أقحم وتردى وتورط وانتظم وانهمك وانهجم وأخطر وَركب الْغرَر
أقحم وتردى وتورط وانتظم وانهمك وانهجم وأخطر وَركب الْغرَر
صمع: صَمِعَتْ أُذنه صَمَعاً وهي صَمْعاءُ: صَغُرَت ولم تُطَرَّفْ وكان
فيها اضْطِمارٌ ولُصوقٌ بالرأْس، وقيل: هو أَن تَلْصَقَ بالعِذارِ من
أَصلها وهي قصيرة غير مُطَرَّفة، وقيل: هي التي ضاق صِماخُها وتَحدَّدَت؛
رجل أَصْمَع وامرأَة صَمْعاءُ. والصَّمِعُ: الصغير الأُذن المليحها.
والصَّمْعاءُ من المَعز: التي أُذنها كأُذن الظبي بين السَّكّاء والأَذْناءِ.
والأَصْمَعُ: الصغير الأُذن، والأُنثى صمعاءُ. وقال الأَزهري: الصمعاء
الشاة اللطيفة الأُذن التي لَصِقَ أُذناها بالرأْس. يقال: عنز صمعاء وتيس
أَصمع إِذا كانا صغيري الأُذن. وفي حديث علي، رضي الله عنه: كأَني برجل
أَصْعَلَ أَصْمَعَ حَمِشِ الساقَينِ يَهْدِمُ الكعبةَ؛ الأَصْمَعُ: الصغير
الأُذنين من الناس وغيرهم. وفي الحديث: أَن ابن عباس كان لا يَرى بأْساً بأَن
يُضَحَّى بالصَّمْعاءِ أَي الصغيرةِ الأُذنين. وظبيٌ مُصَمَّعٌ:
أَصْمَعُ الأُذن؛ قال طرفة:
لعَمْرِي، لقد مَرَّتْ عَواطِسُ جَمّةٌ،
ومَرَّ قُبَيْلَ الصُّبْحِ ظَبْيٌ مُصَمَّعُ
وظبي مُصَمَّعٌ: مُؤَلَّلُ القَرْنينِ. والأَصْمَعُ: الظليم لصِغَرِ
أُذنه ولُصوقِها برأْسه؛ وأَما قول أَبي النجم في صفة الظَّلِيم:
إِذا لَوى الأَخْدَعَ من صَمْعائِه،
صاحَ به عشْرُونَ من رِعائِه
يعني الرِّئالَ؛ قالوا: أَراد بصَمْعائِه سالِفَتَه وموضعَ الأُذن منه،
سميت صمعاء لأَنه لا أُذن للظليم، وإِذا لَزِقَتِ الأُذن بالرأْس فصاحبها
أَصْمَع. والصَّمَعُ في الكُعوب: لَطَافَتها واستِواؤها. وامرأَة صمعاءُ
الكعبين: لطيفتمها مُسْتَوِيَتُهما. وكعْبٌ أَصمَعُ: لطيف مُحَدَّدٌ؛ قال
النابغة:
فَبَثَّهُنّ عليه واسْتَمَرّ به
صُمْعُ الكُعوبِ بَرِيئَاتٌ مِنَ الحَرَدِ
عَنى بها القَوائِمَ والمَفْصِل أَنها ضامرةٌ ليست بمنتفخةٍ. ويقال
للكِلاب: صُمْعُ الكُعوب أَي صغار الكعوب؛ قال الشاعر:
أَصْمَعُ الكَعْبَيْنِ مَهْضُومُ الحَشا،
سَرْطَمُ اللَّحْيَيْنِ مَعَّاجٌ تَئِقْ
وقوائِمُ الثَّوْر الوَحْشِيّ تكون صُمْعَ الكُعوبِ ليس فيها نُتُوء ولا
جَفاءٌ؛ وقال امرؤ القيس:
وساقانِ كَعْباهُما أَصْمَعا
نِ، لَحْمُ حَماتَيْهِما مُنْبَتِرْ
أَراد بالأَصمع الضامر الذي ليس بمنتفخ. والحَماةُ: عَضَةُ الساقِ،
والعرب تَسْتَحِبُّ انبِتارَها وتَزَيُّمَها أَي ضُمورَها واكْتِنازَها.
وقناةٌ صَمْعاءُ الكُعوبِ: مُكْتَنِزة الجوْفِ صُلْبةٌ لطيفة العُقد.
وبَقْلةٌ صَمْعاءُ: مُرْتَوية مكتنزة. وبُهْمَى صَمْعاءُ: غَضّةٌ لم
تَتَشَقَّقْ؛ قال:
رَعَتْ بارِضَ البُهْمَى جمِيعاً وبُسْرةً
وصَمْعاءَ، حتى آنَفَتْها نِصالُها
(* قوله« رعت وآنفتها» هذا ما بالأصل وفي الصحاح: رعى وآنفته،
بالتذكير.)آنَفَتْها: أَوجَعَتْها آنُفَها بسَفاها، ويروى حتى أَنْصَلَتها؛ قال
ابن الأَعرابي: قالوا بُهْمَى صَمْعاءُ فبالغوا بها كما قالوا صِلَّيانٌ
جَعْدٌ ونَصِيٌّ أَسْحَمُ، قال: وقيل الصَّمْعاء التي نبتت ثمرها في
أَعلاها، وقيل: الصمعاء البُهمى إِذا ارتفعت قبل أَن تَتَفَقَّأَ. وفي الحديث:
كإِبل أَكَلَتْ صَمْعاءَ، هو من ذلك، وقيل: الصمعاء البقْلةُ التي
ارْتَوَتْ واكْتَنَزَت، قال الأَزهري: البُهْمَى أَوّل ما يبدو منها البارِضُ،
فإِذا تحرّك قليلاً فهو جَمِيمٌ، فإِذا ارتفع وتَمَّ قبل أَن يَتَفَقَّأَ
فهو الصمْعاء، يقال له ذلك لضُمورة. والرِّيشُ الأَصْمَعُ: اللطيفُ
العَسِيبِ، ويجمع صُمْعاناً.
ويقال: تَصَمَّعَ رِشُ السَّهمِ إِذا رُمِيَ به رمية فتلطخ بالدم
وانضمَّ والصُّمْعانُ: ما رِيشَ به السهم من الظُّهارِ، وهو أَفضل الرِّيش.
والمُتَصَمِّعُ: المتلطخ بالدم؛ فأَما قول أَبي ذؤيب:
فَرَمَى فأَنْفَذَ من نَحُوصٍ عائِطٍ
سَهْماً، فَخَرَّ ورِيشُه مُتَصَمِّعُ
فالمُتَصَمِّعُ: المضَمّ الريش من الدم من قولهم أُذن صمعاء، وقيل: هو
المتلطخ بالدم وهو من ذلك لأَن الريش إِذا تلطخ بالدم انضم. ويقال للسهم:
خرج مُتَصَمِّعاً إِذا ابْتَلَّتْ قُذَذُه من الدم وغيره فانْضَمَّت.
وصَمَعُ الفُؤادِ: حِدَّتُه. صَمِعَ صمَعاً، وهو أَصمَعُ. وقلب أَصمَعُ:
ذَكِيٌّ مُتَوَقِّدٌ فَطِنٌ وهو من ذلك، وكذلك الرأْيُ الحازم على المَثَل
كأَنه انضمّ وتجمّع. والأَصمعانِ: القلبُ الذَّكِيّ والرأْيُ العازم.
الأَصمعي: الفُؤاد الأَصْمَعُ والرأْيُ الأَصْمَع العازِمُ الذكِيّ. ورجل
أَصمع القلب إِذا كان حادّ الفِطْنة. والصَّمِعُ: الحديدُ الفُؤادِ.
وعَزْمةٌ صَمْعاءُ أَي ماضيةٌ. ورجل صَمِيعٌ بَيِّنُ الصَّمَعِ: شُجاعٌ لأَن
الشجاع يوصَفُ بتَجَمُّع القلب وانضمامه. ورجل أَصْمَعُ القلب إِذا كان
مُتَيَقِّظاً ذَكِيًّا. وصَمَّعَ فلان على رأْيه إِذا صمم عليه.
والصَّوْمَعةُ من البناء سميت صَوْمَعةً لتلطيف أَعلاها، والصومعة:
مَنارُ الراهِبِ؛ قال سيبويه: هو من الأَصْمَعِ يعني المحدَّدَ الطرَفِ
المُنْضَمَّ. وصَوْمَعَ بِناءَه: عَلاَّه، مشتق من ذلك، مثَّل به سيبويه
وفسّره السيرافي. وصَوْمَعةُ الثريد: جُثَّته وذِارْوَتُه، وقد صَمَّعَه.
ويقال: أَتانا بثريدة مُصَمَّعة إِذا دُقِّقَت وحُدِّد رأْسُها ورُفِعَت،
وكذلك صَعْنَبَها، وتسمى الثريدة إِذا سُوِّيت كذلك صَوْمَعةً، وصومعةُ
النصارى فَوْعَلةٌ من هذا لأَنها دقيقة الرأْس. ويقال للعُقابِ صَوْمَعةٌ
لأَنها أَبداً مرتفعة على أَشرفِ مكان تَقْدِرُ عليه؛ هكذا حكاه كراع منوناً
ولم يقل صومعةَ العُقابِ. والصَّوامِعُ: البَرانِسُ؛ عن أَبي عليٍّ ولم
يذكر لها واحداً؛ وأَنشد:
تَمَشَّى بها الثِّيرانُ تَرْدِي كأَنَّها
دَهاقِينُ أَنباطٍ، عليها الصَّوامِعُ
قال: وقيل العِيابُ. وصَمَعَ الظَّبْيُ: ذهبُ في الأَرضِ. وروي عن
المؤرّج أَنه قال: الأَصمع الذي يترقى أَشرف موضع يكون. والأَصْمَعُ: السيْفُ
القاطعُ. ويقال: صَمِعَ فلان في كلامه إِذا أَخْطأَ، وصَمِعَ إِذا رَكِبَ
رأْسَه فمضَى غيرَ مُكْتَرِثٍ. والأَصْمَعُ: السادِرُ؛ قال الأَزهري:
وكلُّ ما جاء عن المؤرّج فهو مما لا يُعَرَّجُ عليه إِا أَن تصح الرواية عنه.
والتَّصَمُّع: التَّلَطُّف.
وأَصْمَعُ: قبيلة. وقال الأَزهري: قَعْطَرَه أَي صَرَعَه وصَمَعَه أَي
صَرَعَه.
صفق: الصَّفْق: الضرب الذي يسمع له صوت، وكذلك التَّصْفِيقُ. ويقال:
صَفَّقَ بيديه وصفَّح سواء. وفي الحديث: التسبيحُ للرجال والتَّصْفِيقُ
للنساء؛ المعنى إِذا ناب المصلي شيء في صلاته فأَراد تنبيه مَنْ بحذائه
صَفَّقَت المرأَة بيديها وسبَّح الرجل بلسانه. وصفَقَ رأْسَه يَصفِقه صفْقاً:
ضربه، وصَفَقَ عينه كذلك أَي ردَّها وغمَّضها. وصفَقه بالسيف إِذا ضربه؛
قال الراجز:
كأَنها بَصْرِية صوافق
واصْطَفَقَ
القومُ: اضطربوا. وتصافَقُوا: تبايعوا. وصَفَقَ يَده بالبيعة والبيع
وعلى يده صَفْقاً: ضرب بيده على يده، وذلك عند وجوب البيع، والاسم منها
الصَّفْقُ والصِّفِقَّى؛ حكاه سيبويه اسْماً؛ قال السيرافي: يجوز أَن يكون من
صَفْقِ الكفِّ على الأُخرى، وهو التَّصْفاقُ يذهب به إِلى التكثير؛ قال
سيبويه: هذا باب ما يكثر فيه المصدر من فَعَلْت فتُلْحِق الزوائد
وتَبْنيه بناء آخر، كما أَنك قلت في فَعَلت فَعَّلت حين كثَّرت الفعل ثم ذكرت
المصادر التي جاءت على التَّفْعال كالتَّصْفاقِ وأَخواتها، قال: وليس هو
مصدر فَعَلْت ولكن لما أَردت التكثير بنيت المصدر على هذا كما بنيت فَعَلت
على فَعَّلت، وتَصافَقَ القومُ عند البَيعة.
ويقال: رَبِحَت صَفْقَتُك، للشِّراء، وصَفْقةٌ رابحةٌ وصَفْقةٌ خاسِرةٌ.
وصَفَقْت له بالبيع والبيعة صَفْقاً أَي ضربت يدي على يده. وفي حديث ابن
مسعود: صَفْقَتانِ
في صَفْقةٍ رِباً؛ أَراد بَيْعتانِ في بيعة، وهو مثل حديث بيعتين في
بيعة وهو مذكور في موضعه، وهو على وجهين: أَحدهما أَن يقول البائع للمشتري
بِعْتُك عبدي هذا بمائة درهم على أَن تشتري مني هذا الثوبَ بعشرة دراهم،
والوجه الثاني أَن يقول بِعْتُك هذا الثوبَ بعشرين درْهَماً على أَن
تَبِيعني سِلعة بعينها بكذا وكذا درهماً، وإِنما قيل للبيعة صفقة لأَنهم
كانوا إِذا تبايَعوا تَصافَقُوا بالأَيدي. ويقال: إِنه لَمُبارَكُ الصَّفْقةِ
أَي لا يشتري شيئاً إِلاَّ رَبِحَ فيه؛ وققد اشتريت اليوم صَفْقةً
صالحة. والصَّفْقةُ
تكون للبائع والمشتري. وفي حديث أَبي هريرة: أَلْهاهُم الصَّفْقُ
بالأَسواق أَي التبايُعُ. وفي الحديث: إِن أَكْبَرَ
الكبائِر أَن تقاتِلَ أَهلَ صَفْقَتِكَ؛ هو أَن يُعْطِيَ الرجلَ عهدَه
وميثاقَه ثم يقاتله، لأَن المتعاهدين يضع أَحدهما يده في يد الآخر كما
يفعل المتبايعان، وهي المرَّة من التَّصْفِيق باليدين. ومنه حديث ابن عمر:
أَعْطاه صَفْقَة يدِه وثمرةَ قَلَبه. والتَّصْفِيقُ باليد: التصويت بها.
وفي الحديث: أَنه نهى عن الصَّفْقِ والصفير؛ كأَنه أَراد معنى قوله
تعالى: وما كان صَلاتُهم عند البيت إِلاَّ مُكاءً وتَصْدِيةً؛ كانوا
يُصَفِّقونَ ويُصفِّرونَ ليَشْغَلوا النبي، صلى الله عليه وسلم، والمسلمين في
القراءة والصلاة، ويجوز أَن يكون أَراد الصَّفْقَ على وجه اللهو واللعب.
وأَصْفَقَتْ يدُه بكذا أَي صادَقَتْه ووافَقَتْه؛ قال النمر بن تولب يصف
جزّاراً:
حتى إِذا طُرِحَ النَّصِيبُ، وأَصْفَقَتْ
يدُه بِجِلْدةِ ضَرْعِها وحُوارِها
وأَنشد أَبو عمرو:
يَنْضَحْنَ ماءَ البَدَنِ المُسَرّى،
نَضْحَ الأَداوَى الصَّفَقَ المُصْفَرّا
أَي كأَنّ عَرَقَها الصَّفَقُ
المُسَرّى المنضوحُ. يقال: هو يُسَرِّي العَرَقَ عن نفسه؛ وقال أَبو
كبير الهذلي:
أَحَلا وإِن يُصْفَقْ لأَهل حَظِيرة،
فيها المُجَهْجهُ والمنَارةُ تُرزِمُ
إِن يُصْفَق أَي يُقْدَر ويُتاح. يقال: أُصْفِقَ لي أَي أُتِيحَ لي؛
يقول: إِن قُدِرَ لأَهل حَظِيرة متَحَرِّزين الأَسد كان المقدور كائناً،
وأَراد بالمنارة تَوَقُّد عيني الأَسد كالنار، أَراد وذو المنارة يُرْزِمُ.
وصَفَق الطائرُ بجناحيه يَصْفِقُ وصَفَّق: ضرب بهما. وانْصَفَقَ
الثوبُ: ضربَتْه الريح فَنَاسَ
. الليث: يقال الثوب المعلق تُصَفِّقه الريح كل مُصَفَّق فيَنْصَفِقُ؛
وأَنشد:
وأُخْرَى تُصَفِّقُها كلُّ رِيحٍ
سَرِيعٍ، لدَى الجَوْرِ، إِرْغانُها
والصَّفْقةُ: الاجتماعُ عى الشيء. وأَصْفَقُوا على الأَمر: اجتمعوا
عليه، وأَصْفَقُوا على الرجلِ كذلك؛ قال زهير:
رأَيت بني آلِ امرِئِ القَيْس أَصْفَقُوا
علينا، وقالوا: إِنَّنا نَحْنُ أَكثرُ
وفي حديث عائشة، رضوان الله عليها: فأَصْفَقَتْ له نِسْوانُ
مكة أَي اجتمعت إِليه، وروي فانْصَفَقَتْ له. وفي حديث جابر: فنَزَعْنا
في الحَوْضِ حتى أَصْفَقْناه أَي جَمَعْناه فيه الماء؛ هكذا جاء في
رواية والمحفوظ أَفْهَقْناه أَي ملأْناه. وأَصْفَقُوا له: حَشَدُوا.
وصَفَقَتْ علينا صافِقةٌ من الناس أَي قومٌ. وانْصَفَقوا عليه يميناً
وشمالاً: أَقبلوا. وأَصْفَقُوا على كذا أَي أَطبقوا عليه؛ قال يزيد بن
الطَّثَرِيّة:
أَثِيبي أَخا ضارُورة أَصْفَقَ العِدى
عليه، وقَلَّتْ في الصَّديقِ أَواصِرُهْ
ويقال: اصْفِقْهُم عنك أَي اصْرِفْهُم عنك؛ وقال رؤبة:
فما اشْتَلاها صَفْقَةً في المُنْصَفَق،
حتى تردَّى أَربعٌ في المُنْعَفَق
وانصَفَقُوا: رجعوا. ويقال: صَفَق ماشيتَه يَصْفِقُها صَفْقاً إِذا
صرفها. والصَّفْقُ والصَّفَقُ: الجانبُ والناحية؛ قال:
لا يَكْدَحُ الناسُ لهنَّ صَفْقا
وجاء أَهل ذلك الصَّفَق أَي أَهل ذلك الجانب. وصَفْقُ الجبلِ: صَفْحُه
وناحِيَتُه؛ قال أَبو صَعْترةَ البَوْلاني:
وما نُطْفَةٌ في رأْسِ نيقٍ تمنَّعتْ
بعَنْقاءَ من صَعْب، حَمَتْها صُفُوقُها
وصَفَقَ عينَه أَي ردَّها وغمضها.
وصافَقَت الناقةُ: نامت على جانب مرة وعلى جانب أُخرى، فاعَلَتْ من
الصفْق الذي هو الجانب. وتَصَفَّقَ الرجلُ: تقلَّب وتردد من جانب إِلى جانب؛
قال القطامي:
وأَبَيْنَ شَيْمَتَهُنَّ أَولَ مَرّةٍ،
وأَبَى تَقَلُّبُ دهرِك المُتَصَفِّقَ
وتَصَفَّقَتِ الناقة إِذا انقلبت ظهراً لبطن عن المخاض. وتَصَفَّقَ
فلان للأَمر أَي تعرض له؛ قال رؤبة:
لَمّا رأَيْتُ الشَّعرَّ قد تَأَلَّقا،
وفِتْنَةً تَرْمي بِمَنْ تَصَفَّقَا،
هَنَّا وهَنَّا عن قِذافٍ أَخْلَقا
قال شمر: تصفَّق أَي تعرَّض وتردَّد. والمُصَافِقُ من الإِبل: الذي ينام
على جنبه مرة وعلى الآخر مرة، وإِذا مخَضَت الناقة صافَقَت؛ قال الشاعر
يصف الدجاجة وبيضها:
وحامِلة حَياًًّ، ولَيْسَتْ بِحيَّةٍ
إِذا مخَضَتْ يوماً به لم تُصَافِق
وصَفْقَا العُنُقِ: ناحيتاه. وصفقا الفرس: خدّاه. وصَفْقُ الجبل: وجهه
في أَعلاه. وهو فوق الحضيض.
وصَفَّقَ الشرابَ: مزجَه، فهو مُصَفَّقٌ. وصَفَقَه وصَفَّقَه
وأَصْفَقَه: حوَّله من إِناء إِلى إِناء لِيَصْفُو؛ قال حسان:
يَسْقُونَ مَن وَرَدَ البَريصَ عَلَيْهِمُ،
بَرَدَى يُصَفَّقُ بالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ
وقال الأَعشى:
وشَمول تَحْسَبُ العَيْنُ، إِذا
صُفِّقَتْ، وَرْدَتَها نَوْرَ الذُّبَحْ
الفراء: صَفَقْتُ القدحَ وصَفَّقْتُه وأَصْفَقْتُه إِذا مَلأْته.
والتَّصْفِيقُ: تحويلُ الشراب من دَنٍّ إِلى دَنٍّ في قول الأَصمعي؛
وأَنشد:إِذا صُفِّقَتْ بَعْدَ إِزْبادِها
وصَفَقَت الريحُ الماءَ: ضرَبَتْه فصَفَّتْه، والرِّيحُ تَصْفِقُ
الأَشجارَ فتَصْطَفِقُ أَي تضطرب. وصَفَّقَت الرِّيحُ الشيء إِذا قَلَبَتْه
يميناً وشمالاً وردَّدَتْه. يقال: صَفَقَتْه الريحُ وصَفَّقَتْه. وصَفَّقَت
الريحُ السحابَ إِذا صَرَمَتْه واختلفت عليه؛ قال ابن مقبل:
وكأَنما اعْتَنَقَتْ صَبِيرَ غَمامةٍ،
بُعْدَى تُصَفِّقُه الرِّياحُ زُلالِ
قال ابن بري: وهذا البيت في آخر كتاب سيبويه من باب الإِدغام بنصب
زُلال، وهو غلط لأَن القصيدة مخفوضة الروي. وفي حديث أَبي هريرة: إِذا
اصْطَفَقَ الآفاقُ بالبيَاضِ أَي اضطرب وانْتَشَر الضَّوءُ، وهو افْتَعَل من
الصَّفْق، كما تقول اضطرب المجلس بالقوم.
وصِفاقُ البطنِ: الجلدةُ الباطنة التي تلي السواد سوادَ البطن وهو حيث
ينقب البيطار من الدابة؛ قال زهير:
أَمين صَفاة لم يُخَرَّق صِفاقه
بِمِنْقَبِه، ولم تُقَطَّعْ أَباجِلُهْ
والجمع صُفُقٌ، لا يُكسَّر على غير ذلك؛ قال زهير:
حتى يَؤُوبَ بها عُوجاً مُعَطَّلةً،
تَشْكُو الدَّوابرَ والأَنْساءَ والصُّفُقا
وبعض يقول: جلد البطن كله صِفاقٌ. ابن شميل: الصِّفاقُ ما بين الجلد
والمُصْرانِ، ومَراقُّ البطن: صفاقٌ أَجمع ما تحت الجلد نمه إِلى سواد
البطن، قال: ومَراقُّ البطن كل ما لم ينحن عليه عظم. وقال الأَصمعي:
الصِّفاقُ الجلد الأَسْفل الذي دون الجلد الذي يُسْلخ، فإِذا سلخ المَسْك بقي ذلك
مُمْسِكَ البطن، وهو الذي إِذا انْشَقَّ كان منه الفَتْقُِ. وقال أَبو
عمرو: الصِّفاقُ ما حول السرّة حيث يَنْقُبُ البَيْطارُ؛ وقال بشر:
مُذَكَّرة كأَنّ الرَّحْلَ منها،
على ذي عانةٍ، وافي الصِّفاقِ
وافي الصفاق أَراد أَن ضلوعَه طِوالٌ. وقال الأَصمعي في كتاب الفرس:
الصِّفاقُ الجلد الأَسفل الذي تحت الجلد الذي عليه الشعر؛ وأَنشد
للجعدي:لُطِمْنَ بِتُرْسٍ شَديدِ الصِّفا
ق من خَشَبِ الجَوْزِ لم يُثْقَب
يقول: ذلك الموضع منه كأَنه تُرْس وهو شديد الصِّفاق. وفي حديث عمر:
أَنه سئل عن امرأَة أَخذَت بأُنْثَيَيْ زَوْجِها فَخَرَقَتِ الجِلْدَ ولم
تَخْرِقِ الصِّفاقَ، فقضى بنصف ثلث الدية؛ الصِّفاقُ: جِلدة رقيقة تحت
الجلد الأَعلى وفوق اللحم.
والصَّفَقُ: الأَدِيمُ الجديد يُصَبُّ عليه الماء فيخرج منه ماء أَصفر
واسم ذلك الماء الصَّفْقُ
والصَّفَقُ. والصَّفَقُ، بالتحريك: الماء الذي يُصَبُّ في القربة
الجديدة فيحرك فيها فيصفرّ؛ قال ابن بري: شاهده قول أَبي محمد الفقعسي:
يَنْضَحْنَ ماءَ البَدَنِ ا لمُسَرَّى،
نَضْحَ البَدِيعِ الصَّفَقَ المُصْفَرّا
والمُسَرّى: المُسْتَسِرُّ في البدن. ويقال: وردنا ماءَ كأَنَّه صَفَقٌ،
وهو أَول ما يُصَبُّ في القربة الجديدة فيخرج الماء أَصفر؛ وصَفَّق
القربة: فعل بها ذلك. وقال أَبو حنيفة: الصَّفَقُ رِيحُ الدباغ وطعمه.
وصَفَقَ الكأْسَ وأَصْفَقَها: ملأَها؛ عن اللحياني. وصَفَقَ البابَ
يَصْفِقْه صَفْقاً وأَصْفَقَه، كلاهما: أَغْلَقَه وردّه مثل بَلَقْتُه
وأَبْلَقْتُه؛ قال عدي بن زيد:
متَّكِئاً تُصْفَقُ أَبْوابُه،
يسْعَى عليه العبْدُ بالكُوبِ
قال أَبو منصور: وهما بمعنى الفتح. وقال النضر: سَفَقْت الباب
وصَفَقْته، قال: وقال أَبو الدقيش صَفَقْت البابَ أَصْفِقُه صَفْقاً إِذا فتحته؛
وتركت بابَه مَصْفوقاً أَي مفتوحاً، قال: والناس يقولون صَفَقْت البَاب
وأَصْفَقْته أَي رَدَدْته، قال: وقال أَبو الخطاب يقال هذا كله. وباب
مَبْلوقٌ أَي مفتوح. وروى أَبو تراب عن بعض الأَعراب: أَصْفَقْتُ البابَ
وأَصْمَقْته بمعنى أَغْلَقْته، وقال غيره: هي الإِجافةُ دون الإغْلاق.
الأَصمعي: صَفَقْت الباب أَصْفِقُه صَفْقاً، ولم يذكر أَصْفَقْته. ومِصْراعا
الباب: صَفْقاه. والصَّفْقُ: الرَّدُّ والصَّرْفُ، وقد صَفَقْته
فانْصَفَقَ.وفي كتاب معاوية إِلى ملك الروم: لأَنْزِعَنَّكَ من المُلْكِ نَزْعَ
الأَصْفَقانِيّة؛ هم الخَولُ بلغة اليمن. يقال: صَفَقَهم من بلد إِلى بلد
أَي أَخرجهم منه قَهْراً وذُلاً. وصَفَقَهم عن كذا أَي صرَفَهم.
والتَّصْفيق: أَن يكون نوى نِيَّة عزم عليها ثم ردّ نيّته؛ ومنه قوله:
وزَللِ النِّيَّةِ والتَّصْفِيقِ
وفي النوادر: والصَّفُوق الحجاب الممتنع من الجِبال، والصُّفُقُ
الجمع. والخَريقُ من الوادي: شاطئُه، والجمع خُرُقٌ. وناقة خَرِيقٌ:
غزيرة.
وثوب صَفِيق: مَتِين بيّن الصَّفاقة، وقد صَفُقَ صَقاقةً: كثُف نسجه،
وأَصْفَقَه الحائك. وثوب صَفِيق وسَفِيق: جيّدُ النسج. والصَّفِيقُ:
الجَلْدُ. والصَّفُوق: الصَّعُود المُنْكرة، وجمعها صَفائِقُ وصُفُقٌ.
وصافَقَ بين قميصين: لَبِس أَحدَهما فوق الآخر. والدِّيكُ الصَّفّاقُ:
الذي يضرب بجناحيه إِذا صوّت.
وصَفَقَ ماشِيَته صَفْقاً: صرَفها. وصَفَقَ الرجلُ صَفْقاً: ذهب. وفي
حديث لقمان بن عاد أَنه قال: خذِي منّي أَخِي ذا العِفاقِ صَفّاقاً
أَفّاقاً؛ قال الأَصمعي: الصَّفّاق الذي يَصْفِقُ
على الأَمر العظيم، والأَفّاق الذي يتصرف ويضرِب إِلى الآفاق؛ قال أَبو
منصور: روى هذا ابن قتيبة عن أَبي سفيان عن الأَصمعي، قال: والذي أَراه
في تفسير الأَفّاق الصّفّاقِ غيرُ ما حكاه، إِنَّما الصَّفّاق الكثير
الأَسفار والتصرّف في التجارات، والصَّفْقُ والأَفْقُ قريبان من السَّواء،
وكذلك الصَّفّاقُ والأَفّاقُ معناهما متقارب، وقيل: الأَفّاقُ من أُفُقِ
الأَرض أَي ناحيتها. وانْصَفَقَ القومُ إِذا انصرفوا. وصَفَقَ القومُ في
البلاد إِذا أَبْعَدُوا في طلب المرعى؛ وبه فسر ابن الأَعرابي قول أَبي
محمد الحَذلِمِيّ:
إِنّ لها في العامِ ذي الفُتُوقِ،
وزَلَلِ النِّيَّةِ والتَّصْفِيقِ،
رِعْيةَ مَوْلىً ناصِحٍ شَفيقِ
وتَصفِيقُ الإِبل: أَن تحوْلَها مِن مرعى قد رَعَتْه إِلى مكان فيه
مَرْعىً.
وأَصْفَقَ الغَنَمَ إِصْفاقاً: حلبها في اليوم مرّة؛ قال:
أَوْدَى بنو غَنْمٍ بأَلْبانِ العُصُمْ
بالمُصْفقاتِ ورَضوعاتِ البَهَمْ
وأَنشد ابن الأَعرابي:
وقالوا: عليكم عاصِماً يُعْتَصَمْ به،
رُوَيْدَك حتى يُصْفِقَ البَهْمَ عاصِمُ
أَراد أَنه لا خير عنده وأَنه مشغول بغنمه؛ والأِصْفاق: أَن يحلُبَها
مرّة واحدة في اليوم والليلة. وفي الصحاح: أَصْفَقْتُ الغنمَ إِذا لم
تَحْلُبْها في اليوم إِلا مرة. والصافِقةُ: الداهيةُ؛ قال أَبو الرُّبَيْس
التَّغْلبِي:
قِفِي تُخْبِرينا، أَو تَعُلِّي تَحِيّةً
لنا، أَو تُشِيبي قَبْلَ إحْدَى الصَّوافق
والصَّفائِقُ: صَوارِفُ الخطوب وحوادثها، الواحدة صَفيقة؛ وقال كثيِّر:
وأَنْتِ المُنَى، يا أُمَّ عَمْروا، لو انَّنا
نَنالُك، أَو تُدْنِي نَواكِ الصَّفائِقُ
وهي الصَّوافِقُ أَيضاً؛ قال أَبو ذؤيب:
أَخ لكَ مَأْمون السَّجِيّاتِ خِضْرِم،
إِذا صَفَقَتْه في الحُروب الصَّوافِقُ
وصَفَقْتُ العود إِذا حرّكت أَوْتارَه فاصْطَفَقَ. واصْطَفَقَت
المَزاهِرُ إِذا أَجابَ بعضها بعضاً؛ قال ابن الطَّثَرِيّة:
ويوم كظِلِّ الرُّمْحِ قَصَّرَ طُولَه
دَمُ الزِّقِّ عنّا، واصْطفاقُ المَزاهِرِ
قال ابن بري: نسب الجوهري هذا البيت ليزيد بن الطَّثريّة، وصوابه
لِشُبْرُمة بن الطفيل.
شمل: الشِّمالُ: نقيضُ اليَمِين، والجمع أَشْمُلٌ وشَمائِل وشُمُلٌ؛ قال
أَبو النجم:
يَأْتي لها مِن أَيْمُنٍ وأَشْمُل
وفي التنزيل العزيز: عن اليَمين والشمائل، وفيه: وعن أَيمانهم وعن
شَمائلهم؛ قال الزجاج: أَي لأُغْوِيَنَّهم فيما نُهُوا عنه، وقيل أُغْوِيهم
حتى يُكَذِّبوا بأُمور الأُمم السالفة وبالبَعْث، وقيل: عنى وعن أَيمانهم
وعن شمائلهم أَي لأُضِلَّنَّهُم فيما يعملون لأَن الكَسْب يقال فيه ذلك
بما كَسَبَتْ يَداك، وإِن كانت اليَدان لم تَجْنِيا شيئاً؛ وقال الأَزْرَق
العَنْبري:
طِرْنَ انْقِطاعَةَ أَوتارٍ مُحَظْرَبَةٍ،
في أَقْوُسٍ نازَعَتْها أَيْمُنٌ شُمُلا
وحكى سيبويه عن أَبي الخطاب في جمعه شِمال، على لفظ الواحد، ليس من باب
جُنُب لأَنهم قد قالوا شِمالان، ولكِنَّه على حَدِّ دِلاصٍ وهِجانٍ.
والشِّيمالُ: لغة في الشِّمال؛ قال امرؤ القيس:
كأَني، بفَتْخاء الجَناحَيْن لَقْوَةٍ
صَيُودٍ من العِقْبان، طَأْطَأْتُ شِيمالي
وكذلك الشِّمْلال، ويروى هذا البيت: شِمْلالي، وهو المعروف. قال
اللحياني: ولم يعرف الكسائي ولا الأَصمعي شِمْلال، قال: وعندي أَن شِيمالاً
إِنما هو في الشِّعْر خاصَّةً أَشْبَع الكسرة للضرورة، ولا يكون شِيمالٌ
فِيعالاً لأَن فِيعالاً إِنما هو من أَبنية المصادر، والشِّيمالُ ليس بمصدر
إِنما هو اسم. الجوهري: واليَدُ الشِّمال خلاف اليَمِين، والجمع أَشْمُلٌ
مثل أَعْنُق وأَذْرُع لأَنها مؤنثة؛ وأَنشد ابن بري للكميت:
أَقُولُ لهم، يَوْمَ أَيْمانُهُم
تُخايِلُها، في النَّدى، الأَشْمُلُ
ويقال شُمُلٌ أَيضاً؛ قال الأَزرق العَنْبَري:
في أَقْوُسٍ نازعَتْها أَيْمُنٌ شُمُلا
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، ذكر القرآن فقال: يُعْطى
صاحِبُه يومَ القيامة المُلْكَ بيمينه والخُلْدَ بشماله؛ لم يُرِدْ به أَن
شيئاً يُوضَع في يمينه ولا في شِماله، وإِنما أَراد أَن المُلْك والخُلْد
يُجْعَلان له؛ وكلُّ من يُجْعَل له شيء فمَلَكَه فقد جُعِل في يَدِه وفي
قَبْضته، ولما كانت اليَدُ على الشيء سَبَبَ المِلْك له والاستيلاء عليه
اسْتُعِير لذلك؛ ومنه قيل: الأَمْرُ في يَدِك أَي هو في قبضتك؛ ومنه قول
الله تعالى: بِيَدِه الخَيْرُ؛ أَي هو له وإِلَيْه. وقال عز وجل: الذي
بِيَدِه عُقْدَةُ النِّكاح؛ يراد به الوَليُّ الذي إِليه عَقْدُه أَو
أَراد الزَّوْجَ المالك لنكاح المرأَة. وشَمَلَ به: أَخَذَ به ذاتَ الشِّمال؛
حكاه ابن الأَعرابي؛ وبه فسر قول زهير:
جَرَتْ سُنُحاً، فَقُلْتُ لها: أَجِيزِي
نَوًى مَشْمُولةً، فمَتى اللِّقاءُ؟
قال: مَشْمُولةً أَي مأْخُوذاً بها ذاتَ الشِّمال؛ وقال ابن السكيت:
مَشْمُولة سريعة الانكشاف، أَخَذَه من أَن الريحَ الشَّمال إِذا هَبَّت
بالسحاب لم يَلْبَثْ أَن يَنْحَسِر ويَذْهب؛ ومنه قول الهُذَلي:
حارَ وعَقَّتْ مُزْنَهُ الرِّيحُ، وانْـ
ـقارَ بِهِ العَرْضُ، ولم يشْمَلِ
يقول: لم تَهُبَّ به الشَّمالُ فَتَقْشَعَه، قال: والنَّوى والنِّيَّة
الموضع الذي تَنْويه. وطَيْرُ شِمالٍ: كلُّ طير يُتَشاءَم به. وجَرى له
غُرابُ شِمالٍ أَي ما يَكْرَه كأَنَّ الطائر إِنما أَتاه عن الشِّمال؛ قال
أَبو ذؤيب:
زَجَرْتَ لها طَيْرَ الشِّمال، فإِن تَكُنْ
هَواك الذي تَهْوى، يُصِبْك اجْتِنابُها
وقول الشاعر:
رَأَيْتُ بَني العَلاّتِ، لما تَضَافَرُوا،
يَحُوزُونَ سَهْمي دونهم في الشَّمائل
أَي يُنْزِلُونَني بالمنزلة الخَسِيسة. والعَرَب تقول: فلان عِنْدي
باليَمِين أَي بمنزلة حَسَنة، وإِذا خَسَّتْ مَنْزِلَتُه قالوا: أَنت عندي
بالشِّمال؛ وأَنشد أَبو سعيد لعَدِيِّ بن
زيد يخاطب النُّعْمان في تفضيله إِياه على أَخيه:
كَيْفَ تَرْجُو رَدَّ المُفِيض، وقد أَخْـ
خَرَ قِدْحَيْكَ في بَياض الشِّمال؟
يقول: كُنْت أَنا المُفِيضَ لِقدْح أَخيك وقِدْحِك فَفَوَّزْتُك عليه،
وقد كان أَخوك قد أَخَّرَك وجعل قِدْحَك بالشِّمال. والشِّمال: الشُّؤْم؛
حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
ولم أَجْعَلْ شُؤُونَك بالشِّمال
أَي لم أَضعْها مَوْضع شُؤم؛ وقوله:
وكُنْتَ، إِذا أَنْعَمْتَ في الناس نِعْمَةً،
سَطَوْتَ عليها قابضاً بشِمالِكا
معناه: إِن يُنْعِمْ بيمينه يَقْبِضْ بشِمالِه. والشِّمال: الطَّبْع،
والجمع شَمائل؛ وقول عَبْد يَغُوث:
أَلَمْ تَعْلَما أَن المَلامَةَ نَفْعُها
قَلِيلٌ، وما لَوْمي أَخي من شِمالِيا
يجوز أَن يكون واحداً وأَن يكون جمعاً من باب هِجانٍ ودِلاصٍ.
والشِّمالُ: الخُلُق؛ قال جرير:
قليلٌ، وما لَوْمي أَخي من شِمالِيا
والجمع الشَّمائل؛ قال ابن بري: البيت لعَبْد يَغُوثَ ابن وقَّاص
الحَرِثي، وقال صَخْر بن عمرو بن الشَّرِيد أَخو الخَنْساء:
أَبي الشَّتْمَ أَني قد أَصابوا كَرِيمَتي،
وأَنْ لَيْسَ إِهْداءُ الخَنَى من شِمالِيا
وقال آخر:
هُمُ قَوْمي، وقد أَنْكَرْتُ منهمُ
شَمائِلَ بُدِّلُوها من شِمالي
(قوله «وقد انكرت منهم» كذا في الأصل هنا ومثله في التهذيب وسيأتي
قريباً بلفظ وهم انكرن مني).
أَي أَنْكَرْتُ أَخلاقهم. ويقال: أَصَبْتُ من فلان شَمَلاً أَي رِيحاً؛
وقال:
أَصِبْ شَمَلاً مني الَعَتيَّةَ، إِنَّني،
على الهَوْل، شَرَّابٌ بلَحْمٍ مُلَهْوَج
والشَّمال: الرِّيح التي تَهُبُّ من ناحية القُطْب، وفيها خمس لغات:
شَمْلٌ، بالتسكين، وشَمَلٌ، بالتحريك، وشَمالٌ وشَمْأَلٌ، مهموز، وشَأْمَلٌ
مقلوب، قال: وربما جاء بتشديد اللام؛ قال الزَّفَيانُ
(* قوله «قال
الزفيان» في ترجمة ومعل وشمل من التكملة ان الرجز ليس للزفيان ولم ينسبه لأحد):
تَلُفُّه نَكْباءُ أَو شَمْأَلُّ
والجمع شَمَالاتٌ وشَمائل أَيضاً، على غير قياس، كأَنهم جمعوا شِمَالة
مثل حِمَالة وحَمائل؛ قال أَبو خِراش:
تَكَادُ يَدَاهُ تُسْلِمان رِدَاءه
من الجُودِ، لَمَّا اسْتَقْبَلَتْه الشَّمَائلُ
غيره: والشَّمَالُ ريح تَهُبُّ من قِبَل الشَّأْم عن يَسار القِبْلة.
المحكم: والشَّمَالُ من الرياح التي تأْتي من قِبَل الحِجْر. وقال ثعلب:
الشَّمَال من الرياح ما استْقْبَلَك عن يَمِينك إِذا وَقَفْت في القِبْلة.
وقال ابن الأَعرابي: مَهَبُّ الشَّمَال من بنات نَعْشٍ إِلى مَسْقَط
النَّسْر الطائر، ومن تَذْكِرَة أَبي عَليٍّ، ويكون اسماً وصِفَةً، والجمع
شَمَالاتٌ؛ قال جَذِيمة الأَبْرش:
رُبَّما أَوْفَيْتُ في عَلَمٍ،
تَرْفَعَنْ ثَوْبي شَمَالاتُ
فأَدْخَل النونَ الخفيفة في الواجب ضرورةً، وهي الشَّمُولُ والشَّيمَل
والشَّمْأَلُ والشَّوْمَلُ والشَّمْلُ والشَّمَلُ؛ وأَنشد:
ثَوَى مَالِكٌ بِبلاد العَدُوّ،
تَسْفِي عليه رِياحُ الشَّمَل
فإِما أَن يكون على التخفيف القياسي في الشَّمْأَل، وهو حذف الهمزة
وإِلقاء الحركة على ما قبلها، وإِما أَن يكون الموضوع هكذا. قال ابن سيده:
وجاء في شعر البَعِيث الشَّمْل بسكون الميم لم يُسْمَع إِلا فيه؛ قال
البَعِيث:
أَهَاجَ عليك الشَّوْقَ أَطلالُ دِمْنَةٍ،
بناصِفَةِ البُرْدَيْنِ، أَو جانِبِ الهَجْلِ
أَتَى أَبَدٌ من دون حِدْثان عَهْدِها،
وجَرَّت عليها كُلُّ نافجةٍ شَمْلِ
وقال عمرو بن شاس:
وأَفْراسُنا مِثْلُ السَّعالي أَصَابَها
قِطَارٌ، وبَلَّتْها بنافِجَةٍ شَمْلِ
وقال الشاعر في الشَّمَل، بالتحريك:
ثَوَى مالِكٌ ببلاد العَدُوِّ،
تَسْفِي عليه رِيَاحُ الشَّمَل
وقيل: أَراد الشَّمْأَلَ، فَخَفَّفَ الهمز؛ وشاهد الشَّمْأَل قول
الكُمَيت:
مَرَتْه الجَنُوبُ، فَلَمَّا اكْفَهَرْ
رَ حَلَّتْ عَزَالِيَهُ الشَّمْأَلُ
وقال أَوس:
وعَزَّتِ الشَّمْأَل الرِّيَاح، وإِذ
بَاتَ كَمِيعُ الفَتَاةِ مُلْتَفِعا
(* قوله «وعزت الشمأل إلخ» تقدم في ترجمة كمع بلفظ وهبت الشمأل البلبل
إلخ).
وقول الطِّرِمَّاح:
لأْم تَحِنُّ به مَزَا
مِيرُ الأَجانِب والأَشَامِل
قال ابن سيده: أُراه جَمَع شَمْلاً على أَشْمُل، ثم جَمَع أَشْمُلاً على
أَشامِل.
وقد شَمَلَتِ الرِّيحُ تَشْمُل شَمْلاً وشُمُولاً؛ الأُولى عن اللحياني:
تَحَوَّلَتْ شَمَالاً. وأَشْمَلَ يَوْمُنا إِذا هَبَّتْ فيه الشَّمَال.
وأَشْمَلَ القومُ: دَخَلوا في ريح الشَّمَال، وشُمِلُوا
(* قوله «وشملوا»
هذا الضبط وجد في نسخة من الصحاح، والذي في القاموس: وكفرحوا أصابتهم
الشمال) أَصابتهم الشَّمَالُ، وهم مَشْمُولون. وغَدِيرٌ مَشْمولٌ:
نَسَجَتْه ريحُ الشَّمَال أَي ضَرَبَته فَبَرَدَ ماؤه وصَفَا؛ ومنه قول أَبي
كبير:وَدْقُها لم يُشْمَل
وقول الآخر:
وكُلِّ قَضَّاءَ في الهَيْجَاءِ تَحْسَبُها
نِهْياً بقَاعٍ، زَهَتْه الرِّيحُ مَشْمُولا
وفي قَصِيد كعب بن زهير:
صَافٍ بأَبْطَحَ أَضْحَى وهو مَشْمول
أَي ماءٌ ضَرَبَتْه الشَّمَالُ. ومنه: خَمْر مَشْمولة باردة. وشَمَلَ
الخمْر: عَرَّضَها للشَّمَال فَبَرَدَتْ، ولذلك قيل في الخمر مَشْمولة،
وكذلك قيل خمر مَنْحُوسة أَي عُرِّضَتْ للنَّحْس وهو البَرْد؛ قال
كأَنَّ مُدامةً في يَوْمِ نَحْس
ومنه قوله تعالى: في أَيامٍ نَحِسات؛ وقول أَبي وَجْزَة:
مَشْمولَةُ الأُنْس مَجْنوبٌ مَوَاعِدُها،
من الهِجان الجِمال الشُّطْب والقَصَب
(* قوله «الشطب والقصب» كذا في الأصل والتهذيب، والذي في التكملة:
الشطبة القصب).
قال ابن السكيت وفي رواية:
مَجْنوبَةُ الأُنْس مَشْمولٌ مَوَاعِدُها
ومعناه: أُنْسُها محمودٌ لأَن الجَنوب مع المطر فهي تُشْتَهَى للخِصْب؛
وقوله مَشْمولٌ مَواعِدُها أَي ليست مواعدها بمحمودة، وفَسَّره ابن
الأَعرابي فقال: يَذْهَب أُنْسُها مع الشَّمَال وتَذْهَب مَوَاعِدُها مع
الجَنُوب؛ وقالت لَيْلى الأَخْيَلِيَّة:
حَبَاكَ به ابْنُ عَمِّ الصِّدْق، لَمَّا
رآك مُحارَفاً ضَمِنَ الشِّمَال
تقول: لَمَّا رآك لا عِنَانَ في يَدِك حَبَاك بفَرَس، والعِنَانُ يكون
في الشَّمَال، تقول كأَنَّك زَمِنُ الشِّمَال إِذ لا عِنَانَ فيه. ويقال:
به شَمْلٌ
(* قوله «ويقال به شمل» ضبط في نسخة من التهذيب غير مرة بالفتح
وكذا في البيت بعد) من جُنون أَي به فَزَعٌ كالجُنون؛ وأَنشد:
حَمَلَتْ به في لَيْلَةٍ مَشْمولةً
أَي فَزِعةً؛ وقال آخر:
فَمَا بيَ من طَيفٍ، على أَنَّ طَيْرَةً،
إِذا خِفْتُ ضَيْماً، تَعْتَرِيني كالشَّمْل
قال: كالشَّمْل كالجُنون من الفَزَع. والنَّارُ مَشْمولَةٌ إِذا هَبّتْ
عليها رِيحُ الشَّمَال. والشِّمال: كِيسٌ يُجْعَل على ضَرْع الشاة،
وشَمَلَها يَشْمُلُها شَمْلاً: شَدَّه عليها. والشِّمَال: شِبْه مِخْلاةٍ
يُغَشَّى بها ضَرْع الشاة إِذا ثَقُل، وخَصَّ بعضهم به ضَرْع العَنْزِ، وكذلك
النخلة إِذا شُدَّت أَعذاقُها بقِطَع الأَكسِية لئلا تُنْفَض؛ تقول منه:
شَمَل الشاةَ يَشْمُلها شَمْلاً ويَشْمِلُها؛ الكسر عن اللحياني، عَلَّق
عليها الشِّمَال وشَدَّه في ضَرْع الشاة، وقيل: شَمَلَ الناقةَ عَلَّق
عليها شِمَالاً، وأَشْمَلَها جَعَل لها شِمَالاً أَو اتَّخَذَه لها.
والشِّمالُ: سِمَةٌ في ضَرْع الشاة. وشَمِلهم أَمْرٌ أَي غَشِيَهم. واشْتمل
بثوبه إِذا تَلَفَّف. وشَمَلهم الأَمر يَشمُلهم شَمْلاً وشُمُولاً
وشَمِلَهم يَشْمَلُهم شَمَلاً وشَمْلاً وشُمُولاً: عَمَّهم؛ قال ابن قيس
الرُّقَيَّات:
كَيْفَ نَوْمي على الفِراشِ، ولَمَّا
تَشْمَلِ الشَّامَ غارةٌ شَعْواءُ؟
أَي متفرقة. وقال اللحياني: شَمَلهم، بالفتح، لغة قليلة؛ قال الجوهري:
ولم يعرفها الأَصمعي. وأَشْمَلهم شَرًّا: عَمَّهم به، وأَمرٌ شامِلٌ.
والمِشْمَل: ثوب يُشْتَمَل به. واشْتَمَل بالثوب إِذا أَداره على جسده كُلِّه
حتى لا تخرج منه يَدُه. واشْتَمَلَ عليه الأَمْرُ: أَحاط به. وفي
التنزيل العزيز: أَمَّا اشْتَمَلَتْ عليه أَرحام الأُنْثَيَيْن. وروي عن
النبي،صلى الله عليه وسلم: أَنه نَهى عن اشْتِمال الصَّمَّاء. المحكم:
والشِّمْلة الصَّمَّاء التي ليس تحتها قَمِيصٌ ولا سَراوِيل، وكُرِهَت الصلاة
فيها كما كُرِه أَن يُصَلِّي في ثوب واحد ويَدُه في جوفه؛ قال أَبو عبيد:
اشْتِمالُ الصَّمَّاء هو أَن يَشْتَمِلَ بالثوب حتى يُجَلِّل به جسدَه ولا
يَرْفَع منه جانباً فيكون فيه فُرْجَة تَخْرج منها يده، وهو التَّلَفُّع،
وربما اضطجع فيه على هذه الحالة؛ قال أَبو عبيد: وأَما تفسير الفقهاء
فإِنهم يقولون هو أَن يَشْتَمِل بثوب واحد ليس عليه غيره ثم يرفعه من أَحد
جانبيه فيَضَعه على مَنْكِبه فَتَبْدُو منه فُرْجَة، قال: والفقهاء أَعلم
بالتأْويل في هذا الباب، وذلك أَصح في الكلام، فمن ذهب إِلى هذا التفسير
كَرِه التَّكَشُّف وإِبداءَ العورة، ومن فَسَّره تفسير أَهل اللغة فإِنه
كَرِه أََن يَتَزَمَّل به شامِلاً جسدَه، مخافة أَن يدفع إِلى حالة
سادَّة لتَنَفُّسه فيَهْلِك؛ الجوهري: اشتمالُ الصَّمَّاء أَن يُجَلِّل جسدَه
كلَّه بالكِساء أَو بالإِزار. وفي الحديث: لا يَضُرُّ أَحَدَكُم إِذا
صَلَّى في بيته شملاً أَي في ثوب واحد يَشْمَله. المحكم: والشَّمْلة كِساءٌ
دون القَطِيفة يُشْتَمل به، وجمعها شِمالٌ؛ قال:
إِذا اغْتَزَلَتْ من بُقامِ الفَرير،
فيا حُسْنَ شَمْلَتِها شَمْلَتا
شَبَّه هاء التأْنيث في شَمْلَتا بالتاء الأَصلية في نحو بَيْتٍ وصَوْت،
فأَلحقها في الوقف عليها أَلفاً، كما تقول بَيْتاً وصوتاً، فشَمْلَتا
على هذا منصوبٌ على التمييز كما تقول: يا حُسْنَ وَجْهِك وَجْهاً أَي من
وجه. ويقال: اشتريت شَمْلةً تَشْمُلُني، وقد تَشَمَّلَ بها تَشَمُّلاً
وتَشْمِيلاً؛ المصدر الثاني عن اللحياني، وهو على غير الفعل، وإِنما هو
كقوله: وتَبَتَّلْ إِليه تَبْتِيلاً. وما كان ذا مِشْمَلٍ ولقد أَشْمَلَ أَي
صارت له مِشْمَلة. وأَشْمَلَه: أَعطاه مِشْمَلَةً؛ عن اللحياني؛ وشَمَلَه
شَمْلاً وشُمُولاً: غَطَّى عليه المِشْمَلة؛ عنه أَيضاً؛ قال ابن سيده:
وأُراه إِنما أَراد غَطَّاه بالمِشْمَلة. وهذه شَمْلةٌ تَشْمُلُك أَي
تَسَعُك كما يقال: فِراشٌ يَفْرُشك. قال أَبو منصور: الشَّمْلة عند العرب
مِئْزَرٌ من صوف أَو شَعَر يُؤْتَزَرُ به، فإِذا لُفِّق لِفْقَين فهي
مِشْمَلةٌ يَشْتَمِل بها الرجل إِذا نام بالليل. وفي حديث علي قال للأَشَعت بن
قَيْسٍ: إِنَّ أَبا هذا كان يَنْسِجُ الشِّمالَ بيَمينه، وفي رواية:
يَنْسِج الشِّمال باليمين؛ الشِّمالُ: جمع شَمْلةٍ وهو الكِساء والمِئْزَر
يُتَّشَح به، وقوله الشِّمال بيمينه من أَحسن الأَلفاظ وأَلْطَفِها بلاغَةً
وفصاحَة. والشِّمْلةُ: الحالةُ التي يُشْتَمَلُ بها. والمِشْمَلة: كِساء
يُشْتَمل به دون القَطِيفة؛ وأَنشد ابن بري:
ما رأَيْنا لغُرابٍ مَثَلاً،
إِذ بَعَثْناهُ يَجي بالمِشمَلَه
غَيْرَ فِنْدٍ أَرْسَلوه قابساً،
فثَوى حَوْلاً، وسَبَّ العَجَله
والمِشْمَل: سيف قَصِيرٌ دَقيق نحْو المِغْوَل. وفي المحكم: سيف قصير
يَشْتَمِل عليه الرجلُ فيُغَطِّيه بثوبه. وفلان مُشْتَمِل على داهية، على
المثَل. والمِشْمالُ: مِلْحَفَةٌ يُشْتَمَل بها. الليث: المِشْمَلة
والمِشْمَل كساء له خَمْلٌ متفرِّق يُلْتَحَف به دون القَطِيفة. وفي الحديث:
ولا تَشْتَمِل اشتمالَ اليَهود؛ هو افتعال من الشَّمْلة، وهو كِساء
يُتَغَطّى به ويُتَلَفَّف فيه، والمَنْهَيُّ عنه هو التَّجَلُّل بالثوب
وإِسْبالُه من غير أَن يرفع طَرَفه. وقالت امرأَة الوليد له: مَنْ أَنْتَ
ورأْسُكَ في مِشْمَلِك؟ أَبو زيد: يقال اشْتَمَل على ناقةٍ فَذَهَب بها أَي
رَكِبها وذهبَ بها، ويقال: جاءَ فلان مُشْتَمِلاً على داهية. والرَّحِمُ
تَشْتَمل على الولد إِذا تَضَمَّنَته. والشَّمُول: الخَمْر لأَنَّها تَشْمَل
بِريحها الناسَ، وقيل: سُمِّيت بذلك لأَنَّ لها عَصْفَةً كعَصْفَة
الشَّمال، وقيل: هي الباردة، وليس بقَوِيٍّ. والشِّمال: خَلِيقة الرَّجُل،
وجمعها شَمائل؛وقال لبيد:
هُمُ قَوْمِي، وقد أَنْكَرْتُ منهم
شَمائلَ بُدِّلُوها من شِمالي
وإِنَّها لحَسَنةُ الشَّمائل. ورجُل كَريم الشَّمائل أَي في أَخلاقه
ومخالطتِه. ويقال: فلان مَشْمُول الخَلائق أَي كَريم الأَخلاق، أُخِذ من
الماء الذي هَبَّتْ به الشَّمالُ فبرَّدَتْه. ورَجُل مَشْمُول: مَرْضِيُّ
الأَخلاق طَيِّبُها؛ قال ابن سيده: أُراه من الشَّمُول. وشَمْل القومِ:
مُجْتَمع عَدَدِهم وأَمْرهم. واللَّوْنُ الشَّامِلُ: أَن يكون شيء أَسود
يَعْلوه لون آخر؛ وقول ابن مقبل يصف ناقة:
تَذُبُّ عنه بِلِيفٍ شَوْذَبٍ شَمِلٍ،
يَحْمي أَسِرَّة بين الزَّوْرِ والثَّفَن
قال شمر: الشَّمِل الرَّقيق، وأَسِرَّة خُطوط واحدتها سِرارٌ، بِلِيفٍ
أَي بذَنَب.
والشِّمْل: العِذْقُ؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد للطِّرمَّاح في تَشْبيه
ذَنَب البعير بالعِذْق في سَعَته وكثرة هُلْبه:
أَو بِشِمْلٍ شالَ من خَصْبَةٍ،
جُرِّدَتْ للناسِ بَعْدَ الكِمام
والشِّمِلُّ: العِذْق القَلِيل الحَمْل. وشَمَل النخلة يشْمُلها شَمْلاً
وأَشْمَلَها وشَمْلَلَها: لقَطَ ما عليها من الرُّطَب؛ الأَخيرة عن
السيرافي. التهذيب: أَشْمَل فلان خَرائفَه إِشْمالاً إِذا لَقَط ما عليها من
الرُّطب إِلا قليلاً، والخَرائفُ: النَّخِيل اللواتي تُخْرَص أَي
تُحْزَر، واحدتها خَرُوفةٌ. ويقال لما بَقَيَ في العِذْق بعدما يُلْقَط بعضه
شَمَلٌ، وإِذا قَلَّ حَمْلُ النخلة قيل: فيها شَمَلٌ أَيضاً، وكان أَبو
عبيدة يقول هو حَمْلُ النخلة ما لم يَكْبُر ويَعْظُم، فإِذا كَبُر فهو
حَمْلٌ. الجوهري: ما على النخلة إِلا شَمَلَةٌ وشَمَلٌ، وما عليها إِلاَّ
شَمالِيلُ، وهو الشيء القليل يَبْقَى عليها من حَمْلها. وشَمْلَلْتُ النخلةَ
إِذا أَخَذْت من شَمالِيلِها، وهو التمر القليل الذي بقي عليها. وفيها
شَمَلٌ من رُطَب أَي قليلٌ، والجمع أَشْمالٌ، وهي الشَّماليل واحدتها
شُمْلولٌ. والشَّمالِيل: ما تَفَرَّق من شُعَب الأَغصان في رؤوسها كشَمارِيخ
العِذْق؛ قال العجاج:
وقد تَرَدَّى من أَراطٍ مِلْحَفاً،
منها شَماليلُ وما تَلَفَّقا
وشَمَلَ النَّخلةَ إِذا كانت تَنْفُض حَمْلَها فَشَدَّ تحت أَعْذاقِها
قِطَعَ أَكْسِيَة. ووقعَ في الأَرض شَمَلٌ من مطر أَي قليلٌ. ورأَيت
شَمَلاً من الناس والإِبل أَي قليلاً، وجمعهما أَشمال. ابن السكيت: أَصابنا
شَمَلٌ من مطر، بالتحريك. وأَخْطأَنا صَوْبُه ووابِلُه أَي أَصابنا منه
شيءٌ قليل. والشَّمالِيلُ: شيء خفيف من حَمْل النخلة. وذهب القومُ
شَمالِيلَ: تَفَرَّقوا فِرَقاً؛ وقول جرير:
بقَوٍّ شَماليل الهَوَى ان تبدَّرا
إِنما هي فِرَقُه وطوائفُه أَي في كل قلْبٍ من قلوب هؤلاء فِرْقةٌ؛ وقال
ابن السكيت في قول الشاعر:
حَيُّوا أُمَامةَ، واذْكُروا عَهْداً مَضَى،
قَبْلَ التَّفَرُّق من شَمالِيلِ النَّوَى
قال: الشَّماليلُ البَقايا، قال: وقال عُمارة وأَبو صَخْر عَنَى
بشَمالِيل النَّوَى تَفَرُّقَها؛ قال: ويقال ما بقي في النخلة إِلا شَمَلٌ
وشَمالِيلُ أَي شيءٌ متفرّقٌ. وثوبٌ شَماليلُ: مثل شَماطِيط. والشِّمالُ: كل
قبْضَة من الزَّرْع يَقْبِض عليها الحاصد. وأَشْمَلَ الفَحْلُ شَوْلَه
إِشْمالاً: أَلْقَحَ النِّصْفَ منها إِلى الثُّلُثين، فإِذا أَلقَحَها
كلَّها قيل أَقَمَّها حتى قَمَّتْ تَقِمُّ قُمُوماً. والشَّمَل، بالتحريك:
مصدر قولك شَمِلَتْ ناقتُنا لقاحاً من فَحْل فلان تَشْمَلُ شَمَلاً إِذا
لَقِحَتْ. المحكم: شَمِلَتِ الناقةُ لقاحاً قبِلَتْه، وشَمِلتْ إِبْلُكُم
لنا بعيراً أَخْفَتْه. ودخل في شَمْلها وشَمَلها أَي غُمارها. والشَّمْلُ:
الاجتماع، يقال: جَمعَ اللهُ شَمْلَك. وفي حديث الدعاء: أَسأَلك رَحْمةً
تَجْمَع بها شَمْلي؛ الشَّمْل: الاجتماع. ابن بُزُرْج: يقال شَمْلٌ
وشَمَلٌ، بالتحريك؛ وأَنشد:
قد يَجْعَلُ اللهُ بَعدَ العُسْرِ مَيْسَرَةً،
ويَجْمَعُ اللهُ بَعدَ الفُرْقةِ الشَّمَلا
وجمع الله شَمْلَهم أَي ما تَشَتَّتَ من أَمرهم. وفَرَّق اللهُ شَمْلَه
أَي ما اجتمع من أَمره؛ وأَنشد أَبو زيد في نوادره للبُعَيْث في
الشَّمَل، بالتحريك:
وقد يَنْعَشُ اللهُ الفَتى بعدَ عَثْرةٍ،
وقد يَجْمَعُ اللهُ الشَّتِيتَ من الشَّمَلْ
لَعَمْرِي لقد جاءت رِسالةُ مالكٍ
إِلى جَسَدٍ، بَيْنَ العوائد، مُخْتَبَلْ
وأَرْسَلَ فيها مالكٌ يَسْتَحِثُّها،
وأَشْفَقَ من رَيْبِ المَنُونِ وما وَأَلْ
أَمالِكُ، ما يَقْدُرْ لكَ اللهُ تَلْقَه،
وإِن حُمَّ رَيْثٌ من رَفِيقك أَو عَجَل
وذاك الفِراقُ لا فِراقُ ظَعائِنٍ،
لهُنَّ بذي القَرْحَى مُقامٌ ومُرْتَحَل
قال أَبو عمرو الجَرْمي: ما سمعته بالتحريك إِلاَّ في هذا البيت.
والشَّمْأَلةُ: قُتْرة الصائد لأَنها تُخْفِي مَنْ يستتر بها؛ قال ذو
الرمة:
وبالشَّمائل من جِلاّنَ مُقْتَنِصٌ
رَذْلُ الثياب، خَفِيُّ الشَّخْص مُنْزَرِبُ
ونحن في شَمْلِكم أَي كَنَفِكم. وانْشَمَل الشيءُ: كانْشَمَر؛ عن ثعلب.
ويقال: انْشَمَلَ الرجلُ في حاجته وانْشَمَر فيها؛ وأَنشد أَبو تراب:
وَجْناءُ مُقْوَرَّةُ الأَلْياطِ يَحْسَبُها،
مَنْ لم يَكُنْ قبْلُ رَاها رَأْيَةً، جَمَلا
حتى يَدُلَّ عليها خَلْقُ أَرْبعةٍ
في لازقٍ لَحِقَ الأَقْراب فانْشَمَلا
أَراد أَربعة أَخلاف في ضَرْع لازقٍ لَحِقَ أَقرابها فانْضَمَّ وانشمر.
وشَمَلَ الرجلُ وانْشَمَل وشَمْلَل: أَسرع، وشَمَّر، أَظهروا التضعيف
إِشعاراً بإِلْحاقِه. وناقة شِمِلَّة، بالتشديد، وشِمال وشِمْلالٌ
وشِمْليلٌ: خفيفة سريعة مُشَمَّرة؛ وفي قصيد كعب بن زُهَير:
وعَمُّها خالُها قَوْداءُ شِمْلِيل
(* قوله «وعمها خالها إلخ» تقدم صدره في ترجمة حرف:
حرف أخوها أبوها من مهجنة * وعمها خالها قوداء شمليل).
الشِّمْلِيل، بالكسر: الخَفِيفة السَّريعة. وقد شَمْلَلَ شَمْلَلَةً
إِذا أَسْرَع؛ ومنه قول امرئ القيس يصف فرساً:
كأَني بفَتْخاءِ الجَنَاحَينِ لَقْوَةٍ،
دَفُوفٍ من العِقْبانِ، طَأْطأْتُ شِمْلالي
ويروى:
على عَجَلٍ منها أُطَأْطِئُ شِمْلالي
ومعنى طأْطأَت أَي حَرَّكْت واحْتَثَثْت؛ قال ابن بري: رواية أَبي عمرو
شِمْلالي بإِضافته إِلى ياء المتكلم أَي كأَني طأْطأْت شِمْلالي من هذه
الناقة بعُقابٍ، ورواه الأَصمعي شِمْلال من غير إِضافة إِلى الياء أَي
كأَني بِطَأْطأَتي بهذه الفرس طَأْطأْتُ بعُقابٍ خفيفة في طَيَرانِها،
فشِمْلال على هذا من صفة عُقاب الذي تُقَدِّره قبل فَتْخاء تقديره بعُقاب
فَتْخاء شِمْلالٍ. وطَأْطأَ فلان فرسَه إِذا حَثَّها بساقَيْه؛ وقال
المرَّار:وإِذا طُوطِئَ طَيّارٌ طِمِرّ
قال أَبو عمرو: أَراد بقوله أُطَأْطِئُ شِمْلالي يَدَه الشِّمَال،
والشِّمَالُ والشِّمْلالُ واحد. وجَمَلٌ شِمِلٌّ وشِمْلالٌ وشِمْلِيلٌ: سريع؛
أَنشد ثعلب:
بأَوْبِ ضَبْعَيْ مَرِحٍ شِمِلِّ
وأُمُّ شَمْلَة: كُنْيَةُ الدُّنْيا، عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
مِنْ أُمِّ شمْلَة تَرْمِينا، بِذائفِها،
غَرَّارة زُيِّنَتْ منها التَّهاوِيل
والشَّمالِيلُ: حِبَال رِمالٍ متفرقة بناحية مَعْقُلةَ. وأُمُّ شَمْلَة
وأُمُّ لَيْلَى: كُنْيَةُ الخَمْر.
وفي حديث مازنٍ بقَرْية يقال لها شَمائل، يروى بالسين والشين، وهي من
أَرض عُمَان. وشَمْلَةُ وشِمَالٌ وشامِلٌ وشُمَيْلٌ: أَسماء.
خصف: خَصَفَ النعلَ يخْصِفُها خَصْفاً: ظاهَرَ بعضها على بعض وخَرَزَها،
وهي نَعْلٌ خَصِيفٌ؛ وكلُّ ما طُورِقَ بعضُه على بعض، فقد خُصِفَ. وفي
الحديث: أَنه كان يَخْصِفُ نَعْلَه، وفي آخر: وهو قاعد يَخْصِفُ نعله أَي
كان يَخْرُزها، من الخَصْفِ: الضم والجمع. وفي الحديث في ذكر عليّ خاصِفِ
النعل، ومنه قول العباس يمدح النبي، صلى اللّه عليه وسلم:
مِنْ قَبْلِها طِبْتَ في الظِّلالِ وفي
مُسْتَوْدَعٍ، حيثُ يخْصَفُ الوَرَقُ
أَي في الجنة حيث خَصَفَ آدمُ وحوَّاء، عليهما السلام، عليهما من ورَق
الجنة. والخصَفُ والخَصَفةُ: قِطْعَةٌ مـما تُخصَفُ به النعلُ.
والمِخْصَفُ: المِثقَبُ والإشْفُى؛ قال أَبو كبير يصف عُقاباً:
حتى انْتَهَيْتُ إلى فِراشِ عَزِيزَةٍ
فَتْخاء، رَوْثَةُ أَنـْفِها كالمِخْصَفِ
وقوله فما زالوا يَخْصِفون أَخْفافَ الـمَطِيّ بحوافِر الخيل حتى
لَحِقُوهم، يعني أَنهم جعلوا آثار حَوافِرِ الخيل على آثار أَخْفاف الإبل،
فكأَنهم طارَقُوها بها أَي خصَفُوها بها كما تخْصَفُ النعلُ. وخَصَفَ
العُرْيانُ على نفسِه الشيءَ يخْصِفُه: وصلَه وأَلزَقَه. وفي التنزيل العزيز:
وطفِقا يَخْصِفانِ عليهما من ورق الجنة؛ يقول: يُلْزِقانِ بعضَه على بعض
ليَسْتُرا به عورَتَهما أَي يُطابقان بعضَ الورق على بعض، وكذلك
الاخْتِصافُ. وفي قراءة الحسن: وطفقا يَخِصِّفانِ، أَدغم التاء في الصاد وحرك الخاء
بالكسر لاجتماع الساكنين، وبعضهم حول حركة التاء ففتحها؛ حكاه الأَخفش.
الليث: الاخْتِصافُ أَن يأْخذ العريان ورقاً عِراضاً فيَخْصِفَ بعضها على
بعض ويستتر بها. يقال: خَصَفَ واخْتَصَفَ يَخْصِفُ ويَخْتَصِفُ إذا فعل
ذلك. وفي الحديث: إذا دخلَ أَحدُكم الحَمَّام فعليه بالنَّشيرِ ولا
يَخْصِفْ؛ النَّشِيرُ: الـمِئْزَرُ، ولا يَخْصِفْ أَي لا يَضَعْ يده على فرجه،
وتخَصَّفَه كذلك، ورجل مِخْصَفٌ وخَصّافٌ: صانِعٌ لذلك؛ عن السيرافي.
والخَصْفُ: النعلُ ذاتُ الطِّراقِ، وكلُّ طِراقٍ منها خَصْفةٌ.
والخَصَفَةُ، بالتحريك: جُلَّةُ التمر التي تعمل من الخوص، وقيل: هي
البَحْرانِيةُ من الجلال خاصّة، وجمعها خَصَفٌ وخِصافٌ؛ قال الأَخطل يذكر
قبيلة:
فطارُوا شقافَ الأُنْثَيَيْنِ، فعامِرٌ
تَبيعُ بَنِيها بالخِصافِ وبالتمر
أَي صاروا فرقتين بمنزلة الأُنثيين وهما البيضتانِ. وكتيبةٌ خَصِيفٌ:
وهو لونُ الحديدِ. ويقال: خُصِفَتْ من ورائها بخيل أَي أُرْدِفَتْ، فلهذا
لم تدخلها الهاء لأَنها بمعنى مفعولة، فلو كانت للون الحديد لقالوا
خَصِيفَةٌ لأَنها بمعنى فاعلة. وكلُّ لونين اجتمعا، فهو خَصِيفٌ. ابن بري: يقال
خَصَفَتِ الإبلُ الخيل تَبِعَتْها؛ قال مَقّاسٌ العائذي:
أَوْلى فأَوْلى، يا امـْرَأً القَيْسِ، بَعْدَما
خَصَفْنَ بآثارِ الـمَطِيِّ الحَوافِرا
والخَصِيفُ: اللبن الحليب يُصَبُّ عليه الرائبُ، فإن جعل فيه التمر
والسمن، فهو العَوْبَثانيُّ؛ وقال ناشرةُ ابن مالك يرد على الـمُخَبّل:
إذا ما الخَصِيفُ العَوْبَثانيُّ ساءنا،
ترَكْناه واخْتَرْنا السَّديفَ الـمُسَرْهَدا
والخَصَفُ: ثياب غِلاظٌ جِدًّا. قال الليث: بلغنا في الحديث أَنَّ
تُبَّعاً كسَا البيت الـمَنسوج، فانتفضَ البيتُ منه ومَزَّقَه عن نفسه، ثم
كساه الخَصَفَ فلم يقبلها، ثم كساه الأَنـْطاعَ فَقَبِلَها؛ قيل: أَراد
بالخَصَف ههنا الثيابَ الغِلاظَ جِدًّا تشبيهاً بالخَصَفِ الــمَنْسوج من
الخُوص؛ قال الأَزهري: الخصف الذي كسَا تُبَّعٌ البيت لم يكن ثِياباً
غِلاظاً كما قال الليث، إنما الخصف سَفائِفُ تُسَفُّ من سَعَف النخل فَيُسَوَّى
منها شُقَقٌ تُلَبَّسُ بُيوتَ الأَعراب، وربما سُوّيت جِلالاً للتمر؛
ومنه الحديث: أَنه كان يصلي فأَقبل رجل في بَصره سُوءٌ فمر ببئر عليها
خَصَفَةٌ فوطِئها فوقع فيها؛ الخَصَفَةُ، بالتحريك: واحدة الخَصَف وهي
الجُلَّةُ التي يُكْنَزُ فيها التمر، وكأَنها فَعَلٌ بمعنى مَفْعُول من
الخَصْفِ، وهو ضمُّ الشيء إلى الشي لأَنه شيء منسوج من الخوص. وفي الحديث: كانت
له خَصَفَةٌ يَحْجُرُها ويصلي فيها؛ ومنه الحديث الآخر: أَنه كان
مُضْطَجِعاً على خصَفة، وأَهل البحرين يسمون جِلالَ التمر خصَفاً. والخَصَفُ:
الخزَفُ. وخَصَّفه الشيبُ إذا استَوى البياضُ والسوادُ. ابن الأَعرابي:
خَصَّفه الشيبُ تَخْصيفاً وخَوَّصه تخويصاً ونَقَّبَ فيه تَنقِيباً بمعنى
واحد.
وحَبْلٌ أَخْصَفٌ وخَصيفٌ: فيه لوْنان من سوادٍ وبياض، وقيل: الأَخْصَفُ
والخصيف لوم كلون الرْماد. ورَمادٌ خَصيفٌ: فيه سواد وبياض وربما سمي
الرَّمادُ بذلك. التهذيب: الخَصِيفُ من الحِبال ما كان أَبْرَقَ بقوّةٍ
سوداء وأُخرى بيضاء، فهو خَصيفٌ وأَخْصَفُ؛ وقال العجّاج:
حتى إذا ما لَيْلُه تَكَشَّفا،
أَبْدَى الصَّباحُ عن بَرِيمٍ أَخْصَفا
وقال الطِّرِمّاح:
وخَصِيفٍ لذِي مَناتِجِ ظِئْرَيْـ
ـنِ مِنَ الـمَرْخِ أَتْأَمَتْ ربده
شبَّه الرَّمادَ بالبَوِّ، وظِئْراه أُثْفِيتان أُوقِدَتِ النارُ
بينهما. والأَخْصَفُ من الخيل والغنم: الأَبيضُ الخاصِرَتَيْن والجنبينِ، وسائر
لونه ما كان، وقد يكون أَخْصَفَ بجنب واحد، وقيل: هو الذي ارتفع
البَلَقُ من بطنه إلى جنبيه. والأَخْصَفُ: الظَّلِيمُ لسوادٍ فيه وبياض،
والنعامةُ خَصْفاء، والخَصْفاء من الضأْنِ: التي ابْيَضَّتْ خاصِرَتاها.
وكَتيبةٌ خَصِيفةٌ: لما فيها من صَدَإِ الحديد وبياضِه.
والخَصُوفُ من النساء: التي تَلِدُ في التاسع ولا تدخل في العاشر، وهي
من مَرابِيعِ الإبل التي تُنْتَج إذا أَتت على مَضْرِبها تَماماً لا
يَنْقُصُ؛ وقال ابن الأَعرابي: هي التي تُنْتَجُ عند تَمامِ السنةِ، والفعل من
كل ذلك خَصَفَتْ تَخْصِفُ خِصافاً. قال أَبو زيد: يقال للناقة إذا بلغت
الشهر التاسع من يوم لَقِحتْ ثم أَلقَتْه: قد خَصَفَتْ تَخْصِفُ خِصافاً،
وهي خَصوف. الجوهري: وخَصَفَتِ الناقة تَخْصِف خَصْفاً
(* قوله «تخصف
خصفاً» كذا بالأصل، والذي فيما بأيدينا من نسخ الجوهري: خصافاً لا خصفاً.)
إذا أَلْقَتْ ولدها وقد بلغ الشهر التاسع، فهي خصوف. ويقال: الخَصُوفُ هي
التي تُنْتَجُ بعد الحول من مَضْرِبها بشهر، والجَرُورُ بشهرين.
وخَصَفةُ: قَبِيلةٌ من مُحارِب. وخَصَفةُ بن قَيس عَيْلانَ: أَبو قبائل من
العرب. وخِصافٌ: فرس سُمَيْر بن رَبيعةَ. وخِصافٌ أَيضاً: فرَسُ حَمَلِ ابن
بَدْرٍ، روى ابن الكلبي عن أَبيه قال: كان مالكُ ابن عَمْرٍو الغَسَّاني
يقال له فارسُ خِصافٍ، وكان من أَجْبَنِ الناسِ، قال: فغَزَا يوماً فأَقبل
سَهْمٌ حتى وقَع عند حافِر فرَسِه فتحرّك ساعةً، فقال: إن لهذا السهْمِ
سبباً يَنْجُثُه، فاحْتَفَرَ عنه فإذا هو قد وقَع على نَفَقِ يربوع فأَصاب
رأْسَه فتحرّك اليَرْبُوعُ ساعةً ثم مات، فقال: هذا في جَوْفِ جُحْر
جاءه سَهْمٌ فقتَله وأَنا ظاهِرٌ على فرسي، ما المرء في شيء ولا اليربوعُ
ثم شدَّ عليهم فكان بعد ذلك من أَشجَعِ الناس؛ قوله يَنجثه أَي يحرّكه.
قال: وخِصافٌ فرسه، ويُضربُ الـمَثلُ فيقال: أَجْرَأُ من فارِس خِصافٍ.
وروى ابن الأعرابي: أَنَّ صاحِب خِصاف كان يلاقي جند كسرى فلا يَجْتَرئ
عليهم ويظُنُّ أَنهم لا يَمُوتون كما تموت الناس، فرَمى رجلاً منهم يوماً
بسهم فصرعه فمات، فقال: إنّ هؤلاء يموتون كما نموتُ نحن، فاجترأَ عليهم
فكان من أَشجع الناس؛ الجوهري: وخَصافِ مثل قَطامِ اسم فرس؛ وأَنشد ابن
بري:تاللّهِ لَوْ أَلْقى خَصافِ عَشِيّةً،
لكُنْتُ على الأَمـْلاكِ فارِسَ أَسْأَما
وفي المثل: هو أَجرأُ من خاصي خَصاف
(* قوله «أجرأ من خاصي خصاف» تبع في
ذلك الجوهري. وفي شرح القاموس: فأما ما ذكره الجوهري على مثال قطام، فهي
كانت أنثى فكيف تخصى؟ وصحة ايراد المثل أجرأ من فارس خصاف ا هـ. يعني
كقطام وأما اجرأ من خاصي خصاف فهو ككتاب.)، وذلك أَن بعضَ الـمُلوكِ طلبه
من صاحبه ليَسْتَفْحِلَه فمَنَعه إياه وخَصاه.
التهذيب: الليث الإخْصافُ شدَّة العَدْوِ. وأَخْصَفَ يُخْصِفُ إذا
أَسرَعَ في عَدْوِه. قال أَبو منصور: صَحَّفَ الليثُ والصواب أَحْصَفَ،
بالحاء، إحْصافاً إذا أَسْرَعَ في عَدْوِه.
عفق: عَفَقَ: الرجلُ
يَعْفِقُ عَفْقاً: ركب رَأْسه فمضى. وعَفَقَت الإِبل تَعْفِقُ عَفْقاً
وعُفُوقاً: أُرْسلت في المرعى فَمرَّت على وجوهها، وعَفَقَتْ عن المَرْعى
إِلى الماء: رجعت. وكل ذاهب راجعٍ عافِقٌ، وكل واردٍ صادرٍ راجعٍ مختلفٍ
كذلك. عَفَقَ يَعْفِق عَفْقاً وعَفَقاناً وعَفَقَتِ الإِبل تَعْفِقُ
عَفْقاً إِذا كان يرجع إِلى الماء كل يوم أَو كل يومين. وإِنه ليَعْفِقُ أَي
يكثر الرجوع. ويقال: إِنه ليَعَفِّقُ الغنمَ
بعضها على بعض تَعْفِيقاً أَي يردها على وجهها. والعَفْقُ: سرعة
الإِيرادِ وكثرته، يقال: إِنك لتَعْفِقُ أَي تكثر الرجوع؛ قال الراجز:
تَرْعى الغَضا من جانِبَيْ مُشَفِّقِ
غِبّاً، ومَنْ يَرْعَ الحُموضَ يَعْفِقِ
أَي من يرعى الحمض تعطش ماشيته سريعاً فلا يجد بُداًّ من العَفْقِ،
ويروى يَغْفِقِ، بالغين المعجمة؛ قال ابن بري: ومثله لأَبي النجم
حتى إِذا ما انْصَرَفَتْ لم تَعْفِقِ
وانْعَفَقَ القوم في حاجتهم أَي مَضَوْا وأَسرعوا. عَفَقَ الرجلُ
إِذا أَكثر الذهاب والمجيء في غير حاجة. وعافَقَ
الذئبُ الغنمَ إِذا عاثَ فيها ذاهباً وجائياً. ورجل مِعْفاقُ
الزيارة أَي لا يزال يجيء ويذهب زائراً؛ قال الشاعر:
ولا تَكُ مِعْفاقَ الزيارة واجْتَنِبْ،
إِذا جِئْتَ، إِكْثارَ الكلامِ المُعَيَّبا
وفي النوادر: والاعْتِفاقُ انثناءُ
الشيء بعد اتْلِئْبابِه وهو صرف
(* كذا بياض بالأصل) ...... عن رأْيه.
والعَفْقُ: الإِقبالُ والإدبار والعَفَقُ: السرعة في العَدْوِ. والعُفُوق
والعِفَاق: شبه الخُنُوس، عَفَقَ يَعْفِقُ أَي خنس وارتدّ ورجع؛ ومنه قول
لقمان في حديث فيه طُول: خُذِي مِني أَخي ذا العِفاقِ، صَفّاقٌ أَفّاقٌ
يَعْمِلُ البَكْرة والساق؛ يصفه بالسير في آفاق الأَرض راكباً وماشياً
على ساقه. وقد عَفَقَ يَعْفق عَفْقاً وعِفَاقاً إِذا ذهب ذهاباً سريعاً.
والعَفْقَةُ: الغَيْبة، عَفَقَ الرجل أَي غاب، يقال: لا يزال فلان
يَعْفِقُالعَفْقَةَ أَي يغيب الغيبة. قال ابن بري: والعِفاق السرعة؛ وقال: قال
ذو الخِرَق الطُّهَويّ يخاطب الذئب:
عَلَيْكَ الشَّاءَ، شَاءَ بني تميمٍ،
فَعَافِقْه، فإِنك ذو عِفَاقِ
والعَفْقُ: العطف. والمُنْعَفَقُ: المُنَعَطَفُ، ويقال المُنْصَرَف عن
الماء. وعَفَقَ يَعْفِقُ عَفْقاً: ضرط، وقيل: هي الضرطة الخفية يقال للرجل
وغيره: عَفَقَ بها وخَبَجَ بها إِذا ضرط. والعُفُق: الضراطون في
المجالس. وكذبت عَفَّاقَتُهُ
أَي اسْتُه إِذا حَبَقَ والعَفّاقة: الاست. والعَفْقُ: ا لأَسْتاء.
والعَفَّاقُ
(* قوله «والعفاق» هو بهذا الضبط في الأصل، وفي شرح القاموس
ككتاب): الفرج لكثرة لحمه. وعَفَق الرجل: نام قليلاً ثم استيقظ ثم استيقظ ثم
نام. وعَفَقَهُ عَفَقَاتٍ:ضربه ضربات. واعْتَفَقَ القومُ بالسيوف إِذا
اجتلدوا. وعَفَق الشيءَ يَعْفِقُه عَفْقاً: جمعه أَو ضَمه إِليه.
وعافَقَهُ معافَقَةٌ وعِفاقاً: عالجه وخادعه؛ قال قُرْطٌ يصف الذئب:
عليك الشاءَ، شاءَ بني تميمٍ،
فعافِقْهُ، فإِنك ذو عِفاقِ
وأَورد ابن سيده هذا البيت هنا على هذه الصورة. والعُفُق: الذئاب التي
لا تنام ولا تُنِيم من الفساد، واعْتَفَقَ
الأَسد فَرِيستَه: عطف عليها فأَفرسها؛ وقال:
وما أَسَدٌ من أُسودِ العريـ
ـنِ يَعْتَفِقُ السائلين اعْتِفاقَا
وتَعَفّقَ فلان بفلان إِذا لاذَ به. وتَعَفَّقَ الوحشي بالأَكمَةِ
لاذ بها من خوف كلب أَو طائر؛ قال علقمة:
تَعَفَّقُ بالأَرْطَى لها، وأَرَادَها
رجالٌ، فبَذَّتْ نَبْلَهمْ وكَلِيبُ
أَي تَعَوَّذَ
بالأَرْطى من المطر والبرد. قال الأَزهري:سمعت العرب تقول للذي يثير
الصيد ناجِشٌ، وللذي يَثْني وجهه ويرده عافق. يقال: اعْفِقْ عليّ
الصيد أَي اثنِها واعطفها؛ قال رؤبة:
فما اشْتَلاها صَفْقَةً للمُنْصفَقَ،
حتى تَرَدَّى أَرْبعٌ في المُنْعَفَقْ
يعني عَيْراً أَورد أُتنه الماء فرماها الصيَّاد فصَفقَها العَيْر لينجو
بها، فرماها الصياد في مُنْعَفَقها أَي في مكان عَفْقِ العير إِياها.
وعَفَقَ العَيْر الأَتانَ يَعْفِقُها عَفْقاً: سَفَدها، وعَفَقَها عَفْقاً
إِذا أَتاها مرة بعد مرة. يقال للحمار: بَاكَهَا يَبُوكُها بَوْكاً،
وللفرس كَامَها كَوْماً وعَفَقَ الرجل جاريته إِذا جامعها. والعَفْقُ: كثرة
الضِّراب
وعِفَاقٌ وعَفَّاقٌ ومِعْفَق: أَسماء. وعِفَاق اسم رجل أَكلته باهلة في
قحط أَصابهم؛ قال الشاعر:
فلو كان البكاء يَرُدّ شيئاً،
بَكَيْتُ على يَزِِيدٍ أَو عِفَاقِ
هما المَرْآن، إِذ ذهبا جميعاً
لشأْنهما بحُزْنٍ واحْتِراقِ
قال ابن بري: البيتان لُمتَمِّمِ بن نُوَبْرَة، وصوابه بكيت على
بُجَيْرٍ، وهو أَخو عِفاقٍ، ويقال غفاق، بغين معجمة، وهو ابن مُلَيْكَ، ويقال
ابن أَبي مليك، وهو عبد الله بن الحرث بن عاصم، وكان بِسْطامُ بن قيس أَغار
على بني يَرْبوع فقتل عِفاقاً، وقتل بُجَيْراً أُخاه بعد قتله عفاقاً في
العام الأَول وأَسر أَباهما أَبا مليك، ثم أَعتقه وشرط عليه أَن لا
يُغِيرَ عليه؛ قال ابن بري: ويقوي قول من قال إِن باهلة أَكلته قول
الراجز:إِن عِفاقاً أَكَلَتْه باهِلَهْ،
تَمَشَّشوا عِظامَه وكاهِلَهْ
والعَفَقَةُ: لعبة يجمع فيها التراب. والعَيْفَقَانُ: نبت يشبه
العَرْفَجَ.
غفق: الغَفْقُ: الضرب بالسوط والعصا والدِّرَّةِ، غَفَقَهُ يغْفِقُهُ
غَفْقاً: ضربه، والغفقة: المَرَّة منه، وقد جاء: عَفَقَهُ، بالعين المهملة؛
وروي عن إياس بن سلمة عن أَبيه قال: مَرَّ بي عمر بن الخطاب، رضي الله
عنه، وأنا قاعد في السوق وهو مارّ لحاجة له معه الدِّرَّةُ، فقال: هكذا يا
سَلَمةُ، عن الطريق فغَفَقَني بها غَفْقَةً فما أَصاب إلا طَرَفها
ثوبي، قال فأَمَطْتُ عن الطريق فسكت عني حتى إذا كان العامُ المُقْبل لقيني
في السوق فقال: يا سلمة أَردتَ الحجّ العام؟ فقلت: نعم، فأَخذ يدي فما
فارق يَدُه يَدي حتى أَدخلني بيته فأَخرج كيساً فيه ستمائة درهم فقال: يا
سلمة خذها واسْتَعِنْ بها على حَجِّك واعلم أنها من الغَفْقَةِ التي
غَفَقْتُك بها عامَ أَوَّل قلت: يا أَمير المؤمنين، والله ما ذَكَرْتُها حتى
ذَكَّرْتنيها، فقال عمر: أنا والله ما نسيتُها قال الأصمعي: غَفَقْتُه
بالسوط أَغْفِقُه ومَتَنْتُه بالسوط أَمْتُنه وهو أَشد من الغَفْق، وقوله
أَمَطْتُ عن الطريق أي تَنَحَّيت عنه. والغَفْقُ: الهجوم على الشيءِ
والأَوْب من الغَيْبة فجأَةً. والمَغْفِقُ: المَرْجِعُ؛ وأَنشد لرؤبة:
من بُعْد مَغْزايَ وبُعد المَغْفِقِ
والغَفْقُ: كثرة الشرب، غَفَقَ يَغْفِقُ غَفْقاً. وتَغَفَّقََ الشرابَ:
شربة ساعة بعد أُخرى، وقيل شربه يومه أَجْمَعَ. ابن الأعرابي: إذا
تَحَسَّى ما في إنائه فقد تَمَزَّزَه، وساعةً بعد ساعة فقد تَفَوَّقَهُ، فإذا
أَكثر الشراب فقد تَغَفَّق. وتَغَفَّقْت الشراب تَغَفُّقاً إذا شربته.
وظَلَّ يتَغَفَّقُ الشرابَ إذا شربه يومَه أَجمع، والغَفْقُ من صِفة
الوِرْدِ؛ قال رؤبة:
صاحب غاراتٍ من الوِرْدِ الغَفَقْ
وقيل: الغَفْقُ أَن تَرِدَ الإبلُ كل ساعة؛ قال الشاعر:
ترعى الغَضا من جانِبَيْ مُشَفَّقِ
غِبّاً، ومن يَرْعَ الحُمُوضَ يَغْقِقِ
وقال الفراء: شربت الإبل غَفْقاً وهي تَغْفِقُ إذا شربت مرةً بعد أُخرى
وهو الشرب الواسع.
والتَّغْفِيقُ: النوم وأنت تَسمْع حديث القوم.
ويقال: غَفَّقوا السَّلِيمَ تََغْفِيقاً إذا عالجوه وسَهَّدُوه؛ وقال
مليح:
وداوِيَّة مَلْساء تُمْسي سباعُها،
بها، مثلَ عُوَّادِ السَّلِيم المُغَفَّقِ
وجملة التَّغْفِيق نومٌ في أَرَق.
أبو عمرو: الغَيْفَقَةُ الإهراقُ، وكذلك الدَّغْرَقة.
أَبو عمرو: غَفَقَ وعَفَقَ إذا خرجت منه ريح. والمُنْغَفَقُ:
المُنْصَرَفُ، قال الأصعمي: المُنْعَطَفُ؛ وأنشد لرؤبة:
حتى تَرَدَّى أَربعٌ، في المُنْغَفَقْ،
بأَربعٍ يَنْزِعْنَ أَنفاسَ الرَّمَقْ
وغافِق: قبيلة.
بعد: البُعْدُ: خلاف القُرْب.
بَعُد الرجل، بالضم، وبَعِد، بالكسر، بُعْداً وبَعَداً، فهو بعيد
وبُعادٌ؛ هم سيبويه، أَي تباعد، وجمعهما بُعَداءُ، وافق الذين يقولون فَعيل
الذين يقولون فُعال لأَنهما أُختان، وقد قيل بُعُدٌ؛ وينشد قول النابغة:
فتِلْكَ تُبْلِغُني النُّعْمانَ أَنَّ له
فَضْلاً على الناسِ، في الأَدْنى وفي البُعُدِ
وفي الصحاح: وفي البَعَد، بالتحريك، جمع باعِدٍ مثل خادم وخَدَم،
وأَبْعده غيره وباعَدَه وبَعَّده تبعيداً؛ وقول امرئ القيس:
قَعَدْتُ له وصُحْبَتي بَيْنَ ضارِجٍ،
وبَيْنَ العُذَيْبِ بُعْدَ ما مُتَأَمَّلِ
إِنما أَراد: يا بُعْدَ مُتَأَمَّل، يتأَسف بذلك؛ ومثله قول أَبي
العيال:....... رَزيَّةَ قَوْمِهِ
لم يأْخُذوا ثَمَناً ولم يَهَبُوا
(* قوله «رزية قومه إلخ» كذا في نسخة المؤلف بحذف أول البيت).
أَراد: يا رزية قومه، ثم فسر الرزية ما هي فقال: لم يأْخذوا ثمناً ولم
يهبوا. وقيل: أَرادَ بَعُدَ مُتَأَمَّلي. وقوله عز وجل، في سورة السجدة:
أُولئك يُنادَوْنَ من مكان بعيد؛ قال ابن عباس: سأَلوا الردّ حين لا ردّ؛
وقيل: من مكان بعيد، من الآخرة إِلى الدنيا؛ وقال مجاهد: أَراد من مكان
بعيد من قلوبهم يبعد عنها ما يتلى عليهم لأَنهم إِذا لم يعوا فَهُمْ
بمنزلة من كان في غاية البعد، وقوله تعالى: ويقذفون بالغيب من مكان بعيد؛ قال
قولهم: ساحر كاهن شاعر. وتقول: هذه القرية بعيد وهذه القرية قريب لا يراد
به النعت ولكن يراد بهما الاسم، والدليل على أَنهما اسمان قولك: قريبُه
قريبٌ وبَعيدُه بَعيدٌ؛ قال الفراءُ: العرب إِذا قالت دارك منا بعيدٌ أَو
قريب، أَو قالوا فلانة منا قريب أَو بعيد، ذكَّروا القريب والبعيد لأَن
المعنى هي في مكان قريب أَو بعيد، فجعل القريب والبعيد خلفاً من المكان؛
قال الله عز وجل: وما هي من الظالمين ببعيد؛ وقال: وما يدريك لعل الساعة
تكون قريباً؛ وقال: إن رحمة الله قريب من المحسنين؛ قال: ولو أُنثتا
وثنيتا على بعدت منك فهي بعيدة وقربت فهي قريبة كان صواباً. قال: ومن قال
قريب وبعيد وذكَّرهما لم يثنّ قريباً وبعيداً، فقال: هما منك قريب وهما منك
بعيد؛ قال: ومن أَنثهما فقال هي منك قريبة وبعيدة ثنى وجمع فقال قريبات
وبعيدات؛ وأَنشد:
عَشِيَّةَ لا عَفْراءُ منكَ قَريبةٌ
فَتَدْنو، ولا عَفْراءُ مِنكَ بَعيدٌ
وما أَنت منا ببعيد، وما أَنتم منا ببعيد، يستوي فيه الواحد والجمع؛
وكذلك ما أَنت منا بِبَعَدٍ وما أَنتم منا بِبَعَدٍ أَي بعيد. قال: وإِذا
أَردت بالقريب والبعيد قرابة النسب أَنثت لا غير، لم تختلف العرب فيها.
وقال الزجاج في قول الله عز وجل: إِن رحمة الله قريب من المحسنين؛ إِنما قيل
قريب لأَن الرحمة والغفران والعفو في معنى واحد، وكذلك كل تأْنيث ليس
بحقيقي؛ قال وقال الأَخفش: جائز أَن تكون الرحمة ههنا بمعنى المطر؛ قال
وقال بعضهم: يعني الفراءُ هذا ذُكِّرَ ليفصل بين القريب من القُرب والقَريب
من القرابة؛ قال: وهذا غلط، كلُّ ما قَرُب في مكان أَو نَسَبٍ فهو جارٍ
على ما يصيبه من التذكير والتأْنيث؛ وبيننا بُعْدَةٌ من الأَرض والقرابة؛
قال الأَعشى:
بأَنْ لا تُبَغِّ الوُدَّ منْ مُتَباعِدٍ،
ولا تَنْأَ منْ ذِي بُعْدَةٍ إِنْ تَقَرَّبا
وفي الدعاءِ: بُعْداً له نصبوه على إِضمار الفعل غير المستعمل إِظهاره
أَي أَبعده الله. وبُعْدٌ باعد: على المبالغة وإِن دعوت به فالمختار
النصب؛ وقوله:
مَدّاً بأَعْناقِ المَطِيِّ مَدَّا،
حتى تُوافي المَوْسِمَ الأَبْعَدَّا
فإِنه أَراد الأَبعد فوقف فشدّد، ثم أَجراه في الوصل مجراه في الوقف،
وهو مما يجوز في الشعر؛ كقوله:
ضَخْماً يحبُّ الخُلُقَ الأَضْخَمَّا
وقال الليث: يقال هو أَبْعَد وأَبْعَدُونَ وأَقرب وأَقربون وأَباعد
وأَقارب؛ وأَنشد:
منَ الناسِ مَنْ يَغْشى الأَباعِدَ نَفْعُه،
ويشْقى به، حتى المَماتِ، أَقارِبُهْ
فإِنْ يَكُ خَيراً، فالبَعيدُ يَنالُهُ،
وإِنْ يَكُ شَرّاً، فابنُ عَمِّكَ صاحِبُهْ
والبُعْدانُ، جمع بعيد، مثل رغيف ورغفان. ويقال: فلان من قُرْبانِ
الأَمير ومن بُعْدانِه؛ قال أَبو زيد: يقال للرجل إِذا لم تكن من قُرْبان
الأَمير فكن من بُعْدانِه؛ يقول: إِذا لم تكن ممن يقترب منه فتَباعَدْ عنه لا
يصيبك شره. وفي حديث مهاجري الحبشة: وجئنا إِلى أَرض البُعَداءِ؛ قال
ابن الأَثير: هم الأَجانب الذين لا قرابة بيننا وبينهم، واحدهم بعيد. وقال
النضر في قولهم هلك الأَبْعَد قال: يعني صاحبَهُ، وهكذا يقال إِذا كنى عن
اسمه. ويقال للمرأَة: هلكت البُعْدى؛ قال الأَزهري: هذا مثل قولهم فلا
مَرْحباً بالآخر إِذا كنى عن صاحبه وهو يذُمُّه. وقال: أَبعد الله الآخر،
قال: ولا يقال للأُنثى منه شيء. وقولهم: كبَّ الله الأَبْعَدَ لِفيه أَي
أَلقاه لوجهه؛ والأَبْعَدُ: الخائنُ. والأَباعد: خلاف الأَقارب؛ وهو غير
بَعِيدٍ منك وغير بَعَدٍ.
وباعده مُباعَدَة وبِعاداً وباعدالله ما بينهما وبَعَّد؛ ويُقرأُ:
ربَّنا باعِدْ بين أَسفارِنا، وبَعِّدْ؛ قال الطرمَّاح:
تُباعِدُ مِنَّا مَن نُحِبُّ اجْتِماعَهُ،
وتَجْمَعُ مِنَّا بين أَهل الضَّغائِنِ
ورجل مِبْعَدٌ: بعيد الأَسفار؛ قال كثَّير عزة:
مُناقِلَةً عُرْضَ الفَيافي شِمِلَّةً،
مَطِيَّةَ قَذَّافٍ على الهَوْلِ مِبْعَدِ
وقال الفراءُ في قوله عز وجل، مخبراً عن قوم سبا: ربنا باعد بين
أَسفارنا؛ قال: قرأَه العوام باعد، ويقرأُ على الخبر: ربُّنا باعَدَ بين
أَسفارنا، وبَعَّدَ. وبَعِّدْ جزم؛ وقرئَ: ربَّنا بَعُدَ بَيْنَ أَسفارنا،
وبَيْنَ أَسفارنا؛ قال الزجاج: من قرأَ باعِدْ وبَعِّدْ فمعناهما واحد، وهو
على جهة المسأَلة ويكون المعنى أَنهم سئموا الراحة وبطروا النعمة، كما قال
قوم موسى: ادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأَرض (الآية)؛ ومن قرأَ:
بَعُدَ بينُ أَسفارنا؛ فالمعنى ما يتَّصِلُ بسفرنا؛ ومن قرأَ بالنصب: بَعُدَ
بينَ أَسفارنا؛ فالمعنى بَعُدَ ما بَيْنَ أَسفارنا وبَعُدَ سيرنا بين
أَسفارنا؛ قال الأَزهري: قرأَ أَبو عمرو وابن كثير: بَعَّد، بغير أَلف،
وقرأَ يعقوب الحضرمي: ربُّنا باعَدَ، بالنصب على الخبر، وقرأَ نافع وعاصم
والكسائي وحمزة: باعِدْ، بالأَلف، على الدعاءِ؛ قال سيبويه: وقالوا بُعْدَك
يُحَذِّرُهُ شيئاً من خَلْفه.
وبَعِدَ بَعَداً وبَعُد: هلك أَو اغترب، فهو باعد.
والبُعْد: الهلاك؛ قال تعالى: أَلا بُعْداً لمدين كما بَعِدَت ثمود؛
وقال مالك
بن الريب المازني:
يَقولونَ لا تَبْعُدْ، وَهُمْ يَدْفِنونَني،
وأَينَ مكانُ البُعْدِ إِلا مكانِيا؟
وهو من البُعْدِ. وقرأَ الكسائي والناس: كما بَعِدَت، وكان أَبو عبد
الرحمن السُّلمي يقرؤها بَعُدَت، يجعل الهلاك والبُعْدَ سواء وهما قريبان من
السواء، إِلا أَن العرب بعضهم يقول بَعُدَ وبعضهم يقول بَعِدَ مثل
سَحُقَ وسَحِقَ؛ ومن الناس من يقول بَعُد في المكان وبَعِدَ في الهلاك، وقال
يونس: العرب تقول بَعِدَ الرجل وبَعُدَ إِذا تباعد في غير سبّ؛ ويقال في
السب: بَعِدَ وسَحِقَ لا غير.
والبِعاد: المباعدة؛ قال ابن شميل: راود رجل من العرب أَعرابية فأَبت
إِلا أَن يجعل لها شيئاً، فجعل لها درهمين فلما خالطها جعلت تقول: غَمْزاً
ودِرْهماكَ لَكَ، فإِن لم تَغْمِزْ فَبُعْدٌ لكَ؛ رفعت البعد، يضرب مثلاً
للرجل تراه يعمل العمل الشديد. والبُعْدُ والبِعادُ: اللعن، منه أَيضاً.
وأَبْعَدَه الله: نَحَّاه عن الخير وأَبعده. تقول: أَبعده الله أَي لا
يُرْثَى له فيما يَزِلُّ به، وكذلك بُعْداً له وسُحْقاً ونَصَبَ بُعْداً
على المصدر ولم يجعله اسماً. وتميم ترفع فتقول: بُعْدٌ له وسُحْقٌ،
كقولك: غلامٌ له وفرسٌ. وفي حديث شهادة الأَعضاء يوم القيامة فيقول: بُعْداً
لكَ وسُحقاً أَي هلاكاً؛ ويجوز أَن يكون من البُعْد ضد القرب. وفي الحديث:
أَن رجلاً جاء فقال إِن الأَبْعَدَ قد زَنَى، معناه المتباعد عن الخير
والعصمة.
وجَلَسْتُ بَعيدَةً منك وبعيداً منك؛ يعني مكاناً بعيداً؛ وربما قالوا:
هي بَعِيدٌ منك أَي مكانها؛ وفي التنزيل: وما هي من الظالمين ببعيد.
وأَما بَعيدَةُ العهد، فبالهاء؛ ومَنْزل بَعَدٌ بَعيِدٌ.
وتَنَحَّ غيرَ بَعِيد أَي كن قريباً، وغيرَ باعدٍ أَي صاغرٍ. يقال:
انْطَلِقْ يا فلانُ غيرُ باعِدٍ أَي لا ذهبت؛ الكسائي: تَنَحَّ غيرَ باعِدٍ
أَي غير صاغرٍ؛ وقول النابغة الذبياني:
فَضْلاَ على الناسِ في الأَدْنَى وفي البُعُدِ
قال أَبو نصر: في القريب والبعيد؛ ورواه ابن الأَعرابي: في الأَدنى وفي
البُعُد، قال: بعيد وبُعُد. والبَعَد، بالتحريك: جمع باعد مثل خادم
وخَدَم. ويقال: إِنه لغير أَبْعَدَ إِذا ذمَّه أَي لا خير فيه، ولا له بُعْدٌ:
مَذْهَبٌ؛ وقول صخر الغيّ:
المُوعِدِينا في أَن نُقَتِّلَهُمْ،
أَفْنَاءَ فَهْمٍ، وبَيْنَنا بُعَدُ
أَ أَنَّ أَفناء فهم ضروب منهم. بُعَد جَمع بُعْدةٍ. وقال الأَصمعي:
أَتانا فلان من بُعْدةٍ أَي من أَرض بَعيدة. ويقال: إِنه لذو بُعْدة أَي لذو
رأْي وحزم. يقال ذلك للرجل إِذا كان نافذ الرأْي ذا غَوْر وذا بُعْدِ
رأْي.
وما عنده أَبْعَدُ أَي طائل؛ قال رجل لابنه: إِن غدوتَ على المِرْبَدِ
رَبِحْتَ عنا أَو رجعت بغير أَبْعَدَ أَي بغير منفعة.
وذو البُعْدة: الذي يُبْعِد في المُعاداة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي لرؤبة:
يَكْفِيكَ عِنْدَ الشِّدَّةِ اليَبِيسَا،
ويَعْتَلِي ذَا البُعْدَةِ النُّحُوسا
وبَعْدُ: ضدّ قبل، يبنى مفرداً ويعرب مضافاً؛ قال الليث: بعد كلمة دالة
على الشيء الأَخير، تقول: هذا بَعْدَ هذا، منصوب. وحكى سيبويه أَنهم
يقولون من بَعْدٍ فينكرونه، وافعل هذا بَعْداً. قال الجوهري: بعد نقيض قبل،
وهما اسمان يكونان ظرفين إِذا أُضيفا، وأَصلهما الإِضافة، فمتى حذفت
المضاف إِليه لعلم المخاطب بَنَيْتَهما على الضم ليعلم أَنه مبني إِذ كان الضم
لا يدخلهما إِعراباً، لأَنهما لا يصلح وقوعهما موقع الفاعل ولا موقع
المبتدإِ ولا الخبر؛ وقوله تعالى: لله الأَمر من قبلُ ومن بعدُ أَي من قبل
الأَشياء وبعدها؛ أَصلهما هنا الخفض ولكن بنيا على الضم لأَنهما غايتان،
فإِذا لم يكونا غاية فهما نصب لأَنهما صفة؛ ومعنى غاية أَي أَن الكلمة
حذفت منها الإِضافة وجعلت غاية الكلمة ما بقي بعد الحذف، وإِنما بنيتا على
الضم لأَن إِعرابهما في الإضافة النصب والخفض، تقول رأَيته قبلك ومن قبلك،
ولا يرفعان لأَنهما لا يحدَّث عنهما، استعملا ظرفين فلما عدلا عن بابهما
حركا بغير الحركتين اللتين كانتا له يدخلان بحق الإِعراب، فأَما وجوبُ
بنائهما وذهاب إِعرابهما فلأَنهما عرَّفا من غير جهة التعريف، لأَنه حذف
منهما ما أُضيفتا إِليه، والمعنى: لله الأَمر من قبل أَن تغلب الروم ومن
بعد ما غلبت. وحكى الأَزهري عن الفراء قال: القراءة بالرفع بلا نون
لأَنهما في المعنى تراد بهما الإِضافة إِلى شيء لا محالة، فلما أَدَّتا غير
معنى ما أُضيفتا إِليه وُسِمَتا بالرفع وهما في موضع جر، ليكون الرفع دليلاً
على ما سقط، وكذلك ما أَشبههما؛ كقوله:
إِنْ يَأْتِ مِنْ تَحْتُ أَجِيْهِ من عَلُ
وقال الآخر:
إِذا أَنا لم أُومَنْ عَلَيْكَ، ولم يكنْ
لِقَاؤُك الاّ من وَرَاءُ ورَاءُ
فَرَفَعَ إِذ جعله غاية ولم يذكر بعده الذي أُضيف إِليه؛ قال الفراء:
وإِن نويت أَن تظهر ما أُضيف إِليه وأَظهرته فقلت: لله الأَمر من قبلِ ومن
بعدِ، جاز كأَنك أَظهرت المخفوض الذي أَضفت إِليه قبل وبعد؛ قال ابن
سيده: ويقرأُ لله الأَمر من قبلٍ ومن بعدٍ يجعلونهما نكرتين، المعنى: لله
الأَمر من تقدُّمٍ وتأَخُّرٍ، والأَوّل أَجود. وحكى الكسائي: لله الأَمر من
قبلِ ومن بعدِ، بالكسر بلا تنوين؛ قال الفراء: تركه على ما كان يكون عليه
في الإِضافة، واحتج بقول الأَوّل:
بَيْنَ ذِراعَيْ وَجَبْهَةِ الأَسَدِ
قال: وهذا ليس كذلك لأَن المعنى بين ذراعي الأَسد وجبهته، وقد ذكر أَحد
المضاف إِليهما، ولو كان: لله الأَمر من قبل ومن بعد كذا، لجاز على هذا
وكان المعنى من قبل كذا ومن بعد كذا؛ وقوله:
ونحن قتلنا الأُسْدَ أُسْدَ خَفِيَّةٍ،
فما شربوا بَعْدٌ على لَذَّةٍ خَمْرا
إِنما أَراد بعدُ فنوّن ضرورة؛ ورواه بعضهم بعدُ على احتمال الكف؛ قال
اللحياني وقال بعضهم: ما هو بالذي لا بُعْدَ له، وما هو بالذي لا قبل له،
قال أَبو حاتم: وقالوا قبل وبعد من الأَضداد، وقال في قوله عز وجل:
والأَرض بعد ذلك دحاها، أَي قبل ذلك. قال الأَزهري: والذي قاله أَبو حاتم عمن
قاله خطأٌ؛ قبلُ وبعدُ كل واحد منهما نقيض صاحبه فلا يكون أَحدهما بمعنى
الآخر، وهو كلام فاسد. وأَما قول الله عز وجل: والأَرض بعد ذلك دحاها؛
فإِن السائل يسأَل عنه فيقول: كيف قال بعد ذلك قوله تعالى: قل أَئنكم
لتكفرون بالذي خلق الأَرض في يومين؛ فلما فرغ من ذكر الأَرض وما خلق فيها قال:
ثم استوى إلى السماء، وثم لا يكون إِلا بعد الأَول الذي ذكر قبله، ولم
يختلف المفسرون أَن خلق الأَرض سبق خلق السماء، والجواب فيما سأَل عنه
السائل أَن الدَّحو غير الخلق، وإِنما هو البسط، والخلق هو إِلانشاءُ
الأَول، فالله عز وجل، خلق الأَرض أَولاً غير مدحوّة، ثم خلق السماء، ثم دحا
الأَرض أَي بسطها، قال: والآيات فيها متفقة ولا تناقض بحمد الله فيها عند
من يفهمها، وإِنما أَتى الملحد الطاعن فيما شاكلها من الآيات من جهة
غباوته وغلظ فهمه وقلة علمه بكلام العرب.
وقولهم في الخطابة: أَما بعدُ؛ إِنما يريدون أَما بعد دعائي لك، فإِذا
قلت أَما بعدَ فإِنك لا تضيفه إِلى شيء ولكنك تجعله غاية نقيضاً لقبل؛ وفي
حديث زيد بن أَرقم: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خطبهم فقال:
أَما بعدُ؛ تقدير الكلام: أَما بعدُ حمد الله فكذا وكذا. وزعموا أَن داود،
عليه السلام، أَول من قالها؛ ويقال: هي فصل الخطاب ولذلك قال جل وعز:
وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب؛ وزعم ثعلب أَن أَول من قالها كعب بن لؤي.
أَبو عبيد: يقال لقيته بُعَيْداتِ بَيْنٍ إِذا لقيته بعد حين؛ وقيل:
بُعَيْداتِ بَيْنٍ أَي بُعَيد فراق، وذلك إِذا كان الرجل يمسك عن إِتيان
صاحبه الزمانَ، ثم يأْتيه ثم يمسك عنه نحوَ ذلك أَيضاً، ثم يأْتيه؛ قال: وهو
من ظروف الزمان التي لا تتمكن ولا تستعمل إلا ظرفاً؛ وأَنشد شمر:
وأَشْعَثَ مُنْقَدّ القيمصِ، دعَوْتُه
بُعَيْداتِ بَيْنٍ، لا هِدانٍ ولا نِكْسِ
ويقال: إِنها لتضحك بُعَيْداتِ بَيْنٍ أَي بين المرَّة ثم المرة في
الحين.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه كان إِذا أَراد البراز أَبعد،
وفي آخر: يَتَبَعَّدُ؛ وفي آخر: أَنه، صلى الله عليه وسلم، كان يُبْعِدُ
في المذهب أَي الذهاب عند قضاء حاجته؛ معناه إِمعانه في ذهابه إِلى
الخلاء. وأَبعد فلان في الأَرض إِذا أَمعن فيها. وفي حديث قتل أَبي جهل: هَلْ
أَبْعَدُ من رجل قتلتموه؟ قال ابن الأَثير: كذا جاء في سنن أَبي داود
معناها أَنهى وأَبلغ، لأَن الشيء المتناهي في نوعه يقال قد أَبعد فيه، وهذا
أَمر بعيد لا يقع مثله لعظمه، والمعنى: أَنك استعظمت شأْني واستبعدت
قتلي فهل هو أَبعد من رجل قتله قومه؛ قال: والروايات الصحيحة أَعمد،
بالميم.
حسس: الحِسُّ والحَسِيسُ: الصوتُ الخَفِيُّ؛ قال اللَّه تعالى: لا
يَسْمَعُون حَسِيسَها. والحِسُّ، بكسر الحاء: من أَحْسَسْتُ بالشيء. حسَّ
بالشيء يَحُسُّ حَسّاً وحِسّاً وحَسِيساً وأَحَسَّ به وأَحَسَّه: شعر به؛
وأَما قولهم أَحَسْتُ بالشيء فعلى الحَذْفِ كراهية التقاء المثلين؛ قال
سيبويه: وكذلك يفعل في كل بناء يُبْنى اللام من الفعل منه على السكون ولا تصل
إِليه الحركة شبهوها بأَقَمْتُ. الأَزهري: ويقال هل أَحَسْتَ بمعنى
أَحْسَسْتَ، ويقال: حَسْتُ بالشيء إِذا علمته وعرفته، قال: ويقال أَحْسَسْتُ
الخبَرَ وأَحَسْتُه وحَسَيتُ وحَسْتُ إِذا عرفت منه طَرَفاً. وتقول: ما
أَحْسَسْتُ بالخبر وما أَحَسْت وما حَسِيتُ ما حِسْتُ أَي لم أَعرف منه
شيئا ً
(* عبارة المصباح: وأحس الرجل الشيء إحساساً علم به، وربما زيدت
الباء فقيل: أحسّ به على معنى شعر به. وحسست به من باب قتل لغة فيه،
والمصدر الحس، بالكسر، ومنهم من يخفف الفعلين بالحذف يقول: أحسته وحست به،
ومنهم من يخفف فيهما بإبدال السين ياء فيقول: حسيت وأَحسيت وحست بالخبر من
باب تعب ويتعدى بنفسه فيقال: حست الخبر، من باب قتل. اهـ. باختصار.). قال
ابن سيده: وقالوا حَسِسْتُ به وحَسَيْتُه وحَسِيت به وأَحْسَيْتُ، وهذا
كله من محوَّل التضعيف، والاسم من كل ذلك الحِسُّ. قال الفراء: تقول من
أَين حَسَيْتَ هذا الخبر؛ يريدون من أَين تَخَبَرْته. وحَسِسْتُ بالخبر
وأَحْسَسْتُ به أَي أَيقنت به. قال: وربما قالوا حَسِيتُ بالخبر وأَحْسَيْتُ
به، يبدلون من السين ياء؛ قال أَبو زُبَيْدٍ:
خَلا أَنَّ العِتاقَ من المَطايا
حَسِينَ به، فهنّ إِليه شُوسُ
قال الجوهري: وأَبو عبيدة يروي بيت أَبي زبيد:
أَحَسْنَ به فهن إليه شُوسُ
وأَصله أَحْسَسْنَ، وقيل أَحْسَسْتُ؛ معناه ظننت ووجدت.
وحِسُّ الحمَّى وحِساسُها: رَسُّها وأَولها عندما تُحَسُّ؛ الأَخيرة عن
اللحياني. الأَزهري: الحِسُّ مس الحُمَّى أَوّلَ ما تَبْدأُ، وقال
الأَصمعي: أَول ما يجد الإِنسان مَسَّ الحمى قبل أَن تأْخذه وتظهر، فذلك
الرَّسُّ، قال: ويقال وَجَدَ حِسّاً من الحمى. وفي الحديث: أَنه قال لرجل متى
أَحْسَسْتَ أُمَّْ مِلْدَمٍ؟ أَي متى وجدت مَسَّ الحمى.
وقال ابن الأَثير: الإِحْساسُ العلم بالحواسِّ، وهي مَشاعِرُ الإِنسان
كالعين والأُذن والأَنف واللسان واليد، وحَواسُّ الإِنسان: المشاعر الخمس
وهي الطعم والشم والبصر والسمع واللمس. وحَواسُّ الأَرض خمس: البَرْدُ
والبَرَدُ والريح والجراد والمواشي.
والحِسُّ: وجع يصيب المرأَة بعد الولادة، وقيل: وجع الولادة عندما
تُحِسُّها، وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنه مَرَّ بامرأَة قد ولدت فدعا
لها بشربة من سَوِيقٍ وقال: اشربي هذا فإِنه يقطع الحِسَّ. وتَحَسَّسَ
الخبر: تطلَّبه وتبحَّثه. وفي التنزيل: يا بَنيَّ اذهبوا فَتحَسَّسوا من يوسف
وأَخيه. وقال اللحياني: تَحَسَّسْ فلاناً ومن فلان أَي تَبَحَّثْ،
والجيم لغيره. قال أَبو عبيد: تَحَسَّسْت الخبر وتَحَسَّيته، وقال شمر:
تَنَدَّسْتُه مثله. وقال أَبو معاذ: التَحَسُّسُ شبه التسمع والتبصر؛ قال:
والتَجَسُّسُ، بالجيم، البحث عن العورة، قاله في تفسير قوله تعالى: ولا
تَجَسَّسوا ولا تَحَسَّسُوا. ابن الأَعرابي: تَجَسَّسْتُ الخبر وتَحَسَّسْتُه
بمعنى واحد. وتَحَسَّسْتُ من الشيء أَي تَخَبَّرت خبره. وحَسَّ منه خبراً
وأَحَسَّ، كلاهما: رأَى. وعلى هذا فسر قوله تعالى: فلما أَحسَّ عيسى
منهم الكُفْرَ. وحكى اللحياني: ما أَحسَّ منهم أَحداً أَي ما رأَى. وفي
التنزيل العزيز: هل تُحِسُّ منهم من أَحد، وقيل في قوله تعالى: هل تحس منهم
من أَحد، وقيل في قوله تعالى: هل تحس منهم من أَحد، معناه هل تُبْصِرُ هل
تَرى؟ قال الأَزهري: وسمعت العرب يقول ناشِدُهم لِضَوالِّ الإِبل إِذا
وقف على
(* كذا بياض بالأَصل.) ... أَحوالاً وأَحِسُّوا ناقةً صفتها كذا
وكذا؛ ومعناه هل أَحْسَستُم ناقة، فجاؤوا على لفظ الأَمر؛ وقال الفراء في
قوله تعالى: فلما أَحسَّ عيسى منهم الكفر، وفي قوله: هل تُحِسُّ منهم من
أَحد، معناه: فلما وَجَد عيسى، قال: والإِحْساسُ الوجود، تقول في الكلام:
هل أَحْسَسْتَ منهم من أَحد؟ وقال الزجاج: معنى أَحَسَّ علم ووجد في
اللغة. ويقال: هل أَحسَست صاحبك أَي هل رأَيته؟ وهل أَحْسَسْت الخبر أَي هل
عرفته وعلمته. وقال الليث في قوله تعالى: فلما أَحس عيسى منهم الكفر؛ أَي
رأَى. يقال: أَحْسَسْتُ من فلان ما ساءني أَي رأَيت. قال: وتقول العرب ما
أَحَسْتُ منهم أَحداً، فيحذفون السين الأُولى، وكذلك في قوله تعالى:
وانظر إِلى إِلهك الذي ظَلْتَ عليه عاكفاً، وقال: فَظَلْتُم تَفَكَّهون،
وقرئ: فَظِلْتُم، أُلقيت اللام المتحركة وكانت فَظَلِلْتُم. وقال ابن
الأَعرابي: سمعت أَبا الحسن يقول: حَسْتُ وحَسِسْتُ ووَدْتُ ووَدِدْتُ وهَمْتُ
وهَمَمْتُ. وفي حديث عوف بن مالك: فهجمت على رجلين فلقت هل حَسْتُما من
شيء؟ قالا: لا. وفي خبر أَبي العارِم: فنظرت هل أُحِسُّ سهمي فلم أَرَ
شيئاً أَي نظرت فلم أَجده.
وقال: لا حَساسَ من ابْنَيْ مُوقِدِ النار؛ زعموا أَن رجلين كانا يوقدان
بالطريق ناراً فإِذا مرَّ بهما قوم أَضافاهم، فمرَّ بهما قوم وقد ذهبا،
فقال رجل: لا حَساسَ من ابْنَيْ مُوقِدِ النار، وقيل: لا حَسَاسَ من ابني
موقد النار، لا وجود، وهو أَحسن. وقالوا: ذهب فلان فلا حَساسَ به أَي لا
يُحَسُّ به أَو لا يُحَسُّ مكانه. والحِسُّ والحَسِيسُ: الذي نسمعه مما
يمرّ قريباً منك ولا تراه، وهو عامٌّ في الأَشياء كلها؛ وأَنشد في صفة
بازٍ:
تَرَى الطَّيْرَ العِتاقَ يَظَلْنَ منه
جُنُوحاً، إِن سَمِعْنَ له حَسِيسا
وقوله تعالى: لا يَسْمَعُون حَسِيسَها أَي لا يسمعون حِسَّها وحركة
تَلَهُّبِها. والحَسيسُ والحِسُّ: الحركة. وفي الحديث: أَنه كان في مسجد
الخَيْفِ فسمع حِسَّ حَيَّةٍ؛ أَي حركتها وصوت مشيها؛ ومنه الحديث: إِن
الشيطان حَسَّاس لَحَّاسٌ؛ أَي شديد الحسَّ والإَدراك. وما سمع له حِسّاً ولا
جِرْساً؛ الحِسُّ من الحركة والجِرْس من الصوت، وهو يصلح للإِنسان وغيره؛
قال عَبْدُ مَناف بن رِبْعٍ الهُذَليّ:
وللقِسِيِّ أَزامِيلٌ وغَمْغَمَةٌ،
حِسَّ الجَنُوبِ تَسُوقُ الماءَ والبَرَدا
والحِسُّ: الرَّنَّةُ. وجاءَ بالمال من حِسَّه وبِسِّه وحَسِّه وبَسِّه،
وفي التهذيب: من حَسِّه وعَسِّه أَي من حيث شاءَ. وجئني من حَسِّك
وبَسِّك؛ معنى هذا كله من حيث كان ولم يكن. وقال الزجاج: تأْويله جئ به من
حيث تُدركه حاسَّةٌ من حواسك أَو يُدركه تَصَرُّفٌ من تَصَرٍّفِك. وفي
الحديث أَن رجلاً قال: كانت لي ابنة عم فطلبتُ نَفْسَها، فقالت: أَو تُعْطيني
مائة دينار؟ فطلبتها من حَِسِّي وبَِسِّي؛ أَي من كل جهة. وحَسَّ، بفتح
الحاء وكسر السين وترك التنوين: كلمة تقال عند الأَلم. ويقال: إِني لأَجد
حِسّاً من وَجَعٍ؛ قال العَجَّاجُ:
فما أَراهم جَزَعاً بِحِسِّ،
عَطْفَ البَلايا المَسَّ بعد المَسِّ
وحَرَكاتِ البَأْسِ بعد البَأْسِ،
أَن يَسْمَهِرُّوا لضِراسِ الضَّرْسِ
يسمهرّوا: يشتدوا. والضِّراس: المُعاضَّة. والضَّرْسُ: العَضُّ. ويقال:
لآخُذَنَّ منك الشيء بِحَسٍّ أَو بِبَسٍّ أَي بمُشادَّة أَو رفق، ومثله:
لآخذنه هَوْناً أَو عَتْرَسَةً. والعرب تقول عند لَذْعة النار والوجع
الحادِّ: حَسِّ بَسِّ، وضُرِبَ فما قال حَسٍّ ولا بَسٍّ، بالجر والتنوين،
ومنهم من يجر ولا ينوَّن، ومنهم من يكسر الحاء والباء فيقول: حِسٍّ ولا
بِسٍّ، ومنهم من يقول حَسّاً ولا بَسّاً، يعني التوجع. ويقال: اقْتُصَّ من
فلان فما تَحَسَّسَ أَي ما تَحَرَّك وما تَضَوَّر. الأَزهري: وبلغنا أَن
بعض الصالحين كان يَمُدُّ إِصْبعه إِلى شُعْلَة نار فإِذا لذعته قال:
حَسِّ حَسِّ كيف صَبْرُكَ على نار جهنم وأَنت تَجْزَعُ من هذا؟ قال
الأَصمعي: ضربه فما قال حَسِّ، قال: وهذه كلمة كانت تكره في الجاهلية، وحَسِّ
مثل أَوَّهْ، قال الأَزهري: وهذا صحيح. وفي الحديث: أَنه وضع يده في
البُرْمَة ليأْكل فاحترقت أَصابعه فقال: حَسِّ؛ هي بكسر السين والتشديد، كلمة
يقولها الإِنسان إِذا أَصابه ما مَضَّه وأَحرقه غفلةً كالجَمْرة
والضَّرْبة ونحوها. وفي حديث طلحة، رضي اللَّه عنه: حين قطعت أَصابعه يوم أُحُدٍ
قال: حَسَّ، فقال رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم: لو قلت بسم اللَّه
لرفعتك الملائكة والناس ينظرون. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه
وسلم، كان ليلة يَسْري في مَسِيره إِلى تَبُوك فسار بجنبه رجل من أَصحابه
ونَعَسا فأَصاب قَدَمُه قَدَمَ رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، فقال:
حَسِّ؛ ومنه قول العجاج، وقد تقدم.
وبات فلانٌ بِحَسَّةٍ سَيِّئة وحَسَّةِ سَوْءٍ أَي بحالة سَوْءٍ وشدّة،
والكسر أَقيس لأَن الأَحوال تأْتي كثيراً على فِعْلَة كالجِيْئَةِ
والتَّلَّةِ والبِيْئَةِ. قال الأَزهري: والذي حفظناه من العرب وأَهل اللغة:
بات فلان بجيئة سوء وتلة سوء وبيئة سوء، قال: ولم أَسمع بحسة سوء لغير
الليث.
وقال اللحياني: مَرَّتْ بالقوم حَواسُّ أَي سِنُونَ شِدادٌ.
والحَسُّ: القتل الذريع. وحَسَسْناهم أَي استَأْصلناهم قَتْلاً.
وحَسَّهم يَحُسُّهم حَسّاً: قتلهم قتلاً ذريعاً مستأْصلاً. وفي التنزيل العزيز:
إِذ تَحُسُّونهم بإِذنه؛ أَي تقتلونهم قتلاً شديداً، والاسم الحُساسُ؛ عن
ابن الأَعرابي؛ وقال أَبو إِسحق: معناه تستأْصلونهم قتلاً. يقال:
حَسَّهم القائد يَحُسُّهم حَسّاً إِذا قتلهم. وقال الفراء: الحَسُّ القتل
والإِفناء ههنا. والحَسِيسُ؛ القتيل؛ قال صَلاءَةُ بن عمرو الأَفْوَهُ:
إِنَّ بَني أَوْدٍ هُمُ ما هُمُ،
للحَرْبِ أَو للجَدْبِ، عامَ الشُّمُوسْ
يَقُونَ في الجَحْرَةِ جِيرانَهُمْ،
بالمالِ والأَنْفُس من كل بُوسْ
نَفْسِي لهم عند انْكسار القَنا،
وقد تَرَدَّى كلُّ قِرْنٍ حَسِيسْ
الجَحْرَة: السنة الشديدة. وقوله: نفْسي لهم أَي نفسي فداء لهم فحذف
الخبر. وفي الحديث: حُسُّوهم بالسيف حَسّاً؛ أَي استأْصلوهم قتلاً. وفي حديث
علي: لقد شَفى وحاوِح صَدْري حَسُّكم إِياهم بالنِّصال. والحديث الآخر:
كما أَزالوكم حَسّاً بالنصال، ويروى بالشين المعجمة. وجراد محسوسٌ: قتلته
النار. وفي الحديث: أَنه أُتِيَ بجراد مَحْسوس. وحَسَّهم يَحُسُّهم:
وَطِئَهم وأَهانهم.
وحَسَّان: اسم مشتق من أَحد هذه الأَشياءِ؛ قال الجوهري: إِن جعلته
فَعْلانَ من الحَسِّ لم تُجْره، وإِن جعلته فَعَّالاً من الحُسْنِ أَجريته
لأَن النون حينئذ أَصلية.
والحَسُّ: الجَلَبَةُ. والحَسُّ: إِضْرار البرد بالأَشياء. ويقال:
أَصابتهم حاسَّة من البرد. والحِسُّ: برد يُحْرِق الكلأَ، وهو اسم، وحَسَّ
البَرْدُ. والكلأَ يَحُسُّه حَسّاً، وقد ذكر أَن الصاد لغة؛ عن أَبي حنيفة.
ويقال: إِن البرد مَحَسَّة للنبات والكلإِ، بفتح الجيم، أَي يَحُسُّه
ويحرقه. وأَصابت الأَرضَ حاسَّةٌ أَي بَرْدٌ؛ عن اللحياني، أَنَّته على معنى
المبالغة أَو الجائحة. وأَصابتهم حاسَّةٌ: وذلك إِذا أَضرَّ البردُ أَو
غيره بالكلإِ؛ وقال أَوْسٌ:
فما جَبُنُوا أَنَّا نَشُدُّ عليهمُ،
ولكن لَقُوا ناراً تَحُسُّ وتَسْفَعُ
قال الأَزهري: هكذا رواه شمر عن ابن الأَعرابي وقال: تَحُسُّ أَي
تُحْرِقُ وتُفْني، من الحاسَّة، وهي الآفة التي تصيب الزرع والكلأَ فتحرقه.
وأَرض مَحْسوسة: أَصابها الجراد والبرد. وحَسَّ البردُ الجرادَ: قتله. وجراد
مَحْسُوس إِذا مسته النار أَو قتلته. وفي الحديث في الجراد: إِذا حَسَّه
البرد فقتله. وفي حديث عائشة: فبعثت إِليه بجراد مَحْسُوس أَي قتله
البرد، وقيل: هو الذي مسته النار. والحاسَّة: الجراد يَحُسُّ الأَرض أَي
يأْكل نباتها. وقال أَبو حنيفة: الحاسَّة الريح تَحْتِي التراب في الغُدُرِ
فتملؤها فيَيْبَسُ الثَّرَى. وسَنَة حَسُوس إِذا كانت شديدة المَحْل قليلة
الخير. وسنة حَسُوس: تأْكل كل شيء؛ قال:
إِذا شَكَوْنا سَنَةً حَسُوسا،
تأْكلُ بَعْدَ الخُضْرَةِ اليَبِيسا
أَراد تأْكل بعد الأَخضر اليابس إِذ الخُضرة واليُبْسُ لا يؤكلان
لأَنهما عَرَضانِ. وحَسَّ الرأْسَ يَحُسُّه حَسّاً إِذا جعله في النار فكلما
شِيطَ أَخذه بشَفْرَةٍ. وتَحَسَّسَتْ أَوبارُ الإِبل: تَطَايَرَتْ وتفرّقت.
وانْحَسَّت أَسنانُه: تساقطت وتَحاتَّتْ وتكسرت؛ وأَنشد للعجاج:
في مَعْدِنِ المُلْك الكَريمِ الكِرْسِ،
ليس بمَقْلوع ولا مُنْحَسِّ
قال ابن بري: وصواب إِنشاد هذا الرجز بمعدن الملك؛ وقبله:
إِن أَبا العباس أَولَى نَفْسِ
وأَبو العباس هو الوليد بن عبد الملك، أَي هو أَولى الناس بالخلافة
وأَولى نفس بها، وقوله:
ليس بمقلوع ولا منحس
أَي ليس بمحوّل عنه ولا مُنْقَطِع.
الأَزهري: والحُساسُ مثل الجُذاذ من الشيء، وكُسارَةُ الحجارة الصغار
حُساسٌ؛ قال الراجز يذكر حجارة المنجنيق:
شَظِيَّة من رَفْضَّةِ الحُساسِ،
تَعْصِفُ بالمُسْتَلْئِم التَّرَّاسِ
والحَسُّ والاحْتِساسُ في كل شيء: أَن لا يترك في المكان شيء. والحُساس:
سمك صِغار بالبحرين يجفف حتى لا يبقى فيه شيء من مائه، الواحدة حُساسَة.
قال الجوهري: والحُساس، بالضم، الهِفُّ، وهو سمك صغار يجفف. والحُساسُ:
الشُّؤْمُ والنَّكَدُ. والمَحْسوس: المشؤوم؛ عن اللحياني. ابن الأَعرابي:
الحاسُوس المشؤوم من الرجال. ورجل ذو حُساسٍ: ردِيء الخُلُقِ؛ قال:
رُبَّ شَريبٍ لك ذي حُساسِ،
شَرابُه كالحَزِّ بالمَواسِي
فالحُساسُ هنا يكون الشُّؤْمَ ويكون رَداءة الخُلُق. وقال ابن الأَعرابي
وحده: الحُساسُ هنا القتل، والشريب هنا الذي يُوارِدُك على الحوض؛ يقول:
انتظارك إِياه قتل لك ولإِبلك.
والحِسُّ: الشر؛ تقول العرب: أَلْحِقِ الحِسَّ بالإِسِّ؛ الإِسُّ هنا
الأَصل، تقول: أَلحق الشر بأَهله؛ وقال ابن دريد: إِنما هو أَلصِقوا
الحِسَّ بالإِسِّ أَي أَلصقوا الشر بأُصول من عاديتم. قال الجوهري: يقال
أَلْحِقِ الحِسَّ بالإِسِّ، معناه أَلحق الشيء بالشيء أَي إِذا جاءَك شيء من
ناحية فافعل مثله. والحِسُّ: الجَلْدُ.
وحَسَّ الدابة يَحُسُّها حَسّاً: نفض عنها التراب، وذلك إِذا فَرْجَنها
بالمِحَسَّة أَي حَسَّها. والمِحَسَّة، بكسر الميم: الفِرْجَوْنُ؛ ومنه
قول زيد بن صُوحانَ حين ارْتُثَّ يوم الجمل: ادفنوني في ثيابي ولا
تَحُسُّوا عني تراباً أَي لا تَنْفُضوه، من حَسَّ الدابة، وهو نَفْضُكَ التراب
عنها. وفي حديث يحيى بن عَبَّاد: ما من ليلة أَو قرية إِلا وفيها مَلَكٌ
يَحُسُّ عن ظهور دواب الغزاة الكَلالَ أَي يُذْهب عنها التَّعَب بَحسِّها
وإِسقاط التراب عنها. قال ابن سيده: والمِحَسَّة، مكسورة، ما يُحَسُّ به
لأَنه مما يعتمل به.
وحَسَسْتُ له أَحِسُّ، بالكسر، وحَسِسْتُ حَِسّاً فيهما: رَقَقْتُ له.
تقول العرب: إِن العامِرِيَّ ليَحِسَّ للسَّعْدِي، بالكسر، أَي يَرِقُّ
له، وذلك لما بينهما من الرَّحِم. قال يعقوب: قال أَبو الجَرَّاحِ
العُقَيْلِيُّ ما رأَيت عُقيليّاً إِلا حَسَسْتُ له؛ وحَسِسْتُ أَيضاً، بالكسر:
لغة فيه؛ حكاها يعقوب، والاسم الحَِسُّ؛ قال القُطامِيُّ:
أَخُوكَ الذي تَملِكُ الحِسَّ نَفْسُه،
وتَرْفَضُّ، عند المُحْفِظاتِ، الكتائِفُ
ويروى: عند المخطفات. قال الأَزهري: هكذا روى أَبو عبيد بكسر الحاء،
ومعنى هذا البيت معنى المثل السائر: الحَفائِظُ تُحَلِّلُ الأَحْقادَ، يقول:
إِذا رأَيتُ قريبي يُضام وأَنا عليه واجدٌ أَخرجت ما في قلبي من
السَّخِيمة له ولم أَدَعْ نُضْرَته ومعونته، قال: والكتائف الأَحقاد، واحدتها
كَتِيفَة. وقال أَبو زيد: حَسَسْتُ له وذلك أَن يكون بينهما رَحِمٌ
فَيَرِقَّ له، وقال أَبو مالك: هو أَن يتشكى له ويتوجع، وقال: أَطَّتْ له مني
حاسَّةُ رَحِم. وحَسَِسْتُ له حَِسّاً: رَفَقْتُ؛ قال ابن سيده: هكذا وجدته
في كتاب كراع، والصحيح رَقَقْتُ، على ما تقدم. الأَزهري: الحَسُّ
العَطْفُ والرِّقَّة، بالفتح؛ وأَنشد للكُمَيْت:
هل مَنْ بكى الدَّارَ راجٍ أَن تَحِسَّ له،
أَو يُبْكِيَ الدَّارَ ماءُ العَبْرَةِ الخَضِلُ؟
وفي حديث قتادة، رضي اللَّه عنه: إِن المؤمن ليَحِسُّ للمنافق أَي يأْوي
له ويتوجع. وحَسِسْتُ له، بالفتح والكسر، أُحِسُّ أَي رَقَقْتُ له.
ومَحَسَّةُ المرأَة: دُبُرُها، وقيل: هي لغة في المَحَشَّة.
والحُساسُ: أَن يضع اللحم على الجَمْرِ، وقيل: هو أَن يُنْضِجَ أَعلاه
ويَتْرُكَ داخِله، وقيل: هو أَن يَقْشِرَ عنه الرماد بعد أَن يخرج من
الجمر. وقد حَسَّه وحَسْحَسَه إِذا جعله على الجمر، وحَسْحَسَتُه صوتُ
نَشِيشِه، وقد حَسْحَسَتْه النار، ابن الأَعرابي: يقال حَسْحَسَتْه النارُ
وحَشْحَشَتْه بمعنى. وحَسَسْتُ النار إِذا رددتها بالعصا على خُبْزَة
المَلَّةِ أَو الشِّواءِ من نواحيه ليَنْضَجَ؛ ومن كلامهم: قالت الخُبْزَةُ لولا
الحَسُّ ما باليت بالدَّسِّ.
ابن سيده: ورجل حَسْحاسٌ خفيف الحركة، وبه سمي الرجل. قال الجوهري:
وربما سَمَّوا الرجلَ الجواد حَسْحاساً؛ قال الراجز:
مُحِبَّة الإِبْرام للحَسْحاسِ
وبنو الحَسْحَاسِ: قوم من العرب.
حفر: حَفَرَ الشيءَ يَحْفِرُه حَفْراً واحْتَفَرَهُ: نَقَّاهُ كما
تُحْفَرُ الأَرض بالحديدة، واسم المُحْتَفَرِ الحُفْرَةُ. واسْتَحْفَرَ
النَّهْرُ: حانَ له أَن يُحْفَرَ. والحَفُيرَةُ والحَفَرُ والحَفِيرُ: البئر
المُوَسَّعَةُ فوق قدرها، والحَفَرُ، بالتحريك: التراب المُخْرَجُ من الشيء
المَحْفُور، وهو مثل الهَدَمِ، ويقال: هو المكان الذي حُفِرَ؛ وقال
الشاعر:
قالوا: انْتَهَيْنا، وهذا الخَنْدَقُ الحَفَرُ
والجمع من كل ذلك أَحْفارٌ، وأَحافِيرُ جمع الجمع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
جُوبَ لها من جَبلٍ هِرْشَمِّ،
مُسْقَى الأَحافِيرِ ثَبِيتِ الأُمِّ
وقد تكون الأَحافير جمعَ حَفِيرٍ كقَطِيعٍ وأَقاطيعَ. وفي الأَحاديث:
ذِكْرُ حَفَرِ أَبي موسى، وهو بفتح الحاء والفاء، وهي رَكايا احْتَفَرها
على جادَّةِ الطريق من البَصْرَةِ إِلى مكة، وفيه ذكر الحَفِيرة، بفتح
الحاء وكسر الفاء، نهر بالأُردنِّ نزل عنده النعمان بنُ بَشِير، وأَما بضم
الحاء وفتح الفاء فمنزل بين ذي الحُلَيْفَةِ ومِلْكٍ يَسْلُكُه الحاجُّ.
والمِحْفَرُ والمِحْفَرَةُ والمِحْفَارُ: المِسْحاةُ ونحوها مما يحتفر
به، ورَكِيَّةٌ حَفِيرَةٌ، وحَفَرٌ بديعٌ، وجمع الحَفَرِ أَحفار؛ وأَتى
يَرْبُوعاً مُقَصِّعاً أَو مُرَهَّطاً فَحَفَرَهُ وحَفَرَ عنه
واحْتَفَرَهُ.الأَزهري: قال أَبو حاتم: يقال حافِرٌ مُحافِرَةٌ، وفلان أَرْوَغُ من
يَرْبُوعٍ مُحافِرٍ، وذلك أَن يَحْفِرَ في لُغْزٍ من أَلْغازِهِ فيذهبَ
سُفْلاً ويَحْفِر الإِنسانُ حتى يعيا فلا يقدر عليه ويشتبه عليه الجُحْرُ
فلا يعرفه من غيره فيدعه، فإِذا فعل اليَرْبُوعُ ذلك قيل لمن يطلبه؛ دَعْهُ
فقد حافَرَ فلا يقدر عليه أَحد؛ ويقال إِنه إِذا حافَرَ وأَبى أَن
يَحْفِرَ الترابَ ولا يَنْبُثَه ولا يُذَرِّي وَجْهَ جُحْرِه يقال: قد جَثا
فترى الجُحْرَ مملوءًا تراباً مستوياً مع ما سواه إِذا جَثا، ويسمى ذلك
الجاثِياءَ، ممدوداً؛ يقال: ما أَشدَّ اشتباهَ جَاثِيائِه. وقال ابن شميل:
رجل مُحافِرٌ ليس له شيء؛ وأَنشد:
مُحافِرُ العَيْشِ أَتَى جِوارِي،
ليس له، مما أَفاءَ الشَّارِي،
غَيْرُ مُدًى وبُرْمَةٍ أَعْشَارِ
وكانت سُورَةُ براءة تسمى الحافِرَةَ، وذلك أَنها حَفَرَتْ عن قلوب
المنافقين، وذلك أَنه لما فرض القتال تبين المنافق من غيره ومن يوالي
المؤمنين ممن يوالي أَعداءَهم.
والحَفْرُ والحَفَرُ: سُلاقٌ في أُصول الأَسْنانِ، وقيل: هي صُفْرة تعلو
الأَسنان. الأَزهري: الحَفْرُ والحَفَرُ، جَزْمٌ وفَتْحٌ لغتان، وهو ما
يَلْزَقُ بالأَسنان من ظاهر وباطن، نقول: حَفَرَتْ أَسنانُه تَحْفِرُ
حَفْراً. ويقال: في أَسنانه حَفْرٌ، وبنو أَسد تقول: في أَسنانه حَفَرٌ،
بالتحريك؛ وقد حَفَرَتْ تَحْفِرُ حَفْراً، مثال كَسَرَ يَكْسِرُ كَسْراً:
فسدت أُصولها؛ ويقال أَيضاً: حَفِرَتْ مثال تَعِبَ تَعَباً، قال: وهي
أَرادأُ اللغتين؛ وسئل شمر عن الحَفَرِ في الأَسنان فقال: هو أَن يَحْفِرَ
القَلَحُ أُصولَ الأَسنان بين اللِّثَةِ وأَصلِ السِّنِّ من ظاهر وباطن،
يُلِحُّ على العظم حتى ينقشر العظم إِن لم يُدْرَكْ سَرِيعاً. ويقال: أَخذ
فَمَهُ حَفَرٌ وحَفْرٌ. ويقال: أَصبح فَمُ فلان مَحْفُوراً، وقد حُفِرَ
فُوه، وحَفَرَ يَحْفِرُ حَفْراً، وحَفِرَ حَفَراً فيهما. وأَحْفَرَ الصبي:
سقطت له الثَّنِيَّتانِ العُلْيَيان والسُّفْلَيانِ، فإِذا سقطت
رَواضِعُه قيل: حَفَرَتْ. وأَحْفَرَ المُهْرَ للإِثْناء والإِرْباعِ والقُروحِ:
سقطت ثناياه لذلك. وأَفَرَّتِ الإِبل للإِثناء إِذا ذهبت رَواضِعُها وطلع
غيرها. وقال أَبو عبيدة في كتاب الخيل: يقال أَحْفَرَ المُهْرُ
إِحْفاراً، فهو مُحْفِرٌ، قال: وإِحْفارُهُ أَن تتحرك الثَّنِيَّتانِ
السُّفْلَيانِ والعُلْيَيانِ من رواضعه، فإِذا تحركن قالوا: قد أَحْفَرَتْ ثنايا
رواضعه فسقطن؛ قال: وأَوَّل ما يَحْفِرُ فيما بين ثلاثين شهراً أَدنى ذلك
إِلى ثلاثة أَعوام ثم يسقطن فيقع عليها اسم الإِبداء، ثم تُبْدِي فيخرج له
ثنيتان سفليان وثنيتان علييان مكان ثناياه الرواضع اللواتي سقطن بعد ثلاثة
أَعوام، فهو مُبْدٍ؛ قال: ثم يُثْنِي فلا يزال ثَنِيّاً حتى يُحْفِرَ
إِحْفاراً، وإِحْفارُه أَن تحرَّك له الرَّباعِيَتانِ السفليان والرباعيتان
العلييان من رواضعه، وإِذا تحركن قيل: قد أَحْفَرَتْ رَباعِياتُ رواضعه،
فيسقطن أَول ما يُحْفِرْنَ في استيفائه أَربعة أَعوام ثم يقع عليها اسم
الإِبداء، ثم لا يزال رَباعِياً حتى يُحْفِرَ للقروح وهو أَن يتحرَّك
قارحاه وذلك إِذا استوفى خمسة أَعوام؛ ثم يقع عليه اسم الإِبداء على ما
وصفناه ثم هو قارح. ابن الأَعرابي: إِذا استتم المهر سنتين فهو جَذَغٌ ثم
إِذا استتم الثالثة فهو ثنيّ، فإِذا أَثنى أَلقى رواضعه فيقال: أَثنى
وأَدْرَمَ للإِثناء؛ ثم هو رَباع إِذا استتم الرابعة من السنين يقال: أَهْضَمَ
للإِرباع، وإِذا دخل في الخامسة فهو قارح؛ قال الأَزهري: وصوابه إِذا
استتم الخامسة فيكون موافقاً لقول أَبي عبيدة قال: وكأَنه سقط شيء.
وأَحْفَرَ المُهْرُ للإِثْنَاءِ والإِرْباعِ والقُروحِ إِذا ذهبت رواضعه وطلع
غيرها.
والْتَقَى القومُ فاقتتلوا عند الحافِرَةِ أَي عند أَوَّل ما
الْتَقَوْا. والعرب تقول: أَتيت فلاناً ثم رجعتُ على حافِرَتِي أَي طريقي الذي
أَصْعَدْتُ فيه خاصةً فإِن رجع على غيره لم يقل ذلك؛ وفي التهذيب: أَي
رَجَعْتُ من حيثُ جئتُ. ورجع على حافرته أَي الطريق الذي جاء منه. والحافِرَةُ:
الخلقة الأُولى. وفي التنزيل العزيز: أَئِنَّا لَمَرْدُودونَ في
الحافِرَةِ؛ أَي في أَول أَمرنا؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
أَحافِرَةً على صَلَعٍ وشَيْبٍ؟
مَعاذَ اللهِ من سَفَهٍ وعارِ
يقول: أَأَرجع إِلى ما كنت عليه في شبابي وأَمري الأَول من الغَزَلِ
والصِّبَا بعدما شِبْتُ وصَلِعْتُ؟ والحافرة: العَوْدَةُ في الشيء حتى
يُرَدَّ آخِره على أَوّله. وفي الحديث: إِن هذا الأَمر لا يُترك على حاله حتى
يُرَدَّ على حافِرَتِه؛ أَي على أَوّل تأْسيسه. وفي حديث سُراقَةَ قال:
يا رسول الله، أَرأَيتَ أَعمالنا التي نَعْمَلُ؟ أَمُؤَاخَذُونَ بها عند
الحافِرَةِ خَيْرٌ فَخَيْرٌ أَو شَرٌّ فَشَرٌّ أَو شيء سبقت به المقادير
وجَفَّت به الأَقلام؟ وقال الفراء في قوله تعالى: في الحافرة: معناه أَئنا
لمردودون إِلى أَمرنا الأَوّل أَي الحياة. وقال ابن الأَعرابي: في
الحافرة، أَي في الدنيا كما كنا؛ وقيل معنى قوله أَئنا لمردودون في الحافرة
أَي في الخلق الأَول بعدما نموت. وقالوا في المثل: النَّقْدُ عند
الحافِرَةِ والحافِرِ أَي عند أَول كلمة؛ وفي التهذيب: معناه إِذا قال قد بعتُك
رجعتَ عليه بالثمن، وهما في المعنى واحد؛ قال: وبعضهم يقول النَّقْدُ عند
الحافِرِ يريد حافر الفرس، وكأَنَّ هذا المثل جرى في الخيل، وقيل:
الحافِرَةُ الأَرضُ التي تُحْفَرُ فيها قبورهم فسماها الحافرة والمعنى يريد
المحفورة كما قال ماء دافق يريد مدفوق؛ وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَنه
قال: هذه كلمة كانوا يتكلمون بها عند السَّبْقِ، قال: والحافرة الأَرض
المحفورة، يقال أَوَّل ما يقع حافر الفرس على الحافرة فقد وجب النَّقْدُ يعني
في الرِّهانِ أَي كما يسبق فيقع حافره؛ يقول: هاتِ النِّقْدَ؛ وقال
الليث: النَّقْدُ عند الحافر معناه إِذا اشتريته لن تبرح حتى تَنْقُدَ. وفي
حديث أُبيّ قال: سأَلت النبي، صلى الله عليه وسلم، عن التوبة النصوح، قال:
هو الندم على الذنب حين يَفْرُطُ منك وتستغفر الله بندامتك عندَ
الحافِرِ لا تعود إِليه أَبداً؛ قيل: كانوا لنفاسة الفرس عندهم ونفاستهم بها لا
يبيعونها إِلا بالنقد، فقالوا: النقد عند الحافر أَي عند بيع ذات الحافر
وصيروه مثلاً، ومن قال عند الحافرة فإِنه لما جعل الحافرة في معنى الدابة
نفسها وكثر استعماله من غير ذكر الذات، أُلحقت به علامة التأْنيث
إِشعاراً بتسمية الذات بها أَو هي فاعلة من الحَفْرِ، لأَن الفرس بشدّة
دَوْسِها تَحْفِرُ الأَرض؛ قال: هذا هو الأَصل ثم كثر حتى استعمل في كل أَوَّلية
فقيل: رجع إِلى حافِرِه وحافِرَته، وفعل كذا عند الحافِرَة والحافِرِ،
والمعنى يتخير الندامة والاستغفار عند مواقعة الذنب من غير تأْخير لأَن
التأْخير من الإِصرار، والباء في بندامته بمعنى مع أَو للاستعانة أَي تطلب
مغفرة الله بأَن تندم، والواو في وتستغفر للحال أَو للعطف على معنى
الندم. والحافِرُ من الدواب يكون للخيل والبغال والحمير: اسم كالكاهل والغارب،
والجمع حَوافِرُ؛ قال:
أَوْلَى فَأَوْلَى يا امْرَأَ القَيْسِ، بعدما
خَصَفْنَ بآثار المَطِيِّ الحَوافِرَا
أَراد: خصفن بالحوافر آثار المطيّ، يعني آثار أَخفافه فحذف الباء
الموحدة من الحوافر وزاد أُخرى عوضاً منها في آثار المطيّ، هذا على قول من لم
يعتقد القلب، وهو أَمثل، فما وجدت مندوحة عن القلب لم ترتكبه؛ ومن هان قال
بعضهم معنى قولهم النَّقْدُ عند الحافِر أَن الخيل كانت أَعز ما يباع
فكانوا لا يُبارِحُونَ مَنِ اشتراها حتى يَنْقُدَ البائِعَ، وليس ذلك
بقويّ. ويقولون للقَدَمِ حافراً إِذا أَرادوا تقبيحها؛ قال:
أَعُوذُ باللهِ من غُولٍ مُغَوِّلَةٍ
كأَنَّ حافِرَها في... ظُنْبوُبِ
(* كذا بياض بالأصل).
الجوهري: الحافِرُ واحد حَوَافِر الدابة وقد استعاره الشاعر في القدم؛
قال جُبَيْها الأَسدي يصف ضيفاً طارقاً أَسرع إِليه:
فأَبْصَرَ نارِي، وهْيَ شَقْرَاءُ، أُوقِدَتْ
بِلَيْلٍ فَلاَحَتْ للعُيونِ النَّواظِرِ
فما رَقَدَ الوِلْدانُ، حتى رَأَيْتُه
على البَكْرِ يَمْرِيه بساقٍ وحافِرِ
ومعنى يمريه يستخرج ما عنده من الجَرْيِ.
والحُفْرَةُ: واحدة الحُفَرِ. والحُفْرَةُ: ما يُحْفَرُ في الأَرض.
والحَفَرُ: اسم المكان الذي حُفِر كَخَنْدَقٍ أَو بئر.
والحَفْرُ: الهُزال؛ عن كراع. وحَفَرَ الغَرَزُ العَنْزَ يَحْفِرُها
حَفْراً: أَهْزَلَها.
وهذا غيث لا يَحْفِرهُ أَحد لا يعلم أَحد أَين أَقصاه، والحِفْرَى، مثال
الشِّعْرَى: نَبْتٌ، وقيل: هو شجر يَنْبُتُ في الرمل لا يزال أَخضر، وهو
من نبات الربيع، وقال أَبو حنيفة: الحِفْرَى ذاتُ ورَقٍ وشَوْكٍ صغارٍ
لا تكون إِلاَّ في الأَرض الغليظة ولها زهيرة بيضاء، وهي تكون مثلَ
جُثَّةِ الحمامة؛ قال أَبو النجم في وصفها:
يَظَلُّ حِفْراهُ، من التَّهَدُّلِ،
في رَوْضِ ذَفْراءَ ورُعْلٍ مُخْجِلِ
الواحدة من كل ذلك حِفْراةٌ، وناسٌ من أَهل اليمن يسمون الخشبة ذات
الأَصابع التي يُذَرَّى بها الكُدْسُ المَدُوسُ ويُنَقَّى بها البُرُّ من
التِّبْنِ: الحِفراةَ ابن الأَعرابي: أَحْفَرَ الرجلُ إِذا رعَت إِبله
الحِفْرَى، وهو نبت؛ قال الأَزهري: وهو من أَردإِ المراعي. قال: وأَحْفَرَ
إِذا عمل بالحِفْراةِ، وهي الرَّفْشُ الذي يذرَّى به الحنطة وهي الخشبة
المُصْمَتَةُ الرأْس، فأَما المُفَرَّج فهو العَضْمُ، بالضاد، والمِعْزَقَةَ؛
قال: والمِعْزَقَةُ في غير هذا: المَرُّ؛ قال: والرَّفْشُ في غير هذا:
الأَكلُ الكثيرُ. ويقال: حَفَرْتُ ثرَى فلان إِذا فتشت عن أَمره ووقفت
عليه، وقال ابن الأَعرابي: حَفَرَ إِذا جامع، وحَفِرَ إِذا فَسَد.
والحَفِيرُ: القبر.
وحَفَرَهُ حَفْراً: هَزَلَهُ؛ يقال: ما حامل إِلاء والحَمْلُ يَحْفِرُها
إِلاَّ الناقةَ فإِنها تَسْمَنُ عليه.
وحُفْرَةُ وحُفَيْرَةُ، وحُفَيْرٌ، وحَفَرٌ، ويقالان بالأَلف واللام:
مواضع، وكذلك أَحْفارٌ والأَحْفارُ؛ قال الفرزدق:
فيا ليتَ داري بالمدينةِ أَصبَحَتْ
بأَحْفارِ فَلْجٍ، أَو بِسيفِ الكَواظِمِ
وقال ابن جني: أَراد الحَفَرَ وكاظمة فجمعهما ضرورة. الأَزهري: حَفْرٌ
وحَفِيرَةُ اسما موضعين ذكرهما الشعراء القدماء. قال الأَزهري:
والأَحْفارُ المعروفة في بلاد العرب ثلاثة: فمنها حَفَرُ أَبي موسى، وهي وركايا
احتفرها أَبو موسى الأَشعري على جادَّة البصرة، قال: وقد نزلت بها واستقيت
من ركاياها وهي ما بين ماوِيَّةَ والمَنْجَشانِيَّاتِ، وركايا الحَفَرِ
مستوية بعيدة الرِّشاءِ عذبة الماء؛ ومنها حَفَرُ ضَبَّةَ، وهي ركايا
بناحية الشَّواجِنِ بعيدة القَعْرِ عذبة الماء؛ ومنها حَفَرُ سَعْدِو بن زيد
مَناةَ بن تميم، وهي بحذاء العَرَمَةِ وراء الدَّهْناءِ يُسْتَقَى منها
بالسَّانِيَةِ عند جبل من جبال الدهناء يقال له جبل الحاضر.
حرد: الحَرْدُ: الجِد والقصد. حَرَدَ يَحْرِد، بالكسر، حَرْداً: قصد.
وفي التنزيل: وغدوا على حرد قادرين؛ والحَرْدُ: المنع، وقد فسرت الآية على
هذا، وحَرَّد الشيءَ: منعه؛ قال:
كأَن فِداءها، إِذا حَرَّدوُه
أَطافوا حولَه. سلَكٌ يتيم
ويروى: جَرَّدوه أَي نقوه من التبن. ابن الأَعرابي: الحَرْدُ: القصد،
والحَرْدُ: المنع، والحَرْدُ الغيظ والغضب، قال: ويجوز أَن يكون هذا كله
معنى قوله: وغدوا على حرد قادرين؛ قال: وروي في بعض التفسير أَن قريتهم كان
اسمها حَرْدَ؛ وقال الفراء: وغدوا على حرد، يريد على حَدٍّ وقُدْرة في
أَنفسهم. وتقول للرجل: قد أَقبلتُ قِبَلَكَ وقصدت قصدك وحَرَدْتُ
حَرْدَكَ؛ قال وأَنشدت:
وجاء سيْل كان من أَمر آللهْ،
يَحْرِدُ حَرْدَ الجَنَّةِ المُغِلَّهْ
يريد: يقصد قصدها. قال وقال غيره: وغدوا على حرد قادرين، قال: منعوا وهم
قادرون أَي واجدون، نصب قادرين على الحال. وقال الأَزهري في كتاب الليث:
وغدوا على حرد، قال: على جدّ من أَمرهم، قال: وهكذا وجدته مقيداً
والصواب على حَدٍّ أَي على منع؛ قال: هكذا قاله الفراء.
ورجل حَرْدانُ: متنحٍّ معتزل، وحَرِدٌ من قوم حِرادٍ وحَريدٌ من قوم
حُرَداءَ. وامرأَة حَريدَةٌ، ولم يقولوا حَرْدَى. وحيّ حَريد: منفرد معتزل
من جماعة القبيلة ولا يخالطهم في ارتحاله وحلوله، إِما من عزتهم وإِما من
ذلتهم وقلتهم. وقالوا: كل قليل في كثير: حَريدٌ؛ قال جرير:
نَبني على سَنَنِ العَدُوِّ بيوتنا،
لا نستجير، ولا نَحُلُّ حَريدٍا
يعني إِنَّا لا ننزل في قوم من ضعف وذلة لما نحن عليه من القوة والكثرة.
وقد حَرَدَ يَحْرِدُ حُروداً، الصحاح: حَرَدَ يَحْرِدُ حُروداً أَي تنحى
وتحوّل عن قومه ونزل منفرداً لم يخالطهم؛ قال الأَعشى يصف رجلاً شديد
الغيرة على امرأَته، فهو يبعد بها إِذا تزل الحيُّ قريباً من ناحيته:
إِذا نزل الحيُّ حَلَّ الجَحِيشُ
حَرِيدَ المَحَلِّ، غَويّاً غَيُورا
والجَحِيش: المتنحي عن الناس أَيضاً. وقد حَرَدَ يَحْرِدُ حُروداً إِذا
ترك قومه وتحوّل عنهم.
وفي حديث صعصعة: فرفع لي بيت حَريدٌ أَي منتبذ متنح عن الناس، من قولهم:
تحرّد الجمل إِذا تنحى عن الإِبل فلم يبرك، وهو حريد فريد. وكَوْكَبٌ
حريدٌ: طلع منفرداً، وفي الصحاح: معتزل عن الكواكب، والفعل كالفعل والمصدر
كالمصدر؛ قال ذو الرمة:
يعتسفان الليلَ ذا السُّدودِ،
أَمّاً بكل كوكب حَرِيدِ
ورجل حَريد: فَريد وحيدٌ.
والمُنحَرِد: المنفرد، في لغة هذيل؛ قال أَبو ذؤيب:
كأَنه كوكب في الجوّ منحرد
ورواه أَبو عمرو بالجيم وفسره منفرد، وقال: هو سهيل؛ ومنه التحريد في
الشعر ولذلك عُدَّ عيباً لأَنه بُعْدٌ وخلاف للنظير، وحَمرِدَ عليه
حَرْداً: كلاهما غضب؛ قال ابن سيده: فأَما سيبويه فقال حَرِدَ حَرْداً.
ورجل حَرِدٌ وحارد: غضبان. الأَزهري: الحِرْدُ جَزْمٌ، والحَرَدُ لغتان.
يقال: حَرِدَ الرجل، فهو حَرِدٌ إِذا اغتاظ فتحرش بالذي غاظه وهَمَّ به،
فهو حارد؛ وأَنشد:
أُسودُ شَرًى لاقتْ أُسُودَ خَفِيَّةٍ،
تَساقَيْن سُمّاً، كلُّهُنَّ حَوارِدُ
قال أَبو العباس، وقال أَبو زيد والأَصمعي وأَبو عبيدة: الذي سمعنا من
العرب الفصحاء في الغضب حَرِدَ يَحْرَدُ حَرَداً، بتحريك الراء؛ قال أَبو
العباس: وسأَلت ابن الأَعرابي عنها فقال: صحيحة، إِلا أَن المفضَّل أَخبر
أَن من العرب من يقول حَرِدَ حَرَداً وحَرْداً، والتسكين أَكثر والأُخرى
فصيحة؛ قال: وقلما يلحن الناس في اللغة. الجوهري: الحَرَدُ الغضب؛ وقال
أَبو نصر أَحمد بن حاتم صاحب الأَصمعي: هو مخفف؛ وأَنشد للأَعرج المغني:
إِذا جياد الخيل جاءت تَرْدِي،
مملوءةً من غَضَبٍ وحَرْدِ
وقال الآخر:
يَلُوكُ من حَرْدٍ عليَّ الأُرَّمَا
قال ابن السكيت: وقد يحرك فيقال منه حَرِدَ، بالكسر، فهو حارد
وحَرْدَانُ؛ ومنه قيل: أَسد حارد وليوث حوارد؛ قال ابن بري: الذي ذكره سيبويه
حَرِدَ يَحْرَدُ حَرْداً، بسكون الراء، إِذا غضب. قال: وكذلك ذكره الأَصمعي
وابن دريد وعلي بن حمزة؛ قال: وشاهده قول الأَشهب بن رميلة:
أُسُودُ شرًى لاقتْ أُسُودَ خَفِيَّةٍ،
تَسَاقَوْا على حَرْدٍ دِماءَ الأَساوِدِ
وحارَدَتِ الإِبل حِراداً أَي انقطعت أَلبانها أَو قلَّت؛ أَنشد ثعلب:
سَيَرْوِي عقيلاً رجْلُ ظَبْيٍ وعُلْبةٌ،
تَمَطَّتْ به، مَصْلُوبَةٌ لم تُحارِدِ
مصلوبة: موسومة. وناقة مُحارِدٌ ومُحارِدَة:
بَيِّنَةُ الحِرادِ؛ واستعاره بعضهم للنساء فقال:
وبِتْنَ على الأَعْضادِ مُرْتَفِقاتِها؛
وحارَدْنَ إِلاَّ مَا شَرِبْنَ الحَمائما
يقول: انقطعت أَلبانهنّ إِلا أَن يشربن الحميم وهو الماء يُسَخِّنَّه
فيشربنه، وإِنما يُسَخِّنَّه لأَنهنّ إِذا شربنه بارداً على غير مأْكول
عَقَر أَجوافهن. وناقة مُحارِدٌ، بغير هاء: شديدة الحِراد؛ وقال الكميت:
وحَارَدَتِ النُّكْدُ الجِلادُ، ولم يكن،
لعُقْبَةِ قِدرِ المُسْتَعيرينَ، مُعْقِبُ
النكد: التي ماتت أَولادها. والجلاد: الغلاظ الجلود، القصار الشعور،
الشداد الفصوص، وهي أَقوى وأَصبر وأَقل لبناً من الخُورِ، والخُورُ أَغزر
وأَضعف. والحارد: القليلة اللَّبن من النُّوق. والحَرُودُ من النوق:
القليلة الدرِّ. وحاردت السنة: قلّ ماؤها ومطرها، وقد استعير في الآنية إِذا
نَفِدَ شرابها؛ قال:
ولنا باطيةٌ مملوءةٌ،
جَونَةٌ يتعها بِرْزِينُها
فإِذا ما حارَدَتْ أَو بَكَأَتْ،
فُتّ عن حاجِبِ أُخرى طهينُها
البرزي: إِناء يتخذ من قشر طَلْعِ الفُحَّالِ يشرب به. والحَرَدُ: داء
في القوائم إِذا مشى البعيرُ نفَض قوائمه فضرب بهن الأَرض كثيراً؛ وقيل:
هو داء يأْخذ الإِبل من العِقالِ في اليدين دون الرجلين. بعير أَحْرَدُ
وقد حَرِدَ حَرَداً، بالتحريك لا غير؛ وبعير أَحْرَدُ: يخبط بيديه إِذا
مِشى خلفه؛ وقيل: الحَرَدُ أَن ييبس عَصَبُ احدى اليدين من العِقال وهو
فصيل، فإِذا مَشى ضرب بهما صدرَه؛ وقيل: الأَحْرَدُ الذي إِذا مشى رفع قوائمه
رفعاً شديداً ووضعها مكانها من شدة قَطافَتِه، يكون في الدواب وغيرها،
والحَرَدُ مصدره. الأَزهري: الحَرَدُ في البعير حادث ليس بخلقة. وقال ابن
شميل: الحَرَدُ أَن تنقطع عَصَبَةُ ذراع البعير فَتَسترخي يده فلا يزال
يخفق بها أَبداً، وإِنما تنقطع العصبة من ظاهر الذراع فتراها إِذا مشى
البعير كأَنها تَمُدُّ مَدّاً من شدة ارتفاعها من الأَرض ورخاوتها،
والحَرَدُ ابنما يكون في اليد، والأَحْرَدُ يُلَقِّفُ؛ قال: وتلقيقه شدّة رفعه
يده كأَنما يَمُدّ مدّاً كما يَمُدُّ دَقَّاقُ الأَرز خشبته التي يدُق بها،
فذلك التلقيف. يقال: جمل أَحْرَدُ وناقة حَرْداءُ؛ وأَنشد:
إِذا ما دُعيتمْ لِلطِّعانِ أَجَبْتُمُ،
كما لَقَّفَتْ زُبٌّ شآمِيَةٌ حُرْدُ
الجوهري: بعير أَحرد وناقة حرداء، وذلك أَن يسترخي عصب إِحدى يديه من
عِقال أَو يكون خلقة حتى كأَنه ينفضها إِذا مشى؛ قال الأَعشى:
وأَذْرَتْ برجليها النَّفيَّ، وراجَعَتْ
يَداها خِنافاً لَيِّناً غيرَ أَحْردِ
ورجل أَحرد إِذا ثقلت عليه الدرع فلم يستطع الانبساطَ في المشي، وقد
حَرِدَ حَرَداً؛ وأَنشد الأَزهري:
إِذا ما مشى في درعه غيرَ أَحْرَدِ
والمُحَرَّدُ من كل شيء: المُعَوَّجُ. وتَحْرِيد الشيء: تعويجه كهيئة
الطاق. وحَبْلٌ مُحَرَّد إِذا ضُفِرَ فصارت له حروف لاعوجاجه. وحَرَّدَ
حبله: أَدرج فَتْلَه فجاء مستديراً، حكاه أَبو حنيفة. وقال مرة: حبل حَرِدٌ
من الحَرَدِ غير مُستوي القُوَى. قال الأَزهري: سمعت العرب تقول للحبل
إِذا اشتدت غارةُ قُواه حتى تتعقد وتتراكب: جاء بحبل فيه حُرُودٌ، وقد حرّد
حبله.
والحُرْدِيُّ والحُرْدِيَّةُ: حياصة الحظيرة التي تُشَدُّ على حائط
القصب عَرْضاً؛ قال ابن دريد: هي نبطية وقد حَرَّده تحريداً، والجمع
الحَراديُّ. الأَزهري: حَرَّدَ الرجُلُ إِذا أَوى إِلى كوخ. ابن الأَعرابي: يقال
لخشب السقف الرَّوافِدُ، ويقال لما يلقى عليها من أَطيان القصب
حَرادِيُّ. وغُرْفَةٌ مُحَرَّدَةٌ: فيها حراديّ القصب عَرْضاً. وبيت مُحَزّد:
مسنَّم، وهو الذي يقال له بالفارسية كُوخ، والحُرْدِيُّ من القصب، نَبَطِيٌّ
معرَّب، ولا يقال الهُرْدِيُّ. وحَرِدَ الوَتَرُ حَرَداً، فهو حَرِدٌ
إِذا كان بعضُ قُواه أَطولَ من بعض.
والمُحَرَّدُ من الأَوتار: الحَصَدُ الذي يظهر بعض قواه على بعض وهو
المُعَجَّرُ.
والحِرْدُ: قطعة من السَّنام؛ قال الأَزهري: لم أَسمع بهذا لغير الليث
وهو خطأٌ إِنما الحِرْدُ المعى.
حكى الزهري: أَن بَريداً من بعض الملوك جاء يسأَله عن رجل معه ما مع
المرأَة كيف يُوَرَّثُ؟ قال: من حيث يخرج الماء الدافق؛ فقال في ذلك
قائلهم:ومُهِمَّةٍ أَعيا القضاةَ قضاؤها،
تَذَرُ الفقيهَ يَشُكُّ مِثلَ الجاهل
عَجَّلْتَ قبل حنيذها بِشِوائها،
وقطعتَ مُحْرَدَها بِحُكْمٍ فاصل
المحرَدُ: المُقَطَّعُ. يقال: حردت من سَنام البعير حَرْداً إِذا قطعت
منه قطعة؛ أَراد أَنك عجلت الفتوى فيها ولم تستأْن في الجواب، فشبهه برجل
نزل به ضيف فعجل قراه بما قطع له من كَبِد الذبيحة ولحمها، ولم يحبسه على
الحنيذ والشواء؛ وتعجيل القرى عندهم محمود وصاحبه ممدوح.
والحِرْدُ، بالكسر: مَبْعَرُ البعير والناقة، والجمع حُرود. وأَحرادُ
الإِبل: أَمعاؤها، وخليق أَن يكون واحدها حِرْداً لواحد الحُرود التي هي
مباعرها لأَن المباعر والأَمعاء متقاربة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
ثم غَدَتْ تَنْبِضُ أَحرادُها،
إِنْ مُتَغَنَّاةً وإِنْ حادِيَهْ
تنبض: تضطرب. متغناة: متغنية وهذا كقولهم الناصاة في الناصية، والقاراة
في القارية. الأَصمعي: الحُرود مباعر الإِبل، واحدها حِرْدٌ وحِرْدَة،
بكسر الحاء. قال شمر وقال ابن الأَعرابي: الحُرود الأَمعاء؛ قال وأَقرأَنا
لابن الرِّقَاع:
بُنِيَتْ على كَرِشٍ، كأَنَّ حُرودَها
مُقُطٌ مُطَوَّاةٌ، أُمِرَّ قُواها
ورجل حُرْدِيٌّ: واسع الأَمعاء. وقال يونس: سمعت أَعرابيّاً يسأَل يقول:
مَن يتصدّق على المسكين الحَرِد؟ أَي المحتاج.
وتحرّد الأَديمُ: أَلقى ما عليه من الشعر.
وقَطاً حُرْدٌ: سِراعٌ؛ قال الأَزهري: هذا خطأٌ والقطا الحُرْدُ القصارُ
الأَرجل وهي موصوفة بذلك؛ قال: ومن هذا قيل للبخيل أَحْرَدُ اليدين أَي
فيهما انقباض عن العطاء؛ قال: ومن هذا قول من قال في قوله تعالى: وغدوا
على حَرْدٍ قادرين، أَي على منع وبخل. والحَريد: السمك المُقَدَّد؛ عن
كراع.
وأَحراد، بفتح الهمزة وسكون الحاء ودال مهملة: بئر قديمة بمكة لها ذكر
في الحديث. أَبو عبيدة: حرداء، على فعلاء ممدودة، بنو نهشل بن الحرث لقب
لقبوا به: ومنه قول الفرزدق:
لَعَمْرُ أَبيك الخيْرِ، ما زَعْمُ نَهْشَل
وأَحْرادها، أَن قد مُنُوا بِعَسِير
(* قوله «لعمر أبيك إلخ» كذا بالأصل
والذي في شرح القاموس:
لعمر أبيك الخير ما زعم نهشل * عليّ ولا حردانها بكبير
وقد علمت يوم القبيبات نهشل * وأحرادها أن قد منوا
بعسير)
فجمعهم على الأَحراد كما ترى.
طلع: طَلَعَتِ الشمس والقمر والفجر والنجوم تَطْلُعُ طُلُوعاً
ومَطْلَعاً ومَطْلِعاً، فهي طالِعةٌ، وهو أَحَد ما جاء من مَصادرِ فَعَلَ يَفْعُلُ
على مَفْعِلٍ، ومَطْلَعاً، بالفتح، لغة، وهو القياس، والكسر الأَشهر.
والمَطْلِعُ: الموضع الذي تَطْلُعُ عليه الشمس، وهو قوله: حتى إِذا بلغ
مَطْلِعَ الشمس وجدها تَطْلُع على قوم، وأَما قوله عز وجل: هي حتى مَطْلِعِ
الفجر، فإِن الكسائي قرأَها بكسر اللام، وكذلك روى عبيد عن أَبي عمرو
بكسر اللام، وعبيد أَحد الرواة عن أَبي عمرو، وقال ابن كثير ونافع وابن عامر
واليزيدي عن أَبي عمرو وعاصم وحمزة: هي حتى مَطْلَع الفجر، بفتح اللام،
قال الفراء: وأَكثر القراء على مطلَع، قال: وهو أَقوى في قياس العربية
لأَن المطلَع، بالفتح، هو الطلوع والمطلِع، بالكسر، هو الموضع الذي تطلع
منه، إِلا أَن العرب تقول طلعت الشمس مطلِعاً، فيكسرون وهم يريدون المصدر،
وقال: إِذا كان الحرف من باب فعَل يفعُل مثل دخل يدخل وخرج يخرج وما
أَشبهها آثرت العرب في الاسم منه والمصدر فتح العين،إِلا أَحرفاً من الأَسماء
أَلزموها كسر العين في مفعل، من ذلك: المسجِدُ والمَطْلِعُ والمَغْرِبُ
والمَشْرِقُ والمَسْقِطُ والمَرْفِقُ والمَفْرِقُ والمَجْزِرُ والمسْكِنُ
والمَنْسِكُ والمَنْبِتُ، فجعلوا الكسر علامة للاسم والفتح علامة للمصدر،
قال الأَزهري: والعرب تضع الأَسماء مواضع المصادر، ولذلك قرأَ من قرأَ: هي
حتى مطلِع الفجر، لأَنه ذَهَب بالمطلِع، وإِن كان اسماً، إِلى الطلوع مثل
المَطْلَعِ، وهذا قول الكسائي والفراء، وقال بعض البصريين: من قرأَ
مطلِع الفجر، بكسر اللام، فهو اسم لوقت الطلوع، قال ذلك الزجاج؛ قال
الأَزهري: وأَحسبه قول سيبويه. والمَطْلِعُ والمَطْلَعُ أَيضاً: موضع طلوعها.
ويقال: اطَّلَعْتُ الفجر اطِّلاعاً أَي نظرت إِليه حين طلَع؛ وقال:
نَسِيمُ الصَّبا من حيثُ يُطَّلَعُ الفَجْرُ
(* قوله« نسيم الصبا إلخ» صدره كما في الاساس:
إذا قلت هذا حين أسلو يهيجني)
وآتِيكَ كل يوم طَلَعَتْه الشمسُ أَي طلَعت فيه. وفي الدعاء: طلعت الشمس
ولا تَطْلُع بِنَفْسِ أَحد منا؛ عن اللحياني، أَي لا مات واحد منا مع
طُلُوعها، أَراد: ولا طَلَعَتْ فوضع الآتي منها موضع الماضي، وأَطْلَعَ لغة
في ذلك؛ قال رؤبة:
كأَنه كَوْكَبُ غَيْمٍ أَطْلَعا
وطِلاعُ الأَرضِ: ما طَلعت عليه الشمسُ. وطِلاعُ الشيء: مِلْؤُه؛ ومنه
حديث عمر، رحمه الله: أَنه قال عند موته: لو أَنَّ لي طِلاعَ الأَرضِ ذهباً؛
قيل: طِلاعُ الأَرض مِلْؤُها حتى يُطالِعَ أَعلاه أَعْلاها فَيُساوِيَه.
وفي الحديث: جاءه رجل به بَذاذةٌ تعلو عنه العين، فقال: هذا خير من
طِلاعِ الأَرض ذهباً أَي ما يَمْلَؤُها حتى يَطْلُع عنها ويسيل؛ ومنه قول
أَوْسِ بن حَجَرٍ يصف قوساً وغَلَظَ مَعْجِسها وأَنه يملأُ الكف:
كَتُومٌ طِلاعُ الكَفِّ لا دُونَ مِلْئِها،
ولا عَجْسُها عن مَوْضِعِ الكَفِّ أَفْضَلا
الكَتُوم: القَوْسُ التي لا صَدْعَ فيها ولا عَيْبَ. وقال الليث: طِلاعُ
الأَرضِ في قول عمر ما طَلَعَتْ عليه الشمسُ من الأَرض، والقول الأَوَّل،
وهو قول أَبي عبيد:
وطَلَعَ فلان علينا من بعيد، وطَلْعَتُه: رُؤْيَتُه. يقال: حَيَّا الله
طَلْعتك. وطلَع الرجلُ على القوم يَطْلُع وتَطَلَع طُلُوعاً وأَطْلَع: هجم؛
الأَخيرة عن سيبويه. وطلَع عليهم: أَتاهم. وطلَع عليهم: غاب، وهو من
الأَضْداد. وطَلعَ عنهم: غاب أَيضاً عنهم. وطَلْعةُ الرجلِ: شخْصُه وما طلَع
منه. وتَطَلَّعه: نظر إِلى طَلْعَتِه نظر حُبٍّ أَو بِغْضةٍ أَو غيرهما.
وفي الخبر عن بعضهم: أَنه كانت تَطَلَّعُه العين صورةً. وطَلِعَ الجبلَ،
بالكسر، وطلَعَه يَطْلَعُه طُلُوعاً: رَقِيَه وعَلاه. وفي حديث السُّحور:
لا يَهِيدَنَّكُمُ الطالِعُ، يعني الفجر الكاذِب. وطَلَعَتْ سِنُّ الصبي:
بَدَتْ شَباتُها. وكلُّ بادٍ من عُلْوٍ طالِعٌ. وفي الحديث: هذا بُسْرٌ قد
طَلَعَ اليَمَن أَي قَصَدَها من نجْد. وأطْلَعَ رأْسه إِذا أَشرَف على
شيء، وكذلك اطَّلَعَ وأَطْلَعَ غيرَه واطَّلَعَه، والاسم الطَّلاعُ.
واطَّلَعْتُ على باطِنِ أَمره، وهو افْتَعَلْتُ، وأَطْلَعَه على الأَمر:
أَعْلَمَه به، والاسم الطِّلْعُ. وفي حديث ابن ذي بزَن: قال لعبد المطلب:
أَطْلَعْتُك طِلْعَه أَي أَعْلَمْتُكَه؛ الطِّلع، بالكسر: اسم من اطَّلَعَ على
الشيء إِذا عَلِمَه. وطَلعَ على الأَمر يَطْلُع طُلُوعاً واطَّلَعَ
عليهم اطِّلاعاً واطَّلَعَه وتَطَلَّعَه: عَلِمَه، وطالَعَه إِياه فنظر ما
عنده؛ قال قيس بم ذريح:
كأَنَّكَ بِدْعٌ لمْ تَرَ الناسَ قَبْلَهُمْ،
ولَمْ يَطَّلِعْكَ الدَّهْرُ فِيمَنْ يُطالِعُ
وقوله تعالى: هل أَنتم مُطَّلِعُون فاطَّلَع؛ القرَّاء كلهم على هذه
القراءة إِلا ما رواه حسين الجُعْفِيّ عن أَبي عمرو أَنه قرأَ: هل أَنتم
مُطْلِعونِ، ساكنة الطاء مكسورة النون، فأُطْلِعَ، بضم الأَلف وكسر اللام،
على فأُفْعِلَ؛ قال الأَزهري: وكسر النون في مُطْلِعونِ شاذّ عند النحويين
أَجمعين ووجهه ضعيف، ووجه الكلام على هذا المعنى هل أَنتم مُطْلِعِيّ وهل
أَنتم مُطْلِعوه، بلا نون، كقولك هل أَنتم آمِرُوهُ وآمِرِيَّ؛ وأَما
قول الشاعر:
هُمُ القائِلونَ الخَيْرَ والآمِرُونَه،
إِذا ما خَشُوا من مُحْدَثِ الأَمْرِ مُعْظَما
فوجه الكلام والآمرون به، وهذا من شواذ اللغات، والقراء الجيدة الفصيحة:
هل أَنتم مُطَّلِعون فاطَّلَعَ، ومعناها هل تحبون أَن تطّلعوا فتعلموا
أَين منزلتكم من منزلة أَهل النار، فاطَّلَعَ المُسْلِمُ فرأَى قَرِينَه في
سواء الجحيم أَي في وسط الجحيم، وقرأَ قارئ: هل أَنتم مُطْلِعُونَ، بفتح
النون، فأُطْلِعَ فهي جائزة في العربية، وهي بمعنى هل أَنتم طالِعُونَ
ومُطْلِعُونَ؛ يقال: طَلَعْتُ عليهم واطَّلَعْتُ وأَطْلَعْتُ بمعنًى
واحد.واسْتَطْلَعَ رأْيَه: نظر ما هو. وطالَعْتُ الشيء أَي اطَّلَعْتُ عليه،
وطالَعه بِكُتُبه، وتَطَلَّعْتُ إِلى وُرُودِ كتابِكَ. والطَّلْعةُ:
الرؤيةُ. وأَطْلَعْتُك على سِرِّي، وقد أَطْلَعْتُ من فوق الجبل واطَّلَعْتُ
بمعنى واحد، وطَلَعْتُ في الجبل أَطْلُعُ طُلُوعاً إِذا أَدْبَرْتَ فيه حتى
لا يراك صاحبُكَ. وطَلَعْتُ عن صاحبي طُلُوعاً إِذا أَدْبَرْتَ عنه.
وطَلَعْتُ عن صاحبي إِذا أَقْبَلْتَ عليه؛ قال الأَزهري: هذا كلام العرب.
وقال أَبو زيد في باب الأَضداد: طَلَعْتُ على القوم أَطلُع طُلُوعاً إِذا
غِبْتَ عنهم حتى لا يَرَوْكَ، وطلَعت عليهم إِذا أَقبلت عليهم حتى يروك.
قال ابن السكيت: طلعت على القوم إِذا غبت عنهم صحيح، جعل على فيه بمعنى عن،
كما قال الله عز وجل: ويل لمطففين الذين إِذا اكتالوا على الناس؛ معناه عن
الناس ومن الناس، قال وكذلك قال أَهل اللغة أَجمعون. وأَطْلَعَ الرامي
أي جازَ سَهْمُه من فوق الغَرَض. وفي حديث كسرى: أَنه كان يسجُد للطالِعِ؛
هو من السِّهام الذي يُجاوِزُ الهَدَفَ ويَعْلُوه؛ قال الأَزهري: الطالِع
من السهام الذي يقَعُ وراءَ الهَدَفِ ويُعْدَلُ بالمُقَرْطِسِ؛ قال
المَرَّارُ:
لَها أَسْهُمٌ لا قاصِراتٌ عن الحَشَى،
ولا شاخِصاتٌ، عن فُؤادي، طَوالِعُ
أَخبر أَنَّ سِهامَها تُصِيبُ فُؤادَه وليست بالتي تقصُر دونه أَو
تجاوزه فتُخْطِئُه، ومعنى قوله أَنه كان يسجد للطالع أَي أَنه كان يخفض رأْسه
إِذا شخَص سهمُه فارتفع عن الرَّمِيّةِ وكان يطأْطئ رأْسه ليقوم السهم
فيصيب الهدف.
والطَّلِيعةُ: القوم يُبعثون لمُطالَعةِ خبر العدوّ، والواحد والجمع فيه
سواء. وطَلِيعةُ الجيش: الذي يَطْلُع من الجيش يُبعث لِيَطَّلِعَ طِلْعَ
العدوّ، فهو الطِّلْعُ، بالكسر، الاسم من الاطّلاعِ. تقول منه: اطَّلِعْ
طِلْعَ العدوّ. وفي الحديث: أَنه كان إِذا غَزا بعث بين يديه طَلائِعَ؛
هم القوم الذين يبعثون ليَطَّلِعُوا طِلْع العدوّ كالجَواسِيسِ، واحدهم
طَلِيعةٌ، وقد تطلق على الجماعة، والطلائِعُ: الجماعات؛ قال الأَزهري:
وكذلك الرَّبِيئةُ والشَّيِّفةُ والبَغِيَّةُ بمعنى الطَّلِيعةِ، كل لفظة
منها تصلح للواحد والجماعة.
وامرأَة طُلَعةٌ: تكثر التَّطَلُّعَ.ويقال: امرأَة طُلَعةٌ قُبَعةٌ،
تَطْلُع تنظر ساعة ثم تَخْتَبئُ. وقول الزِّبْرِقانِ بن بَدْرٍ: إِن
أَبْغَضَ كنائِني إِليَّ الطُّلَعةُ الخُبَأَةُ أَي التي تَطْلُعُ كثيراً ثم
تَخْتَبِئُ. ونفس طُلَعةٌ: شَهِيّةٌ مُتَطَلِّعةٌ، على المثل، وكذلك
الجمع؛ وحكى المبرد أَن الأَصمعي أَنشد في الإِفراد:
وما تَمَنَّيْتُ من مالٍ ولا عُمُرٍ
إِلاَّ بما سَرَّ نَفْسَ الحاسِدِ الطُّلَعَهْ
وفي كلام الحسن: إِنَّ هذه النفوسَ طُلَعةٌ فاقْدَعوها بالمواعِظِ وإِلا
نَزَعَتْ بكم إِلى شَرِّ غايةٍ؛ الطُّلَعةُ، بضم الطاء وفتح اللام:
الكثيرة التطلّع إِلى الشيء أَي أَنها كثيرة الميْل إِلى هواها تشتهيه حتى تهلك
صاحبها، وبعضهم يرويه بفتح الطاء وكسر اللام، وهو بمعناه،والمعروف
الأَوَّل.
ورجل طَلاَّعُ أَنْجُدٍ: غالِبٌ للأُمور؛ قال:
وقد يَقْصُرُ القُلُّ الفَتَى دونَ هَمِّه،
وقد كانَ، لولا القُلُّ، طَلاَّعَ أَنْجُدِ
وفلان طَلاَّعُ الثَّنايا وطَلاَّعُ أَنْجُدٍ إِذا كان يَعْلُو الأُمور
فيَقْهَرُها بمعرفته وتَجارِبِه وجَوْدةِ رأْيِه، والأَنْجُد: جمع
النَّجْدِ، وهو الطريق في الجبل، وكذلك الثَّنِيَّةُ. ومن أَمثال العرب: هذه
يَمِينٌ قد طَلَعَتْ في المَخارِمِ، وهي اليمين التي تَجْعل لصاحبها
مَخْرَجاً؛ ومنه قول جرير:
ولا خَيْرَ في مالٍ عليه أَلِيّةٌ،
ولا في يَمِينٍ غَيْرِ ذاتِ مَخارِمِ
والمَخارِمُ: الطُّرُقُ في الجبال، واحدها مَخْرِمٌ. وتَطَلَّعَ الرجلَ:
غَلَبَه وأَدْرَكَه؛ أَنشد ثعلب:
وأَحْفَظُ جارِي أَنْ أُخالِطَ عِرسَه،
ومَوْلايَ بالنَّكْراءِ لا أَتَطَلَّعُ
قال ابن بري: ويقال تَطالَعْتَه إِذا طَرَقْتَه ووافَيْتَه؛ وقال:
تَطالَعُني خَيالاتٌ لِسَلْمَى،
كما يَتَطالَعُ الدَّيْنَ الغَرِيمُ
وقال: كذا أنشده أَبو علي. وقال غيره: إِنما هو يَتَطَلَّعُ لأَن
تَفاعَلَ لا يتعدّى في الأكثر، فعلى قول أَبي عليّ يكون مثل تَخاطأَتِ النَّبْلُ
أَحشاءَه، ومِثْلَ تَفاوَضْنا الحديث وتَعاطَيْنا الكأْسَ وتَباثَثْنا
الأَسْرارَ وتَناسَيْنا الأَمر وتَناشَدْنا الأَشْعار، قال: ويقال
أَطْلَعَتِ الثُّرَيَّا بمعنى طَلَعَتْ؛ قال الكميت:
كأَنَّ الثُّرَيَّا أَطْلَعَتْ، في عِشائِها،
بوَجْهِ فَتاةِ الحَيِّ ذاتِ المَجاسِدِ
والطِّلْعُ من الأَرَضِينَ: كلُّ مطمئِنٍّ في كلِّ رَبْوٍ إِذا طَلَعْتَ
رأَيتَ ما فيه، ومن ثم يقال: أَطْلِعْني طِلْعَ أَمْرِكَ. وطِلْعُ
الأَكَمَةِ: ما إِذا عَلَوْتَه منها رأَيت ما حولها. ونخلة مُطَّلِعةٌ:
مُشْرِفةٌ على ما حولها طالتِ النخيلَ وكانت أَطول من سائرها. والطَّلْعُ:
نَوْرُ النخلة ما دامِ في الكافُور، الواحدة طَلْعةٌ. وطَلَعَ النخلُ طُلوعاً
وأَطْلَعَ وطَلَّعَ: أَخرَج طَلْعَه. وأَطْلَعَ النخلُ الطَّلْعَ
إِطْلاعاً وطَلَعَ الطَّلْعُ يَطْلُعُ طُلُوعاً، وطَلْعُه: كُفُرّاه قبل أَن
ينشقّ عن الغَرِيضِ، والغَرِيضُ يسمى طَلْعاً أَيضاً. وحكى ابن الأَعرابي عن
المفضل الضبّيّ أَنه قال: ثلاثة تُؤْكَلُ فلا تُسْمِنُ: وذلك الجُمَّارُ
والطَّلْعُ والكَمْأَةُ؛ أَراد بالطَّلْع الغَرِيض الذي ينشقّ عنه
الكافور، وهو أَوَّلُ ما يُرَى من عِذْقِ النخلة. وأَطْلَعَ الشجرُ: أَوْرَقَ.
وأَطْلَعَ الزرعُ: بدا، وفي التهذيب: طَلَعَ الزرعُ إِذا بدأَ يَطْلُع
وظهَر نباتُه.
والطُّلَعاءُ مِثالُ الغُلَواء: القَيْءُ، وقال ابن الأَعرابي:
الطَّوْلَعُ الطُّلَعاءُ وهو القيْءُ. وأَطْلَعَ الرجلُ إِطْلاعاً:
قاءَ.وقَوْسٌ طِلاعُ الكَفِّ: يملأُ عَجْسُها الكفّ، وقد تقدم بيت أَوس بن
حجر: كَتُومٌ طِلاعُ الكفِّ وهذا طِلاعُ هذا أَي قَدْرُه. وما يَسُرُّني
به طِلاعُ الأَرض ذهباً، ومنه قول الحسن: لأَنْ أَعْلم أَنِّي بَرِيءٌ من
النِّفاقِ أَحَبُّ إِليَّ من طِلاعِ الأَرض ذهباً.
وهو بِطَلْعِ الوادِي وطِلْعِ الوادي، بالفتح والكسر، أَي ناحيته، أُجري
مجرى وزْنِ الجبل. قال الأَزهري: نَظَرْتُ طَلْعَ الوادي وطِلْعَ
الوادي، بغير الباء، وكذا الاطِّلاعُ النَّجاةُ، عن كراع. وأَطْلَعَتِ السماءُ
بمعنى أَقْلَعَتْ.
والمُطَّلَعُ: المَأْتى. ويقال: ما لهذا الأَمر مُطَّلَعٌ ولا مُطْلَعٌ
أَي ما له وجه ولا مَأْتًى يُؤْتى إِليه. ويقال: أَين مُطَّلَعُ هذا
الأَمر أَي مَأْتاه، وهو موضع الاطِّلاعِ من إِشْرافٍ إِلى انْحِدارٍ. وفي حديث
عمر أَنه قال عند موته: لو أَنَّ لي ما في الأَرض جميعاً لافْتَدَيْتُ به
من هَوْلِ المُطَّلَعِ؛ يريد به الموقف يوم القيامة أَو ما يُشْرِفُ
عليه من أَمر الآخرة عَقِيبَ الموت، فشبه بالمُطَّلَعِ الذي يُشْرَفُ عليه
من موضع عالٍ. قال الأَصمعي: وقد يكون المُطَّلَعُ المَصْعَدَ من أَسفل
إِلى المكان المشرف، قال: وهو من الأَضداد. وفي الحديث في ذكر القرآن: لكل
حرْف حَدٌّ ولكل حدٍّ مُطَّلَعٌ أَي لكل حدٍّ مَصْعَدٌ يصعد إِليه من معرفة
علمه. والمُطَّلَعُ: مكان الاطِّلاعِ من موضع عال. يقال: مُطَّلَعُ هذا
الجبل من مكان كذا أَي مأْتاه ومَصْعَدُه؛ وأَنشد أَبو زيد
(* قوله« وأنشد
أبو زيد إلخ» لعل الأنسب جعل هذا الشاهد موضع الذي بعده وهو ما أنشده
ابن بري وجعل ما أنشده ابن بري موضعه) :
ما سُدَّ من مَطْلَعٍ ضاقَت ثَنِيَّتُه،
إِلاَّ وَجَدْت سَواءَ الضِّيقِ مُطَّلَعا
وقيل: معناه أَنَّ لكل حدٍّ مُنْتَهكاً يَنْتَهِكُه مُرْتَكِبُه أَي
أَنَّ الله لم يحرِّم حُرْمةً إِلاَّ علم أَنْ سَيَطْلُعُها مُسْتَطْلِعٌ،
قال: ويجوز أَن يكون لكل حدٍّ مَطْلَعٌ بوزن مَصْعَدٍ ومعناه؛ وأَنشد ابن
بري لجرير:
إني، إِذا مُضَرٌ عليَّ تحَدَّبَتْ،
لاقَيْتُ مُطَّلَعَ الجبالِ وُعُورا
قال الليث: والطِّلاعُ هو الاطِّلاعُ نفسُه في قول حميد بن ثور:
فكانَ طِلاعاً مِنْ خَصاصٍ ورُقْبةً،
بأَعْيُنِ أَعْداءٍ، وطَرْفاً مُقَسَّما
قال الأَزهري: وكان طِلاعاً أَي مُطالَعةً. يقال: طالَعْتُه طِلاعاً
ومُطالَعةً، قال: وهو أَحسن من أَن تجعله اطِّلاعاً لأَنه القياس في العربية.
وقول الله عز وجل: نارُ اللهِ المُوقَدةُ التي تَطَّلِع على الأَفْئِدةِ؛
قال الفراءُ: يَبْلُغُ أَلَمُها الأَفئدة، قال: والاطِّلاعُ والبُلوغُ قد
يكونان بمعنى واحد، والعرب تقول: متى طَلَعْتَ أَرْضنا أَي متى بَلَغْت
أَرضنا، وقوله تطَّلع على الأَفئدة، تُوفي عليها فَتُحْرِقُها من اطَّلعت
إِذا أَشرفت؛ قال الأَزهري: وقول الفراء أَحب إِليَّ، قال: وإِليه ذهب
الزجاج. ويقال: عافى الله رجلاً لم يَتَطَلَّعْ في فِيكَ أَي لم يتعقَّب
كلامك.أَبو عمرو: من أَسماء الحية الطِّلْعُ والطِّلُّ.
وأَطْلَعْتُ إِليه مَعْروفاً: مثل أَزْلَلْتُ. ويقال: أَطْلَعَني فُلان
وأَرْهَقَني وأَذْلَقَني وأَقْحَمَني أَي أَعْجَلَني.
وطُوَيْلِعٌ: ماء لبني تميم بالشَّاجِنةِ ناحِيةَ الصَّمَّانِ؛ قال
الأَزهري: طُوَيْلِعٌ رَكِيَّةٌ عادِيَّةٌ بناحية الشَّواجِنِ عَذْبةُ الماءِ
قريبة الرِّشاءِ؛ قال ضمرة ابن ضمرة:
وأَيَّ فَتًى وَدَّعْتُ يومَ طُوَيْلِعٍ،
عَشِيَّةَ سَلَّمْنا عليه وسَلَّما
(* قوله« وأي فتى إلخ» أنشد ياقوت في معجمه بين هذين البيتين بيتاً وهو:
رمى بصدور العيس منحرف الفلا
فلم يدر خلق بعدها أين يمما)
فَيا جازيَ الفِتْيانِ بالنِّعَمِ اجْزِه
بِنُعْماه نُعْمَى ، واعْفُ إن كان مُجْرِما
عرفص: العَرافِيصُ: لغة في العَراصِيف، وهو ما على السَّناسِن من العصَب
كالعَصافير. والعِرْفاصُ: العَقَب المستطيل كالعِرْصاف. والعِرْفاص:
الخُصْلةُ من العَقَبِ التي يُشَدُّ بها على قُبَّة الهَوْدَج، لغة في
العِرْصاف. والعِرْفاص: السَّوْطُ من العَقَبِ كالعِرْصاف أَيضاً؛ أَنشد أَبو
العباس المبرد:
حتى تَرَدَّى عَقَبَ العِرْفاصِ
والعِرْفاصُ: السوطُ الذي يُعاقِب به السلطانُ.
وعَرْفَصْت الشيء إِذا جَذَبْته من شيء فشَقَقْته مستطيلاً.
والعَراصِيفُ: ما على السَّناسِن كالعَصافِير؛ قال ابن سيده: وأَرى
العَرافِيصَ فيه لغة.
جلد: الجِلْدُ والجَلَد: المَسْك من جميع الحيوان مثل شِبْه وشَبَه؛
الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، حكاها ابن السكيت عنه؛ قال: وليست بالمشهورة،
والجمع أَجلاد وجُلود والجِلْدَة أَخص من الجلد؛ وأَما قول عبد مناف بن ربع
الهذلي:
إِذا تَجاوَبَ نَوْحٌ قامتا معه،
ضرباً أَليماً بِسِبْتٍ يَلْعَجُ الجِلِدا
فإِنما كسر اللام ضرورة لأَن للشاعر أَن يحرك الساكن في القافية بحركة
ما قبله؛ كما قال:
علَّمنا إِخوانُنا بنو عَجِلْ
شُربَ النبيذ، واعتقالاً بالرِّجِلْ.
وكان ابن الأَعرابي يرويه بالفتح ويقول: الجِلْد والجَلَد مِثْلُ مِثْلٍ
ومَثَلٍ وشِبْه وشَبَه؛ قال ابن السكيت: وهذا لا يُعرف، وقوله تعالى
ذاكراً لأَهل النار: حين تشهد عليهم جوارحهم وقالوا لجلُودهم؛ قيل: معناه
لفروجهم كنى عنها بالجُلود؛ قال ابن سيده: وعندي أَن الجلود هنا مُسوكهم
التي تباشر المعاصي؛ وقال الفرّاءُ: الجِلْدُ ههنا الذكر كنى الله عز وجل
عنه بالجلد كما قال عز وجل: أَو جاءَ أَحد منكم من الغائط؛ والغائط:
الصحراء، والمراد من ذلك: أَو قضى أَحد منكم حاجته.
والجِلْدة: الطائفة من الجِلْد. وأَجلاد الإِنسان وتَجالِيده: جماعة
شخصه؛ وقيل: جسمه وبدنه وذلك لأَن الجلد محيط بهما؛ قال الأَسود بن
يعفر:أَما تَرَيْني قد فَنِيتُ، وغاضني
ما نِيلَ من بَصَري، ومن أَجْلادي؟
غاضني: نقصني. ويقال: فلان عظيم الأَجْلاد والتجاليد إِذا كان ضخماً قوي
الأَعضاءِ والجسم، وجمع الأَجلاد أَجالد وهي الأَجسام والأَشخاص. ويقال:
فلان عظيم الأَجلاد وضئيل الأَجلاد، وما أَشبه أَجلادَه بأَجلادِ أَبيه
أَي شخصه وجسمه؛ وفي حديث القسامة أَنه استحلف خمسة نفر فدخل رجل من
غيرهم فقال: ردُّوا الإِيمان على أَجالِدِهم أَي عليهم أَنفسهم، وكذلك
التجاليد؛ وقال الشاعر:
يَنْبي، تَجالِيدي وأَقتادَها،
ناوٍ كرأْسِ الفَدَنِ المُؤيَدِ
وفي حديث ابن سيرين: كان أَبو مسعود تُشْبه تجاليدُه تجاليدَ عمر أَي
جسمُه جسمَه. وفي الحديث: قوم من جِلْدتنا أَي من أَنفسنا وعشريتنا؛ وقول
الأَعشى:
وبَيْداءَ تَحْسَبُ آرامَها
رجالَ إِيادٍ بأَجلادِها
قال الأَزهري: هكذا رواه الأَصمعي، قال: ويقال ما أَشبه أَجلادَه
بأَجلاد أَبيه أَي شخصه بشخوصهم أَي بأَنفسهم، ومن رواه بأَجيادها أَراد
الجودياء بالفارسية الكساءَ.
وعظم مُجَلَّد: لم يبق عليه إِلا الجلد؛ قال:
أَقول لِحَرْفٍ أَذْهَبَ السَّيْرُ نَحْضَها،
فلم يُبْق منها غير عظم مُجَلَّد:
خِدي بي ابتلاكِ اللَّهُ بالشَّوْقِ والهَوَى،
وشاقَكِ تَحْنانُ الحَمام المُغَرِّدِ
وجَلَّدَ الجزور: نزع عنها جلدها كما تسلخ الشاة، وخص بعضهم به البعير.
التهذيب: التجليد للإِبل بمنزلة السلخ للشاءِ. وتجليد الجزور مثل سلخ
الشاة؛ يقال جَلَّدَ جزوره، وقلما يقال: سلخ. ابن الأَعرابي: أَحزرت
(* قوله
«أحزرت» كذا بالأصل بحاء فراء مهملتين بينهما معجمة، وفي شرح القاموس
أجرزت بمعجمتين بينهما مهملة.) الضأْن وحَلَقْتُ المعزى وجلَّدت الجمل، لا
تقول العرب غير ذلك.
والجَلَدُ: أَن يُسلَخَ جلد البعير أَو غيره من الدواب فيُلْبَسَه غيره
من الدواب؛ قال العجاج يصف أَسداً:
كأَنه في جَلَدٍ مُرَفَّل
والجَلَد: جِلْد البوّ يحشى ثُماماً ويخيل به للناقة فتحسبه ولدها إِذا
شمته فترأَم بذلك على ولد غيرها.
غيره: الجَلَد أَن يسلخ جِلْد الحوار ثم يحشى ثماماً أَو غيره من الشجر
وتعطف عليه أُمه فترأَمه. الجوهري: الجَلَد جِلْد حوار يسلخ فيلبس حواراً
آخر لتشمه أُم المسلوخ فترأَمه؛ قال العجاج:
وقد أَراني للغَواني مِصْيَدا
مُلاوَةً، كأَنَّ فوقي جَلَدا
أَي يرأَمنني ويعطفن عليَّ كما ترأَم الناقة الجَلَدَ.
وجلَّد البوَّ: أَلبسه الجِلْد. التهذيب: الجِلْد غشاءُ جسد الحيوان،
ويقال: جِلْدة العين.
والمِجْلدة: قطعة من جِلْد تمسكها النائحة بيدها وتلْطِم بها وجهها
وخدها، والجمع مجاليد؛ عن كراع؛ قال ابن سيده: وعندي أَن المجاليد جمع مِجلاد
لأَن مِفْعلاً ومِفْعالاً يعتقبان على هذا النحو كثيراً. التهذيب: ويقال
لميلاء النائحة مِجْلَد، وجمعه مجالد؛ قال أَبو عبيد: وهي خرق تمسكها
النوائح إِذا نحنَ بأَيديهنّ؛ وقال عدي بن زيد:
إِذا ما تكرّهْتَ الخليقةَ لامْرئٍ،
فلا تَغْشَها، واجْلِدْ سِواها بِمِجْلَد
أَي خذ طريقاً غير طريقها ومذهباً آخر عنها، واضرب في الأَرض لسواها.
والجَلْد: مصدر جَلَده بالسوط يَجْلِدُه جَلْداً ضربه. وامرأَة جَلِيد
وجليدة؛ كلتاهما عن اللحياني، أَي مجلودة من نسوة جَلْدى وجلائد؛ قال ابن
سيده: وعندي أَن جَلْدى جمع جَليد، وجلائد جمع جليدة. وجَلَدَه الحدّ
جلداً أَي ضربه وأَصاب جِلْده كقولك رأَسَه وبَطَنَه. وفرس مُجَلَّد: لا
يجزع من ضرب السوط. وجَلَدْتُ به الأَرضَ أَي صرعته. وجَلَد به الأَرض:
ضربها. وفي الحديث: أَن رجلاً طَلَبَ إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن
يُصَلِّي معه بالليل فأَطال النبي، صلى الله عليه وسلم، في الصلاة فجُلِدَ
بالرجل نوماً أَي سقط من شدة النوم. يقال: جُلِدَ به أَي رُميَ إِلى
الأَرض؛ ومنه حديث الزبير: كنت أَتشدّد فيُجلَدُ بي أَي يغلبني النوم حتى
أَقع. ويقال: جَلَدْته بالسيف والسوط جَلْداً إِذا ضربت جِلْدَه.
والمُجالَدَة: المبالطة، وتجالد القوم بالسيوف واجْتَلدوا. وفي الحديث:
فنظر إِلى مُجْتَلَدِ القوم فقال: الآن حَمِيَ الوَطِيسُ، أَي إِلى موضع
الجِلاد، وهو الضرب بالسيف في القتال. وفي حديث أَبي هريرة في بعض
الروايات: أَيُّما رجُلٍ من المسلمين سَبَبْتُه أَو لعنته أَو جَلَدُّه، هكذا
رواه بإِدغام التاءِ في الدال، وهي لغة. وجالَدْناهم بالسيوف مُجالدة
وجِلاداً: ضاربناهم. وجَلَدَتْه الحية: لدغته، وخص بعضهم به الأَسود من
الحيات، قالوا: والأَسود يَجْلِدُ بذنبه.
والجَلَد: القوة والشدة. وفي حديث الطواف: لِيَرى المشركون جَلَدَهم؛
الجَلَد القوّة والصبر؛ ومنه حديث عمر: كان أَخْوفَ جَلْداً أَي قوياً في
نفسه وجسده. والجَلَدُ: الصلابة والجَلادة؛ تقول منه: جَلُد الرجل، بالضم،
فهو جَلْد جَلِيد وبَيِّنُ الجَلَدِ والجَلادَة والجُلودة.
والمَجْلود، وهو مصدر: مثل المحلوف والمعقول؛ قال الشاعر:
واصبِر فإِنَّ أَخا المَجْلودِ من صَبَرا
قال: وربما قالوا رجل جَضْد، يجعلون اللام مع الجيم ضاداً إِذا سكنت.
وقوم جُلْد وجُلَداءُ وأَجلاد وجِلاد، وقد جَلُدَ جَلادَة وجُلودة، والاسم
الجَلَدُ والجُلودُ.
والتَّجَلُّد: تكلف الجَلادة. وتَجَلَّدَ: أَظهر الجَلَدَ؛ وقوله:
وكيف تَجَلُّدُ الأَقوامِ عنه،
ولم يُقْتَلْ به الثَّأْرُ المُنِيم؟
عداه بعن لأَن فيه معنى تصبر.
أَبو عمرو: أَحْرَجْتُهُ لكذا وكذا وأَوْجَيْتُهُ وأَجْلَدْتُه
وأَدْمَغْتُهُ وأَدْغَمْتُه إِذا أَحوجته إِليه.
والجَلَد: الغليظ من الأَرض. والجَلَد: الأَرض الصُّلْبَة؛ قال النابغة:
إِلاَّ الأَواريَ لأْياً ما أُبَيِّنُها،
والنُّؤيُ كالحوض بالمظلومةِ الجَلَدِ
وكذلك الأَجْلَد؛ قال جرير:
أَجالتْ عليهنَّ الروامِسُ بَعْدَنا
دُقاقَ الحصى، من كلِّ سَهْلٍ، وأَجْلَدا
وفي حديث الهجرة: حتى إِذا كنا بأَرض جَلْدة أَي صُلْبة؛ ومنه حديث
سراقة: وحل بي فرسي وإِني لفي جَلَد من الأَرض. وأَرض جَلَد: صلبة مستوية
المتن غليظة، والجمع أَجلاد؛ قاله أَبو حنيفة: أَرض جَلَدٌ، بفتح اللام،
وجَلْدة، بتسكين اللام، وقال مرة: هي الأَجالد، واحدها جَلَد؛ قال ذو
الرمة:فلما تَقَضَّى ذاك من ذاك، واكتَسَت
مُلاءً من الآلِ المِتانُ الأَجالِدُ
الليث: هذه أَرض جَلْدَة ومكان جَلَدَةٌ
(* قوله «ومكان جلدة» كذا
بالأصل وعبارة شرح القاموس؛ وقال الليث هذه أرض جلدة وجلدة ومكان جلد.) ومكان
جَلَد، والجمع الجلَدات.
والجلاد من النخل: الغزيرة، وقيل هي التي لا تبالي بالجَدْب؛ قال سويد
بن الصامت الأَنصاري:
أَدِينُ وما دَيْني عليكم بِمَغْرَم،
ولكن على الجُرْدِ الجِلادِ القَراوِح
قال ابن سيده: كذا رواه أَبو حنيفة، قال: ورواه ابن قتيبة على الشم،
واحدتها جَلْدَة. والجِلادُ من النخل: الكبار الصِّلاب، وفي حديث عليّ،
كرَّم الله تعالى وجهه: كنت أَدْلُوا بتَمْرة اشترطها جَلْدة؛ الجَلْدة،
بالفتح والكسر: هي اليابسة اللحاءِ الجيدة.
وتمرة جَلْدَة: صُلْبة مكتنزة؛ وأَنشد:
وكنتُ، إِذا ما قُرِّب الزادُ، مولَعاً
بكلّ كُمَيْتٍ جَلْدَةٍ لم تُوَسَّفِ
والجِلادُ من الإِبِلِ: الغزيرات اللبن، وهي المَجاليد، وقيل: الجِلادُ
التي لا لبن لها ولا نِتاح؛ قال:
وحارَدَتِ النُّكْدُ الجِلادُ، ولم يكنْ
لِعُقْبَةَ قِدْرُ المسْتَعير بن مُعْقِب
والجَلَد: الكبار من النوق التي لا أَولاد لها ولا أَلبان، الواحدة
بالهاءِ؛ قال محمد بن المكرم: قوله لا أَولاد لها الظاهر منه أَن غرضه لا
أَولاد لها صغار تدر عليها، ولا يدخل في ذلك الأَولاد الكبار، والله أَعلم.
والجَلْد، بالتسكين: واحدة الجِلاد وهي أَدسم الإِبل لبناً. وناقة
جَلْدة: مِدْرار؛ عن ثعلب، والمعروف أَنها الصلبة الشديدة. وناقة جَلْدة ونوق
جَلَدات، وهي القوية على العمل والسير. ويقال للناقة الناجية: جَلْدَة
وإِنها لذات مَجْلود أَي فيها جَلادَة؛ وأَنشد:
من اللواتي إِذا لانَتْ عريكَتُها،
يَبْقى لها بعدَها أَلٌّ ومَجْلود
قال أَبو الدقيش: يعني بقية جلدها. والجَلَد من الغنم والإِبِل: التي لا
أَولاد لها ولا أَلبان لها كأَنه اسم للجمع؛ وقيل: إِذا مات ولد الشاة
فهي جَلَدٌ وجمعها جِلاد وجَلَدَة، وجمعها جَلَد؛ وقيل: الجَلَدُ والجلَدة
الشاة التي يموت ولدها حين تضعه. الفراء: إِذا ولدت الشاة فمات ولدها
فهي شاة جَلَد، ويقال لها أَيضاً جَلَدَة، وجمع جَلَدَة جَلَد وجَلَدات.
وشاة جَلَدة إِذا لم يكن لها لبن ولا ولد. والجَلَد من الإِبل: الكبار التي
لا صغار فيها؛ قال:
تَواكَلَها الأَزْمانُ حتى أَجاءَها
إِلى جَلَدٍ منها قليلِ الأَسافِل
قال الفراء: الجَلَدُ من الإِبل التي لا أَولاد معها فتصبر على الحر
والبرد؛ قال الأَزهري: الجَلَد التي لا أَلبان لها وقد ولى عنها أَولادها،
ويدخل في الجَلَدِ بنات اللبون فما فوقها من السن، ويجمع الجَلَدَ
أَجْلادٌ وأَجاليدُ، ويدخل فيها المخاض والعشار والحيال فإِذا وضعت أَولادها زال
عنها اسم الجَلَدِ وقيل لها العشار واللقاح، وناقة جَلْدة: لا تُبالي
البرد؛ قال رؤبة:
ولم يُدِرُّوا جَلْدَةً بِرْعِيسا
وقال العجاج:
كأَنَّ جَلْداتِ المِخاضِ الأُبَّال،
يَنْضَحْنَ في حَمْأَتِهِ بالأَبوال،
من صفرة الماءِ وعهد محتال
أَي متغير من قولك حال عن العهد أَي تغير عنه.
ويقال: جَلَدات المخاض شدادها وصلابها.
والجَليد: ما يسقط من السماءِ على الأَرض من الندى فيجمد. وأَرض
مَجْلُودة: أَصابها الجليد. وجُلِدَتِ الأَرضُ من الجَلِيد، وأُجْلِد الناسُ
وجَلِدَ البَقْلُ، ويقال في الصّقِيعَ والضَّريب مِثْله. والجليد: ما جَمَد
من الماء وسقط على الأَرض من الصقيع فجمد.
الجوهري: الجليد الضَّريب والسَّقيطُ، وهو ندى يسقط من السماء فيَجْمُد
على الأَرض. وفي الحديث: حُسْنُ الخُلُق يُذيبُ الخطايا كما تُذيبُ الشمس
الجليدَ؛ هو الماء الجامد من البرد.
وإِنه ليُجْلَدُ بكل خير أَي يُظَن به، ورواه أَبو حاتم يُجْلَذُ،
بالذال المعجمة. وفي حديث الشافعي: كان مُجالد يُجْلَد أَي كان يتهم ويرمى
بالكذب فكأَنه وضع الظن موضع التهمة.
واجْتَلَد ما في الإِناء: شربه كله. أَبو زيد: حملت الإِناء فاجتلدته
واجْتَلَدْتُ ما فيه إِذا شربت كل ما فيه. سلمة: القُلْفَة والقَلَفَة
والرُّغْلَة والرَّغَلَة والغُرْلَة
(* قوله «والغرلة» كذا بالأصل والمناسب
حذفه كما هو ظاهر.) والجُلْدَة: كله الغُرْلة؛ قال الفرزدق:
مِنْ آلِ حَوْرانَ، لم تَمْسَسْ أُيورَهُمُ
مُوسَى، فَتُطْلِعْ عليها يابِسَ الْجُلَد
قال: وقد ذكر الأُرْلَة؛ قال: ولا أَدري بالراء أَو بالدال كله الغرلة؛
قال: وهو عندي بالراء. والمُجلَّدُ: مقدار من الحمل معلوم المكيلة
والوزن. وصرحت بِجِلْدان وجِلْداء؛ يقال ذلك في الأَمر إِذا بان. وقال
اللحياني: صرحت بِجِلْدان أَي بِجدٍّ.
وبنو جَلْد: حيّ.
وجَلْدٌ وجُلَيْدٌ ومُجالِدٌ: أَسماء؛ قال:
نَكَهْتُ مُجالداً وشَمِمْتُ منه
كَريح الكلب، مات قَريبَ عَهْدِ
فقلت له: متى استَحْدَثْتَ هذا؟
فقال: أَصابني في جَوْفِ مَهْدِي
وجَلُود: موضع بأَفْريقيَّة؛ ومنه: فلان الجَلوديّ، بفتح الجيم، هو
منسوب إِلى جَلود قرية من قرى أَفريقية، ولا تقل الجُلودي، بضم الجيم،
والعامة تقول الجُلُودي.
وبعير مُجْلَنْدٌ: صلب شديد.
وجْلَنْدى: اسم رجل؛ وقوله:
وجْلَنْداء في عُمان مقيما
(قوله «وجلنداء إلخ» كذا في الأصل بهذا الضبط. وفي القاموس وجلنداء، بضم
أَوله وفتح ثانيه ممدودة وبضم ثانيه مقصورة: اسم ملك عمان، ووهم الجوهري
فقصره مع فتح ثانيه، قال الأعشى وجلنداء اهـ بل سيأتي للمؤلف في جلند
نقلاً عن ابن دريد انه يمد ويقصر.)
إِنما مده للضرورة، وقد روي:
وجْلَنْدى لَدى عُمانَ مُقيما
الجوهري: وجُلَنْدى، بضم الجيم مقصور، اسم ملك عمان.