أرجوزة.
للسيوطي.
ذكر فيه: فتنة القبور، وما يتعلق بها.
في: مائة وثلاثة وسبعين بيتا.
بيت: البَيْتُ من الشَّعَر: ما زاد على طريقةٍ واحدة، يَقَع على الصغير
والكبير؛ وقد يقال للمبنيّ من غير الأَبنية التي هي الأَخْبِيَةُ بَيْتٌ؛
والخِباءُ: بيت صغير من صوف أَو شعر، فإِذا كان أَكبرَ من الخِباء، فهو
بيتٌ، ثم مِظَلَّة إِذا كَبِرَتْ عن البيت، وهي تسمى بيتاً أَيضاً إِذا
كان ضَخْماً مُرَوَّقاً. الجوهري: البيتُ معروف. التهذيب: وبيت الرجل
داره، وبيته قَصْره، ومنه قول جبريل، عليه السلام: بَشِّرْ خديجة ببيتٍ من
قَصَب؛ أَراد: بَشِّرْها بقصر من لؤلؤةٍ مُجَوَّفةٍ، أَو بقصر من
زُمُرُّذَة. وقوله عز وجل: ليس عليكم جُناحٌ أَن تدخُلوا بُيوتاً غيْرَ مسكونة،
معناه: ليس عليكم جناح أَن تدخلوها بغير إِذن؛ وجاء في التفسير: أَنه يعني
بها الخانات، وحوانيتَ التِّجارِ، والمواضعَ المباحةَ التي تُباع فيها
الأَشياء، ويُبيح أَهلُها دُخولَها؛ وقيل: إِنه يعني بها الخَرِباتِ التي
يدخلها الرجلُ لبول أَو غائط، ويكون معنى قوله فيها متاع لكم: أَي إِمتاع
لكم، تَتَفَرَّجُونَ بها مما بكم. وقوله عز وجل: في بُيوتٍ أَذِنَ
اللَّهُ أَن تُرْفَعَ؛ قال الزجاج: أَراد المساجدَ، قال: وقال الحسن يعني به
بيتَ المَقْدس، قال أَبو الحسن: وجمعَه تفخيماً وتعظيماً، وكذلك خَصَّ
بناءَ أَكثر العدد. وفي متصلة بقوله كَمِشْكاة. وقد يكون البيتُ للعنكبوت
والضَّبِّ وغيره من ذوات الجِحَرِ. وفي التنزيل العزيز: وإِنَّ أَوْهَنَ
البُيوت لَبَيْتُ العنكبوت؛ وأَنشد سيبويه فيما تَضَعُه العربُ على أَلسنة
البهائم، لضَبٍّ يُخاطِبُ ابنه:
أَهْدَمُوا بَيْتَكَ، لا أَبا لَكا
وأَنا أَمْشِي، الدَّأَلَى، حَوالَكا
ابن سيده: قال يعقوب السُّرْفةُ دابة تَبْني لنفسها بيتاً من كِسارِ
العِيدانِ، وكذلك قال أَبو عبيد: السُّرْفة دابة تبني بيتاً حَسَناً تكون
فيه، فجعَل لها بيتاً. وقال أَبو عبيد أَيضاً: الصَّيْدانيُّ دابة تَعْمَلُ
لنفسها بيتاً في جَوْفِ الأَرض وتُعَمِّيه؛ قال: وكلُّ ذلك أُراه على
التشبيه ببيت الإِنسان، وجمعُ البَيْت: أَبياتٌ وأَباييتُ، مثل أَقوالٍ
وأَقاويلَ، وبيُوتٌ وبُيوتاتٌ، وحكى أَبو عليّ عن الفراء: أَبْياواتٌ، وهذا
نادر؛ وتصغيره بُيَيْتٌ وبِيَيْتٌ، بكسر أَوله، والعامة تقول: بُوَيْتٌ.
قال: وكذلك القول في تصغير شَيْخ، وعَيْرٍ، وشيءٍ وأَشباهِها. وبَيَّتُ
البَيْتَ: بَنَيْتُه.
والبَيْتُ من الشِّعْرِ مشتقٌّ من بَيْت الخِباء، وهو يقع على الصغير
والكبير، كالرجز والطويل، وذلك لأَنه يَضُمُّ الكلام، كما يَضُمُّ البيتُ
أَهلَه، ولذلك سَمَّوْا مُقَطَّعاتِه أَسباباً وأَوتاداً، على التشبيه لها
بأَسباب البيوت وأَوتادها، والجمع: أَبْيات. وحكى سيبويه في جمعه
بُيوتٌ، فتَبِعَه ابنُ جني فقال، حين أَنشد بَيْتَي العَجَّاج:
يا دارَ سَلْمى يا اسْلَمِي ثم اسْلَمِي،
فَخنْدِفٌ هامَةُ هذا العالَمِ
جاءَ بالتأْسيس، ولم يجئْ بها في شيء من البُيوتِ. قال أَبو الحسن؛
وإِذا كان البَيْتُ من الشِّعْرِ مُشَبَّهاً بالبيت من الخِباءِ وسائر
البناءِ، لم يمتنع أَن يُكَسَّرَ على ما كُسِّرَ عليه. التهذيب: والبَيْتُ من
أَبيات الشِّعْر سمي بيتاً، لأَنه كلامٌ جُمِعَ منظوماً، فصار كبَيْتٍ
جُمِعَ من شُقَقٍ، وكِفاءٍ، ورِواقٍ، وعُمُد؛ وقول الشاعر:
وبيتٍ، على ظَهْر المَطِيِّ، بَنَيْتُه
بأَسمرَ مَشْقُوقِ الخَياشِيم، يَرْعُفُ
قال: يعني بيت شِعْرٍ كتَبه بالقلم. وسَمَّى اللَّهُ تعالى الكعبةَ،
شرَّفها اللَّه: البيتَ الحرامَ. ابن سيده: وبَيْتُ اللَّهِ تعالى الكعبةُ.
قال الفارسي: وذلك كما قيل للخليفة: عبدُ اللَّه، وللجنة: دار السلام.
قال: والبيْتُ القَبْر، على التشبيه؛ قال لبيد:
وصاحِبِ مَلْحُوبٍ، فُجِعْنا بيومه،
وعِنْدَ الرِّداعِ بَيتُ آخَرَ كَوْثَر
(* قوله «وصاحب ملحوب» هو عوف بن الأَحوص بن جعفر بن كلاب مات بملحوب.
وعند الرداع موضع مات فيه شريح بن الأَحوص بن جعفر بن كلاب. اهـ. من
ياقوت.)
وفي حديث أَبي ذر: كيف نَصْنَعُ إِذا مات الناس، حتى يكون البيتُ
بالوَصِيف؟ قال ابن الأَثير: أَراد بالبَيْتِ ههنا القَبْر؛ والوَصِيفُ:
الغلامُ؛ أَراد: أَن مواضع القُبور تَضيقُ، فيَبتاعُوْنَ كلَّ قبر بوَصِيفٍ.
وقال نوح، على نبينا وعليه أَفضلُ الصلاة والسلام، حينَ دَعا رَبَّه: رَبِّ
اغْفِرْ لي ولوالديَّ، ولمن دخل بيتي مؤْمناً؛ فسَمَّى سَفِينَته التي
رَكبَها أَيام الطُّوفانِ بَيْتاً. وبَيْتُ العرب: شَرَفُها، والجمع
البُيوتُ، ثم يُجْمَعُ بُيوتاتٍ جمع الجمع. ابن سيده: والبَيْتُ من بُيُوتات
العرب: الذي يَضُمُّ شَرَفَ القبيلة كآل حِصْنٍ الفَزاريِّين، وآلِ
الجَدَّيْن الشَّيْبانِيّين، وآل عَبْد المَدانِ الحارِثِيّين؛ وكان ابن الكلبي
يزعم أَن هذه البُيوتاتِ أَعْلى بُيوتِ العرب. ويقال: بَيْتُ تَميم في
بني حَنْظلة أَي شَرَفُها؛ وقال العباس يَمْدَحُ سيدَنا رسولَ اللَّه، صلى
اللَّه عليه وسلم:
حتى احْتَوى بَيْتُكَ المُهَيْمِنُ منْ
خِنْدِفَ، عَلْياءَ تَحْتَها النُّطُقُ
جَعَلَها في أَعْلى خِنْدِفَ بيتاً؛ أَراد ببيته: شَرَفَه العاليَ؛
والمُهَيْمِنُ: الشاهدُ بفَضْلك. وقولُه تعالى: إِنما يُريدُ اللَّهُ
ليُذْهِبَ عنكم الرِّجْسَ أَهلَ البيتِ؛ إِنما يريد أَهلَ بيت النبي، صلى اللَّه
عليه وسلم، أَزواجَه وبِنْتَه وعَلِيّاً، رضي اللَّهُ عنهم. قال سيبويه:
أَكثر الأَسماء دخولاً في الاختصاص بَنُو فلانٍ، ومَعْشَرٌ مضافةً،
وأَهلُ البيتِ، وآل فلانٍ؛ يعني أَنك تقول نحنُ أَهْلَ البيتِ نَفْعَلُ كذا،
فتنصبه على الاختصاص، كما تنصب المنادى المضاف، وكذلك سائر هذه الأَربعة.
وفلانٌ بَيْتُ قومِهِ أَي شَريفُهم؛ عن أَبي العَمَيْثَل الأَعرابي.
وبَيْتُ الرجلُ: امرأَتُه، ويُكْنى عن المرأَة بالبَيْتِ؛ وقال:
أَلا يا بَيْتُ، بالعَلْياءِ بَيْتُ،
ولولا حُبُّ أَهْلِكَ، ما أَتَيْتُ
أَراد: لي بالعَلْياءِ بَيْتٌ. ابن الأَعرابي: العرب تَكْني عن المرأَة
بالبَيْت؛ قاله الأَصمعي وأَنشد:
أَكِبَرٌ غَيَّرَني، أَم بَيْتُ؟
الجوهري: البَيْتُ عِيالُ الرجل؛ قال الراجز:
ما لي، إِذا أَنْزِعُها، صَأَيْتُ؟
أَكِبَرٌ غَيَّرني، أَم بَيْتُ؟
والبَيْتُ: التَزْويجُ؛ عن كراع.
يقال: باتَ الرجلُ يَبيتُ إِذا تَزَوَّجَ. ويقال: بَنى فلانٌ على
امرأَته بَيْتاً إِذا أَعْرَسَ بها وأَدخلها بَيْتاً مَضْروباً، وقد نَقَل
إِليه ما يحتاجون إِليه من آلة وفِراشٍ وغيره. وفي حديث عائشة، رضي اللَه
عنها: تَزَوَّجني رسولُ اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، على بَيْتٍ قِيمَتُه
خمسون دِرْهماً أَي متاعِ بَيْتٍ، فحذف المضاف، وأَقام المضافَ إِليه
مُقامَه.
ومَرَةٌ مُتَبَيِّتَةٌ: أَصابت بَيْتاً وبَعْلاً.
وهو جاري بَيْتَ بَيْتَ، قال سيبويه: من العرب مَن يَبْنيه كخمسة عشر،
ومنهم من يُضِيفه، إِلا في حَدِّ الحال؛ وهو جاري بَيْتاً لبَيْتٍ، وبيتٌ
لِبَيْتٍ أَيضاً. الجوهري: وهو جاري بَيْتَ بَيْتَ أَي مُلاصِقاً، بُنيا
على الفتح لأَنهما اسمان جُعِلا واحداً.
ابن الأَعرابي: العرب تقول أَبِيتُ وأَباتُ، وأَصِيدُ وأَصاد، ويموتُ
ويَماتُ، ويَدُومُ ويَدامُ، وأَعِيفُ وأَعافُ؛ ويقال: أَخيلُ الغَيْثَ
بناحِيَتِكم، وأَخالُ، لغةٌ، وأَزيلُ؛ يقال: زالَ
(* قوله «وأزيل يقال زال»
كذا بالأصل وشرح القاموس.)، يريدون أَزال. قال ومن كلام بني أَسَد: ما
يَلِيق بك الخَيْر ولا يعِيقُ، إِتباع.
الصحاح: باتَ يَبِيتُ ويَباتُ بَيْتُوتة. ابن سيده: باتَ يفعل كذا وكذا
يَبِيتُ ويَباتُ بَيتاً وبَياتاً ومَبيتاً وبَيْتُوتة أَي ظَلَّ يفعله
لَيْلاً، وليس من النَّوم، كما يقال: ظَلَّ يفعل كذا إِذا فعله بالنهار.
وقال الزجاج: كل من أَدركه الليلُ فقد باتَ، نام أَو لم يَنَم. وفي التنزيل
العزيز: والذين يَبيتُون لربهم سُجَّداً وقياماً؛ والاسم من كلِّ ذلك
البِيتةُ. التهذيب، الفراءُ: باتَ الرجلُ إِذا سَهِر الليلَ كله في طاعة
اللَّه، أَو معصيته.
وقال الليث: البَيْتُوتة دُخُولُك في الليل. يقال: بتُّ أَصْنَعُ كذا
وكذا.
قال: ومن قال باتَ فلانٌ إِذا نام، فلقد أَخطأَ؛ أَلا ترى أَنك تقول:
بِتُّ أُراعي النجومَ؟ معناه: بِتُّ أَنْظرُ إِليها، فكيف ينام وهو يَنْظُر
إِليها؟
ويقال: أَباتَكَ اللَّه إِباتَةً حَسَنةً؛ وباتَ بَيْتُوتةً صالحةً. قال
ابن سيده وغيره: وأَباتَه اللَّهُ بخَيْر، وأَباتَه اللَّهُ أَحْسَنَ
بِيتَةٍ أَي إِباتَةٍ، لكنه أَراد به الضَّرْبَ من الــتَّبْيِيت، فبناه على
فِعْلِه، كما قالوا: قَتَلْته شَرَّ قِتْلة، وبِئْست المِيتَةُ؛ إِنما
أَرادوا الضَّرْب الذي أَصابه من القتل والموت.
وبِتُّ القومَ، وبِتُّ بهم، وبِتُّ عندَهم؛ حكاه أَبو عبيد.
وبَيَّتَ الأَمْرَ: عَمِلَه ليلاً، أَوْ دَبَّره ليلاً. وفي التنزيل
العزيز: بَيَّتَ طائفةٌ منهم غيرَ الذي تَقُولُ؛ وفيه: إِذ يُبَيِّتُون ما
لا يَرْضى من القَوْل؛ قال الزجاج: إِذ يُبَيِّتُون ما لا يَرْضى من
القول: كلُّ ما فُكِرَ فيه أَو خِيضَ فيه بلَيْل، فقد بُيِّتَ. ويقال: هذا
أَمرٌ دُبِّرَ بلَيْل وبُيِّتَ بلَيْل، بمعنى واحد. وقوله: واللَّهُ
يَكْتُبُ ما يُبَيِّتون أَي يُدَبِّرونَ ويُقَدِّرونَ من السُّوءِ ليلاً.
وبُيِّتَ الشيءُ أَي قُدِّر. وفي الحديث: أَنه كان لا يُبَيِّتُ مالاً، ولا
يُقَيِّلُه؛ أَي إِذا جاءَه مالٌ لا يُمْسِكُه إِلى الليل، ولا إِلى
القائلة، بل يُعَجِّلُ قِسْمَته. وبَيَّتَ القوْمَ والعَدُوَّ: أَوقع بهم ليلاً؛
والاسمُ البَياتُ. وأَتاهم الأَمر بَياتاً أَي أَتاهم في جوفِ الليل.
ويقال: بَيَّتَ فلانٌ بني فلانٍ إِذا أَتاهم بَياتاً، فكَبَسَهم وهم
غارُّونَ. وفي الحديث: أَنه سُئِل عن أَهل الدار يُبَيَّتُونَ أَي يُصابُون
لَيْلاً.
وتَبْيِيْتُ العَدُوِّ: هو أَن يُقْصَدَ في الليل مِن غير أَن يَعْلم،
فَيُؤْخَذَ بَغْتَةً، وهو البَياتُ؛ ومنه الحديث: إِذا بُيِّتُّمْ فقولوا:
هم لا يُنْصَرُونَ. وفي الحديث: لا صيامَ لمن لم يُبَيِّتِ الصِّيامَ
أَي يَنْوِه من الليل. يقال: بَيَّتَ فلانٌ رأْيه إِذا فَكَّرَ فيه
وخَمَّره؛ وكلُّ ما دُبِّر فيه، وفَُكِّرَ بلَيْلٍ: فقد بُيِّتَ. ومنه الحديث:
هذا أَمْرٌ بُيِّت بلَيْلٍ، قال ابن كَيْسانَ: باتَ يجوز أَن يَجْرِيَ
مُجْرَى نامَ، وأَن يَجْريَ مُجْرَى كانَ؛ قاله في كان وأَخواتها، ما زال،
وما انْفَكَّ، وما فَتِئَ، وما بَرِحَ.
وماءٌ بَيُّوتٌ، باتَ فبَرَدَ؛ قال غَسَّانُ السُّلَيْطِيُّ:
كفاكَ، فأَغْناكَ ابْنُ نَضْلَة بعدَها
عُلالَةَ بَيُّوتٍ، من الماءِ، قارِسِ
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
فصَبَّحَتْ حَوْضَ قَرًى بَيُّوتا
قال أُراه أَراد: قَرَى حَوْضٍ بَيُّوتاً، فقلب. والقَرَى: ما يُجْمَعُ
في الحَوْض من الماء؛ فأَنْ يكونَ بَيُّوتاً صفةً للماء خَيْرٌ من أَن
يكونَ للحَوْضِ، إِذ لا معنى لوصف الحوض به. قال الأَزهري: سمعت أَعرابيّاً
يقول: اسْقِنِي من بَيُّوتِ السِّقاءِ أَي من لَبَنٍ حُلِبَ ليلاً
وحُقِنَ في السِّقاء، حتى بَرَدَ فيه ليلاً؛ وكذلك الماء إِذا بَرَدَ في
المَزادة لَيْلاً: بَيُّوتٌ. والبائِتُ: الغَابُّ؛ يقال: خُبْزٌ بائِتٌ، وكذلك
البَيُّوتُ.
والبَيُّوتُ أَيضاً: الأَمْرُ يُبَيِّتُ عليه صاحبُه، مُهْتمّاً به؛ قال
الهذلي:
وأَجْعَلُ فِقْرَتَها عُدَّةً،
إِذا خِفْتُ بَيُّوتَ أَمْرٍ عُضالْ
وهَمٌّ بَيُّوتٌ: باتَ في الصَّدْر؛ وقال:
عَلى طَرَبٍ بَيُّوتَ هَمٍّ أُقاتِلُهْ
والمَبِيتُ: الموضعُ الذي يُبَاتُ فيه.
وما لَهُ بِيتُ ليلةٍ، وبِيتَةُ ليلةٍ، بكسر الباء، أَي ما عنده قُوتُ
لَيْلة.
ويقال للفقير: المُسْتَبِيتُ. وفلان لا يَسْتَبِيتُ لَيْلةً أَي ليس له
بِيتُ ليلةٍ مِن القُوتِ.
والبِيتةُ: حال المَبِيتِ؛ قال طرفة:
ظَلِلْتُ بِذِي الأَرْطَى، فُوَيْقَ مُثَقَّفٍ،
بِبِيتَةِ سُوءٍ، هالِكاً أَو كَهالِكِ
وبيتٌ: اسم موضع؛ قال كثير عزة:
بوَجْهِ بَنِي أَخِي أَسَدٍ قَنَوْنَا
إِلى بَيْتٍ، إِلى بَرْكِ الغُِمادِ
بيي: حَيَّاكَ اللهُ وبَيَّاكَ، قيل: حَيَّاكَ مَلَّكَكَ، وقيل:
أَبقاكَ، ويقال: اعْتَمدك بالمُلْك، وقيل: أَصْلَحك، وقيل: قَرَّبَكَ؛ الأَخيرة
حكاها الأَصمعي عن الأَحمر. وقال أَبو مالك أَيضاً: بَيَّاكَ قَرَّبَك؛
وأَنشد:
بَيَّا لهم، إذ نزلوا، الطَّعامَا
الكِبْدَ والمَلْحاءَ والسَّنامَا
وقال الأَصمعي: معنى حَيَّاكَ اللهُ وبَيَّاكَ أَي أَضحكك. وفي الحديث
عن آدم، عليه السلام: أَنه اسْتَحْرَمَ بعد قَتْلِ ابنه مائةَ سنة فلم
يضحك حتى جاءه جبريل، عليه السلام، فقال: حَيَّاكَ اللهُ وبَيَّاكَ فقال:
وما بَيَّاكَ؟ قيل: أَضْحكَك؛ رواه بإسناد له عن سعيد بن جبير، وقيل:
عجَّلَ لكَ ما تُحِبُّ، قال أَبو عبيدة: بعض الناس يقول إنه إتباع، قال: وهو
عندي على ما جاء تفسيره في الحديث أَنه ليس بإتباع، وذلك أَن الإتباع لا
يكاد يكون بالواو، وهذا بالواو، وكذلك قول العباس في زمزم: إني لا
أُحِلُّها لِمُغْتَسِلٍ وهي لشاربٍ حِلُّ وبِلٌّ. وقال الأَحمر: بَيَّاكَ اللهُ
معناه بَوَّأَك منزلاً، إلاَّ أَنها لما جاءت مع حَيَّاكَ تركت همزتها
وحُوِّلَتْ واوها ياء أَي أَسكنك منزلاً في الجنة وهَيَّأَكَ له. قال سلمة
بن عاصم: حَكَيْتُ للفراء قولَ خَلَفٍ فقال: ما أَحسنَ ما قال وقيل:
يقال بَيَّاكَ لازدواج الكلام. وقال ابن الأَعرابي: بَيَّاكَ قَصَدَكَ
واعتَمَدَك بالمُلْكِ والتحية، من تَبَيَّيْتُ الشيءَ: تَعَمَّدْتُه؛
وأَنشد:لَمَّا تَبَيَّيْنا أَخا تَمِيمِ،
أَعْطى عَطاءَ اللَّحِزِ اللَّئيمِ
قال: وهذه الأَبيات تحتمل الوجهين معاً؛ وقال أَبو محمد الفَقْعَسِيّ:
باتَتْ تَبَيَّا حَوْضَها عُكُوفا
مِثْلَ الصُّفُوفِ لاقَتِ الصُّفُوفَا،
وأَنْتِ لا تُغْنِينَ عَنِّي فُوفا
أَي تعتمد حَوْضَها؛ وقال آخر:
وعَسْعَسٌ، نِعْمَ الفَتى، تَبَيَّاهْ
مِنَّا يَزيدٌ وأَبو مُحَيَّاهْ
قال ابن الأَثير: أَبو مُحَيَّاةٍ كنية رجل، واسمه يحيى بن يعلى. وقيل:
بَيَّك جاءَ بكَ.
وهو هَيُّ بنُ بَيٍّ وهَيّانُ بنُ بَيَّانَ أَي لا يعرف أَصله ولا فصله،
وفي الصحاح: إذا لم يعرف هو ولا أَبوه؛ قال ابن بري: ومنه قول الشاعر
يصف حرباً مهلكة:
فأَقْعَصَتْهُم وحَكَّتْ بَرْكَها بِهِمُ،
وأَعْطَتِ النَّهْبَ هَيَّانَ بنَ بَيَّانِ
الجوهري: ويقال ما أَدري أَيّ هَيِّ بنِ بَيٍّ هُوَ أَي أَيُّ الناس هو.
ابن الأَعرابي: البَيُّ الخسيس من الرجال، وكذلك ابن بَيّان وابن
هَيّان، كله الخسيس من الناس ونحو ذلك. قال الليث: هَيُّ بنُ بَيٍّ وهَيّان بن
بَيّانَ. ويقال: إنَّ هَيَّ بنَ بَيٍّ من ولد آدم ذهب في الأَرض لمَّا
تفرق سائر ولد آدم فلم يُحَسَّ منه عَين ولا أَثر وفقد. ويقال: بَيَّنْتُ
الشيء وبَيَّيْتُه إذا أَوضحته. والتَّبْييُ: التبيين من قرب.
بتت: البَتُّ: القَطْعُ المُسْتَأْصِل.
يقال: بَتَتُّ الحبلَ فانْبَتَّ. ابن سيده: بَتَّ الشيءَ يَبُتُّه،
ويَبِتُّه بَتّاً، وأَبَتَّه: قطَعه قَطْعاً مُسْتَأْصِلاً؛ قال:
فَبَتَّ حِبالَ الوصْلِ، بيني وبَيْنَها،
أَزَبُّ ظَهُورِ السَّاعِدَيْنِ، عَذَوَّرُ
قال الجوهري في قوله: بَتَّه يَبُتُّه قال: وهذا شاذّ لأَنَّ باب
المُضاعف، إِذا كانَ يَفْعِل منه مكسوراً، لا يجيءُ متعدِّياً إِلاَّ أَحرفٌ
معدودة، وهي بَتَّه يَبُتُّه وَيَبِتُّه، وعَلَّه في الشُّرب يَعُلُّه
ويَعِلُّه، ونَمَّ الحديثَ يَنُمُّه ويَنِمُّه، وشَدَّه يَشُدُّه ويَشِدُّه،
وحَبَّه يَحِبُّه؛ قال: وهذه وحدَها على لغةٍ واحدةٍ. قال: وإِنما
سَهَّلَ تَعَدِّيَ هذه الأَحْرُف إِلى المفعول اشتراكُ الضم والكسر فيهنّ؛
وبَتَّتَه تَبْتِيتاً: شُدِّدَ للمبالغة، وبَتَّ هو يَبِتُّ ويَبُتُّ بَتّاً
وأَبَتَّ.
وقولهم: تَصَدَّقَ فلانٌ صَدَقَةً بَتاتاً وبَتَّةً بَتْلَةً إِذا
قَطَعَها المُتَصَدِّقُ بها من ماله، فهي بائنة من صاحبها، وقد انْقَطَعَتْ
منه؛ وفي النهاية: صدقة بَتَّةٌ أَي مُنْقَطِعَةٌ عن الإِمْلاكِ؛ وفي
الحديث: أَدْخَلَه اللَّهُ الجَنَّةَ البَتَّةَ.
الليث: أَبَتَّ فُلانٌ طَلاقَ امرأَتِه أَي طَلَّقَها طَلاقاً باتّاً،
والمُجاوزُ منه الإِبْتاتُ. قال أَبو منصور: قول الليث في الإِبْتاتِ
والبَتِّ موافِقٌ قولَ أَبي زيد، لأَنه جَعَل الإِبْتات مُجاوزاً، وجعل
البَتَّ لازماً، وكلاهما مُتعدِّ؛ ويقال: بَتَّ فلانٌ طَلاقَ امرأَتِه، بغير
أَلف، وأَبَتَّه بالأَلف، وقد طَلَّقها البَتَّةَ.
ويقال: الطَّلْقةُ الواحدة تَبُتُّ وتَبِتُّ أَي تَقطَعُ عِصْمةَ
النكاح، إِذا انْقَضَتِ العدَّة. وطَلَّقَها ثَلاثاً بَتَّةً وبَتاتاً أَي
قَطْعاً لا عَوْدَ فيها؛ وفي الحديث: طلَّقها ثلاثاً بَتَّةً أَي قاطعةً. وفي
الحديث: لا تَبِيتُ المَبْتُوتَةُ إِلاَّ في بيتها، هي المُطَلَّقة
طَلاقاً بائِناً.
ولا أَفْعَلُه البَتَّةَ: كأَنه قَطَعَ فِعْلَهُ. قال سيبويه: وقالوا
قَعَدَ البَتَّةَ مصدر مُؤَكِّد، ولا يُستعمل إِلا بالأَلف واللام. ويقال:
لا أَفْعَلُه بَتَّةً، ولا أَفعلهُ البَتَّةَ، لكل أَمرٍ لا رَجْعة فيه؛
ونَصْبُه على المصدر. قال ابن بري: مذهب سيبويه وأَصحابه أَن البَتَّةَ
لا تكون إِلاَّ معرفة البَتَّةَ لا غَيْرُ، وإِنما أَجازَ تَنْكِيرَه
الفراءُ وَحْدَه، وهو كوفيٌّ.
وقال الخليل بن أَحمد: الأُمورُ على ثلاثة أَنحاءٍ، يعني على ثلاثة
أَوجه: شيءٌ يكون البَتَّةَ، وشيءٌ لا يكونُ البَتَّةَ، وشيءٌ قد يكون وقد لا
يكون. فأَما ما لا يكون، فما مَضَى من الدهر لا يرجع؛ وأَما ما يكون
البَتَّة، فالقيامةُ تكون لا مَحالة؛ وأَما شيءٌ قد يكون وقد لا يكون،
فمِثْل قَدْ يَمْرَضُ وقد يَصِحُّ.
وبَتَّ عليه القضاءَ بَتّاً، وأَبَتَّه: قطعه.
وسكرانُ ما يَبُتُّ كلاماً أَي ما يُبَيِّنُه. وفي المحكم: سَكْرانُ ما
يَبُتُّ كلاماً، وما يَبِتُّ، وما يُبِتُّ أَي ما يقطعه. وسكرانُ باتٌّ:
مُنْقَطِعٌ عن العمل بالسُّكْر؛ هذه عن أَبي حنيفة. الأَصمعي: سكرانُ ما
يَبُتُّ أَي ما يَقْطَعُ أَمْراً؛ وكان ينكر يُبِتُّ؛ وقال الفراءُ: هما
لغتان، يقال بَتَتُّ عليه القضاءَ، وأَبْتَتُّه عليه أَي قَطَعْتُه.
وفي الحديث: لا صِيامَ لمن لم يُبِتَّ الصيامَ من الليل؛ وذلك من
الجَزْم والقَطْع بالنية؛ ومعناه: لا صِيامَ لمن لم يَنْوِه قبل الفجر،
فيَجْزِمْه ويَقْطَعْه من الوقت الذي لا صَوْم فيه، وهو الليل؛ وأَصله من البَتّ
القَطْعِ؛ يقال: بَتَّ الحاكمُ القضاءَ على فلان إِذا قَطَعه وفَصَلَه،
وسُمِّيَتِ النيَّةُ بَتّاً لأَنها تَفْصِلُ بين الفِطْرِ والصوم. وفي
الحديث: أَبِتُّوا نكاحَ هذه النساءِ أَي اقْطَعُوا الأَمْر فيه،
وأَحْكِمُوه بشرائطه، وهو تَعْريضٌ بالنهي عن نكاح المُتْعةِ، لأَِنه نكاحٌ غير
مَبْتُوتٍ، مُقَدَّرٌ بمدّة. وفي حديث جُوَيريةَ، في صحيح مسلم: أَحْسِبُه
قال جُوَيرية أَو البَتَّةُ؛ قال: كأَنه شك في اسمها، فقال: أَحْسِبُه
جُوَيرية، ثم استدرك فقال: أَو أَبُتُّ أَي أَقْطَعُ أَنه قال جُوَيرية، لا
أَحْسِبُ وأَظُنُّ.
وأَبَتَّ يَمينَه: أَمْضاها.
وبَتَّتْ هي: وجَبَتْ، تَبُتُّ بُتُوتاً، وهي يَمين بَاتَّةٌ.
وحَلَفَ على ذلك يميناً بَتاً، وبَتَّةً، وبَتَاتاً: وكلُّ ذلك من
القَطْع؛ ويقال: أَعْطَيْتُه هذه القَطيعَةَ بَتّاً بَتْلاً. والبَتَّةُ
اشتقاقُها من القَطْع، غير أَنه يُستعمل في كل أَمْرٍ يَمضي لا رَجْعَةَ فيه،
ولا الْتِواءَ. وأَبَتَّ الرجلُ بعيرَه من شِدَّة السَّير، ولا تُبِتَّه
حتى يَمْطُوَه السَّيرُ؛ والمَطْوُ: الجِدُّ في السَّير.
والانْبِتاتُ: الانقِطاعُ.
ورجل مُنْبَتٌّ أَي مُنْقَطَعٌ به. وأَبَتَّ بعيرَه: قَطَعَه بالسير.
والمُنْبَتُّ في حديث الذي أَتْعَبَ دابَّتَه حتى عَطِبَ ظَهْرُه، فبَقِي
مُنْقَطَعاً به؛ ويقال للرجل إِذا انْقَطع في سفره، وعَطِبَتْ راحلَتُه:
صار مُنْبَتّاً؛ ومنه قول مُطَرَّفٍ: إِنَّ المُنْبَتَّ لا أَرْضاً قَطَع،
ولا ظَهْراً أَبْقى.
غيره: يقال للرجل إِذا انْقُطِعَ به في سَفَرِه، وعَطِبَتْ راحِلَتُه:
قد انْبَتَّ من البَتِّ القَطْعِ، وهو مُطاوِعُ بَتَّ؛ يقال: بَتَّه
وأَبَتَّه، يريد أَنه بقي في طريقه عاجزاً عن مَقْصِدِهِ، ولم يَقْضِ وَطَرَه،
وقد أَعْطَب ظَهْرَه. الكسائي: انْبَتَّ الرجلُ انْبِتاتاً إِذا
انْقَطَعَ ماءُ ظَهْره؛ وأَنشد:
لقد وَجَدْتُ رَثْيَةً من الكِبَرْ،
عند القيامِ، وانْبِتاتاً في السَّحَرْ
وبَتَّ عليه الشهادةَ، وأَبَتَّها: قَطَع عليه بها، وأَلزمه إِياها.
وفلانٌ على بَتاتِ أَمرٍ إِذا أَشرف عليه؛ قال الراجز:
وحاجةٍ كنتُ على بَتاتِها
والباتُّ: المَهْزُول الذي لا يقدر أَن يقوم. وقد بَتَّ يَبِتُّ
بُتُوتاً. ويقال للأَحْمق المَهْزولِ: هو باتٌّ. وأَحْمَقُ باتٌّ: شَديدُ
الحُمْق. قال الأَزهري: الذي حَفِظْناه عن الثِّقاتِ أَحْمَقُ تابٌّ مِن
التَّبَابِ، وهو الخَسارُ، كما قالوا أَحْمَقُ خاسِرٌ، دابرٌ، دامِرٌ.
وقال الليث: يقال انقطع فلانٌ عن فلانٍ، فانْبَتَّ حَبْلُه عنه أَي
انقطع وِصالُه وانْقَبض؛ وأَنشد:
فَحَلَّ في جُشَمٍ، وانْبَتَّ مُنْقَبِضاً
بحَبْلهِ، من ذَوِي الغُرِّ الغَطاريفِ
ابن سيده: والبَتُّ كِساءٌ غليظٌ، مُهَلْهَلٌ، مُرَبَّع، أَخْضرُ؛ وقيل:
هو من وَبَرٍ وصُوفٍ، والجمع أَبُتٌّ وبِتاتٌ. التهذيب: البَتُّ ضرْبٌ
من الطَّيالِسة، يسمّى السَّاجَ، مُرَبَّعٌ، غليظ، أَخضر، والجمع:
البُتُوتُ. الجوهري: البَتُّ الطَّيْلَسانُ مِن خَزٍّ ونحوه؛ وقال في كِساءٍ من
صُوف:
مَن كان ذا بَتٍّ، فهذا بَتِّي
مُقيِّظٌ، مُصَيِّفٌ، مُشَتِّي،
تَخِذْتُه من نَعَجاتٍ سِتِّ
والبَتِّيُّ الذي يَعْمله أَو يبيعه، والبتَّاتُ مثلُه.
وفي حديث دار النَّدْوة وتَشاوُرِهم في أَمر النبي، صلى اللَّه عليه
وسلم: فاعترضهم إِبليس في صورة شيخ جليل عليه بَتٌّ أَي كساءٌ غليظ
مُرَبَّعٌ، وقيل: طَيْلَسان من خَزٍّ.
وفي حديث عليٍّ، عليه السلام: أَن طائفة جاءَت إِليه، فقال لقَنْبر:
بَتِّتْهمهم أَي أَعْطِهم البُتُوتَ. وفي حديث الحسن، عليه السلام: أَينَ
الذين طَرَحُوا الخُزُوزَ والحِبَراتِ، ولَبِسُوا البُتُوتَ والنِّمَرَاتِ؟
وفي حديث سُفْيان: أَجِدُ قَلْبي بين بُتُوتٍ وعَباءٍ. والبَتَاتُ:
متاعُ البيت. وفي حديث النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، أَنه كَتَبَ لحارثة بنِ
قَطَنٍ ومَن بدُومةِ الجَنْدَل من كَلْب: إِنَّ لنا الضاحِيَةَ من
البَعْلِ، ولكم الضامنةُ من النَّخْلِ، ولا يُحْظَرُ عليكم النَّباتُ، ولا
يؤْخذ منكم عُشْرُ البَتاتِ؛ قال أَبو عبيد: لا يُؤْخَذ منكم عُشْر البَتاتِ،
يعني المتاع ليس عليه زكاة، مما لا يكون للتجارة. والبَتاتُ: الزادُ
والجِهَازُ، والجمع أَبِتَّةٌ؛ قال ابن مُقبل في البَتاتِ الزَّادِ:
أَشَاقَكَ رَكْبٌ ذو بَتاتٍ، ونِسْوةٌ
بِكِرْمانَ، يُغْبَقْنَ السَويقَ المُقَنَّدَا
وبَتَّتُوه: زَوَّدُوه. وتَبَتَّتَ: تَزَوَّدَ وتمَنَّعَ. ويقال: ما لَه
بَتاتٌ أَي ما لَه زادٌ؛ وأَنشد:
ويَأْتِيكَ بالأَنْباءِ مَنْ لم تَبِعْ له
بَتاتاً، ولم تَضْرِبْ له وَقْتَ مَوْعِدِ
وهو كقوله:
ويأْتيكَ بالأَخْبارِ مَنْ لم تُزَوِّدِ
أَبو زيد: طَحَنَ بالرَّحَة شَزْراً، وهو الذي يَذْهَبُ بالرَّحَى عن
يمينه، وبَتّاً، ابْتَدَأَ إِدارَتها عن يساره؛ وأَنشد:
ونَطْحَنُ بالرَّحَى شَزْراً وبَتّاً،
ولو نُعْطَى المَغازِلَ، ما عَيينَا
ورض: ورَّضَتِ الدَّجاجةُ: رَخَّمَت على البيض ثم قامت فباضَتْ بمرّة،
وفي الصحاح: قامت فذَرَقَتْ بمرّة واحدة ذَرْقاً كثيراً، وكذلك
التَّوْرِيضُ في كل شتيء؛ قال أَبو منصور: وهذا تصحيف والصواب ورَّصَتْ، بالصاد.
وروى الأَزهري بسنده عن الفراء قال: ورَّضَ الشيخُ، بالضاد، إِذا اسْتَرْخى
حِتارُ خَوْرانِه فأَبْدى. قال أَبو العباس: وقال ابن الأَعرابي أَورَضَ
ووَرَّضَ إِذا رَمى بغائطِه وأَخرجه بمرة، وأَما التوْرِيص، بالصاد، فله
معنى غير ما ذكره الليث. ابن الأَعرابي: المُوَرِّضُ الذي يرْتادُ
الأَرض ويطلب الكلأَ؛ وأَنشد لابن الرِّقاعِ:
حَسِبَ الرَّائدُ المُوَرِّضُ أَنْ قد
دَرَّ منها بكلِّ نَبْءٍ صِوارُ
دَرَّ أَي تفرّق. والنَّبء: ما نَبا من الأَرض. ويقال: نويت الصومَ
وأَرَّضْتُه وورَّضْتُه ورَمَّضْتُه وبَيَّتُّه وخَمَّرْتُه ورَسَّسْتُه
بمعنى واحد. وفي الحديث: لا صِيامَ لمن لم يُوَرِّضْ من الليل أَي لم يَنْوِ.
يقال: ورَّضْتُ الصومَ إِذا عزمت عليه، قال أَبو منصور: وأَحسب الأَصل
فيه مهموزاً ثم قلبت الهمزة واواً.
بهت: بَهَتَ الرجلَ يَبْهَتُه بَهْتاً، وبَهَتاً، وبُهْتاناً، فهو
بَهَّات أَي قال عليه ما لم يفعله، فهو مَبْهُوتٌ. وبَهَتَه بَهْتاً: أَخذه
بَغْتَةً. وفي التنزيل العزيز: بل تأْتيهم بَغْتَةً فتَبْهَتُهم؛ وأَما قول
أَبي النجم:
سُبِّي الحَماةَ وابْهَتِي عليها
(* قوله «وابهتي عليها» قال الصاغاني
في التكملة: هو تصحيف وتحريف، والرواية وانهتي عليها، بالنون من النهيت
وهو الصوت اهـ.»
فإِنَّ على مقحمة، لا يقال بَهَتَ عليه، وإِنما الكلامُ بَهَتَه؛
والبَهِيتَةُ البُهْتانُ. قال ابن بري: زعم الجوهري أَنَّ على في البيت مقحمة
أَي زائدة؛ قال: إِنما عَدَّى ابْهَتي بعلى، لأَنه بمعنى افتَرِي عليها.
والبُهْتانُ: افتراءٌ. وفي التنزيل العزيز: ولا يَأْتِينَ ببُهْتانٍ
يَفْتَرِينَه؛ قال: ومثله مما عُدِّيَ بحرف الجَرِّ، حملاً على معنى فِعْل
يُقاربه بالمعنى، قوله عز وجلّ: فلْيَحْذَرِ الذين يُخالِفُون عن أَمره؛
تقديره: يَخْرُجون عن أَمره، لأَنَّ المُخالفة خروجٌ عن الطاعة. قال: ويجب
على قول الجوهري أَنْ تجعل عن في الآية زائدةً، كما جعل على في البيت
زائدة، وعن وعلى ليستا مما يزاد كالباء.
وباهَتَه: اسْتقْبله بأَمر يَقْذِفُه به، وهو منه بريء، لا يعلمه
فَيَبْهَتُ منه، والاسم البُهْتانُ.
وبَهَتُّ الرجلَ أَبْهَتُهُ بَهْتاً إِذا قابلته بالكذب. وقوله عز وجلّ:
أَتأْخُذُونه بُهْتاناً وإِثماً مُبِيناً؛ أَي مُباهِتين آثِمِين. قال
أَبو إِسحق: البُهْتانُ الباطلُ الذي يُتَحَيَّرُ من بُطْلانِه، وهو من
البَهْتِ التَّحَيُّر، والأَلف والنون زائدتان، وبُهْتاناً موضعُ المصدر،
وهو حال؛ المعنى: أَتأْخذونه مُباهِتين وآثِمِين؟
وبَهَتَ فلانٌ فلاناً إِذا كَذَب عليه، وبَهِتَ وبُهِتَ إِذا تَحَيَّر.
وقولُه عز وجل: ولا يأْتينَ ببُهْتانٍ يَفْتَرينه؛ أَي لا يأْتين بولد عن
معارضة من غير أَزواجهنّ، فيَنْسُبْنه إِلى الزوج، فإِن ذلك بُهْتانٌ
وفِرْيةٌ؛ ويقال: كانت المرأَةُ تَلْتَقِطُه فتَتَبَنَّاه. وقال الزجاج في
قوله: بل تأْتيهم بَغْتَةً فتَبْهَتُهم؛ قال: تُحَيِّرُهم حين تَفْجأُهم
بَغْتةً.
والبَهُوتُ: المُباهِتُ، والجمع بُهُتٌ وبُهوتٌ؛ قال ابن سيده: وعندي
أَن بُهُوتاً جمع باهِت، لا جمع بَهُوت، لأَن فاعِلاً مما يجمع على فُعُول،
وليس فُعُولٌ مما يُجْمَع عليه. قال: فأَما ما حكاه أَبو عبيد، مِن أَن
عُذُوباً جمع عَذُوبٍ فغَلَطٌ، إِنما هو جمع عاذِبٍ، فأَما عَذوبٌ، فجمع
عُذُبٌ.
والبُهْتُ والبَهِيتَةُ: الكَذِبُ. وفي حديث الغِيبةِ: وإِن لم يكن فيه
ما نقول، فقد بَهَتَّه أَي كذَبْتَ وافْتَرَيْتَ عليه. وفي حديث ابن
سَلام في ذكر اليهود: أَنهم قومٌ بُهْتٌ؛ قال ابن الأَثير: هو جمع بَهُوتٍ،
مِن بناء المبالغة في البَهْتِ، مثل صَبُورٍ وصُبُرٍ، ثم يسكن تخفيفاً.
والبَهْتُ: الانقطاعُ والحَيْرَة. رأَى شيئاً فبُهِتَ: يَنْظُرُ نَظَر
المُتَعَجِّب؛ وأَنشد:
أَأَنْ رأَيْتَ هامَتِي كالطَّسْتِ،
ظَلِلْتَ تَرْمِيني بقَوْلٍ بُهْتِ؟
وقد بَهُتَ وبَهِتَ وبُهِتَ الخَّصْمُ: اسْتَوْلَتْ عليه الحجَّة. وفي
التنزيل العزيز: فبُهِتَ الذي كَفَر؛ تأْويلُه: انْقَطَع وسكتَ متحيراً
عنها. ابن جني: قرأَه ابن السَّمَيْفَع: فبَهَتَ الذي كفر؛ أَراد فبَهَتَ
إِبراهيمُ الكافرَ، فالذي على هذا في موضع نصب. قال: وقرأَه ابن حَيْوَةَ
فبَهُتَ، بضم الهاء، لغة في بَهِتَ. قال: وقد يجوز أَن يكون بَهَتَ،
بالفتح، لغةً في بَهِتَ. قال: وحكى أَبو الحسن الأَخفشُ قراءة فبَهِتَ،
كَخَرِقَ، ودَهِشَ؛ قال: وبَهُتَ، بالضم، أَكثر من بَهِتَ، بالكسر، يعني أَن
الضمة تكون للمبالغة، كقولهم لَقَضُوَ الرجلُ. الجوهري: بَهِتَ الرجلُ،
بالكسر، وعَرِسَ وبَطِرَ إِذا دَهِشَ وَتحَيَّر. وبَهُتَ، بالضم، مثله،
وأَفصحُ منهما بُهِتَ، كما قال عز وجل: فبُهِتَ الذي كَفَر؛ لأَِنه يقال رجل
مَبْهُوتٌ، ولا يقال باهِتٌ، ولا بَهِيتٌ.
وبَهَتَ الفَحْلَ عن الناقة: نَحّاه ليَحْمِلَ عليها فَحْلٌ أَكرمُ منه.
ويقال: يا لِلْبَهِيتَةِ، بكسر اللام، وهو استغاثة. والبَهْتُ: حِسابٌ
من حِسابِ النجوم، وهو مَسيرها المُسْتوي في يوم؛ قال الأَزهري: ما أُراه
عَرَبياً، ولا أَحْفَظُه لغيره. والبَهْتُ: حَجَرٌ معروف.