Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=74360#779868
(تسلخ) انْسَلَخَ
سلخ: السَّلْخُ: كُشْطُ الإِهابِ عنِ ذيهِ.
سَلَخَ الإِهابَ يَسْلُخه ويَسْلَخه سَلْخاً: كَشَطه. والسَّلْخُ: ما
سُلِخَ عنه. وفي حديث سليمان، عليه السلام، والهُدْهُدِ: فَسَلَخوا موضعَ
الماءِ كما يُسْلَخُ الإِهابُ فخرج الماء أَي حفروا حتى وجدوا الماء.
وشاة سَلِيخٌ: كَشِطَ عنها جلدُها فلا يزال ذلك اسمَها حتى يُوءكل منها،
فإِذا أُكل منها سمي ما بقيَ منها شِلْواً قلَّ أَو كثر. والمَسْلوخ:
الشاة سُلِخَ عنها الجلد. والمَسْلوخة: اسم يَلْتَزِمُ الشاة المسلوخة بلا
بُطونٍ ولا جُزارة.
والمِسْلاخُ: الجِلْد.
والسَّلِيخة: قضيب القوس إِذا جُرِّدَتْ من نَحْتِها لأَنها
اسْتُخْرِجَتْ من سَلْخِها؛ عن أَبي حنيفة. وكل شيء يُفْلَقُ عن قِشْر، فقد
انْسَلَخَ.
ومِسْلاخ الحية وسَلْخَتها: جِلْدَتها التي تَنْسَلِخُ عنها؛ وقد
سَلَخَتِ الحيةُ تسلَخُ سَلْخاً، وكذلك كل دابة تَنْسَرِي من جِلْدَتها
كاليُسْرُوعِ ونحوه. وفي حديث عائشة: ما رأَيت امرأَة أَحبُّ إِليَّ أَن أَكونَ
في مِسْلاخها من سَوْدةَ تمنت أَن تكون مثل هَدْيها وطريقتها.
والسِّلْخُ، بالكسر: الجِلْد.
والسالخُ: الأَسْوَدُ من الحيات شديدُ السواد وأَقْتَلُ ما يكون من
الحيات إِذا سَلَخَت جِلْدَها؛ قال الكميت يصف قَرْنَ ثور طعن به كلباً:
فَكَرَّ بأَسْحَمَ مثلِ السِّنانِ،
شَوَى ما أَصابَ به مَقْتَلُ
كأَنْ مُخَّ رِيقَتِه في الغُطَاطْ،
به سالخُ الجِلْدِ مُسْتَبْدَلُ
ابن بُزُرْج: ذلك أَسودُ سالِخاً جعله معرفة ابتداء من غير مسأَلة.
وأَسْوَدُ سالخٌ: غيرَ مضاف لأَنه يَسْلَخ جلده كلَّ عام، ولا يقال للأُنثى
سالخة، ويقال لها أَسْوَدَةُ ولا توصف بسالخة، وأَسْوَدانِ سالخٌ لا تثنى
الصفة في قول الأصمعي وأَبي زيد، وقد حكى ابن دريد تثنيتها، والأَول
أَعرف، وأَساوِدُ سالخةٌ وسَوالخُ وسُلَّخٌ وسُلَّخةٌ، الأَخيرة نادرة.
وسَلَخَ الحَرُّ جلدَ الإِنسان وسَلَّخه فانْسَلَخ وتَسَلَّخ. وسَلَخَت
المرأَة عنها دِرْعَها: نزعته؛ قال الفرزدق:
إِذا سَلَخَتْ عنها أُمامةُ دِرْعَها،
وأَعْجَبها رابي المَجَسَّةِ مُشْرِفُ
والسالخُ: جَرَبٌ يكون بالجمل يُسْلَخُ منه وقد سُلِخَ، وكذلك الظليم
إِذا أَصاب ريشَه داءٌ.
واسْلَخَّ الرجل إِذا اضطجع. وقد اسْلَخَخْتُ أَي اضطجعت؛ وأَنشد:
إِذا غَدا القومُ أَبى فاسْلَخَّا
وانْسَلَخَ النهار من الليل: خرج منه خروجاً لا يبقى معه شيء من ضوئه
لأَن النهار مُكَوَّر على الليل، فإِذا زال ضوؤه بقي الليل غاسقاً قد
غَشِيَ الناسَ؛ وقد سَلَخ اللهُ النهارَ من الليل يَسْلخُه. وفي التنزيل: وآية
لهم الليل نَسْلَخُ منه النهار فإِذا هم مظلمون. وسَلَخْنا الشهرَ
نَسْلَخُه ونَسْلُخُه سَلْخاً وسلوخاً: خرجنا منه وصِرْنا في آخر يومه؛
وسَلَخَ هو وانسَلخ. وجاءَ سَلْخَ الشهر أَي مُنْسَلَخَه. التهذيب: يقال
سَلَخْنا الشهر أَي خرجنا منه فسَلَخْنا كل ليلة عن أَنفسنا كلَّه. قال:
وأَهْلَلْنا هِلالَ شهر كذا أَي دخلنا فيه ولبسناه فنحن نزداد كل ليلة إِلى
مضيِّ نصفه لِباساً منه ثم نَسْلَخُه عن أَنفسنا جزءاً من ثلاثين جزءاً حتى
تكاملت ليليه فسلَخناه عن أنفسنا كلَّه؛ ومنه قوله:
إِذا ما سَلَخْتُ الشهرَ أَهْلَلْتُ مثلَه،
كَفَى قاتِلاً سَلْخِي الشُّهورَ وإِهْلالي
وقال لبيد:
حتى إِذا سَلَخا جُمادَى ستَّةً،
جَزْءاً فطالَ صيامُه وصيامُها
قال: وجمادى ستة هو جمادى الآخرة وهي تمام ستة أَشهر من أَول السنة.
وسَلَخْتُ الشهر إِذا أَمضيته وصرت في آخره؛ وانسلَخَ الشهرُ من سَنته
والرجلُ من ثيابه والحيةُ من قشرها والنهارُ من الليل. والنبات إِذا سَلَخ ثم
عاد فاخْضَرَّ كلُّه، فهو سالخٌ من الحَمْض وغيره؛ ابن سيده: سَلَخَ
النباتُ عاد بعد الهَيْج واخْضَرَّ.
وسَلِيخ العَرْفَج: ما ضَخُمَ من يَبِيسه. وسَلِيخةُ الرِّمْثِ
والعَرْفَج: ما ليس فيه مَرْعىً إِنما هو خشب يابس.
والعرب تقول للرِِّمْث والعَرْفَج إِذا لم يبق فيهما مَرْعىً للماشية:
ما بقي منهما إِلا سَلِيخة. وسَلِيخةُ البانِ: دُهْنُ ثَمره قبل أَن
يُربَّبَ بأفاويه الطِّيب، فإِذا رُبِّبَ ثمره بالمسك والطيب ثم اعْتُصِر، فهو
مَنْشُوشٌ؛ وقد نُشَّ نَشّاً أَي اختلط الدهنُ بروائح الطيب.
والسَّلِيخة: شيء من العِطْر تراه كأَنه قِشْرٌ مُنْسَلخ ذو شُعَبٍ.
والأَسْلخُ: الأَصْلَعُ، وهو بالجيم أَكثر.
والمِسْلاخُ: النخلة التي يَنْتَثِر بُسْرُها وهو أَخضر. وفي حديث ما
يَشْتَرِطُه المشتري على البائع: إِنه ليس له مِسْلاخ ولا مِحْضار؛
المِسْلاخ: الذي ينتثر بُسْرُه. وسَلِيخٌ مَلِيخٌ: لا طعم له؛ وفيه سَلاخَة
ومَلاخة إِذا كان كذلك؛ عن ثعلب.
جلد: الجِلْدُ والجَلَد: المَسْك من جميع الحيوان مثل شِبْه وشَبَه؛
الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، حكاها ابن السكيت عنه؛ قال: وليست بالمشهورة،
والجمع أَجلاد وجُلود والجِلْدَة أَخص من الجلد؛ وأَما قول عبد مناف بن ربع
الهذلي:
إِذا تَجاوَبَ نَوْحٌ قامتا معه،
ضرباً أَليماً بِسِبْتٍ يَلْعَجُ الجِلِدا
فإِنما كسر اللام ضرورة لأَن للشاعر أَن يحرك الساكن في القافية بحركة
ما قبله؛ كما قال:
علَّمنا إِخوانُنا بنو عَجِلْ
شُربَ النبيذ، واعتقالاً بالرِّجِلْ.
وكان ابن الأَعرابي يرويه بالفتح ويقول: الجِلْد والجَلَد مِثْلُ مِثْلٍ
ومَثَلٍ وشِبْه وشَبَه؛ قال ابن السكيت: وهذا لا يُعرف، وقوله تعالى
ذاكراً لأَهل النار: حين تشهد عليهم جوارحهم وقالوا لجلُودهم؛ قيل: معناه
لفروجهم كنى عنها بالجُلود؛ قال ابن سيده: وعندي أَن الجلود هنا مُسوكهم
التي تباشر المعاصي؛ وقال الفرّاءُ: الجِلْدُ ههنا الذكر كنى الله عز وجل
عنه بالجلد كما قال عز وجل: أَو جاءَ أَحد منكم من الغائط؛ والغائط:
الصحراء، والمراد من ذلك: أَو قضى أَحد منكم حاجته.
والجِلْدة: الطائفة من الجِلْد. وأَجلاد الإِنسان وتَجالِيده: جماعة
شخصه؛ وقيل: جسمه وبدنه وذلك لأَن الجلد محيط بهما؛ قال الأَسود بن
يعفر:أَما تَرَيْني قد فَنِيتُ، وغاضني
ما نِيلَ من بَصَري، ومن أَجْلادي؟
غاضني: نقصني. ويقال: فلان عظيم الأَجْلاد والتجاليد إِذا كان ضخماً قوي
الأَعضاءِ والجسم، وجمع الأَجلاد أَجالد وهي الأَجسام والأَشخاص. ويقال:
فلان عظيم الأَجلاد وضئيل الأَجلاد، وما أَشبه أَجلادَه بأَجلادِ أَبيه
أَي شخصه وجسمه؛ وفي حديث القسامة أَنه استحلف خمسة نفر فدخل رجل من
غيرهم فقال: ردُّوا الإِيمان على أَجالِدِهم أَي عليهم أَنفسهم، وكذلك
التجاليد؛ وقال الشاعر:
يَنْبي، تَجالِيدي وأَقتادَها،
ناوٍ كرأْسِ الفَدَنِ المُؤيَدِ
وفي حديث ابن سيرين: كان أَبو مسعود تُشْبه تجاليدُه تجاليدَ عمر أَي
جسمُه جسمَه. وفي الحديث: قوم من جِلْدتنا أَي من أَنفسنا وعشريتنا؛ وقول
الأَعشى:
وبَيْداءَ تَحْسَبُ آرامَها
رجالَ إِيادٍ بأَجلادِها
قال الأَزهري: هكذا رواه الأَصمعي، قال: ويقال ما أَشبه أَجلادَه
بأَجلاد أَبيه أَي شخصه بشخوصهم أَي بأَنفسهم، ومن رواه بأَجيادها أَراد
الجودياء بالفارسية الكساءَ.
وعظم مُجَلَّد: لم يبق عليه إِلا الجلد؛ قال:
أَقول لِحَرْفٍ أَذْهَبَ السَّيْرُ نَحْضَها،
فلم يُبْق منها غير عظم مُجَلَّد:
خِدي بي ابتلاكِ اللَّهُ بالشَّوْقِ والهَوَى،
وشاقَكِ تَحْنانُ الحَمام المُغَرِّدِ
وجَلَّدَ الجزور: نزع عنها جلدها كما تسلخ الشاة، وخص بعضهم به البعير.
التهذيب: التجليد للإِبل بمنزلة السلخ للشاءِ. وتجليد الجزور مثل سلخ
الشاة؛ يقال جَلَّدَ جزوره، وقلما يقال: سلخ. ابن الأَعرابي: أَحزرت
(* قوله
«أحزرت» كذا بالأصل بحاء فراء مهملتين بينهما معجمة، وفي شرح القاموس
أجرزت بمعجمتين بينهما مهملة.) الضأْن وحَلَقْتُ المعزى وجلَّدت الجمل، لا
تقول العرب غير ذلك.
والجَلَدُ: أَن يُسلَخَ جلد البعير أَو غيره من الدواب فيُلْبَسَه غيره
من الدواب؛ قال العجاج يصف أَسداً:
كأَنه في جَلَدٍ مُرَفَّل
والجَلَد: جِلْد البوّ يحشى ثُماماً ويخيل به للناقة فتحسبه ولدها إِذا
شمته فترأَم بذلك على ولد غيرها.
غيره: الجَلَد أَن يسلخ جِلْد الحوار ثم يحشى ثماماً أَو غيره من الشجر
وتعطف عليه أُمه فترأَمه. الجوهري: الجَلَد جِلْد حوار يسلخ فيلبس حواراً
آخر لتشمه أُم المسلوخ فترأَمه؛ قال العجاج:
وقد أَراني للغَواني مِصْيَدا
مُلاوَةً، كأَنَّ فوقي جَلَدا
أَي يرأَمنني ويعطفن عليَّ كما ترأَم الناقة الجَلَدَ.
وجلَّد البوَّ: أَلبسه الجِلْد. التهذيب: الجِلْد غشاءُ جسد الحيوان،
ويقال: جِلْدة العين.
والمِجْلدة: قطعة من جِلْد تمسكها النائحة بيدها وتلْطِم بها وجهها
وخدها، والجمع مجاليد؛ عن كراع؛ قال ابن سيده: وعندي أَن المجاليد جمع مِجلاد
لأَن مِفْعلاً ومِفْعالاً يعتقبان على هذا النحو كثيراً. التهذيب: ويقال
لميلاء النائحة مِجْلَد، وجمعه مجالد؛ قال أَبو عبيد: وهي خرق تمسكها
النوائح إِذا نحنَ بأَيديهنّ؛ وقال عدي بن زيد:
إِذا ما تكرّهْتَ الخليقةَ لامْرئٍ،
فلا تَغْشَها، واجْلِدْ سِواها بِمِجْلَد
أَي خذ طريقاً غير طريقها ومذهباً آخر عنها، واضرب في الأَرض لسواها.
والجَلْد: مصدر جَلَده بالسوط يَجْلِدُه جَلْداً ضربه. وامرأَة جَلِيد
وجليدة؛ كلتاهما عن اللحياني، أَي مجلودة من نسوة جَلْدى وجلائد؛ قال ابن
سيده: وعندي أَن جَلْدى جمع جَليد، وجلائد جمع جليدة. وجَلَدَه الحدّ
جلداً أَي ضربه وأَصاب جِلْده كقولك رأَسَه وبَطَنَه. وفرس مُجَلَّد: لا
يجزع من ضرب السوط. وجَلَدْتُ به الأَرضَ أَي صرعته. وجَلَد به الأَرض:
ضربها. وفي الحديث: أَن رجلاً طَلَبَ إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن
يُصَلِّي معه بالليل فأَطال النبي، صلى الله عليه وسلم، في الصلاة فجُلِدَ
بالرجل نوماً أَي سقط من شدة النوم. يقال: جُلِدَ به أَي رُميَ إِلى
الأَرض؛ ومنه حديث الزبير: كنت أَتشدّد فيُجلَدُ بي أَي يغلبني النوم حتى
أَقع. ويقال: جَلَدْته بالسيف والسوط جَلْداً إِذا ضربت جِلْدَه.
والمُجالَدَة: المبالطة، وتجالد القوم بالسيوف واجْتَلدوا. وفي الحديث:
فنظر إِلى مُجْتَلَدِ القوم فقال: الآن حَمِيَ الوَطِيسُ، أَي إِلى موضع
الجِلاد، وهو الضرب بالسيف في القتال. وفي حديث أَبي هريرة في بعض
الروايات: أَيُّما رجُلٍ من المسلمين سَبَبْتُه أَو لعنته أَو جَلَدُّه، هكذا
رواه بإِدغام التاءِ في الدال، وهي لغة. وجالَدْناهم بالسيوف مُجالدة
وجِلاداً: ضاربناهم. وجَلَدَتْه الحية: لدغته، وخص بعضهم به الأَسود من
الحيات، قالوا: والأَسود يَجْلِدُ بذنبه.
والجَلَد: القوة والشدة. وفي حديث الطواف: لِيَرى المشركون جَلَدَهم؛
الجَلَد القوّة والصبر؛ ومنه حديث عمر: كان أَخْوفَ جَلْداً أَي قوياً في
نفسه وجسده. والجَلَدُ: الصلابة والجَلادة؛ تقول منه: جَلُد الرجل، بالضم،
فهو جَلْد جَلِيد وبَيِّنُ الجَلَدِ والجَلادَة والجُلودة.
والمَجْلود، وهو مصدر: مثل المحلوف والمعقول؛ قال الشاعر:
واصبِر فإِنَّ أَخا المَجْلودِ من صَبَرا
قال: وربما قالوا رجل جَضْد، يجعلون اللام مع الجيم ضاداً إِذا سكنت.
وقوم جُلْد وجُلَداءُ وأَجلاد وجِلاد، وقد جَلُدَ جَلادَة وجُلودة، والاسم
الجَلَدُ والجُلودُ.
والتَّجَلُّد: تكلف الجَلادة. وتَجَلَّدَ: أَظهر الجَلَدَ؛ وقوله:
وكيف تَجَلُّدُ الأَقوامِ عنه،
ولم يُقْتَلْ به الثَّأْرُ المُنِيم؟
عداه بعن لأَن فيه معنى تصبر.
أَبو عمرو: أَحْرَجْتُهُ لكذا وكذا وأَوْجَيْتُهُ وأَجْلَدْتُه
وأَدْمَغْتُهُ وأَدْغَمْتُه إِذا أَحوجته إِليه.
والجَلَد: الغليظ من الأَرض. والجَلَد: الأَرض الصُّلْبَة؛ قال النابغة:
إِلاَّ الأَواريَ لأْياً ما أُبَيِّنُها،
والنُّؤيُ كالحوض بالمظلومةِ الجَلَدِ
وكذلك الأَجْلَد؛ قال جرير:
أَجالتْ عليهنَّ الروامِسُ بَعْدَنا
دُقاقَ الحصى، من كلِّ سَهْلٍ، وأَجْلَدا
وفي حديث الهجرة: حتى إِذا كنا بأَرض جَلْدة أَي صُلْبة؛ ومنه حديث
سراقة: وحل بي فرسي وإِني لفي جَلَد من الأَرض. وأَرض جَلَد: صلبة مستوية
المتن غليظة، والجمع أَجلاد؛ قاله أَبو حنيفة: أَرض جَلَدٌ، بفتح اللام،
وجَلْدة، بتسكين اللام، وقال مرة: هي الأَجالد، واحدها جَلَد؛ قال ذو
الرمة:فلما تَقَضَّى ذاك من ذاك، واكتَسَت
مُلاءً من الآلِ المِتانُ الأَجالِدُ
الليث: هذه أَرض جَلْدَة ومكان جَلَدَةٌ
(* قوله «ومكان جلدة» كذا
بالأصل وعبارة شرح القاموس؛ وقال الليث هذه أرض جلدة وجلدة ومكان جلد.) ومكان
جَلَد، والجمع الجلَدات.
والجلاد من النخل: الغزيرة، وقيل هي التي لا تبالي بالجَدْب؛ قال سويد
بن الصامت الأَنصاري:
أَدِينُ وما دَيْني عليكم بِمَغْرَم،
ولكن على الجُرْدِ الجِلادِ القَراوِح
قال ابن سيده: كذا رواه أَبو حنيفة، قال: ورواه ابن قتيبة على الشم،
واحدتها جَلْدَة. والجِلادُ من النخل: الكبار الصِّلاب، وفي حديث عليّ،
كرَّم الله تعالى وجهه: كنت أَدْلُوا بتَمْرة اشترطها جَلْدة؛ الجَلْدة،
بالفتح والكسر: هي اليابسة اللحاءِ الجيدة.
وتمرة جَلْدَة: صُلْبة مكتنزة؛ وأَنشد:
وكنتُ، إِذا ما قُرِّب الزادُ، مولَعاً
بكلّ كُمَيْتٍ جَلْدَةٍ لم تُوَسَّفِ
والجِلادُ من الإِبِلِ: الغزيرات اللبن، وهي المَجاليد، وقيل: الجِلادُ
التي لا لبن لها ولا نِتاح؛ قال:
وحارَدَتِ النُّكْدُ الجِلادُ، ولم يكنْ
لِعُقْبَةَ قِدْرُ المسْتَعير بن مُعْقِب
والجَلَد: الكبار من النوق التي لا أَولاد لها ولا أَلبان، الواحدة
بالهاءِ؛ قال محمد بن المكرم: قوله لا أَولاد لها الظاهر منه أَن غرضه لا
أَولاد لها صغار تدر عليها، ولا يدخل في ذلك الأَولاد الكبار، والله أَعلم.
والجَلْد، بالتسكين: واحدة الجِلاد وهي أَدسم الإِبل لبناً. وناقة
جَلْدة: مِدْرار؛ عن ثعلب، والمعروف أَنها الصلبة الشديدة. وناقة جَلْدة ونوق
جَلَدات، وهي القوية على العمل والسير. ويقال للناقة الناجية: جَلْدَة
وإِنها لذات مَجْلود أَي فيها جَلادَة؛ وأَنشد:
من اللواتي إِذا لانَتْ عريكَتُها،
يَبْقى لها بعدَها أَلٌّ ومَجْلود
قال أَبو الدقيش: يعني بقية جلدها. والجَلَد من الغنم والإِبِل: التي لا
أَولاد لها ولا أَلبان لها كأَنه اسم للجمع؛ وقيل: إِذا مات ولد الشاة
فهي جَلَدٌ وجمعها جِلاد وجَلَدَة، وجمعها جَلَد؛ وقيل: الجَلَدُ والجلَدة
الشاة التي يموت ولدها حين تضعه. الفراء: إِذا ولدت الشاة فمات ولدها
فهي شاة جَلَد، ويقال لها أَيضاً جَلَدَة، وجمع جَلَدَة جَلَد وجَلَدات.
وشاة جَلَدة إِذا لم يكن لها لبن ولا ولد. والجَلَد من الإِبل: الكبار التي
لا صغار فيها؛ قال:
تَواكَلَها الأَزْمانُ حتى أَجاءَها
إِلى جَلَدٍ منها قليلِ الأَسافِل
قال الفراء: الجَلَدُ من الإِبل التي لا أَولاد معها فتصبر على الحر
والبرد؛ قال الأَزهري: الجَلَد التي لا أَلبان لها وقد ولى عنها أَولادها،
ويدخل في الجَلَدِ بنات اللبون فما فوقها من السن، ويجمع الجَلَدَ
أَجْلادٌ وأَجاليدُ، ويدخل فيها المخاض والعشار والحيال فإِذا وضعت أَولادها زال
عنها اسم الجَلَدِ وقيل لها العشار واللقاح، وناقة جَلْدة: لا تُبالي
البرد؛ قال رؤبة:
ولم يُدِرُّوا جَلْدَةً بِرْعِيسا
وقال العجاج:
كأَنَّ جَلْداتِ المِخاضِ الأُبَّال،
يَنْضَحْنَ في حَمْأَتِهِ بالأَبوال،
من صفرة الماءِ وعهد محتال
أَي متغير من قولك حال عن العهد أَي تغير عنه.
ويقال: جَلَدات المخاض شدادها وصلابها.
والجَليد: ما يسقط من السماءِ على الأَرض من الندى فيجمد. وأَرض
مَجْلُودة: أَصابها الجليد. وجُلِدَتِ الأَرضُ من الجَلِيد، وأُجْلِد الناسُ
وجَلِدَ البَقْلُ، ويقال في الصّقِيعَ والضَّريب مِثْله. والجليد: ما جَمَد
من الماء وسقط على الأَرض من الصقيع فجمد.
الجوهري: الجليد الضَّريب والسَّقيطُ، وهو ندى يسقط من السماء فيَجْمُد
على الأَرض. وفي الحديث: حُسْنُ الخُلُق يُذيبُ الخطايا كما تُذيبُ الشمس
الجليدَ؛ هو الماء الجامد من البرد.
وإِنه ليُجْلَدُ بكل خير أَي يُظَن به، ورواه أَبو حاتم يُجْلَذُ،
بالذال المعجمة. وفي حديث الشافعي: كان مُجالد يُجْلَد أَي كان يتهم ويرمى
بالكذب فكأَنه وضع الظن موضع التهمة.
واجْتَلَد ما في الإِناء: شربه كله. أَبو زيد: حملت الإِناء فاجتلدته
واجْتَلَدْتُ ما فيه إِذا شربت كل ما فيه. سلمة: القُلْفَة والقَلَفَة
والرُّغْلَة والرَّغَلَة والغُرْلَة
(* قوله «والغرلة» كذا بالأصل والمناسب
حذفه كما هو ظاهر.) والجُلْدَة: كله الغُرْلة؛ قال الفرزدق:
مِنْ آلِ حَوْرانَ، لم تَمْسَسْ أُيورَهُمُ
مُوسَى، فَتُطْلِعْ عليها يابِسَ الْجُلَد
قال: وقد ذكر الأُرْلَة؛ قال: ولا أَدري بالراء أَو بالدال كله الغرلة؛
قال: وهو عندي بالراء. والمُجلَّدُ: مقدار من الحمل معلوم المكيلة
والوزن. وصرحت بِجِلْدان وجِلْداء؛ يقال ذلك في الأَمر إِذا بان. وقال
اللحياني: صرحت بِجِلْدان أَي بِجدٍّ.
وبنو جَلْد: حيّ.
وجَلْدٌ وجُلَيْدٌ ومُجالِدٌ: أَسماء؛ قال:
نَكَهْتُ مُجالداً وشَمِمْتُ منه
كَريح الكلب، مات قَريبَ عَهْدِ
فقلت له: متى استَحْدَثْتَ هذا؟
فقال: أَصابني في جَوْفِ مَهْدِي
وجَلُود: موضع بأَفْريقيَّة؛ ومنه: فلان الجَلوديّ، بفتح الجيم، هو
منسوب إِلى جَلود قرية من قرى أَفريقية، ولا تقل الجُلودي، بضم الجيم،
والعامة تقول الجُلُودي.
وبعير مُجْلَنْدٌ: صلب شديد.
وجْلَنْدى: اسم رجل؛ وقوله:
وجْلَنْداء في عُمان مقيما
(قوله «وجلنداء إلخ» كذا في الأصل بهذا الضبط. وفي القاموس وجلنداء، بضم
أَوله وفتح ثانيه ممدودة وبضم ثانيه مقصورة: اسم ملك عمان، ووهم الجوهري
فقصره مع فتح ثانيه، قال الأعشى وجلنداء اهـ بل سيأتي للمؤلف في جلند
نقلاً عن ابن دريد انه يمد ويقصر.)
إِنما مده للضرورة، وقد روي:
وجْلَنْدى لَدى عُمانَ مُقيما
الجوهري: وجُلَنْدى، بضم الجيم مقصور، اسم ملك عمان.
جفر: الجَفْرُ: من أَولاد الشاء إِذا عَظُمَ واستكرشَ، قال أَبو عبيد:
إِذا بلغ ولد المعزى أَربعة أَشهر وجَفَرَ جَنْبَاه وفُصِلَ عن أُمه
وأَخَذَ في الرَّعْي، فهو جَفْرٌ، والجمع أَجْفَار وجِفَار وجَفَرَةٌ،
والأُنثى جَفْرَةٌ؛ وقد جَفَرَ واسْتَجفَرَ؛ قال ابن الأَعرابي: إِنما ذلك
لأَربعة أَشهر أَو خمسة من يوم ولد. وفي حديث عمر: أَنه قضى في اليَرْبُوع
إِذا قتله المحرم بجَفْرَةٍ؛ وفي رواية: قضى في الأَرنب يصيبها المحرم
جَفْرَةً. ابن الأَعرابي: الجَفْرُ الجَمَلُ الصغير والجَديُ بعدما يُفْطَمُ
ابن ستة أَشهر. قال: والغلام جَفْرٌ.
ابن شميل: الجَفْرَةُ العَناق التي شَبِعَتْ من البَقْلِ والشجر واستغنت
عن أُمِّها، وقد تَجَفَّرَتْ واسْتَجْفَرَتْ. وفي حديث حليمة ظَئِرَ
النبي، صلى الله عليه وسلم، قالت: كان يَشِبُّ في اليوم شَبَابَ الصبي في
الشهر فبلغ ستّاً وهو جَفرٌ. قال ابن الأَثير: اسْتَجْفَر الصَّبيُّ إِذا
قوي على الأَكل. وفي حديث أَبي اليَسَرِ: فخرج
(* قوله «فخرج إِلخ» كذا
بضبط القلم في نسخة من النهاية يظن بها الصحة والعهدة عليها). إِليَّ ابنٌ
له جَفْرٌ. وفي حديث أُم زرع: يكفيه ذراعُ الجَفْرَةِ؛ مدحته بقلة
الأَكل. والجَفْرُ: الصبي إِذا انتفخ لحمه وأَكل وصارت له كرش، والأُنثى
جَفْرَةٌ، وقد استَجْفَر وتَجَفَّرَ. والمُجْفَرُ: العظيم الجنبين من كل شيء.
واسْتَجْفَرَ إِذا عظم؛ حكاه شمر وقال: جُفْرَةُ البطن باطِنُ
المُجْرَئِشِّ.
والجُفْرَةُ: جَوْفُ الصدر، وقيل: ما يجمع البطن والجنبين، وقيل: هو
مُنحَنَى الضلوع، وكذلك هو من الفرس وغيره، وقيل: جُفْرَةُ الفرس وسَطُه،
والجمع جُفَرٌ وجِفَارٌ. وجُفْرَةُ كل شيء: وسطه ومعظمه. وفَرَسٌ مُجْفَرٌ
وناقة مُجْفَرَة أَي عظيمة الجُفْرةِ، وهي وسطه؛ قال الجَعْدِيُّ:
فَتَآيا بِطَرِير مُرْهَفٍ
جُفْرَةَ المَحْزِمِ مِنْهُ فَسَعَلْ
والجُفْرَةُ: الحُفْرَةُ الواسعة المستديرة. والجُفَرُ: خُروق الدعائم
التي تحفر لها تحت الأَرض. والجَفْرُ: البئر الواسعة التي لم تُطْوَ،
وقيل: هي التي طوي بعضها ولم يطو بعض، والجمع جِفَارٌ؛ ومنه جَفْرُ
الهَبَاءَةِ، وهو مُسْتَنْقَع ببلاد غَطَفَان. والجُفْرَةُ، بالضم: سَعَةٌ في
الأَرض مستديرة، والجمعُ جِفَارٌ مثل بُرْمَةٍ وبرام، ومنه قيل للجوف:
جُفْرةٌ. وفي حديث طلحة: فوجدناه في بعض تلك الجِفَارِ، وهو جمع جُفْرة، بالضم.
وفي الحديث ذكر جُفرة، بضم الجيم وسكون الفاء، جفرة خالد من ناحية
البصرة تنسب إِلى خالد بن عبدالله بن أَسِيدٍ، لها ذكر في حديث عبد الملك بن
مروان.
والجَفِيرُ: جَعْبَة من جلود لا خشب فيها أَو من خشب لا جلد فيها.
والجَفِيرُ أَيضاً: جَعْبَةٌ من جلود مشقوقة في جنبها، يُفعل ذلك بها ليدخلها
الريح فلا يأْتكل الريش. الأَحمر: الجَفِير والجَعْبَةُ الكِنَانة.
الليث: الجَفِير شبه الكنانة إِلا أَنه واسعٌ أَوسعُ منها يجعل فيه نُشَّابٌ
كثير. وفي الحديث: من اتخذ قوساً عربية وجَفِيرَها نفى الله عنه الفقر؛
الجَفير: الكنانة والجَعْبة التي تجعل فيها السهام، وتخصيصُ القِسِيِّ
العربية كراهيةَ زِيِّ العجم.
وجَفَرَ الفحلُ يَجْفُر، بالضم، جُفُوراً: انقطع عن الضِّراب وقَلَّ
ماؤه، وذلك إِذا أَكثر الضراب حتى حَسَرَ وانقطع وعَدَلَ عنه. ويقال في
الكبش: رَبَضَ ولا يقال جَفَرَ. ابن الأَعرابي: أَجْفَرَ الرجلُ وجَفَرَ
وجَفَّرَ واجْتَفَرَ إِذا انقطع عن الجماع، وإِذا ذَلَّ قيل: قد اجْتَفَرَ.
وأَجْفَرَ الرجلُ عن المرأَة: انقطع. وجَفَّرَه الأَمرُ عنه: قَطَعَه؛ عن
ابن الأَعرابي، وأَنشد:
وتُجْفِروا عن نساء قَدْ تَحِلُّ لَكُمْ،
وفي الرُّدَيْنِيِّ والْهِنْدِيِّ تَجْفِيرُ
أَي أَن فيهما من أَلم الجراح ما يُجَفِّرُ الرجلَ عن المرأَة، وقد يجوز
أَن يعني به إِماتتهما إِياهم لأَنه إِذا مات فقد جَفَرَ.
وطعام مَجْفَرٌ ومَجْفَرَةٌ؛ عن اللحياني: يقطع عن الجماع. ومن كلام
العرب: أَكلُ البِطِّيخ مَجْفَرَةٌ. وفي الحديث أَنه قال لعثمان بن مظعون:
عليك بالصوم فإِنه مَجْفَرَةٌ؛ أَي مَقْطَعَةٌ للنكاح. وفي الحديث أَيضاً:
صُوموا وَوَفِّرُوا أَشْعاركم
(* قوله: «ووفروا أشعاركم» يعني شعر
العانة. وفي رواية فإِنه أَي الصوم مجفر، بصيغة اسم الفاعل من أجفر، وهذا أَمر
لمن لا يجد أهبة النكاح من معشر الشباب، كذا بهامش النهاية). فإِنها
مَجْفَرَةٌ. قال أَبو عبيد: يعني مَقْطَعَة للنكاح ونقصاً للماء. ويقال
للبعير إِذا أَكثر الضراب حتى ينقطع: قد جَفَرَ يَجْفِرُ جُفُوراً، فهو جافر؛
وقال ذو الرمة في ذلك:
وقد عَارَضَ الشِّعْرى سُهَيْلٌ، كَأَنَّهُ
قَرِيعُ هَجانٍ، عَارَضَ الشَّوْلَ جَافِرُ
وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه: أَنه رأَى رجلاً في الشمس فقال: قُمْ
عنها فإِنها مَجْفَرَةٌ أَي تُذْهِبُ شهوة النكاح. وفي حديث عمر، رضي الله
عنه: إِياكم وَنَوْمَةَ الغَدَاةِ فإِنها مَجْفَرَةٌ؛ وجعله القتيبي من
حديث علي، كرم الله وجهه.
والمُجْفِرُ: المتغير ريح الجسد. وفي حديث المُغِيرةِ: إِياكم وكلَّ
مُجْفِرَةٍ أَي مُتَغَيِّرة رِيحِ الجسد، والفعل منه أَجْفَر. قال: ويجوز
أَن يكون من قولهم امرأَة مُجْفِرَةُ الجنين أَي عظيمتهما. وجَفَرَ
جَنْبَاهُ إِذا اتَّسَعَا، كأَنه كَرِهَ السِّمَنَ. وقال أَبو حنيفة:
الكَنَهْبَلُ صِنْفٌ من الطَّلْحِ جَفْرٌ.
قال ابن سيده: أُراه عَنَى به قبيح الرائحة من النبات. الفراء: كنت
آتيكم فَقَد أَجْفَرْتُكم أَي تركت زيارتكم وقطعتها. ويقالُ: أَجْفَرْتُ ما
كنتُ فيه أَي تركته. وأَجْفَرْتُ فلاناً: قطعته وتركت زيارته. وأَجْفَرَ
الشيءُ: غاب عنك. ومن كلام العرب: أَجْفَرَنا هذا الذئبُ فما حَسَسْناه
منذ أَيام. وفعلتُ ذلك من جَفْرِ كذا
(* قوله: «من جفر كذا إلخ» بفتح فسكون
وبالتحريك وجفرة كذا بفتح فسكون كل ذلك عن ابن دريد أفاده شارح
القاموس). أَي من أَجله. ويقال للرجل الذي لا عقل له: إِنه لَمُنْهَدِمُ الحال
ومُنْهَدِمُ الجَفْرِ.
والجُفُرَّى والكُفُرَّى: وِعاء الطلع.
وإِبِلٌ جِفَارٌ إِذا كانت غِزاراً، شبهت بِجِفَارِ الرَّكابا.
والجُفُرَّاء والجُفُرَّاةُ: الكافور من النخل؛ حكاهما أَبو حنيفة.
وجَيْفَرٌ ومُجَفَّر: اسمان: والجَفْرُ: موضع بنجد. والجِفَارُ: موضع،
وقيل: هو ماء لبني تميم، قال: ومنه يوم الجِفَارِ؛ قال الشاعر:
وَيَوْمُ الجِفَارِ وَيَوْمُ النِّسا
رِ كانا عَذَاباً، وكانا غَرَامَا
أَي هلاكاً. والجَفَائِرُ: رمال معروفة؛ أَنشد الفارسي:
أَلِمَّا على وَحْشِ الجَفَائِر فانْظُرا
إِليها، وإِنْ لم تُمْكِنِ الوَحْشُ رامِيَا
والأَجْفَرُ: موضع.
نغف: النغَفُ، بالتحريك والغين معجمة: دود يسقط من أُنوف الغنم والإبل،
وفي الصحاح: الدود الذي يكون في أُنوف الإبل والغنم، واحدته نغَفة.
ونغِفَ البعيرُ: كثر نَغَفُه. والنغَفُ: دود طِوال سود وغُبر، وقيل: هي دود
طوال سود وغبر وخضر تقطع الحَرث في بطون الأَرض، وقيل: هي دود عُقْف، وقيل:
غُضْف تَنْسَلِخُ عن الخنافس ونحوها، وقيل: هي دود بيض يكون فيها ماء،
وقيل: دود أَبيض يكون في النوى إذا أُنْقِع، وما سوى ذلك من الدود فليس
بنغَف. وفي الحديث: أَن يأْجُوج ومأْجوج يُسَلّط اللّه عليهم فيُهْلِكُهم
النَّغَف فيأْخذ في رقابهم؛ وفي طريق آخر: إذا كان في آخر الزمان سُلِّطَ
على يأْجوج ومأْجوج النغَفُ فيُصبحون فَرْسَى أَي مَوْتى؛ النغَف،
بالتحريك: هو الدود الذي يكون في أُنوف الإبل والغَنم. وفي حديث الحديبية:
دَعُوا محمداً وأَصحابه حتى يموتوا موتَ النغَف؛ والنغَفُ عند العرب: دِيدان
تَولَّدُ في أَجوافِ الحيوان والناس وفي غراضِيف الخياشِيم، قال: وقد
رأَيتها في رؤوس الإبل والشاء. والعرب تقول لكل ذليل حقير: ما هو إلا نغَفَة،
تشبِّه بهذه الدودة. ويقال للرجل الذي تحتقره: يا نَغفةُ، وإنما أَنت
نغَفة.
والنغَفَتان: عظمان في رؤوس الوَجْنَتَين ومن تحركهما يكون العُطاس.
التهذيب: وفي عظْمَي الوَجْنتين لكل رأْس نغَفَتان أَي عظمان، والمسموع من
العرب فيهما النَّكَفَتان، بالكاف، وهما حدَّا اللَّحْيَين من تحت،
وسيأْتي ذكرهما قال الأَزهري: وأَما النغَفَتان بمعناهما فما سمعته لغير
الليث.والنغَفُ: ما يُخرجه الإنسان من أَنفه من مُخاط يابس. والنغَفةُ:
المُسْتحقَر، مشتق من ذلك. والنغفة أَيضاً: ما يبِس من الذَّنِين الذي يخرج من
الأَنف، فإذا كان رطباً فهو ذَنين؛ ومنه قولهم لمن استقذروه:
يا نَغفةُ
نجل: النَّجْل: النَّسْل. المحكم: النَّجْل الولد، وقد نَجَل به أَبوه
يَنْجُل نَجْلاً ونَجَلَه أَي ولَدَه؛ قال الأَعشى:
أَنْجَبَ أَيَّامَ والِداهُ به،
إِذ نَجَلاهُ فَنِعْم ما نَجَلا
قال الفارسي: معنى والداه به كما تقول أَنا بالله وبِكَ. والناجِلُ:
الكريم النَّجْل، وأَنشد البيت، وقال: أَنْجَب والداه به إِذ نَجَلاه في
زمانه، والكلام مقدَّم ومؤخَّر. والانْتِجالُ: اختيار النَّجْل؛ قال:
وانْتَجَلُوا من خير فَحْلٍ يُنْتَجَلْ
والنَّجْل: الوالد أَيضاً، ضدّ؛ حكى ذلك أَبو القاسم الزجاجي في نوادره.
يقال: قَبَحَ اللهُ ناجِلَيْه. وفي حديث الزهري: كان له كَلْب صائد يطلب
لها الفُحُولة يطلب نَجْلَه أَي ولدها. والنَّجْل: الرمي بالشيء، وقد
نَجَل به ونَجَله؛ قال امرؤ القيس:
كأَنَّ الحَصَى من خَلْفها وأَمامِها،
إِذا أَنْجَلَتْه رِجْلُها، خَذْفُ أَعْسَرَا
وقد نجَل الشيءَ أَي رمَى به. والناقة تَنْجُل الحَصَى مَناسِمُها
نَجْلاً أَي ترمِي به وتدفعه. ونَجَلْت الرجلَ نَجْلَةً إِذا ضربته بمقدَّم
رجلك فتدحرج. يقال: من نَجَل الناس نَجَلوه أَي من شارَّهم شارُّوه. وفي
الحديث: من نَجَل الناس نَجَلوه أَي مَنْ عاب الناس عابوه ومَنْ سَبَّهم
سبُّوه وقَطَع أَعْراضَهم بالشَّتْم كما يَقْطع المِنْجَل الحشيشَ، وقد
صُحِّف هذا الحرف فقيل فيه: نَحَل فلان فلاناً إِذا سابَّه، فهو ينْحَله
يُسابُّه؛ وأَنشد لطرفة:
فَذَرْ ذَا، وَانْحَل النُّعْمان قَوْلاً،
كنَحْتِ الفَأْسِ، يُنْجِد أَو يَغُور
قال الأَزهري: قوله نَحَل فلان فلاناً إِذا سابَّه باطل وهو تصحيف
لِنَجَل فلان فلاناً إِذا قَطَعه بالغيبةِ؛ قال الأَزهري: قاله لليث بالحاء
وهو تصحيف.
والنَّجْل والفَرْض معناهما القَطْع؛ ومنه قيل للحديدة ذات الأَسنان:
مِنْجَل، والمِنْجَل ما يُحْصَد به. وفي الحديث: وتُتَّخَذ السُّيوف
مَناجِل؛ أَراد أَن الناس يتركون الجهاد ويشتغلون بالحَرْث والزِّراعة، والميم
زائدة. والمِنْجَل: المِطْرَد؛ قال مسعود بن وكيع:
قد حَشَّها الليل بِحادٍ مِنْجَلِ
أَي مِطْرَد يَنْجلها أَي يسرع بها. والمِنْجَل: الذي يقضَب به العود من
الشجر فيُنْجَل به أَي يرمَى به؛ قال سيبويه: وهذا الضرب مما يُعتمل به
مكسور الأَول، كانت فيه الهاء أَو لم تكن؛ واستعاره بعض الشعراء لأَسْنان
الإِبل فقال:
إِذا لم يكن إِلاَّ القَتادُ، تَنَزَّعت
مَناجِلُها أَصلَ القَتاد المُكالِب
ابن الأَعرابي: النَّجَل نَقَّالو الجَعْوِ في السابِل، وهو مِحْمَل
الطيَّانين، إِلى البَنَّاء.
ونَجَل الشيءَ يَنْجُله نَجْلاً: شقَّه. والمَنْجُول من الجلود: الذي
يُشق من عُرْقوبَيْه جميعاً ثم يسلَخ كما تسلخ الناس اليوم؛ قال
المُخَبَّل:وأَنْكَحْتُمُ رَهْواً كأَنَّ عِجانَها
مَشَقُّ إِهاب، أَوْسَع السَّلْخَ ناجِلُهْ
يعني بالرَّهْو هنا خُلَيدة بنت الزِّبْرقان، ولها حديث مذكور في موضعه.
وقد نَجَلْت الإِهاب وهو إِهابٌ مَنْجول؛ اللحياني: المَرْجُول
والمَنْجول الذي يُسلخ من رجليه إِلى رأْسه. أَبو السَّمَيْدع: المَنْجول الذي
يُشقّ من رجله إِلى مذبحه، والمَرْجُول الذي يُشقّ من رجله ثم يقلَب
إِهابه. ونَجَله بالرُّمْح يَنْجُله نَجْلاً: طَعَنه وأَوسع شَقَّه. وطَعْنة
نَجْلاء أَي واسعة بَيِّنة النَّجَل. وسِنان مِنْجَل واسع الجُرْح. وطَعْنة
نجلاء: واسعة. وبئر نَجْلاء المَجَمِّ: واسِعَته؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
إِنَّ لها بئراً بِشَرْقِيِّ العَلَمْ،
واسعةَ الشُّقّة، نَجْلاءَ المَجَمْ
والنَّجَل، بالتحريك: سعة شقِّ العين مع حُسْنٍ، نَجِل نَجَلاً وهو
أَنْجَل، والجمع نُجْل ونِجال، وعين نَجْلاء، والأَسد أَنْجَل. وفي حديث
الزبير: عينين نَجْلاويْن؛ عين نجلاء أَي واسعة. وسنان مِنْجَل إِذا كان
يُوسِّع خرق الطعنة؛ وقال أَبو النجم:
سِنانُها مثل القُدامَى مِنْجَل
ومَزاد أَنْجَلُ: واسع عريض. وليل أَنْجَل: واسع طويل قد علا كلَّ شيء
وأَلبَسَه، وليلة نَجْلاء.
والنَّجْل: الماء السائل. والنَّجْل: الماءُ المُستنقِع، والولَد،
والنَّزُّ، والجمع الكثير من الناس، والمَحَجَّة الواضحة، وسلْخ الجِلْد من
قَفاه. والنَّجْل أَيضاً: إِثارة أَخفافِ الإِبل الكَمْأَة وإِظهارها.
والنَّجْل: السير الشديد والجماعة أَيضاً تَجتمع في الخير. وروي عن عائشة،
رضي الله عنها، أَنها قالت: قَدِم رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم،
المدينةَ وهي أَوْبأُ أَرض الله وكان واديها يَجْري نَجْلاً؛ أَرادت أَنه كان
نَزًّا وهو الماء القليل، تعني واديَ المدينة، ويجمع على أَنْجال؛ ومنه
حديث الحرث بن كَلْدة: قال لعمر البلادُ الوَبِئَة ذاتُ الأَنْجال والبَعوض
أَي النُّزُوز والبَقِّ. ويقال: استَنْجلَ الموضع أَي كثُر به النَّجْل
وهو الماء يظهر من الأَرض. المحكم: النَّجْل النزّ الذي يخرج من الأَرض
والوادي، والجمع نِجال. واستَنْجلَتِ الأَرض: كثرت فيها النِّجال. واستنجَل
النزَّ: استخرجه. واستنْجَل الوادي إِذا ظهرَ نُزُوزه. الأَصمعي:
النَّجْل ماء يُستَنْجل من الأَرض أَي يستخرج. أَبو عمرو: النجْل الجمع الكثير
من الناس، والنَّجْل المَحَجَّة.
ويقال للجَمَّال إِذا كان حاذقاً: مِنْجَل؛ قال لبيد:
بِجَسْرَة تنجُل الظِّرَّانَ ناجيةٍ،
إِذا توقَّد في الدَّيْمُومة الظُّرَر
أَي تثيرُها بخفها فترمي بها. والنَّجْل: مَحْوُ الصبيّ اللوح. يقال:
نَجَل لوحَه إِذا محاه. وفحل ناجِل: وهو الكريم الكثير النَّجْل؛
وأَنشد:فزَوَّجُوه ماجِداً أَعْراقُها،
وانْتَجَلُوا من خير فحل يُنْتَجَل
وفرس ناجِل إِذا كان كريم النَّجْل. أَبو عمرو: التَّناجُل تنازع الناس
بينهم. وقد تناجَل القومُ بينهم إِذا تنازعوا. وانْتَجَلَ الأَمرُ
انتِجالاً إِذا استبان ومضى. ونَجَلْت الأَرض نَجْلاً: شقَقْتها للزراعة.
والإِنْجِيل: كتاب عيسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، يؤَنث ويذكَّر، فمَن
أَنث أَراد الصحيفة، ومن ذكَّر أَراد الكتاب. وفي صفة الصحابة، رضي الله
عنهم: معه قومٌ صُدورُهم أَناجِيلُهم؛ هو جمع إِنجيل، وهو اسم كتاب الله
المنزَّلِ على عيسى، عليه السلام، وهو اسم عِبرانيّ أَو سُرْيانيّ،
وقيل: هو عربي، يريد أَنهم يقرؤون كتاب الله عن ظهر قلوبهم ويجمعونه في
صدورهم حِفظاً، وكان أَهل الكتاب إِنما يقرؤون كتبهم في الصحف ولا يكاد أَحدهم
يجمعها حفظاً إِلا القليل، وفي رواية: وأَناجِيلهم في صدورهم أَي أَن
كتُبَهم محفوظة فيه. والإِنْجيل: مثل الإِكْلِيل والإِخْرِيط، وقيل اشتقاقه
من النَّجْل الذي هو الأَصل، يقال: هو كريم النَّجْل أَي الأَصل
والطَّبْع، وهو من الفِعل إِفْعِيل. وقرأَ الحسن: وليحكُم أَهل الأَنْجِيل، بفتح
الهمزة، وليس هذا المثال من كلام العرب. قال الزجاج: وللقائل أَن يقول
هو اسم أَعجمي فلا يُنكَر أَن يقع بفتح الهمزة لأَن كثيراً من الأَمثلة
العجمية يخالف الأَمثلةَ العربية نحو آجَر وإِبراهيم وهابِيل وقابِيل.
والنَّجِيل: ضرب من دِقِّ الحَمْض معروف، والجمع نُجُل. قال أَبو حنيفة:
هو خير الحَمْض كله وأَلْيَنُه على السائمة. وأَنْجَلوا دوابَّهم:
أَرسلوها في النَّجِيل. والنَّواجِلُ من الإِبل: التي ترعَى النجيل، وهو
الهَرْم من الحَمْض. ونَجَلَتِ الأَرض: اخْضرَّتْ. والنَّجِيل: ما تكسَّر من
ورَق الهَرْم، وهو ضرْب من الحَمْض؛ قال أَبو خراش يصف ماءً آجِناً:
يُفَجِّين بالأَيْدي على ظهر آجِنٍ،
له عَرْمَضٌ مُسْتَأْسِدٌ ونَجِيلُ
(* قوله «يفجين إلخ» هكذا في الأصل بالجيم، وتقدم في مادة أسد يفحين
بالحاء، والصواب ما هنا).
ابن الأَعرابي: المِنْجَل السائق الحاذِق، والمِنْجَل الذي يمحو أَلْواح
الصِّبْيان، والمِنْجَل الزرع الملتفُّ المُزْدَجُّ، والمِنْجَل الرجل
الكثير الأَولاد، والمِنْجَل البعير الذي يَنْجُلُ الكَمْأَةَ بِخُفِّه.
والصَّحْصَحانُ الأَنْجل: هو الواسع. ونَجَلْت الشيء أَي استخرجْته.
ومَناجِلُ: اسم موضع؛ قال لبيد:
وجادَ رَهْوَى إِلى مَناجِلَ فالـ
ـصَّحْراء أَمْسَتْ نِعاجُه عُصَبا
قرش: القَرْشُ: الجمع والكسبُ والضم من ههنا وههنا يضم بعضه إِلى بعض.
ابن سيده: قَرَشَ قَرْشاً جَمَعَ وضمَّ من هنا وهنا، وقَرَشَ يَقْرِشُ
ويَقْرُشُ قَرْشاً، وبه سميت قُرَيش. وتَقَرَّش القومُ: تجمَّعوا.
والمُقَرِّشةُ: السَنةُ المَحْل الشديدة لأَن الناس عند المَحْل يجتمعون
فتنْضمُّ حواشيهم وقَواصِيهم؛ قال:
مُقَرّشات الزمَنِ المَحْذور
وقَرَشَ يَقْرِش ويقْرُش قَرْشاً واقْتَرَشَ وتَقَرّش: جَمَعَ واكتسب.
والتَّقْرِيشُ: الاكتسابُ؛ قال رؤبة:
أُولاك هَبَّشْتُ لهم تَهْبِيشي
قَرْضي، وما جَمَّعْتُ من قُرُوشي
وقيل: إِنما يقال اقْتَرَشَ وتَقَرَّشَ للأهل. يقال: قَرَشَ لأَهله
وتَقَرَّش واقْتَرَش وهو يَقْرِشُ ويقْرُشُ لعياله ويَقْتَرش أَي يكتسب،
وقَرَش في مَعِيشته، مخفّف. وتَقَرَّشَ: دَبِقَ ولَزِقَ. وقَرَشَ يَقْرِشُ
ويقْرُش قَرْشاً: أَخذ شيئاً. وتَقَرَّشَ الشيءَ تَقَرُّشاً: أَخذه أَوّلاً
فأَوّلاً؛ عن اللحياني. وقَرَشَ من الطعام: أَصاب منه قليلاً.
والمُقْرِشةُ من الشِّجاج: التي تَصْدَعُ العَظْم ولا تَهْشِمه. يقال:
أَقْرَشَت الشجّةُ، فهي مُقْرِشةٌ إِذا صَدَعت العظم ولم تهشم.
وأَقْرَشَ بالرجل: أَخبَره بعُيوبه، وأَقْرَشَ به وقَرّشَ: وشى
وحَرَّشَ؛ قال الحرث بن حلِّزة:
أَيها الناطقُ المُقَرِّشِ عَنَّا
عند عمرو، وهل لذاك بَقاءُ؟
(* في معلقة الحرث بن حِلِّزة: المُرّقش بدل المُقَرّش.)؟
عَدَّاه بعن لأَن فيه معنى الناقل عنّا. وقيل: أَقْرَشَ به إِقْراشاً
أَي سعى به ووقَعَ فيه؛ حكاه يعقوب. ويقال: اقْتَرَشَ فلانٌ بفلان إِذا سعى
به وبغَاه سُوءاً. ويقال: واللَّه ما اقْتَرَشْت بك أَي ما وَشَيْتُ بك.
والمُقَرِّشُ: المُحَرِّشُ. والتِّقْريشُ: مثل التَحْرِيش. وتَقَرَّشَ
عن الشيء: تنزّه عنه.
والقَرَشةُ
(* قوله «والقرشة» كذا ضبط في الأصل.): صَوْتٌ نحو صَوْتِ
الجَوْزِ والشَّنِّ إِذا حرّكْتَهما. واقْتَرَشَت الرماحُ وتَقَرَّشَت
وتَقارشَت: تطاعَنُوا بها فصَكَّ بعضُها بعضاً ووقع بعضُها على بعض فسمعْتَ
لها صوتًا، وقيل: تَقَرُّشُها وتَقارُشُها تَشاجُرُها وتداخُلُها في
الحرْب؛ قال أَبو زبيد:
إِمّا تَقَرّشْ بك السلاحُ، فلا
أَبْكِيكَ إِلا للدَّلْو والمَرَسِ
وقال القطامي:
قَوارِش بالرِّماحِ، كأَنَّ فيها
شَواطِنَ يَنْتَزعْنَ بها انْتزاعا
وتَقارشت الرماحُ: تَداخَلَتْ في الحرْب. والقَرْشُ: الطعنُ. وتَقارَشَ
القومُ: تَطاعَنُوا.
والقِرْشُ: دابة تكون في البحر المِلْح؛ عن كراع. وقُرَيشٌ: دابةٌ في
البحر لا تدَع دابةً إِلا أَكلتها فجميع الدواب تخافُها. وقُرَيش: قبيلةُ
سيدنا رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، أَبوهم النضر بن كنانة بن خزيمة
بن مدركة بن إِلياس بن مضر؛ فكلُّ من كان من ولد النضر، فهو قُرَشِيٌّ
دون ولدِ كنانة ومَنْ فوقَه، قيل. سُمّوا بِقُرَيْشٍ مشتقّ من الدابة التي
ذكرناها التي تَخافُها جميعُ الدوابّ. وفي حديث ابن عباس في ذكر
قُرَيْشٍ قال: هي دابةٌ تسكن البحر تأْكل دوابَه؛ قال الشاعر:
وقُرَيْشٌ هي التي تَسْكُنُ البَحْـ
ـر، بها سُمّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشا
وقيل: سميت بذلك لتَقَرُّشِها أَي تجمُّعِها إِلى مكة من حواليها بعد
تفرُّقِها في البلاد حين غلب عليها قُصَّيّ بن كِلاب، وبه سمي قصيٌّ
مُجَمِّعاً، وقيل: سميت بقريش بن مَخْلَد بن غالب بن فهر كان صاحب عيرهم فكانوا
يقولون: قدِمَت عيرُ قُرَيش وخرجت عير قريش، وقيل: سميت بذلك لتَجْرِها
وتكسُّبها وضَرْبِها في البلاد تَبْتَغي الرزق، وقنيل: سميت بذلك لأَنهم
كانوا أَهلَ تجارة ولم يكونوا أَصحابَ ضَرْع وزرْع من قولهم: فلان
يَتَقَرَّشُ المالَ أَي يَجْمَعُه؛ قال سيبويه: ومما غَلب على الحيّ قُريشٌ؛
قال: وإِن جَعَلْتَ قُرَيشاً اسمَ قبيلة فعربي؛ قال عَدِيّ بن الرِّقَاع
يمدح الوليد بن عبد الملك:
غَلَبَ المَسامِيحَ الوليدُ سَماحةً،
وكَفى قُرَيشَ المُعْضِلاتِ وسادها
وإِذا نَشَرْت له الثناءَ، وجَدْتَه
وَرِثَ المَكارِمَ طُرْفَها وتِلادَها
المَسامِيحُ: جمعُ مِسْماحٍ، وهو الكثيرُ السماحة. والمُعْضِلاتُ:
الأُمورُ الشِّدادُ؛ يقول: إِذا نزل بهم مُعْضِلة وأَمْرٌ فيه شدَةٌ قام بدفع
ما يكرهون عنهم، ويروى: جَمَعَ المكارم. وقوله: طُرْفَها أَراد طُرُفها،
بضم الراء. فأَسْكن الراء تخفيفاً وإِقامةً للوزن، وهو جمعُ طَريفٍ، وهو
ما اسْتَحْدَثَه من المال، والتلادُ ما وَرِثَه وهو المال القديم
فاستعاره للكرَمِ؛ قال ابن بري: ومن المُسْتَحْسَن له في هذه القصيدة ولم يُسْبق
إِليه في صفة ولد الظبية:
تُزْجي أَغَنَّ، كأَنَّ إِبرةَ رَوْقِهِ
قَلَمٌ أَصابَ من الدَّواةِ مِدادَها
قال ابن سيده: وقوله:
وجاءت من أَباطِحِها قُرَيشٌ،
كَسَيل أَتِيِّ بِيشةَ حينَ سالا
قال: عندي أَنه أَراد قرَيشُ غير مصروف لأَنه عَنى القبيلة، اَلا تراه
قال جاءت فأَنث؟ قال: وقد يجوز أَن يكون أَراد: وجاءت من أَباطحها جماعة
قُرَيشٍ فأَسند الفعل إِلى الجماعة، فقُريشٌ على هذا مذكرٌ اسمٌ للحيّ؛
قال الجوهري: إِن أَردت بقُرَيش الحيَّ صرفْتَه، وإِن أَردت به القبيلةَ لم
تصرفه، والنسب إِليه قُرَشِيّ نادر، وقُرَيْشِيٌّ على القياس؛ قال:
ولسْتُ بِشاوِيٍّ عليه دَمامةٌ،
إِذا ما غَدا يَغْدُو بِقَوْسٍ وأَسْهُمِ
ولكنَّما أَغْدُو عَلَيَّ مُفاضةٌ،
دِلاصٌ كأَعْيانِ الجرادِ المُنَظَّم
بكلّ قُرَيْشِيٍّ، عليه مَهابةٌ،
سَريعٍ إِلى داعي النَّدى والتكرُّم
قال ابن بري: هذه الثلاثة أَبياتُ الكتابِ، فالأَول فيه شاهدٌ على قولهم
شاويّ في النسب إلى الشاء، والثاني فيه شاهد على جمع عَيْنٍ على
أَعْيانٍ، والثالث فيه شاهد علو قولهم قُرَيْشِيّ بإِثبات الياء في النسب إِلى
قُرَيش؛ معناه أَني لست بصاحب شاءٍ يَغْدُو معها إِلى المَرْعى معه قوسٌ
وأَسْهُمُ يرمي الذئابَ إِذا عَرَضَت للغنم، وإِنما أَغْدُو في كلب
الفُرْسان وعَليَّ دِرْعٌ مُفاضةٌ وهي السابِغةُ والدِّلاصِ البَرّاقةُ،
وشَبَّهَ رُؤوسَ مساميرِ الدرْع بعُيون الجراد. والمُنَظّم: الذي يتلو بعضُه
بعضاً. وفي التهذيب: إِذا نسَبوا إِلى قُرَيشٍ قالوا: قُرَشِيّ، بحذف
الزيادة، قال: وللشاعر إِذا اضطر أَن يقول قُرَيْشِيّ.
والقرشية: حنْطةٌ صُلْبة في الطَّحْن خَشِنةُ الدقيقِ وسَفاها أَسْوَدُ
وسنبلتها عظيمة.
أَبو عمرو: القِرْواشُ والحَضِرُ والطُّفَيْليّ وهو الواغِلُ
والشَّوْلَقِيّ. ومُقارِشٌ وقِرْواشٌ: اسمان.
قمص: القميص الذي يلبس معروف مذكر، وقد يُعْنى به الدرع فيؤنث؛ وأَنثه
جرير حين أَراد به الدرع فقال:
تَدْعُو هوازنَ والقميصُ مُفاضةٌ،
تَحْتَ النّطاقِ، تُشَدُّ بالأَزرار
والجمع أَقْمِصةَ وقُمُصٌ وقُمْصانٌ. وقَمَّص الثوبَ: قَطَعَ منه
قميصاً؛ عن اللحياني. وتَقَمَّصَ قميصَه: لَبسه، وإِنه لَحَسن الْقِمْصة؛ عن
اللحياني. ويقال: قَمَّصْتُهُ تقميصاً أَي أَلبستُه فتَقَمَّص أَي لَبِس.
وروى ابن الأَعرابي عن عثمان أَن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، قال له:
إِن اللّه سَيُقَمِّصُك قميصاً وإِنك سَتُلاصُ على خَلْعِهِ فإِياك
وخَلْعَه، قال: أَراد بالقميص الخلافة في هذا الحديث وهو من أَحسن الاستعارات.
وفي حديث المَرْجُوم: إِنه يَتَقَمَّص في أَنهار الجنة أَي يَتَقَلَّب
ويَنْغَمِس، ويروى بالسين، وقد تقدم. والقميص: غِلاف القلب. قال ابن سيده:
وقَمِيصُ القلب شحمه أُراه على التشبيه.
والقِماص: أَن لا يَسْتَقر في موضع تراه يَقْمِصُ فيَثِب من مكانه من
غير صبر. ويقال للقَلِقِ: قد أَخذه القِماص. والقَماص والقُماص: الوثب،
قمَصَ يَقْمُص ويَقْمِص قُماصاً وقِماصاً. وفي المثل: أَفلا قِماص بالبعير؛
حكاه سيبويه، وهو القِمِصَّى أَيضاً؛ عن كراع.
وقَمَص الفرسُ وغيرُه يقمُص ويقمِص قَمْصاً وقِماصاً أَي اسْتَنَّ وهو
أَن يرفع يديه ويطرحهما معاً ويَعْجِنَ برجليه. يقال: هذه دابة فيها
قِماص، ولا تقل قُماص، وقد ورد المثل المتقدم على غير ذلك فقيل: ما بالعَيْر
من قِماص، وهو الحِمار؛ يُضْرَب لمن ذَلّ بعد عز. والقَمِيص: البِرْذَوْن
الكثير القِماصِ والقُماص، والضم أَفصح. وفي حديث عمر: فَقَمَص منها
قَمْصاً أَي نَفَر وأَعرض. وفي حديث عليّ: أَنه قَضَى في القارِصَة
والقامِصَة والواقِصَة بالدية أَثلاثاً؛ القامِصَة النافِرَة الضاربة برجلها، وقد
ذكر في قرص. ومنه حديث الآخر: قَمَصَت بأَرْجُلِها وقنصت بأَحْبُلها. وفي
حديث أَبي هريرة: لتَقْمِصَنَّ بكم الأَرضَ قُماص البَقَر، يعني
الزلزلة. وفي حديث سليمان ابن يسار: فقَمَصَت به فصرَعَتْه أَي وثَبَت ونَفَرَت
فأَلْقَتْه. ويقال للفرس: إِنه لقامِص العُرْقُوب، وذلك إِذا شَنِج
نَساهُ فَقَمَصَتْ رِجْلُه. وقَمَصَ البَحْرُ بالسفينة إِذا حرَّكها
بالموج.ويقال للكذاب: إِنه لَقَموص الحَنْجَرَة؛ حكاه يعقوب عن كراع.
والقَمَص: ذُبابٌ صِغار يَطير فوق الماء، واحدته قمَصَة. والقَمَصُ:
الجَراد أَوَّلَ ما تَخْرُجُ من بيضه، واحدته قمَصَة.
قرم: القَرَمُ، بالتحريك: شدّة الشهوة إِلى اللحم، قَرِمَ إِلى اللحم،
وفي المحكم: قَرِمَ يَقْرَم قَرَماً، فهو قَرِمٌ: اشتهاه، ثم كثر حتى
قالوا مثلاً بذلك: قَرِمْتُ إِلى لقائك. وفي الحديث: كان يتعوّذ من القَرَم،
وهو شدة شهوة اللحم حتى لا يُصبَر عنه. يقال: قَرِمت إِلى اللحم. وحكى
بعضهم فيه: قَرِمْتُه. وفي حديث الضحية: هذا يومٌ اللحمُ فيه مَقْروم، قال:
هكذا جاء في رواية، وقيل: تقديره مَقْرومٌ إِليه فحذف الجارّ. وفي حديث
جابر: قَرِمنا إِلى اللحم فاشتريت بدرهم لحماً.
والقَرْمُ: الفحل الذي يترك من الركوب والعمل ويُودَع للفِحْلة، والجمع
قُروم؛ قال:
يا ابْن قُروم لَسْنَ بالأَحْفاضِ
وقيل: هو الذي لم يمسه الحَبْل. والأَقْرَمُ: كالقَرْم. وأَقْرَمه:
جَعله قَرْماً وأَكرمه عن المهْنة، فهو مُقْرَم، ومنه قيل للسيد قَرْمٌ
مُقْرَم تشبيهاً بذلك. قال الجوهري: وأَما الذي في الحديث: كالبعير
الأَقْرَم، فلغة مجهولة. واسْتَقرم البَكرُ قبل أَناه، وفي المحكم: واستقرم البكر
صار قَرْماً. والقَرْمُ من الرجال: السيد المعظم، على المثل بذلك. وفي
حديث علي، عليه السلام: أَنا أَبو حسن القَرْم أَي المُقْرَم في الرأْي؛
والقَرْم: فحل الإِبل، أَي أَنا فيهم بمنزلة الفحل في الإِبل؛ قال ابن
الأَثير: قال الخطابي وأَكثر الروايات القوم، بالواو، قال: ولا معنى له
وإِنما هو بالراء أَي المقدَّم في المعرفة وتَجارِب الأُمور. ابن السكيت:
أَقْرَمْتُ الفحل، فهو مُقْرَم، وهو أَن يُودَع للفحلة من الحمل والركوب،
وهو القَرْم أَيضاً. وفي حديث رواه دُكَين بن سعيد قال: أَمر النبي، صلى
الله عليه وسلم، عمر أَن يُزوِّد النُّعمان بن مُقرِّن المُزَني وأَصحابه
ففتح غُرفة له فيها تمر كالبعير الأَقْرَمِ؛ قال أَبو عبيد: قال أَبو عمرو
لا أَعرف الأَقرم ولكني أَعرف المُقْرَم، وهو البعير المُكْرَم الذي لا
يحمل عليه ولا يذلل، ولكن يكون للفحلة والضراب، قال: وإِنما سمي السيد
الرئيس من الرجال المُقْرَم لأَنه شبه بالمُقْرَم من الإِبل لعِظَم شأْنه
وكَرَمه عندهم؛ قال أَوس:
إِذا مُقْرَمٌ مِنَّا ذرا حَدُّ نابِه،
تَخَمَّطَ فِينا نابُ آخَرَ مُقْرَم
أَراد: إِذا هلَك منا سيد خلفه آخر. قال الزمخشري: قَرِمَ البعير، فهو
قَرِمٌ إِذا اسْتَقْرَمَ أَي صار قَرْماً. وقد أَقرَمَه صاحبه، فهو
مُقْرَم إِذا تركه للفِحْلة، وفَعِلَ وأَفْعَلَ يلتقيان كوَجِلَ وأَوْجَلَ
وتَبِعَ وأَتْبَع في الفعل، وخَشِنٍ وأَخْشَنَ وكَدِرٍ وأَكْدَرَ في الاسم،
قال: وأَما المَقْرُوم من الإِبل فهو الذي به قُرْمةٌ، وهي سِمةٌ تكون فوق
الأَنف تُسلخ منها جِلدة ثم تُجمع فوق أَنفه فتلك القُرمة؛ يقال منه:
قَرَمْتُ البعير أَقْرِمُه. ويقال للقُرْمة أَيضاً القِرام، ومثله في
الجسد الجُرْفة. الليث: هي القُرْمة والقَرْمة لغتان، وتلك الجلدة التي
قطعْتَها هي القُرامة، وربما قَرَمُوا من كِرْكِرَته وأُذنه قُرامات
يُتَبَلَّغ بها في القحط. المحكم: وقَرَمَ البعيرَ يَقْرِمه قَرْماً قطع من أَنفه
جلدة لا تبين وجَمعَها عليه للسِّمة، واسم ذلك الموضع القِرام والقُرْمة
وقيل: القُرْمة اسم ذلك الفعل. والقَرْمة والقُرامة: الجلدة المقطوعة
منه، فإِن كان مثلُ
ذلك الوسْم في الجسم بعد الأُذن والعنق فهي الجُرْفة. وناقة قَرْماء:
بها قَرْم في أَنفها؛ عن ابن الأَعرابي. ابن الأَعرابي: في السِّمات
القَرْمة، وهي سِمة على الأَنف ليست بحَزٍّ، ولكنها جَرْفة للجلد ثم يترك
كالبعرة، فإِذا حُزَّ الأَنف حَزّاً فذلك الفَقْر. يقال: بعير مَفْقُور
ومَقْرُوم ومَجْرُوف؛ ومنه ابن مَقْرُومٍ الشاعر. وقَرَمَ الشيءَ قَرْماً:
قَشَره. والقُرامة من الخبز: ما تقشَّر منه، وقيل: ما يَلتزِق منه في التنور،
وكل ما قَشَرْته عن الخبز فهو القُرامة. وما في حَسَبِه قُرامة أَي
وَصْم، وهما العيب. وقَرَمَه قَرْماً: عابَه. والقَرْمُ: الأَكل ما كان. ابن
السكيت: قَرَم يَقْرِم قَرْماً إِذا أَكل أَكلاً ضعيفاً. ويقال: هو
يَتَقَرَّمُ تَقَرُّم البَهْمة. وقَرَمَتِ البَهمة تَقْرِم قَرْماً وقُروماً
وقَرَماناً وتَقرَّمت: وذلك في أَول ما تأْكل، وهو أدنى التناوُل، وكذلك
الفَصيل والصبي في أَول أَكله. وقَرَّمه هو: علَّمه ذلك؛ ومنه قول
الأَعرابية ليعقوب تذكر له تَرْبِية البَهْم: ونحن في كل ذلك نُقَرِّمه ونعلمه.
أَبو زيد: يقال للصبي أَوّل ما يأْكل قد قَرَم يَقْرِم قَرْماً
وقُروماً. الفراء: السخلة تَقْرِم قَرْماً إِذا تعلمت الأَكل؛ قال عدي:
فَظِباءُ الرَّوْضِ يَقْرِمْنَ الثَّمَرْ
ويقال: قرَم الصبيُّ والبَهْمُ قَرْماً وقُروماً، وهو أَكل ضعيف في أَول
ما يأْكل، وتَقَرَّم مثله. وقَرَّمَ القِدْحَ: عَجَمَه؛ قال:
خَرَجْنَ حَرِيراتٍ وأَبْدَيْنَ ِمجْلَداً، ودارَتْ عليهن المُقَرَّمةُ
الصُّفْر
يعني أَنهن سُبِين واقْتُسمن بالقِداح التي هي صفتها، وأَراد مَجالِد
فَوضع الواحد موضع الجمع.
والقِرامُ: ثوب من صوف ملوّن فيه أَلوان من العِهن، وهو صفيق يتخذ
سِتراً، وقيل: هو الستر الرقيق، والجمع قُرُم، وهو المِقْرَمة، وقيل:
المِقْرمةُ مَحْبِس الفِراش. وقَرَّمَه بالمِقْرمة: حبسَه بها. والقِرام: ستر فيه
رَقْم ونقُوش، وكذلك المِقْرَمُ والمِقْرَمة؛ وقال يصف داراً:
على ظَهْرِ جَرْعاء العَجُوز، كأَنهَّا
دَوائِرُ رَقْمٍ في سَراةِ قِرامِ
وفي حديث عائشة: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، دخل عليها وعلى الباب
قِرامٌ فيه تَماثِيلُ، وفي رواية: وعلى الباب قِرامٌ سِترٍ؛ هو الستر
الرقيق فإِذا خيط فصار كالبيت فهو كِلَّةٌ؛ وأَنشد بيت لبيد يصف الهودج:
مِنْ كلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّه
زَوْجٌ، عليه كِلَّةٌ وقِرامُها
وقيل: القِرام ثوب من صوف غليظ جدّاً يُفرش في الهودج ثم يجعل في قواعد
الهودج أَو الغَبِيط، وقيل: هو الصَّفِيق من صوف ذي أَلوان، والإِضافة
فيه كقولك ثوبُ قميصٍ، وقيل: القِرام الستر الرقِيقُ وراء الستر الغليظ،
ولذلك أَضاف؛ وقوله في حديث الأَحنف بلغه أَن رجلاً يغتابه فقال:
عُثَيْثةٌ تَقْرِمُ جِلْداً أَمْلَسا
أَي تَقْرِض، وقد ذكرته في موضعه.
والقَرْمُ: ضرب من الشجر؛ حكاه ابن دريد، قال: ولا أَدري أَعربي هو أَم
دخيل. وقال أَبو حنيفة: القُرْم، بالضم، شجر ينبت في جَوف ماء البحر، وهو
يشبه شجر الدُّلْب في غِلَظِ سُوقه وبياض قشره، وورقه مثل ورق اللوز
والأَراك، وثمرُه مثل ثمر الصَّوْمَر، وماء البحر عدوّ كل شيء من الشجر
إِلاَّ القُرْم والكَنْدَلى، فإِنهما ينبتان به.
وقارِمٌ ومَقْرُومٌ وقُرَيْمٌ: أَسماء. وبنو قُرَيْمٍ: حي. وقَرْمانُ:
موضع، وكذلك قَرَماء؛ أَنشد سيبويه:
علا قَرَماءَ عالِيةً شَواه،
كأَنَّ بَياضَ غُرَّتِه خِمارُ
قيل: هي عَقَبة، وقد ذكر ذلك في فرم مستوفى. وقال ابن الأَعرابي: هي
قَرْماء بسكون الراء، وكذلك أَنشد البيت على قرْماء ساكنة وقال: هي أَكَمة
معروفة، قال: وقيل قَرْماء هنا ناقة بها قَرْمٌ في أَنفها أَي وَسْم، قال:
ولا أَدري وجهه ولا يعطيه معنى البيت. ابن الأَنباري في كتاب المقصور
والممدود: جاء على فَعَلاء يقال له سَحَناء أَي هَيئة، وله ثَأَداءُ أَي
أَمَة، وقَرَماء اسم أَرض، وأَنشد البيت وقال: كتبت عنه بالقاف، وكان عندنا
فَرَماء لأَرض بمصر، قال: فلا أَدري قَرَماء أَرض بنجد وفَرَماء بمصر.
ومَقْرُوم: اسم جبل؛ وروي بيت رؤبة:
ورَعْنِ مَقْرُومٍ تَسامى أَرَمُهْ
والقَرَمُ: الجِداء الصغار. والقَرَمُ: صِغار الإِبل، والقَزَمُ،
بالزاي: صغار الغنم وهي الحَذَف.
قيظ: القَيْظُ: صَمِيمُ الصيْف، وهو حاقُّ الصيف، وهو من طلوع النجم
إِلى طلوع سهيل، أَعني بالنجم الثريَّا، والجمع أَقْياظٌ وقُيوظٌ.
وعامَله مُقايَظةً وقُيوظاً أَي لزمن القيظ؛ الأَخيرة غريبة، وكذلك
استأْجره مُقايَظة وقِياظاً؛ وقول امرئ القيس أَنشده أَبو حنيفة:
قايَظْنَنا يأْكلن فينا
قُدّاً، ومَحْرُوتَ الجمال
(* القدّ: بالضم: السمك البحري. المحروت: نبات. وقد ورد هذا البيت في
مادة حرت وفيه القِد بكسر القاف وهو الشيء المقدود أَو القديد، وفيه الخمال
بدل الجمال، ولعل الخمال جمع لخميلة على غير القياس.)
إِنما أَراد قِظْنَ معنا. وقولهم اجتمع القَيْظُ إِنما هو على سعة
الكلام، وحقيقته: اجتمع الناس في القيظ فحذفوا إِيجازاً واخْتصاراً، ولأَن
المعنى قد عُلم، وهو نحو قولهم اجتمعت اليمامةُ يريدون أَهل اليمامة.
وقد قاظ يومُنا: اشتد حَرُّه؛ وقِظْنا بمكان كذا وكذا وقاظوا بموضع كذا،
وقيَّظُوا واقتاظوا: أَقاموا زمن قيظهم؛ قال تَوْبةُ بن الحُمَيِّر:
تَرَبَّعُ لَيْلَى بالمُضَيَّحِ فالحِمَى،
وتَقْتاظُ من بَطْنِ العَقِيقِ السَّواقِيا
واسم ذلك الموضع: المَقِيظُ والمَقْيَظُ. وقال ابن الأَعرابي: لا
مَقِيظَ بأَرض لا بُهْمَى فيها أَي لا مَرْعى في القيظ. والمَقِيظُ والمَصِيفُ
واحد. ومَقِيظ القوم: الموضعُ الذي يقام فيه وقتَ القَيْظِ، ومَصِيفُهم:
الموضعُ الذي يقام فيه وقتَ الصيف. قال الأَزهري: العرب تقول: السنة
أَربعة أَزمان، ولكل زمن منها ثلاثة أَشهر، وهي فصول السنة: منها فصل الصيف
وهو فصلُ ربيع الكَلإِ آذارُ ونَيْسانُ وأَيّارُ، ثم بعده فصل القيظ
حَزِيرانُ وتَموزُ وآب، ثم بعده فصل الخريف أَيْلُولُ وتَشْرِين وتَشْرين، ثم
بعده فصل الشتاء كانُونُ وكانونُ وسُباطُ.
وقَيَّظَني الشيءُ: كفاني لِقَيْظَتي. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه،
أَنه قال حين أَمره النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، بتزويد وفْد مُزَينةَ: ما
هي إِلا أَصْوُعٌ ما يُقَيِّظْن بَنِيَّ، يعني أَنه لا يكفيهم لقيْظهم
يعني زمان شدّة الحر. والقيظُ: حَمَارَّةُ الصيف؛ يقال: قيَّظني هذا
الطعام وهذا الثوب وهذا الشيء، وشَتّاني وصَيَّفَني أَي كفاني لقيظي؛ وأَنشد
الكسائي:
مَنْ يكُ ذا بَتٍّ، فهذا بَتِّي
مُقَيِّظٌ مُصَيِّفٌ مُشَتِّي
تَخِذْتُه من نعَجاتٍ سِتِّ
سُودٍ، نِعاجٍ كنِعاجِ الدَّشْتِ
يقول: يكفيني القَيْظَ والصَّيفَ والشتاءَ، وقاظَ بالمكان وتَقَيَّظَ به
إِذا أَقام به في الصيف؛ قال الأَعشى:
يا رَخَماً قاظَ على مَطْلوبِ،
يُعْجِلُ كَفَّ الخارِئ المُطِيبِ
وفي الحديث: سِرنا مع رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، في يوم قائظ
أَي شدِيدِ الحرّ. وفي حديث أَشراط الساعة: أَن يكون الولد غَيْظاً والمطر
قَيْظاً، لأَن المطر إَنما يُراد للنبات وبَرْدِ الهواء والقيظُ ضدّ
ذلك.وفي الحديث ذكر قَيْظ، بفتح القاف، موضع بقُرب مكة على أَربعة أَميال من
نخلة.
والمَقِيظةُ: نبات يبقى أَخْضَرَ إِلى القيظ يكون عُلْقةً للإِبل إِذا
يَبِس ما سواه. والمَقِيظةُ من النبات: الذي تدُوم خُضرته إِلى آخِرِ
القَيْظ، وإِن هاجت الأَرض وجَفَّ البَقل.
رجل: الرَّجُل: معروف الذكرُ من نوع الإِنسان خلاف المرأَة، وقيل: إِنما
يكون رَجلاً فوق الغلام، وذلك إِذا احتلم وشَبَّ، وقيل: هو رَجُل ساعة
تَلِدُه أُمُّه إِلى ما بعد ذلك، وتصغيره رُجَيْل ورُوَيْجِل، على غير
قياس؛ حكاه سيبويه. التهذيب: تصغير الرجل رُجَيْل، وعامَّتهم يقولون
رُوَيْجِل صِدْق ورُوَيْجِل سُوء على غير قياس، يرجعون إِلى الراجل لأَن اشتقاقه
منه، كما أَن العَجِل من العاجل والحَذِر من الحاذِر، والجمع رِجال. وفي
التنزيل العزيز: واسْتَشْهِدوا شَهِيدَين من رِجالكم؛ أَراد من أَهل
مِلَّتكم، ورِجالاتٌ جمع الجمع؛ قال سيبويه: ولم يكسر على بناء من أَبنية
أَدْنى العدد يعني أَنهم لم يقولوا أَرْجال؛ قال سيبويه: وقالوا ثلاثةُ
رَجْلةٍ جعلوه بدلاً من أَرْجال، ونظيره ثلاثة أَشياء جعلوا لَفْعاء بدلاً
من أَفعال، قال: وحكى أَبو زيد في جمعه رَجِلة، وهو أَيضاً اسم الجمع لأَن
فَعِلة ليست من أَبنية الجموع، وذهب أَبو العباس إِلى أَن رَجْلة مخفف
عنه. ابن جني: ويقال لهم المَرْجَل والأُنثى رَجُلة؛ قال:
كلُّ جار ظَلَّ مُغْتَبِطاً،
غيرَ جيران بني جَبَله
خَرَقُوا جَيْبَ فَتاتِهم،
لم يُبالوا حُرْمَة الرَّجُله
عَنى بجَيْبِها هَنَها وحكى ابن الأَعرابي: أَن أَبا زياد الكلابي قال
في حديث له مع امرأَته: فَتَهايَجَ الرَّجُلانِ يعني نفسه وامرأَته، كأَنه
أَراد فَتَهايَجَ الرَّجُلُ والرَّجُلة فغَلَّب المذكر.
وتَرَجَّلَتِ المرأَةُ: صارت كالرَّجُل. وفي الحديث: كانت عائشة، رضي
الله عنها، رَجُلة الرأْي؛ قال الجوهري في جمع الرَّجُل أَراجل؛ قال أَبو
ذؤيب:
أَهَمَّ بَنِيهِ صَيْفُهُم وشِتاؤهم،
وقالوا: تَعَدَّ واغْزُ وَسْطَ الأَراجِل
يقول: أَهَمَّهم نفقةُ صيفهم وشتائهم وقالوا لأَبيهم: تعدَّ أَي انصرف
عنا؛ قال ابن بري: الأَراجل هنا جمع أَرجال، وأَرجال جمع راجل، مثل صاحب
وأَصحاب وأَصاحيب إِلا أَنه حذف الياء من الأَراجيل لضرورة الشعر؛ قال
أَبو المُثَلَّم الهذلي:
يا صَخْرُ ورّاد ماء قد تتابَعَه
سَوْمُ الأَراجِيل، حَتَّى ماؤه طَحِل
وقال آخر:
كأَن رَحْلي على حَقْباء قارِبة
أَحْمى عليها أَبانَيْنِ الأَراجيل
أَبانانِ: جَبَلانِ؛ وقال أَبو الأَسود الدؤلي:
كأَنَّ مَصاماتِ الأُسود ببَطْنه
مَراغٌ، وآثارُ الأَراجِيلِ مَلْعَب
وفي قَصِيد كعب بن زهير:
تَظَلُّ منه سِباعُ الجَوِّ ضامزةً،
ولا تَمَشَّى بِواديه الأَراجِيلُ
وقال كثير في الأَراجل:
له، بجَبُوبِ القادِسِيَّة فالشَّبا،
مواطنُ، لا تَمْشي بهنَّ الأَراجلُ
قال: ويَدُلُّك على أَن الأَراجل في بيت أَبي ذؤيب جمع أَرجال أَن أَهل
اللغة قالوا في بيت أَبي المثلم الأَراجيل هم الرَّجَّالة وسَوْمُهم
مَرُّهُم، قال: وقد يجمع رَجُل أَيضاً على رَجْلة. ابن سيده: وقد يكون
الرَّجُل صفة يعني بذلك الشدّة والكمال؛ قال: وعلى ذلك أَجاز سيبويه الجر في
قولهم مررت برَجُلٍ رَجُلٍ أَبوه، والأَكثر الرفع؛ وقال في موضع آخر: إِذا
قلت هذا الرَّجُل فقد يجوز أَن تعْني كماله وأَن تريد كل رَجُل تكلَّم
ومشى على رِجْلَيْن، فهو رَجُل، لا تريد غير ذلك المعنى، وذهب سيبويه إِلى
أَن معنى قولك هذا زيد هذا الرَّجُل الذي من شأْنه كذا، ولذلك قال في
موضع آخر حين ذكر ابن الصَّعِق وابن كُرَاع: وليس هذا بمنزلة زيد وعمرو من
قِبَل أَن هذه أَعلام جَمَعَت ما ذكرنا من التطويل فحذفوا، ولذلك قال
الفارسي: إِن التسمية اختصار جُمْلة أَو جُمَل. غيره: وفي معنى تقول هذا رجل
كامل وهذا رجل أَي فوق الغلام، وتقول: هذا رَجُلٌ أَي راجل، وفي هذا
المعنى للمرأَة: هي رَجُلة أَي راجلة؛ وأَنشد:
فإِن يك قولُهمُ صادقاً،
فَسِيقَتْ نسائي إِليكم رِجَالا
أَي رواجلَ. والرُّجْلة، بالضم: مصدر الرَّجُل والرَّاجِل والأَرْجَل.
يقال: رَجُل جَيِّد الرُّجلة، ورَجُلٌ بيِّن الرُّجولة والرُّجْلة
والرُّجْليَّة والرُّجوليَّة؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، وهي من المصادر التي
لا أَفعال لها. وهذا أَرْجَل الرَّجُلين أَي أَشدُّهُما، أَو فيه
رُجْلِيَّة ليست في الآخر؛ قال ابن سيده: وأُراه من باب أَحْنَك الشاتين أَي أَنه
لا فعل له وإِنما جاء فعل التعجب من غير فعل. وحكى الفارسي: امرأَة
مُرْجِلٌ تلد الرِّجال، وإِنما المشهور مُذْكِر، وقالوا: ما أَدري أَيُّ ولد
الرجل هو، يعني آدم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام. وبُرْدٌ مُرَجَّلٌ:
فيه صُوَر كَصُوَر الرجال. وفي الحديث: أَنه لعن المُتَرَجِّلات من
النساء، يعني اللاتي يتشبهن بالرجال في زِيِّهِم وهيآتهم، فأَما في العلم
والرأْي فمحمود، وفي رواية: لَعَنَ الله الرَّجُلة من النساء، بمعنى
المترجِّلة. ويقال: امرأَة رَجُلة إِذا تشبهت بالرجال في الرأْي
والمعرفة.والرِّجْل: قَدَم الإِنسان وغيره؛ قال أَبو إِسحق: والرَّجْل من أَصل
الفخذ إِلى القدم، أُنْثى. وقولهم في المثل: لا تَمْشِ برِجْلِ من أَبى،
كقولهم لا يُرَحِّل رَحْلَك من ليس معك؛ وقوله:
ولا يُدْرِك الحاجاتِ، من حيث تُبْتَغَى
من الناس، إِلا المُصْبِحون على رِجْل
يقول: إِنما يَقْضِيها المُشَمِّرون القِيام، لا المُتَزَمِّلون
النِّيام؛ فأَما قوله:
أَرَتْنيَ حِجْلاً على ساقها،
فَهَشَّ الفؤادُ لذاك الحِجِلْ
فقلت، ولم أُخْفِ عن صاحبي:
أَلابي أَنا أَصلُ تلك الرِّجِلْ
(* قوله «ألابي أنا» هكذا في الأصل، وفي المحكم: ألائي، وعلى الهمزة
فتحة).
فإِنه أَراد الرِّجْل والحِجْل، فأَلقى حركة اللام على الجيم؛ قال: وليس
هذا وضعاً لأَن فِعِلاً لم يأْت إِلا في قولهم إِبِل وإِطِل، وقد تقدم،
والجمع أَرْجُل، قال سيبويه: لا نعلمه كُسِّر على غير ذلك؛ قال ابن جني:
استغنوا فيه بجمع القلة عن جمع الكثرة. وقوله تعالى: ولا يَضْرِبْن
بأَرْجُلِهن ليُعْلَم ما يُخْفِين من زينتهن؛ قال الزجاج: كانت المرأَة ربما
اجتازت وفي رجلها الخَلْخال، وربما كان فيه الجَلاجِل، فإِذا ضَرَبت
برِجْلها عُلِم أَنها ذات خَلْخال وزينة، فنُهِي عنه لما فيه من تحريك الشهوة،
كما أُمِرْن أَن لا يُبْدِين ذلك لأَن إِسماع صوته بمنزلة إِبدائه. ورجل
أَرْجَل: عظيم الرِّجْل، وقد رَجِل، وأَرْكبُ عظيم الرُّكْبة، وأَرْأَس
عظيم الرأْس. ورَجَله يَرْجله رَجْلاً: أَصاب رِجْله، وحكى الفارسي رَجِل
في هذا المعنى. أَبو عمرو: ارْتَجَلْت الرَّجُلَ إِذا أَخذته برِجْله.
والرُّجْلة: أَن يشكو رِجْله. وفي حديث الجلوس في الصلاة: إِنه لجَفاء
بالرَّجُل أَي بالمصلي نفسه، ويروى بكسر الراء وسكون الجيم، يريد جلوسه على
رِجْله في الصلاة.
والرَّجَل، بالتحريك: مصدر قولك رَجِلَ، بالكسر، أَي بقي راجلاً؛
وأَرْجَله غيره وأَرْجَله أَيضاً: بمعنى أَمهله، وقد يأْتي رَجُلٌ بمعنى راجل؛
قال الزِّبْرِقان بن بدر:
آليت لله حَجًّا حافياً رَجُلاً،
إِن جاوز النَّخْل يمشي، وهو مندفع
ومثله ليحيى بن وائل وأَدرك قَطَريّ
بن الفُجاءة الخارجي أَحد بني مازن حارثي:
أَمَا أُقاتِل عن دِيني على فرس،
ولا كذا رَجُلاً إِلا بأَصحاب
لقد لَقِيت إِذاً شرّاً، وأَدركني
ما كنت أَرْغَم في جسمي من العاب
قال أَبو حاتم: أَما مخفف الميم مفتوح الأَلف، وقوله رجلاً أَي راجلاً
كما تقول العرب جاءنا فلان حافياً رَجُلاً أَي راجلاً، كأَنه قال أَما
أُقاتل فارساً ولا راجلاً إِلا ومعي أَصحابي، لقد لقيت إِذاً شَرًّا إِن لم
أُقاتل وحدي؛ وأَبو زيد مثله وزاد: ولا كذا أُقاتل راجلاً، فقال: إِنه
خرج يقاتل السلطان فقيل له أَتخرج راجلاً تقاتل؟ فقال البيت؛ وقال ابن
الأَعرابي: قوله ولا كذا أَي ما ترى رجلاً كذا؛ وقال المفضل: أَما خفيفة
بمنزلة أَلا، وأَلا تنبيه يكون بعدها أَمر أَو نهي أَو إِخبار، فالذي بعد
أَما هنا إِخبار كأَنه قال: أَما أُقاتل فارساً وراجلاً. وقال أَبو علي في
الحجة بعد أَن حكى عن أَبي زيد ما تقدم: فَرجُلٌ على ما حكاه أَبو زيد
صفة، ومثله نَدُسٌ وفَطُنٌ وحَذْرٌ وأَحرف نحوها، ومعنى البيت كأَنه يقول:
اعلموا أَني أُقاتل عن ديني وعن حَسَبي وليس تحتي فرس ولا معي أَصحاب.
ورَجِلَ الرَّجُلُ رَجَلاً، فهو راجل ورَجُل ورَجِلٌ ورَجِيلٌ ورَجْلٌ
ورَجْلان؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ إِذا لم يكن له ظهر في سفر يركبه؛
وأَنشد ابن الأَعرابي:
عَلَيّ، إِذا لاقيت لَيْلى بخلوة،
أَنَ آزدار بَيْتَ الله رَجْلانَ حافيا
والجمع رِجَالٌ ورَجَّالة ورُجَّال ورُجَالى ورُجَّالى ورَجَالى
ورُجْلان ورَجْلة ورِجْلة ورِجَلة وأَرْجِلة وأَراجل وأَراجيل؛ وأَنشد لأَبي
ذؤيب:
واغُزُ وَسْط الأَراجل
قال ابن جني: فيجوز أَن يكون أَراجل جمع أَرْجِلة، وأَرْجِلة جمع رِجال،
ورجال جمع راجل كما تقدم؛ وقد أَجاز أَبو إِسحق في قوله:
في ليلة من جُمادى ذات أَنديةٍ
أَن يكون كَسَّر نَدًى على نِداء كجَمَل وجِمال، ثم كَسَّر نِداء على
أَندِية كرِداء وأَرْدِية، قال: فكذلك يكون هذا؛ والرَّجْل اسم للجمع عند
سيبويه وجمع عند أَبي الحسن، ورجح الفارسي قول سيبويه وقال: لو كان جمعاً
ثم صُغِّر لرُدَّ إِلى واحده ثم جُمِع ونحن نجده مصغراً على لفظه؛
وأَنشد:بَنَيْتُه بعُصْبةٍ من ماليا،
أَخشى رُكَيْباً ورُجَيْلاً عاديا
وأَنشد:
وأَيْنَ رُكَيْبٌ واضعون رِحالهم
إِلى أَهل بيتٍ من مقامة أَهْوَدا؟
ويروى: من بُيُوت بأَسودا؛ وأَنشد الأَزهري:
وظَهْر تَنُوفةٍ حَدْباء تمشي،
بها، الرُّجَّالُ خائفةً سِراعا
قال: وقد جاء في الشعر الرَّجْلة، وقال تميم بن أَبي
(* قوله «تميم بن
أبي» هكذا في الأصل وفي شرح القاموس. واأنشده الأزهري لأبي مقبل، وفي
التكملة: قال ابن مقبل) :
ورَجْلة يضربون البَيْضَ عن عُرُض
قال أَبو عمرو: الرَّجْلة الرَّجَّالة في هذا البيت، وليس في الكلام
فَعْلة جاء جمعاً غير رَجْلة جمع راجل وكَمْأَة جمع كَمْءٍ؛ وفي التهذيب:
ويجمع رَجاجِيلَ.
والرَّجْلان أَيْضاً: الراجل، والجمع رَجْلى ورِجال مثل عَجْلان وعَجْلى
وعِجال، قال: ويقال رَجِلٌ ورَجالى مثل عَجِل وعَجالى. وامرأَة رَجْلى:
مثل عَجْلى، ونسوة رِجالٌ: مثل عِجال، ورَجالى مثل عجالى. قال ابن بري:
قال ابن جني راجل ورُجْلان، بضم الراء؛ قال الراجز:
ومَرْكَبٍ يَخْلِطني بالرُّكْبان،
يَقي به اللهُ أَذاةَ الرُّجْلان
ورُجَّال أَيضاً، وقد حكي أَنها قراءة عبد الله في سورة الحج وبالتخفيف
أَيضاً، وقوله تعالى: فإِن خِفْتم فرِجالاً أَو رُكْباناً، أَي فَصَلُّوا
رُكْباناً ورِجالاً، جمع راجل مثل صاحب وصِحاب، أَي إِن لم يمكنكم أَن
تقوموا قانتين أَي عابدين مُوَفِّين الصَّلاةَ حَقَّها لخوف ينالكم
فَصَلُّوا رُكْباناً؛ التهذيب: رِجالٌ أَي رَجَّالة. وقوم رَجْلة أَي رَجَّالة.
وفي حديث صلاة الخوف: فإِن كان خوف هو أَشدّ من ذلك صَلوا رِجالاً
ورُكْباناً؛ الرِّجال: جمع راجل أَي ماش، والراجل خلاف الفارس. أَبو زيد: يقال
رَجِلْت، بالكسر، رَجَلاً أَي بقيت راجِلاً، والكسائي مثله، والعرب تقول
في الدعاء على الإِنسان: ما له رَجِلَ أَي عَدِمَ المركوبَ فبقي راجلاً.
قال ابن سيده: وحكى اللحياني لا تفعل كذا وكذا أُمُّك راجل، ولم يفسره،
إِلا أَنه قال قبل هذا: أُمُّك هابل وثاكل، وقال بعد هذا: أُمُّك عَقْري
وخَمْشى وحَيْرى، فَدَلَّنا ذلك بمجموعة أَنه يريد الحزن والثُّكْل.
والرُّجْلة: المشي راجلاً. والرَّجْلة والرِّجْلة: شِدَّة المشي؛ خكاهما أَبو
زيد.
وفي الحديث: العَجْماء جَرْحها جُبَار، ويَرْوي بعضم: الرِّجْلُ جُبارٌ؛
فسَّره من ذهب إِليه أَن راكب الدابة إِذا أَصابت وهو راكبها إِنساناً
أَو وطئت شيئاً بيدها فضمانه على راكبها، وإِن أَصابته برِجْلها فهو جُبار
وهذا إِذا أَصابته وهي تسير، فأَمَّا أَن تصيبه وهي واقفة في الطريق
فالراكب ضامن، أَصابت ما أَصابت بيد أَو رجل. وكان الشافعي، رضي الله عنه،
يرى الضمان واجباً على راكبها على كل حال، نَفَحَتْ برِجلها أَو خبطت
بيدها، سائرة كانت أَو واقفة. قال الأَزهري: الحدث الذي رواه الكوفيون أَن
الرِّجل جُبار غير صحيح عند الحفاظ؛ قال ابن الأَثير في قوله في الحديث:
الرِّجل جُبار أَي ما أَصابت الدابة برِجْلها فلا قَوَد على صاحبها، قال:
والفقهاء فيه مختلفون في حالة الركوب عليها وقَوْدها وسَوْقها وما أَصابت
برِجْلها أَو يدها، قال: وهذا الحديث ذكره الطبراني مرفوعاً وجعله
الخطابي من كلام الشعبي.
وحَرَّةٌ رَجْلاءُ: وهي المستوية بالأَرض الكثيرة الحجارة يَصْعُب المشي
فيها، وقال أَبو الهيثم: حَرَّة رَجْلاء، الحَرَّة أَرض حجارتها سُودٌ،
والرَّجْلاء الصُّلْبة الخَشِنة لا تعمل فيها خيل ولا إِبل ولا يسلكها
إِلا راجل. ابن سيده: وحَرَّة رَجْلاء لا يستطاع المشي فيها لخشونتها
وصعوبتها حتى يُتَرَجَّل فيها. وفي حديث رِفاعة الجُذامي ذِكْر رِجْلى، هي
بوزن دِفْلى، حَرَّةُ رِجْلى: في ديار جُذام. وتَرَجَّل الرجلُ: ركب
رِجْليه.والرَّجِيل من الخيل: الذي لا يَحْفى. ورَجُلٌ رَجِيل أي قَوِيٌّ على
المشي؛ قال ابن بري: كذلك امرأَة رَجِيلة للقوية على المشي؛ قال الحرب بن
حِلِّزة:
أَنَّى اهتديتِ، وكُنْتِ غير رَجِيلةٍ،
والقومُ قد قَطَعوا مِتان السِّجْسَج
التهذيب: ارْتَجَل الرجلُ ارتجالاً إِذا ركب رجليه في حاجته ومَضى.
ويقال: ارْتَجِلْ ما ارْتَجَلْتَ أَي اركب ما ركبت من الأُمور. وتَرَجَّل
الزَّنْدَ وارتجله: وضعه تحت رجليه. وتَرَجَّل القومُ إِذا نزلوا عن دوابهم
في الحرب للقتال. ويقال: حَمَلك الله على الرُّجْلة، والرُّجْلة ههنا:
فعل الرَّجُل الذي لا دابة له.
ورَجَلَ الشاةَ وارتجلها: عَقَلها برجليها. ورَجَلها يَرْجُلها رَجْلاً
وارتجلها: علَّقها برجلها.
والمُرَجَّل من الزِّقاق: الذي يُسْلَخ من رِجْل واحدة، وقيل: الذي
يُسْلَخ من قِبَل رِجْله. الفراء: الجِلْد المُرَجَّل الذي يسلخ من رِجْل
واحدة، والمَنْجُول الذي يُشَقُّ عُرْقوباه جميعاً كما يسلخ الناسُ اليومَ،
والمُزَقَّق الذي يسلخ من قِبَل رأْسه؛ الأَصمعي وقوله:
أَيام أَلْحَفُ مِئْزَري عَفَرَ الثَّرى،
وأَغُضُّ كُلَّ مُرَجَّلٍ رَيَّان
(* قوله «أَيام ألحف إلخ» تقدم في ترجمة غضض:
أيام أسحب لمتي عفر الملا
ولعلهما روايتان).
أَراد بالمُرَجَّل الزِّقَّ الملآن من الخَمْر، وغَضُّه شُرْبُه. ابن
الأَعرابي: قال المفضل يَصِف شَعْره وحُسْنه، وقوله أَغُضّ أَي أَنْقُص منه
بالمِقْراض ليستوي شَعَثُه. والمُرَجَّل: الشعر المُسَرَّح، ويقال للمشط
مِرْجَل ومِسْرَح. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عن
الترَجُّل إِلا غِبًّا؛ الترجل والترجيل: تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه،
ومعناه أَنه كره كثرة الادِّهان ومَشْطَ الشعر وتسويته كل يوم كأَنه كره
كثرة التَّرفُّه والتنعم.
والرُّجْلة والترجيل: بياض في إِحدى رجلي الدابة لا بياضَ به في موضع
غير ذلك. أَبو زيد: نَعْجة رَجْلاء وهي البيضاء إِحدى الرجلين إِلى الخاصرة
وسائرها أَسود، وقد رَجِلَ رَجَلاً، وهو أَرْجَل. ونعجة رَجْلاء:
ابْيَضَّتْ رَِجْلاها مع الخاصرتين وسائرها أَسود. الجوهري: الأَرجل من الخيل
الذي في إِحدى رجليه بياض، ويُكْرَه إِلا أَن يكون به وَضَحٌ؛ غيره: قال
المُرَقِّش الأَصغر:
أَسِيلٌ نَبِيلٌ ليس فيه مَعابةٌ،
كُمَيْتٌ كَلَوْن الصِّرف أَرْجَل أَقرَح
فمُدِح بالرَّجَل لَمَّا كان أَقرح. قال: وشاة رَجْلاء كذلك. وفرس
أَرْجَل: بَيِّن الرَّجَل والرُّجْلة. ورَجَّلَت المرأَةُ ولدَها
(* قوله
«ورجلت المرأة ولدها» ضبط في القاموس مخففاً، وضبط في نسخ المحكم بالتشديد) :
وضَعَتْه بحيث خَرَجَتْ رِجْلاه قبْل رأْسه عند الولادة، وهذا يقال له
اليَتْن. الأُموي: إِذا وَلَدت الغنمُ بعضُها بعد بعض قيل وَلَّدتُها
الرُّجَيْلاء مثال الغُمَيْصاء، ووَلَّدتها طَبَقة بعد طَبَقة.
ورِجْلُ الغُراب: ضَرْب من صَرِّ الإِبل لا يقدر الفصيل على أَن يَرْضَع
معه ولا يَنْحَلُّ؛ قال الكميت:
صُرَّ رِجْلَ الغُراب مُلْكُكَ في النا
س، على من أَراد فيه الفجورا
رِجْلَ الغراب مصدر لأَنه ضرب من الصَّرِّ فهو من باب رَجَع القَهْقَرى
واشتمل الصَّمَّاء، وتقديره صَرًّا مثل صَرِّ رِجْل الغُراب، ومعناه
اسْتَحْكَم مُلكُك فلا يمكن حَلُّه كما لا يمكن الفَصِيلَ حَلُّ رِجْل
الغراب. وقوله في الحديث: الرُّؤيا لأَوَّلِ عابر وهي على رِجْل طائر أَي أَنها
على رِجْلِ قَدَرٍ جارٍ وقضاء ماضٍ من خير أَو شَرٍّ، وأَن ذلك هو الذي
قَسَمه الله لصاحبها، من قولهم اقتسموا داراً فطار سهمُ فلان في ناحيتها
أَي وَقَعَ سهمُه وخَرج، وكلُّ حَركة من كلمة أَو شيء يَجْري لك فهو
طائر، والمراد أَن الرؤيا هي التي يُعَبِّرها المُعَبِّر الأَول، فكأَنها
كانت على رِجْل طائر فسقطت فوقعتْ حيث عُبِّرت، كما يسقط الذي يكون على
رِجْل الطائر بأَدنى حركة. ورِجْل الطائر: مِيسَمٌ. والرُّجْلة: القُوَّةُ
على المشي. رَجِلَ الرَّجُلُ يَرْجَل رَجَلاً ورُجْلة إِذا كان يمشي في
السفر وحده ولا دابة له يركبها. ورَجُلٌ رُجْليٌّ: للذي يغزو على رِجليه،
منسوب إِلى الرُّجْلة. والرَّجيل: القَوِيُّ على المشي الصبور عله؛
وأَنشد:حَتى أُشِبَّ لها، وطال إِيابُها،
ذو رُجْلة، شَثْنُ البَراثِن جَحْنَبُ
وامرأَة رَجِيلة: صَبُورٌ على المشي، وناقة رَجِيلة. ورَجُل راجل
ورَجِيل: قويٌّ على المشي، وكذلك البعير والحمار، والجمع رَجْلى ورَجالى.
والرَّجِيل أَيضاً من الرجال: الصُّلْبُ. الليث: الرُّجْلة نجابة الرَّجِيل من
الدواب والإِبل وهو الصبور على طول السير، قال: ولم أَسمع منه فِعْلاً
إِلا في النعوت ناقة رَجِيلة وحمار رَجِيل. ورَجُل رَجِيل: مَشَّاء.
التهذيب: رَجُل بَيِّن الرُّجولِيَّة والرُّجولة؛ وأَنشد أَبو بكر:
وإِذا خَلِيلُك لم يَدُمْ لك وَصْلُه،
فاقطع لُبانَته بحَرْفٍ ضامِر،
وَجْناءَ مُجْفَرةِ الضُّلوع رَجِيلةٍ،
وَلْقى الهواجر ذاتِ خَلْقٍ حادر
أَي سريعة الهواجر؛ الرَّجِيلة: القَوية على المشي، وحَرْفٌ: شبهها
بحَرْف السيف في مَضائها. الكسائي: رَجُلٌ بَيِّن الرُّجولة وراجل بيِّن
الرُّجْلة؛ والرَّجِيلُ من الناس: المَشّاء الجيِّد المشي. والرَّجِيل من
الخيل: الذي لا يَعْرَق. وفلان قائم على رِجْلٍ إِذا حَزْبَه أَمْرٌ فقام
له. والرِّجْل: خلاف اليد. ورِجل القوس: سِيَتُها السفْلى، ويدها: سِيَتُها
العليا؛ وقيل: رِجْل القوس ما سَفَل عن كبدها؛ قال أَبو حنيفة: رِجْل
القوس أَتمُّ من يدها. قال: وقال أَبو زياد الكلابي القوّاسون يُسَخِّفون
الشِّقَّ الأَسفل من القوس، وهو الذي تُسميه يَداً، لتَعْنَت القِياسُ
فَيَنْفُق ما عندهم. ابن الأَعرابي: أَرْجُلُ القِسِيِّ إِذا أُوتِرَت
أَعاليها، وأَيديها أَسافلها، قال: وأَرجلها أَشد من أَيديها؛ وأَنشد:
لَيْتَ القِسِيَّ كلَّها من أَرْجُل
قال: وطَرفا القوس ظُفْراها، وحَزَّاها فُرْضتاها، وعِطْفاها سِيَتاها،
وبَعْدَ السِّيَتين الطائفان، وبعد الطائفين الأَبهران، وما بين
الأَبهَرَين كبدُها، وهو ما بين عَقْدَي الحِمالة، وعَقْداها يسميان الكُليتين،
وأَوتارُها التي تُشَدُّ في يدها ورجلها تُسَمَّى الوُقوف وهو المضائغ.
ورِجْلا السَّهم: حَرْفاه. ورِجْلُ البحر: خليجه، عن كراع. وارْتَجل الفرسُ
ارتجالاً: راوح بين العَنَق والهَمْلَجة، وفي التهذيب: إِذا خَلَط
العَنق بالهَمْلجة. وتَرَجَّل أَي مشى راجلاً. وتَرَجَّل البئرَ تَرَجُّلاً
وتَرَجَّل فيها، كلاهما: نزلها من غير أَن يُدَلَّى.
وارتجالُ الخُطْبة والشِّعْر: ابتداؤه من غير تهيئة. وارْتَجَل الكلامَ
ارْتجالاً إِذا اقتضبه اقتضاباً وتكلم به من غير أَن يهيئه قبل ذلك.
وارْتَجَل برأْيه: انفرد به ولم يشاور أَحداً فيه، والعرب تقول: أَمْرُك ما
ارْتَجَلْتَ، معناه ما استبددت برأْيك فيه؛ قال الجعدي:
وما عَصَيْتُ أَميراً غير مُتَّهَم
عندي، ولكنَّ أَمْرَ المرء ما ارْتَجلا
وتَرَجَّل النهارُ، وارتجل أَي ارتفع؛ قال الشاعر:
وهاج به، لما تَرَجَّلَتِ الضُّحَى،
عصائبُ شَتى من كلابٍ ونابِل
وفي حديث العُرَنِيّين: فما تَرَجَّل النهارُ حتى أُتيَ بهم أَي ما
ارتفع النهار تشبيهاً بارتفاع الرَّجُل عن الصِّبا.
وشعرٌ رَجَلٌ ورَجِل ورَجْلٌ: بَيْنَ السُّبوطة والجعودة. وفي صفته، صلى
الله عليه وسلم: كان شعره رَجِلاً أَي لم يكن شديد الجعودة ولا شديد
السبوطة بل بينهما؛ وقد رَجِل رَجَلاً ورَجَّله هو ترجيلاً، ورَجُلٌ رَجِلُ
الشَّعر ورَجَلُه، وجَمْعهما أَرجال ورَجالى. ابن سيده: قال سيبويه: أَما
رَجْلٌ، بالفتح، فلا يُكَسَّرُ استغنوا عنه بالواو والنون وذلك في
الصفة، وأَما رَجِل، وبالكسر، فإِنه لم ينص عليه وقياسه قياس فَعُل في الصفة،
ولا يحمل على باب أَنجاد وأَنكاد جمع نَجِد ونَكِد لقلة تكسير هذه الصفة
من أَجل قلة بنائها، إِنما الأَعرف في جميع ذلك الجمع بالواو والنون،
لكنه ربما جاء منه الشيء مُكَسَّراً لمطابقة الاسم في البناء، فيكون ما حكاه
اللغويون من رَجالى وأَرجال جمع رَجَل ورَجِل على هذا.
ومكان رَجِيلٌ: صُلْبٌ. ومكان رَجِيل: بعيد الطَّرفين موطوء رَكوب؛ قال
الراعي:
قَعَدوا على أَكوارها فَتَردَّفَتْ
صَخِبَ الصَّدَى، جَذَع الرِّعان رَجِيلاً
وطريق رَجِيلٌ إِذا كان غليظاً وَعْراً في الجَبَل. والرَّجَل: أَن
يُترك الفصيلُ والمُهْرُ والبَهْمة مع أُمِّه يَرْضَعها متى شاء؛ قال
القطاميّ:
فصاف غلامُنا رَجَلاً عليها،
إِرادَة أَن يُفَوِّقها رَضاعا
ورَجَلها يَرْجُلها رَجْلاً وأَرجلها: أَرسله معها، وأَرجلها الراعي مع
أُمِّها؛ وأَنشد:
مُسَرْهَدٌ أُرْجِل حتى فُطِما
ورَجَلَ البَهْمُ أُمَّه يَرْجُلها رَجْلاً: رَضَعها. وبَهْمة رَجَلٌ
ورَجِلٌ وبَهِمٌ أَرجال ورَجَل. وارْتَجِلْ رَجَلك أَي عليك شأْنَك
فالْزَمْه؛ عن ابن الأَعرابي. ويقال: لي في مالك رِجْل أَي سَهْم. والرِّجْل:
القَدَم. والرِّجْل: الطائفة من الشيء، أُنثى، وخص بعضهم به القطعة العظيمة
من الجراد، والجمع أَرجال، وهو جمع على غير لفظ الواحد، ومثله كثير في
كلامهم كقولهم لجماعة البقر صِوَار، ولجماعة النعام خِيط، ولجماعة
الحَمِير عانة؛ قال أَبو النجم يصف الحُمُر في عَدْوها وتَطايُر الحصى عن
حوافرها:
كأَنما المَعْزاء من نِضالها
رِجْلُ جَرادٍ، طار عن خُذَّالها
وجمع الرِّجْل أَرجال. وفي حديث أَيوب، عليه السلام: أَنه كان يغتسل
عُرياناً فَخَرَّ عليه رِجْلٌ من جَراد ذَهَب؛ الرِّجل، بالكسر: الجراد
الكثير؛ ومنه الحديث: كأَنَّ نَبْلهم رِجْلُ جَراد؛ ومنه حديث ابن عباس: أَنه
دَخَل مكَّة رِجْلٌ من جَراد فَجَعل غِلْمانُ مكة يأْخذون منه، فقال:
أَمَا إِنَّهم لو علموا لم يأْخذوه؛ كَرِه ذلك في الحرم لأَنه صيد.
والمُرْتَجِل: الذي يقع بِرِجْلٍ من جَرَاد فيَشْتَوي منها أَو يطبخُ؛ قال
الراعي:
كدُخَان مُرْتَجِلٍ، بأَعلى تَلْعة،
غَرْثانَ ضَرَّم عَرْفَجاً مبْلُولا
وقيل: المُرْتَجِل الذي اقتدح النار بزَنْدة جعلها بين رِجْليه وفَتل
الزَّنْدَ في فَرْضِها بيده حتى يُورِي، وقيل: المُرْتَجِل الذي نَصَب
مِرْجَلاً يطبخ فيه طعاماً. وارْتَجَل فلان أَي جَمَع قِطْعَة من الجَرَاد
ليَشْوِيها؛ قال لبيد:
فتنازعا سَبَطاً يطير ظِلالُه،
كدخان مُرتَجِلٍ يُشَبُّ ضِرَامُها
قال ابن بري: يقال للقِطْعة من الجراد رِجْل ورِجْلة. والرِّجْلة
أَيضاً: القطعة من الوحش؛ قال الشاعر:
والعَيْن عَيْن لِياحٍ لَجَلْجَلَتْ وَسَناً،
لرِجْلة من بَنات الوحش أَطفال
وارْتَجَل الرجلُ: جاء من أَرض بعيدة فاقتدح ناراً وأَمسك الزَّنْد
بيديه ورجليه لأَنه وحده؛ وبه فَسَّر بعضهم:
كدُخَان مُرْتَجِلٍ بأَعلى تَلْعةٍ
والمُرَجَّل من الجَراد: الذي ترى آثار أَجنحته في الأَرض. وجاءت رِجْلُ
دِفاعٍ أَي جيشٌ كثير، شُبّه برِجْل الجَراد. وفي النوادر: الرَّجْل
النَّزْوُ؛ يقال: بات الحِصَان يَرْجُل الخيلَ. وأَرْجَلْت الحِصانَ في
الخيل إِذا أَرسلت فيها فحلاً. والرِّجْل: السراويلُ الطاقُ؛ ومنه الخبر عن
النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه اشترى رِجْلَ سَراوِيل ثم قال للوَزَّان
زِنْ وأَرْجِحْ؛ قال ابن الأَثير: هذا كما يقال اشترى زَوْجَ خُفٍّ
وزوْجَ نَعْل، وإِنما هما زَوْجان يريد رِجْلَيْ سراويل لأَن السراويل من لباس
الرِّجْلين، وبعضهم يُسَمِّي السراويل رِجْلاً. والرِّجْل: الخوف والفزع
من فوت الشيء، يقال: أَنا من أَمري على رِجْلٍ أَي على خوف من فوته.
والرِّجْل، قال أَبو المكارم: تجتمع القُطُر فيقول الجَمَّال: لي الرِّجْل
أَي أَنا أَتقدم. والرِّجْل: الزمان؛ يقال: كان ذلك على رِجْل فلان أَي في
حياته وزمانه وعلى عهده. وفي حديث ابن المسيب: لا أَعلم نَبِيًّا هَلَكَ
على رِجْله من الجبابرة ما هَلَك على رِجْل موسى، عليه الصلاة والسلام،
أَي في زمانه. والرِّجْل: القِرْطاس الخالي. والرِّجْل: البُؤْس والفقر.
والرِّجْل: القاذورة من الرجال. والرِّجْل: الرَّجُل النَّؤوم.
والرِّجْلة: المرأَة النؤوم؛ كل هذا بكسر الراء. والرَّجُل في كلام أَهل اليمن:
الكثيرُ المجامعة، كان الفرزدق يقول ذلك ويزعم أَن من العرب من يسميه
العُصْفُورِيَّ؛ وأَنشد:
رَجُلاً كنتُ في زمان غُروري،
وأَنا اليومَ جافرٌ مَلْهودُ
والرِّجْلة: مَنْبِت العَرْفج الكثير في روضة واحدة. والرِّجْلة: مَسِيل
الماء من الحَرَّة إِلى السَّهلة. شمر: الرِّجَل مَسايِلُ الماء،
واحدتها رِجْلة؛ قال لبيد:
يَلْمُج البارضَ لَمْجاً في النَّدَى،
من مَرابيع رِياضٍ ورِجَل
اللَّمْج: الأَكل بأَطراف الفم؛ قال أَبو حنيفة: الرِّجَل تكون في
الغِلَظ واللِّين وهي أَماكن سهلة تَنْصَبُّ إِليها المياه فتُمْسكها. وقال
مرة: الرِّجْلة كالقَرِيِّ وهي واسعة تُحَلُّ، قال: وهي مَسِيل سَهْلة
مِنْبات.
أَبو عمرو: الراجلة كَبْش الراعي الذي يَحْمِل عليه متاعَه؛ وأَنشد:
فظَلَّ يَعْمِتُ في قَوْطٍ وراجِلةٍ،
يُكَفِّتُ الدَّهْرَ إِلاَّ رَيْثَ يَهْتَبِد
أَي يَطْبُخ. والرِّجْلة: ضرب من الحَمْض، وقوم يسمون البَقْلة
الحَمْقاء الرِّجْلة، وإِنما هي الفَرْفَخُ. وقال أَبو حنيفة: ومن كلامهم هو
أَحمق من رِجْلة، يَعْنون هذه البَقْلة، وذلك لأَنها تنبت على طُرُق الناس
فتُدَاس، وفي المَسايل فيَقْلَعها ماء السيل، والجمع رِجَل.
والرِّجْل: نصف الراوية من الخَمْر والزيت؛ عن أَبي حنيفة. وفي حديث
عائشة: أُهدي لنا رِجْل شاة فقسمتها إِلاّ كَتِفَها؛ تريد نصف شاة طُولاً
فسَمَّتْها باسم بعضها. وفي حديث الصعب بن جَثَّامة: أَنه أَهدى إِلى
النبي، صلى الله عليه وسلم، رِجْل حمار وهو مُحْرِمٌ أَي أَحد شقيه، وقيل:
أَراد فَخِذه. والتَّراجِيل: الكَرَفْس، سواديّة، وفي التهذيب بِلُغَة
العجم، وهو اسم سَواديٌّ من بُقول البساتين. والمِرْجَل: القِدْر من الحجارة
والنحاسِ، مُذَكَّر؛ قال:
حتى إِذا ما مِرْجَلُ القومِ أَفَر
وقيل: هو قِدْر النحاس خاصة، وقيل: هي كل ما طبخ فيها من قِدْر وغيرها.
وارْتَجَل الرجلُ: طبخ في المِرْجَل. والمَراجِل: ضرب من برود اليمن.
المحكم: والمُمَرْجَل ضرب من ثياب الوشي فيه صور المَراجل، فمُمَرْجَل على
هذا مُمَفْعَل، وأَما سيبويه فجعله رباعيّاً لقوله:
بشِيَةٍ كشِيَةِ المُمَرْجَل
وجعل دليله على ذلك ثبات الميم في المُمَرْجَل، قال: وقد يجوز أَن يكون
من باب تَمَدْرَع وتَمَسْكَن فلا يكون له في ذلك دليل. وثوب مِرْجَلِيٌّ:
من المُمَرْجَل؛ وفي المثل:
حَدِيثاً كان بُرْدُك مِرْجَلِيّا
أَي إِنما كُسيت المَراجِلَ حديثاً وكنت تلبس العَبَاء؛ كل ذلك عن ابن
الأَعرابي. الأَزهري في ترجمة رحل: وفي الحديث حتى يَبْنَي الناسُ بيوتاً
يُوَشُّونها وَشْيَ المراحِل، ويعني تلك الثياب، قال: ويقال لها المراجل
بالجيم أَيضاً، ويقال لها الراحُولات، والله أعلم.
سرع: السُّرْعةُ: نقِيضُ البُطْءِ. سَرُعَ يَسْرُعُ سَراعةً وسِرْعاً
وسَرْعاً وسِرَعاً وسَرَعاً وسُرْعةً، فهو سَرِعٌ وسَرِيعٌ وسُراعٌ،
والأُنثى بالهاء، وسَرْعانُ والأُنثى سَرْعَى، وأَسْرَعَ وسَرُعَ، وفرق سيبويه
بين سَرُع وأَسْرَعَ فقال: أَسْرَعَ طَلَبَ ذلك من نفسه وتَكَلَّفه كأَنه
أَسرَعَ المشي أَي عَجّله، وأَما سرُع فكأَنها غَرِيزةٌ. واستعمل ابن
جني أَسرَع متعدِّياً فقال يعني العرب: فمنهم من يَخِفُّ ويُسْرِعُ قبولَ
ما يسمعه، فهذا إِمَّا أَن يكون يتعدى بحرف وبغير حرف، وإِما أَن يكون
أَراد إِلى قبوله فحذف وأَوصل. وسَرَّع: كأَسْرَعَ؛ قال ابن أَحمر:
أَلا لا أَرى هذا المُسَرِّعَ سابِقاً،
ولا أَحَداً يَرْجُو البَقِيّةَ باقِيا
وأَراد بالبقية البَقاء. وقال ابن الأَعرابي: سَرِع الرجلُ إِذا أَسرَع
في كلامه وفِعاله. قال ابن بري: وفرس سَريعٌ وسُراعٌ؛ قال عمرو بن
معديكرب:
حتى تَرَوْهُ كاشِفاً قِناعَهْ،
تَغْدُو بِه سَلْهَبةٌ سُراعَهْ
وأَسْرَعَ في السير، وهو في الأَصل متعدّ. وعجبت من سُرْعةِ ذاك وسِرَعِ
ذاك مثال صِغَرِ ذاك؛ عن يعقوب. وفي حديث تأْخير السَّحُورِ: فكانت
سُرْعتي أَن أُدْرِكَ الصلاةَ مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ يريد
إِسراعي، والمعنى أَنه لِقُرْبِ سحُورِه من طلوع الفجر يدرك الصلاة بإِسراعه.
ويقال: أَسرَعَ فلان المشي والكتابة وغيرهما، وهو فعل مجاوز. ويقال: أَسرع
إِلى كذا وكذا؛ يريدون أَسرَعَ المضيّ إِليه، وسارَعَ بمعنى أَسرعَ؛
يقال ذلك للواحد، وللجميع سارَعوا. قال الله عز وجل: أَيحسَبُونَ أَن ما
نُمِدُّهُم به من مال وبنين نُسارِعُ لهم في الخيرات؛ معناه أَيحسبون أَن
إِمدادَنا لهم بالمال والبنين مجازاة لهم وإِنما هو استدراج من الله لهم،
وما في معنى للذي أَي أَيحسبون أَن الذي نمدهم به من مال وبنين، والخبر
محذوف، المعنى نسارع لهم به. وقال الفراء: خبر أَن ما نمدهم به قوله نسارع
لهم، واسم أَنَّ ما بمعنى الذي، ومن قرأَ يُسارِعُ لهم في الخيرات فمعناه
يُسارِعُ لهم به في الخيرات فيكون مثل نُسارِعُ، ويجوز أَن يَكون على
معنى أَيحسبون إِمدادنا يُسارِعُ لهم في الخيرات فلا يحتاج إِلى ضمير، وهذا
قول الزجاج.
وفي حديث خيفان: مَسارِيعُ في الحرب؛ هو جمع مِسْراع وهو الشديد
الإِسْراع في الأُمور مثل مِطْعانٍ ومَطاعِينَ وهو من أَبنية المبالغة. وقولهم:
السَّرَعَ السَّرَعَ مثال الوَحَا. وتسرَّعَ الأَمرُ: كسَرُعَ؛ قال
الراعي:
فلو أَنّ حَقّ اليَوْم مِنْكُم إِقامةٌ،
وإِن كان صَرْحٌ قد مَضَى فَتَسَرَّعا
وتَسَرَّعَ بالأَمر: بادَرَ به. والمُتَسَرِّعُ: المُبادِرُ إِلى
الشَّرِّ، وتَسَرَّعَ إِلى الشرِّ، والمسْرَعُ: السَّريعُ إِلى خير أَو شرّ.
وسارعَ إِلى الأَمر: كأَسْرَعَ. وسارَعَ إِلى كذا وتَسَرَّع إِليه بمعنًى.
وجاء سرَعاً أَي سَريعاً. والمُسارَعةُ إِلى الشيء: المُبادَرَةُ إِليه.
وأَسرَع الرجلُ: سَرُعَتْ دابَّته كما قالوا أَخَفَّ إِذا كانت دابته
خفيفة، وكذلك أَسرَعَ القومُ إِذا كانت دوابُّهم سِراعاً.
وسَرُعَ ما فعلْتَ ذاك وسَرْعَ وسُرْعَ وسَرْعانَ ما يكونُ ذاك؛ وقول
مالك بن زغبة الباهلي:
أَنَوْراً سَرْعَ ماذا يا فَرُوقُ،
وحَبْلُ الوَصْلِ مُنتكِثٌ حَذِيقُ؟
أَراد سَرُعَ فخفف، والعرب تخفف الضمة والكسرة لثقلهما، فتقول للفَخِذِ
فَخْذٌ، وللعَضُدِ عَضْدٌ، ولا تقول للحَجَر حَجْر لخفة الفتحة. وقوله:
أَنَوْراً معناه أَنَواراً ونِفاراً يا فَرُوقُ، وما صلة، أَراد سَرُعَ ذا
نَوْراً. وتقول أَيضاً: سِرْعانَ وسُرْعانَ، كله اسم للفعل كَشَتان؛
وقال بشر:
أَتَخْطُبُ فيهم بَعْدَ قتْلِ رِجالِهم؟
لَسَرْعانَ هذا، والدِّماءُ تَصَبَّبُ
ابن الأَعرابي: وسَرْعانَ ذا خُروجاً وسَرُعانَ ذا خروجاً، بضم الراء،
وسِرْعانَ ذا خروجاً. قال ابن السكيت: والعرب تقول لَسَرْعانَ ذا
خُرُوجاً، بتسكين الراء، وتقول لَسَرُعَ ذا خروجاً، بضم الراء، وربما أَسكنوا
الراء فقالوا سَرْعَ ذا خروجاً أَي سَرُعَ ذا خُروجاً. ولَسَرْعانَ ما
صَنَعْتَ كذا أَي ما أَسْرَعَ. وفي المثل: سَرْعانَ ذا إِهالةً؛ وأَصل هذا
المثل أَن رجلاً كان يُحَمَّقُ، اشترى شاة عَجْفاءَ يَسِيلُ رُغامُها
هُزالاً وسُوءَ حال، فظن أَنه وَدَكٌ فقال: سَرْعانَ ذا إِهالةً.
وسَرَعانُ الناسِ وسَرْعانُهم: أَوائِلُهم المستبقون إِلى الأَمر.
وسَرَعانُ الخيلِ: أَوائِلُها؛ قال أَبو العباس: إِذا كان السَّرَعانُ وصفاً
في الناس قيل سَرَعانُ وسَرْعانُ، وإِذا كان في غير الناس فسَرَعانُ
أَفصح، ويجوز سَرْعان. وقال الأَصمعي: سَرَعانُ الناسِ أَوائِلُهم فحرَّك لمن
يُسْرِعُ من العسكر، وكان ابن الأَعرابي يسكن الراء فيقول سرْعان الناس
أَوائلهم؛ وقال القطامي في لغة من يثقل ويقول سَرَعانَ:
وحَسِبْتُنا نَزَعُ الكَتِيبةَ غُدْوةً،
فَيُغَيِّفُونَ ونَرْجِعُ السَّرَعانا
قال الجوهري في سَرَعانِ الناس: يلزم الإِعرابُ نونَه في كل وجه. وفي
حديث سَهْو الصلاة: فخرج سَرَعانُ الناسِ. وفي حديث يوم حُنَينٍ: فخرج
سَرَعان الناس وأَخِفّاؤُهُم. والسَّرَعانُ: الوَتَرُ القوي؛ قال:
وعَطَّلْتُ قَوْسَ اللَّهْوِ من سَرَعانِها،
وعادَتْ سِهامي بَينَ أَحْنَى وناصِلِ
الأَزهري: وسَرَعانُ عَقَبِ المَتْنَيْنِ شِبْهُ الخُصَل تَخْلُص من
اللحم ثم تُفْتَلُ أَوتاراً للقِسِيّ يقال لها السرَعانُ؛ قال: سمعت ذلك من
العرب، وقال أَبو زيد: واحدة سَرَعانِ العَقَبِ سَرَعانةٌ؛ وقال أَبو
حنيفة: السَّرَعانُ العَقَبُ الذي يجمع أَطرافَ الريش مما يلي الدائرة.
وسَرَعانُ الفرس: خُصَلٌ في عُنقه، وقيل: في عَقِبه، الواحدة سَرَعانة.
والسَّرْعُ والسِّرْعُ: القَضِيبُ من الكرْم الغَضُّ، والجمع سُرُوعٌ.
وفي التهذيب: السَّرْعُ قَضِيب سنة من قُضْبان الكرْم، قال: وهي تَسْرُعُ
سُرُوعاً وهنّ سَوارِعُ والواحدة سارِعةٌ. قال: والسَّرْعُ والسِّرْعُ
اسم القضيب من ذلك خاصّة. والسرَعْرَعُ: القضيب ما دام رَطْباً غضّاً
طرِيّاً لسَنَتِه، والأُنثى سَرَعْرَعةٌ. وكل قضيب رَطْب سِرْعٌ وسَرْعٌ
وسَرَعْرَعٌ؛ قال يصف عُنْفُوانَ الشباب:
أَزْمانَ، إِذْ كُنْتَ كَنَعْتِ الناعِتِ
سَرَعْرَعاً خُوطاً كَغُصْنٍ نابِتِ
أَي كالخُوطِ السَّرَعْرَعِ، والتأْنيثُ على إِرادةِ الشُّعْبة. قال
الأَزهري: والسَّرْغُ، بالغين المعجمة، لغة في السَّرْع بمعنى القضيب
الرطْب، وهي السُّرُوعُ والسُّروغُ. والسَّرَعْرَعُ: الدقيق الطويل.
والسَّرَعْرَعُ: الشابُّ الناعم اللدْنُ. الأَصمعي: شَبَّ فلان شباباً سَرَعْرَعاً.
والسَّرَعْرَعةُ من النساء: الليِّنة الناعمةُ.
والأَسارِيعُ: شُكُرٌ تَخْرُجُ في أَصلِ الحَبلةِ. والأَسارِيعُ: التي
يتعلق بها العنب، وربما أُكلت وهي رَطْبَةٌ حامضةٌ. الواحِدُ أُسْرُوعٌ.
واليَسْرُوع واليُسْروعُ والأَسْرُوع: دُودٌ يكون على الشوْك، والجمع
الأَسارِيعُ، وقيل: الأَسارِيعُ دُودٌ حُمْرُ الرؤوس بيض الأَجساد تكون في
الرمل تُشَبَّه بها أَصابع النساء، وقال الأَزهري: هي دِيدانٌ تظهر في
الربيع مُخَطَّطة بسواد وحمرة؛ قال امرؤ القيس:
وتَعْطُو بِرَخْصٍ غَيْرِ شَثْنٍ كأَنه
أَسارِيعُ ظَبْيٍ، أَو مساوِيكُ إِسْحِلِ
وظَبْيٌ: اسم وادٍ بِتِهامةَ. يقال: أَسارِيعُ ظَبْي كما يقال سِيدُ
رَمْل وضَبُّ كُدْيةٍ وثَوْرُ عَدابٍ، وقيل: اليُسْرُوعُ والأُسْرُوعُ
الدُّودةُ الحمراء تكون في البقْل ثم تنسلخ فتصير فَراشة. قال ابن بري:
اليُسْرُوعُ أَكبر من أَن ينسلخ فيصير فراشة لأَنها مقدار الإِصْبَعِ ملْساءُ
حمراءُ، والأَصل يَسْرُوعٌ لأَنه ليس في الكلام يُفْعُولٌ، قال سيبويه:
وإِنما ضموا أَوّله إِتباعاً لضم الراء كما قالوا أَسْوَدُ بن يعْفُر؛ قال
ذو الرمة:
وحتى سَرَتْ بعد الكَرَى في لَوِيِّه
أَسارِيعُ مَعْرُوفٍ، وصَرَّتْ جَنادِبُهْ
واللَّوِيُّ: ما ذَبَلَ من البَقْل؛ يقول: قد اشتدّ الحرّ فإِن
الأَسارِيعَ لا تَسْرِي على البقل إِلاَّ ليلاً لأَن شدة الحر بالنهار تقتلها.
وقال أَبو حنيفة: الأُسْرُوعُ طُولُ الشِّبْرِ أَطولُ ما يكون، وهو
مُزَيَّن بأَحسن الزينة من صفرة وخُضرة وكل لون لا تراه إِلا في العُشب، وله
قوائم قصار، وتأْكلها الكلاب والذئاب والطير، وإِذا كَبِرَتْ أَفسدت البقل
فَجَدّعتْ أَطرافَه. وأُسْرُوعُ الظَّبْي: عَصَبةٌ تَسْتَبْطِنُ رجله
ويده. وأَسارِيعُ القَوْسِ: الطُّرَقُ والخُطُوطُ التي في سِيَتها، واحدها
أُسْرُوعٌ ويُسْرُوعٌ، وواحدة الطُّرَقِ طُرْقةٌ. وفي صفته، صلى الله عليه
وسلم: كأَنَّ عُنُقَه أَسارِيعُ الذهب أَي طَرائِقُه. وفي الحديث: كان
على صدره الحَسن أَو الحسين فبالَ فرأَيت بوله أَسارِيعَ أَي طرائقَ.
وأَبو سَرِيعٍ: هو النار في العَرْفَجِ؛ وأَنشد:
لا تَعْدِلَنَّ بأَبِي سَرِيعِ،
إِذا غَدَتْ نَكْباءُ بالصَّقِيعِ
والصَّقِيعُ: الثَّلْج؛ وقول ساعِدةَ بن جُؤَيّة:
وظَلَّتْ تُعَدَّى مِن سَرِيعٍ وسُنْبُك،
تَصَدَّى بأَجوازِ اللُّهُوبِ وتَرْكُدُ
فسره ابن حبيب فقال: سَرِيعٌ وسُنْبُكٌ ضَرْبان من السَّيْرِ.
والسَّرْوَعةُ: الرابِيةُ من الرمل وغيره. وفي الحديث: فأَخَذَ بهم بين
سَرْوَعَتَيْنِ ومالَ بهم عن سَنَنِ الطريق؛ حكاه الهرويّ. وقال
الأَزهري: السَّرْوَعةُ النَّبَكةُ العظيمة من الرمْل، ويجمع سَرْوَعاتٍ
وسَراوِعَ. قال الأَزهري: والزَّرْوَحةُ مثل السرْوعةِ تكون من الرمل
وغيره.وسُراوِعٌ: موضع؛ عن الفارسي؛ وأَنشد لابن ذَريح:
عَفا سَرِفٌ من أَهْلِه فَسُراوِعُ
(* قوله «عفا إلخ» تمامه كما في شرح القاموس:
فؤادي قديد فالتلاع الدوافع
وقال إنه عن الفارسي بضم السين وكسر الواو.)
وقال غيره: إِنما هو سَرَاوِع، بالفتح، ولم يحك سيبويه فُعاوِلٌ، ويروى:
فَشُراوِع، وهي رواية العامّة.
زهق: زهَقَ الشيءُ يَزْهَقُ زُهوقاً، فهو زاهِقٌ وزَهوقٌ: بطَل وهلَك
واضْمَحَلّ. وفي التنزيل: إنَّ الباطل كان زَهوقاً. وزهَقَ الباطلُ إذا
غَلَبَه الحقّ، وقد زاهَقَ الحقُّ الباطلَ. وزَهَق الباطِلُ أي اضْمَحَلّ،
وأزْهَقَه الله. وقوله عز وجل: فإذا هو زاهِقٌ، أي باطِلٌ ذاهِبٌ. وزُهوقُ
النفسِ: بُطْلانُها. وقال قتادة: وزَهَقَ الباطلُ يعني الشيطان،
وزَهَقَتْ نفسُه تَزْهَقُ زُهُوقاً وزَهِقَت، لغتان: خرجت. وفي الحديث: إن
النحرَ في الحَلْق واللَّبّة وأقِرُّوا الأَنْفُسَ حتى تَزْهَقَ أي حتى تخرج
الروح من الذَّبيحة ولا يبقى فيها حركة، ثم تسلخ وتقطع. وقال تعالى:
وتَزْهَق أنْفُسُهم وهُمْ كافرون؛ أي تَخْرُج. وفي الحديث: دون الله سبعون ألف
حجاب من نور وظُلمة وما تَسْمَع نفسٌ مِنْ حِسِّ تلك الحجُب شيئاً إلا
زِهِقَتْ أي هلكت وماتت. وزَهَقَ فلانٌ بين أيدينا يَزْهَقُ زَهْقاً
وزُهوقاً وانْزَهقَ، كلاهما: سبق وتقدم أمام الخيل، وكذلك زهَق الدابّةُ،
والمنهزم زَاهقٌ. ابن السكيت: زَهَقَ الفرسُ وذَهَقَتِ الراحلة تَزْهَقُ
زهوقاً إذا سَبَقت وتقدَّمت، والجمع زُهَّق. وزَهَقَ مُخُّه، فهو زاهِق إذا
اكْتَنَزَ، وهو زاهِقُ المُخِّ. وفَرَسٌ زَهَقى إذا تقدَّم الخيل؛
وأنشد:عَلى قَراً مِنْ زَهَقى مِزَلِّ
والزَّاهِقُ من الدوابِّ: السَّمِينُ المُمِخُّ. وزَهَقَتِ الدابَّةُ
والناقةُ تَزْهَقُ زُهوقاً: انتهى مُخُّ عَظْمِها واكْتَنَزَ قَصَبُها.
وزَهِقَتْ عظامه وأزْهَقَتْ: سَمِنت؛ قال:
وأزْهَقَتْ عِظامُه وأخْلَصا
وقيل: الزاهِق والزَّهِقُ الذي ليس فوق سِمَنهِ سَمَنٌ، وقيل: الزاهِقُ
المُنْقي وليس بِمُتَناهي السِّمَن، وقيل: هو الشديد الهُزال الذي تَجِد
زُهومةَ غُثوثةِ لحمهِ، وقيل: هو الرقيق المُخّ. الأَزهري: الزاهِق الذي
اكْتَنَزَ لحمُه ومُخُّه. الأَزهري: الزاهِقُ من الأَضداد، يقال الهالك
زاهقٌ، والسمِينُ من الدوابّ زاهق؛ قال الشاعر:
القائدُ الخيلِ مَنْكُوباً دوابِرُها،
منها الشَّنُونُ ومنها الزاهِقُ الزَّهِمُ
وقال بعضهم: الزاهِق السَّمينُ والزَّهِمُ أسمَنُ منه. والزُّهومةُ في
اللحم: كراهية رائحتِه من غير تغيير ولا نَتْنٍ. وزَهَقَ العظمُ زُهوقاً
إذا اكْتَنَزَ مُخُّه. وزَهَقَ المُخُّ إذا اكْتَنَزَ، فهو زاهِق؛ عن
يعقوب؛ وأما قول عثمان بن طارق
(* قوله «عثمان بن طارق» في هامش الأصل هنا
وفما يأتي قريباً ما نصه صوابه: عمارة بن طارق اهـ. وكذلك نسبه في الصحاح
لعمارة في مادة مسد).
ومَسَدٍ أمِرَّ مِنْ أيانِقِ،
لسن بأنْيابٍ ولا حَقائِقِ،
ولا ضِعافٍ مُخُّهُنَّ زاهِقُ
فإنَّ الفراء يقول: هو مرفوعٌ والشعر مُكْفَأٌ، يقول: بل مُخُّهنَّ
مُكتَنِزٌ، رفَعَه على الابتداء، قال: ولا يجوز أن يريد ولا ضِعافٍ زاهقٍ
مُخُّهنَّ كما لا يجوز أن تقول مررت برجل أبوه قائمٍ بالخفضِ؛ قال ابن بري:
يريد أنه لا يجوز لك أن ترفع مُخَّهن بزاهِق فتُقدم الفاعل على فعله،
وعلى أنه قد جاء ذلك عن الكوفيين، من ذلك قراءة من قرأ: ونَخْلٍ طَلْعُها
هَضِيمٍ؛ وقول الزَّبَّاءِ:
ما للجِمال مشيُها وَئِيدا؟
وقول امرئ القيس:
فَقِلْ في مَقِيلٍ نَحْسُه مُتَغَيِّبِ
وقيل: الزاهِق ههنا بمعنى الذاهب كأنه قال: ولا ضِعافٍ مُخُّهنّ، ثم
رَدَّ الزاهِق على الضِّعاف؛ والذي وقع في شعر عثمان:
عِيسٌ عِتاقٌ ذاتُ مُخٍّ زاهِقِ
والذي أنشده أبو زيد:
لقد تَعَلَّلت على أيانِقِ
صُهْبٍ، قليلاتِ القُرادِ اللاّزِقِ،
وذاتِ ألْياطٍ ومُخٍّ زاهِقِ
وبئرٌ زهوقٌ وزاهِقٌ: بعيدةُ القَعْرِ، وكذلك فَجُّ الجبَل المُشْرِفُ؛
وقال أبو ذؤيب يصف مُشْتار العسل:
وأشْعَثَ مالُه فَضَلاتُ ثوْلٍ
على أركان مَهْلكَةٍ زَهُوقِ
قال ابن بري: قوله وأشعث مخفوضٌ بواو رُبَّ، والبيت أول القصيدة، وجوابُ
ربَّ فيما بعده وهو قوله:
تأبَّطَ خافَةً فيها مسابٌ،
فأضْحى يقْتري مَسَداً بِشِيقِ
والثَّوْلُ: جماعة النحل، وكذلك المَفازة النائية المَهْواةِ.
والزَّهْقُ والزَّهَقُ: الوَهْدةُ وربما وقعت فيها الدواب فهلكت. يقال: أزْهَقَت
أيديها في الحُفَر؛ وقال رؤبة:
تَكادُ أيديها تَهاوى في الزَّهَقْ
وأنشد أيضاً:
كأنَّ أيديهنَّ تَهْوي في الزَّهَقْ،
أيْدي جَوارٍ يتَعاطَيْنَ الوَرَقْ
وقيل: معنى الزَّهَق التقدمُ في هذا البيت. وانْزَهَقَتِ الدابةُ:
تردَّتْ. ورجل مَزْهوقٌ: مضيَّق عليه. والقومُ زُهاقُ مائة وزِهاق مائة أي هم
قريبٌ من ذلك في التقدير، كقولهم زُهاءُ مائة وزِهاءُ مائة. وقال
المؤرّج: المُزْهِقُ القاتِل، والمُزْهَقُ المقتول. وزَهَقَ السهمُ أي جاوز
الهَدَف؛ وأزْهَقَه صاحبُه. وفي حديث عبد الرحمن بن عوف أنه تكلم يوم
الشُّورى فقال: إن جابِياً خيرٌ من زاهِقٍ؛ فالزاهِقُ من السهام: الذي وقَع
وراءَ الهَدَف دون الإصابة ولا يُصيب، والحابي: الذي وقَع دون الهَدَف ثم
زحَفَ إلى الهَدَف فأصابه، فأخبر أنَّ الضعيف الذي يُصيب الحق خيرٌ من
القويّ الذي لا يُصيبه، وضَرَبَ الزاهق والحابي من السِّهام لهما مثلاً.
وأزْهَقْتُ الإناء: قَلبتُه. ورأيتُ فلاناً مُزْهِقاً أي مُغِذّاً في سَيرِهِ.
وفرسٌ ذاتُ أزاهيقَ أي ذاتُ جَرْيٍ سريعٍ. قال أبو عبيد في المصنَّف:
وليس في شيء منه زَهِقَ، بالكسر، وحكى بعضهم زَهِقَت نفسه، بالكسر،
تَزْهَقُ زُهوقاً لغة في زَهَقَت. قال ابن بري: قال الهروي زَهِقَت نفسُه،
بالكسر، وقال ابن القُوطِيّة: زهِقت نفسُه، بالكسر، والفتح لغة. وفلان زَهِقٌ
أي نَزِقٌ. والزَّهَقُ: المُطْمئن من الأَرض. وأزهقَت الدابةُ السَّرْجَ
إذا قدَّمته وألقتْه على عُنُقها، ويقال بالراء؛ قال الراجز:
أخاف أن تُزْهِقَه أو يَنْزرِقْ
قال الجوهري: أنشدَنيه أبو الغوث بالزاي. وانزهقَتِ الدابةُ أي طَفَرت
من الضرْب أو النِّفارِ.
والزُّهْلُوقُ، بزيادة اللام: السَّمينُ. قال الأَصمعي في إناث حُمرُ
الوَحْشِ إذا استوت مُتونُها من الشحم قيل حُمُر زهالِقُ. قال ابن بري:
يقال الزَّهالِقُ واحدها زِهْلِق وهو الأَمْلَس؛ قال عُمارة:
مِثْل مُتون الحُمُر الزَّهالِق
أبو عبيد: جاءت الخيل أزاهِقَ وأزاهيقَ، وهي جماعات في تَفْرِقة.
لجن: لَجَنَ الورَقَ يَلْجُنُه لَجْناً، فهو مَلْجُونٌ ولَجِينٌ: خبَطه
وخلَطه بدقيق أَو شعير.وكلُّ ما حِيسَ في الماء فقد لُجِنَ.
وتَلجَّنَ الشيءُ: تَلزَّجَ. وتلجَّنَ رأْسُه: اتَّسَخَ، وهو منه. وتلجَّنَ
ورقُ السِّدْرِ إِذا لُجِنَ مدقوقاً؛ وأَنشد الشمّاخ:
وماءٍ قد ورَدْتُ لوَصْلِ أَرْوَى،
عليه الطَّيْرُ كالوَرَقِ اللَّجينِ
وهو ورقُ الخِطْمِيِّ إِذا أُوخِفَ. أَبوعبيدة: لَجَّنْتُ الخِطْمِيّ
ونحوه تَلْجيناً وأَوخَفْتُه إِذا ضربته بيدك ليَثْخُنَ، وقيل:تلجَّنَ
الشيءُ إِذا غُسِلَ فلم يَنتَقِ من وسَخه. وشيء لَجِنٌ: وسِخ؛ قال ابن
مقبل:
يَعْلونَ بالمَرْدَقُوشِ الوَرْدَ ضاحِيةً
على سَعابيب ماء الضّالةِ اللَّجِنِ
الليث: اللَّجينُ ورقُ الشَّجر يُخْبَطُ ثم يُخْلطُ بدقيق أَو شعير
فيُعْلفُ للإبل، وكل ورق أَو نحوه فهومَلْجُون لجِينٌ حتى آسُ الغِسْلَةِ.
الجوهري: واللَّجِينُ الخَبَطُ، وهو ما سقط من الورق عند الخَبْطِ،
وأَنشد بيت الشمّاخ. وتَلجَّنَ القومُ إِذا أَخذوا الورقَ ودقوه وخلطوه
بالنوى للإِبل. وفي حديث جرير: إِذا أَخْلَفَ كان لَجِيناً؛ اللَّجينُ، بفتح
اللام وكسر الجيم: الخَبَطُ، وذلك أَن ورق الأَراك والسَّلَم يُخْبَطُ
حتى يسقُط ويَجِفَّ ثم يُدَقُّ
(* قوله «حتى يسقط ويجف ثم يدق إلخ» كذا
بالأصل والنهاية، وكتب بهامشها: هذا لا يصح فإنه لا يتلزج إلا إذا كان
رطباً اه. أي فالصواب حذف يجف). حتى يتَلجَّن أَي يتلزج ويصيركالخِطْمِي.
وكل شيء تلزج فقد تَلجَّنَ، وهو فعيل بمعنى مفعول.
وناقة لَجُون: حَرُون؛ قال أَوس:
ولقد أَرِبْتُ على الهُمومِ بجَسْرَةٍ
عَيْرانةٍ بالرِّدْفِ، غير لَجُونِ
قال ابن سيده: اللِّجانُ في الإِبل كالحِرَانِ في الخيل.وقد لَجَنَ
لِجاناً ولُجوناً وهي ناقة لَجُونٌ، وناقة لَجُون أَيضاً: ثقيلة المشي، وفي
الصحاح: ثقيلة في السير، وجمَلٌ لَجُونٌ كذلك.قال بعضهم: لا يقال
وجمَلٌ لَجُونٌ إِنما تُخَصُّ به الإِناثُ، وقيل: اللِّجانُ واللُّجُون في
جميع الدواب كالحِرَانِ في ذوات الحافر منها. غيره: الحِرانُ في الحافر
خاصةً، والخِلاء في الإِبل، وقد لَجَنت تَلْجُنُ لُجُوناً ولِجاناً.
واللُّجَيْنُ: الفضة، لا مكبرله جاء مُصغَّراً مثل الثُّرَيّا
والكُمَيْتِ؛ قال ابن جني: ينبغي أَن يكون إِنما أَلزموا التحقير هذا الاسم
لاستصغار معناه ما دام في تُرابِ مَعْدِنه فلزمه التخليص. وفي حديث العِرْباض:
بِعْتُ من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بَكْراً فأَتيته أَتقاضاه
ثمَنَه فقال: لا أَقضيكها إََِلا لُجَيْنِيَّةً؛ قال ابن الأَثير: الضمير في
أَقضيكها إِلى الدراهم، واللُّجَيْنِيَّة منسوبة إِلى اللُّجَينِ، وهو
الفضة. واللَّجِينُ: زَبَدُ أَفواه الإِبل؛ قال أَبو وجزة:
كأَنَّ الناصعاتِ الغُرَّ منها،
إِذا صَرَفَتْ وقَطَّعَتِ اللَّجِينا
شبَّه لُغامها بلَجِين الخَطْمِيّ، وأَراد بالناصعات الغر أَنيابها.
خلس: الخَلْسُ: الأَخذ في نُهْزَةٍ ومُخاتلة؛ خَلَسَه يَخلِسُه خَلْساً
وخَلَسَة إِياه، فهو خالِسٌ وخَلاَّس؛ قال الهذلي:
يا مَيُّ، إِن تَفْقِدي قوماً وَلدْتِهم
أَو تَخْلِسِيهم، فإِن الدَّهْرَ خَلاَّس
الجوهري: خَلَسْتُ الشيء واخْتَلَسْته وتَخَلَّسْته إِذا اسْتَلبته.
والتَّخالُسُ: التَّسالُبُ. والاخْتلاسُ كالخَلْسِ، وقيل: الاخْتلاسُ أَوْحى
من الخَلْسِ وأَخص.
والخُلْسَة، بالضم: النُّهْزةُ. يقال: الفُرْصَةُ خُلْسَةٌ. والفِرْنانِ
إِذا تبارزا يَتَخالسان أَنفسَهما: يُناهِزُ كلُّ واحد منهما قَتْل
صاحبه. الأَزهري: الخَلْسُ في القتال والصِّراع. وهو رجل مُخالِسٌ أَي شجاع
حَذِرٌ. وتَخالسَ القِرْنانِ وتخالَسا نَفْسَيْهما: رام كلُّ واحد منهما
اخْتِلاسَ صاحبه؛ قال أَبو ذؤيب:
فَتَخَالَسا نَفْسَيْهما بنَوافِذٍ،
كنَوافِذِ العُبْطِ التي لا تُرْقَعُ
وخالَسَه مُخالَسَةً وخِلاساً؛ أَنشد ثعلب:
نَظَرْتُ إِلى مَيٍّ خِلاساً عَشِيَّةً،
على عَجَلٍ، والكاشِحُونَ حُضُورُ
كذا مثلَ طَرْفٍ العينِ، ثم أَجَنَّها
رِواقٌ أَتى من دونِها وسُتُورُ
وطَعْنة خَليسٌ إِذا اخْتَلَسَها الطاعنُ بِحِذْقِه. وأَخذه خِلِّيسَى
أَي اختلاساً. ورجل خَلِيسٌ وخَلاَّسٌ: شجاعٌ حَذِرٌ.
ورَكَبٌ مَخْلوس: لا يرى من قلة لحمه.
وأَخْلَسَ الشَّعْرُ، فهو مُخْلِسٌ وخَلِيسٌ: استوى سواده وبياضه، وقيل:
هو إِذا كان سواده أَكثر من بياضه؛ قال سُوَيدٌ الحارثي:
فَتًى قَبَلٌ لم تُعْنِسِ السِّنُّ وَجْهَه،
سِوَى خُلْسَةٍ في الرَّأْسِ كالبَرْقِ في الدُّجَى
أَبو زيد: أَخْلَسَ رأْسُه، فهو مُخلِسٌ وخَلِيس إِذا ابيض بعضه، فإِذا
غلب بياضه سواده، فهو أَغْثَم. والخَلِيسُ: الأَشْمط. وأَخْلَسَتْ لحيته
إِذا شَمَطَتْ. الجوهري: أَخْلَسَ رأْسُه إِذا خالط سوادُه البياضَ،
وكذلك النبت إِذا كان بعضه أَخْضَر وبعضه أَبيض، وذلك في الهَيْج، وخَّس
بعضهم به الطريقة والصِّلِّيانَ والهَلْتَى والسَحَمَ. وأَخْلَسَ الحَلِيُّ:
خرجت فيه خُضْرَةٌ طَرِيَّة؛ عن ابن الأَعرابي. وأَخْلَسَت الأَرضُ
والنباتُ: خالط يبيسُهما رَطْبَهما، والخُلْسَةُ الاسم من ذلك. وأَخْلَست
الأَرضُ أَيضاً: أَطْلَعَتْ شيئاً من النبات. والخَليسُ: النبات الهائج بعضُه
أَصفر وبعضُه أَخضر، وكذلك الخَلِيطُ يسمى خليساً.
والخِلاسِيُّ: الولد بين أَبيض وسوداء أَو بين أَسود وبيضاء. قال
الأَزهري: سمعت العرب تقول للغلام إِذا كانت أُمّه سوداء وأَبوه عربيّاً آدَمَ
فجاءت بولد بين لونيهما: غلام خِلاسِيٌّ، والأُنثى خِلاسِيَّة؛ ومنه
الحديث: سِرْ حتى تأْتي فَتَياتٍ قُعْساً، ورجالاً طُلْساً، ونساءً خُلْساً؛
الخُلْسُ: السُّمْرُ.
وفي الحديث: نهى عن الخلِيسَة، وهي ما تُسْتَخلَصُ من السبع فتموت قبل
أَن تُذَكَّى، من خَلَسْتُ الشيء واخْتَلَسْته إِذا سلبته، وهي فَعِيلة
بمعنى مفعولة؛ ومنه الحديث: ليس في النُّهْبَة ولا الخَلِيسة قطع، وفي
رواية: ولا في الخُلْسَة أَي ما يؤخذ سَلْباً ومُكابَرَةً؛ ومنه الحديث:
بادِرُوا بالأَعمال مَرَضاً حابساً أَو موتاً خالِساً أَي يَخْتَلِسُكم على
غفلة. والخِلاسِيُّ من الدِّيَكَةِ: بين الدَّجاج الهِنْدِية والفارسية.
الخليل: من المصادر المُخْتَلَس والمُعْتَمَدُ: فالمُخْتَلَسُ ما كان على
حَذْوِ الفعل نحو انصرَف انصرافاً ورجع رجوعاً، والمعتمد ما اعتمدت عليه
فجعلته اسماً للمصدر نحو المذهب والمَرْجِعِ، وقولك أَجَبْتُه إِجابةً،
وهو المعتمد عليه ولا يعرف المعتمد إِلا بالسَّماع.
ومُخالِسٌ: اسم حصان من خيل العرب معروف؛ قال مزاحِمٌ:
يَقُودانِ جُرْداً من بناتِ مُخالِسٍ،
وأَعْوَجَ يُقْفَى بالأَجِلَّةِ والرُّسْلِ
وقد سمت خَلاَّساً ومُخالِساً.
غبن: الغَبْنُ، بالتسكين، في البيع، والغَبَنُ، بالتحريك، في الرأْي.
وغَبِنْتَ رأْيَك أَي نَسِيته وضَيَّعْته. غَبِنَ الشيءَ وغَبِنَ فيه
غَبْناً وغَبَناً: نسيه وأَغفله وجهله؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
غَبِنْتُمْ تَتابُعَ آلائِنا،
وحُسْنَ الجِوارِ، وقُرْبَ النَّسَب.
والغَبْنُ: النِّسيان. غَبِنْتُ كذا من حقي عند فلان أَي نسيته
وغَلِطْتُ فيه. وغَبَنَ الرجلَ يَغْبِنُه غَبْناً: مَرَّ به وهو مائلٌ فلم يره
ولم يَفْطُنْ له. والغَبْنُ: ضعف الرأْي، يقال في رأْيه غَبْنٌ. وغَبِنَ
رَأْيَه، بالكسر، إذا نُقِصَه، فهو غَبِين أَي ضعيف الرأْي، وفيه غَبانَة.
وغَبِنَ رأْيُه، بالكسر، غَبَناً وغَبَانة: ضَعُف. وقالوا: غَبنَ رأْيَه،
فنصبوه على معنى فَعَّلَ، وإن لم يلفظ به، أَو على معنى غَبِنَ في
رأْيه، أَو على التمييز النادر. قال الجوهري: قولهم سَفِهَ نَفْسَه وغَبِنَ
رَأْيَه وبَطِرَ عَيْشَه وأَلِمَ بَطْنَه ووَفِقَ أَمْرَه ورَشِدَ أَمْرَه
كان الأَصلُ سَفِهَتْ نَفسُ زيد ورَشِدَ أَمْرُه، فلما حُوَّلَ الفعل إلى
الرجل انتصب ما بعده بوقوع الفعل عليه، لأَنه صار في معنى سَفَّهَ
نَفْسَه، بالتشديد؛ هذا قول البصريين والكسائي، ويجوز عندهم تقديم هذا المنصوب
كما يجوز غلامَه ضَرَبَ زيدٌ؛ وقال الفراء: لما حوِّل الفعل من النفس
إلى صاحبها خرج ما بعده مُفَسِّراً ليَدُلَّ على أَن السَّفَه فيه، وكان
حكمه أَن يكون سَفِهَ زَيدٌ نَفْساً لأَن المُفَسِّر لا يكون إلا نكرة،
ولكنه ترك على إضافته ونصب كنصب النكرة تشبيهاً بها، ولا يجوز عنده تقديمه
لأَن المُفَسِّرَ لا يَتَقَدَّم؛ ومنه قولهم: ضِقْتُ به ذَرْعاً وطِبْتُ
به نَفْساً، والمعنى ضاق ذَرْعِي به وطابَتْ نَفْسِي به. ورجل غَبِينٌ
ومَغْبُونٌ في الرأْي والعقل والدِّين. والغَبْنُ في البيع والشراء:
الوَكْسُ، غَبَنَه يَغْبِنُه غَبْناً هذا الأَكثر أَي خدَعه، وقد غُبِنَ فهو
مَغْبُونٌ، وقد حكي بفتح الباء
(* قوله «وقد حكي بفتح الباء» أي حكي الغبن
في البيع والشراء كما هو نص المحكم والقاموس). وغَبِنْتُ في البيع غَبْناً
إذا غَفَلْتَ عنه، بيعاً كان أَو شِرَاء. وغَبَيْتُ الرجلَ أغْباه
أَشَدَّ الغِباء، وهو مثل الغَبْنِ. ابن بُزُرْج: غَبِنَ الرجلُ غَبَناناً
شديداً وغُبِنَ أَشدّ الغَبَنانِ، ولا يقولون في الرِّبْح إِلاَّ رَبِحَ
أَشدّ الرِّبح والرَّباحة والرَّباح؛ وقوله:
قد كانَ، في أَكل الكَرِيصِ المَوْضُون،
وأَكْلكِ التمر بخُبْزٍ مَسْمُون،
لِحَضَنٍ في ذاك عَيْشٌ مَغْبُون.
قوله: مغبون أَي أَن غيرهم فيه
(* قوله «أي أن غيرهم فيه» كذا بالأصل
والمحكم أي أن غيرهم يغبنهم فيه. وقوله «إلا أنهم لا يعيشونه» أي لا يعيشون
به)، وهم يجدونه كأَنه يقول هم يقدرون عليه إلا أَنهم لا يَعِيشونه،
وقيل: غَبَنُوا الناسَ إِذا لم يَنَلْه غيرُهم. وحَضَنٌ هنا؛: حيٌّ.
والغَبِينَة من الغَبْنِ: كالشَّتِيمَة من الشَّتْم. ويقال: أَرَى هذا الأَمر
عليك غَبْناً؛ وأَنشد: أ
َجُولُ في الدارِ لا أَراك، وفي الـ
ـدّار أُناسٌ جِوارُهم غَبْنُ.
والمَغْبِنُ: الإِبِطُ والرُّفْغُ وما أَطاف به. وفي الحديث: كان إذا
اطَّلى بدأََ بمغابنه؛ المَغابِنُ: الأَرْفاغُ، وهي بَواطِنُ الأَفْخاذ عند
الحَوالِب، جمع مَغْبِنٍ من غَبَنَ الثوبَ إذا ثناه وعطفه، وهي مَعاطِفُ
الجلد أَيضاً. وفي حديث عكرمة: من مَسَّ مَغابِنَه فلْيَتَوضأْ؛ أَمره
بذلك استظهاراً واحتياطاً، فإِن الغالب على من يَلْمَسُ ذلك الموضعَ أَن
تقع يده على ذكره، وقيل: المغابِنُ الأَرْفاغُ والآباط، واحدها مَغْبِنٌ.
وقال ثعلب: كلُّ ما ثَنَيْتَ عليه فخذَك فهو مَغْبِن. وغَبَنْتُ الشيءَ
إذا خَبَأْته في المَغْبِنِ. وغَبنْتُ الثوبَ والطعامَ: مثل خَبَنْتُ.
والغابِنُ: الفاتِرُ عن العمل. والتَّغَابُن: أَن يَغْبِنَ القومُ بعضهم
بعضاً. ويوم التَّغَابُن: يوم البعث، من ذلك، وقيل: سمي بذلك لأَن أَهل
الجنة يَغْبِنُ فيه أَهلَ النار بما يصير إليه أَهل الجنة من النعيم ويَلْقَى
فيه أَهلُ النار من العذاب الجحيم، ويَغْبِنُ من ارتفعت منزلتُه في
الجنة مَنْ كان دُونَ منزلته، وضرب الله ذلك مثلاً للشراء والبيع كما قال
تعالى: هل أدُلُّكُم على تجارة تُنْجيكم من عذاب أَليم؟ وسئل الحسن عن قوله
تعالى: ذلك يومُ التَّغابُنِ؛ فقال: غَبَنَ أَهلُ الجنة أَهلَ النار أَي
اسْتَنْقَصُوا عقولَهم باختيارهم الكفر على الإِيمان. ونَظَر الحَسَنُ
إلى رجل غَبَنَ آخر في بيع فقال: إن هذا يَغْبِنُ عقلَك أَي يَنْقُصه.
وغَبَنَ الثوبَ يَغْبِنُه غَبْناً: كفه، وفي التهذيب: طالَ فَثَناه، وكذلك
كَبَنه، وما قُطِعَ من أَطرافِ الثوب فأُسقِطَ غَبَنٌ؛ وقال الأَعشى:
يُساقِطُها كسِقاطِ الغَبَنْ.
والغَبْنُ: ثَنْيُ الشيء من دَلْو أَو ثوب ليَنْقُصَ من طوله. ابن شميل:
يقال هذه الناقة ما شِئْتَ من ناقةٍ ظَهْراً وكَرَماً غير أَنها
مَغْبُونة لا يعلم ذلك منها، وقد غَبَنُوا خَبَرها وغَبِنُوها أَي لم يَعْلَمُوا
عِلْمَها.
رمض: الرَّمَضُ والرَّمْضاءُ: شِدّةُ الحَرّ. والرَّمَضُ: حَرُّ الحجارة
من شدّة حَرّ الشمس، وقيل: هو الحرّ والرُّجوعُ عن المَبادِي إِلى
المَحاضِر، وأَرضٌ رَمِضَةُ الحجارة. والرَّمَضُ: شدة وَقْع الشمس على الرمل
وغيره: والأَرضُ رَمْضاءُ. ومنه حديث عَقِيلٍ: فجعل يَتَتَبَّعُ الفَيْءَ
من شدّةِ الرَّمَضِ، وهو، بفتح الميم، المصدر، يقال: رَمِضَ يَرْمَضُ
رَمَضاً. ورَمِضَ الإِنسانُ رَمَضاً: مَضى على الرَّمْضاءِ، والأَرضُ
رَمِضةٌ. ورَمِضَ يَومُنا، بالكسر، يَرْمَضُ رَمَضاً: اشتدَّ حَرُّه. وأَرْمَضَ
الحَرُّ القومَ: اشتدّ عليهم. والرَّمَضُ: مصدر قولك رَمِضَ الرجلُ
يَرْمَضُ رَمَضاً إِذا احترقت قدماه في شدة الحر؛ وأَنشد:
فَهُنّ مُعْتَرِضاتٌ، والحَصى رَمِضٌ،
والرِّيحُ ساكنةٌ، والظِّلُّ مُعْتَدِلُ
ورَمِضَتْ قَدَمُه من الرمْضاءِ أَي احترَقَتْ. ورَمِضَتِ الغنم
تَرْمَضُ رَمَضاً إِذا رَعَتْ في شدّة الحر فحَبِنَتْ رِئاتُها وأَكْبادُها
وأَصابها فيها قَرَحٌ. وفي الحديث: صلاةُ الأَوّابين إِذا رَمِضَتِ الفِصالُ؛
وهي الصلاةُ التي سنَّها سيدنا رسولُ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، في
وقتِ الضُّحَى عند ارتفاعِ النهار. وفي الصحاح: أَي إِذا وجَدَ الفَصيلُ
حرَّ الشمس من الرَّمْضاءِ، يقول: فصلاة الضحى تلك الساعةَ؛ قال ابن
الأَثير: هو أَن تَحْمى الرَّمْضاءُ، وهي الرَّمْلُ، فتَبْرُكَ الفِصالُ من
شدة حرِّها وإِحراقِها أَخْفافَها. وفي الحديث: فلم تَكْتَحِلْ حتى كادَتْ
عيناها تَرْمَضانِ، يروى بالضاد، من الرَّمْضاء وشدة الحرّ. وفي حديث
صفية: تَشَكَّتْ عَيْنَيْها حتى كادتْ تَرْمَضُ، فإِن روي بالضاد أَراد حتى
تَحْمى. ورَمَضُ الفِصالِ: أَن تَحْتَرِقَ الرَّمْضاءُ وهو الرمل فتبرك
الفصال من شدة حرها وإِحراقها أَخفافَها وفَراسِنَها. ويقال: رَمَضَ
الراعي مواشِيَه وأَرمَضَها إِذا رَعاها في الرَّمْضاءِ وأَرْبَضَها عليها.
وقال عمر بن الخطاب، رضي اللّه عنه، لراعي الشاءِ: عليكَ الظَّلَفَ من
الأَرضِ لا تُرَمِّضْها؛ والظَّلَفُ من الأَرض: المكان الغليظ الذي لا
رَمْضاءَ فيه. وأَرْمَضَتْني الرَّمْضاءُ أَي أَحرقتني. يقال: رَمَّضَ الراعي
ماشيته وأَرمَضَها إِذا رعاها في الرَّمْضاء.
والتَّرَمُّضُ: صَيْدُ الظبي في وقت الهاجرة تتبعه حتى إِذا تَفَسَّخَت
قوائمُه من شدة الحر أَخذته. وترَمَّضْنا الصيْدَ: رَمَيْناه في الرمضاء
حتى احترقت قوائمُه فأَخذناه. ووجَدْتُ في جسَدِي رَمَضةً أَي
كالمَلِيلةِ. والرَّمَضُ: حُرْقةُ الغَيْظِ. وقد أَرْمَضَه الأَمرُ ورَمِضَ له، وقد
أَرْمَضَني هذا الأَمرُ فَرَمِضْتُ؛ قال رؤبة:
ومَنْ تَشَكَّى مُغْلةَ الإِرْماضِ
أَو خُلَّةً، أَعْرَكْتُ بالإِحْماضِ
قال أَبو عمرو: الإِرْماضُ كلُّ ما أَوْجَع. يقال: أَرْمَضَني أَي
أَوْجَعَني. وارْتَمَضَ الرجل من كذا أَي اشتدّ عليه وأَقْلَقَه؛ وأَنشد ابن
بري:
إِنَّ أُحيحاً ماتَ من غيرِ مَرَضْ،
ووُجْدَ في مَرْمَضِه، حيث ارْتمض
عساقِلٌ وجِبَأٌ فيها قَضَضْ
وارْتَمَضَتْ كَبِدُه: فسَدَتْ. وارْتَمضْتُ لفلانٍ: حَزِنْتُ له.
والرَّمَضِيُّ من السحاب والمطر: ما كان في آخر القَيْظِ وأَوّلِ
الخَرِيف، فالسحابُ رَمَضِيٌّ والمطر رَمَضِيٌّ، وإِنما سمي رَمَضِيّاً لأِنه
يدرك سُخونة الشمس وحرّها. والرَّمَضُ: المطر يأْتي قُبُلَ الخريف فيجد
الأَرض حارّة محترقة. والرَّمَضِيَّةُ: آخر المِيَرِّ، وذلك حين تحترِقُ
الأَرض لأَنَّ أَوّلَ المِيَرّ الرَّبَعِيَّةُ ثم الصَّيْفِيّةُ ثم
الدَّفَئِيّةُ، ويقال: الدَّثَئِيّةُ ثم الرَّمَضِيّةُ.
ورمضانُ: من أَسماء الشهور معروف؛ قال:
جاريةٌ في رمضانَ الماضي،
تُقَطِّعُ الحديثَ بالإِيماضِ
أَي إِذا تبَسَّمَتْ قطَّعَ الناسُ حديثهم ونظروا إِلى ثَغْرِها. قال
أَبو عمر مُطَرِّزٌ: هذا خطأٌ، الإِيماضُ لا يكون في الفم إِنما يكون في
العينين، وذلك أَنهم كانوا يتحدّثون فنظرت إِليهم فاشتغلوا بحسن نظرها عن
الحديث ومضت، والجمع رَمَضاناتٌ ورَماضِينُ وأَرْمِضاءُ وأَرْمِضةٌ
وأَرْمُضٌ؛ عن بعض أَهل اللغة، وليس بثبَت. قال مطرز: كان مجاهد يكره أَن
يُجْمَعَ رمضانُ ويقول: بلغني أَنه اسم من أَسماء اللّه عزّ وجلّ؛ قال ابن
دريد: لما نقلوا أَسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأَزمنة التي هي
فيها فوافَقَ رمضانُ أَيامَ رَمَضِ الحرّ وشدّته فسمّي به. الفَرّاء: يقال
هذا شهر رمضان، وهما شهرا ربيع، ولا يذكر الشهر مع سائر أَسماء الشهور
العربية. يقال: هذا شعبانُ قد أَقبل. وشهر رمضانَ مأْخوذ من رَمِضَ الصائم
يَرْمَضُ إِذا حَرّ جوْفُه من شدّة العطش، قال اللّه عزّ وجلّ: شهر رمضان
الذي أُنزل فيه القرآن؛ وشاهدُ شهْرَيْ ربيع قول أَبي ذؤيب:
به أَبَلَتْ شَهْرَيْ رَبِيعٍ كِلَيْهِما،
فَقَد مارَ فيها نَسْؤُها واقْتِرارُها
نَسْؤُها: سِمَنُها. واقْتِرارُها: شِبَعُها.
وأَتاه فلم يُصِبْه فَرَمَّضَ: وهو أَن ينتظِره شيئاً. الكسائي: أَتيته
فلم أَجِدْه فرَمَّضْتُه تَرْمِيضاً؛ قال شمر: تَرْمِيضُه أَن تنتظره
شيئاً ثم تَمْضي.
ورَمَضَ النَّصْلَ يَرْمِضُه ويَرْمُضُه رَمْضاً: حدّده. ابن السكيت:
الرَّمْضُ مصدر رَمَضْتُ النصْلَ رَمْضاً إِذا جعلته بين حجرين ثم دقَقْتَه
ليَرِقَّ. وسِكِّينٌ رَمِيضٌ بيّنُ الرَّماضةِ أَي حديدٌ. وشفْرةٌ
رَمِيضٌ ونَصْلٌ رَمِيضٌ أَي وَقِيعٌ؛ وأَنشد ابن بري للوضّاح بن
إِسمعيل:وإِنْ شِئْتَ، فاقْتُلْنا بِمُوسَى رَمِيضةٍ
جَمِيعاً، فَقَطِّعْنا بِها عُقَدَ العُرا
وكل حادٍّ رَمِيضٌ. ورَمَضْتُه أَنا أَرْمُضُه وأَرْمِضُه إِذا جعلته
بين حجرين أَمْلَسَيْنِ ثم دقَقْته ليَرِقّ. وفي الحديث: إِذا مَدَحْتَ
الرجل في وجهه فكأَنما أَمْرَرْتَ على حلقه مُوسَى رَمِيضاً؛ قال شمر:
الرَّمِيضُ الحديد الماضي، فَعِيل بمعنى مفعول؛ وقال:
وما رُمِضَتْ عِنْدَ القُيونِ شِفارُ
أَي أُحِدّتْ. وقال مُدْرِكٌ الكلابي فيما روى أَبو تراب عنه:
ارْتَمَزَتِ الفرَسُ بالرجل وارْتَمَضَتْ به أَي وثَبَتْ به.
والمَرْمُوضُ: الشِّواءُ الكَبِيسُ. ومَرَرْنا على مَرْمِضِ شاةٍ
ومَنْدَه شاةٍ، وقد أَرْمَضْتُ الشاةَ فأَنا أُرْمِضُها رَمْضاً، وهو أَن
تَسْلُخَــها إِذا ذبحتها وتَبْقُرَ بطنها وتخرج حُشْوَتها، ثم تُوقِدَ على
الرِّضافِ حتى تَحْمَرَّ فتصير ناراً تتّقِدُ، ثم تطرحها في جوف الشاة وتكسر
ضلوعها لتنطبق على الرضاف، فلا يزال يتابِعُ عليها الرِّضافَ المُحْرقَةَ
حتى يعلم أَنها قد أَنْضَجَتْ لحمَها، ثم يُقْشر عنها جلدُها الذي
يسلَخُ عنها وقد استوى لحمها؛ ويقال: لحم مَرْمُوض، وقد رُمِضَ رَمْضاً. ابن
سيده: رَمَضَ الشاة يَرْمِضُها رَمْضاً أَوقد على الرضْفِ ثم شقَّ الشاة
شقّاً وعليها جلدها، ثم كسّر ضُلوعَها من باطن لتطمئنّ على الأَرض، وتحتها
الرّضْفُ وفوقها المَلَّةُ، وقد أَوْقَدُوا عليها فإِذا نَضِجَتْ
قَشَرُوا جلدَها وأَكلوها، وذلك الموضع مَرْمِضٌ، واللحمُ مَرْمُوض.
والرَّمِيضُ: قريب من الحَنِيذِ غير أَن الحَنِيذ يكسَّر ثم يُوقَدُ
فوقه.
وارْتَمَضَ الرجل: فسَدَ بطنه ومَعِدَتُه؛ عن ابن الأَعرابي.