للشيخ، أبي بكر بن محمد الحيشي، البسطامي.
مختصر.
أوله: (الحمد لله الذي جعل الفناء حتما... الخ).
نزه: النُّزْهَةُ: معروفة. والتَّنَزُّهُ: التباعد، والإسم النُّزْهةُ.
ومكانٌ نَزِهٌ
ونَزِيهٌ، وقد نَزِهَ نَزَاهَةً ونَزَاهِيةً، وقد نَزِهَتِ الأَرضُ،
بالكسر وأَرضٌ نَزْهَةٌ ونَزِهَةٌ
بعيدة عَذْبَةٌ نائية من الأَنْداءِ والمياهِ والغَمَقِ. الجوهري:
وخرجنا نتَنَزَّهُ في الرِّياضِ، وأَصله من البُعْدِ، وقد نَزِهَتِ الأَرضُ،
بالكسر. ويقال: ظِللْنا مُتَنَزِّهِينَ إذا تباعدوا عن المياه. وهو
يتنَزَّهُ عن الشيء إذا تباعد عنه. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: الجابِيَةُ
أَرضٌ
نَزِهَةٌ أَي بعيدة عن الوَباء. والجابِيَةُ: قرية بدمشْقَ. ابن سيده:
وتنزَّهَ الإنسانُ خرج إلى الأَرض النَّزِهَةِ، قال: والعامة يضعون الشيء
في غير موضعه ويَغْلَطُونَ فيقولون خرجنا نتَنزَّهُ إذا خرجوا إلى
البساتين فيجعلون التَّنزُّهَ الخروجَ إلى البساتين والخُضَر والرِّياض، وإنما
التَّنزُّهُ التباعدُ عن الأَرياف والمياه حيث لا يكون ماءٌ ولا نَدىً
ولا جَمْعُ ناسٍ، وذلك شِقُّ البادية، ومنه قيل: فلانٌ يتَنَزَّهُ عن
الأَقذار ويُنَزِّهُ نفْسَه عنها أَي يُباعد نفسه عنها؛ ومنه قول أُسامة بن
حبيب الهذلي:
كأَسْحَمَ فَرْدٍ عل حافةٍ،
يُشَرِّدُ عن كَتِفيْهِ الذُّبابا
أَقَبَّ رَباعٍ بِنُزْهِ الفَلا
ةِ، لا يَرِدُ الماءَ إلا ائتِيابا
ويروى: إلا انْتِيابا، يريد ما تباعد من الفلاة عن المياه والأَرياف.
وفي حديث عائشة، رضي الله تعالى عنها: صنَعَ رسولُ الله، صلى الله عليه
وسلم، شيئاً فرَخَّصَ فيه فتَنَزَّهَ عنه قومٌ
أَي تركوه وأَبعدوا عنه ولم يَعْمَلوا بالرُّخْصة فيه. وقد نَزُهَ
نَزاهةً وتَنَزَّهَ تنَزُّهاً إذا بَعُدَ.
ورجل نَزْهُ الخُلُقِ ونَزِهُهُ ونازِهُ النَّفْس: عفيف مْتكَرِّمٌ
يَحُلُّ وحْدَهُ ولا يخالط البيوت بنفسه ولا ماله، والجمع نُزَهاءُ
ونَزِهُونَ ونِزَاهٌ، والإسمُ النَّزْهُ والنَّزاهةُ. ونَزَّهَ نفْسَه عن القبيح:
نَحّاها. ونزَّهَ الرجلَ: باعده عن القبيح. والنَّزاهةُ: البعد عن السوء.
وإن فلاناً لنَزِيهٌ كريمٌ إذا كان بعيداً من اللُّؤْمِ، وهو نزِيهُ
الخُلُقِ. وفلان يتَنزَّهُ عن مَلائمِ الأَخلاق أَي يتَرَفَّعُ عما يُذَمُّ
منها. الأَزهري: التَّنَزُّهُ رَفْعُه نفْسَه عن الشيء تكَرُّماً ورغبة
عنه.
والتَّنزِيهُ: تسبيح الله عز وجل وإبعادُهُ عما يقول المشركون.
الأَزهري: تَنْزِيهُ الله تبعيدُه وتقديسُه عن الأَنداد والأَشباه، وإنما قيل
للفلاة التي نأَتْ عن الرِّيفِ والمياه نزِيهةٌ
لبعدها عن غَمَقِ المياه وذِبّانِ القُرى وومَدِ البحار وفساد الهواء.
وفي الحديث: كان يصلي من الليل فلا يَمُرُّ بآيةٍ فيها تَنْزِيهُ الله إلا
نزَّهَهُ؛ أَصل النُّزْهِ البعدُ، وتَنْزِيهُ الله تبعيدُه عما لا يجوز
عليه من النقائض؛ ومنه الحديث في تفسير سبحان الله: هو تَنْزِيهُهُ أَي
إبعاده عن السوء وتقديسه؛ ومنه حديث أبي هريرة، رضي الله عنه: الإيمانُ
نَزِهٌ
أَي بعيد عن المعاصي. وفي حديث المُعَذَّبِ في قبره: كان لا يسْتَنْزِهُ
من البول أَي لا يَسْتبرئ ولا يتطهر ولا يستبعد منه. قال شمر: ويقال هم
قومٌ أَنْزاهٌ أَي يتَنزَّهُونَ عن الحرام، الواحد نزِيهٌ
مثل مَلِيءٍ وأَملاءٍ. ورجل نزيهٌ ونَزِهٌ: وَرِعٌ. ابن سيده: سَقى
إبلَهُ ثم نَزَهَها نَزْهاً باعدها عن الماء. وهو بنُزْهةٍ عن الماء أَي
بُعْد. وفلان نزِيهٌ
أَي بعيد. وتنَزَّهُوا بحُرَمِكْم عن القوم: تباعدوا. وهذا مكان نزِيهٌ:
خَلاء بعيد من الناس ليس فيه أَحد فأَنزلوا فيه حُرَمَكُمْ. ونُزْهُ
الفَلا: ما تباعد منها عن المياه والأَرياف.
فرج: الفَرْجُ: الخَلَلُ بين الشيئين، والجمع فُرُوجٌ، لا يكسَّر على
غير ذلك؛ قال أَبو ذؤيب يصف الثور:
فانْصاعَ مِنْ فَزَعٍ، وسَدَّ فُرُوجَهُ،
غُبْرٌ ضَوارٍ، وافِيانِ وأَجْدَعُ
فُروجه: ما بين قوائمه. سَدَّ فُرُوجَه أَي مَلأَ قوائمه عَدْواً كأَن
العَدْوَ سَدَّ فُروجَه ومَلأَها. وافيان: صحيحان. وأَجْدَع: مقطوع
الأُذُن. والفُرْجَة والفَرْجَة: كالفَرْج؛ وقيل: الفُرْجَة الخَصاصَة بين
الشيئين. ابن الأَعرابي: فَتَحات الأَصابع يقال لها التَّفارِيجُ، واحدها
تِفْراجٌ
(* قوله «واحدها تفراج» عبارة القاموس جمع تفرجة كزبرجة.)، وخُرُوق
الدَّرابِزِينِ يقال لها التَّفارِيجُ والحُلْفُق. النضر: فَرْجُ الوادي
ما بين عُدْوَتَيْهِ، وهو بطْنُه، وفَرْجُ الطريق منه وفُوْهَتُه.
وفَرْج الجبَل: فَجُّه؛ قال:
مُتَوَسِّدِين زِمامَ كُلِّ نَجِيبةٍ،
ومُفَرَّجٍ، عَرِقِ المَقَذِّ، مُنَوَّقِ
وهو الوَساعُ المُفَرَّجُ الذي بان مِرْفَقُه عن إِبطِه. والفُرْجَة،
بالضم: فُرْجَة الحائط وما أَشبهه، يقال: بينهما فُرْجَة أَي انْفِراج. وفي
حديث صلاة الجماعة: ولا تَذَرُوا فُرُجات الشيطان؛ جمع فُرْجَة، وهو
الخَلَلُ الذي يكون بين المُصَلِّينَ في الصُّفُوف، فأَضافها إِلى الشيطان
تَفظِيعاً لشأْنها، وحَمْلاً على الاحتراز منها؛ وفي رواية: فُرُجَ
الشيطان، جمع فُرْجَة كَظُلْمَة وظُلَم. والفَرْجَة: الرَّاحة من حُزْن أَو
مَرَض؛ قال أُمية بن أَبي الصلت:
لا تَضِيقَنَّ في الأُمور، فقد تُكْـ
ـشَفُ غَمَّاؤُها بغير احْتِيالِ
رُبَّما تَكْرَهُ النُّفُوسُ من الأَمْـ
ـرِ له فَرْجَةٌ، كَحَلِّ العِقالِ
ابن الأَعرابي: فُرْجَة اسم، وفَرْجَةٌ مصدر.
والفَرْجَة: التَّفَصِّي من الهَمِّ؛ وقيل: الفَرْجَة في الأَمر؛
والفُرْجَة، بالضم، في الجدار والباب، والمعنَيان مُتَقارِبان؛ وقد فَرَج له
يَفْرِج فَرْجاً وفَرْجَة. التهذيب: ويقال ما لهذا الغَمِّ من فَرْجَة ولا
فُرْجَة ولا فِرْجَة. الجوهري: الفَرَجُ من الغم، بالتحريك. يقال:
فَرَّجَ الله غَمَّك تَفْريجاً، وكذلك فَرَجَ الله عنك غمَّك يَفْرِج، بالكسر.
وفي حديث عبد الله ابن جعفر: ذَكَرَتْ أُمُّنا يُتْمَنا وجَعَلَتْ
تُفْرَحُ له؛ قال أَبو موسى: هكذا وجدته بالحاء المهملة، قال: وقد أَضرب
الطبراني عن هذه اللفظة فتركها من الحديث، قال: فإِن كانت بالحاء، فهو من
أَفرَحَه إِذا غَمَّه وأَزال عنه الفَرَحَ، وأَفْرَحَه الدَّيْن إِذا
أَثْقَله، وإِن كانت بالجيم، فهو من المُفْرَجِ الذي لا عَشِيرة له، فكأَنَّ
أُمَّهُم أَرادتْ أَن أَباهم تُوُفِّيَ ولا عشيرة لهم، فقال النبي، صلى الله
عليه وسلم: أَتَخافِينَ العَيْلة وأَنا وَلِيُّهُم؟ والفَرْجُ: الثَّغْرُ
المَخُوف، وهو موضع المخافة؛ قال:
فَغَدَت، كِلا الفَرْجَينِ تَحْسَبُ أَنَّه
مَولى المَخافة: خَلْفُها وأَمامُها
وجمعه فُرُوج، سُمِّي فَرْجاً لأَنه غير مَسْدُود. وفي حديث عُمَر:
قَدِمَ رجل من بعض الفُرُوجِ؛ يعني الثُّغُور، واحدها فَرْج. أَبو عبيدة:
الفَرْجانِ السِّنْد وخُراسانُ، وقال الأَصمعي: سِجِسْتانُ وخُراسانُ؛
وأَنشد قول الهذلي:
على أَحَدِ الفَرْجَيْنِ كانَ مُؤَمَّرِي
وفي عهد الحجَّاج: اسْتَعْمَلْتُك على الفَرْجَين والمِصْرَينِ؛
الفَرْجانِ: خُراسانُ وسِجِسْتانُ، والمِصْرانِ: الكُوفة والبَِصْرَة.
والفَرْجُ: العَوْرَة. والفَرْجُ: شِوارُ الرجل والمرأَة، والجمع
فُرُوج. والفَرْجُ: اسم لجمع سَوآت الرجال والنساء والفِتْيان وما حَوالَيْها،
كله فَرْج، وكذلك من الدَّوابِّ ونحوها من الخَلْق. وفي التنزيل:
والحافِظِين فُرُوجَهُم والحافِظات؛ وفيه: والذين هم لِفُرُوجِهِم حافِظون إِلا
على أَزواجِهم؛ قال الفراء: أَراد على فُروجِهِم يُحافِظون، فجعل اللام
بمعنى على، واستثنى الثانية منها، فقال: إِلا على أَزواجِهم. قال ابن
سيده: هذه حكاية ثعلب عنه قال: وقال مرة: على مِن قوله: إِلا على أَزواجِهم؛
من صِلةِ مَلُومِينَ، ولو جعل اللام بمنزلة الأَول لكان أَجود.
ورجل فَرِجٌ: لا يزال ينكشِف فَرْجُه. وفَرِجَ، بالكسر، فَرَجاً. وفي
حديث الزبير: أَنه كان أَجْلَعَ فَرِجاً؛ الفَرِجُ: الذي يَبْدو فَرْجُه
إِذا جَلَس، وينكَشِف.
والفَرْجُ: ما بين اليَدَيْن والرجلين. وجَرَتِ الدَّابة مِلْءَ
فُرُوجِها، وهو ما بين القوائم، واحدها فَرْج؛ قال:
وأَنت إِذا اسْتَدْبَرْتَهُ، سَدَّ فَرْجَه
بِضافٍ فُوَيْقَ الأَرْض، ليْسَ بأَعْزَلِ
وقول الشاعر:
شُعَبُ العِلافِيَّات بَيْنَ فُرُوجِهِمْ،
والمُحْصَناتُ عَوازِبُ الأَطْهارِ
العِلافِيَّاتُ، رِحالٌ منسوبة إِلى عِلافٍ، رجل من قُضاعةَ. والفُرُوج
جمع فَرْج، وهو ما بين الرِّجلين، يريد أَنهم آثَرُوا الغَزْوَ على
أَطهار نسائهم؛ وكلُّ فُرْجَةٍ بين شيئين، فهو فَرْجٌ كله، كقوله:
إِلاَّ كُمَيْتاً كالقَناةِ وضابِئاً،
بالفَرْجِ بَيْنَ لَبانِه ويَدِهْ
جعل ما بين يديه فَرْجاً؛ وقال امرؤُ القيس:
لها ذَنَبٌ مِثلُ ذَيْلِ العَروسِ،
تَسُدُّ به فَرْجَها مِن دُبُرْ
أَراد ما بين فَخِذَي الفَرَسِ ورِجْلَيْها. وفي حديث أَبي جعفر
الأَنصاري: فَمَلأْتُ ما بين فُروجي، جمع فَرْجٍ، وهو ما بين الرجلين. يقال
للفرس: مَلأَ فَرْجَه وفُرُوجَه إِذا عَدا وأَسْرَع به. وسُمِّي فَرْجُ
المرأَة والرجل فَرْجاً لأَنه بين الرِّجْلين. وفُروجُ الأَرض:
نواحِيها.وباب مَفْرُوجٌ: مُفَتَّجٌ.
ورجلٌ أَفْرَجُ الثَّنايا وأَفْلَجُ الثَّنايا، بمعنى واحد.
والأَفْرَجُ: العظيم الأَلْيَتَيْنِ لا تَكادان تَلْتقيان، وهذا في الحَبَشِ. رجل
أَفْرَجُ وامرأَة فَرْجاءُ بَيِّنا الفَرَج؛ وقد فَرِجَ فَرَجاً.
والمُفَرَّجُ كالأَفْرَجِ.
والفُرُجُ والفِرْجُ، بالكسر: الذي لا يَكْتُمُ السِّرَّ؛ قال ابن سيده:
وأُرى الفُرُجَ، بضم الفاءِ والراء، والفِرْجَ لُغَتَيْن؛ عن كراع.
وقَوْسٌ فُرُجٌ وفارِجٌ وفَرِيجٌ: مُنَفَّجَةُ السِّيَتَيْنِ، وقيل: هي
النَّاتِئَة عن الوَتَرِ، وقيل: هي التي بانَ وَتَرُها عن كَبِدِها.
والفَرَجُ: انْكِشافُ الكَرْب وذهابُ الغَمِّ. وقد فَرَجَ الله عنه
وفَرَّجَ فانْفَرَجَ وتَفَرَّجَ. ويقال: فَرَجَه الله وفَرَّجه؛ قال
الشاعر:يا فارِجَ الهَمِّ وكشَّاف الكُرَبْ
وقول أَبي ذؤَيب:
فإِني صَبَرْتُ النَّفْسَ بَعْدَ ابنِ عَنْبَسٍ،
وقد لَجَّ، مِنْ ماءِ الشُّؤُونِ، لَجُوجُ
لِيُحْسَبَ جَلْداً، أَو لِيُخْبَرَ شامِتٌ،
وللشَّرِّ، بَعْدَ القارِعاتِ، فُرُوجُ
يقول: إِني صَبَرْتُ على رُزْئي بابن عَنْبَسٍ لأُحْسَبَ جَلْداً أَو
لِيُخْبَر شامتٌ بتَجَلُّدي فينكسر عَني؛ ويجوز أَن يكون قوله فُرُوجٌ، جمع
فَرْجة على فُروج كَصَخْرةٍ وصُخُور، ويجوز أَن يكون مصدراً لفَرَجَ
يَفْرِجُ أَي تَفَرُّجٌ وانكشاف.
أَبو زيد: يقال لِلْمُشْطِ النحِيتُ والمُفَرَّجُ والمِرْجَلُ؛ وأَنشد
ثعلب لبعضهم يصف رجلاً شاهد الزور:
فَاتَهُ المَجْدُ والعَلاءُ، فأَضْحَى
يَنْقُصُ الحَيْسَ بالنَّحِيتِ المُفَرَّج
(* قوله «ينقص الحيس» كذا في الأصل، ومثله في شرح القاموس.)
التهذيب: في حديث عَقِيلٍ: أَدْرِكُوا القومَ على فَرْجَتِهم أَي على
هَزيمَتِهم، قال: ويُرْوى بالقاف والحاءِ. والفَريجُ: الظَّاهِرُ البارِزُ
المُنْكَشِفُ، وكذلك الأُنثى؛ قال أَبو ذؤَيب يصف دُرَّةً:
بكَفَّيْ رَقاحِيٍّ يُريدُ نَماءَها،
لِيُبْرِزَها للبَيْعِ، فَهْيَ فَريجُ
كَشَفَ عن هذه الدُّرَّة غِطاءَها لِيَراها الناس.
ورجل نِفْرِجٌ ونِفْرِجَةٌ ونِفْراجٌ ونِفْرِجاءُ، ممدود: ينكشف عند
الحرب. ونِفْرِجٌ ونِفْرِجةٌ، وتِفْرِجٌ وتِفْرِجَةٌ: ضعيف جَبانٌ؛ أَنشد
ثعلب:
تِفْرِجَةُ القَلْبِ قَلِيلُ النَّيْلِ،
يُلْقَى عَليه نِيدُِلانُ اللَّيْلِ
أَو أَنشد:
تِفْرِجَةُ القَلْبِ بَخِيلٌ بالنَّيل،
يُلْقى عليه النِّيدُِلانُ بالليل
ويروى نِفْرِجةٌ. والنِّفْرِجُ: القَصَّارُ. وامرأَة فُرُجٌ:
مُتَفَضِّلَةٌ في ثوبٍ، يُمانِيةٌ، كما تقول: أَهل نَجْد فُضُلٌ.
ومَرَةٌ فَريجٌ: قد أَعْيَتْ من الولادة. وناقَةٌ فَريجٌ: كالَّة،
شُبِّهَتْ بالمرأَة التي قد أَعيت من الولادة؛ قال ابن سيده: هذا قول كراع،
وقال مرّة: الفَريجُ من الإِبل الذي قد أَعْيا وأَزْحَفَ. ونعجة فَريجٌ
إِذا ولَدت فانفَرَج وَرِكاها؛ أَنشده أَبو عمرو مستشهداً به على مخخ:
أَمْسى حَبيبٌ كالفَريجِ رائِخا
والمُفرَجُ: الحَمِيلُ الذي لا وَلَدَ له، وقيل: الذي لا عشيرة له؛ عن
ابن الأَعرابي. والمُفْرَجُ: القَتِيل يُوجَد في فَلاةٍ من الأَرض. وفي
الحديث: العَقْلُ على المسلمين عامَّةً؛ وفي الحديث: لا يُتْرَك في
الإِسلام مُفْرَجٌ؛ يقول: إِن وُجِدَ قَتِيلٌ لا يُعرف قاتله وُدِيَ من بيت مال
الإِسلام ولم يُترك، ويروى بالحاءِ وسيذكر في موضعه. وكان الأَصمعي يقول:
هو مُفْرَحٌ، بالحاءِ، ويُنْكِر قولَهم مُفْرَجٌ، بالجيم؛ وروى أَبو
عبيد عن جابر الجعْفِيّ: أَنه هو الرجل الذي يكون في القوم من غيرهم فحقَّ
عليهم أَن يَعْقِلوا عنه؛ قال: وسمعت محمد بن الحسن يقول: يروى بالجيم
والحاءِ، فمن قال مُفْرَج، بالجيم، فهو القتيل يُوجَد بأَرض فَلاة، ولا يكون
عنده قَرْيةٌ، فهو يُودى من بيت المال ولا يَبْطُلُ دَمُه، وقيل: هو
الرجل يكون في القوم من غيرهم فيلزمهم أَن يَعْقِلوا عنه، وقيل: هو المثقل
بحق دية أَو فِداءٍ أَو غُرم. والمَفْروجُ: الذي أَثقله الدين
(* قوله
«والمفروج الذي أَثقله الدين» مقتضى ذكره هنا أَنه بالجيم. قال في شرح
القاموس: وصوابه بالحاء، وتقدم للمصنف في هذه المادة في شرح حديث عبد الله بن
جعفر ما يؤخذ منه ذلك. وكذا يؤخذ من القاموس في مادة فرج.).
وقال أَبو عبيدة: المُفْرَج أَن يُسْلِمَ الرجل ولا يُوالي أَحداً،
فإِذا جنى جناية كانت جِنايَتُه على بَيْت المال لأَنه لا عاقِلة له؛ وقال
بعضهم: هو الذي لا دِيوانَ له. ابن الأَعرابي: المُفْرَج الذي لا مال له،
والمُفْرَج الذي لا عشيرة له.
ويقال: أَفْرَجَ القومُ عن قَتِيلٍ إِذا انْكَشَفُوا، وأَفْرَجَ فلان عن
مكان كذا وكذا إِذا حلَّ به وتركه، وأَفْرَجَ الناس عن طريقه أَي
انْكَشَفُوا. وفَرَجَ فاهُ: فَتَحَهُ للموْتِ؛ قال ساعدة بن جؤَية:
صِفْرِ المَباءَة ذِي هَِرْسَيْنِ مُنْعَجِفٍ،
إِذا نَظَرْتَ إِلَيْه قُلْتَ: قد فَرَجا
والفَرُّوجُ: الفَتِيُّ من ولد الدُّجاج، والضم فيه لغة، رواه اللحياني.
وفَرُّوجة الدُّجاجةِ تجمع فَراريجَ، يقال: دُجاجة مُفْرِجٌ أَي ذات
فَراريجَ. والفَرُّوجُ، بفتح الفاءِ: القَباءُ، وقيل: الفَرُّوج قَباءٌ فيه
شَقٌّ من خَلْفِه. وفي الحديث: صلى بنا النبي، صلى الله عليه وسلم،
ويعليه فَرُّوجٌ من حَريرٍ. وفَرُّوج: لَقَبُ إِبراهيم بن حَوْرانَ؛ قال بعض
الشعراءِ يَهْجُوه:
يُعَرِّضُ فَرُّوجُ بنُ حَوْرانَ بِنْتَه،
كما عُرِّضَتْ للمُشْتَرينَ جَزُورُ
لَحى اللهُ فَرُّوجاً، وخَرَّبَ دارَه
وأَخْزى بني حَوْرانَ خِزْيَ حَمِير
وفَرَجٌ وفرَّاجٌ ومُفَرِّجٌ أَسماء. وبنو مُفْرِجٍ: بطن.
روح: الرِّيحُ: نَسِيم الهواء، وكذلك نَسيم كل شيء، وهي مؤنثة؛ وفي
التنزيل: كَمَثَلِ رِيحٍ فيها صِرٌّ أَصابت حَرْثَ قوم؛ هو عند سيبويه
فَعْلٌ، وهو عند أَبي الحسن فِعْلٌ وفُعْلٌ.
والرِّيحةُ: طائفة من الرِّيح؛ عن سيبويه، قال: وقد يجوز أَن يدل الواحد
على ما يدل عليه الجمع، وحكى بعضهم: رِيحٌ ورِيحَة مع كوكب وكَوكَبَةٍ
وأَشعَر أَنهما لغتان، وجمع الرِّيح أَرواح، وأَراوِيحُ جمع الجمع، وقد
حكيت أَرْياحٌ وأَرايِح، وكلاهما شاذ، وأَنكر أَبو حاتم على عُمارة بن عقيل
جمعَه الرِّيحَ على أَرْياح، قال فقلت له فيه: إِنما هو أَرْواح، فقال:
قد قال الله تبارك وتعالى: وأَرسلنا الرِّياحَ؛ وإِنما الأَرْواحُ جمعُ
رُوح، قال: فعلمت بذلك أَنه ليس ممن يؤْخذ عنه. التهذيب: الرِّيح ياؤُها
واو صُيِّرت ياء لانكسار ما قبلها، وتصغيرها رُوَيْحة، وجمعها رِياحٌ
وأَرْواحٌ. قال الجوهري: الرِّيحُ واحدة الرِّياح، وقد تجمع على أَرْواح لأَن
أَصلها الواو وإِنما جاءَت بالياء لانكسار ما قبلها، وإِذا رجعوا إِلى
الفتح عادت إِلى الواو كقولك: أَرْوَحَ الماءُ وتَرَوَّحْتُ بالمِرْوَحة؛
ويقال: رِيحٌ ورِيحَة كما قالوا: دارٌ ودارَةٌ. وفي الحديث: هَبَّتْ
أَرواحُ النَّصْر؛ الأَرْواحُ جمع رِيح. ويقال: الرِّيحُ لآِل فلان أَي
النَّصْر والدَّوْلة؛ وكان لفلان رِيحٌ. وفي الحديث: كان يقول إِذا هاجت
الرِّيح: اللهم اجعلها رِياحاً ولا تجعلها ريحاً؛ العرب تقول: لا تَلْقَحُ
السحابُ إِلاَّ من رياح مختلفة؛ يريج: اجْعَلْها لَقاحاً للسحاب ولا تجعلها
عذاباً، ويحقق ذلك مجيءُ الجمع في آيات الرَّحمة، والواحد في قِصَصِ
العذاب: كالرِّيح العَقِيم؛ ورِيحاً صَرْصَراً. وفي الحديث: الرِّيحُ من
رَوْحِ الله أَي من رحمته بعباده.
ويومٌ راحٌ: شديد الرِّيح؛ يجوز أَن يكون فاعلاً ذهبت عينه، وأَن يكون
فَعْلاً؛ وليلة راحةٌ. وقد راحَ يَراحُ رَيْحاً إِذا اشتدّت رِيحُه. وفي
الحديث: أَن رجلاً حضره الموت، فقال لأَِولاده: أَحْرِقوني ثم انظروا
يوماً راحاً فأَذْرُوني فيه؛ يومٌ راحٌ أَي ذو رِيح كقولهم: رجلٌ مالٌ.
ورِيحَ الغَدِيرُ وغيرُه، على ما لم يُسَمَّ فاعله: أَصابته الرِّيحُ،
فهو مَرُوحٌ؛ قال مَنْظُور بنُ مَرْثَدٍ الأَسَدِيُّ يصف رَماداً:
هل تَعْرِفُ الدارَ بأَعْلى ذي القُورْ؟
قد دَرَسَتْ غيرَ رَمادٍ مَكْفُورْ
مُكْتَئِبِ اللَّوْنِ مَرُوحٍ مَمْطُورْ
القُور: جُبَيْلات صغار، واحدها قارَة. والمكفور: الذي سَفَتْ عليه
الريحُ الترابَ، ومَرِيح أَيضاً؛ وقال يصف الدمع:
كأَنه غُصْنٌ مَرِيح مَمْطُورْ
مثل مَشُوب ومَشِيب بُنِيَ على شِيبَ.
وغُصْنٌ مَرِيحٌ ومَرُوحٌ: أَصابته الريح؛ وكذلك مكان مَريح ومَرُوحٌ،
وشجرة مَرُوحة ومَريحة: صَفَقَتْها الريحُ فأَلقت ورقها.
وراحَتِ الريحُ الشيءَ: أَصابته؛ قال أَبو ذؤيب يصف ثوراً:
ويَعُوذ بالأَرْطَى، إِذا ما شَفَّهُ
قَطْرٌ، وراحَتْهُ بَلِيلٌ زَعْزَعُ
وراحَ الشجرُ: وجَدَ الريحَ وأَحَسَّها؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد:
تَعُوجُ، إِذا ما أَقْبَلَتْ نَحْوَ مَلْعَبٍ،
كما انْعاجَ غُصْنُ البانِ راحَ الجَنائبا
ويقال: رِيحَتِ الشجرةُ، فهي مَرُوحة. وشجرة مَرُوحة إِذا هبَّت بها
الريح؛ مَرُوحة كانت في الأَصل مَرْيوحة. ورِيحَ القومُ وأَراحُوا: دخلوا في
الريح، وقيل: أَراحُوا دخلوا في الريح، ورِيحُوا: أَصابتهم الريحُ
فجاحَتْهم.
والمَرْوَحة، بالفتح: المَفازة، وهي الموضع الذي تَخْترقُه الريح؛ قال:
كأَنَّ راكبها غُصْنٌ بمَرْوَحةٍ،
إِذا تَدَلَّتْ به، أَو شارِبٌ ثَمِلْ
والجمع المَراوِيح؛ قال ابن بري: البيت لعمر بن الخطاب، رضي الله عنه،
وقيل: إِنه تمثل به، وهو لغيره قاله وقد ركب راحلته في بعض المفاوز
فأَسرعت؛ يقول: كأَنَّ راكب هذه الناقة لسرعتها غصن بموضع تَخْتَرِقُ فيه
الريح، كالغصن لا يزال يتمايل يميناً وشمالاً، فشبّه راكبها بغصن هذه حاله أَو
شارِبٍ ثَمِلٍ يتمايلُ من شدّة سكره، وقوله إِذا تدلت به أَي إِذا هبطت
به من نَشْزٍ إِلى مطمئن، ويقال إِن هذا البيت قديم.
وراحَ رِيحَ الروضة يَراحُها، وأَراح يُريحُ إِذا وجد ريحها؛ وقال
الهُذَليُّ:
وماءٍ ورَدْتُ على زَوْرَةٍ،
كمَشْيِ السَّبَنْتَى يَراحُ الشَّفِيفا
الجوهري: راحَ الشيءَ يَراحُه ويَرِيحُه إِذا وجَدَ رِيحَه، وأَنشد
البيت «وماءٍ ورَدتُ» قال ابن بري: هو لصَخرْ الغَيّ، والزَّوْرةُ ههنا:
البعد؛ وقيل: انحراف عن الطريق. والشفيف: لذع البرد. والسَّبَنْتَى:
النَّمِرُ.
والمِرْوَحَةُ، بكسر الميم: التي يُتَرَوَّحُ بها، كسرة لأَنها آلة؛
وقال اللحياني: هي المِرْوَحُ، والجمع المَرَاوِحُ؛ وفي الحديث: فقد رأَيتهم
يَتَرَوَّحُون في الضُّحَى أَي احتاجوا إِلى التَّرْويحِ من الحَرِّ
بالمِرْوَحة، أَو يكون من الرواح: العَودِ إِلى بيوتهم، أَو من طَلَب
الراحة.والمِرْوَحُ والمِرْواحُ: الذي يُذَرَّى به الطعامُ في الريح.
ويقال: فلان بِمَرْوَحةٍ أَي بمَمَرِّ الريحِ.
وقالوا: فلان يَميلُ مع كل ريح، على المثل؛ وفي حديث عليّ: ورَعاعُ
الهَمَج يَميلون على كلِّ ريح. واسْتَرْوح الغصنُ: اهتزَّ بالريح.
ويومٌ رَيِّحٌ ورَوْحٌ ورَيُوحُ: طَيِّبُ الريح؛ ومكانٌ رَيِّحٌ أَيضاً،
وعَشَيَّةٌ رَيِّحةٌ ورَوْحَةٌ، كذلك. الليث: يوم رَيِّحٌ ويوم راحٌ: ذو
ريح شديدة، قال: وهو كقولك كَبْشٌ صافٍ، والأَصل يوم رائح وكبش صائف،
فقلبوا، وكما خففوا الحائِجةَ، فقالوا حاجة؛ ويقال: قالوا صافٌ وراحٌ على
صَوِفٍ ورَوِحٍ، فلما خففوا استنامت الفتحة قبلها فصارت أَلفاً. ويومٌ
رَيِّحٌ: طَيِّبٌ، وليلة رَيِّحة. ويوم راحٌ إِذا اشتدَّت ريحه. وقد راحَ،
وهو يرُوحُ رُؤُوحاً وبعضهم يَراحُ، فإِذا كان اليوم رَيِّحاً طَيِّباً،
قيل: يومٌ رَيِّحٌ وليلة رَيِّحة، وقد راحَ، وهو يَرُوحُ رَوْحاً.
والرَّوْحُ: بَرْدُ نَسِيم الريح؛ وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: كان
الناسُ يسكنون العالية فيحضُرون الجمعةَ وبهم وَسَخٌ، فإِذا أَصابهم
الرَّوْحُ سطعت أَرواحهم فيتأَذى به الناسُ، فأُمروا بالغسل؛ الرَّوْح،
بالفتح: نسيم الريح، كانوا إِذا مَرَّ عليهم النسيمُ تَكَيَّفَ بأَرْواحِهم،
وحَمَلها إِلى الناس. وقد يكون الريح بمعنى الغَلَبة والقوة؛ قال تَأَبَط
شرًّا، وقيل سُلَيْكُ بنُ سُلَكَةَ:
أَتَنْظُرانِ قليلاً رَيْثَ غَفْلَتِهمْ،
أَو تَعْدُوانِ، فإِنَّ الرِّيحَ للعادِي
ومنه قوله تعالى: وتَذْهَبَ رِيحُكُم؛ قال ابن بري: وقيل الشعر لأَعْشى
فَهْمٍ، من قصيدة أَولها:
يا دارُ بينَ غُباراتٍ وأَكْبادِ،
أَقْوَتْ ومَرَّ عليها عهدُ آبادِ
جَرَّتْ عليها رياحُ الصيفِ أَذْيُلَها،
وصَوَّبَ المُزْنُ فيها بعدَ إِصعادِ
وأَرَاحَ الشيءَ إِذا وجَد رِيحَه. والرائحةُ: النسيم طيِّباً كان أَو
نَتْناً. والرائحة: ريحٌ طيبة تجدها في النسيم؛ تقول لهذه البقلة رائحة
طيبة. ووَجَدْتُ رِيحَ الشيء ورائحته، بمعنًى.
ورِحْتُ رائحة طيبة أَو خبيثة أَراحُها وأَرِيحُها وأَرَحْتُها
وأَرْوَحْتُها: وجدتها. وفي الحديث: من أَعانَ على مؤمن أَو قتل مؤمناً لم يُرِحْ
رائحةَ الجنة، من أَرَحْتُ، ولم يَرَحْ رائحة الجنة من رِحْتُ أَراحُ؛
ولم يَرِحْ تجعله من راحَ الشيءَ يَرِيحُه. وفي حديث النبي، صلى الله عليه
وسلم: من قتل نفساً مُعاهدةً لم يَرِحْ رائحةَ الجنة أَي لم يَشُمَّ
ريحها؛ قال أَبو عمرو: هو من رِحْتُ الشيءَ أَرِيحه إِذا وجَدْتَ ريحه؛ وقال
الكسائي: إِنما هو لم يُرِحْ رائحة الجنة، مِن أَرَحْتُ الشيء فأَنا
أُرِيحَه إِذا وجدت ريحه، والمعنى واحد؛ وقال الأَصمعي: لا أَدري هو مِن
رِحْتُ أَو من أَرَحْتُ؛ وقال اللحياني: أَرْوَحَ السبُعُ الريحَ وأَراحها
واسْتَرْوَحَها واستراحها: وَجَدَها؛ قال: وبعضهم يقول راحَها بغير أَلف،
وهي قليلة. واسْتَرْوَحَ الفحلُ واستراح: وجد ريح الأُنثى. وراحَ الفرسُ
يَراحُ راحةً إِذا تَحَصَّنَ أَي صار فحلاً؛ أَبو زيد: راحت الإِبلُ
تَراحُ رائحةً؛ وأَرَحْتُها أَنا. قال الأَزهري: قوله تَرَاحُ رائحةً مصدر
على فاعلة؛ قال: وكذلك سمعته من العرب، ويقولون: سمعتُ راغِيةَ الإِبل
وثاغِيةَ الشاء أَي رُغاءَها وثُغاءَها. والدُّهْنُ المُرَوَّحُ:
المُطَيَّبُ؛ ودُهْن مُطَيَّب مُرَوَّحُ الرائحةِ، ورَوِّحْ دُهْنَكَ بشيء تجعل فيه
طيباً؛ وذَرِيرَةٌ مُرَوَّحة: مُطَيَّبة، كذلك؛ وفي الحديث: أَنه أَمرَ
بالإِثْمِد المُرَوَّحِ عند النوم؛ وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه
وسلم، نَهَى أَن يَكْتَحِلَ المُحْرِمُ بالإِثْمِدِ المُرَوَّح؛ قال أَبو
عبيد: المُرَوَّحُ المُطَيَّبُ بالمسك كأَنه جُعل له رائحةٌ تَفُوحُ بعد
أَن لم تكن له رائحة، وقال: مُرَوَّحٌ، بالواو، لأَن الياءَ في الريح
واو، ومنه قيل: تَرَوَّحْتُ بالمِرْوَحة.
وأَرْوَحَ اللحمُ: تغيرت رائحته، وكذلك الماءُ؛ وقال اللحياني وغيره:
أَخذتْ فيه الريح وتَغَيَّر. وفي حديث قَتَادةَ: سُئِل عن الماء الذي قد
أَروَحَ، أَيُتَوَضَّأُ منه؟ فقال: لا بأْس. يقال: أَرْوَحَ الماءُ وأَراحَ
إِذا تغيرت ريحه؛ وأَراح اللحمُ أَي أَنْتَنَ. وأَرْوَحَنِي الضَّبُّ:
وجد ريحي؛ وكذلك أَرْوَحَني الرجلُ. ويقال: أَراحَني الصيدُ إِذا وجَدَ
رِيحَ الإِنْسِيِّ. وفي التهذيب: أَرْوَحَنِي الصيدُ إِذا وجد ريحَك؛ وفيه:
وأَرْوَحَ الصيدُ واسْتَرْوَحَ واستراح إِذا وجد ريح الإِنسان؛ قال أَبو
زيد: أَرْوَحَنِي الصيجُ والضبُّ إِرْواحاً، وأَنْشاني إِنشاءً إِذا وجد
ريحَك ونَشْوَتَك، وكذلك أَرْوَحْتُ من فلان طِيباً، وأَنْشَيْتُ منه
نَشْوَةً.
والاسْتِرْواحُ: التَّشَمُّمُ.
الأَزهري: قال أَبو زيد سمعت رجلاً من قَيْس وآخر من تميم يقولان:
قَعَدْنا في الظل نلتمس الراحةَ؛ والرَّوِيحةُ والراحة بمعنى واحد. وراحَ
يَرَاحُ رَوْحاً: بَرَدَ وطابَ؛ وقيل: يومٌ رائحٌ وليلة رائحةٌ طيبةُ الريح؛
يقال: رَاحَ يومُنا يَرَاحُ رَوْحاً إِذا طابَت رِيحهُ؛ ويوم رَيِّحٌ؛
قال جرير:
محا طَلَلاً، بين المُنِيفَةِ والنِّقا،
صَباً راحةٌ، أَو ذو حَبِيَّيْنِ رائحُ
وقال الفراء: مكانٌ راحٌ ويومٌ راحٌ؛ يقال: افتح البابَ حتى يَراحَ
البيتُ أَي حتى يدخله الريح؛ وقال:
كأَنَّ عَيْنِي، والفِراقُ مَحْذورْ،
غُصْنٌ من الطَّرْفاءِ، راحٌ مَمْطُورْ
والرَّيْحانُ: كلُّ بَقْل طَيِّب الريح، واحدته رَيْحانة؛ وقال:
بِرَيْحانةٍ من بَطْنِ حَلْيَةَ نَوَّرَتْ،
لها أَرَجٌ، ما حَوْلها، غيرُ مُسْنِتِ
والجمع رَياحين. وقيل: الرَّيْحانُ أَطراف كل بقلة طيبة الريح إِذا خرج
عليها أَوائلُ النَّوْر؛ وفي الحديث: إِذا أُعْطِيَ أَحدُكم الرَّيْحانَ
فلا يَرُدَّه؛ هو كل نبت طيب الريح من أَنواع المَشْمُوم. والرَّيْحانة:
الطَّاقةُ من الرَّيحان؛ الأَزهري: الريحان اسم جامع للرياحين الطيبة
الريح، والطاقةُ الواحدةُ: رَيْحانةٌ. أَبو عبيد: إِذا طال النبتُ قيل: قد
تَرَوَّحتِ البُقُول، فهي مُتَرَوِّحةٌ. والريحانة: اسم للحَنْوَة
كالعَلَمِ. والرَّيْحانُ: الرِّزْقُ، على التشبيه بما تقدم.
وقوله تعالى: فَرَوْحٌ ورَيْحان أَي رحمة ورزق؛ وقال الزجاج: معناه
فاستراحة وبَرْدٌ، هذا تفسير الرَّوْح دون الريحان؛ وقال الأَزهري في موضع
آخر: قوله فروح وريحان، معناه فاستراحة وبرد وريحان ورزق؛ قال: وجائز أَن
يكون رَيحانٌ هنا تحيَّة لأَهل الجنة، قال: وأَجمع النحويون أَن رَيْحاناً
في اللغة من ذوات الواو، والأَصل رَيْوَحانٌ
(* قوله «والأصل ريوحان» في
المصباح، أصله ريوحان، بياء ساكنة ثم واو مفتوحة، ثم قال وقال جماعة: هو
من بنات الياء وهو وزان شيطان، وليس تغيير بدليل جمعه على رياحين مثل
شيطان وشياطين.) فقلبت الواو ياء وأُدغمت فيها الياء الأُولى فصارت
الرَّيَّحان، ثم خفف كما قالوا: مَيِّتٌ ومَيْتٌ، ولا يجوز في الرَّيحان التشديد
إِلاَّ على بُعْدٍ لأَنه قد زيد فيه أَلف ونون فخُفِّف بحذف الياء وأُلزم
التخفيف؛ وقال ابن سيده: أَصل ذلك رَيْوَحان، قلبت الواو ياء لمجاورتها
الياء، ثم أُدغمت ثم خففت على حدّ مَيْتٍ، ولم يستعمل مشدَّداً لمكان
الزيادة كأَنَّ الزيادة عوض من التشديد فَعْلاناً على المعاقبة
(* قوله
«فعلاناً على المعاقبة إلخ» كذا بالأصل وفيه سقط ولعل التقدير وكون أصله
روحاناً لا يصح لان فعلاناً إلخ أَو نحو ذلك.) لا يجيء إِلا بعد استعمال
الأَصل ولم يسمع رَوْحان. التهذيب: وقوله تعالى: فروح وريحان؛ على قراءة من
ضم الراء، تفسيره: فحياة دائمة لا موت معها، ومن قال فَرَوْحٌ فمعناه:
فاستراحة، وأَما قوله: وأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ منه؛ فمعناه برحمة منه، قال:
كذلك قال المفسرون؛ قال: وقد يكون الرَّوْح بمعنى الرحمة؛ قال الله تعالى:
لا تَيْأَسُوا من رَوْح الله أَي من رحمة الله؛ سماها رَوْحاً لأَن
الرَّوْحَ والراحةَ بها؛ قال الأَزهري: وكذلك قوله في عيسى: ورُوحٌ منه أَي
رحمة منه، تعالى ذكره.
والعرب تقول: سبحان الله ورَيْحانَه؛ قال أَهل اللغة: معناه واسترزاقَه،
وهو عند سيبويه من الأَسماء الموضوعة موضع المصادر، تقول: خرجت أَبتغي
رَيْحانَ الله؛ قال النَّمِرُ بنُ تَوْلَب:
سلامُ الإِله ورَيْحانُه،
ورَحْمَتُه وسَماءٌ دِرَرْ
غَمَامٌ يُنَزِّلُ رِزْقَ العبادِ،
فأَحْيا البلادَ، وطابَ الشَّجَرْ
قال: ومعنى قوله وريحانه: ورزقه؛ قال الأَزهري: قاله أَبو عبيدة وغيره؛
قال: وقيل الرَّيْحان ههنا هو الرَّيْحانُ الذي يُشَمّ. قال الجوهري:
سبحان الله ورَيْحانَه نصبوهما على المصدر؛ يريدون تنزيهاً له واسترزاقاً.
وفي الحديث: الولد من رَيْحانِ الله. وفي الحديث: إِنكم لتُبَخِّلُون
(*
قوله «انكم لتبخلون إلخ» معناه أن الولد يوقع أباه في الجبن خوفاً من أن
يقتل، فيضيع ولده بعده، وفي البخل ابقاء على ماله، وفي الجهل شغلاً به عن
طلب العلم. والواو في وانكم للحال، كأنه قال: مع انكم من ريحان الله أي
من رزق الله تعالى. كذا بهامش النهاية.) وتُجَهِّلُون وتُجَبِّنُونَ
وإِنكم لمن رَيْحانِ الله؛ يعني الأَولادَ. والريحان يطلق على الرحمة والرزق
والراحة؛ وبالرزق سمي الولد رَيْحاناً.
وفي الحديث: قال لعليّ، رضي الله عنه: أُوصيك بِرَيْحانَتَيَّ خيراً قبل
أَن يَنهَدَّ رُكناك؛ فلما مات رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: هذا
أَحدُ الركنين، فلما ماتت فاطمة قال: هذا الركن الآخر؛ وأَراد بريحانتيه
الحسن والحسين، رضي الله تعالى عنهما. وقوله تعالى: والحَبُّ ذو
العَصْفِ والرَّيحانُ؛ قيل: هو الوَرَقُ؛ وقال الفراء: ذو الوَرَق والرِّزقُ،
وقال الفرّاء: العَصْفُ ساقُ الزرعِ والرَّيْحانُ ورَقهُ.
وراحَ منك معروفاً وأَرْوَحَ، قال: والرَّواحُ والراحةُ والمُرايَحةُ
والرَّوِيحَةُ والرَّواحة: وِجْدَانُك الفَرْجَة بعد الكُرْبَة.
والرَّوْحُ أَيضاً: السرور والفَرَحُ، واستعاره عليّ، رضي الله عنه،
لليقين فقال: فباشِرُوا رَوْحَ اليقين؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه أَراد
الفَرْحة والسرور اللذين يَحْدُثان من اليقين. التهذيب عن الأَصمعي:
الرَّوْحُ الاستراحة من غم القلب؛ وقال أَبو عمرو: الرَّوْحُ الفَرَحُ،
والرَّوْحُ؛ بَرْدُ نسيم الريح. الأَصمعي: يقال فلان يَراحُ للمعروف إِذا أَخذته
أَرْيَحِيَّة وخِفَّة.
والرُّوحُ، بالضم، في كلام العرب: النَّفْخُ، سمي رُوحاً لأَنه رِيحٌ
يخرج من الرُّوحِ؛ ومنه قول ذي الرمة في نار اقْتَدَحَها وأَمر صاحبه
بالنفخ فيها، فقال:
فقلتُ له: ارْفَعْها إِليك، وأَحْيِها
برُوحكَ، واجْعَله لها قِيتَةً قَدْرا
أَي أَحيها بنفخك واجعله لها؛ الهاء للرُّوحِ، لأَنه مذكر في قوله:
واجعله، والهاء التي في لها للنار، لأَنها مؤنثة. الأَزهري عن ابن الأَعرابي
قال: يقال خرج رُوحُه، والرُّوحُ مذكر.
والأَرْيَحِيُّ: الرجل الواسع الخُلُق النشيط إِلى المعروف يَرْتاح لما
طلبت ويَراحُ قَلْبُه سروراً. والأَرْيَحِيُّ: الذي يَرْتاح للنَّدى.
وقال الليث: يقال لكل شيء واسع أَرْيَحُ؛ وأَنشد:
ومَحْمِل أَرْيَح جَحاحِي
قال: وبعضهم يقول ومحمل أَرْوَح، ولو كان كذلك لكان قد ذمَّه لأَن
الرَّوَحَ الانبطاح، وهو عيب في المَحْمِلِ. قال: والأَرْيَحِيُّ مأْخوذ من
راحَ يَرَاحُ، كما يقال للصَّلْتِ المُنْصَلِتِ: أَصْلَتِيٌّ،
وللمُجْتَنِبِ: أَجْنَبِيٌّ، والعرب تحمل كثيراً من النعت على أَفْعَلِيّ فيصر كأَنه
نسبة. قال الأَزهري: وكلام العرب تقول رجل أَجْنَبُ وجانِبٌ وجُنُبٌ، ولا
تكاد تقول أَجْنَبِيٌّ. ورجل أَرْيَحِيٌّ: مُهْتَزٌّ للنَّدى والمعروف
والعطية واسِعُ الخُلُق، والاسم الأَرْيَحِيَّة والتَّرَيُّح؛ عن
اللحياني؛ قال ابن سيده: وعندي أَن التَّرَيُّح مصدر تَريَّحَ، وسنذكره؛ وفي شعر
النابغة الجعدي يمدح ابن الزبير:
حَكَيْتَ لنا الصِّدِّيقَ لمّا وَلِيتَنا،
وعُثمانَ والفارُوقَ، فارْتاحَ مُعْدِمُ
أَي سَمَحَت نفسُ المُعْدِم وسَهُلَ عليه البَذل.
يقال: رِحْتُ المعروف أَراحُ رَيْحاً وارْتَحْتُ أَرْتاحُ ارْتِياحاً
إِذا مِلْتَ إِليه وأَحببته؛ ومنه قولهم: أَرْيَحِيٌّ إِذا كان سخيّاً
يَرْتاحُ للنَّدَى. وراحَ لذلك الأَمر يَراحُ رَواحاً ورُؤُوحاً، وراحاً
وراحةً وأَرْيَحِيَّةً ورِياحةً: أَشْرَق له وفَرِحَ به وأَخَذَتْه له
خِفَّةٌ وأَرْيَحِيَّةٌ؛ قال الشاعر:
إِنَّ البخيلَ إِذا سأَلْتَ بَهَرْتَه،
وتَرَى الكريمَ يَراحُ كالمُخْتالِ
وقد يُستعارُ للكلاب وغيرها؛ أَنشد اللحياني:
خُوصٌ تَراحُ إِلى الصِّياحِ إِذا غَدَتْ
فِعْلَ الضِّراءِ، تَراحُ للكَلاَّبِ
ويقال: أَخذته الأَرْيَحِيَّة إِذا ارتاح للنَّدَى. وراحتْ يَدُه بكذا
أَي خَفَّتْ له. وراحت يده بالسيف أَي خفت إِلى الضرب به؛ قال أُمَيَّةُ
بنُ أَبي عائذ الهذلي يصف صائداً:
تَراحُ يَداه بِمَحْشُورة،
خَواظِي القِداحِ، عِجافِ النِّصال
أَراد بالمحشورة نَبْلاَ، للُطْفِ قَدِّها لأَنه أَسرع لها في الرمي عن
القوس. والخواظي: الغلاظ القصار. وأَراد بقوله عجاف النصال: أَنها
أُرِقَّتْ. الليث: راحَ الإِنسانُ إِلى الشيء يَراحُ إِذا نَشِطَ وسُرَّ به،
وكذلك ارتاحَ؛ وأَنشد:
وزعمتَ أَنَّك لا تَراحُ إِلى النِّسا،
وسَمِعْتَ قِيلَ الكاشِحَ المُتَرَدِّدِ
والرِّياحَة: أَن يَراحَ الإِنسانُ إِلى الشيء فيَسْتَرْوِحَ ويَنْشَطَ
إِليه.والارتياح: النشاط. وارْتاحَ للأَمر: كراحَ؛ ونزلت به بَلِيَّةٌ
فارْتاحَ اللهُ له برَحْمَة فأَنقذه منها؛ قال رؤبة:
فارْتاحَ رَبي، وأَرادَ رَحْمَتي،
ونِعْمَةً أَتَمَّها فتَمَّتِ
أَراد: فارتاح نظر إِليَّ ورحمني. قال الأَزهري: قول رؤبة في فعل الخالق
قاله بأَعرابيته، قال: ونحن نَسْتَوْحِشُ من مثل هذا اللفظ لأَن الله
تعالى إِنما يوصف بما وصف به نفسه، ولولا أَن الله، تعالى ذكره، هدانا
بفضله لتمجيده وحمده بصفاته التي أَنزلها في كتابه، ما كنا لنهتدي لها أَو
نجترئ عليها؛ قال ابن سيده: فأَما الفارسي فجعل هذا البيت من جفاء
الأَعراب، كما قال:
لا هُمَّ إِن كنتَ الذي كعَهْدِي،
ولم تُغَيِّرْكَ السِّنُونَ بَعْدِي
وكما قال سالمُ بنُ دارَةَ:
يا فَقْعَسِيُّ، لِمْ أَكَلْتَه لِمَهْ؟
لو خافَكَ اللهُ عليه حَرَّمَهْ،
فما أَكلتَ لَحْمَه ولا دَمَهْ
والرَّاحُ: الخمرُ، اسم لها. والراحُ: جمع راحة، وهي الكَفُّ. والراح:
الارْتِياحُ؛ قال الجُمَيحُ ابنُ الطَّمَّاح الأَسَدِيُّ:
ولَقِيتُ ما لَقِيَتْ مَعَدٌّ كلُّها،
وفَقَدْتُ راحِي في الشَّبابِ وخالي
والخالُ: الاختيال والخُيَلاءُ، فقوله: وخالي أَي واختيالي.
والراحةُ: ضِدُّ التعب. واسْتراحَ الرجلُ، من الراحة. والرَّواحُ
والراحة مِن الاستراحة. وأَراحَ الرجل والبعير وغيرهما، وقد أَراحَني، ورَوَّح
عني فاسترحت؛ ويقال: ما لفلان في هذا الأَمر من رَواح أَي من راحة؛ وجدت
لذلك الأَمر راحةً أَي خِفَّةً؛ وأَصبح بعيرك مُرِيحاً أَي مُفِيقاً؛
وأَنشد ابن السكيت:
أَراحَ بعد النَّفَسِ المَحْفُوزِ،
إِراحةَ الجِدَايةِ النَّفُوزِ
الليث: الراحة وِجْدانُك رَوْحاً بعد مشقة، تقول: أَرِحْنُ إِراحةً
فأَسْتَريحَ؛ وقال غيره: أَراحهُ إِراحةً وراحةً، فالإِراحةُ المصدرُ،
والراحةُ الاسم، كقولك أَطعته إِطاعة وأَعَرْتُه إِعَارَةً وعارَةً. وفي
الحديث: قال النبي، صلى الله عليه وسلم، لمؤذنه بلال: أَرِحْنا بها أَي أَذّن
للصلاة فتَسْتَريحَ بأَدائها من اشتغال قلوبنا بها؛ قال ابن الأَثير: وقيل
كان اشتغاله بالصلاة راحة له، فإِنه كان يَعُدُّ غيرها من الأَعمال
الدنيوية تعباً، فكان يستريح بالصلاة لما فيها من مناجاة الله تعالى، ولذا
قال: وقُرَّة عيني في الصلاة، قال: وما أَقرب الراحة من قُرَّة العين.
يقال: أَراحَ الرجلُ واسْتراحَ إِذا رجعت إِليه نفسه بعد الإِعياء؛ قال: ومنه
حديث أُمِّ أَيْمَنَ أَنها عَطِشَتْ مُهاجِرَةً في يوم شديد الحرّ
فَدُلِّيَ إِليها دَلْوٌ من السماء فشربت حتى أَراحتْ. وقال اللحياني: أَراحَ
الرجلُ اسْتراحَ ورجعت إِليه نفسه بعد الإِعياء، وكذلك الدابة؛ وأَنشد:
تُرِيحُ بعد النَّفَسِ المَحْفُوزِ
أَي تَسترِيحُ. وأَراحَ: دخل في الرِّيح. وأَراحَ إِذا وجد نسيم الريح.
وأَراحَ إِذا دخل في الرَّواحِ. وأَراحَ إِذا نزل عن بعيره لِيُرِيحه
ويخفف عنه. وأَراحه الله فاستَراحَ، وأَراحَ تنفس؛ وقال امرؤ القيس يصف
فرساً بسَعَةِ المَنْخَرَيْنِ:
لها مَنْخَرٌ كوِجارِ السِّباع،
فمنه تُريحُ إِذا تَنْبَهِرْ
وأَراحَ الرجلُ: ماتَ، كأَنه استراحَ؛ قال العجاج:
أَراحَ بعد الغَمِّ والتَّغَمْغُمِ
(* قوله «والتغمغم» في الصحاح ومثله بهامش الأصل والتغمم.)
وفي حديث الأَسود بن يزيد: إِن الجمل الأَحمر لَيُرِيحُ فيه من الحرّ؛
الإِراحةُ ههنا: الموتُ والهلاك، ويروى بالنون، وقد تقدم.
والتَّرْوِيحةُ في شهر رمضان: سمِّيت بذلك لاستراحة القوم بعد كل أَربع
ركعات؛ وفي الحديث: صلاة التراويح؛ لأَنهم كانوا يستريحون بين كل
تسليمتين. والتراويح: جمع تَرْوِيحة، وهي المرة الواحدة من الراحة، تَفْعِيلة
منها، مثل تسليمة من السَّلام. والراحةُ: العِرْس لأَنها يُسْتراح إِليها.
وراحةُ البيت: ساحتُه.وراحةُ الثوب: طَيُّه. ابن شميل: الراحة من الأَرض:
المستويةُ، فيها ظَهورٌ واسْتواء تنبت كثيراً، جَلَدٌ من الأَرض، وفي
أَماكن منها سُهُولٌ وجَراثيم، وليست من السَّيْل في شيء ولا الوادي،
وجمعها الرَّاحُ، كثيرة النبت.
أَبو عبيد: يقال أَتانا فلان وما في وجهه رائحةُ دَمٍ من الفَرَقِ، وما
في وجهه رائحةُ دَمٍ أَي شيء. والمطر يَسْتَرْوِحُ الشجرَ أَي يُحْييه؛
قال:
يَسْتَرْوِحُ العِلمُ مَنْ أَمْسَى له بَصَرٌ
وكان حَيّاً كما يَسْتَرْوِحُ المَطَرُ
والرَّوْحُ: الرحمة؛ وفي الحديث عن أَبي هريرة قال: سمعت رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، يقول: الريحُ من رَوْحِ الله تأْتي بالرحمة وتأْتي
بالعذاب، فإِذا رأَيتموها فلا تَسُبُّوها واسأَلوا من خيرها، واستعذوا بالله
من شرِّها؛ وقوله: من روح الله أَي من رحمة الله، وهي رحمة لقوم وإِن كان
فيها عذاب لآخرين. وفي التنزيل: ولا تَيْأَسُوا من رَوْحِ الله؛ أَي من
رحمة الله، والجمع أَرواحٌ.
والرُّوحُ: النَّفْسُ، يذكر ويؤنث، والجمع الأَرواح. التهذيب: قال أَبو
بكر بنُ الأَنْباريِّ: الرُّوحُ والنَّفْسُ واحد، غير أَن الروح مذكر
والنفس مؤنثة عند العرب. وفي التنزيل: ويسأَلونك عن الرُّوح قل الروح من
أَمر ربي؛ وتأْويلُ الروح أَنه ما به حياةُ النفْس. وروى الأَزهري بسنده عن
ابن عباس في قوله: ويسأَلونك عن الروح؛ قال: إِن الرُّوح قد نزل في
القرآن بمنازل، ولكن قولوا كما قال الله، عز وجل: قل الروح من أَمر ربي وما
أُوتيتم من العلم إِلا قليلاً. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن
اليهود سأَلوه عن الروح فأَنزل الله تعالى هذه الآية. وروي عن الفراء أَنه
قال في قوله: قل الروح من أَمر ربي؛ قال: من عِلم ربي أَي أَنكم لا
تعلمونه؛ قال الفراء: والرُّوح هو الذي يعيش به الإِنسان، لم يخبر الله تعالى
به أَحداً من خلقه ولم يُعْطِ عِلْمَه العباد. قال: وقوله عز وجل:
ونَفَخْتُ فيه من رُوحي؛ فهذا الذي نَفَخَه في آدم وفينا لم يُعْطِ علمه أَحداً
من عباده؛ قال: وسمعت أَبا الهيثم يقول: الرُّوحُ إِنما هو النَّفَسُ
الذي يتنفسه الإِنسان، وهو جارٍ في جميع الجسد، فإِذا خرج لم يتنفس بعد
خروجه، فإِذا تَتامَّ خروجُه بقي بصره شاخصاً نحوه، حتى يُغَمَّضَ، وهو
بالفارسية «جان» قال: وقول الله عز وجل في قصة مريم، عليها السلام: فأَرسلنا
إِليها روحَنا فتمثل لها بَشَراً سَوِيّاً؛ قال: أَضافِ الروحَ المُرْسَلَ
إِلى مريم إِلى نَفْسه كما تقول: أَرضُ الله وسماؤه، قال: وهكذا قوله
تعالى للملائكة: فإِذا سوَّيته ونَفَخْتُ فيه من روحي؛ ومثله: وكَلِمَتُه
أَلقاها إِلى مريم ورُوحٌ منه؛ والرُّوحُ في هذا كله خَلْق من خَلْق الله
لم يعط علمه أَحداً؛ وقوله تعالى: يُلْقِي الرُّوحَ من أَمره على من يشاء
من عباده؛ قال الزجاج: جاء في التفسير أَن الرُّوح الوَحْيُ أَو أَمْرُ
النبوّة؛ ويُسَمَّى القرآنُ روحاً. ابن الأَعرابي: الرُّوحُ الفَرَحُ.
والرُّوحُ: القرآن. والرُّوح: الأَمرُ. والرُّوح: النَّفْسُ. قال أَبو
العباس
(* قوله «قال أبو العباس» هكذا في الأصل.): وقوله عز وجل: يُلْقي
الرُّوحَ من أَمره على من يشاء من عباده ويُنَزِّلُ الملائكةَ بالرُّوحِ من
أَمره؛ قال أَبو العباس: هذا كله معناه الوَحْيُ، سمِّي رُوحاً لأَنه حياة
من موت الكفر، فصار بحياته للناس كالرُّوح الذي يحيا به جسدُ الإِنسان؛
قال ابن الأَثير: وقد تكرر ذكر الرُّوح في الحديث كما تكرَّر في القرآن
ووردت فيه على معان، والغالب منها أَن المراد بالرُّوح الذي يقوم به
الجسدُ وتكون به الحياة، وقد أُطلق على القرآن والوحي والرحمة، وعلى جبريل في
قوله: الرُّوحُ الأَمين؛ قال: ورُوحُ القُدُس يذكَّر ويؤنث. وفي الحديث:
تَحابُّوا بذكر الله ورُوحِه؛ أَراد ما يحيا به الخلق ويهتدون فيكون حياة
لكم، وقيل: أَراد أَمر النبوَّة، وقيل: هو القرآن. وقوله تعالى: يوم
يَقُومُ الرُّوحُ والملائكةُ صَفّاً؛ قال الزجاج: الرُّوحُ خَلْقٌ كالإِنْسِ
وليس هو بالإِنس، وقال ابن عباس: هو ملَك في السماء السابعة، وجهه على
صورة الإنسان وجسده على صورة الملائكة؛ وجاء في التفسير: أَن الرُّوحَ
ههنا جبريل؛ ورُوحُ الله: حكمُه وأَمره. والرُّوحُ: جبريل عليه السلام. وروى
الأَزهري عن أَبي العباس أَحمد بن يحيى أَنه قال في قول الله تعالى:
وكذلك أَوحينا إِليك رُوحاً من أَمرنا؛ قال: هو ما نزل به جبريل من الدِّين
فصار تحيا به الناس أَي يعيش به الناس؛ قال: وكلُّ ما كان في القرآن
فَعَلْنا، فهو أَمره بأَعوانه، أَمر جبريل وميكائيل وملائكته، وما كان
فَعَلْتُ، فهو ما تَفَرَّد به؛ وأَما قوله: وأَيَّدْناه برُوح القُدُس، فهو
جبريل، عليه السلام. والرُّوحُ: عيسى، عليه السلام. والرُّوحُ: حَفَظَةٌ على
الملائكة الحفظةِ على بني آدم، ويروى أَن وجوههم مثل وجوه الإِنس.
وقوله: تَنَزَّلُ الملائكةُ والرُّوحُ؛ يعني أُولئك.
والرُّوحانيُّ من الخَلْقِ: نحوُ الملائكة ممن خَلَقَ اللهُ رُوحاً بغير
جسد، وهو من نادر معدول النسب. قال سيبويه: حكى أَبو عبيدة أَن العرب
تقوله لكل شيء كان فيه رُوحٌ من الناس والدواب والجن؛ وزعم أَبو الخطاب
أَنه سمع من العرب من يقول في النسبة إِلى الملائكة والجن رُوحانيٌّ، بضم
الراء، والجمع روحانِيُّون. التهذيب: وأَما الرُّوحاني من الخلق فإِنَّ
أَبا داود المَصاحِفِيَّ روى عن النَّضْر في كتاب الحروف المُفَسَّرةِ من
غريب الحديث أَنه قال: حدثنا عَوْفٌ الأَعرابي عن وَرْدانَ بن خالد قال:
بلغني أَن الملائكة منهم رُوحانِيُّون، ومنه مَن خُلِقَ من النور، قال: ومن
الرُّوحانيين جبريل وميكائيل وإِسرافيل، عليهم السلام؛ قال ابن شميل:
والرُّوحانيون أَرواح ليست لها أَجسام، هكذا يقال؛ قال: ولا يقال لشيء من
الخلق رُوحانيٌّ إِلا للأَرواح التي لا أَجساد لها مثل الملائكة والجن وما
أَشبههما، وأَما ذوات الأَجسام فلا يقال لهم رُوحانيون؛ قال الأَزهري:
وهذا القول في الرُّوحانيين هو الصحيح المعتمد لا ما قاله ابن المُظَفَّر
ان الرُّوحانيّ الذي نفخ فيه الرُّوح. وفي الحديث: الملائكة
الرُّوحانِيُّونَ، يروى بضم الراء وفتحها، كَأَنه نسب إِلى الرُّوح أَو الرَّوْح، وهو
نسيم الريح، والَلف والنون من زيادات النسب، ويريد به أَنهم أَجسام
لطيفة لا يدركها البصر.
وفي حديث ضِمامٍ: إِني أُعالج من هذه الأَرواح؛ الأَرواح ههنا: كناية عن
الجن سمُّوا أَرواحاً لكونهم لا يُرَوْنَ، فهم بمنزلة الأَرواح. ومكان
رَوْحانيٌّ، بالفتح، أَي طَيِّب. التهذيب: قال شَمرٌ: والرِّيحُ عندهم
قريبة من الرُّوح كما قالوا: تِيهٌ وتُوهٌ؛ قال أَبو الدُّقَيْش: عَمَدَ
مِنَّا رجل إِلى قِرْبَةٍ فملأَها من رُوحِه أَي من رِيحِه ونَفَسِه.
والرَّواحُ: نقيضُ الصَّباح، وهو اسم للوقت، وقيل: الرَّواحُ العَشِيُّ،
وقيل: الرَّواحُ من لَدُن زوال الشمس إِلى الليل. يقال: راحوا يفعلون
كذا وكذا ورُحْنا رَواحاً؛ يعني السَّيْرَ بالعَشِيِّ؛ وسار القوم رَواحاً
وراحَ القومُ، كذلك. وتَرَوَّحْنا: سِرْنا في ذلك الوقت أَو عَمِلْنا؛
وأَنشد ثعلب:
وأَنتَ الذي خَبَّرْتَ أَنك راحلٌ،
غَداةً غَدٍ، أَو رائحُ بهَجِيرِ
والرواح: قد يكون مصدر قولك راحَ يَرُوحُ رَواحاً، وهو نقيض قولك غدا
يَغْدُو غُدُوًّا. وتقول: خرجوا بِرَواحٍ من العَشِيِّ ورِياحٍ، بمعنًى.
ورجل رائحٌ من قوم رَوَحٍ اسم للجمع، ورَؤُوحٌ مِن قوم رُوحٍ، وكذلك
الطير.وطير رَوَحٌ: متفرقة؛ قال الأَعشى:
ماتَعِيفُ اليومَ في الطيرِ الرَّوَحْ،
من غُرابِ البَيْنِ، أَو تَيْسٍ سَنَحْ
ويروى: الرُّوُحُ؛ وقيل: الرَّوَحُ في هذا البيت: المتفرّقة، وليس بقوي،
إِنما هي الرائحة إِلى مواضعها، فجمع الرائح على رَوَحٍ مثل خادم
وخَدَمٍ؛ التهذيب: في هذا البيت قيل: أَراد الرَّوَحةَ مثل الكَفَرَة
والفَجَرة، فطرح الهاء. قال: والرَّوَحُ في هذا البيت المتفرّقة.
ورجل رَوَّاحٌ بالعشي، عن اللحياني: كَرَؤُوح، والجمع رَوَّاحُون، ولا
يُكَسَّر.
وخرجوا بِرِياحٍ من العشيّ، بكسر الراءِ، ورَواحٍ وأَرْواح أَي بأَول.
وعَشِيَّةٌ: راحةٌ؛ وقوله:
ولقد رأَيتك بالقَوادِمِ نَظْرَةً،
وعليَّ، من سَدَفِ العَشِيِّ، رِياحُ
بكسر الراء، فسره ثعلب فقال: معناه وقت.
وقالوا: قومُك رائحٌ؛ عن اللحياني حكاه عن الكسائي قال: ولا يكون ذلك
إِلاَّ في المعرفة؛ يعني أَنه لا يقال قوم رائحٌ.
وراحَ فلانٌ يَرُوحُ رَواحاً: من ذهابه أَو سيره بالعشيّ. قال الأَزهري:
وسمعت العرب تستعمل الرَّواحَ في السير كلَّ وقت، تقول: راحَ القومُ
إِذا ساروا وغَدَوْا، ويقول أَحدهم لصاحبه: تَرَوَّحْ، ويخاطب أَصحابه
فيقول: تَرَوَّحُوا أَي سيروا، ويقول: أَلا تُرَوِّحُونَ؟ ونحو ذلك ما جاء في
الأَخبار الصحيحة الثابتة، وهو بمعنى المُضِيِّ إِلى الجمعة والخِفَّةِ
إِليها، لا بمعنى الرَّواح بالعشي. في الحديث: مَنْ راحَ إِلى الجمعة في
الساعة الأُولى أَي من مشى إِليها وذهب إِلى الصلاة ولم يُرِدْ رَواحَ آخر
النهار. ويقال: راحَ القومُ وتَرَوَّحُوا إِذا ساروا أَيَّ وقت كان.
وقيل: أَصل الرَّواح أَن يكون بعد الزوال، فلا تكون الساعات التي عدَّدها في
الحديث إِلاَّ في ساعة واحدة من يوم الجمعة، وهي بعد الزوال كقولك: قعدت
عندك ساعة إِنما تريد جزءاً من الزمن، وإِن لم يكن ساعة حقيقة التي هي
جزء من أَربعة وعشرين جزءاً مجموع الليل والنهار،وإِذا قالت العرب: راحت
الإِبل تَرُوحُ وتَراحُ رائحةً، فَرواحُها ههنا أَن تأْوِيَ بعد غروب
الشمس إِلى مُراحِها الذي تبيت فيه. ابن سيده: والإِراحةُ رَدُّ الإِبل
والغنم من العَشِيِّ إِلى مُرَاحها حيث تأْوي إِليه ليلاً، وقد أَراحها راعيها
يُرِيحُها. وفي لغة: هَراحَها يُهْرِيحُها. وفي حديث عثمان، رضي الله
عنه: رَوَّحْتُها بالعشيّ أَي رَدَدْتُها إِلى المُراحِ. وسَرَحَتِ الماشية
بالغداة وراحتْ بالعَشِيِّ أَي رجعت. وتقول: افعل ذلك في سَراحٍ ورَواحٍ
أَي في يُسرٍ بسهولة؛ والمُراحُ: مأْواها ذلك الأَوانَ، وقد غلب على
موضع الإِبل.
والمُراحُ، بالضم: حيث تأْوي إِليه الإِبل والغنم بالليل.
وقولهم: ماله سارِحةٌ ولا رائحةٌ أَي شيء؛ راحتِ الإِبلُ وأَرَحْتُها
أَنا إِذا رددتُها إِلى المُراحِ؛ وقي حديث سَرِقَة الغنم: ليس فيه قَطْعٌ
حتى يُؤْوِيَهُ المُراح؛ المُراحُ، بالضم: الموضع الذي تَرُوحُ إِليه
الماشية أَي تأْوي إِليه ليلاً، وأَما بالفتح، فهو الموضع الذي يروح إِليه
القوم أَو يَروحُونَ منه، كالمَغْدَى الموضع الذي يُغْدَى منه.
وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ: وأَراحَ عَلَيَّ نَعَماً ثَرِيّاً أَي أَعطاني،
لأَنها كانت هي مُراحاً لِنَعَمِه، وفي حديثها أَيضاً: وأَعطاني من كل
رائحة زَوْجاً أَي مما يَرُوحُ عليه من أَصناف المال أَعطاني نصيباً
وصِنْفاً، ويروى: ذابِحةٍ، بالذال المعجمة والباء، وقد تقدم. وفي حديث أَبي
طلحة: ذاك مالٌ رائحٌ أَي يَرُوحُ عليك نَفْعُه وثوابُه يعني قُرْبَ وُصوله
إِليه، ويروى بالباء وقد تقدم.
والمَراحُ، بالفتح: الموضع الذي يَرُوحُ منه القوم أَو يَرُوحُون إِليه
كالمَغْدَى من الغَداةِ؛ تقول: ما ترك فلانٌ من أَبيه مَغدًى ولا مَراحاً
إِذا أَشبهه في أَحوالِه كلها.
والتَّرْوِيحُ: كالإِراحةِ؛ وقال اللحياني: أَراحَ الرجل إِراحةً
وإِراحاً إِذا راحت عليه إِبلُه وغنمه وماله ولا يكون ذلك إِلاّ بعد الزوال؛
وقول أَبي ذؤيب:
كأَنَّ مَصاعِيبَ، زُبَّ الرُّؤُو
سِ، في دارِ صِرْمٍ، تُلاقس مُرِيحا
يمكن أَن يكون أَراحتْ لغة في راحت، ويكون فاعلاً في معنى مفعول، ويروى:
تُلاقي مُرِيحاً أَي الرجلَ الذي يُرِيحُها. وأَرَحْتُ على الرجل حَقَّه
إِذا رددته عليه؛ وقال الشاعر:
أَلا تُرِيحي علينا الحقَّ طائعةً،
دونَ القُضاةِ، فقاضِينا إِلى حَكَمِ
وأَرِحْ عليه حَقَّه أَي رُدَّه. وفي حديث الزبير: لولا حُدُودٌ
فُرِضَتْ وفرائضُ حُدَّتْ تُراحُ على أَهلها أَي تُرَدُّ إِليهم وأَهلُها هم
الأَئمة، ويجوز بالعكس وهو أَن الأَئمة يردُّونها إِلى أَهلها من الرعية؛
ومنه حديث عائشة: حتى أَراحَ الحقَّ على أَهله.
ورُحْتُ القومَ رَوْحاً ورَواحاً ورُحْتُ إِليهم: ذهبت إِليهم رَواحاً
أَو رُحْتُ عندهم. وراحَ أَهلَه ورَوَّحَهم وتَرَوَّحَهم: جاءهم
رَواحاً.وفي الحديث: على رَوْحةٍ من المدينة أَي مقدار رَوْحةٍ، وهي المرَّة من
الرَّواح.
والرَّوائح: أَمطار العَشِيّ، واحدتُها رائحة، هذه عن اللحياني. وقال
مرة: أَصابتنا رائحةٌ أَي سَماء.
ويقال: هما يَتَراوحان عَمَلاً أَي يتعاقبانه، ويَرْتَوِحان مثلُه؛
ويقال: هذا الأَمر بيننا رَوَحٌ ورَِوِحٌ وعِوَرٌ إِذا تَراوَحُوه
وتَعاوَرُوه. والمُراوَحَةُ: عَمَلانِ في عَمَل، يعمل ذا مرة وذا مرة؛ قال
لبيد:ووَلَّى عامِداً لَطَياتِ فَلْجٍ،
يُراوِحُ بينَ صَوْنٍ وابْتِذالِ
يعني يَبْتَذِل عَدْوَه مرة ويصون أُخرى أَي يكُفُّ بعد اجتهاد.
والرَّوَّاحةُ: القطيعُ
(* قوله «والرواحة القطيع إلخ» كذا بالأصل بهذا
الضبط.) من الغنم.
ورَواحَ الرجلُ بين جنبيه إِذا تقلب من جَنْب إِلى جَنْب؛ أَنشد يعقوب:
إِذا اجْلَخَدَّ لم يَكَدْ يُراوِحُ،
هِلْباجةٌ حَفَيْسَأٌ دُحادِحُ
وراوَحَ بين رجليه إِذا قام على إِحداهما مرَّة وعلى الأَخرى مرة. وفي
الحديث: أَنه كان يُراوِحُ بين قدميه من طول القيام أَي يعتمد على
إِحداهما مرة وعلى الأُخرى مرة ليُوصِلَ الراحةَ إِلى كلٍّ منهما؛ ومنه حديث ابن
مسعود: أَنه أَبْصَرَ رجلاً صافًّا قدميه، فقال: لو راوَحَ كان أَفضلَ؛
ومنه حديث بكر بن عبد الله: كان ثابتٌ يُراوِحُ بين جَبْهَتِه وقَدَمَيه
أَي قائماً وساجداً، يعني في الصلاة؛ ويقال: إِن يديه لتَتراوَحانِ
بالمعروف؛ وفي التهذيب: لتَتَراحانِ بالمعروف.
وناقة مُراوِحٌ: تَبْرُكُ من وراء الإِبل؛ الأَزهري: ويقال للناقة التي
تبركُ وراءَ الإِبلِ: مُراوِحٌ ومُكانِفٌ، قال: كذلك فسره ابن الأَعرابي
في النوادر.
والرَّيِّحةُ من العضاه والنَّصِيِّ والعِمْقَى والعَلْقى والخِلْبِ
والرُّخامَى: أَن يَظْهَر النبتُ في أُصوله التي بقيت من عامِ أَوَّلَ؛
وقيل: هو ما نبت إِذا مسَّه البَرْدُ من غير مطر، وحكى كراع فيه الرِّيحة على
مثال فِعْلَة، ولم يَلْحك مَنْ سِواه إِلاَّ رَيِّحة على مِثال فَيِّحة.
التهذيب: الرَّيِّحة نبات يَخْضَرُّ بعدما يَبِسَ ورَقُه وأَعالي
أَغصانه.
وتَرَوَّحَ الشجرُ وراحَ يَراحُ: تَفَطَّرَ بالوَرَقِ قبل الشتاء من غير
مطر، وقال الأَصمعي: وذلك حين يَبْرُدُ الليل فيتفطر بالورق من غير مطر؛
وقيل: تَرَوَّحَ الشجر إِذا تَفَطَّرَ بوَرَقٍ بعد إِدبار الصيف؛ قال
الراعي:
وخالَفَ المجدَ أَقوامٌ، لهم وَرَقٌ
راحَ العِضاهُ به، والعِرْقُ مَدْخولُ
وروى الأَصمعي:
وخادَعَ المجدُ أَقواماً لهم وَرِقٌ
أَي مال. وخادَعَ: تَرَكَ، قال: ورواه أَبو عمرو: وخادَعَ الحمدَ أَقوام
أَي تركوا الحمد أَي ليسوا من أَهله، قال: وهذه هي الرواية الصحيحة. قال
الأَزهري: والرَّيِّحة التي ذكرها الليث هي هذه الشجرة التي تَتَرَوَّحُ
وتَراحُ إِذا بَرَدَ عليها الليلُ فتتفطرُ بالورق من غير مطر، قال: سمعت
العرب تسمِّيها الرَّيِّحة. وتَرَوُّحُ الشجر: تَفَطُّره وخُروجُ ورقه
إِذا أَوْرَق النبتُ في استقبال الشتاء، قال: وراحَ الشجر يَراحُ إِذا
تفطر بالنبات. وتَرَوَّحَ النبتُ والشجر: طال. وتَرَوَّحَ الماءُ إِذا أَخذ
رِيحَ غيره لقربه منه.وتَرَوَّحَ بالمِرْوَحةِ وتَرَوَّحَ أَي راحَ من
الرَّواحِ. والرَّوَحُ، بالتحريك: السَّعَةُ؛ قال المتنخل الهُذَليّ:
لكنْ كبيرُ بنُ هِنْدٍ، يومَ ذَلِكُمُ،
فُتْحُ الشَّمائل، في أَيْمانِهِم رَوَحْ
وكبير بن هند: حيٌّ من هذيل. والفتخ: جمع أَفْتَخَ، وهو اللَّيِّنُ
مَفْصِلِ اليدِ؛ يريد أَن شمائلهم تَنْفَتِخُ لشدَّة النَّزْعِ، وكذلك قوله:
في أَيمانهم رَوَح؛ وهو السَّعَة لشدَّة ضربها بالسيف، وبعده:
تَعْلُو السُّيوفُ بأَيْدِيهِم جَماجِمَهُم،
كما يُفَلَّقُ مَرْوُ الأَمْعَز الصَّرَحُ
والرَّوَحُ: اتساعُ ما بين الفخذين أَو سَعَةٌ في الرجلين، وهو دون
الفَحَج، إِلاَّ أَن الأَرْوح تتباعَدُ صدورُ قدميه وتَتَدانى عَقِباه.
وكل نعامة رَوْحاء؛ قال أَبو ذؤيب:
وزَفَّتِ الشَّوْلُ من بَرْدِ العَشِيِّ، كما
زَفَّ النَّعامُ إِلى حَفَّانِه الرُّوحِ
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه كان أَرْوَحَ كأَنه راكبٌ والناس
يمشونَ؛ الأَروَحُ: الذي تتدانى عَقِباه ويتباعد صدرا قدميه؛ ومنه الحديث:
لكأَنِّي أَنْظُرُ إِلى كِنانةَ بن عبدِ يالِيلَ قد أَقبلَ يضرِبُ دِرْعُه
رَوْحَتَيْ رجليه.
والرَّوَحُ: انقلابُ القَدَمِ على وَحْشِيِّها؛ وقيل: هو انبساط في صدر
القدم.
ورجل أَرْوَحٌ، وقد رَوِحَتْ قَدَمُه رَوَحاً، وهي رَوْحاءُ. ابن
الأَعرابي: في رجله رَوَحٌ ثم فَدَحٌ ثم عَقَلٌ، وهو أَشدّها؛ قال الليث:
الأَرْوَحُ الذي في صدر قدميه انبساط، يقولون: رَوِحَ الرجلُ يَرْوَحُ
رَوَحاً. وقصعة رَوْحاءُ: قريبة القَعْر، وإِناءٌ أَرْوَحُ. وفي الحديث: أَنه
أُتيَ بقدحٍ أَرْوَحَ أَي مُتَّسع مبطوح.
واسْتراحَ إِليه أَي اسْتَنامَ، وفي الصحاح: واسْتَرْوَحَ إِليه أَي
استنام. والمُسْتَراحُ: المَخْرَجُ. والرَّيْحانُ: نبت معروف؛ وقول
العجاج:عالَيْتُ أَنْساعِي وجَلْبَ الكُورِ،
على سَراةِ رائحٍ مَمْطُورِ
يريد بالرائِح: الثورَ الوحشي، وهو إِذا مُطِرَ اشتدَّ عَدْوُه.
وذو الراحة: سيف كان للمختار بن أَبي عُبَيْد. وقال ابن الأَعرابي قي
قوله دَلَكَتْ بِراحِ، قال: معناه استُريح منها؛ وقال في قوله:
مُعاوِيَ، من ذا تَجْعَلُونَ مَكانَنا،
إِذا دَلَكَتْ شمسُ النهارِ بِراحِ
يقول: إِذا أَظلم النهار واسْتُريحَ من حرّها، يعني الشمس، لما غشيها من
غَبَرة الحرب فكأَنها غاربة؛ كقوله:
تَبْدُو كَواكِبُه، والشمسُ طالعةٌ،
لا النُّورُ نُورٌ، ولا الإِظْلامُ إِظْلامُ
وقيل: دَلَكَتْ براح أَي غَرَبَتْ، والناظرُ إِليها قد تَوَقَّى
شُعاعَها براحته.
وبنو رَواحةَ: بطنٌ.
ورِياحٌ: حَيٌّ من يَرْبُوعٍ. ورَوْحانُ: موضع. وقد سَمَّتْ رَوْحاً
ورَواحاً. والرَّوْحاءُ: موضع، والنسب إِليه رَوْحانيٌّ، على غير قياس:
الجوهري: ورَوْحاء، ممدود، بلد.
ورق: الوَرَقُ: وَرَقُ الشجرة والشوك. والوَرَقُ: من أَوْراق الشجر
والكِتاب، الواحدة وَرَقةٌ. ابن سيده: الوَرَقُ من الشجر معروف، وقال أَبو
حنيفة: الوَرَقُ كل ما تَبَسَّطَ تَبَسُّطاً وكان له عَيْرٌ في وسطه تنتشر
عنه حاشيتاه، واحدته وَرَقةٌ.
وقد وَرَّقَت الشجرة تَوْريقاً وأَوْرَقَت إيراقاً: أخرجت وَرَقَها.
وأَوْرَقَ الشجرُ، أي خرج وَرَقُه. وشجرة وارِقةٌ ووَرِيقة ووَرِقةٌ: خضراء
الوَرَق حسنة؛ الأخيرة على النسب لأنه لا فعل له. والوَارِقةُ: الشجرة
الخضراء الوَرَق الحسنة، وقيل: كثيرة الأوراق. وشجرة وَرِقةٌ ووَرِيقة:
كثيرة الوَرَقِ. ووَرَقَ الشجرةَ يَرِقُها وَرْقاً: أخذ وَرَقَها، وقال
اللحياني: وَرَقَت الشجرة، خفيفةً، ألقت وَرَقَها. ويقال: رِقْ لي هذا الشجرة
وَرْقاً أي خُذ وَرَقَها، وقد وَرَقتُها أَرِقُها وَرْقاً، فهي
مَوْروقة.النضر: يقال اوْرَاقَّ العنبُ يَوْراقٌّ ايرِيقاقاً إذا لَوَّنَ فهو
مُورَاقّ. الأَصمعي: يقال وَرَقَ الشجرُ وأَوْرَقَ، وبالألف أكثر، ووَرَّق
تَوْريقاً مثله. والوِراقُ، بالكسر: الوقت الذي يُورِقُ فيه الشجر،
والوَرَاقُ، بالفتح: خضرة الأرض من الحشيش وليس من الوَرَقِ؛ قال أبو حنيفة: هو
أَن تطَّرد الخضرة لعينك؛ قال أَوس بن حَجَر يصف جيشاً بالكثرة ونسبه
الأزهري لأَوس بن زهير:
كأَنّ جِيادهُنَّ، بِرَعْنِ زُمٍّ،
جَرَادٌ قد أَطاعَ له الوَرَاقُ
ويروى: برَعْنِ قُفٍّ. قال ابن سيده: وعندي أن الوَرَاق من الوَرَقِ؛
وأَنشد الأزهري:
قل لنُصَيْبٍ يَحْتَلِبْ نار جَعْفَرٍ،
إذا شَكِرَتْ عند الوَرَاقِ جِلامُها
وقال أَبو حنيفة: ورَقَت الشجرةُ ووَرَّقَتْ وأَوْرَقتْ، كلُّ ذلك، إذا
ظهر وَرَقُها تامّاً. وفي الحديث أَنه قال لعَمَّار: أنت طيّبُ الوَرَق؛
أَراد بالورق نَسْله تشبيهاً بوَرَق الشجر لخروجها منها. ووَرَقُ القوم:
أحداثهم. وما أَحسن وَرَاقُهُ وأَوْرَاقهُ أي لِبْسته وشارتهُ، على
التشبيه بالوَرَقِ. واخْتَبط منه وَرَقاً: أصاب منه خيراً.
والرِّقَةُ: أول خروج الصِّلِّيان والنَّصِيّ والطَّريفة رطباً، يقال:
رعينا رِقَتَهُ. ابن الأعرابي: يقال للنَّصِيّ والصِّلِّيان إذا نبتا
رِقَةٌ، خفيفةً، ما داما رطبين. والرِّقةُ أيضاً: رِقةُ الكَلإِ إذا خرج له
ورق. وتَوَرَّقَت الناقة إذا رعت الرِّقةَ. ابن سمعان وغيره: الرِّقةُ
الأرض التي يصيبها المطر في الصَّفَرِيَّة أو في القيظ فتنبت فتكون خضراء
فيقال: هي رِقة خضراء. والرِّقةُ: رِقةُ النَّصِي والصلّيان إذا اخضرَّا في
الربيع.
أبو عمرو: الوَرِيقةُ الشجرة الحسنة الوَرَقِ. وعام أَوْرَقُ: لا مطر
فيه، والجمع وُرْق. والوَرَقُ: أُدم رقاقٌ، واحدتها وَرَقة، ومنها وَرَقُ
المصحف، ووَرَقُ المصحف وأَوْراقُه: صحفه، الواحد كالواحد، وهو منه.
والوَرَّاقُ: معروف، وحرفته الوِراقةُ. ورجل وَرَّاق: وهو الذي يُوَرِّق
ويكتب. الجوهري: والوَرَقُ المال من دراهم وإبل وغير ذلك. وقال ابن سيده
الوَرَقُ المال من الإبل والغنم؛ قال العجاج:
إياكَ أَدعو، فَتَقَبَّلْ مَلَقِي
اغفِرْ خَطايايَ، وثَمِّرْ ورَقِي
والوَرَقُ من الدم: ما استدار منه على الأرض، وقيل هو الذي يسقط من
الجراحة عَلَقاً قِطعاً؛ قال أَبو عبيدة: أَوّله وَرَق وهو مثل الرَّشِّ،
والبصِيرةُ مثل فِرْسِنِ البعير، والجَدِيَّةُ أَعظم من ذلك، والإسْباءةُ في
طول الرمح، والجمع الأسابي. والوَرَقُ: الدتيا. ووَرَقُ القوم:
أَحداثُهم. ووَرَقُ الشَّباب: نَضْرته وحداثته؛ هذه عن ابن الأَعرابي.
والوَرِقُ والوِرْقُ والوَرْقُ والرِّقَةُ: الدراهم مثل كَبِدٍ وكِبْدٍ
وكَبْدٍ، وكَلِمة وكِلْمة وكَلْمةٍ، لأن فيهم من ينقل كسرة الراء إلى
الواو بعد التخفيف، ومنهم من يتركها على حالها. وفي الصحاح: الوَرِقُ
الدراهم المضروبة وكذلك الرقةُ، والهاء عوض من الواو. وفي الحديث في الزكاة: في
الرِّقِة ربع العشر، وفي حديث آخر: عَفَوْتُ لكم عن صدقة الخيل والرقيق
فهاتوا صدقة الرِّقَةِ؛ يريد الفضة والدراهمَ المضروبة منها، وحكي في جمع
الرِّقة رِقَات؛ قال ابن بري: شاهد الرِّقة قول خالد بن الوليد في يوم
مسيلمة:
إن السِّهام بالرَّدَى مُفَوَّقَه،
والحَرْب وَرْهاء العِقال مُطْلَقة
وخالد من دينه على ثِقَهْ،.
لا ذَهَبٌ يُنْجِيكُمُ ولا رِقَه
والمُسْتَوْرِقُ: الذي يطلب الوَرِقَ؛ قال أَبو النجم:
أَقْبَلْت كالمُنْتَجِع المُسْتَوْرِق
قال ابن سيده: وربما سميت الفضة وَرَقاً. يقال: أَعطاه أَلف درهم رِقَة
لا يخالطها شيءٌ من المال غيرها. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه
قال: في الرِّقِة ربع العشر. وقال أَبو الهيثم: الوَرِقُ والرِّقَةُ
الدراهم خاصة. والوَرَّاقُ: الرجل الكثير الوَرِق. والوَرَقُ: المال كله،
وأَنشد رجز العجاج: وثَمِّرْ وَرَقي، أي مالي. وقال أَبو عبيدة: الوَرَقُ
الفضة، كانت مضروبة كدراهم أو لا. شمر: الرِّقةُ العين، يقال: هي من الفضة
خاصةً. ابن سيده: والرِّقَةُ الفضة والمال؛ عن ابن الأعرابي، وقيل:
الذَّهَب والفضة؛ عن ثعلب. وفي حديث عَرْفجة: لما قطع أنفه اتخذ أَنفاً من
وَرِقٍ فأَنتن عليه فاتخذ أَنفاً من ذَهَب؛ الوَرِقُ، بكسر الراء: الفضة؛
وحكي عن الأَصمعي أنه إنما اتخذ أَنفاً من وَرَقٍ، بفتح الراء، أَراد
الرَّقَّ الذي يكتب فيه لأن الفضة لا تنتن؛ قال: وكنت أَحسب أَن قول الأصمعي
إن الفضة لا تنتن صحيحاً حتى أَخبرني بعض أَهل الخبرة أن الذهب لا
يُبْلِيه الثَّرَى ولا يُصْدئه النَّدَى ولا تَنقُصُه الأرض ولا تأْكله النار،
فأَما الفضة فإنها تَبْلى وتَصْدَأُ ويعلوها السواد وتُنْتِنُ، وجمع
الوَرِقِ والوَرْق والوِرْقِ أَوْراق، وجمْع الرِّقَة رِقُونَ.
وفي المثل: إن الرِّقِين تُعَفِّي على أَفْنِ الأَفِينِ. وقال ثعلب:
وِجْدانُ الرِّقِين يغطي أَفْن الأَفِينِ؛ قيل: معناه أَن المال يغطي
العيوب؛ وأَنشد ابن الأعرابي:
فلا تَلْحَيا الدنيا إليَّ، فإنني
أَرى ورق الدُّنْيا تَسُلُّ السَّخائما
ويا رُبَّ مُلْتاثٍ يَجُرُّ كساءَه،
نَفَى عنه وِجْدان الرِّقين العَزائما
يقول: يَنْفِي عنه كثرةُ المال عزائمَ الناس فيه أَنه أَحمق مجنون. قال
الأَزهري: لا تَلْحَيا لا تذمَّا. والمُلْتاث: الأحمق. قال ابن بري:
والشعر لثمامة السَّدوسي. ورجل مُورقٌ ووَرَّاق: صاحب وَرَقٍ؛ قال:
يا رُبَّ بَيْضاءَ من العِرَاقِ،
تأْكل من كِيس امْرئٍ وَرَّاقِ
قال ابن الأَعرابي: أَي كثير الوَرَقِ والمالِ. الجوهري: رجل وَرَّاق
كثير الدراهم.
اللحياني: يقال إن تَتْجُرْ فإنه مَوْرَقةٌ لمالك أي مُكَثِّره. ويقال:
أَوْرَق الرجل كثر ماله. ويقال: أَوْرَقَ الحابلُ يُورِقُ إيراقاً، فهو
مورق إذا لم يقع في حِبالته صيد، وكذلك الغازي إذا لم يَغْنَم فهو مُورِقٌ
ومُخْفِقٌ، وأَوْرَق الصائد إذا لم يَصِدْ. وأَوْرَق الطالب إذا لم
يَنَلْ. ابن سيده: وأَوْرَقَ الصائد أَخطأَ وخاب؛ وقوله أَنشده ثعلب:
إذا كَحَلْنَ عيوناً غيرَ مُورِقةٍ،
رَيَّشْنَ نَبْلاً لأَصحاب الصِّبَا صُيُدا
يعني غير خائة. وأَورَقَ الغازِي: أَخْفَقَ وغَنِمَ، وهو من الأضداد؛
قال:
ألم تَرَ أَنَّ الحَرْب تُعْوِجُ أَهْلَها
مِراراً، وأحياناً تُفِيدُ وتورقُ؟
والأَوْرَقُ من الإبل: الذي في لونه بياض إلى سواد. والوُرْقَةُ: سواد
في غُبْرة، وقيل: سواد وبياض كدخان الرِّمْثِ يكون ذلك في أَنواع البهائم
وأَكثر ذلك في الإبل. قال أَبو عبيد: الأوْرَقُ أطيب الإبل لحماً وأَقلها
شدةً على العمل والسير، وليس بمحمود عندهم في عمله وسيره، قال. وقد يكون
في الإنسان؛ قال:
أَيّامَ أَدعو بأَبِي زِياد
أَوْرَقَ بَوَّالاً على البَِساط
أَراد أَيام أدعو بدعائي أبا زياد رجلاً بَوَّالاً، قال وهذا كقولهم لئن
لقيت فلاناً لتلقيّن منه الأسد، وقد ايرَقَّ
(* قوله «وقد ايرق» كذا هو
بالأصل بدون ألف لينة بين الهاء والقاف). واوْرَاقَّ وهو أَوْرَقُ.
الأصمعي: إذا كان البعير أَسود يخالط سواده بياض كدخان الرِّمْثِ فتلك
الوُرْقَةُ، فإن اشتدَّتُ وُرْقَتهُ حتى يذهب البياض الذي فيه فهو أَدْهَمُ. ابن
الأَعرابي: قال أَبو نصر النعامي: هَجِّرْ بحَمْراء وأَسْرِ بوَرْقاء
وصَبِّح القوم على صهباء؛ قيل له: ولِمَ ذلك؛ قال: لأن الحَمْراءَ أصبر على
الهواجر، والوَرْقاءَ أصبر على طول السُّرَى، والصَّهِباء أَشهر وأَحسن
حين يُنْظَرُ إليها، ومن ذلك قيل للرماد أوْرَقُ، وللحَمامة والذِّئْبة
وَرْقاءُ؛ وقوله، صلى الله عليه وسلم: إن جاءَت به أَوْرَقَ جُمَاليّاً؛
فإنما عنى، صلى الله عليه وسلم، الأُدمة فاستعار لها اسم الوُرْقة، وكذلك
استعار جُمَاليّاً وإنما الجُمالية للناقة، ورواه أَهل الحديث
جَمَاليّاً، من الجَمال، وليس بشيء.
والأَوْرَقُ من الناس: الأَسمر؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم، في
ولد الملاعنة: إن جاءَت به أُمُّه أَوْرَقَ أَي أَسمر. والسُّمْرة:
الوُرْقَة. والسَّمْرةُ: الأُحْدوثة بالليل. والأَوْرَقُ: الذي لونه بين
السواد والغُبْرَة؛ ومنه قيل للرماد أَوْرَقُ وللحمامة وَرْقاء، وإنما وصفه
بالأُدْمة. وروي في حديث الملاعنة: إن جاءت به أَورق جَعْداً؛ الأَوْرَقُ:
الأَسمر، والوُرْقة السمرة، يقال: جمل أَوْرَقُ وناقة وَرْقاء. وفي حديث
ابن الأكوع: خرجت أنا ورجل من قومي وهو على ناقعة ورقاءَ. وحديث قُسّ:
على جمل أَوْرَقَ. أَبوعبيد: من أَمثالهم: إنه لأَشْأَم من وَرْقاء، وهي
مشؤومة يعني الناقة، وربما نفرت فذهبت في الأَرض. ويقال للحمامة وَرْقاء
للونها.
الأَصمعي: جاء فلان بالرُّبَيْق
(* قوله «جاء فلان بالربيق إلخ» عبارة
القاموس في أرق: جاءنا بأم الربيق على أريق أي بالداهية العظيمة.) على
أُرَيْق إذا جاء بالداهية الكبيرة؛ قال أَبو منصور: أُرَيْقٌ تصغير أَوْرَق،
على الترخيم، كما صغروا أسود سوَيْداً، وأُرَيْق في الأَصل وُرَيق فقلبت
الواو ألفاً للضمة كما قال تعالى: وإذا الرسل أُقِّتَتْ، والأَصل
وقِّتَتْ. الأَصمعي: تزعم العرب أن قولهم «جاءنا بأُم الرُّبَيْق على أُوْرَقَ،
كأنه أَراد وُرَيْقاً تصغير أَرَيْقٍ» من قول رجلٍ رأَى القولَ على
جَملٍ أَوْرَقَ . والأَوْرَقُ من كل شيء: ما كان لونه لون الرماد، وزمان
أَورق أي جدب؛ قال جندل:
إن كان عَمِّي لكَرِيمَ المِصْدَقِ،
عَفّاً هَضُوماً في الزمان الأَوْرَقِ
والأَوْرَقُ: اللبن الذي ثلثاه ماء وثلثه لبن؛ قال:
يشْربه مَحْضاً ويَسْقي عيالَهُ
سَجاجاً، كأقْرابِ الثعالب، أَوْرَقا
وكذلك شبهت العرب لون الذئب بلون دخان الرِّمْث لأن الذئب أَوْرَقُ؛ قال
رؤبة:
فلا تَكُوني، يا ابْنَةَ الأَشَمِّ،
وَرْقاءَ دَمَّى ذِئْبَها المُدَمِّي
وقال أَبو زيد: الذي يَضرب لونُه إلى الخضرة. قال: والذِّئابُ إذا رأَت
ذِئباً قد عُقِر دمه أَكَبَّت عليه فقطعته وأُنثاه معها، وقيل: الذئب إذا
دمي أكلته أُنثاه فيقول هذا الرجل لامرأَته: لا تكوني إذا رأَيت الناس
قد ظلموني معهم عليّ فتكوني كذئبة السوء. وقال أَبو حنيفة: نَصْل أَوْرَقُ
بُرِدَ أَو جُلِيَ ثم لُوّح بعد ذلك على الجمر حتى اخضرّ؛ قال العجاج:
عليه وُرْقانُ القِران النُّصَّلِ
والوَرَقة في القوس: مخرج غُصْن، وهو أَقل من الأُبْنة، وحكاه كراع بجزم
الراء وصرح فيه بذلك. ويقال: في القوس وَرْقة، بالتسكين، أَي عيب، وهو
مَخْرج الغُصن إذا كان خفيّاً. ابن الأَعرابي: الوَرْقة العيب في الغصن،
فإذا زادت فهي الأُبْنة، فإذا زادت فيه السحسه
(* قوله «السحسه» هي هكذا
في الأصل بدون نقط). ووَرَقة الوَتَر: جُليدة توضع على حَزِّه؛ عن ابن
الأَعرابي. ورجل وَرَق وامرأة وَرَقة: خسيسان. والوَرَقُ من القوم:
أَحداثهم؛ قال الشاعرهدبة بن الخَشْرم يصف قوماً قطعوا مفازة:
إذا وَرَقُ الفِتْيان صاروا كأنَّهُم
دراهِمُ، منها جائزاتٌ وزُيِّفُ
ورواه يعقوب: وزائف، وهو خطأٌ، وهم الخِساس، وقيل: هم الأَحداث، قال ابن
بري وقبله:
يَظَلُّ بها الهادي يُقَلِّبُ طَرْفه،
يَعَضُّ على إبهامه، وهو واقفُ
قال: وهذا يدل على أَن الرواية الصحيحة وزائف، لأن القصيدة مؤسسة
وأَولها:
أَتُنْكِرُ رَسْم الدار أم أَنتَ عارِفُ
والذي في شعره: منها راكبات وزائف. وقال أَبو سعيد: لنا وَرَقٌ أَي طريف
وفتيان وَرَق، وأَنشد البيت؛ وقال عمرو في ناقته وكان قدم المدينة:
طال الثَّواءُ عليه بالمدينة لا
ترعى، وبِيعَ له البَيْضاء والوَرَقُ
أَراد بالبيضاء الحَليِّ، وبالوَرَق الخَبَط، وبِيعَ اشْتُرِي. ابن
الأَعرابي: الوَرَقةُ الخسيس من الرجال، والوَرَقة الكريم من الرجال،
والوَرَقة مقدار الدرهم من الدم. والوَرَقُ: المال الناطق كله. والوَرَقُ:
الأَحداث من الغلمان. أَبو سعيد: يقال وَرَقاً أَي حيّاً، وكل حيّ وَرَق،
لأنهم يقولون يموت كما يموت الوَرَقُ وييبس كما ييبس الوَرَقُ؛ قال
الطائي:وهَزَّتْ رَأْسَها عَجَباً وقالت:
أَنا العُبْرِي، أَإِيَّانا تُرِيدُ؟
وما يَدْرِي الوَدُودُ، لعلَّ قلبي،
ولو خُبِّرْته وَرَقاً، جَلِيدُ
أَي ولو خُبِّرْته حَيّاً فإنه جَلِيد.
والوَرْقاء: شجيرة معروفة تسمو فوق القامة لها وَرَق مدوّر واسع دقيق
ناعم تأكله الماشية كلها، وهي غبراء الساق خضراء الورق لها زَمَع شُعْر فيه
حب أَغبر مثل الشَّهْدانِج، ترعاه الطير، وهو سُهْليّ ينبت في الأَودية
وفي جَنَباتها وفي القيعان، وهي مَرْعًى.
ومَوْرَقٌ: اسم رجل؛ حكاه سيبويه، شاذ عن القياس على حسب ما يجيء
للأسماء الأَعلام في كثير من أَبواب العربية، وكان القياس مَوْرِقاً،
بكسر الراء. والوَرِيقةُ ورِواقٌ: موضعان؛ قال الزبرقان:
وعَبْد من ذوي قَيْسٍ أتاني،
وأَهلي بالتَّهائم فالوِراق
ووَرِقانُ: جبلَ معروف. وفي الحديث: سِنُّ الكافر في النار كوَرِقان، هو
بوزن قَطِرانٍ، جبل أسود بين العَرْج والرُّوَيْثة على يَمين المار من
المدينة إلى مكة. وفي الحديث: رجلان من مُزَيْنة ينزلان جبلاً من جبال
العرب يقال له فيُحْشَرُ الناسُ ولا يَعْلَمان. ووَرْقاء: اسم رجل، والجمع
وَرَاقٍ ووَراقى مثل صَحارٍ وصَحارى، ونسبوا إليه وَرْقاوِيٌّ فأَبدلوا من
همزة التأنيث واواً. وفلان ابن مَوْرَقٍ، بالفتح، وهو شاذ مثل مَوْحَدٍ.
عشر: العَشَرة: أَول العُقود. والعَشْر: عدد المؤنث، والعَشَرةُ: عدد
المذكر. تقول: عَشْرُ نِسْوة وعَشَرةُ رجال، فإِذا جاوَزْتَ العِشْرين
استوى المذكر والمؤنث فقلت: عِشْرون رجلاً وعِشْرون امرأَة، وما كان من
الثلاثة إِلى العَشَرة فالهاء تلحقه فيما واحدُه مذكر، وتحذف فيما واحدُه
مؤنث، فإِذا جاوَزْتَ العَشَرة أَنَّثْت المذكرَ وذكّرت المؤنث، وحذفت الهاء
في المذكر في العَشَرة وأَلْحَقْتها في الصَّدْر، فيما بين ثلاثةَ عشَر
إِلى تسعة عشَر، وفتحت الشين وجعلت الاسمين اسماً واحداً مبنيّاً على
الفتح، فإِذا صِرْت إِلى المؤنث أَلحقت الهاء في العجز وحذفتها من الصدر،
وأَسكنت الشين من عَشْرة، وإِن شئت كَسَرْتها، ولا يُنْسَبُ إِلى الاسمين
جُعِلا اسماً واحداً، وإِن نسبت إِلى أَحدهما لم يعلم أَنك تريد الآخر،فإن
اضطُرّ إلى ذلك نسبته إلى أَحدهما ثم نسبته إلى الآخر، ومن قال أَرْبَعَ
عَشْرة قال: أَرْبَعِيٌّ عَشَرِيٌّ، بفتح الشين، ومِنَ الشاذ في القراءة:
فانْفَجَرَت منه اثنتا عَشَرة عَيْناً، بفتح الشين؛ ابن جني: وجهُ ذلك
أَن أَلفاظ العدد تُغَيَّر كثيراً في حدّ التركيب، أَلا تراهم قالوا في
البَسِيط: إِحْدى عَشْرة، وقالوا: عَشِرة وعَشَرة، ثم قالوا في التركيب:
عِشْرون؟ ومن ذلك قولهم ثلاثون فما بعدها من العقود إِلى التسعين، فجمعوا
بين لفظ المؤنث والمذكر في التركيب، والواو للتذكير وكذلك أُخْتُها، وسقوط
الهاء للتأْنيث، وتقول: إِحْدى عَشِرة امرأَة، بكسر الشين، وإِن شئت
سكنت إِلى تسعَ عَشْرة، والكسرُ لأَهل نجد والتسكينُ لأَهل الحجاز. قال
الأَزهري: وأَهل اللغة والنحو لا يعرفون فتح الشين في هذا الموضع، وروي عن
الأَعمش أَنه قرأَ: وقَطَّعْناهم اثْنَتَيْ عَشَرة، بفتح الشين، قال: وقد
قرأَ القُرّاء بفتح الشين وكسرها، وأَهل اللغة لا يعرفونه، وللمذكر أَحَدَ
عَشَر لا غير. وعِشْرون: اسم موضوع لهذا العدد، وليس بجمع العَشَرة
لأَنه لا دليل على ذلك، فإِذا أَضَفْت أَسْقَطْت النون قلت: هذه عِشْرُوك
وعِشْرِيَّ، بقلب الواو ياء للتي بعدها فتدغم. قال ابن السكيت: ومن العرب من
يُسَكّن العين فيقول: أَحَدَ عْشَر، وكذلك يُسَكّنها إِلى تِسْعَةَ
عْشَر إِلا اثني عَشَر فإِن العين لا تسكن لسكون الأَلف والياء قبلها. وقال
الأَخفش: إِنما سكَّنوا العين لمّا طال الاسم وكَثُرت حركاتُه، والعددُ
منصوبٌ ما بين أَحَدَ عَشَرَ إِلى تِسْعَةَ عَشَرَ في الرفع والنصب والخفض،
إِلا اثني عشر فإِن اثني واثنتي يعربان لأَنهما على هِجَاءَيْن، قال:
وإِنما نُصِبَ أَحَدَ عَشَرَ وأَخواتُها لأَن الأَصل أَحدٌ وعَشَرة،
فأُسْقِطَت الواوُ وصُيِّرا جميعاً اسماً واحداً، كما تقول: هو جاري بَيْتَ
بَيْتَ وكِفّةَ كِفّةَ، والأَصلُ بيْتٌ لبَيْتٍ وكِفَّةٌ لِكِفَّةٍ،
فصُيِّرَتا اسماً واحداً. وتقول: هذا الواحد والثاني والثالث إِلى العاشر في
المذكر، وفي المؤنث الواحدة والثانية والثالثة والعاشرة. وتقول: هو عاشرُ
عَشَرة وغَلَّبْتَ المذكر، وتقول: هو ثالثُ ثَلاثةَ عَشَرَ أَي هو أَحدُهم،
وفي المؤنث هي ثالثةُ ثَلاثَ عَشْرة لا غير، الرفع في الأَول، وتقول: هو
ثالثُ عَشَرَ يا هذا، وهو ثالثَ عَشَرَ بالرفع والنصب، وكذلك إِلى
تِسْعَةَ عَشَرَ، فمن رفع قال: أَردت هو ثالثُ ثلاثةَ عَشَرَ فأَلْقَيت
الثلاثة وتركتُ ثالث على إِعرابه، ومَن نَصَب قال: أَردت ثالثَ ثَلاثةَ عَشَرَ
فلما أَسْقَطْت الثلاثةَ أَلْزَمْت إِعْرابَها الأَوّلَ ليعلم أَن ههنا
شيئاً محذوفاً، وتقول في المؤنث: هي ثالثةَ عَشْرةَ وهي ثالثةَ عَشْرةَ،
وتفسيرُه مثل تفسير المذكر، وتقول: هو الحادي عَشَر وهذا الثاني عَشَر
والثالثَ عَشَرَ إِلى العِشْرِين مفتوح كله، وفي المؤنث: هذه الحاديةَ
عَشْرةَ والثانيةَ عَشْرَةَ إِلى العشرين تدخل الهاء فيها جميعاً. قال
الكسائي: إِذا أَدْخَلْتَ في العدد الأَلفَ واللامَ فأَدْخِلْهما في العدد كلِّه
فتقول: ما فعلت الأَحَدَ العَشَرَ الأَلْفَ دِرْهمٍ، والبصريون
يُدْخِلون الأَلفَ واللام في أَوله فيقولون: ما فعلت الأَحَدَ عَشَرَ أَلْفَ
دِرْهمٍ. وقوله تعالى: ولَيالٍ عَشْرٍ؛ أَي عَشْرِ ذي الحِجَّة. وعَشَرَ
القومَ يَعْشِرُهم، بالكسر، عَشْراً: صار عاشرَهم، وكان عاشِرَ عَشَرةٍ.
وعَشَرَ: أَخذَ واحداً من عَشَرة. وعَشَرَ: زاد واحداً على تسعة. وعَشَّرْت
الشيء تَعْشِيراً: كان تسعة فزدت واحداً حتى تمّ عَشَرة. وعَشَرْت،
بالتخفيف: أَخذت واحداً من عَشَرة فصار تسعة. والعُشورُ: نقصان، والتَّعْشيرُ
زيادة وتمامٌ. وأَعْشَرَ القومُ: صاروا عَشَرة. وقوله تعالى: تلك عَشَرَةٌ
كاملة؛ قال ابن عرفة: مذهب العرب إِذا ذَكَرُوا عَدَدين أَن
يُجْمِلُوهما؛ قال النابغة:
توهَّمْتُ آياتٍ لها، فَعرَفْتُها
لِسِتَّةِ أَعْوامِ، وذا العامُ سابِعُ
(* قوله: «توهمت آيات إلخ» تأمل شاهده).
وقال الفرزدق:
ثَلاثٌ واثْنتانِ فهُنّ خَمْسٌ،
وثالِثةٌ تَميلِ إِلى السِّهَام
وقال آخر:
فسِرْتُ إِليهمُ عِشرينَ شَهْراً
وأَرْبعةً، فذلك حِجّتانِ
وإِنما تفعل ذلك لقلة الحِسَاب فيهم. وثوبٌ عُشارِيٌّ: طوله عَشْرُ
أَذرع. وغلام عُشارِيٌّ: ابن عَشْرِ سنين، والأُنثى بالهاء.
وعاشُوراءُ وعَشُوراءُ، ممدودان: اليومُ العاشر من المحرم، وقيل:
التاسع. قال الأَزهري: ولم يسمع في أَمثلة الأَسماء اسماً على فاعُولاءَ إِلا
أَحْرُفٌ قليلة. قال ابن بُزُرج: الضّارُوراءُ الضَّرّاءُ، والسارُوراءُ
السَّرَّاءُ، والدَّالُولاء الدَّلال. وقال ابن الأَعرابي: الخابُوراءُ
موضع، وقد أُلْحِقَ به تاسُوعاء. وروي عن ابن عباس أَنه قال في صوم
عاشوراء: لئن سَلِمْت إِلى قابلٍ لأَصُومَنَّ اليومَ التاسِعَ؛ قال الأَزهري:
ولهذا الحديث عدّةٌ من التأْويلات أَحدُها أَنه كَرِه موافقة اليهود لأَنهم
يصومون اليومَ العاشرَ، وروي عن ابن عباس أَنه قال: صُوموا التاسِعَ
والعاشِرَ ولا تَشَبَّهُوا باليهود؛ قال: والوجه الثاني ما قاله المزني
يحتمل أَن يكون التاسعُ هو العاشر؛ قال الأَزهري: كأَنه تأَول فيه عِشْر
الوِرْدِ أَنها تسعة أَيام، وهو الذي حكاه الليث عن الخليل وليس ببعيد عن
الصواب.
والعِشْرون: عَشَرة مضافة إِلى مثلها وُضِعَت على لفظ الجمع وكَسَرُوا
أَولها لعلة. وعَشْرَنْت الشيء: جعلته عِشْرينَ، نادر للفرق الذي بينه
وبين عَشَرْت. والعُشْرُ والعَشِيرُ: جزء من عَشَرة، يطّرد هذان البناءان في
جميع الكسور، والجمع أَعْشارٌ وعُشُورٌ، وهو المِعْشار؛ وفي التنزيل:
وما بَلَغوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُم؛ أَي ما بلَغ مُشْرِكُو أَهل مكة
مِعْشارَ ما أُوتِيَ مَن قَبْلَهم من القُدْرة والقُوّة. والعَشِيرُ: الجزءُ
من أَجْزاء العَشرة، وجمع العَشِير أَعْشِراء مثل نَصِيب وأَنْصِباء، ولا
يقولون هذا في شيء سوى العُشْر. وفي الحديث: تِسعةُ أَعْشِراء الرِّزْق
في التجارة وجُزْءٌ منها في السَّابِياء؛ أَراد تسعة أَعْشار الرزق.
والعَشِير والعُشْرُ: واحدٌ مثل الثَّمِين والثُّمْن والسَّدِيس والسُّدْسِ.
والعَشِيرُ في مساحة الأَرَضين: عُشْرُ القَفِيز، والقَفِيز: عُشْر
الجَرِيب. والذي ورد في حديث عبدالله: لو بَلَغَ ابنُ عباس أَسْنانَنا ما
عاشَرَه منا رجلٌ، أَي لو كانَ في السن مِثْلَنا ما بَلَغَ أَحدٌ منا عُشْرَ
عِلْمِهِ. وعَشَر القومَ يَعْشُرُهم عُشْراً، بالضم، وعُشُوراً
وعَشَّرَهم: أَخذ عُشْرَ أَموالهم؛ وعَشَرَ المالَ نَفْسَه وعَشَّرَه: كذلك، وبه
سمي العَشّار؛ ومنه العاشِرُ. والعَشَّارُ: قابض العُشْرِ؛ ومنه قول عيسى
بن عمر لابن هُبَيْرة وهو يُضرَب بين يديه بالسياط: تالله إِن كنت إِلا
أُثَيّاباً في أُسَيْفاظ قبضها عَشّاروك. وفي الحديث: إِن لَقِيتم عاشِراً
فاقْتُلُوه؛ أَي إِن وجدتم مَن يأْخذ العُشْر على ما كان يأْخذه أَهل
الجاهلية مقيماً على دِينه، فاقتلوه لكُفْرِه أَو لاستحلاله لذلك إِن كان
مسلماً وأَخَذَه مستحلاًّ وتاركاً فرض الله، وهو رُبعُ العُشْر، فأَما من
يَعْشُرهم على ما فرض الله سبحانه فحَسَنٌ جميل. وقد عَشَر جماعةٌ من
الصحابة للنبي والخلفاء بعده، فيجوز أَن يُسمَّى آخذُ ذلك: عاشراً لإِضافة ما
يأْخذه إِلى العُشْرِ كرُبع العُشْرِ ونِصْفِ العُشْرِ، كيف وهو يأْخذ
العُشْرَ جميعه، وهو ما سَقَتْه السماء. وعُشْرُ أَموالِ أَهل الذمة في
التجارات، يقال: عَشَرْت مالَه أَعْشُره عُشْراً، فأَنا عاشرٌ، وعَشَّرْته،
فأَما مُعَشَّرٌ وعَشَّارٌ إِذا أَخذت عُشْرَه. وكل ما ورد في الحديث من
عقوبة العَشّار محمول على هذا التأْويل. وفي الحديث: ليس على
المُسْلِمين عُشورٌ إِنما العُشور على اليهود والنصارى؛ العُشُورُ: جَمْع عُشْرٍ،
يعني ما كان من أَموالهم للتجارات دون الصدقات، والذي يلزمهم من ذلك، عند
الشافعي، ما صُولِحُوا عليه وقتَ العهد، فإِن لم يُصالَحُوا على شيء فلا
يلزمهم إِلا الجِزْيةُ. وقال أَبو حنيفة: إِن أَخَذُوا من المسلمين إِذا
دَخَلُوا بِلادَهم أَخَذْنا منهم إِذا دَخَلُوا بِلادَنا للتجارة. وفي
الحديث: احْمَدُوا الله إِذْ رَفَعَ عنكم العُشورَ؛ يعني ما كانت المُلوكُ
تأْخذه منهم. وفي الحديث: إِن وَفْدَ ثَقِيف اشترطوا أَن لا يُحشَرُوا
ولا يُعْشَروا ولا يُجَبُّوا؛ أَي لا يؤخذ عُشْرُ أَموالهم، وقيل: أَرادوا
به الصدقةَ الواجبة، وإِنما فَسَّح لهم في تركها لأَنها لم تكن واجبة
يومئذ عليهم، إِنما تَجِب بتمام الحَوْل. وسئل جابرٌ عن اشتراط ثَقِيف: أَن
لا صدقة عليهم ولا جهادَ، فقال: عَلِم أَنهم سَيُصدِّقون ويُجاهدون إِذا
أَسلموا، وأَما حديث بشير بن الخصاصيّة حين ذَكر له شرائع الإِسلام فقال:
أَما اثنان منها فلا أُطِيقُهما: أَما الصدقةُ فإِنما لي ذَوْدٌ هُنَّ
رِسْلُ أَهلي وحَمولتُهم، وأَما الجهاد فأَخافُ إِذا حَضَرْتُ خَشَعَتْ
نفسِي، فكَفَّ يده وقال: لا صدقةَ ولا جهادَ فبِمَ تدخلُ الجنة؟ فلم
يَحْتَمِل لبشير ما احتمل لثقيف؛ ويُشْبِه أَن يكون إِنما لم يَسْمَعْ له
لعِلْمِه أَنه يَقْبَل إِذا قيل له، وثَقِيفٌ كانت لا تقبله في الحال وهو واحد
وهم جماعة، فأَراد أَن يتأَلَّفَهم ويُدَرِّجَهم عليه شيئاً فشيئاً.
ومنه الحديث: النساء لا يُعشَرْنَ ولا يُحْشَرْن: أَي لا يؤخذ عُشْرُ
أَموالهن، وقيل: لا يؤخذ العُشْرُ من حَلْيِهِنّ وإِلا فلا يُؤخذ عُشْرُ
أَموالهن ولا أَموالِ الرجال.
والعِشْرُ: ورد الإِبل اليومَ العاشرَ. وفي حسابهم: العِشْر التاسع
فإِذا جاوزوها بمثلها فظِمْؤُها عِشْران، والإِبل في كل ذلك عَواشِرُ أَي ترد
الماء عِشْراً، وكذلك الثوامن والسوابع والخوامس. قال الأَصمعي: إِذا
وردت الإِبل كلَّ يوم قيل قد وَرَدَتْ رِفْهاً، فإذا وردت يوماً ويوماً لا،
قيل: وردت غِبّاً، فإِذا ارتفعت عن الغِبّ فالظمء الرِّبْعُ، وليس في
الورد ثِلْث ثم الخِمْس إِلى العِشْر، فإِذا زادت فليس لها تسمية وِرْد،
ولكن يقال: هي ترد عِشْراً وغِبّاً وعِشْراً ورِبْعاً إِلى العِشرَين،
فيقال حينئذ: ظِمْؤُها عِشْرانِ، فإِذا جاوزت العِشْرَيْنِ فهي جَوازِئُ؛
وقال الليث: إِذا زادت على العَشَرة قالوا: زِدْنا رِفْهاً بعد عِشْرٍ. قال
الليث: قلت للخليل ما معنى العِشْرِين؟ قال: جماعة عِشْر، قلت:
فالعِشْرُ كم يكون؟ قال: تِسعةُ أَيام، قلت: فعِشْرون ليس بتمام إِنما هو عِشْران
ويومان، قال: لما كان من العِشْر الثالث يومان جمعته بالعِشْرين، قلت:
وإِن لم يستوعب الجزء الثالث؟ قال: نعم، أَلا ترى قول أَبي حنيفة: إِذا
طَلَّقها تطليقتين وعُشْرَ تطليقة فإِنه يجعلها ثلاثاً وإِنما من الطلقة
الثالثة فيه جزء، فالعِشْرون هذا قياسه، قلت: لا يُشْبِهُ العِشْرُ
(*
قوله: قلت لا يشبه العشر إلخ» نقل شارح القاموس عن شيخه أن الصحيح ان القياس
لا يدخل اللغة وما ذكره الخليل ليس إلا لمجرد البيان والايضاح لا للقياس
حتى يرد ما فهمه الليث). التطليقةَ لأَن بعض التطليقة تامة تطليقة، ولا
يكون بعض العِشْرِ عِشْراً كاملاً، أَلا ترى أَنه لو قال لامرأَته أَنت
طالق نصف تطليقة أَو جزءاً من مائة تطليقة كانت تطليقة تامة، ولا يكون نصف
العِشْر وثُلُث العِشْرِ عِشْراً كاملاً؟ قال الجوهري: والعِشْرُ ما بين
الوِرْدَين، وهي ثمانية أَيام لأَنها تَرِدُ اليوم العاشر، وكذلك
الأَظْماء، كلها بالكسر، وليس لها بعد العِشْر اسم إِلا في العِشْرَِينِ، فإِذا
وردت يوم العِشْرَِين قيل: ظِمْؤُها عِشْرانِ، وهو ثمانية عَشَر يوماً،
فإِذا جاوزت العِشْرِينِ فليس لها تسمية، وهي جَوازِئُ. وأَعْشَرَ الرجلُ
إِذا وَرَدت إِبلُه عِشْراً، وهذه إِبل عَواشِرُ. ويقال: أَعْشَرْنا مذ
لم نَلْتقَ أَي أَتى علينا عَشْرُ ليال.
وعَواشِرُ القرآن: الآيُ التي يتم بها العَشْرُ. والعاشِرةُ: حَلْقةُ
التَّعْشِير من عَواشِر المصحف، وهي لفظة مولَّدة. وعُشَار، بالضم: معدول
من عَشَرة. وجاء القوم عُشارَ عُشارَ ومَعْشَرَ مَعْشَرَ وعُشار ومَعْشَر
أَي عَشَرة عَشَرة، كما تقول: جاؤوا أُحَادَ أُحَادَ وثُناءَ ثُناءَ
ومَثْنى مَثْنى؛ قال أَبو عبيد: ولم يُسْمع أَكثرُ من أُحاد وثُناء وثُلاث
ورُباع إِلا في قول الكميت:
ولم يَسْتَرِيثوك حتى رَمَيْـ
ـت، فوق الرجال، خِصَالاً عُشَارا
قال ابن السكيت: ذهب القوم عُشَارَياتٍ وعُسَارَياتٍ إِذا ذهبوا
أَيادِيَ سَبَا متفرقين في كل وجه. وواحد العُشاريَات: عُشارَى مثل حُبارَى
وحُبَارَيات. والعُشَارة: القطعةُ من كل شيء، قوم عُشَارة وعُشَارات؛ قال
حاتم طيء يذكر طيئاً وتفرُّقَهم:
فصارُوا عُشَاراتٍ بكلّ مكانِ
وعَشَّر الحمار: تابَعَ النهيق عَشْرَ نَهَقاتٍ ووالى بين عَشْرِ
تَرْجِيعات في نَهِيقه، فهو مُعَشَّرٌ، ونَهِيقُه يقال له التَّعْشِير؛ يقال:
عَشَّرَ يُعَشِّرُ تَعْشِيراً؛ قال عروة بن الورد:
وإِنِّي وإِن عَشَّرْتُ من خَشْيةِ الرَّدَى
نُهاقَ حِمارٍ، إِنني لجَزُوعُ
ومعناه: إِنهم يزعمون أَن الرجل إِذا وَرَدَ أَرضَ وَباءٍ وضَعَ يدَه
خلف أُذنهِ فنَهَق عَشْرَ نَهقاتٍ نَهيقَ الحِمار ثم دخلها أَمِنَ من
الوَباء؛ وأَنشد بعضهم: في أَرض مالِكٍ، مكان قوله: من خشية الرَّدَى، وأَنشد:
نُهاق الحمار، مكان نُهاق حمار. وعَشَّرَ الغُرابُ: نَعبَ عَشْرَ
نَعَبَاتٍ. وقد عَشَّرَ الحِمارُ: نهق، وعَشَّرَ الغُرابُ: نَعَقَ، من غير أَن
يُشْتَقّا من العَشَرة. وحكى اللحياني: اللهمَّ عشِّرْ خُطايَ أَي اكتُبْ
لكل خُطْوة عَشْرَ حسنات.
والعَشِيرُ: صوت الضَّبُع؛ غير مشتق أَيضاً؛ قال:
جاءَتْ به أُصُلاً إِلى أَوْلادِها،
تَمْشي به معها لهمْ تَعْشِيرُ
وناقة عُشَراء: مصى لحملها عَشَرةُ أَشهر، وقيل ثمانية، والأَولُ أَولى
لمكان لفظه، فإِذا وضعت لتمام سنة فهي عُشَراء أَيضاً على ذلك كالرائبِ
من اللبن
(* قوله: «كالرائب من اللبن» في شرح القاموس في مادة راب ما نصه:
قال أَبو عبيد إِذا خثر اللبن، فهو الرائب ولا يزال ذلك اسمه حتى ينزع
زبده، واسمه على حاله بمنزلة العشراء من الإِبل وهي الحامل ثم تضع وهي
اسمها). وقيل: إِذا وَضَعت فهي عائدٌ وجمعها عَوْدٌ؛ قال الأَزهري: والعرب
يسمونها عِشَاراً بعدما تضع ما في بطونها للزوم الاسم بعد الوضع كما
يسمونها لِقَاحاً، وقيل العَشَراء من الإِبل كالنّفساء من النساء، ويقال:
ناقتان عُشَراوانِ. وفي الحديث: قال صَعْصعة بن ناجية: اشْتَرَيْت مَؤُودةً
بناقَتَينِ عُشَرَاوَيْنِ؛ قال ابن الأَثير: قد اتُّشِعَ في هذا حتى قيل
لكل حامل عُشَراء وأَكثر ما يطلق على الخيل والإِبل، والجمع عُشَراواتٌ،
يُبْدِلون من همزة التأْنيث واواً، وعِشَارٌ كَسَّرُوه على ذلك، كما
قالوا: رُبَعة ورُبَعاتٌ ورِباعٌ، أَجْرَوْا فُعلاء مُجْرَى فُعَلة كما
أَجْرَوْا فُعْلَى مُجْرَى فُعْلَة، شبهوها بها لأَن البناء واحد ولأَن آخره
علامة التأْنيث؛ وقال ثعلب: العِشَارُ من الإِبل التي قد أَتى عليها عشرة
أَشهر؛ وبه فسر قوله تعالى: وإِذا العِشَارُ عُطِّلَت؛ قال الفراء:
لُقَّحُ الإِبلِ عَطَّلَها أَهلُها لاشتغالهم بأَنْفُسِهم ولا يُعَطِّلُها
قومُها إِلا في حال القيامة، وقيل: العِشارُ اسم يقع على النوق حتى يُتْتج
بعضُها، وبعضُها يُنْتَظَرُ نِتاجُها؛ قال الفرزدق:
كَمْ عَمَّة لك يا جَرِيرُ وخالة
فَدْعاء، قد حَلَبَتْ عَلَيّ عِشَارِي
قال بعضهم: وليس للعِشَارِ لبن إِنما سماها عِشاراً لأَنها حديثة العهد
بالنِّتاج وقد وضعت أَولادها. وأَحْسَن ما تكون الإِبل وأَنْفَسُها عند
أَهلها إِذا كانت عِشَاراً. وعَشَّرَت الناقةُ تَعْشِيراً وأَعْشَرَت:
صارت عُشَراء، وأَعْشَرت أَيضاً: أَتى عليها عَشَرَةُ أَشهر من نتاجها.
وامرأَة مُعْشِرٌ: مُتِمٌّ، على الاستعارة. وناقة مِعْشارٌ: يَغْزُر
لبنُها ليالي تُنْتَج. ونَعتَ أَعرابي ناقةً فقال: إِنها مِعْشارٌ مِشْكارٌ
مِغْبَارٌ؛ مِعْشَارٌ ما تقدم، ومِشكارٌ تَغْزُر في أَول نبت الربيع،
ومِغْبارٌ لَبِنةٌ بعدما تَغْزُرُ اللواتي يُنْتَجْن معها؛ وأَما قول لبيد
يذكر مَرْتَعاً:
هَمَلٌ عَشائِرُه على أَوْلادِها،
مِن راشح مُتَقَوّب وفَطِيم
فإِنه أَراد بالعَشائِر هنا الظباءَ الحدِيثات العهد بالنتاج؛ قال
الأَزهري: كأَنَّ العَشائرَ هنا في هذا المعنى جمع عِشَار، وعَشائرُ هو جمع
الجمع، كما يقال جِمال وجَمائِل وحِبَال وحَبائِل.
والمُعَشِّرُ: الذي صارت إِبلُه عِشَاراً؛ قال مَقّاس ابن عمرو:
ليَخْتَلِطَنَّ العامَ راعٍ مُجَنَّبٌ،
إِذا ما تلاقَيْنا براعٍ مُعَشِّر
والعُشْرُ: النُّوقُ التي تُنْزِل الدِّرَّة القليلة من غير أَن تجتمع؛
قال الشاعر:
حَلُوبٌ لعُشْرِ الشُّولِ في لَيْلةِ الصَّبا،
سَريعٌ إِلى الأَضْيافِ قبل التأَمُّلِ
وأَعْشارُ الجَزورِ: الأَنْصِباء. والعِشْرُ: قطعة تنكَسِرُ من القَدَح
أَو البُرْمة كأَنها قطعة من عَشْر قطع، والجمع أَعْشارٌ. وقَدَحٌ
أَعْشارٌ وقِدْرٌ أَعْشَارٌ وقُدورٌ أَعاشِيرُ: مكسَّرَة على عَشْرِ قطع؛ قال
امرؤ القيس في عشيقته:
وما ذَرَفَتْ عَيْناكِ إِلا لِتَقدَحِي
بِسَهْمَيكِ في أَعْشارِ قَلْب مُقَتَّلِ
أَراد أَن قلبه كُسِّرَ ثم شُعِّبَ كما تُشَعَّبُ القِدْرُ؛ قال
الأَزهري: وفيه قول آخر وهو أَعجب إِليّ من هذا القول، قال أَبو العباس أَحمد بن
يحيى: أَراد بقوله بسَهْمَيْكِ ههنا سَهْمَيْ قِداح المَيْسِر، وهما
المُعَلَّى والرَّقيب، فللمُعَلَّى سبعة أَنْصِباء وللرقيب ثلاثة، فإِذا فاز
الرجل بهما غلَب على جَزورِ المَيْسرِ كلها ولم يَطْمَعْ غيرُه في شيء
منها، وهي تُقْسَم على عَشَرة أَجزاء، فالمعنى أَنها ضَربت بسهامها على
قلبه فخرج لها السهام فغَلبته على قَلْبه كلِّه وفَتَنته فَمَلَكَتْه؛
ويقال: أَراد بسهْمَيْها عَيْنَيْها، وجعل أَبو الهيثم اسم السهم الذي له
ثلاثة أَنْصِباء الضَّرِيبَ، وهو الذي سماه ثعلب الرَّقِيب؛ وقال اللحياني:
بعض العرب يُسمّيه الضَّرِيبَ وبعضهم يسمّيه الرقيب، قال: وهذا التفسير
في هذا البيت هو الصحيح. ومُقَتَّل: مُذَلَّل. وقَلْبٌ أَعْشارٌ: جاء على
بناء الجمع كما قالوا رُمْح أَقْصادٌ.
وعَشّرَ الحُبُّ قَلْبَه إِذا أَضْناه. وعَشَّرْت القَدَحَ تَعْشِيراً
إِذا كسَّرته فصيَّرته أَعْشاراً؛ وقيل: قِدْرٌ أَعشارٌ عظيمة كأَنها لا
يحملها إِلا عَشْرٌ أَو عَشَرةٌ، وقيل: قِدْرٌ أَعْشارٌ متكسِّرة فلم يشتق
من شيء؛ قال اللحياني: قِدر أَعشارٌ من الواحد الذي فُرِّقَ ثم جُمِع
كأَنهم جعلوا كل جزء منه عُشْراً.
والعواشِرُ: قوادمُ ريش الطائر، وكذلك الأَعْشار؛ قال الأَعشى:
وإِذا ما طغا بها الجَرْيُ، فالعِقْـ
ـبانُ تَهْوِي كَواسِرَ الأَعْشارِ
وقال ابن بري إِن البيت:
إِن تكن كالعُقَابِ في الجَوّ، فالعِقْـ
ـبانُ تَهْوِي كَواسِرَ الأَعْشار
والعِشْرَةُ: المخالطة؛ عاشَرْتُه مُعَاشَرَةً، واعْتَشَرُوا
وتَعاشَرُوا: تخالطوا؛ قال طَرَفة:
ولَئِنْ شَطَّتْ نَوَاهَا مَرَّةَ،
لَعَلَى عَهْد حَبيب مُعْتَشِرْ
جعل الحَبيب جمعاً كالخَلِيط والفَرِيق. وعَشِيرَة الرجل: بنو أَبيه
الأَدْنَونَ، وقيل: هم القبيلة، والجمع عَشَائر. قال أَبو علي: قال أَبو
الحسن: ولم يُجْمَع جمع السلامة. قال ابن شميل: العَشِيرَةُ العامّة مثل بني
تميم وبني عمرو بن تميم، والعَشِيرُ القبيلة، والعَشِيرُ المُعَاشِرُ،
والعَشِيرُ: القريب والصديق، والجمع عُشَراء، وعَشِيرُ المرأَة: زوجُها
لأَنه يُعاشِرها وتُعاشِرُه كالصديق والمُصَادِق؛ قال ساعدة بن جؤية:
رأَتْه على يَأْسٍ، وقد شابَ رَأْسُها،
وحِينَ تَصَدَّى لِلْهوَانِ عَشِيرُها
أَراد لإِهانَتِها وهي عَشِيرته. وقال النبي، صلى الله عليه وسلم:
إِنَّكُنّ أَكْثَرُ أَهل النار، فقيل: لِمَ يا رسول الله؟ قال: لأَنَّكُنّ
تُكْثِرْن اللَّعْنَ وتَكْفُرْنَ العَشِيرَ؛ العَشِيرُ: الزوج. وقوله تعالى:
لَبِئْسَ المَوْلى ولَبئْسَ العَشِير؛ أَي لبئس المُعاشِر.
ومَعْشَرُ الرجل: أَهله. والمَعْشَرُ: الجماعة، متخالطين كانوا أَو غير
ذلك؛ قال ذو الإِصبع العَدْوانيّ:
وأَنْتُمُ مَعْشَرٌ زيْدٌ على مِائَةٍ،
فأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ طُرّاً فكِيدُوني
والمَعْشَر والنَّفَر والقَوْم والرَّهْط معناهم: الجمع، لا واحد لهم من
لفظهم، للرجال دون النساء. قال: والعَشِيرة أَيضاً الرجال والعالَم
أَيضاً للرجال دون النساء. وقال الليث: المَعْشَرُ كل جماعة أَمرُهم واحد نحو
مَعْشر المسلمين ومَعْشَر المشركين. والمَعاشِرُ: جماعاتُ الناس.
والمَعْشَرُ: الجن والإِنس. وفي التنزيل: يا مَعْشَرَ الجنَّ والإِنس.
والعُشَرُ: شجر له صمغ وفيه حُرّاقٌ مثل القطن يُقْتَدَح به. قال أَبو
حنيفة: العُشر من العِضاه وهو من كبار الشجر، وله صمغ حُلْوٌ، وهو عريض
الورق ينبت صُعُداً في السماء، وله سُكّر يخرج من شُعَبِه ومواضع زَهْرِه،
يقال له سُكّرُ العُشَر، وفي سُكّرِه شيءٌ من مرارة، ويخرج له نُفّاخٌ
كأَنها شَقاشِقُ الجمال التي تَهْدِرُ فيها، وله نَوْرٌ مثل نور الدِّفْلى
مُشْربٌ مُشرق حسن المنظَر وله ثمر. وفي حديث مَرْحب: اين محمد بن سلمة
بارَزَه فدخلت بينهما شجرةٌ من شجر العُشر. وفي حديث ابن عمير: وقُرْصٌ
بُرِّيٌّ بلبنٍ عُشَريّ أَي لَبَن إِبلٍ ترعى العُشَرَ، وهو هذا الشجر؛ قال
ذو الرمة يصف الظليم:
كأَنّ رِجْلَيه، مما كان من عُشَر،
صَقْبانِ لم يَتَقَشَّرْ عنهما النَّجَبُ
الواحدة عُشَرة ولا يكسر، إِلا أَن يجمع بالتاء لقلة فُعَلة في
الأَسماء.ورجل أَعْشَر أَي أَحْمَقُ؛ قال الأَزهري: لم يَرْوِه لي ثقةٌ
أَعتمده.ويقال لثلاث من ليالي الشهر: عُشَر، وهي بعد التُّسَع، وكان أَبو عبيدة
يُبْطِل التُّسَعَ والعُشَرَ إِلا أَشياء منه معروفة؛ حكى ذلك عنه أَبو
عبيد.
والطائفيّون يقولون: من أَلوان البقر الأَهليّ أَحمرُ وأَصفرُ وأَغْبَرُ
وأَسْودُ وأَصْدأُ وأَبْرَقُ وأَمْشَرُ وأَبْيَضُ وأَعْرَمُ وأَحْقَبُ
وأَصْبَغُ وأَكْلَفُ وعُشَر وعِرْسِيّ وذو الشرر والأَعْصم والأَوْشَح؛
فالأَصْدَأُ: الأَسود العينِ والعنقِ والظهرِ وسائرُ جسده أَحمر،
والعُشَرُ: المُرَقَّع بالبياض والحمرةِ، والعِرْسِيّ: الأَخضر، وأَما ذو الشرر
فالذي على لون واحد، في صدرِهِ وعنُقِه لُمَعٌ على غير لونه. وسَعْدُ
العَشِيرة: أَبو قبيلة من اليمن، وهو سعد بن مَذْحِجٍ. وبنو العُشَراء: قوم من
العرب. وبنو عُشَراء: قوم من بني فَزارةَ. وذو العُشَيْرة: موضع
بالصَّمّان معروف ينسب إِلى عُشَرةٍ نابتة فيه؛ قال عنترة:
صَعْل يَعُودُ بذي العُشَيْرة بَيْضَه،
كالعَبْدِ ذي الفَرْوِ الطويل الأَصْلَمِ
شبَّهه بالأَصْلم، وهو المقطوع الأُذن، لأَن الظليم لا أُذُنَين له؛ وفي
الحديث ذكر غزوة العُشَيرة. ويقال: العُشَيْر وذاتُ العُشَيرة، وهو موضع
من بطن يَنْبُع. وعِشَار وعَشُوراء: موضع. وتِعْشار: موضع بالدَّهناء،
وقيل: هو ماء؛ قال النابغة:
غَلَبُوا على خَبْتٍ إِلى تِعْشارِ
وقال الشاعر:
لنا إِبلٌ لم تَعْرِف الذُّعْرَ بَيْنَها
بتِعْشارَ مَرْعاها قَسَا فصَرائمُهْ
هزل: الهَزْل: نقيض الجِدّ، هَزَل يَهْزِلُ هَزْلاً؛ قال الكميت:
أَرانا على حُبِّ الحياةِ وطُولِها
تَجِدُّ بنا في كل يوم ونَهْزِلُ
قال ابن بري: الذي في شعره. يُجَدُّ بنا؛ قال: وهو الصحيح. وهَزِل في
اللعب هَزَلاً؛ الأَخيرة عن اللحياني، وهَزَل الرجلُ في الأَمر إِذا لم
يجدَّ، وهازَلني؛ قال:
ذو الجِدِّ، إِنْ جدَّ الرجال به،
ومُهازِلٌ، إِن كان في هَزْل
ورجل هِزِّيلٌ: كثير الهَزْل. وأَهْزلهُ: وجَدَه لَعَّاباً. حكى ابن بري
عن ابن خالويه قال: كلُّ الناس يقولون هَزَل يَهْزِل مثل ضرَب يضرِب،
إِلا أَن أَبا الجراح العقيلي قال: هَزِل يَهْزَل من الهَزْل ضدّ الجِدّ.
وفي الحديث: كان تحت الهَيْزَلةِ؛ قيل: هي الرَّايةُ لأَن الريحَ تَلْعَب
بها كأَنها تَهْزِل معها، والهَزْل واللَّعِب من وادٍ واحِد، والياء
زائدة. وفي حديث عُمر وأَهل خيبر: إِنما كانت هُزَيْلة من أَبي القاسم؛ تصغير
هَزْلة، وهي المرَّة الواحدة من الهَزْل ضد الجِدّ. وقولٌ هَزْل:
هُذاءٌ. وفي التنزيل: وما هو بالهَزْل؛ قال ثعلب: أَي ليس بِهَذَيان، وفي
التهذيب: أَي ما هو باللَّعِب. وفلان يَهْزِل في كلامه إِذا لم يكن جادًّا؛
تقول: أَجادٌّ أَنت أَم هازِل؟
والمُشَعْوِذُ إِذا خفَّت يداه بالتَّخاييل الكاذبة ففِعْله يقال له
الهُزَيْلى
(* قوله «يقال له الهزيلى» هكذا ضبط في الأصل، وفي التهذيب ضبط
بتشديد الزاي كقبيطي) لأَنها هَزْل لا جِدَّ فيها. والهُزَالة: الفُكاهة.
ابن الأَعرابي: الهَزْل استرخاء الكلام وتَفْنينه.
والهُزال: نقيض السِّمَن، وقد هُزِل الرجل والدابَّة هزالاً، على ما لم
يُسمَّ فاعله، وهَزَل هو هَزْلاً وهُزْلاً؛ وقوله أَنشده أَبو إِسحق:
واللهِ لولا حَنَفٌ بِرِجْلِه،
ودِقَّةٌ في ساقِه من هُزْلِه،
ما كان في فِتْيانِكم مِنْ مِثْله
وهَزَلَتْه أَنا أَهْزِلُه هَزْلاً فهو مَهْزُول، قال ابن بري: كل ضُرٍّ
هُزال؛ قال الشاعر:
أَمِنْ حَذَرِ الهُزال نَكَحْتِ عبداً؟
وعَبْدُ السَّوْءِ أَدْنى لِلهُزال
ابن الأَعرابي قال: والهَزْل يكون لازماً ومتعدياً، يقال: هَزَل الفرسُ
وهَزَله صاحبه وأَهْزَله وهَزَّله. وهَزَل الرجلُ يَهْزِل هَزْلاً:
مَوَّتَتْ ماشِيَتُه، وأَهْزَل يُهْزِل إِذا هُزِلت ماشيته، زاد ابن سيده: ولم
تَمُت؛ قال:
يا أُمَّ عبدِ الله، لا تَسْتَعْجِلي
ورَفِّعِي ذَلاذِلَ المُرَجَّلِ،
إِنِّي إِذا مُرُّ زَمانٍ مُعْضِلِ
يُهْزِلْ ومَنْ يُهْزِل ومن لا يُهْزَلِ
يَعِهْ، وكلٌّ يَبْتَلِيهِ مُبْتَلي
يُهْزِل موضعه رَفْعٌ ولكنه أُسكن للضرورة وهو فعل للزمان، ويَعِهْ كان
في الأَصل يَعِيه فلما سقطت الياء انجزمت الهاء، ويَعِه: تُصِبْ
ماشِيَتَه العاهةُ. وأَهزَل القومُ: أَصابتْ مَواشيهم سَنة فهُزِلتْ. وأَهزَل
الرجلُ إِذا هُزلتْ دابَّته. وتقول: هَزَلْتها فعَجِفَت. وفي حديث مازِن:
فأَذهَبْنا الأَموالَ وأَهزَلْنا الذَّراريّ والعِيالَ أَي أَضعفناهم، وهي
لغة في هَزَل وليست بالعالية. والهَزْل: موت مواشي الرجل، وإِذا ماتت
قيل: هَزَل الرجلُ يَهْزِل هَزْلاً فهو هازِل أَي افتقر، وفي الهُزال يقال:
هُزِل الرجل يُهْزَل فهو مَهْزول؛ وقال اللحياني: يقال هَزَلْت الدابة
أَهْزُلُها هَزْلاً وهُزالاً، وهَزَلهم الزمان يَهْزِلهم. وقال بعضهم:
هَزَل القومُ وأَهزَلوا هُزِلت أَموالهم.
والهَزيلة: اسم مشتق من الهُزال كالشَّتِيمة من الشتْم ثم فَشَتِ
الهَزيلة في الإِبل؛ قال:
حتى إِذا نَوَّرَ الجَرْجارُ وارْتَفَعَتْ
عنها هَزيلَتُها، والفحلُ قد ضَرَبا
والجمع هَزائِل وهَزْلى. والهَزْل: الفَقْر. والمَهازل: الجُدُوب.
وأَهزَل القومُ: حبَسوا أَموالهم عن شدة وتضييق. واستعمل أَبو حنيفة الهَزْل
في الجَراد فقال: يجيء في الشتاء أَحمر هَزْلاً لا يَدَع رطْباً ولا
يابساً إِلاَّ أَكله؛ وأَرض مَهْزولة: رقيقة؛ عنه أَيضاً؛ واستعمل الأَخفش
المَهْزول في الشعر فقال: الرَّمَل كل شِعر مَهْزُول ليس بمؤتلف البناء
كقوله:
أَقْفَرَ من أَهْلِه مَلْحُوبُ
فالقُطَبِيَّات فالذَّنُوبُ
(* قوله «فالقطبيات» هكذا ضبط في الأصل والمحكم ويوافقه ما في القاموس
في مادة قطب، وضبطه ياقوت بتشديد الطاء والياء في عدة مواضع واستشهد
بالبيت على المشدد).
وهذا نادر. الأَزهري: العرب تقول للحيَّات الهَزْلى على فَعْلى جاء في
أَشعارهم ولا يعرَف لها واحد؛ قال:
وأَرْسال شِبْثانٍ وهَزْلى تَسَرَّبُ
وهَزَّال وهُزَيْل: اسمان.
ندر: نَدَرَ الشيءُ يَنْدُرُ نُدُوراً: سَقَط، وقيل: سَقَطَ وشذَّ،
وقيل: سقط من خَوْف شيء أَو من بين شيء أَو سقط من جَوْف شيء أَو من أَشياء
فظهرَ. ونوادِرُ الكلام تَنْدُر، وهي ما شَذَّ وخرج من الجمهور، وذلك
لظُهوره. وأَندَرَه غيرُه أَي أَسقطه. ويقال: أَندَر من الحِساب كذا وكذا،
وضرب يدَه بالسيف فأَندَرَها؛ وقول أَبي كَبير الهذلي:
وإِذا الكُمَاةُ تَنادَرُوا طَعْنَ الكُلى،
نَدْرَ البِكارة في الجَزاءِ المُضْعَفِ
يقول: أُهْدِرَتْ دِماؤكم كما تُنْدَرُ البِكارة في الدِّية، وهي جمع
بَكْرٍ من الإِبل؛ قال ابن بري: يريد أَن الكُلى المطعونة تُنْدَر أَي
تُسقط فلا يحتسب بها كما يُنْدَر البَكْر في الدية فلا يُحتَسب به. والجَزاء
هو الدية، والمُضْعَف: المُضاعَف مَرَّة بعد مرة. وفي الحديث: أَنه ركِب
فرساً له فمرّت بشجرة فطار منها طائِرٌ فحادتْ فنَدَرَ عنها على أَرض
غليظة أَي سقَط ووقع. وفي حديث زَواج صفِيَّة: فعَثَرَتِ الناقة ونَدَرَ
رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، ونَدَرَتْ. وفي حديث آخر: أَن رجلاً عَضَّ
يد آخر فندَرَت ثَنِيَّتُه، وفي رواية: فنَدَر ثنيَّتَه. وفي حديث آخر:
فضرب رأْسَه فنَدَر. وأَندَر عنه من ماله كذا: أَخرج. ونَقَدَه مائة
نَدَرَى: أَخرجها له من ماله.
ولقيه ندْرة وفي النَّدْرة والنَّدَرة ونَدَرى والنَّدَرى وفي
النَّدَرَى أَي فيما بين الأَيام. وإِن شئت قل: لقيتُه في نَدَرَى بلا أَلف ولام.
ويقال: إِنما يكون ذلك في النَّدْرة بعد النَّدْرة إِذا كان في الأَحايين
مرة، وكذلك الخطِيئة بعد الخطيئة.
ونَدَرتِ الشجرةُ: ظهَرت خُوصَتُها وذلك حين يَستمكِن المالُ من
رَعْيِها. وندَرَ النباتُ يَنْدُرُ: خرج الورَق من أَعراضِه. واستندرتِ الإِبلُ:
أَراغَتْه للأَكل ومارسَتْه. والنَّدْرة: الخَضْفَة بالعَجَلة. وندَرَ
الرجلُ: خَضَفَ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَن رجلاً ندَرَ في مجلسِه
فأَمَرَ القومَ كلهم بالتطهر لئلا يَخْجَل النادِرُ؛ حكاها الهَرَوِيّ في
الغَرِيبَين، معناه أَنه ضَرطَ كأَنها ندَرَت منه من غير اختيار. ويقال
للرجل إِذا خَضَفَ: ندَرَ بها، ويقال: ندَرَ الرجلُ إِذا مات؛ وقال ساعدة
الهذلي:
كِلانا، وإِن طال أَيامُهُ،
سَيَنْدُرُ عن شَزَنٍ مُدْحِضِ
سَيَنْدُرُ: سَيَموت. والنَّدْرة: القِطعة من الذهب والفضة توجد في
المَعْدِن. وقالوا: لو ندَرْت فلاناً لوجدتَه كما تُحِب أَي لو جرّبتَه.
والأَندَرُ: البَيْدَرُ، شامِيَّة، والجمع الأَنادِر؛ قال الشاعر:
دَقَّ الدِّياسِ عَرَمَ الأَنادِرِ
وقال كُراع: الأَنْدَر الكُدْس من القمح خاصة. والأَندَرُون: فِتْيان من
مواضع شتى يجتمعون للشُّرب؛ قال عمرو بن كلثوم:
ولا تُبْقِي خُمُور الأَندَرِينا
واحدهم أَندَرِيٌّ، لمَّا نسَب الخمرَ إِلى أَهل القرية اجتمعتْ ثلاثُ
ياءات فخفَّفها للضرورة، كما قال الراجز:
وما عِلْمِي بِسِحْرِ البابِلِينا
وقيل: الأَندَرُ قرية بالشام فيها كروم فجمَعها الأَندَرِين، تقول إِذا
نسَبتَ إِليها: هؤلاء الأَندَرِيُّون. قال: وكأَنه على هذ المعنى أَراد
خمور الأَندَرِيِّين فخفَّف ياء النسبة، كما قولوا الأَشْعَرِين بمعنى
الأَشعريين. وفي حديث عليّ، كرم لله وجهه: أَنه أَقبل وعليه
أَندَرْوَرْدِيَّةُ؛ قيل: هي فوق التُّبَّان ودون السراوِيل تُغطِّي الركبة، منسوبة إِلى
صانع أَو مكانٍ. أَبو عمرو: الأَندَرِيّ الحَبْل الغليظ؛ وقال لبيد:
مُمَرٍّ كَكَرِّ الأَندَرِيّ شَتيم
قصف: القَصْف: الكسر، وفي التهذيب: كسر القَناة ونحوها نِصفين. قَصَفَ
الشيءَ يَقْصِفه قصْفاً: كسره. وفي حديث عائشة تَصِف أَباها، رضي اللّه
عنهما: ولا قصَفُوا له قَناة أَي كسروا. وقد قَصِف قصَفاً، فهو قَصِفٌ
وقصِيفٌ وأَقْصَفُ. وانقَصَف وتَقَصَّفَ: انكسر، وقيل: قَصِفَ انكسر ولم
يَبِن. وانقَصَف: بان؛ قال الشاعر:
وأَسْمَرٌ غيرُ مَجْلُوزٍ على قَصَفِ
(* قوله «وأسمر إلخ» صدره كما في شرح القاموس:
سيفي جريء وفرعي غير مؤتشب)
وقَصَفتِ الرِّيحُ السفينة. والأَقْصَفُ: لغة في الأَقْصَم، وهو الذي
انكسرت ثَنِيّته من النصف. وقصِفت ثنِيّتُه قَصَفاً، وهي قَصْفاء: انكسرت
عَرْضاً؛ قال الأَزهري: الذي نعرفه في الذي انكسرت ثنيته من النصف
الأَقصم. والقَصْفُ: مصدر قصَفْتُ العُود أَقْصِفُه قَصْفاً إذا كسرته. وقَصِفَ
العودُ يَقْصَف قَصَفاً، وهو أَقْصَفُ وقَصِفٌ إذا كان خَوّاراً
ضَعِيفاً، وكذلك الرجل رجل قَصِف سريع الانكسار عن النَّجْدةِ؛ قال ابن بري:
شاهده قول قَيس بن رِفاعة:
أُولو أَناةٍ وأَحْلامٍ إذا غَضِبُوا،
لا قَصِفُونَ ولا سُودٌ رَعابيبُ
ويقال للقوم إذا خَلَوْا عن شيء فَترةً وخِذلاناً: انْقصَفوا عنه. ورجل
قصِفُ البَطن عن الجوع: ضَعِيف عن احتماله؛ عن ابن الأعرابي.
وريح قاصِف وقاصِفة: شديدة تُكَسِّر ما مرَّت به من الشجر وغيره. وروي
عن عبيد اللّه بن عمرو: الرِّياحُ ثمان: أَربعٌ عذاب وأَربع رحمة، فأَما
الرَّحمة فالناشِراتُ والذَّارِياتُ والمُرْسَلاتُ والمُبَشِّرات، وأَما
العذاب فالعاصِفُ والقاصِفُ وهما في البحر، والصَّرْصَر والعَقيمُ وهما في
البرِّ. وقوله تعالى: أَو يُرسِلَ عليكم قاصفاً من الرِّيح؛ أَي ريحاً
تَقْصِف الأَشياء تَكْسِرُها كما تُقْصَف العِيدان وغيرها. وثوب قَصِيف:
لا عَرْض له.
والقَصْفُ والقَصَفة: هدير البعير وهو شدّة رُغائه. قَصَف البعيرُ
يَقْصِفُ قَصْفاً وقُصوفاً وقَصيفاً: صَرَفَ أَنيابه وهَدر في الشٍّقْشِقة.
ورَعْدٌ قاصِفٌ: شديد الصوت. قال أَبو حنيفة: إذا بلَغ الرَّعد الغاية في
الشدَّة فهو القاصف، وقد قصَف يقصِف قصْفاً وقَصيفاً. وفي حديث موسى، على
نبينا وعليه الصلاة والسلام، وضَرْبه البحر: فانتَهى إليه وله قَصِيف
مَخافة أَن يَضْرِبه بعَصاه، أَي صوت هائل يُشبه صوت الرَّعْد؛ ومنه قولهم:
رَعْد قاصِف أَي شديد مُهْلك لصوته. والقَصْف: اللَّهْو واللَّعِب،
ويقال: إنها مُولَّدة. والقَصْفُ: الجَلَبة والإعْلان باللهو. وقَصَفَ علينا
بالطَّعام يَقْصِف قَصْفاً: تابَعَ. ابن الأَعرابي: القُصُوف الإقامة في
الأَكل والشرب.
والقَصْفة: دَفْعة الخيل عند اللِّقاء. والقَصْفةُ: دَفْعة الناس
وقَضَّتُهم وزَحْمتهم، وقد انْقَصَفوا، وربما قالوه في الماء. وقَصْفة القوم:
تَدافُعُهم وازدحامهم. وفي الحديث يرويه نابغة بني جَعدةَ عن النبي، صلى
اللّه عليه وسلم، أَنه قال: أَنا والنبيون فُرَّاطٌّ لقاصِفينَ، وذلك على
باب الجنة؛ قال ابن الأَثير: هم الذين يزدحمون حتى يَقْصِف بعضهم بعضاً،
من القَصْف الكسرِ والدَّفْعِ الشديد، لفَرْط الزِّحام؛ يريد أَنهم
يتقدَّمون الأُممَ إلى الجنة وهم على إثرهم بِداراً مُتدافعين ومُزْدَحِمين.
وقال غيره: الانْقِصافُ الانْدِفاع. يقال: انْقَصَفوا عنه إذا تركوه
ومرُّوا؛ معنى الحديث أَن النبيين يتقدمون أُممهم في الجنة والأُمم على أَثرهم
يبادرون دخولها فيَقْصِفُ بعضُهم بعضاً أَي يَزْحَمُ بعضُهم بعضاً
بِداراً إليها. وقال ابن الأَنباري: معناه أَنا والنبيون متقدمون في الشفاعة
كثيرين متدافعين مُزْدَحِمين. ويقال: سمعت قَصْفة الناسِ أَي دَفْعَتهم
وزَحْمتَهم؛ قال العجاج:
كقَصْفةِ الناسِ من المُحْرَنْجِمِ
وروي في حديث عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم: لما يَهُمُّني من
انْقِصافهم على باب الجنة أَهَمُّ عندي من تمام شفاعَتي؛ قال ابن الأَثير: أَي
أَنّ اسْتِسْعادَهم بدخول الجنة وأَن يَتِمَّ لهم ذلك أَهمُّ عندي من أَن
أَبلغ أَنا منزلة الشافعين المُشَفَّعين، لأَن قبول شفاعته كرامة له،
فوصولهم إلى مبتغاهم آثَرُ عنده من نَيل هذه الكرامة لفَرْط شفَقته، صلى
اللّه عليه وسلم، على أُمته. وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: كان يصلي
ويَقرأُ القرآن فتَتَقَصَّفُ عليه نساء المشركين وأَبناؤهم أَي يَزْدَحِمون.
وفي حديث اليهوديّ: لما قَدِمَ المدينة قال: تركت بني قَيْلة
يَتَقاصَفون على رجل يزعم أَنه نبي. وفي الحديث: شَيَّبَتْني هُود وأَخواتُها
قَصَّفْن عليَّ الأُمم أَي ذُكر لي فيها هلاك الأُمم وقُصّ عليَّ فيها
أَخبارهم حتى تقاصَف بعضُها على بعض، كأَنَّها ازدحمت بِتتابُعها. ورجل صَلِفٌ
قَصِفٌ:كأَنه يُدافع بالشرّ. وانْقَصفُوا عليه: تتابَعُوا.
والقَصْفةُ: رِقَّةٌ تخرج في الأَرْطى، وجمعها قَصْفٌ، وقد أَقْصَفَ،
وقيل: القَصْفة قِطعة من رمل تَتَقَصَّف من مِعْظَمِه؛ حكاه ابن دريد،
والجمع قَصْف وقُصْفانٌ مثل تَمْرة وتَمْر وتُمْران، والقَصْفة: مِرْقاة
الدرجة مثل القَصْمة، وتسمى المرأَة الضَّخْمة القِصاف. وفي الحديث: خرج
النبي، صلى اللّه عليه وسلم، على صَعْدةٍ يتبعها حُذاقيٌّ عليها قوْصَفٌ لم
يَبق منه إلا قَرْقَرُها؛ قال: والصَّعْدة الأَتانُ، الحُذاقيُّ الجَحْش،
والقَوصَفُ القَطِيفة، والقَرْقر ظهرها.
والقَصِيف: هَشيم الشجر. والتَّقَصُّف: التكسُّر. ويقال: قَصِف النبْتُ
يَقْصَفُ قَصَفاً، فهو قَصِفٌ إذا طال حتى انحنى من طُوله؛ قال لبيد:
حتى تَزَيَّنَتِ الجِواءُ بفاخِرٍ
قَصِفٍ، كأَلوان الرِّجال، عَميم
أَي نَبْتٍ فاخِر. والبَرْدِيُّ إذا طال يقال له القَصِيفُ.
وبنو قِصافٍ: بطن.
غندر: غلام غُنْدَرٌ: سمين غليظ. ويقال للغلام الناعم: غُنْدَرٌ
وغُنْدُرٌ وغَمَيْدَرٌ. وغُنْدَرٌ: اسم رجل.
مدن: مَدَنَ بالمكان: أَقام به، فِعْلٌ مُمات، ومنه المَدِينة، وهي
فَعِيلة، وتجمع على مَدَائن، بالهمز، ومُدْنٍ ومُدُن بالتخفيف والتثقيل؛ وفيه
قول آخر: أَنه مَفْعِلة من دِنْتُ أَي مُلِكْتُ؛ قال ابن بري: لو كانت
الميم في مدينة زائدة لم يجز جمعها على مُدْنٍ. وفلان مَدَّنَ المَدائنَ:
كما يقال مَصَّرَ الأَمصارَ. قال وسئل أَبو عليّ الفَسَوِيُّ عن همزة
مدائن فقال: فيه قولان، من جعله فَعِيلة من قولك مَدَنَ بالمكان أَي أَقام
به همزه، ومن جعله مَفْعِلة من قولك دِينَ أَي مُلِكَ لم يهمزه كما لا
يهمز معايش. والمَدِينة: الحِصْنُ يبنى في أُصطُمَّةِ الأَرض، مشتق من ذلك.
وكلُّ أَرض يبنى بها حِصْنٌ في أُصطُمَّتِها فهي مدينة، والنسبة إِليها
مَدِينّي، والجمع مَدائنُ ومُدُنٌ. قال ابن سيده: ومن هنا حكم أَبو الحسن
فيما حكاه الفارسي أَن مَدِينة فعيلة. الفراء وغيره: المدينة فعيلة، تهمز
في الفعائل لأَن الياء زائدة، ولا تهمز ياء المعايش لأَن الياء أَصلية.
والمدينة: اسم مدينة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خاصة غلبت
عليها تفخيماً لها، شرَّفها الله وصانها، وإِذا نسبت إِلى المدينة فالرجل
والثوب مَدَنيٌّ، والطير ونحوه مَدِينّي، لا يقال غير ذلك. قال سيبويه:
فأَما قولهم مَدَائِني فإِنهم جعلوا هذا البناء اسماً للبلد، وحمامةٌ
مَدِينيَّة وجارية مَدِينيَّة. ويقال للرجل العالم بالأَمر الفَطِنِ: هو ابن
بَجْدَتِها وابنُ مَدِينتها وابن بَلْدَتها وابن بُعْثُطها وابن
سُرْسُورها؛ قال الأَخطل:
رَبَتْ ورَبا في كَرْمِها ابنُ مَدِينةٍ
يَظَلُّ على مِسْحاته يتَرَكَّلُ
ابنُ مَدِينةٍ أَي العالم بأَمرها. ويقال للأَمة: مَدِينة أَي مملوكة،
والميم ميم مَفْعُول، وذكر الأَحولُ أَنه يقال للأَمة ابنُ مَدِينة،
وأَنشد بيت الأَخطل، قال: وكذلك قال ابن الأَعرابي ابنُ مَدِينة ابنُ أَمة،
قال ابن خالويه: يقال للعبد مَدِينٌ وللأَمة مَدِينة، وقد فسر قوله تعالى:
إِنا لمَدِينُون؛ أَي مملوكون بعد الموت، والذي قاله أَهل التفسير
لمَجْزِيُّون. ومَدَنَ الرجلُ إِذا أَتى المدينة. قال أَبو منصور: هذا يدل على
أَن الميم أَصلية. قال: وقال بعض من لا يوثق بعلمه مَدَن بالمكان أَي
أَقام به. قال: ولا أَدري ما صحته، وإِذا نسبت إِلى مدينة الرسول، عليه
الصلاة والسلام، قلت مَدَنيٌّ، وإِلى مدينة المنصور مَدِينيّ، وإِلى مدائن
كِسْرَى مَدائِنيٌّ، للفرق بين النسب لئلا يختلط.
ومَدْيَنُ: اسم أَعجمي، وإِن اشتققته من العربية فالياء زائدة، وقد يكون
مَفْعَلاً وهو أَظهر. ومَدْيَنُ: اسم قرية شعيب، على نبينا وعليه أَفضل
الصلاة والسلام، والنسب إِليها مَدْيَنِيٌّ. والمَدَانُ: صنم. وبَنُو
المَدَانِ: بطْنٌ، على أَن الميم في المَدَان قد تكون زائدة. وفي الحديث
ذِكْرُ مَدَان، بفتح الميم، له ذكر في غزوة زيد بن حارثة بني جُذَام، ويقال
له فَيْفاءُ مَدَانَ؛ قال: وهو وادٍ في بلاد قُضاعَة.
هرب: الـهَرَبُ: الفِرارُ. هَرَبَ يَهْرُبُ هَرَباً: فَرَّ، يَكونُ ذلك
للإِنسان، وغيره من أَنواع الحيوان. وأَهْرَبَ: جَدَّ في الذَّهابِ
مَذْعُوراً؛ وقيل: هو إِذا جَدَّ في الذهاب مَذْعُوراً، أَو غيرَ مَذْعور؛ وقال اللحياني: يكون ذلك للفَرَس وغيره مما يَعْدُو؛ وهَرَّبَ غيرَه تَهْريباً.
وقال مرَّة: جاءَ مُهْرِباً أَي جادّاً في الأَمْرِ؛ وقيل: جاءَ مُهْرِباً إِذا أَتاك هارِباً فَزِعاً؛ وفلانٌ لنا مَهْرَبٌ. وأَهْرَبَ الرجلُ إِذا أَبْعَدَ في الأَرض؛ وأَهْرَبَ فلانٌ فلاناً إِذا اضْطَرَّه إِلى الـهَرَبِ.
ويقال: هَرَبَ من الوَتِدِ نِصْفُه في الأَرض أَي غابَ؛ قال أَبو
وَجْزَةَ:
ومُجْنَـأً كإِزاءِ الـحَوْضِ مُنْثَلِماً، * ورُمَّةً نَشِـبَتْ في هارِبِ الوَتِدِ(2)
(2 قوله «ومجنأ» أي نؤياً اهـ. تكملة.)
وساحَ فلان في الأَرضِ وهَرَبَ فيها. قال: وقال بعضهم: أَهْرَبَ فلانٌ أَي أَغْرَقَ في الأَمْر.
الأَصمعي، في نفي المال: ما لَه هارِبٌ ولا قارِبٌ أَي صادرٌ عن الماءِ ولا وارِد؛ وقال اللحياني: معناه ما له شيءٌ، وما له قَوْمٌ؛ قال: ومثله ما له سَعْنةٌ ولا مَعْنَةٌ. وقال ابن الأَعرابي: الهارِبُ الذي صَدَر عن الماءِ؛ قال: والقارِبُ الذي يَطْلُبُ الماءَ. وقال الأَصمعي في قولهم ما لَه هارِبٌ ولا قارِبٌ: معناه ليس له أَحَدٌ يَهْرُبُ منه، ولا أَحدٌ يَقْرُبُ منه أَي فليس هو بشيءٍ؛ وقيل: معناه ما لَه بَعِـيرٌ يَصْدُرُ عن الماءِ، ولا بَعِـيرٌ يَقْرُبُ الماءَ. وفي الحديث: قال له رجل: ما لي ولعيالي هارِبٌ ولا قارِبٌ غيرَها أَي ما لي بعيرٌ صادرٌ عن الماء، ولا واردٌ سواها، يعني ناقتَه.
ابن الأَعرابي: هَرِبَ الرجُلُ إِذا هَرِمَ؛ وأَهْرَبَتِ الريحُ ما على
وجهِ الأَرض من التُّراب والقَمِـيم وغيره إِذا سَفَتْ به. والـهُرْبُ:
الثَّرْبُ، يمانية. وهَرَّابٌ ومُهْرِبٌ: اسمان. وهارِبةُ البَقْعاءِ:
بَطْنٌ.
جرد: جَرَدَ الشيءَ يجرُدُهُ جَرْداً وجَرَّدَهُ: قشَره؛ قال:
كأَنَّ فداءَها، إِذْ جَرَّدُوهُ
وطافوا حَوْله، سُلَكٌ يَتِيمُ
ويروى حَرَّدُوهُ، بالحاء المهملة وسيأْتي ذكره. واسمُ ما جُرِدَ منه:
الجُرادَةُ. وجَرَدَ الجِلْدَ يَجْرُدُه جَرْداً: نزع عنه الشعر، وكذلك
جَرَّدَه؛ قال طَرَفَةُ:
كسِبْتِ اليماني قِدُّهُ لم يُجَرَّدِ
ويقال: رجل أَجْرَدُ لا شعر عليه.
وثَوْبٌ جَرْدٌ: خَلَقٌ قد سَقَطَ زِئْبِرُهُ، وقيل: هو الذي بين الجديد
والخَلَق؛ قال الشاعر:
أَجَعَلْتَ أَسْعَدَ للرِّماحِ دَرِيئَةً؟
هَبِلَتْكَ أُمُّكَ أَيَّ جَرْدٍ تَرْقَعُ؟
أَي لا تَرْقَع الأَخْلاق وتَتركْ أَسعدَ قد خَرَّقته الرماح فأَيُّ...
تُصِلحُ
(* قوله «فأيِّ تصلح» كذا بنسخة الأصل المنسوبة إلى المؤلف ببياض
بين أيّ وتصلح ولعل المراد فأي أمر أو شأن أو شعب أو نحو ذلك.)
بَعْدَهُ. والجَرْدُ: الخَلَقُ من الثياب، وأَثْوابٌ جُرُودٌ؛ قال كُثَيِّرُ
عزة:فلا تَبْعَدَنْ تَحْتَ الضَّريحةِ أَعْظُمٌ
رَميمٌ، وأَثوابٌ هُناكَ جُرودُ
وشَمْلَةٌ جَرْدَةٌ كذلك؛ قال الهذلي:
وأَشْعَثَ بَوْشِيٍّ، شَفَيْنا أُحاحَهُ
غَدَاتَئِذٍ، في جَرْدَةٍ، مُتَماحِلِ
بَوْشِيٌّ: كثير العيال. متماحِلٌ: طويل: شفينا أُحاحَهُ أَي قَتَلْناه.
والجَرْدَةُ، بالفتح: البُرْدَةُ المُنْجَرِدَةُ الخَلَقُ.
وانْجَرَدَ الثوبُ أَي انسَحَق ولانَ، وقد جَرِدَ وانْجَرَدَ؛ وفي حديث
أَبي بكر، رضي الله عنه: ليس عندنا من مال المسلمين إِلاَّ جَرْدُ هذه
القَطِيفَةِ أَي التي انجَرَدَ خَمَلُها وخَلَقَتْ. وفي حديث عائشة، رضوان
الله عليها: قالت لها امرأَة: رأَيتُ أُمي في المنام وفي يدها شَحْمَةٌ
وعلى فَرْجِها جُرَيْدَةٌ، تصغير جَرْدَة، وهي الخِرْقة البالية.
والجَرَدُ من الأَرض: ما لا يُنْبِتُ، والجمع الأَجاردُ. والجَرَدُ: فضاءٌ لا
نَبْتَ فيه، وهذا الاسم للفضاء؛ قال أَبو ذؤيب يصف حمار وحش وأَنه يأْتي
الماء ليلاً فيشرب:
يَقْضِي لُبَانَتَهُ بالليلِ، ثم إِذا
أَضْحَى، تَيَمَّمَ حَزْماً حَوْلهُ جَرَدُ
والجُرْدَةُ، بالضم: أَرض مسْتوية متجرِّدة. ومكانٌ جَرْدٌ وأَجْرَدُ
وجَرِدٌ، لا نبات به، وفضاءٌ أَجْرَدُ. وأَرض جَرْداءُ وجَرِدَةٌ، كذلك،
وقد جَرِدَتْ جَرَداً وجَرَّدَها القحطُ تَجْريداً. والسماءُ جَرْداءُ إِذا
لم يكن فيها غَيْم من صَلَع. وفي حديث أَبي موسى: وكانت فيها أَجارِدُ
أَمْسَكَتِ الماءَ أَي مواضعُ منْجَرِدَة من النبات؛ ومنه الحديث:
تُفْتَتحُ الأَريافُ فيخرج إِليها الناسُ، ثم يَبْعَثُون إِلى أَهاليهم إِنكم في
أَرض جَرَديَّة؛ قيل: هي منسوبة إِلى الجَرَدِ، بالتحريك، وهي كل أَرض
لا نبات بها. وفي حديث أَبي حَدْرَدٍ: فرميته على جُرَيداءِ مَتْنِهِ أَي
وسطه، وهو موضع القفا المنْجَرِد عن اللحم تصغيرُ الجَرْداء.
وسنة جارودٌ: مُقْحِطَةٌ شديدة المَحْلِ. ورجلٌ جارُودٌ: مَشْو ومٌ،
منه، كأَنه يَقْشِر قَوْمَهُ. وجَرَدَ القومَ يجرُدُهُم جَرْداً: سأَلهم
فمنعوه أَو أَعطَوْه كارهين. والجَرْدُ، مخفف: أَخذُك الشيءَ عن الشيءِ
حَرْقاً وسَحْفاً، ولذلك سمي المشؤوم جاروداً، والجارودُ العَبْدِيُّ: رجلٌ
من الصحابة واسمه بِشْرُ بنُ عمرو من عبد القيس، وسمي الجارودَ لأَنه
فَرَّ بِإِبِلِه إِلى أَخواله من بني شيبان وبإِبله داء، ففشا ذلك الداء في
إِبل أَخواله فأَهلكها؛ وفيه يقول الشاعر:
لقد جَرَدَ الجارودُ بكرَ بنَ وائِلِ
ومعناه: شُئِمَ عليهم، وقيل: استأْصل ما عندهم. وللجارود حديث، وقد صحب
النبي، صلى الله عليه وسلم، وقتل بفارس في عقبة الطين. وأَرض جَرْداءُ:
فضاء واسعة مع قلة نبت. ورجل أَجْرَدُ: لا شعر على جسده. وفي صفته، صلى
الله عليه وسلم: أَنه أَجرَدُ ذو مَسْرَبةٍ؛ قال ابن الأَثير: الأَجرد الذي
ليس على بدنه شعر ولم يكن، صلى الله عليه وسلم، كذلك وإِنما أَراد به
أَن الشعر كان في أَماكن من بدنه كالمسربة والساعدين والساقين، فإِن ضدَّ
الأَجْرَد الأَشعرُ، وهو الذي على جميع بدنه شعر. وفي حديث صفة أَهل
الجنة: جُرْذ مُرْدٌ مُتَكَحِّلون، وخَدٌّ أَجْرَدُ، كذلك. وفي حديث أَنس:
أَنه أَخرج نعلين جَرْداوَيْن فقال: هاتان نعلا رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، أَي لا شعر عليهما. والأَجْرَدُ من الخيلِ والدوابِّ كلِّها: القصيرُ
الشعرِ حتى يقال إِنه لأَجْرَدُ القوائم. وفرس أَجْرَدُ: قصير الشعر،
وقد جَرِدَ وانْجَرَدَ، وكذلك غيره من الدواب وذلك من علامات العِتْق
والكَرَم؛ وقولهم: أَجردُ القوائم إِنما يريدون أَجردُ شعر القوائم؛
قال:كأَنَّ قتودِي، والقِيانُ هَوَتْ به
من الحَقْبِ، جَردَاءُ اليدين وثيقُ
وقيل: الأَجردُ الذي رقَّ شعره وقصر، وهو مدح. وتَجَرَّد من ثوبه
وانجَرَدَ: تَعرَّى. سيبويه: انجرد ليست للمطاوعة إِنما هي كَفَعَلْتُ كما
أَنَّ افتَقَرَ كضَعُفَ، وقد جَرَّده من ثوبه؛ وحكى الفارسيُّ عن ثعلب:
جَرَّدهُ من ثوبه وجرَّده إِياه. ويقال أَيضاً: فلان حسنُ الجُرْدةِ
والمجرَّدِ والمتجرَّدِ كقولك حَسَنُ العُريةِ والمعَرّى، وهما بمعنى.
والتجريدُ: التعرية من الثياب. وتجريدُ السيف: انتضاؤه. والتجريدُ:
التشذيبُ. والتجرُّدُ: التعرِّي. وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أَنه كان
أَنورَ المتجرِّدِ أَي ما جُرِّدَ عنه الثياب من جسده وكُشِف؛ يريد أَنه كان
مشرق الجسد. وامرأَة بَضَّةُ الجُرْدةِ والمتجرَّدِ والمتجرَّدِ، والفتح
أَكثر، أَي بَضَّةٌ عند التجرُّدِ، فالمتجرَّدِ على هذا مصدر؛ ومثل هذا
فلان رجلُ حرب أَي عند الحرب، ومن قال بضة المتجرِّد، بالكسر، أَراد
الجسمَ. التهذيب: امرأَةٌ بَضَّةُ المتجرَّدِ إِذا كانت بَضَّةَ البَشَرَةِ
إِذا جُرِّدَتْ من ثوبها.
أَبو زيد: يقال للرجل إِذا كان مُسْتَحْيياً ولم يكن بالمنبسِطِ في
الظهور: ما أَنتَ بمنجَرِدِ السِّلْكِ.
والمتجرِّدةُ: اسم امرأَةِ النعمانِ بن المنذِر ملك الحَيرةِ. وفي حديث
الشُّراةِ: فإِذا ظهروا بين النَّهْرَينِ لم يُطاقوا ثم يَقِلُّون حتى
يكون آخرهُم لُصوصاً جرَّادين أَي يُعْرُون الناسَ ثيابهم ويَنْهَبونها؛
ومنه حديث الحجاج؛ قال الأَنس: لأُجَرِّدَنَّك كما يُجَرِّدُ الضبُّ أَي
لأَسْلُخَنَّك سلخَ الضبِّ، لأَنه إِذا شوي جُرَّدَ من جلده، ويروى:
لأَجْرُدَنَّك، بتخفيف الراء.
والجَرْدُ: أَخذ الشيء عن الشيء عَسْفاً وجَرْفاً؛ ومنه سمي الجارودُ
وهي السنة الشديدة المَحْل كأَنها تهلك الناس؛ ومنه الحديث: وبها سَرْحةٌ
سُرَّ تحتَها سبعون نبيّاً لم تُقْتَلْ ولم تُجَرَّدْ أَي لم تصبها آفة
تهلك ثَمرها ولا ورقها؛ وقيل: هو من قولهم جُرِدَتِ الأَرضُ، فهي مجرودة
إِذا أَكلها الجرادُ.
وجَرَّدَ السيفَ من غِمْدِهِ: سَلَّهُ. وتجرَّدَتِ السنبلة وانجَرَدَتْ:
خرجت من لفائفها، وكذلك النَّورُ عن كِمامِهِ. وانجردت الإِبِلُ من
أَوبارها إِذا سقطت عنها. وجَرَّدَ الكتابَ والمصحفَ: عَرَّاه من الضبط
والزيادات والفواتح؛ ومنه قول عبدالله بن مسعود وقد قرأَ عنده رجل فقال
أَستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، فقال: جَرِّدوا القرآنَ لِيَرْبُوَ فيه
صغيركم ولا يَنْأَى عنه كبيركم، ولا تَلبِسوا به شيئاً ليس منه؛ قال ابن
عيينة: معناه لا تقرنوا به شيئاً من الأَحاديث التي يرويها أَهل الكتاب ليكون
وحده مفرداً، كأَنه حثَّهم على أَن لا يتعلم أَحد منهم شيئاً من كتب الله
غيره، لأَن ما خلا القرآن من كتب الله تعالى إِنما يؤخذ عن اليهود
والنصارى وهم غير مأْمونين عليها؛ وكان إِبراهيم يقول: أَراد بقوله جَرِّدوا
القرآنَ من النَّقْط والإِعراب والتعجيم وما أَشبهها، واللام في ليَرْبُوَ
من صلة جَرِّدوا، والمعنى اجعلوا القرآن لهذا وخُصُّوه به واقْصُروه
عليه، دون النسيان والإِعراض عنه لينشأَ على تعليمه صغاركم ولا يبعد عن
تلاوته وتدبره كباركم.
وتجرَّدَ الحِمارُ: تقدَّمَ الأُتُنَ فخرج عنها. وتجَرَّدَ الفرسُ
وانجرَدَ: تقدَّم الحَلْبَةَ فخرج منها ولذلك قيل: نَضَا الفرسُ الخيلَ إِذا
تقدّمها، كأَنه أَلقاها عن نفسه كما ينضو الإِنسانُ ثوبَه عنه.
والأَجْرَدُ: الذي يسبق الخيلَ ويَنْجَرِدُ عنها لسرعته؛ عن ابن جني. ورجلٌ
مُجْرَد، بتخفيف الراء: أُخْرِجَ من ماله؛ عن ابن الأَعرابي. وتجَرَّدَ العصير:
سكن غَلَيانُه. وخمرٌ جَرداءُ: منجردةٌ من خُثاراتها وأَثفالها؛ عن أَبي
حنيفة؛ وأَنشد للطرماح:
فلما فُتَّ عنها الطينُ فاحَتْ،
وصَرَّح أَجْرَدُ الحَجَراتِ صافي
وتجَرَّدَ للأَمر: جَدَّ فيه، وكذلك تجَرَّد في سيره وانجَرَدَ، ولذلك
قالوا: شَمَّرَ في سيره. وانجرَدَ به السيرُ: امتَدَّ وطال؛ وإِذا جَدَّ
الرجل في سيره فمضى يقال: انجرَدَ فذهب، وإِذا أَجَدَّ في القيام بأَمر
قيل: تجَرَّد لأَمر كذا، وتجَردَّ للعبادة؛ وروي عن عمر: تجرَّدُوا بالحج
وإِن لم تُحرِموا. قال إِسحق بن منصور: قلت لأَحمد ما قوله تجَرَّدوا
بالحج؟ قال: تَشَبَّهوا بالحاج وإِن لم تكونوا حُجَّاجاً، وقال إِسحق بن
إِبراهيم كما قال؛ وقال ابن شميل: جَرَّدَ فُلانٌ الحَجَّ وتجَرَّدَ بالحج
إِذا أَفرده ولم يُقْرِنْ.
والجرادُ: معروف، الواحدةُ جَرادة تقع على الذكر والأُنثى. قال الجوهري:
وليس الجرادُ بذكر للجرادة وإِنما هو اسم للجنس كالبقر والبقرة والتمر
والتمرة والحمام والحمامة وما أَشبه ذلك، فحقُّ مذكره أَن لا يكون مؤنثُه
من لفظه لئلا يلتبس الواحدُ المذكرُ بالجمع؛ قال أَبو عبيد: قيل هو
سِرْوَةٌ ثم دبى ثم غَوْغاءُ ثم خَيْفانٌ ثم كُتْفانُ ثم جَراد، وقيل: الجراد
الذكر والجرادة الأُنثى؛ ومن كلامهم: رأَيت جَراداً على جَرادةٍ كقولهم:
رأَيت نعاماً على نعامة؛ قال الفارسي: وذلك موضوعٌ على ما يحافظون عليه،
ويتركون غيرَه بالغالب إِليه من إِلزام المؤَنث العلامةَ المشعرةَ
بالتأْنيث، وإِن كان أَيضاً غير ذلك من كلامهم واسعاً كثيراً، يعني المؤَنث
الذي لا علامة فيه كالعين والقدْر والعَناق والمذكر الذي فيه علامةُ
التأْنيث كالحمامة والحَيَّة؛ قال أَبو حنيفة: قال الأَصمعي إِذا اصفَرَّت
الذكورُ واسودت الإِناثُ ذهب عنه الأَسماء إِلا الجرادَ يعني أَنه اسم لا
يفارقها؛ وذهب أَبو عبيد في الجراد إِلى أَنه آخر أَسمائه كما تقدم. وقال
أَعرابي: تركت جراداً كأَنه نعامة جاثمة.
وجُردت الأَرضُ، فهي مجرودةٌ إِذا أَكل الجرادُ نَبْتَها. وجَرَدَ
الجرادُ الأَرضَ يَجْرُدُها جَرْداً: احْتَنَكَ ما عليها من النبات فلم يُبق
منه شيئاً؛ وقيل: إِنما سمي جَراداً بذلك؛ قال ابن سيده: فأَما ما حكاه
أَبو عبيد من قولهم أَرضٌ مجرودةٌ، من الجراد، فالوجه عندي أَن يكون
مفعولةً من جَرَدَها الجرادُ كما تقدم، وللآخر أَن يعني بها كثرةَ الجراد، كما
قالوا أَرضٌ موحوشةٌ كثيرةُ الوحش، فيكون على صيغة مفعول من غير فعل إِلا
بحسب التوهم كأَنه جُردت الأَرض أَي حدث فيها الجراد، أَو كأَنها
رُميَتْ بذلك، فأَما الجرادةُ اسم فرس عبدالله بن شُرَحْبيل، فإِنما سميت بواحد
الجراد على التشبيه لها بها، كما سماها بعضهم خَيْفانَةً. وجَرادةُ
العَيَّار: اسم فرس كان في الجاهلية. والجَرَدُ: أَن يَشْرَى جِلْدُ الإِنسان
من أَكْلِ الجَرادِ. وجُردَ الإِنسانُ، بصيغة ما لم يُسَمَّ فاعلهُ،
إِذا أَكل الجرادَ فاشتكى بطنَه، فهو مجرودٌ. وجَرِدَ الرجلُ، بالكسر،
جَرَداً، فهو جَرِدٌ: شَرِيَ جِلْدُه من أَكل الجرادِ. وجُرِدَ الزرعُ: أَصابه
الجرادُ. وما أَدري أَيُّ الجرادِ عارَه أَي أَيُّ الناس ذهب به. وفي
الصحاح: ما أَدري أَيُّ جَرادٍ عارَه.
وجَرادَةُ: اسمُ امرأَةٍ ذكروا أَنها غَنَّتْ رجالاً بعثهم عاد إِلى
البيت يستسقون فأَلهتهم عن ذلك؛ وإِياها عنى ابن مقبل بقوله:
سِحْراً كما سَحَرَتْ جَرادَةُ شَرْبَها،
بِغُرورِ أَيامٍ ولَهْوِ ليالِ
والجَرادَتان: مغنيتان للنعمان؛ وفي قصة أَبي رغال: فغنته الجرادَتان.
التهذيب: وكان بمكة في الجاهلية قينتان يقال هما الجرادتان مشهورتان بحسن
الصوت والغناء.
وخيلٌ جريدة: لا رَجَّالَةَ فيها؛ ويقال: نَدَبَ القائدُ جَريدَةً من
الخيل إِذا لم يُنْهِضْ معهم راجلاً؛ قال ذو الرمة يصف عَيْراً
وأُتُنَه:يُقَلِّبُ بالصَّمَّانِ قُوداً جَريدةً،
تَرامَى به قِيعانُهُ وأَخاشِبُه
قال الأَصمعي: الجَريدةُ التي قد جَرَدَها من الصِّغار؛ ويقال: تَنَقَّ
إِبلاً جريدة أَي خياراً شداداً. أَبو مالك: الجَريدةُ الجماعة من
الخيل.والجاروديَّةُ: فرقة من الزيدية نسبوا إِلى الجارود زياد بن أَبي
زياد.ويقال: جَريدة من الخيل للجماعة جردت من سائرها لوجه. والجَريدة: سَعفة
طويلة رطبة؛ قال الفارسي: هي رطبةً سفعةٌ ويابسةً جريدةٌ؛ وقيل: الجريدة
للنخلة كالقضيب للشجرة، وذهب بعضهم إِلى اشتقاق الجريدة فقال: هي السعفة
التي تقشر من خوصها كما يقشر القضيب من ورقه، والجمع جَريدٌ وجَرائدُ؛
وقيل: الجريدة السعَفة ما كانت، بلغة أَهل الحجاز؛ وقيل: الجريد اسم واحد
كالقضيب؛ قال ابن سيده: والصحيح أَن الجريد جمع جريدة كشعير وشعيرة، وفي
حديث عمر: ائْتني بجريدة. وفي الحديث: كتب القرآن في جَرائدَ، جمع جريدة؛
الأَصمعي: هو الجَريد عند أَهل الحجاز، واحدته جريدة، وهو الخوص
والجردان. الجوهري: الجريد الذي يُجْرَدُ عنه الخوص ولا يسمى جريداً ما دام عليه
الخوص، وإِنما يسمى سَعَفاً.
وكل شيء قشرته عن شيء، فقد جردته عنه، والمقشور: مجرود، وما قشر عنه:
جُرادة.
وفي الحديث: القلوب أَربعة: قلب أَجرَدُ فيه مثلُ السراج يُزْهِرُ أَي
ليس فيه غِلٌّ ولا غِشٌّ، فهو على أَصل الفطرة فنور الإِيمان فيه يُزهر.
ويومٌ جَريد وأَجْرَدُ: تامّ، وكذلك الشهر؛ عن ثعلب. وعامٌ جَريد أَي
تامّ. وما رأَيته مُذْ أَجْرَدانِ وجَريدانِ ومُذْ أَبيضان: يريدُ يومين
أَو شهرين تامين.
والمُجَرَّدُ والجُردانُ، بالضم: القضيب من ذوات الحافر؛ وقيل: هو الذكر
معموماً به، وقيل هو في الإِنسان أَصل وفيما سواه مستعار؛ قال جرير:
إِذا رَوِينَ على الخِنْزِير من سَكَرٍ،
نادَيْنَ: يا أَعظَمَ القِسَّين جُرْدانا
الجمع جَرادين.
والجَرَدُ في الدواب: عيب معروف، وقد حكيت بالذال المعجمة، والفعل منه
جَرِدَ جَرَداً. قال ابن شميل: الجَرَدُ ورم في مؤَخر عرقوب الفرس يعظم
حتى يمنعَه المشيَ والسعيَ؛ قال أَبو منصور: ولم أَسمعه لغيره وهو ثقة
مأْمون.
والإِجْرِدُّ: نبت يدل على الكمأَة، واحدته إِجْرِدَّةٌ؛ قال:
جَنَيْتُها من مُجْتَنىً عَويصِ،
من مَنْبِتِ الإِجْرِدِّ والقَصيصِ
النضر: الإِجْرِدُّ بقل يقال له حب كأَنه الفلفل، قال: ومنهم من يقول
إِجْرِدٌ، بتخفيف الدال، مثل إِثمد، ومن ثقل، فهو مثل الإِكْبِرِّ، يقال:
هو إِكْبِرُّ قومه.
وجُرادُ: اسم رملة في البادية. وجُراد وجَراد وجُرادَى: أَسماء مواضع؛
ومنه قول بعض العرب: تركت جَراداً كأَنها نعامة باركة. والجُراد
والجُرادة: اسم رملة بأَعلى البادية. والجارد وأُجارد، بالضم: موضعان أَيضاً،
ومثله أُباتر. والجُراد: موضع في ديار تميم. يقال: جَرَدُ القَصِيم والجارود
والمجرد وجارود أَسماء رجال. ودَرابُ جِرْد: موضع. فأَما قول سيبويه:
فدراب جرد كدجاجة ودراب جردين كدجاجتين فإِنه لم يرد أَن هنالك دراب
جِرْدين، وإِنما يريد أَن جِرْد بمنزلة الهاء في دجاجة، فكما تجيء بعلم التثنية
بعد الهاء في قولك دجاجتين كذلك تجيء بعلم التثنية بعد جرد، وإِنما هو
تمثيل من سيبويه لا أَن دراب جردين معروف؛ وقول أَبي ذؤيب:
تدلَّى عليها بين سِبٍّ وخَيْطَةٍ
بِجَرْداءَ، مِثْلِ الوَكْفِ يَكْبُو عُرابُها
يعني صخرة ملساء؛ قال ابن بري يصف مشتاراً للعسل تدلى على بيوت النحل.
والسبّ: الحبل. والخيطة: الوتد. والهاء في قوله عليها تعود على النحل.
وقوله: بجرداء يريد به صخرة ملساء كما ذكر. والوكف: النطع شبهها به
لملاستها، ولذلك قال: يكبو غرابها أَي يزلق الغراب إِذا مشى عليها؛ التهذيب: قال
الرياشي أَنشدني الأَصمعي في النون مع الميم:
أَلا لها الوَيْلُ على مُبين،
على مبين جَرَدِ القَصِيم
قال ابن بري: البيت لحنظلة بن مصبح، وأَنشد صدره:
يا رِيَّها اليومَ على مُبين
مبين: اسم بئر، وفي الصحاح: اسم موضع ببلاد تميم.
والقَصِيم: نبت.
والأَجاردة من الأَرض: ما لا يُنْبِتُ؛ وأَنشد في مثل ذلك:
يطعُنُها بخَنْجَرٍ من لحم،
تحت الذُّنابى في مكانٍ سُخْن
وقيل: القَصيم موضع بعينه معروف في الرمال المتصلة بجبال الدعناء. ولبن
أَجْرَدُ: لا رغوة له؛ قال الأَعشى:
ضَمِنَتْ لنا أَعجازَه أَرماحُنا،
مِلءَ المراجِلِ، والصريحَ الأَجْرَدا
قفا: الأَزهري: القَفا ، مقصور ، مؤخر العُنق ، أَلفها واو والعرب
تؤنثها ، والتذكير أَعم . ابن سيده: القَفا وراء العنق أُنثى ؛ قال :
فَما المَوْلَى ، وإن عَرُضَت قَفاه ،
بأَحْمَل للمَلاوِمِ مِن حِمار
ويروى: للمَحامِد، يقول: ليس المولى وإن أَتَى بما يُحمَد عليه بأَكثر
من الحِمار مَحامِد. وقال اللحياني: القَفا يذكر ويؤنث ، وحَكَى عن
عُكْلٍ هذه قَفاً، بالتأْنيث، وحكى ابن جني المدّ في القَفا وليست بالفاشية؛
قال ابن بري: قال ابن جني المدّ في القفا لغة ولهذا جمع على أَقفِية؛
وأَنشد :
حتى إذا قُلْنا تَيَفَّع مالكٌ ،
سَلَقَت رُقَيَّةُ مالِكاً لقَفائِه
فأَما قوله :
يا ابنَ الزُّبَير طالَ ما عَصَيْكا ،
وطالَ ما عَنَّيْتَنا إلَيْكا ،
لَنَضْرِبَنْ بسَيْفِنا قَفَيْكا
أَراد قَفاك ، فأَبدل الأَلف ياء للقافية ، وكذلك أَراد عَصَيْتَ ،
فأَبدل من التاء كافاً لأَنها أُختها في الهمس ، والجمع أَقْفٍ وأَقْفِيةٌ؛
الأَخيرة عن ابن الأعرابي ، وهو على غير قياس لأنه جمعُ الممدود مثل سَماء
وأَسْمِيَةٍ، وأَقفاءٌ مثل رَحاً وأَرْحاء ؛ وقال الجوهري: هو جمع
القلة، والكثير قُفِيٌّ على فُعُول مثل عَصاً وعُصِيٍّ، وقِفِيٌّ وقَفِينٌ؛
الأَخيرة نادرة لا يوجبها القياس .
والقافِيَةُ: كالقَفا ، وهي أَقلهما . ويقال: ثلاثة أَقْفاء، ومن قال
أَقْفِية فإنه جماعة والقِفِيّ والقُفِيّ؛ وقال أَبو حاتم: جمع القَفا
أَقْفاء، ومن قال أَقْفِية فقد أَخطأَ. ويقال للشيخ إذا هَرِمَ: رُدَّ على
قَفاه ورُدَّ قَفاً؛ قال الشاعر :
إن تَلْقَ رَيْبَ المَنايا أَو تُرَدُّ قَفاً ،
لا أَبْكِ مِنْكَ على دِينٍ ولا حَسَبِ
وفي حديث مرفوع: يَعْقِدُ الشيطانُ على قافِيةِ رأْس أَحدكم ثلاث
عُقَد، فإذا قام من الليل فَتَوَضَّأَ انحلت عُقْدة ؛ قال أَبو عبيدة: يعني
بالقافية القَفا. ويقولون :القَفَنُّ في موضع القَفا ، وقال: هي قافية
الرأْس .وقافِيةُ كل شيء: آخره، ومنه قافية بيت الشِّعْر ، وقيل قافية
الرأْس مؤخره، وقيل: وسطه؛ أَراد تَثْقِيلَه في النوم وإطالته فكأنه قد
شَدَّ عليه شِداداً وعَقَده ثلاث عُقَد.
وقَفَوْتُه: ضربت قَفاه. وقَفَيْتُه أَقْفِيه: ضربت قَفاه. وقَفَيْتُه
ولَصَيْتُه: رميته بالزنا. وقَفَوْتُه: ضربت قَفاه ، وهو بالواو. ويقال:
قَفاً وقَفوان، قال: ولم أَسمع قَفَيانِ. وتَقَفَّيْته بالعصا
واسْتَقْفَيْته: ضربت قفاه بها . وتَقَفَّيت فلاناً بعصا فضربته: جِئته من خَلْف
. وفي حديث ابن عمر: أَخَذَ المِسْحاةَ فاسْتَقْفاه فضربه بها حتى
قتله أَي أَتاه من قِبَل قفاه. وفي حديث طلحة: فوضعوا اللُّجَّ على قَفَيَّ
أَي وضَعوا السيف على قَفاي ، قال: وهي لغة طائِية يشددون ياء المتكلم .
وفي حديث عمر ، رضي الله عنه، كتب إليه صحيفة فيها:
فما قُلُصٌ وُجِدْنَ مُعَقَّلاتٍ
قَفا سَلْعٍ بمُخْتَلَفِ التِّجارِ
سَلْعٌ: جبل، وقَفاه: وراءه وخَلْفه.
وشاة قَفِيَّة: مذبوحة من قفاها، ومنهم من يقول قَفِينةٌ، والأَصل
قَفِيَّة، والنون زائدة؛ قال ابن بري: النون بدل من الياء التي هي لام الكلمة.
وفي حديث النخعي: سئل عمن ذبح فأَبان الرأْس، قال: تلك القَفِينة لا
بأْس بها؛ هي المذبوحة من قِبَل القَفا، قال: ويقال للقَفا القَفَنُ، فهي
فَعِيلة بمعنى مَفْعولة. يقال: قَفَنَ الشاةَ واقْتَفَنَها؛ وقال أَبو
عبيدة
(* قوله« أَبو عبيدة» كذا بالأصل، والذي في غير نسخة من النهاية: أبو
عبيد بدون هاء التأنيث.): هي التي يبان رأْسها بالذبح، قال: ومنه حديث
عمر، رضي الله عنه: ثم أَكون على قَفّانِه، عند من جعل النون أَصلية.
ويقال: لا أَفعله قَفا الدهر أَي أَبداً أَي طول الدهر وهو قَفا
الأَكَمَة وبقَفا الأَكَمة أَي بظهرها. والقَفَيُّ: القَفا.
وقَفاه قَفْواً وقُفُوّاً واقْتَفاه وتَقَفَّاه: تَبِعَه. الليث:
القَفْوُ مصدر قولك قَفا يَقْفُو قَفْواً وقُفُوّاً، وهو أَن يتبع الشيء. قال
الله تعالى: ولا تَقْفُ ما ليس لك به عِلم؛ قال الفراء: أَكثر القراء
يجعلونها من قَفَوْت كما تقول لا تدع من دعوت، قال: وقرأَ بعضهم ولا تَقُفْ
مثل ولا تَقُلْ، وقال الأَخفش في قوله تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم؛
أَي لا تَتَّبِع ما لا تعلم، وقيل: ولا تقل سمعت ولم تسمع، ولا رأَيت ولم
تر، ولا علمت ولم تعلم، إِن السمع والبصر والفؤاد كل أُولئك كان عنه
مسؤولاً. أَبو عبيد: هو يَقْفُو ويَقُوفُ ويَقْتافُ أَي يتبع الأَثر. وقال
مجاهد: ولا تقف ما ليس لك به علم لا تَرُمْ؛ وقال ابن الحنفية: معناه لا
تشهد بالزور. وقال أَبو عبيد: الأَصل في القَفْوِ والتَّقافي البُهْتان
يَرمي به الرجل صاحبه، والعرب تقول قُفْتُ أَثره وقَفَوْته مثل قاعَ الجمل
الناقة وقَعاها إِذا ركبها، ومثل عاثَ وعَثا. ابن الأَعرابي: يقال قَفَوْت
فلاناً اتبعت أَثره، وقَفَوْته أَقْفُوه رميته بأَمر قبيح. وفي نوادر
الأَعراب: قَفا أَثره أَي تَبِعَه، وضدُّه في الدعاء: قَفا الله أَثَره مثل
عَفا الله أَثَره. قال أَبو بكر: قولهم قد قَفا فلان فلاناً، قال أَبو
عبيد: معناه أَتْبَعه كلاماً قبيحاً. واقْتَفى أَثَره وتَقَفَّاه: اتبعه.
وقَفَّيْت على أَثره بفلان أَي أَتْبَعْته إِياه. ابن سيده: وقَفَّيْته
غيري وبغيري أَتْبَعْته إِياه. وفي التنزيل العزيز: ثم قَفَّينا على
آثارهم برُسُلنا؛ أَي أَتبعنا نوحاً وإِبراهيم رُسُلاً بعدهم؛ قال امرؤ القيس:
وقَفَّى على آثارِهِنَّ بحاصِبِ
أَي أَتْبَع آثارَهن حاصباً. وقال الحوفي: اسْتَقْفاه إِذا قَفا أَثره
ليَسْلُبَه؛ وقال ابن مقبل في قَفَّى بمعنى أَتى:
كَمْ دُونَها من فَلاةٍ ذاتِ مُطَّرَدٍ،
قَفَّى عليها سَرابٌ راسِبٌ جاري
أَي أَتى عليها وغَشِيَها. ابن الأَعرابي: قَفَّى عليه أَي ذهب به؛
وأَنشد:
ومَأْرِبُ قَفًى عليه العَرِمْ
والاسم القِفْوةُ، ومنه الكلام المُقَفَّى. وفي حديث النبي، صلى الله
عليه وسلم: لي خمسة أَسماء منها كذا وأَنا المُقَفِّي، وفي حديث آخر: وأَنا
العاقب؛ قال شمر: المُقَفِّي نحو العاقب وهو المُوَلِّي الذاهب.
يقال: قَفَّى عليه أَي ذهبَ به، وقد قَفَّى يُقَفِّي فهو مُقَفٍّ،
فكأَنَّ المعنى أَنه آخِر الأَنبياءَ المُتَّبِع لهم، فإِذا قَفَّى فلا نبيَّ
بعده، قال: والمُقَفِّي المتَّبع للنبيين. وفي الحديث: فلما قَفَّى قال
كذا أَي ذهب مُوَلِّياً، وكأَنه من القَفا أَي أَعطاه قفاه وظهره؛ ومنه
الحديث: أَلا أُخبركم بأَشدَّ حرّاً منه يوم القيامة هَذَيْنِكَ الرجلين
المُقَفِّيَيْن أَي المُوَلِّيَين، والحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم،
أَنه قال: أَنا محمد وأَحمد والمُقَفِّي والحاشِر ونبيّ الرحْمة ونبي
المَلْحَمة؛ وقال ابن أَحمر:
لا تَقْتَفِي بهمُ الشمالُ إِذا
هَبَّتْ، ولا آفاقُها الغُبْرُ
أَي لا تُقِيم الشمال عليهم، يريد تُجاوِزهم إِلى غيرهم ولا تَستَبِين
عليهم لخِصْبهم وكثرة خَيرهم؛ ومثله قوله:
إِذا نَزَلَ الشِّتاءُ بدارِ قَومٍ،
تَجَنَّبَ دارَ بيتِهمُ الشِّتاءُ
أَي لا يظهر أَثر الشتاء بجارهم. وفي حديث عمر، رضي الله
عنه، في الاسْتسقاءِ: اللهم إِنا نتقرب إِليك بعمِّ نبيك وقَفِيَّةِ
آبائه وكُبْر رجاله؛ يعني العباس. يقال: هذا قَفِيُّ الأَشياخ وقَفِيَّتُهم
إِذا كان الخَلَف منهم، مأْخوذ من قَفَوْت الرجل إِذا تَبِعْتَه، يعني
أَنه خَلَفُ آبائه وتِلْوهم وتابعهم كأَنه ذهب إِلى استسقاء أَبيه عبد
المطلب لأَهل الحرمَين حين أَجْدَبوا فسقاهم الله به، وقيل: القَفِيَّةُ
المختار. واقْتفاه إِذا اختاره. وهو القِفْوةُ: كالصِّفْوة من اصْطَفى، وقد
تكرر ذلك القَفْو والاقْتفاء في الحديث اسماً وفعلاً ومصدراً. ابن سيده:
وفلان قَفِيُّ أَهله وقَفِيَّتُهم أَي الخلف منهم لأَنه يَقْفُو آثارهم في
الخير. والقافية من الشعر: الذي يقفو البيت، وسميت قافية لأَنها تقفو
البيت، وفي الصحاح: لأَن بعضها يتبع أَثر بعض. وقال الأَخفش: القافية آخر
كلمة في البيت، وإنما قيل لها قافية لأَنها تقفو الكلام، قال: وفي قولهم
قافية دليل على أَنها ليست بحرف لأَن القافية مؤنثة والحرف مذكر، وإن
كانوا قد يؤنثون المذكر، قال: وهذا قد سمع من العرب، وليست تؤخذ الأَسماء
بالقياس، أَلا ترى أَن رجلاً وحائطاً وأَشباه ذلك لا تؤخذ بالقياس إِنما
ينظر ما سمته العرب، والعرب لا تعرف الحروف؟ قال ابن سيده: أَخبرني من أَثق
به أَنهم قالوا لعربي فصيح أَنشدنا قصيدة على الذال فقال: وما الذال؟
قال: وسئل بعض العرب عن الذال وغيرها من الحروف فإِذا هم لا يعرفون الحروف؛
وسئل أَحدهم عن قافية:
لا يَشْتَكينَ عَمَلاً ما أَنْقَيْنْ
فقال: أَنقين؛ وقالوا لأَبي حية: أَنشدنا قصيدة على القاف فقال:
كَفى بالنَّأْيِ من أَسماء كاف
فلم يعرف القاف. قال محمد بن المكرّم: أَبو حية، على جهله بالقاف في هذا
كما ذكر، أَفصح منه على معرفتها، وذلك لأَنه راعى لفظة قاف فحملها على
الظاهر وأَتاه بما هو على وزن قاف من كاف ومثلها، وهذا نهاية العلم
بالأَلفاظ وإِن دق عليه ما قصد منه من قافية القاف، ولو أَنشده شعراً على غير
هذا الروي مثل قوله:
آذَنَتْنا بِبَيْنِها أَسماءُ
ومثل قوله:
لِخَوْلةَ أَطْلالٌ ببُرْقةِ ثَهْمَدِ
(* قوله« ببرقة» هي بالضم كما في ياقوت، وضبطت في تمهد بالفتح خطأ.)
كان يعد جاهلاً وإِنما هو أَنشده على وزن القاف، وهذه معذرة لطيفة عن
أَبي حية، والله أَعلم. وقال الخليل: القافية من آخر حرف في البيت إِلى
أَوّل ساكن يليه مع الحركة التي قبل الساكن، ويقال مع المتحرك الذي قبل
الساكن كأَن القافية على قوله من قول لبيد:
عَفَتِ الدِّيارُ مَحَلُّها فَمُقامُها
من فتحة القاف إِلى آخر البيت، وعلى الحكاية الثانية من القاف نفسها
إِلى آخر البيت؛ وقال قطرب: القافية الحرف الذي تبنى القصيدة عليه، وهو
المسمى رَوِيّاً؛ وقال ابن كيسان: القافية كل شيء لزمت إِعادته في آخر البيت،
وقد لاذ هذا بنحو من قول الخليل لولا خلل فيه؛ قال ابن جني: والذي يثبت
عندي صحته من هذه الأَقوال هو قول الخليل؛ قال ابن سيده: وهذه الأَقوال
إِنما يخص بتحقيقها صناعة القافية، وأَما نحن فليس من غرضنا هنا إِلا أَن
نعرّف ما القافية على مذهب هؤلاء من غير إسهاب ولا إطناب؛ وأَما ما حكاه
الأَخفش من أَنه سأَل من أَنشد:
لا يشتكين عملاً ما أَنقين
فلا دلالة فيه على أَن القافية عندهم الكلمة، وذلك أَنه نحا نحو ما
يريده الخليل، فلَطُف عليه أَن يقول هي من فتحة القاف إِلى آخر البيت فجاء
بما هو عليه أَسهل وبه آنَس وعليه أَقْدَر، فذكر الكلمة المنطوية على
القافية في الحقيقة مجازاً، وإِذا جاز لهم أَن يسموا البيت كله قافية لأَن في
آخره قافية، فتسميتهم الكلمة التي فيها القافية نفسها قافية أَجدر
بالجواز، وذلك قول حسان:
فَنُحْكِمُ بالقَوافي مَن هَجانا،
ونَضْرِبُ حينَ تخْتَلِطُ الدِّماءُ
وذهب الأَخفش إِلى أَنه أَراد هنا بالقوافي الأَبيات؛ قال ابن جني: لا
يمتنع عندي أَن يقال في هذا إِنه أَراد القصائد كقول الخنساء:
وقافِيةٍ مِثْلِ حَدِّ السِّنا
نِ تَبْقى، ويَهْلِك مَن قالَها
تعني قصيدة والقافية القصيدة؛ وقال:
نُبِّئْتُ قافِيةً قيلَتْ، تَناشَدَها
قَوْمٌ سأَتْرُك في أَعْراضِهِمْ نَدَبا
وإِذا جاز أَن تسمى القصيدة كلها قافية كانت تسمية الكلمة التي فيها
القافية قافية أجدر، قال: وعندي أَن تسمية الكلمة والبيت والقصيدة قافية
إِنما هي على إِرادة ذو القافية، وبذلك خَتَم ابن جني رأْيه في تسميتهم
الكلمة أَو البيت أَو القصيدة قافية. قال الأَزهري: العرب تسمي البيت من
الشِّعر قافية وربما سموا القصيدة قافية. ويقولون: رويت لفلان كذا وكذا
قافية. وقَفَّيْتُ الشِّعر تَقْفِية أَي جعلت له قافية.
وقَفاه قَفْواً: قَدَفه أَو قَرَفَه، وهي القِفْوةُ، بالكسر. وأَنا له
قَفِيٌّ: قاذف. والقَفْوُ القَذْف، والقَوْفُ مثل القفْو. وقال النبي، صلى
الله عليه وسلم: نحن بنو النضر بن كِنانة لا نَقْذِفُ أَبانا ولا نقْفُو
أُمنا؛ معنى نقفو: نقذف، وفي رواية: لا نَنْتَفي عن أَبينا ولا نَقْفُو
أُمنا أَي لا نتهمها ولا نقذفها. يقال: قَفا فلان فلاناً إِذا قذفه بما
ليس فيه، وقيل: معناه لا نترك النَّسَب إِلى الآباءِ ونَنْتَسب إِلى
الأُمهات. وقَفَوْت الرجل إِذا قذفته بفُجور صريحاً. وفي حديث القاسم بن محمد:
لا حَدَّ إِلا في القَفْوِ البيّن أَي القذف الظاهر. وحديث حسان بن
عطية: من قَفا مؤمناً بما ليس فيه وقَفَه الله في رَدْغةِ الخَبال. وقَفَوْت
الرجل أَقْفُوه قَفْواً إِذا رميته بأَمر قبيح. والقِفْوةُ: الذنب. وفي
المثل: رُبَّ سامع عِذْرَتي لم يَسمَع قِفْوتي؛ العِذْرةُ: المَعْذِرةُ،
أَي رب سامع عُذْري لم يَسمع ذَنبي أَي ربما اعتذرت إِلى من لم يعرف ذنبي
ولا سمع به وكنت أَظنه قد علم به. وقال غيره: يقول ربما اعتذرت إِلى رجل
من شيء قد كان مني إِلى مَنْ لم يبْلُغه ذنبي. وفي المحكم: ربما اعتذرت
إِلى رجل من شيء قد كان مني وأَنا أَظن أَنه قد بلغه ذلك الشيء ولم يكن
بلغه؛ يضرب مثلاً لمن لا يحفظ سره ولا يعرف عيبه، وقيل: القِفْوة أَن تقول
في الرجل ما فيه وما ليس فيه.
وأَقفى الرجلَ على صاحبه: فضَّله؛ قال غيلان الربعي يصف فرساً:
مُقْفًى على الحَيِّ قَصِيرَ الأَظْماء
والقَفِيَّةُ: المَزِيَّة تكون للإِنسان على غيره، تقول: له عندي
قَفِيَّةٌ ومزية إِذا كانت له منزلة ليست لغيره. ويقال: أَقْفَيته ولا يقال
أَمْزَيته، وقد أَقْفاه. وأَنا قَفِيٌّ به أَي حَفِيٌّ، وقد تَقَفَّى به.
والقَفِيُّ: الضَّيْف المُكْرَم. والقَفِيُّ والقَفِيَّةُ: الشيء الذي
يُكْرَم به الضيْفُ من الطعام، وفي التهذيب: الذي يكرم به الرجل من الطعام،
تقول: قَفَوْته، وقيل: هو الذي يُؤثر به الضيف والصبي؛ قال سلامة بن جندل
يصف فرساً:
ليس بأَسْفى ولا أَقْنى ولا سَغِلٍ،
يُسْقى دَواء قَفِيّ السَّكْنِ مَرْبُوب
وإِنما جُعِل اللبنُ دواء لأَنهم يُضَمِّرون الخيل بسَقْي اللبن
والحَنْذ، وكذلك القَفاوة، يقال منه: قَفَوْته به قَفْواً وأَقْفَيته به أَيضاً
إِذا آثَرْته به. يقال: هو مُقْتَفًى به إِذا كان مُكْرَماً، والاسم
القِفْوة، بالكسر، وروى بعضهم هذا البيت دِواء، بكسر الدال، مصدر داويته،
والاسم القَفاوة. قال أَبو عبيد: اللبن ليس باسم القَفِيِّ، ولكنه كان
رُفِعَ لإِنسان خص به يقول فآثرت به الفرس. وقال الليث: قَفِيُّ السَّكْنِ
ضَيْفُ أَهل البيت. ويقال: فلان قَفِيٌّ بفلان إِذا كان له مُكْرِماً. وهو
مُقْتَفٍ به أَي ذو لُطْف وبِرّ، وقيل: القَفِيُّ الضَّيف لأَنه يُقْفَى
بالبِر واللطف، فيكون على هذا قَفِيّ بمعنى مَقْفُوّ، والفعل منه قَفَوته
أَقْفُوه. وقال الجعدي: لا يُشِعْن التَّقافِيا؛ ويروى بيت الكميت:
وباتَ وَلِيدُ الحَيِّ طَيَّانَ ساغِباً،
وكاعِبُهمْ ذاتُ القَفاوَةِ أَسْغَبُ
أَي ذات الأُثْرَة والقَفِيَّةِ؛ وشاهد أَقْفَيْتُه قول الشاعر:
ونُقْفِي وَلِيدَ الحيّ إِن كان جائعاً،
ونُحْسِبُه إِن كان ليس بجائعِ
اي نُعْطِيه حتى يقول حَسْبي. ويقال: أَعطيته القَفاوة، وهي حسن
الغِذاء. واقْتَفى بالشيء: خَص نفسه به؛ قال:
ولا أَتَحَرَّى وِدَّ مَن لا يَودُّني،
ولا أَقْتَفِي بالزادِ دُون زَمِيلِي
والقَفِيَّة: الطعام يُخص به الرجل. وأَقفاه به: اخْتصَّه. واقْتَفَى
الشيءَ وتَقَفَّاه: اختاره، وهي القِفْوةُ، والقِفْوةُ: ما اخترت من شيء.
وقد اقْتَفَيْت أَي اخترت. وفلان قِفْوَتي أَي خيرتي ممن أُوثره. وفلان
قِفْوَتي أَي تُهَمَتي، كأَنه من الأَضداد، وقال بعضهم: قِرْفتي.
والقَفْوة: رَهْجة تثور عند أَوّل المطر.
أَبو عمرو: القَفْو أَن يُصيب النبتَ المطرُ ثم يركبه التراب فيَفْسُد.
أَبو زيد: قَفِئَت الأَرضُ قَفْأً إِذا مُطِرت وفيها نبت فجعل المطرُ على
النبت الغُبارَ فلا تأْكله الماشية حتى يَجْلُوه الندى. قال الأَزهري:
وسمعت بعض العرب يقول قُفِيَ العُشب فهو مَقْفُوٌّ، وقد قفاه السَّيل،
وذلك إِذا حَمل الماءُ الترابَ عليه فصار مُوبِئاً.
وعُوَيْفُ القَوافي: اسم شاعر، وهو عُوَيْفُ بنُ معاوية بن عُقْبة بن
حِصْن بن حذيفة بن بدر.
والقِفْيةُ: العيب؛ عن كراع. والقُفْية: الزُّبْيةُ، وقيل: هي مثل
الزبية إِلا أَن فوقها شجراً، وقال اللحياني: هي القُفْيةُ والغُفْيةُ.
والقَفِيَّةُ: الناحية؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
فأَقْبَلْتُ حتى كنتُ عند قَفِيَّةٍ
من الجالِ، والأَنُفاسُ مِنِّي أَصُونُها
أَي في ناحية من الجال وأَصون أَنفاسِي لئلا يُشعَر بي.