Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: تحين

هظر

الْهَاء والظاء وَالرَّاء

الظَّهْرُ من كل شَيْء: خلاف الْبَطن.

والظَّهْرُ من الْإِنْسَان: من لدن مُؤخر الْكَاهِل إِلَى أدنى الْعَجز عِنْد آخِره، مُذَكّر لَا غير، صرح بذلك اللحياني، وَهُوَ من الْأَسْمَاء الَّتِي وضعت مَوضِع الظروف، وَالْجمع أظْهُرٌ وظُهُورٌ، وظٌهْرانٌ.

وقلَّب الْأَمر ظَهْراً لبطن: أنعم تَدْبيره، وقلَّب فلَان أمره ظهرا لبطن، وظَهْرَه لبطنه، وظَهْرَه للبطن، قَالَ الفرزدق:

كَيَف تَرانِي قالِبا مِجَنِّي

أقلِبُ أمرِي ظَهرَه للبَطنِ

وَإِنَّمَا اخْتَار الفرزدق هَاهُنَا " للبطن " على قَوْله: " لبطن " لِأَن قَوْله: " ظَهره " معرفَة، فَأَرَادَ أَن يعْطف عَلَيْهِ معرفَة مثله وَإِن اخْتلف وَجه التَّعْرِيف، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: هَذَا بَاب من الْفِعْل يُبدل فِيهِ الآخر من الأول، وَيجْرِي على الِاسْم كَمَا يجْرِي أَجْمَعُونَ على الِاسْم، وَينصب بِالْفِعْلِ، لِأَنَّهُ مفعول، فالبدل أَن تَقول: ضرب عبد الله ظَهْرُه وبطنه، وَضرب زيد الظَّهرُ والبطن، وقلب عَمْرو ظَهرُه وبطنه، فَهَذَا كُله على الْبَدَل، قَالَ: وَإِن شِئْت كَانَ على الِاسْم بِمَنْزِلَة أَجْمَعِينَ. يَقُول: يصير الظّهْر والبطن توكيدا لعبد الله، كَمَا يصير أَجْمَعُونَ توكيدا للْقَوْم، كَأَنَّك قلت: ضرب كُله، قَالَ: وَإِن شِئْت نصبت فَقلت: ضرب زيد الظَّهْرَ والبطن، وقُلِبَ زيد ظَهرَه وبطنه، فَالْمَعْنى انه قلب على الظّهْر والبطن، قَالَ: وَلَكنهُمْ أَجَازُوا هَذَا، كَمَا أَجَازُوا: دخلت الْبَيْت، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ دخلت فِي الْبَيْت، وَالْعَامِل فِيهِ الْفِعْل، قَالَ: وَلَيْسَ المنتصب هَاهُنَا بِمَنْزِلَة الظروف، لِأَنَّك لَو قلت: هُوَ ظَهره وبطنه وَأَنت تَعْنِي شَيْئا على ظَهرِه لم يجز، وَلم يجيزوه فِي غير الظّهْر والبطن والسهل والجبل، كَمَا لم يجز دخلت عبد الله، وكما لم يجز حذف حرف الْجَرّ إِلَّا فِي الْأَمَاكِن، مثل دخلت الْبَيْت، واختص قَوْلهم: الظَّهرَ والبطن، والسهل والجبل بِهَذَا، كَمَا أَن " لدن " مَعَ " غدْوَة " لَهَا حَال لَيست فِي غَيرهَا من الْأَسْمَاء، وَقَوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا نزل من الْقُرْآن آيَة لَا لَهَا ظَهْرٌ وبَطْنٌ، وكل حرف حد وكل حد مطلع " قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ بَعضهم: الظَّهر: لفظ الْقُرْآن، والبطن: تَأْوِيله، وَقيل: الظَّهرُ: الحَدِيث وَالْخَبَر، والبطن: مَا فِيهِ من الْوَعْظ والتحذير والتنبيه، والمُطَّلَعُ: مأتى الْحَد ومصعده: أَي قد عمل بهَا قوم أَو سيعملون.

وظهَرَه يَظْهَرُه ظَهْرا: ضرب ظَهْرَه.

وظَهِرَ ظَهَراً: اشْتَكَى ظَهرَه.

وَرجل ظَهِيرٌ: يشتكى ظَهره.

وبعير ظَهيرٌ: لَا ينْتَفع بظهره من الدبر، وَقيل: هُوَ الْفَاسِد الظّهْر من دبر أَو غَيره، رَوَاهُ ثَعْلَب.

وَرجل ظَهِيرٌ ومُظَهَّرٌ: قوي الظَهرِ، وَقيل: هُوَ الصلب الشَّديد، من غير أَن يعين مِنْهُ ظَهرٌ أَو غَيره، وَقد ظَهَرَ ظَهارَةً.

وَرجل خَفِيف الظَّهْرِ: قَلِيل الْعِيَال، وثقيل الظَّهرِ: كثير الْعِيَال، وَكِلَاهُمَا على الْمثل.

وأقران الظَّهْرِ: الَّذين يجيئون من ورائك مَأْخُوذ من الظَّهرِ، قَالَ أَبُو خرَاش:

لكانَ جميلٌ أَسْوَأ الناسِ تَلَّةً ... ولكنَّ أقرانَ الظُّهُورِ مَقاتِلُ

وشدَّه الظُّهارِيَّةَ، إِذا شدَّه إِلَى خلف، وَهُوَ من الظَّهْرِ.

والظَّهْرُ: الركاب الَّتِي تحمل الأثقال فِي السّفر، لحملها إِيَّاهَا على ظُهورِها.

وَفُلَان على ظَهرٍ، أَي مزمع للسَّفر غير مطمئن، كَأَنَّهُ قد ركب ظَهْرا لذَلِك، قَالَ يصف أَمْوَاتًا:

ولَوْ يَستَطيعونَ الرَّواحَ ترَوَّحوا ... مَعيِ أوْ غدَوْا فِي المُصْبِحِينَ على ظَهْرِ

وَالْبَعِير الظِّهْرِيُّ: الْعدة للْحَاجة، نسب إِلَى الظَّهْرِ نسبا على غير قِيَاس، وَقد ظَهَّرَ بِهِ، واستَظهرَه.

وظَهَرَ بحاجة الرجل، وظَهَّرَها، وأظْهَرَها: جعلهَا بظَهْرٍ. وَمعنى هَذَا الْكَلَام انه جعل حَاجته وَرَاء ظَهرِه تهاونا بهَا، كَقَوْلِه تَعَالَى: (فَنبَذُوه وراءَ ظُهُورِهمْ) بِخِلَاف قَوْلهم: واجه إِرَادَته، إِذا أقبل عَلَيْهَا بقضائها، وَجعل حَاجته بظَهرٍ كَذَلِك، قَالَ الفرزدق: تَميمُ بنَ قَيسٍ لَا تَكونَنَّ حاجَتِي ... بظَهرٍ فَلا يَعيا عَليَّ جَوابُها

واتَّخذ حَاجته ظِهْرِيًّا: استهان بهَا، كَأَنَّهُ نَسَبهَا إِلَى الظّهْر على غير قِيَاس، كَمَا قَالُوا فِي النّسَب إِلَى الْبَصْرَة: بَصرِي وَفِي التَّنْزِيل: (واتَّخَذْتُموهُ وَراءكُمْ ظِهْرِيًّا) وَقَالَ ثَعْلَب: مَعْنَاهُ: نبذتم ذكر الله وَرَاء ظهوركم.

وَحَاجته عنْدك ظاهِرَةٌ، أَي مطرحة وَرَاء الظَّهرِ.

وأظْهَرَ بحاجته، وأظَّهَر: جعلهَا وَرَاء ظَهرِه، وَأَصله اظْتَهَر.

وظهَرَ بِهِ وَعَلِيهِ يَظهَرُ: قوى، وَفِي التَّنْزِيل: (أوِ الطِّفْلِ الَّذينَ لمْ يَظْهَروا على عَوْراتِ النِّساءِ) أَي لم يطيقوا ذَلِك، وَقَوله:

خَلفْتَنا بَينَ قَوْمٍ يَظْهَرونَ بِنَا ... أموالُهُم عازِبٌ عنَّا، ومَشغولُ

هُوَ من ذَلِك، وَقد يكون من قَوْلك: ظهَرَ بِهِ، إِذا جعله وَرَاء ظَهرِه، وَلَيْسَ بِقَوي، وَأَرَادَ مِنْهَا عَازِب، وَمِنْهَا مَشْغُول، وكل هَذَا رَاجع إِلَى معنى الظَّهْرِ.

وَطَرِيق الظَّهْرِ: طَرِيق الْبر، وَذَلِكَ حِين يكون فِيهِ مَسْلَك فِي الْبر ومسلك فِي الْبَحْر.

والظَّهْرُ من الأَرْض: مَا غلظ وارتفع، والبطن: مَا لَان مِنْهَا وَسَهل.

وسال الْوَادي ظَهْراً، إِذا سَالَ بمطر نَفسه، فَإِن سَالَ بمطر غَيره قيل: سَالَ درءا، وَسَيَأْتِي ذكره، وَقَالَ مرّة: سَالَ الْوَادي ظُهْرا، كَقَوْلِك: ظَهْرا.

وظَهَرتِ الطير من بلد كَذَا إِلَى بلد كَذَا: انحدرت مِنْهُ إِلَيْهِ، وَخص أَبُو حنيفَة بِهِ النسْر فَقَالَ، يذكر النسور: إِذا كَانَ آخر الشتَاء ظَهَرتْ إِلَى نجد تــتحين نتاج الْغنم فتأكل أسلاءَها.

والظَّاهرُ: خلاف الْبَطن، ظَهَرَ يَظْهَرُ ظُهورا، فَهُوَ ظاهِرٌ وظَهِيرٌ، قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:

فإنَّ بَنيِ لِحْيانَ إمَّا ذكَرْتُهُمْ ... نَثاهُمْ إِذا أخْنَى اللِّئامُ ظَهيرُ

وروى " طهير " بِالطَّاءِ، وَقد تقدم، وَقَوله تَعَالَى: (وَذَرُوا ظاهِرَ الإثمِ وباطِنَهُ) قيل: ظَاهره: المخالة على جِهَة الرِّيبَة، وباطنه: الزِّنَا. قَالَ الزّجاج: وَالَّذِي يدل عَلَيْهِ الْكَلَام، وَالله أعلم، أَن الْمَعْنى اتْرُكُوا الْإِثْم ظَهَرَا أَو بطن، أَي لَا تقربُوا مَا حرم الله جَهرا وَلَا سرا.

والظاهِرُ: من أَسمَاء الله جلّ وَعز، وَفِي التَّنْزِيل: (هُوَ الأوَّلُ والآخِرُ والظاهِرُ والباطِنُ) .

وَهُوَ بَين ظَهْرَيهِم وظَهْرانَيْهِم، بِفَتْح النُّون، وَلَا يكسر بَين أظهُرِهم.

ولقيته بَين الظَّهْرَينِ والظَّهْرَانَينِ، أَي فِي الْيَوْمَيْنِ أَو الثَّلَاثَة، وَهُوَ من ذَلِك.

وكل مَا كَانَ فِي وسط شَيْء ومعظمه، فَهُوَ بَين ظَهْرَيِه، وظَهْرانَيْهِ.

وَهُوَ على ظَهْرِ الْإِنَاء، أَي مُمكن لَك لَا يُحَال بَيْنكُمَا، عَن ابْن الْأَعرَابِي.

والظَّواهِرُ: أَشْرَاف الأَرْض.

والظُّهْرانُ: الريش الَّذِي يَلِي الشَّمْس والمطر من الْجنَاح، وَقيل الظُّهارُ والظُّهرانُ: مَا جعل من ظهر عسيب الريشة، وَهُوَ الشق الأقصر، وَهُوَ أَجود الريش، الْوَاحِد ظَهرٌ، فَأَما ظُهْرانٌ فعلى الْقيَاس، وَأما ظُهارٌ فنادر، وَنَظِيره عرق وعراق، ويوصف بِهِ فَيُقَال: ريش ظٌهارٌ وظُهْرانٌ، وَقد ظَهَّرْتُ السهْم.

والظَّهْرانِ: جنَاحا الجرادة الأعليان الغليظان، عَن أبي حنيفَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: قَالَ أَبُو زِيَاد: للقوس ظَهرٌ وبطن، فالبطن مَا يَلِي مِنْهَا الْوتر، وظَهْرُها: الآخر الَّذِي لَيْسَ فِيهِ وتر.

وظاهَرَ بَين نَعْلَيْنِ وثوبين: لبس أَحدهمَا على الاخر، وَكَذَلِكَ ظاهَرَ بَين درعين.

وَقيل: ظاهَرَ الدِّرع: لاءم بَعْضهَا على بعض، وَقَول وَرْقَاء بن زُهَيْر:

رَأيتُ زُهَيْراً تَحتَ كَلْكَلِ خالدٍ ... فَجِئتُ إليهِ كالعَجُولِ أُبادِرُ

فَشُلَّتْ يَميِني يَومَ أضرِبُ خالِداً ... ويَمنعُهُ مِني الحديدُ المُظاهَرُ

إِنَّمَا عَنى بالحديد هُنَا الدرْع، فَسمى النَّوْع الَّذِي هُوَ الدروع باسم الْجِنْس الَّذِي هُوَ الْحَدِيد، وَقَول أبي النَّجْم:

سُبِّى الحَماةَ وادْرَهِى عَليها

ثمَّ اقْرَعِي بالوَدِّ مَنْكِبَيْها

وظاهِرِي بِجَلِفٍ عَليها هُوَ من هَذَا، وَقد قيل: مَعْنَاهَا: استَظهِرِي، وَلَيْسَ بِقَوي.

وظهَرْتُ عَلَيْهِ: أعنته، وظهَر عليَّ: أعانني، كِلَاهُمَا عَن ثَعْلَب.

وتَظاهَروا عَلَيْهِ: تعاونوا، وَفِي التَّنْزِيل: (وَإنْ تَظاهَرا علَيهِ) .

وظاهَرَ بَعضهم بَعْضًا: أَعَانَهُ.

والظَّهِيرُ: العون، الْوَاحِد والجميع فِي ذَلِك سَوَاء، وَفِي التَّنْزِيل: (وكَانَ الكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهيراً) يَعْنِي بالكافر الْجِنْس، وَلذَلِك افرد وَفِيه: (والمَلائِكَةُ بعدَ ذلكَ ظَهيرٌ) ، وَهَذَا كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ من قَوْلهم للْجَمَاعَة: هم صديق، وهم فريق.

والظُّهْرَة، والظِّهْرَة: الْكسر، عَن كرَاع، كالظَّهيرِ، وهم ظِهْرَةٌ وَاحِدَة، أَي يتظاهرون على الْأَعْدَاء.

وجاءنا فِي ظُهْرَتِه وظَهَرَتِه وظاهِرَتِه، أَي فِي عشريته الَّذين يعينونه.

وظاهَرَ عَلَيْهِ: أعَان.

واستَظْهَرَه عَلَيْهِ: استعانه.

واسْتَظْهَرَ عَلَيْهِ بِالْأَمر: اسْتَعَانَ، وَفِي حَدِيث عَليّ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " يُستْظْهَرُ بِحُجَجِ الله وبنعمه على كِتَابه ".

والظُّهورُ: الظفر، ظَهَرَ عَلَيْهِ يَظْهَر ظُهُورا، وأظهَرُه الله عَلَيْهِ.

وَله ظَهْرٌ، أَي مَال من إبل وغنم.

وظَهَر بالشَّيْء ظَهْراً: فَخر.

وَفُلَان من ولد الظَّهْرِ، أَي لَيْسَ منا، وَقيل: مَعْنَاهُ انه يلْتَفت إِلَيْهِم. قَالَ ارطأة بن سهية:

فَمَنْ مُبلِغٌ أبناءَ مُرَّةَ أنَّنا ... وجَدنا بَنِي البَرْصاءِ مِنْ وَلَدِ الظَّهرِ

وَفُلَان لَا يَظْهَر عَلَيْهِ أحد، أَي لَا يسلم.

والظَّهَرَةُ: مَا فِي الْبَيْت من الْمَتَاع وَالثيَاب. وَقَالَ ثَعْلَب: بَيت حسن الظَّهَرَةِ والأهرة، فالظَّهَرَةُ: مَا ظَهَرَ مِنْهُ، والأهرة: مَا بطن مِنْهُ. وظَهَرَةُ المَال: كثرته.

وأظْهَرَنا الله على الْأَمر: أطلع.

والظَّهْرُ: مَا غَابَ عَنْك، يُقَال: تَكَلَّمت بذلك عَن ظهر غيب.

وظَهْرُ الْقلب: حفظه من غير كتاب، وَقد قَرَأَهُ ظاهِراً، واستَظهرَه.

والظَّاهِرَةُ: الْعين الجاحظة.

وظاهَرَ الرجل امْرَأَته، وَمِنْهَا مُظاهرَةً: وظِهارا: إِذا قَالَ: هِيَ عَليّ كَظهر ذَات رحم محرم، وَقد تَظَهَّرَ مِنْهَا وتَظاهر.

وَقد ظَهْرٌ: قديمَة، كَأَنَّهَا تلقى وَرَاء الظَّهرِ لقدمها، قَالَ حميد بن ثَوْر:

فتَغَيَّرَتْ إلاَّ دَعاِئمَها ... ومُعَرَّسا منْ جَوْنَةٍ ظَهْرِ

وتَظاهَرَ الْقَوْم: تدابروا، وَقد تقدم انه التعاون، فَهُوَ ضد.

وَقَتله ظَهْراً، أَي غيلَة، عَن ابْن الْأَعرَابِي.

والظُّهْرُ: سَاعَة الزَّوَال، وَلذَلِك قيل: صَلَاة الظُّهْرِ، وَقد يحذفون على السعَة فَيَقُولُونَ: هَذِه الظُّهْرُ، يُرِيدُونَ صَلَاة الظُّهْرِ.

والظَّهِيرَةُ: حد انتصاف النَّهَار، وَقيل: إِنَّمَا ذَلِك فِي القيظ، وَقيل: الظُّهرُ مُشْتَقّ مِنْهَا.

وأتاني مُظَهِّراً ومُظْهِراً، أَي فِي الظَّهِيرَة.

وأظهَرَ الْقَوْم: دخلُوا فِي الظَّهِيَرةِ، وَفِي التَّنْزِيل: (وَحينَ تُظهِروُنَ) قَالَ ابْن مقبل:

وأظهَرَ فِي غُلاَّنِ رَقْد وسَيْلُهُ ... عَلاجيمُ لَا ضَحْلٌ وَلَا مُتضَحْضِحُ

يَعْنِي أَن السَّحَاب أَتَى هَذَا الْموضع ظُهْراً، أَلا ترى أَن قبل هَذَا:

فَأَضْحَى لهُ جِلْبٌ بِأكنافِ شُرْمَةٍ ... أجَشُّ سِماِكيٌّ منَ الوَبْلِ أفصَحُ

وظُهَيْرٌ: اسْم. ومُظْهِرُ بن ريَاح: أحد فرسَان الْعَرَب وشعرائهم.

والظَّهْرانُ وَمر الظَّهرانِ: مَوضِع من منَازِل مَكَّة، قَالَ كثير:

ولَقدْ حلَفْتُ لَها يَمِيناً صادِقاً ... باللهِ عندَ مَحارِمِ الرَّحمنِ

بالرَّاقِصاتِ على الكَلالِ عَشِيَّةً ... تَغْشَى مَنابِتَ عَرْمَضِ الظَّهْرانِ

العرمض: هُنَا: صغَار الْأَرَاك: حَكَاهُ أَبُو حنيفَة.

والظَّواهِرُ: مَوضِع، قَالَ كثير عزة:

عَفا رابِغٌ من أهلهِ فالظَّواهرُ ... وأكنافُ تُبْنَى قدْ عفَتْ فالأصافرُ

اين

[اين] فيه: "الأين" الإعياء والتعب. وح: "أين" الابتداء بالصلاة، أي أين تذهب ثم قال الابتداء بالصلاة قبل الخطبة. ن: أين الابتداء، كذا في الأكثر، وعند البعض "ألا نبدأ" بألا الاستفتاحية فنون فموحدة، والأول أجود لأن سوقه للإنكار. نه وفيه: "أما أن" للرجل أن يعرف منزله أي حان وقرب، أن يئين أينا، وهو كاني يأني مقلوب منه. ج: "أين الله" فقالت في السماء، حكم بهذا القدر بإيمانها بغير الشهادتين والتبري عن الأديان لما رأى عليها من أمارة الإسلام. ط: لم يرد السؤال عن المكان بل عن نفي الآلهة الأرضية أي الأصنام التي يعبدها العرب تكليماً معها بقدر عقلها، فقنع به ولم يكلفها حقيقة التنزيه. و"فأين صلاته" بعد صلاته فإن قيل: كيف يفضل زيادة عمله بلا شهادة على عمله معها، قلت: قد عرف صلى الله عليه وسلم أن عمله بلا شهادة ساوى عمله معها بمزيد إخلاصه وخشوعه ثم زاد عليه بما عمله بعده، وكم من شهيد لم يدرك شأو الصديق. قوله: "أو صيامه" شك من الراوي، ولام لما بينهما لام تأكيد، وما مبتدأ، وبعد خبره أي بين الذي مات قبل والذي مات بعد. 

اين

1 آنَ, [aor. ـِ inf. n. أَيْنٌ, [in a copy of the Msb, أَيِنَ, aor. ـء inf. n. أَيَنٌ, but as this is at variance with all other authorities known to me, I regard it as a mistranscription,] He was, or became, fatigued, or tired: (T, M:) so says IAar: (T:) and As says the like: (TA, from a marginal note in a copy of the S:) [see also what I have cited from the Mughnee voce إِنَّ, last sentence:] in proof of this, IAar cites the following ex., from a poet: إِنَّا وَرَبِّ القُلُصِ الضَّوَامِرِ [We were, or have become, fatigued, by the Lord of the lean and lank-bellied youthful she-camels]: but Lth says that there is no verb derived from أَيْنٌ, in this sense, except in poetry: (T:) Aboo-Mohammad says that the only instance is that cited above: (TA:) [it is not disputed that] أَيْنٌ signifies fatigue, or the being fatigued or tired: (S, K:) Az says that it has no verb formed from it; but on this point he has been contradicted: (S:) A 'Obeyd also says that it has no verb. (M.) A2: آنَ, aor. ـِ inf. n. أَيْنٌ, (S, M, Msb, K, &c., [but see what follows,]) also signifies Its time came; (أَتَى وَقْتُهُ;) as also أَنَى: (Bd lvii. 15:) it was, or became, present: it came, or attained, to its time; to its full, or final, time, or state; to maturity: it was, or became, or drew, near: syn. أَنَى: (M:) and أَدْرَكَ; like أَنَى: (Ham p. 455:) and حَانَ: (S, M, Msb, K:) and قَرُبَ. (Mughnee voce إِنَّ.) You say, آنَ لَكَ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا, aor. and inf. n. as above, (Az, S,) i. e. حَانَ [The time has come, or has drawn near, for thee to do, or that thou shouldst do, such a thing]; like أَنَى: and it is formed from it by transposition: (S:) [i. e.] أَنَى is formed by transposition from آنَ: (Msb:) or آنَ is a dial. var. of أَنَى; not formed from it by transposition, [nor is the reverse the case,] because of the existence of the inf. n. [of each]: (M:) or آنَ is formed by transposition from أَنَى, because the latter has an inf. n. and the former has not: so says As: for أَيْنٌ does not belong to this; its meaning being only إِعْيَآءٌ and تَعَبٌ: or, accord. to Az, آنَ has an inf. n., namely أَيْنٌ; and if the case be so, the two [verbs] are equal; neither being the original of the other: (IJ in the Khasáïs:) Suh, in the R, asserts that آنَ is formed by transposition from أَنَى: (TA:) the assertion of El-Bekree, that آنَ is originally with و [for its medial radical letter], and that it is of the class of وَلِىَ, aor. ـِ requires consideration, and involves what is contrary to rule. (MF.) You say also, آنَ أَيْنُكَ, (S, M, K,) and إِينُكَ, (M, K,) and آنُكَ, (S, K,) i. e. حَانَ حِينُكَ [Thy time, or season, came, or hath come: or drew near, or hath drawn near]. (S, M, K.) آنٌ: see أَيْنٌ. b2: الْآنَ is a noun denoting the present time; (S, M, Msb, K;) [signifying At the present time; now; for] it is an adverbial noun; (S, Msb, K;) one which, in a place where it is fitting to be used as such, may not be used otherwise; occurring in a determinate sense; (S, K;) the ال being inseparable from it; (IJ, M, Msb;) not prefixed to it for the purpose of rendering it determinate, because it has not that which participates in its meaning: (S, Msb, K:) as Ibn-Es-Sarráj says, there is not one آن and another آن: (Msb:) [accord. to ISd, who quotes a long disquisition by IJ on this word,] the ال which is expressed in this case is redundant, because the noun is determinate without it, but it is rendered so by another ال, which is understood, as in the case of أَمْسِ: so says IJ, following Aboo-'Alee; and his is the correct opinion: (M:) Fr says that it is a particle, compounded with ال, which is inseparable from it; and that it is originally أَوَانَ [or الْأَوَانَ]: or that it may have originated from the phrase آنَ لَكَ أَنْ تَفْعَلَ [explained above], and is therefore mansoob, like قِيلَ and قَالَ when used as nouns: but Zj disallows its originating from آنَ; and says that the right opinion is that of Kh, that الْآنَ is indecl. with fet-h for its termination, and that the ال is prefixed because the meaning is هٰذَا الوَقْت; and this is the opinion of Sb. (T.) You say, أَنَا الْآنَ

أَفْعَلُ كَذَا [I, at the present time, or now, do, or will do, thus, or such a thing]. (M.) and كُنْتُ الْآنَ عِنْدَهُ, meaning I was, in this time, of which part is present and some portions have passed, with him, or in his presence. (IJ, M.) And when you mean the kind of expression which is used in this saying, you say, اَلْآنُ حَدُّ الزَّمَانَيْنِ [The term “ now ” is the limit of the two times; namely the past and the future]; thus pronounced, marfooa: so says IJ: but in the Book of Sb we read, الآنَ حَدُّ الزَّمَانَيْنِ, with nasb: and in like manner, in the same, الآنَ آنُكَ [Now is thy time]; the former with nasb and the latter with refa. (M.) You say also, هٰذَا أَوَانُ الْآنَ [This is the present time]: and مَا جِئْتُ إِلَّا

أَوَانَ الْآنَ, meaning I came not save at the present time, or now: with the last word mansoob in both instances. (ISh, T.) [And إِلَى الْآنَ and حَتَّى الْآنَ To the present time and until the present time; i. e. hitherto. And مِنَ الْآنَ From the present time; henceforward.] Sometimes the hemzeh [after the ل] is suppressed, and its vowel is transferred to the ل; so that you say الَانَ. (Bd ii. 66.) And sometimes also the ل is pronounced with fet-h and both the hemzehs are suppressed; so that you say لَانَ. (S, K.) And sometimes تَ is prefixed to it, like as it is to حِينَ; so that you say تَلَانَ, like as you say تَحِينَ. (El-Umawee, A 'Obeyd. [See art. تلن.]) أَيْنٌ Fatigue. (S, K, &c.) [Whether it be a simple subst., or an inf. n., and, if the latter, whether it be an inf. n. of آنَ only in the former of the two senses assigned to that verb above, or in both these senses, is doubted: see 1, throughout.]

A2: A time; a season; syn. حِينٌ; (S, M, K;) as also ↓ إِينٌ (M, K) and ↓ آنٌ. (S, K.) [See 1, last sentence.]

أَيْنَ is an adverbial noun, (Msb,) an interrogative respecting a place: (S, M, Msb, K:) [signifying Where? in what place?]: Zj says that it is an interrogative particle, like كَيْفَ: (T:) [ISd says,] it is a noun, because you say, مِنْ أَيْنَ [meaning From what place? whence?]: (M:) [and you say also, إِلَى أَيْنَ To what place? whither?]: it is always mansoob, unless you prefix the article to it, saying الأَيْنُ [which means The place where]: (Lth, T:) it is fem.; but may be made masc. (Lh, M.) You say, أَيْنَ زَيْدٌ Where, or in what place, is Zeyd? (S, Msb.) And أَيْنَ بَيْتُكَ [Where is thy house, or tent?]. (M.) And أَيْنَ يُذْهَبُ بِكَ, which may mean Where, or whither, wilt thou be taken away, and what will be done with thee and made to come to pass with thee, if this be thine intellect? or, accord. to Mtr, it is a saying of the people of Baghdád, addressed to him whom they charge with foolish judgment or opinion, as meaning أَيْنَ يُذْهَبُ بِعَقْلِكَ [Where, or whither, is thine intellect taken away?]. (Har p. 574.) [and أَيْنَ هٰذَا مِنْ ذَاكَ and عَنْ ذَاكَ and وَ ذَاكَ What place does this hold in relation to that, or in comparison with that? what is this in relation to that, or in comparison with that? what has this to do with that? what has this in common with that?] b2: It also denotes a condition: when you say, أَيْنَ تَجْلِسْ أَجْلِسْ [Where thou sittest, I will sit], the sitting must be in one place: and مَا is added to it; so that you say, أَيْنَمَا تَقُمْ أَقُمْ [Wherever thou standest, I will stand]. (Msb.) b3: It also occurs used as a proper name of a particular place: thus the poet Homeyd Ibn-Thowr speaks of his companions as being بِأَيْنَ وَ أَيْنَمَا [app. meaning In certain places: where and wherever those places were, there were my companions]: in which case it is divested of the meaning of an interrogative, and is imperfectly decl. because determinate and of the fem. gender. (M, L. [In one copy of the former, بِأَنَّى وَ أَيْنَمَا, which may mean the same; and voce أَىٌّ, q. v., بِأَىَّ وَ أَيْنَمَا.]) إِينٌ: see أَيْنٌ.

أَيَّانَ, (T, S, M, &c.,) of the measure فَعَّال, or it may be of the measure فَعْلَان, (Msb,) also pronounced ↓ إِيَّانَ, (T, S, M, K,) the latter of the dial. of Suleym, mentioned by Fr, (T, S,) and by Zj, (M,) is an interrogative respecting a time, (T, S, Msb,) but only respecting a time not come: (T:) signifying When? (S, M, Msb;) at what time? (Msb, K:) it is fem.; but may be made masc.: (Lh, M:) and it may be pronounced with imáleh, though not belonging to a class of words regularly subject to imáleh. (TA.) It is said in the Kur [xvi. 22 and xxvii. 67], accord. to different readings, أَيَّانَ يُبْعَثُونَ or ↓ إِيَّانِ [When they shall be raised to life]; (T, S, M;) i. e. when shall be the resurrection. (Aboo-Is-hák, T.) But you may not say, أَيَّانَ فَعَلْتَ ذَاكَ as meaning When didst thou that? (T.) b2: IJ says that, were it syn. with مَتَى, it would be conditional; whereas it was not mentioned by his colleagues among the adverbs used conditionally, as مَتَى and أَيْنَ &c.: but sometimes it has a conditional meaning, though that meaning be not explicit. (M.) A poet says, أَيَّانَ نُؤْمِنْكَ تَأْمَنْ غَيْرَنَا وَ إِذَا لَمْ تُدْرِكِ الأَمْنَ مِنَّا لَمْ تَزَلْ حَذِرَا [When we grant thee security, thou wilt be secure from others than us; and when thou obtainest not security from us, thou wilt not cease to be in a state of fear]. (I 'Ak p. 300.) إِيَّانَ: see أَيَّانَ, in two places.

آئِنٌ part. n. of آنَ in both its senses.

آيِنَةٌ: see أَوَانٌ.

عَنُفَ 

(عَنُفَ) الْعَيْنُ وَالنُّونُ وَالْفَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ الرِّفْقِ. قَالَ الْخَلِيلُ: الْعُنْفُ: ضِدُّ الرِّفْقِ. تَقُولُ عَنُفَ يَعْنُفُ عُنْفًا فَهُوَ عَنِيفٌ، إِذَا لَمْ يَرْفُقُ فِي أَمْرِهِ. وَأَعْنَفْتُهُ أَنَا. وَيُقَالُ: اعْتَنَفْتَ الشَّيْءَ، إِذَا كَرِهْتَهُ وَوَجَدْتَ لَهُ عُنْفًا عَلَيْكَ وَمَشَقَّةً. وَمِنَ الْبَابِ: التَّعْنِيفُ، وَهُوَ التَّشْدِيدُ فِي اللَّوْمِ. فَأَمَّا الْعُنْفُوَانُ فَأَوَّلُ الشَّيْءِ، يُقَالُ عُنْفُوَانُ الشَّبَابِ، وَهُوَ أَوَّلُهُ، فَهَذَا لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ، إِنَّمَا هَذَا مِنْ بَابِ الْإِبْدَالِ، وَهُوَ أَنَّ الْعَيْنَ مُبْدَلَةٌ مِنْ هَمْزَةٍ، وَالْأَصْلُ الْأَنْفُ; وَأَنْفُ كُلِّ شَيْءٍ: أَوَّلُهُ. قَالَ:

مَاذَا تَقُولُ بِنْتَهَا تَلَمَّسُ ... وَقَدْ دَعَاهَا الْعُنْفُوَانُ الْمُخْلِسُ

وَقَالَ آخَرُ:

تَلُومُ امْرَأً فِي عُنْفُوَانِ شَبَابِهِ ... وَتَتْرُكُ أَشْيَاعَ الضَّلَالِ تَحَيَّنُ 

رَشَنَ 

(رَشَنَ) الرَّاءُ وَالشِّينُ وَالنُّونُ لَيْسَ أَصْلًا وَلَا فِيهِ مَا يُؤْخَذُ بِهِ. لَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ. رَشَنَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ: أَدْخَلَ رَأْسَهُ. وَالرَّاشِنُ: الَّذِي يَــتَحَيَّنُ وَقْتَ الطَّعَامِ فَيَأْتِي وَلَمْ يُدْعَ. وَفِي كُلِّ ذَلِكَ نَظَرٌ. 

حُضَيْرِيّ

حُضَيْرِيّ
من (ح ض ر) نسبة إلى حُضَيْر: تصغير حضر: الرجل يــتحين طعام الناس حتى يحضره، والرجل لا يصلح للسفر، أو تصغير حضر: الرجل ذو البيان، أو تصغير حضر: مؤنث حضرة: القرب والفناء والشدة.

الفَلْحَسُ

الفَلْحَسُ: الكَلْبُ، وفي المَثَلِ: " أطْمَعُ من فَلْحَسِ ". والرَّجُلُ الحَرِيْصُ أيضاً، والمَرْأةُ الرَّسْحَاءُ.
الفَلْحَسُ: الحَريصُ، والكلبُ، والدُّبُّ المُسِنُّ، ومن يَــتَحَيَّنُ طعامَ الناسِ، ورجلٌ رئيسٌ من شَيْبانَ، كان إذا أُعطِيَ سَهْمَهُ من الغنيمة، سألَ سَهْماً لاِمرأتِهِ، ثم لناقتِهِ، فقالوا:
"أسألُ من فَلْحَسٍ"، وبهاءٍ: المرأةُ الرَّسْحاءُ الصغيرةُ العَجُزِ.
والفِلْحاسُ، بالكسر: القبيحُ السَّمِجُ.
وتَفَلْحَسَ: تَطَفَّلَ.

علم السحر

علم السحر
هو: علم يستفاد منه حصول ملكة نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة بأشياء خفية قاله في كشاف اصطلاحات الفنون.
وفي كشف الظنون: هو ما خفي سببه وصعب استنابطه لأكثر العقول.
وحقيقته: كل ما سحر العقول وانقادت إليه النفوس بخدعة وتعجب واستحسان فتميل إلى إصغاء الأقوال والأفعال الصادرة عن الساحر.
فعلى هذا التقدير هو: علم باحث عن معرفة الأحوال الفلكية وأوضاع الكواكب وعن ارتباط كل منها مع الأمور الأرضية من المواليد الثلاثة على وجه خاص ليظهر من ذلك الارتباط والامتزاج عللها وأسبابها وتركيب الساحر في أوقات المناسبة من الأوضاع الفلكية والأنظار الكوكبية بعض المواليد ببعض فيظهر ما جل أثره وخفي سببه من أوضاع عجيبة وأفعال غريبة تحيرت فيها العقول وعجزت عن حل خفاها أفكار الفحول.
أما منفعة هذا: العلم فالاحتراز عن عمله لأنه محرم شرعا إلا أن يكون لدفع ساحر يدعي النبوة فعند ذلك يفترض وجود شخص قادر لدفعه بالعمل ولذلك قال بعض العلماء:
إن تعلم السحر فرض كفاية وإباحة الأكثرون دون عمله إلا إذا تعين لدفع المتنبي.
واختلف الحكماء في طرق السحر:
فطريق الهند: بتصفية النفس وطريق النبط: بعمل العزائم في بعض الأوقات المناسبة.
وطريق اليونان: بتسخير روحانية الأفلاك والكواكب.
وطريق العبرانيين والقبط والعرب: بذكر بعض الأسماء المجهولة المعاني فكأنه قسم من العزائم زعموا أنهم سخروا الملائكة القاهرة للجن. فمن الكتب المؤلفة في هذا الفن: الإيضاح للأندلسي والبساطين لاستخدام الأنس وأرواح الجن والشياطين وبغية الناشد ومطلب القاصد على طريقة العبرانيين والجمهرة أيضا ورسائل أرسطو إلى الإسكندر وغاية الحكيم للمجريطي وكتاب طيماؤس وكتاب الوقوفات للكواكب على طريقة اليونانيين وكتاب سحر النبط لابن وحشية وكتاب العمي على طريقة العبرانيين ومرآة المعاني في إدراك العالم الإنساني على طريقة الهند انتهى ما في كشف الظنون
وفي تاريخ ابن خلدون علم السحر والطلسمات هو: علم بكيفية استعدادات تقتدر النفوس البشرية بها على التأثيرات في عالم العناصر إما بغير معين أو بمعين من الأمور السماوية والأول هو: السحر والثاني: هو الطلسمات.
ولما كانت هذه العلوم مهجورة عند الشرائع لما فيها من الضرر ولما يشترط فيها من الوجهة إلى غير الله من كوكب أو غيره كانت كتبها كالمفقود بين الناس إلا ما وجد في كتب الأمم الأقدمين فيما قبل نبوة موسى عليه السلام مثل: النبط والكلدانيين فإن جميع من تقدمه من الأنبياء لم يشرعوا الشرائع ولا جاؤوا بالأحكام إنما كانت كتبهم مواعظ توحيد الله وتذكير بالجنة والنار وكانت هذه العلوم في أهل بابل من السريانيين والكلدانيين وفي أهل مصر من القبط وغيرهم وكان لهم فيها التأليف والآثار ولم يترجم لنا من كتبهم فيها إلا القليل مثل:
الفلاحة النبطية من أوضاع أهل بابل فأخذ الناس منها هذا العلم وتفننوا فيه ووضعت بعد ذلك الأوضاع مثل: مصاحف الكواكب السبعة وكتاب طمطم الهندي في صور الدرج والكواكب وغيرهم.
ثم ظهر بالمشرق جابر بن حيان كبير السحرة في هذه الملة فتصفح كتب القوم واستخرج الصناعة وغاص على زبدتها واستخرجها ووضع فيها غيرها من التآليف وأكثر الكلام فيها وفي صناعة السيمياء لأنها من توابعها لأن إحالة الأجسام النوعية من صورة إلى أخرى إنما يكون بالقوة النفسية لا بالصناعة العملية فهو من قبيل السحر ثم جاء مسلمة بن أحمد المجريطي إمام أهل الأندلس في التعاليم والسحريات فلخص جميع تلك الكتب وهذبها وجمع طرقها في كتابه الذي سماه غاية الحكيم ولم يكتب أحد في هذا العلم بعده ولنقدم هنا مقدمة يتبين بها حقيقة السحر وذلك أن النفوس البشرية وإن كانت واحدة بالنوع فهي مختلفة بالخواص وهي أصناف كل صنف مختص بخاصية واحدة بالنوع لا توجد في الصنف الآخر وصارت تلك الخواص فطرة وجبلة لصنفها.
فنفوس الأنبياء عليهم السلام لها خاصية تستعد بها للمعرفة الربانية ومخاطبة الملائكة عليهم السلام عن الله - سبحانه وتعالى - كما مر وما يتبع ذلك من التأثير في الأكوان واستجلاب روحانية الكواكب للتصرف فيها والتأثير بقوة نفسانية أو شيطانية.
فأما تأثير الأنبياء فمدد إلهي وخاصية ربانية ونفوس الكهنة لها خاصية الاطلاع على المغيبات بقوى شيطانية وهكذا كل صنف مختص بخاصية لا توجد في الآخر.
والنفوس الساحرة على مراتب ثلاثة يأتي شرحها:
فأولها: المؤثرة بالهمة فقط من غير إله ولا معين وهذا هو الذي تسميه الفلاسفة: السحر.
والثاني: بمعين من مزاج الأفلاك أو العناصر أو خواص الأعداد ويسمونه: الطلسمات وهو أضعف رتبة من الأول. والثالث: تأثير في القوى المتخيلة يعمد صاحب هذا التأثير إلى القوى المتخيلة فيتصرف فيها بنوع من التصرف ويلقي فيها أنواعا من الخيالات والمحاكات وصورا مما يقصده من ذلك ثم ينزلها إلى الحسن من الرائين بقوة نفسه المؤثرة فيه فينظر الراؤون كأنها في الخارج وليس هناك شيء من ذلك كما يحكي عن بعضهم أنه يرى البساتين والأنهار والقصور وليس هناك شيء من ذلك ويسمى هذا عند الفلاسفة: الشعوذة أو الشعبذة هذا تفصيل مراتبه.
ثم هذه الخاصية تكون في الساحرة بالقوة شأن القوى البشرية كلها وإنما تخرج إلى الفعل بالرياضة ورياضة السحر كلها إنما تكون بالتوجه إلى الأفلاك والكواكب والعوالم العلوية والشياطين بأنواع التعظيم والعبادة والخضوع والتذلل فهي لذلك وجهه إلى غير الله وسجود له والوجهة إلى غير الله كفر فلهذا كان السحر كفرا والكفر من مواده وأسبابه كما رأيت ولهذا اختلف الفقهاء في قتل الساحر هل هو لكفره السابق على فعله أو لتصرفه بالإفساد وما ينشأ عنه من الفساد في الأكوان والكل حاصل منه.
ولما كانت المرتبتان الأوليان من السحر لهما حقيقة في الخارج والمرتبة الأخيرة الثالثة لا حقيقة لها اختلف العلماء في السحر هل هو حقيقة أو إنما هو تخييل؟
فالقائلون بأن له حقيقة: نظروا إلى المرتبتين الأوليين.
والقائلون بأن لا حقيقة له: نظروا إلى المرتبة الثالثة الأخيرة فليس بينهم اختلاف في نفس الأمر بل إنما جاء من قبل اشتباه هذه المراتب والله أعلم.
واعلم أن وجود السحر لا مرية فيه بين العقلاء من أجل التأثير الذي ذكرناه وقد نطق به القرآن قال الله تعالى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} .
وسحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولا يفعله وجعل سحره في مشط ومشاقة وجف طلعة ودفن في بئر ذروان فأنزل الله عز وجل عليه في المعوذتين {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} .
قالت عائشة رضي الله عنها: فكان لا يقرأ على عقدة من تلك العقد التي سحر فيها إلا انحلت.
وأما وجود السحر في أهل بابل وهم الكلدانيون من النبط والسريانيون فكثير ونطق به القرآن وجاءت به الأخبار
وكان للسحر في بابل ومصر زمان بعثه موسى عليه السلام أسواق نافقة ولهذا كانت معجزة موسى من جنس ما يدعون ويتناغون فيه وبقي من آثار ذلك في البرابي بصعيد مصر شواهد دالة على ذلك ورأينا بالعيان من يصور صورة الشخص المسحور بخواص أشياء مقابلة لما نواه وحلوله موجودة بالمسحور وأمثال تلك المعاني من أسماء وصفات في التأليف والتفريق
ثم يتكلم على تلك الصورة التي أقامها مقام الشخص المسحور عينا أو معنى ثم ينفث من ريقه بعد اجتماعه في فيه بتكرير مخارج تلك الحروف من الكلام السوء ويعقد على ذلك المعنى في سبب أعده لذلك تفاؤلا بالعقد واللزام وأخذ العهد على من أشرك به من الجن في نفثه في فعله ذلك استشعارا للعزيمة ولتلك البنية والأسماء السيئة روح خبيثة تخرج منه مع النفخ متعلقة بريقه الخارج من فيه بالنفث فتنزل عنها أرواح خبيثة ويقع عن ذلك بالمسحور ما يحاوله الساحر.
وشاهدنا أيضا من المنتحلين للسحر عمله من يشير إلى كساء أو جلد ويتكلم عليه في سره فإذا هو مقطوع مترف ويشير إلى بطون الغنم كذلك في مراعيها بالبعج فإذا أمعاؤها ساقطة من بطونها إلى الأرض.
وسمعنا أن بأرض الهند لهذا العهد من يشير إلى إنسان فيتحتت قلبه ويقع ميتا وينقب عن قلبه فلا يوجد في حشاه ويشير إلى الرمانة وتفتح فلا يوجد من حبوبها شيء.
وكذلك سمعنا أن بأرض السودان وأرض الترك من يسحر السحاب فيمطر الأرض المخصوصة.
وكذلك رأينا من عمل الطلسمات عجائب في الأعداد المتحابة وهي رك رف د أحد العددين مائتان وعشرون والآخر مائتان وأربعة وثمانون.
ومعنى المتحابة: أن أجزاء كل واحد التي فيه من نصف وثلث وربع وسدس وخمس وأمثالها إذا جمع كان مساويا للعدد الآخر صاحبه فيسمى لأجل ذلك: المتحابة.
ونقل أصحاب الطلسمات: أن لتلك الأعداد أثرا في الإلفة بين المتحابين واجتماعهما إذا وضع لهما مثالان أحدهما بطالع الزهرة وهي في بيتها أو شرفها ناظرة إلى القمر نظر مودة وقبول ويجعل طالع الثاني سابع الأول ويضع على أحد التمثالين أحد العددين والآخر على الآخر ويقصد بالأكثر الذي يراد ائتلافه أعني المحبوب ما أدري الأكثر كمية أو الأكثر أجزاء فيكون لذلك من التأليف العظيم بين المتحابين ما لا يكاد ينفك أحدهما عن الآخر قاله صاحب الغاية وغيره من أئمة هذا الشأن وشهدت له التجربة.
وكذا طابع الأسد ويسمى أيضا: طابع الحصى وهو أن يرسم في قالب هذا الطابع صورة أسد شائلا ذنبه عاضا على حصاة قد قسمها بنصفين وبين يديه صورة حية منسابة من رجليه إلى قبالة وجهه فاغرة فاها إلى فيه وعلى ظهره صورة عقرب تدب ويــتحين برسمه حلول الشمس بالوجه الأول أو الثالث من الأسد بشرط صلاح النيرين وسلامتهما من النحوس فإذا وجد ذلك وعثر عليه طبع في ذلك الوقت في مقدار المثقال فما دونه من الذهب وغمس بعد في الزعفران محلولا بماء الورد ورفع في خرقة حرير صفراء فإنهم يزعمون أن لممسكه من العز على السلاطين في مباشرتهم وخدمتهم وتسخيرهم له ما لا يعبر عنه وكذلك السلاطين فيه من القوة والعز على من تحت أيديهم ذكر ذلك أيضا أهل هذا الشأن في الغاية وغيرها وشهدت له التجرية.
وكذلك وفق المسدس المختص بالشمس ذكروا أنه يوضع عند حلول الشمس في شرفها وسلامتها من النحوس وسلامة القمر بطالع ملوكي يعتبر فيه نظر صاحب العاشر لصاحب الطالع نظر مودة وقبول ويصلح فيه ما يكون في مواليد الملوك من الأدلة الشريفة ويرفع خرقة حرير صفراء بعد أن يغمس في الطيب فزعموا أنه له أثرا في صحابة الملوك وخدمتهم ومعاشرتهم وأمثال ذلك كثيرة.
وكتاب الغاية لمسلمة بن أحمد المجريطي هو مدون هذه الصناعة وفيه استيفاؤها وكمال مسائلها. وذكر لنا1 أن الإمام الفخر بن الخطيب وضع كتابا في ذلك وسماه: بالسر المكتوم وإنه بالمشرق يتداوله أهله ونحن لم نقف عليه والإمام لم يكن من أئمة هذا الشأن فيما نظن ولعل الأمر بخلاف ذلك وبالمغرب صنف من هؤلاء المنتحلين لهذه الأعمال السحرية يعرفون بالبعاجين وهم الذين ذكرت أولا أنهم يشيرون إلى الكساء أو الجلد فيتخرق ويشيرون إلى بطون الغنم بالبعج فتنبعج ويسمى أحدهم لهذا العهد باسم: البعاج لأن أكثر ما ينتحل من السحر بعج الأنعام يرتب بذلك أهلها ليعطوه من فضلها وهم متسترون بذلك في الغاية خوفا على أنفسهم من الحكام لقيت منهم جماعة وشاهدت من أفعالهم هذه بذلك وأخبروني أن لهم وجهة ورياضة خاصة بدعوات كفرية وإشراك روحانيات الجن والكواكب سطرت فيها صحيفة عندهم تسمى الخزيرية يتدارسونها وإن بهذه الرياضة والوجهة يصلون إلى حصول هذه الأفعال لهم وإن التأثير الذي لهم إنما هو فيما سوى الإنسان الحر من المتاع والحيوان والرقيق يعبرون عن ذلك بقولهم: إنما انفعل فيما تمشي فيه الدراهم أي: ما يملك ويباع ويشترى من سائر الممتلكات هذا ما زعموه وسألت بعضهم فأخبرني به.
وأما أفعالهم فظاهرة موجودة وقفنا على الكثير منها وعاينتها من غير ريبة في ذلك هذا شأن السحر والطلسمات وآثارهما في العالم
فأما الفلاسفة ففرقوا بين السحر والطلسمات بعد أن أثبتوا أنهما جميعا أثر للنفس الإنسانية واستدلوا على وجود الأثر للنفس الإنسانية بأن لها آثارا في بدنها على غير المجرى الطبعي وأسبابه الجسمانية بل آثار عارضة من كيفيات الأرواح تارة كالسخونة الحادثة عن الفرح والسرور من جهة التصورات النفسانية أخرى كالذي يقع من قبل التوهم فإن الماشي على حرف حائط أو على حبل منتصب إذا قوي عنده توهم السقوط سقط بلا شك ولهذا تجد كثيرا من الناس يعودون أنفسهم ذلك حتى يذهب عنهم هذا الوهم فتجدهم يمشون على حرف الحائط والحبل المنتصب ولا يخافون السقوط فثبت أن ذلك من آثار النفس الإنسانية وتصورها للسقوط من أجل الوهم وإذا كان ذلك أثرا للنفس في بدنها من غير الأسباب الجسمانية الطبيعية فجائز أن يكون لها مثل هذا الأثر في غير بدنها إذ نسبتها إلى الأبدان في ذلك النوع من التأثير واحدة لأنها غير حالة في البدن ولا منطبعة فيه فثبت أنها مؤثرة في سائر الأجسام.
وأما التفرقة عندهم بين السحر والطلسمات فهو: أن السحر لا يحتاج الساحر فيه إلى معين وصاحب الطلسمات يستعين بروحانيات الكواكب وأسرار الأعداد وخواص الموجودات وأوضاع الفلك المؤثرة في عالم العناصر كما يقوله المنجمون.
ويقولون: السحر اتحاد روح بروح. والطلسم: اتحاد روح بجسم.
ومعناه عندهم: ربط الطبائع العلوية السماوية بالطبائع السفلية.
والطبائع العلوية هي: روحانيات الكواكب ولذلك يستعين صاحبه في غالب الأمر بالنجامة.
والساحر عندهم: غير مكتسب لسحره بل هو مفطور عندهم على تلك الجبلة المختصة بذلك النوع من التأثير.
والفرق عندهم بين المعجزة والسحر أن المعجزة إلهية تبعث في النفس ذلك التأثير فهو مؤيد بروح الله على فعله ذلك والساحر إنما يفعل ذلك من عند نفسه وبقوته النفسانية وبإمداد الشياطين في بعض الأحوال.
فبينهما الفرق في المعقولية والحقيقة والذات في نفس الأمر وإنما نستدل نحن على التفرقة بالعلامات الظاهرة وهي: وجود المعجزة لصاحب الخير وفي مقاصد الخير وللنفوس المتمحضة للخير والتحدي بها على دعوى النبوة والسحر إنما يوجد لصاحب الشر وفي أفعال الشر في الغالب من التفريق بين الزوجين وضرر الأعداء وأمثال ذلك وللنفوس المتمحضة للشر
هذا هو الفرق بينهما عند الحكماء الإلهيين وقد يوجد لبعض المتصوفة وأصحاب الكرامات تأثير أيضا في أحوال العالم وليس معدودا من جنس السحر وإنما هو بالإمداد الإلهي لأن طريقتهم ونحلتهم من آثار النبوة وتوابعها ولهم في المدد الإلهي حظ على قدر حالهم وإيمانهم وتمسكهم بكلمة الله وإذا اقتدر أحد منهم على أفعال الشر فلا يأتيها لأنه متقيد فيما يأتيه ويذره للأمر الإلهي فما لا يقع لهم فيه الإذن لا يأتونه بوجه ومن أتاه منهم فقد عدل عن طريق الحق وربما سلب حاله.
ولما كانت المعجزة بإمداد روح الله والقوى الإلهية فلذلك لا يعارضها شيء من السحر وانظر شأن سحرة فرعون مع موسى في معجزة العصا كيف تلقفت ما كانوا يأفكون وذهب سحرهم واضمحل كأن لم يكن وكذلك لما أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في المعوذتين {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} قالت عائشة رضي الله عنها: فكان لا يقرؤها على عقدة من العقد التي سحر فيها إلا انحلت فالسحر لا يثبت مع اسم الله وذكره.
وقد نقل المؤرخون أن زركش كاويان وهي راية كسرى كان فيه الوفق المئيني العددي منسوجا بالذهب في أوضاع فلكية رصدت لذلك الوفق ووجدت الراية يوم قتل رستم بالقادسية واقعة على الأرض بعد انهزام أهل فارس وشتاتهم وهو الطلسمات والأوفاق مخصوص بالغلب في الحروب وإن الراية التي يكون فيها أو معها لا تنهزم أصلا إلا أن هذه عارضها المدد الإلهي من إيمان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتمسكهم بكلمة الله فانحل معها كل عقد سحري ولم يثبت وبطل ما كانوا يعملون.
وأما الشريعة فلم تفرق بين السحر والطلسمات وجعلتهما بابا واحدا محظورا لأن الأفعال إنما أباح لنا الشارع منها ما يهمنا في ديننا الذي فيه صلاح آخرتنا أو في معاشنا الذي فيه صلاح دنيانا وما لا يهمنا في شيء منهما فإن كان فيه ضرر ونوع ضرر كالسحر الحاصل ضرره بالوقوع يلحق به الطلسمات لأن أثرهما واحد وكالنجامة التي فيها نوع ضرر باعتقاد التأثير فتفسد العقيدة الإيمانية برد الأمور إلى غير الله تعالى فيكون حينئذ ذلك الفعل محظورا على نسبته في الضرر وإن لم يكن مهما علينا ولا فيه ضرر فلا أقل من أن تركه قربة إلى الله فإن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه فجعلت الشريعة باب السحر والطلسمات والشعوذة بابا واحدا لما فيها من الضرر وخصته بالحظر والتحريم.
وأما الفرق عندهم بين المعجزة والسحر: فالذي ذكره المتكلمون أنه راجع إلى التحدي وهو دعوى وقوعها على وفق ما ادعاه قالوا: والساحر مصروف عن مثل هذا التحدي فلا يقع منه وقوع المعجزة على وفق دعوى الكاذب غير مقدور لأن دلالة المعجزة على الصدق عقلية لأن صفة نفسها التصديق فلو وقعت مع الكذب لاستحال الصادق كاذبا وهو محال فإذا لا تقع المعجزة مع الكاذب بإطلاق.
وأما الحكماء: فالفرق بينهما عندهم كما ذكرناه فرق ما بين الخير والشر في نهاية الطرفين فالساحر لا يصدر منه الخير ولا يستعمل في أسباب الخير وصاحب المعجزة لا يصدر منه الشر ولا يستعمل في أسباب الشر فكأنهما على طرفي النقيض في أصل فطرتهم والله يهدي من يشاء وهو القوي العزيز لا رب سواه.
ومن قبيل هذه التأثيرات النفسانية الإصابة بالعين وهو تأثير من نفس المعيان عندما يستحسن بعينه مدركا من الذوات أو الأحوال ويفرط في استحسانه وينشأ عن ذلك الاستحسان حينئذ أنه يروم معه سلب ذلك الشيء عمن اتصف به فيؤثر فساده وهو جبلة فطرية أعني هذه الإصابة بالعين.
والفرق بينها وبين التأثيرات وإن كان منها ما لا يكتسب أن صدورها راجع إلى اختيار فاعلها والفطري منها قوة صدروها لا نفس صدروها ولهذا قالوا: القاتل بالسحر أو بالكرامة يقتل والقاتل بالعين لا يقتل وما ذلك إلا لأنه ليس مما يريده ويقصده أو يتركه وإنما هو مجبور في صدوره عنه والله أعلم بما في الغيوب ومطلع على ما في السرائر انتهى كلام ابن خلدون ومن عينه نقلت هنا وفي كل موضع من هذا الكتاب والله تعالى الموفق للحق والصواب.

مُهْطِعِينَ

{مُهْطِعِينَ}
وسأل نافع عن قوله تعالى: {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ}
فقال ابن عباس: مُذْعنين خاضعين. واستشهد بقول تُبَّع:
تعبَّدَنى نمرُ سعدٍ وقد درى. . . ونمر بن سعد لى مَدِينٌ ومُهطِعُ
(تق، ك، ط)
الكلمة من آية:
القمر 8: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (6) خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (7) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ}
ومعها آيتا:
إبراهيم 43: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ}
المعارج 36: {فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (37) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ}
وليس في القرآن من المادة غير هذه الكلمة في الآيات الثلاث.
في الوقف والابتداء، في غير المسائل: سأل نافع بن الأزرق ابن عباس عن قوله - عز وجل - {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} قال: المهطع المسرع، واحتج بقول الشاعر:
بدجلة دارُهم ولقد أراهم. . . بدجلة مهطعين إلى السماع
(فقرة 102 / 67) .
من أهطع في سيره مدَّ عنقه وصوب رأسه (ص، س)
وأسند الطبري عن ابن عباس، وغيره: يعني بالإهطاع النظر من غير أن يطرف. وعن آخرين: مُديمى النظر. وعن الحسن: وجوه الناس يوم القيامة إلى السماء لا ينظر أحد إلى أحد.
وقال الأخفش في معاني القرآن: كأنه قال: يشخص أبصارهم مهطعين و"الراغب" فهمها من: هطع الرجل ببصره إذا صوَّبه، وبعير مهطع إذا صوب عنقه (المفردات) .
وقال "الزمخشري" في مهطعين: أي مسرعين مادَّى أعناقهم إليه وقيل: ناظرين إليه لا يقلعون بأبصارهم قال: * تعبدني نمر * البيت (الكشاف) ونقل أبو حيان في (البحر المحيط) : قال أبو عبيدة: مسرعين. . . وقال قتادة: عامدين. وقال الضحاك: مقبلين، وقال عكرمة: فاتحين آذانهم إلى الصوت. وقال سفيان خاشعين. . . وقيل: خاضعين مادى أعناقهم.
والمعاني متقاربة كما قال القرطبي.
وعلى أي وجه تأولوا الكلمة، يظل لها ملحظ الذلة والخضوع، في شخوص البصر أو في الإسراع ومد العنق. وقال الجوهري: وأهطع مد عنقه وصوب رأسه وكمحسن: من ينظر في ذل وخضوع لا يُقلع بصره (ق) .

هَبَلَ

(هَبَلَ)
- فِيهِ «مَن اهْتَبَلَ جَوْعَةَ مُؤْمِنٍ كَانَ لَهُ كَيْتَ وكَيْتَ» أَيْ تَحَيَّنَــها واغْتَنَمَها، مِنَ الْهُبَالَةِ : الغَنيمة. (هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «واهْتَبَلُوا هَبَلَهَا» .
(هـ) وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ «فَاهْتَبَلْتُ غَفْلَتَه» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْإِفْكِ «والنِّساء يَوْمَئِذٍ لَمْ يُهَبِّلْهُنَّ اللَّحْمُ» أَيْ لَمْ يَكْثُر عَلَيْهِنَّ. يُقَالُ:
هَبَّلَهُ اللَّحْمُ، إِذَا كَثُر عَلَيْهِ وركِب بعضُه بَعْضًا. وَيُقَالُ للمُهَيَّجِ المُرَبَّلِ: مُهَبَّلٌ، كَأَنَّ بِهِ وَرَماً مِنْ سِمَنِه.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، حِينَ فَضَّل الوَادِعيُّ سُهْمانَ الخَيل عَلَى المَقاريف، فأعْجَبه فَقَالَ:
«هَبِلَتِ الوادِعيَّ أُمُّه، لَقَدْ أذْكَرَتْ بِهِ» يُقَالُ: هَبِلَتْهُ أمُّه تَهْبَلُهُ هَبَلًا، بِالتَّحْرِيكِ: أَيْ ثَكِلَتْه.
هَذَا هُوَ الأصلُ. ثُمَّ يُسْتَعْمل فِي مَعْنَى المَدْح والإعْجاب. يَعْنِي مَا أعْلَمَه وَمَا أصَوبَ رَأْيَهُ! كقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «ويْلُمِّه مِسْعَرُ حَرْب» وَقَوْلِ الشَّاعِرِ :
هوتْ أُمُّه مَا يَبعثُ الصُّبْحُ غادِياً ... وَمَاذَا يُرَى فِي اللَّيل حِينَ يُؤُوبُ
وَقَوْلِهِ: «أذكَرَتْ بِهِ» : أَيْ ولَدَتْه ذَكَراً مِنَ الرِّجال شَهْماً.
وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «لأمِّك هَبَلٌ» أَيْ ثُكْلٌ .
(س) وَحَدِيثُ الشَّعبْيّ «فَقِيلَ لِي: لأُمِّك الْهَبَلُ» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُراقة «ويْحَكِ، أوهَبِلْتِ؟» هُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وكسر الباء.
وقد استعاره هاهنا لفَقْد المَيْز والعَقْل مِمَّا أَصَابَهَا مِنَ الثُّكْل بوَلَدِها، كَأَنَّهُ قَالَ: أفَقَدْتِ عَقْلَكِ بفَقْد ابْنِك، حَتَّى جَعَلْتِ الجِنانَ جَنَّةً وَاحِدَةً؟
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «هَبِلَتْهُمُ الْهَبُولُ» أَيْ ثَكِلَتْهم الثَّكُول، وَهِيَ- بِفَتْحِ الْهَاءِ- مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي لَا يَبْقى لَهَا وَلَدٌ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ «قَالَ يَوْمَ أحُد: اُعْلُ هُبَلُ» هُبَلْ بِضَمِّ الْهَاءِ: اسم صَنَم لهم معروف كانوا يَعْبُدونه. (هـ) وَفِيهِ «الخَيْرُ والشَّرُّ خُطَّا لِابْنِ آدَمَ وَهُوَ فِي الْمَهْبَلِ» هُوَ بِكَسْرِ الْبَاءِ: موضعُ الوَلدِ مِنَ الرَّحِم. وَقِيلَ: أقْصاه.
وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ «فتَحْمِلُهم فتَطْرحهم بِالْمَهْبَلِ» هُوَ الهوَّة الذاهِبةُ فِي الْأَرْضِ.

ذَنْب

(ذَنْب) مد ذَنبه والضب أخرج ذَنبه من أدنى الْجُحر عِنْد الحرش والبسر أرطب من قبل ذَنبه وَالْجَرَاد غرز ذَنبه ليبيض والحارش الضَّب قبض على ذَنبه وَالدَّابَّة أَخذ بذنبها وَالشَّيْء جعل لَهُ ذَنبا وَيُقَال ذَنْب عمَامَته أرْخى فِيهَا شَيْئا كالذنب وَالْكتاب ألحق بِهِ تَتِمَّة
ذَنْب
: (الذَّنْبُ: الإِثْمُ) والجُرْمُ والمَعْصِيَةُ (الجَمْعُ: ذُنُوبٌ، وجج) أَي جَمْعُ الجَمْعِ (ذُنُوبَاتٌ، وقَدْ أَذْنَبَ) الرّجُلُ: صارَ ذَا ذَنْبٍ، وَقد قَالُوا إِنَّ هَذَا من الأَفْعَالِ الَّتِي لم يُسْمَعْ لَهَا مصْدرٌ عَلَى فِعْلِهِا، لأَنَّه لم يُسْمعْ إِذنَابٌ كإِكرام، قَالَه شيخُنا. وَقَوله عزّ وجلْ فِي مُنَاجَاة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام {2. 030 وَلَهُم على ذَنْب} (الشُّعَرَاء: 14) عنَى بِهِ قَتل الرجلِ الَّذِي وَكَزَه مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَقَضَى عَلَيْه، وَكَانَ ذَلِك الرجلُ من آلِ فِرْعَوْنَ.
(و) الذَّنَبُ (بالتَّحْرِيكِ) معروفٌ (وَاحِدُ الأَذْنَابِ) ، وَنقل شيخُنا عَن عِنَايَةِ الشِّهَابِ أَن الذَّنْبَ مَأْخُوذٌ مِنَ الذَّنَبِ مُحَرَّكَة، وَهُوَ الذَّيْلُ، وَفِي الشِّفَاءِ أَنه مأْخُوذٌ مِنَ الشيْءِ الدَّنِيءِ الخَسِيسِ الرَّذْلِ، قَالَ الخفاجي: الأَخْذُ أَوْسَعُ دَائِرَةً مِن الاشْتِقَاقِ (وذَنَبُ الفَرَس: نَجْمٌ) فِي السماءِ (يُشْبِهُهُ) وَلذَا سُمِّيَ بِهِ (و) من ذَلِك (ذَنَبُ الثَّعْلَب: نَبْتٌ يُشْبِهُهُ) وَهُوَ الذَّنَبَانُ، وَقد يأْتي (وذَنَبُ الخَيْلِ: نَبَات) ويقَال فِيهِ: أَذْنَابُ الخَيْلِ وَهِي عُشْبَةٌ تُحْمَدُ عُصَارَتُهَا، على التَّشْبِيه.
(والذُّنَابَى والذُّنُبَّى بضَمِّهِما) وَفتح النُّون فِي الأَول وضَمِّهِمَا مَعَ تَشْدِيد المُوَحَّدة فِي الثَّانِي (والذِّنِبَّى بالكَسْرِ: الذَّنَبُ) ، الأَخِيرَانِ عَن الهَجَرِيّ، وأَنشد:
يُبَشِّرُنِي بالبَيْنِ مِنْ أُم سَالِمٍ
أَحَمُّ الذّنبَّى خُطَّ بالنَّفْسِ حَاجِبُهْ
يْرْوى بِهِمَا، وعَلى الأَول قولُ الشَّاعِر:
جَمُومُ الشَّدِّ شَائِلَةُ الذُّبَابَى
وَفِي الصِّحَاح: الذُّنَابَى: ذَنَبُ الطَّائِر، وَقيل: الذُّنَابَى: مَنْبِت الذَّنَبِ وذُنَابَى الطَّائِرِ: ذَنَبُه، وَهِي أَكْثَرُ مِنَ الذَّنَبِ، وذَنَبُ الفَرَسِ والعَيْرِ وذُنَابَاهُمَا وذَنَبٌ، فِيهِمَا، أَكْثَرُ مِنْ ذُنَابَى، وَفِي جَنَاحِ الطَّائرِ أَرْبَعُ ذُنَابَى بَعْدَ الخَوَالِي، وَعَن الفراءِ: يُقَالُ: ذَنَبُ الفَرَسِ وذُنَابَى الطَّائِرِ، وَالَّذِي قالَهُ الرِّياشِيُّ: الذُّنَابَى لِذِي جَنَاحٍ، والذَّنَب لِغَيْرِه وربَّمَا اسْتُعِيرَ الذُّنَابَى لِلْفَرَسِ، نَقله شَيخنَا (و) من الْمجَاز: ذَنَبُ الرَّجُلِ و (أَذْنَابُ النَّاسِ وذَنَبَاتُهُم مُحَرَّكَة) أَي (أَتْبَاعُهمْ وسَفِلَتُهُمْ) دونَ الرُّؤَساءِ، على المَثَلِ، وسَفِلَتُهُمْ بكَسْرِ الفاءِ، وَيُقَال: جاءَ فلانٌ بِذَنَبِهِ، أَي بأَتْبَاعِه، وَقَالَ الحُطيئةُ يمدح قوما:
قَوْمُ هُمُ الرَّأْسُ والأَذْنَابُ غَيْرُهُمُ
وَمَنْ يُسَوِّي بِأَنْفِ النَّاقَةِ الذَّنَبَا
وهؤلاءِ قومٌ من بَنهي سَعْدِ بنِ زيدِ مَنعاةَ، يُعْرَفُونَ ببني أَنْفِ الناقةِ لقولِ الحطيئة هَذَا، وهم يَفْتَخُرُونَ بِهِ.
وأَذْنَابُ الأُمُورِ: مآخِيرُها، على المَثَلِ أَيضاً.
(و) مِنَ المَجَازِ: الذَّانِبُ: التَّابِع الشيْءِ على أَثرِه، يُقَال: (ذَنَبَهُ يَذْنُبُهُ) بالضَّمِّ (ويَذْنِبُهُ) بالكَسْرِ (: تَلاَهُ) واتَّبَعَ ذُنَابَتَه (فَلم يُفَارِقْ أَثَرَهُ) قَالَ الكِلابِيُّ:
وجَاءَتِ الخَيْلُ جَمِيعاً تَذْنُبُهْ
(كاسْتَذْنَبَه) : تَلاَ ذَنَبَه، والمُسْتَذُنِبُ: الَّذِي يكونُ عندَ أَذْنَابِ الإِبِلِ، لَا يُفَارِقُ أَثَرَهَا قَالَ:
مِثْل الأَجِيرِ اسْتَذْنَبَ الرَّوَاحِلاَ
(والذَّنُوبُ: الفَرَسُ الوَافِرُ الذَّنَبِ) ، والطَّوِيلُ الذَّنَبِ، وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس (كانَ فِرْعَوْنُ عَلَى فَرَسٍ ذَنُوبٍ) أَي وافِرِ شَعَرِ الذَّنَبِ، (و) الذَّنُوبُ (مِنَ الأَيَّامِ: الطَّوِيلُ الشَّرِّ) لاَ يَنْقَضِى، كأَنَّهُ طَوِيلُ الذَّنَبِ، وَفِي قولٍ آخَرَ: يَوْمٌ ذَنُوبٌ: طَوِيلُ الذَّنَبِ لاَ يَنْقَضِي، يَعْنِي طُولَ شَرِّهِ، ورَجُلٌ وَقَّاحُ الذَّنَبِ: صَبُورٌ عَلَى الرُّكُوبِ، وقولُهُم: عْقَيْلٌ طَوِيلَةُ الذَّنَبِ، لَمْ يُفَسِّرْهُ ابنُ الأَعْرَابيّ قَالَ ابنُ سِيده: وعِنْدِي أَنَّ معناهُ أَنَّهَا كَثِيرَة رِكَابِ الخَيْلِ، وحَدِيثٌ طَوِيلُ الذَّنَبِ، لاَ يَكَادُ يَنْقَضِي، عَلَى المَثَلِ أَيضاً، كَذَا فِي (لِسَان الْعَرَب) .
(و) الذَّنُوبُ (: الدَّلْوُ) العَظيمَةُ مَا كَانَتْ، كَذَا فِي (الْمِصْبَاح) ، أَو الَّتِي كانَتْ لَهَا ذَنَبٌ (أَو) هِيَ الَّتِي (فِيهَا مَاءٌ، أَو) هِيَ الدَّلْو (المَلأَى) ، قَالَ الأَزهريّ: وَلَا يُقَال لَهَا وَهِي فَارِغَةٌ، (أَو) هِيَ الَّتِي يكون الماءُ فِيهَا (دُونَ المَلْءِ) أَو قريبٌ مِنْهُ، كلُّ ذَلِك مذكورٌ عَن اللِّحْيَانيّ والزَّجَّاج، وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: إِنَّ الذَّنُوبَ تُؤَنَّثُ وتُذَكَّرُ، (و) من الْمجَاز: الذَّنُوبُ: (الحَظُّ والنَّصَيبُ) قَالَ أَبو ذُؤيب:
لَعَمْرُكَ والمَنعايَا غَالِبَاتٌ
لِكُلِّ بَنِي أَبٍ مِنْهَا ذَنُوبُ
(ج) فِي أَدْنَى العَدَدِ (أَذْنِبَةٌ، و) الكَثِيرُ (دَنَائِبُ) ، كقَلُوصٍ وقَلاَئِص (وذِنَابٌ) ككِتَابٍ، حَكَاهُ الفَيُّوميّ، وأَغفله الجوهريّ (و) قَد يُسْتَعَارُ الذَّنُوبُ بِمَعْنى (القَبْرِ) قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
فَكْنْتُ ذَنُوبَ البِئْرِ لَمَّا تَبَسَّلَتْ
وسُرْبِلْتُ أَكْفَانِي وَوُسِّدْتُ سَاعِدِي وَقد اسْتَعْمَلَهَا إِمَيَّةُ بنُ أَبِي عَائِذٍ الهُذَلِيُّ فِي السَّيْرِ فقالَ يَصِفُ حِمَاراً:
إِذَا مَا انْــتَحَيْنَ ذَنُوبَ الحِضَا
رِ جَاشَ خَسِيفٌ فَرِيغُ السِّجَالِ
يَقُول: إِذا جَاءَ هَذَا الحِمَارُ بذَنُوبٍ مِنْ عَدْوٍ جاءَتِ الأُتُنُ بخَسِيفٍ، وَفِي (التَّهْذِيب) والذَّنُوبُ فِي كَلامِ العَرَبِ على وُجُوهٍ، مِنْ ذَلِك قولُه تعالَى: {2. 030 فان للَّذين. . اءَصحابهم} (الذاريات: 59) وَقَالَ الفراءُ: الذَّنُوبُ فِي كَلاَمِ العَرَبِ: الدَّلْوُ العَظِيمَةُ، ولكنَّ العربَ تَذْهَبُ بِه إِلى النَّصِيبِ والحَظِّ، وَبِذَلِك فَسَّرَ الأَيةَ، أَي حَظًّا مِنَ العَذَابِ كَمَا نَزَلَ بالذين من قبلهم وأَنشد:
لَهَا ذَنُوبٌ ولَكُمْ ذَنُوبُ
فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَلَكُم قَلِيبُ
(و) من الْمجَاز قولُهُم: ضَرَبَهُ على ذَنُوبِ مَتْنِهِ، الذَّنُوبُ (: لَحْمُ المَتْنِ) وقِيلَ: هُوَ مُنْقَطَعُ المَتْنِ وأَسْفَلُه، (أَو) الذَّنُوبُ (الأَلْيَةُ والمَآكِمُ) قَالَ الأَعْشَى:
وَارْتَجَّ مِنْهَا ذَنُوبُ المَتْنِ والكَفَلُ
(والذَّنُوبَانِ: المَتْنَانِ) من هُنَا وهُنَا.
(و) الذِّنَابُ بالكَسْرِ (كَكِتَابٍ: خَيْطٌ يُشَدُّ بِهِ ذَنَبُ البَعِيرِ إِلى حَقَبِهِ لِئَلاَّ يَخْطِرَ بِذَنَبِهِ فَيُلَطِّخَ) ثَوْبَ (رَاكِبِهِ) ، نَقله الصاغانيّ.
وذَنَبُ كُلِّ شيْءٍ: آخِرُهُ، وجَمْعُه ذِنَابٌ (و) الذِّنابُ (مِنْ كُلِّ شيْءٍ: عَقِبُهُ ومُؤَخَّرُه) قَالَ:
وتَأْخُذْ بَعْدَهُ بِذِنَابِ عَيْشٍ
أَجَبِّ الظَّهْرِ لَيْسَ لَهُ سَنَامُ
وَقَالُوا: مَنْ لَكَ بِذِنَابٍ (و) الذِّنَابُ (مَسِيلُ مَا بَيْنَ كُلِّ تَلْعَتَيْنِ) ، على التَّشْبِيه بذلك (ج ذَنَائِبُ، و) من الْمجَاز رَكِبَ المَاءُ (ذَنَبَة الوَادِي) والنَّهْرِ (والدَّهْرِ، مُحَرَّكَةً، وذُنَابَته، بالضَّمِّ ويُكْسَرُ) وَكَذَا ذِنَابُه بالكَسْرِ، وذَنَبُهُ مُحَرَّكَةً، عَن الصاغانيّ، وذِنَابَتُه بالكسْرِ عَن ثعلبٍ أَكْثَرُ من ذَنَبَتِه (: أَوَاخِرُهُ) ، وَفِي بعض النّسخ: آخِرُهُ، وَفِي التكملة: هُوَ المَوْضِعُ الَّذِي يَنْتهي إِليه سَيْلُه، وَقَالَ أَبو عبيد: الذُّنَابَةُ بالضَّمِّ: ذَنَبُ الوَادِي وغَيْرِه، وأَذْنَابُ التِّلاَعِ: مَآخِيرُهَا، وَكَانَ ذَلِك على ذَنَبِ الدَّهْرِ، أَي فِي آخِرِهِ، وجَمْعُ ذُنَابَةِ الوَادِي: ذَنَائِبُ.
(والذُّنَابَةُ بالضَّمِّ: التَّابعُ، كالذَّانِبِ) وَقد تقدّم، (و) الذُّنعابَةُ (مِنَ النعْلِ: أَنْفُها) .
وَمن الْمجَاز: ذِنَابَة العَيْنِ وذِنَابُهَا بكَسْرِهِمَا وذَنَبْهَا: مُؤَخَّرُهَا.
(و) الذِّنَابَةُ (بالكَسْرِ، مِنَ الطَّرِيقِ: وَجْهُهُ) خكاه ابْن الأَعْرابيّ، وَقَالَ أَبُو الجَرَّاحِ لِرَجُلٍ: أَنَّكَ لَمْ تُرْشَدْذِنَالَةَ الطَّرِيقِ، يَعْنهي وَجْهَهُ.
وَفِي الحَدِيث (مَنْ مَاتَ عَلَى ذُنعابَى طَرِيقٍ فَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ) يَعْنِي عَلَى قَصْدِ طَرِيقٍ، وَأَصْل (الذُّنَابَى مَنْبتُ ذَنَبِ الطَّائِر) .
(و) الذِّنَابَةُ (: القَرَابَةُ والرَّحِمُ) :
(وذُنَابَةُ العِيصِ) بالضَّمِّ (: ع) .
وذَنَبُ البُسْرَةِ وغَيْرِهَا من التَّمْرِ: مُؤَخَّرُهَا.
(و) من الْمجَاز (ذَنَّبَتِ البُسْرَةُ تَذْنِيباً) فَهِيَ مُذَنِّبَةٌ (وَكَّتَتْ مِنْ) قِبَلِ (ذَنَبِهَا) قَالَ الأَصمعيّ: إِذَا بَدَتْ نُكَتٌ مِنَ الإِرْطَابِ فِي البُسْرِ مِنْ قِبَلِ ذَنَبِهَا قِيلَ: ذَنَّبَ (وَهُوَ) أَيِ البُسْرُ مُذَنِّبٌ كمُحَدِّثٍ.
و (تَذْنُوبٌ) بالفَتْحِ وتاؤه زائدةٌ وَفِي (لِسَان الْعَرَب) : التَّذْنُوبُ: البُسْرُ الَّذِي قد بَدَا فِيهِ الإِرْطَابُ من قِبَلِ ذَنَبِهِ، (ويُضَمُّ) ، وَهَذِه نَقَلَها الصاغانيّ عَن الفراءِ، وحينئذٍ يحتملُ دَعْوَى أَصَالَتِهَا، وَقَالَ الأَصمعيّ: والرُّطَبُ: التَّذْنُوبُ (وَاحِدَتُهُ بِهَاءٍ) أَي تَذْنُوبَةٌ قَالَ:
فَعَلِّقِ النَّوْطَ أَبَا مَحْبوبِ
إِنَّ الغَضَى لَيْسَ بِذِي تَذْنُوبِ
وَعَن الفراءِ: جاءَنَا بِتُذْنُوبٍ، وَهِي لِغَةُ بَني أَسَدٍ، والتَّمِيمِيُّ يقولُ: تَذْنُوبٌ، وَهِي تَذْنُوبَةٌ، وَفِي الحَدِيث (كَانَ يَكْرَه المُذَنِّبَ مِنَ البُسْرِ مَخَافَةَ أَن يَكُونَا شَيْئيْنِ فَيكون خَلِيطاً) ، وَفِي حَدِيث أَنسٍ (كَانَ لاَ يَقْطَعُ التَّذْنُوبَ مِنَ البُسْرِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَفْتَضِخَه) وَفِي حَدِيث ابْن المُسَيِّبِ (كانَ لاَ يَرَى بالتَّذْنُوبِ أَنْ يُفْتَضَخَ بَأْساً) ، ومِنَ المَجَازِ: ذَنَّبْت كَلاَمَهُ تَعَلَّقْت بأَذْنَابِهِ وأَطْرَافِهِ.
(والمِذُنَبُ كمِنْبَرٍ) والمِذْنَبَةُ وضَبَطَهُ فِي الأَساس كمَقْعَدٍ (: المِغْرَفَةُ) لاِءَنَّ لَهَا ذَنعباً أَوْ شِبْهَ الذَّنَبِ والجَمْعُ مَذَانِبُ، قَالَ أَبو ذُؤيب الهذليّ:
وسُودٌ مِنَ الصَّيْدَانِ فِيهَا مَذَانِبُ النُّ
ضَارِ إِذَا لَمْ نَسْتَفِدْهَا نُعَارُهَا
الصَّيْدَانُ: القُدُورُ الَّتِي تُعْمَلُ مِنَ الحِجَارَةِ، ويُرْوَى (مَذَانهبٌ نُضَارٌ) ، والنُّضَارُ بالضَّمِّ: شَجَرُ الأَثْلِ، وبالكسر الذَّهَبُ، كَذَا فِي (أَشعار الهُذليّين) .
(و) المِذْنَبُ (: مَسِيلُ) مَا بَيْنَ التَّلْعَتَيْنِ، وَيُقَال لِمَسِيلِ مَا بَيْنَ التَّلْعَتَيْنِ: ذَنَبُ التَّلْعَةِ، وَفِي حَدِيث حُذَيْفَةَ (حَتَّى يَركَبَهَا اللَّهُ بالمَلاَئِكَة فَلَا يَمْنَع ذَنَبَ تَلْعَةٍ أَو هُوَ مَسِيلُ (الماءِ إِلَى الأَرْضِ، و) المِذْنَبُ (مَسِيلٌ فِي الحَضِيضِ) لَيْسَ بِخَدَ واسِعٍ، وأَذْنعابُ الأَوْدِيَةِ ومَذَانِبُهَا: أَيَافِلُهَا، وَفِي الصِّحَاح: المِذْنَبُ: مَسِيلُ مَاءٍ فِي الحَضِيضِ والتَّلْعَةِ فِي السَّنَدِ (و) المِذْنَبُ (: الجَدْوَلُ) وَقَالَ أَبو حنيفَةَ: كَهَيْئَةِ الجَدْوَلِ (يَسِيلُ عَنِ الرَّوْضَةِ بمَائِهَا إِلى غَيْرِهَا) فَيُفَرَّقُ ماؤُهَا فِيهَا، وَالَّتِي يَسِيلُ عَلَيْهَا الماءُ: مِذْنَبٌ أَيْضاً، قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وقَدْ أَغْتَدِى والطَّيْرُ فِي وُكُنَاتِهَا
وَمَاءُ النَّدَى يَجْرِى عَلَى كُلِّ مِذْنَبِ وكُلُّهُ قَرِيبٌ بَعْضُهُ مِن بَعْضٍ، وَفِي حَدِيث ظَبْيَانَ (وذَنَبُوا خِشَانَهُ) أَي جععَلُوا لَهُ مَذَانِبَ ومَجَارِيَ، والخِشانُ مَا خَشُنَ من الأَرْضِ.
(كالذُّنَابَةِ والذِّنَابَةِ بالضَّمِّ والكَسْرِ، و) المِذْنَبُ (: الذَّنَبُ الطَّوِيلُ) ، عَن ابْن الأَعْرَابيّ.
ومُذَيْنِبٌ كأُحَيْمِرٍ: اسْمُ وادٍ بالمَدِينَةِ يَسِيلُ بالمَطَرِ، يَتَنَافسُ أَهْلُ المَدِينَةِ بسَيْلِهِ كَمَا يَتَنَافَسُونَ بسَيْلِ مَهْزُورٍ، كَذَا قَالَه ابْن الأَثِير، وَنَقله فِي (لِسَان الْعَرَب) ، واستدركه شَيخنَا.
(والذَّنَبَانُ مُحَرَّكَةً) نَبْتٌ مَعْرُوفٌ، وبَعْضُ العَرَبِ يُسَمِّيهِ (ذَنَبَ الثَّعْلَبِ) وَقيل: الذَّنَبَانُ بالتَّحْرِيكِ نِبْتَةٌ ذَاتُ أَفْنَانٍ طِوعال غُبْرِ الوَرَقِ، وتَنْبُتُ فِي السَّهْلِ على الأَرْضِ لَا تَرْتَفِعُ، تُحْمَدُ فِي المَرْعَى، وَلَا تَنْبُتُ إِلاّ فِي عامٍ خَصِيبٍ، وَقَالَ أَبو حنيفَة: الذَّنَبَانُ: (عُشْبٌ) لَهُ جَزَرَةٌ لَا تُؤْكَلُ، وقُضْبَانٌ مُثْمِرَةٌ من أَسْفَلِهَا إِلى أَعْلاَهَا، وَله وَرَقٌ مِثْلُ وَرَقِ الطَّرْخُونِ، وَهُوَ نَاجعٌ فِي السَّائِمةِ، وَله نُوَيْرَةٌ غَبْرَاءُ تَجْرُسُهَا النَّحْلُ، وتَسْمُو نَحْوَ القَامَةِ تُشْبِعُ الثِّنْتَانِ مِنْهُ بَعِيراً، قَالَ الراجز:
حَوَّزَهَا من عَقِبٍ إِلَى ضَبُعْ
فِي ذَنَبَانٍ ويَبِيسٍ مُنْقَفِعْ
وَفِي رُفُوضِ كَلإٍ غَيْرِ قَشِعْ
(أَوْ نَبْتٌ) لَهُ سُنْبُلٌ فِي أَطْرَافِهِ (كالذُّرَةِ) وقُضُبٌ وَوَرَقٌ، ومَنْبِتُه بكلِّ مكانٍ مَا خَلاَ حُرَّ الرَّمْلِ، وهُوَ يَنْبُتُ على سَاقٍ وسَاقَيْنِ، (وَاحِدَتُهُ بِهَاءٍ) قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَذْلَمِيُّ:
فِي ذَنَبَانٍ يَسْتَظِلُّ رَاعِيهْ
(و) الذَّنَبَانٌ (: ماءٌ بالعِيصِ) .
(والذنَيْبَاءُ) مَمْدُودَةٌ (كالغُبَيْرَاءِ) وَهِي (حَبَّةٌ تَكُونُ فِي البُرِّ تُنَقَّى مِنْهُ) عَن أَبي حنيفةَ، جتَّى تَسْقُطَ.
(والذِّنَابَةُ بالكَسْرِ، والذَّنائبُ، والذُّنَابَةِ، بالضَّمِّ) والذَّانِبُ والذَّنُوبُ، والذِّنَابُ (مَوَاضِعُ) قَالَ ابْن بَرِّيّ: الذَّنَائِبُ موضعٌ بِنَجْدٍ، هُوَ عَلَى يَسَارِ طرِقِ مَكَّةَ، قَالَ مُهَلْهِلُ بنُ رَبِيعَةَ.
فَلَوْ نُبِشَ المَقَابِرُ عَنْ كُلَيْبٍ
فَتُخْبِرَ بالذَّنَائِبِ أَيَّ زِيرِ
وَبَيت (الصِّحَاح) لَهُ أَيضاً:
فإِنْ يَكُ بالذَّنَائِبِ طَالَ لَيْلِي
فَقَدْ أَبْكِي عَلَى اللَّيْلِ القَصِيرِ
وَفِي كتاب أَبي عُبَيْد: قَالُوا: الذَّنَائِبُ عَن يَسَارِ فَلْجَةَ لِلْمُصْعِدِ إِلى مَكَّةَ وَبِه قَبْرُ كُلَيْبٍ وفيهَا منَازِل رَبِيعةَ ثمَّ منَازِل بني وَائلٍ، وَقَالَ لبيد، شَاهد المذانب:
أَلَمْ تُلْمِمْ عَلَى الدِّمَنِ الخَوَالِي
لِسَلْمَى بالمَنَاقِبِ فالقُفَالِ
وَقَالَ عَبِيدُ بنُ الأَبْرَصِ، شَاهد الذُّنُوب:
أَقْفَرَ مِنْ أَهْلِهِ مَلْحُوبُ
فالقُطَبِيَّاتُ فالذَّنُوبُ
وأَمَّا الذِّنَابُ كَكِتَابٍ فَهُوَ وَادٍ لِبَنِي مُرَّةَ بنِ عَوْفٍ غَزِيرُ الماءُ كَثِيرُ النَّخْلِ (والذُّنَيْبِيُّ كَزُبَيْرِيَ) وياءُ النِّسْبَةِ متروكة: ضَرْبٌ (مِنَ البُرُودِ) قالَه أَبُو الهَيْثَمِ وأَنشد:
لَمْ يَبْقَ مِنْ سُنَّةِ الفَارُوقِ نَعْرِفُهُ
إِلاَّ الذُّنَيْبِي وإِلاَّ الدِّرَّةُ الخَلَقُ
(و) عَن أَبي عُبَيْدَة: (فَرسٌ مُذَانِبٌ وقَدْ ذَانَبَتْ) ، قَالَ شَيخنَا: ضَبَطَه الصاغانيّ بخطِّه بِالْهَمْزَةِ، وغيرُهُ بغيرِها، وَهُوَ الظاهرُ: إِذا (وَقَعَ وَلَدُهَا فِي القُحْقُحِ) بِضَمَّتَيْنِ، هُوَ مُلْتَقَى الوَرِكَيْنِ من باطنٍ (ودَنَا خُرُوجُ السِّقْيِ) وارْتَفَعَ عَجْبُ الذَّنَبِ وعُكْوَتُه، والسِّقْيُ بكَسْرِ السِّينِ المُهْمَلَةِ هَكَذَا فِي (النّسخ) الَّتِي بأَيدينا، وَمثله فِي (لِسَان الْعَرَب) ، وَضَبطه شيخُنا بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة، قَالَ: وَهُوَ جِلْدة فِيهَا ماءٌ أَصْفَرُ، (و) فِي حَدِيث عَليَ كرَّم اللَّهُ وَجهه ((ضَرَب) يَعْسُوبُ الدِّينِ بِذَنَبِه) أَي سارَ فِي الأَرْضِ ذَاهِبًا بأَتْبَاعِه، وَيُقَال أَيضاً: ضَرَبَ (فلانٌ بِذَنَبِهِ: أَقَامَ وثَبَتَ) ، وَمن الْمجَاز: أَقَامَ بأَرْضِنَا وغَرَزَ ذَنَبَهُ، أَي لاَ يَبْرَح، وأَصْلُه فِي الجَرَادِ، (و) العربُ تقولُ: (رَكِبَ) فلانٌ (ذَنَبَ الرِّيحِ) ، إِذا (سَبَقَ فَلَمْ يُدْرَك) ، مَبْنِيًّا للمَجْهُولِ، وَهُوَ مجَاز (و) من الْمجَاز أَيضاً: يَقُولُونَ (رَكِبَ ذَنَبَ البَعِيرِ) إِذَا (رَضِيَ بِحَظَ نَاقِصٍ) مَبْهُوس وَمن الْمجَاز أَيضاً: ولَّى الخَمْسِينَ ذَنَباً: جَاوَزَهَا، وأَرْبَى عَلَى الخَمْسِينَ وَوَلَّتْهُ ذَنَبَهَا، قَالَ ابْن الأَعْرَابيّ: قلتُ للكِلاَبيّ: كَمْ أَتَى عَلَيْكَ: فَقَالَ: قَدْ وَلَّتْ لِي الخَمْسُونَ ذَنَبَهَا، هَذِه حكايةُ ابنُ الأَعْرَابيّ، والأَول حكايةُ يعقوبَ، وبَيْنِي وبَيْنَهُ ذَنَبُ الضَّبِّ، إِذَا تَعَارَضَا، واسْتَرْخَى ذَنَبُ الشَّيخِ، فَتَرَ شَيْبُه، وكلُّ ذَلِك مجَاز.
(واسْتَذْنَب الأَمْرُ:) تَمَّ و (اسْتَتَبَّ) .
(والذَّنَبَةُ مُحَرَّكَةً: مَاءٌ بَيْنَ إِمَّرَةَ) بكسرِ الهمزةِ وتشديدِ الميمِ (وأُضَاخَ) كَانَ لِغَنِيَ ثمَّ صَار لتَمِيمٍ.
(وذَنَبُ الحُلَيْفِ: مَاءٌ لِبَنِي عُقَيْلِ) بنِ كعبٍ.
وذَنَبُ التِّمْسَاحِ مِنْ قُرَى البَهْنَسَا.
(و) من الْمجَاز (تَذَنَّبَ الطَّرِيقَ: أَخَذَهُ) كأَنَّه أَخَذَ ذُنَابَتَه، أَو جَاءَه من ذَنَبِهِ، (و) من الْمجَاز: تَذَنَّبَ (المُعْتَمُّ ذَنَبَ عِمَامَتِهِ) وذلكَ إِذا أَفْضَلَ مِنْهَا شَيْئاً فَأَرْخَاهُ كالذَّنَبِ.
وتَذَنَّبَ عَلَى فُلاَنٍ: تَجَنَّى وتَجَرَّمَ، كَذَا فِي (الأَساس) .
(والمُذَانِبُ مِنَ الإِبِلِ) كالمُسْتَذْنِبِ (: الَّذِي يكونُ فِي آخِرِ الإِبِلِ) وَقَالَ الجَوْهَرِيّ: عِنْدَ أَذْنَابِ الإِبلِ.
(و) المُذَنِّبُ (كمُحَدِّثٍ:) الضَّبُّ، و (: الَّتِي تَجِدُ مِنَ الطَّلْقِ شِدَّةً فتُمَدِّدُ ذَنَبَهَا) .
فِي (لِسَان الْعَرَب) التَّذْنِيبُ لِلضَّبِّ والفَرَاشِ ونحوِ ذَلِك إِذا أَرَادَتِ التَّعَاظُلَ والسِّفَادَ، قَالَ الشَّاعِر:
مِثلَ الضِّبَابِ إِذَا هَمَّتْ بِتَذْنِيبِ
وذَنَّبَ الجَرَادُ والفَرَاشُ والضِّبَابُ إِذَا أَرَادَتِ التَّعَاظُلَ والبَيْضَ فَغَرَزَتْ أَذْنَابَهَا، وذَنَّبَ الضَّبُّ: أَخْرَجَ ذَنَبَهُ مِنْ أَدْنَى الحُجْرِ، ورَأْسُه فِي دَاخلِهِ، وَذَلِكَ فِي الحَرِّ، قَالَ أَبو مَنْصُور: إِنَّمَا يُقَال للضَّبِّ مُذَنِّبٌ إِذَا ضَرَبَ بِذَنَبِهِ مَنْ يُرِيدُهُ مِنْ مُحْتَرِشٍ أَو حَيَّةٍ، وقَدْ ذَنَّبَ تَذْنِيباً إِذا فَعَلَ ذلكَ.
وضَبٌّ أَذْنَبُ: طَوِيلُ الذَّنَبِ، وَفِي (الأَسَاس) : وذَنَّبَهُ الحَارِشُ: قَبَضَ عَلَى ذَنَبِهِ، وَمن أَمثالهم: (مَنْ لَكَ بِذِنَابِ لَوْ) قَالَ الشَّاعِر:
فَمَنْ يَهْدِي أَخاً لِذِنَابِ لَوَ
فَأَرْشُوَهُ فإِنَّ اللَّهَ جَارُ
واستشهَدَ عَلَيْهِ شيخُنا بقول الشَّاعِر:
تَعَلَّقْتُ مِنْ أَذْنَابِ لَوَ بلَيْتَنِي
ولَيْتٌ كَلَوَ خَيْبَةٌ لَيْسَ يَنْفَعُ
وَمن الْمجَاز: اتَّبَعَ ذَنَبَ الأَمْرِ: تَلَهَّفَ عَلَى أَمْرٍ مَضَى.
وَمِمَّا فِي (الصِّحَاح) نقْلاً عَن الفراءِ: الذُّنَابَي: شِبْهُ المُخَاطِ يَقَعُ مِنْ أُنُوفِ الإِبِلِ، وَقَالَ شيخُنَا: وَلَعَلَّ المصنّف اعْتمد مَا ذكره ابْن بَرِّيّ فِي رَدّه وعدمِ قَبُوله: فإِنه قَالَ: هاكذا فِي الأَصل بخَطِّ الجوهريّ، وَهُوَ تصحيفٌ، وَالصَّحِيح الذُّنَانَي بالنُّون، وَهَكَذَا قَرَأْنَاه على شَيخنَا أَبِي أُسَامَةَ جُنَادَةَ بنِ مُحَمَّدٍ الأَزْديِّ، مأْخوذٌ من الذَّنِينِ، وَهُوَ الَّذِي يَسِيلُ من أَنْفِ الإِنْسَانِ، والمِعْزَى، فكانَ حَقُّهُ أَن يَذْكُرَه ويتعقّبَه تبعا لابت بَرِّيّ لأَنه يتبعهُ فِي غَالب تَعقُّبَاتِه، أَو يذكُرَه ويُبْقِيَه اقْتِفَاءً أَثَرِ الجوهريّ، لأَنه صحَّ عِنْده، أَمَّا تركُه مَعَ وجوده فِي (الصِّحَاح) ، وخصوصاً مَعَ البَحْثِ فإِنه بمَعْزِل فِيهِ عَن التَّحْقِيق انْتهى، قُلْتُ: ومِثْلُه فِي (المُزْهر) للسيوطيّ، وَالَّذِي فِي (لِسَان الْعَرَب) مَا نصُّه: ورأَيت فِي نسخٍ متعدّدة من (الصِّحَاح) حواشيَ مِنْهَا مَا هُوَ بخطّ الْحَافِظ الصَّلاَحِ المُحَدِّث رَحمَه الله مَا صُورته: حَاشِيَة من خطّ الشَّيْخ أَبي سَهْلِ الهَرَوِيِّ قَالَ: هكَذَا فِي الأَصل بخطُّ الجوهَرِيّ، قَالَ: وَهُوَ تَصْحِيفٌ، والصوابُ: الذُّنَانَي: شِبْهُ المُخَاطِ يَقَع من أُنُوفِ الإِبِلِ بِنُونَيْنِ بَينهمَا أَلفٌ، قَالَ: وَهَكَذَا قَرَأْنَاه على شَيخنَا أَبِي أُسَامَةِ جُنَادَةَ بنِ مُحَمَّد الأَزْدِيِّ. وَهُوَ مأْخوذٌ من الذَّنِينِ، ثمَّ قَالَ صاحبُ الحاشيةِ: وهذَا قد صَحَّفَه الفرّاءُ أَيضاً، وَقد ذكر ذَلِك فِيمَا رَدَّ عَلَيْهِ من تَصْحِيفِه، وَهَذَا ممّا فَاتَ الشيخَ ابنَ بَرِّيَ وَلم يذكرهُ فِي أَماليه، انْتهى.
ويقالُ: اسْتَذْنَبَ فلَانا إِذَا تَجَنَّاهُ، وَقَالَ ابْن الأَعْرَابيّ: المِذنَبُ كمِنْبَرٍ: الذَّنَبُ الطَّوِيلُ.
والذُّنَابَةُ بالضَّمِّ: مَوْضِعٌ باليَمَنِ، نَقله الصاغانيّ هَكَذَا، وَقد تَقَدَّم فِي الْمُهْملَة أَيضاً، والذُّنَابَةُ أَيضاً: موضعٌ بالبَطَائِحِ.

أحمدنكر

الأحمد: قد ذكر فِي أول الْكتاب تيمنا وتبركا، قيل إِن عَلَاء الدّين سُلْطَان دلهي كتب إِلَى السُّلْطَان أَحْمد سُلْطَان الكجرات يَقُول:
(أَنا الْعَلَاء وعَلى حرف جر ... فَهَل يُمكن أَن يجر عَليّ)
لما وصل الْمَكْتُوب إِلَى السُّلْطَان أَحْمد كتب فِي الْجَواب:
(اسْم أَحْمد مَمْنُوع من الصّرْف ... وَلَيْسَ مُمكنا أَن يجر عَليّ)
أَحْمد نكر بَلْدَة طيبَة فِي (الدكن) من مضافات (اورنك) عامرة الْبُنيان حفظهما الله تَعَالَى عَن الْآفَات وَالشَّر وعمرهما مدى الْأَيَّام والشهور، وَبِمَا أَن الْبَلدة الْمَذْكُورَة هِيَ مَوضِع ولادَة العَبْد الْفَقِير، وَبِمَا أنني فِي قَضَائهَا وعشت فِيهَا مُدَّة الْعُمر فِي رخاء وَيسر ونشأة وترعرعت فِيهَا فَكَانَ من حَقّهَا عَليّ أَن أسرد بَعْضًا أَو نفحات من تاريخها الَّذِي استنبطه أَو وصل لي من خلال الرِّوَايَات المتواترة المحققة.
هَذِه الْبَلدة بناها أَحْمد نظام شاه البحري عَلَيْهِ شآبيب سَحَاب الرَّحْمَة والغفران وَأحمد نظام شاه البحري هُوَ ابْن ملك نَائِب بحري، وَهُوَ من أَوْلَاد برهمنان بيجانكر واسْمه الْأَصْلِيّ تيمابهت وَاسم وَالِده بهريون، زمن سُلْطَان أَحْمد شاه بهمني من أَوْلَاد بهمن بن اسفنديار الَّذِي كَانَ يحكم منْطقَة (مُحَمَّد آباد بيدر) وَقع أَسِيرًا أَيَّام ملك بيجانكر وَعرف بِملك حسن وَدخل فِي سلك غلْمَان المملكة، وعندما رأى السُّلْطَان أَحْمد مَا لَدَى ملك حسن من علم وَمَعْرِفَة واطلاع وعقل ورأي أهداه إِلَى وَلَده الْأَكْبَر مُحَمَّد شاه بهمني وأرسله إِلَى الْكتاب لتعلم الْخط والعلوم الفارسية الَّتِي برع فِيهَا ملك حسن بِسُرْعَة وَفِي مُدَّة قَصِيرَة واشتهر بعْدهَا ب (ملك حسن بهريور) فأغدق عَلَيْهِ العطايا والمراكز الْعَالِيَة والممتازة وَتَوَلَّى قيادة الحرس الْخَاص للقصر واصطفاه وقربه مِنْهُ واستبدل كلمة (بهريور) بِكَلِمَة (بحري) وخلع عَلَيْهِ لقب (نظام أشرف هايون الْملك بحري) بِمُوجب فرمان همايوني شرِيف مِمَّا عَاد على أَوْلَاده بالشرف الرفيع وعلو الْقيمَة وَالْقدر، وَبعد وَفَاة أَحْمد شاه بهمني، تحول الْملك إِلَى أكبر أَوْلَاده مُحَمَّد شاه بهمني، فَأصْبح (أشرف همايون نظام الْملك بحري) وَكيلا للسلطنة بِنَاء لوَصِيَّة أَحْمد شاه بهمني، فعين وَلَده (ملك أَحْمد) قائدا للجيش وأقطعه (ويركنات) مِمَّا يَلِي قلعة (دولت آباد) وفوضه أمرهَا.
ووصلت سلطة ملك أَحْمد إِلَى حُدُود (جنير) واهتم بإدارتها وضبطها غير أَن قلعة (سنير) الْوَاقِعَة على بعد ميل من (جنير) لجِهَة الغرب وقلعة (جوند) و (هرسل) وَغَيرهَا من القلاع وَالَّتِي كَانَت أَيَّام سُلْطَان أَحْمد شاه بهمني تَحت سيطرة (مرهته هاي) ، لم تدخل تَحت نُفُوذه على الرغم من الفرمانات والقرارات الَّتِي اصدرها وَكيل السلطنة وَالَّتِي تقضي بِوُجُوب تَسْلِيم القلاع إِلَى ملك أَحْمد، لَكِن (مرهته هاي) اعتذر عَن ذَلِك مَا دَامَ مُحَمَّد شاه بهمني لم يبلغ سنّ الرشد والتمييز وَيُصْبِح صاحبا لملكه وقادرا على ادارته، عِنْد ذَلِك يُطِيع الْأَوَامِر وَيسلم القلاع. غير أَن ملك أَحْمد كَانَ صَاحب قَرَار وعزم فقرر الِاسْتِيلَاء على قلعة (سنير) فَعمد إِلَى محاصرتها لمُدَّة سِتَّة أشهر بعْدهَا خرج آمُر القلعة وَسلم مَفَاتِيح القلعة إِلَى ملك أَحْمد، فاستولى على جَمِيع الْأَمْوَال والأشياء الَّتِي كَانَت تحويها القلعة وَالَّتِي كَانَت كَثِيرَة وَلَا تحصى وافتخر بذلك أَيّمَا افتخار وطارت أخباره بذلك، مِمَّا دفع القلاع الْأُخْرَى (جوند) و (هرسل) و (جيودهن) وَغَيرهَا إِلَى التَّسْلِيم لَهُ قهرا فسيطر بذلك على ملك (كوكن) وَعَن قلعة (سنير) يَقُول مُحَمَّد قَاسم فرشته واصفا، أَنَّهَا تقع على رَأس قمة جبل شَاهِق تعانق السَّحَاب وَلَا يصلها النسْر فِي تحليقه.
وَقد زار الْكَاتِب قلعة ((سنير)) فِي الفترة الَّتِي كَانَ حَاكما عَلَيْهَا ابْن عبد الْعَزِيز الَّذِي كَانَ يتحلى بِصِفَات الشجَاعَة وَالْكَرم وَالْوَفَاء. وَالَّذِي أصبح قائدا لقلعة ((سنير)) بعد وَفَاة مَحْمُود عَالم خَان، وَفِي عهد مُحَمَّد فرخ سير قَائِد دلهي عقد اتِّفَاق بَينه وَبَين أَمِير الْأُمَرَاء سيد حُسَيْن عَليّ خَان المشرف على (دكن) بعد تدخل من سنكراجي ملها رزناردار 1129 وَكَانَ من شُرُوطه عدم الانقلاب والثورة على الْملك وَعدم التَّعَرُّض إِلَى سبل النَّقْل (الطّرق) والاحتفاظ بِخَمْسَة عشر ألف رَاكب تَحت إمرة المسؤول عَن (الدكن) وَأسْندَ إِلَيْهِ أَو جوتهه وسرد بسمكى النواحي السِّتَّة من (الدكن) وَتفرد غنيم بِملك (كوكن) وَمَا حولهَا من الْمَوَاشِي والأبقار وقصبات وأمصار وبلاد وبقاع. وَأصْبح كَذَلِك مسيطرا على ملك كجرات ومالوة وفنديس وَمَا وَرَاء الدكن وأغلب أَرَاضِي الْهِنْد والبنغال. وبسبب ضعف جيوش الْإِسْلَام بلغ الْأَمر إِزَالَة الشعارات والعلامات الإسلامية من الْقرى والامصار الَّتِي سيطر عَلَيْهَا وهدمت الْمَسَاجِد وَمنع ذبح الأبقار. وَبلغ الْأَمر أَنهم قطعُوا أَيدي القصابين فِي بَلْدَة برهَان بوركو وأخرجوهم مِنْهَا ... وَبعد انتصار غنيم حاصر قلعة ((سنير)) الَّتِي كَانَت لمحمود عَالم خَان الَّذِي رأى أَن الْأَصْحَاب والأتباع وَمن يُؤَيّد مُحَمَّد حُسَيْن نويته الَّذِي كَانَ صَاحب الرَّأْي لَدَى مَحْمُود عَالم خَان قد تفَرقُوا بعد أَن وصلوا إِلَى الْهَلَاك وَلم تصلهم امدادات جيوش الْإِسْلَام قرر وبشكل مزاجي أَن يفضل الْحَيَاة الدُّنْيَوِيَّة على الشَّهَادَة والحياة الأبدية فَاخْتَارَ مَا يلطخ الجبين إِلَى الْأَبَد فقرر فِي السَّادِس عشر من شهر جُمَادَى الأولى سنة 1170 تَسْلِيم القلعة إِلَى غنيم فَخرجت السيطرة عَن القلعة بذلك من يَد الْمُسلمين وَمَات بعْدهَا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون.
وصلنا إِلَى أصل الْمَوْضُوع ذَلِك أَن أشرف همايون نظام الْملك بحري قد توفّي فتسمى ابْنه الْملك أَحْمد بِأَحْمَد نظام الْملك شاه بحري وَبسط لِوَاء سلطته، وعندما وصل هَذَا الْخَبَر إِلَى مسامع السُّلْطَان مُحَمَّد شاه بهمني وَجه إِلَيْهِ جَيْشًا جرارا بقيادة جهانكير خَان، الَّذِي وصل إِلَى قَصَبَة (بهنكار) عابرا من ((تلِي كانون)) فَتوجه أَحْمد نظام الْملك شاه بحري من قَصَبَة (جيور) إِلَى ملاقاته، فَنزل الجيشان تفصل بَينهمَا مَسَافَة سِتَّة فراسخ لمُدَّة شهر تَقْرِيبًا، وَفِي هَذِه الْأَثْنَاء علم جهانكير خَان أَن جَيش أَحْمد نظام شاه بحري لَا يملك التنظيم وَلَيْسَ لَهُ قدرَة على المواجهة، وَكَانَت الْأَيَّام تِلْكَ مُنَاسبَة لإِقَامَة الملذات ومجالس الطَّرب وَالشرَاب فَعمد إِلَى إِقَامَتهَا. وصلت أَخْبَار هَذِه الْمجَالِس الَّتِي يقيمها جهانكير خَان إِلَى مسامع أَحْمد نظام شاه بحري الَّذِي اغتنم الفرصة وتحرك بجيشه الَّذِي يَقُودهُ أعظم خَان لَيْلَة الثَّالِث من رَجَب المرجب سنة 895 عبر جبال قَصَبَة (جيور) فوصل مَعَ الصُّبْح إِلَى قَصَبَة (بهنكار) وَنزل كالصواعق على جَيش جهانكير خَان فَقَتلهُمْ وَأسر من بَقِي مِنْهُم فأركبهم أَحْمد نظام شاه بحري على ظُهُور الأبقار وأطلقهم وسط عسكره مشهرا بهم، وَأعْطى الْأمان لمن بَقِي بِالْقربِ من (مُحَمَّد آباد بيدر) ، وَأما الْمَكَان الَّذِي جرت فِيهِ المعركة وَفتح الله لَهُ فِيهَا فقد أَقَامَ حديقة وسماها حديقة نظام وَلذَلِك فَإِن هَذِه المعركة عرفت بمعركة (الحديقة) . وحول هَذِه الحديقة زرعت الغابات والأزهار وبنيت العمارات الشاهقة وَسميت ((نكينه مَحل)) و ((سون مَحل)) وجر إِلَيْهَا نَهرا من السوَاد فِي محلّة (كافور باري) تنبع من بِئْر مَشْهُور باسم (ناكابائين) وَمَعَ الْوَقْت أَصبَحت هَذِه الحديقة تعرف ((بروضة الرضْوَان)) .
بعد ذَلِك وَمن بَاب الشُّكْر لله على فتح قَصَبَة (جيور) وَمَعَهَا قَرْيَة (إِمَام بور) عمد أَحْمد نظام الشاه بحري إِلَى جعل هَذِه النَّاحِيَة وَقفا على الْمَشَايِخ وَالْعُلَمَاء، وغادر بعْدهَا منصورا مظفرا إِلَى (بجنير) . ثمَّ أَزَال اسْم السُّلْطَان مَحْمُود شاه بهمن من الْخطْبَة بعد أَن أَشَارَ عَلَيْهِ بذلك يُوسُف عَادل خَان واستبدله باسمه وَركب جملا أَبيض وَهَذَا الرَّسْم كَانَ من خصوصيات سُلْطَان دلهي وكجرات، بعد ذَلِك راوده حلم السيطرة على قلعة (دولت آباد) ، وأرقه وجود أَفْوَاج السلاطين فِي (بيجابور) و (حيدر آباد) و (بيدر) فَخرج من (جنير) لمواجهتهم ولصعوبة هَذِه المهمة ومقتضيات الْأُمُور عمد إِلَى بِنَاء مَدِينَة فِي الْوسط مَا بَين (دولت آباد) و (جنير) وسماها (دَار السلطنة) والعاصمة وَذَلِكَ فِي شهور سنة (900) فِي الْمُقَابل من (حديقة نظام) إِلَى الْجَانِب الغربي على نهر (السِّين) . وَكَانَ يُرِيد أَن يُطلق عَلَيْهَا اسْم (أَحْمد آباد) وَلكنه بعد أَن علم أَن عَاصِمَة ملك كجرات سُلْطَان أَحْمد شاه كجرات كَائِن على هَذَا الِاسْم نَفسه، وَهِي مستمدة من اسْمه وَهُوَ اسْم يُوَافق اسْم وزيره الْقَدِير وقاضيه الْعَادِل، فَعدل عَن ذَلِك، إِلَى اسْم (أَحْمد نكر) الَّذِي يتوافق مَعَ اسْمه وَالِاسْم الْأَصْلِيّ لنصير الْملك ووزير الممالك وقاضي الْعَسْكَر ظفر بيكر، وأصدر أوامره إِلَى جَمِيع الْأُمَرَاء وَالْأَصْحَاب والقادة الْكِبَار وَأَصْحَاب الخدمات بِبِنَاء العمائر الْكَبِيرَة والضخمة، فبنوها على النمط الْمصْرِيّ والبغدادي وارفقوها بالعديد من الْمَسَاجِد والحمامات وجروا إِلَيْهَا عدَّة أنهر وزرعوا عدَّة حدائق جميلَة ورائعة تخلب الأنظار والقلوب مَعًا فَأَصْبَحت (أَحْمد نكر) خضراء أَكثر وَأفضل من (كشمير) وهواها ألطف وأرق من سَائِر الْبِلَاد.
وَبعد وَفَاة ملك أشرف صَاحب قلعة (دولت آباد) ضم أَحْمد نظام شاه بحري هَذِه القلعة إِلَى سلطته فَبنى مَا تهدم مِنْهَا وترفق بِالنَّاسِ ثمَّ قفل إِلَى مَدِينَة (أَحْمد نكر) منصورا مظفرا. فِي هَذِه الفترة مَاتَ وزيره نصير الْملك كجراتي فعين مَكَانَهُ كَمَال خَان دكهني، بعْدهَا مرض أَحْمد نظام شاه بحري وَاسْتمرّ مَرضه مُدَّة ثَلَاثَة أشهر، فَجمع أَرْكَان دولته إِلَيْهِ وأعلن ابْنه الْأَمِير وليا لعهده الْبَالِغ من الْعُمر سبع سنوات. حكم أَحْمد نظام شاه مُدَّة أَرْبَعِينَ سنة وَتُوفِّي سنة (904) . فارتعدت السَّمَاء وَالْأَرْض عِنْد مَوته وَحمل نعشه الطَّاهِر السَّادة والفضلاء والأمراء بِجلَال ووقار السلطنة إِلَى الْقرب من نهر (السِّين) حَيْثُ دفن هُنَاكَ:
(أَيهَا الْمَوْت لقد دمرت آلَاف الْبيُوت ... وخطفت الْأَرْوَاح من عَالم الْوُجُود)
(وكل درة نفيسة أَتَت إِلَى هَذِه الدُّنْيَا ... أَخَذتهَا ووضعتها تَحت التُّرَاب)
بني على قبر أَحْمد نظام شاه بحري قبَّة عالية وأحيط بسور كَبِير ووسيع أطلق عَلَيْهِ اسْم (حديقة الرَّوْضَة) وَفِي دَاخل هَذَا السُّور هُنَاكَ قُبُور عديدة وعدة قبب صَغِيرَة، أما الأَرْض خَارج السُّور فَهِيَ مليئة بالقبور لمساحة رمية سَهْمَيْنِ أَو أَكثر لجِهَة الْجنُوب حَتَّى يُمكن القَوْل أَن لَيْسَ فِيهَا وجبا وَاحِدًا خَالِيا من قبر.
لقد تحولت هَذِه الْمقْبرَة إِلَى مقصد للْعُلَمَاء لطلاب الْعلم الَّذين يَجْلِسُونَ تَحت قبَّة قبر أَحْمد نظام شاه بحري إِلَى الْمِحْرَاب الْوَاقِع لجِهَة الشمَال حَيْثُ يعقدون الحلقات، وأبرز هَؤُلَاءِ الْعلمَاء المرحوم مير عنايت الله ولد مير طَاهِر جنيري الَّذِي قبل الانتساب إِلَى بيُوت الْفقر من أجل تَحْصِيل الْعلم فَقضى مُعظم أوقاته فِي تِلْكَ الْمقْبرَة.
وَلَقَد اسميت هَذَا الْمُحب السعيد بالشهيد لِأَنَّهُ فِي شهر رَمَضَان الْمُبَارك من هَذِه السّنة جَاءَ إِلَى منزلي وَقَالَ إِنَّه إِذا ربح بطيخة فَأولى لَهُ أَن يربح أَو يكْسب الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة فَقبلت مَعَه فَقضيت مَعَه شهر رَمَضَان فِي تكْرَار درس ((شرح الْوِقَايَة)) بحاشية ((الْجبلي)) فِي ذَلِك الْمِحْرَاب.
وَكنت فِي بعض الأحيان اذْهَبْ إِلَى ((حديقة الرَّوْضَة)) لزيارة الْقُبُور وَقِرَاءَة الْفَاتِحَة على العظماء المدفونين فِيهَا وأجلس إِلَى قبر حَافظ مُحَمَّد عبد الله التلميذ النجيب لوالد المرحوم المدفونين دَاخل سور الحديقة. الَّذِي كَانَ لَهُ الِاطِّلَاع الْوَاسِع والمعرفة الْحجَّة والبصيرة الواسعة والفكر الصائب، وَقَالَ كلَاما مجيدا وَوَجهه إِلَى الْمُلُوك الْمُخْتَلِفين وَكَانَ لَهُ اطلَاع وَاسع على علم الْقِرَاءَة وصنف رِسَالَة فِي التجويد شعرًا ونثرا. وَقد اسْتَفَدْت مِنْهُ فِي دراسة ((شرح الملا)) وَبَعض أَبْوَاب ((كنز الْفَوَائِد)) اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ وارحمه وَأَنت الْغفار الرَّحِيم.
وَظهر يَوْم الْأَحَد من سنة 1164 اسْتشْهد محبي لله مير عنايت الله فِي المعركة الَّتِي نشبت بَين هدايت محيي الدّين خَان ((وفاغنة)) والقصة أَن مكمل خَان انفق جهدا كَبِيرا فِي تربية وَتَعْلِيم وتأديب برهَان نظام شاه ولمدة عشرَة سنوات الَّتِي كَانَت كَافِيَة وجيدة لاتقان الْقِرَاءَة وَالْكِتَابَة بِخَط جميل بشكل جيد.
وَكتب ((مُحَمَّد قَاسم)) يَقُول إِن برهَان نظام شاه كتب رِسَالَة فِي علم الْأَخْلَاق وسلوك الْمُلُوك ووصلت إِلَيْهِ وَقد كتب فِي آخرهَا هَذِه الْجُمْلَة ((كَاتبه الشَّيْخ برهَان بن أَحْمد الملقب بنظام الْملك بحري)) . وَقد كَانَ برهَان نظام شاه مَعْرُوفا بالشجاعة وَالتَّقوى وَالصَّلَاح وَالْكَرم وفريدا فِي عصره. وَيُقَال إِنَّه كَانَ عِنْدَمَا يركب فرسه وَيخرج إِلَى السُّوق فِي مَدِينَة (أَحْمد نكر) مَعَ أَصْحَابه، فَإِنَّهُ لَا يلْتَفت يَمِينا وَلَا يسارا، وعندما سَأَلَهُ أحد المقربين عَن عدم التفاتة إِلَى الْأَطْرَاف والجوانب قَالَ لَهُ: عِنْدَمَا أعبر فَإِن كثيرا من الرِّجَال وَالنِّسَاء يقفون لمشاهدة هَذَا الفاني، وَأَنا أَخَاف. أَن تلفت أَن تقع عَيْني على شَيْء حرَام فَينزل عَليّ وبال ذَلِك. وَلما كَانَ هَذَا الْملك الْعَظِيم شَابًّا ومغامرا فِي أَوَائِل سلطنته أَرَادَ أَن يسيطر على قلعة (كاويل) ، فَخرج من أجل ذَلِك من دَار السلطنة فِي (أَحْمد نكر) باتجاه تِلْكَ القلعة وسيطر عَلَيْهَا، وَكَانَ من جملَة الأسرى الَّذين وَقَعُوا فِي يَد قَائِد جَيْشه جَارِيَة بَالِغَة الْحسن وَالْجمال تشابه الْقَمَر أَو المُشْتَرِي، فَلَمَّا وَقع نظره على وَجه الْملاك هَذَا فشاهد الْمُسْتَقْبل فِي مرْآة وَجههَا تملكه الوله والحيرة وَلم يملك سَبِيلا إِلَّا أَن يحملهَا إِلَى السُّلْطَان وَيرى أَثَرهَا عَلَيْهِ، وَفِي خلْوَة بَينهمَا قَالَ نصير الْملك للسُّلْطَان دَامَ ضله أَنه قد حجب عَن بَاقِي الْعَسْكَر وَالنَّاس فاتنه من بَين الأسرى لَا مثيل لَهَا وَلَا تلِيق إِلَّا بالسلطان فَإِذا أَمر السُّلْطَان فَإِنَّهُ يبْعَث بهَا إِلَى الْجنَاح الليلي، فتملك شهريار حَالَة من الانشراح والفرح فَاسْتحْسن نصير الْملك ذَلِك وَلما ذهبت هَذِه الْجَارِيَة إِلَى الْجنَاح الليلي كَانَت تضع على رَأسهَا شادورا كحليا مقصبا بِالذَّهَب وَكَأَنَّهَا ملاك يسير باتجاه برهَان نظام شاه، وَلما تمّ اللِّقَاء بَينهمَا، شرفها الشاه بِالْحَدِيثِ مَعهَا فَسَأَلَهَا من أَي قوم هِيَ وَإِلَى من تنْسب وَمن يتَّصل بهَا بِالْقَرَابَةِ أيتها الوردة الجميلة الخالية من الشوك. فأجابت، روحي فدَاء للعلي الْقَدِير أَنا من قَبيلَة (فلَان) وَأبي وَأمي وَزَوْجي هم فعلا فِي قَبْضَة السُّلْطَان. فَلَمَّا سمع الْملك اسْم زَوجهَا سيطرت عَلَيْهِ الحمية وَاجْتنَاب الْمعاصِي فذوت شَهْوَته وَقَالَ لَهَا مطيبا خاطرها سَوف أطلق سراح والدك ووالدتك وزوجك وأهبك إيَّاهُم. عِنْدهَا ركعت الْجَارِيَة وَقبلت الأَرْض بَين يَدَيْهِ وشرعت بِالدُّعَاءِ لَهُ وَالثنَاء عَلَيْهِ. وَفِي الصَّباح عِنْدَمَا دخل عَلَيْهِ نصير الْملك يُرِيد تهنئته بِهَذِهِ اللَّيْلَة الجميلة، فَضَحِك ((يُوسُف زَمَانه)) وَقَالَ: لقد سترنا عَورَة هَذَا الشّرف الْكَرِيم وأعطيتها وَعدا أَن أعيدها إِلَى زَوجهَا فَلذَلِك أحضر لي والدها ووالدتها وَزوجهَا إِلَى هَذَا الْمجْلس فأنعم عَلَيْهِم وأغدق ووهبهم لَهَا.
وَفِي عهد برهَان نظام شاه ازدهرت مَدِينَة (أَحْمد نكر) وَأخذت رونقا جَدِيدا فَاجْتمع فِيهَا الْعلمَاء والسادات والأكابر وَالشعرَاء أَصْحَاب الْفُنُون والحرف والفقراء.
التقى الملا بير مُحَمَّد الشيرواني من كبار عُلَمَاء الْمَذْهَب السّني وأستاذ الْملك الْمُعظم عَن طَرِيق الِاتِّفَاق بالشاه طَاهِر دكنهي عِنْد جهان كاوان الَّذِي كَانَ ركن السلطنة لَدَى مُحَمَّد شاه بهمني فِي قلعة (بريندا) ، ودرس عَلَيْهِ كتاب (المجسطي) فِي علم الْهَيْئَة لمُدَّة سنة وعندما عَاد إِلَى (أَحْمد نكر) سَأَلَهُ برهَان نظام شاه عَن سَبَب توقفه هُنَاكَ. فَقَالَ لَهُ الملا بير مُحَمَّد ظَاهر أَنه كَانَ طول هَذِه الْمدَّة برفقة عَالم محلق فِي الْفَهم الإنساني، وَلَيْسَ من طَرِيق إِلَى إِدْرَاك سر كَمَاله وعقله يزن عقول أهل زَمَانه وَلَا أحد يبلغ شرف مرتبَة علمه، فاعتبرت ذَلِك فوزا عَظِيما أَن أَقرَأ عَلَيْهِ كتاب (المجسطي) الَّذِي يعْتَبر محك امتحان الْفُضَلَاء لَا بل ميزَان معركة حكماء اليونان وَالْعراق وَأنْشد فِي وصف شاه طَاهِر هذَيْن الْبَيْتَيْنِ: (لقد حَار الْعُقَلَاء فِي وصف كَمَاله ... فَلَا يُدْرِكهُ لَا بقراط الْحَكِيم وَلَا أَبُو عَليّ)
(مَعَ علمهمْ وحكمتهم وفضلهم وكمالهم ... فَإِنَّهُم جَمِيعًا يدرسون علم الْألف فِي صفه)
لقد رغب برهَان نظام شاه بمصاحبة الْعلمَاء والفضلاء، وخصوصا صُحْبَة شاه طَاهِر فَأرْسل لَهُ رِسَالَة حملهَا شوقه وحبه واحترام مَعَ الملا بير مُحَمَّد، وعندما وصلت الرسَالَة إِلَى شاه طَاهِر فِي (بريندا) فَمَا كَانَ مِنْهُ إِلَّا أَن اطلع (خواجه جهان) على الرسَالَة الَّذِي لم ير بدا من مركب السّفر لشاه طَاهِر وَيبْعَث بِهِ إِلَى مَدِينَة (أَحْمد نكر) ، فَخرج أَعْيَان وأمراء وأقرباء الْملك من الْمَدِينَة لمسافة أَرْبَعَة فراسخ لاستقباله بِكُل اعزاز وإكرام وأدخلوه الْمَدِينَة. وَبعد أَن التقاه برهَان نظام شاه وَكَرمه وعظمه اعترافا بِقَدرِهِ ومنزلته، الَّتِي ادركها شاه طَاهِر من بَين جَمِيع المقربين، وَبعد أَن فرغ من مراسم الِاسْتِقْبَال والمهمات مَعَ السُّلْطَان (بهادر الكجراتي) ، اتخذ لَهُ مَكَانا فِي أَسْفَل قلعة (أَحْمد نكر) للدرس الَّذِي تحول فِيمَا بعد إِلَى مَسْجِد جَامع فَجَلَسَ للدرس يَوْمَيْنِ فِي الْأُسْبُوع يدرس الْعلمَاء الْكِبَار ويطلعهم على الْكتب الدراسية. وَقد حضر دروسه كل من السَّيِّد جَعْفَر أَخ الشاه طَاهِر، وشاه حسن الْجواد، والملا مُحَمَّد النيشابوري، والملا حيدر الاسترآبادي، وَالسَّيِّد حسن المشهدي، والملا عَليّ كلمش الاسترآبادي، والملا ولي مُحَمَّد، والملا رستم الْجِرْجَانِيّ، والملا عَليّ المازندراني، وَأَبُو الْبركَة والملا عَزِيز الله الكيلاني، والملا مُحَمَّد الأسترآبادي، وَالْقَاضِي زين العابدين وقاضي الْعَسْكَر ظفر بيكر وَالسَّيِّد عبد الْحق (كَاتب بركنه ((انبر)) ) وَالشَّيْخ جَعْفَر، ومولانا عبد الأول وَالْقَاضِي مُحَمَّد نور الْمُخَاطب بِأَفْضَل خَان وَالشَّيْخ عبد الله القَاضِي، وَآخَرين من الْفُضَلَاء وطلاب الْعلم وَقد جلس إِلَيْهِ فِي درسه كَذَلِك كل من برهَان نظام شاه واستاذه الملا بير مُحَمَّد الشرواني فَكَانَ يجلس من أول الدَّرْس إِلَى آخِره وَيسْأل ويجيب ويناقش ويعارض.
وَلما كَانَ شاه طَاهِر على مَذْهَب الإمامية، فَإِن برهَان نظام شاه قد اخْتَار مَذْهَب الإمامية هُوَ وَجَمِيع أَهله وَعِيَاله والمقربين لَهُ، وَبعد النقاش الَّذِي دَار بَين شاه طَاهِر وَجمع من الْفُضَلَاء حول هَذَا الْمَذْهَب عمد برهَان نظام شاه إِلَى قتل قَاضِي (انبر) ، وَلَيْسَ هُنَا مقَام الْكَلَام على هَذَا الْمَوْضُوع.
لقد توفّي الشاه طَاهِر فِي زمن سلطنة برهَان نظام شاه سنة 956 وَدفن دَاخل سور حديقة الرَّوْضَة خَارج قبَّة نظام شاه بحري إِلَى الْجَانِب الشمالي. وَقد عمد هاني نظام شاه بعد مُدَّة إِلَى نقل رفاة شاه طَاهِر إِلَى كربلاء المعظمة. وَخلف شاه طَاهِر وَرَاءه أَرْبَعَة أَبنَاء هم: شاه حيدر وشاه رفيع الدّين حُسَيْن وشاه أَبُو الْحسن وشاه أَبُو طَالب وَثَلَاثَة بَنَات بقيت اسماميهن مستورة كَمَا كن هن مستورات. وَبَقِي أَوْلَاد شاه طَاهِر حَتَّى زمن كِتَابَة هَذِه الْكَلِمَات يسكنون فِي عمارات عامرة فِي مَكَان اقامة شاه طَاهِر فِي مَدِينَة (أَحْمد نكر) ويتولون تصريفها وادارتها، وَالْحَال أَن الْكَاتِب قد اشْترى منزلا من وَرَثَة شاه طَاهِر فِي منطقته، وَقد عمد برهَان نظام شاه بعد جُلُوسه على عرش السلطة سنة (908) إِلَى بِنَاء قلعة من الْحجر الْمَطْبُوخ فِي أَرَاضِي (حديقة نظام) وَبنى فِيهَا أَرْبَعَة أبراج وَأعْطى كل برج وتوابعه إِلَى أحد الْأُمَرَاء المرموقين، وَمَعَ مُرُور وَقت قصير أَصبَحت قلعة (أَحْمد نكر) من القلاع النادرة وَبلا نَظِير وشيرازة (نِسْبَة إِلَى شيراز) ملك الدكن، فَكَانَت فِي بنائها وصقل أحجارها وتدويرها وأسلوب أَحْكَامهَا فريدة بَين قلاع الأَرْض وأصبحت مَدِينَة (أَحْمد نكر) مَدِينَة مَشْهُورَة بِطيب هوائها ومائها ومناخها بَين جَمِيع الْخلق من الْخَاصَّة والعامة فِي جَمِيع الْبِلَاد والأمصار.
وَقد بنى أَحْمد نظام شاه بحري إِلَى جَانب الشمالي من مَدِينَة (أَحْمد نكر) حديقة سميت بحديقة (فيض نجش) والمشهورة بحديقة (الْجنَّة) وَبنى دَاخل الحديقة حوضا ضخما مثمن الاضلاع، وَفِي دَاخل الْحَوْض بنى عمَارَة كمنزل لَهُ مثمن الاضلاع، وَإِلَى جَانب الْحَوْض بنى إيوانه وحماما جميلا ومترفا. وَفِي أَيَّام التعطيل نَذْهَب مَعَ الطّلبَة الرفقاء إِلَى تِلْكَ الحديقة لصيد السّمك والتفرج والنزهة، لَكِن النَّهر خرب هَذَا الْحَوْض وأصبحت الحديقة تعاني من قلَّة المَاء فآلت إِلَى الخراب، فأصبحنا عِنْدَمَا نعبر هَذِه الحديقة تتملكنا الْحَسْرَة والندم عَلَيْهَا.
أما برهَان نظام شاه فقد بنى حديقة إِلَى الْجَانِب الجنوبي من (أَحْمد نكر) وأسماها حديقة (فَرح نجش) وَبنى دَاخل الحديقة (حوضا) مربع وَبنى وسط هَذَا الْحَوْض (جبوتره) مثمنة وواسعة، وَبنى فَوق (جبوتره) بِنَاء عَالِيا ومثمن من طبقتين بطراز غَرِيب وَعَجِيب يعجز الْقَلَم وَاللِّسَان عَن وَصفه ويحتار بِهِ، وَلَا يَسْتَطِيع عقل المهندسين ادراك عَظمَة تصميمه، وَكم حاول وسعى شاه طَاهِر لوصفه وتكلف الْمَشَقَّة غير أَنه لم يصل إِلَى إيفائه حَقه، وَمِمَّا قَالَه قصيدة طَوِيلَة فِي سِتَّة وَعشْرين بَيْتا يصف فِيهَا عَظمَة الْبناء وعظمة الْبَانِي وَالْقُدْرَة على تصميمه وَأَن لَا أحد من الْمُلُوك العظماء من سبق يَسْتَطِيع انجاز مَا أنْجز فِي هَذَا الْبناء حَتَّى أَن ديوَان كسْرَى وكلستان خسرو لَا يُمكن لَهما أَن يصلا إِلَى مستوى هَذَا الْبناء.
وَفِي حديقة (فَرح نجش) نهر عَظِيم يصل إِلَيْهَا من السوَاد من مَوضِع يُقَال لَهُ (كافور باري) ويدخلها من تَحت السُّور ويصل إِلَى خزان للمياه عَظِيم، وَقد خطّ تأريخ لهَذِهِ الحديقة على لوح رُخَام قرب خزان المَاء كتب عَلَيْهِ مَا مَعْنَاهُ. اسْمهَا (فَرح نجش) اشتق من طيب هوائها ومائها فاشتهرت بذلك:
(لتكن النِّعْمَة مرافقة للساعي ببنائها ... فَجَمِيع سَعْيه مشكور)
(أردْت أَن أأرخ لهَذَا الْكَبِير والحكيم ... فَقلت يَا رب لتكن عامرة إِلَى الْأَبَد) وَبِمَا أَن شاه طَاهِر كَانَ مَعَ نعمت خَان كدورتي فقد أنْشد حول الحديقة بَيْتَيْنِ من الشّعْر قَالَ فِيمَا مَعْنَاهُ:
(مر على حديقة فَرح نجش أَيهَا الشاه ... وَانْظُر إِلَى أصل النشاط)
(فقد بنى نعمت خَان وَمن فضل التَّارِيخ ... فَخَرجُوا أقمارا من حديقة فَرح نجش أَيهَا الشاه)
وَبعدهَا أنْشد شاه نور المتخلص بنزهت من قَصَبَة (جمار كونده قلندرانه) شعرًا بِوَصْف هَذِه الحديقة، وشاه نور كَانَ على علاقَة بشاه مُسَافر النقشبندي وَصَاحب بَاعَ فِي الخطابة وخطب مرّة فِي حَضْرَة شاه مُسَافر خطْبَة تقَارب الاعجاز وشعره رفيع بمقام شعر ميرزا صائب رَحمَه الله صَاحب الدِّيوَان والقصائد الغراء. وَقد التقاه الْكَاتِب وتباحث مَعَه مطولا لمرتين، ولنزهت حَاجِب ديوَان للشعر يُقَلّد فِي كَثِيره نسق ميرزا صائب.
ونعمت خَان كَانَ فِي عهد برهَان نظام شاه ذَا سليقة شعرية وسلوك حسن ورفيع وَصَاحب حَسَنَات فريدة. ومكانة نعمت خَان فِي مَدِينَة (أَحْمد نكر) أظهر من الشَّمْس فَكَانَ صَاحب عمارات وَمَسْجِد وبركة مَاء خلف الْمَسْجِد ودكاكين رفيعة الشَّأْن ووقف دكاكين السُّوق وخراجها وَبنى خلف الْمَسْجِد حَماما لَا مثيل لَهُ فِي سَائِر الْبِلَاد وَقد كتب شاه ظَاهر فِي تَارِيخ بِنَاء هَذَا الْحمام (وَإِن كُنْتُم جنبا فاطهروا) (سنة 925) .
وَكَانَ ل (نعمت خَان) ولد وَاحِد كَانَ اسْمه (الملا نادري) توفّي فِي حَيَاة وَالِده فدفنه تَحت دكان فِي شمال السُّوق، أما قبر نعمت خَان وزوجه فقد دفنا فِي دَاخل سرداب إِلَى جَانب الْمَسْجِد فِي الْجِهَة الشمالية، وَلَا ولد لَهُ. وَتلك الدكاكين والعمارات الَّتِي كَانَ يملكهَا وصلت إِلَى الخراب وَقد بيع ترابها وحجارتها، فَإِذا كَانَ تعاقب الْأَيَّام على هَذَا المنوال فَلَنْ يبْقى لَهُ بعد أَيَّام أَي ذكر أَو أَكثر فسبحان الله. لقد كَانَ يعرف بحاتم زَمَانه.
الْقِصَّة من زمن برهَان نظام شاه راج مَذْهَب الإمامية وحينها أَصبَحت مَدِينَة (أَحْمد نكر) ذَات رونق جَدِيد بِفضل العمارات والدكاكين والحدائق والحمامات المتعددة والأنهر الْكَثِيرَة ... وَلما شرع برهَان نظام شاه بترويج هَذَا الْمَذْهَب مُعْتَمدًا على شاه طَاهِر فقد اسند المناصب والوظائف الَّتِي قررها أَحْمد نظام شاه بحري لأهل السّنة إِلَى أَتبَاع الْمَذْهَب الشيعي وَبنى لَهُم سورا ومسجدا عَظِيما وبركة وغرفا كَثِيرَة فِي الْجِهَة الْمُقَابلَة لقلعة (أَحْمد نكر) وأصبحت مدرسة لَهُم.
وَسمي هَذَا الْمَكَان ب (خَان الْأَئِمَّة الاثنا عشر) ووقف لَهُم قصبات (جيور) و (سيور) و (راسيابور) وَبَعض الْقرى الْأُخْرَى لنفقات السَّادة والطلبة والفضلاء من الشِّيعَة، جعل لَهُم طَعَاما يوزع عَلَيْهِم يوميا لمرتين.
أما أَسمَاء الْأُمَرَاء المعروفين فِي ذَلِك الْعَهْد فهم: مير أَحْمد الْمُخَاطب بمير مرتضى خَان تكتي، وجنكيز خَان، وشرزه خَان، واعتماد خَان، وفرهاد خَان يُوسُف، وزمرد فرهاد خَان، ونعمت خَان، ورومي خَان، وصلابت خَان كرجي، وَحَكِيم كاشي، وَصدر جهان، وَاخْتِيَار خَان، وابهنك خَان، وفولاد خَان حبشِي، وبساط خَان، وغالب خَان شَهِيد، وآتش خَان، وَسيد منتجب الدّين، وعالم خَان ميواتي، وشمشير خَان جبشي، وَسيد الهداد خَان، وَسُهيْل خَان، وَسيد جلال الدّين، وخواجه سُهَيْل، وقاسم خَان، وميرزا خَان سبزواري، وجمشيد خَان، وبهائي خَان، وجمال خَان، وبحري خَان، وَأسد خَان الرُّومِي، وبهادر خَان الكيلاني كور، وموثي خَان وَغَيرهم.
وَالِدَة برهَان نظام شاه ابْنة أحد أكَابِر استرآباد توفيت فِي (جنير) ودفنت هُنَاكَ، أما قبَّة غَالب خَان الشَّهِيد تقع على مَسَافَة رميتي سهم من مَقْبرَة قدوة الواصلين وزبدة السالكين وجامع الكمالات الصورية والمعنوية حَضْرَة السَّيِّد عبد الرَّحْمَن الجشتي من أَتبَاع ومريدي حَضْرَة شاه نظام نارنولي، الَّتِي تتصل سلسلة بيعَته بالشيخ نصير الدّين مَحْمُود مَنَارَة دلهي قدس الله تَعَالَى أسرارهم.
وَقد توفّي برهَان نظام شاه سنة 961 وَدفن تَحت الْقبَّة فِي حديقة الرَّوْضَة إِلَى جَانب أَحْمد نظام شاه بحري، وَبعد مُدَّة نقلت رفاتهما إِلَى كربلاء ودفنت على مَسَافَة درع وَاحِدَة من الْقبَّة الْخَاص بآل الْعَبَّاس. وَكَانَ عمر برهَان نظام شاه 54 سنة حكم مِنْهَا 47 سنة. خَلفه على سَرِير الْملك وَلَده حُسَيْن نظام الْملك وَكَانَ شجاعا وكريما وحاتميا وَقَامَ بأعمال جلة وفتوحات عديدة. وَكَانَ فِي زَمَانه (رامراج) وَكَانَ لَدَيْهِ فرقة من الفرسان وتسع فرق من المشاة ويسيطر على (بيجانكر) ويتسلط على من فِيهَا وتحالف مَعَ الْكَفَرَة السامريين فِي قَصَبَة (بهنكار) وَفِي أحد الْأَيَّام فِي السُّوق وأثناء الازدحام أَخذ يتداخل بَين النَّاس ويستعطيهم، وَلما كَانَ (راجه ساهو) فِي يَد (عالمكير بادشاه) فقد نجاه من قَيده مُحَمَّد أعظم شاه ابْن عالمكير بادشاه بِالْقربِ من منْطقَة (فردابور) بِنَاء على توصية ذُو الفقار خَان ابْن وَزِير الممالك اسد خَان، وعندما رَجَعَ إِلَى الْقَوْم الْكَفَرَة اجْتَمعُوا حوله فوصل إِلَى (أَحْمد نكر) وأغار على قَصَبَة (بهنكار) وأحرق الْبيُوت، وَفِي هَذِه الْأَثْنَاء وَقعت على رَأسه صَاعِقَة حارقة فَاحْتَرَقَ.
أما حُسَيْن نظام الْملك فقد بنى مَسْجِدا عَظِيما سَمَّاهُ الْمَسْجِد الْجَامِع دَاخل قلعة (أَحْمد نكر) فِي مَكَان مدرسة شاه طَاهِر الْمَوْقُوفَة لسَائِر الْعلمَاء وَقد حكم حُسَيْن نظام الْملك مُدَّة 13 سنة وَمَات، فخلفه وبحكم الْوَصِيَّة وَلَده مرتضى نظام الْملك بن حُسَيْن نظم الْملك وَبعد عدَّة أَيَّام أَصَابَهُ مس فِي دماغه فانزوى فِي (رَوْضَة الْجنَّة - بَاغ بهشت) فَعمد ميرزا خَان السبزواري إِلَى ربطه فِي حمام رَوْضَة الْجنَّة حَتَّى مَاتَ من حرارة الْحمام، استمرت حكومته مُدَّة سِتَّة سنوات وعدة أشهر، وَيُقَال إِن أفضل شَيْء فعله فِي حكمه هُوَ مَوته. وَفِي عَهده تولى الْخطْبَة الملا ملك القمي وَكَانَ إِلَى جَانب ذَلِك شَاعِرًا عالي الدرجَة، وَفِي عَهده كَذَلِك وصلت الخطابة إِلَى أقْصَى الدَّرَجَات فِي (أَحْمد نكر) وَكَانَ لنسق الملا ظهوري فِي النّظم والنثر طرز خَاص وَألف (ساقي نامه) (رِسَالَة الساقي) على اسْم النامي برهَان نظام شاه وَكَانَ لَهَا صفاء وطلاوة وحلاوة خَاصَّة بهَا تنم عَن ذائقة رفيعة، وعندما رأى الملا ملك القمي هَذَا التمايز وَهَذِه القابلية والكمال من الملا ظهوري زوجه ابْنَته لِأَنَّهُ كَانَ فِي تَمام مَكَارِم الْأَخْلَاق، وَبعد سنة من وَفَاة الملا ملك القمي، انْتقل الملا ظهوري إِلَى رَحْمَة الله وَالدَّار الْبَاقِيَة فَأشْعلَ نَار فِي قُلُوب الخطباء. وعندما مَاتَ أفلاطون قَالَ هَذِه الْكَلِمَات (من الحيف أَن يَمُوت الْعلمَاءأُصِيب فِيهَا بِسَهْم الْهَلَاك وَمَات، فَأَرَادَ بعض الْأُمَرَاء تنصيب (أَحْمد) ابْن (خوابنده بكلاني) وَبَعْضهمْ أَرَادَ تنصيب (موتِي شاه) ابْن (قَاسم شاه بن برهَان نظام شاه) مِمَّا أصَاب مملكة (أَحْمد نكر) بالفتور الْعَظِيم فتحول الْأَمر وعصمة المآب وعفت الإياب إِلَى (ملكة زماني جاند بِي بِي) ابْنة حُسَيْن نظام شاه بن برهَان نظام شاه بن أَحْمد نظام شاه بن أشرف همايون نظام الْملك بحري الَّتِي فاقت أقرانها من الشجعان والمقدامين فِي قدرتها واستيعابها للمراحل الْمَاضِيَة من تواريخ السلاطين، وأصبحت سيدة على (أَحْمد نكر) واستعملت الْأُمَرَاء الأجلاء مثل عنبر جنكيز خاني الْمَعْرُوف بعدله وأمانته وتدينه وَقدرته على تَدْبِير أُمُور المملكة فَكَانَ بِلَا نَظِير وشبيه وَكَذَلِكَ استعانت ب (اعْتِمَاد خَان الثَّانِي) وَغَيره من الْأُمَرَاء. وَمَعَ تحين أول فرْصَة أصبح عنبر غُلَام جنكيز خَان وَكيلا للسلطنة وَتسَمى بِالْملكِ عنبر وَبسط سلطته مُعْلنا بَدْء دولة الْملك عنبر وَجلسَ على كرْسِي الحكم وَقد قَالَ الشَّاعِر فِي ذَلِك:
(لم يكن للرسول غير بِلَال ذَاك ... )
(وَبعد ألف سنة جَاءَ ملك عنبر ... )
وَلما مَاتَ الْملك عنبر دفن فِي رَوْضَة (خلد آباد) بِالْقربِ من (دولت آباد) بِالْقربِ من قبَّة قدوة الواصلين وزبدة العارفين السَّيِّد يُوسُف بن السَّيِّد عَليّ بن السَّيِّد مُحَمَّد الْحُسَيْنِي الدهلوي الدولت آبادي الْمَشْهُور ب (سدراجا) وَالْمَعْرُوف فِي هَذَا الْوَقْت ب (شاه راجو قتال) ، وَالِد الْمَاجِد حَضْرَة السَّيِّد مُحَمَّد كيسو دراز قدس الله تَعَالَى أسرارهم وَبني فَوق قَبره قبَّة عَظِيمَة الشَّأْن.
وعندما وصلت أَخْبَار الإفراط والتفريط بسلطنة (أَحْمد نكر) إِلَى أكبر شاه، جرد الْأَمِير الشاه مُرَاد عسكرا جرارا يرافقه الْأُمَرَاء المعروفين قَاصِدا السيطرة على (أَحْمد نكر) ، وعندما علمت (جاند بِي بِي) بِهَذَا الْخَبَر سارعت إِلَى تنصيب بهادر نظام شاه ابْن إِبْرَاهِيم نظام شاه بن برهَان نظام شاه على عرش (أَحْمد نكر) وتفرغت للاستعداد إِلَى الْحَرْب والقتال وإدارة الدولة، وَبعد عدَّة أشهر حاصر شاه مُرَاد قلعة (أَحْمد نكر) وَهزمَ فَعَاد إِلَى دلهي فَتوفي فِي أثْنَاء عودته، فَأَرَادَ الْأَمِير دانيال معاودة فتح (أَحْمد نكر) والسيطرة على ملك (الدكن) فَاسْتَأْذن لذَلِك الْخَانَات وكل من ميرزا شاه رخ وميرزا يُوسُف خَان، فحاصر الشاه دانيال (أَحْمد نكر) لمُدَّة أَرْبَعَة أشهر وَأَرْبَعَة أَيَّام، وَفتحهَا فِي النِّهَايَة بِوَاسِطَة حِيلَة مُحرمَة سنة (1008) وَقبض على بهادر نظام الْملك، أما (جاند بِي بِي) الَّتِي كَانَت رائعة الْجمال بحسنها وشديدة العفاف فخافت أَن تقع فِي يَد عَسَاكِر دلهي الَّتِي سَمِعت عَنْهُم أَنهم سَوف يهتكون سترهَا، فرمت بِنَفسِهَا فِي حَوْض من (مَاء النَّار) فتحولت فِي طرفَة عين إِلَى أثر بعد عين فَكَانَ مَوتهَا سترا لَهَا من يَد الْعَسْكَر والمحارم عَنْهَا. و (جاند بِي بِي) هَذِه كَانَت مخطوبة لأحد أَبنَاء سلاطين (بيجابور) وَكَانَ والدها قد أرسلها بوفير التَّجْهِيز وَركب عَظِيم إِلَى زَوجهَا فِي (بيجابور) فَكَانَ برفقة الْأُمَرَاء وَأَصْحَاب السلطة فِي استقبالها، وَلكنهَا وَفِي لَيْلَة الزفاف رَأَتْ من زَوجهَا مَا كدرها، وَأَنه لَا يَلِيق بهَا فاعتزلته، حَتَّى آخر اللَّيْل وَفِي الصَّباح خرجت من (بيجابور) راكبة حصانها عَائِدَة إِلَى (أَحْمد نكر) . فلحقتها أَفْوَاج عديدة من (بيجابور) ولمسافة أَرْبَعِينَ فرسخا ساعين إِلَى اعادتها لكِنهمْ لم يوفقوا إِلَى ذَلِك فَعَادَت ظافرة غانمة إِلَى دَاخل قلعة (أَحْمد نكر) أما اعْتِمَاد خَان الثَّانِي وبسبب من وسواس كَانَ فِي باله فَإِنَّهُ ذهب إِلَى (بجنير) وعندما حوصرت (جاند بِي بِي) من قبل الْأَمِير دانيال ارسلت لَهُ رِسَالَة تعهد مختومة بخاتمها الْخَاص ونقشت عَلَيْهَا كف يَدهَا المضمخة بالزعفران والصندل ورسالة التعهد هَذِه مَوْجُود لَدَى أَوْلَاد اعْتِمَاد خَان، وبرأي الْكَاتِب فَإِن أَصَابِع تِلْكَ الْيَد العفيفة طَوِيلَة وضعيفة وراحة يَدهَا صَغِيرَة وَكَانَت تلبس خَاتمًا فِي خنصرها، وَقد تملك كل من كَانَ حَاضرا ذَلِك الْمجْلس وَشَاهد هَذَا التعهد وَنقش الْيَد عَلَيْهِ وانتبه إِلَى البلاغة والفصاحة والعبارة الَّتِي يتحلى بهَا هَذَا التعهد ومعانيه المتنوعة والمتينة تغلب عَلَيْهِ الْحَسْرَة ويسيل الدمع أسفا عَلَيْهَا وَيضْرب أَخْمَاسًا بأسداس.
إِن بَلْدَة (أَحْمد نكر) وَحَتَّى كِتَابَة هَذِه السطور قد تعرضت ثَلَاثَة مَرَّات للغارات:
الْمرة الأولى: عِنْدَمَا هاجمها الْكَافِر الشقي (رامراج) حَاكم (بيجانكرد) فِي عهد حُسَيْن نظام شاه بأفواجه الجرارة من الفرسان والمشاة الكثر واحتل (أَحْمد نكر) وذبحوا الْخَنَازِير فِي مَسْجِد (لنكرد) الْأَئِمَّة الاثنا عشر عَلَيْهِم وعَلى جدهم الأمجد الصَّلَاة وَالسَّلَام وَبَقِي فِي الْمَدِينَة مُدَّة تِسْعَة أشهر محاصرا قلعتها غير أَنه انهزم فِي النِّهَايَة وهرب مهزوما خائبا وخاسرا.
الْمرة الثَّانِيَة: حِين استغل (بابونا) ابْن الْملك عنبر جنكيز خَان اضْطِرَاب العلاقة بَين السلطة النظامية والأمراء فَأَغَارَ على (أَحْمد نكر) واحرق عمارات الْأُمَرَاء المبنية من الْخشب، وَكَذَلِكَ الْبيُوت الْوَاقِعَة فِي أَعلَى بوابة (كلان) فِي محلّة شاه طَاهِر وَأبقى على أبنية أهل الْحَرْف والغرباء وَالَّذين عاونوه.
الْمرة الثَّالِثَة: كَانَت فِي السّنة السَّادِسَة فِي عهد مُحَمَّد فرخ سير حَاكم (دلهي) فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء الثَّانِي وَالْعِشْرين من شهر جُمَادَى الأول سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَة وَألف فِي زمن أَمِير الْأُمَرَاء حُسَيْن عَليّ خَان الْمُتَوَلِي على (الدكن) وَكَانَ يتَوَلَّى امرة القلعة أَسد الدّين خَان بن تهور خَان (كهندو دبهارية) من طرف عَسَاكِر (غنيم) الْبَالِغَة أَرْبَعِينَ ألف خيال وراجل الَّذين انحدروا إِلَيْهَا من نَاحيَة (كنجاله) و (نيبه دهيره) وحاصروها (أَي أَحْمد نَكِير) ، وَلم يسْتَطع مُحَمَّد إِبْرَاهِيم مُتَوَلِّي القلعة من قبل آمرها الصمود بِوَجْهِهِ هَؤُلَاءِ لقلَّة الْعدَد الَّذِي كَانَ مَعَه فَخرج من القلعة فَارًّا مِنْهَا قبل سُقُوطهَا بساعات فَدَخلَهَا المغيرون وَعمِلُوا بالنهب وَالسَّلب طوال اللَّيْل وَبَعض النَّهَار التَّالِي واحرقوا كثيرا من الْأَبْنِيَة والدكاكين، وَلما سمع المغيرون أَن سيف الدّين عَليّ خَان شَقِيق أَمِير الْأُمَرَاء حُسَيْن عَليّ خَان قد وصل إِلَى مشارف (كنجاله) وَمَعَهُ خَمْسُونَ ألف فَارس قَاصِدا النّيل من (غنيم) عَمدُوا إِلَى الْفِرَار. حينها لم يسْتَطع أَكثر السَّادة والفقراء الْوُصُول إِلَى القلعة فلجأوا بأهلهم وعيالهم إِلَى (تاراجى) وَالْكَاتِب حينها لم يكن قد بلغ سنّ الْبلُوغ بعد فَذهب مَعَ وَالِده الْمَاجِد المرحوم بعد صَلَاة الظّهْر إِلَى القلعة وَقَالَ للشَّيْخ فتح مُحَمَّد الملا من قَصَبَة (جيور) وَكَانَ من الْفُقَهَاء القدماء لَدَى وَالِده طَالبا مِنْهُ أَن يُوصل الْأَشْيَاء المهمة والمستورات إِلَى القلعة وَكَذَلِكَ إِيصَال مَا تحويه المكتبات من كتب الَّتِي كَانَ يعدها هَذَا الشَّيْخ أهم من الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْجَامِع. فَمَا كَانَ مِنْهُ إِلَّا أَن أَمر بتحميل جَمِيع الْكتب الَّتِي كَانَت فِي (بالكي وبهل) وأرسلها إِلَى القلعة أما مَا بَقِي من أثاث الْبَيْت والماشية فقد نهب وسرق، وَيَقُول الشَّيْخ عصمت الله ابْن الشَّيْخ تَاج مُحَمَّد أَنه قضى اللَّيْل كُله على سطح منزله الْوَاقِع فِي محلّة شاه طَاهِر دكهني خوفًا من أَن يَنَالهُ أَذَى جمَاعَة غنيم، وَأَنه شَاهد هَؤُلَاءِ المغيرين يخرجُون من منزل (شعريعت بناه) اثْنَا عشر جملا محملًا بالفرش والأواني وَغَيرهَا من الْمَتَاع وَأَن كثيرا من أرزاق وَأَسْبَاب معاش الْفُقَرَاء وَأهل الْحَرْف والشرف والغرباء ذهب نهبا وأحرقت مَنَازِلهمْ وَتَفَرَّقُوا فِي جَمِيع الأنحاء. وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَة الَّتِي كَانَت (أَحْمد نكر) تحترق فِيهَا، كَانَت النَّار ترى على مَسَافَة سِتَّة فراسخ من جَمِيع الْجِهَات، ويحضر فِي بالي أنني فِي حينها شَكَوْت إِلَى والدتي الماجدة المرحومة الْجُوع فَلم يكن لَدَيْهَا شَيْء، وَفِي منتصف الْيَوْم الثَّانِي أرسل صَاحب القلعة أَسد الدّين خَان بن تهور خَان طَعَاما، فَمَا كَانَ من وَالِدي إِلَّا أَن قسمه على التَّابِعين والأقرباء. وَفِي تِلْكَ الْأَثْنَاء جَاءَ الشَّيْخ عبد الْملك قريب وَالِدي بِخَبَر مفاده أَن جَمِيع دكاكين السُّوق ومنازل النَّاس، وَمَا أخرجناه من غلَّة قد احْتَرَقَ، كَمَا احْتَرَقَ منزلنا ومحلنا وديوانيتنا، وَمَا بَقِي لنا هُوَ السَّلامَة، فَشكر وَالِدي الله على هَذِه النِّعْمَة.
وَقَالَ راجي مُحَمَّد وَهُوَ شخص ورع وشريف وكهاران بالكي أَنه يجب إرْسَال بعض الْغلَّة إِلَى القلعة وتوزيعها على أَتبَاع شاه أَبُو تُرَاب وشاه قَاسم وَغَيرهم من أَبنَاء شاه طَاهِر دكهني وَكَذَلِكَ الأتباع من السَّادة الْأَشْرَاف وَأهل الْمعرفَة والحقيقة فالسيد بخش الْكرْمَانِي الخيرآبادي قدس سره الَّذِي حزت شرف خدمته وقرأت عَلَيْهِ بعض
رسائل الْمنطق وكل من يسْتَحق من الْجِيرَان فَمَا كَانَ مِنْهُم إِلَّا أَن أوصلوا ذَلِك إِلَى القلعة ووزعوه من سَاعَته على الْجَمِيع وَهَذَا مَا يشْهد لوالدي بِتِلْكَ الهمة الْعَالِيَة فِي فعل الْخَيْر وخدمة الْفُقَرَاء والسادة وَهِي صِحَة أظهر من الشَّمْس وَأبين من الأمس. فقد كَانَ يوزع الطَّعَام على الْفُقَرَاء مطبوخا ونيئا، وَقد وضع عدَّة قطع من الأَرْض فِي تصرف الْقَضَاء من جُمْلَتهَا (يكجاور وبنجاه بيكه) من الأَرْض من أجل سد حاجات الْكِبَار وَهِي بَاقِيَة حَتَّى الْآن وَقد أضفت عَلَيْهَا بعض الْأَرَاضِي وفقا على حاجات السَّادة. وَقد تلقى وَالِدي المرحوم هَذِه الْخِصَال الحميدة والعقيدة والتربية من الْعَارِف بِاللَّه الغواص فِي بحار معرفَة الله حَضْرَة الشاه عبد الْمَاجِد نبيره قدوة الواصلين وزبدة السالكين حَضْرَة الشاه وجيه الْحق وَالْملَّة وَالدّين الْعلوِي الْحُسَيْنِي الأحمد آبادي قدس الله تَعَالَى أسرارهما، وَكَذَلِكَ من حَضْرَة الشاه نصير الدّين خلف الصدْق شاه عبد الْمَاجِد وَكَذَلِكَ الملا أَحْمد بن سُلَيْمَان بن مشاهير عُلَمَاء (أَحْمد آباد) صَاحب التصانيف أنار الله برهانهم ودرس عَلَيْهِ الْعُلُوم الظَّاهِرِيَّة المطولة ودرس التجويد على فريد الْعَصْر الشَّيْخ فريد رَحْمَة الله عَلَيْهِ الَّذِي لَهُ الْحَوَاشِي والمعروفة عَليّ الْمولى زَاده وَكتب دراسية أُخْرَى مَشْهُورَة ومعروفة، واتصل فِي (بيران بتن) بِخِدْمَة الفاضلي العارفي الَّذِي كَانَ يجلس مُنْفَردا فِي مَسْجِد (آدينه) ونال مَعَه الْبركَة والسعادة والتوفيق، وبأمر مِنْهُ ذهب إِلَى (شاه جهان آياد) وَتَوَلَّى قَضَاء (دهولقه) من تَوَابِع (أَحْمد آباد) فَقضى فِيهَا خمس سِنِين ثمَّ استعفى من ذَلِك وَعَاد إِلَى (أَحْمد آباد) واتصل بِخِدْمَة المرشد لعدة سنوات حظي فِيهَا بالتوفيق وَلما كَانَ المرشد يُرِيد الالتحاق بِجَيْش مُحَمَّد اورنك زيب عالمكير المعسكر فِي قَرْيَة (كلكله) ، فقد عزم الْأَمر على الرحيل، وَلما صَادف مُرُور الْعَسْكَر بِجَانِب (أَحْمد نكر) وَكَانَ فِيهَا آنذاك شاه عَسْكَر قدس سره الَّذِي وصلت إِلَيْهِ شهرة الْوَاحِد فَأَرَادَ الِاتِّصَال بِهِ وَكَانَ حينها يُقيم فِي مَسْجِد (خَان الْأَئِمَّة الاثنا عشرَة) ، وَبِمَا أَن المرحوم وَالِدي كَانَ قد سمع عَن كمالاته فَأحب أَن يلازمه، وَلكنه وَهُوَ فِي الطَّرِيق أَخذ يفكر فِي مَاهِيَّة مَذْهَب شاه عَسْكَر فِي حِين أَنه يُقيم فِي مَسْجِد (خَان الْأَئِمَّة الاثنا عشر) وَهُوَ مَعْرُوف أَنه لأتباع الْمَذْهَب الإمامية، ولكنهما عِنْدَمَا التقيا وتباحثا فِي الْمسَائِل والقضايا، وَبَان الِاتِّفَاق بَينهمَا، فَقَامَ وَالِدي بتقبيل الأَرْض بَين يَدَيْهِ، فَأَجَازَهُ، فالتحق وَالِدي بالعسكر وَأمره بِقَضَاء (أَحْمد نكر) ، وَفِي هَذِه الْأَثْنَاء زَارَهُ طَائِر الْمَوْت فَتوفي وَجعل قَبره مَا بَين (أَحْمد نكر) و (خَان الْأَئِمَّة الاثنا عشر) خَارج بوابة (شاه كنج) ، بعد ذَلِك وبسبب من ظلم مُتَوَلِّي (أَحْمد نكر) الَّذِي كَانَ يحمي الْكفَّار وَيظْلم النَّاس قرر المرحوم وَالِدي السكن فِي قلعة (أَحْمد نكر) ، فَلم يبْق أحد من أكَابِر والسادات وَجَمَاعَة الْمُسلمين إِلَّا وأتى إِلَى قلعة (أَحْمد نكر) طَالبا مِنْهُ أَن يعود للسكن فِي مَدِينَة (أَحْمد نكر) وَلكنه لم يقبل. وَفِي سنة (1130) وَفِي لَيْلَة الْخَمِيس التَّاسِع عشر من شهر شَوَّال فِي الهزيع الْأَخير من اللَّيْل فَارق الدُّنْيَا إِلَى الدَّار الْآخِرَة، وَدفن فِي مَقْبرَة حَضْرَة شاه
بنكالي قدس سره الْوَاقِعَة فِي مُقَابل القلعة وَقد كَانَ عثماني النّسَب يَعْنِي أَنه من أَوْلَاد جَامع الْقُرْآن كَامِل الْحَيَاة وَالْإِيمَان حَضْرَة عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وجده الْأَعْلَى صَاحب الْفَضَائِل والكمالات الْوَاصِل إِلَى منزلَة الْحَقَائِق والمعارف قدوة العارفين حَضْرَة مَوْلَانَا حسام الدّين قدس سره وَنور مرقده. وينتسب إِلَيْهِ عَن طَرِيق الشَّيْخ عبد الرَّسُول ابْن الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ عبد الْوَارِث ابْن الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ عبد الْملك ابْن الشَّيْخ مُحَمَّد إِسْمَاعِيل ابْن الشَّيْخ شهَاب الدّين ابْن مَوْلَانَا الشَّيْخ حسام الدّين العثماني قدس الله تَعَالَى أسرارهم ومرقده الشريف يَقع فِي (كلكشت) من نَاحيَة (كبيرنبج) الْوَاقِع على بعد سِتَّة فراسخ من (أَحْمد آباد) إِلَى الْجِهَة الغربية وَهُوَ مقصد للزائرين. والناحية الْمَذْكُورَة تعْتَبر موطن وَمَكَان ولادَة المرحوم وَالِدي وأجداده. وَقد توَلّوا فِيهَا الْقَضَاء والخطابة مُنْذُ الْقَدِيم، أما جده لأمه فَهُوَ الْعَارِف بِاللَّه الْمُسْتَغْرق فِي بحار معرفَة الله (مخدوم شيخو) قدس الله سره الْعَزِيز وَهُوَ فيض من جناب قدوة الواصلين وزبدة العارفين أستاذ الْجَمِيع حَضْرَة شاه (وجيه الْحق وَالْملَّة وَالدّين) الْعلوِي الْحُسَيْنِي الأحمد آبادي قدس الله سرهما وَنور مرقدهما. وَقد أنْشد الشَّاعِر (بزركي) قصيدة فِي شمائل هَذَا الشَّيْخ تقع فِي اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ بَيْتا تحدث فِيهَا عَن فَضَائِل وأخلاق وَعلم ودرجة هَذَا الْعَالم الْجَلِيل ومكانته العلمية والأدبية والاجتماعية وموقعه الديني فِي زَمَانه.

آخر

[آخر] فيه هو "الآخر" تعالى أي الباقي بعد فناء خلقه و"المؤخر" تعالى يؤخر الأشياء فيضعها في مواضعها. وح: كان صلى الله عليه وسلم يقول "بآخرة" إذا أراد أن يقوم في المجلس كذا وكذا أي في آخر جلوسه، أو في آخر عمره، وهي بفتح همزة وخاء، ومنه ح أبي بزرة: لما كان "بأخرة". وفي ح ما عز: أن "الأخر" قد زنى الآخر بوزن كبد هو الأبعد المتأخر عن الخير. ن: أي الأرذل وقيل: اللئيم، أراد نفسه تحقيراً لها بفعل الفاحشة. قوله "فلعلك" تلقين. نه: ومنه ح: المسألة أخر كسب المرء أي أرذله وأدناه، ويروى بالمد أي السؤال آخر ما يكتسب به المرء عند العجز من الكسب. وآخرة الرحل بالمد الخشبة التي يستند إليها الراكب من كور البعير. ومؤخرته بالهمزة والسكون لغية. ط: ومنه: فيصلي إلى آخرته، والمؤخرة بضم ميم وكسر خاء وسكون همزة، وبفتح خاء مشددة مع فتح همزة، ويتم في "هبت" [نه] وفيه أخر عني يا عمر أي تأخر نحو لا تقدموا بين يدي الله أي لا تتقدموامن عمل وسنة. وبعته "بأخرة" أي بنظرة.

الحِيْنُ

الحِيْنُ، بالكسر: الدَّهْرُ، أو وَقْتٌ مُبْهَمٌ يَصْلُحُ لجميع الأزْمانِ، طالَ أو قَصُرَ، يكونُ سَنَةً وأكثَرَ، أو يَخْتَصُّ بأربعينَ سَنَةً، أو سَبْعِ سِنينَ، أو سَنَتَينِ، أو سِتَّةِ أَشْهُرٍ، أَو كلُّ غُدْوَةٍ وعَشِيَّةٍ، ويومُ القِيامةِ، والمُدَّةُ.
وقوله تعالى {فَتَوَلَّ عنهم حتَّى حِينٍ} ، أي: حتى تَنْقَضِي المُدَّةُ التي أُمْهِلُوها
ج: أحْيانٌ
وجج: أحايِينُ.
{ولاتَ حينَ} ، أي: ليسَ حِينَ. وإذا باعَدُوا بَيْنَ الوَقْتَيْنِ، باعَدُوا بإِذْ، فقالوا: حِيْنَئِذٍ.
وحَيَّنَهُ: جَعَلَ له حِيناً،
وـ الناقَةَ: جعَلَ لها في كلِّ يَوْمٍ ولَيْلةٍ وقْتاً يَحْلُبُها فيه،
كــتَحَيَّنَــها، والاسْمُ: الحِينُ والحِينَةُ، بكسْرِهِما.
ومَتَى حِينَةُ ناقَتِكَ؟: مَتَى وقْتُ حَلَبِها.
وكَمْ حِينَتُها؟: كَمْ حِلابُها.
وحانَ حِينٌ: قَرُبَ، وآنَ،
وـ السنْبُلُ: يَبِسَ.
وعامَلَهُ مُحايَنَةً، كمُساوَعَةٍ.
وأحْيَنَ: أقامَ،
وـ الإِبِلُ: حانَ لها أن تُحْلَبَ، أو يُعْكَمَ عليها،
وـ القَوْمُ: حانَ لهم ما حاوَلُوهُ.
وهو يأكُلُ الحِينَةَ، ويُفْتَحُ، أي: مَرَّةً في اليَوْمِ واللَّيْلَةِ.
وما ألقاهُ إلاَّ الحِينَةَ بعدَ الحِينَةِ، أي: الحِينَ بعدَ الحِينِ.
والحَيْنُ: الهلاكُ، والمِحْنَةُ، وقد حانَ، وأحانَهُ اللهُ.
وكلُّ ما لم يُوَفَّقْ للرَشادِ فقدْ حانَ. وحَيَّنَهُ اللُّه فَــتَحَيَّنَ.
والحائِنُ: الأحْمَقُ.
والحائِنَةُ: النازِلَةُ المُهْلِكَةُ
ج: حَوائِنُ.
والحانوتُ: في ح ن ت.
والحانِيَّةُ: الخَمْرُ.
والحانَةُ: مَوْضِعُ بَيْعِها.
وحِينَى، كضِيزَى: د.
ومِحْيانُ الشيءِ، بالكسر: حِينُه.
وكشدَّادٍ: عبدُ اللهِ بنُ محمدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ حَيَّانَ الحَيَّانِيُّ، نِسْبَةٌ إلى جَدِّه، ـ وكذا الحافِظُ أبو الشيخِ عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ حَيَّانَ الحَيَّانِيُّ الأصْفهانِيُّ،
وحَفيدُه محمدُ بنُ عبدِ الرزَّاقِ الحَيَّانِيُّ،
وعُبَيْدُ اللهِ بنُ هارونَ الحَيَّانِيُّ.
وأبو حَيَّانَ النَّحْويُّ: مُتأخِّرٌ

العَرَقُ

العَرَقُ، مُحَرَّكةً: رَشْحُ جِلْدِ الحَيَوانِ، ويُسْتَعارُ لغَيْرِهِ.
ورَجُلٌ عُرَقٌ، كصُرَدٍ: كثيرُهُ، وأما عُرَقَةٌ، كهُمَزَةٍ: فَبناءٌ مُطَّرِدٌ في كُلِّ فِعْلٍ ثُلاثِيٍّ، كضُحَكَةٍ،
و=: نَدَى الحائِطِ، والثَّوابُ أو قَليلُهُ، واللبَنُ لأَِنَّهُ يَتَحَلَّبُ في العُروقِ حتى يَنْتَهِي إلى الضَّرْعِ، وكُلُّ صَفٍّ من اللَّبِنِ والآجُرِّ في الحائِطِ، وقد بَنَى الباني عَرَقاً وعَرَقَيْنِ وعَرَقَةً وعَرَقَتَيْنِ،
و=: الطُّرُقُ في الجِبالِ،
كالعَرْقَةِ،
و=: آثارُ اتِّبَاعِ الإِبِلِ بعضِها بعضاً.
وعَرَقُ التَّمْرِ: دِبْسُهُ،
و=: الزَّبيبُ، ونِتاجُ الإِبِلِ، والنَّقْعُ، والسَّطْرُ من الخَيْلِ ومن الطَّيْرِ، وكُلُّ مُصْطَفٍّ، والسَّفيفَةُ المَنْسوجَةُ من الخوصِ قَبْلَ أَنْ يُجْعَلَ منه الزِّنْبيلُ أو الزِّنْبيلُ نَفْسُه، ويُسَكَّنُ،
و=: الشَّوْطُ والطَّلَقُ.
و"عَرَقُ القِرْبَةِ": كنايَةٌ عن الشِدَّةِ والمَجْهودِ والمَشَقَّةِ، لأنّ القِرْبَةَ إذا عَرِقتْ خَبُثَ رِيحُها، أَو لأنَّ القِرْبَةَ مالَها عَرَقٌ، فكأنه تَجَشَّمَ مُحالاً، أو عَرَقُ القِرْبَةِ: مَنْقَعَتُها، كأنه تَجَشَّمَ حتى احْتاجَ إلى عَرَقِ القِرْبَةِ، وهو ماؤُها يَعْني السَّفَرَ إليها، أو عَرَقُ القِرْبَةِ: سَفيفَةٌ يَجْعَلُها حامِلُ القِرْبَةِ على صَدْرِهِ، أو مَعْناهُ: تَكَلَّفَ مَشَقَّةً كمَشَقَّةِ حامِلِ قِرْبَةٍ، يَعْرَقُ تحتَها من ثِقَلِها.
ولَبَنٌ عَرِقٌ، ككتِفٍ: فَسَدَ طَعْمُهُ، عن عَرَقِ البعيرِ المُحَمَّلِ عليه. وكفرِح: كسِلَ. وحِبَّانُ ابنُ العَرِقَةِ، وقد تُفْتَحُ الراءُ، وهي أُمُّه قِلابَةُ، لُقِّبَتْ به لِطيبِ رِيحِها، وهو الذي رَمَى سعدَ بنَ مُعاذٍ، رضي الله تعالى عنه، يومَ الخَنْدَقِ.
والعَرَقَةُ، (محرَّكةً) : الخَشَبَةُ تَعْتَرِضُ بين ساقَيِ الحائِطِ، والدِّرَّةُ يُضْرَبُ بها، والنِسْعَةُ يُشَدُّ بها الأسيرُ، ج: عَرَقٌ وعَرَقاتٌ.
وعَرَقَ العَظْمَ عَرْقاً ومَعْرَقاً، كمَقْعَدٍ: أكَلَ ما عليه من اللَّحْمِ،
كتَعَرَّقَهُ،
وـ في الأرضِ: ذهَبَ،
وـ المَزادَةَ: جَعَلَ لها عِراقاً.
والعَرْقُ، وكغُرابٍ: العَظْمُ أُكِلَ لَحْمُه، ج: ككِتابٍ، وغُرابٍ نادرٌ، أو العَرْقُ: العَظْمُ بلَحْمِهِ، فإذا أُكِلَ لَحْمُهُ،
فَعُراقٌ، أو كِلاهُما لِكِلَيْهِما. وكغُرابٍ وغُرابةٍ: النُّطْفَةُ من الماءِ،
كالعَرْقاةِ، والمَطَرَةُ الغَزَيرَةُ.
وعُراقُ الغَيْثِ: نباتُهُ في أثَرِهِ.
ورجُلٌ مُعَرَّقُ العِظامِ، كمُعَظَّمٍ،
ومَعْروقُها: قليلُ اللَّحْمِ، وقد عُرِقَ، كعُنيَ، عَرْقاً.
والعَرْقُ: الطريقُ يَعْرُقُه الناسُ حتى يَسْتَوْضِحَ، وبالكسر: للشجرِ والبَدَنِ: م،
ج: عُروقٌ وأعراقٌ وعِراقٌ، وأصْلُ كلِّ شيءٍ، والأرضُ المِلْحُ لا تُنْبِتُ، والجَبَلُ الغليظُ المُنْقادُ لا يُرْتَقَى لصُعوبَتِهِ، والجَبَلُ الصغيرُ، ضدٌّ، والجَسَدُ،
وع، واللَّبَنُ، والنِتاجُ الكثيرُ، ولَقَبُ الحُسينِ بنِ عبدِ الجَّبَّارِ، والسَّبَخَةُ تُنْبِتُ الطَّرْفاءَ، والحَبْلُ الرَّقيقُ من الرَّمْلِ المُسْتَطيلِ مع الأرضِ، أو المكانُ المُرْتَفِعُ، ج: عُروقٌ.
وذاتُ عِرْقٍ: بالباديَةِ، مِيقاتُ العِراقِيِّينَ.
وعِرْقٌ: وادٍ لبني حَنْظَلَةَ بنِ مالِكٍ، ومَوْضِعانِ بالبَصْرَةِ.
وعِرْقَةُ، بهاءٍ: د بالشامِ.
والعُروقُ الصُّفْرُ: نباتٌ للصَّبَّاغِينَ، فارِسيَّتُه: زَرْدُجُوبَه، أو هو الهُرْدُ، أو المامِيرانُ، أو الكُرْكُمُ الصغيرُ.
والعُروقُ البِيضُ: نباتٌ مُسَمّنَةٌ للنساءِ، وتُسَمَّى: المُسْتَعْجِلَةَ.
والعُروقُ الحُمْرُ: الفُوَّةُ.
والعُرُقُ، بضمتينِ:
جمعُ عِراقٍ: لشاطِئِ البَحْرِ.
والعُروقُ: تِلالٌ حُمْرٌ قُرْبَ سَجا. وككِتابٍ: جَوْفُ الرِيشِ، ومِياهٌ لبني سعدٍ، وشاطِئُ الماءِ، أو شاطئُ البَحْرِ طولاً، والخَرْزُ المَثْنِيُّ في أسْفَلِ المَزادَةِ، والراوِيَةُ، والطِبابَةُ، وقُطْرُ الجَبَلِ وحْدَه، وبَقايا الحَمْضِ،
كالعِرْقِ، بالكسر فيهما، ومنه: إبِلٌ عِراقِيَّةٌ،
وـ من الظُّفْرِ: ما أحاطَ به،
وـ من الأذُنِ: كِفافُها،
وـ من الدارِ: فِناؤُها،
وـ من السُّفْرَةِ: خَرْزُها المُحيطُ بها،
وـ من النَّهرِ: حاشِيَتُهُ من أدْناهُ إلى مُنْتَهاهُ،
وـ من الحَشا: فوقَ السُّرَّةِ مُعْتَرِضاً بالبَطْنِ، جمعُ الكلِّ: أعْرِقةٌ وعُرْقٌ،
وبِلادٌ م من عَبَّادَانَ إلى المَوْصِلِ طولاً، ومن القادِسِيَّةِ إلى حُلْوانَ عَرْضاً، ويُذَكَّرُ، سُمِّيَتْ بها لتَواشُجِ عِراقِ النَّخْلِ والشجر فيها، أو ط لأَنَّه اسْتَكَفَّ أرضَ العَرَب ط،
أو سُمِّيَ بِعِراقِ المَزَادَةِ: لجِلْدَةٍ تُجْعَلُ على مُلْتَقَى طَرَفَيِ الجِلْدِ إذا خُرِزَ في أسْفَلِها، لأنَّ العِراق بين الرِيفِ والبَرِّ، أو لأنه على عِراقِ دِجْلَةَ والفُراتِ، أي: شاطِئِهِما، أو مُعَرَّبَةُ إيرانْ شَهْر، ومَعْناه: كثيرةُ النَّخْلِ والشَّجَرِ.
والعِراقانِ: الكوفَةُ والبَصْرَةُ.
وعَرْقُوَةُ الدَّلْو، كَتَرْقُوَةٍ، ولا يُضَمُّ: أوَّلُها.
وعَرْقاتُها: بِمَعْنى.
والعَرْقُوتَانِ: خَشَبَتَانِ يُعْرَضانِ عليها كالصَّليبِ، وخَشَبَتَانِ تَضُمَّانِ ما بينَ واسِطِ الرَّحْلِ والمؤخِرَةِ، ج: العَراقِي.
وذاتُ العَرَاقي: الداهِيَةُ.
والعَرْقُوَةُ: كُلُّ أكَمَةٍ مُنْقادَةٍ في الأرْضِ، كأنَّها جَثْوَةُ قَبْرٍ.
والعَرْقاةُ، ويُكسَرُ،
والعِرْقَةُ، بالكسْرِ: الأصْلُ، أو أصْلُ المالِ، أو أرومَةُ الشَّجَرِ التي تَتَشَعَّبُ منها العُروقُ.
وقَوْلُهُم اسْتَأصَلَ الله عَرْقَاتَهُم، إنْ فَتَحْتَ أوَّلَهُ فَتَحْتَ آخِرَهُ، وهو الأكثَرُ، وإن كسَرْتَهُ كَسَرْتَهُ، على أَنَّهُ جَمْعُ عِرْقَةٍ، بالكسْرِ.
وكزُبَيرٍ: ع بين البَصْرَةِ والبَحْرَيْنِ.
وعِرْقَةُ، بالكسْرِ: د بالشامِ، منه: عُرْوَةُ بنُ مَرْوانَ المُسْنِدُ، وواثِلَةُ بنُ الحَسَنِ العِرْقيَّانِ. وعَبدُ الرَّحمنِ بنُ عِرْقٍ، بالكسرِ، وابنُهُ محمد: تابِعِيانِ. وإبراهيمُ بنُ محمدِ ابنِ عِرْقٍ الحِمْصِيُّ: مُحَدِّثٌ. وأحْمَدُ بنُ يَعْقوبَ المُقْرِئُ البَغْدَادِيُّ: عُرِفَ بابنِ أخي العِرْقِ.
وكَجُهَيْنَةَ: ع، وله يَوْمٌ.
وأَعْرَقَ: أتى العِراقَ، وصارَ عَريقاً في اللُّؤْمِ وفي الكَرَمِ،
وـ الشَّجَرُ: اشْتَدَّتْ عُروقُهُ في الأرْضِ،
وـ الشَّرابَ: جَعَلَ فيه عِرْقاً من الماءِ، بالكسرِ، أي: قَليلاً، فهو مُعْرَقٌ ومُعَرَّقٌ، كمُعَظَّمٍ ومُكْرَمٍ، ومَعْرُوقٌ،
وـ في الدَّلْوِ: جَعَلَ الماءَ فيها دونَ المَلْءِ،
كَعَرَّقَ فيهما تَعْريقاً.
والمُعْرِقَةُ، كمُحْسِنَةٍ ومُحَدِّثَةٍ: طريقٌ إلى الشامِ، كانَتْ قُرَيْشٌ تَسْلُكُها.
ورَجُلٌ مُعْتَرِقٌ ومَعْروقٌ ومُعَرَّقٌ، كمُعَظَّم: قَلِيلُ اللَّحْمِ.
واسْتَعْرَقَ: تَعَرَّضَ للحَرِّ كَيْ يَعْرَقَ.
والعَوارِقُ: الأضْرَاسُ والسِنونَ، لأنَّها تَعْرُقُ الإِنْسانَ.
وصارَعَهُ فَتَعَرَّقَهُ: أخَذَ رَأسَهُ تَحْتَ إبْطِهِ فَصَرَعَهُ. وابنُ عِرْقانَ، بالكسرِ: رَجُلٌ.
والعِرْقانُ: ع. وعارِقٌ: لَقَبُ قَيْسِ بنِ جِرْوَةَ الطائِيِّ لِقَوْلِهِ:
فإنْ لَمْ نُغَيِّر بَعْضَ ما قَدْ صَنَعْتُمُ ... لأَنْــتَحِيَنَّ العَظْمَ ذو أنا عارِقُهْ
والأعْراقُ: ع.

ربص

ربص: {تربصوا}: انتظروا وتمهلوا.
[ربص] فيه: يريد أن "يتربص" بكم الدوائر، التربص المكث والانتظار.
(ربص)
بفلان ربصا انْتظر بِهِ خير أَو شرا يحل بِهِ وَيُقَال ربص فلَانا أَمر
[ربص] التَرَبُّصُ: الانتظار. والمُتَرَبِّصُ: المحتكِرُ. ولي في متاعي رُبْصَةٌ أي لى فيه تربص.
ر ب ص

تربص بسلعته الغلاء " نتربص به ريب المنون " ولي بالبصرة ربصة، ولي في متاعي ربصة وهي التربص.
ر ب ص: (التَّرَبُّصُ) الِانْتِظَارُ وَ (الْمُتَرَبِّصُ) الْمُحْتَكِرُ. 
ر ب ص : تَرَبَّصْتُ الْأَمْرَ تَرَبُّصًا انْتَظَرْتُهُ وَالرُّبْصَةُ وِزَانُ غُرْفَةٍ اسْمٌ مِنْهُ وَتَرَبَّصْتُ الْأَمْرَ بِفُلَانٍ تَوَقَّعْتُ نُزُولَهُ بِهِ. 
ر ب ص

ربص بالشيءِ رَبْصاً وتربَّص به انْتظَر به خيراً أو شراً وتَرَبَّص به الشيءُ كذلك وفي التنزيل {قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين} التوبة 52 ولي على هذا الأَمرِ رُبْصَةٌ أي تَلَبُّثٌ

ربص


رَبَصَ(n. ac. رَبْص)
a. Put in expectation.
b. [Bi], Watched for an opportunity to; waited for.
c. Watered ground before sowing.

تَرَبَّصَa. see I (b)b. [Bi & acc.], Waited for, expected .... to befall.
c. [Fī], Remained firm, steady in.
d. ['An], Suspended, deferred (affair).

رِبْصa. Seed sown in irrigated ground.

رُبْصَةa. Expectation, waiting; hope.
ربص
التَرَبصُ بالشيْءِ: تَنْتَظِرُ به يَوْماً ما، من قَوْلِه عزَوجَلَّ: " نَتَرَبصُ به رَيْبَ المَنُونِ ". ورَبَصَني أمْر؛ فأنا مَرْبُوْص.
وارْتَبَصْتُ وتَرَبَّصتُ: واحِدُ. والرُبْصَةُ: منه، وهي أيضاً: كالرُبْشَةِ في اللَّوْنِ، أرْبَصُ وأَرْبَشُ، وهُمْ رُبْصٌ.
ربص
التّربّص: الانتظار بالشيء، سلعة كانت يقصد بها غلاء، أو رخصا، أو أمرا ينتظر زواله أو حصوله، يقال: تربّصت لكذا، ولي رُبْصَةٌ بكذا، وتَرَبُّصٌ، قال تعالى: وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ
[البقرة/ 228] ، قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ
[الطور/ 31] ، قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ
[التوبة/ 52] ، وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ
[التوبة/ 98] .
ربص
تربَّصَ/ تربَّصَ بـ/ تربَّصَ لـ يتربَّص، تربُّصًا، فهو مُتربِّص، والمفعول مُتربَّصٌ
• تربَّص فلانٌ الأمرَ: انتظره "تربَّص الفرصةَ- {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ} ".
• تربَّص بفلان/ تربَّص لفلان: انتظر خيرًا أو شرًّا يحلّ به، تحيَّن الفُرْصَة "يتربَّص به أعداؤُه- {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ

بِنَا إلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ}: أصلها: تتربَّصون" ° تربَّص به الدَّوائر: انتظر الفرصة للانقضاض عليه- تربَّص له رَيْبَ المنون: انتظر حوادثَ الدَّهر أن تنزل به.
• تربَّصتِ المُطلَّقةُ بنفسها: انتظرت مرور الأطهار ليحِلَّ لها الزواجُ بآخر " {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ} ".
• تربَّص بالسِّلعة: انتظر غلاءها ليبيعها بسعر مرتفع. 

ربص: التَّرَبُّصُ: الانْتِظارُ. رَبَصَ بالشيء رَبْصاً وتَرَبَّصَ به:

انتظر به خيراً أَو شرّاً، وتَربّصَ به الشيء: كذلك. الليث: التَّرَبُّصُ

بالشيء أَن تَنْتَظِرَ به يوماً ما، والفعل تَرَبَّصْت به، وفي التنزيل

العزيز: هل تَرَبَّصُون بنا إِلاَّ إِحْدَى الحُسْنَيَيْنِ؛ أَي إِلا

الظَّفَرَ وإِلاّ الشَّهادةَ، ونحن نتَربّصُ بكم أَحَدَ الشرّين: عذاباً من

اللّه أَو قَتْلاً بأَيْدِينا، فبين ما نَنْتَظِرُه وتَنْتَظِرونه فَرْقٌ

كبير. وفي الحديث: إِنما يُريدُ أَن يَتَرَبّص بكم الدَّوائِرَ؛

التربُّصُ: المُكْثُ والانتظارُ.

ولي على هذا الأَمر رُبْصةٌ أَي تلبّثٌ. ابن السكيت: يقال أَقامت

المرأَة رُبْصَتَها في بيت زوجها وهو الوقت الذي جُعِل لزوجها إِذا عُنِّنَ

عنها، قال: فإِن أَتاها وإِلاَّ فُرِّقَ بينهما. والمُتَرَبِّصُ:

المُحْتَكِرُ. ولي في متاعي رُبْصةٌ أَي لي فيه تَرَبّصٌ؛ قال ابن بري: تَرَبَّصَ

فِعْلٌ يتعدى بإِسقاط حرف الجر كقول الشاعر:

تَرَبَّصْ بها رَيْبَ المَنُونِ لعلّها

تُطَلَّقُ يوماً، أَو يَمُوتُ حَلِيلُها

ربص: رَبَص. ربص التراب في العقب أي أن الماء جعل التراب الذي فيه يرسب في قعر الإناء (بوشر).
رَبَّص (بالتشديد) = ربص أو تَربَّص (لين، الكامل ص595).
ربَّص: طلى (مونج ص368، 369).
ربَّص: جعل له تَرابِيص واقية من النار (زيشر 20: 499) وهي بهذا المعنى تعني أيضاً طلى.
تربيص الكمين: نصب الكمين (الجريدة الآسيوية ص1848، 2: 195).
تربَّص: انتظر (فوك) وفيه تربص على.
تربَّص: أجَّل الشيء وأخره إلى وقت آخر (ألكالا) وكذلك (تاريخ البربر 2: 139). (واقرأ فيه إنمّا وفقاً لما جاء في مخطوطتنا رقم 1350 بدل أنا).
وتربص به (فريتاج طرائف ص98) وفي ابن العوام: ويتربص بها أربعة أيام أي يبقيها على حالها أربعة أيام.
وفي رياض النفوس (ص100 ق) والرجل الذي كلفه الميت بالصلاة عليه ((أُنْذُر الناس بِمَوْتِهِ وتربَّص به الأربعاء والخميس)) أي أخر دفنه يومي الأربعاء والخميس.
تربَّص بالمُلك (عبد الواحد ص67) وبالدَوْلَة (المقدمة 3: 225 لأن هذا هو الصواب انظر الترجمة) أي انتظر وتمنى سقوط الأسرة الحاكمة أو الدولة.
رِبْص: زرع الصيف، يزرع بعد سقي الأرض عوضاً عن المطر (محيط المحيط).
رَبَّاص (بالإسبانية rapaz) وتجمع على رَبَابيص: تابع، خادم، غلام (ألكالا). وفي عهد غرناطة: شيه للرباص، وقد ترجم إلى الإسبانية بما معناه: أذابته لصمغ اللك.
ربَّاص: غلام يخدم في القداس في أديرة الرهبان (ألكالا).
ترابيص: واقيات من النار (زيشر 20: 499، رقم 1).
ربص
رَبَصَ بفُلانٍ رَبْصاً: انْتَظَرَ بهِ خَيْراً أَو شَرّاً يَحُلُّ بهِ، كتَرَبَّصَ بهِ، قالَ الله تَعَالى فتَرَبَّصوا بهِ حَتَّى حِينٍ، نَقَلَه ابنُ دُرَيْدٍ، وقالَ اللّيْثُ: التَّرَبُّصُ بالشَّيْءِ: أَنْ تَنْتَظِرَ بِهِ يَوْماً مَا، وقالَ الجَوْهَرِيُّ: التَّرَبُّصُ: الانْتِظَارُ، وزادَ ابنُ الأَثِيرِ: والمُكْثُ. ثُمَّ إِنَّ ظاهِرَ سِياقِه أَنّ التَّرَبُّصَ يَتَعَدَّى بالبَاءِ، كالرَّبْصِ، وَهُوَ نَصُّ ابنُ دُرَيْدٍ، كَمَا عَرَفْتَ، ونَصُّ الرَّاغِبِ فِي المفْرَدَاتِ، والزَّمَخْشَرِيِّ فِي الأَسَاسِ، غيرَ أَنّ البَيْضاوِيَّ فِي قَوْله تَعَالَى الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ أَثْناءَ أَوَاخِرِ النّسَاءِ قَدَّرَ لَهُ مَفْعُولاً، فتأَمَّلْ، وقَالَ ابنُ بَرِّيّ: تَرَبَّصَ فِعْلٌ يَتَعَدَّى بإِسْقَاطِ حَرْفِ الجَرِّ، كقَوْلِ الشّاعِرِ:
(تَرَبَّصْ بِها رَيْبَ المَنُونِ لعَلَّهَا ... تُطَلَّقُ يَوْماً أَو يَمُوتُ حَلِيلُهَا)
وَقَالَ ابنُ عبّادٍ: يُقَال رَبَصَنِي أَمْرٌ، وأَنَا مَرْبُوصٌ.
والرُّبْصَةُ، بالضّمِّ، مِنْهُ، وهِيَ أَيْضاً كالرُّبْشَةِ فِي اللَّوْنِ، أَرْبَصُ أَرْبَشُ، وهُمْ رُبْصٌ. والرُّبْصَةُ، أَيْضاً: التَّرَبُّصُ، يقَالُ: لِي فِي مَتَاعِي رُبْصَةٌ: أَيْ تَرَبَّصٌ، كَمَا فِي الصّحاحِ، وقالَ غيرُه: لِي عَلَى هَذَا الأَمْرِ رُبْصَةٌ: أَيْ تَلَبُّثٌ، وقالَ أَبو حاتِمٍ: لِي بالبَصْرَةِ رُبْصَةٌ، أَيْ تَرَبُّصٌ. وَقَالَ ابنُ السِّكِّيتِ: يُقَال أَقَامَتِ المَرْأَةُ رُبْصَتَها فِي بَيْتِ زَوْجِهَا، وَهِي الوَقْتُ الَّذِي جُعِلَ لزَوْجِهَا إِذا عُنِّنَ عَنْهَا، فإِنْ أَتَاهَا وإِلاَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا. قَالَ الصّاغَانِيُّ: والتّرْكِيبُ يَدُلُّ على الانْتِظَارِ.

ربص

1 رَبَصَ بِفُلَانٍ, or بِالشَّىْءِ: see 5.

A2: رَبَصَنِى (K) A thing, or an affair, or an event, put me in expectation. (TA.) 5 تربّص He expected; or awaited: (S:) he tarried; or tarried expecting. (IAth.) You say تربّص الأَمْرَ He looked for, expected, awaited, or waited for, the thing, or event. (Msb.) and تربّص بِهِ الشَّىْءَ, (M,) or الأَمْرَ, (Msb,) He looked for, expected, awaited, or waited for, the thing, or event, to befall him, or betide him. (M, Msb.) It is said in the Kur [ix. 52], هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا

إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ [Do ye look for, &c., aught save one of the two best things (namely victory or martyrdom) to betide us?]. (M.) And a poet says, تَرَبَّصْ بِهَا رَيْبَ المَنُونِ لَعَلَّهَا تُطَلَّقُ يَوْمًا أَوْ يَمُوتُ حَلِيلُهَا [Wait thou for the vicissitudes of fortune to befall her: perhaps she may be divorced some day, or her husband may die]. (TA.) You say also, تربّص بِسِلْعَتِهِ الغَلَآءَ [He looked for, &c., a time of dearness for his commodity, or article of merchandise]. (A.) And, [elliptically,) تربّص بِفُلَانٍ, (K,) or بِالشَّىْءِ; (M;) and بِهِ ↓ رَبَصَ, (M, A, K,) aor. ـُ (TK,) inf. n. رَبْصٌ; (M, A, K;) He looked for, expected, awaited, or waited for, [something] good or evil to befall, or betide, (M, A, K,) such a one, (A, K,) or the thing: (M:) or تربًّ بِالشَّىْءَ signifies he looked for, expected, awaited, or waited for, a day for the thing. (Lth.) رُبْصَةٌ An expecting; an awaiting; a waiting: (AHát, S, A, Msb, K:) a tarrying; or tarrying in expectation. (M.) You say, لِى فِى مَتَاعِى رُبْصَةٌ [I have to endure an expecting, &c., with respect to my goods, or commodities; app. meaning, I have to wait for a favourable opportunity to sell them]. (S, A.) And لِى بِالبَصْرَةِ رُبْصَةٌ [I have to endure an expecting, or a waiting, in ElBasrah]. (AHát, A.) And لِى عَلَى هٰذَا الأَمْرِ رُبْصَةٌ [I have to endure a tarrying, or a tarrying in expectation, for, or on account of, this thing, or affair]. (M.) b2: Also The period that is assigned to a husband when he has been pronounced incapable of sexual intercourse with his wife; so that if he go in to her [it is well with him, and he remains her husband]; but if not, a separation is made between them: so in the saying, أَقَامَتِ الْمَرْأَةُ رُبْصَتَهَا فِى بَيْتِ زَوْجِهَا [The woman abode during the period so assigned to her husband in the house, or tent, of her husband]. (ISk, K.) [In like manner رُبْضَةٌ (perhaps a mistranscription) is explained in the A and TA in art. ربض: and the period is there said to be a year.]

مَرْبُوصٌ, applied to a man, (K,) Put in expectation. (TK.) مُتَرَبِّصُ One who withholds, or collects and withholds, wheat or the like, waiting for a time of dearness; syn. مُحْتَكرٌ. (S.)
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.