Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=70106#4cab18
(تدله) تحير
دله: الدَّلْهُ والدَّلَهُ: ذهابُ الفُؤاد من هَمٍّ أَو نحوه كما
يَدْلَهُ عقل الإِنسان من عشق أَو غيره، وقد دَلَّهَهُ الهَمُّ أَو العِشْقُ
فــتَدَلَّه. والمرأَةُ تَدَلَّهُ على ولدها إِذا فَقَدَتْه. ودُلِّهَ
الرجلُ: حُيِّرَ، ودُلِّهَ عقلُه تَدْلِيهاً. والمُدَلَّهُ: الذي لا يحفظ ما
فَعل ولا ما فُعِلَ به. والــتَّدَلُّه: ذهابُ
العقل من الهَوى؛ أَنشد ابن بري:
ما السِّنُّ إِلا غَفْلَةُ المُدَلَّهِ
ويقال: دَلَّهَهُ الحُبُّ أَي حَيَّره وأَدْهَشَه، ودَلهِ هو يَدْلَهُ.
ابن سيده: ودَلَهَ يَدْلَهُ دُلُوهاً سَلا. والدَّلُوه من الإبل: التي لا
تكاد تَحِنُّ إلى إلْفٍ ولا ولد، وقد دَلَهَتْ عن إلْفِها وولدها
تَدْلَهُ دُلُوهاً، وذهب دَمُه دَلْهاً، بالتسكين، أَي هَدَراً. أَبو عبيد: رجل
مُدَلَّه إذا كان ساهي القلب ذاهب العقل، وقال غيره: رجل مُتَلَّه
ومُدَلَّه بمعنى واحد. ورجل دَالِهٌ ودالِهَةٌ: ضعيف النَّفْس. وفي حديث
رُقَيْقَة: دَلَّهَ عقلي أَي حَيَّره وأَذْهبه.
مأن: المَأْنُ والمَأْنةُ: الطِّفْطِفَةُ، والجمع مأْناتٌ ومُؤُونٌ
أَيضاً، على فُعُول، مثل بَدْرَة وبُدُور على غير قياس؛ وأَنشد أَبو
زيد:
إذا ما كنتِ مُهْدِيةً، فأَهْدِي
من المَأْناتِ أَو قِطَع السَّنامِ
وقيل: هي شَحْمة لازقة بالصِّفاق من باطنه مُطِيفتُه كلَّه، وقيل: هي
السُّرَّة وما حولها، وقيل: هي لحمة تحت السُّرَّة إلى العانة، وقيل:
المأْنة من الفرس السُّرَّة وما حولها، ومن البقر الطِّفْطِفة. والمأْنَةُ:
شَحْمةُ قَصِّ الصدر، وقيل: هي باطنُ الكِرْكِرة، قال سيبويه: المأنةُ تحت
الكِرْكِرة، كذا قال تحت الكِرْكِرة ولم يقل ما تحت، والجمع مَأْناتٌ
ومُؤُونٌ؛ وأَنشد:
يُشَبَّهْنَ السَّفِينَ، وهُنَّ بُخْتٌ
عِراضاتُ الأَباهِرِ والمُؤُونِ
ومَأَنه يَمْأَنُه مَأْناً: أَصابَ مأْنَتَه، وهو ما بين سُرَّته وعانته
وشُرْسُوفه. وقيل: مَأْنة الصدر لحمةٌ
سمينةٌ أَسفلَ الصَّدْرِ كأَنها لحمةٌ
فَضْلٌ، قال: وكذلك مَأْنةُ الطِّفْطِفة. وجاءه أَمرٌ
ما مأَنَ له أَي لم يشعر به. وما مأَنَ مأْنَه؛ عن ابن الأَعرابي، أَي
ما شعرَ به. وأَتاني أمرٌ
ما مأَنْتُ مأْنه وما مأَلْتُ مأْلَه ولا شأَنْتُ شأْنه أَي ما
تهيَّأْتُ له؛ عن يعقوب، وزعم أَن اللام مبدلة من النون. قال اللحياني: أَتاني
ذلك وما مأنْتُ مأنه أَي ما علِمْتُ عِلْمَه، وقال بعضهم: ما انتبهت له ولا
شعرْتُ به ولا تهَيَّأتُ له ولا أَخذْتُ أُهْبته ولا احتَفلْتُ به؛
ويقال من ذلك: ولا هُؤْتُ هَوْأَهُ ولا رَبَأْتُ رَبْأَه. ويقال: هو
يَمْأَنُه أَي يَعْلمه. الفراء: أَتاني وما مأَنْتُ مأْنه أَي لم أَكترِثُ له،
وقيل: من غير أَن تَهيَّأْتُ له ولا أَعدَدْتُ ولا عَمِلْتُ فيه؛ وقال
أَعرابي من سُلَيْم: أَي ما علمت بذلك. والتَّمْئِنَةُ: الإعلام.
والمَئِنَّةُ: العَلامة. قال ابن بري: قال الأَزهري الميم في مئِنَّة زائدة لأَن
وزنها مَفْعِلة، وأَما الميم في تَمْئِنة فأَصْل لأَنها من مأَنْتُ أَي
تهيأْت، فعلى هذا تكون التَّمئنة التَّهيئة. وقال أَبو زيد: هذا أَمر مأَنْتُ
له أَي لم أَشعُرْ به. أَبو سعيد: امْأَنْ مأْنَك أَي اعمَلْ ما
تُحْسِنُ. ويقال: أَنا أَمأَنُه أَي أُحْسنه، وكذلك اشْأَنْ شأْنَك؛
وأَنشد:إذا ما عَلِمتُ الأَمر أَقرَرْتُ عِلْمَه،
ولا أَدَّعي ما لستُ أَمْأَنُه جَهْلا
كفى بامرئٍ يوماً يقول بعِلْمِه،
ويسكت عما ليس يََعْلَمُه، فَضْلا
الأَصمعي: ما أَنْتُ في هذا الأَمر على وزن ماعَنْت أَي رَوَّأْتُ.
والمَؤُونة: القُوتُ. مأَنَ القومَ ومانهم: قام عليهم؛ وقول الهذَليَّ:
رُوَيدَ عِليّاً جُدَّ ما ثَدْيُ أُمِّهِمْ
إلينا، ولكنْ وُدُّهم مُتَمائنُ
معناه قديم، وهو من قولهم: جاءني الأَمر وما مأَنْتُ فيه مأْنةً أَي ما
طلبته ولا أَطلتُ التعبَ فيه، والتقاؤهما إذاً في معنى الطُّول والبُعد،
وهذا معنى القِدَم، وقد روي مُتَمايِن، بغير همز، فهو حينئذ من المَيْن،
وهو الكذب، ويروى مُتَيامِنٌ
أَي مائل إلى اليمن. الفراء: أَتاني وما مأَنْتُ مأْنَه أَي من غير أَن
تهيَّأْتُ ولا أَعدَدْتُ ولا عَمِلْتُ فيه، ونحو ذلك قال أَبو منصور،
وهذا يدل على أَن المؤُونة في الأَصل مهموزة، وقيل: المَؤُونة فَعُولة من
مُنْتُه أَمُونُه موْناً، وهمزةُ مَؤُونة لانضمام واوها، قال: وهذا حسن.
وقال الليث: المائِنة اسمُ ما يُمَوَّنُ أَي يُتكَلَّفُ من المَؤُونة.
الجوهري: المَؤونة تهمز ولا تهمز، وهي فَعُولة؛ وقال الفراء: هي مَفعُلة من
الأَيْن وهو التعب والشِّدَّة. ويقال: هو مَفعُلةٌ من الأَوْن وهو
الخُرْجُ والعِدْلُ لأَنه ثِقْلٌ على الإنسان؛ قال الخليل: ولو كان مَفعُلة لكان
مَئِينةً مثل معِيشة، قال: وعند الأَخفش يجوز أَن تكون مَفعُلة.
ومأَنْتُ القومَ أَمأَنُهم مأْناً إذا احتملت مَؤُونتَهم، ومن ترك الهمز قال
مُنْتُهم أَمُونهم. قال ابن بري: إن جَعلْتَ المَؤُونة من مانَهم يَمُونهم
لم تهمز، وإن جعلتها من مأَنْتُ همزتها؛ قال: والذي نقله الجوهري من مذهب
الفراء أَن مَؤُونة من الأَيْن، وهو التعب والشِّدَّة، صحيح إلا أَنه
أَسقط تمام الكلام، وتمامه والمعنى أَنه عظيم التعب في الإنفاق على من
يَعُول، وقوله: ويقال هو مَفعُلة من الأَوْنِ، وهو الخُرْج والعِدْل، هو قول
المازني إلا أَنه غيَّر بعضَ الكلام، فأَما الذي غيَّره فهو قوله: إن
الأَوْنَ الخُرْجُ وليس هو الخُرْجَ، وإِنما قال والأَوْنانِ جانبا الخُرْجِ،
وهو الصحيح، لأَن أَوْنَ الخرج جانبه وليس إِياه، وكذا ذكره الجوهري
أَيضاً في فصل أَون، وقال المازني: لأَنها ثِقْل على الإِنسان يعني
المؤُونة، فغيَّره الجوهري فقال: لأَنه، فذكَّر الضمير وأَعاده على الخُرْج،
وأَما الذي أَسقطه فهو قوله بعده: ويقال للأَتان إِذا أَقْرَبَتْ وعَظُمَ
بطنُها: قد أَوَّنتْ، وإِذا أَكل الإِنسانُ وامتلأَ بطنُه وانتفخت خاصِرَتاه
قيل: أَوَّنَ تأْوِيناً؛ قال رؤبة:
سِرّاً وقد أَوَّنَ تأْوِينَ العُقُقْ
انقضى كلام المازني. قال ابن بري: وأَما قول الجوهري قال الخليل لو كان
مَفْعُلة لكان مَئينةً، قال: صوابه أَن يقول لو كان مَفْعُلة من الأَيْن
دون الأَوْن، لأَن قياسها من الأَيْنِ مَئينة ومن الأَوْن مَؤُونة، وعلى
قياس مذهب الأَخفش أَنَّ مَفْعُلة من الأَيْنِ مَؤُونة، خلاف قول الخليل،
وأَصلها على مذهب الأَخفش مأْيُنَة، فنقلت حركة الياء إِلى الهمزة فصارت
مَؤويْنَة، فانقلبت الياء واواً لسكونها وانضمام ما قبلها، قال: وهذا
مذهب الأَخفش.
وإِنه لَمَئِنَّة من كذا أَي خَلِيقٌ. ومأَنْتُ فلاناً تَمْئِنَة
(*
قوله «ومأنت فلاناً تمئنة» كذا بضبط الأصل مأنت بالتخفيف ومثله ضبط في نسخة
من الصحاح بشكل القلم، وعليه فتمئنة مصدر جارٍ على غير فعله). أَي
أَعْلَمته؛ وأَنشد الأَصمعي للمَرَّار الفَقْعسيّ:
فتهامَسُوا شيئاً، فقالوا عرّسُوا
من غيرِ تَمْئِنَةٍ لغير مُعَرَّسِ
أَي من غير تعريف، ولا هو في موضع التَّعْريسِ؛ قال ابن بري: الذي في
شعر المَرَّار فتَناءَمُوا أَي تكلموا من النَّئِيم، وهو الصوت؛ قال: وكذا
رواه ابن حبيب وفسر ابنُ حبيب التَّمْئِنة بالطُّمَأْنينة؛ يقول: عَرّسوا
بغير موضع طُمَأْنينة، وقيل: يجوز أَن يكون مَفْعِلة من المَئِنَّة التي
هي الموضع المَخْلَقُ للنزول أَي في غير موضع تَعْريسٍ ولا علامة تدلهــم
عليه. وقال ابن الأَعرابي: تَمْئِنة تَهْيِئة ولا فِكْر ولا نظر؛ وقال
ابن الأَعرابي: هو تَفْعِلة من المَؤُونة التي هي القُوتُ، وعلى ذلك استشهد
بالقوت؛ وقد ذكرنا أَنه مَفْعِلة، فهو على هذا ثنائي. والمَئنَّةُ:
العلامة. وفي حديث ابن مسعود: إِنَّ طولَ الصلاة وقِصَرَ الخُطْبة مَئِنَّة
من فِقه الرجل أَي أَن ذلك مما يعرف به فِقْه الرجل. قال ابن الأَثير:
وكلُّ شيء دَلَّ على شيء فهو مَئِنَّة له كالمَخْلَقة والمَجْدرة؛ قال ابن
الأَثير: وحقيقتها أَنها مَفْعِلة من معنى إِنَّ التي للتحقيق والتأْكيد
غير مشتقة من لفظها، لأَن الحروف لا يشتق منها، وإِنما ضُمِّنَتْ حروفَها
دلالةً على أَن معناها فيها، قال: ولو قيل إِنها اشتقت من لفظها بعدما
جعلت اسماً لكان قولاً، قال: ومن أَغرب ما قيل فيها أَن الهمزة بدل من ظاء
المَظِنَّة، والميم في ذلك كله زائدة. قال الأَصمعي: سأَلني شعبة عن هذا
فقلت مَئِنَّة أَي علامة لذلك وخَلِيقٌ لذلك؛ قال الراجز:
إِنَّ اكْتِحالاً بالنَّقِيِّ الأَبْلَجِ،
ونَظَراً في الحاجِبِ المُزَجَّجِ،
مَئِنَّةٌ من الفَعالِ الأَعْوَجِ
قال: وهذا الحرف هكذا يروى في الحديث والشعر بتشديد النون، قال: وحقه
عندي أَن يقال مَئِينة مثال مَعِينة على فَعِيلة، لأَن الميم أَصلية، إِلا
أَن يكون أَصلُ هذا الحرف من غير هذا الباب فيكون مَئِنَّة مَفْعِلة من
إِنَّ المكسورة المشدَّدة، كما يقال: هو مَعْساةٌ من كذا أَي مَجْدَرة
ومَظِنَّة، وهو مبني من عسى، وكان أَبو زيد يقول مَئِتَّة، بالتاء، أَي
مَخْلَقة لذلك ومَجْدَرة ومَحْراة ونحو ذلك، وهو مَفْعِلة من أَتَّه يَؤُتُّه
أَتّاً إِذا غلبه بالحجة، وجعل أَبو عبيد الميم فيه أَصلية، وهي ميم
مَفْعِلة. قال ابن بري: المَئِنَّة، على قول الأَزهري، كان يجب أَن تذكر في
فصل أَنن، وكذا قال أَبو علي في التذكرة وفسره في الرجز الذي أَنشده
الجوهري:
إِنَّ اكتحالاً بالنقيِّ الأَبلج
قال: والنقيّ الثَّغْر، ومَئِنَّة مَخْلَقة؛ وقوله من الفَعالِ الأَعوج
أَي هو حرام لا ينبغي.
والمأْنُ: الخشبة في رأْسها حديدة تثار بها الأَرض؛ عن أَبي عمرو وابن
الأَعرابي.
قلد: قَلَد الماءَ في الحَوْضِ واللبن في السقاء والسمْنَ في النِّحْي
يَقْلِدهُ قَلْداً: جمعه فيه؛ وكذلك قَلَد الشرابَ في بَطْنِه. والقَلْدُ:
جمع الماء في الشيء. يقال: قَلَدْتُ أَقْلِدُ قَلْداً أَي جمعت ماء إِلى
ماء. أَبو عمرو: هم يَتَقالَدون الماء ويتَفَارطُون ويَتَرَقَّطون
ويَتَهاجَرون ويتفارَصُونَ وكذلك يَترافَصُون أَي يتناوبون. وفي حديث عبد الله
بن عمرو: أَنه قال لِقَيِّمِه على الوهط: إِذا أَقَمْتَ قَِلْدَكَ من
الماء فاسقِ الأَقْرَبَ فالأَقرب؛ أَراد بِقِلْدِه يوم سَقْيِه ماله أَي
إِذا سقيت أَرْضَك فأَعْطِ من يليك. ابن الأَعرابي: قَلَدْتُ اللبن في
السقاء وقَرَيْتُه: جمعته فيه. أَبو زيد: قَلَدْتُ الماء في الحوض وقَلَدْت
اللبن في السقاء أَقْلِدُه قَلْداً إِذا قَدَحًْتَ بقدَحِكَ من الماء ثم
صَبَبْتَه في الحوض أَو في السقاء. وقَلَدَ من الشراب في جوفه إِذا شرب.
وأَقْلَدَ البحرُ على خلق كثير: ضمّ عليهم أَي غَرَّقهم، كأَنه أُغْلِقَ
عليهم وجعلهم في جوفه؛ قال أُمية بن أَبي الصلت:
تُسَبِّحُه النِّينانُ والبَحْرُ زاخِراً،
وما ضَمَّ مِنْ شيَءٍ، وما هُوَ مُقْلِدُ
ورجل مِقْلَدٌ: مَجْمَعٌ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
جاني جَرادٍ في وعاء مِقْلَدَا
والمِقْلَدُ: عَصاً في رأْسها اعْوِجاجٌ يُقْلَدُ بها الكلأُ كما
يُقْتَلَدُ القَتُّ إِذا جُعِلَ حبالاً أَي يُفْتَلُ، والجمع المَقالِيدُ.
والمِقْلَدُ: المنْجَلُ يقطع به القتُّ؛ قال الأَعشى:
لَدَى ابنِ يزيدٍ أَو لَدَى ابن مُعَرِّفٍ،
يَقُتُّ لها طَوْراً، وطَوْراً بمِقْلَدِ
والمِقْلَدُ: مِفتاح كالمِنْجَلِ، وقيل: الإِقْليدُ مُعَرَّبٌ وأَصله
كِلِيذ. أَبو الهيثم: الإِقْلِيدُ المِفْتاحُ وهو المِقْلِيدُ. وفي حديث
قَتْلِ ابن أَبي الحُقَيْق: فقمت إِلى الأَقالِيدِ فأَخذْتُها؛ هي جمع
إِقْلِيد وهي المفاتِيحُ. ابن الأَعرابي: يقال للشيخ إِذا أَفْنَدَ: قد
قُلِّدَ حَبلَه فلا يُلْتَفَتِ إِلى رأْيه.
والقَلْدُ: دارَتُك قُلْباً على قُلْبٍ من الحُليِّ وكذلك لَيُّ
الحَديدةِ الدقيقة على مثلها. وقَلَدَ القُلْبَ على القُلْبِ يَقْلِدُه قَلْداً:
لواه وذلك الجَرِيدة إِذا رَقَّقَها ولواها على شيء. وكل ما لُوِيَ على
شيءٍ، فقد قُلِدَ. وسِوارٌ مَقْلودٌ، وهو ذو قُلْبَينِ مَلْوِيَّيْنِ.
والقَلْدُ: لَيُّ الشيءِ على الشيء؛ وسوارٌ مَقْلُودٌ وقَلْدٌ: مَلْوِيٌّ.
والقَلْدُ: السِّوارُ المَفْتُولُ من فضة. والإِقْلِيدُ: بُرَة الناقة
يُلْوَى طرفاها. والبرَةُ التي يُشَدُّ فيها زمام الناقة لها إِقليد، وهو
طَرَفها يُثْنى على طرفها الآخر ويُلْوَى لَياً حتى يَسْتَمْسِك.
والإِقْلِيدُ: المِفتاحُ، يمانية؛ وقال اللحياني: هو المفتاح ولم يعزها
إِلى اليمن؛ وقال تبَّعٌ حين حج البيت:
وأَقَمْنا به من الدَّهْر سَبْتاً،
وجَعَلْنا لِبابِهِ إِقْلِيدَا
سَبْتاً: دَهْراً ويروى ستاً أَي ست سنين. والمِقْلدُ والإِقْلادُ:
كالإِقْلِيدِ. والمِقْلادُ: الخِزانةُ. والمَقالِيدُ: الخَزائِنُ؛ وقَلَّدَ
فلانٌ فلاناً عَمَلاَ تَقْلِيداً. وقوله تعالى: له مقاليد السموات
والأَرض؛ يجوز أَن تكون المَفاتيحَ ومعناه له مفاتيح السموات والأَرض، ويجوز أَن
تكون الخزائن؛ قال الزجاج: معناه أَن كل شيء من السموات والأَرضِ فالله
خالقه وفاتح بابه؛ قال الأَصمعي: المقالِيدُ لا واحدَ لها. وقَلَدَ
الحبْلَ يَقْلِدُه قَلْداً: فَتلَه. وكلُّ قُوَّةٍ انْطَوَتْ من الحبْلِ على
قوّة، فهو قَلْدٌ، والجمع أَقْلادٌ وقُلُودٌ؛ قال ابن سيده: حكاه أَبو
حنيفة. وحَبْلٌ مَقْلُودٌ وقَلِيدٌ. والقَلِيدُ: الشَّريطُ، عَبْدِيَّة.
والإِقْلِيدُ: شَرِيطٌ يُشَدُّ به رأْس الجُلَّة. والإِقْلِيدُ: شيء
يطول مثل الخيط من الصُّفْر يُقْلَدُ على البُرَة وخَرْقِ القُرْط
(* قوله
«وخرق القرط» هو بالراء في الأَصل وفي القاموس وخوق بالواو، قال شارحه أي
حلقته وشنفه، وفي بعض النسخ بالراء.) ، وبعضهم يقول له القلاد يُقْلَدُ
أَي يُقَوّى.
والقِلادَة: ما جُعِل في العُنُق يكون للإِنسان والفرسِ والكلبِ
والبَدَنَةِ التي تُهْدَى ونحوِها؛ وقَلَّدْتُ المرأَةَ فَتَقَلَّدَتْ هي. قال
ابن الأَعرابي: قيل لأَعرابي: ما تقول في نساء بني فلان؟ قال: قلائِدُ
الخيل أَي هنَّ كِرامٌ ولا يُقَلَّدُ من الخيل بلا سابق كريم. وفي الحديث:
قَلِّدُوا الخيلَ ولا تُقَلِّدُوها الأَوتارَ أَي قَلِّدُوها طلبَ أَعداء
الدين والدفاعَ عن المسلمين، ولا تُقَلِّدُوها طلب أَوتارِ الجاهلية
وذُحُولها التي كانت بينكم، والأَوتار: جمع وِتر، بالكسر، وهو الدم وطلب
الثأْر، يريد اجعلوا ذلك لازماً لها في أَعناقها لُزومَ القلائد لِلأَعْناقِ؛
وقيل: أَراد بالأَوتار جمع وَتَرِ القَوْس أَي لا تجعلوا في أَعناقها
الأَوتار فتختَنِقَ لأَن الخيل ربما رعت الأَشجار فَنَشِبَتِ الأَوتارُ
ببعض شُعَبِها فَخَنَقَتْها؛ وقيل إِنما نهاهم عنها لأَنهم كانوا يعتقدون
أَن تقليد الخيل بالأَوتار يدفع عنها العين والأَذى فيكون كالعُوذةِ لها،
فنهاهم وأَعلمهم أَنها لا تدفع ضَرَراً ولا تَصْرِفُ حَذراً؛ قال ابن
سيده: وأَما قول الشاعر:
لَيْلى قَضِيبٌ تحتَه كَثِيبُ،
وفي القِلادِ رَشَأٌ رَبِيبُ
فإِما أَن يكون جَعَلَ قِلاداً من الجمع الذي لا يفارق واحده إِلا
بالهاء كتمرة وتمر، وإِما أَن يكون جمع فِعالَةً على فِعالٍ كَدِجاجَةٍ
ودِجاجٍ، فإِذا كان ذلك فالكسرة التي في الجمع غير الكسرة التي في الواحد،
والأَلف غير الأَلف. وقد قَلَّدَه قِلاداً وتَقَلَّدَها؛ ومنه التقلِيدُ في
الدين وتقليدُ الوُلاةِ الأَعمالَ، وتقليدُ البُدْنِ: أَن يُجْعَلَ في
عُنُقِها شِعارٌ يُعْلَمُ به أَنها هَدْي؛ قال الفرزدق:
حَلَفتُ بِرَبِّ مكةَ والمُصَلَّى،
وأَعْناقِ الهَديِّ مُقلَّداتِ
وقَلَّدَه الأَمرَ: أَلزَمه إِياه، وهو مَثَلٌ بذلك. التهذيب: وتقلِيدُ
البدَنَةِ أَن يُجْعَلَ في عنقها عُرْوةُ مَزادة أَو خَلَقُ نَعْل
فيُعْلم أَنها هدي؛ قال الله تعالى: ولا الهَدْيَ ولا القَلائِدَ؛ قال الزجاج:
كانوا يُقَلِّدُون الإِبل بِلِحاءِ شجر الحرم ويعتصمون بذلك من أَعدائهم،
وكان المشركون يفعلون ذلك، فأُمِرَ المسلمون بأَن لا يُحِلُّوا هذه
الأَشياء التي يتقرب بها المشركون إِلى الله ثم نسخ ذلك ما ذكر في الآية
بقوله تعالى: اقتلوا المشركين.
وتَقَلَّدَ الأَمرَ: احتمله، وكذلك تَقَلَّدَ السَّيْفَ؛ وقوله:
يا لَيْتَ زَوْجَكِ قَدْ غَدَا
مُتَقَلِّداً سَيْفاً وَرُمْحَا
أَي وحاملاً رُمْحاً؛ قال: وهذا كقول الآخر:
عَلَفْتُها تِبْناً وماءً بارِدَا
أَي وسقيتها ماء بارداً.
ومُقَلَّدُ الرجل: موضع نِجاد السيف على مَنْكِبَيْه. والمُقَلَّدُ من
الخيل: السابِقُ يُقَلَّدُ شيئاً ليعرف أَنه قد سبق. والمُقَلَّدُ: موضع.
ومُقَلَّداتُ الشِّعْرِ: البَواقِي على الدَّهْرِ.
والإِقْلِيدُ: العُنُقُ، والجمع أَقْلاد، نادِر.
وناقة قَلْداءُ: طويلة العُنُق.
والقِلْدَة: القِشْدة وهي ثُفْلُ السمن وهي الكُدادَةُ. والقِلْدَةُ:
التمر والسوِيقُ يُخَلَّصُ به السمن. والقِلْدُ، بالكسر، من الحُمَّى: يومُ
إِتْيانِ الرِّبْع، وقيل: هو وقت الحُمَّى المعروفُ الذي لا يكاد
يُخْطِئُ، والجمع أَقلاد؛ ومنه سميت قَوافِلُ جُدَّة قِلْداً. ويقال: قَلَدتْه
الحُمَّى أَخَذَته كل يوم تَقْلِدُه قَلْداً.
الأَصمعي: القِلْدُ المَحْمومُ يومَ تأْتيه الرِّبْع. والقِلْدُ:
الحَظُّ من الماء. والقِلْدُ: سَقْيُ السماء. وقد قَلَدَتْنا وسقتنا السماء
قَلْداً في كل أُسْبوع أَي مَطَرَتْنا لوقت. وفي حديث عمر: أَنه استسقى قال:
فَقَلَدَتْنا السماء قَلْداً كل خمس عشْرةَ ليلة أَي مَطَرَتْنا لوقت
معلوم، مأْخوذ من قِلْدِ الحُمَّى وهو يومُ نَوْبَتِها. والقَِلْدُ:
السَّقْيُ. يقال: قَلَدْتُ الزرعَ إِذا سَقَيْتَه. قال الأَزهري: فالقَلْدُ
المصدر، والقِلْدُ الاسم، والقِلْدُ يومُ السَّقْيِ، وما بين القِلْدَيْنِ
ظِمْءٌ، وكذلك القِلْد يومُ وِرْدِ الحُمَّى. الفراء: يقال سقَى إِبِلَهُ
قلْداً وهو السقي كل يوم بمنزلة الظاهرة. ويقال: كيف قَلْد نخل بني فلان؟
فيقال: تَشْرَبُ في كل عشْرٍ مرة. ويقال: اقْلَوَّدَه النعاسُ إِذا غشيه
وغَلبه؛ قال الراجز:
والقومُ صَرْعَى مِن كَرًى مُقْلَوِّد
والقِلد: الرُّفْقَة من القوم وهي الجماعة منهم. وصَرَّحَتْ بِقِلندان
أَي بِجِدٍّ؛ عن اللحياني.
قال: وقُلُودِيَّةُ
(* وقوله «وقلودية» كذا ضبط بالأصل وفي معجم ياقوت
بفتحتين فسكون وياء مخففة.) من بلاد الجزيرة. الأَزهري: قال ابن
الأَعرابي: هي الخُنْعُبَةُ والنُّونَةُ والثُّومَةُ والهَزْمَةُ والوَهْدَةُ
والقَلْدَةُ والهَرْتَمَةُ والحَِثْرَمِة والعَرْتَمَةُ؛ قال الليث:
الخُنْعُبَةُ مَشَقُّ ما بين الشاربين بِحيال الوَتَرة.
سبق: السَّبْق: القُدْمةُ في الجَرْي وفي كل شيء؛ تقول: له في كل أمر
سُبْقةٌ وسابِقةٌ وسَبْقٌ، والجمع الأَسْباق والسَّوابِقُ. والسَّبْقُ:
مصدر سَبَقَ. وقد سَبَقَه يَسْبُقُه ويَسْبِقُه سَبْقاً: تقدَّمه. وفي
الحديث: أنا سابِقُ العرب، يعني إلى الإسلام، وصُهَيْبٌ سابقُ الرُّوم،
وبِلالٌ سابقُ الحبَشة، وسلْمانُ سابقُ الفُرْس؛ وسابَقْتُه فسَبَقْتُه.
واسْتَبَقْنا في العَدْوِ أي تَسابَقْنا. وقوله تعالى: ثم أوْرَثْنا الكتابَ
الذين اصطَفَيْنا مِنْ عبادِنا فمنهم ظالم لِنَفْسِه ومنهم مُقْتصد ومنهم
سابِقٌ بالخيرات بإذن الله؛ رُوِيَ فيه عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه
قال: سابِقُنا سابِقٌ، ومقْتصِدُنا ناجٍ، وظالِمُنا مغفورٌ له، فدلَّك
ذلك على أن المؤمنين مغفور لمقْتَصدهم وللظالم لنفسه منهم. ويقال: له
سابِقةٌ في هذا الأَمر إذا سَبَق الناسَ إليه. وقوله تعالى: سَبْقاً؛ قال
الزجاج: هي الخيل، وقيل السابقات أرواح المؤمنين تخرج بسهولة، وقيل:
السابقات النجوم، وقيل: الملائكة تَسْبِق الشياطين بالوحي إلى الأَنبياء، عليهم
الصلاة والسلام، وفي التهذيب: تَسْبِق الجنَّ باستماع الوحي. ولا
يَسْبِقونه بالقول: لا يقولون بغير علم حتى يُعَلِّمهم؛ وسابَقَه مُسابَقَةً
وسِباقاً. وسِبْقك: الذي يُسابِقُك، وهم سِبْقي وأسْباقي. التهذيب: العرب
تقول للذي يَسْبِقُ من الخيل سابِقٌ وسَبُوق، وإذا كان يُسْبَق فهو
مُسَبَّق؛ قال الفرزدق:
من المُحْرِزينَ المَجْدَ يومَ رِهانِه،
سَبُوقٌ إلى الغاياتِ غير مُسَبَّق
وسَبَقَت الخيلُ وسابَقْتُ بينها إذا أرسلتها وعليها فُرْسانُها لتنظر
أيّها يَسْبِق. والسُّبَّق من النخل: المبَكِّرة بالحمل. والسَّبْق
والسابِقةُ: القُدْمة.
وأسْبَقَ القومُ إلى الأَمر وتَسابَقوا: بادروا. والسَّبَق، بالتحريك:
الخطَرُ الذي بوضع بين أهل السِّباق، وفي التهذيب: الذي يوضع في النِّضال
والرِّهان في الخيل، فمن سعبَق أخذه، والجمع أسباق. واسْتَبَق القومُ
وتَسابَقخوا: تَخاطَرُوا. وتَسابَقُوا: تناضلوا. ويقال: سَبَّق إذا أخذ
السَّبَق، وسَبَّقَ إذا أعطى السَّبَق، وهذا من الأضداد، وهو نادر، وفي
الحديث: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: لا سبَق إلا في خُفٍّ أو نَصْل أو
حافر، فالخفّ للإبل، والحافر للخيل، والنصال للرَّمْي. والسَّبَق، بفتح
الباء: ما يجعل من المال رَهْناً على المُسابَقةِ، وبالسكون: مصدر
سَبَقْت أسْبِق؛ المعنى لا يحل أخذ المال بالمُسابَقةِ إلا في هذه الثلاثة، وقد
ألحق بها الفقهاء ما كان يمعناها وله تفصيل في كتب الفقه. وفي حديث آخر:
مَنْ أدْخَلَ فَرَساً بين فَرَسَيْنِ فإن كان يْؤْمَنُ أن يُسْبَق فلا
خير فيه، وإن كان لا يؤمَن أن يُسْبَعق فلا بأْس به. قال أبو عبيد: الأَصل
أن يَسْبِقَ الرجلُ صاحبَه بشيء مسمى على أنه إن سَبَق فلا شيء له، وإن
سَبَقه صاحبُه أخذ الرهن، فهذا هو الحلال لأن الرهن من أحدهما دون الآخر،
فإن جعل كل واحد منهما لصاحبه رهناً أيّهما سَبَق أخذه فهو القِمارُ
المنهي عنه، فإن أرادا تحليل ذلك جعلا معهما فَرَساً ثالثاً لرجل سواهما،
وتكون فرسه كُفُؤاً لفرسَيْهما، ويسمى المُحَلِّلَ والدَّخِيلَ، فيضع
الرجلان الأَوّلان رَهْنَيْنِ منهما ولا يضع الثالث شيئاً، ثم يُرْسِلون
الأَفْراسَ الثلاثة، فإن سبق أحدُ الأَوّلين أخذ رَهْنَه ورَهْنَ صاحبه فكان
طَيِّباً له، وإن سَبَقَ الدخيلُ أخذ الرَّهْنَيْنِ جميعاً، وإن سُبِق هو
لم يغرم شيئاً، فهذا معنى الحديث. وفي الحديث: أنه أمَرَ بإجراء الخيل
وسَبَّقَها ثلاثة أعْذُقٍ من ثلاث نخلات؛ سَبَّقَها: بمعنى أعطى السَّبَق،
وقد يكون بمعنى أخذ، وهو من الأَضداد، ويكون مخففاً وهو المال المُعَيّن.
وقوله تعالى: إنَّا ذهبنا نِسْتَبِق؛ قيل: معناه نتَناضَل، وقيل: هو
نفتعل من السَّبْق. واسْتَبقا البابَ: يعني تَسابَقا إليه مثل قولك اقتتلا
بمعنى تَقاتلا؛ ومنه قوله تعالى: فاسْتَبِقُوا الخيرات؛ أي بادِرُوا
إليها؛ وقوله: فاسْتَبَقُوا الصراطَ؛ أي جاوَزُوه وتركوه حتى ضلّوا؛ وهم لها
سَابِقون، أي إليها سابِقون كما قال تعالى: بأنَّ رَبَّكَ أوْحى لها، أي
إليها. الأَزهري: جاء الاسْتباق في كتاب الله تعالى بثلاثة معان مختلفة:
أحدها قوله عز وجل: إنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِق، قال المفسرون: معناه
نَنْتَضل في الرمي، وقوله عز وجل: واسْتَبَقا البابَ؛ معناه ابْتَدَرا البابَ
يجتهد كل واحد منهما أن يَسْبِقَ صاحبه، فإن سَبَقَها يوسفُ فتح البابَ
وخرج ولم يُجِبْها إلى ما طلبته منه، وإن سَبَقَتْ زَلِيخا أغْلَقَت الباب
دونه لتُراوِدَه عن نفسه، والمعنى الثالث في قوله تعالى: ولو نشاء
لَطَمَسْنا على أعْيُنِهم فاسْتَبَقوا الصراطَ فأَنَّى يُبْصِرون؛ معناه فجازوا
الصراط وخَلّفوه، وهذا الاسْتباق في هذه الآية من واحد والوجهان
الأَولان من اثنين، لأن هذا بمعنى سَبَقُوا والأَوّلان بمعنى المُسابَقة. وقوله:
اسْتَقِيموا فقد سَبَقْتُم سَبْقاً بَعيداً؛ يروى بفتح السين وضمها على
ما لم يسم فاعله، والأَول أولى لقوله بعده: وإن أخَذْتم يميناً وشمالاً
فقد ضلَلْتم. وفي حديث الخوارج: سَبَقَ الفَرْثَ والدَّمَ أي مرَّ سريعاً
في الرمِيّة وخرج منها لم يَعْلَقْ منها بشيء من فَرْثِها ودَمِها
لسرعته؛ شبَّه خروجَهم من الدِّين ولم يَعْلَقوا بشيء منه به. وسَبَقَ على
قومِه: علاهم كَرَماً. وسِبَاقا البازي: قيْداه، وفي المحكم: والسِّبَاقانِ
قَيْدانِ في رِجْل الجارح من الطير من سير أو غيره. وسَبَّقْت الطَّير إذا
جعلت السِّبَاقَيْنِ في رجليه.
ذهل: الذَّهْل: تَرْكُكَ الشيءَ تَناساه على عَمْد أَو يَشْغَلك عنه
شُغْلٌ، تقول: ذَهَلْت عنه وذَهِلْتُ وأَذْهَلَني كذا وكذا عنه؛ وأَنشد:
أَذْهَلَ خِلِّي عن فِراشِي مَسْجَدُهْ
وفي التنزيل العزيز: يوم تَذْهَلُ كلُّ مُرْضِعة عما أَرضعت؛ أَي
تَسْلُو عن ولدها. ابن سيده: ذَهَل الشيءَ وذَهَل عنه وذَهِلَه وذَهِل، بالكسر،
عنه يَذْهَل فيهما ذَهْلاً وذُهُولاً تركه على عَمْد أَو غَفَل عنه أَو
نَسِيَه لشُغُل، وقيل: الذَّهْل السُّلوُّ وطيب النَّفْس عن الإِلْف، وقد
أَذْهَله الأَمر، وأَذْهلَه عنه.
ومَرَّ ذَهْل من الليل وذُهْل أَي قِطْعة، وقيل: ساعة منه مثل دَهْل،
والدال أَعلى، وجاءَ بعد ذَهْل من الليل ودَهْل أَي بعد هَدْءٍ؛ وأَنشد ابن
بري لأَبي جهمة الذهلي:
مَضَى من الليل ذَهْلٌ، وهي واحدةٌ،
كأَنَّها طائرٌ بالدَّوِّ مَذْعُور
قال: وقال أَبو زكريا التبريزي دَهْل، بدال غير معجمة؛ قال: وكذا أَنشده
في الحَماسة.
والذُّهْلُول من الخيل: الجَوادُ الدَّقيق.
وذُهْل: قبيلة. وذُهْلٌ: حَيٌّ من بكر وهما ذُهْلان كلاهما من ربيعة:
أَحدهما ذُهْلُ بن شيبان بنِ ثَعْلبةَ بنِ عُكَابة، والآخر ذُهْل بنُ ثعلبة
بن عُكَابة، وقد سَمَّوا ذُهْلاً وذُهْلانَ وذُهَيلاً.
غيظ: الغيْظُ: الغَضب، وقيل: الغيظ غضب كامن للعاجز، وقيل: هو أَشدُّ من
الغضَب، وقيل: هو سَوْرَتُه وأَوّله. وغِظتُ فلاناً أَغِيظه غَيْظاً وقد
غاظه فاغتاظ وغَيَّظَه فتَغَيَّظ وهو مَغِيظ؛ قالت قُتَيْلةُ بنت النضر
بن الحرث وقتل النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَباها صبراً:
ما كان ضَرَّكَ، لو مَنَنْتَ، ورُبما
مَنَّ الفتى، وهو المَغِيظُ المُحْنَقُ
والتغَيُّظُ: الاغتِياظ، وفي حديث أُم زرع: وغيْظُ جارَتها، لأَنها ترى
من حسنها ما يَغيظُها. وفي الحديث: أَغْيَظُ الأَسماء عند اللّه رجل
تَسَمَّى مَلِكَ الأَملاك؛ قال ابن الأَثير: هذا من مجاز الكلام معدول عن
ظاهره، فإِن الغيظ صفةٌ تغيِّرُ المخلوق عند احتداده يتحرك لها، واللّه
يتعالى عن ذلك، وإِنما هو كناية عن عقوبته للمتسمي بهذا الاسم أَي أَنه أَشد
أَصحاب هذه الأَسماء عقوبةً عند اللّه. وقد جاء في بعض روايات مسلم:
أَغيظ رجل على اللّه يوم القيامة وأَخبثه وأَغيظه عليه رجل تسمى بملك
الأَملاك؛ قال ابن الأَثير: قال بعضهم لا وجه لتكرار لفظتي أَغيظ في الحديث
ولعله أَغنظ، بالنون، من الغَنْظِ، وهو شدّة الكرب. وقوله تعالى: سمعوا لها
تغيُّظاً وزفيراً؛ قال الزجاج: أَراد غَلَيان تَغَيُّظٍ أَي صوت غليان.
وحكى الزجاج: أَغاظه، وليست بالفاشية. قال ابن السكيت: ولا يقال أَغاظه.
وقال ابن الأَعرابي: غاظه وأَغاظه وغَيَّظه بمعنى واحد. وغايَظَه: كغَيَّظه
فاغتاظ وتَغيَّظ. وفعَل ذلك غِياظَكَ وغِياظَيْك. وغايَظَه: باراه فصنع
ما يصنع. والمُغايظة: فِعْلٌ في مُهلة أَو منهما جميعاً. وتغَيَّظَتِ
الهاجرة إِذا اشتدّ حَمْيُها؛ قال الأَخطل:
لَدُنْ غُدْوةٍ، حتى إِذا ما تَغَيَّظَت
هواجرُ من شعبانَ، حامٍ أَصيلُها
وقال اللّه تعالى: تكاد تمَيَّزُ من الغيظ؛ أَي من شدَّة الحرِّ.
وغَيَّاظٌ: اسم. وبنو غَيْظٍ: حيٌّ من قيس عَيْلانَ، وهو غَيْظُ بنُ
مُرَّةَ بنِ عوفِ بنِ سعد بن ذُبْيانَ ابن بَغِيض بن رَيْثِ بن غَطَفانَ.
وغَيَّاظُ بنُ الحُضَينِ بن المنذر: أَحد بني عمرو بن شَيْبان الذُّهلي
السدُوسي؛ وقال فيه أَبوه الحضين يهجوه:
نَسِيٌّ لما أُولِيتَ من صالح مَضى،
وأَنت لتأْديبٍ عليَّ حَفِيظُ
تَلِنَ لأَهْل الغِلِّ والغَمز منهمُ،
وأَنت على أَهلِ الصَّفاء غليظ
وسُمِّيتَ غَيَّاظاً، ولستَ بغائظٍ
عدوّاً، ولكن للصَّدِيقِ تَغِيظ
فلا حَفِظَ الرحمنُ رُوحَك حَيَّةً،
ولا وهْيَ في الأَرواحِ حين تَفِيظ
عَدُوُّكَ مَسرورٌ، وذو الوُدِّ، بالذي
يَرى منك من غيْظ، عليك كَظيظ
وكان الحُضَيْنُ هذا فارساً وكانت معه راية عليّ، كرم اللّه وجهه، يومَ
صِفِّينَ وفيه يقول، رضي اللّه عنه:
لِمَنْ رايةٌ سوداءٌ يَخْفُقُ ظِلُّها،
إِذا قيل: قَدِّمْها حُضَيْنُ، تَقَدَّما
ويُورِدُها للطَّعْنِ حتى يُزِيرَها
حِياضَ المَنايا، تَقْطُر الموتَ والدّما
هدل: الأَزهري: هَدَر الغلامُ وهَدَل إِذا صوَّت؛ قال ذو الرمة:
طَوى البَطْنَ زَيَّامٌ كأَنَّ سَحِيلَه
عليهنَّ، إِذْ وَلَّى، هَدِيلُ غُلام
أَي غِناءُ غُلام. ابن سيده: الهَدِيل صوتُ الحمام، وخصَّ بعضهم به
وحْشِيَّتها كالدَّباسِيِّ والقَمارِيِّ ونحوها، هَدَل القُمْرِيُّ، وفي
المحكم: هَدَل يَهْدِل هَدِيلاً؛ قال ذو الرمة:
إِذا ناقَتي عند المُحَصَّب شاقَها
رَواحُ اليَماني، والهَدِيلُ المُرَجَّعُ
(* قوله «إذا ناقتي» في الصحاح:ارى ناقتي).
وأَنشد ابن بري:
ما هاجَ شَوْقَك من هَدِيلِ حمامةٍ،
تَدْعُو على فَنَنِ الغُصُون حَماما
قال ابن بري: وقد جاء الهَدِيل في صوت الهُدْهُد؛ قال الراعي:
كَهُداهِدٍ كسَرَ الرُّماةُ جَناحَهُ،
يَدْعُو بِقارِعِه الطريقِ هَدِيلا
قال: وهذا تصغير هُدْهُد أُبْدِلت من يائه أَلف، قال: ومثله دُوابَّةٌ،
حكاهما أَبو عمرو ولم يُعْرَف لهما ثالث. وهَدَلت الحمامة تَهْدِل
هَدِيلاً، وقيل: الهَدِيل ذكَرُ الحمام، وقيل: هو فَرْخها؛ قال جِرانُ
العَوْد:كأَنّ الهَدِيل الظَّالِعَ الرِّجْل وَسْطَها،
من البَغْي، شِرِّيبٌ يُغَرِّد مُنْزَفُ
وقال بعضهم: تزعم الأَعراب في الهَدِيل أَنه فرْخ كانَ غلى عهد نوح،
عليه السلام، فمات ضَيْعةً وعطَشاً فيقولون إِنه ليس من حمامة إِلاَّ وهي
تبكي عليه؛ قال نُصيب
(* قوله «قال نصيب إلخ» في المحكم: قال نصيب، ولم
يذكر خلافاً، وفي التهذيب: قال الاموي وأنشدني ابن أبي وجزة السعدي
لنصيب).وقيل هو لأَبي وجزة:
فقلت: أَتبكي ذاتُ طَوْقٍ تذكَّرتْ
هَدِيلاً، وقد أَوْدى وما كان تُبَّعُ؟
يقول: ولم يخلق تُبَّع بعدُ، قال: ويقال صادَ الهَدِيلَ جارِحٌ من
جَوارِح الطير؛ وأَنشد الكميت الأَسدي:
وما مَنْ تَهْتِفِينَ به لِنَصْرٍ
بأَسْرَعَ، جابةً لكِ، من هَدِيلِ
فمرّة يجعلونه الطائرَ نفسَه، ومرَّة يجعلونه الصَّوْت. والهَدِيلُ
أَيضاً: الرجل الكثير الشعَر، وقيل: هو الأَشْعَث الذي لا يسرِّح رأْسه ولا
يدهنه؛ أَنشد أَبو زيد:
هِدانٌ أَخُو وَطْبٍ، وصاحِبُ عُلْبة،
هَدِيلٌ لِرَثَّاثِ النِّقالِ جَرُورُ
النِّقال: النِّعالُ الخُلْقان. ورجل هَدِيل: ثقيل. وتَهَدَّلتِ
الثِّمارُ وأَغصان الشجرة أَي تدلَّت، فهي مُتَهَدِّلة. وفي حديث قُسّ: وروضةٍ
قد تَهَدَّلت أَغصانها أَي تدلَّت واسترختْ لثِقَلها بالثمر. وفي حديث
الأَحْنف: من ثِمارٍ مُتَهَدِّلةٍ.
وهَدَل الشيءَ يَهْدِله هَدْلاً: أَرسله إِلى أَسفل وأَرخاه. والهَدَل:
استرخاه المِشْفَر الأَسفل، هَدِل هَدَلاً. ومِشْفَر هادِلٌ وأَهْدَل
وشَفة هَدْلاء: مُنْقَلِبة عن الذَّقَن. وهدِل البعير يَهْدَل هَدَلاً فهو
أَهْدَل: أَخذته القرحة فهَدِل مِشْفَره وطال. وهَدِل يَهْدَل هَدلاً فهو
هَدِل: طال مِشْفره، وبعير هَدِل منه. وبعير أَهْدَل، وذلك مما يمدح به؛
قال أَبو محمد الحَذْلَمي:
يُبادِر الحَوْضَ، إِذا الحَوْضُ شُغِلْ،
بكلِّ شَعشاعٍ صُهابيٍّ هَدِلْ
(* قوله «يبادر الحوض إلخ» هكذا في الأصل، وانشده للعجاج في شعشع بلفظ:
تبادر الحوض إذا الحوض شغل * بشعشعانيّ صهابيّ
هدل
والشطر الثاني في المحكم والتهذيب مثل ما هنا).
وقد تَهَدَّلتْ شَفَته أَي استرختْ، وقيل: الهَدَل في الشفة عِظَمُها
واسترخاؤها وذلك للبعير، وإِنما يقال رجل أَهْدَل وامرأَة هَدْلاء مستعاراً
من البعير. وفي حديث ابن عباس: أَعْطِهم صَدَقَتك وإِن أَتاك أَهْدَل
الشفتين؛ الأَهْدَلُ: المسترخي الشفة السفلى الغليظها، أَي وإِن كان الآخذ
أَسود حَبَشيّاً أَو زِنْجيّاً، والضمير في أَعْطِهم للوُلاة وأُولي
الأَمْرِ. وفي حديث زياد: أَهْدَبُ أَهْدَلُ: والسحاب إِذا تدلَّى هَيْدَبُه
فهو أَهدَل؛ قال الكميت:
بِتَهْتانِ دِيمَتِهِ الأَهْدَلِ
ويقال: شِدْق أَهدَل؛ قال الراجز:
يُلْقِيه في طُرْقٍ أَتتها من عَلِ
قُذْف لها جُوفٍ وشِدْقٍ أَهْدَلِ
(* قوله «يلقيه في طرق إلخ» هكذا في الأصل مضبوطاً).
والتَّهَدُّل: استرخاء جلدة الخُصْية ونحو ذلك؛ قال:
كأَنَّ خُصْيَيْهِ من التَّهَدُّلِ،
ظَرْفُ عَجُوز فيه ثِنْتا حَنْظَلِ
ويروى: من التَّدَلْدُل.
والهَدال: ما تَهَدَّل من الأَغصان؛ قال الأَعشى:
ظَبْيَةٌ من ظِباء وَجْرَة أَدْما
ءُ، تَسُفُّ الكَباثَ تحت الهَدالِ
الجوهري: والهَدالُ ما تَدَلَّى من الغصن؛ وقال:
يَدْعُو الهَدِيلُ وساقُ حُرٍّ فَوْقَه،
أُصُلاً، بأَوديةٍ ذَواتِ هدالِ
وأَنشد ابن بري:
طامٍ عليه وَرَقُ الهَدالِ
والهَدالةُ: شجرة تنبت في السَّمُر ليست منه وتنبت في اللَّوْز والرمّان
وفي كل شجرة
(* قوله «وفي كل شجرة» كذا في الأصل والمحكم، وفي الصاغاني:
وفي كل الشجر). وثمرتها بيضاء، وقيل: الهَدالة كلُّ غصن نبت مستقيماً في
طَلْحة أَو أَراكة، وهو مما يُشْفَى به المَطْبوب، والجمع هَدَالٌ،
ويقال: كل غصن ينبت في أَراكة أَو طَلْحة مستقيمة فهي هَدالةٌ، كأَنها مخالفة
لسائرها من الأَغصان، وربما دَاوَوْا به من السِّحْر والجُنون.
والهَدَال: ضرْب من الشجر. والهَدَال: شجر بالحجاز له ورَق عِراض أَمثال
الدَّراهِم الضِّخام لا ينبت إِلاَّ مع أَشجار السَّلَع والسَّمُر؛ يَسْحَقه
أَهلُ اليمن ويطبُخُونه. وقال أَبو حنيفة لَبَن هِدْلٌ لغة في إِدْلٍ لا
يُطاق حَمَضاً، قال ابن سيده: وأُراه على البدَل.
هدي: من أَسماء الله تعالى سبحانه: الهادي؛ قال ابن الأَثير: هو الذي
بَصَّرَ عِبادَه وعرَّفَهم طَريقَ معرفته حتى أَقرُّوا برُبُوبيَّته، وهَدى
كل مخلوق إِلى ما لا بُدَّ له منه في بَقائه ودَوام وجُوده. ابن سيده:
الهُدى ضدّ الضلال وهو الرَّشادُ، والدلالة أُنثى، وقد حكي فيها التذكير؛
وأَنشد ابن بري ليزيد بن خَذَّاقٍ:
ولقد أَضاءَ لك الطرِيقُ وأَنْهَجَتْ
سُبُلُ المَكارِمِ، والهُدَى تُعْدِي
قال ابن جني: قال اللحياني الهُدَى مذكر، قال: وقال الكسائي بعض بني
أَسد يؤنثه، يقول: هذه هُدًى مستقيمة. قال أَبو إِسحق: قوله عز وجل: قل إِن
هُدَى الله هو الهُدَى؛ أَي الصِّراط الذي دَعا إِليه هو طَرِيقُ الحقّ.
وقوله تعالى: إِنَّ علينا لَلْهُدَى؛ أَي إِنَّ علينا أَنْ نُبَيِّنَ
طريقَ الهُدَى من طَرِيق الضَّلال. وقد هَداه هُدًى وهَدْياً وهِدايةً
وهِديةً وهَداه للدِّين هُدًى وهَداه يَهْدِيه في الدِّين هُدًى. وقال قتادة
في قوله عز وجل: وأَما ثَمُودُ فهَدَيْناهُم؛ أَي بَيَّنَّا لهم طَرِيقَ
الهُدى وطريق الضلالة فاسْتَحَبُّوا أَي آثرُوا الضلالة على الهُدَى.
الليث: لغة أَهل الغَوْرِ هَدَيْتُ لك في معنى بَيَّنْتُ لك. وقوله تعالى:
أَوَلم يَهْدِ لهم؛ قال أَبو عمرو بن العلاء: أَوَلم يُبَيِّنْ لهم. وفي
الحديث: أَنه قال لعليّ سَلِ اللهَ الهُدَى، وفي رواية: قل اللهم اهْدِني
وسَدِّدْني واذكر بالهُدَى هِدايَتك الطريقَ وبالسَّدادِ تَسْدِيدَك
السَّهْمَ؛ والمعنى إِذا سأَلتَ الله الهُدَى فأَخْطِر بقَلْبك هِدايةَ
الطَّريق وسَلِ الله الاستقامة فيه كما تتَحَرَّاه في سُلوك الطريق، لأَنَّ
سالكَ الفَلاة يَلزم الجادّةَ ولا يُفارِقُها خوفاً من الضلال، وكذلك
الرَّامِي إِذا رَمَى شيئاً سَدَّد السَّهم نحوه ليُصِيبه، فأَخْطِر ذلك بقلبك
ليكون ما تَنْويه مِنَ الدُّعاء على شاكلة ما تستعمله في الرمي. وقوله عز
وجل: الذي أَعْطَى كلَّ شيء خَلْقَه ثم هَدَى؛ معناه خَلَق كلَّ شيء على
الهيئة التي بها يُنْتَفَعُ والتي هي أَصْلَحُ الخَلْقِ له ثم هداه
لمَعِيشته، وقيل: ثم هَداه لموضعِ ما يكون منه الولد، والأَوَّل أَبين
وأَوضح، وقد هُدِيَ فاهْتَدَى. الزجاج في قوله تعالى: قُلِ اللهُ يَهْدِي
للحقِّ؛ يقال: هَدَيْتُ للحَقِّ وهَدَيْت إِلى الحق بمعنًى واحد، لأَنَّ
هَدَيْت يَتَعدَّى إِلى المَهْدِيّين، والحقُّ يَتَعَدَّى بحرف جر، المعنى: قل
الله يهدي مَن يشاء للحق. وفي الحديث: سُنَّة الخُلفاء الرَّاشِدِين
المَهْدِيّينَ؛ المَهْدِيُّ: الذي قد هَداه الله إِلى الحق، وقد اسْتُعْمِل
في الأَسماء حتى صار كالأَسماء الغالبة، وبه سُمي المهْدِيُّ الذي بَشَّر
به النبيُّ،صلى الله عليه وسلم، أَنه يجيء في آخر الزمان، ويريد
بالخلفاء المهديين أَبا بكر وعمر وعثمان وعليّاً، رضوان الله عليهم، وإِن كان
عامّاً في كل من سار سِيرَتَهم، وقد تَهَدَّى إِلى الشيء واهْتَدَى. وقوله
تعالى: ويَزِيدُ الله الذين اهْتَدَوْا هُدًى؛ قيل: بالناسخ والمنسوخ،
وقيل: بأَن يَجْعَلَ جزاءهم أَن يزيدهم في يقينهم هُدًى كما أَضَلَّ
الفاسِق بفسقه، ووضع الهُدَى مَوْضِعَ الاهْتداء. وقوله تعالى: وإِني لَغَفّار
لمن تابَ وآمَنَ وعَمِل صالحاً ثمَّ اهْتَدَى؛ قال الزجاج: تابَ مِنْ
ذنبه وآمن برَبِّهِ ثم اهْتدى أَي أَقامَ على الإِيمان، وهَدَى واهْتَدَى
بمعنى. وقوله تعالى: إِنَّ الله لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ؛ قال الفراء: يريد
لا يَهْتدِي. وقوله تعالى: أَمْ مَنْ لا يَهَدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى،
بالتقاء الساكنين فيمن قرأَ به، فإِن ابن جني قال: لا يخلو من أَحد
أَمرين: إِما أَن تكون الهاء مسكنة البتة فتكون التاء من يَهْتَدِي مختلسة
الحركة، وإِما أَن تكون الدال مشدَّدة فتكون الهاء مفتوحة بحركة التاء
المنقولة إِليها أَو مكسورة لسكونها وسكون الدال الأُولى، قال الفراء: معنى
قوله تعالى: أَمْ مَنْ لا يَهَدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى؛ يقول: يَعْبُدون
ما لا يَقْدِر أَن يَنتقل عن مكانه إِلا أَن يَنْقُلُوه، قال الزجاج:
وقرئ أَمْ مَن لا يَهْدْي، بإسكان الهاء والدال، قال: وهي قراءة شاذة وهي
مروية، قال: وقرأَ أَبو عمرو أَمْ مَن لا يَهَدِّي، بفتح الهاء، والأَصل لا
يَهْتَدِي. وقرأَ عاصم: أم مَنْ لا يَهِدِّي، بكسر الهاء، بمعنى
يَهْتَدِي أَيضاً، ومن قرأَ أَمْ من لا يَهْدِي خفيفة، فمعناه يَهْتَدِي أَيضاً.
يقال: هَدَيْتُه فَهَدَى أَي اهْتَدَى؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
إِنْ مَضَى الحَوْلُ ولم آتِكُمُ
بِعَناجٍ تَهتدِي أَحْوَى طِمِرّْ
فقد يجوز أَن يريد تهتدي بأَحوى، ثم حذف الحرف وأَوصل الفعل، وقد يجوز
أَن يكون معنى تهتدي هنا تَطْلُب أَن يَهْدِيها، كما حكاه سيبويه من قولهم
اخْتَرَجْتُه في معنى استخرجته أَي طلبت منه أَن يَخْرُج. وقال بعضهم:
هداه اللهُ الطريقَ، وهي لغة أَهل الحجاز، وهَداه للطَّريقِ وإِلى الطريقِ
هِدايةً وهَداه يَهْدِيه هِدايةً إِذا دَلَّه على الطريق. وهَدَيْتُه
الطَّريقَ والبيتَ هِداية أَي عرَّفته، لغة أَهل الحجاز، وغيرهم يقول:
هديته إِلى الطريق وإِلى الدار؛ حكاها الأَخفش. قال ابن بري: يقال هديته
الطريق بمعنى عرّفته فيُعَدَّى إلى مفعولين، ويقال: هديته إِلى الطريق
وللطريق على معنى أَرشَدْته إِليها فيُعدَّى بحرف الجر كأَرْشَدْتُ، قال:
ويقال: هَدَيْتُ له الطريقَ على معنى بَيَّنْتُ له الطريق، وعليه قوله سبحانه
وتعالى: أَوَلمْ يَهْدِ لهم، وهَدَيْناه النَّجْدَيْن، وفيه: اهْدِنا
الصِّراطَ المستقيم، معنى طَلَب الهُدَى منه تعالى، وقد هَداهُم أَنهم قد
رَغِبُوا منه تعالى التثبيت على الهدى، وفيه: وهُدُوا إِلى الطَّيِّب من
القَوْل وهُدُوا إِلى صِراطِ الحَميد، وفيه: وإِنك لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ
مُسْتَقِيم. وأَمّا هَدَيْتُ العَرُوس إِلى زوجها فلا بدّ فيه من اللام
لأَنه بمعنى زَفَفْتها إِليه، وأَمَّا أَهْدَيْتُ إِلى البيت هَدْياً فلا
يكون إِلا بالأَلف لأَنه بمعنى أَرْسَلْتُ فلذلك جاء على أَفْعَلْتُ. وفي
حديث محمد بن كعب: بلغني أَن عبد الله بن أَبي سَلِيط قال لعبد الرحمن بن
زَيْدِ بن حارِثةَ، وقد أَخَّر صلاة الظهر: أَكانوا يُصَلُّون هذه
الصلاة السَّاعةَ؟ قال: لا واللهِ، فَما هَدَى مِمّا رَجَعَ أَي فما بَيِّنَ
وما جاء بحُجَّةٍ مِمّا أَجاب، إِنما قال لا واللهِ وسَكَتَ، والمَرْجُوعُ
الجواب فلم يجيءْ بجواب فيه بيان ولا حجة لما فعل من تأْخير الصلاة.
وهَدَى: بمعنى بيَّنَ في لغة أَهل الغَوْر، يقولون: هَدَيْتُ لك بمعنى
بَيَّنْتُ لك. ويقال بلغتهم نزلت: أَوَلم يَهْدِ لهم. وحكى ابن الأَعرابي:
رَجُل هَدُوٌّ على مثال عدُوٍّ، كأَنه من الهِداية، ولم يَحكها يعقوب في
الأَلفاظ التي حصرها كحَسُوٍّ وفَسُوٍّ.
وهَدَيْت الضالَّةَ هِدايةً.
والهُدى: النَّهارُ؛ قال ابن مقبل:
حتى اسْتَبَنْتُ الهُدى، والبِيدُ هاجِمةٌ
يخْشَعْنَ في الآلِ غُلْفاً، أَو يُصَلِّينا
والهُدى: إِخراج شيء إِلى شيء. والهُدى أَيضاً: الطاعةُ والوَرَعُ.
والهُدى: الهادي في قوله عز وجل: أَو أَجِدُ على النارِ هُدًى؛ والطريقُ
يسمَّى هُدًى؛ ومنه قول الشماخ:
قد وكَّلْتْ بالهُدى إِنسانَ ساهِمةٍ،
كأَنه مِنْ تمامِ الظِّمْءِ مَسْمولُ
وفلان لا يَهْدي الطريقَ ولا يَهْتَدي ولا يَهَدِّي ولا يَهِدِّي، وذهب
على هِدْيَتِه أَي على قَصْده في الكلام وغيره. وخذ في هِدْيَتِك أَي
فيما كنت فيه من الحديث والعَمَل ولا تَعْدِل عنه. الأَزهري: أَبو زيد في
باب الهاء والقاف: يقال للرجل إِذا حَدَّث بحديث ثم عَدل عنه قبل أَن
يَفْرُغ إِلى غيره: خذ على هِدْيَتِك، بالكسر، وقِدْيَتِك أَي خذ فيما كنت فيه
ولا تَعْدِل عنه، وقال: كذا أَخبرني أَبو بكر عن شمر، وقيده في كتابه
المسموع من شمر: خذ في هِدْيَتِك وقِدْيَتِك أَي خذ فيما كنت فيه، بالقاف.
ونَظَرَ فلان هِدْيةَ أَمرِه أَي جِهةَ أَمرِه. وضلَّ هِدْيَتَه
وهُدْيَتَه أَي لوَجْهِه؛ قال عمرو بن أَحمر الباهليّ:
نَبَذَ الجُؤارَ وضَلَّ هِدْيَةَ رَوْقِه،
لمَّا اخْتَلَلْتُ فؤادَه بالمِطْرَدِ
أَي ترَك وجهَه الذي كان يُرِيدُه وسقَط لما أَنْ صَرَعْتُه، وضلَّ
الموضعَ الذي كان يَقْصِدُ له برَوْقِه من الدَّهَش. ويقال: فلان يَذْهَب على
هِدْيَتِه أِي على قَصْدِه. ويقال: هَدَيْتُ أَي قصدْتُ. وهو على
مُهَيْدِيَتِه أَي حاله؛ حكاها ثعلب، ولا مكبر لها. ولك هُدَيّا هذه الفَعْلةِ
أَي مِثلُها، ولك عندي هُدَيَّاها أَي مثلُها. ورمى بسهم ثم رمى بآخرَ
هُدَيَّاهُ أَي مثلِه أَو قَصْدَه. ابن شميل: اسْتَبَقَ رجلان فلما سبق
أَحدُهما صاحبَه تَبالحا فقال له المَسْبُوق: لم تَسْبِقْني فقال السابقُ:
فأَنت على هُدَيَّاها أَي أُعاوِدُك ثانيةً وأَنت على بُدْأَتِكَ أَي
أُعاوِدك؛ وتبالحا: وتَجاحَدا، وقال: فَعل به هُدَيَّاها أَي مِثلَها. وفلان
يَهْدي هَدْيَ فلان: يفعل مثل فعله ويَسِير سِيرَته. وفي الحديث:
واهْدُوا بهَدْي عَمَّارٍ أَي سِيرُوا بسِيرَتِه وتَهَيَّأُوا بهَيْئَتِه. وما
أَحسن هَدْيَه أَي سَمْتَه وسكونه. وفلان حسَنُ الهَدْي والهِدْيةِ أَي
الطريقة والسِّيرة. وما أَحْسَنَ هِدْيَتَهُ وهَدْيَه أَيضاً، بالفتح، أَي
سِيرَته، والجمع هَدْيٌ مثل تَمْرة وتَمْرٍ. وما أَشبه هَدْيَه بهَدْي
فلان أَي سَمْتَه. أَبو عدنان: فلان حَسَنُ الهَدْي وهو حُسْنُ المذهب في
أُموره كلها؛ وقال زيادةُ بن زيد العدوي:
ويُخْبِرُني عن غائبِ المَرْءِ هَدْيُه،
كفى الهَدْيُ عما غَيَّبَ المَرْءُ مُخْبِرا
وهَدى هَدْيَ فلان أَي سارَ سَيْره. الفراء: يقال ليس لهذا الأَمر
هِدْيةٌ ولا قِبْلةٌ ولا دِبْرةٌ ولا وِجْهةٌ. وفي حديث عبد الله بن مسعود:
إِن أَحسَنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمدٍ أَي أَحسَنَ الطريقِ والهِداية والطريقة
والنحو والهيئة، وفي حديثه الآخر: كنا نَنْظُر إِلى هَدْيهِ ودَلِّه؛
أَبو عبيد: وأَحدهما قريب المعنى من الآخر؛ وقال عِمْرانُ بنِ حطَّانَ:
وما كُنتُ في هَدْيٍ عليَّ غَضاضةٌ،
وما كُنْتُ في مَخْزاتِه أَتَقَنَّعُ
(* قوله« في مخزته» الذي في التهذيب: من مخزاته.)
وفي الحديث: الهَدْيُ الصالح والسَّمْتُ الصالِحُ جزء من خمسة وعشرين
جُزءاً من النبوَّة؛ ابن الأَثير: الهَدْيُ السِّيرةُ والهَيْئة والطريقة،
ومعنى الحديث أَن هذه الحالَ من شمائل الأَنبياء من جملة خصالهم وأَنها
جُزْء معلوم من أَجْزاء أَفْعالهم، وليس المعنى أَن النبوّة تتجزأ، ولا
أَنَ من جمع هذه الخِلال كان فيه جزء من النُّبُوّة، فإِن النبوّةَ غير
مُكْتَسبة ولا مُجْتَلَبةٍ بالأَسباب، وإِنما هي كرامةٌ من الله تعالى،
ويجوز أَن يكون أَراد بالنبوّة ما جاءت به النبوّة ودعت إِليه، وتَخْصيصُ هذا
العدد ما يستأْثر النبي،صلى الله عليه وسلم، بمعرفته.
وكلُّ متقدِّم هادٍ. والهادي: العُنُقُ لتقدّمه؛ قال المفضل النُّكْري:
جَمُومُ الشَّدِّ شائلةُ الذُّنابي،
وهادِيها كأَنْ جِذْعٌ سَحُوقُ
والجمع هَوادٍ. وفي حديث النبي،صلى الله عليه وسلم: أَنه بَعَثَ إِلى
ضُباعةَ وذَبَحت شاةً فطَلَب منها فقالت ما بَقِيَ منها إِلا الرَّقَبَةُ
فبَعَثَ إِليها أَن أَرْسِلي بها فإِنها هادِةُ الشايةِ. والهادِيةُ
والهادي: العنُقُ لأَنها تَتَقَدَّم على البدَن ولأَنها تَهْدي الجَسَد.
الأَصمعي: الهادِيةُ من كل شيء أَوَّلُه وما تقَدَّمَ منه، ولهذا قيل:
أَقْبَلَتْ هَوادي الخيلِ إِذا بَدَتْ أَعْناقُها. وفي الحديث: طَلَعَتْ هَوادي
الخيل يعني أَوائِلَها. وهَوادي الليل: أَوائله لتقدمها كتقدُّم
الأَعناق؛ قال سُكَيْن بن نَضْرةَ البَجَليّ:
دَفَعْتُ بِكَفِّي الليلَ عنه وقد بَدَتْ
هَوادي ظَلامِ الليلِ، فالظُّلُّ غامِرُهُ
وهوادي الخيل: أَعْناقُها لأَنها أَولُ شيء من أَجْسادِها، وقد تكون
الهوادي أَولَ رَعيل يَطْلُع منها لأَنها المُتَقَدِّمة. ويقال: قد هَدَت
تَهْدي إِذا تَقَدَّمتْ؛ وقال عَبيد يذكر الخيل:
وغَداةَ صَبَّحْنَ الجِفارَ عَوابِساً،
تَهْدي أَوائلَهُنَّ شُعْثٌ شُزَّبُ
أَي يَتَقَدَّمُهن؛وقال الأَعشى وذكر عَشاه وأَنَّ عَصاه تَهْدِيه:
إِذا كان هادي الفَتى في البلا
دِ، صَدْرَ القَناةِ، أَطاع الأَمِيرا
وقد يكون إِنما سَمَّى العَصا هادِياً لأَنه يُمْسِكها فهي تَهْديه
تتقدَّمه، وقد يكون من الهِدايةِ لأَنها تَدُلُّه على الطريق، وكذلك الدليلُ
يسمى هادِياً لأَنه يَتَقَدَّم القومَ ويتبعونه، ويكون أَن يَهْدِيَهم
للطريقِ. وهادِياتُ الوَحْشِ: أَوائلُها، وهي هَوادِيها. والهادِيةُ:
المتقدِّمة من الإِبل. والهادِي: الدليل لأَنه يَقْدُمُ القومَ. وهَداه أَي
تَقَدَّمه؛ قال طرفة:
لِلْفَتَى عَقْلٌ يَعِيشُ به،
حيثُ تَهْدي ساقَه قَدَمُهْ
وهادي السهمِ: نَصْلُه؛ وقول امرئ القيس:
كأَنَّ دِماء الهادِياتِ بنَحْرِه
عُصارة حِنَّاءٍ بشَيْبٍ مُرَجَّلِ
يعني به أَوائلَ الوَحْشِ. ويقال: هو يُهادِيه الشِّعرَ، وهاداني فلان
الشِّعرَ وهادَيْتُه أَي هاجاني وهاجَيْتُه. والهَدِيَّةُ: ما أَتْحَفْتَ
به، يقال: أَهْدَيْتُ له وإِليه. وفي التنزيل العزيز: وإِني مُرْسِلة
إِليهم بهَدِيَّةٍ؛ قال الزجاج: جاء في التفسير أَنها أَهْدَتْ إِلى
سُلَيْمَانَ لَبِنة ذهب، وقيل: لَبِنَ ذهب في حرير، فأَمر سليمان، عليه السلام،
بلَبِنة الذهب فطُرحت تحت الدوابِّ حيث تَبولُ عليها وتَرُوت، فصَغُر في
أَعينهم ما جاؤُوا به، وقد ذكر أَن الهدية كانت غير هذا، إِلا أَن قول
سليمان: أَتُمِدُّونَنِي بمال؟ يدل على أَن الهدية كانت مالاً.
والتَّهادِي: أَن يُهْدي بعضُهم إِلى بعض. وفي الحديث: تَهادُوا تَحابُّوا، والجمع
هَدايا وهَداوَى، وهي لغة أَهل المدينة، وهَداوِي وهَداوٍ؛ الأَخيرة عن
ثعلب، أَما هَدايا فعلى القياس أَصلها هَدائي، ثم كُرهت الضمة على الياء
فأُسكنت فقيل هَدائىْ، ثم قلبت الياء أَلفاً استخفافاً لمكان الجمع فقيل
هَداءا، كما أَبدلوها في مَدارَى ولا حرف علة هناك إِلا الياء، ثم كرهوا
همزة بين أَلفين لأَن الهمزة بمنزلة الأَلف، إِذ ليس حرف أَقرب إِليها
منها، فصوروها ثلاث همزات فأَبدلوا من الهمزة ياء لخفتها ولأَنه ليس حرف بعد
الأَلف أَقرب إِلى الهمزة من الياء، ولا سبيل إِلى الأَلف لاجتماع ثلاث
أَلفات فلزمت الياء بدلاً، ومن قال هَداوَى أَبدل الهمزة واواً لأَنهم قد
يبدلونها منها كثيراً كبُوس وأُومِن؛ هذا كله مذهب سيبويه، قال ابن سيده:
وزِدْته أَنا إيضاحاً، وأَما هَداوي فنادر، وأَما هَداوٍ فعلى أَنهم
حذفوا الياء من هَداوي حذفاً ثم عوض منها التنوين. أَبو زيد: الهَداوي لغة
عُلْيا مَعَدٍّ، وسُفْلاها الهَدايا. ويقال: أَهْدَى وهَدَّى بمعنًى
ومنه:أَقولُ لها هَدِّي ولا تَذْخَري لَحْمي
(* قوله« أقول لها إلخ» صدره كما في الاساس: لقد علمت أم الاديبر أنني)
وأَهْدَى الهَدِيَّةَ إِهْداءً وهَدّاها.
والمِهْدى، بالقصر وكسر الميم: الإِناء الذي يُهْدَى فيه مثل الطَّبَقِ
ونحوه؛ قال:
مِهْداكَ أَلأَمُ مِهْدًى حِينَ تَنْسُبُه،
فُقَيْرةٌ أَو قَبيحُ العَضْدِ مَكْسُورُ
ولا يقال للطَّبَقِ مِهْدًى إِلاَّ وفيه ما يُهْدَى. وامرأَة مِهْداءٌ،
بالمد، إِذا كانت تُهْدي لجاراتها. وفي المحكم: إِذا كانت كثيرة
الإِهْداء؛ قال الكميت:
وإِذا الخُرَّدُ اغْبَرَرْنَ مِنَ المَحْـ
لِ، وصارَتْ مِهْداؤُهُنَّ عَفِيرا
(* قوله« اغبررن» كذا في الأصل والمحكم هنا، ووقع في مادة ع ف ر: اعتررن
خطأ.)
وكذلك الرجل مِهْداءٌ: من عادته أَن يُهْدِيَ. وفي الحديث: مَنْ هَدَى
زُقاقاً كان له مِثْلُ عِتْقِ رَقَبةٍ؛ هو من هِدايةِ الطريقِ أَي من
عَرَّف ضالاًّ أَو ضَرِيراً طَرِيقَه، ويروى بتشديد الدال إما للمبالغة من
الهِداية، أَو من الهَدِيَّةِ أَي من تصدَّق بزُقاق من النخل، وهو
السِّكَّةُ والصَّفُّ من أَشجاره، والهِداءُ: أَن تجيءَ هذه بطعامِها وهذه
بطعامها فتأْكُلا في موضع واحد. والهَدِيُّ والهِدِيَّةُ: العَرُوس؛ قال أَبو
ذؤيب:
برَقْمٍ ووَشْيٍ كما نَمْنَمَتْ
بمِشْيَتِها المُزْدهاةُ الهَدِيّ
والهِداء: مصدر قولك هَدَى العَرُوسَ. وهَدَى العروسَ إِلى بَعْلِها
هِداء وأَهْداها واهْتَداها؛ الأَخيرة عن أَبي علي؛ وأَنشد:
كذَبْتُمْ وبَيتِ اللهِ لا تَهْتَدُونَها
وقد هُدِيَتْ إِليه؛ قال زهير:
فإِنْ تَكُنِ النِّساءُ مُخَبَّآتٍ،
فحُقَّ لكلِّ مُحْصِنةٍ هِداء
ابن بُزُرْج: واهْتَدَى الرجلُ امرأَتَه إِذا جَمَعَها إِليه وضَمَّها،
وهي مَهْدِيَّةٌ وهَدِيٌّ أَيضاً، على فَعِيلٍ؛ وأَنشد ابن بري:
أَلا يا دارَ عَبْلةَ بالطَّوِيّ،
كرَجْعِ الوَشْمِ في كَفِّ الهَدِيّ
والهَدِيُّ: الأَسيرُ؛ قال المتلمس يذكر طَرفة ومَقْتل عَمرو بن هِند
إِياه:
كطُرَيْفةَ بنِ العَبْدِ كان هَدِيَّهُمْ،
ضَرَبُوا صَمِيمَ قَذالِه بِمُهَنَّدِ
قال: وأَظن المرأَة إِنما سميت هَدِيًّا لأَنها كالأَسِير عند زوجها؛
قال الشاعر:
كرجع الوشم في كف الهديّ
قال: ويجوز أَن يكون سميت هَدِيًّا لأَنها تُهْدَى إِلى زوجها، فهي
هَدِيٌّ، فَعِيلٌ بمعنى مفعول. والهَدْيُ: ما أُهْدِيَ إِلى مكة من النَّعَم.
وفي التنزيل العزيز: حتى يبلغ الهَدْيُ مَحِلَّه، وقرئ: حتى يبلغ
الهَدِيُّ مَحِلَّه، بالتخفيف والتشديد، الواحدة هَدْيةٌ وهَدِيَّةٌ؛ قال ابن
بري: الذي قرأَه بالتشديد الأَعرج وشاهده قول الفرزدق:
حَلَفْتُ برَبِّ مَكَّةَ والمُصَلَّى،
وأَعْناقِ الهَدِيِّ مُقَلَّداتِ
وشاهد الهَدِيَّةِ قولُ ساعدةَ بن جُؤَيَّة:
إني وأَيْدِيهم وكلّ هَدِيَّة
مما تَثِجُّ له تَرائِبُ تَثْعَبُ
وقال ثعلب: الهَدْيُ، بالتخفيف، لغة أَهل الحجاز، والهَدِيُّ، بالتثقيل
على فَعِيل، لغة بني تميم وسُفْلى قيس، وقد قرئ بالوجهين جميعاً: حتى
يَبْلُغَ الهَدي محله. ويقال: مالي هَدْيٌ إِن كان كذا، وهي يمين.
وأَهْدَيْتُ الهَدْيَ إِلى بيت اللهِ إِهْداء. وعليه هَدْيةٌ أَي بَدَنة. الليث
وغيره: ما يُهْدى إِلى مكة من النَّعَم وغيره من مال أَو متاعٍ فهو هَدْيٌ
وهَدِيٌّ، والعرب تسمي الإِبل هَدِيًّا، ويقولون: كم هَدِيُّ بني فلان؛
يعنون الإِبل، سميت هَدِيّاً لأنها تُهْدَى إِلى البيت. غيره: وفي حديث
طَهْفةَ في صِفة السَّنةِ هَلَكَ الهَدِيُّ ومات الوَديُّ؛ الهَدِيُّ،
بالتشديد: كالهَدْي بالتخفيف، وهو ما يُهْدى إِلى البَيْتِ الحَرام من النعم
لتُنْحَر فأُطلق على جميع الإِبل وإِن لم تكن هَدِيّاً تسمية للشيء ببعضه،
أَراد هَلَكَتِ الإِبل ويَبِسَتِ النَّخِيل. وفي حديث الجمعة: فكأَنَّما
أَهْدى دَجاجةً وكأَنما أَهْدى بَيْضةً؛ الدَّجاجةُ والبَيضةُ ليستا من
الهَدْيِ وإِنما هو من الإِبل والبقر، وفي الغنم خلاف، فهو محمول على حكم
ما تُقدَّمه من الكلام، لأَنه لما قال أَهْدى بدنةً وأَهْدى بقرةً وشاة
أَتْبَعه بالدَّجاجة والبيضة، كما تقول أَكلت طَعاماً وشَراباً والأَكل
يختص بالطعام دون الشراب؛ ومثله قول الشاعر:
مُتَقَلِّداً سَيفاً ورُمْحاً
والتَّقَلُّدُ بالسيف دون الرمح. وفلانٌ هَدْيُ بني فلان وهَدِيُّهمْ
أَي جارُهم يَحرم عليهم منه ما يَحْرُم من الهَدْي، وقيل: الهَدْيُ
والهَدِيُّ الرجل ذو الحرمة يأْتي القوم يَسْتَجِير بهم أَو يأْخذ منهم
عَهْداً، فهو، ما لم يُجَرْ أَو يأْخذِ العهدَ، هَدِيٌّ، فإِذا أَخَذ العهدَ
منهم فهو حينئذ جارٌ لهم؛ قال زهير:
فلَمْ أَرَ مَعْشَراً أَسَرُوا هِدِيّاً،
ولمْ أَرَ جارَ بَيْتٍ يُسْتَباءُ
وقال الأَصمعي في تفسير هذا البيت: هو الرَّجل الذي له حُرمة كحُرمة
هَدِيِّ البيت، ويُسْتَباء: من البَواء أَي القَوَدِ أَي أَتاهم يَسْتَجير
بهم فقَتلُوه برجل منهم؛ وقال غيره في قِرْواشٍ:
هَدِيُّكُمُ خَيْرٌ أَباً مِنْ أَبِيكُمُ،
أَبَرُّ وأُوْفى بالجِوارِ وأَحْمَدُ
ورجل هِدانٌ وهِداءٌ: للثَّقِيل الوَخْمِ؛ قال الأَصمعي: لا أَدري
أَيّهما سمعت أَكثر؛ قال الراعي:
هِداءٌ أَخُو وَطْبٍ وصاحِبُ عُلْبةٍ
يَرى المَجْدَ أَن يَلْقى خِلاءً وأَمْرُعا
(* قوله« خلاء» ضبط في الأصل والتهذيب بكسر الخاء.)
ابن سيده: الهِداء الرجل الضعيف البَليد. والهَدْيُ: السُّكون؛ قال
الأَخطل:
وما هَدى هَدْيَ مَهْزُومٍ وما نَكَلا
يقول: لم يُسْرِعْ إِسْراعَ المُنْهَزم ولكن على سكون وهَدْيٍ حَسَنٍ.
والتَّهادي: مَشْيُ النِّساء والإِبل الثِّقال، وهو مشي في تَمايُل
وسكون. وجاء فلان يُهادَى بين اثنين إِذا كان يمشي بينهما معتمداً عليهما من
ضعفه وتَمايُله. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، خرج في مرضه
الذي مات فيه يُهادى بين رَجُلَيْن؛ أَبو عبيد: معناه أَنه كان يمشي
بينهما يعتمد عليهما من ضَعْفِه وتَمايُلِه، وكذلك كلُّ مَن فعل بأَحد فهو
يُهاديه؛ قال ذو الرمة:
يُهادينَ جَمَّاء المَرافِقِ وَعْثةً،
كَلِيلةَ جَحْمِ الكَعْبِ رَيَّا المُخَلْخَلِ
وإِذا فَعلت ذلك المرأَة وتَمايَلَتْ في مِشْيتها من غير أَن يُماشِيها
أَحد قيل: تَهادى؛ قال الأَعشى:
إِذا ما تأَتَّى تُريدُ القِيام،
تَهادى كما قد رأَيتَ البَهِيرا
وجئتُكَ بَعْدَ هَدْءٍ مِن الليلِ، وهَدِيٍّ لغة في هَدْءٍ؛ الأَخيرة عن
ثعلب. والهادي: الراكِسُ، وهو الثَّوْرُ في وسط البَيْدَر يَدُور عليه
الثِّيرانُ في الدِّراسة؛ وقول أَبي ذؤيب:
فما فَضْلةٌ من أَذْرِعاتٍ هَوَتْ بها
مُذَكَّرةٌ عنْسٌ كهادِيةِ الضَّحْلِ
أَراد بهادِيةِ الضَّحْلِ أَتانَ الضَّحْلِ، وهي الصخرة المَلْساء.
والهادِيةُ: الصخرة النابتةُ في الماء.
خلق: الله تعالى وتقدَّس الخالِقُ والخَلاَّقُ، وفي التنزيل: هو الله
الخالِق البارئ المصوِّر؛ وفيه: بلى وهو الخَلاَّق العَليم؛ وإِنما قُدّم
أَوَّل وَهْلة لأَنه من أَسماء الله جل وعز. الأَزهري: ومن صفات الله
تعالى الخالق والخلاَّق ولا تجوز هذه الصفة بالأَلف واللام لغير الله عز
وجل، وهو الذي أَوجد الأَشياء جميعها بعد أَن لم تكن موجودة، وأَصل الخلق
التقدير، فهو باعْتبار تقدير ما منه وجُودُها وبالاعتبار للإِيجادِ على
وَفْقِ التقدير خالقٌ.
والخَلْقُ في كلام العرب: ابتِداع الشيء على مِثال لم يُسبق إِليه: وكل
شيء خلَقه الله فهو مُبْتَدِئه على غير مثال سُبق إِليه: أَلا له الخَلق
والأَمر تبارك الله أَحسن الخالقين. قال أَبو بكر بن الأَنباري: الخلق في
كلام العرب على وجهين: أَحدهما الإِنْشاء على مثال أَبْدعَه، والآخر
التقدير؛ وقال في قوله تعالى: فتبارك الله أَحسنُ الخالقين، معناه أَحسن
المُقدِّرين؛ وكذلك قوله تعالى: وتَخْلقُون إِفْكاً؛ أَي تُقدِّرون كذباً.
وقوله تعالى: أَنِّي أَخْلُق لكم من الطين خَلْقه؛ تقديره، ولم يرد أَنه
يُحدِث معدوماً. ابن سىده: خَلق الله الشيء يَخلُقه خلقاً أَحدثه بعد أَن
لم يكن، والخَلْقُ يكون المصدر ويكون المَخْلُوقَ؛ وقوله عز وجل: يخلُقكم
في بطون أُمهاتكم خَلْقاً من بعد خَلق في ظُلمات ثلاث؛ أَي يخلُقكم
نُطَفاً ثم عَلَقاً ثم مُضَغاً ثم عِظاماً ثم يَكسُو العِظام لحماً ثم يُصوّر
ويَنفُخ فيه الرُّوح، فذلك معنى خَلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث في
البَطن والرَّحِم والمَشِيمةِ، وقد قيل في الأَصلاب والرحم والبطن؛ وقوله
تعالى: الذي أَحسَنَ كلَّ شيء خَلْقَه؛ في قراءة من قرأَ به؛ قال ثعلب: فيه
ثلاثة أَوجه: فقال خَلْقاً منه، وقال خَلْقَ كلِّ شيء، وقال عَلَّم
كُلَّ شيء خَلْقَه؛ وقوله عز وجل: فلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ الله؛ قيل: معناه
دِينَ الله لأَن الله فَطَر الخَلْقَ على الإِسلام وخلَقهم من ظهر آدم،
عليه السلام، كالذّرِّ، وأَشْهَدَهم أَنه ربهم وآمنوا، فمن كفر فقد غيَّر
خلق الله، وقيل: هو الخِصاء لأَنَّ من يَخْصِي الفحل فقد غيَّر خَلْقَ
الله، وقال الحسن ومجاهد: فليغيرن خَلْقَ الله، أَي دِينَ الله؛ قال ابن
عرفة: ذهب قوم إِلى أَن قولهما حجة لمن قال الإِيمان مخلوق ولا حجة له، لأَن
قولهما دِين الله أَرادا حكم الله، والدِّينُ الحُكْم، أَي فليغيرن حكم
الله والخَلْق الدّين. وأَما قوله تعالى: لا تَبْدِيلَ لخَلْق الله؛ قال
قتادة: لدِين الله، وقيل: معناه أَنَّ ما خلقه الله فهو الصحيح لا يَقدِر
أَحد أَن يُبَدِّلَ معنى صحة الدين. وقوله تعالى: ولقد جئتمُونا فُرادَى
كما خَلَقْناكم أَوَّل مرة؛ أَي قُدرتُنا على حَشْركم كقدرتنا على
خَلْقِكم.
وفي الحديث: من تَخلَّق للناس بما يَعلم اللهُ أَنه ليس من نَفسه شانَه
الله؛ قال المبرد: قوله تخلَّق أَي أَظهر في خُلقِه خلاف نيّته. ومُضْغةٌ
مُخلَّقة أَي تامّة الخلق. وسئل أَحمد بن يحيى عن قوله تعالى: مُخلَّقةٍ
وغيرِ مخلَّقة، فقال: الناس خُلِقوا على ضربين: منهم تامّ الخَلق، ومنهم
خَدِيجٌ ناقص غير تامّ، يدُلُّك على ذلك قوله تعالى: ونُقِرُّ في
الأَرحام ما نشاء؛ وقال ابن الأَعرابي: مخلقة قد بدا خَلْقُها، وغير مخلقة لم
تُصوَّر. وحكى اللحياني عن بعضهم: لا والذي خَلَق الخُلُوق ما فعلت ذلك؛
يريد جمع الخَلْقِ.
ورجل خَلِيقٌ بيّن الخَلْق: تامُّ الخَلْق معتدل، والأُنثى خَلِيق
وخَلِيقة ومُخْتَلَقةٌ، وقد خَلُقَت خَلاقة. والمُخْتلَق: كالخَليق، والأُنثى
مُخْتلَقة. ورجل خَلِيق إِذا تمّ خَلقُه، والنعت خَلُقت المرأَة خَلاقة
إِذا تمّ خَلْقها. ورجل خَلِيق ومُخْتلَق: حسَنُ الخَلْقِ. وقال الليث:
امرأَة خَلِيقة ذات جسم وخَلْق، ولا ينعت به الرجل. والمُخْتلَق: التامُّ
الخَلْق والجَمالِ المُعتدِل؛ قال ابن بري: شاهده قول البُرْج بن
مُسْهِر:فلمّا أَن تَنَشَّى، قامَ خِرْقٌ
من الفِتْيانِ، مُختَلَقٌ هَضِيمُ
وفي حديث ابن مسعود وقَتلِه أَبا جهل: وهو كالجَمل المُخَلَّقِ أَي
التامِّ الخَلْقِ.
والخَلِيقةُ: الخَلْقُ والخَلائقُ، يقال: هم خَلِيقةُ الله وهم خَلْق
الله، وهو مصدر، وجمعها الخلائق. وفي حديث الخَوارِج: هم شَرُّ الخَلْقِ
والخَلِيقةِ؛ الخَلْقُ: الناس، والخَليقةُ: البهائم، وقيل: هما بمعنى واحد
ويريد بهما جميع الخلائق. والخَلِيقةُ: الطَّبِيعية التي يُخلَق بها
الإِنسان. وحكى اللحياني: هذه خَلِيقتُه التي خُلق عليها وخُلِقَها والتي
خُلِق؛ أَراد التي خُلِق صاحبها، والجمع الخَلائق؛ قال لبيد:
فاقْنَعْ بما قَسَمَ المَلِيكُ، فإِنَّما
قَسَمَ الخلائقَ، بيننا، عَلاَّمُها
والخِلْقةُ: الفِطْرة. أَبو زيد: إِنه لكريم الطَّبِيعة والخَلِيقةِ
والسَّلِيقةِ بمعنى واحد. والخَلِيقُ: كالخَلِيقة؛ عن اللحياني؛ قال: وقال
القَنانِي في الكسائي:
وما لِي صَدِيقٌ ناصِحٌ أَغْتَدِي له
ببَغْدادَ إِلاَّ أَنتَ، بَرٌّ مُوافِقُ
يَزِينُ الكِسائيَّ الأَغرَّ خَلِيقُه،
إِذا فَضَحَتْ بعَضَ الرِّجالِ الخَلائقُ
وقد يجوز أَن يكون الخَلِيقُ جمع خَلِيقة كشعير وشعيرة، قال: وهو
السابِق إِليّ، والخُلُق الخَلِيقة أَعني الطَّبِيعة.
وفي التنزيل: وإِنك لَعلَى خُلُق عظيم، والجمع أَخْلاق، لا يُكسّر على
غير ذلك. والخُلْق والخُلُق: السَّجِيّة. يقال: خالِصِ المُؤْمنَ وخالِقِ
الفاجر. وفي الحديث: ليس شيء في الميزان أَثْقلَ من حُسن الخُلُق؛
الخُلُقُ، بضم اللام وسكونها: وهو الدِّين والطبْع والسجية، وحقيقته أَنه
لِصورة الإِنسان الباطنة وهي نفْسه وأَوصافها ومعانيها المختصةُ بِها بمنزلة
الخَلْق لصورته الظاهرة وأَوصافها ومعانيها، ولهما أَوصاف حسَنة وقبيحة،
والثوابُ والعقاب يتعلّقان بأَوصاف الصورة الباطنة أَكثر مما يتعلقان
بأَوصاف الصورة الظاهرة، ولهذا تكرّرت الأَحاديث في مَدح حُسن الخلق في غير
موضع كقوله: مِن أَكثر ما يُدخل الناسَ الجنَّةَ تقوى الله وحُسْنُ الخلق،
وقولِه: أَكملُ المؤْمنين إِيماناً أَحْسنُهم خلُقاً، وقوله: إِنَّ
العبد ليُدرك بحُسن خُلقه درجةَ الصائم القائم، وقوله: بُعِثت لأُتَمِّم
مَكارِم الأَخلاق؛ وكذلك جاءت في ذمّ سوء الخلق أَيضاً أَحاديث كثيرة. وفي
حديث عائشة، رضي الله عنها: كان خُلُقه القرآنَ أَي كان متمسكاً به وبآدابه
وأَوامره ونواهيه وما يشتمل عليه من المكارم والمحاسن والأَلطاف. وفي
حديث عمر: من تخلَّق للناس بما يعلم الله أَنه ليس من نَفْسه شانَه الله،
أَي تكلَّف أَ يُظهر من خُلُقه خِلاف ما يَنطوِي عليه، مثل تصَنَّعَ
وتجَمَّل إِذا أَظهر الصَّنِيع والجميل. وتَخلَّق بخلُق كذا: استعمله من غير
أَن يكون مخلوقاً في فِطْرته، وقوله تخلَّق مثل تَجمَّل أَي أَظهر جَمالاً
وتصنّع وتَحسَّن، إِنَّما تأْوِيلُه الإِظْهار. وفلان يَتخلَّق بغير
خُلقه أَي يَتكلَّفه؛ قال سالم بن وابِصةَ:
يا أَيُّها المُتحلِّي غيرَ شِيمَتِه،
إِن التَّخَلُّق يأْتي دُونه الخُلُقُ
أَراد بغير شِيمته فحذف وأَوصَل.
وخالَقَ الناسَ: عاشَرهم على أَخلاقِهم؛ قال:
خالِقِ الناسَ بخُلْقٍ حَسَنٍ،
لا تَكُنْ كلْباً على الناسِ يَهِرّ
والخَلْق: التقدير؛ وخلَق الأَدِيمَ يَخْلُقه خَلْقاً: قدَّره لما يريد
قبل القطع وقاسه ليقطع منه مَزادةً أَو قِربة أَو خُفّاً؛ قال زهير يمدح
رجلاً:
ولأَنتَ تَفْري ما خَلَقْتَ، وبعـ
ـضُ القومِ يَخْلُقُ، ثم لا يَفْري
يقول: أَنت إِذا قدَّرت أَمراً قطعته وأَمضيتَه وغيرُك يُقدِّر ما لا
يَقطعه لأَنه ليس بماضي العَزْم، وأَنتَ مَضّاء على ما عزمت عليه؛ وقال
الكميت:
أَرادُوا أَن تُزايِلَ خالِقاتٌ
أَدِيمَهُمُ، يَقِسْنَ ويَفْتَرِينا
يصف ابني نِزار من مَعدّ، وهما رَبِيعةُ ومُضَر، أَراد أَن نسَبهم
وأَدِيمهم واحد، فإِذا أَراد خالقاتُ الأَديم التفْرِيقَ بين نسَبهم تبيَّن
لهن أَنه أَديم واحد لا يجوز خَلْقُه للقطع، وضرَب النساء الخالِقاتِ مثلاً
للنسّابين الذين أَرادوا التفريق بين ابني نِزار، ويقال: زايَلْتُ بين
الشيئين وزيَّلْتُ إِذا فَرَّقْت. وفي حديث أُخت أُمَيَّةَ بن أَبي
الصَّلْت قالت: فدخَلَ عليَّ وأَنا أَخلُقُ أَدِيماً أَي أُقَدِّره لأَقْطَعه.
وقال الحجاج: ما خَلَقْتُ إِلاَّ فَرَيْتُ، ولا وَعَدْتُ إِلاَّ
وَفَيْتُ.والخَلِيقةُ: الحَفِيرة المَخْلوقة في الأَرض، وقيل: هي الأَرض، وقيل:
هي البئر التي لا ماءَ فيها، وقيل: هي النُّقْرة في الجبل يَسْتَنقِع فيها
الماء، وقيل: الخليقة البئر ساعة تُحْفَر. ابن الأَعرابي: الخُلُق
الآبارُ الحَدِيثاتُ الحَفْر. قال أَبو منصور: رأَيت بِذِرْوة الصَّمّان
قِلاتاً تُمْسِك ماءَ السماء في صَفاةٍ خَلَقها الله فيها تسميها العرب
خَلائقَ، الواحدة خَلِيقةٌ، ورأَيت بالخَلْصاء من جبال الدَّهْناء دُحْلاناً
خلقها الله في بطون الأَرض أَفواهُها ضَيِّقَةٌ، فإِذا دخلها الداخل وجدها
تَضِيقُ مرة وتَتَّسِعُ أُخرى، ثم يُفْضي المَمَرُّ فيها إِلى قَرار
للماء واسع لا يوقف على أقْصاه، والعرب إِذا تَرَبَّعوا الدهناء ولم يقع ربيع
بالأَرضِ يَمْلأُ الغُدْرانَ استَقَوْا لخيلهم وشفاههم
(* قوله «لخيلهم
وشفاههم» كذا بالأصل، وعبارة ياقوت في الدحائل عن الأزهري: إن دحلان
الخلصاء لا تخلو من الماء ولا يستقى منها إلا للشفاء والخبل لتعذر الاستسقاء
منها وبعد الماء فيها من فوهة الدحل) من هذه الدُّحْلان.
والخَلْقُ: الكذب. وخلَق الكذبَ والإِفْكَ يخلُقه وتخَلَّقَه
واخْتَلَقَه وافْتراه: ابتدَعه؛ ومنه قوله تعالى: وتخْلُقون إِفكاً. ويقال: هذه
قصيدة مَخْلوقة أَي مَنْحولة إِلى غير قائلها؛ ومنه قوله تعالى: إِنْ هذا
إِلا خَلْقُ الأَوَّلين، فمعناه كَذِبُ الأَولين، وخُلُق الأَوَّلين قيل:
شِيمةُ الأَولين، وقيل: عادةُ الأَوَّلين؛ ومَن قرأَ خَلْق الأَوَّلين
فمعناه افْتِراءُ الأَوَّلين؛ قال الفراء: من قرأَ خَلْقُ الأَوَّلين أَراد
اختِلاقهم وكذبهم، ومن قرأَ خُلُق الأَولين، وهو أَحبُّ إِليَّ، الفراء:
أَراد عادة الأَولين؛ قال: والعرب تقول حدَّثنا فلان بأَحاديث الخَلْق،
وهي الخُرافات من الأَحاديث المُفْتَعَلةِ؛ وكذلك قوله: إِنْ هذا إِلاَّ
اخْتِلاق؛ وقيل في قوله تعالى إِن هذا إِلاَّ اختِلاق أَي تَخَرُّص. وفي
حديث أَبي طالب: إِنْ هذا إِلا اختلاق أَي كذب، وهو افْتِعال من الخَلْق
والإِبْداع كأَنَّ الكاذب تخلَّق قوله، وأَصل الخَلق التقدير قبل القطع.
الليث: رجل خالِقٌ أَي صانع، وهُنَّ الخالقاتُ للنساء. وخلَق الشيءُ
خُلوقاً وخُلوقةً وخَلُقَ خَلاقةً وخَلِق وأَخْلَق إِخْلاقاً واخْلَوْلَق:
بَلِيَ؛ قال:
هاجَ الهَوى رَسْمٌ، بذاتِ الغَضَا،
مُخْلَوْلِقٌ مُسْتَعْجِمٌ مُحْوِلُ
قال ابن بري: وشاهد خَلُقَ قول الأَعشى:
أَلا يا قَتْل، قد خَلُقَ الجَديدُ،
وحُبُّكِ ما يَمُِحُّ ولا يَبِيدُ
ويقال أَيضاً: خَلُق الثوبُ خُلوقاً؛ قال الشاعر:
مَضَوْا، وكأَنْ لم تَغْنَ بالأَمسِ أَهْلُهُم،
وكُلُّ جَدِيدٍ صائِرٌ لِخُلُوقِ
ويقال: أَخْلَقَ الرجل إِذا صار ذا أَخْلاق؛ قال ابن هَرْمَةَ:
عَجِبَتْ أُثَيْلةُ أَنْ رأَتْني مُخْلِقاً؛
ثَكِلَتْكِ أُمُّكِ أَيُّ ذاك يَرُوعُ؟
قد يُدْرِكُ الشَّرَفَ الفَتى، ورِداؤه
خَلَقٌ، وجَيْبُ قَميصِه مَرْقُوعُ
وأَخْلَقْته أَنا، يتعدّى ولا يتعدى. وشيءٌ خَلَقٌ: بالٍ، الذكر
والأُنثى فيه سواء لأَنه في الأَصل مصدر الأَخْلَقِ وهو الأَمْلَس. يقال: ثوب
خَلَق ومِلْحفة خَلَق ودار خَلَقٌ. قال اللحياني: قال الكسائي لم نسمعهم
قالوا خَلْقة في شيء من الكلام. وجِسْمٌ خَلَقٌ ورِمّة خَلَق؛ قال لبيد:
والثِّيبُ إِنْ تَعْرُ مِنِّي رِمَّةً خَلَقاً،
بعدَ المَماتِ، فإِني كنتُ أَتَّئِرُ
والجمع خُلْقانٌ وأَخْلاق. وقد يقال: ثوب أَخلاق يصفون به الواحد، إِذا
كانت الخلُوقة فيه كلِّهِ كما قالوا بُرْمةٌ أَعْشار وثوب أَكْياشٌ وحبْل
أَرْمامٌ وأَرضٌ سَباسِبٌ، وهذا النحو كثير، وكذلك مُلاءَة أَخْلاق
وبُرْمة أَخْلاق؛ عن اللحياني، أَي نواحيها أَخْلاق، قال: وهو من الواحد الذي
فُرِّقَ ثم جُمِع، قال: وكذلك حَبْل أَخلاق وقِرْبة أَخلاق؛ عن ابن
الأَعرابي. التهذيب: يقال ثوب أَخلاق يُجمع بما حوله؛ وقال الراجز:
جاءَ الشِّتاءُ، وقَمِيصي أَخْلاقْ
شَراذِمٌ، يَضْحَكُ منه التَّوَّاقْ
والتَّوّاقُ: ابنه. ويقال جُبّة خَلَق، بغير هاء، وجديد، بغير هاء
أَيضاً، ولا يجوز جُبَّة خلَقة ولا جَديدة. وقد خَلُق الثوب، بالضم، خُلوقة
أَي بَلِيَ، وأَخلَق الثوب مثله. وثوب خَلَقٌ: بالٍ؛ وأَنشد ابن بري
لشاعر:كأَنَّهما، والآلُ يَجْرِي عليهما
من البُعْدِ، عَيْنا بُرْقُعٍ خَلَقانِ
قال الفراء: وإِنما قيل له خَلقٌ بغير هاء لأَنه كان يستعمل في الأَصل
مضافاً فيقال أَعطِني خَلَقَ جُبَّتك وخَلَقَ عِمامتِك، ثم استعمل في
الإِفراد كذلك بغير هاء؛ قال الزجاجي في شرح رسالة أَدب الكاتب: ليس ما قاله
الفراء بشيء لأَنه يقال له فلمَ وجب سُقوط الهاء في الإِضافة حتى حُمل
الإِفراد عليها؟ أَلا ترى أَن إِضافة المؤنث إِلى المؤنث لا توجب إسقاط
العلاقة منه، كقولهِ مخدّةُ هِند ومِسْوَرةُ زَينب وما أَشبه ذلك؟ وحكى
الكسائي: أَصبحت ثيابهم خُلْقاناً وخَلَقُهم جُدُداً، فوضع الواحد موضع
الجمع الذي هو الخُلقان. ومِلْحفة خُلَيْقٌ: صغَّروه بلا هاء لأَنه صفة
والهاء لا تلحق تصغير الصفات، كما قالوا نُصَيف في تصغير امرأَة نَصَف.
وأَخْلق الدّهرُ الشيءَ: أَبلاه؛ وكذلك أَخْلَق السائلُ وجهَه، وهو على
المثل. وأَخلقَه خَلَقاً: أَعطاه إِياها. وأَخلَق فلان فلاناً: أَعطاه
ثوباً خَلقاً. وأَخلقْته ثوباً إِذا كسَوْته ثوباً خلقاً؛ وأَنشد ابن بري
شاهداً على أَخْلَق الثوبُ لأَبي الأَسود الدؤلي:
نَظَرْتُ إِلى عُنْوانِه فنَبَذْتُه،
كنَبذِكَ نعْلاً أَخْلَقَتْ من نِعالِكا
وفي حديث أُم خالد: قال لها، صلى الله عليه وسلم: أَبْلي وأَخْلِقِي؛
يروى بالقاف والفاء، فبالقاف من إِخلاق الثوب وتقطيعه من خَلُق الثوبُ
وأَخلَقه، والفاء بمعنى العِوَض والبَدَل، قال: وهو الأَشبه. وحكى ابن
الأَعرابي: باعَه بيْع الخلَق، ولم يفسره؛ وأَنشد:
أَبْلِغْ فَزارةَ أَنِّي قد شَرَيْتُ لها
مَجْدَ الحياةِ بسيفي، بَيْعَ ذِي الخَلَقِ
والأَخْلَقُ: اللِّين الأَملسُ المُصْمَتُ. والأَخلَق: الأَملس من كل
شيء. وهَضْبة خَلْقاء: مُصمتة مَلْساء لا نبات بها. وقول عمر بن الخطاب،
رضي الله عنه: ليس الفقير الذي لا مال له إِنما الفقير الأَخْلَقُ
الكَسْبِ؛ يعني الأَملس من الحَسنات الذي لم يُقدِّم لآخرته شيئاً يثاب عليه؛
أَراد أَن الفقر الأَكبر إِنما هو فقر الآخرة وأَنّ فقر الدنيا أَهون
الفقرين، ومعنى وصف الكسب بذلك أَنه وافر مُنْتظِم لا يقع فيه وَكْسٌ ولا
يَتحيَّفُه نَقْص، كقول النبي، صلى الله عليه وسلم: ليس الرَّقُوب الذي لا
يَبْقَى له ولد وإِنما الرقوب الذي لم يُقدِّم من ولده شيئاً؛ قال أَبو
عبيد: قول عمر، رضي الله عنه، هذا مثَل للرجل الذي لا يُرْزَأُ في ماله، ولا
يُصاب بالمصائب، ولا يُنكَب فيُثاب على صبره فيه، فإِذا لم يُصَبْ ولم
يُنكب كان فقيراً من الثواب؛ وأَصل هذا أَن يقال للجبل المصمت الذي لا
يؤثّر فيه شيء أَخلَقُ. وفي حديث فاطمةَ بنت قيس: وأَما معاوية فرجل أَخلَقُ
من المال أَي خِلْوٌ عارٍ، من قولهم حَجر أَخلَقُ أَي أَمْلَسُ مُصْمَت
لا يؤثر فيه شيء. وصخرة خَلْقاء إِذا كانت مَلْساء؛ وأَنشد للأَعشى:
قد يَتْرُك الدهْرُ في خَلْقاءَ راسيةٍ
وَهْياً، ويُنْزِلُ منها الأَعْصَمَ الصَّدَعا
فأَراد عمر، رضي الله عنه، أَن الفَقْر الأَكبر إِنما هو فقرُ الآخرة
لمن لم يُقدِّم من ماله شيئاً يثاب عليه هنالك. والخَلْق: كل شيء مُمَلَّس.
وسهم مُخَلَّق: أَملَسُ مُستوٍ. وجبل أَخلقُ: ليِّن أَملس. وصخرة
خَلْقاء بيِّنة الخَلَق: ليس فيها وَصْم ولا كسر؛ قال ابن أَحمر يصف
فرساً:بمُقَلِّصٍ دَرْكِ الطَّرِيدةِ، مَتْنُه
كصَفا الخَلِيقةِ بالفَضاءِ المُلْبِدِ
والخَلِقةُ: السحابةُ المستوية المُخِيلةُ للمطر. وامرأَة خُلَّقٌ
وخَلْقاء: مثل الرَّتْقاء لأَنها مُصْمَتة كالصَّفاة الخَلْقاء؛ قال ابن سيده:
وهو مَثَل بالهَضْبة الخَلْقاء لأَنها مُصمتة مثلها؛ ومنه حديث عمر بن
عبد العزيز: كُتب إِليه في امرأَة خَلْقاء تزوّجها رجل فكتَب إِليه: إِن
كانوا علموا بذلك، يعني أولياءها، فأَغْرمْهم صَداقَها لزوجها؛ الخَلْقاء:
الرَّتْقاء من الصخْرة الملْساء المُصمتة. والخَلائق: حَمائرُ الماء،
وهي صُخور أَربعِ عِظام مُلْس تكون على رأْس الرَّكِيّة يقوم عليها النازعُ
والماتِحُ؛ قال الراعي:
فَغَادَرْنَ مَرْكُوّاً أَكَسَّ عَشِيّة،
لدَى نَزَحٍ رَيَّانَ بادٍ خَلائقُهْ
وخَلِق الشيءُ خَلَقاً واخْلَوْلَق: امْلاسَّ
ولانَ واستوى، وخَلَقه هو. واخْلَوْلَق السحابُ: استوى وارْتَتقَتْ
جوانبه وصارَ خَلِيقاً للمطر كأَنه مُلِّس تمليساً؛ وأَنشد لمُرقِّش:
ماذا وُقُوفي على رَبْعٍ عَفا،
مُخْلَوْلِقٍ دارسٍ مُسْتَعْجِمِ؟
واخْلَولَق الرَّسْمُ أَي استوى بالأَرض. وسَحابة خَلْقاء وخَلِقة؛ عنه
أَيضاً، ولم يُفسر. ونشأَتْ لهم سحابة خَلِقة وخَلِيقةٌ أَي فيها أَثر
المطر؛ قال الشاعر:
لا رَعَدَتْ رَعْدةٌ ولا بَرَقَتْ،
لكنَّها أُنْشِئتْ لنا خَلِقَهْ
وقِدْحٌ مُخلَّق: مُستوٍ أَملس مُلَيَّن، وقيل: كلّ ما لُيِّن ومُلِّس،
فقد خُلِّق. ويقال: خَلَّقْته مَلَّسته؛ وأَنشد لحميد بن ثور الهِلالي:
كأَنَّ حَجاجَيْ عَيْنِها في مُثَلَّمٍ،
من الصَّخْرِ، جَوْنٍ خَلَّقَتْه المَوارِدُ
الجوهري: والمُخلَّق القِدْح إِذا لُيِّن؛ وقال يصفه:
فخَلَّقْتُه حتى إِذا تَمَّ واسْتوَى،
كَمُخّةِ ساقٍ أَو كَمَتْنِ إِمامِ،
قَرَنْتُ بحَقْوَيْهِ ثَلاثاً، فلم يَزِغْ
عن القَصْدِ حتى بُصِّرتْ بدِمامِ
والخَلْقاء: السماء لمَلاستها واستِوائها. وخَلْقاء الجَبْهة والمَتْن
وخُلَيْقاؤُهما: مُستَواهما وما امْلاسَّ منهما، وهما باطنا الغار الأَعلى
أَيضاً، وقيل: هما ما ظهر منه، وقد غلب عليه لفظ التصغير. وخَلْقاء
الغار الأَعلى: باطنه. ويقال: سُحِبُوا على خَلْقاواتِ جِباهِهم.
والخُلَيْقاءُ من الفرس: حيث لَقِيت جَبهته قَصبة أَنفه من مُسْتدَقِّها، وهي
كالعِرْنين من الإِنسان. قال أَبو عبيدة: في وجه الفرس خُلَيْقاوانِ وهما حيث
لقِيت جبهتُه قَصبة أَنفه، قال: والخليقان عن يمين الخُلَيْقاء وشمالها
يَنْحَدِر إِلى العين، قال: والخُلَيْقاء بين العينين وبعضهم يقول
الخَلْقاء. والخَلُوقُ والخِلاقُ: ضَرب من الطيِّب، وقيل: الزَّعْفران؛ أَنشد
أَبو بكر:
قد عَلِمَتْ، إن لم أَجِدْ مُعِينا،
لتَخْلِطَنَّ بالخَلُوقِ طِينا
يعني امرأته، يقول: إن لم أَجد من يُعينني على سَقْيِ الإبل قامت فاستقت
معي، فوقع الطين على خَلُوق يديها، فاكتفى بالمُسبَّب الذي هو اختلاط
الطين بالخلوق عن السبب الذي هو الاستقاء معه؛ وأَنشد اللحياني:
ومُنْسَدِلاً كقُرونِ العَرُو
سِ تُوسِعُه زَنْبَقاً أَو خِلاقا
وقد تَخلَّق وخَلَّقْته: طَلَيْته بالخَلُوق. وخَلَّقَت المرأَة جسمها:
طَلته بالخَلوق؛ أنشد اللحياني:
يا ليتَ شِعْري عنكِ يا غَلابِ،
تَحْمِلُ معْها أَحسنَ الأَرْكابِ،
أَصفر قَد خُلِّقَ بالمَلابِ
وقد تخلَّقت المرأَة بالخلوق، والخلوقُ: طيب معروف يتخذ من الزعفران
وغيره من أَنواع الطيب، وتَغلِب عليه الحمرة والصفرة، وقد ورد تارة بإباحته
وتارة بالنهي عنه، والنهي أَكثر وأَثبت، وإنما نهي عنه لأنه من طيب
النساء، وهن أَكثر استعمالاً له منهم؛ قال ابن الأثير: والظاهر أن أحاديث
النهي ناسخة.
والخُلُق: المُرُوءَة. ويقال: فلان مَخْلَقةٌ للخير كقولك مَجْدَرةٌ
ومَحْراةٌ ومَقْمَنةٌ. وفلان خَلِيق لكذا أي جدير به. وأَنت خَليق بذلك أَي
جدير. وقد خَلُق لذلك، بالضم: كأَنه ممن يُقدَّر فيه ذاك وتُرى فيه
مَخايِلهُ. وهذا الأمر مخْلَقة لك أي مَجْدَرة، وإنه مَخلقة من ذلك، وكذلك
الاثنان والجمع والمؤنث. وإنه لخَلِيق أَن يَفعل ذلك، وبأَن يفعل ذلك، ولأن
يفعل ذلك، ومِن أَن يفعل ذلك، وكذلك إنه لمَخلَقة، يقال بهذه الحروف
كلها؛ كلُّ هذه عن اللحياني. وحكي عن الكسائي: إنَّ أَخْلَقَ بك أن تفعل ذلك،
قال: أَرادوا إنَّ أَخلق الأشياء بك أن تفعل ذلك. قال: والعرب تقول يا
خليقُ بذلك فترفع، ويا خليقَ بذلك فتنصب؛ قال ابن سيده: ولا أَعرف وجه
ذلك. وهو خَلِيقٌ له أَي شبيه. وما أَخْلَقَه أَي ما أشبهه. ويقال: إنه
لخليق أي حَرِيٌّ؛ يقال ذلك للشيء الذي قد قَرُب أن يقع وصح عند من سمع
بوقوعه كونُه وتحقيقه. ويقال: أَخْلِقْ به، وأَجْدِرْ به، وأَعْسِ به، وأَحْرِ
به، وأَقْمِنْ به، وأَحْجِ به؛ كلُّ ذلك معناه واحد. واشتقاق خَلِيق وما
أَخْلَقه من الخَلاقة، وهي التَّمْرينُ؛ من ذلك أن تقول للذي قد أَلِفَ
شيئاً صار ذلك له خُلُقاً أي مَرَنَ عليه، ومن ذلك الخُلُق الحسَن.
والخُلوقة: المَلاسةُ، وأَمّا جَدِير فمأْخوذ من الإحاطة بالشيء ولذلك سمِّي
الحائط جِداراً. وأَجدرَ ثَمَرُ الشجرة إذا بدت تَمرتُه وأَدَّى ما في
طِباعه. والحِجا: العقل وهو أَصل الطبع. وأَخْلَق إخْلاقاً بمعنى واحد؛
وأَما قول ذي الرمة:
ومُخْتَلَقٌ للمُلْك أَبيضُ فَدْغَمٌ،
أَشَمُّ أَيَجُّ العينِ كالقَمر البَدْرِ
فإنما عنى به أَنه خُلِق خِلْقةً تصلحُ للمُلك.
واخلَوْ لَقَت السماءُ أَن تمطرُ أَي قارَبتْ وشابهَت، واخْلَوْ لَق أَن
تَمطُر على أَن الفِعل لان
(* قوله: على أَن الفعل لان، هكذا في الأصل
ولعل في الكلام سقطاً).؛ حكاه سيبويه. واخْلَوْلَق السحاب أَي استوى؛
ويقال: صار خَلِيقاً للمطر. وفي حديث صفة السحاب: واخْلَوْلَق بعد تَفرُّقٍ
أَي اجتمع وتهيَّأ للمطر. وفي خُطبة ابن الزبير. إن الموتَ قد تَغَشَّاكم
سحابُه، وأَحْدَق بكم رَبابُه، واخْلوْلَقَ بعد تَفرُّق؛ وهذا البناء
للمبالغة وهو افْعَوْعَل كاغْدَوْدَنَ واغْشَوْشَبَ.
والخَلاقُ: الحَظُّ والنَّصِيب من الخير والصلاح. يقال: لا خَلاق له في
الآخرة. ورجل لا خلاق له أَي لا رَغْبة له في الخير ولا في الآخرة ولا
صَلاح في الدين. وقال المفسرون في قوله تعالى: وما لَه في الآخرة من خَلاق؛
الخلاق: النصيب من الخير. وقال ابن الأَعرابي: لا خلاق لهم لا نصيب لهم
في الخير، قال: والخَلاق الدين؛ قال ابن بري: الخلاق النصيب المُوفَّر؛
وأَنشد لحسان بن ثابت:
فَمَنْ يَكُ منهم ذا خَلاق، فإنَّه
سَيَمْنَعُه من ظُلْمِه ما تَوَكَّدا
وفي الحديث: ليس لهم في الآخرة من خلال؛ الخَلاق، بالفتح: الحظ والنصيب.
وفي حديث أُبَيّ: إنما تأْكل منه بخَلاقك أَي بحظّك ونصيبك من الدين؛
قال له ذلك في طعام من أَقرأَه القرآن.