Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=70973#5ea892
(ترأس) عَلَيْهِم ارتأس عَلَيْهِم
رأس: رَأْسُ كلّ شيء: أَعلاه، والجمع في القلة أَرْؤُسٌ وآراسٌ على
القلب، ورُؤوس في الكثير، ولم يقلبوا هذه، ورؤْسٌ: الأَخيرة على الحذف؛ قال
امرؤ القيس:
فيوماً إِلى أَهلي، ويوماً إِليكمُ،
ويوماً أَحُطُّ الخَيْلَ من رُؤْسِ أَجْبالِ
وقال ابن جني: قال بعض عُقَبْل: القافية رأْس البيت؛ وقوله:
رؤسُ كَبِيرَيْهِنَّ يَنْتَطِحان
أَراد بالرؤس الرأْسين، فجعل كل جزء منها رأْساً ثم قال ينتطحان، فراجع
المعنى.
ورأْسَه يَرْأَسَه رَأْساً: أَصاب رَأْسَه. ورُئِسَ رَأْساً: شكا رأْسه.
ورَأَسْتُه، فهو مرؤوسٌ ورئيس إِذا أَصبت رأْسه؛ وقول لبيد:
كأَنَّ سَحِيلَه شَكْوَى رَئيسٍ،
يُحاذِرُ من سَرايا واغْتِيالِ
يقال: الرئيس ههنا الذي شُدَّ رأْسه. ورجل مرؤوس: أَصابه البِرْسامُ.
التهذيب: ورجل رئيسٌ ومَرْؤُوسٌ، وهو الذي رَأْسَه السِّرْسامُ فأَصاب
رأْسه. وقوله في الحديث: إِنه، صلى اللَّه عليه وسلم، كان يصيب من الرأْس وهو
صائم؛ قال: هذا كتابه عن القُبْلة.
وارْتَأَسَ الشيءَ: رَكب رأْسه؛ وقوله أَنشده ثعلب:
ويُعْطِي الفَتَى في العَقْلِ أَشْطارَ مالِه،
وفي الحَرْب يَرْتاسُ السِّنانَ فَيَقْتُل
أَراد: يرتئس، فحذف الهمزة تخفيفاً بدليّاً. الفراء: المُرائِسُ
والرَّؤوسُ من الإِبل الذي لم يَبْقَ له طِرْقٌ إِلا في رأْسه. وفي نوادر
الأَعراب: ارْتَأَسَني فلان واكْتَسَأَني أَي شَغَلَني، وأَصله أَخذ بالرَّقَبة
وخفضها إِلى الأَرض، ومثله ارْتَكَسَني واعْتَكَسني. وفحل أَرْأَسُ: وهو
الضَّخْمُ الرأْس. والرُّؤاسُ والرُّؤاسِيُّ والأَرْأَسُ: العظيم
الرأْس، والأُنثى رَأْساءُ؛ وشاة رأْساءُ: مُسْوَدَّة الرأْس. قال أَبو عبيد:
إِذا اسْوَدَّ رأْس الشاة، فهي رأْساء، فإِن ابيض رأْسها من بين جسدها،
فهي رَخْماء ومُخَمَّرَةٌ. الجوهري: نعجة رأْساء أَي سوداء الرأْس والوجه
وسائرها أَبيض. غيره: شاة أَرْأَسُ ولا تقل رؤاسِيٌّ؛ عن ابن السكيت. وشاة
رَئِيسٌ: مُصابة الرأْس، والجمع رَآسَى بوزن رَعاسَى مثل حَباجَى
ورَماثَى.
ورجل رَأْآسٌ بوزن رَعَّاسٍ: يبيع الرؤوس، والعامة تقول: رَوَّاسٌ.
والرَّائِسُ: رأْسُ الوادي. وكل مُشْرِفٍ رائِسٌ. ورَأَسَ السَّيْلُ
الغُثَاءَ: جَمَعَه؛ قال ذو الرمة:
خَناطيلُ، يَسْتَقرِبْنَ كلَّ قَرارَةٍ
ومَرْتٍ نَفَتْ عنها الغُثاءَ الرَّوائِسُ
وبعض العرب يقول: إِن السيل يَرْأَسُ الغثاء، وهو جمعه إِياه ثم يحتمله.
والرَّأْسُ: القوم إِذا كثروا وعَزُّوا؛ قال عمرو بن كلثوم:
بِرَأْسٍ من بني جُشَمِ بنِ بَكْرٍ،
نَدُقُّ به السُّهُولَةَ والخُزونا
قال الجوهري: وأَنا أَرى أَنه أَراد الرَّئيسَ لأَنه قال ندق به ولم يقل
ندق بهم. ويقال للقوم إِذا كثروا وعَزُّوا: هم رَأْسٌ. ورَأَسَ القومَ
يَرْأَسُهم، بالفتح، رَآسَةً وهو رئيسهم: رَأَسَ عليهم فَرَأَسَهم
وفَضَلهم، ورَأَسَ عليهم كأَمَر عليهم، وتَرَأَّسَ عليهم كَتَأَمَّرَ،
ورَأَّسُوه على أَنفسهم كأَمَّروه، ورَأَسْتُه أَنا عليهم تَرْئِيساً فَــتَرَأَّسَ
هو وارْتَأَسَ عليهم. قال الأَزهري: ورَوَّسُوه على أَنفسهم، قال: وهكذا
رأَيته في كتاب الليث، وقال: والقياس رَأَّسوه لا رَوَّسُوه. ابن السكيت:
يقال قد تَرَأَّسْــتُ على القوم وقد رَأَّسْتُك عليهم وهو رَئيسُهم وهم
الرُّؤَساء، والعامَّة تقول رُيَساء.
والرَّئِيس: سَيِّدُ القوم، والجمع رُؤَساء، وهو الرَّأْسُ أَيضاً،
ويقال رَيِّسٌ مثل قَيِّم بمعنى رَئيس؛ قال الشاعر:
تَلْقَ الأَمانَ على حِياضِ محمدٍ
تَوْلاءُ مُخْرِفَةٌ، وذِئْبٌ أَطْلَسُ
لا ذي تَخافُ ولا لِهذا جُرْأَة،
تُهْدى الرَّعِيَّةُ ما اسْتَقامَ الرَّيِّسُ
قال ابن بري: الشعر للكميت يمدح محمد بن سليمان الهاشمي. والثَّوْلاء:
النعجة التي بها ثَوَلٌ. والمُخْرِفَةُ: التي لها خروف يتبعها. وقوله لا
ذي: إِشارة إِلى الثولاء، ولا لهذا: إِشارة إِلى الذئب أَي ليس له جُرأَة
على أَكلها مع شدة جوعه؛ ضرب ذلك مثلاً لعدله وإِنصافه وإِخافته الظالم
ونصرته المظلوم حتى إِنه ليشرب الذئب والشاة من ماء واحد. وقوله تهدى
الرعية ما استقام الريس أَي إِذا استقام رئيسهم المدبر لأُمورهم صلحت
أَحوالهم باقتدائهم به. قال ابن الأَعرابي: رَأَسَ الرجلُ يَرْأَسُ رَآسَة إِذا
زاحم عليها وأَراجها، قال: وكان يقال إِن الرِّياسَة تنزل من السماء
فيُعَصَبُ بها رأْسُ من لا يطلبها؛ وفلان رأَسُ القوم ورَئيس القوم. وفي حديث
القيامة: أَلم أَذَرْكَ تَرْأَسُ وتَرْبَعُ؟ رَأَسَ القومَ: صار رئيسَهم
ومُقَدَّمَهم؛ ومنه الحديث: رَأْس الكفر من قِبَلِ المشرق، ويكون إِشارة
إِلى الدجال أَو غيره من رؤَساء الضلال الخارجين بالمشرق. ورَئيسُ
الكلاب ورائِسها: كبيرها الذي لا تَتَقَدَّمُه في القَنَص، تقول: رائس الكلاب
مثلُ راعِسٍ أَي هو في الكلاب بمنزلة الرئيس في القوم. وكلبة رائِسَة:
تأْخذ الصيد برأْسه. وكلبة رَؤوس: وهي التي تُساوِرُ رأْسَ الصيد. ورائس
النهر والوادي: أَعلاه مثل رائس الكلاب. ورَوائس الوادي: أَعاليه. وسحابة
مُرائس ورائِس: مُتَقَدِّمَة السحاب. التهذيب: سحابة رائِسَةٌ وهي التي
تَقَدَّمُ السحابَ، وهي الرَّوائِس. ويقال: أَعطني رَأْساً من ثُومٍ.
والضَّبُّ ربما رَأَسَ الأَفْعَى وربما ذَنَبها، وذلك أَن الأَفعى تأْتي
جُحْرَ الضب فتَحْرِشُه فيخرج أَحياناً برأْسه مُسْتَقْبِلها فيقال: خَرَجَ
مُرَئِّساً، وربما احْتَرَشَه الرجل فيجعل عُوداً في فم جَحْره فيَحْسَبُه
أَفْعَى فيخرج مُرَئِّساً أَو مُذَنِّباً. قال ابن سيده: خرج الضَّبُّ
مُرائِساً اسْتَبَقَ برأْسه من جحره وربما ذَنَّبَ. ووَلَدَتْ وَلَها على
رَأْسٍ واحدٍ، عن ابن الأَعرابي، أَي بعضُهم في إِثر بعض، وكذلك ولدت
ثلاثة أَولاد رأْساَ على رأْس أَي واحداً في إِثر آخر.
ورَأْسُ عَينٍ ورأْسُ العين، كلاهما: موضع؛ قال المُخَبَّلُ يهجو
الزِّبْرِقان حين زَوّجَ هَزَّالاً أُخته خُلَيْدَةَ:
وأَنكحتَ هَزَّالا خُلَيْدَةَ، بعدما
زَعَمْتَ برأْسِ العين أَنك قاتٍلُهْ
وأَنكَحْتَه رَهْواً كأَنَّ عِجانَها
مَشَقُّ إِهابٍ، أَوسَعَ الشَّقَّ ناجِلُهْ
وكان هَزَّال قتل ابن مَيَّة في جوار الزبرقان وارتحل إِلى رأْس العين،
فحلف الزبرقان ليقتلنه ثم إِنه بعد ذلك زوّجه أُخته، فقالت امرأَة
المقتول تهجو الزبرقان:
تَحَلَّلَ خِزْيَها عَوْفُ بن كعبٍ،
فليس لخُلْفِهامنه اعْتِذارُ
برأْسِ العينِ قاتِلُ من أَجَرْتُمْ
من الخابُورِ، مَرْتَعُه السَّرارُ
وأَنشد أَبو عبيدة في يوم رأْس العين لسُحَيْم بنْ وثَيْلٍ
الرِّياحِيِّ:وهم قََتَلوا عَمِيدَ بني فِراسٍ،
برأْسِ العينِ في الحُجُج الخَوالي
ويروى أَن المخبل خرج في بعض أَسفاره فنزل على بيت خليدة امرأَة هزال
فأَضافته وأَكرمته وزَوَّدَتْه، فلما عزم على الرحيل قال: أَخبريني باسمك.
فقالت: اسمي رَهْوٌ، فقال: بئس الاسم الذي سميت به فمن سماك به؟ قالت
له: أَنت، فقال: واأَسفاه واندماه ثم قال:
لقد ضَلَّ حِلْمِي في خُلَيْدَةَ ضَلَّةً،
سَأُعْتِبُ قَوْمي بعدها وأَتُوبُ
وأَشْهَدُ، والمُسْتَغْفَرُ اللَّهُ، أَنَّني
كَذَبْتُ عليها، والهِجاءُ كَذُوبُ
الجوهري: قَدِمَ فلان من رأْس عين وهوموضع، والعامَّة تقول من رأْس
العين. قال ابن بري: قال علي بن حمزة إِنما يقال جاء فلان من رأْس عين إِذا
كانت عيناً من العيون نكرة، فأَما رأْس عين هذه التي في الجزيرة فلا يقال
فيها إِلا رأْس العين.
ورائِسٌ: جبل في البحر؛ وقول أُمية بن أَبي عائذ الهُذَلّي:
وفي غَمْرَةِ الآلِ خِلْتُ الصُّوى
عُرُوكاً على رائِسٍ يَقْسِمونا
قيل: عنى هذا الجبل. ورائِسٌ ورَئيسُ منهم، وأَنت على رأْسِ أَمْرِكَ
ورئاسهِ أَي على شَرَفٍ منه؛ قال الجوهري: قولهم أَنت على رِئاسِ أَمرك أَي
أَوله، والعامة تقول على رأْسِ أَمرك. ورِئاسُ السيف: مَقْبِضُه وقيل
قائمه كأَنه أُخِذَ من الرأْسِ رِئاسٌ؛ قال ابن مقبل:
وليلةٍ قد جَعَلْتُ الصُّبْحَ مَوْعِدَها
بصُدْرَةِ العَنْسِ حتى تَعْرِفَ السَّدَفا
ثم اضْطَغَنْتُ سِلاحي عند مَغْرِضِها،
ومِرْفَقٍ كَرِئاسِ السيف إِذ سَشَفَا
وهذا البيت الثاني أَنشده الجوهري: إِذا اضطغنت سلاحي، قال ابن بري
والصواب: ثم اضطغنت سلاحي. والعنْسُ: الناقة القوية، وصُدْرَتُها: ما أَشرف
من أَعلى صدرها. والسِّدَفُ ههنا: الضوء. واضْطَغَنْتُ سلاحي: جعلته تحت
حِضْني. والحِضنُ: ما دون الإِبطِ إِلى الكَشْحِ، ويروى: ثم احْتَضَنْتُ.
والمَغْرِضُ للبعير كالمَحْزِم من الفرس، وهو جانب البطن من أَسفل
الأَضلاع التي هي موضع الغُرْضَة. والغُرْضَة للرحْل: بمنزلة الحزام للسرج.
وشَسَفَ أَي ضَمَرَ يعني المِرْفَق. وقال شمر: لم أَسمع رِئاساَ إِلا ههنا؛
قال ابن سيده: ووجدناه في المُصَنَّف كرياس السيف، غير مهموز، قال: فلا
أَدري هل هو تخفيف أَم الكلمة من الياء. وقولهم: رُمِيَ فلان منه في
الرأْس أَي أَعرض عنه ولم يرفع به رأْساً واستثقله؛ تقول: رُمِيتُ منك في
الرأْس على ما لم يسمَّ فاعله أَي ساء رأْيُك فيَّ حتى لا تقدر أَن تنظر
إِليَّ. وأَعِدْ عليّ كلامَك من رأْسٍ ومن الرأْسِ، وهي أَقل اللغتين وأَباها
بعضهم وقال: لا تقل من الرأْس، قال: والعامة تقوله.
وبيتُ رأْسٍ: اسم قرىة بالشام كانت تباع فيها الخمور؛ قال حسان:
كأَنَّ سَبِيئةً من بيتِ رأْسٍ،
يكونُ مِزاجَها عَسَلٌ وماءُ
قال: نصب مزاجها على أَنه خبر كان فجعل الاسم نكرة والخبر معرفة، وإِنما
جاز ذلك من حيث كان اسْمَ جنس، ولو كان الخبر معرفة محضة لَقَبُحَ.
وبنو رؤاسٍ: قبيلة، وفي التهذيب: حَيٌّ من عامر ابن صعصعة، منهم أَبو
جعفر الرُّؤاسِي وأَبو دُؤادٍ الرُّؤاسِي اسمه يزيد بن معاوية بن عمرو بن
قيس بن عبيد بن رُؤاسِ بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وكان أَبو عمر
الزاهد يقول في الرُّؤاسِي أَحد القراء والمحدّثين: إِنه الرَّواسِي،
بفتح الراء وبالواو من غير همز، منسوب إِلى رَوَاسٍ قبيلة من سُلَيْم وكان
ينكر أَن يقال الرُّؤاسِي، بالهمز، كما يقوله المحدّثون وغيرهم.
زعم: قال الله تعالى: زَعَمَ الذين كفروا أَن لن يُبْعَثُوا، وقال
تعالى: فقالوا هذا لله بِزَعْمِهِمْ؛ الزَّعْمُ والزُّعْمُ والزِّعْمُ، ثلاث
لغات: القول، زَعَمَ زَعْماً وزُعْماً وزِعْماً أي قال، وقيل: هو القول
يكون حقّاً ويكون باطلاً، وأَنشد ابن الأَعرابي لأُمَيّةَ في الزَّعْم الذي
هو حق:
وإِني أَذينٌ لكم أَنه
سَيُنجِزُكم ربُّكم ما زَعَمْ
وقال الليث: سمعت أَهل العربية يقولون إذا قيل ذكر فلان كذا وكذا فإنما
يقال ذلك لأَمر يُسْتَيْقَنُ أَنه حق، وإذا شُكَّ فيه فلم يُدْرَ لعله
كذب أَو باطل قيل زَعَمَ فلان، قال: وكذلك تفسر هذه الآية: فقالوا هذا لله
بِزَعْمِهِمْ؛ أَي بقولهم الكذب، وقيل: الزَّعْمُ الظن، وقيل: الكذب،
زَعَمَهُ يَزْعُمُهُ، والزُّعْمُ تميميَّة، والزَّعْمُ حجازية؛ وأَما قول
النابغة:
زَعَمَ الهمامُ بأَنَّ فاها بارِدٌ
وقوله:
زَعَمَ الغِدافُ بأَنَّ رِحْلتنا غَداً
فقد تكون الباء زائدة كقوله:
سُود المَحاجِرِ لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ
وقد تكون زَعَمَ ههنا في معنى شَهِدَ فعدّاها بما تُعدّى به شهد كقوله
تعالى: وما شَهِدْنا إلا بما عَلِمْنا. وقالوا: هذا ولا زَعْمَتَكَ ولا
زَعَماتِكَ، يذهب إلى ردّ قوله، قال الأَزهري: الرجل من العرب إذا حدَّث
عمن لا يحقق قوله يقول ولا زَعَماتِه؛ ومنه قوله:
لقد خَطَّ رومِيٌّ ولا زَعَماتِهِ
وزَعَمْتَني كذا تَزْعُمُني زَعْماً: ظَنَنْتني؛ قال أَبو ذؤيب:
فإن تَزْعُمِيني كنتُ أَجهلُ فيكُمُ،
فإني شَرَيْتُ الحِلْمَ بَعْدَكِ بالجهل
وتقول: زَعَمَتْ أَني لا أُحبها وزَعَمَتْني لا أُحبها، يجيء في الشعر،
فأَما في الكلام فأَحسن ذلك أَن يوقع الزَّعْمُ على أَنَّ دون الاسم.
والتَّزَعُّمُ: التَّكَذُّبُ؛ وأَنشد:
وتَزاعَمَ القومُ على كذا تَزاعُماً إذا تضافروا عليه، قال: وأَصله أَنا
صار بعضهم لبعض زَعِيماً؛ وفي قوله مَزاعِمُ أَي لا يوثق به، قال
الأَزهري: الزَّعْمُ إنما هو في الكلام، يقال: أَمر فيه مَزاعِمُ أَي أَمر غير
مستقيم فيه منازعة بعدُ. قال ابن السكيت: ويقال للأَمر الذي لا يوثق به
مَزْعَمٌ أَي يَزْعُمُ هذا أَن كذا ويَزْعُمُ هذا أَنه كذا. قال ابن بري:
الزَّعْمُ يأْتي في كلام العرب على أَربعة أَوجه، يكون بمعنى الكَفالة
والضَّمان؛ شاهده قول عمر بن أَبي ربيعة:
قلت: كَفِّي لك رَهْنٌ بالرِّضى
وازْعُمِي يا هندُ، قالت: قد وَجَب
وازْعُمِي أَي اضمني؛ وقال النابغة
(* هو النابغة الجعديّ لا النابغة
الذبياني) يصف نُوحاً:
نُودِيَ: قُمْ وارْكَبَنْ بأَهْلِكَ إنْـ
ـنَ الله مُوفٍ للناس ما زَعَمَا
زَعَمَ هنا فُسِّرَ بمعنى ضَمِنَ، وبمعنى قال، وبمعنى وعَدَ، ويكون
بمعنى الوعْد، قال عمرو بن شَأْسٍ:
وعاذِلة تَحْشَى الرَّدَى أَن يُصيبَني،
تَرُوحُ وتَغْدُو بالمَلامةِ والقَسَمْ
تقول: هَلَكْنا، إن هَلكتَ وإنما
على الله أَرْزاقُ العِباد كما زَعَمْ
وزَعَمَ هنا بمعنى قال ووعد، وتكون بمعنى القول والذكر؛ قال أَبو
زُبَيْدٍ الطائيّ:
يا لَهْفَ نَفْسِيَ إن كان الذي زَعمُوا
حَقّاً وماذا يَرُدّ اليوم تَلْهِيفِي
إن كان مَغْنَى وُفُودِ الناس راح بِهِ
قومٌ إلى جَدَثٍ، في الغار، مَنْجُوفِ؟
المعنى: إن كان الذي قالوه حقّاً لأَنه سمع من يقول حُمِلَ عثمانُ على
النَّعْش إلى قبره؛ قال المُثَقّبُ العبدي:
وكلامٌ سَيِّءٌ قد وَقِرَتْ
أُذُني عنه، وما بي من صَمَمْ
فتصامَمْتُ، لكَيْما لا يَرَى
جاهلٌ أَنِّي كما كان زَعَمْ
وقال الجميح:
أَنتم بَنُو المرأَةِ التي زَعَمَ الـ
ـناس عليها، في الغيّ، ما زَعَمُوا
ويكون بمعنى الظن؛ قال عُبَيْدُ الله بن عبد الله بن عُتْبَةَ بن مسعود:
فذُقْ هَجْرَها قد كنتَ تَزْعُمُ أَنه
رَشادٌ، أَلا يا رُبَّما كذَبَ الزَّعْمُ
فهذا البيت لا يحتمل سوى الظن، وبيت عمر بن أَبي ربيعة لا يحتمل سوى
الضَّمان، وبيت أَبي زُبَيْدٍ لا يحتمل سوى القول، وما سوى ذلك على ما فسر.
وحكى ابن بري أَيضاً عن ابن خالَوَيْه: الزَّعْمُ يستعمل فيما يُذَمّ
كقوله تعالى: زَعَمَ الذين كفروا أَن لن يُبْعَثُوا؛ حتى قال بعض المفسرين:
الزَّعْمُ أَصله الكذب، قال: ولم يجبئ فيما يُحْمَدُ إلا في بيتين، وذكر
بيت النابغة الجعدي وذكر أَنه روي لأُمية بن أبي الصَّلْتِ، وذكر أَيضاً
بيت عمرو بن شَأْس ورواه لمُضَرِّسٍ؛ قال أَبو الهيثم: تقول العرب قال
إنه وتقول زَعَمَ أَنه، فكسروا الأَلف مع قال، وفتحوها مع زَعَمَ لأَن زعم
فعل واقع بها أي بالأَلف متعدّ إليها، أَلا ترى أَنك تقول زَعَمْتُ عبدَ
الله قائماً، ولا تقول قلت زيداً خارجاً إلا أَن تُدْخِلَ حرفاً من حروف
الاستفهام فتقول هل تقوله فعل كذا ومتى تقولُني خارجاً؛ وأَنشد:
قال الخَلِيطُ: غَداً تَصَدُّعُنا،
فمتى تقول الدارَ تَجْمَعُنا؟
ومعناه فمتى تظن ومتى تَزْعُمُ.
والزَّعُوم من الإبل والغنم: التي يُشَكُّ في سِمنَها فتُغْبَطُ
بالأَيدي، وقيل: الزَّعُوم التي يَزْعُمُ الناس أَن بها نِقْياً؛ قال
الراجز:وبَلْدة تَجَهَّمُ الجَهُوما،
زَجَرْتُ فيها عَيْهَلاً رَسُوما،
مُخْلِصَةَ الأَنْقاءِ أَو زَعُوما
قال ابن بري: ومثله قول الآخر:
وإنَّا من مَوَدَّة آل سَعْدٍ،
كمن طَلَبَ الإِهالةَ في الزَّعُومِ
وقال الراجز:
إنَّ قُصاراكَ على رعُومِ
مُخْلِصَةِ العِظامِ، أَو زَعُومِ
المُخْلِصَةُ: التي قد خَلَصَ نِقْيُها. وقال الأَصمعي: الزَّعُوم من
الغنم التي لا يُدْرى أَبها شحم أَم لا، ومنه قيل: فلان مُزاعَم أَي لا
يوثق به. والزَّعوم: القليلة الشحم وهي الكثيرة الشحم، وهي المُزْعَمَةُ،
فمن جعلها القليلة الشحم فهي المَزْعُومة، وهي التي إذا أَكلها الناس قالوا
لصاحبها توبيخاً: أَزْعَمْتَ أَنها سمينة؛ قال ابن خالويه: لم يجبئ
أَزْعَمَ في كلامهم إلا في قولهم أزْعَمَتِ القَلُوصُ أَو الناقةُ إذا ظُنَّ
أَن في سنامها شحماً. ويقال: أَزْعَمْتُكَ الشيءَ أَي جعلتك به
زَعِيماً. والزَّعِيمُ: الكفيل. زَعَمَ به يَزْعُمُ
(* قوله «زعم به يزعم إلخ» هو
بهذا المعنى من باب قتل ونفع كما في المصباح) زَعْماً وزَعامَةً أَي
كَفَل. وفي الحديث: الدَّيْن مَقْضِيّ والزَّعِيمُ غارِم؛ والزَّعِيمُ:
الكفيل، والغارم: الضامن. وقال الله تعالى: وأَنا بهِ زَعيمٌ؛ قالوا جميعاً:
معناه وأنا به كفيل؛ ومنه حديث علي، رضوان الله عليه: ذِمَّتي رَهينة
وأَنا به زعِيمٌ. وزَعَمْت به أَزْعُمُ زَعْماً وزَعامةً أَي كَفَلْتُ.
وزَعِيمُ القوم: رئيسهم وسيدهم، وقيل: رئيسهم المتكلم عنهم ومِدْرَهُهُمْ،
والجمع زُعَماء. والزَّعامة: السِّيادة والرياسة، وقد زَعُمَ زَعامَةً؛
قال الشاعر:
حتى إذا رَفَعَ اللِّواء رأَيْتَهُ،
تحت اللِّواء على الخَمِيسِ، زَعِيما
والزَّعامَةُ: السلاح، وقيل: الدِّرْع أَو الدُّروع. وزَعامَةُ المال:
أَفضله وأَكثره من الميراث وغيره؛ وقول لبيد:
تَطِير عَدائِد الأشراكِ شَفْعاً
ووِتْراً، والزعامَةُ للغلام
فسره ابن الأَعرابي فقال: الزَّعامَةُ هنا الدِّرْع والرِّياسة والشرف،
وفسره غيره بأَنه أَفضل الميراث، وقيل: يريد السلاح لأَنهم كانوا إذا
اقتسموا الميراث دفعوا السلاح إلى الابن دون الابنة، وقوله شفعاً ووِتراً
يريد قسمة الميراث للذكر مثل حظ الأُنثيين. وأَما الزَّعامَةُ وهي السيادة
أَو السلاح فلا ينازِع الورثةُ فيها الغلامَ، إذا هي مخصوصة به.
والزَّعَمُ، بالتحريك: الطمع، زَعِمَ يَزْعَمُ زَعَماً وزَعْماً: طمع؛
قال عنترة:
عُلّقْتُها عَرَضاً وأَقْتُلُ قَوْمَها
زَعْماً، وربِّ البيت، ليس بمَزْعَمِ
(* في معلقة عنترة:
زعْماً، لَعَمْرُ أبيكَ، ليسَ بمَزعَمِ).
أَي ليس بمطمع؛ قال ابن السكيت: كان حبها عَرَضاً من الأَعراض اعترضني
من غير أن أَطلبه، فيقول: عُلِّقْتُها وأَنا أَقتل قومها فكيف أُحبها
وأَنا أَقتلهم؟ أَم كيف أَقتلهم وأَنا أُْحبها؟ ثم رجع على نفسه مخاطباً لها
فقال: هذا فعل ليس بفعل مثلي؛ وأَزْعَمْتُه أَنا. ويقال: زعَمَ فلان في
غير مَزْعَمٍ أَي طَمِعَ في غير مطمَع؛ قال الشاعر:
له رَبَّةٌ قد أَحْرَمَتْ حِلَّ ظهره،
فما فيه للفُقْرى ولا الحَجِّ مَزْعَمُ
وأَمرٌ مُزْعِمٌ أَي مُطْمِعٌ. وأَزْعَمَه: أَطمعه. وشِواءٌ زَعِمٌ
وزَعْمٌ
(* قوله «وشواه زعم وزعم» كذا هو بالأَصل والمحكم بهذا الضبط
وبالزاي فيهما، وفي شرح القاموس بالراء في الثانية وضبطها مثل الأَولى
ككتف): مُرِشّ كثير الدَّسَمِ سريع السَّيَلان على النار. وأَزْعَمَتِ
الأَرضُ: طلع أَول نبتها؛ عن ابن الأَعرابي:
وزاعِمٌ وزُعَيْم: إسمان.
والمِزْعامة: الحية. والزُّعْمُومُ: العَييّ. والزَّعْمِيُّ: الكاذب
(*
قوله «والزعمي الكاذب إلخ» كذا هو مضبوط في الأصل والتكملة بالفتح
ويوافقهما إطلاق القاموس وإن ضبطه فيه شارحه بالضم). والزَّعْمِيّ: الصادق.
والزَّعْمُ: الكذب؛ قال الكميت:
إذا الإكامُ اكتَسَتْ مَآلِيَها،
وكان زَعْمُ اللَّوامعِ الكَذِبُ
يريد السَّراب، والعرب تقول: أَكْذَبُ مِنْ يَلْمَع. وقال شريح:
زَعَمُوا كُنْيَةُ الكَذِب. وقال شمر: الزَّعْمُ والتزاعُمُ أَكثر ما يقال فيما
يُشك فيه ولا يُحَقَّقُ، وقد يكون الزَّعْمُ بمعنى القول، وروي بيت
الجعدي يصف نوحاً، وقد تقدم، فهذا معناه التحقيق؛ قال الكسائي: إذا قالوا
زَعْمَةٌ صادقة لآتينّك، رفعوا، وحِلْفَةٌ صادِقةٌ لأَقومَنَّ، قال: وينصبون
يميناً صادقةً لأَفعلن. وفي الحديث: أَنه ذكر أَيوب، عليه السلام، قال:
كان إذا مر برجلين يَتَزاعَمان فيذكران الله كَفَّر عنهما أي يتداعيان
شيئاً فيختلفان فيه فيحلفان عليه كان يُكَفِّرُ عنهما لآَجل حلفهما؛ وقال
الزمخشري: معناه أَنهما يتحادثان بالزَّعَماتِ وهي ما لا يوثق به من
الأَحاديث، وقوله فيذكران الله أَي على وجه الاستغفار. وفي الحديث: بئس
مَطِيَّةُ الرجل زَعَمُوا؛ معناه أَن الرجل إذا أَراد المَسير إلى بلد
والظَّعْنَ في حاجة ركب مطيته وسار حتى يقضي إرْبَهُ، فشبه مايقدّمه المتكلم أَمام
كلامه ويتوصل به إلى غرضه من قوله زَعَمُوا كذا وكذا بالمطية التي
يُتَوَصَّلُ بها إلى الحاجة، وإنما يقال زَعَمُوا في حديث لا سند له ولا
ثَبَتَ فيه، وإنما يحكى عن الأَلْسُنِ على سبيل البلاغ، فذُمَّ من الحديث ما
كان هذا سبيله. وفي حديث المغيرة: زَعِيمُ الأَنْفاس أي موكَّلٌ بالأَنفاس
يُصَعِّدُها لغلبة الحسد والكآبة عليه، أَو أَراد أَنفاس الشرب كأنه
يَتَجَسَّس كلام الناس ويَعِيبهم بما يُسقطهم؛ قال ابن الأَثير: والزَّعيمُ
هنا بمعنى الوكيل.
رتع: الرَّتْعُ: الأَكل والشرب رَغَداً في الرِّيف، رَتَعَ يَرْتَعُ
رَتْعاً ورُتوعاً ورِتاعاً، والاسم الرَّتْعةُ والرَّتَعةُ. يقال: خرجنا
نَرْتَعُ ونَلْعب أَي نَنْعَم ونَلْهُو. وفي حديث أُمّ زَرْع: في شِبَعٍ
ورِيٍّ ورَتْعٍ أَي تَنَعُّمٍ. وقوم مُرْتِعُون: راتِعُون إِذا كانوا
مَخاصِيبَ، والموضع مَرْتَعٌ، وكلُّ مُخْصِب مُرْتِع. ابن الأَعرابي: الرَّتْع
الأَكل بشَرَهٍ. وفي الحديث: إِذا مَرَرْتُم بِرياضِ الجنة فارْتَعُوا؛
أَراد بِرياض الجنة ذِكر الله، وشبَّه الخَوْضَ فيه بالرَّتْع في الخِصْب.
وقال الله تعالى مخبراً عن إِخوة يوسف: أَرسله معنا غداً يَرْتَعْ
ويَلْعَبْ؛ أَي يلهو ويَنْعَم، وقيل: معناه يَسْعَى وينْبَسِط، وقيل: معنى
يَرتَع يأْكل؛ واحتج بقوله:
وحَبِيبٌ لي إِذا لاقَيْتُه،
وإِذا يَخْلو له لَحْمِي رَتَعْ
(* قوله «وحبيب لي إذا إلخ» في هامش الأصل بدل وحبيب لي ويحييني إذا
إلخ.)
معناه أَكله، ومن قرأَ نَرتع، بالنون
(* قوله «ومن قرأ نرتع بالنون إلخ»
كذا بالأصل، وقال المجد وشرحه: وقرئ نرتع، بضم النون وكسر التاء، ويلعب
بالياء، أي نرتع نحن دوابنا ومواشينا ويلعب هو. وقرئ بالعكس أي يرتع هو
دوابنا ونلعب جميعاً، وقرئ بالنون فيهما.) ، أَراد نرتع. قال الفراء:
يَرْتَعْ، العين مجزومة لا غير، لأَن الهاء في قوله أَرسله معرفة وغَداً
معرفة وليس في جواب الأَمر وهو يرتع إِلاَّ الجزم؛ قال: ولو كان بدل
المعرفة نكرة كقولك أَرسل رجلاً يَرتع جاز فيه الرفع والجزم كقوله تعالى: ابعث
لنا مَلِكاً يُقاتِلْ في سبيل الله، ويقاتلُ، الجزم لأَنه جواب الشرط،
والرفع على أَنها صلة للملك كأَنه قال ابعث لنا الذي يقاتل.
والرتْعُ: الرَّعيُ في الخِصْبِ. قال: ومنه حديث الغَضْبان الشَّيْباني
مع الحَجّاج أَنه قال له: سَمِنْتَ يا غَضْبان فقال: الخَفْضُ
والدَّعَةُ، والقَيْدُ والرَّتَعَة، وقِلّة التَّعْتَعة، ومن يكن ضَيْفَ الأَمير
يَسْمَن؛ الرَّتَعَة: الاتّساع في الخصب. قال أَبو طالب: سماعي من أَبي عن
الفراء والرَّتَعةُ مُثَقّل؛ قال: وهما لغتان: الرتَعة والرتْعة؛ بفتح
التاء وسكونها، ومن ذلك قولهم: هو يَرْتَع أَي أَنه في شيء كثير لا يُمْنع
منه فهو مُخْصِب. قال أَبو طالب: وأَوّل من قال القَيْدُ والرتعةُ عمرو
بن الصَّعِق بن خُوَيْلد بن نُفَيْل بن عمرو بن كِلاب، وكانت شاكرٌ من
هَمْدان أَسَرُوه فأَحسنوا إِليه ورَوَّحُوا عليه، وقد كان يومَ فارَق
قومَه نحيفاً فهرَب من شاكر فلما وصل إِلى قومه قالوا: أَيْ عَمرُو خَرجت من
عندنا نَحِيفاً وأَنت اليوم بادِنٌ فقال: القيدُ والرَّتعةُ، فأَرسلها
مثلاً. وقولهم: فلان يَرْتع، معناه هو مُخْصِب لا يَعْدَم شيئاً يريده.
ورتَعَت الماشِيَةُ تَرْتَع رَتْعاً ورُتُوعاً: أَكلت ما شاءت وجاءت
وذهبت في المَرْعَى نهاراً، وأَرْتَعْتُها أَنا فَرَتَعت. قال: والرَّتْع لا
يكون إِلا في الخِصْب والسعة؛ ومنه حديث عمر: إِني والله أُرْتِعُ
فأُشْبِعُ؛ يريد حُسْن رِعايَتِه للرَّعِيَّة وأَنه يَدَعُهم حتى يشبعوا في
المَرْتع. وماشِيةٌ رُتَّعٌ ورُتُوع ورَواتِعُ وَرِتاعٌ، وأَرْتَعَها:
أَسامها. وفي حديث ابن زِمْلٍ: فمنهم المُرْتِع أَي الذي يُخَلِّي رِكابَه
تَرْتَع. وأَرْتَع الغيْثُ أَي أَنْبت ما تَرْتَع فيه الإِبل. وفي حديث
الاستسقاء: اللهم اسْقِنا غَيْثاً مُرْبِعاً مُرْتِعاً أَي يُنْبِت من
الكَلإِ ما تَرْتع فيه المَواشِي وتَرعاه، وقد أَرْتَعَ المالَ وأَرْتَعَتِ
الأَرضُ. وغَيث مُرْتِع: ذو خِصب. ورَتَع فلان في مال فلان: تَقلَّب فيه
أَكلاً وشرباً، وإِبل رِتاع. وأَرْتَعَ القومُ: وقعوا في خِصب ورَعَوْا.
وقوم رَتِعُون مُرْتِعُون، وهو على النسب كَطَعِم، وكذلك كَلأٌ رَتِع؛ ومنه
قول أَبي فَقْعس الأَعرابي في صفة كلإٍ: خَضِعٌ مَضِعٌ ضَافٍ رَتِعٌ،
أَراد خَضِع مَضِغ، فصير الغين عيناً مهملة لأَن قبله خَضِع وبعده رتِع،
والعرب تفعل مثل هذا كثيراً. وأَرْتعتِ الأَرضُ: كثر كَلَؤها. واستعمل أَبو
حنيفة المَراتِع في النَّعم.
والرَّتَّاعُ: الذي يَتَتَبَّعُ بإِبله المَراتِع المخْصِبة. وقال شمر:
يقال أَتَيْت على أَرض مُرْتِعة وهي التي قد طَمِعَ مالُها في الشِّبع.
والذي في الحديث: أَنه من يَرْتَع حَوْل الحِمى يُوشِك أَن يُخالِطه أَي
يَطُوفُ به ويَدُور حولَه.
حلق: الحَلْقُ: مَساغ الطعام والشراب في المَريء، والجمع القليل
أَحْلاقٌ؛ قال:
إِنَّ الذين يَسُوغُ في أَحْلاقِهم
زادٌ يُمَنُّ عليهمُ، للِئامُ
وأَنشد المبرد: في أَعْناقِهم، فَرَدَّ ذلك عليه عليّ بن حَمزَة،
والكثير حُلوق وحُلُقٌ؛ الأَخيرة عَزِيزة؛ أَنشد الفارسي:
حتى إِذا ابْتَلَّتْ حلاقِيمُ الحُلُقْ
الأَزهري: مخرج النفس من الحُلْقُوم وموضع الذبح هو أَيضاً من الحَلْق.
وقال أَبو زيد: الحلق موضع الغَلْصَمة والمَذْبَح. وحَلَقه يَحْلُقُه
حَلْقاً: ضربه فأَصاب حَلْقَه. وحَلِقَ حَلَقاً: شكا حَلْقَه، يطرد عليهما
باب. ابن الأَعرابي: حلَق إِذا أَوجَع، وحَلِقَ إِذا وجِعَ. والحُلاقُ:
وجَعٌ في الحَلْق والحُلْقُوم كالحَلْق، فُعْلُوم عن الخليل، وفُعْلُول عند
غيره، وسيأْتي. وحُلُوق الأَرض: مَجارِيها وأَوْدِيتها على التشبيه
بالحُلوق التي هي مَساوِغُ الطعام والشراب وكذلك حُلوق الآنية والحِياض.
وحَلَّقَ
الإِناءُ من الشراب: امْتلأَ إِلاَّ قليلاً كأَنَّ ما فيه من الماء
انتهى إِلى حَلْقِه، ووَفَّى حلْقَةَ حوضه: وذلك إِذا قارب أَن يملأَه إلى
حَلْقه. أَبو زيد: يقال وفَّيْت حَلْقة الحوض تَوفِيةً والإِناء كذلك.
وحَلْقةُ الإِناء: ما بقي بعد أَن تجعل فيه من الشراب أَو الطعام إِلى نصفه،
فما كان فوق النصف إِلى أَعلاه فهو الحلقة؛ وأَنشد:
قامَ يُوَفِّي حَلْقَةَ الحَوْضِ فَلَجْ
قال أَبو مالك: حَلْقة الحوض امْتِلاؤُه، وحلقته أَيضاً دون الامتلاء؛
وأَنشد:
فَوافٍ كَيْلُها ومُحَلِّقُ
والمُحلِّق: دون المَلْء؛ وقال الفرزدق:
أَخافُ بأَن أُدْعَى وحَوْضِي مُحْلِّقٌ،
إِذا كان يومُ الحَتْف يومَ حِمامِي
(* وفي قصيدة الفرزدق: إِذا كان يوم الوِردِ يومَ خِصامِ)
وحَلَّق ماءُ الحوض إِذا قلَّ وذهب. وحلَّق الحوضُ: ذهب ماؤُه؛ قال
الزَّفَيانُ:
ودُونَ مَسْراها فَلاةٌ خيْفَقُ،
نائي المياه، ناضبًٌ مُحَلِّقُ
(* قوله «مسراها» كذا في الأصل، والذي في شرح القاموس مرآها).
وحَلَّقَ
المكُّوكُ إِذا بلغ ما يُجعل فيه حَلْقَه. والحُلُق: الأَهْوِية بين
السماء والأَرض، واحدها حالِقٌ. وجبل حالق: لا نبات فيه كأَنه حُلِق، وهو
فاعل بمعنى مفعول؛ كقول بشر بن أَبي خازم:
ذَكَرْتُ بها سَلْمَى، فبِتُّ كأَنَّني
ذَكَرْتُ حَبيباً فاقِداً تَحْتَ مَرْمَسِ
أَراد مَفْقوداً، وقيل: الحالق من الجبال المُنِيفُ المُشْرِف، ولا يكون
إِلا مع عدم نبات. ويقال: جاء من حالق أَي من مكان مُشرف. وفي حديث
المَبْعث: فهَمَمْتُ أَن أَطرح بنفسي من حالِق أَي جبل عالٍ.
وفي حديث أَبي هريرة: لما نزل تحريم الخمر كنا نَعْمِد إِلى الحُلْقانةِ
فنَقْطَع ما ذَنَّبِ منها؛ يقال للبُسر إِذا بدا الإِرْطاب فيه من قِبل
ذَنَبِه التَّذْنوبة، فإِذا بلغ نصفه فهو مُجَزَّع، فإِذا بلغ ثُلُثيه
فهو حُلْقان ومُحَلْقِنٌ؛ يريد أَنه كان يقطع ما أَرطب منها ويرميه عند
الانتباذ لئلا يكون قد جَمع فيه بين البُسْر والرُّطب؛ ومنه حديث بَكَّار:
مرّ بقوم يَنالُون من الثَّعْد والحُلْقان. قال ابن سيده: بُسرة حُلْقانة
بلغ الإِرْطاب قريباً من النُّفدوق من أسفلها والجمع حُلْقانٌ حلْقها،
وقيل: هي التي بلغ الإِرطاب ومُحَلْقِنة والجمع مُحَلْقِنٌ. وقال أَبو
حنيفة: يقال حلَّق البُسر وهي الحَواليقُ، بثبات الياء؛ قال ابن سيده: وهذا
البناء عندي على النسب إِذ لو كان على الفعل لقال: مَحاليق، وأَيضاً فإِني
لا أَدري ما وجه ثبات الياء في حَواليق. وحَلْق التمرة والبُسرة: منتهى
ثُلثيها كأَن ذلك موضع الحلق منها.
والحَلْقُ: حَلْقُ الشعر. والحَلْقُ: مصدر قولك حَلق رأْسه. وحَلَّقوا
رؤُوسهم: شدّد للكثرة. والاحْتِلاقُ: الحَلْق. يقال: حَلق مَعَزه، ولا
يقال: جَزَّه إِلا في الضأْن، وعنز مَحْلوقة، وحُلاقة المِعزى، بالضم: ما
حُلِق من شعره. ويقال: إِن رأْسه لَجيِّد الحِلاق. قال ابن سيده: الحَلْق
في الشعر من الناس والمعز كالجَزّ في الصوف، حلَقه يَحلِقه حَلْقاً فهو
حالقٌ وحلاقٌ وحلَقَه واحْتَلَقه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
لاهُمَّ، إِن كان بنُو عَمِيرهْ
أَهْلُ التِّلِبِّ هؤلا مَقْصُورهْ
(* قوله «مقصورة» فسره المؤلف في مادة قصر عن ابن الأَعرابي فقال:
مقصورة أي خلصوا فلم يخالصهم غيرهم)،
فابْعَثْ عليهم سَنةً قاشُورة،
تَحْتَلِقُ المالَ احْتلاقَ النُّورهْ
ويقال: حَلق مِعْزاه إِذا أَخذ شعرها، وجزَّ ضأْنَه، وهي مِعْزى
مَحْلُوقة وحَلِيقة، وشعر مَحْلوق. ويقال: لحية حَليق، ولا يقال حَلِيقة. قال
ابن سيده: ورأْس حليق محلوق؛ قالت الخنساء:
ولكني رأَيتُ الصبْر خَيْراً
من النَّعْلَينِ والرأْسِ الحَلِيق
والحُلاقةُ: ما حُلِقَ
منه يكون ذلك في الناس والمعز. والحَلِيقُ: الشعر المحلوق، والجمع
حِلاقٌ. واحْتلقَ بالمُوسَى. وفي التنزيل: مُحَلِّقين رُؤُوسكم ومُقَصِّرين.
وفي الحديث: ليس مِنَّا من صَلَق أَو حَلق أَي ليس من أَهل سُنَّتنا من
حلَق شعره عند المُصيبة إِذا حلَّت به. ومنه الحديث: لُعِنَ من النساء
الحالقة والسالِقةُ والخارِقةُ. وقيل: أَراد به التي تَحلِق وجهها للزينة؛
وفي حديث: ليس منا من سلَق أَو حلَق أَو خَرق أَي ليس من سنَّتنا رَفْعُ
الصوت في المَصائب ولا حلْقُ
الشعر ولا خَرْقُ الثياب. وفي حديث الحَجّ: اللهمَّ اغْفر
للمُحَلِّقِين قالها ثلاثاً؛ المحلِّقون الذين حلَقوا شعورهم في الحج أَو العُمرة
وخصَّهم بالدعاء دون المقصوين، وهم الذين أَخذوا من شعورهم ولم يَحلِقوا
لأَن أَكثر من أَحرم مع النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يكن معهم هَدْيٌ ،
وكان عليه السلام قد ساق الهَدْيَ، ومَن منه هَدْيْ لا يَحلِق حتى يَنْحَر
هديَه، فلما أَمرَ
من ليس معه هدي أَن يحلق ويحِلَّ، وجَدُوا في أَنفسهم من ذلك وأَحبُّوا
أَن يأَذَن لهم في المُقام على إِحرامهم حتى يكملوا الحج، وكانت طاعةُ
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَولى بهم، فلما لم يكن لهم بُدُّ من الإِحْلال
كان التقصير في نُفوسهم أَخفّ من الحلق، فمال أَكثرهم إِليه، وكان فيهم
من بادر إِلى الطاعة وحلق ولم يُراجِع، فلذلك قدَّم المحلِّقين وأَخَّر
المقصِّرين.
والمِحْلَقُ، بكسر الميم: الكِساءُ الذي يَحْلِق الشعر من خِشونته؛ قال
عُمارة بن طارِقٍ يصف إِبلاً ترد الماءَ فتشرب:
يَنْفُضْنَ بالمَشافِر الهَدالِقِ،
نَفْضَكَ بالمَحاشِئ المَحالِقِ
والمَحاشِئُ: أَكْسِية خَشِنةٌ تَحْلِقُ الجسد، واحدها مِحْشأ، بالهمز،
ويقال: مِحْشاة، بغير همز، والهَدالِقُ: جمع هِدْلق وهي
المُسْتَرْخِيَةُ.
والحَلَقةُ: الضُّروعُ المُرْتَفعةُ. وضَرْعٌ حالقٌ: ضخْم يحلق شعر
الفخذين من ضِخَمِه. وقالوا: بينهم احْلِقِي وقُومي أَي بينهم بَلاءٌ وشدَّة
وهو من حَلْق الشعر كان النساءٌ يَئمْن فيَحلِقْن شُعورَهنَّ؛ قال:
يومُ أَدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ
أَفضلُ من يومِ احْلِقي وقُومِي
الأَعرابي: الحَلْقُ الشُّؤْم. ومما يُدعَى به على المرأَة: عَقْرَى
حَلْقَى، وعَقْراً حَلْقاً فأَمّا عقرَى وعقراً فسنذكره في حرف العين،
وأَما حلْقَى وحلقاً فمعناه أَنه دُعِيَ عليها أَن تئيم من بعلها فتْحْلِق
شعرها، وقيل: معناه أَوجع الله حَلْقها، وليس بقويّ؛ قال ابن سيده: وقيل
معناه أَنها مَشْؤُومةٌ، ولا أَحُقُّها. وقال الأَزهري: حَلْقَى عقْرى
مشؤُومة مُؤْذِية. وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال لصَفِيَّة بنت
حُيَيٍّ حين قيل له يوم النَّفْر إِنها نَفِسَت أَو حاضت فقال: عقرى حلقى
ما أَراها إِلاَّ حابِسَتنا؛ معناه عَقَر الله جَسدَها وحلَقها أَي
أَصابها بوجع في حَلْقها، كما يقال رأَسَه وعضَده وصَدَره إِذا أَصاب رأْسَه
وعضُدَه وصَدْره. قال الأَزهري: وأَصله عقراً حلقاً، وأَصحاب الحديث
يقولون عقرَى حلقَى بوزن غَضْبَى، حيث هو جارٍ على المؤَنث، والمعروف في
اللغة التنوين على أَنه مصدر فَعل متروك اللفظ، تقديره عقَرها الله عقْراً
وحلَقها الله حلقاً. ويقال للأَمر تَعْجَبُ منه: عقْراً حلقاً، ويقال
أَيضاً للمرأَة إِذا كانت مؤْذِية مشؤُومة؛ ومن مواضع التعجب قولُ أُمّ الصبي
الذي تكلَّم: عَقْرَى أَو كان هذا منه قال الأَصمعي: يقال عند الأَمر
تَعْجَبُ
منه: خَمْشَى وعَقْرى وحَلْقى كأَنه من العَقْر والحَلْق والخَمْش؛
وأَنشد:
أَلا قَوْمِي أُولُو عَقْرَى وحَلْقَى
لِما لاقَتْ سَلامانُ بن غَنْمِ
ومعناه قَومِي أُولُو نساءٍ قد عَقَرْن وجُوههن فخذَشْنَها وحَلَقْن
شعورهن مُتَسَلِّباتٍ على من قُتل من رجالها؛ قال ابن بري: هذا البيت رواه
ابن القطَّاع:
أَلا قَومي أُولو عَقْرَى وحَلْقَى
يريدون أَلا قومي ذَوو نساءٍ قد عقرن وجوهَهنَّ وحلقن رؤُوسهن، قال:
وكذلك رواه الهَرَوِيّ في الغريبين قال: والذي رواه ابن السكيت:
أَلا قُومِي إِلى عقْرى وحلْقى
قال: وفسَّره عثمان بن جني فقال: قولهم عقرى حلقى، الأَصل فيه أَن
المرأَة كانت إِذا أُصِيب لها كريم حلَقَت رأْسها وأَخذت نَعْلين تضرب بهما
رأْسَها وتعقِره؛ وعلى ذلك قول الخنساء:
فلا وأَبِيكَ، ما سَلَّيْتُ نفسي
بِفاحِشةٍ أَتَيتُ، ولا عُقوقِ
ولكنِّي رأَيتُ الصَّبْر خَيراً
من النَّعلين والرأْسِ الحَليقِ
يريد إِن قومي هؤلاء قد بلغ بهم من البَلاء ما يبلُغ بالمرأَة المعقورة
المحلوقة، ومعناه أَهم صاروا إِلى حال النساءِ المَعْقُورات المحلوقات.
قال شمر: روى أَبو عبيد عقراً حلقاً، فقلت له: لم أَسمع هذا إِلا عقرَى
حلقَى، فقال: لكني لم أَسمع فَعْلى على الدعاء، قال شمر: فقلت له قال ابن
شميل إِن صِبيانَ
البادية يلعبون ويقولون مُطَّيْرَى على فُعَّيْلى، وهو أَثقل من
حَلْقَى، قال: فصيره في كتابه على وجهين: منوّناً وغير منوَّن. ويقال: لا
تَفعلْذلك أُمُّك حالِقٌ أَي أَثْكلَ الله أُمَّك بك حتى تَحلِق شعرها،
والمرأَةُ إِذا حلَقت شعرها عند المصيبة حالِقةٌ وحَلْقَى. ومثَلٌ للعرب:
لأُمّك الحَلْقُ ولعينك العُبْرُ.
والحَلْقَةُ: كلُّ شيءٍ استدار كحَلْقةِ الحديد والفِضّة والذهب، وكذلك
هو في الناس، والجمع حِلاقٌ على الغالب، وحِلَقٌ على النادر كهَضْبة
وهِضَب، والحَلَقُ عند سيبويه: اسم للجمع وليس بجمع لأَن فَعْلة ليست مما
يكسَّر على فَعَلٍ، ونظير هذا ما حكاه من قولهم فَلْكَةٌ وفَلَكٌ، وقد حكى
سيبويه في الحَلْقة فتح اللام وأَنكرها ابن السكيت وغيره، فعلى هذه
الحكاية حلَقٌ جمع حلَقة وليس حينئذ اسم جميع كما كان ذلك في حلَق الذي هو اسم
جمع لحَلْقة، وإِن كان قد حكى حلَقة بفتحها. وقال اللحياني: حَلْقة الباب
وحلَقته، بإِسكان اللام وفتحها، وقال كراع: حلْقةُ القوم وحلَقتهم، وحكى
الأُمَوِيُّ: حِلْقة القوم، بالكسر، قال: وهي لغة بني الحرت بن كعب،
وجمع الحِلْقةِ حِلَقٌ وحَلَق وحِلاقٌ، فأَما حِلَقٌ فهو بابُه، وأَما
حَلَقٌ فإِنه اسم لجمع حِلْقة كما كان اسماً لجمع حَلْقةٍ، وأَما حِلاقٌ فنادر
لأَن فِعالاً ليس مما يغلب على جمع فِعْلة. الأَزهري: قال الليث
الحَلْقةُ، بالتخفِيف، من القوم، ومنهم من يقول حَلَقة، وقال الأَصمعي: حَلْقة
من الناس ومن حديد، والجمع حِلَقٌ مثل بَدْرةٍ وبِدَر وقَصْعة وقِصَعٍ؛
وقال أَبو عبيد: أَختار في حلَقة الحديد فتح اللام ويجوز الجزم، وأَختار
في حلْقة القوم الجزم ويجوز التثقيل؛ وقال أَبو العباس: أَختار في حلَقة
الحديد وحلَقة الناس التخفيف، ويجوز فيهما التثقيل، والجمع عنده حَلَقٌ؛
وقال ابن السكيت: هي حلْقة الباب وحلَقة القوم، والجمع حِلَق وحِلاق.
وحكى يونس عن أَبي عمرو بن العلاء حلَقة في الواحد، بالتحريك، والجمع حَلَقٌ
وحَلَقات؛ وقال ثعلب: كلهم يجيزه على ضعفه وأَنشد:
مَهْلاً بَني رُومانَ، بعضَ وَعيدكم
وإِيّاكمُ والهُلْبَ منِّي عَضارِطا
أَرِطُّوا، فقد أَقْلَقْتُمُ حَلَقاتِكمْ،
عسَى أَن تَفُوزوا أَن تكونوا رَطائطا
قال ابن بري: يقول قد اضطرب أَمرُكم من باب الجِدِّ والعقل فتَحامَقُوا
عسى أَن تفُوزوا؛ والهُلْبُ: جمع أَهْلَبَ، وهو الكثير شعر الأُنثيين،
والعِضْرِطُ: العِجانُ، ويقال: إِن الأَهلَبَ
العِضرِطِ لا يُطاق؛ وقد استعمل الفرزدق حَلَقة في حلْقةِ القوم قال:
يا أَيُّها الجالِسُ، وسْطَ الحَلَقهْ،
أَفي زِناً قُطِعْتَ أَمْ في سَرِقَهْ؟
وقال الراجز:
أُقْسِمُ بالله نُسْلِمُ الحَلَقهْ
ولا حُرَيْقاً، وأُخْتَه الحُرَقهْ
وقال آخر:
حَلَفْتُ بالمِلْحِ والرَّمادِ وبالنـ
ـارِ وبالله نُسْلِمُ الحَلَقهْ
حتى يَظَلَّ الجَوادُ مُنْعَفِراً،
ويَخْضِبَ القَيْلُ عُرْوَةَ الدَّرَقهْ
ابن الأَعرابي: هم كالحَلَقةِ المُفْرَغة لا يُدْرَى أَيُّها طَرَفُها؛
يضرب مثلاً للقوم إِذا كانوا مُجتمعين مؤتَلِفين كلمتهُم وأَيديهم واحدة
لا يَطْمَعُ عَدوُّهم فيهم ولا يَنال منهم. وفي الحديث: أَنه نَهى عن
الحِلَقِ قبل الصَّلاةِ ، وفي رواية: عن التَّحَلُّقِ؛ أَراد قبل صلاة
الجُمعة؛ الحِلَقُ، بكسر الحاء وفتح اللام: جمع الحَلْقة مثل قَصْعة وقِصَعٍ،
وهي الجماعة من الناس مستديرون كحلْقة الباب وغيرها. والتَّحَلُّق،
تفَعُّل منها: وهو أَن يتَعمَّدوا ذلك. وتَحلَّق القومُ: جلسوا حَلْقة حَلْقة.
وفي الحديث: لا تصلوا خَلْف النيِّام ولا المُتَحَلِّقين أَي الجُلوسِ
حِلَقاً حِلَقاً. وفي الحديث: الجالس وسْط الحلَقة ملعون لأَنه إِذا جلس
في وسَطِها استدبر بعضَهم بظهره فيُؤذيهم بذلك فيَسبُّونه ويلْعَنُونه، ؛
ومنه الحديث: لا حِمَى إِلا في ثلاث، وذكر حَلْقة القوم أَي لهم أَن
يَحْمُوها حتى لا يَتَخَطَّاهم أَحَد ولا يَجلس في وسطها. وفي الحديث: نهى
عن حِلَقِ الذهب؛ هي جمع حَلْقةٍ وهي الخاتمُ بلا فَصّ؛ ومنه الحديث: من
أَحَبّ أَن يُحَلِّق جبينه حَلْقة من نار فلْيُحَلِّقْه حَلْقة من ذهب؛
ومنه حديث يأْجُوج ومأْجُوج: فُتِحَ اليومَ من رَدْمِ يأْجوجَ ومأْجوجَ
مِثْلُ
هذه وحَلَّق بإِصْبَعِه الإِبْهام والتي تليها وعقَد عَشْراً أَي جعل
إِصْبَعيْه كالحَلْقة، وعَقْدُ العشرة: من مُواضَعات الحُسّاب، وهو أَن
يجعل رأْس إِصْبَعه السبابة في وسط إِصبعه الإِبهام ويَعْملهما كالحَلْقة.
الجوهري: قال أَبو يوسف سمعت أَبا عمرو الشيباني يقول: ليس في الكلام
حلَقة، بالتحريك، إِلا في قولهم هؤلاء قوم حَلَقةٌ للذين يَحلِقون الشعر، وفي
التهذيب: للذين يحلقونَ المِعْزى، جمع حالِقٍ. وأَما قول العرب:
التَقَتْ حلَقتا البِطان، بغير حذف أَلف حلْقتا لسكونها وسكون اللام، فإِنهم
جمعوا فيها بين ساكنين في الوصل غير مدغم أَحدهما في الآخر، وعلى هذا قراءة
نافع: مَحْيايْ ومَماتي، بسكون ياء مَحيايْ، ولكنها ملفوظ بها ممدودة
وهذا مع كون الأَوّل منهما حرف مدّ؛ وممّا جاء فيه بغير حرف لين، وهو شاذٌّ
لا يقاس عليه، قوله:
رَخِّينَ أَذْيالَ الحِقِيِّ وارْتَعْنْ
مَشْيَ حَمِيّات كأَنْ لم يُفْزَعْنْ،
إِنْ يُمْنَعِ اليومِ نِساء تُمْنَعْنْ
قال الأَخفش: أَخبرني بعض من أَثق به أَنه سمع:
أَنا جَريرٌ كُنْيَتي أَبو عَمْرْ،
أَجُبُناً وغَيْرةً خَلْفَ السِّتْرْ
قال: وسمعت من العرب:
أَنا ابنُ ماوِيّة إِذا جَدَّ النَّقْرْ
قال ابن سيده: قال ابن جني لهذا ضرب من القياس، وذلك أَنّ الساكن
الأَوّل وإن لم يكن مدّاً فإِنه قد ضارَع لسكونه المدّة، كما أَن حرف اللين
إِذا تحرك جرى مَجرى الصحيح، فصحّ في نحو عِوَضٍ وحِولٍ، أَلا تراهما لم
تُقْلب الحركةُ فيهما كما قلبت في ريح ودِيمة لسكونها؟ وكذلك ما أُعِلّ
للكسرة قبله نحو مِيعاد ومِيقات، والضمة قبله نحو مُوسر ومُوقن إِذا تحرك صح
فقالوا مَواعِيدُ ومَواقيتُ ومَياسيرُ
ومَياقِينُ، فكما جرى المدّ مجرى الصحيح بحركته كذلك يجري الحرف الصحيح
مجرى حرف اللين لسكونه، أَوَلا ترى ما يَعرِض للصحيح إِذا سكن من
الإِدغام والقلب نحو من رأَيت ومن لقِيت وعنبر وامرأَة شَنْباء؟ فإِذا تحرك صح
فقالوا الشنَب والعبر وأَنا رأَيت وأَنا لقِيت، فكذلك أَيضاً تجري العين
من ارتعْن، والميم من أَبي عمْرو، والقاف من النقْر لسكونها مجرى حرف المد
فيجوز اجتماعها مع الساكن بعدها. وفي الرحم حَلْقتانِ: إِحداهما التي
على فم الفرْج عند طرَفه، والأُخرى التي تنضمُّ على الماء وتنفتح للحيض،
وقيل: إِنما الأُخرى التي يُبالُ منها. وحَلَّق القمرُ
وتحلَّق: صار حولَه دارةٌ. وضربوا بيوتهم حِلاقاً أَي صفّاً واحداً حتى
كأَنها حَلْقة. وحلَّقَ
الطائرُ إِذا ارتفع في الهواء واسْتدارَ، وهو من ذلك؛ قال النابغة:
إِذا ما التَقَى الجَمْعانِ، حَلَّقَ فوقَهمْ
عَصائبُ طَيْرٍ تَهْتَدِي بِعصائبِ
(* وفي ديوان النابغة: إِذا ما غَزَوا بالجيش، حلَّق فوقهم
وقال غيره:
ولوْلا سُليْمانُ الأَمِيرُ لحَلَّقَتْ
به، مِن عِتاقِ الطيْرِ، عَنْقاءُ مُغْرِب
وإِنما يريد حلَّقت في الهَواء فذهبت به؛ وكذلك قوله أَنشده ثعلب:
فحَيَّتْ فحيَّاها، فهْبَّتْ فحَلَّقَتْ
مع النجْمِ رُؤْيا، في المَنامِ، كذُوبُ
وفي الحديث: نَهَى عن بيع المُحلِّقاتِ
أَي بيعِ الطير في الهواء. وروى أَنس بن مالك قال: كان النبي، صلى الله
عليه وسلم، يصلي العصر والشمسُ بيضاء مُحَلِّقةٌ فأَرجِع إِلى أَهلي
فأَقول صلُّوا؛ قال شمر: مُحلِّقة أَي مرتفعة؛ قال: تحليق الشمس من أَوَّل
النهار ارتفاعها من المَشرِق ومن آخر النهار انْحِدارُها. وقال شمر: لا
أَدري التحليق إِلا الارتفاعَ في الهواء. يقال: حلَّق النجمُ إِذا ارتفع،
وتَحْلِيقُ الطائرِ ارتفاعه في طَيَرانه، ومنه حلّق الطائرُ في كَبِد
السماء إِذا ارتفع واستدار؛ قال ابن الزبير الأَسَدي في النجم:
رُبَّ مَنْهَلٍ طاوٍ ورَدْتُ، وقد خَوَى
نَجْمٌ، وحَلَّقَ في السماء نُجومُ
خَوى: غابَ؛ وقال ذو الرمة في الطائر:
ورَدْتُ احْتِسافاً والثُّرَيَّا كأَنَّها،
على قِمّةِ الرأْسِ، ابنُ ماء مُحَلِّقُ
وفي حديث: فحلَّقَ ببصره إِلى السماء كما يُحلِّقُ
الطائر إِذا ارتفع في الهواء أَي رفَعه؛ ومنه الحالِقُ: الجبل المُنِيفُ
المُشْرِف.
والمُحلَّقُ: موضع حَلْقِ الرأْسِ بِمنًى؛ وأَنشد:
كلاَّ ورَبِّ البيْتِ والمُحلَّقِ
والمُحلِّق، بكسر اللام: اسم رجل من ولد بَكْر بن كِلاب من بني عامر
ممدوح الأَعشى؛ قال ابن سيده: المُحلِّق اسم رجل سمي بذلك لأَن فرسه عضَّته
في وجهه فتركَتْ به أَثراً على شكل الحَلقة؛ وإِياه عنى الأَعشى بقوله:
تُشَبُّ لِمَقْرورَيْنِ يَصْطَلِيانِها،
وباتَ على النارِ النَّدَى والمُحَلِّقُ
وقال أَيضاً:
تَرُوحَ على آلِ المُحَلِّقِ جَفْنةٌ،
كجابِيةِ الشيخِ العِراقِيِّ تَفْهَقُ
وأَما قول النابغة الجَعْدِي:
وذكَرْتَ من لبَنِ المُحَلَّق شَرْبَةً،
والخَيْلُ تَعْدُو بالصَّعِيدِ بَدادِ
فقد زعم بعض أَهل اللغة أَنه عنى ناقةً سمَتُها على شكل الحَلْقة وذكَّر
على إِرادةِ الشخص أَن الضَّرْع؛ هذا قول ابن سيده، وأَورد الجوهري هذا
البيت وقال: قال عَوْقُ بن الخَرِع يخاطب لَقيطَ بن زُرارةَ، وأَيده ابن
بري فقال: قاله يُعيِّره بأَخيه مَعْبَدٍ حيث أَسَرَه بنو عامر في يوم
رَحْرَحان وفرَّ عنه؛ وقبل البيت:
هَلاَّ كَرَرْتَ على ابنِ أُمِّك مَعْبَدٍ،
والعامِرِيُّ يَقُودُه بصِفادِ
(* قوله «هلا كررت إلخ» أورد المؤلف هذا البيت في مادة صفد:
هلا مننت على أخيك معبد * والعامريّ يقوده أصفاد
والصواب ما هنا؛ والصفاد، بالكسر: حبل يوثق به.)
والمُحَلَّقُ
من الإِبل: المَوْسوم بحلْقة في فخذه أَو في أَصل أُذنه، ويقال للإِبل
المُحَلَّقة حلَقٌ؛ قال جَنْدل الطُّهَوي:
قد خَرَّبَ الأَنْضادَ تَنْشادُ الحَلَقْ
من كلَ بالٍ وجْهُه بَلْيَ الخِرَقْ
يقول: خَرَّبوا أَنْضادَ بيوتنا من أَمتعتنا بطلَب الضَّوالِّ. الجوهري:
إِبل مُحلَّقة وسْمُها الحَلَقُ؛ ومنه قول أَبي وجْزة السعدي:
وذُو حَلَقٍ تَقْضِي العَواذِيرُ بينها،
تَرُوحَ بأَخْطارٍ عِظامِ اللَّقائحِ
(* قوله «تقضي» أي تفصل وتميز، وضبطناه في مادة عذر بالبناء للمفعول).
ابن بري: العَواذِيرُ جمع عاذُور وهو وَسْم كالخَطّ، وواحد الأَخْطار
خِطْر وهي الإِبل الكثيرة، وسكِّينٌ حالِقٌ وحاذِقٌ أَي حَدِيد.
والدُّرُوع تسمى حَلْقةً؛ ابن سيده: الحَلْقَةُ اسم لجُملة السِّلاح
والدُّروع وما أَشبهها وإِنما ذلك لمكان الدروع، وغلبَّوا هذا النوع من
السلاح، أَعني الدروع، لشدَّة غَنائه، ويدُلك على أَن المراعاة في هذا إِنما
هي للدُّروع أَن النعمان قد سمَّى دُروعه حَلْقة. وفي صلح خيبر: ولرسول
الله، صلى الله عليه وسلم، الصفْراء والبيْضاء والحلْقةُ؛ الحلْقةُ، بسكون
اللام: السلاحُ عامّاً، وقيل: هي الدروع خاصّة؛ ومنه الحديث: وإِن لنا
أَغْفالَ الأَرض والحَلْقَةَ. ابن سيده: الحِلْق الخاتم من الفضة بغير
فَصّ، والحِلق، بالكسر، خاتم المُلْك. ابن الأَعرابي: أُعْطِيَ فلان
الحِلْقَ أَي خاتمَ المُلك يكون في يده؛ قال:
وأُعْطِيَ مِنّا الحِلْقَ أَبيضُ ماجِدٌ
رَدِيفُ مُلوكٍ، ما تُغبُّ نَوافِلُهْ
وأَنشد الجوهري لجرير:
ففازَ، بِحِلْقِ المُنْذِرِ بنِ مُحَرِّقٍ.
فَتىً منهمُ رَخْوُ النِّجاد كرِيمُ
والحِلْقُ: المال الكثير. يقال: جاء فلان بالحِلْق والإِحْرافِ.
وناقة حالِقٌ: حافِل، والجمع حوَالِقُ
وحُلَّقٌ. والحالِقُ: الضَّرْعُ المُمْتلئ لذلك كأََنَّ اللبَن فيه
إِلى حَلْقه. وقال أَبو عبيد: الحالق الضرع، ولم يُحَلِّه، وعندي أَنه
المُمْتلئ، والجمع كالجمع؛ قال الحطيئة يصف الإِبل بالغَزارة:
وإِن لم يكنْ إِلاَّ الأَمالِيسُ أَصْبَحَتْ
لها حُلَّقٌ ضَرّاتُها، شَكِراتِ
حُلَّقٌ: جمع حالِق، أَبدل ضراتُها من حُلَّق وجعل شكرات خبر أَصبحت،
وشَكِرات: مُمتلِئة من اللبن؛ ورواه غيره:
إِذا لم يكن إِلا الأمالِيسُ رُوِّحَتْ،
مُحَلّقةً، ضَرّاتُها شَكِراتِ
وقال: مُحلّقة حُفَّلاً كثيرة اللبن، وكذلك حُلَّق مُمتلئة. وقال النضر:
الحالق من الإِبل الشديدة الحَفْل العظيمة الضَّرّة، وقد حَلَقَت
تحْلِقُ حَلْقاً. قال الأَزهري: الحالق من نعت الضُّروع جاء بمعنيين
مُتضادَّين، والحالق: المرتفع المنضم إِلى البطن لقلة لبنه؛ ومنه قول
لبيد:حتى إِذا يَبِسَتْ وأَسْحَقَ حالِقٌ،
لم يُبْلِه إِرْضاعُها وفِطامُها
(* في معلقة لبيد: يَئِستَ بدل يبست).
فالحالق هنا: الضَّرْعُ
المرتفع الذي قلَّ لبنه، وإِسْحاقُه دليل على هذا المعنى. والحالق
أَيضاً: الضرع الممتلئ وشاهده ما تقدَّم من بيت الحطيئة لأَن قوله في آخر
البيت شكرات يدل على كثرة اللبن. وقال الأَصمعي: أَصبحت ضرةُ الناقة حالقاً
إِذا قاربت المَلْء ولم تفعل. قال ابن سيده: حلَّق اللبن ذهب، والحالق
التي ذهب لبنها؛ كلاهما عن كراع. وحلَق الضرعُ: ذهب لبنه يَحْلِق حُلوقاً،
فهو حالق، وحُلوقُه ارتفاعه إِلى البطن وانضمامُه، وهو في قول آخر كثرة
لبنه. والحالق: الضامر. والحالقُ السريع الخفيف.
وحَلِقَ قضيب الفرس والحمار يَحْلَق حَلَقاً: احمرَّ وتقشَّر؛ قال أَبو
عبيد: قال ثور النَّمِرِي يكون ذلك من داء ليس له دَواء إِلا أَن يُخْصَى
فربما سلم وربما مات؛ قال:
خَصَيْتُكَ يا ابنَ حَمْزَةَ بالقَوافي،
كما يُخُصَى من الحَلَقِ الحِمارُ
قال الأَصمعي: يكون ذلك من كثرة السِّفاد. وحَلِقَ الفرسُ
والحمار، بالكسر، إِذا سَفَد فأَصابه فَساد في قَضِيبه من تقشُّر أَوِ
احْمرار فيُداوَى بالخِصاء. قال ابن بري: الشعراء يجعلون الهِجاء
والغَلَبة خِصاء كأَنه خرج من الفُحول؛ ومنه قول جرير:
خُصِيَ الفَرَزْدَقُ، والخِصاءُ هَذَلَّةٌ،
يَرْجُو مُخاطَرَةَ القُرومِ البُزَّلِ
قال ابن سيده: الحُلاقُ صفة سوء وهو منه كأَنّ مَتاعَ الإِنسان يَفْصُد
فتعُود حَرارتُه إِلى هنالك. والحُلاقُ في الأَتان: أَن لا تشبَع من
السِّفاد ولا تَعْلَقُ
مع ذلك، وهو منه، قال شمر: يقال أَتانٌ حَلَقِيّةً إِذا تداولَتْها
الحُمْر فأَصابها داء في رحِمها.
وحلَق الشيءَ يَحْلِقُه حَلْقاً: قشَره، وحَلَّقَتْ
عينُ البعير إِذا غارَتْ. وفي الحديث: مَن فَكَّ حَلْقةً فكَّ الله عنه
حَلْقة يوم القيامة؛ حكى ثعلب عن ابن الأَعرابي: أَنه من أَعْتق مملوكاً
كقوله تعالى: فَكّ رَقَبة. والحالِقُ: المَشْؤوم على قومه كأَنه
يَحْلِقهم أَي يَقْشِرُهم. وفي الحديث روي: دَبَّ إِليكم داء الأُمَمِ قبلكم
البَغْضاء، وهي الحالِقةُ أَي التي من شأْنها أَن تَحْلق أَي تُهْلِك
وتَسْتَأْصِل الدِّينَ كما تَسْتأْصِل المُوسَى الشعر. وقال خالد بن جَنْبةَ:
الحالِقةُ قَطِيعة الرَّحمِ والتَّظالُمُ والقولُ السيء. ويقال: وقَعَت
فيهم حالِقةٌ لا تدَعُ شيئاً إِلا أَهْلكَتْه. والحالِقةُ: السنة التي
تَحلِق كلّ شيء. والقوم يَحلِق بعضهم بعضاً إِذا قَتل بعضهم بعضاً.
والحالِقةُ: المَنِيّة، وتسمى حَلاقِ. قال ابن سيده: وحَلاقِ
مثل قَطامِ المنيّةُ، مَعدُولة عن الحالقةِ، لأَنها تَحلِق أَي
تَقْشِرُ؛ قال مُهَلْهل:
ما أُرَجِّي بالعَيْشِ بعدَ نَدامَى،
قد أَراهم سُقُوا بكَأْسِ حَلاقِ
وبنيت على الكسر لأَنه حصل فيها العدل والتأْنيث والصفة الغالبة؛ وأَنشد
الجوهري:
لَحِقَتْ حَلاقِ بهم على أَكْسائهم،
ضَرْبَ الرِّقابِ، ولا يُهِمُّ المَغْنَمُ
قال ابن بري: البيت للأَخْزم بن قاربٍ الطائي، وقيل: هو للمُقْعَد بن
عَمرو؛ وأَكساؤهم: مآخِرُهم، الواحد كسْء وكُسْء، بالضم أَيضاً. وحَلاقِ:
السنةُ المُجْدِبة كأَنها تَقشر النبات، والحالُوق: الموت، لذلك. وفي حديث
عائشة: فبَعَثْتُ إِليهم بقَميص رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
فانْتَحَبَ الناسُ فحلَّق به أَبو بكر إِليّ وقال: تزوَّدِي منه واطْوِيه، أَي
رماه إِليّ.
والحَلْقُ: نَبات لورقه حُموضة يُخلَط بالوَسْمةِ للخِضاب، الواحدة
حَلْقة. والحالقُ
من الكَرْم والشَّرْي ونحوه: ما التَوى منه وتعلَّق بالقُضْبان.
والمَحالِقُ والمَحاليقُ: ما تعلَّق بالقُضْبان. من تعاريش الكرم؛ قال الأَزهري:
كلُّ ذلك مأْخوذ من استدارته كالحَلْقة. والحَلْقُ: شجر ينبت نبات
الكَرْم يَرْتَقي في الشجر وله ورق شبيه بورق العنب حامض يُطبخ به اللحم، وله
عَناقيدُ صغار كعناقيد العنب البّري الذي يخضرّ ثم يَسودُّ فيكون مرّاً،
ويؤخذ ورقه ويطبخ ويجعل ماؤه في العُصْفُر فيكون أَجود له من حبّ
الرمان، واحدته حَلْقة؛ هذه عن أَبي حنيفة.
ويومُ تَحْلاقِ
اللِّمَمِ: يومٌ لتَغْلِب على بكر بن وائل لأَن الحَلْقَ كان شِعارهم
يومئذ.
والحَلائقُ: موضع؛ قال أَبو الزبير التَّغْلَبيّ:
أُحِبُّ تُرابَ الأَرضِ أَن تَنْزِلي به،
وذا عَوْسَجٍ والجِزْعَ جِزْعَ الحَلائقِ
ويقال: قد أَكثرت من الحَوْلقة إِذا أَكثر من قول: لا حولَ
ولا قوّة إِلا بالله؛ قال ابن بري: أَنشد ابن الأَنباري شاهداً عليه:
فِداكَ من الأَقْوامِ كلُّ مُبَخَّلٍ
يُحَوْلِقُ، إِمّا سالَه العُرْفَ سائلُ
وفي الحديث ذكر الحَوْلَقةِ، هي لفظة مبنيّة من لا حول ولا قوة إِلا
بالله، كالبسملة من بسم الله، والحمدَلةِ من الحمد لله؛ قال ابن الأَثير:
هكذا ذكرها الجوهري بتقديم اللام على القاف، وغيره يقول الحوْقلةُ، بتقديم
القاف على اللام، والمراد بهذه الكلمات إِظهار الفقر إِلى الله بطلب
المَعُونة منه على ما يُحاوِلُ من الأُمور وهي حَقِيقة العُبودِيّة؛ وروي عن
ابن مسعود أَنه قال: معناه لا حول عن معصية ا لله إِلا بعصمة الله، ولا
قوّة على طاعة الله إِلا بمعونته.
حزن: الحُزْنُ والحَزَنُ: نقيضُ الفرَح، وهو خلافُ السُّرور. قال
الأَخفش: والمثالان يَعْتَقِبان هذا الضَّرْبَ باطِّرادٍ، والجمعُ أَحْزانٌ، لا
يكسَّر على غير ذلك، وقد حَزِنَ، بالكسر، حَزَناً وتحازَنَ وتحَزَّن.
ورجل حَزْنانٌ ومِحْزانٌ: شديد الحُزْنِ. وحَزَنَه الأَمرُ يَحْزُنُه
حُزْناً وأَحْزَنَه، فهو مَحْزونٌ ومُحْزَنٌ وحَزِينٌ وحَزِنٌ؛ الأَخيرة على
النَّسب، من قوم حِزانٍ وحُزَناءَ. الجوهري: حَزَنَه لغةُ قريش، وأَحْزَنه
لغةُ تميم، وقد قرئ بهما. وفي الحديث: أَنه كان إذا حَزَنه أَمرٌ صلَّى
أَي أوْقَعه في الحُزْن، ويروى بالباء، وقد تقدم في موضعه، واحْتزَنَ
وتحَزَّنَ بمعنى؛ قال العجاج:
بَكَيْتُ والمُحْتَزَن البَكِيُّ،
وإنما يأْتي الصِّبا الصّبِيُّ.
وفلانٌ يقرأُ بالتَّحْزين إذا أَرَقَّ صَوْتَه. وقال سيبويه: أَحْزَنَه
جعله حَزِيناً، وحَزَنَه جعلَ فيه حُزْناً، كأَفْتَنَه جعله فاتِناً،
وفَتَنه جعلَ فيه فِتنَة. وعامُ الحُزْنِ
(* قوله «وعام الحزن» ضبط في الأصل
والقاموس بضم فسكون وصرح بذلك شارح القاموس، وضبط في المحكم بالتحريك).
العامُ الذي ماتت فيه خديجةُ، رضي الله عنها، وأَبو طالب فسمّاه رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، عامَ الحُزْنِ؛ حكى ذلك ثعلب عن ابن الأَعرابي،
قال: وماتا قَبْل الهِجرة بثلاث سنين. الليث: للعرب في الحُزْن لغتانِ،
إذا فَتَحُوا ثَقَّلوا، وإذا ضَمُّوا خَفَّفوا؛ يقال: أَصابَه حَزَنٌ شديد
وحُزْنٌ شديد؛ أَبو عمرو: إذا جاء الحزَن منصوباً فتَحوه، وإذا جاء
مرفوعاً أَو مكسوراً ضموا الحاء كقول الله عز وجل: وابْيَضَّتْ عَيْناهُ من
الحُزْنِ؛ أَي أَنه في موضع خفض، وقال في موضع آخر: تَفِيضُ من الدَّمْعِ
حَزَناً؛ أَي أَنه في موضع نصب. وقال: أَشْكو بَثِّي وحُزْني إلى الله،
ضمُّوا الحاء ههنا؛ قال: وفي استعمال الفعل منه لغتان: تقول حَزَنَني
يَحْزُنُني حُزْناً فأَنا مَحْزونٌ، ويقولون أَحْزَنَني فأَنا مُحْزَنٌ وهو
مُحْزِنٌ، ويقولون: صوْتٌ مَحْزِنٌ وأَمرٌ مُحْزِن، ولا يقولون صوت حازنٌ.
وقال غيره: اللغة العالية حَزَنه يَحْزُنه، وأَكثر القرَّاء قرؤوا: ولا
يَحْزُنْك قَوْلُهم، وكذلك قوله: قَدْ نَعْلم إِنَّه لَيَحْزُنُك الذي
يقولون؛ وأَما الفعل اللازم فإِنه يقال فيه حَزِنَ يَحْزَنُ حَزَناً لا غير.
أَبو زيد: لا يقولون قد حَزَنَه الأَمْرُ، ويقولون يَحْزُنُه، فإذا
قالوا أَفْعَلَه الله فهو بالأَلف. وفي حديث ابن عمر حين ذَكَر الغَزْوَ
وذَكَر مَنْ يَغْزو ولا نِيَّةَ له فقال: إن الشيطانَ يُحَزِّنُه أَي
يُوَسْوِس إليه ويُندِّمُه ويقول له لِمَ تَرَكْتَ أَهْلَكَ ومالَكَ؟ فيقع في
الحُزْنِ ويبْطلُ أَجْرُه. وقوله تعالى: وقالوا الحمدُ لله الذي أَذْهَبَ
عَنَّا الحَزَن؛ قالوا فيه: الحَزَنُ هَمُّ الغَداءِ والعَشاءِ، وقيل: هو
كُلُّ ما يَحْزُن مِنْ حَزَنِ معاشٍ أَو حَزَنِ عذابٍ أَو حَزَنِ موتٍ،
فقد أَذهبَ اللهُ عن أَهل الجنَّة كلُّ الأَحْزانِ. والحُزَانةُ، بالضم
والتخفيف: عيال الرجل الذين يَتَجَزَّنُ بأَمْرهم ولهم. الليث: يقول الرجلُ
لصاحبه كيف حَشَمُك وحُزانَتُك أَي كيف مَنْ تَتَحَزَّن بأَمْرِهم. وفي
قلبه عليك حُزانةٌ أَي فِتْنةٌ
(* قوله «حزانة أي فتنة» ضبط في الأصل بضم
الحاء وفي المحكم بفتحها). قال: وتسمى سَفَنْجقانِيَّةُ العرب على العجم
في أَول قُدومهم الذي اسْتَحَقُّوا به من الدُّورِ والضياع ما
اسْتَحَقوا حُزانةً. قال ابن سيده: والحُزانةُ قَدْمةُ العربِ على العجم في أَوّل
قدومهم الذي اسْتَحَقُّوا به ما اسْتَحقُّوا من الدُّورِ والضِّياع؛ قال
الأَزهري: وهذا كله بتخفيف الزاي على فُعَالة. والسَّفَنْجَقانيَّة:
شَرْطٌ كان للعرب على العجم بِخُراسان إذا أَخذوا بلداً صُلْحاً أَن يكونوا
إذا مرَّ بهم الجيوش أَفذاذاً أَو جماعاتٍ أَن يُنْزلوهم ويَقْرُوهم، ثم
يُزَوِّدوهم إلى ناحيةٍ أُخرى. والحَزْنُ: بلادٌ للعَربِ. قال ابن سيده:
والحَزْنُ ما غلُظَ من الأَرض، والجمع حُزُونٌ وفيها حُزُونةٌ؛ وقوله:
الحَزْنُ باباً والعَقورُ كَلْباً.
أَجرى فيه الاسم مُجْرى الصفة، لأَن قوله الحَزْنُ باباً بمنزلة قوله
الوَعْر باباً والمُمْتَنِع باباً. وقد حَزُنَ المكانُ حُزونةً، جاؤوا به
على بناء ضِدِّه وهو قولهم: مكانٌ سَهْلٌ وقد سَهُل سُهولة. وفي حديث ابن
المُسَيَّب: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَراد أَن يُغَيِّرَ اسمَ
جدِّه حَزْنٍ ويُسَمِّيَه سَهْلاً فأَبى، وقال: لا أُغيِّر اسماً سَمَّاني
به أَبي، قال: فما زالت فينا تلك الحُزونةُ بَعْدُ. والحَزْنُ: المكانُ
الغليظ، وهو الخَشِنُ. والحُزونةُ: الخُشونة؛ ومنه حديث المغيرة: مَحْزون
اللِّهْزِمة أَي خَشِنها أَو أَنَّ لِهْزِمَته تَدَلَّتْ من الكآبة.
ومنه حديث الشعبي: أَحْزَنَ بنا المنزلُ أَي صار ذا حُزونةٍ كأَخْصَبَ
وأَجْدَبَ، ويجوز أَن يكون من قولهم أَحْزَنَ وأَسْهَلَ إذا رَكِبَ الحَزْنَ
والسَّهْلَ، كأَنَّ المنزلَ أَرْكَبَهم الحُزونةَ حيث نَزلوا فيه. قال
أَبو حنيفة: الحَزْنُ حَزْنُ بني يربوعٍ، وهو قُفٌّ غليظ مَسِيرُ ثلاثِ
ليالٍ في مِثْلِها، وهي بعيدةٌ من المياه فليس تَرْعاها الشاءُ ولا الحُمُر،
فليس فيها دِمَنٌ ولا أَرْواث. وبعيرٌ حَزْنِيٌّ: يَرْعَى الحَزْنَ من
الأَرض. والحَزْنةُ: لغة في الحَزْنِ؛ وقولُ أَبي ذؤيب يصف مطراً:
فَحَطَّ، من الحُزَنِ، المُغْفِرا
تِ، والطَّيْرُ تَلْثَقُ حتى تَصِيحا.
قال الأَصمعي: الحُزَنُ الجبال الغلاظُ، الواحدة حُزْنة مثل صُبْرةٍ
وصُبَر، والمُغْفِراتُ: ذواتُ الأَغفار، والغُفْرُ: وَلَدُ الأُرْوية،
والمُغْفِرات مفعولٌ بِحَطَّ، ومن رواه فأَنزلَ من حُزَنِ المُغْفِراتِ حذف
التنوين لالتقاء
الساكنين، وتَلْثَق حتى تصيحا أَي ممَّا بها من الماء؛ ومثله قول
المتنخل الهذلي: وأَكْسُوا الحُلَّة الشَّوْكاءَ خِدْني،
وبَعْضُ الخَيْرِ في حُزَنٍ وِراطٍ
(* قوله «وبعض الخير» أنشده في مادة شوك: وبعض القوم). والحَزْنُ من
الدوابِّ: ما خَشُنَ، صفةٌ، والأُنْثَى حَزْنةٌ؛ والحَزْنُ: قبيلةٌ من
غَسَّانَ وهم الذين ذكرهم الأَخطل في قوله:
تَسْأَلُه الصُّبْرُ مِنْ غَسَّان، إذْ حَضروا،
والحَزْنُ: كَيْفَ قَراكَ الغِلْمةُ الجَشَرُ؟
وأَورده الجوهري: كيف قراه الغلمة الجشر؛ قال ابن بري: الصواب كيف قَراك
كما أَورده غيره أَي الصُّبْرُ تسأَل عُمَيْر بنَ الحُباب، وكان قد
قُتِل، فتقول له بعد موته: كيف قَراكَ الغِلمةُ الجشَر، وإنما قالوا له ذلك
لأَنه كان يقول لهم: إنما أَنتم جَشَرٌ، والجَشَرُ: الذين يَبِيتون مع
إبلهم في موضع رَعْيِها ولا يرجعون إلى بيوتهم. والحَزْنُ: بلادُ بني
يربوعٍ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
وما لِيَ ذَنْبٌ، إنْ جَنُوبٌ تَنَفَّسَتْ
بِنَفْحةِ حَزْنِيٍّ من النَّبْتِ أَخضرا. قال هذا رجل اتُّهم بِسَرَق
بَعِير فقال: ليس هُوَ عندي إنَّما نَزَع إلى الحَزْن الذي هو هذا
البَلَد، يقول: جاءت الجَنُوبُ بريحِ البَقْلِ فنَزَع إليها؛ والحَزْنُ في قول
الأَعشى: ما رَوْضَةٌ، مِنْ رِياضِ الحَزْن، مُعْشِبَةٌ
خَضْراءَ جادَ عليها مُسْبِلٌ هَطِلُ.
موضعٌ معروف كانت تَرْعَى فيه إبِلُ المُلوك، وهو من أَرض بني أَسَدٍ.
قال الأَزهري: في بلاد العَرب حَزْنانِ: أَحدهما حَزْن بني يَرْبوعٍ، وهو
مَرْبَعٌ من مَرابعِ العرَب فيه رياضٌ
وقِيعانٌ، وكانت العرب تقول مَنْ تَرَبَّعَ الحَزْنَ وتَشَتَّى
الصَّمَّانَ وتَقَيَّظَ الشَّرَفَ فقد أَخْصَبَ، والحَزْنُ الآخرُ ما بين زُبالة
فما فوق ذلك مُصْعِداً في بلاد نَجْد، وفيه غِلَظٌ وارتفاعٌ، وكان أَبو
عمرو يقول: الحَزْنُ والحَزْمُ الغلَيظُ من الأَرض، وقال غيره: الحَزْمُ
من الأَرض ما احْتَزم من السَّيْل من نَجَوات المُتُون والظُّهور، والجمع
الحُزُوم. والحَزْنُ: ما غَلُظ من الأَرض في ارْتفاعٍ، وقد ذُكِرَ
الحَزْم في مكانه. قال ابن شميل: أَوَّلُ حُزُونِ الأَرض قِفافُها وجِبالُها
وقَواقِيها وخَشِنُها ورَضْمُها، ولا تُعَدُّ أَرضٌ طَيِّبَةٌ، وإن
جَلُدَتْ، حَزْناً، وجمعُها حُزُون، قال: ويقال حَزْنَةٌ وحَزْن. وأَحْزَن
الرجلُ إذا صار في الحَزْن. قال: ويقال للحَزْن حُزُن لُغَتان؛ وأَنشد قول
ابنِ مُقْبل:
مَرَابِعُهُ الحُمْرُ مِنْ صَاحَةٍ،
ومُصْطَافُهُ في الوُعُولِ الحُزُنْ.
الحُزُن: جمع حَزْن. وحُزَن: جبل؛ وروي بيت أَبي ذؤيب المتقدّم:
فأَنْزَلَ من حُزَن المُغْفِرات.
ورواه بعضهم من حُزُن، بضم الحاء والزاي. والحَزُون: الشاة السيِّئة
الخُلق. والحَزينُ: اسم شاعر، وهو الحزين الكِنانيُّ، واسمه عمرو بن عبد
وُهَيب، وهو القائل في عبد الله بن عبد الملك ووفَد إليه إلى مصر وهو واليها
يمدحُه في أَبيات من جملتها:
لمَّا وقَفْت عليهم في الجُموع ضُحىً،
وقد تَعَرَّضَتِ الحُجَّابُ والخَدَمُ،
حَيَّيْتُه بسَلامٍ وهو مُرْتَفِقٌ،
وضَجَّةُ القَوْمِ عند الباب تَزْدَحِمُ
في كَفِّه خَيزُرانٌ رِيحُه عَبِق،
في كَفِّ أَرْوَعَ في عِرْنِينِه شَمَمُ
يُغْضِي حَياءً ويُغْضَى من مَهابَتِهِ،
فما يُكَلِّمُ إلاَّ حين يَبْتَسِمُ
(* روي البيتان الأخيران للفرزدق من قصيدته في مدح زين العابدين:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته.)
وهو القائل أَيضاً يهجو إنساناً بالبُخل:
كأَنَّما خُلِقَتْ كَفَّاه منْ حَجَرٍ،
فليس بين يديه والنَّدَى عَمَلُ،
يَرَى التَّيَمُّمَ في بَرٍّ وفي بَحَرٍ،
مخافةً أَنْ يُرى كَفِّه بَلَلُ.
قود: القَوْدُ: نقيض السَّوْق، يَقُودُ الدابَّة من أَمامِها ويَسُوقُها
من خَلْفِها، فالقَوْدُ من أَمام والسَّوْقُ من خَلْف. قُدْتُ الفرس
وغيره أَقُودهُ قَوْداً ومَقادَة وقَيْدُودة، وقاد البعيرَ واقْتادَه: معناه
جَرَّه خلفه. وفي حديث الصلاة: اقْتادوا رَواحِلَهم؛ قاد الدابةَ
قَوْداً، فهي مَقُودة ومَقْوُودَة؛ الأَخيرة نادرة وهي تميمية، واقْتادَها
والاقْتِيادُ والقَوْدُ واحد، واقْتادَهُ وقادَهُ بمعنى. وقَوَّدَهُ: شدِّدَ
للكثرة.
والقَوْدُ: الخيل، يقال: مَرَّ بنا قَوْد. الكسائي: فرس قَوُودٌ، بلا
همز، الذي ينقاد، والبعير مثله، والقَوْد من الخيل التي تُقادُ
بِمَقاوِدِها ولا تركب، وتكون مُودَعَة مُعَدّة لوقت الحاجة إِليها. يقال: هذه
الخيلُ قَوْدُ فلان القائِد، وجمع قائد الخيل قادَة وقُوَّاد، وهو قائد بَيِّن
القِيادة، والقائِدُ واحد القُوَّاد والقادةِ؛ ورجل قائد من قوم قُوَّد
وقُوَّاد وقادة.
وأَقاده خيلاً: أَعطاه إِياها يَقُودها، وأَقَدْتُك خيلاً تَقُودُها.
والمِقْوَدُ والقِيادُ: الحبل الذي تقود به. الجوهري: المقود الحبل يشدّ
في الزِّمام أَو اللِّجامِ تُقاد به الدابَّة. والمِقْوَدُ: خَيْط أَو
سير يجعل في عنق الكلب أَو الدابة يقاد به. وفلان سَلِسُ القِياد
وصَعْبُه، وهو على المثل. وفي حديث علي، رضوان الله عليه: فمن اللَّهِج باللذةِ
السَّلِس القِيادِ للشَّهْوَةِ، واستعمل أَبو حنيفة القِيادَ في اليعاسِيب
فقال في صِفاتها: وهي مُلوك النحل وقادَتُها.
وفي حديث السَّقِيفَةِ: فانطلق أَبو بكر وعمر يَتَقاودان حتى أَتَوْهُم
أَي يَذْهبان مُسْرِعَين كأَن كل واحد منهما يَقُودُ الآخرَ لسُرْعَتِه.
وأَعطاه مَقادَتَه: انقادَ له. والانقيادُ: الخُضوعُ. تقول: قُدْتُهُ
فانقادَ واستقادَ لي إِذا أَعطاك مَقادتَه، وفي حديث عليّ: قُرَيْشٌ قادَة
ذادَة أَي يَقُودونَ الجُيُوشَ، وهو جمع قائِدٍ. وروي أَنَّ قُصَيّاً
قَسَمَ مَكارِمَه فأَعْطى قَوْدَ الجُيُوشِ عبدَ منافٍ، ثم وَلِيَها عبدُ
شَمْسٍ، ثم أُمية بن حرب، ثم أَبو سفيان.
وفرس قَؤُود: سَلِسٌ مُنْقادٌ. وبعير قَؤُود وقيِّدٌ وقَيْدٌ، مثل
مَيْت، وأَقْوَدُ: ذليل مُنْقاد، والاسم من ذلك كله القِيادةُ.
وجعلته مَقادَ المُهْرِ أَي على اليمين لأَن المهر أَكثر ما يُقادُ على
اليمين؛ قال ذو الرمة:
وقد جَعَلُوا السَّبِيَّةَ عن يمينٍ
مَقادَ المُهْرِ، واعْتَسَفُوا الرِّمالا
وقادت الريحُ السحابَ على المَثَل؛ قالت أُم خالد الخثعمية:
لَيْتَ سِماكِيّاً يَحارُ رَبابُه،
يُقادُ إِلى أَهلِ الغَضا بِزِمامِ
وأَقادَ الغَيثُ؛ فهو مُقِيدٌ إِذا اتسع؛ وقول تميم بن مقبل يصف الغيث:
سَقاها، وإِن كانتْ عَلَيْنا بَخِيلَةً،
أَغَرُّ سِماكِيٌّ أَقادَ وأَمْطَرَا
قيل في تفسيره: أَقاد اتَّسَع، وقيل: أَقاد أَي صار له قائد من السحاب
بين يديه؛ كما قال ابن مقبل أَيضاً:
له قائدٌ دُهْمُ الرَّبابِ، وخَلْفَه
رَوايا يُبَجِّسْنَ الغَمَامَ الكَنَهْوَرا
أَراد: له قائدٌ دُهْمٌ رَبابُه فلذلك جَمَع. وأَقادَ: تقدَّم وهو مما
ذكر كأَنه أَعطَى مَقادَتَه الأَرضَ فأَخَذَتْ منها حاجتها؛ وقول رؤبة:
أَتْلَع يَسْمُو بِتَلِيلٍ قَوَّاد
قيل في تفسيره: مُتَقَدّم. ويقال: انقادَ لي الطريق إِلى موضع كذا
انقِياداً إِذا وَضَح صَوْبُه؛ قال ذو الرمة في ماءٍ وَرَدَه:
تَنَزَّلَ عن زَيْزَاءَةِ القُفِّ، وارْتَقَى
عن الرَّمْلِ، فانقادَتْ إِليه الموارِدُ
قال أَبو منصور: سأَلتُ الأَصمعي عن معنى وانقادتْ إِليه المَواردُ،
قال: تتابَعَتْ إِليه الطُّرُقُ.
والقائدةُ من الإِبلِ: التي تَقَدَّمُ الإِبِلَ وتَأْلَفُها الأُفْتاءُ.
والقَيِّدَةُ من الإِبل: التي تُقادُ للصَّيْدِ يُخْتَلُ بها، وهي
الدَّرِيئة. والقائدُ من الجَبَل: أَنْفُه. وقائد الجبل: أَنْفُه. وكلُّ
مستطيلٍ من الأَرضِ: قائدٌ. التهذيب: والقِيادَةُ مصدر القائدِ. وكلُّ شيءٍ من
جَبَلٍ أَو مُسَنَّاةٍ كان مستطيلاً على وجه الأَرض، فهو قائدٌ وظهر من
الأَرض يَقُودُ ويَنْقادُ ويَتَقاوَدُ كذا وكذا ميلاً. والقائدَةُ:
الأَكمَةُ تمتدُّ على وجه الأَرض.
والقَوْداءُ: الثَّنِيَّةُ الطويلةُ في السماءِ؛ والجبل أَقْوَدُ. وهذا
مكان يَقُودُ من الأَرض كذا وكذا ويقتادُه أَي يُحاذِيه. والقائدُ: أَعظم
فُلْجانِ الحَرْثِ؛ قال ابن سيده: وإِنما حملناه على الواو لأَنها أَكثر
من الياء فيه. والأَقْوَدُ: الطويلُ العُنُق والظهر من الإِبلِ والناس
والدوابِّ. وفرس أَقْوَدُ: بَيِّن القَوَد؛ وناقة قَوْداءُ؛ وفي قصيد
كعب:وعَمُّها خالُها قَوْداءُ شِمْلِيلُ
القَوْداءُ: الطويلة؛ ومنه رمل مُنْقادٌ أَي مُسْتطِيلٌ؛ وخيل قُبٌّ
قُودٌ، وقد قَوِد قَوَداً. والأَقْوَدُ: الجبَلُ الطويل.
والقَيْدُود: الطويل، والأُنثى قَيْدُودة. وفرس قَيْدُودٌ: طويلة
العُنُق في انحناء؛ قال ابن سيده: ولا يوصَفُ به المذكر. والقَيادِيدُ:
الطِّوالُ من الأُتُن، الواحد قَيْدُود؛ وأَنشد لذي الرمة:
راحَتْ يُقَحِّمُها ذُو أَزْمَلٍ وُسِقَتْ
له الفَرائِشُ، والقُبُّ القَيادِيدُ
والأَقْوَدُ من الرجال: الشديدُ العنُق، سمي بذلك لقلة التفاته؛ ومنه
قيل للبخيل على الزاد: أَقود لأَنه لا يتَلَفَّتُ عند الأَكل لئلا يرى
إِنساناً فيحتاج أَن يَدْعُوَه. ورجل أَقْوَدُ: لا يتلفت؛ التهذيب: والأَقود
من الناس الذي إِذا أَقبَل على الشيء بوجهه لم يَكَدْ يصرف وجهه عنه؛
وأَنشد:
إِنَّ الكَريمَ مَنْ تَلَفَّتَ حَوْلَه،
وإِنَّ اللئِيمَ دَائِمُ الطَّرْفِ أَقْوَدُ بن شميل: الأَقْوَدُ من
الخيل الطويلُ العُنُق العظيمُه.
والقَوَدُ: قَتْلُ النفْسِ بالنفسِ، شاذٌّ كالحَوَكَة والخَوَنَة؛ وقد
استَقَدْتُه فأَقادني. الجوهري: القَوَدُ القِصاصُ. وأَقَدْتُ القاتِلَ
بالقتيل أَي قَتَلْتُه به. يقال: أَقاده السلطان من أَخيه. واستقدت الحاكم
أَي سأَلته أَن يُقِيدَ القاتلَ بالقتيل. وفي الحديث: من قَتَلَ عَمْداً،
فهو قَوَدٌ؛ القَوَدُ: القِصاصُ وقَتْلُ القاتِلِ بدل القتيل؛ وقد
أَقَدْتُه به أُقِيدُه إِقادة. الليث: القَوَدُ قتْلُ القاتِلِ بالقتيل، تقول:
أَقَدْتُه، وإِذا أَتى إِنسانٌ إِلى آخر أَمْراً فانتَقَم منه بِمثْلِها
قيل: استقادَها منه؛ الأَحمر: فإِن قتله السلطانُ بِقَود قيل: أَقاد
السلطانُ فلاناً وأَقَصَّه. ابن بُزُرج: تُقَيِّدُ أَرضٌ حَمِيضَة، سمِّيت
تُقَيِّد لأَنها تُقَيِّدُ ما كان بها من الإِبل تَرْتعِيها لكثرة
حَمْضِها وخُلَّتِها.
عضض: العَضُّ: الشدُّ بالأَسنان على الشيء، وكذلك عَضّ الحيَّة، ولا
يقال للعَقْرَب لأَن لَدْغَها إِنما هو بِزُباناها وشَوْلَتِها، وقد
عَضِضْتُه أَعَضُّه وعَضِضْتُ عليه عَضّاً وعِضاضاً وعَضِيضاً وعَضَّضْتُه،
تميمة ولم يسمع لها بآتٍ على لغتهم، والأَمر منه عَضَّ واعْضَضْ. وفي حديث
العِرْباض: وعَضُّوا عليها بالنواجِذِ؛ هذا مثل في شدّة الاستماك بأَمر
الدين لأَن العَضَّ بالنواجذ عَضٌّ بجميع الفم والأَسنان، وهي أَواخِرُ
الأَسنان، وقيل: هي التي بعد الأَنياب. وحكى الجوهري عن ابن السكيت: عضضت
باللقمة فأَنا أَعَضُّ، وقال أََبو عبيدة: عَضَضْتُ، بالفتح، لغة في
الرِّبابِ. قال ابن بري: هذا تصحيف على ابن السكيت، والذي ذكره ابن السكيت في
كتاب الإِصلاح: غَصِصْتُ باللقمة فأَنا أَغَصُّ بها غَصَصاً. قال أَبو
عبيدة: وغَصَصْتُ لغة في الرِّبابِ، بالصاد المهملة لا بالضاد المعجمة.
ويقال: عَضَّه وعَضَّ به وعَضَّ عليه وهما يَتعاضّانِ إِذا عَضَّ كل واحد
منهما صاحبه، وكذلك المُعاضَّةُ والعِضاضُ. وأَعْضَضْتُه سيفي: ضربته به.
وما لنا في هذا الأَمر مَعَضٌّ أَي مُسْتَمْسَكٌ. والعَضُّ باللسان: أَنْ
يَتَناوَلَه بما لا ينبغي، والفعلُ كالفعلِ، وكذلك المصدر.
ودابةٌ ذاتُ عَضِيضٍ وعِضاضٍ، قال سيبويه: العِضاضُ اسم كالسِّبابِ ليس
على فَعَلَه فَعْلاً. وفرَسٌ عَضُوضٌ أَي يَعَضُّ، وكلب عَضوض وناقة
عَضوض، بغير هاء. ويقال: بَرِئْتُ إِليك من العِضاضِ والعَضِيضِ إِذا باع
دابَّة وبَرِئَ إِلى مشتريها من عَضِّها الناسَ، والعُيُوبُ تجيءُ على
فِعال، بكسر الفاء.
وأَعْضَضْتُه الشيءَ فَعَضَّه، وفي الحديث: من تَعَزَّى بِعَزاءِ
الجاهلية فأَعِضُّوه بِهَنِ أَبيه ولا تَكْنُوا أَي قُولوا له: اعْضَضْ بأَيْرِ
أَبيك ولا تكنوا عن الأَير بالهن تنكيلاً وتأْديباً لمن دعَا دَعْوى
الجاهلية؛ ومنه الحديث أَيضاً: من اتَّصَلَ فأَعِضُّوه أَي من انتسَب
نِسْبَةَ الجاهلية وقال يا لفلان. وفي حديث أُبَيّ: أَنه أَعَضَّ إِنساناً
اتّصَل. وقال أَبو جهل لعتبة يوم بدر: واللّه لو غَيْرُك يقول هذا
لأَعْضَضْتُه؛ وقال الأَعْشى:
عَضَّ بما أَبْقَى المَواسِي له
من أُمِّه، في الزَّمَنِ الغابِرِ
وما ذاقَ عَضاضاً أَي ما يُعَضُّ عليه. ويقال: ما عندنا أَكالٌ ولا
عَضاضٌ؛ وقال:
كأَنَّ تَحْتي بازِياً رَكَّاضا
أَخْدَرَ خَمْساً، لم يَذُقْ عَضاضا
أَخْدَرَ: أَقامَ خَمْساً في خِدْره، يريد أَن هذا البازي أَقام في
وَكْره خمس ليال مع أَيامهن لم يذق طعاماً ثم خرج بعد ذلك يطلب الصيد وهو
قَرِمٌ إِلى اللحم شديد الطيران، فشبه ناقته به. وقال ابن بزرج: ما أَتانا
من عَضاضٍ وعَضُوضٍ ومَعْضُوضٍ أَي ما أَتانا شيءٌ نَعَضُّه. قال: وإِذا
كان القوم لا بنين لهم فلا عليهم أَن يَرَوْا عَضاضاً. وعَضَّ الرجلُ
بصاحِبه يَعَضُّه عَضّاً: لَزِمَه ولَزِقَ به. وفي حديث يعلى: يَنْطَلِقُ
أَحدكم إِلى أَخيه فَيَعَضُّه كَعَضِيضِ الفَحْلِ؛ أَصل العَضِيضِ اللزوم،
وقال ابن الأَثير في النهاية: المراد به ههنا العَضُّ نفسه لأَنه بعضه له
يلزمه. وعَضَّ الثِّقافُ بأَنابِيبِ الرُّمْحِ عَضّاً وعَضَّ عليها:
لَزِمَها، وهو مَثَلٌ بما تقدَّمَ لأَن حقيقة هذا الباب اللزوم واللزوق.
وأَعَضَّ الرُّمْحَ الثِّقافَ: أَلزمه إِيّاه. وأَعَضَّ الحَجَّامُ
المِحْجَمةَ قفاه: أَلزمها إِيّاه؛ عن اللحياني. وفلان عِضُّ فلان وعَضِيضُه أَي
قِرْنُه. ورجل عِضٌّ: مُصْلِحٌ لِمَعِيشته وماله ولازم له حَسَنُ القِيامِ
عليه. وعَضِضْتُ بمالي عُضُوضاً وعَضاضةً: لَزِمْتُه. ويقال: إِنه
لَعِضُّ مال، وفلان عِضُّ سفَر قويٌّ عليه وعِضُّ قتال؛ وأَنشد
الأَصمعي:لم نُبْقِ من بَغْيِ الأَعادي عِضّا
والعَضُوضُ: من أَسماء الدَّواهي. وفي التهذيب: العَضْعَضُ العِضُّ
الشديد، ومنهم من قَيَّدَهُ من الرجال. والضَّعْضَعُ: الضعيفُ. والعِضُّ:
الداهِيةُ. وقد عَضِضْتَ يا رجل أَي صِرْتَ عِضّاً؛ قال القطامي:
أَحادِيثُ مِن أَنباءِ عادٍ وجُرْهُمٍ
يُثَوِّرُها العِضّانِ: زَيْدٌ ودَغْفَلُ
يريد بالعِضِّينِ زيد بن الكَيِّسِ النُّمَيْري، ودَغْفَلاً النسَّابةَ،
وكانا عالمي العرب بأَنسابها وأَيامها وحِكَمِها؛ قال ابن بري: وشاهد
العِضِّ أَيضاً قول نجاد الخيبري:
فَجَّعَهُمْ، باللَّبَنِ العَكَرْكَرِ،
عِضٌّ لَئِيمُ المُنْتَمَى والعُنْصُرِ
والعِضُّ أَيضاً: السَّيءُ الخُلُق؛ قال:
ولم أَكُ عِضّاً في النَّدامى مُلَوَّما
والجمع أَعضاضٌ. والعِضُّ، بكسر العين: العِضاهُ. وأَعَضَّتِ الأَرضُ،
وأَرضٌ مُعِضَّة: كثيرة العِضاهِ. وقومٌ مُعِضُّونَ: تَرْعَى إِبلهم
العِضَّ.
والعُضُّ، بضم العين: النوى المَرْضُوخُ والكُسْبُ تُعْلَفُه الإِبل وهو
عَلَف أَهل الأَمصار؛ قال الأَعشى:
من سَراة الهِجانِ صَلَّبَها العُـ
ـض، ورَعْيُ الحِمَى، وطولُ الحِيالِ
العُضُّ: عَلَفُ أَهل الأَمصار مثل القَتِّ والنوى. وقال أََبو حنيفة:
العُضُّ العجينُ الذي تعلفه الإِبل، وهو أَيضاً الشجر الغليظ الذي يبقى في
الأَرض. قال: والعَضاضُ كالعُضِّ، والعَضاضُ أَيضاً ما غَلُظَ من النبت
وعَسا. وأَغَضَّ القومُ: أَكَلَتْ إِبلهم العُضَّ أَو العَضاضَ؛ وأَنشد:
أَقولُ، وأَهْلي مُؤْرِكُونَ وأَهْلُها
مُعِضُّونَ: إِن سارَتْ فكيفَ أَسيرُ؟
وقال مرة في تفسير هذا البيت عند ذكر بعض أَوصاف العِضاه: إِبل
مُعِضَّةٌ تَرْعَى العِضاهَ، فجعلها إِذ كان من الشجر لا من العُشْبِ بمنزلة
المعلوفة في أَهلها النَّوَى وشبهه، وذلك أَن العُضَّ هو علَف الرِّيفِ من
النوى والقَتِّ وما أَشبه ذلك، ولا يجوز أَن يقال من العِضاه مُعِضٌّ إِلا
على هذا التأْويل. والمُعِضُّ: الذي تأْكل إِبله العُضَّ. والمُؤْرِكُ:
الذي تأْكل إِبله الأَراكَ والحَمْضَ، والأَراكُ من الحَمْضِ. قال ابن
سيده: قال المتعقب غَلِطَ أَبو حنيفة في الذي قاله وأَساءَ تخريج وجه كلام
الشاعر لأَنه قال: إِذا رعى القوم العِضاه قيل القوم مُعِضُّونَ، فما
لذكره العُضّ، وهو علف الأَمصار، مع قول الرجل العِضاه:
وأَين سُهَيْلٌ من الفَرْقَدِ
وقوله: لا يجوز أَن يقال من العِضاه مُعِضٌّ إِلا على هذا التأْويل، شرط
غير مقبول منه لأَنَّ ثَمَّ شيئاً غَيَّره عليه قبل، ونحن نذكره إِن شاء
اللّه تعالى. وفي الصحاح: بعير عُضاضِيٌّ أَي سمين منسوب إِلى أَكل
العُضِّ؛ قال ابن بري: وقد أَنكر عليُّ بنُ حمزة أَن يكون العُضُّ النوى لقول
امرئ القيس:
تَقْدُمُه نَهْدَةٌ سَبُوحٌ،
صَلَّبَها العُضُّ والحِيالُ
قال أَبو زيد في أَول كتاب الكلإِ والشجر: العضاه اسم يقع على شجر من
شجر الشوك له أََسماء مختلفة يجمعها العضاه، واحدتها عِضاهةٌ، وإِنما
العِضاه الخالص منه ما عظم واشتد شوكه، وما صغر من شجر الشوك فإِنه يقال له
العِضُّ والشِّرْسُ، وإِذا اجتمَعَت جموع ذلك فما له شوك من صغاره عِضٌّ
وشِرْسٌ، ولا يُدْعَيانِ عِضاهاً، فمن العِضاه السَّمُرُ والعُرْفُطُ
والسَّيالُ والقَرَظُ والقَتادُ الأَعظم والكَنَهْبَلُ والعَوْسَجُ والسِّدْرُ
والغافُ والغَرَبُ، فهذه عِضاهٌ أَجمع ومن عِضاهِ القِياسِ، وليس
بالعضاه الخالص الشَّوْحَطُ والنَّبْعُ والشِّرْيانُ والسَّراءُ والنَّشَمُ
والعُجْرُمُ والتَّأْلَبُ والغَرَفُ فهذه تدعى كلُّها عِضاهَ القِياسِ، يعني
القِسيَّ، وليست بالعضاه الخالص ولا بالعِضِّ؛ ومن العِضِّ والشَّرْسِ
القَتادُ الأَصغر، وهي التي ثمرتها نُفّاخةٌ كَنُفّاخةِ العُشَرِ إِذا
حركت انفقأَت، ومنها الشُّبْرُمُ والشِّبْرِقُ والحاجُ واللَّصَفُ
والكَلْبةُ والعِتْرُ والتُّغْرُ فهذه عِضٌّ وليست بعضاه، ومن شجر الشوك الذي ليس
بِعضٍّ ولا عضاه الشُّكاعَى والحُلاوَى والحاذُ والكُبُّ والسُّلَّحُ.
وفي النوادر: هذا بلدُ عِضٍّ وأَعضاضٍ وعَضاضٍ أَي شجر ذي شوك. قال ابن
السكيت في المنطق: بعير عاضٌّ إِذا كان يأْكل العِضَّ وهو في معنى عَضِهٍ،
وعلى هذا التفصيل قول من قال مُعِضُّونَ يكون من العِضِّ الذي هو نفس
العِضاه وتصح روايته.
والعَضُوضُ من الآبارِ: الشاقَّةُ على الساقي في العمل، وقيل: هي
البعِيدةُ القعرِ الضَّيِّقةُ؛ أَنشد:
أَوْرَدَها سَعْدٌ عليَّ مُخْمِسا،
بِئْراً عَضُوضاً وشِناناً يُبَّسا
والعرب تقول: بِئْرٌ عَضُوضٌ وماءٌ عَضُوضٌ إِذا كان بعيدَ القعر يستقى
منه بالسانِيةِ. وقال أَبو عمرو: البئرُ العَضُوضُ هي الكثيرة الماء،
قال: وهي العَضِيضُ. في نوادره: ومِياهُ بني تميم عُضُضٌ، وما كانت البئر
عَضُوضاً ولقد أَعَضَّتْ، وما كانت جُدّاً ولقد أَجَدَّتْ، وما كانت
جَرُوراً ولقد أَجَرَّتْ.
والعُضَّاضُ: ما بين رَوْثةِ الأَنف إِلى أَصله، وفي التهذيب: عِرْنِينُ
الأَنف؛ قال:
لمَّا رأَيْتُ العَبْدَ مُشْرَحِفَّا،
أَعْدَمْتُه عُضَّاضَه والكَفَّا
وقال ابن بري: قال أَبو عُمَر الزاهد العُضاضُ، بالضم، الأَنف؛ وقال ابن
دريد: الغُضاضُ، بالغين المعجمة؛ وقال أَبو عمرو: العُضَّاضُ، بالضم
والتشديد، الأَنف؛ وأَنشد لعياض بن درة:
وأَلْجَمَه فأْسَ الهَوانِ فلاكَه،
فأَعْضَى على عُضّاضِ أَنْفٍ مُصَلَّمِ
قال الفراء: العُضاضِيُّ الرجل الناعم اللَّيِّنُ مأْخوذ من العُضاضِ
وهو ما لانَ من الأَنف.
وزَمَنٌ عَضُوضٌ أَي كَلِبٌ. قال ابن بري: عَضَّه القَتَبُ وعَضَّه
الدهْرُ والحرْبُ، وهي عَضوض، وهو مستعار من عَضِّ الناب؛ قال المخبّل
السعدي:لَعَمْرُ أَبيكَ، لا أَلْقَى ابنَ عَمٍّ،
على الحِدْثانِ، خَيْراً من بَغِيضِ
غَداةَ جَنَى عليّ بَنيَّ حَرْباً،
وكيفَ يَدايَ بالحرْبِ العَضُوضِ؟
وأَنشد ابن بري لعبد اللّه بن الحجاج:
وإِنِّي ذو غِنىً وكَرِيمُ قَوْمٍ،
وفي الأَكْفاءِ ذو وَجْهٍ عَرِيضِ
غَلَبْتُ بني أَبي العاصِي سَماحاً،
وفي الحرْبِ المُنَكَّرَةِ العَضُوضِ
ومُلْكٌ عَضُوضٌ: شديدٌ فيه عَسْفٌ وعَنْفٌ. وفي الحديث: ثم يكون مُلْكٌ
عَضُوضٌ أَي يُصيبُ الرَّعِيَّةَ، فيه عسف وظلم، كأَنهم
(* قوله «كأَنهم
إلخ» كذا بالأصل. وأصل النسخة التي بأيدينا من النهاية ثم أصلحت كأنه
يعضهم عضاً.) يُعَضُّونَ فيه عَضّاً. والعَضُوضُ من أَبْنِيةِ المُبالغَةِ،
وفي رواية: ثم يكون مُلوك عُضُوضٌ، وهو جمع عِضٍّ، بالكسر، وهو
الخَبِيثُ الشَّرِسُ. وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: وسَتَرَوْنَ بعدي
مُلْكاً عَضُوضاً. وقوْسٌ عَضُوضٌ إِذا لَزِقَ وترُها بِكَبدِها. وامرأَة
عَضوض: لا يَنْفُذ فيها الذكَر من ضِيقها.
وفلان يُعَضِّضُ شفتيه أَي يَعَضُّ ويُكْثِرُ ذلك من الغضَب. وفلان
عِضاضُ عَيْشٍ أَي صَبُورٌ على الشدة. وعاضَّ القومُ العَيْشَ منذُ العامِ
فاشتد عِضاضُهم أَي اشتدَّ عَيْشُهم. وغَلَقٌ عِضٌّ: لا يكادُ
يَنْفَتِحُ.والتَّعْضُوضُ: ضرب من التمر شديد الحلاوة، تاؤُه زائدة مفتوحة، واحدته
تَعْضُوضةٌ، وفي التهذيب: تمر أَسود، التاء فيه ليست بأَصلية. وفي
الحديث: أَن وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ قَدِموا على النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم،
فكان فيما أَهْدَوْا له قُرُبٌ من تَعْضُوض؛ وأَنشد الرياشي في صفة نخل:
أَسْوَد كاللَّيْلِ تَدَجَّى أَخْضَرُهْ،
مُخالِط تَعْضُوضه وعُمُرُهْ،
بَرْنِيَّ عَيْدانٍ قَلِيلٍ قِشَرُهْ
العُمُر: نخل السُّكَّر. قال أَبو منصور: وما أَكلت تمراً أَحْمَتَ
حَلاوةً من التَّعْضُوضِ، ومعدنه بهجر وقُراها. وفي الحديث أَيضاً: أَهْدَتْ
لنا نَوْطاً من التعضوض. وقال أَبو حنيفة: التَّعْضُوضةُ تمرة طَحْلاءُ
كبيرة رطْبة صَقِرةٌ لذيذة من جَيِّد التمر وشَهِيِّه. وفي حديث عبد الملك
بن عمير: واللّه لتَعْضُوضٌ كأَنه أَخفاف الرِّباع أَطيب من هذا.
فلل: الفَلُّ: الثَّلْم في السيف، وفي المحكم: الثَّلْم في أَيّ شيء
كان، فَلَّه يفُلُّه فَلاًّ وَفَلَّلَه فتفَلَّل وانفَلَّ وافْتَلَّ؛ قال
بعض الأَغْفال:
لو تنطِح الكُنادِرَ العُضْلاَّ،
فَضَّت شُؤونَ رأْسِه فافْتَلاَّ
وفي حديث أُمّ زَرْع: شَجَّكِ أَو فَلَّكِ أَو جَمَع كُلاًّ لَكِ،
الفلُّ: الكسر والضرب، تقول: إِنها معه بين شجّ رأْس أَو كسر عُضو أَو جمع
بينهما، وقيل: أَرادت بالفَلِّ الخصومة. وسيف فَلِيل مَفْلول وأَفَلُّ أَي
مُنْفَلٌّ؛ قال عنترة:
وسَيْفي كالعَقِيقة، وهو كِمْعي،
سِلاحي، لا أَفَلَّ ولا فُطارا
وفُلولُه: ثُلَمُه، واحدها فَلٌّ، وقد قيل: الفُلول مصدر، والأَول أَصح.
والتَّفْلِيل: تَفَلُّل في حد السكين وفي غُرُوب الأَسْنان وفي السيف؛
وأَنشد:
بهِنَّ فُلُولٌ من قِراع الكَتائبِ
وسيف أَفَلُّ بيِّنُ الفَلَل: ذو فُلول. والفَلُّ، بالفتح: واحد فُلول
السيف وهي كُسور في حدِّه. وفي حديث سيف الزبير: فيه فَلَّة فُلَّها يوم
بدر؛ الفَلَّة الثَّلْمة في السيف، وجمعه فُلول؛ ومنه حديث ابن عوف: ولا
تَفُلُّوا المُدى بالاختلاف بينكم؛ المُدى جمع مُدْية وهي السكين، كنى
بفَلِّها عن النزاع والشقاق. وفي حديث عائشة تصف أَباها، رضي الله عنهما:
ولا فَلُّوا له صَفاةً أَي كَسَروا له حجراً، كنَتْ به عن قوَّته في
الدِّين. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: يَسْتَنزِلّ لُبَّك ويَسْتَفِلّ
غَرْبَك؛ هو يستفعل من الفَلِّ الكسْرِ، والغرب الحدُّ. ونَصِيٌّ مُفَلَّل إِذا
أَصاب الحجارة فكسرته. وتَفَلَّلَتْ مَضاربه أَي تكسرت.
والفَلِيل: ناب البعير المتكسر، وفي الصحاح: إِذا انثلَم.
والفَلُّ: المنهزِمون. وفَلَّ القومَ يفُلُّهم فلاًّ: هزمهم فانفَلُّوا
وتَفَلَّلوا. وهم قوم فَلٌّ: منهزمون، والجمع فُلول وفُلاَّل؛ قال أَبو
الحسن: لا يخلو من أَن يكون اسم جمع أَو مصدراً، فإِن كان اسم جمع فقياس
واحده أَن يكون فالاًّ كشارِب وشَرْب، ويكون فالٌّ فاعلاً بمعنى مفعول
لأَنه هو الذي فُلَّ، ولا يلزم أَن يكون فُلولٌ جمعَ فَلٍّ بل هو جمع فالٍّ،
لأَن جمع اسم الجمع نادِر كجمع الجمع، وأَمَّا فُلاَّل فجمع فالٍّ لا
محالة، لأَن فَعْلاً ليس مما يكسر على فُعَّال وإِن كان مصدراً فهو من باب
نَسْج اليمين أَي أَنه في معنى مفعول؛ قال ابن سيده: هذا تفسير ما أَجمله
أَهل اللغة. والفَلُّ: الجماعة، والجمع كالجمع، وهو الفَلِيل. والفَلُّ:
القوم المنهزمون وأَصله من الكسر، وانْفَلّ سِنُّه؛ وأَنشد:
عُجَيِّز عارِضُها مُنْفَلُّ،
طَعامُها اللُّهْنةُ أَو أَقَلُّ
وثَغْر مُفَلَّل أَي مؤشَّر. والفُلَّى: الكتيبة المُنْهزمة، وكذلك
الفُرَّى، يقال: جاء فَلُّ القوم أَي منهزموهم، يستوي فيه الواحد والجمع؛ قال
ابن بري: ومنه قول الجعدي:
وأَراه لم يُغادِر غير فَل
أَي المَفْلول. ويقال: رجل فَلٌّ وقوم فَلٌّ، وربما قالوا فَلُول
وفِلال. وفَلَلْت الجيش: هزمته، وفَلَّه يفُلُّه، بالضم. يقال: فَلَّه فانفَلَّ
أَي كسره فانكسر. يقال: مَن فَلَّ ذلّ ومن أُمِرَ فَلّ. وفي حديث الحجاج
بن عِلاط: لعلّي أُصِيبُ من فَلِّ محمد وأَصحابه؛ الفَلُّ: القوم
المنهزمون من الفَلِّ الكسر، وهو مصدر سمي به، أَراد لعلّي أَشتري مما أُصيب من
غنائمهم عند الهزيمة. وفي حديث عاتكة: فَلّ من القوم هارب؛ وفي قصيد
كعب:ان يترك القِرْن إِلاَّ وهو مَفْلولُ
أَي مهزوم: والفَلُّ: ما نَدَر من الشيء كسُحالة الذهب وبُرادة الحديد
وشَرَر النار، والجمع كالجمع. وأَرض فَلٌّ وفِلٌّ: جَدْبة، وقيل: هي التي
أَخطأَها المطر أَعواماً، وقيل: هي الأَرض التي لم تمطرَ بين أَرْضَين
ممطورتين؛ أَبو عبيدة: هي الخَطِيطة فأَما الفِلُّ فالتي تمطَر ولا تُنبِت.
قال أَبو حنيفة: أَفَلَّت الأَرض صارت فَلاًّ؛ وأَنشد:
وكم عسَفت من مَنْهَل مُتخاطَإٍ
أَفَلَّ وأَقْوى، فالجِمَام طَوامِي
غيره: الفِلُّ: الأَرض التي لم يصبها مطر. وأَرض فلٌّ: لا شيء بها،
وفَلاةٌ منه، وقيل: الفِلُّ الأَرض القفرة، والجمع كالواحد، وقد تكسَّر على
أَفْلال. وأَفْلَلْنا أَي صرنا في فَلٍّ من الأَرض. وأَفْلَلْنا: وطئنا
أَرضاً فِلاًّ؛ وقال عبد الله بن رواحة يصف العُزَّى وهي شجرة كانت
تُعبد:شَهِدْت، ولم أَكذِب، بأَنَّ محمداً
رسولُ الذي فوق السموات من عَلُ
وأَنَّ التي بالجِزْع من بَطْن نخلةٍ،
ومَنْ دانَها، فِلٌّ من الخير مَعزِلُ
أَي خالٍ من الخير، ويروى: ومن دونها أَي الصَّنَم المنصوب حوْل
العُزَّى؛ وقال آخر يصف إِبلاً:
حَرَّقَها حَمْضُ بلادٍ فِلِّ
وغَتْمُ نَجْم غير مُسْتَقِلِّ،
فما تكادُ نِيبُها تُوَلِّي
الغتْم: شدة الحر الذي يأْخذ بالنفَس. وقال ابن شميل: الفَلالِيُّ
واحدته فِلِّيَّة وهي الأَرض التي لم يصبها مطر عامِها حتى يصيبها المطرُ من
العام المقبل. ويقال: أَرض أَفْلال؛ قال الراجز:
مَرْتُ الصَّحارِي ذُو سُهُوبٍ أَفْلالْ
وقال الفراء: أَفَلَّ الرجلُ صار بأَرض فَلٍّ لم يصبه مطر؛ قال الشاعر:
أَفَلَّ وأَقْوَى، فهو طاوٍ، كأَنما
يُجاوِبُ أَعْلى صَوتِه صوتُ مِعْوَل
وأَفَلَّ الرجل: ذهب ماله، مأْخوذ من الأَرض الفَلِّ.
واسْتَفَلَّ الشيءَ: أَخذ منه أَدنى جزء لعُسْره. والاسْتِفْلال: أَن
يُصيب من الموضع العَسِر شيئاً قليلاً من موضع طلَب حقٍّ أَو صِلَة فلا
يَسْتَفِلّ إِلا شيئاً يسيراً.
والفَلِيلة: الشعر المجتمع. المحكم: الفَلِيلة والفَلِيل الشعر المجتمع،
فإِما أَن يكون من باب سَلَّة وسَلٍّ، وإِما أَن يكون من الجمع الذي لا
يفارق واحده إِلا بالهاء؛ قال الكميت:
ومُطَّرِدِ الدِّماء، وحيث يُلْقى
من الشَّعَر المضَفَّر كالفَلِيل
قال ابن بري: ومنه قول ابن مقبل:
تَحَدَّرَ رَشْحاً لِيتُه وفَلائِلُه
وقال ساعدة بن جؤية:
وغُودِرَ ثاوِياً، وتَأَوَّبَتْه
مُذرَّعةٌ، أُمَيْمُ، لها فَلِيلُ
وفي حديث معاوية: أَنه صَعِد المنبر وفي يده فَلِيلة وطَريدة؛
الفَلِيلة: الكُبَّة من الشعر. والفَلِيل: الليفُ، هذلية.
وفَلَّ عنه عقله يَفِلُّ: ذهب ثم عاد.
والفُلْفُل، بالضم
(* قوله «والفلفل بالضم إلخ» عبارة القاموس: والفلفل
كهدهد وزبرج حب هندي): معروف لا ينبُت بأَرض العرب وقد كثر مجيئه في
كلامهم، وأَصل الكلمة فارسية؛ قال أَبو حنيفة: أَخبرني من رأَى شجرَه فقال:
شجره مثل شجر الرمَّان سواء، وبين الورَقتين منه شِمْراخان مَنْظومان،
والشِّمْراخ في طول الأُصبع وهو أَخضر، فيجتنى ثم يُشَرُّ في الظل فيسودّ
وينكمِش، وله شوك كشوك الرمان، وإِذا كان رطْباً رُبِّب بالماء والملح حتى
يُدْرِك ثم يؤكل كما تؤكل البُقول المُرَبَّبة على الموائد فيكون
هاضُوماً، واحدته فُلْفُلة، وقد فَلْفل الطعام والشراب؛ قال:
(* امرؤ القيس في معلقته).
كأَنَّ مَكاكِيَّ الجِواءِ، غُدَيَّةً،
صُبِحْنَ سُلافاً من رَحيقٍ مُفَلْفَل
ذكَّر على إِرادة الشراب. والمُفَلْفَل: ضرب من الوَشْي عليه كصَعَارِير
الفُلْفُل. وثوب مُفَلْفَل إِذا كانت داراتُ وَشْية تحكي استِدارة
الفُلْفُل وصِغَرَه. وخمرٌ مُفَلْفَل أُلقي فيه الفُلْفُل فهو يَحْذِي
اللسانَ. وشرابٌ مُفَلْفَل أَي يلذَع لذْع الفُلْفُل. وتَفَلْفَل قادِمَتا
الضَّرْع إِذا اسودَّت حَلَمَتاهما؛ قال ابن مقبل:
فمرَّتْ على أَطْراف هِر ، عَشِيَّةً،
لها تَوْأَبانِيَّانِ لم يَتَفَلْفَلا
التَّوْأَبانِيَّان: قادِمَتا الضرع. والفُلْفُل: الخادم الكيِّس. وشعَر
مُفَلْفَل إِذا اشتدَّت جُعودته. المحكم: وتَفَلْفَل شعر الأَسود
اشتدَّت جُعودته، وربما سمي ثمر البَرْوَقِ فُلْفُلاً تشبيهاً بهذا الفُلْفُل
المتقدم؛ قال:
وانْتَفَضَ البَرْوَقُ سُودا فُلْفُلُه
ومن روى قِلْقِله فقد أَخطأَ، لأَن القِلْقِل ثمر شجر من العِضاه، وأَهل
اليمن يسمون ثمر الغافِ فُلْفُلاَ. وأَدِيم مُفَلْفَل: نَهَكه الدِّباغ.
وفي حديث عليّ: قال عَبْد
خَيرٍ إِنه خرج وقت السحَر فأَسرعْت إِليه لأَسأَله عن وقت الوِتر فإِذا
هو يتَفَلْفَل، وفي رواية السُّلمي: خرج علينا عليٌّ وهو يتَفَلْفَل؛
قال ابن الأَثير: قال الخطابي يقال جاء فلان مُتَفَلْفِلاً إِذا جاء
والمِسواك في فِيه يَشُوصُه؛ ويقال: جاءَ فلان يتفلفل إِذا مشى مِشْية
المتبختر، وقيل: هو مُقارَبة الخُطى، وكلا التفسيرين محتمل للروايتين؛ وقال
القتيبي: لا أَعرف يتَفَلْفَل بمعنى يستاك، قال: ولعله يتَتَفَّل لأَن من
استاك تَفَل. وقال النضر: جاء فلان مُتَفَلْفِلاً إِذا جاء يشُوص فاه
بالسِّواك. وفَلْفَل إِذا استاك، وفَلْفَل إِذا تبختر، قال: ومن خفيف هذا الباب
فُلُ في قولهم للرجل يا فُلُ؛ قال الكميت:
وجاءتْ حَوادِث في مِثْلِها
يُقال لمثليَ: وَيْهاً فُلُ
وللمرأَة: يا فُلَة. قال سيبويه: وأَما قول العرب يا فُلْ فإِنهم لم
يجعلوه اسماً حذف منه شيء يثبت فيه في غير النداء، ولكنهم بنوا الاسم على
حرفين وجعلوه بمنزلة دَم؛ قال: والدليل على أَنه ترخيم فُلان أَنه ليس أَحد
يقول يا فُلْ، وهذا اسم اختص به النداء، وإِنما بُني على حرفين لأَن
النداء موضع حذف ولم يجز في غير النداء، لأَنه جعل اسماً لا يكون إِلا كناية
لمنادى نحو يا هَنَة ومعناه يا رجل، وقد اضطر الشاعر فاستعمله في غير
النداء؛ قال أَبو النجم:
تَدافَعَ الشيبُ، ولم تقْتلِ
في لَجَّة، أَمْسِكْ فُلاناً عن فُلِ
فكسر اللام للقافية؛ الجوهري: قولهم في النداء يا فُلُ مخففاً إِنما هو
محذوف من يا فلان لا على سبيل الترخيم، قال: ولو كان ترخيماً لقالوا يا
فُلا. وفي حديث القيامة: يقول الله تبارك وتعالى: أَي فُلْ أَلم أُكْرِمْك
وأُسَوِّدْك؛ معناه يا فُلان؛ قال ابن الأَثير: وليس ترخيماً لأَنه لا
يقال إِلا بسكون اللام ولو كان ترخيماً لفتحوها أَو ضموها؛ قال سيبويه:
ليست ترخيماً وإِنما هي صِيغة ارتُجِلت في باب النداء، وجاء أَيضاً في غير
النداء؛ وقال الجوهري: ليس بترخيم فُلان ولكنها كلمة على حِدَة، فبنو
أَسَد يوقعونها على الواحد والاثنين والجمع والمؤنث بلفظ واحد، وغيرهم يثني
ويجمع ويؤنث، وفُلان وفُلانة كناية عن الذكر والأُنثى من الناس، فإِن
كنيت بهما عن غير الناس قلت الفُلان والفُلانة، قال: وقال قوم إِنه ترخيم
فُلان، فحذفت النون للترْخيم والأَلف لسكونها، وتفتح اللام وتضم على مذهبي
الترخيم. وفي حديث أُسامة في الوالي الجائر: يُلْقَى في النار
فَتَنْدَلِق أَقْتابه فيقال له أَي فُل أَين ما كنت تصف؟
رفل: الليث: الرَّفْل جَرُّ الذيل ورَكْضُه بالرِّجْل؛ وأَنشد:
يَرْفُلْن في سَرَق الحَرِير وقَزَّه،
يَسْحَبْن من هُدَّابه أَذْيالا
رَفَل يَرْفُل رَفْلاً ورَفِل، بالكسر، رَفَلاً: خَرُق باللباس وكُلِّ عمل، فهو رَفِلٌ؛ وأَنشد الأَصمعي:
في الرَّكْب وَشْواشٌ وفي الحَيِّ رَفِل
وكذلك أَرْفَل في ثيابه. ورجُل أَرْفَلُ ورَفِلٌ: أَخْرَق باللباس وغيره، والأُنثى رَفْلاء. وامرأَة رافلة ورَفِلة: تَجُرُّ ذيلها إِذا مشت وتَمِيس في ذلك، وقيل: امرأَة رَفِلة تتَرَفَّل في مِشْيتها خُرْقاً، فإِن لم تحسن المشي في ثيابها قيل رَفْلاء. ابن سيده: امرأَة رَفِلة ورِفِلة قبيحة، وكذلك الرجل. ورَفَل يَرْفُل رَفْلاً ورَفَلاناً وأَرْفَل: جرّ ذيله وتبختر، وقيل: خَطَر بيده. وأَرْفَلَ الرجلُ ثيابَه إِذا أَرخاها. وإِزار مُرْفَلٌ: مُرْخىً. ورَفَل في ثيابه يرْفُل إِذا أَطالها وجرّها متبختراً، فهو رافل. والرَّفِل: الأَحمق. ورجل تَرْفِيلٌ: يَرْفُلُ في مشيه؛ عن السيرافي. وأَرْفَل ثوبه: أَرسله. وشَمَّر رِفْله أَي ذيله. وامرأَة رَفِلة: تَجُرُّ ذيلها جَرّاً حسناً، ورَفْلاء: لا تُحْسِن المشي في الثياب، فهي تَجُرُّ ذيلها، ومِرْفالٌ: كثير الرَّفَلان. وامرأَة مِرْفالٌ: كثيرة الرُّفول في ثوبها، ولو قيل: امرأَة رَفِلة تُطَوِّل ذيلها وتَرْفُل فيه، كان حسناً. وفي الحديث: إِن الرافلة في غير أَهلها كالظُّلْمة يوم القيامة؛ هي التي تَرْفُل في ثوبها أَي تتبختر. والرِّفْل: الذيل. ورَفَّل إِزاره إِذا أَسبله وتبختر فيه؛ ومنه حديث أَبي جهل: يَرْفُل في الناس، ويروى يَزُول، بالزاي والواو، أَي يُكثر الحركة ولا يستقرّ.
والتَّرْفيل في عروض الكامل: زيادة سبب في قافيته. ابن سيده: الترفيل في مُرَبَّع الكامل أَن يزاد «تُنْ» على مُتَفاعلن فيجيء مُتَفاعِلاتُنْ وهو المُرَفَّل؛ وبيته قوله:
ولقد سَبَقْتَهُمُ إِليْــيَ فلِمْ نَزَعْتَ، وأَنت آخر؟
فقوله «تَ وَأَنت آخر» متفاعلاتن؛ قال: وإِنما سُمِّي مُرَفَّلاً لأَنه وُسِّع فصار بمنزلة الثوب الذي يُرْفَل فيه.
وشَعرٌ رَفالٌ: طويل؛ قال الشاعر :
بفاحِمٍ مُنْسدِلٍ رَفال
قال: وأَما قول الشاعر:
ترفل المَرافلا
فمعناه تمشي كل ضرب من الرَّفْل. وفرس رِفَلُّ: طويل الذنب، وكذلك البعير والوَعِل؛ قال الجعدي:
فَعَرَفْنا هِزَّةً تأْخُذُه،
فَقَرَنَّاه برَضْراضٍ رِفَل
أَيِّدِ الكاهلِ جَلْدٍ بازلٍ،
أَخْلَف البازل عاماً أَو بَزَل
ورِفَنٌّ لغة، وقيل نونها بدل من لام رِفَلّ؛ قال ابن مَيَّادة:
يَتْبَعْنَ سَدْوَ سَبِط جَعْدٍ رِفَل،
كأَن حيث تلتقي منه المُحُل،
من جانبيه، وعِلان ووَعِل
وقال: الرَّفَلُّ والرِّفَنُّ من الخيل جميعاً الكثير اللحم. وبعير رِفَلٌّ: واسع الجلد، وقد يكون الطويل الذنب يوصف به على الوجهين؛ وأَنشد لرؤبة:
جَعْدُ الدَّرانِيك، رِفَلُّ الأَجلاد،
كأَنه مُخْتَضِبٌ في أَجساد
وثوبٌ رِفَلُّ مثل هِجَفٍّ: واسعٌ. ومعيشة رِفَلَّة: واسعة. والتَّرفيل: التسويد والتعظيم. ورَفَّلْت الرجلَ إِذا عَظَّمته ومَلَّكْته؛ قال ذو الرمة:
إِذا نحن رَفَّلْنا امْرَأً ساد قومَه،
وإِن لم يكن، من قبل ذلك، يُذْكَر
وفي حديث وائل بن حجر: يَسْعى ويَترفَّل على الأَقوال أَي يَتَسَوَّد ويَــتَرأْس استعارة من ترفيل الثوب وهو إِسباغه وإِسباله؛ قال شمر: الترفُّل التسوّد، والترفيل التسويد. ورُفِّل فلان إِذا سُوّد على قومه، وقيل: رَفَّلت الرجل ذَلَّلته ومَلَكْته. وترفيل الرَّكِيَّة: إِجْمامها.
ورَفَّلْتُ الركيَّة: أَجْممتها. ورَفَلُ الرَّكِيَّةِ: مَكْلتُها. ورِفال التيس: شيء يوضع بين يدي قَضِيبه لئلا يَسْفِد. وناقة مُرَفَّلة: تُصَرُّ بخِرْقة ثم تُرْسَل على أَخْلافها فتُغَطَّى بها.
ومرافل: سَوِيقُ يَنْبُوتِ عُمان. ورَوْفَل: اسم.
ربع: الأَربعة والأَربعون من العدد: معروف. والأَربعة في عدد المذكر
والأَربع في عدد المؤنث، والأَربعون نعد الثلاثين، ولا يجوز في أَربعينَ
أَربعينُ كما جاز في فِلَسْطِينَ وبابه لأَن مذهب الجمع في أَربعين وعشرين
وبابه أَقْوَى وأَغلب منه في فِلَسْطين وبابها؛ فأَما قول سُحَيْم بن
وَثِيل الرِّياحيّ:
وماذا يَدَّري الشُّعراء مِنِّي،
وقد جاوَزْتُ حَدَّ الأَرْبَعِينِ ؟
(* وفي رواية أخرى: وماذا تبتغي الشعراء مني إلخ.)
فليست النون فيه حرف إِعراب ولا الكسرة فيها علامة جرِّ الاسم، وإِنما
هي حركة لالتقاء الساكنين إِذا التقيا ولم تفتح كما تفتح نون الجمع لأَن
الشاعر اضطُرَّ إِلى ذلك لئلا تختلف حركة حرف الرويّ في سائر الأَبيات؛
أَلا ترى أَن فيها:
أَخُو خَمْسِينَ مُجتمِعٌ أَشُدِّي،
ونَجَّذَني مُداوَرَةُ الشُّؤُونِ
ورُباعُ: معدول من أَربعة. وقوله تعالى: مَثْنَى وثُلاثَ ورُباعَ؛ أَراد
أَربعاً فعدَله ولذلك ترك صرْفه. ابن جني: قرأَ الأَعمش مَثْنَى وثُلَثَ
ورُبَعَ، على مثال عُمر، أَراد ورُباع فحذف الأَلف.
ورَبَعَ القومَ يَرْبَعُهم رَبْعاً: صار رابِعَهم وجعلهم أَربعة أَو
أَربعين. وأَربَعُوا: صاروا أَربعة أَو أَربعين. وفي حديث عمرو بن عَبْسةَ:
لقد رأَيْتُني وإِنِّي لرُبُعُ الإِسلام أَي رابِعُ أَهل الإِسلام
تقدَّمني ثلاثةٌ وكنت رابعهم. وورد في الحديث: كنت رابِعَ أَربعة أَي واحداً من
أَربعة. وفي حديث الشعبي في السَّقْط: إِذا نُكِس في الخلق الرابع أَي
إِذا صار مُضْغة في الرَّحِم لأَن الله عز وجل قال: فإِنا خلقناكم من
تُراب ثم من نطفة ثم من علَقة ثم من مُضْغة. وفي بعض الحديث: فجاءت عيناه
بأَربعة أَي بدُموع جرَتْ من نواحي عينيه الأَربع.
والرِّبْعُ في الحُمَّى: إِتيانُها في اليوم الرابع، وذلك أَن يُحَمَّ
يوماً ويُتْرَك يومين لا يُحَمّ ويُحَمّ في اليوم الرابع، وهي حُمَّى
رِبْعٍ، وقد رُبِع الرجل فهو مَرْبوع ومُرْبَع، وأُرْبِعَ؛ قال أُسامةُ بن
حبيب الهذلي:
مِن المُرْبَعِينَ ومن آزِلٍ،
إِذا جَنَّه الليلُ كالناحِطِ
وأَرْبَعَت عليه الحُمَّى: لغة في رُبِعَ، فهو مُرْبَع. وأَربَعَت
الحُمّى زيداً وأَرْبَعَت عليه: أَخذَته رِبعاً، وأَغَبَّتْه: أَخذته غِبًّا،
ورجل مُرْبِعٌ ومُغِبٌّ، بكسر الباء. قال الأَزهري: فقيل له لم قلت
أَرْبَعَتِ الحُمَّى زيداً ثم قلت من المُرْبِعين فجعلته مرة مفعولاً ومرة
فاعلاً؟ فقال: يقال أَرْبَعَ الرجل أَيضاً. قال الأَزهري: كلام العرب أَربعت
عليه الحمى والرجل مُرْبَع، بفتح الباء، وقال ابن الأَعرابي:
أَرْبَعَتْه الحمى ولا يقال رَبَعَتْه. وفي الصحاح: تقول رَبَعَتْ عليه الحُمّى.
وفي الحديث: أَغِبُّوا في عيادة المريض وأَرْبِعُوا إِلا أَن يكون مغلوباً؛
قوله أَرْبِعُوا أَي دَعُوه يومين بعد العيادة وأْتوه اليوم الرابع،
وأَصله من الرِّبْع في أَورادِ الإِبل.
والرِّبْعُ: الظِّمْء من أَظْماء الإِبل، وهو أَن تُحْبَس الإِبلُ عن
الماء أَربعاً ثم تَرِدَ الخامس، وقيل: هو أَن ترد الماءَ يوماً وتَدَعَه
يومين ثم تَرِدَ اليوم الرابع، وقيل: هو لثلاث ليال وأَربعة أَيام.
ورَبَعَت الإِبلُ: وَرَدتْ رِبعاً، وإِبلٌ رَوابِعُ؛ واستعاره العَجَّاج
لوِرْد القطا فقال:
وبَلْدةٍ تُمْسِي قَطاها نُسَّسا
رَوابِعاً، وقَدْرَ رِبْعٍ خُمَّسا
وأَرْبَعَ الإِبلَ: أَوردها رِبْعاً. وأَرْبعَ الرجلُ: جاءت إِبلُه
رَوابعَ وخَوامِس، وكذلك إِلى العَشْر. والرَّبْعُ: مصدر رَبَعَ الوَترَ
ونحوه يَرْبَعه رَبْعاً، جعله مفتولاً من أَربع قُوًى، والقوة الطاقةُ،
ويقال: وَتَرٌ مَرْبوعٌ؛ ومنه قول لبيد:
رابِطُ الجأْشِ على فَرْجِهِمُ،
أَعْطِفُ الجَوْنَ بمرْبوعٍ مِتَلِّ
أَي بعنان شديد من أَربع قُوًى. ويقال: أَراد رُمْحاً مَرْبوعاً لا
قصيراً ولا طويلاً، والباء بمعنى مع أَي ومعيَ رُمْح. ورمح مربوع: طوله
أَرْبَعُ أَذْرُعٍ.
وربَّع الشيءَ: صيره أَربعةَ أَجزاء وصيره على شكل ذي أَربع وهو
التربيع. أَبو عمرو: الرُّومِيُّ شِراعُ السفينة الفارغة، والمُرْبِعُ شِراعُ
المَلأَى، والمُتَلَمِّظةُ مَقْعدُ الاشْتِيام وهو رَئيسُ الرُّكابِ.
والتربيعُ في الزرع: السَّقْية التي بعد التثليث.
وناقة رَبوعٌ: تَحْلُبُ أَربعة أَقداح؛ عن ابن الأَعرابي.
ورجل مُرَبَّعُ الحاجبين: كثير شعرهما كأَنَّ له أَربعة حَواجبَ؛ قال
الراعي:
مُرَبَّع أَعلى حاجبِ العينِ، أُمُّه
شَقيقةُ عَبْدٍ، من قَطينٍ، مُوَلَّدِ
والرُّبْع والرُّبْع والرَّبيعُ: جزء من أَربعة يَطَّرد ذلك في هذه
الكسور عند بعضهم، والجمع أَرباعٌ ورُبوعٌ. وفي حديث طلحة: أَنه لما رُبِعَ
يوم أُحُد وشَلَّت يدُه قال له: باءَ طلحةُ بالجنةِ؛ رُبِعَ أَي أُصِيبَت
أَرباعُ رأْسه وهي نواحيه، وقيل: أَصابه حُمّى الرِّبْع، وقيل: أُصِيبَ
جَبينُه؛ وأَما قول الفَرزدق:
أَظُنُّك مَفْجوعاً بِرُبْعِ مُنافِقٍ،
تَلَبَّس أَثوابَ الخِيانةِ والغَدْرِ
فإِنه أَراد أَنَّ يمينه تُقْطَع فيَذْهَب رُبْع أَطرافِه الأَربعة.
ورَبَعَهم يَرْبَعُهم رَبْعاً: أَخذ رُبْع أَموالهم مثل عَشَرْتُهم
أَعْشُرُهم. ورَبَعهم: أَخذ رُبع الغنيمة.
والمِرْباع: ما يأْخذه الرئيس وهو ربع الغنيمة؛ قال:
لكَ المِرْباعُ منها والصَّفايا،
وحُكْمُكَ والنَّشِيطةُ والفُضول
الصَّفايا: ما يَصْطَفِيه الرئيس، والنَّشِيطةُ: ما أَصاب من الغنيمة
قبل أَن يصير إِلى مُجتَمع الحيّ، والفُضول: ما عُجِزَ أَن يُقْسَم لقلته
وخُصَّ به. وفي حديث القيامة: أَلم أَذَرْكَ تَرْأَسُ وتَرْبَعُ أَي تأْخذ
رُبع الغنيمة أَو تأْخذ المِرْباع؛ معناه أَلم أَجْعَلْك رئيساً
مُطاعاً؟ قال قطرب: المِرْباع الرُّبع والمِعْشار العُشر ولم يسمع في غيرهما؛
ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم، لعديّ بن حاتم قبل إِسلامه: إِنك
لتأْكلُ المِرْباع وهو لا يَحِلُّ لك في دينك؛ كانوا في الجاهلية إِذا غَزا
بعضهم بعضاً وغَنِموا أَخذ الرئيس ربع الغنيمة خالصاً دون أَصحابه، وذلك
الربع يسمى المِرْباع؛ ومنه شعر وفد تَمِيم:
نحن الرُّؤُوس وفينا يُقْسم الرُّبُعُ
وقال ابن سكيت في قول لبيد يصف الغيث:
كأَنَّ فيه، لمَّا ارْتَفَقْتُ له،
رَيْطاً ومِرْباعَ غانمٍ لَجَبا
قال: ذكر السَّحاب، والارْتِفاقُ: الاتِّكاءُ على المِرْفَقِ؛ يقول:
اتَّكأْت على مِرْفَقي أَشِيمُه ولا أَنام، شبَّه تبَوُّجَ البرق فيه
بالرَّيْط الأَبيض، والرَّيْطةُ: مُلاءة ليست بمُلَفَّقة، وأَراد بمرباع غانمٍ
صوْتَ رعده، شبهه بمرباع صاحب الجيش إِذا عُزل له ربع النَّهْب من الإِبل
فتحانَّت عند المُوالاة، فشبه صوت الرعد فيه بِحَنِينها؛ ورَبعَ
الجَيْشَ يَرْبَعُهم رَبْعاً ورَباعةً: أَخذ ذلك منهم.
ورَبَع الحَجرَ يَرْبَعُه رَبْعاً وارتبعه: شالَه ورفعه، وقيل: حمله،
وقيل: الرَّبْعُ أَن يُشال الحجر باليد يُفْعَلُ ذلك لتُعْرَفَ به شدَّة
الرجل. قال الأَزهري: يقال ذلك في الحجر خاصّة. والمَرْبُوعُ والرَّبيعة:
الحجر المَرْفُوع، وقيل: الذي يُشال. وفي الحديث: مرَّ بقوم يَرْبَعُون
حَجراً أَو يَرْتَبِعُون، فقال: عُمّالُ الله أَقْوَى من هؤُلاء؛
الرَّبْعُ: إِشالةُ الحجر ورَفْعُه لإِظْهار القوَّةِ.
والمِرْبَعةُ: خُشَيْبة قصيرة يُرْفَع بها العِدْل يأْخذ رجلان
بطَرَفَيْها فيَحْمِلان الحِمْل ويَضَعانه على ظهر البعير؛ وقال الأَزهري: هي عصا
تحمل بها الأَثقال حتى توضَع على ظهر الدوابّ، وقيل: كل شيء رُفع به شيء
مِرْبَعة، وقد رابَعَه. تقول منه: رَبَعْت الحِمْل إِذا أَدخَلتها تحته
وأَخذت أَنت بطَرَفِها وصاحِبُك بطرَفِها الآخر ثم رَفَعْتَه على البعير؛
ومنه قول الشاعر:
أَينَ الشِّظاظانِ وأَينَ المِرْبَعهْ؟
وأَينَ وَسْقُ الناقةِ الجَلَنْفَعَهْ؟
فإِن لم تكن المِرْبَعةُ فالمُرابَعةُ، وهي أَن تأْخذ بيد الرجل ويأْخذ
بيدك تحت الحِمْل حتى تَرفعاه على البعير؛ تقول: رابَعْت الرَّجل إِذا
رَفَعْتَ معه العِدْلَ بالعصا على ظهر البعير؛ قال الراجز:
يا لَيْتَ أُمَّ العَمْر كانتْ صاحِبي،
مَكانَ مَنْ أَنْشا على الرَّكائبِ
ورابَعَتْني تحتَ لَيْلٍ ضارِبِ،
بساعِدٍ فَعْمٍ وكَفٍّ خاضِبِ
ورَبَع بالمكان يَرْبَعُ رَبْعاً: اطمأَنَّ. والرَّبْع: المنزل والدار
بعينها، والوَطَنُ متى كان وبأَيِّ مكان كان، وهو مشتق من ذلك، وجمعه
أَرْبُعٌ ورِباعٌ ورُبُوعٌ وأَرْباعٌ. وفي حديث أُسامة: قال له، عليه السلام:
وهل تَرَك لنا عَقِيلٌ من رَبْعٍ؟ وفي رواية: من رِباعٍ؛ الرَّبْعُ:
المَنْزِلُ ودارُ الإِقامة. ورَبْعُ القوم: مَحَلَّتُهم. وفي حديث عائشة:
أرادت بيع رِباعِها أَي مَنازِلها. وفي الحديث: الشُّفْعَةُ في كل رَبْعةٍ
أَو حائط أَو أَرض؛ الرَّبْعةُ: أَخصُّ من الرَّبع، والرَّبْعُ
المَحَلَّة. يقال: ما أَوسع رَبْعَ بني فلان والرَّبّاعُ: الرجل الكثير شراءِ
الرِّباع، وهي المنازِل. ورَبَعَ بالمكان رَبْعاً: أَقام. والرَّبْعُ:
جَماعةُ الناسِ. قال شمر: والرُّبُوع أَهل المَنازل أَيضاً؛ قال
الشَّمّاخ:تُصِيبُهُمُ وتُخْطِئُني المَنايا،
وأَخْلُفُ في رُبُوعٍ عن رُبُوعِ
أَي في قَوْم بعد قوم؛ وقال الأَصمعي: يريد في رَبْعٍ من أَهلي أَي في
مَسْكَنهم، بعد رَبْع. وقال أَبو مالك: الرَّبْعُ مثل السَّكن وهما أَهل
البيتِ؛ وأَنشد:
فإِنْ يَكُ ربْعٌ من رِجالٍ، أَصابَهمْ،
من الله والحَتْمِ المُطِلِّ، شَعُوبُ
وقال شمر: الرَّبْعُ يكون المنزلَ وأَهل المنزل، قال ابن بري:
والرَّبْعُ أَيضاً العَدَدُ الكثير؛ قال الأَحوص:
وفِعْلُكَ مرضِيٌّ، وفِعْلُكَ جَحْفَلّ،
ولا عَيْبَ في فِعْلٍ ولا في مُرَكَّبِ
(* قوله «وفعلك إلخ» كذا بالأصل ولا شاهد فيه ولعله وربعك جحفل.)
قال: وأَما قول الراعي:
فَعُجْنا على رَبْعٍ برَبْعٍ، تَعُودُه،
من الصَّيْفِ، جَشّاء الحَنِينِ تُؤَرِّجُ
قال: الرَّبْع الثاني طَرَف الجَبل. والمَرْبُوع من الشعر: الذي ذهَب
جزآن من ثمانية أَجزاء من المَديد والبَسِيط؛ والمَثْلُوث: الذي ذهب جزآن
من ستة أَجزاء.
والرَّبِيعُ: جزء من أَجزاء السنة فمن العرب من يجعله الفصل الذي يدرك
فيه الثمار وهو الخريق ثم فصل الشتاء بعده ثم فصل الصيف، وهو الوقت الذي
يَدْعُوه العامة الرّبيعَ، ثم فصل القَيْظ بعده، وهو الذي يدعوه العامةُ
الصيف، ومنهم من يسمي الفصل الذي تدرك فيه الثمار، وهو الخريف، الربيعَ
الأَول ويسمي الفصل الذي يتلو الشتاء وتأْتي فبه الكَمْأَة والنَّوْرُ
الربيعَ الثاني، وكلهم مُجْمِعون على أَنّ الخريف هو الربيع؛ قال أَبو حنيفة:
يسمى قِسما الشتاء ربيعين: الأَوَّل منهما ربيع الماء والأَمطار،
والثاني ربيع النبات لأَن فيه ينتهي النبات مُنْتهاه، قال: والشتاء كله ربيع
عند العرب من أَجل النَّدى، قال: والمطر عندهم ربيع متى جاء، والجمع
أَرْبِعةٌ ورِباعٌ. وشَهْرا رَبِيعٍ سميا بذلك لأَنهما حُدّا في هذا الزمن
فلَزِمَهما في غيره وهما شهرانِ بعد صفَر، ولا يقال فيهما إِلا شهرُ ربيع
الأَوّل وشهرُ ربيع الآخر. والربيعُ عند العرب رَبيعانِ: رَبيعُ الشهور
وربيع الأَزمنة، فربيع الشهور شهران بعد صفر، وأَما ربيع الأَزمنة فربيعان:
الربيعُ الأَول وهو الفصل الذي تأْتي فيه الكمأَة والنَّوْر وهو ربيع
الكَلإ، والثاني وهو الفصل الذي تدرك فيه الثمار، ومنهم من يسميه الرّبيع
الأَوّل؛ وكان أَبو الغوث يقول: العرب تجعل السنة ستة أَزمنة: شهران منها
الربيع الأَوّل، وشهران صَيْف، وشهران قَيظ، وشهران الربيع الثاني، وشهران
خريف، وشهران شتاء؛ وأَنشد لسعد بن مالك بن ضُبَيْعةَ:
إِنَّ بَنِيَّ صِبْيةٌ صَيْفِيُّونْ،
أَفْلَحَ مَن كانتْ له رِبْعِيُّونْ
فجعل الصيف بعد الربيع الأَول. وحكى الأَزهري عن أَبي يحيى بن كناسة في
صفة أَزمنة السنة وفُصولها وكان علاَّمة بها: أَن السنة أَربعةُ أَزمنة:
الربيع الأَول وهو عند العامّة الخريف، ثم الشتاء ثم الصيف، وهو الربيع
الآخر، ثم القيظ؛ وهذا كله قول العرب في البادية، قال: والربيع الأَوّل
الذي هو الخريف عند الفُرْس يدخل لثلاثة أَيام من أَيْلُول، قال: ويدخل
الشتاء لثلاثة أَيام من كانُون الأَوّل، ويدخل الصيف الذي هو الربيع عند
الفرس لخمسة أَيام تخلو من أَذار، ويدخل القيظ الذي هو صيف عند الفرس
لأَربعة أَيام تخلو من حَزِيران، قال أَبو يحيى: وربيع أَهل العِراق موافق
لربيع الفرس، وهو الذي يكون بعد الشتاء، وهو زمان الوَرْد وهو أَعدل
الأَزمنة، وفيه تُقْطع العروق ويُشرب الدّواء؛ قال: وأَهل العراق يُمطَرون في
الشتاء كله ويُخْصِبون في الربيع الذي يتلو الشتاء، فأَما أَهل اليمن فإِنهم
يُمْطَرون في القيظ ويُخْصِبون في الخريف الذي تسميه العرب الربيع
الأَول. قال الأَزهري: وسمعت العرب يقولون لأَوّل مطر يقع بالأَرض أَيام
الخريف ربيع، ويقولون إِذا وقع ربيع بالأَرض: بَعَثْنا الرُّوّاد وانْتَجَعْنا
مساقِط الغَيْثِ؛ وسمعتهم يقولون للنخيل إِذا خُرِفت وصُرِمَت: قد
تَربَّعَت النَّخِيلُ، قال: وإِنما سمي فصل الخريف خريفاً لأَن الثمار
تُخْتَرَف فيه، وسمته العرب ربيعاً لوقوع أَوّل المطر فيه. قال الأَزهري: العرب
تَذْكُر الشهور كلها مجردة إِلا شَهْرَيْ رَبِيع وشهر رمضان. قال ابن
بري: ويقال يومٌ قائظٌ وصافٍ وشاتٍ، ولا يقال يومٌ رابِعٌ لأَنهم لم
يَبْنُوا منه فِعْلاً على حدّ قاظَ يومُنا وشتا فيقولوا رَبَعَ يومُنا لأَنه لا
معنى فيه لحَرّ ولا بَرْد كما في قاظَ وشتا. وفي حديث الدعاء: اللهم
اجْعلِ القرآنَ رَبِيعَ قَلْبي؛ جعله ربيعاً له لأَن الإِنسان يرتاح قلبه في
الربيع من الأَزمان ويَمِيل إِليه، وجمعُ الربيع أَرْبِعاء وأَرْبِعة مثل
نَصِيب وأَنْصِباء وأَنْصِبة، قال يعقوب: ويجمع رَبِيع الكلإِ على
أَربعة، ورَبِيعُ الجَداولِ أَرْبِعاء. والرَّبِيع: الجَدْوَلُ. وفي حديث
المُزارَعةِ: ويَشْتَرِط ما سقَى الرَّبيعُ والأَرْبِعاء؛ قال: الربيعُ
النَّهرُ الصغير، قال: وهو السَّعِيدُ أَيضاً. وفي الحديث: فعدَلَ إِلى
الرَّبِيعِ فَتَطَهَّر. وفي الحديث: بما يَنْبُت على ربِيعِ السَّاقي، هذا من
إِضافة المَوْصُوف إِلى الصفة أَي النهر الذي يَسْقِي الزَّرْع؛ وأَنشد
الأَصمعي قول الشاعر:
فُوهُ رَبيعٌ وكَفُّه قَدَحٌ،
وبَطْنُه، حين يَتَّكِي، شَرَبَهْ
يَسَّاقَطُ الناسُ حَوْلَهُ مَرَضاً،
وهْو صَحِيحٌ، ما إِنْ به قَلَبَهْ
أَراد بقوله فوه ربيع أَي نهر لكثرة شُرْبه، والجمع أَرْبِعاء؛ ومنه
الحديث: أَنهم كانوا يُكْرُون الأَرض بما يَنْبُت على الأَرْبِعاء أَي كانوا
يُكرون الأَرض بشيء معلوم، ويشترطون بعد ذلك على مُكْتريها ما يَنْبُت
على الأَنهار والسواقي. وفي حديث سَهْل بن سعد، رضي الله عنه: كانت لنا
عجوز تأْخذ من أُصُول سِلْقٍ كنا نَغْرِسُه على أَرْبِعائنا. ورَبِيعٌ
رابِعٌ: مُخْصِبٌ على المبالغة، وربما سمي الكَلأُ والغَيْثُ رَبِيعاً.
والرّبيعُ أَيضاً: المطر الذي يكون في الربيع، وقيل: يكون بعد الوَسْمِيِّ
وبعده الصيف ثم الحَمِيمُ. والرَّبيعُ: ما تَعْتَلِفُه الدوابُّ من الخُضَر،
والجمع من كل ذلك أَرْبعةٌ. والرِّبعة، بالكسر: اجْتِماعُ الماشية في
الرَّبِيع، يقال: بلد مَيِّتٌ أَنيثٌ طَيِّبُ الرِّبْعةِ مَريء العُود.
ورَبَع الرَّبُِعُ يَرْبَع رُبُوعاً: دخَل. وأَرْبَع القومُ: دخلوا في
الرَّبِيع، وقيل: أَرْبعوا صاروا إِلى الرِّيف والماء. وتَرَبَّع القومُ
الموضِع وبه وارْتَبَعوه: أَقاموا فيه زمَن الربيع.
وفي حديث ابن عبد العزيز: أَنه جَمَّع في مُتَرَبَّعٍ له؛ المَرْبَع
والمُرْتَبَعُ والمُتَرَبَّعُ: الموضع الذي يُنْزَلُ فيه أَيّام الربيع،
وهذا على مذهب من يَرى إِقامة الجمعة في غير الأَمصار، وقيل: تَرَبَّعوا
وارْتَبَعوا أَصابوا ربيعاً، وقيل: أَصابوه فأَقاموا فيه. وتربَّعت الإِبل
بمكان كذا وكذا أَي أَقامت به؛ قال الأَزهري: وأَنشدني أَعرابي:
تَرَبَّعَتْ تَحْتَ السُّمِيِّ الغُيَّمِ،
في بَلَدٍ عافي الرِّياضِ مُبْهِمِ
عافي الرِّياضِ أَي رِياضُهُ عافِيةٌ وافِيةٌ لم تُرْعَ. مُبْهِم: كثير
البُهْمى. والمَرْبَع: المَوضع الذي يقام فيه زمن الرَّبِيع خاصّة،
وتقول: هذه مَرابعُنا ومَصايِفُنا أَي حيث نَرْتَبِع ونَصِيفُ، والنسبة إِلى
الرّبيع رِبعيٌّ، بكسر الراء، وكذلك رِبْعِيُّ ابن خِراش. وقيل:
أَرْبَعُوا أَي أَقاموا في المَرْبَع عن الارْتِياد والنُّجْعة؛ ومنه قولهم:
غَيْثٌ مُرْبِعٌ مُرْتِع؛ المُرْتِعُ الذي يُنْبِت ما تَرْتَعُ فيه الإِبل.
وفي حديث الاسْتِسْقاء: اللهم اسْقِنا غَيْثاً مَرِيعاً مُرْبِعاً،
فالمَرِيع: المُخْصِب الناجِعُ في المال، والمُرْبِع: العامُّ المُغْني عن
الارْتِياد والنُّجعة لِعمومه، فالناس يَرْبَعُون حيث كانوا أَي يُقِيمون
للخِصْب العامّ ولا يَحتاجُون إِلى الانتقال في طَلَب الكلإِ، وقيل: يكون من
أَرْبَعَ الغَيْثُ إِذا أَنبت الرّبِيعَ؛ وقول الشاعر:
يَداكَ يَدٌ رَبيعُ النَّاسِ فيها
وفي الأُخْرَى الشُّهورُ من الحَرام
أَراد أَنَّ خِصْب الناسِ في إِحدى يديه لأَنه يُنْعِش الناسَ بسَيْبِه،
وفي يده الأُخرى الأَمْنُ والحَيْطة ورَعْيُ الذِّمام. وارْتَبَعَ
الفرَسُ والبعيرُ وترَبَّع: أَكل الربيع. والمُرْتَبِعُ من الدّوابّ: الذي
رَعى الربيع فسَمِن ونَشِط. ورُبِعَ القومُ رَبْعاً: أَصابهم مطر الرَّبيع؛
ومنه قول أَبي وجزة:
حتى إِذا ما إِيالاتٌ جَرَتْ بُرُحاً،
وقد رَبَعْن الشَّوَى من ماطِرٍ ماجِ
فإِنّ معنى رَبَعْن أَمْطَرْن من قولك رُبِعْنا أَي أَصابَنا مطر
الربيع، وأَراد بقوله من ماطر أَي عَرَق مأْجٍ ملْحٍ؛ يقول: أَمْطَرْن
قَوائمَهن من عَرَقِهن. ورُبِعَت الأَرضُ، فهي مَرْبُوعة إِذا أَصابها مطر
الربيع. ومُرْبِعةٌ ومِرْباعٌ: كثيرة الرَّبِيع؛ قال ذو الرمة:
بأَوَّلَ ما هاجَتْ لكَ الشَّوْقَ دِمْنةٌ
بِأَجْرَعَ مِرْباعٍ مَرَبٍّ، مُحَلَّلِ
وأَرْبَع لإِبله بمكان كذا وكذا: رعاها في الربيع؛ وقول الشاعر:
أَرْبَعُ عند الوُرُودِ في سُدُمٍ،
أَنْقَعُ من غُلَّتي وأُجْزِئُها
قيل: معناه أَلَغُ في ماءٍ سُدُمٍ وأَلهَجُ فيه.
ويقال: ترَبَّعْنا الحَزْن والصَّمّانَ أَي رَعَينا بُقولها في
الشِّتاء.وعامَله مُرابَعة ورِباعاً: من الرَّبيع؛ الأَخيرة عن اللحياني.
واستأْجره مُرابعةً ورِباعاً؛ عنه أَيضاً، كما يقال مُصايَفة ومشاهَرة.
وقولهم: ما له هُبَعٌ ولا رُبَعٌ، فالرُبَع: الفَصيل الذي يُنْتَج في
الربيع وهو أَوّل النِّتاج، سمي رُبَعاً لأَنه إِذا مشى ارتَبَع ورَبَع أَي
وسَّع خطْوه وعَدا، والجمع رِباع وأَرْباع مثل رُطَب ورِطاب وأَرْطاب؛
قال الراجز:
وعُلْبة نازَعْتها رِباعي،
وعُلْبة عند مَقِيل الرّاعِي
والأُنثى رُبَعةٌ، والجمع رُبَعات، فإِذا نُتِج في آخر النِّتاج فهو
هُبَع، والأُنثى هُبَعة، وإِذا نسب إِليه فهو رُبَعِيٌّ. وفي الحديث: مري
بَنِيك أَن يُحْسِنوا غذاء رِباعهم؛ الرِّباع، بكسر الراء: جمع رُبَع وهو
ما وُلد من الإِبل في الربيع، وقيل: ما ولد في أَوّل النِّتاج؛ وإِحْسان
غِذائها أَن لا يُستَقْصى حلَب أُمهاتها إِبقاء عليها؛ ومنه حديث عبد
الملك بن عمير: كأَنه أَخْفاف الرِّباع. وفي حديث عمر: سأَله رجل من الصَّدقة
فأَعْطاه رُبَعة يَتْبَعُها ظِئراها؛ هو تأْنيث الرُّبَع؛ وفي حديث
سليْمَان بن عبد الملك:
إِنَّ بَنِيَّ صِبْيةٌ صَيْفِيُّونْ،
أَفْلَحَ مَن كان له رِبْعِيُّونْ
الرِّبْعي: الذي ولد في الربيع على غير قياس، وهو مثل للعرب قديم. وقيل
للقمَر: ما أَنت ابنُ أَربع، فقال: عَتَمة رُبَعْ لا جائع ولا مُرْضَع؛
وقال الشاعر في جمع رِباع:
سَوْفَ تَكْفِي من حُبِّهِنَّ فتاةٌ
تَرْبُقُ البَهْمَ، أَو تَخُلُّ الرِّباعا
يعني جمع رُبَع أَي تَخُلّ أَلسِنةَ الفِصال تَشُقُّها وتجعل فيها عوداً
لئلا تَرْضَع، ورواه ابن الأَعرابي: أَو تحُلّ الرِّباعا أَي تحل
الرَّبيع معنا حيث حَلَلْنا، يعني أَنها مُتَبَدِّية، والرواية الأُولى أَولى
لأَنه أَشبه بقوله تربق البَهْم أَي تَشُدُّ البَهم عن أُمّهاتها لئلا
تَرْضَع ولئلا تُفَرَّقَ، فكأَنّ هذه الفَتاة تَخْدم البَهْم والفِصال،
وأَرْباعٌ ورِباع شاذّ لأَن سيبويه قال: إِنّ حُكْم فُعَل أَن يُكَسَّر على
فِعْلان في غالب الأَمر، والأُنثى رُبَعة.
وناقة مُرْبِعٌ: ذات رُبَع، ومِرْباعٌ: عادتُها أَن تُنْتَج الرِّباع،
وفرَّق الجوهري فقال: ناقة مُرْبِع تُنْتَج في الربيع، فإِن كان ذلك
عادتها فهي مِرْباع. وقال الأَصمعي: المِرْباع من النوق التي تلد في أَوّل
النِّتاج. والمِرْباعُ: التي ولدها معها وهو رُبَع. وفي حديث هشام في وصف
ناقة: إِنها لمِرْباعٌ مِسْياعٌ؛ قال: هي من النوق التي تلد في أَول
النتاج، وقيل: هي التي تُبَكِّر في الحَمْل، ويروى بالياء، وسيأْتي ذكره.
ورِبْعِيّة القوم: ميرَتُهم في أَول الشتاء، وقيل: الرِّبْعِية ميرة الرَّبيع
وهي أَوَّل المِيَر ثم الصَّيْفِيَّةُ ثم الدَّفَئية ثم الرَّمَضِيَّة،
وكل ذلك مذكور في مواضعه. والرِّبْعية أَيضاً: العير الممْتارة في الربيع،
وقيل: أَوّلَ السنة، وإِنما يذهبون بأَوّل السنة إِلى الربيع، والجمع
رَباعيّ. والرِّبْعِيَّة: الغَزوة في الرَّبيع؛ قال النابغة:
وكانَتْ لهم رِبْعِيَّةٌ يَحْذَرُونَها،
إِذا خَضْخَضَتْ ماءَ السّماء القَنابِل
(* في ديوان النابغة: القبائل بدل القنابل.)
يعني أَنه كانت لهم غزوة يَغْزُونها في الربيع. وأَرْبَعَ الرجلُ، فهو
مُرْبِعٌ: ولد له في شبابه، على المثل بالربيع، وولده رِبْعِيّون؛
وأَورد:إِنَّ بَنِيَّ غِلْمةٌ صَيْفِيُّونْ،
أَفْلَحَ مَن كانت له رِبْعِيُّونْ
(* سابقاً كانت: صبية بدل غلمة.)
وفصيل رِبْعِيٌّ: نُتِجَ في الربيع نسب على غير قياس. ورِبْعِيّة
النِّتاج والقَيْظ: أَوَّله. ورِبْعيّ كل شيء: أَوَّله. رِبْعيّ النتاج
ورِبْعيّ الشباب: أَوَّله؛ أَنشد ثعلب:
جَزِعْت فلم تَجْزَعْ من الشَّيْبِ مَجْزَعا،
وقد فاتَ رِبْعيُّ الشبابِ فَوَدَّعا
وكذلك رِبْعِيّ المَجْد والطعْنِ؛ وأَنشد ثعلب أَيضاً:
عليكم بِرِبْعِيِّ الطِّعان، فإِنه
أَشَقُّ على ذي الرَّثْيةِ المُتَصَعِّبِ
(* قوله «المتصعب» أَورده المؤلف في مادة ضعف المتضعف.)
رِبْعِيُّ الطِّعان: أَوَّله وأَحَدُّهُ. وسَقْب رِبْعي وسِقاب رِبْعية:
وُلِدت في أَوَّل النِّتاج؛ قال الأَعشى:
ولكِنَّها كانت نَوًى أَجْنَبيَّةً،
تَواليَ رِبْعيِّ السِّقابِ فأَصْحَبا
قال الأَزهري: هكذا سمعت العرب تُنْشِده وفسروا لي تَوالي رِبْعِي
السقاب أَنه من المُوالاة، وهو تمييز شيء من شيء. يقال: والَيْنا الفُصْلان عن
أُمهاتها فتَوالَتْ أَي فَصَلْناها عنها عند تَمام الحَوْل، ويَشْتَدّ
عليها المُوالاة ويَكْثُر حَنِينها في إِثْر أُمهاتها ويُتَّخَذ لها
خَنْدق تُحْبَس فيه، وتُسَرَّح الأُمهات في وَجْه من مراتِعها فإِذا تَباعَدت
عن أَولادها سُرِّحت الأَولاد في جِهة غير جهة الأُمهات فترعى وحدها
فتستمرّ على ذلك، وتُصْحب بعد أَيام؛ أَخبر الأَعشى أَنّ نَوَى صاحِبته
اشْتدَّت عليه فَحنّ إِليها حَنِين رِبْعيِّ السِّقاب إِذا وُوليَ عن أُمه،
وأَخبر أَنَّ هذا الفصيل
(* قوله «ان هذا الفصيل إلخ» كذا بالأصل ولعله أنه
كالفصيل.) يستمر على المُوالاة ولم يُصْحِب إِصْحاب السَّقْب. قال
الأَزهري: وإِنما فسرت هذا البيت لأَن الرواة لما أَشكل عليهم معناه
تخَبَّطُوا في اسْتِخْراجه وخَلَّطوا، ولم يَعْرِفوا منه ما يَعْرِفه مَن شاهَد
القوم في باديتهم، والعرب تقول: لو ذهبْت تريد ولاء ضَبَّةَ من تَميم
لتعَذَّر عليك مُوالاتُهم منهم لاختلاط أَنسابهم؛ قال الشاعر:
وكُنَّا خُلَيْطَى في الجِمالِ، فَأَصْبَحَتْ
جِمالي تُوالى وُلَّهاً من جِمالِك
تُوالى أَي تُمَيَّز منها. والسِّبْطُ الرِّبْعِي: نَخْلة تُدْرك آخر
القيظ؛ قال أَبو حنيفة: سمي رِبعِيّاً لأَن آخر القيظ وقت الوَسْمِيّ.
وناقة رِبْعِية: مُتَقَدِّمة النِّتاج، والعرب تقول: صَرَفانةٌ رِبْعِيّة
تُصْرَم بالصيف وتؤكل بالشَّتِيّة؛ رِبعِية: مُتقدِّمة.
وارْتَبَعتِ الناقةُ وأَرْبَعَتْ وهي مُرْبِعٌ: اسْتَغْلَقَت رَحِمُها
فلم تَقبل الماء.
ورجل مَرْبوع ومُرْتَبَع ومُرْتَبِع ورَبْعٌ ورَبْعة ورَبَعة أَي
مَرْبُوعُ الخَلْق لا بالطويل ولا بالقصير، وُصِف المذَكَّر بهذا الاسم
المؤَنّث كما وصف المذكر بخَمْسة ونحوها حين قالوا: رجال خمسة، والمؤنث رَبْعة
وربَعة كالمذكر، وأَصله له، وجَمْعُهما جميعاً رَبَعات، حركوا الثاني وإِن
كان صفة لأَن أَصل رَبْعة اسمٌ مؤنث وقع على المذكر والمؤنثِ فوصف به،
وقد يقال رَبْعات، بسكون الباء، فيجمع على ما يجمع هذا الضرب من الصفة؛
حكاه ثعلب عن ابن الأَعرابي. قال الفراء: إِنما حُرِّكَ رَبَعات لأَنه جاء
نعتاً للمذكر والمؤَنث فكأَنه اسم نُعت به. قال الأَزهري: خُولِفَ به
طريق ضَخْمة وضَخْمات لاستواء نُعِت الرجل والمرأَة في قوله رجل رَبْعة
وامرأَة ربعة فصار كالاسم، والأَصل في باب فَعْلة من الأَسماء مثل تَمْرة
وجَفْنة أَن يجمع على فَعَلات مثل تَمَرات وجَفَنات، وما كان من النعوت على
فَعْلة مثل شاة لَجْبة وامرأَة عَبْلة أَن يجمع على فَعْلات بسكون العين
وإِنما جمع رَبْعة على رَبَعات وهو نعت لأَنه أَشبه الأَسماء لاستواء لفظ
المذكر والمؤنث في واحده؛ قال: وقال الفراء من العرب من يقول امرأَة
رَبْعة ونسوة رَبْعات، وكذلك رجل رَبْعة ورجال رَبْعون فيجعله كسائر النعوت.
وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أَطول من المَرْبوع وأَقْصَر من
المُشَذَّب؛ فالمشذَّب: الطويل البائن، والمَرْبوعُ: الذي ليس بطويل ولا قصير،
فالمعنى أَنه لم يكن مُفرط الطول ولكن كان بين الرَّبْعة والمُشَذَّب.
والمَرابيعُ من الخيل: المُجْتَمِعةُ الخَلْق.
والرَّبْعة، بالتسكين: الجُونة جُونة العَطَّار. وفي حديث هِرَقْل: ثم
دعا بشيء كالرَّبْعة العظيمة؛ الرَّبْعة: إِناء مُربَّع كالجُونة.
والربَعَة: المسافة بين قوائم الأَثافي والخِوان. وحملْت رَبْعَه أَي
نَعْشَه.والربيعُ: الجَدْوَلُ. والرَّبيعُ: الحَظُّ من الماء ما كان، وقيل: هو
الحَظّ منه رُبْع يوم أَو ليلة؛ وليس بالقَوِيّ. والربيع: الساقية الصغيرة
تجري إِلى النخل، حجازية، والجمع أَرْبِعاء ورُبْعان.
وتركناهم على رَباعاتِهم
(* قوله «رباعاتهم إلخ» ليست هذه اللغة في
القاموس وعبارته: هم على رباعتهم ويكسر ورباعهم وربعاتهم محركة وربعاتهم ككتف
وربعتهم كعنبة.) ورِباعَتِهم، بكسر الراء، ورَبَعاتهم ورَبِعاتِهم، بفتح
الباء وكسرها، أَي حالةٍ حسَنةٍ من اسْتقامتهم وأَمْرِهم الأَوَّل، لا
يكون في غير حسن الحال، وقيل: رِباعَتُهم شَأْنُهم، وقال ثعلب: رَبَعاتُهم
ورَبِعاتُهم مَنازِلُهم. وفي كتابه للمهاجرين والأَنصار: إِنهم أُمَّة
واحدة على رِباعتهم أَي على استقامتهم؛ يريد أَنهم على أَمرهم الذي كانوا
عليه. ورِباعةُ الرجل: شأْنه وحالهُ التي هو رابِعٌ عليها أَي ثابت
مُقيمٌ. الفراء: الناس على سَكَناتهم ونَزلاتهم ورَباعتهم ورَبَعاتهم يعني على
استقامتهم. ووقع في كتاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليهود على
رِبْعَتهم؛ هكذا وجد في سِيَر ابن إِسحقَ وعلى ذلك فسره ابن هشام. وفي حديث
المُغيرة: أَن فلاناً قد ارْتَبَعَ أَمْرَ القوم أَي ينتظر أَن يُؤَمَّر
عليهم؛ ومنه المُسْتَرْبِعُ المُطيقُ للشيء. وهو على رباعة قومه أَي هو
سَيِّدهم. ويقال: ما في بني فلان من يَضْبِطُ رِباعَته غير فلان أَي
أَمْرَه وشأْنه الذي هو عليه. وفي التهذيب: ما في بني فلان أَحد تُغْني
رِباعَتُه؛ قال الأَخطل:
ما في مَعَدٍّ فَتًى تُغْنِي رِباعَتُه،
إِذا يَهُمُّ بأَمْرٍ صالِحٍ فَعَلا
والرِّباعةُ أَيضاً: نحو من الحَمالة. والرَّباعةُ والرِّباعة: القبيلة.
والرَّباعِيةُ مثل الثمانية: إِحدى الأَسنان الأَربع التي تلي الثَّنايا
بين الثَّنِيّة والنّاب تكون للإِنسان وغيره، والجمع رَباعِياتٌ؛ قال
الأَصمعي: للإِنسان من فوق ثَنِيّتان ورَباعِيتان بعدهما، ونابانِ وضاحِكان
وستةُ أَرْحاء من كل جانب وناجِذان، وكذلك من أَسفل. قال أَبو زيد: يقال
لكل خُفّ وظِلْف ثَنِيّتان من أَسفل فقط، وأَما الحافرُ والسِّباع
كلُّها فلها أَربع ثَنايا، وللحافر بعد الثنايا أَربعُ رَباعِيات وأَربعة
قَوارِحَ وأَربعة أَنْياب وثمانية أَضراس. وأَرْبَعَ الفرسُ والبعير: أَلقى
رَباعِيته، وقيل: طلعت رَباعِيتُه. وفي الحديث: لم أَجد إِلا جملاً
خِياراً رَباعِياً، يقال للذكر من الإِبل إِذا طلَعت رَباعِيتُه: رَباعٌ
ورَباعٍ، وللأُنثى رَباعِيةٌ، بالتخفيف، وذلك إِذا دخلا في السنة السابعة.وفرس
رَباعٍ مثل ثَمان وكذلك الحمار والبعير، والجمع رُبَع، بفتح الباء؛ عن
ابن الأَعرابي، ورُبْع، بسكون الباء؛ عن ثعلب، وأَرباع ورِباع، والأُنثى
رَباعية؛ كل ذلك للذي يُلقِي رَباعيته، فإِذا نصبت أَتممت فقلت: ركبت
بِرْذَوْناً رَباعياً؛ قال العجاج يصف حماراً وحْشيّاً:
رَباعِياً مُرْتَبِعاً أَو شَوْقَبَا
والجمع رُبُعٌ مثل قَذال وقُذُل، ورِبْعان مثل غَزال وغِزْلان؛ يقال ذلك
للغنم في السنة الرابعة، وللبقر والحافر في السنة الخامسة، وللخُفّ في
السنة السابعة، أَرْبَعَ يُرْبِع إِرْباعاً، وهو فرس رَباع وهي فرس
رَباعِية. وحكى الأَزهري عن ابن الأَعرابي قال: الخيل تُثْنِي وتُرْبِع
وتُقْرِح، والإِبل تُثْنِي وتُرْبِع وتُسْدِسُ وتَبْزُلُ، والغنم تُثْنِي
وتُرْبِع وتُسدس وتَصْلَغُ، قال: ويقال للفرس إِذا استتم سنتين جَذَع، فإِذا
استتم الثالثة فهو ثَنيّ، وذلك عند إِلقائه رَواضِعَه، فإِذا استتم
الرابعة فهو رَباع، قال: وإِذا سقطت رَواضِعه ونبت مكانها سِنّ فنبات تلك السنّ
هو الإِثْناء، ثم تَسْقُط التي تليها عند إِرباعه فهي رَباعِيته،
فيَنْبُت مكانه سن فهو رَباع، وجمعه رُبُعٌ وأَكثر الكلام رُبُعٌ وأَرْباع.
فإِذا حان قُرُوحه سقط الذي يلي رَباعيته، فينبت مكانه قارِحُه وهو نابُه،
وليس بعد القروح سقُوط سِنّ ولا نبات سنّ؛ قال: وقال غيره إِذا طعَن
البعيرُ في السنة الخامسة فهو جذَع، فإِذا طعن في السنة السادسة فهو ثَنِيّ،
فإِذا طعن في السنة السابعة فهو رَباع، والأُنثى رَباعِية، فإِذا طعن في
الثامنة فهو سَدَسٌ وسَدِيس، فإِذا طعن في التاسعة فهو بازِل، وقال ابن
الأَعرابي: تُجْذِع العَناق لسنة، وتُثْنِي لتمام سنتين، وهي رَباعِية
لتمام ثلاث سنين، وسَدَسٌ لتمام أَربع سنين، وصالِغٌ لتمام خمس سنين. وقال
أَبو فقعس الأَسدي: ولد البقرة أَوّل سنة تبيع ثم جذَع ثم ثَنِيّ ثم رَباع
ثم سَدَس ثم صالغٌ، وهو أَقصى أَسنانه.
والرَّبيعة: الرَّوْضة. والرَّبيعة: المَزادَة. والرَّبيعة: العَتِيدة.
وحَرْب رَباعِية: شديدة فَتِيَّة، وذلك لأَن الإِرْباع أَول شدّة البعير
والفرس، فهي كالفرس الرَّباعي والجمل الرَّباعي وليست كالبازل الذي هو في
إِدبار ولا كالثَنيِّ فتكون ضعيفة؛ وأَنشد:
لأُصْبِحَنْ ظالماً حَرْباً رَباعِيةً.
فاقْعُدْ لها، ودَعَنْ عنكَ الأَظانِينا
قوله فاقْعُد لها أَي هيِّء لها أَقْرانَها. يقال: قعد بنو فلان لبني
فلان إِذا أَطاقوهم وجاؤوهم بأَعْدادهم، وكذلك قَعد فلان بفلان، ولم يفسر
الأَظانين، وجملٌ رباعٍ: كرباعٌ
(* في القاموس: جملٌ رباعٍ ورباعٌ.) وكذلك
الفرس؛ حكاه كراع قال: ولا نظير له إِلاَّ ثمانٍ وشَناحٍ في ثمانٌ
وشناحٌ؛ والشناحُ: الطويل. والرَّبِيعةُ: بيضة السّلاح الحديد.
وأَرْبَعَت الإِبل بالوِرْد: أَسْرَعت الكرّ إِليه فوردت بلا وقت، وحكاه
أَبو عبيد بالغين المعجمة، وهو تصحيف. والمُرْبِعُ: الذي يُورِد كلَّ
وقت من ذلك. وأَرْبَع بالمرأَة: كرّ إِلى مُجامَعتها من غير فَتْرة، وذكر
الأَزهري في ترجمة عذَم قال: والمرأَة تَعْذَم الرجلَ إِذا أَرْبَع لها
بالكلام أَي تَشْتُمه إِذا سأَلها المَكْروه، وهو الإِرْباعُ.
والأَرْبِعاء والأَرْبَعاء والأَرْبُعاء: اليوم الرابع من الأُسْبوع
لأَن أَوّل الأَيام عندهم الأَحد بدليل هذه التسمية ثم الاثنان ثم الثلاثاء
ثم الأَربعاء، ولكنهم اختصوه بهذا البناء كما اختصوا الدَّبَرانَ
والسِّماك لِما ذهبوا إِليه من الفَرْق. قال الأَزهري: من قال أَربعاء حمله على
أَسْعِداء. قال الجوهري: وحكي عن بعض بني أَسَد فتح الباء في الأَربعاء،
والتثنية أَرْبعاوان والجمع أَربعاوات، حُمِل على قياس قَصْباء وما
أَشبهها. قال اللحياني: كان أَبو زياد يقول مضى الأَربعاء بما فيه فيُفْرده
ويذكّره، وكان أَبو الجرّاح يقول مضت الأَربعاء بما فيهن فيؤنث ويجمع يخرجه
مخرج العدد، وحكي عن ثعلب في جمعه أَرابيع؛ قال ابن سيده: ولست من هذا
على ثقة. وحكي أَيضاً عنه عن ابن الأَعرابي: لا تَك أَرْبعاوِيّاً أَي ممن
يصوم الأَربعاء وحده. وحكى ثعلب: بنى بَيْته على الأَرْبُعاء وعلى
الأَرْبُعاوَى، ولم يأعت على هذا المثال غيره، إِذا بناه على أَربعة أَعْمِدة.
والأَرْبُعاء والأَرْبُعاوَى: عمود من أَعْمِدة الخِباء. وبيت
أَرْبُعاوَى: على طريقة واحدة وعلى طريقتين وثلاث وأَربع. أَبو زيد: يقال بيت
أُرْبُعاواء على أُفْعُلاواء، وهو البيت على طريقتين، قال: والبيوت على
طريقتين وثلاث وأَربع وطريقة واحدة، فما كان على طريقة واحدة فهو خباء، وما
زاد على طريقة فهو بيت، والطريقةُ: العَمَدُ الواحد، وكلُّ عمود طريقةٌ،
وما كان بين عمودين فهو مَتْنٌ. ومَشت الأَرْنَبُ الأُرْبَعا، بضم الهمزة
وفتح الباء والقصر: وهي ضرب من المَشْي.
وتَرَبَّع في جلوسه وجلس الأُرْبَعا على لفظ ما تقدم
(* قوله «على لفظ
ما تقدم» الذي حكاه المجد ضم الهمزة والباء مع المد.): وهي ضرب من
الجِلَس، يعني جمع جِلْسة. وحكى كراع: جلَس الأُربُعَاوى أَي متربعاً، قال: ولا
نظير له. أَبو زيد: اسْتَرْبَع الرَّملُ إِذا تراكم فارتفع؛ وأَنشد:
مُسْتَرْبِع من عَجاجِ الصَّيْف مَنْخُول
واستربَعَ البعيرُ للسير إِذا قَوِي عليه. وارْتَبَعَ البَعيرُ
يَرْتَبِعُ ارْتباعاً: أَسرع ومَرَّ يضرب بقوائمه كلها؛ قال العجاج:
كأَنَّ تَحْتي أَخْدرِيًّا أَحْقَبا،
رَباعِياً مُرْتَبِعاً أَو شَوْقَبا،
عَرْدَ التّراقي حَشْوَراً مُعَرْقَبا
(* قوله «معرقبا» نقله المؤلف في مادة عرد معقربا.)
والاسم الرَّبَعةُ وهي أَشدّ عَدْو الإِبل؛ وأَنشد الأَصمعي، قال ابن
بري: هو لأَبي دواد الرُّؤَاسي:
واعْرَوْرَتِ العُلُطَ العُرْضِيَّ تَرْكُضُه
أُمُّ الفَوارِس بالدِّئْداء والرَّبَعهْ
وهذا البيت يضرب مثلاً في شدَّة الأَمر؛ يقول: ركِبَت هذه المرأَة التي
لها بنون فوارِسُ بعيراً من عُرْض الإِبل لا من خيارها وهي أَرْبَعُهن
لَقاحاً أَي أَسْرَعُهنّ؛ عن ثعلب.
ورَبَع عليه وعنه يَرْبَعُ رَبْعاً: كَفَّ. وربَعَ يَرْبَعُ إِذا وقَفَ
وتَحَبَّس. وفي حديث شُرَيْح: حَدِّثِ امرأَةً حَدِيثين، فإِن أَبت
فارْبَعْ؛ قيل فيه: بمعنى قِفْ واقْتَصِر، يقول: حَدّثها حديثين فإِن أَبت
فأَمْسِك ولا تُتْعِب نفسك، ومن قطع الهمزة قال: فأَرْبَعْ، قال ابن
الأَثير: هذا مثل يضرب للبليد الذي لا يفهم ما يقال له أَي كرِّر القول عليها
أَرْبَع مرات وارْبَعْ على نفسك رَبْعاً أَي كُفَّ وارْفُق، وارْبَع عليك
وارْبَع على ظَلْعك كذلك معناه: انتظر؛ قال الأَحوص:
ما ضَرَّ جِيرانَنا إِذ انْتَجَعوا،
لو أَنهم قَبْلَ بَيْنِهم رَبَعُوا؟
وفي حديث سُبَيْعةَ الأَسْلَمِية: لما تَعَلَّت من نِفاسها تَشَوَّفَت
للخُطَّاب، فقيل لها: لا يَحِلّ لكِ، فسأَلت النبي، صلى الله عليه وسلم،
فقال لها: ارْبَعي على نَفْسك؛ قيل له تأْويلان: أَحدهما أَن يكون بمعنى
التَّوقُّف والانتظار فيكون قد أَمرها أَن تَكُفّ عن التزوج وأَن
تَنْتَظِر تَمام عدَّة الوَفاة على مذهب من يقول إِن عدتها أَبْعدُ الأَجَلَيْن،
وهو من رَبَعَ يَرْبَع إِذا وقف وانتظر، والثاني أَن يكون من رَبَع الرجل
إِذا أَخْصَب، وأَرْبَعَ إِذا دخل في الرَّبيع، أَي نَفِّسي عن نفسك
وأَخْرِجيها من بُؤْس العِدَّة وسُوء الحال، وهذا على مذهب من يرى أَنَّ
عدتها أَدْنى الأَجلين، ولهذا قال عمر، رضي الله عنه: إِذا ولدت وزوجها على
سَرِيره يعني لم يُدْفَن جاز لها أَن تَتزوَّج. ومنه الحديث: فإِنه لا
يَرْبَع على ظَلْعِك من لا يَحْزُنُه أَمْرُك أَي لا يَحْتَبِس عليك
ويَصْبِر إِلا من يَهُمُّه أَمرُك. وفي حديث حَلِيمة السَّعْدية: اربَعِي علينا
أَي ارْفُقِي واقتصري. وفي حديث صِلةَ بن أَشْيَم قلت لها: أَي نَفْسِ
جُعِل رزْقُكِ كَفافاً فارْبَعي، فَرَبعت ولم تَكَد، أَي اقْتصِري على
هذا وارْضَيْ به. ورَبَعَ عليه رَبْعاً: عطَفَ، وقيل: رَفَق.
واسْتَرْبَع الشيءَ: أَطاقه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
لَعَمْري، لقد ناطَتْ هَوازِنُ أَمْرَها
بمُسْتَرْبِعِينَ الحَرْبَ شُمِّ المَناخِرِ
أَي بمُطِيقين الحرب. ورجل مُسْتَرْبِع بعمله أَي مُسْتَتِلٌّ به
قَوِيٌّ عليه؛ قال أَبو وجزةَ:
لاعٍ يَكادُ خَفِيُّ الزَّجْرِ يُفْرِطُه،
مُسْتَرْبِعٌ بسُرى المَوْماةِ هَيّاج
اللاعي: الذي يُفْزِعه أَدنى شيء. ويُفْرِطُه: يَمْلَؤُه رَوعاً حتى
يذهب به؛ وأَما قول صخر:
كريم الثَّنا مُسْتَرْبِع كُلَّ حاسِد
فمعناه أَنه يحتمل حسَده ويَقْدِر؛ قال الأَزهري: هذا كله من رَبْع
الحجر وإِشالَته. وتَرَبَّعَت الناقةُ سَناماً طويلاً أَي حملته؛ قال: وأَما
قول الجعدي:
وحائل بازِل ترَبَّعت، الصْـ
ـصَيفَ، طَويلَ العِفاء، كالأُطُم
فإِنه نصب الصيف لأَنه جعله ظرفاً أَي تربعت في الصيف سَناماً طويل
العِفاء أَي حملته، فكأَنه قال: تربَّعت سَناماً طويلاً كثير الشحم.
والرُّبُوعُ: الأَحْياء.
والرَّوْبَع والرَّوْبعةُ: داء يأْخذ الفصال. يقال: أَخَذه رَوْبَعٌ
ورَوْبَعةٌ أَي سُقوط من مرض أَو غيره؛ قال جرير:
كانت قُفَيْرةُ باللِّقاحِ مُرِبَّةً
تَبْكي إِذا أَخَذَ الفَصيلَ الرَّوْبَعُ
قال ابن بري: وقول رؤبة:
ومَنْ هَمَزْنا عِزَّه تبَرْكَعا،
على اسْتِه، رَوْبعةً أَو رَوْبَعا
قال: ذكره ابن دريد والجوهري بالزاي، وصوابه بالراء روبعة أَو روبعا؛
قال: وكذلك هو شعر رؤْبة وفسر بأَنه القصِير الحقير، وقيل: القصير
العُرْقوبِ، وقيل: الناقص الخَلْقِ، وأَصله في ولد الناقة إِذا خرج ناقص الخلق؛
قاله ابن السكيت وأَنشد الرجز بالراء، وقيل: الرَّوْبع والرَّوبعة
الضعيف.واليَرْبُوع: دابة، والأُنثى بالهاء. وأَرض مَرْبَعةٌ: ذاتُ يَرابِيعَ.
الأَزهري: واليَرْبُوعُ دُوَيْبَّة فوق الجُرَذِ، الذكر والأُنثى فيه
سواء. ويَرابيعُ المَتْن: لحمه على التشبيه باليَرابيع؛ قاله كراع، واحدها
يَرْبوع في التقدير، والياء زائدة لأَنهم ليس في كلامهم فَعْلول، وقال
الأَزهري: لم أَسمع لها بواحد. أَحمد بن يحيى: إِن جعلت واو يربوع أَصلية
أَجْريت الاسم المسمى به، وإِن جعلتها غير أَصلية لم تُجْرِه وأَلحقته
بأَحمد، وكذلك واو يَكْسُوم. واليرابيع: دوابٌّ كالأَوْزاغ تكون في الرأْس؛
قال رؤبة:
فقَأْن بالصَّقْع يَرابيعَ الصادْ
أَراد الصَّيدَ فأَعلَّ على القياس المتروك. وفي حديث صَيْد المحرم: وفي
اليَرْبوع جَفْرة؛ قيل: اليَرْبوع نوع من الفأْر؛ قال ابن الأَثير:
والياء والواو زائدتان.
ويَرْبُوع: أَبو حَيّ من تَميم، وهو يربوع بن حنظلة ابن مالك بن عمرو بن
تميم. ويربوع أَيضاً: أَبو بَطن من مُرَّةَ، وهو يربوع بن غَيْظ بن
مرَّة بن عَوْف بن سعد بن ذُبيان، منهم الحرث بن ظالم اليربوعي المُرِّي.
والرَّبْعةُ: حَيّ من الأَزْد؛ وأَما قولُ ذِي الرُّمَّة:
إِذا ذابَتِ الشمْسُ، اتَّقَى صَقَراتِها
بأَفْنانِ مَرْبُوع الصَّرِيمةِ مُعْبِل
فإِنما عنى به شجراً أَصابه مطر الربيع أَي جعله شجراً مَرْبُوعاً فجعله
خَلَفاً منه.
والمَرابِيعُ: الأَمطار التي تجيءُ في أَوَّل الربيع؛ قال لبيد يصف
الديار:
رُزِقَتْ مَرايَِيعَ النُّجومِ، وصابها
وَدْقُ الرَّواعِد: جَوْدُها فرِهامُها
وعنى بالنجوم الأَنْواء. قال الأَزهري: قال ابن الأَعرابي مَرابِيعُ
النجوم التي يكون بها المطر في أَوَّل الأَنْواء. والأَرْبَعاء: موضع
(*
قوله « والأربعاء موضع» حكي فيه أيضاً ضم أوله وثالثه، انظر معجم ياقوت.)
ورَبِيعةُ: اسم. والرَّبائع: بُطون من تميم؛ قال الجوهري: وفي تَميم
رَبِيعتانِ: الكبرى وهو رَبِيعة بن مالك بن زَيْد مَناةَ بن تميم وهو ربيعة
الجُوع، والوسطى وهو رَبيعة بن حنظلة بن مالك. ورَبِيعةُ: أَبو حَيّ من
هَوازِن، وهو ربيعة بن عامر بن صَعْصَعةَ وهم بنو مَجْدٍ، ومجدٌ اسم أُمهم
نُسِبوا إِليها. وفي عُقَيْل رَبيعتان: رَبِيعة بن عُقَيل وهو أَبو
الخُلَعاء، وربيعة بن عامر بن عُقيل وهو أَبو الأَبْرص وقُحافةَ وعَرْعرةَ
وقُرّةَ وهما ينسبان للرَّبيعتين. ورَبِيعةُ الفرَس: أَبو قَبِيلة رجل من طيّء
وأَضافوه كما تضاف الأَجناس، وهو رَبِيعة بن نِزار بن مَعدّ بن عَدْنان،
وإِنما سمي ربيعة الفَرَس لأَنه أُعطي من مال أَبيه الخيل وأُعطي أَخوه
الذهَب فسمي مُضَر الحَمْراء، والنسبة إِليهم ربَعي، بالتحريك. ومِرْبَع:
اسم رجل؛ قال جرير:
زَعَمَ الفَرَزْدَقُ أَن سَيَقْتُل مِرْبعاً،
أَبْشِرْ بِطُول سَلامةٍ يا مِرْبَع
وسمت العرب رَبِيعاً ورُبَيْعاً ومِرْبَعاً ومِرْباعاً؛ وقول أَبي ذؤيب:
صَخِبُ الشَّوارِبِ لا يَزالُ، كأَنه
عَبْدٌ لآلِ أَبي رَبِيعةَ مُسْبَعُ
أَراد آل ربيعة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم لأَنهم كثيرو الأَموال
والعبيد وأَكثر مكة لهم. وفي الحديث ذكر مِرْبع، بكسر الميم: هو مالُ
مِرْبَعٍ بالمدينة في بني حارِثةَ، فأَمّا بالفتح فهو جبل قرب مكة. والهُدْهُد
يُكنَّى أَبا الرَّبِيع. والرَّبائعُ: مَواضِعُ؛ قال:
جَبَلٌ يَزِيدُ على الجِبال إِذا بَدا،
بَيْنَ الرَّبائعِ والجُثومِ مُقِيمُ
والتِّرْباعُ أَيضاً: اسم موضع؛ قال:
لِمَنِ الدِّيارُ عَفَوْنَ بالرَّضمِ،
فَمَدافِعِ التِّرْباعِ فالرَّجمِ
(* قوله «الرضم والرجم» ضبطا في الأصل بفتح فسكون، وبمراجعة ياقوت تعلم
أن الرجم بالتحريك وهما موضعان.)
ورِبْع: اسم رجل من هُذَيْل.
عظم: مِنْ صِفاتِ الله عزَّ وجلَّ العلِيُّ العَظِيمُ، ويُسبِّح العبدُ
رَبَّه فيقول: سبحان رَبِّي العظيم؛ العَظِيمُ: الذي جاوَزَ قدْرُهُ
وجلَّ عن حدودِ العُقول حتى لا تُتَصَوَّر الإحاطةُ بِكُنْهِه وحَقِيقتهِ.
والعِظَمُ في صِفاتِ الأَجْسام: كِبَرُ الطُّولِ والعرضِ والعمْق، والله
تعالى جلَّ عن ذلك. قال النبي، صلى الله عليه وسلم: أمَّا الرُّكوعُ
فعظِّمُوا فيه الربَّ أي اجْعلُوه في أنْفُسِكم ذا عَظمةٍ، وعَظمةُ اللهِ
سبحانه لا تُكَيَّفُ ولا تُحدُّ ولا تُمثَّل بشيء، ويجبُ على العبادِ أن
يَعْلَمُوا أنه عظيمٌ كما وصَفَ نفْسه وفَوْقَ ذلك بلا كَيفِيَّةٍ ولا
تَحْديدٍ. قال الليث: العَظمةُ التَّعَظُّمُ والنَّخْوةُ والزَّهْوُ؛ قال
الأزهري: ولا تُوصَفُ عظمةُ الله بما وصَفَها به الليثُ، وإذا وُصِفَ العبدُ
بالعَظمة فهو ذَمٌّ لأن العظمة في الحقيقة لله عز وجل، وأما عَظَمَةُ
العبدِ فكِبْرُه المذمومُ وتَجَبُّره. وفي الحديث: مَنْ تَعَظَّمَ في نفسه
لَقِيَ الله، تَبارَك وتعالى، غَضْبانَ؛ التَّعَطُّمُ في النفس: هو الكبرُ
والزَّهْوُ والنّخْوةُ. والعَظَمَةُ والعَظَمُوتُ: الكبرُ. وعَظَمَةُ
اللسان: ما عَظُمَ منه وغَلُطَ فوقَ العَكَدَةِ، وعَكَدَتُه أصْلُه.
والعِظَمُ: خلافُ الصِّغَر. عَظُمَ يَعْظُم عِظَماً وعَظامةً: كَبُرَ، وهو عظيمٌ
وعُظامٌ. وعَظَّمَ الأمرَ: كَبَّره. وأَعْظَمَه واسْتَعْظَمَه: رآه
عَظيماً. وتَعاظَمَه: عَظُمَ عليه. وأَمرٌ لا يَتَعاظَمُه شيءٌ: لا يَعْظُم
بالإضافة إليه، وسَيْلٌ لا يَتَعاظَمُه شيءٌ كذلك. وأَصابنا مطرٌ لا
يَتعاظَمُه شيءٌ أي لا يَعْظُمُ عِنده شيء. وفي الحديث: قال الله تعالى: لا
يَتَعاظَمُني ذَنْبٌ أَن أَغْفِرهَ؛ أي لا يَعْظُمُ عليَّ وعِندِي.
وأَعْظَمَني ما قُلْتَ لي أي هالَني وعَظُمَ عليَّ. ويقال: ما يُعْظِمُني أن
أفْعلَ ذلك أي ما يَهُولُني. وأَعْظَمَ الأمرُ فهو مُعْظِمٌ: صارَ عَظِيماً.
ورَماه بمُعْظَمٍ أي بعظيم. واسْتَعْظمتُ الأَمْرَ إذا أَنْكرتْه. ويقال:
لا يتَعاظَمُني ما أتيتُ إليك من عَظِيم النَّيْل والعَطِيَّةِ، وسمعتُ
خبراً فأَعْظَمْتُه. وَوَصَفَ الله عذابَ النَّارِ فقال: عَذاب عَظِيم؛
وكذلك العَذاب في الدُّنْيا. ووَصَف كَيْدَ النِّساء فقال: إنَّ كيدَكُنَّ
عَظيمٌ. ورجلٌ عَظِيمٌ في المَجْدِ والرَّأْي على المَثلِ، وقد تَعظَّمَ
واسْتَعظَمَ. ولِفلان عَظَمةٌ عندَ النَّاسِ أي حُرْمةٌ يُعظَّمُ لهَا،
وله مَعاظِمُ مِثْلُه؛ وقال مُرقِّش:
والخالُ له مَعاظِمٌ وحُرَمْ
(* تمام البيت كما في التكملة:
فنحن أخوالك عمرك ولنــــــخال له معاظم وحرم).
وإنَّه لَعَظِيمُ المَعاظِم أي عظيمُ الحُرْمة. ويقال: تَعاظَمَني
الأَمرُ وتَعاظَمْتُه إذا اسْتَعْظَمْتَه، وهذا كما يقال: تَهَيَّبَني الشيءُ
وتهَيَّبْتُه. واسْتَعْظَمَ: تَعَظَّمَ وتكبَّرَ، والاسم العُظْمُ.
وعُظْمُ الشيء: وَسَطُه. وقال اللحياني: عُظْمُ الأمرِ وعَظْمُه مُعْظَمُه.
وجاء في عُظْمِ النَّاسِ وعَظْمِهم أي في مُعْظَمِهم. وفي حديث ابن سيرين:
جَلَسْتُ إلى مَجْلِسٍ فيه عُظْمٌ من الأنْصارِ أي جماعةٌ كبيرةٌ منهم.
واسْتَعظَم الشيءَ: أخذ مُعظَمَه.
وعَظَمَةُ الذِّراعِ: مُسْتَغْلَظُها. وقال اللحياني: العظَمةُ من
الساعد ما يَلي المِرْفقَ الذي فيه العَضَلةُ، قال: والساعد نِصفْان: فنِصْفٌ
عَظَمةٌ، ونِصفٌ أَسَلةٌ، فالعَظَمةُ ما يَلي المِرْفقَ من مُسْتَغْلَظ
الذِّراعِ وفيه العَضَلةُ، والأَسَلةُ ما يَلي الكفَّ.
والعُظمةُ والعِظامةُ والعُظَّامةُ، بالتشديد، والإعْظامةُ والعظيمةُ:
ثَوْبٌ تُعظِّمُ به المرأَةُ عجيزتَها؛ وقال الفراء: العُظْمةُ شيءٌ
تُعَظِّمُ بعه المرأة رِدْفَها من مِرْفَقةٍ وغيرِها، وهذا في كلامِ بني
أَسَدٍ، وغيرُهم يقول: العِظامَةُ، بكسر العين؛ وقوله:
وإنْ تَنْجُ مِنها تَنْجُ مِنْ ذي عَظِيمةٍ،
وإلاَّ فإنِّي لا إخالُكَ ناجِيا
أَراد من أَمرٍ ذي داهيةٍ عَظِيمةٍ.
والعَظْمُ: الذي عليه اللحمُ من قَصَبِ الحيوانِ، والجمع أَعْظُمٌ
وعِظامٌ وعِظامةٌ، الهاء لتأْنيث الجمع كالفِحالةِ؛ قال:
وَيْلٌ لِبُعْرانِ أبي نَعامهْ
منْكَ، ومنْ شَفْرَتِك الهُدامهْ
إذا ابْتَرَكْتَ فحفَرْتَ قامهْ،
ثم نَثرْتَ الفَرْثَ والعِظامهْ
وقيل: العِظامةُ واحدةُ العِظام، ومنه الفِحالةُ والذِّكارةُ
والحِجارةُ، والنِّقادةُ جمعُ النَّقَد، والجِمالةُ جمعُ الجمل؛ قال الله عز وجل:
جِمالاتٌ صُفْرٌ؛ هي جمعُ جِمالةٍ وجِمالٍ. وعَظَّمَ الشاةَ: قَطَّعها
عَظْماً عَظْماً. وعَظَمَه عظْماً: ضَرَبَ عِظامَه. وعَظمَ الكلْبَ عَظْماً
وأَعْظَمه إيَّاه: أطْعمَه. وفي التنزيل: فَخَلَقْنا المُضْغَةَ عِظاماً
فَكَسَونا العِظامَ لحماً؛ ويُقرَأُ: فكسَوْنا العَظْمَ لَحْماً؛ قال
الأزهري: التوحيد والجمعُ هنا جائزانِ لأنه يُعْلَم أن الإنسانَ ذو عِظامٍ،
فإذا وُحِّدَ فلأنه يَدُلُّ على الجمع ولأن معه اللحمَ، ولَفظُه لَفظُ
الواحد، وقد يجوز من التوحيد إذا كان في الكلام دليلٌ على الجمع ما هو
أَشدُّ من هذا؛ قال الراجز:
في حَلْقِكم عَظْمٌ وقد شَجينا
يريد في حُلوقكم عِظامٌ. وقال عز وجل: قال مَنْ يُحْيي العِظامَ وهي
رَمِيمٌ؛ قال العِظام وهي جمعٌ ثم قال رميمٌ فَوحَّدَ، وفيه قولان: أَحدُهما
أن العِظامَ وإن كانت جمعاً فبناؤها بناء الواحد لأنها على بناء جدارٍ
وكِتاب وجِراب وما أشبهها فوَحَّدَ النَّعْت للفظ؛ قال الشاعر:
يا عَمْروُ جِيرانُكمُ باكِرُ،
فالقَلْبُ لا لاهٍ ولا صابِرُ
والجِيرانُ جمعٌ والباكِرُ نعتٌ للواحد، وجاز ذلك لأَن الجيرانَ لم
يُبْنَ بناءَ الجمع وهو على بناءِ عِرْفانٍ وسِرْحانٍ وما أَشْبهه، والقول
الثاني أن الرَّمِيمَ فعيلٌ بمعنى مَرْمومٍ، وذلك أن الإبلَ تَرُمُّ
العِظامَ أي تَقْضَمُها وتأْكُلها، فهي رَمَّةٌ ومَرْمومةٌ ورَمِيمٌ، ويجوز أن
يكون رَمِيمٌ من رَمَّ العَظْمُ إذا بَلِيَ يَرِمُّ. فهو رَامٌّ ورَمِيمٌ
أي بالٍ.
وعَظْمُ وَضَّاحٍ: لُعْبةٌ لهم يَطْرَحُون بالليل قِطْعةَ عَظْمٍ فمن
أصابَه فقد غلبَ أصحابَه فيقولون:
عُظَيْمَ وَضَّاحٍ ضِحَنَّ اللَّيْلَهْ،
لا تَضِحَنَّ بَعْدَها مِنْ لَيْلَهْ
وفي حديث: بَيْنا هو يَلْعَبُ مع الصِّبْيانِ وهو صَغيرٌ بِعَظْمِ
وَضَّاحٍ مَرَّ عليه يَهُودِيٌّ فقال له لَتَقْتُلَنَّ صَنادِيدَ هذه
القَرْيةِ؛ هي اللُّعْبةُ المذكورةُ وكانوا إذا أَصابَه واحدٌ منهم غلَبَ
أَصْحابَه، وكانوا إذا غَلَبَ واحدٌ من الفَرِيقين ركِبَ أصْحابُه الفريقَ
الآخَرَ من المَوْضِعِ الذي يَجِدُونه فيه إلى المَوْضِعِ الذي رَمَوْا به
منه.وعَظْمُ الفَدّانِ: لَوْحُه العَريضُ الذي في رأْسِه الحديدةُ التي
تُشَقُّ بها الأرضُ، والضاد لغة. والعَظْم: خَشَبُ الرَّحْلِ بلا أَنْساعٍ
ولا أَداةٍ، وهو عَظْمُ الرَّحْلِ. وقولهم في التعجب: عَظُمَ البَطْنُ
بَطْنُك وعَظْمَ البَطْنُ بَطْنُك، بتخفيف الظاء، وعُظْمَ البطنُ بطنُك،
بسكون الظاء ويَنْقُلون ضَمَّتها إلى العَيْن، بمعنى عَظُمَ، وإنما يكون
النَّقْلُ فيما يكون مَدْحاً أو ذَمّاً، وكلُّ ما حَسُنَ أن يكون على مذهب
نِعْمَ وبِئْسَ صحَّ تخفيفُه ونَقْلُ حركة وَسَطِه إلى أوّله، وما لم
يَحْسُنْ لم يُنْقَل وإن جاز تخفيفه، تقول حَسُنَ الوجْهُ وَجْهُك وحَسْنَ
الوَجْهُ وَجْهُك وحُسْنَ الوَجْهُ وَجْهُكَ، ولا يجوز أن تقول قد حُسْنَ
وجْهُك لأنه لا يصلح فيه نِعْمَ، ويجوز أن تُخَفِّفَه فتقولَ قد حَسْنَ
وَجْهُك، فقِس عليه. وأَعْظَمَ الأمْرَ وعَظَّمَه: فَخَّمه. والتَّعْظيمُ:
التَّبْجيلُ.
والعَظيمةُ والمُعْظَمةُ: النازلةُ الشديدةُ والمُلِمَّةُ إذا
أَعْضَلَتْ. والعَظَمَةُ: الكِبْرياءُ.
وذو عُظْمٍ: عُرْضٌ من أَعْراضِ خَيْبَر فيه عيونٌ جارية ونخيلٌ عامرة.
وعَظَماتُ القَوْمِ: سادتُهم وذو شَرَفِهم. وعُظْمُ الشيء ومُعْظَمُه:
جُلُّه وأكْثَرهُ. وعُظْمُ الشيء: أكْبَرُه. وفي الحديث: أنه كان يُحَدِّثُ
لَيْلةً عن بَني إسرائيلَ لا يَقُومُ فيها إلا إلى عُظْمِ صلاةٍ؛ كأَنه
أراد لا يقومُ إلا إلى الفَريضةِ؛ ومنه الحديث: فأَسْنَدُوا عُظْمَ ذلك
إلى ابنِ الدُّخْشُمِ أي مُعْظَمَه. وفي حديث رُقَيْقَةَ: انْظُرُوا
رَجُلاً طُوالاً عُظاماً أي عَظِيماً بالغاً، والفُعالُ من أَبنية المبالغة،
وأَبلغ منه فُعَّال بالتشديد.