث بواحدٍ
أو بجماعة فاللام مفتوحة، تقول: يا لَلرجالِ يا لَلْقوم يا لزيد، قال:
وكذلك إذا كنت تدعوهم، فأَما لام المدعوِّ إليه فإِنها تُكسَر، تقول: يا
لَلرِّجال لِلْعجب؛ قال الشاعر:
تَكَنَّفَني الوُشاةُ فأزْعَجوني،
فيا لَلنّاسِ لِلْواشي المُطاعِ
وتقول: يا للعجب إذا دعوت إليه كأَنك قلت يا لَلنَّاس لِلعجب، ولا يجوز
أَن تقول يا لَزيدٍ وهو مُقْبل عليك، إِنما تقول ذلك للبعيد، كما لا يجوز
أَن تقول يا قَوْماه وهم مُقبِلون، قال: فإن قلت يا لَزيدٍ ولِعَمْرو
كسرْتَ اللام في عَمْرو، وهو مدعوٌ، لأَنك إِنما فتحت اللام في زيد للفصل
بين المدعوّ والمدعوّ إليه، فلما عطفت على زيد استَغْنَيْتَ عن الفصل لأَن
المعطوف عليه مثل حاله؛ وقد تقدم قوله:
يا لَلكهولِ ولِلشُّبّانِ لِلعجب
والعرب تقول: يا لَلْعَضِيهةِ ويا لَلأَفيكة ويا لَلبَهيتة، وفي اللام
التي فيها وجهان: فإِن أردت الاستغاثة نصبتها، وإِن أَردت أَن تدعو إليها
بمعنى التعجب منه كسرتها، كأَنك أَردت: يا أَيها الرجلُ عْجَبْ
لِلْعَضيهة، ويا أيها الناس اعْجَبوا للأَفيكة. وقال ابن الأَنباري: لامُ
الاستغاثة مفتوحة، وهي في الأَصل لام خفْضٍ إِلا أَن الاستعمال فيها قد كثر مع
يا، فجُعِلا حرفاً واحداً؛ وأَنشد:
يا لَبَكرٍ أنشِروا لي كُلَيباً
قال: والدليل على أَنهم جعلوا اللام مع يا حرفاً واحداً
قول الفرزدق:
فخَيرٌ نَحْنُ عند الناس منكمْ،
إذا الداعي المُثَوِّبُ قال: يالا
وقولهم: لِم فعلتَ، معناه لأيِّ شيء فعلته؟ والأصل فيه لِما فعلت فجعلوا
ما في الاستفهام مع الخافض حرفاً واحداً واكتفَوْا بفتحة الميم من اإلف
فأسْقطوها، وكذلك قالوا: عَلامَ تركتَ وعَمَّ تُعْرِض وإلامَ تنظر
وحَتَّمَ عَناؤُك؟ وأنشد:
فحَتَّامَ حَتَّام العَناءُ المُطَوَّل
وفي التنزيل العزيز: فلِمَ قتَلْتُموهم؛ أراد لأي علَّة وبأيِّ حُجّة،
وفيه لغات: يقال لِمَ فعلتَ، ولِمْ فعلتَ، ولِما فعلت، ولِمَهْ فعلت،
بإدخال الهاء للسكت؛ وأنشد:
يا فَقْعَسِيُّ، لِمْ أَكَلْتَه لِمَهْ؟
لو خافَك اللهُ عليه حَرَّمَهْ
قال: ومن اللامات لامُ التعقيب للإضافة وهي تدخل مع الفعل الذي معناه
الاسم كقولك: فلانٌ عابرُ الرُّؤْيا وعابرٌ لِلرؤْيا، وفلان راهِبُ رَبِّه
وراهبٌ لرَبِّه. وفي التنزيل العزيز: والذين هم لربهم يَرهبون، وفيه: إن
كنتم للرؤْيا تَعْبُرون؛ قال أبو العباس ثعلب: إنما دخلت اللام
تَعْقِيباً للإضافة، المعنى هُمْ راهبون لربهم وراهِبُو ربِّهم، ثم أَدخلوا اللام
على هذا، والمعنى لأنها عَقَّبت للإضافة، قال: وتجيء اللام بمعنى إلى
وبمعنى أَجْل، قال الله تعالى: بأن رَبَّكَ أَوْحى لها؛ أي أَوحى إليها،
وقال تعالى: وهم لها سابقون؛ أي وهم إليها سابقون، وقيل في قوله تعالى:
وخَرُّوا له سُجَّداً؛ أي خَرُّوا من أَجلِه سُجَّداً كقولك أَكرمت فلاناً لك
أي من أَجْلِك. وقوله تعالى: فلذلك فادْعُ واسْتَقِمْ كما أُمِرْتَ؛
معناه فإلى ذلك فادْعُ؛ قاله الزجاج وغيره. وروى المنذري عن أبي العباس أنه
سئل عن قوله عز وجل: إن أحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنفُسكم وإن
أَسأْتُمْ فلها؛ أي عليها
(* قوله «فلها أي عليها» هكذا بالأصل، ولعل فيه سقطاً،
والأصل: فقال أي عليها). جعل اللام بمعنى على؛ وقال ابن السكيت في قوله:
فلما تَفَرَّقْنا، كأنِّي ومالِكاً
لطولِ اجْتماعٍ لم نَبِتْ لَيْلةً مَعا
قال: معنى لطول اجتماع أي مع طول اجتماع، تقول: إذا مضى شيء فكأنه لم
يكن، قال: وتجيء اللام بمعنى بَعْد؛ ومنه قوله:
حتى وَرَدْنَ لِتِمِّ خِمْسٍ بائِص
أي بعْد خِمْسٍ؛ ومنه قولهم: لثلاث خَلَوْن من الشهر أي بعد ثلاث، قال:
ومن اللامات لام التعريف التي تصحبها الألف كقولك: القومُ خارجون والناس
طاعنون الحمارَ والفرس وما أشبهها، ومنها اللام الأصلية كقولك: لَحْمٌ
لَعِسٌ لَوْمٌ وما أَشبهها، ومنها اللام الزائدة في الأَسماء وفي الأفعال
كقولك: فَعْمَلٌ لِلْفَعْم، وهو الممتلئ، وناقة عَنْسَل للعَنْس
الصُّلبة، وفي الأَفعال كقولك قَصْمَله أي كسره، والأصل قَصَمه، وقد زادوها في
ذاك فقالوا ذلك، وفي أُولاك فقالوا أُولالِك، وأما اللام التي في لَقعد
فإنها دخلت تأْكيداً لِقَدْ فاتصلت بها كأَنها منها، وكذلك اللام التي في
لَما مخفّفة. قال الأزهري: ومن اللاَّماتِ ما رَوى ابنُ هانِئٍ عن أبي زيد
يقال: اليَضْرِبُك ورأَيت اليَضْرِبُك، يُريد الذي يضرِبُك، وهذا
الوَضَع الشعرَ، يريد الذي وضَع الشعر؛ قال: وأَنشدني المُفضَّل:
يقولُ الخَنا وابْغَضُ العْجْمِ ناطِقاً،
إلى ربِّنا، صَوتُ الحمارِ اليُجَدَّعُ
يريد الذي يُجدَّع؛ وقال أيضاً:
أَخِفْنَ اطِّنائي إن سَكَتُّ، وإنَّني
لَفي شُغُلٍ عن ذَحْلِا اليُتَتَبَّعُ
(* قوله «أخفن اطنائي إلخ» هكذا في الأصل هنا، وفيه في مادة تبع: اطناني
ان شكين، وذحلي بدل ذحلها).
يريد: الذي يُتتبَّع؛ وقال أبو عبيد في قول مُتمِّم:
وعَمْراً وحوناً بالمُشَقَّرِ ألْمَعا
(* قوله «وحوناً» كذا بالأصل).
قال: يعني اللَّذَيْنِ معاً فأَدْخل عليه الألف واللام صِلةً، والعرب
تقول: هو الحِصْنُ أن يُرامَ، وهو العَزيز أن يُضَامَ، والكريمُ أن
يُشتَمَ؛ معناه هو أَحْصَنُ من أن يُرامَ، وأعزُّ من أن يُضامَ، وأَكرمُ من أن
يُشْتَم، وكذلك هو البَخِيلُ أن يُرْغَبَ إليه أي هو أَبْخلُ من أَن
يُرْغَبَ إليه، وهو الشُّجاع أن يَثْبُتَ له قِرْنٌ. ويقال: هو صَدْقُ
المُبْتَذَلِ أي صَدْقٌ عند الابتِذال، وهو فَطِنُ الغَفْلةِ فَظِعُ المُشاهدة.
وقال ابن الأنباري: العرب تُدْخِل الألف واللام على الفِعْل المستقبل على
جهة الاختصاص والحكاية؛ وأنشد للفرزدق:
ما أَنتَ بالحَكَمِ التُّرْضَى حْكُومَتُه،
ولا الأَصِيلِ، ولا ذِي الرَّأْي والجَدَلِ
وأَنشد أَيضاً:
أَخفِنَ اطِّنائي إن سكتُّ، وإنني
لفي شغل عن ذحلها اليُتَتَبَّع
فأَدخل الأَلف واللام على يُتتبّع، وهو فعلٌ مستقبل لِما وَصَفْنا، قال:
ويدخلون الألف واللام على أَمْسِ وأُلى، قال: ودخولها على المَحْكِيَّات
لا يُقاس عليه؛ وأَنشد:
وإنِّي جَلَسْتُ اليومَ والأَمْسِ قَبْلَه
بِبابِك، حتى كادت الشمسُ تَغْرُبُ
فأََدخلهما على أََمْسِ وتركها على كسرها، وأَصل أَمْسِ أَمرٌ من
الإمْساء، وسمي الوقتُ بالأمرِ ولم يُغيَّر لفظُه، والله أَعلم.
كتب: الكِتابُ: معروف، والجمع كُتُبٌ وكُتْبٌ. كَتَبَ الشيءَ يَكْتُبه كَتْباً وكِتاباً وكِتابةً، وكَتَّبَه: خَطَّه؛ قال أَبو النجم:
أَقْبَلْتُ من عِنْدِ زيادٍ كالخَرِفْ،
تَخُطُّ رِجْلايَ بخَطٍّ مُخْتَلِفْ،
تُكَتِّبانِ في الطَّريقِ لامَ أَلِفْ
قال: ورأَيت في بعض النسخِ تِكِتِّبانِ، بكسر التاء، وهي لغة بَهْرَاءَ، يَكْسِرون التاء، فيقولون: تِعْلَمُونَ، ثم أَتْبَعَ الكافَ كسرةَ
التاء.والكِتابُ أَيضاً: الاسمُ، عن اللحياني. الأَزهري: الكِتابُ اسم لما كُتب مَجْمُوعاً؛ والكِتابُ مصدر؛ والكِتابةُ لِـمَنْ تكونُ له صِناعةً، مثل الصِّياغةِ والخِـياطةِ.
والكِتْبةُ: اكْتِتابُك كِتاباً تنسخه.
ويقال: اكْتَتَبَ فلانٌ فلاناً أَي سأَله أَن يَكْتُبَ له كِتاباً في حاجة. واسْتَكْتَبه الشيءَ أَي سأَله أَن يَكْتُبَه له. ابن سيده: اكْتَتَبَه ككَتَبَه. وقيل: كَتَبَه خَطَّه؛ واكْتَتَبَه: اسْتَمْلاه، وكذلك اسْتَكْتَبَه. واكْتَتَبه: كَتَبه، واكْتَتَبْته: كَتَبْتُه. وفي التنزيل العزيز: اكْتَتَبَها فهي تُمْلى عليه بُكْرةً وأَصِـيلاً؛ أَي اسْتَكْتَبَها. ويقال: اكْتَتَبَ الرجلُ إِذا كَتَبَ نفسَه في دِيوانِ السُّلْطان. وفي الحديث: قال له رجلٌ إِنَّ امرأَتي خَرَجَتْ حاجَّةً، وإِني اكْتُتِبْت في غزوة كذا وكذا؛ أَي كَتَبْتُ اسْمِي في جملة الغُزاة. وتقول: أَكْتِبْنِي هذه القصيدةَ أَي أَمْلِها عليَّ. والكِتابُ: ما كُتِبَ فيه. وفي الحديث: مَن نَظَرَ في كِتابِ أَخيه بغير إِذنه، فكأَنما يَنْظُرُ في النار؛ قال ابن الأَثير: هذا تمثيل، أَي كما يَحْذر النارَ، فَلْـيَحْذَرْ هذا الصنيعَ، قال: وقيل معناه كأَنما يَنْظُر إِلى ما يوجِبُ عليه النار؛ قال: ويحتمل أَنه أَرادَ عُقوبةَ البَصرِ لأَن الجناية منه، كما يُعاقَبُ السمعُ إِذا اسْتَمع إِلى قوم، وهم له كارهُونَ؛ قال: وهذا الحديث محمولٌ على الكِتابِ الذي فيه سِرٌّ وأَمانة، يَكْرَه صاحبُه أَن يُطَّلَع عليه؛ وقيل: هو عامٌّ في كل كتاب. وفي الحديث: لا تَكْتُبوا عني غير القرآن. قال ابن الأَثير: وَجْهُ الجَمْعِ بين هذا الحديث، وبين اذنه في كتابة الحديث
عنه، فإِنه قد ثبت إِذنه فيها، أَن الإِذْنَ، في الكتابة، ناسخ للمنع منها بالحديث الثابت، وبـإِجماع الأُمة على جوازها؛ وقيل: إِنما نَهى أَن يُكْتَبَ الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة، والأَوَّل الوجه. وحكى الأَصمعي عن أَبي عمرو بن العَلاء: أَنه سمع بعضَ العَرَب يقول، وذَكَر إِنساناً فقال: فلانٌ لَغُوبٌ، جاءَتْهُ كتَابي فاحْتَقَرَها، فقلتُ له: أَتَقُولُ جاءَته كِتابي؟ فقال: نَعَمْ؛ أَليس بصحيفة! فقلتُ له: ما اللَّغُوبُ؟ فقال: الأَحْمَقُ؛ والجمع كُتُبٌ. قال سيبويه: هو مما اسْتَغْنَوْا فيه ببناءِ أَكثرِ العَدَدِ عن بناء أَدْناه، فقالوا: ثلاثةُ كُتُبٍ.
والـمُكاتَبَة والتَّكاتُبُ، بمعنى. والكِتابُ، مُطْلَقٌ: التوراةُ؛ وبه فسر الزجاج قولَه تعالى: نَبَذَ فَريقٌ من الذين أُوتُوا الكِتابَ. وقوله: كتابَ اللّه؛ جائز أَن يكون القرآنَ، وأَن يكون التوراةَ، لأَنَّ الذين كفروا بالنبي، صلى اللّه عليه وسلم، قد نَبَذُوا التوراةَ. وقولُه تعالى: والطُّورِ وكتابٍ مَسْطور. قيل: الكِتابُ ما أُثْبِتَ على بني آدم من أَعْمالهم. والكِتابُ: الصحيفة والدَّواةُ، عن اللحياني. قال: وقد قرئ ولم تَجدوا كِتاباً وكُتَّاباً وكاتِـباً؛ فالكِتابُ ما يُكْتَبُ فيه؛ وقيل الصّحيفة والدَّواةُ، وأما الكاتِبُ والكُتَّاب فمعروفانِ. وكَتَّبَ الرجلَ وأَكْتَبَه إِكْتاباً: عَلَّمَه الكِتابَ. ورجل مُكْتِبٌ: له أَجْزاءٌ تُكْتَبُ من عنده. والـمُكْتِبُ: الـمُعَلِّمُ؛ وقال اللحياني: هو الـمُكَتِّبُ الذي يُعَلِّم الكتابَة. قال الحسن: كان الحجاج مُكْتِـباً بالطائف، يعني مُعَلِّماً؛ ومنه قيل: عُبَيْدٌ الـمُكْتِبُ، لأَنه كان مُعَلِّماً.
والـمَكْتَبُ: موضع الكُتَّابِ. والـمَكْتَبُ والكُتَّابُ: موضع تَعْلِـيم الكُتَّابِ، والجمع الكَتَاتِـيبُ والـمَكاتِبُ. الـمُبَرِّدُ: الـمَكْتَبُ موضع التعليم، والـمُكْتِبُ الـمُعَلِّم، والكُتَّابُ الصِّبيان؛ قال: ومن جعل الموضعَ الكُتَّابَ، فقد أَخْطأَ. ابن الأَعرابي: يقال لصبيان الـمَكْتَبِ الفُرْقانُ أَيضاً. ورجلٌ كاتِبٌ، والجمع كُتَّابٌ وكَتَبة، وحِرْفَتُه الكِتابَةُ. والكُتَّابُ: الكَتَبة. ابن الأَعرابي: الكاتِبُ عِنْدَهم العالم. قال اللّه تعالى: أَم عِنْدَهُم الغيبُ فَهُمْ يَكْتُبونَ؟ وفي كتابه إِلى أَهل اليمن: قد بَعَثْتُ إِليكم كاتِـباً من أَصحابي؛ أَراد عالماً، سُمِّي به لأَن الغالبَ على من كان يَعْرِفُ الكتابةَ، أَن عنده العلم والمعرفة، وكان الكاتِبُ عندهم عزيزاً، وفيهم قليلاً.
والكِتابُ: الفَرْضُ والـحُكْمُ والقَدَرُ؛ قال الجعدي:
يا ابْنَةَ عَمِّي ! كِتابُ اللّهِ أَخْرَجَني * عَنْكُمْ، وهل أَمْنَعَنَّ اللّهَ ما فَعَلا؟
والكِتْبة: الحالةُ. والكِتْبةُ: الاكْتِتابُ في الفَرْضِ والرِّزْقِ.
ويقال: اكْتَتَبَ فلانٌ أَي كَتَبَ اسمَه في الفَرْض. وفي حديث ابن عمر: من اكْتَتَبَ ضَمِناً، بعَثَه اللّه ضَمِناً يوم القيامة، أَي من كَتَبَ اسْمَه في دِيوانِ الزَّمْنَى ولم يكن زَمِناً، يعني الرجل من أَهلِ الفَيْءِ فُرِضَ له في الدِّيوانِ فَرْضٌ، فلما نُدِبَ للخُروجِ مع
المجاهدين، سأَل أَن يُكْتَبَ في الضَّمْنَى، وهم الزَّمْنَى، وهو صحيح.
والكِتابُ يُوضَع موضع الفَرْض. قال اللّه تعالى: كُتِبَ عليكم القِصاصُ في القَتْلى. وقال عز وجل: كُتِبَ عليكم الصيامُ؛ معناه: فُرِضَ.
وقال: وكَتَبْنا عليهم فيها أَي فَرَضْنا. ومن هذا قولُ النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لرجلين احتَكما إِليه: لأَقْضِـيَنَّ بينكما بكِتابِ اللّه أَي بحُكْم اللّهِ الذي أُنْزِلَ في كِتابه، أَو كَتَبَه على عِـبادِه، ولم يُرِدِ القُرْآنَ، لأَنَّ النَّفْيَ والرَّجْمَ لا ذِكْر لَـهُما فيه؛ وقيل: معناه أَي بفَرْضِ اللّه تَنْزيلاً أَو أَمْراً، بَيَّنه على لسانِ رسوله، صلى اللّه عليه وسلم. وقولُه تعالى: كِتابَ اللّهِ عليكم؛ مصْدَرٌ أُريدَ به الفِعل أَي كَتَبَ اللّهُ عليكم؛ قال: وهو قَوْلُ حُذَّاقِ النحويين (1)
(1 قوله «وهو قول حذاق النحويين» هذه عبارة الأزهري في تهذيبه ونقلها الصاغاني في تكملته، ثم قال: وقال الكوفيون هو منصوب على الاغراء بعليكم وهو بعيد، لأن ما انتصب بالاغراء لا يتقدم على ما قام مقام الفعل وهو عليكم وقد تقدم
في هذا الموضع. ولو كان النص عليكم كتاب اللّه لكان نصبه على الاغراء أحسن من المصدر.) . وفي حديث أَنَسِ بن النَّضْر، قال له: كِتابُ اللّه القصاصُ أَي فَرْضُ اللّه على لسانِ نبيه، صلى اللّه عليه وسلم؛ وقيل: هو إِشارة إِلى قول اللّه، عز وجل: والسِّنُّ بالسِّنِّ، وقوله تعالى: وإِنْ عاقَبْتُمْ فعاقِـبوا بمثل ما عُوقِـبْتُمْ به. وفي حديث بَريرَةَ: من اشْتَرَطَ شَرْطاً ليس في كتاب اللّه أَي ليس في حكمه، ولا على مُوجِبِ قَضاءِ كتابِه، لأَنَّ كتابَ اللّه أَمَرَ بطاعة الرسول، وأَعْلَم أَنَّ سُنَّته بيانٌ له، وقد جعل الرسولُ الوَلاءَ لمن أَعْتَقَ، لا أَنَّ الوَلاءَ مَذْكور في القرآن نصّاً.
والكِتْبَةُ: اكْتِتابُكَ كِتاباً تَنْسَخُه.
واسْتَكْتَبه: أَمَرَه أَن يَكْتُبَ له، أَو اتَّخَذه كاتِـباً. والـمُكاتَبُ: العَبْدُ يُكاتَبُ على نَفْسه بثمنه، فإِذا سَعَى وأَدَّاهُ عَتَقَ.
وفي حديث بَريرَة: أَنها جاءَتْ تَسْتَعِـينُ بعائشة، رضي اللّه عنها، في كتابتها. قال ابن الأَثير: الكِتابةُ أَن يُكاتِبَ الرجلُ عبدَه على مالٍ يُؤَدِّيه إِليه مُنَجَّماً، فإِذا أَدَّاه صار حُرّاً. قال: وسميت
كتابةً، بمصدر كَتَبَ، لأَنه يَكْتُبُ على نفسه لمولاه ثَمَنه، ويَكْتُبُ
مولاه له عليه العِتْقَ. وقد كاتَبه مُكاتَبةً، والعبدُ مُكاتَبٌ. قال:
وإِنما خُصَّ العبدُ بالمفعول، لأَن أَصلَ الـمُكاتَبة من الـمَوْلى، وهو الذي يُكاتِبُ عبده. ابن سيده: كاتَبْتُ العبدَ: أَعْطاني ثَمَنَه على أَن أُعْتِقَه. وفي التنزيل العزيز: والذينَ يَبْتَغُون الكِتاب مما
مَلَكَتْ أَيمانُكم فكاتِـبُوهم إِنْ عَلِمْتم فيهم خَيْراً. معنى الكِتابِ
والـمُكاتَبةِ: أَن يُكاتِبَ الرجلُ عبدَه أَو أَمَتَه على مالٍ يُنَجِّمُه
عليه، ويَكْتُبَ عليه أَنه إِذا أَدَّى نُجُومَه، في كلِّ نَجْمٍ كذا
وكذا، فهو حُرٌّ، فإِذا أَدَّى جميع ما كاتَبه عليه، فقد عَتَقَ، وولاؤُه
لمولاه الذي كاتَبهُ. وذلك أَن مولاه سَوَّغَه كَسْبَه الذي هو في الأَصْل لمولاه، فالسيد مُكاتِب، والعَبدُ مُكاتَبٌ إِذا عَقَدَ عليه ما فارَقَه عليه من أَداءِ المال؛ سُمِّيت مُكاتَبة لِـما يُكْتَبُ للعبد على السيد من العِتْق إِذا أَدَّى ما فُورِقَ عليه، ولِـما يُكتَبُ للسيد على العبد من النُّجُوم التي يُؤَدِّيها في مَحِلِّها، وأَنَّ له تَعْجِـيزَــه إِذا
عَجَزَ عن أَداءِ نَجْمٍ يَحِلُّ عليه. الليث: الكُتْبةُ الخُرزَةُ المضْمومة بالسَّيْرِ، وجمعها كُتَبٌ. ابن سيده: الكُتْبَةُ، بالضم، الخُرْزَة
التي ضَمَّ السيرُ كِلا وَجْهَيْها. وقال اللحياني: الكُتْبة السَّيْر
الذي تُخْرَزُ به الـمَزادة والقِرْبةُ، والجمع كُتَبٌ، بفتح التاءِ؛ قال
ذو الرمة:
وَفْراءَ غَرْفِـيَّةٍ أَثْـأَى خَوارِزَها * مُشَلْشَلٌ، ضَيَّعَتْه بينها الكُتَبُ
الوَفْراءُ: الوافرةُ. والغَرْفيةُ: الـمَدْبُوغة بالغَرْف، وهو شجرٌ
يُدبغ به. وأَثْـأَى: أَفْسَدَ. والخَوارِزُ: جمع خارِزَة. وكَتَبَ السِّقاءَ والـمَزادة والقِرْبة، يَكْتُبه كَتْباً: خَرَزَه بِسَيرين، فهي كَتِـيبٌ. وقيل: هو أَن يَشُدَّ فمَه حتى لا يَقْطُرَ منه شيء.وأَكْتَبْتُ القِرْبة: شَدَدْتُها بالوِكاءِ، وكذلك كَتَبْتُها كَتْباً، فهي مُكْتَبٌ وكَتِـيبٌ. ابن الأَعرابي: سمعت أَعرابياً يقول: أَكْتَبْتُ فمَ السِّقاءِ فلم يَسْتَكْتِبْ أَي لم يَسْتَوْكِ لجَفائه وغِلَظِه.
وفي حديث المغيرة: وقد تَكَتَّبَ يُزَفُّ في قومه أَي تَحَزَّمَ وجَمَعَ
عليه ثيابَه، من كَتَبْتُ السقاءَ إِذا خَرَزْتَه. وقال اللحياني: اكْتُبْ
قِرْبَتَك اخْرُزْها، وأَكْتِـبْها: أَوكِها، يعني: شُدَّ رأْسَها.
والكَتْبُ: الجمع، تقول منه: كَتَبْتُ البَغْلة إِذا جمَعْتَ بين شُفْرَيْها
بحَلْقَةٍ أَو سَيْرٍ.
والكُتْبَةُ: ما شُدَّ به حياءُ البغلة، أَو الناقة، لئلا يُنْزَى عليها. والجمع كالجمع. وكَتَبَ الدابةَ والبغلة والناقةَ يَكْتُبها، ويَكْتِـبُها كَتْباً، وكَتَبَ عليها: خَزَمَ حَياءَها بحَلْقةِ حديدٍ أَو صُفْرٍ تَضُمُّ شُفْرَيْ حيائِها، لئلا يُنْزَى عليها؛ قال:
لا تَـأْمَنَنَّ فَزارِيّاً، خَلَوْتَ به، * على بَعِـيرِك واكْتُبْها بأَسْيارِ
وذلك لأَنَّ بني فزارة كانوا يُرْمَوْنَ بغِشْيانِ الإِبل. والبعيرُ
هنا: الناقةُ. ويُرْوَى: على قَلُوصِك. وأَسْيار: جمع سَيْر، وهو
الشَّرَكَةُ.
أَبو زيد: كَتَّبْتُ الناقةَ تَكْتيباً إِذا صَرَرْتَها. والناقةُ إِذا ظَئِرَتْ على غير ولدها، كُتِبَ مَنْخُراها بخَيْطٍ، قبلَ حَلِّ الدُّرْجَة عنها، ليكونَ أَرْأَم لها. ابن سيده: وكَتَبَ الناقة يَكْتُبُها كَتْباً: ظَـأَرها، فَخَزَمَ مَنْخَرَيْها بشيءٍ، لئلا تَشُمَّ البَوَّ، فلا تَرْأَمَه. وكَتَّبَها تَكْتيباً، وكَتَّبَ عليها: صَرَّرها. والكَتِـيبةُ: ما جُمِعَ فلم يَنْتَشِرْ؛ وقيل: هي الجماعة الـمُسْتَحِـيزَةُ من الخَيْل أَي في حَيِّزٍ على حِدَةٍ. وقيل: الكَتيبةُ جماعة الخَيْل إِذا أَغارت، من المائة إِلى الأَلف. والكَتيبة: الجيش. وفي حديث السَّقيفة: نحن أَنصارُ اللّه وكَتيبة الإِسلام. الكَتيبةُ: القِطْعة العظيمةُ من الجَيْش، والجمع الكَتائِبُ. وكَتَّبَ الكَتائِبَ: هَيَّـأَها كَتِـيبةً كتيبةً؛ قال طُفَيْل:
فأَلْوَتْ بغاياهم بنا، وتَباشَرَتْ * إِلى عُرْضِ جَيْشٍ، غيرَ أَنْ لم يُكَتَّبِ
وتَكَتَّبَتِ الخيلُ أَي تَجَمَّعَتْ. قال شَمِرٌ: كل ما ذُكِرَ في الكَتْبِ قريبٌ بعضُه من بعضٍ، وإِنما هو جَمْعُكَ بين الشيئين. يقال:
اكْتُبْ بَغْلَتَك، وهو أَنْ تَضُمَّ بين شُفْرَيْها بحَلْقةٍ، ومن ذلك سميت
الكَتِـيبَةُ لأَنها تَكَتَّبَتْ فاجْتَمَعَتْ؛ ومنه قيل: كَتَبْتُ الكِتابَ لأَنه يَجْمَع حَرْفاً إِلى حرف؛ وقول ساعدة بن جُؤَيَّة:
لا يُكْتَبُون ولا يُكَتُّ عَدِيدُهم، * جَفَلَتْ بساحتِهم كَتائِبُ أَوعَبُوا
قيل: معناه لا يَكْتُبُهم كاتبٌ من كثرتهم، وقد قيل: معناه لا
يُهَيَّؤُونَ.
وتَكَتَّبُوا: تَجَمَّعُوا. والكُتَّابُ: سَهْمٌ صغير، مُدَوَّرُ الرأْس، يَتَعَلَّم به الصبيُّ الرَّمْيَ، وبالثاءِ أَيضاً؛ والتاء في هذا الحرف أَعلى من الثاءِ.
وفي حديث الزهري: الكُتَيْبةُ أَكْثَرُها عَنْوةٌ،
وفيها صُلْحٌ. الكُتَيْبةُ، مُصَغَّرةً: اسم لبعض قُرى خَيْبَر؛ يعني أَنه فتَحَها قَهْراً، لا عن صلح. وبَنُو كَتْبٍ: بَطْنٌ، واللّه أَعلم.
مرا: المَرْوُ: حجارة بيضٌ بَرَّاقة تكون فيها النار وتُقْدَح منها
النار؛ قال أَبو ذؤيب:
الواهِبُ الأُدْمَ كالمَرُوِ الصِّلاب، إِذا
ما حارَدَ الخُورُ، واجْتُثَّ المَجاليحُ
(* قوله« الواهب الادم» وقع البيت في مادة جلح محرفاً فيه لفظ الصلاب
بالهلاب واجتث مبنياً للفاعل، والصواب ما هنا.)
واحدتها مَرْوَةٌ، وبها سميت المَرْوَة بمكة، شرفها الله تعالى. ابن
شميل: المَرْوُ حجر أَبيض رقيق يجعل منها المَطارُّ، يذبح بها، يكون
المَرْوُ منها كأَنه البَرَدُ، ولا يكون أَسود ولا أَحمر،وقد يُقْدَح بالحجر
الأَحمر فلا يسمى مَرْواً، قال: وتكون المَرْوة مثل جُمْعِ الإِنسان وأَعظم
وأَصغر. قال شمر: وسأَلت عنها أَعرابيّاً من بني أَسد فقال: هي هذه
القدَّاحات التي يخرج منها النار. وقال أَبو خَيْرَة: المَرْوة الحجر الأَبيض
الهَشُّ يكون فيه النار. أَبو حنيفة: المَرْوُ أَصلب الحجارة، وزعم أَن
النَّعام تبتلعُه وذكر أَن بعض الملوك عَجِب من ذلك ودَفَعَه حتى أَشهده
إِياه المُدَّعِي. وفي الحديث: قال له عَدِيُّ بن حاتم إِذا أَصاب أَحدُنا
صيداً وليس معه سِكِّين أَيَذْبَحُ بالمَرْوة وشِقَّةِ العَصا؟
المَرْوة: حجر أَبيض بَرَّاق، وقيل: هي التي يُقْدَح منها النار، ومَرْوَةُ
المَسْعَى التي تُذكرُ مع الصَّفا وهي أَحد رأْسَيْه اللذَيْنِ ينتهِي السعيُ
إِليهما سميت بذلك، والمراد في الذبح جنس الأَحجار لا المَرْوةُ نفسُها.
وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: إِذا رجل من خَلْفي قد وضع مَرْوَتَه
على مَنْكِبي فإِذا هو عليٌّ، ولم يفسره. وفي الحديث: أَن جبريل، عليه
السلام، لَقِيَه عند أَحجار المِراء؛قيل: هي بكسر الميم قُباء، فأَما
المُراء، بضم الميم، فهو داء يصيب النخل. والمَرْوَةُ: جبل مكة، شرفها الله
تعالى. وفي التنزيل العزيز: إنَّ الصفا والمَرْوَةَ من شعائر الله.
والمَرْوُ: شجر طَيِّبُ الريح. والمَرْوُ: ضرب من الرياحين؛ قال
الأَعشى:وآسٌ وَخِيرِيٌّ ومَرْوٌ وسَمْسَقٌ،
إِذا كان هِنْزَمْنٌ، ورُحْتُ مُخَشَّما
(* قوله« وخيري» هو بكسر الخاء كما ترى، صرح بذلك المصباح وغيره، وضبط
في مادة خير من اللسان بالفتح خطأ.)
ويروى: وسَوْسَنٌ، وسَمْسقٌ هو المَرْزَجُوش، وهِنْزَمْنٌ: عيدٌ لهم.
والمُخَشَّمُ: السكران. ومَرْو: مدينة بفارس، النسب إِليها مَرْوِيٌّ
ومَرَويٌّ ومَرْوَزيٌّ؛ الأَخيرتان من نادر معدول النسب؛ وقال الجوهري: النسبة
إِليها مَرْوَزِيٌّ على غير قياس، والثَّوْبُ مَرْوِيٌّ على القياس.
ومَروان: اسم رجل: ومَرْوان: جبل. قال ابن دريد: أَحسب ذلك.
والمَرَوراةُ: الأَرض أَو المفازة التي لا شيء فيها. وهي فَعَوْعَلةٌ،
والجمع المَرَوْرَى والمَرَوْرَيات والمَرارِيُّ. قال ابن سيده: والجمع
مَرَوْرَى، قال سيبويه: هو بمنزلة صَمَحْمَح وليس بمنزلة عَثَوْثل لأَن باب
صَمَحْمَح أَكثر من باب عَثَوْثَل. قال ابن بري: مَرَوْراةٌ عند سيبويه
فَعَلْعَلَةٌ، قال في باب ما تُقْلب فيه الواو ياء نحو أَغْزَيْتُ
وغازَيْتُ: وأَما المَرَوْراةُ فبمنزلة الشَّجَوْجاة وهما بمنزلة صَمَحْمَح،
ولا تَجْعَلْهُما على عَثَوْثَل، لأَن فَعَلْعَلاً أَكثر. ومَرَوْراةُ: اسم
أَرض بعينها؛ قال أَبو حيَّة النُّميري:
وما مُغْزِلٌ تحْنو لأَكْحَلَ، أَيْنَعَتْ
لها بِمَرَوْراةَ الشروجُ الدَّوافِعُ
التهذيب: المَرَوْراةُ الأَرض التي لا يَهْتَدِي فيها إِلا الخِرِّيت.
وقال الأَصمعي: المَروْراةُ قَفْرٌ مُسْتو، ويجمع مَرَوْرَياتٍ
ومَرارِيَّ.والمَرْيُ: مَسْح ضَرْع الناقة لتَدِرَّ. مَرَى الناقةَ مَرْياً: مَسَحَ
ضَرْعَها لِلدِّرَّةِ، والاسم المِرْية، وأَمرَتْ هي دَرَّ لبنُها، وهي
المِرية والمُرية، والضم أَعلى. سيبويه: وقالوا حَلَبتها مِرْيَةً، لا
تريد فعلاً ولكنك تريد نَحْواً من الدِّرَّة. الكسائي: المَرِيُّ الناقة
التي تَدِرُّ على من يمسح ضُروعها، وقيل: هي الناقة الكثيرة اللبن، وقد
أَمْرَتْ، وجمعها مَرايا. ابن الأَنباري: في قولهم مارَى فلان فلاناً معناه
قد استخرج ما عنده من الكلام والحُجَّة، مأْخوذ من قولهم مَرَيْت الناقةَ
إِذا مسحتَ ضَرْعَها لِتَدِرَّ. أَبو زيد: المَرِيُّ الناقة تُحْلَب على
غير ولد ولا تكون مَرِيّاً ومعها ولدها، وهو غير مهموز، وجمعها مَرايا.
وفي حديث عديّ بن حاتم، رضي الله عنه: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم،
قال له امْرِ الدمَ بما شئت، من رواه أَمِرْه فمعناه سَيِّلْه وأَجْرِه
واستخرجه بما شئت، يريد الذبح وهو مذكور في مور، ومن رواه امْرِهِ أَي
سَيِّلْه واستخرجه، فمن مَرَيْتُ الناقةَ إِذا مسحت ضَرعَها لِتَدِرَّ؛ وروى
ابن الأَعرابي: مَرَى الدمَ وأَمْراه إِذا استخرجه؛ قال ابن الأَثير،
ويروى: أَمِر الدمَ من مارَ يَمُور إِذا جرى، وأَماره غيره؛ قال: وقال
الخطابي أَصحاب الحديث يروونه مشدَّد الراء وهو غَلط، وقد جاءَ في سنن أَبي
داود والنسائي أَمْرِرْ، براءين مظهرتين، ومعناه اجعل الدمَ يمُرّ أَي
يذهب، قال: فعلى هذا من رواه مشدد الراء يكون قد أَدغم، قال: وليس بغلط؛ قال:
ومن الأَول حديث عاتكة:
مَرَوْا بالسُّيوفِ المُرْهَفاتِ دِماءهُمْ
أَي استخرجوها واستدرُّوها. ابن سيده: مَرَى الشيءَ وامْتَراه استخرجه.
والريح تَمْري السحاب وتَمْتَريه: تستخرجه وتَسْتَدِرُّه. ومَرَت الريحُ
السحابَ إِذا أَنزلت منه المطر. وناقة مَرِيٌّ: غزيرة اللبن، حكاه
سيبويه، وهو عنده بمعنى فاعلة ولا فِعْلَ لها، وقيل: هي التي ليس لها ولد فهي
تَدُرّ بالمَرِيِ على يد الحالب، وقد أَمْرَتْ وهي مُمْرٍ. والمُمْري:
التي جَمَعَت ماءَ الفحل في رحمها. وفي حديث نَضْلة بن عمرو: أَنه لَقِيَ
النبيِّ، صلى الله عليه وسلم، بمَرِيَّيْن؛ هي تثنية مَرِيٍّ بوزن صَبيّ،
ويروى: مَرِيَّتَيْنِ، تثنية مَرِيَّة، والمَريُّ والمَرِيَّة: الناقة
الغزيرة الدَّرِّ، من المَرْي، ووزنها فَعِيلٌ أَو فَعُول. وفي حديث
الأَحنف: وساق معه ناقة مَرِيّاً.
ومِرْيَةُ الفَرَس: ما استُخْرج من جَرْيه فدَرَّ لذلك عَرَقُه، وقد
مَراهُ مَرْياً. ومَرَى الفرسُ مَرْياً إِذا جعل يمسح الأَرض بيده أَو رجله
ويَجُرُّها من كَسْر أَو ظَلَع. التهذيب: ويقال مَرَى الفرسُ والناقةُ
إِذا قام أَحدهما على ثلاث ثم بحَثَ الأَرض باليد الأُخرى، وكذلك الناقة؛
وأَنشد:
إِذا حُطَّ عنها الرَّحْلُ أَلْقَتْ برأْسِها
إِلى شَذَبِ العِيدانِ، أَو صَفَنَتْ تَمْري
الجوهري: مَرَيْتُ الفرسَ إِذا استخرجتَ ما عنده من الجَرْيِ بسوط أَو
غيره، والاسم المِرْية، بالكسر، وقد يضم. ومَرَى الفرسُ بيديه إِذا
حَرَّكهما على الأَرض كالعابث. ومَراه حُقَّهُ أَي جَحَده؛ وأَنشد ابن
بري:ما خَلَفٌ مِنْكِ يا أَسماءُ فاعْتَرِفي،
مِعَنَّة البَيْتِ تَمْري نِعْمةَ البَعَلِ
أَي تجدها، وقال عُرْفُطة بن عبد الله الأَسَدي:
أَكُلَّ عِشاءٍ مِنْ أُمَيْمةَ طائفُ،
كَذِي الدَّيْنِ لا يَمْري، ولا هو عارِفُ؟
أَي لا يَجْحَد ولا يَعْترف. وما رَيْتُ الرجلَ أُماريه مِراءً إِذا
جادلته. والمِرْيةُ والمُرْيةُ: الشَّكُّ والجدَل، بالكسر والضم، وقرئَ
بهما قوله عز وجل: فلا تَكُ في مِرْيةٍ منه؛ قال ثعلب: هما لغتان، قال:
وأَما مِرْيةُ الناقة فليس فيه إِلا الكسر، والضم غلط. قال ابن بري: يعني
مَسْحَ الضَّرْعِ لتَدُرَّ الناقةُ، قال: وقال ابن دريد مُرْية الناقةِ،
بالضم، وهي اللغة العالية؛ وأَنشد:
شامِذاً تَتَّقي المُبِسَّ على المُرْ
يَةِ، كَرْهاً، بالصِّرْفِ ذي الطُّلاَّء
شبه
(* قوله« شبه» أي الشاعر الحرباء بناقة إلخ كما يؤخذ من مادة ش م ذ.)
بناقة قد شَمَذَتْ بذَنَبها أَي رفعته، والصِّرْف: صِبْغٌ أَحمر،
والطُّلاَّء: الدم.
والامْتِراءُ في الشيءِ: الشَّكُّ فيه، وكذلك التَّماري. والمِراءُ:
المُماراةُ والجدَل، والمِراءُ أَيضاً: من الامْتِراءِ والشكِّ. وفي
التنزيل العزيز: فلا تُمارِ فيهم إِلاَّ مِراءً ظاهراً؛ قال: وأَصله في اللغة
الجِدال وأَن يَستخرج الرجلُ من مُناظره كلاماً ومعاني الخصومة وغيرها منْ
مَرَيْتُ الشاةَ إِذا حلبتها واستخرجت لبنها، وقد ماراةُ مُماراةً
ومِيراءً.
وامْتَرى فيه وتَمارى: شَكَّ؛ قال سيبويه: وهذا من الأَفعال التي تكون
للواحد. وقوله في صفة سيدنا رسول الله،صلى الله عليه وسلم: لا يُشاري ولا
يُماري؛ يُشاري: يَسْتَشْري بالشر، ولا يُماري: لا يُدافع عن الحق ولا
يردّد الكلام. وقوله عز وجل: أَفَتُمارُونَه على ما يَرَى، وقرئَ:
أَفتَمْرُونَه على ما يَرَى؛ فمن قرأَ أَفتُمارونه فمعناه أَفتجادلونه في أَنه
رأَى الله عز وجل بقلبه وأَنه رأَى الكُبْري من آياته، قال الفراء: وهي
قراءة العوام، ومن قرأَ أَفتَمرونه فمعناه أَفتجحدونه، وقال المبرد في قوله
أَفَتَمْرُونه على ما يرى أَي تدفعونه عما يرى، قال: وعلى في موضع عن.
ومارَيْتُ الرجلَ ومارَرْتُه إِذا خالفته وتَلَوَّيْتَ عليه، وهو مأْخوذ
من مِرار الفَتْل ومِرارِ السِّلسِلة تَلَوِّي حَلَقِها إِذا جُرَّتْ على
الصَّفا. وفي الحديث: سَمِعَتِ الملائكة مثلَ مِرار السلسلة على الصفا.
وفي حديث الأَسود
(* قوله« وفي حديث الاسود» كذا في الأصل، ولم نجده الا
في مادة مرر من النهاية بلفظ تمارّه وتشارّه.): أَنه سأَل عن رجل فقال ما
فَعَلَ الذي كانت امرأَتُه تُشارُّه وتُماريه؟ وروي عن النبي،صلى الله
عليه وسلم، أَنه قال: لا تُماروا في القرآن فإِنَّ مِراءً فيه كُفْرٌ؛
المِراءُ: الجدال. والتَّماري والمُماراة: المجادلة على مذهب الشك
والرِّيبة، ويقال للمناظرة مُماراة لأَن كل واحد منهما يستخرج ما عند صاحبه
ويَمْتَريه به كما يَمْتري الحالبُ اللبنَ من الضَّرْع؛ قال أَبو عبيد: ليس وجه
الحديث عندنا على الاختلاف في التأْويل، ولكنه عندنا على الاختلاف في
اللفظ، وهو أَن يقرأَ الرجل على حرف فيقول له الآخر ليس هو هكذا ولكنه على
خلافه، وقد أَنزلهما الله عز وجل كليهما، وكلاهما منزل مقروءٌ به، يُعلم
ذلك بحديث سيدنا رسول الله،صلى الله عليه وسلم: نزل القرآن على سبعة
أَحرف، فإِذا جحد كل واحد منهما قراءَة صاحبه لم يُؤْمَنْ أَن يَكونَ ذلك قد
أَخْرَجه إِلى الكُفر لأَنه نَفى حَرفاً أَنزله الله على نبيه، صلى الله
عليه وسلم ؛ قال ابن الأَثير: والتنكير في المِراء إِيذاناً بأَن شيئاً
منه كُفْرٌ فَضلاً عمَّا زاد عليه، قال: وقيل إِنما جاء هذا في الجِدال
والمِراء في الآيات التي فيها ذكر القَدَر ونحوه من المعاني، على مذهب أَهل
الكلام وأَصحاب الأَهْواءِ والآراءِ، دون ما تَضمَّنته من الأَحكام
وأَبواب الحَلال والحرام، فإِن ذلك قد جَرى بين الصحابة فمَن بعدهم مِن
العلماء، رضي الله عنهم أَجمعين، وذلك فيما يكون الغَرَضُ منه والباعِثُ عليه
ظُهورَ الحق ليُتَّبَع دون الغَلَبة والــتَّعْجِيز. الليث: المِرْيةُ
الشَّكُّ، ومنه الامْتراء والتَّماري في القُرآن، يقال: تَمارى يَتَمارى
تَمارِياً، وامْتَرَى امْتِراءً إِذا شكَّ. وقال الفراءُ في قوله عز وجل:
فبأَيِّ آلاء رَبِّكَ تَتَمارى؛ يقول: بأَيِّ نِعْمةِ رَبِّك تُكَذِّبُ
أَنها ليست منه، وكذلك قوله عز وجل: فَتَمارَوْا بالنُّذُر؛ وقال الزجاج:
والمعنى أَيها الإِنسان بأَيِّ نعمة ربك التي تدلك على أَنه واحد تتشكك.
الأَصمعي: القَطاةُ المارِيَّةُ، بتشديد الياء، هي المَلْساءُ المُكْتنزة
اللحم. وقال أَبو عمرو: القَطاة المارِيةُ، بالتخفيف، وهي لُؤْلُؤيَّة
اللون. ابن سيده: الماريَّة، بتشديد الياء، من القَطا المَلْساء. وامرأَة
مارِيَّةٌ: بيضاء برّاقة. قال الأَصمعي: لا أَعلم أَحداً أَتى بهذه اللفظة
إِلاَّ ابن أَحمر، ولها أَخوات مذكورة في مواضعها.
والمَريء: رأْس المَعِدة والكَرِش اللاَّزِقُ بالحلْقُوم ومنه يدخل
الطعام في البطن، قال أَبو منصور: أَقرأَني أَبو بكر الإِياديُّ المَريءَ
لأَبي عبيد فهمزه بلا تشديد، قال: وأَقرأَنيه المنذري المَرِيُّ لأَبي
الهيثم فلم يهمزه وشدد الياءَ.
والمارِيُّ: ولد البقرة الأَبيضُ الأَمْلَس. والمُمْرِيةُ من البقر:
التي لها ولد ماريٌّ أَي بَرَّاقٌ. والمارِيَّةُ: البراقة اللَّونِ.
والمارِيَّةُ: البقرة الوحشية؛ أَنشد أَبو زيد لابن أَحمر.
مارِيَّةٌ لُؤْلُؤانُ اللَّوْنِ أَوْرَدَها
طَلٌّ، وبَنَّس عَنْها فَرْقَدٌ خَصِرُ
(* قوله« أوردها» كذا بالأصل هنا، وتقدم في ب ن س أوّدها وكذلك هو في
المحكم هناك غير أنه تحرف في تلك المادة من اللسان مارية بماوية.)
وقال الجعدي:
كَمُمْرِيةٍ فَرْدٍ مِنَ الوَحْشِ حُرَّةٍ
أَنامَتْ بِذي الدَّنَّيْنِ، بالصَّيْفِ، جُؤْذَرا
ابن الأَعرابي: المارِيَّةُ بتشديد الياء. ابن بزرج: المارِيُّ الثوب
الخَلَقُ؛ وأَنشد:
قُولا لِذاتِ الخَلَقِ المَارِيِّ
ويقال: مَراهُ مائةَ سوْطٍ ومَراهُ مائةَ دِرْهم إِذا نَقَده إِيّاها.
ومارِيةُ: اسم امرأَة، وهي مارِيةُ بنت أَرْقَمَ بن ثَعْلبةَ بن عَمرو
بن جَفْنَة بن عَوُف بن عَمرو بن رَبيعة بن حارِثة بن عَمروٍ مُزَيْقِياء
بن عامر، وابنها الحرث الأَعرج الذي عناه حَسَّانُ بقوله:
أَوْلادُ جَفْنةَ حَوْلَ قَبْرِ أَبِيهِمِ،
قَبْرِ ابنِ مارِيةَ الكَريمِ المُفْضِلِ
وقال ابن بري: هي مارِيةُ بنتُ الأَرقم بن ثعلبة ابن عمرو بن جَفْنة بن
عمرو، وهو مُزَيقياء بن عامر، وهو ماءُ السماء بن حارثة، وهو الغِطْريفُ
بن امُرئ القيس، وهو البِطْريقُ بن ثعلبة، وهو البُهْلُول ابن مازن،
وهو الشَّدَّاخُ، وإِليه جِماعُ نَسَب غَسَّان بن الأَزْد، وهي القبيلة
المشهورة، فأَما العَنْقاء فهو ثعلبة بن عمرو مزيقياء. وفي المثل: خُذْه ولو
بقُرْطَيْ مارِيةَ؛ يضرب ذلك مثلاً في الشيء يُؤمَر بأَخْذه على كل حال،
وكان في قُرْطَيْها مائتان دينار.
والمُرِيُّ: معروف، قال أَبو منصور: لا أَدري أَعربي أَم دخيل؛ قال ابن
سيده: واشتقه أَبو علي من المَرئ، فإِن كان ذلك فليس من هذا الباب، وقد
تقدم في مرر، وذكره الجوهري هناك. ابن الأَعرابي: المَريءُ الطعام
(*
قوله« المرئ الطعام» كذا بالأصل مهموزاً وليس هومن هذا الباب. وقوله« المري
الرجل» كذا في الأصل بلا ضبط ولعله بوزن ما قبله.)
الخفيف، والمَري الرجل المقبول في خَلْقه وخُلُقه.
التهذيب: وجمع المِرْآةِ مَراءٍ مثل مَراعٍ، والعوام يقولون في جمعها
مَرايا، وهو خطأٌ، والله أَعلم.