Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=63988#cd7b16
(الــبواق) النافخ فِي البوق
بوق: البائقةُ: الداهِيةُ. وداهيةٌ بَؤُوق: شديدة. باقَتْهم الداهِيةُ
تَبُوقُهم بَوْقاً، بالفتح، وبْؤوقاً: أصابتهم، وكذلك باقَتهم، بَؤوقٌ على
فَعُول. وفي الحديث: ليس بمؤْمِن من لا يأْمَنُ جارُه بوائقَه، وفي
رواية: لا يدخُل الجنةَ من لا يأْمَن جارُه بَوائقَه؛ قال الكسائي وغيره:
بوائقُه غَوائلُه وشرُّه أو ظُلْمه وغَشَمُه. وفي حديث المغيرة: يَنامُ عن
الحَقائق ويَسْتَيْقِظ للبَوائقِ. ويقال للداهِية والبَلِيّة تنزل بالقوم:
أَصابتهم بائقة. وفي حديث آخر: اللهم إِنيِ أََعوذ بك من بَوائقِ الدهر.
قال الكسائي: باقَتْهم البائقة تَبُوقهم بَوْقاً أصابتهم، ومثله
فَقَرَتْهم الفاقِرةُ، وكذلك باقَتهم بَؤوق، على فعول؛ وأَنشد ابن بري لزُغْبةَ
الباهِليّ وكُنْيته أَبو شفيق، وقيل جَزْء بن ربَاحٍ الباهِليّ:
تَراها عند قُبَّتِنا قَصيراً،
ونَبْذُلُها إذا باقَتْ بَؤُوقُ
وأَول القصيدة:
أَنَوْراً سَرْعَ ماذا يا فَرُوقُ
ويقال: باقُوا عليه قتلوه، وانْباقُوا به ظلَموه. ابن الأَعرابي: باقَ
إذا هجَم على قوم بغير إِذنهم، وباقَ إِذا كذب، وباق إِذا جاء بالشَّر
والخُصومات. ابن الأَعرابي: يقال باقَ يَبُوق بَوْقاً إذا جاءَ بالبُوقِ،
وهو الكذبُ السُّماقُ؛ قال الأَزهري: وهذا يدلّ على أنَّ الباطل يسمى
بُوقاً، والبُوقُ: الباطل؛ قال حسَّان بن ثابت يَرْثي عثمان، رضي الله
عنهما:يا قاتَلَ اللهُ قَوْماً كان شأْنُهُمُ
قَتْلَ الإمامِ الأَمين المُسْلمِ الفَطِنِ
ما قَتَلُوه على ذَنْب ألمَّ به،
إلاَّ الذي نطَقُوا بُوقاً، ولم يَكُنِ
قال شمر: لم أَسمع البُوق في الباطِل إلا هنا ولم يُعْرَف بيتُ حسَّان.
وباقَ الشيءُ بُوقاً: غاب، وباقَ بُوقاً: ظهر، ضدّ. وباقت السفينة
بَوْقاً وبُؤُوقاً: غَرِقَت، وهو ضدّ.
والبَوْقُ والبُوق والبُوقةُ: الدُّفْعة المُنكَرة من المطر، وقد
انْباقَتْ. الأَصمعي: أَصابتْنا بُوقة منكرة وبُوقٌ وهي دُفعة من المطر
انْبَعَجَتْ ضَرْبةً؛ قال رؤبة:
من باكِر الوَسْميِّ نَضّاحِ البُوَقْ
ويقال: هي جمع بُوقةٍ مثل أَوقةٍ وأُوَقٍ، ويقال: أَصابهم بُوق من
المطر، وهو كثرته.
وانْباقتْ عليهم بائقةُ شرّ مثل انْباجَت أَي انفَتَقَتْ. وانباقَ عليهم
الدَّهرُ أَي هجَم عليهم بالدَّاهية كما يخرج الصوتُ من البُوق. وتقول:
دَفَعْت عنك بائقةَ فلان. والبَوْقُ من كل شيء: أَشدُّه. وفي المثل:
مُخْرَنْبِقٌ ليَنْباقَ أَي ليَنْدَفِع فيُظهِر ما في نفْسه.
والباقةُ من البَقْل: حُزمة منه.
والبُوقة: ضَرْب من الشجر دَقِيق شديد الالتواء. الليث: البُوقةُ شجرة
من دِقّ الشجر شديدة الالتواء. والبُوقُ: الذي يُنْفَخ فيه ويُزْمَر؛ عن
كراع؛ وأَنشد الأَصمعي:
زَمْرَ النصارَى زَمَرَتْ في البُوقِ
وأَنشد ابن بري للعَرْجِيّ:
هَوَوْا لنا زُمَراً من كل ناحِيةٍ،
كأنَّما فَزِعُوا من نَفْخةِ البُوقِ
والبُوقُ: شِبه مِنْقافٍ مُلْتَوِي الخَرْق يَنْفخ فيه الطّحّان فيعلو
صوته فيُعلم المُراد به. قال ابن دريد: لا أَدري ما صحته. ويقال للإنسان
الذي لا يكتُم السِّر: إِنما هو بُوق.
بقي: في أَسماء الله الحسنى الباقي: هو الذي لا ينتهي تقدير وجوده في
الإستقبال إلى آخر ينتهي إليه، ويعبر عنه بأَنه أَبديّ الوجود. والبَقاء:
ضدّ الفَناء، بَقِيَ الشيءُ يَبْقَى بَقاءً وبَقَى بَقْياً، الأَخيرةُ لغة
بلحرث بن كعب، وأَبقاه وبَقَّاه وتَبَقَّاه واسْتَبْقاه، والاسم
البَقْيَا والبُقْيَا. قال ابن سيده: وأَرى ثعلباً قد حكى البُقْوَى، بالواو وضم
الباء. والبَقْوَى والبَقْيا: إسمان يوضعان موضع الإبْقاء، إن قيل: لم
قلبت العرب لام فَعْلَى إذا كانت اسماً وكان لامها ياء واواً حتى قالوا
البَقْوَى وما أَشبه ذلك نحو التَّقْوَى والعَوَّى
(* قوله «العوَّى» هكذا
في الأصل والمحكم)؟ فالجواب: أَنهم إنما فعلوا ذلك في فَعْلى لأَنهم قد
قلبوا لام الفُعْلَى، إذا كانت اسماً وكانت لامها واواً، ياء طلباً للخفة،
وذلك نحو الدُّنْيا والعُلْيا والقُصْيا، وهي من دَنَوْتُ وعَلَوْتُ
وقَصَوْت، فلما قلبوا الواو ياء في هذا وفي غيره مما يطول تعداده عوَّضوا
الواو من غلبة الياء عليها في أَكثر المواضع بأَن قلبوها في نحو البَقْوَى
والثَّنْوَى واواً، ليكون ذلك ضرباً من التعويض ومن التكافؤ بينهما. وبقي
الرجلُ زماناً طويلاً أَي عاش وأَبقاه الله. الليث: تقول العرب
(* قوله
«الليث تقول العرب إلخ» هذه عبارة التهذيب وقد سقط منها جملة في كلام
المصنف ونصها: تقول العرب نشدتك الله والبقيا وهي البقية، أبو عبيد عن
الكسائي قال: البقوى والبقيا هي الإبقاء مثل الرعوى إلخ). نَشَدْتُك الله
والبُقْيَا؛ هو الإبقاء مثل الرَّعْوى والرُّعْيا من الإرْعاء على الشيء، وهو
الإبْقاء عليه. والعرب تقول للعدوّ إذا غَلَبَ: البَقِيَّةَ أَي
أَبْقُوا علينا ولا تستأْصلونا؛ ومنه قول الأَعشى:
قالوا البَقِيَّة والخَطِّيُّ يأْخُذُهم
وفي حديث النجاشي والهجرة: وكان أَبْقَى الرجلين فينا أَي أَكثر إبقاء
على قومه، ويروى بالتاء من التُّقى. والباقِيةُ توضع موضع المصدر. ويقال:
ما بَقِيَتْ منهم باقِيةٌ
ولا وَقاهم الله من واقِيَة. وفي التنزيل العزيز: فهل تَرى لهم من
باقية؛ قال الفراء: يريد من بَقاء. ويقال: هل ترى منهم باقياً، كل ذلك في
العربية جائز حسن، وبَقِيَ من الشيء بَقِيَّةٌ. وأَبْقَيْتُ على فلان إذا
أَرْعَيْتَ عليه ورَحِمْتَه. يقال: لا أَبْقَى اللهُ عليك إن أَبْقَيْتَ
عليَّ، والإسم البُقْيَا؛ قال اللَّعِين:
سَأَقْضِي بين كَلْبِ بَني كُلَيْبٍ،
وبَيْنَ القَيْنِ قَيْنِ بَني عِقَالِ
فإنَّ الكلبَ مَطْعَمُه خَبيثٌ،
وإنَّ القَيْنَ يَعْمَلُ في سِفَالِ
فما بُقْيَا عليّ ترَكْتُماني،
ولكنْ خِفْتُما صَرَدَ النِّبالِ
وكذلك البَقْوى، بفتح الباء. ويقال: البُقْيَا والبَقْوَى كالفُتْيا
والفَتْوَى؛ قال أَبو القَمْقام الأَسَدِيُّ:
أُذَكِّرُ بالبَقْوَى على ما أَصابَني،
وبَقْوايَ أَنِّي جاهِدٌ غَير مُؤتَلي
واسْتَبْقَيتُ من الشيء أَي تركت بعضه. واسْتبقاه: اسْتَحْياه، وطيِّءٌ
تقول بَقَى وبَقَتْ مكان بَقِيَ وبَقيَتْ، وكذلك أَخواتها من المعتل؛ قال
البَولاني:
تَسْتَوْقِدُ النَّبْلَ بالحَضِيضِ، وتَصْـ
ـطادُ نُفُوساً بُنَتْ على الكَرَمِ
أَي بُنِيَتْ، يعني إذا أَخطأَ يُورِي النارَ. والبقيَّةُ: كالبَقْوَى.
والبِقيَّة أَيضاً: ما بقي من الشيء. وقوله تعالى: بَقِيَّةُ الله خير
لكم. قال الزجاج: معناه الحالُ التي تبقى لكم من الخير خير لكم، وقيل: طاعة
الله خير لكم. وقال الفراء: يا قوم ما أُبقي لكم من الحلال خير لكم،
قال: ويقال مراقبة الله خير لكم. الليث: والباقي حاصل الخَراج ونحوه، ولغة
طيء بَقَى يَبْقى، وكذلك لغتهم في كل ياء انكسر ما قبلها، يجعلونها أَلفاً
نحو بَقَى ورَضَى وفَنَى؛ وقوله عز وجل: والباقياتُ الصالحاتُ خير عند
ربك ثواباً؛ قيل: الباقيات الصالحات الصلوات الخمس، وقيل هي الأَعمال
الصالحة كلها، وقيل: هي سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أَكبر.
قال: والباقيات الصالحات، والله أَعلم، كل عمل صالح يَبْقَى ثوابه.
والمُبْقِياتُ من الخيل: التي يَبْقَى جَريُها بعد انقطاع جَرْي الخيل؛
قال الكَلْحَبةُ اليَرْبوعِيُّ:
فأَدْرَكَ إبْقاءَ العَرادَةِ ظَلْعُها،
وقد جَعَلَتْني من حزِيمةَ إصْبَعا
وفي التهذيب: المُبْقِياتُ من الخيل هي التي تُبْقِي بعضَ جَريها
تَدَّخِره. والمُبْقِياتُ: الأَماكن التي تُبقِى ما فيها من مناقع الماء ولا
تشربه؛ قال ذو الرمة:
فلما رَأَى الرَّائي الثُّرَيَّا بسُدْفةٍ،
ونَشَّتْ نِطافُ المُبْقِياتِ الوقائع
واسْتَبْقى الرجلَ وأَبقى عليه: وجب عليه قتل فعفا عنه. وأَبْقيْتُ ما
بيني وبينهم: لم أُبالغ في إفساده، والإسم البَقِيَّةُ؛ قال:
إنْ تُذْنِبُوا ثم تأْتِيني بَقِيَّتُكم،
فما عليَّ بذَنْبٍ منكُم فَوْتُ
أَي إبقاؤكم: ويقال: اسْتَبْقَيْتُ فلاناً إذا وجب عليه قتل فعفوت عنه.
وإذا أَعطيت شيئاً وحَبَسْتَ بعضَه قلت: استبقيت بعضه. واسْتَبْقَيْتُ
فلاناً: في معنى العفو عن زلله واسْتِبْقاء مودَّته؛ قال النابغة:
ولَسْتَ بمُسْتَبْقِ أَخاً لا تَلُمُّه
على شَعَثٍ، أَيُّ الرجالِ المُهَذَّبُ؟
وفي حديث الدعاء: لا تُبْقِي على من يَضْرَعُ إليها، يعني النار. يقال:
أَبْقَيْت عليه أُبْقِي إبْقاءً إذا رحمته وأَشفقت عليه. وفي الحديث:
تَبَقَّهْ وتوَقَّهْ؛ هو أَمر من البقاء والوِقاء، والهاء فيهما للسكت، أَي
اسْتَبْق النفسَ ولا تُعَرِّضْها للهَلاك وتحرّز من الآفات. وقوله تعالى:
فلولا كان من القرون من قبلكم أُولو بَقِيَّة ينهون عن الفساد؛ معناه
أُولو تمييز، ويجوز أُولوا بقية أُولو طاعة؛ قال ابن سيده: فسر بأَنه
الإبقاء وفسر بأَنه الفَهْم، ومعنى البَقِيَّة إذا قلت فلان بَقِيَّة فمعناه
فيه فَضْل فيما يُمْدَحُ به، وجمع البَقِيَّة بقايا. وقال القتيبي: أُولو
بَقِيَّة من دِينِ قوم لهم بَقِيَّة إذا كانت بهم مُسْكَة وفيهم خير. قال
أَبو منصور: البَقيَّة اسم من الإبْقاء كأَنه أَراد، والله أَعلم، فلولا
كان من القرون قوم أُولوا إبقاء على أَنفسهم لتمسكهم بالدين المرضي،
ونصب إلا قليلاً لأَن المعنى في قوله فلولا كان فما كان، وانتصاب قليلاً على
الانقاع من الأَول. والبُقْيَا أَيضاً: الإبْقاءُ؛ وقوله أَنشده ثعلب:
فلولا اتِّقاءُ الله بُقْيايَ فيكما،
لَلُمْتُكما لَوْماً أَحَرَّ من الجَمْرِ
أَراد بُقْيايَ عليكما، فأَبدل في مَكانَ على، وأَبدل بُقْيايَ من اتقاء
الله. وبَقَاهُ بَقْياً: انتظره ورَصَدَه، وقيل: هو نظرك إليه؛ قال
الكُمَيْت وقيل هو لكثير:
فما زلْتُ أَبْقِي الظُّعْنَ، حتى كأَنها
أَواقِي سَدىً تَغْتالهُنَّ الحَوائِكُ
يقول: شبهت الأَظْعَان في تباعدها عن عيني ودخولها في السراب بالغزل
الذي تُسْديه الحائكةُ فيتناقص أَوَّلاً فأَوّلاً. وبَقَيْتُه أَي نظرت
إليها وترقبته. وبَقِيَّةُ الله: انتظارُ ثوابه؛ وبه فسر أَبو عليّ قوله:
بقيةُ الله خير لكم إن كنتم مؤمنين، لأَنه وإنما ينتظر ثوابه من آمن به.
وبَقِيَّةُ: اسم. وفي حديث معاذ: بَقَيْنا رسولَ الله وقد تأَخر لصلاة
العَتَمة، وفي نسخة: بَقَيْنا رسولَ الله في شهر رمضان حتى خَشينا فوتَ
الفَلاح أَي انتظرناه. وبَقَّيْتُه، بالتشديد، وأَبقيَته وتَبَقَّيْتُه كله
بمعنى. وقال الأَحمر في بَقَيْنا: انتظرنا وتبصرنا؛ يقال منه: بَقَيْتُ
الرجلَ أَبْقِيه أَي انتظرته ورَقَبْتُه؛ وأَنشد الأَحمر:
فهُنَّ يَعْلُكْنَ حَدائداتِها،
جُنْحُ النَّواصِي نَحْوَ أَلْوِياتِها،
كالطَّير تَبقي مُتَداوِِماتِها
يعني تنظر إليها. وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما، وصلاة الليل:
فبَقَيْتُ كيف يصلي النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، وفي رواية: كراهة أَن
يَرَى أَني كنت أَبْقِيه أَي أَنْظُره وأَرْصُده. اللحياني: بَقَيْتُه
وبَقَوْتُه نظرت إليه، وفي المحكم: بَقَاه بعينه بَقَاوَةً نظر إليه؛ عن
اللحياني. وبَقَوْتُ الشيءَ: انتظرته، لغة في بَقَيْتُ، والياء أَعلى.
وقالوا: ابْقُهْ بَقْوَتَك مالَك وبَقَاوَتَك مالَك أَي احفظه حفْظَك
مالَك.
نوب: نابَ الأَمْرُ نَوْباً ونَوبةً: نزَلَ.
ونابَتْهم نَوائبُ الدَّهْر. وفي حديث خَيْبَر: قسَمها نِصْفَينِ:
نِصْفاً لنَوائِـبِه وحاجاتِه، ونِصفاً بين المسلمين. النَّوائِبُ: جمع
نائبةٍ، وهي ما يَنُوبُ الإِنسانَ أَي يَنْزِلُ به من الـمُهمَّات
والـحَوادِثِ. والنَّائِـبَةُ: الـمُصيبةُ، واحدةُ نوائبِ الدَّهْر. والنائبة:
النازلةُ، وهي النَّوائِبُ والنُّوَبُ، الأَخيرةُ نادرة. قال ابن جني: مَجِـيءُ فَعْلةٍ على فُعَلٍ، يُرِيكَ كأَنها إِنما جاءَتْ عندهم من فُعْلَة،
فكأَنَّ نَوْبَةً نُوبَةٌ، وإِنما ذلك لأَن الواو مما سبيله أَن يأْتي
تابعاً للضمة؛ قال: وهذا يؤَكد عندك ضعف حروف اللين الثلاثة، وكذلك القولُ في دَوْلَةٍ وجَوبةٍ، وكلٌّ منهما مذكور في موضعه. ويقال: أَصبَحْتَ لا نَوْبةَ لك أَي لا قُوَّة لك؛ وكذلك: ترَكْتُه لا نَوْبَ له أَي لا قُوَّةَ له.
النضر: يقال للـمَطَرِ الجَوْد: مُنِـيبٌ، وأَصابنا رَبيعٌ صِدْقٌ مُنِـيبٌ، حَسَنٌ، وهو دون الجَوْدِ. ونِعْمَ الـمَطَرُ هذا إِن كان له تابعةٌ
أَي مَطْرةٌ تَتْبَعه.
ونابَ عني فلانٌ يَنُوبُ نَوْباً ومَناباً أَي قام مقامي؛ ونابَ عَني في
هذا الأَمْرِ نيابةً إِذا قام مقامَك. والنَّوْب: اسم لجمع نائبٍ، مثلُ زائرٍ وزَوْرٍ؛ وقيل هو جمع. والنَّوْبةُ: الجماعةُ من الناس؛ وقوله أَنشده ثعلب:
انْقَطَع الرِّشاءُ، وانحَلَّ الثَّوْبْ، * وجاءَ من بَناتِ وَطَّاءِ النَّوْبْ،
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون النَّوْبُ فيه من الجمع الذي لا يُفارق واحدَه إِلاَّ بالهاءِ، وأَن يكون جمعَ نائبٍ، كزائرٍ وزَوْرٍ، على ما تَقَدَّم.
ابن شميل: يقال للقوم في السَّفَر: يَتَناوبونَ،
ويَتَنازَلُونَ، ويَتَطاعَمُون أَي يأْكلون عند هذا نُزْلةً وعند هذا نُزْلةً؛ والنُّزْلةُ: الطعامُ يَصْنَعه لهم حتى يشبعوا؛ يقال: كان اليومَ على فلان نُزْلَتُنا، وأَكلْنا عنده نُزْلَتَنا؛ وكذلك النَّوْبة؛ والتَّناوُبُ على كل واحدٍ منهم نَوْبةٌ يَنُوبُها أَي طعامُ يومٍ، وجمعُ النَّوْبةِ نُوَبٌ. والنَّوْبُ: ما كان منك مَسيرةَ يومٍ وليلةٍ، وأَصله في الوِرْدِ؛ قال لبيد:
إِحْدَى بَني جَعْفَرٍ كَلِفْتُ بها، * لم تُمْسِ نَوْباً مِني، ولا قَرَبا
وقيل: ما كان على ثلاثة أَيام؛ وقيل: ما كان على فَرسخين، أَو ثلاثة؛ وقيل: النَّوْبُ، بالفتح، القُرْب، خِلافُ البُعْد؛ قال أَبو ذؤَيب:
أَرِقْتُ لذكْرِهِ من غَير نَوْبٍ، * كما يَهْتاجُ مَوْشِـيٌّ نَقِـيبُ
أَراد بالـمَوْشِـيِّ الزَّمَّارةَ مِن القَصَبِ الـمُثَقَّبِ.
ابن الأَعرابي: النَّوْبُ القَرَبُ (1)
(1 قوله «ابن الأعرابي النوب القرب إلخ» هكذا بالأصل وهي عبارة التهذيب وليس معنا من هذه المادة شيء منه فانظره فإنه يظهر أن فيه سقطاً من شعر أو غيره.) . يَنُوبُها: يعهَدُ إِليها،
ينالها؛ قال: والقَرَبُ والنَّوْبُ واحدٌ. وقال أَبو عمرو: القَرَبُ أَن
يأْتيَها في ثلاثة أَيام مرَّة. ابن الأَعرابي: والنَّوْبُ أَن يَطرُدَ
الإِبلَ باكِراً إِلى الماءِ، فيُمْسي على الماءِ يَنْتابُه. والـحُمَّى
النائبةُ: التي تأْتي كلَّ يوم. ونُبْتُه نَوْباً وانْتَبْتُه: أَتيتُه على نَوْب.
وانْتابَ الرجلُ القومَ انْتياباً إِذا قصَدَهم، وأَتاهم مَرَّةً بعد مَرَّة، وهو يَنتابُهم، وهو افْتِعال من النَّوبة. وفي حديث الدعاءِ: يا
أَرْحَمَ مَن انْتابه الـمُسْتَرحِمُون. وفي حديث صلاة الجمعة: كان الناسُ يَنْتابونَ الجمعة من مَنازِلهم؛ ومنه الحديث: احْتاطُوا لأَهْلِ
الأَمْوالِ في النَّائبة والواطِئَةِ أَي الأَضْيافِ الذين يَنُوبونهم،
ويَنْزلون بهم؛ ومنه قول أُسامةَ الـهُذَليّ:
أَقَبُّ طَريدٌ، بِنُزْهِ الفَلا * ةِ، لا يَرِدُ الماءَ إِلاَّ انْتِـيابا
ويروى: ائتيابا؛ وهو افْتِعال من آبَ يَـؤُوبُ إِذا أَتى ليلاً. قال ابن
بري: هو يصف حمارَ وَحْشٍ. والأَقَبُّ: الضَّامِرُ البَطْنِ. ونُزْهُ
الفَلاةِ: ما تَباعَدَ منها عن الماءِ والأَرْياف. والنُّوبةُ، بالضم:
الاسم من قولك نابه أَمْرٌ، وانْتابه أَي أَصابه.
ويقال: الـمَنايا تَتَناوبُنا أَي تأْتي كُلاًّ مِنَّا لنَوْبَتِه.
والنَّوبة: الفُرْصة والدَّوْلة، والجمع نُوَبٌ، نادر. وتَناوَبَ القومُ
الماءَ: تَقاسَمُوه على الـمَقْلةِ، وهي حَصاة القَسْم. التهذيب: وتَناوَبْنا الخَطْبَ والأَمرَ، نَتَناوَبه إِذا قُمنا به نَوبةً بعد نَوبة.
الجوهري: النَّوبةُ واحدةُ النُّوَبِ، تقول: جاءتْ نَوْبَتُكَ ونِـيابَتُك، وهم يَتَناوبون النَّوبة فيما بينهم في الماءِ وغيره. ونابَ الشيءُ عن الشيءِ، يَنُوبُ: قام مَقامه؛ وأَنَبْتُه أَنا عنه. وناوَبه: عاقَبه. ونابَ فلانٌ إِلى اللّه تعالى، وأَنابَ إِليه إِنابةً، فهو مُنِـيبٌ: أَقْبَلَ
وتابَ، ورجَع إِلى الطاعة؛ وقيل: نابَ لَزِمَ الطاعة، وأَنابَ: تابَ ورجَعَ.
وفي حديث الدعاءِ: وإِليك أَنَبْتُ. الإِنابةُ: الرجوعُ إِلى اللّه بالتَّوبة. وفي التنزيل العزيز: مُنِـيبين إِليه؛ أَي راجعين إِلى ما أَمَرَ به، غير خارجين عن شيءٍ من أَمرِه. وقوله عز وجل: وأَنِـيبُوا إِلى ربكم وأَسْلِمُوا له؛ أَي تُوبوا إِليه وارْجِعُوا، وقيل إِنها نزلتْ في قوم فُتِنُوا في دِينِهم، وعُذِّبُوا بمكة، فرجَعُوا عن الإِسلام، فقيل: إِنَّ هؤُلاء لا يُغْفَرُ لهم بعد رُجوعهم عن الإِسلام، فأَعْلم اللّهُ، عز وجل،
أَنهم إِن تابوا وأَسلموا، غَفَرَ لهم.
والنُّوبُ والنُّوبةُ أَيضاً: جِـيلٌ من السُّودانِ، الواحد نُوبيّ. والنُّوبُ: النَّحْلُ، وهو جمعُ نائبٍ، مثل عائطٍ وعُوطٍ، وفارهٍ وفُرْه، لأَنها تَرْعى وتَنُوبُ إِلى مكانها؛ قال الأَصمعي: هو من النُّوبةِ التي تَنُوبُ الناسَ لوقت معروفٍ، وقال أَبو ذؤيب:
إِذا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ، لم يَرْجُ لَسْعَها، * وحالفَها في بَيْت نُوبٍ عَواسِلِ
قال أَبو عبيدة: سميتْ نوباً، لأَنها تَضْرِبُ إِلى السَّواد؛ وقال أَبو
عبيد: سميت به لأَنها تَرْعَى ثم تَنُوبُ إِلى موضِعها؛ فمَن جعلها
مُشَبَّهةً بالنُّوبِ، لأَنها تَضْرِبُ إِلى السَّواد، فلا واحد لها؛ ومَن
سماها بذلك لأَنها تَرْعى ثم تَنُوبُ، فواحدُها نائبٌ؛ شَبَّه ذلك بنَوبةِ الناسِ، والرجوعِ لوَقتٍ، مَرَّةً بعد مرَّة. والنُّوبُ: جمع نائبٍ من النحل، لأَنها تعود إِلى خَلِـيَّتها؛ وقيل: الدَّبْرُ تسمى نُوباً، لسوادِها، شُبِّهَتْ بالنُّوبةِ، وهم جِنْس من السُّودانِ. والـمَنابُ: الطريقُ إِلى الماءِ. ونائِبٌ: اسمُ رجل.
بقر: البَقَرُ: اسم جنس. ابن سيده: البَقَرَةُ من الأَهلي والوحشي يكون
للمذكر والمؤنث، ويقع على الذكر والأُنثى؛ قال غيره: وإِنما دخلته الهاء
على أَنه واحد من جنس، والجمع البَقَراتُ. قال ابن سيده: والجمع بَقَرٌ
وجمع البَقَرِ أَبْقَرُ كزَمَنٍ وأَزْمُنٍ؛ عن الهجري، وأَنشد لمقبل بن
خويلد الهذلي:
كأَنَّ عَرُوضَيْهِ مَحَجَّةُ أَبْقُرٍ
لَهُنَّ، إِذا ما رُحْنَ فيها، مَذاعِقُ
فأَما بَقَرٌ وباقِرٌ وبَقِيرٌ وبَيْقُورٌ وباقُورٌ وباقُورةٌ فأَسماء
للجمع؛ زاد الأَزهري: وبَواقِــر؛ عن الأَصمعي، قال: وأَنشدني ابن أَبي
طرفة:وسَكَّنْتُهُمْ بالقَوْلِ، حَتَّى كَأَنَّهُمْ
بَواقِــرُ جُلْحٌ أَسْكَنَتْها المَراتِعُ
وأَنشد غير الأَصمعي في بيقور:
سَلَعٌ مَّا، ومِثلُه عُشَرٌ مَّا،
عائلٌ مَّا، وعالَتِ البَيْقُورا
وأَنشد الجوهري للورل الطائي:
لا دَرَّ دَرُّ رِجَالٍ خَابَ سَعْيُهُمُ،
يَسْتَمْطِرُونَ لَدَى الأَزمَات بالعُشَرِ
أَجاعِلٌ أَنْتَ بَيْقُوراً مُسَلَّعَةً،
ذَرِيعَةً لك بَيْنَ اللهِ والْمَطَرِ؟
وإِنما قال ذلك لأَن العرب كانت في الجاهلية إِذا استسقوا جعلوا
السَّلَعَةَ والعُشَرَ في أَذناب البقر وأَشعلوا فيه النار فتضج البقر من ذلك
ويمطرون.
وأَهل اليمن يسمون البَقَرَ: باقُورَةً. وكتب النبي، صلى الله عليه
وسلم، في كتاب الصدقة لأَهل اليمن: في ثلاثين باقورةً بَقَرَةٌ.
الليث: الباقر جماعة البقر مع رعاتها، والجامل جماعة الجمال مع راعيها.
ورجلٌ بَقَّارٌ: صاحب بقر.
وعُيونُ البَقَرِ: ضَرْبٌ من العنب.
وبَقِرَ: رَأَى بَقَرَ الوحش فذهب عقله فرحاً بهن.
وبَقِرَ بَقَراً وبَقَرَاً، (قوله؛ «وبقر بقراً وبقراً» سيأتي قريباً
التنبيه على ما فيه ينقل عبارة الأَزهري عن أبي الهيثم والحاصل كما يؤخذ من
القاموس والصحاح والمصباح أنه من باب فرح فيكون لازماً ومن باب قتل ومنع
فيكون متعدياً). فهو مَبْقُور وبَقِيرٌ: شُقه. وناقة بَقِيرٌ: شُقَّ
بطنها عن ولدها أَيَّ شَقٍّ؛ وقد تَبَقَّر وابْتَقَر وانْبَقَر؛ قال
العجاج:تُنْتَجُ يَرْْمَ تُلْقِحُ انْبِقَارا
وقال ابن الأَعرابي في حديث له: فجاءت المرأَة فإِذا البيت مِبْقُورٌ
أَي منتثر عَتَبَتُهُ وعِكْمُه الذي فيه طعامه وكل ما فيه.
والبِقِيرُ والبَقِيرةُ: بُرْدٌ يُشَقُّ فَيُلْبَسُ بلا كُمَّيْنِ ولا
جَيْب، وقيل: هو الإِتْبُ. الأَصمعي: البَقِيرةُ أَن يؤْخذ بُرد فيشق ثم
تلقيه المرأَة في عنقها من غير كمين ولا جيب، والإِتْبُ قميص لا كمين له
تلبسه النساء. التهذيب: روى الأَعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير
عن ابن عباس في حديث هدهد سليمان قال: بينما سليمان في فلاة احتاج إِلى
الماء فدعا الهدهد فَبَقَر الأَرضَ فأَصاب الماء، فدعا الشياطين فسلخوا
مواضع الماء كما يسلخ الإِهاب فخرج الماء؛ قال الأَزهري: قال شمر فيما قرأْت
بخطه معنى بَقَرَ نظر موضع الماء فرأَى الماء تحت الأَرض فأَعلم سليمان
حتى أَمر بحفره؛ وقوله فسلخوا أَي حفروا حتى وجدوا الماء.
وقال أَبو عدنان عن ابن نباتة: المُبَقِّرُ الذي يخط في الأَرض دَارَةً
قدر حافر الفرس، وتدعى تلك الدارة البَقْرَةَ؛ وأَنشد غيره:
بِها مِثْلُ آثَارِ المُبَقِّر مَلْعَب
وقال الأَصمعي: بَقَّرَ القومُ ما حولهم أي حفروا واتخذوا الركايا.
والتبقر: التوسع في العلم والمال. وكان يقال لمحمد بن علي بن الحسين
بن علي الباقر، رضوان الله عليهم، لأَنه بقر العلم وعرف أَصله واستنبط
فرعه وتَبقَّر في العلم. وأَصل البقر: الشق والفتح والتوسعة. بَقَرْتُ
الشيءَ بَقْراً: فتحته ووسعته. وفي حديث حذيفة: فما بال هؤلاء الذين
يَبْقُرونَ بيوتنا أَي يفتحونها ويوسعونها؛ ومنه حديث الإِفك: فَبَقَرْتُ لها
الحديث أَي فتحته وكشفته. وفي الحديث: فأَمر ببقرة من نحاس فأُحميت؛ قال
ابن الأَثير: قال الحافظ أَبو موسى: الذي يقع لي في معناه أَنه لا يريد
شيئاً مصوغاً على صورة البقرة، ولكنه ربما كانت قِدْراً كبيرةً واسعةً
فسماها بَقَرَةً مأْخوذاً من التَّبَقُّرِ التَّوَسُّع، أَو كان شيئاً يسع
بقرة تامّة بِتَوابلها فسميت بذلك. وقولهم: ابْقُرْها عن جَنينها أَي شُقَّ
بطنها عن ولدها، وبَقِرَ الرجل يَبْقَرُ بَقَراً وبَقْراً، وهو أَن
يَحْسِرَ فلا يكاد يُبصر؛ قال الأَزهري: وقد أَنكر أَبو الهيثم فما أَخبرني
عنه المنذري بَقْراً، بسكون القاف؛ وقال: القياس بَقَراً على فَعَلاً لأَنه
لازم غير واقع.
الأَصمعي: بَيْقَرَ الفرسُ إِذا خَامَ بيده كما يَصْفِنُ برجله.
والبَقِير: المُهْرُ يولد في ماسكَةٍ أَو سَلًى لأَنه يشق عليه. والبَقَرُ:
العيال. وعليه بَقَرَةٌ من عيالٍ ومالٍ أَي جماعةٌ. ويقال: جاء فلان يَجُرُّ
بَقَرَةً أَي عيالاً. وتَبَقَّرَ فيها وتَبَيْقَرَ: توسع. وروي عن
النبي،صلى الله عليه وسلم، أَنه نهى عن التَّبَقُّر في الأَهل والمال؛ قال
أَبو عبيد: قال الأَصمعي يريد الكثرة والسَّعة، قال: وأَصل التَّبَقُّرِ
التوسعُ والتَّفَتُّح؛ ومنه قيل: بَقَرْتُ بطنه إنما هو شْققته وفتحته. ومنه
حديث أُم سليم: إن دنا مني أَحد من المشركين بَقَرْتُ بَطْنَهُ. قال
أَبو عبيد: ومن هذا حديث أَبي موسى حين أَقبلت الفتنة بعد مقتل عثمان، رضي
الله عنه، فقال إِن هذه الفتنة باقرة كداء البطن لا يُدْرَى أَنَّى يُؤْتى
لَهُ؛ إِنما أَراد أَنها مفسدة للدين ومفرقة بين الناس ومُشَتِّتَةٌ
أُمورهم، وشبهها بوجع البطن لأَنه لا يُدْرَى ما هاجه وكيف يُدَاوَى ويتأَتى
له. وبَيْقَرَ الرجلُ: هاجر من أَرض إِلى أَرض. وبَيْقَرَ: خرج إلى حيث
لا يَدْرِي. وبَيْقَرَ: نزل الحَضَرَ وأَقام هناك وترك قومه بالبادية،
وخص بعضهم به العراق، وقول امرئ القيس:
أَلا هَلْ أَتَاهَا، والحوادثُ جَمَّةٌ،
بأَنَّ امْرَأَ القَيْسِ بِنَ تَمْلِكَ بَيْقَرا؟
يحتمل جميع ذلك. وبَيْقَرَ: أَعْيَا. وبَيْقَر: هلَك. وبيقر: مشَى
مِشْيَةَ المُنَكِّسِ. وبَيْقَرَ: أَفسد؛ عن ابن الأَعرابي، وبه فسر
قوله:وقد كانَ زَيْدٌ، والقُعُودُ بأَرْضِهِ،
كَرَاعِي أُنَاسٍ أَرْسَلُوه فَبيْقرَا
والبيقرة: الفساد. وقوله: كراعي أُناس أَي ضيع غنمه للذئب؛ وكذلك فسر
بالفساد قوله:
يا مَنْ رَأَى النُّعْمانَ كانَ حِيَرَا،
فَسُلَّ مِنْ ذلك يَوْمَ بَيْقَرَا
أَي يوم فساد. قال ابن سيده: هذا قول ابن الأَعرابي جعله اسماً؛ قال:
ولا أَدري لترك صرفه وجهاً إِلاَّ أَن يضمنه لضمير ويجعله حكاية، كما
قال:نُبِّئْتُ أَخْوالي بَني يَزِيدُ
بَغيْاً علينا لَهُمْ فَدِيدُ
ضمن يزيد الضمير فصار جملة فسمي بها فحكي؛ ويروى: يوماً بيقرا أَي يوماً
هلك أَو فسد فيه ملكه. وبَقِرَ الرجل، بالكسر، إِذا أَعيا وحَسَرَ،
وبَيْقَرَ مثله. ابن الأَعرابي: بيقر إِذا تحير. يقال: بَقِرَ الكلب وبَيْقَر
إِذا رأَى البَقَرَ فتحير، كما يقال غَزِلَ إِذا رأَى الغزال فَلَهِيَ.
وبَيْقَرَ: خرج من بلد إلى بلد. وبَيْقَر إِذا شك، وبَيْقَرَ إِذا حَرَصَ
على جمع المال ومنعه. وبَيْقَر إِذا مات، وأَصْلُ البَيْقَرَة الفساد.
وبَيْقَرَ الرجل في ماله إِذا أَسرع فيه وأَفسده. ورورى عمرو عن أَبيه:
البَيْقَرَة كثرة المتاع والمال. أَبو عبيدة: بَيْقَرَ الرجل في العَدْو
إِذا اعتمد فيه. وبَيْقَر الدار إِذا نزلها واتخذها منزلاً.
ويقال: فتنة باقرة كداء البطن، وهو الماء الأَصفر. وفي حديث أَبي موسى:
سمعت رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: سيأْتي على الناس فتْنَةٌ
باقِرَةٌ تَدَعُ الحليمَ حَيْرانَ؛ أَي واسعَةٌ عظيمةٌ. كفانا الله
شرها.والبُقَّيْرَى، مثال السُّمَّيْهى: لعبة الصبيان، وهي كومة من تراب
وحولها خطوط. وبَقَّرَ الصبيانُ: لعبوا البُقَّيْرَى، يأْتون إِلى موضع قد
خبئ لهم فيه شيء فيضربون بأَيديهم بلا حفر يطلبونه؛ قال طفيل الغَنَوِيُّ
يصف فرساً:
أَبَنَّتْ فما تَنْفَكُّ حَوْلَ مُتَالِعٍ،
لها مِثلُ آثارِ المُبَقِّرِ مَلْعَبُ
قال ابن بري: قال الجوهري: في هذا البيت يصف فرساً، وقوله ذلك سهو
وإِنما هو يصف خيلاً تلعب في هذا الموضع، وهو ما حول متالع، ومتالع: اسم
جبل.والبُقَّارُ: تراب يجمع بالأَيدي فيجعل قُمَزاً قَمزاً ويلعب به، جعلوه
اسماً كالقِذَافِ؛ والقُمَزُ كأَنها صوامع، وهو البُقَّيْرَى؛ وأَنشد:
نِيطَ بِحَقْويَها خَمِيسٌ أَقْمَرُ
جَهْمٌ، كبُقَّارِ الوليدِ، أَشْعَرُ
والبقار: اسم واد؛ قال لبيد:
فَبَاتَ السَّيلُ يَرْكبُ جانِبَيْهِ
من البَقَّارِ، كالعَمِدِ الثَّقَال
والبَقَّارُ: موضع.
والبَيْقرَةُ: اسراع يطأْطئ الرجل فيه رأْسه؛ قال المثَقِّبُ
العَبْدِيّ، ويروى لِعَدِيِّ بن ودَاع:
فَباتَ يَجْتَابُ شُقارَى، كما
بَيْقَرَ منْ يَمْشِي إِلى الجَلْسَدِ
وشُقارَى، مخفف من شُقَّارَى: نبت، خففه للضرورة، ورواه أَبو حنيفة في
كتابه النبات: من يمشي إلى الخَلَصَة، قال: والخَلَصَةُ الوَثَنُ، وقد
تقدم في فصل جسد.
والبَيْقَرانُ: نَبْتٌ. قال ابن دريد: ولا أَدري ما صحته.
وبَيْقُور: موضع، وذو بَقَرٍ: موضع.
وجاد بالشُّقَّارَى والبُقَّارَى أَي الداهية.
بقل: بَقَلَ الشيءُ: ظهَر. والبَقْل: معروف؛ قال ابن سيده: البَقْل من
النبات ما ليس بشجر دِقًّ ولا جِلًّ ، وحقيقة رسمه أَنه ما لم تبق له
أُرومة على الشتاء بعدما يُرْعى، وقال أَبو حنيفة: ما كان منه ينبت في
بَزْره ولا ينبت في أُرومة ثابتة فاسمه البقْل، وقيل: كل نابتة في أَول ما
تنبت فهو البَقْل، واحدته بَقْلة، وفَرْقُ ما بين البَقْل ودِقِّ الشجر أَن
البقل إِذا رُعي لم يبق له ساق والشجر تبقى له سُوق وإِن دَقَّت. وفي
المثل: لا تُنْبِتُ البَقْلَة إِلا الحَقْلة؛ والحَقْلَة: القَراح
الطَّيِّبة من الأَرض.
وأَبْقَلَت: أَنبتت البَقْل، فهي مُبْقِلة. والمُبْقِلة: ذات البَقْل.
وأَبْقَلَت الأَرضُ: خَرَجَ بَقْلها؛ قال عامر بن جُوَين الطائي:
فلا مُزْنَةٌ ودَقَتْ وَدْقَها،
ولا أَرْض أَبْقَل إِبْقَالَها
ولم يقل أَبْقَلت لأَن تأْنيث الأَرض ليس بتأْنيث حقيقي. وفي وصف مكة:
وأَبْقَل حَمْضُها، هو من ذلك. والمَبْقَلة: موضع البَقْل؛ قال دُوَاد
بن أَبي دُوَاد حين سأَله أَبوه: ما الذي أَعاشك؟ قال:
أَعاشَني بَعْدَك وادٍ مُبْقِلُ،
آكُلُ من حَوْذانِه وأَنْسِلُ
قال ابن جني: مكان مُبْقِل هو القياس، وباقل أَكثر في السماع، والأَوَّل
مسموع أَيضاً. الأَصمعي: أَبْقَل المكانُ فهو باقل من نبات البَقْل،
وأَوْرَسَ الشجرُ فهو وارس إِذا أَوْرَق، وهو بالأَلف. الجوهري: أَبْقَل
الرِّمْت إِذا أَدْبَى وظهرت خُضْرة ورقه، فهو باقل. قال: ولم يقولوا
مُبْقِل كما قالوا أَوْرَسَ فهو وارس، ولم يقولوا مورِس، قال: وهو من النوادر،
قال ابن بري: وقد جاء مُبْقِل؛ قال أَبو النجم:
يَلْمَحْنَ من كل غَميسٍ مُبْقِل
قال: وقال ابن هَرْمة:
لَرُعْت بصَفْراءِ السُّحالةِ حُرَّةً،
لها مَرْتَعٌ بين النَّبِيطَينِ مُبْقِل
قال: وقالوا مُعْشِب؛ وعليه قول الجعدي:
على جانِبَيْ حائر مُفْرد
بَبَرْثٍ، تَبَوَّأْتُه مُعْشِب
قال ابن سيده: وبَقَل الرِّمْثُ يَبْقُل بَقْلاً وبُقُولاً وأَبْقَل،
فهو باقل، على غير قياس كلاهما: في أَول ما ينبت قبل أَن يخضرَّ. وأَرض
بَقِيلة وبَقِلة مُبْقِلة؛ الأَخيرة على النسب أَي ذات بَقْل؛ ونظيره: رجل
نَهِرٌ أَي يأْتي الأُمور نهاراً. وأَبقل الشجرُ إِذا دنت أَيام الربيع
وجرى فيها الماء فرأَيت في أَعراضها مثل أَظفار الطير؛ وفي المحكم: أَبْقَل
الشجرُ خرج في أَعراضه مثل أَظفار الطير وأَعْيُنِ الجَرَادِ قبل أَن
يستبين ورقه فيقال حينئذ صار بَقْلة واحدة، واسم ذلك الشيء الباقل. وبَقَل
النَّبْتُ يَبْقُل بُقولاً وأَبْقَل: طَلَع، وأَبْقَله الله. وبَقَل وجهُ
الغلام يَبْقُل بَقْلاً وبُقُولاً وأَبقل وبَقَّل: خَرَجَ شعرُه، وكره
بعضهم التشديد؛ وقال الجوهري: لا تَقُلْ بَقَّل، بالتشديد. وأَبقله الله:
أَخرجه، وهو على المثل بما تقدم. الليث: يقال للأَمرد إِذا خرج وجهه: قد
بَقَل. وفي حديث أَبي بكر والنسَّابة: فقامَ إِليه غلام من بني شيبان حين
بَقَل وجهُه أَي أَول ما نبتت لحيته. وبقَلَ نابُ البعير يَبْقُل
بُقولاً: طَلَع، على المثل أَيضاً، وفي التهذيب: بَقَل نابُ الجمل أَول ما
يطلع، وجَمَلٌ باقل الناب.
والبُقْلة: بَقْل الرَّبِيع؛ وأَرض بَقِلة وبَقيلة ومَبْقَلة ومَبْقُلة
وبَقَّالة، وعلى مثاله مَزْرَعَة ومَزْرُعَة وزَرَّاعة. وابْتَقَل القومُ
إِذا رَعَوا البَقْل. والإِبل تَبْتَقِل وتَتَبَقَّل، وابْتَقَلَت
الماشية وتَبَقَّلت: رَعَت البَقْل، وقيل: تَبَقُّلُها سِمَنُها عن البَقْل.
وابْتَقَلَ الحمار: رَعَى البَقْل؛ قال مالك
بن خويلد الخُزاعي الهذلي:
تاللهِ يَبْقَى على الأَيَّامِ مُبْتَقِلٌ،
جَوْنُ السَّرَاةِ رَبَاعٍ سِنُّه غَرِدُ
أَي لا يَبْقَى، وتَبَقَّل مثله؛ قال أَبو النجم:
كُوم الذُّرَى من خَوَل المُخَوَّل
تَبَقَّلتْ في أَوَّل التَّبَقُّل،
بَيْنَ رِمَاحَيْ مالِكٍ ونَهْشَل
وتَبَقَّل القومُ وابْتَقَلُوا وأَبْقَلوا: تَبَقَّلت ماشيتُهم. وخَرَجَ
يَتَبَقَّل أَي يطلب البَقْل. وبَقْلة الضَّبّ: نَبْت؛ قال أَبو حنيفة:
ذكرها أَبو نصر ولم يفسرها. والبَقْلة: الرِّجْلة وهي البَقْلة
الحَمْقاء. ويقال: كُلُّ نَبات اخْضَرَّت له الأَرضُ فهو بَقْل؛ قال
الحرثبن دَوش الإِيادِيّ يخاطب المُنْذِر
بنَ ماء السماء:
قَوْمٌ إِذا نَبَتَ الرَّبِيعُ لهم،
نَبَتَتْ عَدَاوتُهم مع البَقْل
الجوهري: وقولُ أَبي نُخَيْلة:
بَرِّيَّةٌ لم تأْكل المُرَقَّقا،
ولم تَذُقْ من البُقُول الفُسْتُقا
(* قوله: بريّة، وفي رواية أُخرى: جارية).
قال: ظَنَّ هذا الأَعرابي أَن الفُسْتُق من البَقْل، قال: وهكذا يُرْوى
البَقْل بالباء، قال: وأَنا أَظنه بالنون لأَن الفُسْتُق من النَّقْل
وليس من البَقْل.
والباقِلاءُ والباقِلَّى: الفُول، اسم سَوادِيٌّ، وحَمْلُه الجَرْجَر،
إِذا شدَّدت اللام قَصَرْت، وإِذا خَفَّفْت مَدَدْت فقلت الباقلاء، واحدته
باقِلاَّة وباقِلاَّءَة، وحكى أَبو حنيفة الباقِلَى، بالتخفيف والقصر،
قال: وقال الأَحمر واحدة الباقِلاء باقلاء، قال ابن سيده: فإِذا كان ذلك
فالواحد والجمع فيه سواء، قال: وأَرى الأَحمر حكى مثل ذلك في الباقلَّى.
قال: والبُوقَالُ، بضم الباء، ضَرْب من الكِيزَان، قال: ولم يفسِّر ما
هو ففسرناه بما عَلِمْنا.
وباقِلٌ: اسم رجل يضرب به المثل في العِيِّ؛ قال الأُموي: من أَمثالهم
في باب التشبيه: إِنه لأَعْيَا من باقل، قال: وهو اسم رجل من ربيعة وكان
عَييّاً فَدْماً؛ وإِياه عَنى الأُرَيْقِط في وَصْف رَجُل مَلأَ بطنَه حتى
عَيِيَ بالكلام فقال يَهْجُوه، وقال ابن بري: هو لحميد الأَرْقَط:
أَتَانَا، وما داناه سَحْبانُ وائلٍ
بَيَاناً وعِلْماً بِالذي هو قائل،
يَقُول، وقد أَلْقَى المَرَاسِيَ للقِرَى:
أَبِنْ ليَ ما الحَجَّاجُ بالناس فاعل
فَقُلْتُ: لعَمْرِي ما لهذا طَرَقْتَنا،
فكُلْ، ودَعِ الإِرْجافَ، ما أَنت آكل
تُدَبِّل كَفَّاه ويَحْدُر حَلْقُه،
إِلى البَطْنِ، ما ضُمَّتْ عليه الأَنامل
فما زال عند اللقم حتى كأَنَّه،
من العِيِّ لما أَن تَكَلَّم، باقل
قال: وسَحْبان هو من ربيعة أَيضاً من بني بكْر كان لَسِناً بليغاً؛ قال
الليث: بلغ من عِيِّ باقل أَنه كان اشترى ظَبْياً بأَحد عشر دِرْهماً،
فقيل له: بِكَم اشتريت الظبي؟ ففتح كفيه وفرَّق أَصابعه وأَخرج لسانه يشير
بذلك إِلى أَحد عشر فانفلت الظبي وذهب فضربوا به المثل في العِيّ.
والبَقْل: بطن من الأَزْد وهم بَنُو باقل. وبَنُو بُقَيْلة: بطن من
الحِيرَة. ابن الأَعرابي: البُوقالة الطِّرْجهَارَة.
نفر: النَّفْرُ: التَّفَرُّقُ. ويقال: لقيته قبل كل صَيْحٍ ونَفْرٍ أَي
أَولاً، والصَّيْحُ: الصِّياحُ. والنَّفْرُ: التفرق؛ نَفَرَتِ الدابةُ
تَنْفِرُ وتَنْفُر نِفاراً ونُفُوراً ودابة نافِرٌ، قال ابن الأَعرابي: ولا
يقال نافِرَةٌ، وكذلك دابة نَفُورٌ، وكلُّ جازِعٍ من شيء نَفُورٌ. ومن
كلامهم: كلُّ أَزَبَّ نَفُورٌ؛ وقول أَبي ذؤيب:
إِذا نَهَضَتْ فيه تَصَعَّدَ نَفْرُها،
كَقِتْر الغِلاءِ مُسْتَدِرٌّ صيابُها
قال ابن سيده: إِنما هو اسم لجمع نافر كصاحب وصَحْبٍ وزائر وزَوْرٍ
ونحوه. ونَفَرَ القومُ يَنْفِرُون نَفْراً ونَفِيراً. وفي حديث حمزة
الأَسلمي: نُفِّرَ بنا في سَفَرٍ مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ يقال:
أَنْفَرْنا أَي تَفَرَّقَتْ إِبلنا، وأُنْفِرَ بنا أَي جُعِلنا مُنْفِرِين ذَوِي
إِبلٍ نافِرَةٍ. ومنه حديث زَيْنَبَ بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
فأَنْفَرَ بها المشركون بَعِيرَها حتى سَقَطَتْ. ونَفَرَ الظَّبْيُ وغيره
نَفْراً ونَفَراناً: شَرَدَ. وظَبْيٌ نَيْفُورٌ: شديد النِّفارِ.
واسْتَنْفَرَ الدابة: كَنَفَّرَ. والإِنْفارُ عن الشيء والتَّنْفِيرُ عنه
والاسْتِنْفارُ كلُّه بمعنًى. والاسْتِنْفارُ أَيضاً: النُّفُورُ؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
ارْبُطْ حِمارَكَ، إِنه مُسْتَنْفِرٌ
في إِثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ
أَي نافر: ويقال: في الدابة نِفارٌ، وهو اسمٌ مِثْلُ الحِرانِ؛ ونَفَّرَ
الدابة واسْتَنْفَرَها. ويقال: اسْتَنْفَرْتُ الوحشَ وأَنْفَرْتُها
ونَفَّرْتُها بمعنًى فَنَفَرَتْ تَنْفِرُ واسْتَنْفَرَتْ تَسْتَنْفِرُ بمعنى
واحد. وفي التنزيل العزيز: كأَنهم حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ من
قَسْوَرَةٍ؛ وقرئت: مستنفِرة، بكسر الفاء، بمعنى نافرة، ومن قرأَ مستنفَرة،
بفتح الفاء، فمعناها مُنَفَّرَةٌ أَي مَذْعُورَةٌ. وفي الحديث: بَشِّرُوا
ولا تُنَفِّرُوا أَي لا تَلْقَوْهُمْ بما يحملهم على النُّفُورِ. يقال:
نَفَرَ يَنْفِر نُفُوراً ونِفاراً إِذا فَرَّ وذهب؛ ومنه الحديث: إِن منكم
مُنَفِّرِينَ أَي من يَلْقى الناسَ بالغِلْظَةِ والشِّدَّةِ
فَيَنْفِرُونَ من الإِسلام والدِّين. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُنَفِّرِ
الناسَ. وفي الحديث: أَنه اشْتَرَطَ لمن أَقْطَعَهُ أَرضاً أَن لا يُنَفَّرَ
مالُه أَي لا يُزْجَرَ ما يرعى من ماله ولا يُدْفَعَ عن الرَّعْي.
واسْتَنْفَرَ القومَ فَنَفَرُوا معه وأَنْفَرُوه أَي نصروه ومَدُّوه. ونَفَرُوا
في الأَمر يَنْفِرُون نِفاراً ونُفُوراً ونَفِيراً؛ هذه عن الزَّجَّاج،
وتَنافَرُوا: ذهبوا، وكذلك في القتال. وفي الحديث: وإِذا اسْتُنْفِرْتُمْ
فانْفِرُوا. والاسْتِنْفارُ: الاسْتِنْجادُ والاسْتِنْصارُ، أَي إِذا طلب
منكم النُّصْرَةَ فأَجيبوا وانْفِرُوا خارجين إِلى الإِعانة. ونَفَرُ
القومِ جماعَتُهم الذين يَنْفِرُون في الأَمر، ومنه الحديث: أَنه بعث جماعة
إِلى أَهل مكة فَنَفَرَتْ لهم هُذَيْلٌ فلما أَحَسُّوا بهم لجَؤُوا إِلى
قَرْدَدٍ أَي خرجوا لقتالهم. والنَّفْرَةُ والنَّفْرُ والنَّفِيرُ:
القومُ يَنْفِرُونَ معك ويَتَنافَرُونَ في القتال، وكله اسم للجمع؛ قال:
إِنَّ لها فَوارِساً وفَرَطَا،
ونَفْرَةَ الحَيِّ ومَرْعًى وَسَطَا،
يَحْمُونَها من أَنْ تُسامَ الشَّطَطَا
وكل ذلك مذكور في موضعه. والنَّفِيرُ: القوم الذين يتَقَدَّمُونَ فيه.
والنَّفيرُ: الجماعةُ من الناس كالنَّفْرِ، والجمع من كل ذلك أَنْفارٌ.
ونَفِير قريش: الذين كانوا نَفَرُوا إِلى بَدْرٍ ليمنعوا عِيْرَ أَبي
سفيان.ويقال: جاءت نَفْرَةُ بني فلان ونَفِيرُهم أَي جماعتهم الذين يَنْفِرُون
في الأَمر. ويقال: فلان لا في العِيْرِ ولا في النَّفِير؛ قيل هذا المثل
لقريش من بين العرب، وذلك أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما هاجر إِلى
المدينة ونهض منها لِتَلَقِّي عِير قريش سمع مشركو قريش بذلك، فنهضوا
ولَقُوه ببَدْرٍ ليَأْمَنَ عِيرُهم المُقْبِلُ من الشأْم مع أَبي سفيان،
فكان من أَمرهم ما كان، ولم يكن تَخَلَّفَ عن العِيْرِ والقتال إِلا زَمِنٌ
أَو من لا خير فيه، فكانوا يقولون لمن لا يستصلحونه لِمُهِمٍّ: فلان لا
في العِيرِ ولا في النَّفِيرِ، فالعيرُ ما كان منهم مع أَبي سفيان،
والنفير ما كان منهم مع عُتْبَةَ بن ربيعة قائدهم يومَ بَدْرٍ. واسْتَنْفَرَ
الإِمامُ الناسَ لجهاد العدوّ فنفروا يَنْفِرُونَ إِذا حَثَّهُم على
النَّفِيرِ ودعاهم إِليه؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم: وإِذا
اسْتُنْفِرْتُمْ فانْفِرُوا. ونَفَرَ الحاجُّ من مِنًى نَفْراً ونَفرَ الناسُ من
مِنًى يَنْفِرُونَ نَفْراً ونَفَراً، وهو يوم النَّفْرِ والنَّفَرِ
والنُّفُورِ والنَّفِيرِ، وليلةُ النَّفْر والنَّفَرِ، بالتحريك، ويومُ
النُّفُورِ ويومُ النَّفِير، وفي حديث الحج: يومُ النَّفْرِ الأَوّل؛ قال ابن
الأَثير: هو اليوم الثاني من أَيام التشريق، والنَّفْرُ الآخِرُ اليومُ
الثالث، ويقال: هو يوم النَّحْرِ ثم يوم القَرِّ ثم يوم النفر الأَول ثم
يوم النفر الثاني، ويقال يوم النفر وليلة النفر لليوم الذي يَنْفِرُ الناس
فيه من منى، وهو بعد يوم القرِّ؛ وأَنشد لِنُصَيْبٍ الأَسْوَدِ وليس هو
نُصَيْباً الأَسْوَدَ المَرْوانِيَّ:
أَمَا والذي حَجَّ المُلَبُّونَ بَيْتَهُ،
وعَلَّمَ أَيامَ الذبائحِ والنَّحْرِ
لقد زَادَني، لِلْغَمْرِ، حُبّاً، وأَهْلهِ،
لَيالٍ أَقامَتْهُنَّ لَيْلى على الغَمْرِ
وهل يَأْثَمَنِّي اللهُ في أَن ذَكَرْتُها،
وعَلَّلْتُ أَصحابي بها ليلةَ النَّفْرِ
وسَكَّنْتُ ما بي من كَلالٍ ومن كرً،
وما بالمَطايا من جُنُوحٍ ولا فَتْرِ
ويروى: وهل يأْثُمَنِّي، بضم الثاء. والنَّفَرُ، بالتحريك، والرَّهْطُ:
ما دون العشرة من الرجال، ومنهم من خصص فقال للرجال دون النساءِ، والجمع
أَنفار. قال أَبو العباس: النَّفَرُ والقومُ والرَّهْطُ هؤلاء معناهم
الجمع لا واحد لهم من لفظهم. قال سيبويه: والنسبُ إِليه نَفَرِيٌّ، وقيل:
النَّفَرُ الناسُ كلهم؛ عن كراع، والنَّفِيرُ مثلُه، وكذلك النَّفْرُ
والنَّفْرَةُ. وفي حديث أَبي ذَرٍّ: لو كان ههنا أَحدٌ من أَنْفارِنا أَي من
قومنا، جمع نَفَرٍ وهم رَهْطُ الإِنسان وعشيرته، وهو اسم جمع يقع على
جماعة من الرجال خاصة ما بين الثلاثة إِلى العشرة. وفي الحديث: ونَفَرُنا
خُلُوفٌ أَي رجالنا. الليث: يقال هؤلاء عَشَرَةُ نَفَرٍ أَي عشرة رجال، ولا
يقال عشرون نَفَراً ولا ما فوق العشرة، وهم النَّفَرُ من القوم. وقال
الفراء: نَفْرَةُ الرجل ونَفَرُهُ رَهْطُه؛ قال امرؤ القيس يصف رجلاً
بِجَوْدَةِ الرَّمْي:
فَهْوَ لا تَنْمِي رَمِيَّتُهُ،
ما لَه؟ لا عُدَّ من نَفَرِه
فدعا عليه وهو يمدحه، وهذا كقولك لرجل يعجبك فعله: ما له قاتله اللهُ
أَخزاه اللهُ وأَنت تريد غير معنى الدعاء عليه. وقوله تعالى: وجعلناكم
أَكْثَرَ نَفِيراً؛ قال الزجاج: النَّفِيرُ جمع نَفْرٍ كالعَبِيدِ والكَلِيبِ،
وقيل: معناه وجعلناكم أَكثر منهم نُصَّاراً. وجاءنا في نُفْرَتِه
ونافِرَتِه أَي في فَصِيلَتِه ومن يغضب لغضبه. ويقال: نَفْرَةُ الرجل أُسْرَتُه.
يقال: جاءنا في نَفْرَتِه ونَفْرِه؛ وأَنشد:
حَيَّتْكَ ثُمَّتَ قالتْ: إِنَّ نَفْرَتَنا
أَلْيَوْمَ كلَّهُمُ، يا عُرْوَ، مُشْتَغِلُ
ويقال للأُسْرَةِ أَيضاً: النُّفُورَةُ. يقال: غابتْ نُفُورَتُنا
وغَلَبَتْ نُفُورَتُنا نُفُورَتَهُمْ، وورد ذلك في الحديث: غَلَبَتْ
نُفُورَتُنا نُفُورَتَهُم؛ يقال للأَصحاب الرجل والذين يَنْفِرُونَ معه إِذا
حَزَبَه أَمر. نَفْرَتُه ونَفْرُهُ ونافِرَتُه ونُفُورَتُه.
ونافَرْتُ الرجلَ مُنافَرَةً إِذا قاضيتَه. والمُنافَرَةُ: المفاخرة
والمحاكمة. والمُنافَرَةُ: المحاكمة في الحَسَبِ. قال أَبو عبيد:
المُنافَرَةُ أَن يفتخر الرجلان كل واحد منهما على صاحبه، ثم يُحَكِّما بينهما
رجلاً كَفِعْلِ عَلْقَمَةَ بن عُلاثَةَ مع عامر بن طُفَيْلٍ حين تَنافرا إِلى
هَرِمِ بن قُطْبَةَ الفَزارِيِّ؛ وفيهما يقول الأَعشى يمدح عامر بن
الطفيل ويحمل على عَلْقَمَةَ بن عُلاثَةَ:
قد قلتُ شِعْري فمَضى فيكما،
واعْتَرَفَ المَنْفُورُ للنَّافِرِ
والمَنْفُورُ: المغلوب. والنَّافِرُ: الغالب. وقد نافَرَهُ فَنَفَرَهُ
يَنْفُرُه، بالضم لا غير، أَي غلبه، وقيل: نَفَرَهُ يَنْفِرُه ويَنْفُرُهُ
نَفْراً إِذا غلبه. ونَفَّرَ الحاكمُ أَحدهما على صاحبه تَنْفِيراً أَي
قضى عليه بالغلبة، وكذلك أَنْفَرَه. وفي حديث أَبي ذَرٍّ: نافَرَ أَخي
أُنَيْسٌ فلاناً الشاعِرَ؛ أَراد أَنهما تَفاخَرا أَيُّهما أَجْوَدُ
شِعْراً. ونافَرَ الرجلَ مُنافَرَةً ونِفاراً: حاكَمَهُ، واسْتُعْمِلَ منه
النُّفُورَةُ كالحُكومَةِ؛ قال ابن هَرْمَةَ:
يَبْرُقْنَ فَوْقَ رِواقِ أَبيضَ ماجِدٍ،
يُرْعى ليومِ نُفُورَةٍ ومَعاقِلِ
قال ابن سيده: وكأَنما جاءت المُنافَرَةُ في أَوّل ما اسْتْعْمِلَتْ
أَنهم كانوا يسأَلون الحاكم: أَيُّنا أَعَزُّ نَفَراً؟ قال زهير:
فإِنَّ الحَقَّ مَقْطَعُه ثلاثٌ:
يَمِينٌ أَو نِفارٌ أَو جَلاءُ
وأَنْفَرَهُ عليه ونَفَّرَه ونَفَرَهُ يَنْفُرُه، بالضم، كل ذلك:
غَلَبَه؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، ولم يَعْرِفْ أَنْفُرُ، بالضم، في
النِّفارِ الذي هو الهَرَبُ والمُجانَبَةُ. ونَفَّرَه الشيءَ وعلى الشيء وبالشيء
بحرف وغير حرف: غَلَبَهُ عليه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
نُفِرْتُمُ المَجْدَ فلا تَرْجُونَهْ،
وجَدْتُمُ القومَ ذَوِي زَبُّونَهْ
كذا أَنشده نُفِرْتُمْ، بالتخفيف.
والنُّفارَةُ: ما أَخَذَ النَّافِرُ من المَنْفَورِ، وهو الغالبُ
(*
قوله« هو الغالب» عبارة القاموس أي الغالب من المغلوب) ، وقيل: بل هو ما
أَخذه الحاكم. ابن الأَعرابي: النَّافِرُ القَامِرُ. وشاة نافِرٌ: وهي التي
تُهْزَلُ فإِذا سعلت انتثر من أَنفها شيء، لغة في النَّاثِرِ. ونَفَرَ
الجُرْحُ نُفُوراً إِذا وَرِمَ. ونَفَرَتِ العينُ وغيرها من الأَعضاء
تَنْفِرُ نُفُوراً: هاجت ووَرِمَتْ. ونَفَرَ جِلْدُه أَي وَرِمَ. وفي حديث
عمر: أَن رجلاً في زمانه تَخَلَّلَ بالقَصَبِ فَنَفَرَ فُوهُ، فنهى عن
التخلل بالقصب؛ قال الأَصمعي: نَفَرَ فُوه أَي وَرِمَ. قال أَبو عبيد: وأُراهُ
مأْخوذاً من نِفارِ الشيء من الشيء إِنما هو تَجافِيهِ عنه وتَباعُدُه
منه فكأَن اللحْمَ لما أَنْكَرَ الداء الحادث بينهما نَفَرَ منه فظهر،
فذلك نِفارُه. وفي حديث غَزْوانَ: أَنه لَطَمَ عينه فَنَفَرَتْ أَي
وَرِمَتْ.ورجل عِفْرٌ نِفْرٌ وعِفْرِيَةٌ نِفْرِيَةٌ وعِفْرِيتٌ نِفْرِيتٌ
وعُفارِيَةٌ نُفارِيَةٌ إِذا كان خبيثاً مارِداً. قال ابن سيده: ورجل
عِفْرِيتَةٌ نِفْرِيتَةٌ فجاء بالهاء فيهما، والنِّفْرِيتُ إِتباعٌ للعِفْرِيت
وتوكيدٌ.
وبنو نَفْرٍ: بطنٌ. وذو نَفْرٍ: قَيْلٌ من أَقيال حِمْيَرَ. وفي الحديث:
إِن الله يُبْغِضُ العِفْرِيَةَ النِّفْرِيَةَ أَي المُنْكَرَ الخَبيثَ،
وقيل: النِّفْرِيَةُ والنِّفْرِيتُ إِتباع للعِفْرِيَةِ والعِفْرِيتِ. ابن
الأَعرابي: النَّفائِرُ العصافير
(*قوله« النفائر العصافير» كذا بالأصل.
وفي القاموس: النفارير العصافير.) وقولهم: نَفِّرْ عنه أَي لَقِّبْهُ
لَقَباً كأَنه عندهم تَنْفِيرٌ للجن والعينِ عنه. وقال أَعرابي: لما وُلدتُ
قيل لأَبي: نَفِّرْ عنه، فسماني قُنْفُذاً وكنَّاني أَبا العَدَّاءِ.
بقع: البَقَعُ والبُقْعةُ: تَخالُفُ اللَّوْنِ. وفي حديث أَبي موسى:
فأَمر لنا بذَوْذٍ بُقْعِ الذُّرَى أَي بيض الأَسنمة جمع أَبْقع، وقيل:
الأَبقع ما خالَط بياضَه لونٌ آخر. وغُراب أَبقع: فيه سواد وبياض، ومنهم من
خص فقال: في صدره بياض. وفي الحديث: أَنه أَمر بقتل خمس من الدوابّ وعَدَّ
منها الغُرابَ الأَبْقَعَ، وكَلْب أَبْقَع كذلك. وفي حديث أَبي هريرة،
رضي الله عنه: يُوشِكُ أَن يَعْمَلَ عليكم بُقْعانُ أَهل الشام أَي
خدَمُهم وعَبِيدُهم وممالِيكُهم؛ شبَّههم لبَياضهم وحُمْرتهم أَو سوادهم بالشيء
الأَبْقَع يعني بذلك الرُّوم والسُّودان. وقال: البَقْعاء التي اختلطَ
بياضها وسوادها فلا يُدْرَى أَيُّهما أَكثر، وقيل: سُمُّوا بذلك لاختلاط
أَلوانهم فإِنَّ الغالب عليها البياضُ والصُّفرة؛ وقال أَبو عبيد: أَراد
البياض لأَنَّ خدم الشام إِنما هم الروم والصَّقالِية فسماهم بُقْعاناً
للبياض، ولهذا يقال للغراب أَبْقَعُ إِذا كان فيه بياض، وهو أَخْبَثُ ما
يكون من الغربان، فصار مثلاً لكل خَبِيث؛ وقال غير أَبي عبيد: أَراد
البياض والصفرة، وقيل لهم بُقعان لاختلاف أَلوانهم وتَناسُلِهم من جنسين؛ وقال
القُتَيْبي: البقعان الذين فيهم سواد وبياض، ولا يقال لمن كان أَبيض من
غير سواد يخالطه أَبْقع، فكيف يَجعل الرومَ بقعاناً وهم بَيض خُلَّص؟
قال: وأُرَى أَبا هريرة أَراد أَن العرب تَنْكِحُ إِماءَ الرُّوم فتُستعْمَل
عليكم أَولادُ الإِماء، وهم من بَني العرب وهم سُود ومن بني الروم وهم
بِيض، ولم تكن العرب قبل ذلك تَنكِح الرُّوم إِنما كان إِماؤُها سُوداناً،
والعرب تقول: أَتاني الأَسود والأَحمر؛ يريدون العرب والعجم، ولم يرد
أَنَّ أَولاد الإِماء من العرب بُقْع كبُقْعِ الغِربانِ، وأَراد أَنهم
أَخذوا من سواد الآباء وبياض الأُمَّهات. ابن الأَعرابي يقال للأَبرص الأَبقع
والأَسْلَع والأَقْشَر والأَصْلَخ والأَعْرَم والمُلَمَّعُ والأَذْمَلُ،
والجمع بُقْع.
والبَقَعُ في الطير والكلاب: بمنزلة البَلَقِ في الدوابّ؛ وقول الأَخطل:
كُلُوا الضَّبَّ وابنَ العَيْرِ، والباقِع الذي
يَبِيتُ يَعُسُّ الليلَ بينَ المَقابِرِ
قيل: الباقِعُ الضَّبُع، وقيل الغراب، وقيل كَلب أَبْقع، كلُّ ذلك قد
قيل، وقال ابن بري: الباقِعُ الظَّرِبانُ، وأَورد هذا البيتَ بيتَ الأَخطل،
وقالوا للضبع باقِع، ويقال للغراب أَبْقع، وجمعه بُقْعان لاختلاف لونه.
ويقال: تَشاتَما فتَقاذَفا بما أَبقى ابن بُقَيْعٍ، قال: وابن بُقَيْع
الكلب وما أَبقى من الجِيفة. والأَبقعُ: السَّرابُ لتلَوُّنه؛ قال:
وأَبْقَع قد أَرَغْتُ به لِصَحْبي
مَقِيلاً، والمَطايا في بُراها
وبَقَّع المطرُ في مواضع من الأَرض: لم يَشْمَلْها. وعام أَبْقَع:
بَقَّع فيه المطر. وفي الأَرض بُقَع من نَبْت أَي نُبَذٌ؛ حكاه أَبو حنيفة.
وأَرض بقِعة: فيها بُقَع من الجَراد. وأَرض بَقِعة: نبتها مُتَقطع. وسَنة
بَقْعاء أَي مُجْدِبة، ويقال فيها خِصْب وجَدْب.
وبُقِعَ الرجل: إِذا رُميَ بكلام قَبِيح أَو بُهْتان، وبُقِع بقَبِيح:
فُحِشَ عليه.
ويقال: عليه خُرْءُ بِقاع، وهو العَرَقُ يُصِيب الإِنسانَ فيَبْيَضُّ
على جلده شبه لُمَعٍ. أَبو زيد: أَصابه خُرء بَقاعِ وبِقاعٍ وبِقاعَ يا
فتى، مصروف وغير مصروف، وهو أَن يصيبه غبار وعرَقٌ فيبقى لُمَعٌ من ذلك على
جسده. قال: وأَرادوا ببقاع أَرضاً. وفي حديث أَبي هريرة رضي الله عنه:
أَنه رأَى رجلاً مُبَقَّع الرجلين وقد توَضّأَ؛ يريد به مواضع في رجليه لم
يُصِبها الماء فحالف لونُها لونَ ما أَصابه الماء. وفي حديث عائشة: إِني
لأَرى بُقَعَ الغسل في ثوبه؛ جمع بُقْعة. وإِذا انْتَضح الماء على بدن
المُسْتَقِي من الرَّكيَّةِ على العَلَقِ فابتَلَّ مواضعُ من جسده قيل: قد
بَقَّعَ، ومنه قيل للسُّقاة: بُقْعٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
كُفُوا سَنِتِين بالأَسْيافِ بُقْعاً،
على تِلْكَ الجِفارِ مِنَ النَّفِيِّ
السَّنِتُ: الذي أَصابته السنة، والنَّفِيُّ: الماء الذي يَنْتضِحُ
عليه.البَقْعةُ والبُقْعةُ، والضم أَعْلى: قِطْعة من الأَرض على غير هيئة
التي بجَنبها، والجمع بُقَع وبِقاع.
والبَقيعُ: موضع فيه أَرُوم شجر من ضُروب شَتَّى، وبه سمى بَقِيع
الغَرْقد، وقد ورد في الحديث، وهي مَقْبَرَةٌ بالمدينة، والغَرْقَدُ: شجر له
شوك كان ينبت هناك فذهب وبقي الاسم لازماً للموضع. والبَقِيعُ من الأَرض
المكان المتسع ولا يسمَّى بَقِيعاً إِلا وفيه شجر.
وما أَدري أَين سَقَعَ وبَقَعَ أَي أَين ذهب كأَنه قال إِلى أَي بُقْعة
من البقاع ذهب، لا يُستعمل إِلا في الجَحْد. وانْبَقَع فلان انْبِقاعاً
إِذا ذهب مُسْرِعاً وعَدا، قال ابن أَحمر:
كالثَّعْلَبِ الرَّائحِ المَمْطُورِ صُبْغَتُه،
شَلَّ الحَوامِلُ منه، كيف يَنْبَقِعُ؟
شلّ الحوامل منه دعاء عليه، أَي تَشَلُّ قوائمه.
وتَبِعَتْهم الداهية أَصابَتْهم. والباقِعة: الداهيةُ، والباقعة: الرجل
الداهية. ورجل باقِعةٌ: ذو دَهْيٍ. ويقال: ما فلان إِلاَّ باقِعةٌ من
الــبَواقِــع؛ سمي باقعة لحُلوله بِقاعَ الأَرض وكثرة تَنْقِيبه في البلاد
ومعرفته بها، فشُبِّه الرجل البصير بالأُمور الكثيرُ البحث عنها المُجَرِّبُ
لها به، والهاء دخلت في نعت الرجل للمبالغة في صفته، قالوا: رجل داهيةٌ
وعَلاَّمة ونسَّابة. والباقعة: الطائر الحَذِرُ إِذا شرب الماء نظر
يَمْنَةً ويَسْرَة. قال ابن الأَنباري في قولهم فلان باقِعةٌ: معناه حَذِر
مُحتال حاذق. والباقِعة عند العرب: الطائر الحَذِر المُحْتال الذي يشرب الماء
من البقاع، والبقاع مواضع يَسْتَنْقِعُ فيها الماء، ولا يَرِدُ
المَشارِعَ والمِياهَ المَحْضُورة خوفاً من أَن يُحْتالَ عليه فيُصاد ثم شُبِّه
به كلُّ حَذِرٍ مُحْتال. وفي الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه
وسلم،قال لأَبي بكر، رضي الله عنه: لقد عَثَرْتَ من الأَعْرابِ على باقِعةٍ؛ هو
من ذلك؛ وذكر الهَروِيّ أَن عليًّا، رضي الله عنه، هو القائل ذلك لأَبي
بكر؛ ومنه الحديث: ففاتَحْتُه فإِذا هو باقِعةٌ أَي ذَكِيٌّ عارِفٌ لا
يَفُوتُه شيء. وجارية بُقَعةٌ: كقُبَعة.
والبَقْعاء من الأَرض: المَعزاء ذاتُ الحَصى الصِّغار. وهارِبةُ
البَقْعاء: بَطن من العرب. وبَقْعاء: موضع مَعرِفة، لا يدخلها الأَلف واللام،
وقيل: بَقْعاء اسم بلد، وفي التهذيب: بَقْعاء قرية من قرى اليمامة؛ ومنه
قوله:
ولكنِّي أَتانِي أَنَّ يَحْيَى
يُقالُ: عليه في بَقْعاء شَرُّ
وكان اتُّهِمَ بامرأَة تسكن هذه القرية. وبَقْعاء المَسالِح: موضع آخر
ذكره ابن مقبل في شعره. وفي الحديث ذكر بُقْعٍ، بضم الباء وسكون القاف:
اسم بئر بالمدينة وموضع بالشام من ديار كَلْب، به استقرّ طلْحةُ
(* قوله
«طلحة» كذا في الأصل هنا والنهاية أيضاً، والذي في معجم ياقوت والقاموس
طليحة بالتصغير، بل ذكره المؤلف كذلك في مادة طلح.) بن خُوَيْلِد
الأَسدِيُّ لما هرَبَ يومَ بُزاخةَ.
وقالوا: يَجْرِي بُقَيْعٌ ويُذَمُّ؛ عن ابن الأَعرابي، والأَعرف
بُلَيْق، يقال هذا للرجل يُعِينُك بقليل ما يقدر عليه وهو على ذلك يُذَمُّ.
وابْتُقِعُ لونُه وانْتُقِع وامْتُقِع بمعنىً واحد.
وفي حديث الحَجاج: رأَيت قوماً بُقْعاً. قيل: ما البُقْع؟ قال: رقَّعُوا
ثيابهم من سوء الحال، شبه الثياب المُرَقَّعة بلَوْن الأَبقع.
جلح: الجَلَحُ: ذهابُ الشعر من مُقَدَّم الرأْس، وقيل: هو إِذا زاد
قليلاً على النَّزَعَة. جَلِحَ، بالكسر، جَلَحاً، والنعتُ أَجْلَحُ وجَلْحاء،
واسم ذلك الموضع الجَلَحَة.
والجَلَحُ: فوق النَّزَعِ، وهو انْحِسار الشعر عن جانبي الرأْس، وأَوّله
النَّزَعُ ثم الجَلَحُ ثم الصَّلَعُ. أَبو عبيد: إِذا انحَسَر الشعر عن
جانبي الجبهة، فهو أَنْزَعُ، فإِذا زاد قليلاً، فهو أَجْلَح، فإِذا بلغ
النصفَ ونحوه، فهو أَجْلى، ثم هو أَجْلَه، وجمعُ الأَجْلَح جُلْح
وجُلْحانٌ.
والجَلَحةُ: انْحِسارُ الشعر، ومُنْحَسِرُه عن جانبي الوجه. وفي الحديث:
إِن الله ليؤدي الحقوق إِلى أَهلها حتى يَقْتَصَّ للشاة الجَلْحاءِ من
الشاة القَرْناءِ نَطَحَتْها. قال الأَزهري: وهذا يبين أَن الجَلْحاء من
الشاء والبقر بمنزلة الجَمَّاء التي لا قرن لها؛ وفي حديث الصدقة: ليس
فيها عَقْصاء ولا جَلْحاء؛ وهي التي لا قرن لها. قال ابن سيده: وعَنْز
جَلْحاء جَمَّاء على التشبيه بجَلَحِ الشعر؛ وعمَّ بعضهم به نوعي الغنم، فقال:
شاة جَلْحاءٌ كجَمَّاء، وكذلك هي مِن البقر، وقيل: هي من البقر التي ذهب
قرناها آخراً، وهو من ذلك لأَنه كانحسار مُقَدَّم الشعر. وبقر جُلْح: لا
قرون لها؛ قال قَيْسُ بن عَيزارة
(* قوله «قال قيس بن عيزارة» قال شارح
القاموس: تتبعت شعر قيس هذا فلم أجده في ديوانه اهـ.) الهذلي:
فَسَكَّنْتَهم بالمالِ، حتى كأَنهم
بَواقِــرُ جُلْحٌ سَكَّنَتْها المَراتِعُ
وقال الجوهري عن هذا البيت: قال الكسائي أَنشدني ابن أَبي طَرْفة،
وأَورد البيت.
وقَرْيَةٌ جَلْحاء: لا حِصْنَ لها، وقُرًى جُلْحٌ. وفي حديث كعب: قال
الله لرُومِيَّةَ: لأَدَعَنَّكِ جَلْحاء أَي لا حِصْنَ عليك. والحُصُون
تشبه القرون، فإِذا ذهبت الحصون جَلِحَتِ القُرَى فصارت بمنزلة البقرة التي
لا قرن لها. وفي حديث أَبي أَيوب: من بات على سَطْحٍ أَجْلح فلا ذمة له؛
هو السطح الذي لا قرن له؛ قال ابن الأَثير: يريد الذي ليس عليه جدار ولا
شيء يمنع من السقوط. وأَرضٌ جَلْحاء: لا شجر فيها. جَلِحَتْ جَلَحاً
وجُلِحَتْ، كلاهما: أُكِلَ كَلَؤُها. وقال أَبو حنيفة: جُلِحَتِ الشجرة:
أُكِلَتْ فروعها فَرُدَّت إِلى الأَصل وخص مرة به الجَنْبةَ.
ونباتٌ مَجْلوحٌ: أُكل ثم نبت. والثُّمامُ المَجْلوحُ والضَّعَةُ
المَجْلوحَة: التي أُكلت ثم نبتت، وكذلك غيرها من الشجر؛ قال يخاطب
ناقته:أَلا ازْحَمِيهِ زَحْمةً فَرُوحِي،
وجاوِزي ذال السَّحَمِ المَجْلوحِ،
وكَثْرَةَ الأَصْواتِ والنُّبُوحِ
والمَجْلوح: المأْكولُ رأْسه. وجَلَح المالُ الشجرَ يَجْلَحُه جَلْحاً،
بالفتح، وجَلَّحَه: أَكله، قيل: أَكل أَعلاه، وقيل: رَعَى أَعاليه
وقَشَرَه.
ونبت إِجْلِيحٌ: جُلِحَتْ أَعاليه وأُكِلَ. والمُجَلَّح: المأْكولُ الذي
ذهب فلم يَبْقَ منه شيء؛ قال ابن مُقْبل يصف القَحْط:
أَلم تَعْلَمِي أَنْ لا يَذُمُّ فُجاءَتي
دَخِيلي، إِذا اغْبَرَّ العضاهُ المُجَلَّحُ
أَي الذي أُكل حتى لم يُترك منه شيء، وكذلك كَلأٌ مُجَلَّح. قال ابن بري
في شرح هذا البيت: دَخِيلُه دُخْلُلُه وخاصته، وقوله: فُجاءتي، يريد
وقت فجاءتي. واغبرار العضاه: إِنما يكون من الجدب، وأَراد بقوله أَن لا
يذم: أَنه لا يذم، فحذف الضمير على حدّ قوله عز وجل: أَفلا يرون أَن لا
يرجعُ إِليهم قولاً، تقديره أَنه لا يرجع.
والمُجَلِّحُ: الكثير الأَكل؛ وفي الصحاح: الرجل الكثير الأَكل.
وناقة مُجالِحة: تأْكل السَّمُرَ والعُرْفُط، كان فيه ورق أَو لم يكن.
والمَجاليح من النحل والإِبل: اللواتي لا يبالين قُحوطَ المطر؛ قال أَبو
حنيفة: أَنشد أَبو عمرو:
غُلْبٌ مَجالِيحُ عند المَحْلِ كُفْأَتُها،
أَشْطانُها في عِذابِ البحرِ تَسْتَبِقُ
الواحدة مِجْلاح ومُجالِحٌ.
والمُجالِحُ أَيضاً من النُّوق: التي تَدِر في الشتاء، والجمع
مَجالِيحُ؛ وضَرْع مُجالِحٌ، منه، وُصِفَ بصفة الجملة، وقد يستعمل في
الشاء.والمِجْلاحُ والمُجَلِّحَةُ: الباقية اللبن على الشتاء، قلَّ ذلك منها
أَو كثر، وقيل: المُجالِحُ التي تَقْضِمُ عيدان الشجر اليابس في الشتاء
إِذا أَقْحَطت السنَةُ وتَسْمَنُ عليها فيبقى لبنها؛ عن ابن الأَعرابي.
وسنَة مُجَلِّحة: مُجْدِبة. والمَجالِيح: السِّنُونَ التي تَذْهَبُ
بالمال.
وناقة مِجْلاحٌ: جَلْدَةٌ على السنة الشديدة في بقاء لبنها؛ وقال أَبو
ذؤيب:
المانِحُ الأُدْمَ والخُورَ الهِلابَ، إِذا
ما حارَدَ الخُورُ، واجْتَثَّ المَجالِيحُ
قال: المجاليح التي لا تبالي القحوط.
والجالِحةُ والجَوالِحُ: ما تطاير من رؤُوس النبات في الريح شِبْه
القطن؛ وكذلك ما أَشبهه من نسج العنكبوت وقِطَعِ الثلج إِذا تهافت.
والأَجْلَح: الهَوْدَجُ إِذا لم يكن مُشْرِفَ الأَعْلى؛ حكاه ابن جني عن
خالد بن كلثوم، قال: وقال الأَصمعي هو الهودج المربع؛ وأَنشد لأَبي
ذؤيب:إِلاّ تكنْ ظُعْناً تُبْنى هَوادِجُها،
فإِنهن حِسانُ الزِّيِّ أَجْلاحُ
قال ابن جني: أَجْلاحٌ جمع أَجْلَح، ومثله أَعْزَلُ وأَعْزال، وأَفْعَلُ
وأَفعالٌ قليل جدّاً؛ وقال الأَزهري: هَوْدَجٌ أَجْلَح لا رأْس له،
وقيل: ليس له رأْس مرتفع. وأَكَمَةٌ جَلْحاء إِذا لم تكن مُحَدَّدة
الرأْس.والتَّجْلِيحُ: السيرُ الشديد. ابن شميل: جَلَّحَ علينا أَي أَتى علينا.
أَبو زيد: جَلَّحَ على القوم تجليحاً إِذا حمل عليهم. وجَلَّحَ في
الأَمر: ركب رأْسه. والتَّجْلِيحُ: الإِقدام الشديد والتصميم في الأَمر
والمُضِيُّ؛ قال بِشْرُ بن أَبي خازم:
ومِلْنا بالجِفارِ إِلى تَميمٍ،
على شُعُثٍ مُجَلًّحَةٍ عِتاقِ
والجُلاحُ، بالضم مخففاً: السيلُ الجُرافُ. وذئب مُجَلِّحٌ: جَريءٌ،
والأِّنثى بالهاء؛ قال امرؤ القيس:
عَصافيرٌ وذِبَّانٌ ودُودٌ،
وأَجْرٍ من مُجَلِّحَةِ الذِّئابِ
وقيل: كلُّ ماردٍ مُقْدِم على شيءٍ مُجَلِّح. والتَّجْليحُ: المكاشَفةُ
في الكلام، وهو من ذلك؛ وأَما قول لبيد:
فكنَّ سَفِينها، وضَرَبْنَ جَأْشاً،
لِخَمْسٍ في مُجَلِّحَةٍ أَرُومِ
فإِنه يصف مفازة متكشفة بالسير.
وجالَحْتُ الرجلَ بالأَمر إِذا جاهرته به.
والمُجالَحَة: المُكاشَفة بالعداوة. والمُجالِحُ: المُكابِرُ.
والمُجالَحة: المُشارَّة مثل المُكالحةِ. وجَلاَّحٌ والجُلاحُ وجُلَيْحة: أَسماء؛
قال الليث: وجُلاحٌ اسم أَبي أُحَيْحة بن الجُلاح الخزرجي. وجَلِيحٌ:
اسم.وفي حديث عُمَرَ والكاهن: يا جَلِيحُ أَمرٌ نجِيحٌ؛ قال ابن الأَثير:
جَلِيح اسم رجل قد ناداه.
وبنو جُلَيْحة: بطن من العرب.
والجَلْحاءُ: بلد معروف، وقيل هو موضع على فرسخين من البصرة.
وجَلْمَح رأْسَه أَي حَلَقَه، والميم زائدة.
طدي: الجوهري: عادةٌ طاديةٌ أَي ثابتةٌ قديمةٌ، ويقال: هو مقلوب من
واطِدة؛ قال القطامي:
ما اعْتادَ حُبُّ سُلَيْمَى حينَ مُعْتادِ،
وما تَقَضَّى بَواقِــي دِينِها الطادِي
أَي ما اعْتادني حين اعتيادٍ، والدينُ: الدَّأْبُ والعادة.
طود: الطَّوْدُ: الجبل العظيم. وفي حديث عائشة تصف أَباها، رضي الله
عنهما: ذاك طَودٌ مُنِيفٌ أَي جبل عال. والطَّوْدُ: الهَضْبَةُ؛ عن ابن
الأَعرابي، والجمع أَطْوادٌ؛ وقوله أَنشده ثعلب:
يا مَنْ رأَى هامَةً تَزْقُو على جَدَثٍ،
تُجِيبُها خَلِفاتٌ ذاتُ أَطْوادِ
فسره فقال: الأَطوادُ هنا الأَسْنِمَة، شبهها في ارتفاعها بالأَطواد
التي هي الجبال، يصف إِبِلاَ أُخِذَت في الدية فَعَيَّرَ صاحِبَها بها.
والتَّطْوادُ: التَّطْوافُ؛ ابن الأَعرابي: طَوَّدَ إِذا طَوَّفَ
بالبِلادِ لطلب المعاش. والمَطاوِدُ: مثل المَطَاوِحِ. والطادِي: الثابت؛ وقال
أَبو عبيد في قول القطامي:
وما تُقْضَى بَواقــي دَيْنِها الطَّادِي
قال: يُرادُ به الواطِدُ فأَخَّر الواو وقلبها أَلفاً
(* قوله «وقلبها
الفاً» كذا بالأصل المعتمد والمناسب قلبها ياء كما هو ظاهر.) الفراء: طاد
إِذا ثبت، وداطَ إِذا حَمُق، ووَطَد إِذا حَمُق، ووطَدَ إِذا سار.
وطَوَّد فلان بفلان تَطْويداً وطَوَّحَ به تَطْوِيحاً وطَوَّد بنفسه في
المَطاوِدِ وطَوَّح بها في المطاوِح وهي المَذاهب؛ قال ذو الرمة:
أَخُو شُقَّةٍ جابَ البلادَ بنفْسِه،
على الهَوْلِ حتى لَوَّحَتْه المَطاوِدُ
وابنُ الطَّوْدِ: الجُلْمُودُ الذي يَتَدَهْدى من الطَّوْدِ؛ قال
الشاعر:دَعَوْتُ جُلَيْداً دَعْوَةً فَكأَنما
دَعَوْتُ بِه ابنَ الطَّوْدِ، أَو هُوَ أَسْرَع
(* قوله «جليدا» كذا بالأصل، وفي شرح القاموس خليداً، وفي الأساس
كليباً).
وطَوْدٌ وطُوَيْد: اسمان.
قحم: القَحْم: الكبير المُسنّ، وقيل: القَحْم فوق المسنّ مثل القَحْر؛
قال رؤبة:
رأَينَ قَحْماً شابَ واقْلَحَمّا،
طالَ عليه الدَّهْرُ فاسْلَهَمّا
والأُنثى قَحْمة، وزعم يعقوب أن ميمها بدل من باء قَحْبٍ. والقَحومُ:
كالقَحْم. والقَحْمة: المسنة من الغنم وغيرها كالقَحْبة، والاسم القَحامة
والقُحومة، وهي من المصادر التي ليست لها أَفعال. قال أبو عمرو: القَحْم
الكبير من الإبل ولو شبه به الرجل كان جائزاً؛ والقَحْرُ مثله. وقال أبو
العميثل: القَحْمُ الذي قد أَقحَمَتْه السِّنُّ، تراه قد هَرِمَ من غير
أوان الهَرَم؛ قال الراجز:
إني، وإنْ قالوا كَبيرٌ قَحْمُ،
عِندي حُداءٌ زَجَلٌ ونَهْمُ
والنَّهْم: زَجر الإبل. الجوهري: شيخ قَحْمٌ أي هِمٌّ مثل قَحْل. وفي
حديث ابن عُمر: ابْغِني خادماً لا يكون قَحْماً فانِياً ولا صغيراً
ضَرَعاً؛ القَحْم: الشيخُ الهِمُّ الكبير. وقَحَمَ الرَّجُلُ في الأَمرِ يَقْحُم
قُحوماً واقتَحَمَ وانْقَحَم، وهما أَفصح: رَمَى بنفسه فيه من غير
رَوِيَّةٍ، وقيل: رَمى بنفسه في نهر أو وَهْدةٍ أو في أَمر من غير دُرْبةٍ،
وقيل: إنما جاءت قَحَمَ في الشِّعر وحده. وفي الحديث: أَقْحِمْ يا ابنَ
سيفِ الله. قال الأزهري: وفي الكلام العام اقْتَحَم.
وتَقْحِيمُ النفْسِ في الشيء: إدخالها فيه من غير رَويَّة. وفي حديث
عائشة: أَقبلت زَيْنبُ تَقَحَّمُ لها أي تَتَعرَّضُ لشتمها وتدخل عليها فيه
كأنها أَقبلت تشتُمها من غير رويّة ولا تثَبُّت. وفي الحديث: أنا آخِذٌ
بحُجَزِكم عن النار وأَنتم تقْتَحِمُون فيها أي تقَعُونَ فيها. يقال:
اقْتَحَم الإنسانُ الأمرَ العظيم وتقَحَّمَه؛ ومنه حديث عليّ، رضي الله عنه:
مَنْ سَرَّه أن يتَقَحَّم جرَاثِيمَ جهنم فلْيَقْضِ في الجَدِّ أي يرمي
بنفسه في مَعاظِم عذابها. وفي حديث ابن مسعود: مَنْ لَقِيَ الله لا يُشرك
به شيئاً غَفر له المُقْحِماتِ أي الذنوبَ العِظامِ التي تُقْحِمُ
أَصحابها في النار أي تُلقيهم فيها. وفي التنزيل: فلا اقْتَحَم العقبةَ؛ ثم فسر
اقْتِحامَها فقال: فَكَّ رقَبةً أَو أَطْعَمَ، وقرئ: فَكُّ رقبةٍ أَو
إطْعامٌ، ومعنى فلا اقتحمَ العقبة أي فلا هو اقتحم العقبة، والعرب إذا نفت
بلا فِعْلاً كررتها كقوله: فلا صَدَّق ولا صَلَّى، ولم يكررها ههنا
لأَنه أَضمر لها فعلاً دل عليه سياق الكلام كأَنه قال: فلا أَمن ولا
اقْتَحَمَ العقبة، والدليل عليه قوله: ثم كان من الذين آمنوا. واقتحمَ النجمُ
إذا غاب وسَقط؛ قال ابن أَحمر:
أُراقِبُ النجمَ كأَني مُولَع،
بحيْثُ يَجْْري النجمُ حتى يقْتَحِم
أي يسقط؛ وقال جرير في التقدم:
همُ الحامِلونَ الخَيلَ حتى تقَحَّمَت
قَرابِيسُها، وازدادَ مَوجاً لُبُودها
والقُحَمُ: الأُمور العِظام التي لا يَركبها كل أَحد. وللخصومة قُحَم
أَي أَنها تَقْحَمُ بصاحبها على ما لا يريده. وفي حديث عليّ، كرم الله
وجهه: أَنه وكَّلَ عبدَالله بن جعفر بالخُصومة، وقال: إن للخُصومةِ قُحَماً،
وهي الأُمور العظام الشاقة، واحدتها قُحْمةٌ، قال أَبو زيد الكلابي:
القُحَم المَهالك؛ قال أَبو عبيد: وأَصله من التَّقَحُّم، ومنه قُحْمة
الأَعْراب، وهو كله مذكور في هذا الفصل؛ وقال ذو الرمة يصف الإبل وشدة ما تلقى
من السير حتى تُجْهِض أَولادها:
يُطَرِّحْنَ بالأَوْلادِ أَو يَلْتَزمْنها،
على قُحَمٍ، بينَ الفَلا والمَناهِل
وقال شمر: كل شاقّ صَعْب من الأُمور المُعضِلة والحروب والديون فهي
قُحَم؛ وأَنشد لرؤْبة:
مِنْ قُحَمِ الدَّيْنِ وزُهْدِ الأَرْفاد
قال: قُحَمُ الدين كثرته ومَشقَّته؛ قال ساعدة بن جؤية:
والشَّيْبُ داءٌ نَحِيسٌ، لا دواءَ له
للمَرءِ كان صََحيحاً صائِبَ القُحَمِ
يقول: إذا تقَحَّمَ في أَمر لم يَطِش ولم يُخْطِئ؛ قال: وقال ابن
الأَعرابي في قوله:
قومٌ إذا حارَبوا، في حَرْبِهم قُحَمُ
قال: إقدام وجُرأَة وتقَحُّم، وقال في قوله: مَن سرَّه أَن يتَقَحَّم
جَراثِيمَ جهنم؛ قال شمر: التَّقحُّم التقدُّم والوُقوعُ في أُهْوِيّة
وشدّة بغير روية ولا تثبت؛ وقال العجاج:
إذا كُلِي واقْتُحِمَ المَكْلِيُّ
يقول: صُرِعَ الذي أُصِيبت كُلْيَتُه. وقُحَمُ الطريق: ما صَعُبَ منها.
واقْتَحَم المنزل: هَجَمه. واقْتَحم الفَحْلُ الشَّوْلَ: اهْتَجَمها من
غير أَن يُرْسَلَ فيها. الأَزهري: المَقاحِيمُ من الإبل التي تَقْتَحِم
فتَضْرب الشول من غير إرسال فيها، والواحد مِقْحام؛ قال الأزهري: هذا من
نعت الفُحول. والإقْحامُ: الإرْسال في عجلة. وبعير مُقْحَم: يذهب في
المفازة من غير مُسِيم ولا سائق؛ قال ذو الرمة:
أو مُقْحَم أَضْعفَ الإبْطانَ حادِجُه،
بالأَمْسِ، فاسْتَأْخَرَ العِدْلان والقتَبُ
قال: شبَّه به جَناحَي الظليم. وأَعْرابي مُقْحَم: نشأَ في البَدْو
والفَلوَات لم يُزايِلها. وقَحَم المنازل: طَواها؛ وقول عائذ بن منقذ
العَنْبري أَنشده ابن الأَعرابي:
تُقَحِّم الرَّاعي إذا الراعي أَكَبُّ
فسره فقال: تُقَحِّمُ لا تَنزِل المَنازل ولكن تَطوي فتُقَحِّمُه منزلاً
منزلاً يصف إبلاً؛ وقوله:
مُقَحِّم الرَّاعي ظَنُونَ الشِّرْبِ
يعني أَنه يقتحم منزلاً بعد منزل يَطْوِيه فلا ينزل فيه، وقوله ظَنونَ
الشِّرب أي لا يدري أَبه ماء أم لا.
والقُحْمة: الانْقِحام في السير؛ قال:
لمَّا رأَيتُ العامَ عاماً أَسْحَما،
كَلَّفْتُ نفْسي وصِحابي قُحَما
والمُقْحَم، بفتح الحاء: البعير الذي يُرْبِعُ ويُثْني في سنة واحدة
فيَقتحِم سناً على سن قبل وقتها، ولا يكون ذلك إلا لابن الهَرِمَيْن أَو
السَّيِّءِ الغذاء. الأَزهري: البعير إذا أَلقَى سِنَّيْه في عام واحد فهو
مُقْحَم، قال: وذلك لا يكون إلاَّ لابن الهَرِمَين؛ وأَنشد ابن بري لعمرو
بن لجإٍ:
وكنتُ قد أَعْدَدْتُ، قَبْلَ مَقْدَمي،
كَبْداء فَوْهاء كجَوْزِ المُقْحَمِ
وعنى بالكَبداء مَحالة عظيمة الوَسَط. وأُقْحِمَ البعير: قُدِّم إلى سن
لم يبلغها كأَن يكون في جِرْم رَباعٍ وهو ثَنِيٌّ فيقال رَباعٌ لعِظَمِه،
أَو يكون في جرم ثنيّ وهو جَذَعٌ فيقال ثني لذلك أَيضاً، وقيل:
المُقْحَم الحِقُّ وفوق الحِقِّ مما لم يَبْزُل. وقُحْمة الأَعراب: أن تصيبهم
السنة فتُهْلِكَهم، فذلك تقَحُّمها عليهم أو تقَحُّمُهم بلاد الريف.
وقَحَمَتهم سنة جدبة تقْتحِم عليهم وقد أَقْحَموا وأُقْحِموا؛ الأُولى عن ثعلب،
وقُحِّموا فانْقَحَمُوا: أُدْخِلوا بلاد الريف هرباً من الجدب.
وأَقْحَمَتْهم السنةُ الحَضَرَ وفي الحَضر: أَدْخَلَتْهم إياه. وكلُّ ما أَدْخلتَه
شيئاً فقد أَقْحَمْتَه إياه وأَقْحَمْتَه فيه؛ قال:
في كلِّ حَمْدٍ أَفادَ الحَمْد يُقْحِمُها،
ما يُشْتَرَى الحَمْدُ إلا دُونَه قُحَمُ
الجوهري: القُحْمة السنة الشديدة. يقال: أَصابت الأَعرابَ القُحْمةُ إذا
أَصابهم قَحْط. وفي الحديث: أَقحَمَتِ السنةُ نابِغةَ بني جَعْدة أي
أَخرجَته من البادية وأَدخَلتْه الحضََر. والقُحمة: ركوب الإثْم؛ عن ثعلب.
والقُحمة، بالضم: المهلكة.
وأَسودُ قاحِمٌ: شديد السواد كفاحم.
والتَّقْحِيمُ: رَميُ الفرسِ فارسَه على وجهه؛ قال:
يُقَحِّمُ الفارِسَ لولا قَبْقَبُهْ
ويقال: تقَحَّمَتْ بفلان دابته، وذلك إذا ندَّت به فلم يَضْبِطْ رأْسَها
وربما طَوَّحت به في وَهْدة أَو وَقَصَتْ به؛ قال الراجز:
أَقولُ، والناقةُ بي تقَحَّمُ،
وأَنا منها مُكْلَئِزُّ مُعْصِمُ:
ويْحَكِ ما اسْمُ أُمِّها، يا عَلْكَمُ؟
يقال: إن الناقة إذا تقَحَّمت براكبها نادَّةً لا يَضْبِطُ رأْسها إنها
إذا سَمَّى أُمِّها وقفت. وعَلْكَم: اسم ناقة. وأَقْحَمَ فرسَه النهرَ
فانْقَحَم، واقْتَحم النهر أَيضاً: دخَله. وفي حديث عمر: أَنه دخلَ عليه
وعنده غُلَيِّمٌ أَسْودُ يَغْمِزُ ظَهرَه فقال: ما هذا الغلام؟ قال: إنه
تقَحَّمَتْ بي الناقةُ الليلةَ أَي أَلَقَتْني. والقُحْمةُ: الوَرْطةُ
والمَهْلكة. وقَحَمَ إليه يَقْحَم: دَنا.
والقُحَمُ: ثلاث ليال من آخر الشهر لأَن القمر قحَمَ في دُنُوِّه إلى
الشمس.
واقْتَحمَتْه عيني: ازْدَرَتْه، قال: وقد يكون الذي تَقْحَمُه عينُك
فترفعه فوق سنِّه لعِظَمه وحُسنه نحو أَن يكون ابن لَبُون فتظنه حِقّاً أو
جَذَعاً.
وفي حديث أُم معبد في صفة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: لا
تَقْتَحِمهُ عَين من قِصَر أي لا تتجاوَزُه إلى غيره احتقاراً له. وكل شيء
ازْذَرَيْتَه فقد اقتحَمْتَه؛ أَراد الواصفُ أَنه لا تَسْتَصْغِرُه العينُ
ولا تَزْدَرِيه لقِصَرِه. وفلان مُقْحَمٌ أي ضعيف. وكلُّ شيء نُسِبَ إلى
الضعف فهو مُقْحَم؛ ومنه قول النابغة الجَعْدي:
عَلَوْنا وسُدنا سُودَداً غيرَ مُقْحَمِ
قال: وأَصل هذا وشبهه من المُقحم الذي يتحوَّل من سنّ إلى سنّ في سنة
واحدة؛ وقوله أَنشده ابن الأعرابي:
من الناسِ أَقْوامٌ، إذا صادَفوا الغِنى
توَلَّوْا، وقالوا للصَّديقِ وقَحَّمُوا
فسره فقال: أَغْلَظُوا عليه وجَفَوه.
نبت: النَّبْتُ: النَّباتُ. الليث: كلُّ ما أَنْبَتَ الله في الأَرض،
فهو نَبْتٌ؛ والنَّباتُ فِعْلُه، ويَجري مُجْرى اسمِه. يقال: أَنْبَتَ
اللهُ النَّبات إِنْباتاً؛ ونحو ذلك قال الفرَّاءُ: إِنَّ النَّبات اسم يقوم
مقامَ المَصْدَر. قال اللهُ تعالى: وأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً. ابن
سيده: نَبَتَ الشيءُ يَنْبُت نَبْتاً ونَباتاً، وتَنَبَّتَ؛ قال:
مَنْ كان أَشْرَكَ في تَفَرُّقِ فالِجٍ،
فَلُبونُه جَرِبَتْ معاً، وأَغَدَّتِ
إِلاَّ كناشِرَةِ الذي ضَيَّعْتُمُ،
كالغُصْنِ في غُلَوائِه المُتَنَبِّتِ
وقيل: المُتَنَبِّتُ هنا المُتَأَصِّلُ. وقوله إِلاَّ كناشِرة: أَراد
إِلاّ ناشِرة، فزاد الكاف، كما قال رؤْبة:
لواحِقُ الأَقْرابِ فيه كالمَقَقْ
أَراد فيها المَقَقُ، وهو مذكور في موضعه. واختار بعضهم: أَنْبَتَ بمعنى
نَبَتَ، وأَنكره الأَصمعي، وأَجازه أَبو عبيدة، واحتج بقول زهير: حتى
إِذا أَنْبَتَ البَقْلُ، أَي نَبَتَ. وفي التنزيل العزيز: وشجرةً تخرجُ من
طُورسَيْناءَ تَنْبُتُ بالدُّهْن؛ قرأَ ابن كثير وأَبو عمرو الحَضْرَميُّ
تُنْبِتُ، بالضم في التاء، وكسر الباء؛ وقرأَ نافع وعاصم وحمزة والكسائي
وابن عامر تَنْبُتُ، بفتح التاءِ؛ وقال الفراءُ: هما لغتان نَبَتَتِ
الأَرضُ، وأَنْبَتَتْ؛ قال ابن سيده: أَما تُنْبِتُ فذهبَ كثير من الناس
إِلى أَن معناه تُنْبِتُ الدُّهْنَ أَي شَجرَ الدُّهْن أَو حَبَّ الدُّهْن،
وأَن الباءَ فيه زائدة؛ وكذلك قول عنترة:
شَرِبَِتْ بماءِ الدُّحْرُضَيْن، فأَصْبَحَتْ
زَوْراءَ، تَنْفِرُ عن حِياضِ الدَّيْلَمِ
قالوا: أَراد شَرِبَتْ ماءَ الدُّحْرُضَيْن. قال: وهذا عند حُذَّاقِ
أَصحابنا على غير وجه الزيادة، وإِنما تأْويله، والله أَعلم، تُنْبِتُ ما
تُنْبِتُه والدُّهْنُ فيها، كما تقول: خرج زيدٌ بثيابه أَي وثيابُه عليه،
ورَكِبَ الأَمير بسيفه أَي وسيفه معه؛ كما أَنشد الأَصمعي:
ومُسْتَنَّةٍ كاسْتِنانِ الخَروفِ،
قد قَطَّعَ الحَبْلَ بالمِرْوَدِ
أَي قَطَع الحَبْلَ ومِرْوَدُه فيه؛ ونحو هذا قول أَبي ذُؤَيْب يصف
الحمير:
يَعْثُرْنَ في حَدِّ الظُّباةِ، كأَنما
كُسِبَتْ بُرودَ بني تَزيدَ الأَذْرُعُ
أَي يَعْثُرْنَ، وهُنَّ مع ذلك قد نَشِبْنَ في حَدِّ الظُّباة، وكذلك
قوله: شَرِبَتْ بماءِ الدُّحْرُضَين، إِنما الباء في معنى في، كما تقولا:
شربت بالبصرة وبالكوفة أَي في البصرة وفي الكوفة، أَي شَرِبَتْ وهي بماءِ
الدُّحْرُضَين، كما تقول: ورَدْنا صَدْآءَ، ووافَينا شَحاةَ، ونَزَلْنا
بواقِــصَةَ. ونَبَت البَقْلُ، وأَنْبَتَ، بمعنى؛ وأَنشد لزهير بن أَبي
سُلْمَى:
إِذا السنةُ الشَهْباءُ، بالناس، أَجْحَفَتْ،
ونال كرامَ النَّاسِ، في الجَحْرةِ، الأَكلُ
رأَيتَ ذوي الحاجاتِ، حَوْلَ بُيوتِهم،
قَطِيناً لهم، حتى إِذا أَنْبَتَ البَقْلُ
أَي نَبَتَ. يعني بالشهباء: البيضاءَ، من الجَدْبِ، لأَنها تَبْيَضُّ
بالثلج أَو عدم النبات. والجَحْرَةُ: السَّنةُ الشديدة التي تَحْجُرُ
الناسَ في بيوتهم، فيَنْحَرُون كرائمَ إِبلهم ليأْكلوها. والقَطينُ: الحَشَمُ
وسُكَّانُ الدار. وأَجْحَفَتْ: أَضَرَّتْ بهم وأَهلكت أَموالهم. قال:
ونَبَتَ وأَنْبَتَ مثل قولهم مَطَرَت السماءُ وأَمْطَرَتْ، وكلهم يقول:
أَنْبَتَ اللهُ البَقْلَ والصَّبيَّ نَباتاً. قال اللهُ، عز وجل: وأَنْبتها
نَباتاً حَسَناً؛ قال الزجاج: معنى أَنْبتها نَباتاً حَسَناً أَي جَعَلَ
نَشْوَها نَشْواً حَسَناً، وجاءَ نَباتاً على لفظ نَبَتَ، على معنى
نَبَتَتْ نَباتاً حَسَناً. ابن سيده: وأَنبَته الله، وفي التنزيل العزيز: والله
أَنْبَتَكم من الأَرض نَباتاً؛ جاءَ المصدر فيه على غير وزن الفعل، وله
نظائر.
والمَنْبِتُ: موضعُ النبات، وهو أَحد ما شَذَّ من هذا الضَّرْب، وقياسُه
المَنْبَتُ. وقد قيل: حكى أَبو حنيفة: ما أَنْبَتَ هذه الأَرضَ
فتَعَحَّبَ منه، بطرح الزائد. والمَنْبِتُ: الأَصْلُ.
والنِّبْتة: شَكْلُ النباتِ وحالتُه التي يَنْبُتُ عليها. والنِّبْتة:
الواحدةُ من النَّبات؛ حكاه أَبو حنيفة، فقال: العُقَيْفاءُ نِبْتَةٌ،
ورَقُها مثل وَرَق السَّذاب؛ وقال في موضع آخر: إِنما قدَّمناها لئلا يحتاج
إِلى تكرير ذلك عند ذكر كل نَبْتٍ، أَراد عندكل نوع من النَّبْت.
ونَبَّتَ فلانٌ الحَبَّ، وفي المحكم: نَبَّتَ الزرعَ والشَجر تَنْبِيتاً
إِذا غَرَسَه وزَرَعه. ونَبَّتُّ الشجرَ تَنْبيتاً: غَرَسْتُه.
والنَّابتُ من كل شيءٍ: الطَّريُّ حين يَنْبُتُ صغيراً؛ وما أَحْسَنَ
نابتةَ بني فلان أَي ما يَنْبُتُ عليه أَموالُهم وأَولادُهم. ونَبَتَتْ
لهم نابتةٌ إِذا نَشأَ لهم نَشءٌ صغارٌ. وإِنَّ بني فلان لنابتةُ شَرٍّ.
والنوابتُ، من الأَحداثِ: الأَغْمارُ. وفي حديث أَبي ثعلبة قال: أَتيتُ
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: نُوَيْبِتةُ، فقلتُ: يا رسول الله،
نُوَيْبتةُ خير، أَو نُوَيْبتة شَرٍّ؟ النُّوَيْبِتة: تصغيرُ نابتةٍ؛ يقال:
نَبَتَتْ لهم نابتة أَي نَشأَ فيهم صغارٌ لَحِقوا الكِبار، وصاروا زيادة
في العدد. وفي حديث الأَحْنَفِ: أَن معاوية قال لمن ببابه: لا
تَتَكَلَّموا بحوائجكم، فقال: لولا عزْمةُ أَمير المؤْمنين، لأَخْبَرْتُه أَنَّ
دافَّةً دَفَّتْ، وأَنَّ نابتة لَحِقَتْ.
وأَنْبَتَ الغلامُ: راهقَ، واسْتَبانَ شَعَرُ عانتِه ونَبَتَ. وفي حديث
بني قُرَيْظةَ: فكلُّ من أَنْبَتَ منهم قُتل؛ أَراد نباتَ شعر العانة،
فجعله علامة للبلوغ، وليس ذلك حَدّاً عند أَكثر أَهل العلم، إِلا في أَهل
الشرك، لأَنه لا يُوقَفُ على بلوغهم من جهة السن، ولا يمكن الرجوع إِلى
أَقوالهم، للتُّهمة في دفع القتل، وأَداءِ الجزية. وقال أَحمد: الإِنبات
حدّ معتبر تقام به الحُدود على من أَنْبَتَ من المسلمين، ويُحْكى مثلُه عن
مالك.
ونَبَّتَ الجاريةَ: غَذَّاها، وأَحْسنَ القيام عليها، رجاءَ فضل رِبحها.
ونَبَّتُّ الصَّبيَّ تَنْبيتاً: رَبَّيته. يقال: نَبِّتْ أَجَلَك بين
عينيك.
والتَّنْبِيتُ: أَوَّل خروج النبات. والتنبيت أَيضاً: ما نَبَتَ على
الأَرض من النَّبات من دِقِّ الشجر وكِباره؛ قال:
بَيْداءُ لم يَنْبُتْ بها تَنْبِيتُ
والتَّنْبِيتُ: لغةٌ في التَّبْتيتِ،وهو قِطَعُ السَّنام.
والتَّنْبِيتُ: ما شُذِّب على النخلة من شوكها وسَعَفها، للتخفيف عنها، عزاها أَبو
حنيفة إِلى عيسى ابن عمر.
والنَّبائتُ: أَعْضادُ الفُلْجان، واحدتها نَبيتة.
واليَنْبُوتُ: شجر الخَشخاش؛ وقيل: هي شجرة شاكةٌ، لها أَغْصان وورقٌ،
وثمرتها جِرْوٌ أَي مُدَوَّرة، وتُدْعى: نَعْمان الغافِ، واحدتُها
يَنْبوتة. قال أَبو حنيفة: اليَنْبوت ضربان أَحدهما هذا الضَّوكُ القِصارُ الذي
يسمى الخَرُّوبَ، له ثمرة كأَنها تفاحة فيها حب أَحمر، وهي عَقُولٌ
للبَطْنِ يُتَداوى بها؛ قال: وهي التي ذكرها النابغة، فقال:
يَمُدُّه كلُّ وادٍ مُتْرَعٍ لَجِبٍ،
فيه حُطامٌ من اليَنْبوتِ، والخَضَدِ
والضَّرْبُ الآخر شجرٌ عظام. قال ابن سيده: أَخبرني بعضُ أَعراب ربيعة
قال: تكون اليَنْبوتةُ مثل شجرة التفاح العظيمة، وورقها أَصغر من ورق
التفاح، ولها ثمرة أَصغر من الزُّعْرور، شديدة السَّواد، شديدة الحلاوة، ولها
عَجَم يوضع في الموازين.
والنَّبيتُ: أَبو حي؛ وفي الصحاح: حَيّ من اليَمن. ونُباتةُ، ونَبْتٌ،
ونابِتٌ: أَسماء.
اللحياني: رجل خَبيتٌ نَبِيتٌ إِذا كان خسيساً فقيراً، وكذلك شيء خبيثٌ
نَبيثٌ.
ويقال: إِنه لَحسَنُ النِّبْتة أَي الحالة التي يَنْبُتُ عليها؛ وإِنه
لفي مَنْبِتِ صِدْقٍ أَي في أَصلِ صِدْقٍ، جاء عن العرب بكسر الباء،
والقياس مَنْبَتٌ، لأَنه من نَبَتَ يَنْبُتُ، قال: ومثله أَحرف معدودة جاءت
بالكسر، منها: المسجِد، والمَطْلِع، والمَشْرِقُ، والمَغْرِبُ، والمَسْكِنُ،
والمَنْسِك.
وفي حديث عليّ، عليه السلام: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال لقوم
من العرب: أَنتم أَهلُ بَيْتٍ أَو نَبْتٍ؟ فقالوا: نحن أَهلُ بَيتٍ وأَهلُ
نَبْتٍ أَي نحن في الشرف نهاية. وفي النَّبْتِ نهاية، أَي يَنْبُتُ
المال على أَيدينا، فأَسْلَموا.
ونُباتَى: موضع؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّةَ:
فالسِّدْرُ مُخْتَلِجٌ، فَغُودِرَ طافِياً،
ما بَيْنَ عَيْنَ إِلى نُباتى الأَثْأَبِ
ويروى: نَباةَ كحَصاةٍ، عن أَبي الحسن الأخفش.
نفخ: النَّفْخ: معروف، نَفَخ فيه فانْتَفَخ. ابن سيده: نَفَخ بفمه
يَنْفُخ نَفْخاً إِذا أَخرج منه الريح يكون ذلك في الاستراحة والمعالجة
ونحوهما؛ وفي الخَبر: فإِذا هو مُغْتاظٌ يَنْفُخُ؛ ونَفخ النارَ وغيرها ينفُخها
نَفْخاً ونَفِيخاً.
والنَّفيخُ: الموكل بنَفْخ النار؛ قال الشاعر:
في الصبْح يَحْكي لَوْنَهُ زَخِيخُ،
مِنْ شُعْلَةٍ، ساعَدَها النَّفيخُ
قال: صار الذي ينفُخ نَفيخاً مثل الجليس ونحوه لأَنه لا
يزال يتعهدُه بالنفخ.
والمنفاخ: كير الحدّاد. والمِنْفاخ: الذي يُنْفَخ به في النار وغيرها.
وما بالدَّارِ نافخُ ضَرْمَةٍ أَي ما بها أَحد. وفي حديث علي، رضوان
الله عليه: ودَّ معاوية أَنه ما بقي من بني هاشم نافِخُ ضَرْمَةٍ أَي أَحد
لأَن النار ينفخها الصغير والكبير والذكر والأُنثى؛ وقول ابي النجم:
إِذا نَطَحْنَ الأَخْشَبَ المَنْطُوحا،
سَمِعْت لِلمَرْوِ بهِ ضَبِيحا،
يَنْفَحْنَ مِنْهُ لَهَباً مَنْفُوحا
إنما أَراد منفوخاً فأَبدل الحاء مكان الخاء، وذلك لأَن هذه القصيدة
حائية وأَوّلها:
يا ناقُ، سِيري عَنَقاً فَسيحا
إِلى سُلَيْمَانَ، فَنَسْتَرِيحا
وفي الحديث: أَنه نهى عن النَّفْخِ في الشراب؛ إِنما هو من أَجل ما يخاف
أَن يبدُرَ من ريقه فيقع فيه فربما شرب بعده غيره فيتأَذى به. وفي
الحديث: رأَيت كأَنه وُضع في يَديَّ سِوارانِ من ذهب فأُوحي إِليّ أَنِ
انْفُخْهُما أَي ارْمهما وأَلقهما كما تنفُخ الشيءَ إِذا دفعته عنك، وإِن كانت
بالحاء المهملة، فهو من نفحت الشيء إِذا رَمَيته؛ ونفَحَت الدابةُ إِذا
رَمَحَتْ بِرِجلها. ويروي حديث المستضعفين: فَنَفَخَت بهم الطريق، بالخاء
المعجمة، أَي رمت بهم بغتة مِنْ نَفَخَت الريح إِذا جاءَت بغتة. وفي حديث
عائشة: السُّعوط مكانَ النفخ؛ كانوا إِذا اشتكى أَحدهم حَلْقَه نَفَخوا
فيه فجعلوا السعوط مكانَه. ونفَخ الإِنسانُ في اليراع وغيره. والنفْخة:
نفخةُ يومِ القيامة. وفي التنزيل: فإِذا نُفخ في الصور. وفي التنزيل:
فأَنْفُخُ فيه فيكون طائراً بإِذن الله. ويقال: نُفخ الصورُ ونُفخ فيه، قاله
الفراء وغيره؛ وقيل: نفخه لغة في نفخ فيه، قال الشاعر:
لولا ابنُ جَعْدَةَ لم يُفْتَحْ قُهُنْدُزُكُمْ،
ولا خُراسانُ، حتى يُنْفَخَ الصُورُ
(* قوله «قهندزكم» بضم القاف والهاء والدال المهملة كذا في القاموس. وفي
معجم البلدان لياقوت: قهندز بفتح أوله وثانيه وسكون النون وفتح الدال
وزاي: وهو في الأصل اسم الحصن أو القلعة في وسط المدينة، وهي لغة كأنها
لأهل خراسان وما وراء النهر خاصة. وأكثر الرواة يسمونه قُهندز يعني بالضم
إلخ. ثم قال: ولا يقال في القلعة إذا كانت مفردة في غير مدينة مشهورة، وهو
في مواضع كثيرة منها سمرقند وبخارا وبلخ ومرو ونيسابور).
وقول القطامي:
أَلم يُخْزِ التفَرُّقُ جُنْدَ كِسْرَى،
ونُفْخوا في مدائِنهمْ فَطاروا
أَراد: ونفخوا فخفف. ونَفخ بها: ضَرَط؛ قال أَبو حنيفة: النفْخة الرائحة
الخفيفة اليسيرة، والنفخة: الرائحة الكثيرة؛ قال ابن سيده: ولم أَر
أَحداً وصف الرائحة بالكثرة ولا القلة غير أَبي حنيفة. قال: وقال أَبو عمرو
بن العلاء دخلت محراباً من محاريب الجاهلية فنَفَخ المسكُ في وجهي.
والنفْخة والنُّفَّاخ: الورَم. وبالدابة نَفَخٌ: وهو ريح تَرِمُ منه
أَرساغُها فإِذا مَشَت انْفَشَّت. والنُّفْخة: داء يصيب الفرس تَرِمُ منه
خُصْياه؛ نفخ نَفَخاً، وهو أَنْفَخُ. ورجل أَنفخ بيّن النفْخ: للذي في
خُصْيَيه نَفْخ؛ التهذيب: النُّفَّاخ نفْخة الورم من داء يأْخذ حيث أَخَذَ.
والنفْخَة: انتفاخ البَطن من طعام ونحوه. ونَفَخه الطعام ينفُخه نفْخاً
فانتفَخ: مَلأَه فامتَلأَ. يقال: أَجِدُ نُفْخَة ونَفْخة ونِفْخة إِذا
انتفخ بطنه.
والمنتفخ أَيضاً: الممتلئ كِبراً وغضباً. ورجل ذو نَفْخ وذو نفج،
بالجيم، أَي صاحب فخر وكِبْر.
والنفْخ: الكبْر في قوله: أَعوذ بك من هَمْزهِ ونَفْثه ونَفْخهِ،
فنَفْثُه الشعر، ونَفْخُه الكبْرُ، وهمزُه المُوتَةُ لأَن المتكبر يتعاظم ويجمع
نفْسَه ونفَسَه فيحتاج اءن ينفُخ. وفي حديث اشراط الساعة: انتفاخُ
الأَهلَّه أَي عِظمها وقد انتُفخ عليه.
وفي حديث عليّ: نافخٌ حِضْنَيه أَي منتَفخ مستعدّ لأَن يعمل عمله من
الشر. ومن مسائل الكتاب: وقصدتُ قصدَه إِذ انتَفَخ عليّ أَي لايَنْتُه
وخادَعْتُه حين غضب عليّ.
وانتفخ النهار: علا قبل الانتصاف بساعة؛ وانتفخ الشيءُ. والنفخ: ارتفاع
الضُّحى.
ونفْخَة الشباب: معظمه، وشاب نُفُخ وجارية نُفُخٌ: ملأَتهما نفخة
الشباب. وأَتانا في نفخة الربيع أَي حين أَعشب وأَخصب. أَبو زيد: هذه نُفخة
الربيع، ونِفْخته: انتهاء نبته.
والنُّفُخ: للفتى الممتلئ شباباً، بضم النون والفاء، وكذلك الجارية
بغير هاء. ورجل منتفخ ومنفوخ أَي سمين. ابن سيده: ورجل منفوخ وأُنْفُخان
وإِنْفِخان والأُنثى أُنْفُخانة وإِنْفِخانة: نفَخَهما السِّمَن فلا يكون
إِلاَّ سِمَناً في رخاوة. وقوم منفوخون، والمنفوخ: العظيم البطن، وهو
أَيضاً الجبان على التشبيه بذلك لأَنه انتفَخَ سَحْرُه. والنُّفَّاخة: هنَةٌ
منتفخة تكون في بطن السمكة وهو نصابها فيما زعموا وبها تستقلّ في الماء
وتردّد. والنُّفَّاخة: الحجاة التي ترتفع فوق الماء.
والنَّفْخاء من الأَرض: مثل النَّبْخاء؛ وقيل: هي أَرض مرتفعة مكرّمة
ليس فيها رمل ولا حجارة تنبت قليلاً من الشجر، ومثلها النَّهْداء غير أَنها
أَشد استواء وتَصَوُّباً في الأَرض؛ وقيل: النَّفخاء أَرض لينة فيها
ارتفاع؛ وقيل لابنة الخُسّ: أَيُّ شيء أَحسن؟ فقالت: أَثَرُ غاديَة
(* قوله
«اثر غادية إلخ» تقدم في نبخ غادية في اثر إلخ) ، في إِثْرِ سارِيَة، في
بلاد خاوية، في نَفْخاء رابية؛ وقيل: النفْخاء من الأَرضين كالرَّخَّاء
والجمع النَّفاخَى، كسّر تكسير الأَسماء لأَنها صفة غالبة. والنفْخاء:
أَعلى عظم الساق.
نقخ: النُّقَاخ
(* يقوله الشيخ ابراهيم اليازجي: الصواب في هذه اللفظة:
النقخ على مثال الضرب كما ذكره صاحب الصحاح): الضرب على الرأْس بشيء
صلب؛ نَقَخ رأْسه بالعصا والسيف يَنْقَخُه نَقْخاً: ضربه؛ وقيل: هو الضرب
على الدماغ حتى يخرج مخه؛ قال الشاعر:
نَقْخاً على الهامِ وبَخًّا وخْضا
والنُّقاخ: استخراج المخّ. ونَقَخَ المخَّ من العظم وانتقخه: استخرجه.
أَبو عمرو: ظَليمٌ أَنقخ قليل الدماغ؛ وأَنشد لطلق بن عديّ:
حتى تَلاقَى دَفُّ إِحدى الشُّمَّخ،
بالرُّمح من دون الظَّليم الأَنْقَخ،
فانْجَدَلَتْ كالرُّبَع المَنَوَّخ
والنقخ: النقف وهو كسر الرأْس عن الدماغ؛ قال العجاج:
لَعَلِمَ الأَقوامُ أَني مِفْنَخُ
لِهامِهمْ، أَرُضُّه وأَنْقَخُ
بفتح القاف. والنُّقاخُ: الماء البارد العذب الصافي الخالص الذي يكاد
ينقخ الفؤَاد ببرده؛ وقال ثعلب: هو الماء الطيب فقط؛ وأَنشد للعَرْجي واسمه
عبدالله بن عمرو ابن عثمان بن عفان ونسب إِلى العَرْج وهو موضع ولد به:
فإِن شئت أَحْرَمتٌ النساءَ سواكُمُ،
وإِن شئت لم أَطْعَمْ نُقاخاً ولا بَرْدا
ويروى: حرَّمت النساء أَي حرمتهن على نفسي.
والبرد هنا: الريق. التهذيب: والنُّقاخ الخالص ولم يعين شيئاً. الفراء:
يقال هذا نُقاخ العربية أَي خالصها؛ وروي عن أَبي عبيدة: النُّقاخ الماء
العذب؛ وأَنشد شمر:
وأَحْمَقَ ممن يلْعَق الماءَ قال لي:
دع الخمر واشْرَبْ من نُقاخ مُبَرَّدِ
قال أَبو العباس: النُّقاخُ النوم في العافية والأَمن. ابن شميل:
النُّقاخ الماء الكثير يَنْبِطُه الرجل في الموضع الذي لا ماء فيه. وفي الحديث:
أَنه شرب من رُومة فقال: هذا النُّقاخ؛ هو الماء العذب البارد الذي
ينقَخ العطش أَي يكسره ببرده، ورومة: بئر معروفة بالمدينة.