Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=80230#4a81d8
(انغمس) فِي المَاء اغتمس فِيهِ
غمس: الغَمْسُ: إِرْسابُ الشيء في الشيء السَّيَّال أَو النَّدَى أَو في
ماء أَو صِبْغ حتى اللّقمة في الحَلِّ، غَمَسَه يَغْمِسُه غَمْساً أَي
مَقَلَه فيه، وقد انْغَمَسَ فيه واغْتَمَس.
والمُغَامَسَة: المُمَاقَلَة، وكذلك إِذا رمَى الرجل نفسه في سِطَة
الحرب أَو الخطب. وفي الحديث عن عامر قال: يكتحِل الصائم ويَرْتَمِسُ ولا
يَغْتَمِس. قال: وقال علي بن حجر: الاغْتِماس أَن يُطِيل اللبُّثَ فيه،
والارْتماس أَن لا يطيل المكث فيه. واخْتَضَبَتِ المرأَة غَمْساً: غَمَسَتْ
يدَيها خِضاباً مُسْتَوِياً من غير تَصْوِير.
والغمَّاسَة: طائر يَغْتَمِس في الماء كثيراً. التهذيب: الغَمَّاسَة من
طير الماء غَطَّاط ينغمس كثيراً.
والطَّعْنَة النَّجْلاء: الواسِعَة، والغَمُوس مثلُها. ابن سيده: الطعنة
الغَمُوس التي انغمســت في اللَّحم، وقد عُبِّر عنها بالواسعة النافذة؛
قال أَبو زيد:
ثم أَنقَضْتُه، ونَفَّسْتُ عنه
بغَمُوسٍ أَو طعنةٍ أُخْدُودِ
والأَمر الغَمُوس: الشديد. وفي حديث المَوْلود: يكون غَمِيساً أَربعين
ليلة أَي مَغْمُوساً في الرَّحمِ ؛ ومنه الحديث: فــانْغَمَسَ في العَدُوِّ
فقتلوه أَي دخل فيهم وغاصَ. واليمينُ الغَموس: التي تَغْمِس صاحبَها في
الإِثم ثم في النار، وقيل: هي التي لا استثناء فيها، وقيل: هي اليمين
الكاذبة التي تُقْتَطع بها الحُقوق، وسُمِّست غموساً لغمسها صاحبها في الإِثم
ثم في النار. وقال ابن مسعود: أَعظمُ الكبائر اليمين الغَمُوس، وهو أَن
يَحلِف الرجل وهو يعلم أَنه كاذب ليقتطع بها مال أَخيه. وفي الحديث:
اليمين الغَمُوسُ تَذَرُ الدِّيار بَلاقِعَ؛ هي اليمين الكاذبة الفاجرة،
وفَعُول للمبالغة. وفي حديث الهجرة: وقد غَمَس حِلْفاً في آل العاصِ أَي
أَخذَ نصيباً من عَقْدهم وحلفهم يأْمن به، وكانت عادتُهم أَن يُحْضِروا في
جَفْنَةٍ طِيباً أَو دَماً أَو رَماداً فيُدخِلُون فيه أَيديَهم عند
التَّحالف لِيَتِمَّ عقدُهم عليه باشتراكهم في شيء واحد. وناقة غَمُوس: في
بطنِها ولَدٌ، وقيل: هي التي لا تَشُول ولا يُسْتَبان حملُها حتى تُقْرِب.
ابن شميل: الغَمُوس، وجمعها غُمُس: الغَدَويّ، وهي التي في صُلْب الفحل من
الغنم كانوا يتبايعون بها. الأَثرم عن أَبي عبيدة: المَجْرُ ما في بطن
الناقة، والثاني حَبَل الحَبَلَة، والثالث الغَمِيسُ؛ وقال غيره: الثالث من
هذا النوع القُباقب، قال: وهذا هو الكلام، وقيل: الغَمُوس الناقة التي
يُشَك في مُخِّها أَرِيرٌ أَمْ قَصِيدٌ؛ وأَنشد:
مُخْلِصٌ بي لَيْسَ بالمَغْمُوسِ
(* قوله «وأَنشد مخلص بي إلخ» انظر
المستشهد عليه.)
ورجل غَمُوسٌ: لا يُعَرِّس ليلاً حتى يُصبح؛ قال الأَخطل:
غَمُوسُ الدُّجَى يَنْشَقُّ عن مُتَضَرِّمٍ،
طَلُوبُ الأَعادي لا سؤومٌ ولا وَجْبُ
والمُغَامَسة: المداخلة في القتال، وقد غامسهم. والغَمُوس: الشديد من
الرجال الشجاع، وكذلك المُغامِس. يقال: أَسد مُغامس، ورجل مُغامِسٌ، وقد
غامَس في القتال وغامز فيه. قال: ومُغَامَسة الأَمر دخولك فيه؛ وأَنشد:
أَخُو الحرْبِ، أَما صادراً فَوَشِيقُهُ
حَمِيلٌ، وأَمَّا وارِداً فَمُغامِسُ
والشيء الغَمِيس: الذي لم يظهر للناس ولم يُعرف بَعْدُ. يقال: قَصِيدة
غَمِيس والليل غَميس والأَجمة وكلُّ مُلْتَفّ يُغْتَمَس فيه أَي
يُسْتَخْفَى غَمِيس؛ وقال أَبو زُبَيْد يصف أَسداً:
رَأَى بالمُسْتَوِي سَفْراً وعَيْراً
أُصَيلالاً، وجُنَّته الغَمِيسُ
وقيل: الغَمِيس الليل. ويقال: غامِسْ في أَمرك أَي اعْجَلْ. والمُغامِس:
العَجْلان؛ وقال قعنب:
إِذا مُغَمَّسة قِيلتْ تَلَقَّفَها
ضَبٌّ، ومِنْ دُون منْ يَرْمِي بها عَدَنُ
والتَغْمِيس: أَن يِسْقِيَ الرجل إِبلَه ثم يَذْهب؛ عن كراع.
والغَمِيس من النَّبات: الغَمِير تحت اليَبِيس. والغَمِيس والغَمِيسَة:
الأَجمة، وخص بها بعضهم أَجمة القَصَب؛ قال:
أَتانا بِهِمْ من كلِّ فَجٍّ أَخافُهُ
مِسَحٌّ، كسِرْحان الغَمِيسة، ضامِرُ
والغَمِيس: مَسِيل ماء، وقيل: مَسِيل صغير يَجْمَع الشجر والبَقْل.
والغُمَيْس: موضع. والمُغُمَِّس: موضع من مكة.
غطس: الغَطْس في الماء: الغَمْسُ فيه. غَطَسَه في الماء يَغْطِسُه
غَطْساً وغَطَّسَه في الماء وقَمَسَه ومَقَلَه: غَمَسَه فيه. وهما يَتَغاطَسان
في الماء يَتَقامَسان إِذا تَماقَلاَ فيه؛ وأَنشد أَبو عمرو:
وأَلْقَتْ ذِراعَيْها، وأَدْنَتُ لَبَانَها
مِنَ الماء، حتى قُلْت: في الجَمِّ تَغْطِسُ
وتَغاطَسَ القومُ في الماء: تَغاطُّوا فيه؛ قال مَعْن ابن أَوس:
كأَنَّ الكُهُولَ الشُّمْطَ في حُجُراتِها
تَغاطَسُ ي تَيَّارِها، حِين تَحْفِلُ
وليلٌ غاطِس: كغاطِش.
والمَغْنِيطِسُ: حَجَرٌ
(* قوله «والمغنطس حجر» ويقال له أيضاً مغنطيس
ومغناطيس، بكسر الميم فيهما، وسكون الغين، وفتح النون، وكسر الطاء كما في
القاموس.) يَجْذِبُ الحديد، وهو معرّب.
عبس: عَبَسَ يَعْبِسُ عَبْساً وعَبَّس: قَطَّبَ ما بين عينيه، ورجل
عابِسٌ من قوم عُبُوسٍ. ويوم عابِسٌ وعَبُوسٌ: شديدٌ؛ ومنه حديث قُس:
يَبْتَغِي دَفْعَ باسِ يَومٍ عَبُوسٍ؛ هو صفة لأَصحاب اليوم أَي يوم يُعَبَّسُ
فيه فأَجراه صفة على اليوم كقولهم ليل نائم أَي يُنام فيه. وعَبَّسَ
تَعْبِيساً، فهو مُعَبِّسٌ وعَبَّاسٌ إِذا كَرَّه وجهه، شُدِّدَ للمبالغة،
فإِن كَشَر عن أَسنانه فهو كالِحٌ، وقيل: عَبَّسَ كَلَحَ. وفي صفته، صلى
اللَّه عليه وسلم: لا عابِسٌ ولا مُفْنِدٌ
(* قوله «ولا مفند» بهامش النهاية
ما نصه: كسر النون من مفند أَولى لأن الفتح شمله قولها أَي أم معبد ولا
هذر، وأَما الكسر ففيه أَنه لا يفند غيره بدليل أَنه كان لا يقابل أَحداً
في وجهه بما يكره ولانه يدل على الخلق العظيم.) ؛ العابسُ: الكريهُ
المَلْقى الجَهْمُ المُحَيَّا. والتَّعَبُّسُ: التَّجَهُّم.
وعَنْبَسٌ وعَنْبَسَةُ وعَنابِسٌ والعَنْبَسيُّ: من أَسماء الأَسد أُخذ
من العُبُوسِ، وبها سمي الرجل؛ وقال القطامي:
وما غَرَّ الغُواةَ بَعَنْبَسِيٍّ،
يَشَرَّدُ عن فَرائِسِه السِّباعا
وفي الصحاح: والعَنْبَسُ الأَسد، وهو فَنْعَلٌ من العُبوس.
والعَبَسُ: ما يَبِسَ على هُلْبِ الذَّنَب من البول والبعر؛ قال أَبو
النجم:
كأَنَّ في أَذْنابِهِنَّ الشُّوَّلِ،
مِنْ عَبَسِ الصَّيف، قرونَ الأُيَّلِ
وأَنشده بعضهم: الأُجَّلِ، على بدل الجيم من الياء المشددة؛ وقد
عَبِسَتِ الإِبلُ عَبَساً وأَعْبَسَتْ: علاها ذلك. وفي الحديث: أَنه نظر إِلى
نَعَمِ بني المُصْطَلِق وقد عَبِسَتْ في أَبوالها وأَبعارها من السِّمَنِ
فَتَقَنَّعَ بثوبه وقرأَ: ولا تَمُدَّنَّ عينيك إِلى ما مَتَّعْنا به
أَزْواجاً منهم؛ قال أَبو عبيد: عَبِسَتْ في أَبوالها يعني أَن تَجِفَّ
أَبوالُها وأَبعارُها على أَفخاذها وذلك إِنما يكون من الشحم، وذلك العَبَسُ،
وإِنما عدّاه بفي لأَنه في معنى انغمســت؛ قال جرير يصف راعية:
تَرى العَبَسَ الحَوْليَّ جَوْناً بِكُوعِها،
لها مَسَكاً مِن غَيرِ عاجٍ ولا ذَبْلِ
والعَبَسُ: الوَذَحُ أَيضاً. وعَبِسَ الوَسَخُ عليه وفيه عَبَساً:
يَبِسَ. وعَبِسَ الثوبُ عَبَساً: يَبِسَ عليه الوَسَخُ. وفي حديث شريح: أَنه
كان يَرُدُّ من العَبَس؛ يعني العَبْدَ البَوَّال في فراشه إِذا تعوَّده
وبان أَثره على بدنه وفراشه. وعَبِسَ الرجلُ: اتسخ؛ قال الراجز:
وقَيِّمُ الماءِ عَليْهِ قَدْ عَبِسْ
وقال ثعلب: إِنما هو قد عَبَسَ من العُبوسِ الذي هو القُطُوبُ؛ وقول
الهذلي:
ولَقَدْ شَهِدْتُ الماءَ لم يَشْرَبْ بِهِ،
زَمَنَ الرَّبيعِ إِلى شُهور الصَّيِّفِ،
إِلا عَوابسُ كالمِراطِ مُعِيدَةٌ،
بالليلِ، مَوْرِدَ أَيِّمٍ مُتَغَضِّفِ
قال يعقوب: يعني بالعوابس الذئاب العاقدة أَذنابها، وبالمراط السهام
التي قد تَمَرَّط ريشها؛ وقد أَعْبَسَه هو.
والعَبْوَسُ: الجمع الكثير. والعَبْسُ: ضرب من النبات، يسمى بالفارسية
سِيسَنْبَر.
وعَبْسٌ: قبيلة من قَيْسِ عَيْلانَ، وهي إِحدى الجَمَراتِ، وهو عَبْسُ
بنُ بَغِيضِ بن رَيْث بن غَطَفان بن سَعْد بن قَيس بن عَيْلان.
والعَنابِسُ من قريش: أَولاد أُمَيَّةَ بن عبد شمس الأَكبر وهم ستة: حَرْبٌ وأَبو
حرب وسفيان وأَبو سفيان وعمرو وأَبو عمرو، وسُمُّوا بالأُسْد، والباقون
يقال لهم الأَعْياصُ. وعابِسٌ وعَبَّاس والعباس اسْمٌ عَلَمٌ، فمن قال عباس
فهو يجريه مجرى زيد، ومن قال العباس فإِنما أَراد أَن يجعل الرجل هو
الشيء بعينه. قال ابن جني: العباس وما أَشبهه من الأَوصاف الغالبة إِنما
تعرّفت بالوضع دون اللام، وإِنما أُقرت اللام فيها بعد النقل وكونها
أَعلاماً مراعاة لمذهب الوصف فيها قبل النقل.
وعَبْسٌ وعَبَسٌ وعُبَيْسٌ: أَسماء أَصلها الصفة، وقد يكون عبيس تصغير
عَبْسٍ وعَبَسٍ، وقد يكون تصغير عَبَّاسٍ وعابِسٍ تصغير الترخيم. ابن
الأَعرابي: العَبَّاسُ الأَسد الذي تهرب منه الأُسْدُ؛ وبه سمي الرجل
عَبَّاساً. وقال أَبو تراب: هو جِبْسٌ عِبْس لِبْسٌ إِتباعٌ. والعَبْسانِ: اسم
أَرض؛ قال الراعي:
أَشاقَتْكَ بالعَبْسَيْنِ دارٌ تَنَكَّرَتْ
مَعارِفُهاْ إِلا البِلادَ البَلاقِعا؟
قمه: القَمَهُ: قِلَّةُ الشهوةِ للطعام كالقَهَمِ، وقد قَمِهَ وقَمَهَ
البعيرُ يَقْمَه قُمُوهاً: رفع رأْسَه ولم يَشْرَب الماء، لغة في قَمَح.
وقَمهَ الشيءُ، فهو قامِةٌ: انْغَمَس حيناً وارتفع أُخرى؛ قال رؤبة:
يَعْدِلُ أَنْضادَ القِفافِ القُمَّهِ
جعَل القُمَّهَ نعتاً للقِفافِ لأَنها تَغِيب حيناً في السَّراب ثم
تظهر؛ قال ابن بري قبل هذا البيت الذي أَورده الجوهري:
قَفْقاف أَلْحِي الرَّاعِساتِ القُمَّهِ
قال ابن بري قبله:
يَعْدِل أَنْضادَ القِفافِ الرُّدَّهِ
عنها، وأَثْباجَ الرِّمالِ الوُرَّهِ
قال: والذي في رجز رؤبة:
تَرْجافُ أَلْحِي الرَّاعِساتِ القُمَّهِ
أَي تَرْجافُ أَلْحِي هذهِ الإبلِ، الراعِساتِ أَي المضطربات، يَعْدِل
أَنْضادَ هذه القفافِ ويَخْلُفها. ويقال: قَمَهَ الشيءَ في الماء يَقْمَهه
إذا قَمَسه فارتَفع رأسُه أَحْياناً وانْغَمَرَ أَحياناً فهو قامِهٌ.
وقال المفضل: القامِهُ الذي يَرْكَبُ رَأسَه لا يَدْرِي أَين يتوجه.
الجوهري: القُمَّهُ من الإبل مثل القُمَّح وهي الرافعةُ رُؤوسَها إلى السماء،
الواحدة قامِهٌ وقامِحٌ. وقال الأَزهري في ترجمة مَقَه: سَرابٌ أَمْقَه؛
قال رؤبة:
في الفَيْفِ من ذاكَ البَعيدِ الأَمْقَهِ
وهو الذي لا خَضْراء فيه، ورواه أَبو عمرو الأَقْمه، قال: وهو البعيد.
يقال: هو يَتَقَمَّه في الأَرض إذا ذهَبَ فيها، وقال الأَصمعي: إذا
أَقْبَل وأَدْبَر فيها. وخرج فلان يَتَقَمَّه في الأَرض: لا يَدْرِي أَيْنَ
يَذْهَبُ. قال أَبو سعيد: ويَتَكَمَّه مثله. وقال في قول رؤبة القُمَّه: هي
القُمَّحُ، وهي التي رفعت رؤوسها كالقِمَاح التي لا تَشْرَبه.
رمس: الرَّمْسُ: الصوت الخَفِيُّ. ورَمَسَ الشيءَ يَرْمُسُه رَمْساً:
طَمَسَ أَثَرَه. ورَمَسه يَرْمُسُه ويَرْمِسُه رَمْساً، فهو مَرْموس
ورَمِيسٌ: دفنه وسَوًى عليه الأَرضَ. وكلُّ ما هِيلَ عليه التراب، فقد رُمِسَ؛
وكلُّ شيءٍ نُثِرَ عليه الترابُ، فهو مَرْمُوس؛ قال لقِيطُ بنُ
زُرارَةَ:يا ليتَ شِعْري اليومَ دَخْتَنُوسُ،
إِذا أَتاها الخَبَرُ المَرْمُوسُ،
أَتَحْلِقُ القُرُونَ أَم تَمِيسُ؟
لا بَلْ تَمِيسُ، إِنها عَرُوسُ
وأَما قول البُرَيْقِ:
ذَهَبْتُ أَعُورُه فَوَجدْتُ فيه
أَوَارِيّاً رَوامِسَ والغُبارا
قد يكون على النسب وقد يكون على وضع فاعل مكان مفعول إِذ لا يُعرف
رَمَسَ الشيءُ نَفْسُه.
ابن شُمَيْل: الرَّوامِسُ الطير الذي يطير بالليل، قال: وكل دابة تخرج
بالليل، فهي رَامِسٌ تَرْمُس: تَدْفِنُ الآثارَ كما يُرْمَسُ الميت، قال؛
إِذا كان القبر مُدَرَّماً مع الأَرض، فهو رَمْس، أَي مستوياً مع وجه
الأَرض، وإِذا رفع القبر في السماء عن وجه الأَرض لا يقال له رَمْسٌ. وفي
حديث ابن مغَفَّل: ارْمُسُوا قبري رَمْساً أَي سَوُّوه بالأَرض ولا تجعلوه
مُسَنَّماً مرتفعاً. وأَصلُ الرَّمْسِ: الستر والتغطية. ويقال لما
يُحْثَى من التراب على القبر: رَمْسٌ. والقبر نفسُه: رَمْسٌ؛ قال:
وبينما المرءُ في الأَحياءِ مُغْتَبِطٌ،
إِذا هو الرَّمْسُ تَعْفُوه الأَعاصِيرُ
أَراد: إِذا هو تراب قد دُفِنَ فيه والرياح تُطَيِّره. وروى عن الشعبي
في حديث أَنه قال: إِذا ارْتَمَسَ الجُنُبُ في الماء أَجزأَه ذلك من غسل
الجنابة؛ قال شمر: ارْتَمس في الماء إِذا انغمس فيه حتى يغيب رأْسه وجميعُ
جسده فيه. وفي حديث ابن عباس: أَنه رامَسَ عُمَرَ بالجُحْفَة وهما
مُحْرِمان أَي أَدخلا رؤوسهما في الماء حتى يغطيهما، وهو كالغَمْس، بالغين،
وقيل: هو بالراء أَن لا يطيل اللبث في الماء، وبالغين أَن يطيله. ومنه
الحديث: الصائم يَرْتَمِس ولا يَغْتَمِسُ.
ابن سيده: الرَّمْسُ القبر، والجمع أَرْماسٌ ورُمُوس؛ قال الحُطَيْئَةُ:
جارٌ لقَوْمٍ أَطالوا هُونَ مَنْزِله،
وغادَرُوه مُقِيماً بين أَرْماسِ
وأَنشد ابن الأَعرابي لعُقَيْل بن عُلَّفَةَ:
وأَعِيشُ بالبَلَلِ القَلِيلٍ، وقد أَرى
أَنَّ الرُّمُوسَ مَصارِعُ الفِتْيانِ
ابن الأَعرابي: الرَّامُوسُ القبر، والمَرْمَسُ: موضع القبر؛ قال
الشاعر:بِخَفْضٍ مَرْمَسي، أَو في يَفاعٍ،
تُصَوِّتُ هامَتي في رَأْسِ قَبْري
ورَمَسْناه بالتُّرْب: كَبَسْناه. والرَّمْسُ: التُّرْبُ تَرْمُس به
الريحُ الأَثَر. ورَمْسُ القبر: ما حُثِيَ عليه. وقد رَمَسْناه بالتراب.
والرَّمْسُ تحمله الريح فَتَرْمُس به الآثار أَي تُعَفِّيها. ورمَسْتُ الميت
وأَرْمَسْته: دفنته. ورَمَسُوا قبر فلان إِذا كتموه وسَوَّوْه مع
الأَرض. والرَّمْسُ: تراب القبر، وهو في الأَصل مصدر.
وقال أَبو حنيفة: الرَّوامِسُ والرَّامِساتُ الرياح الزَّافِياتُ التي
تنقل التراب من بلد إِلى آخر وبينها الأَيام، وربما غَشَّتْ وجْه الأَرض
كُلَّه بتراب أَرض أُخرى. والرَّوامِسُ الرياح لتي تثير التراب وتدفن
الآثار.
ورَمَسَ عليه الخبرَ رَمْساً: لواه وكتمه. الأَصمعي: إِذا كتم الرجلُ
الخَبَرَ القومَ قال: دَمَسْتُ عليهم الأَمرَ ورَمَسْته. ورَمَسْتُ
الحديثَ: أَخفيته وكتمته. ووقعوا في مَرْمُوسة من أَمرهم أَي اختلاط؛ عن ابن
الأَعرابي. وفي الحديث ذكر رامِس، بكسر الميم، موضع في ديار محارب كتب به
رسولُ اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، لعُظَيْمِ بنِ الحَرث المُحاربيّ.
هتك: الهَتْكُ: خَرْقُ السِّتْر عما وراءه، والاسم الهُتْكة، بالضم.
والهَتِيكةُ: الفضيحة. وفي حديث عائشة، رضي الله ع ها: فَهَتَك العِرْضَ حتى
وقع بالأَرض؛ والهَتْكُ: أَن تَجْذِبَ سِتْراً فتقطعه من موضعه أَو
تَشُقَّ منه طائفةً يُرَى ما وراءه، ولذلك يقال: هَتَكَ الله سِتْرَ الفاجر.
ورجل مَهْنُوك السِّتْر: مُتَهَتِّكُه. وتَهَتَّك أَي افْتَضَح. ابن
سيده: هَتَكَ السِّتْرَ
والثَّوْبَ يَهْتِكُه هَتْكاً فانْهَتَكَ وتَهَتَّكَ: جذبه فقطعه من
موضعه أَو شق منه جزءاً
فبدا ما وراءه؛ ومنه قولهم في الدعاء والخبر: هَتَكَ اللهُ سِتْرَ فلان،
وهَتَّكَ الأَسْتارَ؛ شدِّد للكثرة. ورجل مُنْهَتِكٌ ومُتَهَتِّكٌ
ومُسْتَهْتِك: لا يُبالي أَن يُهْتَك سِتْرُه عن عورته؛ وكل ما انشق كذلك، فقد
انْهَتَك وتَهَتَّك؛ قال يصف كلأ:
مُتَهَتِّكُ الشَّعْران نَضّاحُ العَذَبْ
أَبو عمرو: الهُتْكُ وسط الليل. وفي حديث نَوْفٍ البِكَالّي: كنت أَبيتُ
على باب دار عليّ، فلما مَضَتْ هُتْكة من الليل قُلْتُ كذا؛ الهُتْكةُ:
طائفة من الليل. يقال: سِرْنا هُتْكةً من الليل كأَنه جعل الليل حجاباً،
فلما مضى منه ساعةٌ فقد هُتِكَ بها طائفةٌ منه. والهُتْكَة: ساعة من
الليل للقوم إِذا ساروا. يقال: سِرْنا هُتْكةً منها، وقد هاتَكْناها: سِرنا
في دُجاها؛ قال:
هاتَكْتُه حتى انْجَلتْ أَكْراؤُه
عَنِّي، وعن مَلْمُوسةٍ أَحْناؤُه
يصف الليل والبعير. والهِتَكُ: قِطَعُ الغِرْس تتمزق عن الولد، الواحدة
هِتَكَة، وثوب هَتِكٌ؛ قال مُزاحِمٌ:
جَلا هَتِكاً كالرَّيْطِ عنه، فبَيَّنَتْ
مَشابِههُ حُدْبَ العِظامِ كَواسِيَا
أَي استبانتْ مَشابِهُ أَبيه فيه.
ملث: المَلْثُ: أَن يَعِدَ الرجلُ الرجلَ عِدَةً لا يريد أَن يَفِيَ
بها.ابن سيده: مَلَثَه يَمْلُثه مَلْثاً: وعده عِدَةً كأَنه يردّه عنها،
وليس يَنوي له وفاء. ومَلَثَهُ بكلام: طَيَّبَ به نفْسَه ولا وفاء له؛
ومَلَذَهُ يَمْلُذُه مَلْذاً. والمَلْثُ: اختلاطُ الظُّلمة، وقيل: هو بعدَ
السَّدَف. وأَتيته مَلَثَ الظَّلامِ ومَلَسَ الظلام وعند مَلَثِه أَي حين
اخْتلط الظلام، ولم يشتدَّ السوادُ جدّاً حتى تقول: أَخوك أَم الذئبُ؟ وذلك
عند صلاة المغرب وبعدها؛ وأَنشد الجَندل بن المُثَنَّى الطُّهَوي:
ومَنْهَلٍ من الأَنِيس نائي،
دَاويتُه بِرُجَّعٍ أَبْلاءِ،
إِذا انغَمَسْــنَ مَلَثَ الإِمْساءِ
ويُستعمل ظرفاً واسماً غير ظرف. أَبو زيد: مَلَثُ الظلامِ اختلاطُ
الضَّوء بالظلمة، وهو عند العشاء وعند طلوع الفجر؛ وقال ابن الأَعرابي:
المَلْثَةُ والمَلْثُ أَولُ سواد المغرب، فإِذا اشتدَّ حتى يأْتيَ وقتُ العشاء
الأَخيرة، فهو المَلَسُ، فلا يميز هذا من هذا لأَنه قد دخل المَلْثُ في
الملَسِ، ومِثله اختلطَ الخاثِرُ بالزُّبَّادِ.
والمِلاثُ: المُلاعَبة؛ قال:
تَضْحَك ذاتُ الطَّوْقِ والرِّعاثِ
من عَزَبٍ، ليس بذي مِلاثِ
كذا أَنشده ابن الأَعرابي بكسر الميم.
جحط: جِحِطْ: زجر للغنمِ كجِحِضْ.
همك: هَمَكه في الأمر فانْهَمَك: لَجَّجَه فَلَجَّ. وانْهَمكَ الرجل في
الأمر أي جَدَّ ولَجَّ وتَمادَى فيه، وكذلك تَهَمَّك في الأمر، وتقول: ما
الذي هَمَكه فيه. وفي حديث خالد بن الوليد: أن الناس انهمكوا في الخمر؛
الانْهماكُ التَّمادي في الشيء واللَّجاجُ فيه. ويقال: فرس مَهْموك
المَعَدَّيْنِ أي مُرْسَلُ المَعَدَّينِ؛ وقال أبو دُواد:
سَلِطُ السُّنْبُكِ لأمٌ فَصُّه،
مُكْرَبُ الأَرْساغِ مَهْموكُ المَعَدّ
واهْمَأكَّ فلان يَهْمَئِكُّ، فهو مُهْمَئِكٌّ ومُزْمَئِكٌّ
ومُصْمَئِكٌّ إذا امتلأ غضباً.
غوط: الغَوْطُ: الثَّريدةُ. والتَّغْوِيطُ: اللَّقْمُ منها، وقيل:
التغويط عِظَمُ اللَّقْمِ. وغاطَ يَغُوط غَوْطاً: حَفَر، وغاطَ الرجلُ في
الطِّين. ويقال: اغْوِطْ بئرك أَي أَبْعِدْ قَعْرَها، وهي بئر غَوِيطة: بعيدة
القعر. والغَوْطُ والغائطُ: المُتَّسِعُ من الأَرض مع طُمَأْنينةٍ،
وجمعه أَغْواطٌ وغُوطٌ وغِياطٌ وغِيطاتٌ، صارت الواو ياء لانكسار ما قبلها،
قال المتنخل الهذلي:
وخَرْقٍ تُحْشَرُ الرُّكْبانُ فيه،
بَعِيدِ الجَوْفِ، أَغْبَرَ ذِي غِياطِ
وقال:
وخَرْقٍ تَحَدَّثُ غِيطانُه،
حَدِيثَ العَذارى بأَسْرارِها
إِنما أَرادَ تَحَدَّثُ الجِنُّ فيها أَي تَحَدَّثُ جِنُّ غِيطانِه كقول
الآخر:
تَسْمَعُ للجنِّ بهِ زيزِيزَها
هَتامِلاً مِن رِزِّها وهَيْنَما
قال ابن بري: أَغْواطٌ جمع غَوْطٍ بالفتح لغة في الغائط، وغِيطانٌ جمع
له أَيضاً مثل ثَوْرٍ وثِيرانٍ، وجمع غائطٍ أَيضاً مثل جانٍّ وجِنَّانٍ،
وأَما غائطٌ وغوطٌ فهو مثل شارِفٍ وشُرْفٍ؛ وشاهد الغَوط، بفتح الغين، قول
الشاعر:
وما بينَها والأَرضِ غَوْطٌ نَفانِف
ويروى: غَوْلٌ، وهو بمعنى البُعْد. ابن شميل: يقال للأَرضِ الواسعةِ
الدَّعْوةِ: غائطٌ لأَنه غاطَ في الأَرض أَي دخَل فيها، وليس بالشديد
التصَوُّبِ ولبَعْضِها أَسنادٌ، وفي قصة نوح، على سيدنا محمد وعليه الصلاة
والسلام: وانْسَدَّتْ يَنابِيعُ الغَوْطِ الأَكبرِ وأَبوابُ السماء؛
الغَوْطُ: عُمْقُ الأَرضِ الأَبْعدُ، ومنه قيل للمطْمَئنّ من اَلأَرض غائطٌ،
ولموضع قَضاء الحاجة غائط، لأَنَّ العادة أَن يَقْضِيَ في المُنْخَفِض من
الأَرض حيث هو أَستر له ثم اتُّسَعَ فيه حتى صار يطلق على النجْوِ نفْسِه.
قال أَبو حنيفة: من بواطن الأَرض المُنْبِتةِ الغِيطانُ، الواحد منها
غائطٌ، وكلُّ ما انْحَدَرَ في الأَرض فقد غاطَ، قال: وقد زعموا أَنَّ الغائط
ربما كان فَرْسخاً وكانت به الرِّياضُ. ويقال: أَتى فلان الغائطَ،
والغائطُ المطمئن من الأَرض الواسعُ. وفي الحديث: تنزِل أُمّتي بغائطٍ يسمونه
البَصْرةَ أَي بَطْنٍ مُطْمَئِنٍّ من الأَرض. والتغْوِيطُ: كناية عن
الحدَثِ. والغائطُ: اسم العَذِرة نفْسها لأَنهم كانوا يُلْقُونها بالغِيطان،
وقيل: لأَنهم كانوا إِذا أَرادوا ذلك أَتوا الغائط وقضوا الحاجة، فقيل لكل
مَن قضى حاجتَه: قد أَتى الغائط، يُكنَّى به عن العذرة. وفي التنزيل
العزيز: أَو جاء أَحد منكم من الغائط؛ وكان الرجل إِذا أَراد التَّبَرُّزَ
ارْتادَ غائطاً من الأَرض يَغِيبُ فيه عن أَعين الناس، ثم قيل للبِرازِ
نَفْسِه، وهو الحدَثُ: غائط كناية عنه، إِذ كان سبباً له. وتَغَوَّط الرجل:
كناية عن الخِراءة إِذا أَحدث، فهو مُتَغَوِّط. ابن جني: ومن الشاذّ
قراءة من قرأَ: أَو جاء أَحد منكم من الغَيْطِ؛ يجوز أَن يكون أَصله
غَيِّطاً وأَصله غَيْوِطٌ فخفف؛ قال أَبو الحسن: ويجوز أَن يكون الياء واواً
للمُعاقبةِ. ويقال: ضرب فلان الغائطَ إِذا تبَرَّزَ. وفي الحديث: لا يذهَب
الرَّجلانِ يَضْرِبان الغائطَ يتحدَّثانِ أَي يَقْضِيانِ الحاجةَ وهما
يتحدَّثان؛ وقد تكرر ذكر الغائط في الحديث بمعنى الحدَث والمكان. والغَوْطُ
أَغْمَضُ من الغائطِ وأَبعَدُ. وفي الحديث: أَنَّ رجلاً جاءه فقال: يا
رسولَ اللّه، قل لأَهْلِ الغائط يُحْسِنوا مُخالَطتي؛ أَراد أَهل الوادي
الذي يَنْزِلُه.
وغاطَت أَنْساعُ الناقةِ تَغُوطُ غَوْطاً: لَزِقَتْ ببطنها فدخلت فيه؛
قال قيس بن عاصم:
سَتَخْطِمُ سَعْدٌ والرِّبابُ أُنُوفَكم،
كما غاطَ في أَنْفِ القَضِيبِ جَرِيرُها
ويقال: غاطَتِ الأَنْساعُ في دَفِّ الناقةِ إِذا تبينت آثارُها فيه.
وغاطَ في الشيء يَغُوطُ ويَغِيطُ: دخل فيه. يقال: هذا رمل تَغُوطُ فيه
الأَقْدامُ. وغاطَ الرجلُ في الوادي يَغُوطُ إِذا غاب فيه؛ وقال الطِّرِمّاحُ
يذكر ثَوْراً:
غاطَ حتى اسْتَثارَ مِن شِيَمِ الأَر
ضِ سَفاه من دُونِها باده
(* قوله «باده» هو هكذا في الأصل على هذه الصورة.)
وغاطَ فلانٌ في الماء يَغُوطُ إِذا انغمَسَ فيه. وهما يتَغاوَطان في
الماء أَي يتَغامَسانِ ويتَغاطَّانِ. الأَصمعي: غاطَ في الأَرض يَغُوطُ
ويَغِيطُ بمعنى غابَ. ابن الأَعرابي: يقال غُطْ غُطْ إِذا أَمرته أَن يكون مع
الجماعة. يقال: ما في الغاطِ مثله أَي في الجماعة.
والغَوْطةُ: الوَهْدةُ في الأَرض المُطْمَئنَّةُ، وذهب فلان يَضْرِب
الخَلاء. وغُوطةُ: موضع بالشام كثير الماء والشجر وهو غُوطةُ دِمَشْق،
وذكرها الليث معرّفة بالأَلف واللام. والغُوطةُ: مجتمَعُ النباتِ والماء،
ومدينة دِمَشْقَ تسمى غُوطةَ، قال: أُراه لذلك. وفي الحديث: أَنَّ فُسطاطَ
المسلمين يوم المَلْحمةِ بالغُوطةِ إِلى جانب مدينةٍ يقال لها دِمَشْقُ؛
الغُوطة: اسم البساتين والمياه التي حولَ دمشقَ، صانها اللّه تعالى، وهي
غُوطَتُها.
غوص: الغَوْصُ: النُّزولُ تحت الماء، وقيل: الغَوْصُ الدخولُ في الماء،
غاصَ في الماء غَوْصاً، فهو غائصٌ وغَوّاصٌ، والجمع غاصَة وغَوّاصُون.
الليث: والغَوْصُ موضع يُخْرَج منه اللؤلؤ.
والغَوّاصُ: الذي يَغُوصُ في البحر على اللؤلؤ، والغاصةُ مُسْتخرجُوه،
وفعله الغِياصة. قال الأَزهري: يقال للذي يَغُوصُ على الأَصداف في البحر
فيستخرجها غائصٌ وغَوّاصٌ، وقد غاصَ يغُوصُ غَوْصاً، وذلك المكان يقال له
المَغاصُ، والغَوْصُ فعل الغائص، قال: ولم أَسمع الغَوْصَ بمعنى المَغاصِ
إِلا لليث. وفي الحديث: إِنه نَهَى عن ضَرْبةِ الغائص، هو أَن يقول له
أَغُوصُ في البحر غَوْصةً بكذا، فما أَخْرَجْتُه فهو لك، وإِنما نَهَى عنه
لأَنه غَرَرٌ. والغَوْصُ: الهجوم على الشيء، والهاجِمُ عليه غائصٌ.
والغائصة: الحائضُ التي لا تُعْلِم أَنها حائض. والمُتَغَوِّصةُ: التي
لا تكون حائضاً فتخبر زوجها أَنها حائض. وفي الحديث: لُعِنَت الغائصةُ
والمُتَغَوِّصة، وفي رواية: والمُغَوِّصة، فالغائصة الحائض التي لا تُعْلِم
زَوْجَها أَنها حائض ليجتَنِبَها فيُجامِعُها وهي حائض، والمُغَوِّصة
التي لا تكون حائضاً فتكذِبُ فتقول لزوجها إِني حائض.
مقل: المُقْلة: شَحْمة العين التي تجمع السوادَ والبياضَ، وقيل: هي
سوادُها وبياضُها الذي يَدُورُ كله في العين، وقيل: هي الحَدَقة؛ عن كراع،
وقيل: هي العين كلُّها، وإِنما سميت مُقْلة لأَنها تَرْمِي بالنظر.
والمَقْل: الرَّمْيُ. والحدَقة: السوادُ دون البياضِ، قال ابن سيده: وأَعرف ذلك
في الإِنسان، وقد يستعمل ذلك في الناقة؛ أَنشد ثعلب:
من المُنْطِياتِ المَوْكِبَ المَعْجَ بعدَما
يُرَى، في فُرُوعِ المُقْلَتَيْنِ، نُضُوبُ
وقال أَبو داود: سمعت بالغَرّاف يقولون: سخِّن جَبِينَك بالمُقْلة؛
شبَّه عين الشمس بالمُقْلةِ. والمَقْل: النظر. ومَقَله بعينه يَمْقُله
مَقْلاً: نظر إِليه؛ قال القطامي:
ولقد يَرُوعُ قُلوبَهُنَّ تَكَلُّمِي،
ويَرُوعُني مَقْلُ الصِّوارِ المُرْشق
ويروى: مُقَل، ومَقْل أَحسن لقوله تكلُّمِي. ويقال: ما مَقَلَتْه عيني
منذ اليوم. وحكى اللحياني. ما مَقَلَتْ عيني مثلَه مَقْلاً أَي ما أَبصرتْ
ولا نظرتْ، وهو فَعَلَتْ من المُقْلة، وفي حديث ابن مسعود وسئل عن مَسْح
الحَصى في الصلاة فقال مرَّةً: وتركُها خير من مائة ناقة لِمُقْلةٍ؛ قال
أَبو عبيد: المُقْلة هي العين، يقول: تركها خير من مائة ناقة يختارها
الرجل على عينه ونظره كما يريد، قال: وقال الأَوزاعي ولا يريد أَنه
يقتنيها؛ وفي حديث ابن عمر: خيرٌ من مائة ناقة كلّها أَسْوَدُ المُقْلةِ أَي كل
واحد منها أَسودُ العين.
والمَقْلة، بالفتح: حَصاة القَسْم توضع في الإِناء ليُعْرَف قدرُ ما
يُسْقَى كلُّ واحد منهم، وذلك عند قلَّة الماء في المَفاوِزِ، وفي المحكم:
تُوضَع في الإِناء إِذا عَدِموا الماء في السفر ثم يُصَبُّ فيه من الماء
قَدْرُ ما يَغْمُرُ الحَصاة فيُعطاها كل رجل منهم؛ قال يزيد بن
طُعْمة الخَطْمِيّ وخَطْمةُ من الأَنصار بنو عبدِ الله بن مالك بن
أَوْس:قَذَفُوا سيِّدَهم في وَرْطةٍ،
قَذْفَك المَقْلةَ وسْطَ المُعْتَرَكْ
ومَقَلَ المَقْلة: أَلقاها في الإِناء وصبَّ عليها ما يغمُرها من الماء.
وحكى ابن بري عن أَبي حمزة: يقال مَقْلة ومُقْلة، شبهت بمُقْلة العين
لأَنها في وسط بياض العين، وأَنشد بيت الخَطْمِيّ. وفي حديث عليٍّ: لم يبق
منها إِلا جُرْعة كجُرْعة المَقْلة؛ هي بالفتح حَصاة القَسْم، وهي بالضم
واحدة المُقْل الثمر المعروف، وهي لصِغَرِها لا تسَعُ إِلا الشيء اليسير
من الماء.
ومَقَله في الماء يَمْقُله مَقْلاً: غَمَسه وغطَّه. ومَقَل الشيء في
الشيء يَمْقُله مَقْلاً: غَمَسَه. وفي الحديث: إِذا وقَع الذُّبابُ في إِناء
أَحدِكم فامْقُلوه فإِن في أَحد جَناحيه سُمّاً وفي الآخر شِفاء وإِنه
يقدِّم السُّمَّ ويؤخر الشِّفاء؛ قال أَبو عبيدة: قوله فامْقُلوه يعني
فاغْمِسوه في الطعام أَو الشراب ليُخْرِج الشفاء كما أَخرج الداء. والمَقْل:
الغَمْس. ويقال للرَّجُلَين إِذا تَغاطَّا في الماء: هما يَتَماقَلان،
والمَقْل في غير هذا النظرُ. وتَماقَلوا في الماء: تَغاطُّوا. وفي حديث
عبد الرحمن وعاصم: يَتماقَلان في البحر، ويروى: يَتَماقَسان. ومَقَل في
الماء يَمْقُل مَقْلاً: غاصَ. ويروى أَن ابن لقمان الحكيم سأَل أَباه لقمان
فقال: أَرأَيت الحَبَّة التي تكون في مَقْل البحر أَي في مَغاص البحر،
فأَعلمه أَن الله يعلم الحَبَّة حيث هي، يعلمها بعِلمه ويستخرجها بلُطفه؛
وقوله في مَقْل البحر، أَراد في موضع المَغاص من البحر. والمَقْل: أَن
يَخَاف الرجل على الفصيل من شربه اللبن فيسقيَه في كفّه قليلاً قليلاً؛ قال
شمر: قال بعضهم لا يعرف المَقْل الغَمْس، ولكن المَقْل أَن يُمْقَل
الفصيلُ الماءَ إِذا آذاه حَرُّ اللبن فيُوجَر الماءَ فيكون دواءٍ. والرجل
يمرض فلا يسمع شيئاً فيقال: امْقُلوه الماءَ واللبنَ أَو شيئاً من الدواء
فهذا المَقْل الصحيح. وقال أَبو عبيد: إِذا لم يَرْضَع الفَصِيل أُخِذ
لسانه ثم صُبَّ الماء في حَلْقه، وهو المَقْل، وقد مَقَلْته مَقْلاً، قال:
وربما خرج على لسانه قُروح فلا يقدر على الرضاع حتى يُمْقَل؛ وأَنشد:
إِذا اسْتَحَرَّ فامْقُلوه مَقْلا،
في الحَلْقِ واللَّهاةِ صُبُّوا الرِّسْلا
والمَقْل: ضرْب من الرضاع؛ وأَنشد في وصف الثَّدْي:
كَثَدْي كَعابٍ لم يُمَرَّثَ بالمَقْلِ
قال الليث: نصَب الثاء على طلَب النون، قال الأَزهري: وكأَنَّ المَقْل
مقلوب من المَلْق وهو الرضاع. ومَقْل البئر: أَسفلها.
والمُقْل: الكُنْدُر الذي تُدَخِّن به اليهودُ ويجعل في الدواء.
والمُقْل: حمل الدَّوْم، واحدته مُقْلة، والدَّوْم شجرة تشبه النخلة في حالاتها.
قال أَبو حنيفة: المُقْل الصمغ الذي يسمى الكُور، وهو من الأَدوية.
قمس: قَمَسَ في الماء يَقْمُِسُ قُمُوساً: انغطَّ ثم ارتفع؛ وقَمَسَه هو
فانقمس أَي غَمَسَه فيه فــانغمس، يتعدّى ولا يتعدّى. وكلُّ شيء ينْغَطّ
في الماء ثم يرتفع، فقد قَمَسَ؛ وكذلك القِنان والإِكام إِذا اضطرب
السَّراب حولها قَمَسَت أَي بدَتْ بعدما تخفّى، وفيه لغة أُخرى: أَقْمَسْته في
الماء، بالأَلف. وقَمَسَت الإِكامُ في السَّراب إِذا ارتفعت فرَأَيْتَها
كأَنها تطفو؛ قال ابن مقبل:
حتى اسْتَتَبْت الهُدَى، والبيد هاجِمةٌ،
يَقْمُسنَ في الآلِ غُلْفاً أَو يُصَلِّينا
والولدُ إِذا اضطرب في سُخْد السَّلَى قيل: قَمَسَ؛ قال رؤبة:
وقامِسٍ في آلهِ مُكَفَّنِ،
يَنْزُونَ نَزْو اللاعبينَ الزُّفَّنِ
وقال شَمِر: قَمَسَ الرجل في الماء إِذا غاب فيه، وقَمَسَت الدَّلْوُ في
الماء إِذا غابت فيه، وانْقَمَسَ في الرَّكِيَّة إِذا وثَبَ فيها،
وقَمَسْتُ به في البئر أَي رَمَيْت. وفي الحديث: أَنه رجَمَ رجلاً ثم صلى
عليه، وقال: إِنه الآن لَيَنْقَمِسُ في رِياضِ الجنة، وروي: في أَنهار الجنة،
من قَمَسَه في الماء فانقمَسَ، ويروى، بالصاد، وهو بمعناه. وفي حديث
وفْد مَذْحِج: في مَفازة تُضْحِي أَعلامُها قامِساً ويُمْسي سَرابُها طامساً
أَي تَبْدو جبالُها للعين ثم تغيب، وأَراد كلَّ عَلَم من أَعلامها فلذلك
أَفرد الوصف ولم يجمعُه. قال الزمخشري: ذكر سيبويه أَن أَفعالاً يكون
للواحد وأَن بعض العرب يقول هو الأَنْعام، واستشهد بقوله تعالى: وإِنَّ لكم
في الأَنعام لعِبرة نُسقِيكم مما في بطونه، وعليه جاء وله: تُضْحِي
أَعلامُها قامِساً، وهو ههنا فاعل بمعنى مفعول.
وفلانٌ يقامس في سِرّه
(* قوله «وفلان يقامس في سره إلخ» عبارة شرح
القاموس: وفلان يقمس في سربه إذا كان يختفي مرة ويظهر مرة .) إِذا كان يَحْنَق
مرة ويظهر مرة. ويقال للرجل إِذا ناظَر أَو خاصم قِرْناً: إِنما يُقامِس
حُوتاً؛ قال مالك بن المتنخل الهذلي:
ولكنَّما حُوتاً بِدُجْنَى أُقامِسُ
دُجْنَى: موضع، وقيل إِنما يقال ذلك إِذا ناظَر مَن هو أَعلم منه،
وقامَسْتُه فَقَمَسْته. وقَمَسَ الولدُ في بطن أُمِّه: اضطرب. والقامِس:
الغَوَّاص؛ قال أَبو ذؤيب:
كأَنَّ ابنةَ السَهْمِيِّ دَرَّة قامسٍ،
لها بعد تَقْطِيعِ النُّبُوح وهِيجُ
(* قوله «بعد تقطيع النبوح» هكذا في الأصل المعوّل عليه هنا وفيه في
مادة وهج بعد تقطيع الثبوج.)
وكذلك القَمَّاس. والقَمْس: الغَوْص. والتقميسُ: أَن يُرْوِي الرجل
إِبلَه؛ والتَغْمِيسُ، بالغين: أَن يسقِيها دون الرِّيِّ، وقد تقدم. وأَقْمَس
الكوكبُ وانقمس: انحطَّ في المغرب؛ قال ذو الرمّة يذكر مَطراً عند سقوط
الثُّرَيَّا.
أَصابَ الأَرضَ مُنْقَمَسُ الثريا،
بِساحِيةٍ، وأَتْبَعَها طِلالا
وإِنما خَّص الثريا لأَنه زعم أَن العرب تقول: ليس شيء من الأَنْواء
أَغْزَر من نَوْء الثريا، أَراد أَن المطر كان عند نَوء الثريا، وهو
مُنْقَمَسها، لغَزَارة ذلك المطر.
والقاموس والقَومَس: قعر البحر، وقيل: وسَطه ومُعظمه. وفي حديث ابن
عباس: وسُئل عن المَدّ والجَزْر قال: مَلَك موكَّل بقاموس البحر كلما وضَع
رجلَه فيه فاضَ وإِذا رفعها غاضَ أَي زاد ونقَس، وهو فاعُولٌ من القَمْس.
وفي الحديث أَيضاً: قال قولاً بلغ به قاموس البحر أَي قَعْرَه الأَقصى،
وقيل: وسَطه ومُعظمه؛ قال أَبو عبيد: القاموس أَبعد موضع غَوْراً في البحر،
قال: وأَصل القَمْس الغَوْس. والقَوْمَسُ: الملِك الشريف. والقَوْمَسُ:
السيد، وهو القُمَّسُ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
وعَلِمْتُ أَني قد مُنِيتُ بِنَيْطَلٍ،
إِذ قيل: كان من ال دَوْفَنَ قُمَّسُ
والجمع قَمامِس وقَمامِسَة، أَدخلوا الهاء لتأْنيث الجمع، وقُومِس:
موضع؛ قال أَحد الخوارج:
ما زالت الأَقدارُ حتى قَذَفَْني
بقُومِسَ بين الفَرَّجان وصُول
(* قوله «بين الفرجان» هكذا في الأصل، مشدد الراء وعليه يستقيم وزن
البيت، ولكن اسم الموضع بإسكان الراء كما في معجم ياقوت والقاموس وكذا للمؤلف
في مادة فرج.)
وقامِس: لغة في قاسِم.
غمر: الغَمْرُ: الماء الكثير. ابن سيده وغيره: ماء غَمْر كثيرٌ
مُغَرِّقٌ بيّن الغُمورةِ، وجمعه غِمار وغُمور. وفي الحديث: مَثَلُ الصلوات
الخَمْسِ كمَثَلِ نهْرٍ غَمْر؛ الغَمْرُ، بفتح الغين وسكون الميم: الكثيرُ،
أَي يَغْمُر مَنْ دخله ويُغطِّيه. وفي الحديث: أَعوذ بك من مَوْتِ الغَمْر
أَي الغرَق. ورجل غَمْرُ الرِّداء وغَمْرُ الخُلُقِ أَي واسع الخلُق كثير
المعروف سخيّ، وإِن كان رداؤه صغيراً، وهو بيّن الغُمورة من قوم غِمارٍ
وغُمورٍ؛ قال كثيِّر:
غَمْر الرِّداء، إِذا تبَسَّمَ ضاحِكاً
غَلِقَتْ لِضَحْكَتِه رِقابُ المالِ
وكله على المثل، وبَحْر غَمْر. يقال: ما أَشدّ غُمورةَ هذا النهر وبحار
غِمارٌ وغُمورٌ. وغَمْرُ البحر: معظمه، وجمعه غِمارٌ وغُمورٌ؛ وقد
غَمُرَ الماءُ
(* قوله« وقد غمر الماء» ضبط في الأصل بضم الميم وعبارة القاموس
وشرحه «وغمر الماء» يغمر من حد نصر كما في سائر النسخ ووجد في بعض أمهات
اللغة مضبوطاً بضم الميم) .غَمارةً وغُمورةً، وكذلك الخلُق.
وغَمَره الماء يَغْمُرُه غَمْراً واغْتَمَره: عَلاه وغَطّاه؛ ومنه قيل
للرجل: غَمَرَه القومُ يَغْمُرونه إِذا عَلَوْه شرفاً. وجيش يَغْتَمرُ
كلَّ شيء: يُغطِّيه ويستغرقه، على المثل. والمَغْمورُ من الرجال: الذي ليس
بمشهور. ونخل مُغْتَمِر: يشرب في الغَمْرة؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد قول
لبيد في صفة نخل:
يَشْرَبْنَ رِفْهاً عِراكاً غيرَ صادِرةٍ
فكلُّها كارِعٌ، في الماء، مُغْتَمِرُ
وفي حديث معاوية: ولا خُضْتُ برجل غَمْرةً إِلاَّ قَطَعْتُها عَرْضاً؛
الغَمْرة: الماء الكثير؛ فضربه مثلا لقوّة رأْيه عند الشدائد، فإِن من
خاضَ الماءَ فقطَعَه عرضاً ليس كمن ضَعُفَ واتَّبَع الجِرْيةَ حتى يخرج
بعيداً من الموضع الذي دخل فيه. أَبو زيد: يقال للشيء إِذا كثر: هذا كثير
غَميرٌ.
والغَمْرُ: الفرس الجواد. وفرس غَمْرٌ: جواد كثير العَدْو واسع الجَرْي؛
قال العجاج:
غَمْرَ الأَجارِيِّ مِسَحًّا مِهْرَجا
والغَمْرةُ: الشدة. وغَمْرةُ كل شيء: مُنْهَمَكه وشدَّتُه كغَمْرةِ
الهمّ والموت ونحوهما. وغَمَراتُ الحَرْب والموت وغِمارُها: شدائدها؛
قال:وفارِس في غِمارِ المَوْتِ مُنْغَمِس،
إِذا تَأَلَّى على مَكْروهةٍ صَدَقا
وجمع الغَمْرة غُمَرٌ مثل نَوْبة ونُوَب؛ قال القطامي يصف سفينة نوح،
على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ويذكر قصته مع قومه ويذكر الطوفان:
ونادى صاحبُ التَّنُّورِ نوحٌ،
وصُبَّ عليهمُ منه البَوارُ
وضَجُّوا عند جَيْئَتِه وفَرُّوا،
ولا يُنْجِي من القدَرِ الحِذارُ
وجاشَ الماءُ مُنْهَمِراً إِليهم،
كأَن غُثاءه خِرَقٌ تُسارُ
وعامَتْ، وهي قاصِدةٌ، بإِذْنٍ،
ولولا اللّه جارَ بها الجَوارُ
إِلى الجوديّ حتى صارَ حِجْراً،
وحانَ لِتَالِكَ الغُمَرِ انْحِسارُ
فهذا فيه مَوْعِظةٌ وحكْم،
ولكنِّي امرؤٌ فيَّ افْتِخارُ
الحِجْر: الممنوع الذي له حاجز، قال ابن سيده: وجمع السلامة أَكثر.
وشجاع مُغامِرٌ: يَغْشَى غَمَراتِ الموت. وهو في غَمْرةٍ من لَهْوٍ وشَبِيبة
وسُكْرٍ، كله على المثل. وقوله تعالى: وذَرْهُم في غَمْرَتِهم حتى حِين؛
قال الفراء أَي في جهلهم. وقال الزجاج: وقرئ في غَمَراتِهم أَي في
عَمايَتِهم وحَيْرتِهم؛ وكذلك قوله تعالى: بل قلوبُهم في غَمْرة مِنْ هذا؛
يقول: بل قلوب هؤلاء في عَمايةٍ من هذا. وقال القتيبي: أَي في غطاء وغفلة.
والغَمْرةُ: حَِيْرةُ الكفّار. وقال الليث: الغَمْرةُ مُنْهَمَك الباطل،
ومُرْتَكضُ الهولِ غَمْرةُ الحَرْب. ويقال: هو يضرب في غَمْرَةِ اللَّهْو
ويَتَسَكَّع في غمرة الفتنة، وغَمْرةُ الموت: شدّة همومِه؛ قال ذو
الرمة:كأَنَّني ضاربٌ في غَمْرةٍ لَعِبُ
أَي سابح في ماء كثير. وفي حديث القيامة: فيقذِفُهم في غَمَراتِ جهنَّم
أَي المواضع التي تكثر فيها النار. وفي حديث أَبي طالب: وجَدْتُه في
غَمَراتٍ من النار، واحدتها غَمْرةٌ. والمُغامِرُ والمُغَمِّرُ: المُلْقي
بنفسه في الغَمَراتِ. والغَمْرة: الزَّحْمةُ من الناس والماء، والجمع
غِمارٌ. وفي حديث أُويس: أَكُون في غِمارِ الناس أَي جَمْعِهم المتكاثف. وفي
حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: أَمّا صاحِبُكم فقد غامَرَ أَي خاصَم غيرَه،
ومعناه دخل في غَمْرةِ الخصومة وهي معظمها. والمُغامِرُ: الذي رمى بنفسه
في الأُمور المُهْلكة، وقيل: هو من الغِمْر، بالكسر، وهو الحِقْد، أَي
حاقد غيره؛ وفي حديث خيبر:
شاكي السِّلاحِ بَطَلٌ مُغامِرُ
أَي مُخاصِمٌ أَو مُحاقِدٌ. وفي حديث الشهادة: ولا ذي غِمْرٍ على أخيه
أَي ضِغْنٍ وحقد.
وغَمْرةُ الناس والماء وغَمْرُهم وغُمارُهم وغِمارهم: جماعتهم ولَفيفُهم
وزحمتهم. ودخلت في غُمارِ الناس وغَمارِهم، يضم ويفتح، وخُمارِهم
وخَمارِهم وغَمَرِهم وخَمَرِهم أَي في زحمتهم وكثرتهم.
واغْتَمَر في الشيء: اغْتَمَس. والاغْتِمارُ: الاغْتِماسُ.
والانْغِمارُ: الانْغِماسُ في الماء. وطعامٌ مُغْتَمِرٌ إِذا كان بقشره.
والغَمِيرُ: شيء يخرج في البُهْمَى في أَول المطر رطباً في يابس، ولا
يعرف الغَميرُ في غير البهمي. قال أَبو حنيفة: الغَميرُ حبُّ البهمى الساقط
من سنبله حين يَيْبَس، وقيل: الغَميرُ ما كان في الأَرض من خُضْرة
قليلاً إِمَّا ريحةً وإِمَّا نباتاً، وقيل: الغَميرُ النبت ينبت في أَصل النبت
حتى يَغْمُره الأَول، وقيل: هو الأَخضر الذي غَمَرَه اليبيس يذهبون إِلى
اشتقاقه، وليس بقويّ، والجمع أَغْمِراء. أَبو عبيدة: الغَميرة الرَّطْبة
والقتُّ اليابس والشعير تعلفه الخيل عند تضميرها. الجوهري: الغَميرُ
نبات قد غَمَره اليَبِيس؛ قال زهير يصف وحشاً:
ثَلاثٌ كأَقْواسِ السَّراءِ وناشِطٌ،
قد اخْضَرَّ من لَسِّ الغَمير جَحافِلُهْ
وفي حديث عمرو بن حُرَيْثٍ: أَصابَنا مطرٌ ظهر منه الغَميرُ، بفتح الغين
وكسر الميم، هو نبت البقل عن المطر بعد اليُبْس، وقيل: هو نبات أَخْضَر
قد غَمَرَ ما قبله من اليَبِيس. وفي حديث قُسٍّ: وغَميرُ حَوْذانٍ، وقيل:
هو المستور بالحَوْذان لكثرة نباته. وتَغَمَّرت الماشيةُ: أَكلت
الغَمير. وغَمَرَه: علاه بفضله وغطّاه. ورجل مَغْمورٌ: خامل. وفي حديث صفته: إذا
جاء مع القوم غَمَرَهم أَي كان فوق كلِّ مَنْ معه؛ وفي حديث حُجَيْر:
إِنِّي لمَغْمورٌ فيهم أَي لست بمشهور كأَنّهم قد غَمَرُوه؛ وفي حديث
الخندق: حتى أَغْمَزَ بَطْنَه أَي وارَى التُّرابُ جِلْدَه وستَره؛ وفي حديث
مَرَضِه: أَنه اشتدّ به حتى غُمِرَ عليه أَي أُغْمِيَ عليه حتى كأَنه
غُطِّي على عقله وسُتِر.
والغِمْرُ، بالكسر: العطش؛ قال العجاج:
حتى إذا ما بَلَّت الأَغْمارا
والغُمَرُ: قَدَحٌ صغير يَتصافَنُ به القومُ في السفر إِذا لم يكن معهم
من الماء إلا يسيرٌ على حصاة يُلْقونها في إِناء ثم يصبّ فيه من الماء
قدر ما يَغْمُر الحصاة فيعطاها كلُّ رجل منهم. وفي الحديث: أَنه كان في
سَفَرٍ فشُكِيَ إِليه العَطَشُ، فقال: أَطْلقوا لي غُمَرِي أَي ائتوني به،
وقيل: الغُمَرُ أَصغر الأَقداح؛ قال أَعشى باهلة يرثي أَخاه المُنتَشِر
بن وهب الباهلي:
يَكْفِيه حُزّةُ فِلْذٍ، إن أَلَمَّ بها،
من الشِّواءِ ، ويُرْوِي شُرْبَه الغُمَرُ
وقيل: الغُمَر القَعْبُ الصغير. وفي الحديث: لا تجعلوني كغُمَرِ الراكب،
صَلُّوا عليَّ أَوّلَ الدعاء وأَوْسَطَه وآخرَه؛ الغُمَرُ، بضم الغين
وفتح الميم: القدح الصغير؛ أَراد أَن الراكب يحمل رَحْلَه وأَزوادَه ويترك
قَعْبَه إلى آخر تَرْحالِه ثم يعلّقه على رحله كالعِلاوة فليس عنده
بمُهمٍّ، فنهاهم أَن يجعلوا الصلاة عليه كالغُمَرِ الذي لا يُقدَّم في
المُهامّ ويجعل تبعاً. ابن شميل: الغُمَرُ يأْخذ كَيْلَجَتيْنِ أَو ثلاثاً،
والقَعْب أَعظمُ منه وهو يُرْوي الرجلَ، وجمع الغُمَرِ أَغْمارٌ. وتَغَمّرْت
أَي شربت قليلاً من الماء؛ قال العجاج:
حتى إذا ما بَلّت الأَغْمارا
رِيٍّا ولمَّا، يَقْصَعِ الاصْرارا
وفي الحديث: أَمَّا الخيلُ فغَمِّروها وأَما الرجالُ فأَرْوُوهم؛ وقال
الكميت:
بها نَقْعُ المُغَمَّرِ والعَذُوبِ
المُغَمَّر: الذي يشرب في الغُمَر إذا ضاق الماء. والتَّغَمُّر الشرب
بالغُمَرِ، وقيل: التَّغَمُّر أَقل الشُّرْب دون الريّ، وهو منه. ويقال:
تَغَمَّرْت، من الغُمَرِ، وهو القَدَح الصغير. وتغَمَّر البعيرُ: لم يَرْوَ
من الماء، وكذلك العَيْر، وقد غَمَّرَه الشُّرْب؛ قال:
ولست بصادِرٍ عن بَيْت جارِي،
صُدورَ العَيْر غَمَّرَه الوُرودُ
قال ابن سيده: وحكى ابن الأَعرابي غَمَّره أَصْحُناً سقاه إِياها،
فعدَّاه إِلى مفعولين.
وقال أَبو حنيفة: الغامِرةُ النخلُ التي لا تحتاج إِلى السقي، قال: ولم
أَجد هذا القول معروفاً.
وصبيّ غُمْرٌ وغَمْرٌ وغَمَرٌ وغَمِرٌ ومُغَمَّر: لم يُجرِّب الأُمور
بيّنُ الغمارة من قوم أَغْمارٍ، وقد غَمُر، بالضم، يَغْمُر غَمارةً؛ وكذلك
المُغَمَّر من الرجال إِذا استجهله الناس، وقد غُمِّرَ تَغْميراً. وفي
حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: أَن اليهود قالوا للنبي، صلى الله عليه
وسلم: لا يَغُرّك أَن قَتَلْتَ نَفَراً من قُريش أَغْماراً؛ الأَغْمارُ جمع
غُمْر، بالضم، وهو الجاهل الغِرُّ الذي لم يُجَرِّب الأُمور؛ قال ابن
سيده: ويُقْتاس من ذلك لكل من لا غَناء عنده ولا رَأْي. ورجل غُمْر وغَمِر:
لا تجربة له بحرب ولا أَمر ولم تحنِّكه التَّجارب؛ وقد روي بيت الشماخ:
لا تَحْسَبَنّي ، وإِن كُنْتُ امْرأً غَمِراً،
كحيّة الماء بين الصَّخْرِ والشِّيدِ
قال ابن سيده: فلا أَدري أَهو إِتباع أَم لغة؛ وهم الأَغمار. وامرأَة
غَمِرَةٌ: غِرٌّ. وغامَرَه أَي باطَشَه وقاتَلَه ولم يبال الموت. قال أَبو
عمرو:
رجل مُغامِرٌ إذا كان يقتحم المهالك. والغُمْرة: تَطْلى به العروس يتخذ
من الورس. قال أَبو العميثل: الغُمْرة والغُمْنة واحد. قال أَبو سعيد: هو
تمر ولبن يطلى به وجه المرأَة ويداها حتى ترِقَّ بشرتها، وجمعها الغُمَر
والغُمَنُ؛ وقال ابن سيده في موضع آخر: والغُمْرة والغُمْرُ الزعفران،
وقيل: الورس، وقيل: الجِصّ، وقيل: الكُرْكُم. وثوب مُغَمَّرُ: مصبوغ
بالزعفران. وجارية مُغَمَّرةٌ: مطلية. ومغْتَمِرة ومُتَغَمِّرة: مُتَطلّية.
وقد غَمَّرت المرأَةُ وجهها تَغْمِيراً أَي طلت به وجهها ليَصْفُو لونها،
وتَغَمَّرَت مثله؛ وغَمَّر فلانٌ جاريته.
والغَمَرُ، بالتحريك: السَّهَكُ وريحُ اللحم وما يَعْلَق باليد من
دَسَمِه. وقد غَمِرَت يدُه من اللحم غَمَراً، فهي غَمِرةٌ أَي زَهِمةٌ، كما
تقول من السَّهَك: سَهِكةٌ؛ ومنه منديل الغَمَر، ويقال لمنديل الغَمَرِ:
المَشُوش. وفي الحديث: مَنْ باتَ وفي يده غَمَرٌ؛ هو الدسم، بالتحريك، وهو
الزهومة من اللحم كالوَضَرِ من السَّمْن. والغِمْرُ والغَمَرُ: الحقد
والغلّ، والجمع غُمورٌ. وقد غَمِرَصدرُه عليّ، بالكسر، يَغْمَرُ غِمْراً
وغَمَراً. والغامر من الأَرض والدور: خلافُ العامِر. وقال أَبو حنيفة:
الغامِرُ من الأَرض كلِّها ما لم يستخرج حتى يصلح للزرع والغرس، وقيل:
الغامِرُ من الأَرض ما لم يزرع مما يحتمل الزراعة، وإنما قيل له غامِرٌ لأَن
الماء يبلغه فيَغْمُره، وهو فاعلٌ بمعنى مفعول، كقولهم: سرٌّ كاتمٌ وماءٌ
دافقٌ، وإنما بني على فاعِلٍ ليقاَبل به العامر، وما لا يبلغه الماء من
موات الأَرض لا يقال له غامِرٌ. قال أَبو عبيد: المعروف في الغامِر المعاشُ
الذي أَهله بخير، قال: والذي يقول الناسُ إِن الغامِرَ الأَرض التي
تُعْمَر، لا أَدري ما هو، قال: وقد سأَلت عنه فلم يبينه لي أَحد؛ يريد قولهم
العامِر والغامِر. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه مَسَحَ السَّوادَ
عامِرَه وغامِرَه، فقيل: إنه أَراد عامِرَه وخرابه. وفي حديث آخر: أَنه جعل
على كلِّ جَرِيبٍ عامِرٍ أَو غامِرٍ دِرْهماً وقفيزاً، وإنما فعل عمر، رضي
ا عنه، ذلك لئلا يُقَصِّرَ الناسُ في المُزارعةِ. قال أَبو منصور: قيل
للخراب غامِرٌ لأَن الماء قد غَمَرَه فلا تمكن زراعتُه أَو كَبَسَه الرمل
والتراب، أَو غَلب عليه النَّزُّ فنبت فيه الأَباءُ والبَرْدِيّ فلا
ينبت شيئاً، وقيل له غامِرٌ لأَنه ذو غَمْرٍ من الماء وغيره للذي غَمَره،
كما يقال: همٌّ ناصبٌ أَي ذو نصَب؛ قال ذو الرمة:
تَرَى قُورَها يَغْرَقْن في الآلِ مَرَّةً،
وآوِنةً يَخْرُجْنَ من غامِرٍ ضَحْلِ
أي من سراب قد غَمَرَها وعلاها.
والغَمْرُ وذات الغَمْر وذو الغَمْر: مواضع، وكذلك الغُمَيرْ؛ قال:
هَجَرْتُك أَيّاماً بذي الغَمْرِ، إنَّني
على هَجْرِ أَيّامٍ بذي الغَمْرِ نادِمُ
وقال امرؤ القيس:
كأَثْلٍ منَ الأَعْراضِ من دون بِئْشةٍ
ودُون الغُمَيرِ عامِدات لِغَضْوَرا
وغَمْرٌ وغُمَيْرٌ وغامِرٌ: أَسماء. وغَمْرة: موضع بطريق مكة؛ قال
الأزهري: هو منزل من مَناهِل طريق مكة، شرفها الله تعالى، وهو فَصْلُ ما بين نجد
وتهامة. وفي الحديث ذكر غَمْر، بفتح الغين وسكون الميم، بئر قديمة بمكة
حفرها بنو سَهْمٍ.
والمَغْمورُ: المقهورُ.والمَغْمورُ: المَمْطورُ. وليل غَمرٌ: شديد
الظلمة؛ قال الراجز يصف إبلاً:
يَجتَبْنَ أَثْناءَ بَهيِمٍ غَمْرِ،
داجي الرِّواقَيْنِ غُدافِ السِّتْرِ
وثوب غَمْرٌ إذا كان ساتراً.
بطن: البَطْنُ من الإنسان وسائِر الحيوان: معروفٌ خلاف الظَّهْر،
مذكَّر، وحكى أَبو عبيدة أَن تأْنيثه لغةٌ؛ قال ابن بري: شاهدُ التذكير فيه
قولُ ميّةَ بنتِ ضِرار:
يَطْوي، إذا ما الشُّحُّ أَبْهَمَ قُفْلَه،
بَطْناً، من الزادِ الخبيثِ، خَميصا
وقد ذَكرْنا في ترجمة ظهر في حرف الراء وجهَ الرفع والنصب فيما حكاه
سيبويه من قولِ العرب: ضُرِبَ عبدُ الله بَطْنُه وظهرُه، وضُرِبَ زيدٌ
البطنُ والظهرُ. وجمعُ البَطْنِ أَبطُنٌ وبُطُونٌ وبُطْنانٌ؛ التهذيب: وهي
ثلاثةُ أَبْطُنٍ إلى العَشْرِ، وبُطونٌ كثيرة لِما فوْقَ العَشْرِ، وتصغيرُ
البَطْنِ بُطَيْنٌ. والبِطْنةُ: امتلاءُ البَطْنِ من الطعام، وهي
الأَشَرُ من كَثْرةِ المال أَيضاً. بَطِنَ يَبْطَنُ بَطَناً وبِطْنةً وبَطُنَ
وهو بَطينٌ، وذلك إذا عَظُمَ بطْنُه. ويقال: ثَقُلَتْ عليه البِطْنةُ، وهي
الكِظَّة، وهي أَن يَمْتلِئَ من الطعام امتلاءً شديداً. ويقال: ليس
للبِطْنةِ خيرٌ من خَمْصةٍ تَتْبَعُها؛ أَراد بالخَمْصَة الجوعَ. ومن
أَمثالهم: البِطْنة تُذْهِبُ الفِطْنةَ؛ ومنه قول الشاعر:
يا بَني المُنْذرِ بن عَبْدانَ، والبِطـ
ـنةُ ممّا تُسَفِّهُ الأَحْلاما
ويقال: مات فلانٌ بالبَطَنِ. الجوهري: وبُطِنَ الرجلُ، على ما لم يسمَّ
فاعله، اشْتَكَى بَطْنَه. وبَطِن، بالكسر، يَبْطَن بَطَناً: عَظُم
بَطْنُه من الشِّبَعِ؛ قال القُلاخ:
ولم تَضَعْ أَولادَها من البَطَنْ،
ولم تُصِبْه نَعْسَةٌ على غَدَنْ
والغَدَنُ: الإسْتِرخاءُ والفَتْرة. وفي الحديث: المَبْطونُ شهيدٌ أَي
الذي يموتُ بمَرَض بَطْنه كالاسْتِسْقاء ونحوه؛ ومنه الحديث: أَنَّ
امرأَةً ماتت في بَطَن، وقيل: أَراد به ههنا النِّفاسَ، قال: وهو أَظهر لأَن
البخاريّ ترْجَم عليه باب الصلاة على النُّفَساء. وقوله في الحديث: تَغْدُو
خِماصاً وتَرُوحُ بِطاناً أَي ممتَلِئةَ البُطونِ. وفي حديث موسى
وشعيبٍ، على نبيّنا وعليهما الصلاة والسلام، وعَوْد غَنَمِه: حُفَّلاً بِطاناً؛
ومنه حديث عليّ، عليه السلام: أَبِيتُ مِبْطاناً وحَوْلي بُطونٌ غَرْثى؛
المِبْطان: الكثيرُ الأَكل والعظيمُ البطنِ. وفي صفة علي، عليه السلام:
البَطِينُ الأَنْزَعُ أَي العظيمُ البطْنِ. ورجلٌ بَطِنٌ: لا هَمَّ له
إلاَّ بَطْنُه، وقيل: هو الرَّغيب الذي لا تَنْتَهِي نفسُه من الأَكل،
وقيل: هو الذي لا يَزَالُ عظيمَ البَطْنِ من كثرةِ الأَكل، وقالوا: كِيسٌ
بَطينٌ أَي مَلآنُ، على المَثَل؛ أَنشد ثعلبٌ لبعض اللُّصوص:
فأَصْدَرْتُ منها عَيْبةً ذاتَ حُلَّةٍ،
وكِيسُ أَبي الجارُودِ غَيْرُ بَطينِ
ورجل مِبْطانٌ: كثيرُ الأَكل لا يَهُمُّه إلا بَطْنُه، وبَطينٌ: عظيمُ
البَطْنِ، ومُبَطَّنٌ: ضامِر البَطْنِ خَميصُه، قال: وهذا على السَّلْب
كأَنه سُلِبَ بَطْنَه فأُعْدِمَه، والأُنثى مُبَطَّنةٌ، ومَبْطونٌ:
يَشْتَكي بَطْنَه؛ قال ذو الرمة:
رَخِيمات الكلامِ مُبَطَّنات،
جَواعِل في البُرَى قَصَباً خِدالا
ومن أَمثالهم: الذئب يُغْبَط بِذي بَطْنه؛ قال أَبو عبيد: وذلك أَنه لا
يُظَنُّ به أَبداً الجوع إنما يُظَنّ به البِطْنةُ لِعَدْوِه على الناس
والماشِيَةِ، ولعلَّه يكونُ مَجْهوداً من الجوع؛ وأَنشد:
ومَنْ يَسْكُنِ البَحْرَيْنِ يَعْظُمْ طِحالُه،
ويُغْبَطُ ما في بَطْنه وهْو جائعُ
وفي صفة عيسى، على نبينا وعليه أَفضل الصلاة والسلام: فإذا رجُل
مُبَطَّنٌ مثلُ السَّيف؛ المُبَطَّنُ: الضامِرُ البَطْن، ويقال للذي لا يَزالُ
ضَخْمَ البطنِ من كثرة الأَكل مِبْطانٌ، فإذا قالوا رَجُلٌ مُبَطَّنٌ
فمعناه أَنه خَميص البَطْن؛ قال مُتمّم بن نُوَيرة:
فَتىً غَيْرَ مِبْطانِ العَشِيَّةِ أَرْوعا
ومن أَمثال العرب التي تُضْرَب للأَمر إذا اشتدّ: التَقَتْ حَلْقَتا
البِطانِ، وأَما قول الراعي يصف إبلاً وحالبها:
إذا سُرِّحَتْ من مَبْرَكٍ نامَ خلفَها،
بمَيْثاءَ، مِبْطان الضُّحى غير أَرْوعا
مِبْطانُ الضُّحى: يعني راعياً يُبادِر الصَّبوح فيشرَبُ حتى يَميلَ من
اللَّبَن. والبَطينُ: الذي لا يَهُمُّه إلا بَطْنُه. والمَبْطُونُ:
العَليل البَطْنِ. والمِبْطانُ: الذي لا يزالُ ضخْمَ البطنِ. والبَطَنُ: داءُ
البَطْن. ويقال: بَطَنَه الداءُ وهو يَبْطُنُه، إذا دَخَله، بُطوناً.
ورجل مَبْطونٌ: يَشْتَكي بَطْنَه. وفي حديث عطاء: بَطَنتْ بك الحُمَّى أَي
أَثَّرَت في باطنك. يقال: بَطَنَه الداءُ يبطُنه. وفي الحديث: رجل
ارْتَبَطَ فرَساً لِيَسْتبْطِنَها أَي يَطْلُبَ ما في بطنها من النِّتاج.
وبَطَنَه يبْطُنُه بَطْناً وبَطَنَ له، كِلاهما: ضرَب بَطْنَه. وضرَب فلانٌ
البعيرَ فبَطَنَ له إذا ضرَب له تحت البَطْن؛ قال الشاعر:
إذا ضرَبْتَ مُوقَراً فابْطُنْ لهْ،
تحتَ قُصَيْراهُ ودُون الجُلَّهْ،
فإنَّ أَنْ تَبْطُنَهُ خَيرٌ لَهْ
أَراد فابطُنْه فزاد لاماً، وقيل: بَطَنَه وبَطَن له مثل شَكَره
وشَكَرَ له ونصَحَه ونصحَ له، قال ابن بري: وإنما أَسكن النون للإدغام في
اللام؛ يقول: إذا ضربت بعيراً مُوقَراً بحِمْله فاضْرِبْه في موضع لا يَضُرُّ
به الضربُ، فإنّ ضرْبَه في ذلك الموضع من بطْنه خير له من غيره. وأَلقَى
الرجلُ ذا بَطْنه: كناية عن الرَّجيع. وأَلْقَت الدَّجاجةُ ذا بَطْنِها:
يعني مَزْقَها إذا باضت. ونثرَت المرأَةُ بَطْنَها ولداً: كَثُر ولدُها.
وأَلقت المرأَةُ ذا بطنِها أَي وَلَدَت. وفي حديث القاسم بن أَبي
بَرَّةَ: أَمَرَ بعشَرَةٍ من الطَّهارة: الخِتانِ والاستِحدادِ وغَسْلِ
البَطِنةِ ونَتْفِ الإبْطِ وتقليم الأَظفار وقصِّ الشارب والاستِنْثار؛ قال
بعضهم: البَطِنة هي الدبُر، هكذا رواها بَطِنة، بفتح الباء وكسر الطاء؛ قال
شمر: والانتِضاحُ
(* قوله «والانتضاح» هكذا بدون ذكره في الحديث).
الاسْتِنجاءُ بالماء. والبَطْنُ: دون القبيلة، وقيل: هو دون الفَخِذِ وفوق
العِمارة، مُذَكَّر، والجمع أَبْطُنٌ وبُطُونٌ. وفي حديث علي، عليه السلام:
كَتَب على كلِّ بطْنٍ عُقولَه؛ قال: البَطْنُ ما دون القبيلة وفوق الفخِذ،
أَي كَتَب عليهم ما تَغْرَمُه العاقلة من الدِّيات فبَيَّن ما على كل قوم
منها؛ فأَما قوله:
وإنَّ كِلاباً هذه عَشْرُ أَبْطُنٍ،
وأَنتَ بريءٌ من قبَائِلِها العَشْر
فإنه أَنّث على معنى القبيلة وأَبانَ ذلك بقوله من قبائلها العشر. وفرسٌ
مُبَطَّنٌ: أَبيضُ البَطْنِ والظهر كالثوب المُبطَّن ولَوْنُ سائرِه ما
كان. والبَطْنُ من كل شيء: جَوْفُه، والجمع كالجمع. وفي صفة القرآن
العزيز: لكل آية منها ظَهْرٌ وبطْن؛ أَراد بالظَّهْرِ ما ظَهَرَ بيانُه،
وبالبَطْن ما احتيج إلى تفسيره كالباطِن خلاف الظاهر، والجمع بَواطِنُ؛
وقوله:وسُفْعاً ضِياهُنَّ الوَقودُ فأَصْبَحَت
ظواهِرُها سُوداً، وباطِنُها حُمْرا
أَراد: وبواطِنُها حُمْراً فوَضع الواحدَ موضعَ الجمع، ولذلك استَجاز
أَن يقول حُمْراً، وقد بَطُنَ يَبْطُنُ. والباطِنُ: من أَسماء الله عز وجل.
وفي التنزيل العزيز: هو الأَوّلُ والآخِرُ والظاهر والباطن؛ وتأْويلُه
ما روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في تَمْجيد الربّ: اللهمّ أَنتَ
الظاهِر فليس فوقَك شيءٌ، وأَنت الباطِنُ فليس دونَك شيء، وقيل: معناه أَنه
علِمَ السرائرَ والخفيَّاتِ كما علم كلَّ ما هو ظاهرُ الخَلْقِ، وقيل:
الباطِن هو المُحْتَجِب عن أَبصار الخلائِق وأَوْهامِهم فلا يُدرِكُه بَصَر
ولا يُحيطُ به وَهْم، وقيل: هو العالمُ بكلِّ ما بَطَن. يقال: بَطَنْتُ
الأَمرَ إذا عَرَفتَ باطنَه. وقوله تعالى: وذَرُوا ظاهرَ الإثْمِ
وباطِنَه؛ فسره ثعلب فقال: ظاهرُه المُخالَّة وباطنُه الزِّنا، وهو مذكور في
موضعه. والباطِنةُ: خلافُ الظاهرة. والبِطانةُ: خلافُ الظِّهارة. وبِطانةُ
الرجل: خاصَّتُه، وفي الصحاح: بِطانةُ الرجل وَليجتُه. وأَبْطَنَه:
اتَّخَذَه بِطانةً. وأَبْطَنْتُ الرجلَ إذا جَعَلْتَه من خَواصِّك. وفي الحديث:
ما بَعَثَ الله من نبيّ ولا استَخْلَفَ من خليفة إلا كانت له بِطانتانِ؛
بِطانةُ الرجل: صاحبُ سِرِّه وداخِلةُ أَمره الذي يُشاوِرُه في أَحواله.
وقوله في حديث الاستسقاء: وجاء أَهلُ البِطانةِ يَضِجُّون؛ البِطانةُ:
الخارجُ من المدينة. والنَّعْمة الباطنةُ: الخاصَّةُ، والظاهرةُ:
العامَّةُ. ويقال: بَطْنُ الراحهِ وظَهْرُ الكَفّ. ويقال: باطنُ الإبْط، ولا يقال
بطْن الإبْط. وباطِنُ الخُفّ: الذي تَليه الرجْلُ. وفي حديث النَّخَعي:
أَنه كان يُبَطِّنُ لِحْيتَه ويأْخُذُ من جَوانِبها؛ قال شمر: معنى
يُبَطِّن لحيتَه أَي يأْخذ الشَّعَر من تحت الحَنَك والذَّقَنِ، والله أَعلم.
وأَفْرَشَني ظَهْر أَمرِه وبَطْنَه أَي سِرَّه وعلانِيَتَه، وبَطَنَ
خبرَه يَبْطُنُه، وأَفرَشَني بَطْنَ أَمره وظَهْرَه، ووَقَف على دَخْلَته.
وبَطَن فلانٌ بفلان يَبْطُنُ به بُطوناً وبطانة إذا كان خاصّاً به
داخلاًفي أَمره، وقيل: بَطَنَ به دخل في أَمره. وبَطَنتُ بفلان: صِرْتُ من
خواصِّه. وإنَّ فلاناً لذو بِطانة بفلان أَي ذو علمٍ بداخلةِ أَمره. ويقال:
أَنتَ أَبْطنْتَ فلاناً دوني أَي جَعلْتَه أَخَصَّ بك مني، وهو مُبَطَّنٌ
إذا أَدخَله في أَمره وخُصَّ به دون غيره وصار من أَهل دَخْلَتِه. وفي
التنزيل العزيز: يا أَيها الذين آمنوا لا تَتَّخِذُوا بِطانةً من دونكم؛
قال الزجاج: البِطانة الدُّخَلاء الذين يُنْبَسط إليهم ويُسْتَبْطَنونَ؛
يقال: فلان بِطانةٌ لفلان أَي مُداخِلٌ له مُؤانِس، والمعنى أَن المؤمنين
نُهوا أَن يَتَّخِذوا المنافقين خاصَّتَهم وأَن يُفْضُوا إليهم
أَسرارَهم. ويقال: أَنت أَبْطَنُ بهذا الأَمر أَي أَخبَرُ بباطِنِه. وتبَطَّنْت
الأَمرَ: عَلِمت باطنَه. وبَطَنْت الوادي: دَخَلْته. وبَطَنْت هذا الأَمرَ:
عَرَفْت باطنَه، ومنه الباطِن في صفة الله عز وجل. والبطانةُ: السريرةُ.
وباطِنةُ الكُورة: وَسَطُها، وظاهرتُها: ما تنَحَّى منها. والباطنةُ من
البَصْرةِ والكوفة: مُجْتَمَعُ الدُّور والأَسواقِ في قَصَبتها،
والضاحيةُ: ما تنَحَّى عن المساكن وكان بارزاً. وبَطْنُ الأَرض وباطنُها: ما
غَمَض منها واطمأَنّ. والبَطْنُ من الأَرض: الغامضُ الداخلُ، والجمعُ القليل
أَبْطِنةٌ، نادرٌ، والكثير بُطْنان؛ وقال أَبو حنيفة: البُطْنانُ من
الأَرض واحدٌ كالبَطْن. وأَتى فلانٌ الوادي فتَبَطَّنه أَي دخل بطنَه. ابن
شميل: بُطْنانُ الأَرض ما تَوَطَّأَ في بطون الأَرض سَهْلِها وحَزْنها
ورياضها، وهي قَرار الماء ومستَنْقَعُه، وهي البواطنُ والبُطون. ويقال: أَخذ
فلانٌ باطناً من الأَرض وهي أَبطأُ جفوفاً من غيرها. وتبطَّنْتُ الوادي:
دخلْت بطْنه وجَوَّلْت فيه. وبُطْنانُ الجنة: وسَطُها. وفي الحديث: ينادي
مُنادٍ من بُطْنانُ العرش أَي من وسَطه، وقيل: من أَصله، وقيل:
البُطْنان جمع بطن، وهو الغامض من الأَرض، يريد من دواخل العرش؛ ومنه كلام علي،
عليه السلام، في الاستسقاء: تَرْوَى به القِيعانُ وتسيل به البُطْنان.
والبُطْنُ: مسايلُ الماء في الغَلْظ، واحدها باطنٌ؛ وقول مُلَيْح:
مُنِيرٌ تَجُوزُ العِيسُ من بَطِناتِه
نَوىً، مثل أَنْواءِ الرَّضيخِ المُفَلَّق
قال: بَطِناتُه مَحاجُّه. والبَطْنُ: الجانب الطويلُ من الريش، والجمع
بُطْنانٌ مثل ظَهْرٍ وظُهْرانٍ وعَبْدٍ وعُبْدانٍ. والبَطْنُ: الشِّقُّ
الأَطولُ من الريشة، وجمعها بُطْنان. والبُطْنانُ أَيضاً من الريش: ما كان
بطنُ القُذَّة منه يَلي بطنَ الأُخرى، وقيل: البُطْنانُ ما كان من تحت
العَسيب، وظُهْرانُه ما كان فوق العسيب؛ وقال أَبو حنيفة: البُطْنانُ من
الريش الذي يَلي الأَرضَ إذا وقَع الطائرُ أَو سَفَعَ شيئاً أَو جَثَمَ على
بَيْضه أَو فِراخه، والظُّهارُ والظُّهْرانُ ما جُعِلَ من ظَهر عَسيب
الريشة. ويقال: راشَ سهمَه بظُهْرانٍ ولم يَرِشْه ببُطْنانٍ، لأَنَّ
ظُهْرانَ الريش أَوفَى وأَتَمُّ، وبُطْنانُ الريش قِصار، وواحدُ البُطْنانِ
بَطْنٌ، وواحدُ الظُّهْرانِ ظَهْرٌ، والعَسِيبُ قَضيبُ الريش في وسَطِه.
وأَبْطَن الرجل كَشْحَه سَيفَه ولسيفه: جعله بطانتَه. وأَبطنَ السيفَ كشْحَه
إذا جعله تحت خَصْره. وبطَّنَ ثوبَه بثوبٍ آخر: جعله تحته. وبِطانةُ
الثوب: خلافُ ظِهارته. وبطَّنَ فلان ثوبه تبطيناً: جعل له بطانةً، ولِحافٌ
مَبْطُونٌ ومُبَطَّن، وهي البِطانة والظِّهارة. قال الله عز وجل:
بَطائنُها من إسْتَبْرقٍ. وقال الفراء في قوله تعالى: مُتَّكِئِين على فُرُشٍ
بَطائنُها من إستبرقٍ؛ قال: قد تكونُ البِطانةُ ظِهارةً والظهارةُ بطانةً،
وذلك أَن كلَّ واحدٍ منها قد يكونُ وجهاً، قال: وقد تقول العربُ هذا ظهرُ
السماء وهذا بطنُ السماء لظاهرها الذي تراه. وقال غير الفراء: البِطانةُ
ما بطَنَ من الثوب وكان من شأْن الناس إخْفاؤه، والظهارة ما ظَهَرَ وكان
من شأْن الناس إبداؤه. قال: وإنما يجوز ما قال الفراء في ذي الوجهين
المتساويين إذا وَلِيَ كلُّ واحد منهما قوْماً، كحائطٍ يلي أَحد صَفْحَيْه
قوماً، والصَّفْحُ الآخرُ قوماً آخرين، فكلُّ وجهٍ من الحائط ظَهْرٌ
لمن يليه، وكلُّ واحدٍ من الوجهين ظَهْر وبَطْن، وكذلك وجْها الجبل وما
شاكلَه، فأَما الثوبُ فلا يجوز أَن تكونَ بطانتُه ظهارةً ولا ظِهارتُه
بِطانةً، ويجوز أَن يُجْعَل ما يَلينا من وجه السماء والكواكِب ظهْراً
وبطْناً، وكذلك ما يَلينا من سُقوف البيت. أَبو عبيدة: في باطِن وظِيفَيِ
الفرس أَبْطَنانِ، وهما عِرْقان اسْتَبْطَنا الذِّراعَ حتى انغَمَســا في
عَصَب الوَظيف. الجوهري: الأَبْطَنُ في ذِراع الفرسِ عِرْق في باطنها، وهما
أَبْطَنانِ. والأبْطَنانِ: عِرْقان مُسْتَبْطِنا بَواطِن وظِيفَي
الذراعَينِ حتى يَنْغَمِسا في الكَفَّين. والبِطانُ: الحزامُ الذي يَلي البَطْنَ.
والبِطانُ: حِزامُ الرَّحْل والقَتَب، وقيل: هو للبعير كالحِزام للدابة،
والجمع أَبطِنةٌ وبُطُن. وبَطَنَه يَبْطُنُه وأَبْطَنَه: شَدَّ بِطانه.
قال ابن الأَعرابي وحده: أَبْطَنْتُ البعير ولا يقال بَطَنْتُه، بغير
أَلف؛ قال ذو الرمة يصف الظليم:
أَو مُقْحَم أَضْعَفَ الإبْطانَ حادجُه،
بالأَمسِ، فاستَأْخَرَ العِدْلانِ والقَتَبُ
شَبَّه الظَّليمَ بجَمَل أَضْعَفَ حادِجُهُ شَدَّ بِطانِه فاسترْخَى؛
فشبَّه استِرْخاء
(* قوله «فشبه استرخاء إلخ» كذا بالأصل والتهذيب أيضاً،
ولعلها مقلوبة، والأصل: فشبه استرخاء جناحي الظليم باسترخاء عكميه).
عِكْمَيْه باسترخاء جَناحَيِ الظَّليم، وقد أَنكر أَبو الهيثم بَطَنْت، وقال:
لا يجوز إلا أَبْطَنت، واحتجَّ ببيت ذي الرمة. قال الأَزهري: وبَطَنْتُ
لغةٌ
أَيضاً. والبِطانُ للقَتَب خاصة، وجمعه أَبْطِنة، والحزامُ للسَّرْج.
ابن شميل: يقال أَبْطَنَ حِمْلَ البعيرِ وواضَعَه حتى يتَّضِع أَي حتى
يَسْترْخي على بَطْنه ويتمكن الحِمْل منه. الجوهري: البِطانُ للقَتَب
الحزامُ الذي يجعل تحت بطن البعير. يقال: التَقَتْ حَلْقَتا البطان للأَمر إذا
اشتدَّ، وهو بمنزلة التَّصدير للرحْل، يقال منه: أَبْطَنْتُ البعيرَ
إِبْطاناً إذا شَدَدْتَ بِطانَه. وإنه لعريضُ البِطانِ أَي رَخِيُّ البالِ.
وقال أَبو عبيد في باب البخيل، يموتُ ومالُه وافِرٌ لم يُنْفق منه شيئاً:
مات فلانٌ بِبِطْنَتِه لم يتَغَضْغَضْ منها شيء، ومثله: مات فلانٌ وهو
عريضُ البِطانِ أَي مالُه جَمٌّ لم يَذهَبْ منه شيءٌ؛ قال أَبو عبيد:
ويُضْرَب هذا المثلُ في أَمر الدِّين أَي خرَجَ من الدنيا سليماً لم يَثْلِمْ
دينَه شيءٌ، قال ذلك عمرو ابنُ العاص في عبد الرحمن بن عَوف لما مات:
هنيئاً لك خرَجْتَ من الدنيا بِبِطْنَتِكَ لم يتَغَضْغَضْ منها شيء؛ ضرَبَ
البطْنةَ مثلاً في أَمر الدين، وتغضْغَضَ الماءُ: نَقَصَ، قال: وقد يكون
ذمَّاً ولم يُرِدْ به هنا إلاْ المَدْحَ. ورجل بَطِنٌ: كثيرُ المال.
والبَطِنُ: الأَشِرُ. والبِطْنةُ: الأَشَرُ. وفي المَثَل: البِطْنةُ تُذْهِبُ
الفِطْنةَ، وقد بَطِنَ. وشأْوٌ بَطِينٌ: واسعٌ. والبَطين: البعيد، يقال:
شأْوٌ بطين أَي بعيد؛ وأَنشد:
وبَصْبَصْنَ، بين أَداني الغَضَا
وبين عُنَيْزةَ، شأْواً بَطِيناً
قال: وفي حديث سليمان بن صُرَد: الشَّوْطُ بَطِينٌ أَي بعيد. وتبطَّن
الرجلُ جاريتَه إذا باشَرها ولمَسَها، وقيل: تبطَّنها إذا أَوْلَج ذكرَه
فيها؛ قال امرؤُ القيس:
كأَنِّي لم أَرْكَبْ جَواداً لِلَذَّةٍ،
ولم أَتَبطَّنْ كاعِباً ذاتَ خَلْخالِ
وقال شمر: تبطَّنها إذا باشَرَ بطنُه بطنَها في قوله:
إذا أَخُو لذَّةِ الدنيا تبطَّنها
ويقال: اسْتَبْطَن الفحلُ الشَّوْلَ إذا ضربَها فلُقحَت كلُّها كأَنه
أَوْدع نطفتَه بطونها؛ ومنه قول الكميت:
فلما رأَى الجَوْزاءَ أَولُ صابِحٍ،
وصَرَّتَها في الفجر كالكاعِب الفُضُلْ،
وخَبَّ السَّفا، واسْتبطن الفحلُ، والتقتْ
بأَمْعَزِها بُقْعُ الجَنادِبِ تَرْتَكِلْ
صرَّتُها: جماعة كواكبها، والجَنادِب ترتَكِل من شدة الرَّمْضاء. وقال
عمرو بن بَحْر: ليس من حَيَوانٍ يتبطَّنُ طَروقتَه غيرُ الإنسان والتمساح،
قال: والبهائم تأْتي إناثها من ورائها، والطيرُ تُلْزِق الدُّبُرَ
بالدبر، قال أَبو منصور: وقول ذي الرمة تبطَّنَها أَي علا بطْنَها
ليُجامِعَها. واسْتبطنْتُ الشيءَ وتبَطَّنْتُ الكلأَ: جَوَّلتُ فيه. وابْتَطنْتُ
الناقةَ عشرةَ أَبطن أَي نَتجْتُها عشرَ مرات. ورجل بَطِين الكُرْز إذا كان
يَخبَأُ زادَه في السفر ويأْكل زادَ صاحبه؛ وقال رؤبة يذم رجلاً:
أَو كُرَّزٌ يمشي بَطينَ الكُرْزِ
والبُطَيْن: نجم من نجوم السماء من منازل القمر بين الشرَطَيْن
والثُّرَيَّا، جاء مصغَّراً
عن العرب، وهو ثلاثةُ كواكبَ صغار مستوية التثليث كأَنها أَثافي، وهو
بطن الحمَل، وصُغِّر لأَن الحمَل نجومٌ كثيرة على صورة الحَمَل، والشرَطان
قَرْناه، والبُطَيْن بَطنُه، والثريا أَليتُه، والعرب تزعُم أَن البُطَين
لا نَوْء له إلا الريحُ. والبَطينُ: فرس معروف من خيل العرب، وكذلك
البِطان، وهو ابن البَطين
(* قوله «وهو ابن البطين» عبارة القاموس: وهو أبو
البطين). والبَطين: رجل من الخَوارج. والبُطَين الحِمْضيّ: من
شُعَرائهم.
برد: البَرْدُ: ضدُّ الحرّ. والبُرودة: نقيض الحرارة؛ بَرَدَ الشيءُ
يبرُدُ بُرودة وماء بَرْدٌ وبارد وبَرُودٌ وبِرادٌ، وقد بَرَدَه يَبرُدُه
بَرْداً وبَرَّدَه: جعله بارداً. قال ابن سيده: فأَما من قال بَرَّدَه
سَخَّنه لقول الشاعر:
عافَتِ الماءَ في الشتاء، فقلنا:
بَرِّديه تُصادفيه سَخِينا
فغالط، إِنما هو: بَلْ رِدِيه، فأَدغم على أَن قُطْرباً قد قاله.
الجوهري: بَرُدَ الشيءُ، بالضم، وبَرَدْتُه أَنا فهو مَبْرُود وبَرّدته
تبريداً، ولا يقال أَبردته إِلاّ في لغة رديئة؛ قال مالك بن الريب، وكانت المنية
قد حضرته فوصى من يمضي لأَهله ويخبرهم بموته، وأَنْ تُعَطَّلَ قَلُوصه
في الركاب فلا يركبهَا أَحد ليُعْلم بذلك موت صاحبها وذلك يسرّ أَعداءه
ويحزن أَولياءه؛ فقال:
وعَطِّلْ قَلُوصي في الركاب، فإِنها
سَتَبْرُدُ أَكباداً، وتُبْكِي بَواكيا
والبَرود، بفتح الباء: البارد؛ قال الشاعر:
فبات ضَجيعي في المنام مع المُنَى
بَرُودُ الثَّنايا، واضحُ الثغر، أَشْنَبُ
وبَرَدَه يَبْرُدُه: خلطه بالثلج وغيره، وقد جاء في الشعر. وأَبْرَدَه:
جاء به بارداً. وأَبْرَدَ له: سقاهُ بارداً. وسقاه شربة بَرَدَت فؤَادَه
تَبْرُدُ بَرْداً أَي بَرَّدَتْه. ويقال: اسقني سويقاً أُبَرِّد به كبدي.
ويقال: سقيته فأَبْرَدْت له إِبراداً إِذا سقيته بارداً. وسقيته شربةً
بَرَدْت بها فوؤَادَه من البَرود؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
إِنِّي اهْتَدَيْتُ لِفِتْية نَزَلُوا،
بَرَدُوا غَوارِبَ أَيْنُقٍ جُرْب
أَي وضعوا عنها رحالها لتَبْرُدَ ظهورها. وفي الحديث: إِذا أَبصر أَحدكم
امرأَة فليأْت زوجته فإِن ذلك بَرْدُ ما في نفسه؛ قال ابن الأَثير: هكذا
جاء في كتاب مسلم، بالباء الموحدة، من البَرْد، فإِن صحت الرواية فمعناه
أَن إِتيانه امرأَته يُبرِّد ما تحركت له نفسه من حر شهوة الجماع أَي
تسكنه وتجعله بارداً، والمشهور في غيره يردّ، بالياء، من الرد أَي يعكسه.
وفي حديث عمر: أَنه شرب النبيذ بعدما بَرَدَ أَي سكن وفَتَر. ويُقال: جدّ
في الأَمر ثم بَرَدَ أَي فتر. وفي الحديث: لما تلقاه بُرَيْدَةُ الأَسلمي
قال له: من أَنت؟ قال: أَنا بريدة، قال لأَبي بكر: بَرَدَ أَمرنا وصلح
(* قوله «برد أمرنا وصلح» كذا في نسخة المؤلف والمعروف وسلم، وهو المناسب
للأسلمي فانه، صلى الله عليه وسلم، كان يأخذ الفأل من اللفظ). أَي سهل.
وفي حديث أُم زرع: بَرُودُ الظل أَي طيب العشرة، وفعول يستوي فيه الذكر
والأُنثى.
والبَرَّادة: إِناء يُبْرِد الماء، بني على أَبْرَد؛ قال الليث:
البَرَّادةُ كوارَةٌ يُبَرَّد عليها الماء، قال الأَزهري: ولا أَدري هي من كلام
العرب أَم كلام المولدين. وإِبْرِدَةُ الثرى والمطر: بَرْدُهما.
والإِبْرِدَةُ: بَرْدٌ في الجوف.
والبَرَدَةُ: التخمة؛ وفي حديث ابن مسعود: كل داء أَصله البَرَدة وكله
من البَرْد؛ البَرَدة، بالتحريك: التخمة وثقل الطعام على المعدة؛ وقيل:
سميت التخمةُ بَرَدَةً لأَن التخمة تُبْرِدُ المعدة فلا تستمرئ الطعامَ
ولا تُنْضِجُه.
وفي الحديث: إِن البطيخ يقطع الإِبردة؛ الإِبردة، بكسر الهمزة والراء:
علة معروفة من غلبة البَرْد والرطوبة تُفَتِّر عن الجماع، وهمزتها زائدة.
ورجل به إِبْرِدَةٌ، وهو تقطِير البول ولا ينبسط إِلى النساء.
وابْتَرَدْتُ أَي اغتسلت بالماء البارد، وكذلك إِذا شربته لتَبْرُدَ به كبدك؛ قال
الراجز.
لَطالَما حَلأْتُماها لا تَرِدْ،
فَخَلِّياها والسِّجالَ تَبْتَرِدْ،
مِنْ حَرِّ أَيامٍ ومِنْ لَيْلٍ وَمِدْ
وابْتَرَد الماءَ: صَبَّه على رأَسه بارداً؛ قال:
إِذا وجَدْتُ أُوَارَ الحُبِّ في كَبِدي،
أَقْبَلْتُ نَحْوَ سِقاء القوم أَبْتَرِدُ
هَبْنِي بَرَدْتُ بِبَرْدِ الماءِ ظاهرَهُ،
فمَنْ لِحَرٍّ على الأَحْشاءِ يَتَّقِدُ؟
وتَبَرَّدَ فيه: استنقع. والبَرُودُ: ما ابْتُرِدَ به.
والبَرُودُ من الشراب: ما يُبَرِّدُ الغُلَّةَ؛ وأَنشد:
ولا يبرِّد الغليلَ الماءُ
والإِنسان يتبرّد بالماء: يغتسل به.
وهذا الشيء مَبْرَدَةٌ للبدن؛ قال الأَصمعي: قلت لأَعرابي ما يحملكم على
نومة الضحى؟ قال: إِنها مَبْرَدَةٌ في الصيف مَسْخَنَةٌ في الشتاء.
والبَرْدانِ والأَبرَدانِ أَيضاً: الظل والفيء، سميا بذلك لبردهما؛ قال
الشماخ بن ضرار:
إِذا الأَرْطَى تَوَسَّدَ أَبْرَدَيْهِ
خُدودُ جَوازِئٍ، بالرملِ، عِينِ
سيأْتي في ترجمة جزأَ
(* وهي متأخرة عن هذا الحرف في تهذيب الأزهري.) ؛
وقول أَبي صخر الهذلي:
فما رَوْضَةٌ بِالحَزْمِ طاهرَةُ الثَّرَى،
ولَتْها نَجاءَ الدَّلْوِ بَعْدَ الأَبارِدِ
يجوز أَن يكون جمع الأَبردين اللذين هما الظل والفيء أَو اللذين هما
الغداة والعشيّ؛ وقيل: البردان العصران وكذلك الأَبردان، وقيل: هما الغداة
والعشي؛ وقيل: ظلاَّهما وهما الرّدْفانِ والصَّرْعانِ والقِرْنانِ. وفي
الحديث: أَبْرِدُوا بالظهر فإِن شدّة الحرّ من فيح جهنم؛ قال ابن الأَثير:
الإِبراد انكسار الوَهَج والحرّ وهو من الإِبراد الدخول في البَرْدِ؛
وقيل: معناه صلوها في أَوّل وقتها من بَرْدِ النهار، وهو أَوّله. وأَبرد
القومُ: دخلوا في آخر النهار. وقولهم: أَبرِدوا عنكم من الظهيرة أَي لا
تسيروا حتى ينكسر حرّها ويَبُوخ. ويقال: جئناك مُبْرِدين إِذا جاؤوا وقد باخ
الحر. وقال محمد بن كعب: الإِبْرادُ أَن تزيغ الشمس، قال: والركب في
السفر يقولون إِذا زاغت الشمس قد أَبردتم فرُوحُوا؛ قال ابن أَحمر:
في مَوْكبٍ، زَحِلِ الهواجِر، مُبْرِد
قال الأَزهري: لا أَعرف محمد بن كعب هذا غير أَنّ الذي قاله صحيح من
كلام العرب، وذلك أَنهم ينزلون للتغوير في شدّة الحر ويقيلون، فإِذا زالت
الشمس ثاروا إِلى ركابهم فغيروا عليها أَقتابها ورحالها ونادى مناديهم:
أَلا قد أَبْرَدْتم فاركبوا قال الليث: يقال أَبرد القوم إِذا صاروا في وقت
القُرِّ آخر القيظ. وفي الحديث: من صلى البَرْدَيْنِ دخل الجنة؛
البردانِ والأَبْرَدانِ: الغداةُ والعشيّ؛ ومنه حديث ابن الزبير: كان يسير بنا
الأَبْرَدَيْنِ؛ وحديثه الآخر مع فَضالة بن شريك: وسِرْ بها
البَرْدَيْن.وبَرَدَنا الليلُ يَبْرُدُنا بَرْداً وبَرَدَ علينا: أَصابنا برده.
وليلة باردة العيش وبَرْدَتُه: هنيئته؛ قال نصيب:
فيا لَكَ ذا وُدٍّ، ويا لَكِ ليلةً،
بَخِلْتِ وكانت بَرْدةَ العيشِ ناعِمه
وأَما قوله: لا بارد ولا كريم؛ فإِن المنذري روى عن ابن السكيت أَنه
قال: وعيش بارد هنيء طيب؛ قال:
قَلِيلَةُ لحمِ الناظرَيْنِ، يَزِينُها
شبابٌ، ومخفوضٌ من العيشِ بارِدُ
أَي طاب لها عيشها. قال: ومثله قولهم نسأَلك الجنة وبَرْدَها أَي طيبها
ونعيمها.
قال ابن شميل: إِذا قال: وابَرْدَهُ
(* قوله «قال ابن شميل إِذا قال
وابرده إلخ» كذا في نسخة المؤلف والمناسب هنا أن يقال: ويقول وابرده على
الفؤاد إذا أصاب شيئاً هنيئاً إلخ.) على الفؤاد إِذا أَصاب شيئاً هنيئاً،
وكذلك وابَرْدَاهُ على الفؤاد. ويجد الرجل بالغداة البردَ فيقول: إِنما هي
إِبْرِدَةُ الثرى وإِبْرِدَةُ النَّدَى. ويقول الرجل من العرب: إِنها
لباردة اليوم فيقول له الآخر: ليست بباردة إِنما هي إِبْرِدَةُ الثرى. ابن
الأَعرابي: الباردة الرباحة في التجارة ساعة يشتريها. والباردة: الغنيمة
الحاصلة بغير تعب؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم: الصوم في الشتاء
الغنيمة الباردة لتحصيله الأَجر بلا ظمإٍ في الهواجر أَي لا تعب فيه ولا
مشقة. وكل محبوب عندهم: بارد؛ وقيل: معناه الغنيمة الثابتة المستقرة من
قولهم بَرَدَ لي على فلان حق أَي ثبت؛ ومنه حديث عمر: وَدِدْتُ أَنه
بَرَدَ لنا عملُنا. ابن الأَعرابي: يقال أَبرد طعامه وبَرَدَهُ
وبَرَّدَهُ.والمبرود: خبز يُبْرَدُ في الماءِ تطعمه النِّساءُ للسُّمْنة؛ يقال:
بَرَدْتُ الخبز بالماءِ إِذا صببت عليه الماء فبللته، واسم ذلك الخبز
المبلول: البَرُودُ والمبرود.
والبَرَدُ: سحاب كالجَمَد، سمي بذلك لشدة برده. وسحاب بَرِدٌ وأَبْرَدُ:
ذو قُرٍّ وبردٍ؛ قال:
يا هِندُ هِندُ بَيْنَ خِلْبٍ وكَبِدْ،
أَسْقاك عني هازِمُ الرَّعْد برِدْ
وقال:
كأَنهُمُ المَعْزاءُ في وَقْع أَبْرَدَا
شبههم في اختلاف أَصواتهم بوقع البَرَد على المَعْزاء، وهي حجارة صلبة،
وسحابة بَرِدَةٌ على النسب: ذات بَرْدٍ، ولم يقولوا بَرْداء. الأَزهري:
أَما البَرَدُ بغير هاء فإِن الليث زعم أَنه مطر جامد. والبَرَدُ: حبُّ
الغمام، تقول منه: بَرُدَتِ الأَرض. وبُرِدَ القوم: أَصابهم البَرَدُ،
وأَرض مبرودة كذلك. وقال أَبو حنيفة: شجرة مَبْرودة طرح البَرْدُ ورقها.
الأَزهري: وأَما قوله عز وجل: وينزل من السماء من جبال فيها من بَرَدٍ فيصيب
به؛ ففيه قولان: أَحدهما وينزل من السماء من أَمثال جبال فيها من بَرَدٍ،
والثاني وينزل من السماء من جبال فيها بَرَداً؛ ومن صلة؛ وقول الساجع:
وصِلِّياناً بَرِدَا
أَي ذو برودة. والبَرْد. النوم لأَنه يُبَرِّدُ العين بأَن يُقِرَّها؛
وفي التنزيل العزيز: لا يذوقون فيها بَرْداً ولا شراباً؛ قال العَرْجي:
فإِن شِئت حَرَّمتُ النساءَ سِواكمُ،
وإِن شِئت لم أَطعَمْ نُقاخاً ولا بَرْدا
قال ثعلب: البرد هنا الريق، وقيل: النقاخ الماء العذب، والبرد النوم.
الأَزهري في قوله تعالى: لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً؛ روي عن ابن عباس
قال: لا يذوقون فيها برد الشراب ولا الشراب، قال: وقال بعضهم لا يذوقون
فيها برداً، يريد نوماً، وإِن النوم ليُبَرِّد صاحبه، وإِن العطشان لينام
فَيَبْرُدُ بالنوم؛ وأَنشد الأَزهري لأَبي زُبيد في النوم:
بارِزٌ ناجِذاه، قَدْ بَرَدَ المَوْ
تُ على مُصطلاه أَيَّ برود
قال أَبو الهيثم: بَرَدَ الموتُ على مُصْطلاه أَي ثبت عليه. وبَرَدَ لي
عليه من الحق كذا أَي ثبت. ومصطلاه: يداه ورجلاه ووجهه وكل ما برز منه
فَبَرَدَ عند موته وصار حرّ الروح منه بارداً؛ فاصطلى النار ليسخنه.
وناجذاه: السنَّان اللتان تليان النابين. وقولهم: ضُرب حتى بَرَدَ معناه حتى
مات. وأَما قولهم: لم يَبْرُدْ منه شيء فالمعنى لم يستقر ولم يثبت؛
وأَنشد:اليومُ يومٌ باردٌ سَمومه
قال: وأَصله من النوم والقرار. ويقال: بَرَدَ أَي نام؛ وقول الشاعر
أَنشده ابن الأَعرابي:
أُحِبُّ أُمَّ خالد وخالدا
حُبّاً سَخَاخِينَ، وحبّاً باردا
قال: سخاخين حب يؤْذيني وحباً بارداً يسكن إِليه قلبي. وسَمُوم بارد أَي
ثابت لا يزول؛ وأَنشد أَبو عبيدة:
اليومُ يومٌ باردٌ سَمومه،
مَن جَزِعَ اليومَ فلا تلومه
وبَرَدَ الرجل يَبْرُدُ بَرْداً: مات، وهو صحيح في الاشتقاق لأَنه عدم
حرارة الروح؛ وفي حديث عمر: فهَبَره بالسيف حتى بَرَدَ أَي مات. وبَرَدَ
السيفُ: نَبا. وبَرَدَ يبرُدُ بَرْداً: ضعف وفتر عن هزال أَو مرض.
وأَبْرَده الشيءُ: فتَّره وأَضعفه؛ وأَنشد بن الأَعرابي:
الأَسودانِ أَبْرَدَا عِظامي،
الماءُ والفتُّ ذوا أَسقامي
ابن بُزُرج: البُرَاد ضعف القوائم من جوع أَو إِعياء، يقال: به بُرادٌ.
وقد بَرَد فلان إِذا ضعفت قوائمه. والبَرْد: تبرِيد العين. والبَرود:
كُحل يُبَرِّد العين: والبَرُود: كل ما بَرَدْت به شيئاً نحو بَرُود العينِ
وهو الكحل. وبَرَدَ عينَه، مخففاً، بالكُحل وبالبَرُود يَبْرُدُها
بَرْداً: كَحَلَها به وسكَّن أَلَمها؛ وبَرَدت عينُه كذلك، واسم الكحل
البَرُودُ، والبَرُودُ كحل تَبْردُ به العينُ من الحرِّ؛ وفي حديث الأَسود: أَنه
كان يكتحل بالبَرُود وهو مُحْرِم؛ البَرُود، بالفتح: كحل فيه أَشياء
باردة. وكلُّ ما بُرِدَ به شيءٌ: بَرُود. وبَرَدَ عليه حقٌّ: وجب ولزم. وبرد
لي عليه كذا وكذا أَي ثبت. ويقال: ما بَرَدَ لك على فلان، وكذلك ما ذَابَ
لكَ عليه أَي ما ثبت ووجب. ولي عليه أَلْفٌ بارِدٌ أَي ثابت؛ قال:
اليومُ يومٌ باردٌ سَمُومه،
مَنْ عجز اليومَ فلا تلومُه
أَي حره ثابت؛ وقال أَوس بن حُجر:
أَتاني ابنُ عبدِاللَّهِ قُرْطٌ أَخُصُّه،
وكان ابنَ عمٍّ، نُصْحُه لِيَ بارِدُ
وبَرَد في أَيديهم سَلَماً لا يُفْدَى ولا يُطْلَق ولا يُطلَب.
وإِن أَصحابك لا يُبالون ما بَرَّدوا عليك أَي أَثبتوا عليك. وفي حديث
عائشة، رضي الله تعالى عنها: لا تُبَرِّدي عنه أَي لا تخففي. يقال: لا
تُبَرِّدْ عن فلان معناه إِن ظلمك فلا تشتمه فتنقص من إِثمه، وفي الحديث: لا
تُبَرِّدوا عن الظالم أَي لا تشتموه وتدعوا عليه فتخففوا عنه من عقوبة
ذنبه.
والبَرِيدُ: فرسخان، وقيل: ما بين كل منزلين بَرِيد. والبَريدُ: الرسل
على دوابِّ البريد، والجمع بُرُد. وبَرَدَ بَرِيداً: أَرسله. وفي الحديث:
أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال: إِذا أَبْرَدْتم إِليَّ بَرِيداً فاجعلوه
حسن الوجه حسن الاسم؛ البَرِيد: الرسول وإِبرادُه إِرساله؛ قال الراجز:
رأَيتُ للموت بريداً مُبْردَا
وقال بعض العرب: الحُمَّى بَرِيد الموتِ؛ أَراد أَنها رسول الموت تنذر
به. وسِكَكُ البرِيد: كل سكة منها اثنا عشر ميلاً. وفي الحديث: لا
تُقْصَرُ الصلاةُ في أَقلَّ من أَربعة بُرُدٍ، وهي ستة عشر فرسخاً، والفرسخ
ثلاثة أَميال، والميل أَربعة آلاف ذراع، والسفر الذي يجوز فيه القصر أَربعة
برد، وهي ثمانية وأَربعون ميلاً بالأَميال الهاشمية التي في طريق مكة؛
وقيل لدابة البريد: بَريدٌ، لسيره في البريد؛ قال الشاعر:
إِنِّي أَنُصُّ العيسَ حتى كأَنَّني،
عليها بأَجْوازِ الفلاةِ، بَرِيدا
وقال ابن الأَعرابي: كل ما بين المنزلتين فهو بَرِيد. وفي الحديث: لا
أَخِيسُ بالعَهْدِ ولا أَحْبِسُ البُرْدَ أَي لا أَحبس الرسل الواردين
عليّ؛ قال الزمخشري: البُرْدُ، ساكناً، يعني جمعَ بَرِيد وهو الرسول فيخفف عن
بُرُدٍ كرُسُلٍ ورُسْل، وإِنما خففه ههنا ليزاوج العهد. قال: والبَرِيد
كلمة فارسية يراد بها في الأَصل البَرْد، وأَصلها «بريده دم» أَي محذوف
الذنَب لأَن بغال البريد كانت محذوفة الأَذناب كالعلامة لها فأُعربت
وخففت، ثم سمي الرسول الذي يركبه بريداً، والمسافة التي بين السكتين بريداً،
والسكة موضع كان يسكنه الفُيُوجُ المرتبون من بيت أَو قبة أَو رباط، وكان
يرتب في كل سكة بغال، وبُعد ما بين السكتين فرسخان، وقيل أَربعة.
الجوهري: البريد المرتب يقال حمل فلان على البريد؛ وقال امرؤ القيس:
على كلِّ مَقْصوصِ الذُّنَابَى مُعاودٍ
بَرِيدَ السُّرَى بالليلِ، من خيلِ بَرْبَرَا
وقال مُزَرِّدٌ أَخو الشماخ بن ضرار يمدح عَرابَة الأَوسي:
فدتْك عَرابَ اليومَ أُمِّي وخالتي،
وناقتيَ النَّاجي إِليكَ بَرِيدُها
أَي سيرها في البرِيد. وصاحب البَرِيد قد أَبردَ إِلى الأَمير، فهو
مُبْرِدٌ. والرسول بَرِيد؛ ويقال للفُرانِق البَرِيد لأَنه ينذر قدَّام
الأَسد.
والبُرْدُ من الثيابِ، قال ابن سيده: البُرْدُ ثوب فيه خطوط وخص بعضهم
به الوشي، والجمع أَبْرادٌ وأَبْرُد وبُرُودٌ.
والبُرْدَة: كساء يلتحف به، وقيل: إِذا جعل الصوف شُقة وله هُدْب، فهي
بُرْدَة؛ وفي حديث ابن عمر: أَنه كان عليه يوم الفتح بُرْدَةٌ فَلُوتٌ
قصيرة؛ قال شمر: رأَيت أَعرابيّاً بِخُزَيْمِيَّةَ وعليه شِبْه منديل من صوف
قد اتَّزَر به فقلت: ما تسميه؟ قال: بُرْدة؛ قال الأَزهري: وجمعها
بُرَد، وهي الشملة المخططة. قال الليث: البُرْدُ معروف من بُرُود العَصْب
والوَشْي، قال: وأَما البُرْدَة فكساء مربع أَسود فيه صغر تلبسه الأَعراب؛
وأَما قول يزيد بنِ مُفَرّغ الحميري:
وشَرَيْتُ بُرْداً ليتني،
من قَبْلِ بُرْدٍ، كنتُ هامَهْ
فهو اسم عبد. وشريت أَي بعت. وقولهم: هما في بُرْدة أَخْمَاسٍ فسره ابن
الأَعرابي فقال: معناه أَنهما يفعلان فعلاً واحداً فيشتبهان كأَنهما في
بُرَدة، والجمع بُرَد على غير ذلك؛ قال أَبو ذؤيب:
فسَمعَتْ نَبْأَةً منه فآسَدَها،
كأَنَّهُنَّ، لَدَى إِنْسَائِهِ، البُرَد
يريد أَن الكلاب انبسطنَ خلف الثور مثل البُرَدِ؛ وقول يزيد بن المفرّغ:
مَعاذَ اللَّهِ رَبَّا أَن تَرانا،
طِوالَ الدهرِ، نَشْتَمِل البِرادا
قال ابن سيده: يحتمل أَن يكون جمع بُرْدةٍ كبُرْمةٍ وبِرام، وأَن يكون
جمع بُرْد كقُرطٍ وقِراطٍ.
وثوب بَرُودٌ: ليس فيه زِئبِرٌ. وثوب بَرُودٌ إِذا لم يكن دفِيئاً ولا
لَيِّناً من الثياب.
وثوب أَبْرَدُ: فيه لُمَعُ سوادٍ وبياض، يمانية.
وبُرْدَا الجراد والجُنْدُب: جناحاه؛ قال ذو الرمة:
كأَنَّ رِجْلَيْهِ رجْلا مُقْطَفٍ عَجِلٍ،
إِذا تَجاوَبَ من بُرْدَيْه تَرْنِيمُ
وقال الكميت يهجو بارقاً:
تُنَفِّضُ بُرْدَيْ أُمِّ عَوْفٍ، ولم يَطِرْ
لنا بارِقٌ، بَخْ للوَعيدِ وللرَّهْبِ
وأُم عوف: كنية الجراد.
وهي لك بَرْدَةُ نَفْسِها أَي خالصة. وقال أَبو عبيد: هي لك بَرْدَةُ
نَفْسِها أَي خالصاً فلم يؤَنث خالصاً.
وهي إِبْرِدَةُ يَمِيني؛ وقال أَبو عبيد: هو لِي بَرْدَةُ يَمِيني إِذا
كان لك معلوماً.
وبَرَدَ الحدِيدَ بالمِبْرَدِ ونحوَه من الجواهر يَبْرُدُه: سحله.
والبُرادة: السُّحالة؛ وفي الصحاح: والبُرادة ما سقط منه. والمِبْرَدُ: ما
بُرِدَ به، وهو السُّوهانُ بالفارسية. والبَرْدُ: النحت؛ يقال: بَرَدْتُ
الخَشَبة بالمِبْرَد أَبْرُدُها بَرْداً إِذا نحتها.
والبُرْدِيُّ، بالضم: من جيد التمر يشبه البَرْنِيَّ؛ عن أَبي حنيفة.
وقيل: البُرْدِيّ ضرب من تمر الحجاز جيد معروف؛ وفي الحديث: أَنه أَمر أَن
يؤْخذ البُرْدِيُّ في الصدقة، وهو بالضم، نوع من جيد التمر.
والبَرْدِيُّ، بالفتح: نبت معروف واحدته بَرْدِيَّةٌ؛ قال الأَعشى:
كَبَرْدِيَّةِ الفِيلِ وَسْطَ الغَريـ
ـفِ، ساقَ الرِّصافُ إِليه غَديرا
وفي المحكم:
كَبَرْدِيَّةِ الغِيلِ وَسْطَ الغَريـ
ـفِ، قد خالَطَ الماءُ منها السَّريرا
وقال في المحكم: السرير ساقُ البَرْدي، وقيل: قُطْنُهُ؛ وذكر ابن برّيّ
عجز هذا البيت:
إِذا خالط الماء منها السُّرورا
وفسره فقال: الغِيل، بكسر الغين، الغيضة، وهو مغيض ماء يجتمع فينبت فيه
الشجر. والغريف: نبت معروف. قال: والسرور جمع سُرّ، وهو باطن
البَرْدِيَّةِ. والأَبارِدُ: النُّمورُ، واحدها أَبرد؛ يقال للنَّمِرِ الأُنثى
أَبْرَدُ والخَيْثَمَةُ.
وبَرَدَى: نهر بدمشق؛ قال حسان:
يَسْقُونَ مَن وَرَدَ البَريصَ عليهِمُ
بَرَدَى، تُصَفَّقُ بالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ
أَي ماء بَرَدَى
والبَرَدانِ، بالتحريك: موضع؛ قال ابن مَيَّادة:
ظَلَّتْ بِنهْيِ البَرَدانِ تَغْتَسِلْ،
تَشْرَبُ منه نَهَلاتٍ وتَعِلْ
وبَرَدَيَّا: موضع أَيضاً، وقيل: نهر، وقيل: هو نهر دمشق والأَعرف أَنه
بَرَدَى كما تقدم.
والأُبَيْرِد: لقب شاعر من بني يربوع؛ الجوهري: وقول الشاعر:
بالمرهفات البوارد
قال: يعني السيوف وهي القواتل؛ قال ابن برّي صدر البيت:
وأَنَّ أَميرَ المؤمنين أَغَصَّني
مَغَصَّهما بالمُرْهَفاتِ البَوارِدِ
رأَيت بخط الشيخ قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان في كتاب ابن برّي ما
صورته: قال هذا البيت من جملة أَبيات للعتابي كلثوم بن عمرو يخاطب بها
زوجته؛ قال وصوابه:
وأَنَّ أَميرَ المؤمنين أَغصَّني
مَغَصَّهُما بالمُشْرِقاتِ البَوارِدِ
قال: وإِنما وقع الشيخ في هذا التحريف لاتباعه الجوهري لأَنه كذا ذكره
في الصحاح فقلده في ذلك، ولم يعرف بقية الأَبيات ولا لمن هي فلهذا وقع في
السهو. قال محمد بن المكرّم: القاضي شمس الدين بن خلكان، رحمه الله، من
الأَدب حيث هو، وقد انتقد على الشيخ أَبي محمد بن برّي هذا النقد، وخطأَه
في اتباعه الجوهري، ونسبه إلى الجهل ببقية الأَبيات، والأَبيات مشهورة
والمعروف منها هو ما ذكره الجوهري وأَبو محمد بن بري وغيرهما من العلماء،
وهذه الأَبيات سبب عملها أَن العتابي لما عمل قصيدته التي أَوّلها:
ماذا شَجاكَ بِجَوَّارينَ من طَلَلٍ
ودِمْنَةٍ، كَشَفَتْ عنها الأَعاصيرُ؟
بلغت الرشيد فقال: لمن هذه؟ فقيل: لرجل من بني عتاب يقال له كلثوم، فقال
الرشيد: ما منعه أَن يكون ببابنا؟ فأَمر بإِشخاصه من رَأْسِ عَيْنٍ
فوافى الرشِيدَ وعليه قيمص غليظ وفروة وخف، وعلى كتفه مِلحفة جافية بغير
سراويل، فأَمر الرشيد أَن يفرش له حجرة، ويقام له وظيفة، فكان الطعام إِذا
جاءَه أَخذ منه رقاقة وملحاً وخلط الملح بالتراب وأَكله، وإِذا كان وقت
النوم نام على الأَرض والخدم يفتقدونه ويعجبون من فعله، وأُخْبِرَ الرشِيدُ
بأَمره فطرده، فمضى إِلى رأْس عَيْنٍ وكان تحته امرأَة من باهلة فلامته
وقالت: هذا منصور النمريّ قد أَخذ الأَموال فحلى نساءه وبني داره واشترى
ضياعاً وأَنت. كما ترى؛ فقال:
تلومُ على تركِ الغِنى باهِليَّةٌ،
زَوَى الفقرُ عنها كُلَّ طِرْفٍ وتالدِ
رأَتْ حولَها النّسوانَ يَرْفُلْن في الثَّرا،
مُقَلَّدةً أَعناقُها بالقلائد
أْسَرَّكِ أَني نلتُ ما نال جعفرٌ
من العَيْش، أَو ما نال يحْيَى بنُ خالدِ؟
وأَنَّ أَميرَ المؤمنين أَغَصَّنِي
مَغَصِّهُما بالمُرْهَفات البَوارِدِ؟
دَعِينِي تَجِئْنِي مِيتَتِي مُطْمَئِنَّةً،
ولم أَتَجَشَّمْ هولَ تلك المَوارِدِ
فإنَّ رَفيعاتِ الأُمورِ مَشُوبَةٌ
بِمُسْتَوْدَعاتٍ، في بُطونِ الأَساوِدِ
عفس: العَفْس: شِدَّة سَوق الإِبل. عَفَس الإِبلَ يَعْفِسُها عَفْساً:
ساقها سَوْقاً شديداً؛ قال:
يَعْفِسُها السَّوّاق كلَّ مَعْفَسِ
والعَفْسُ: أَن يردَّ الراعي غنمه يَثْنِيها ولا يدعُها تمضي على
جهاتها. وعَفَسَه عن حاجته أَي ردَّه. وعَفَسَ الدابة والماشية عَفْساً: حبَسها
على غير مرعى ولا عَلَف؛ قال العجاج يصف بعيراً:
كأَنه من طُولِ جَذْعِ العَفْسِ،
ورَمَلانِ الخِمْسِ بعد الخِمْسِ،
يُنْحَتُ من أَقطارِه بِفَأْسِ
والعَفْسُ: الكدّ والإِتعاب والإِذالة والاستعمال. والعَفْس: الحَبْس
والمَعْفُوس: المحبوس والمُبتذَل، وعَفَس الرجلَ عَفْساً، وهو نحو
المَسْجون، وقيل: هو أَن تَسْجُنه سَجْناً. والعَفْسُ: الامتهانُ للشيء.
والعَفْسُ: الضَّباطة في الصِّراع. والعَفْس: الدَّوْس. واعْتَفَس القومُ:
اصْطَرَعُوا. وعَفَسَه يَعْفِسه عَفْساً: جذَبه إِلى الأَرض وضغَطَه ضَغْطاً
شديداً فضرب به؛ يقال من ذلك: عَفَسْتُه وعَكَسْتُه وعَتْرَسْتُه. وقيل
لأَعرابي: إِنك لا تُحسِن أَكلَ الرأْس قال: أَما واللَّهِ إِني لأَعْفِسُ
أُذُنيه وأَفُكُّ لَحْيَيْه وأَسْحى خَدَّيه، وأَرْمي بالمُخِّ إِلى من
هو أَحوجُ مِني إِليه قال الأَزهري: أَجاز ابن الأَعرابي السين والصاد في
هذا الحرف. وعَفَسَه: صَرَعَه. وعَفَسه أَيضاً: أَلزقَه بالتراب.
وعَفَسَه عَفْساً: وطِئَه؛ قال رؤبة:
والشَّيبُ حين أَدْرَك التَّقْويسا،
بَدَّلَ ثَوْبَ الحِدَّةِ الملبُوسا،
والحِبْرَ منه خَلَقاً مَعْفُوسا
وثوب مُعَفِّس: صَبور على الدَّعْك. وعَفَسْتُ ثوبي: ابتذلته. وعَفَسَ
الأَديمَ يَعْفِسُه عَفْساً: دلكَه في الدِّباغ. والعَفْس: الضرب على
العَجُز. وعَفَسَ الرجلُ المرأَة برجله يَعْفِسها: ضربَها على عجيزتها
يُعافِسُها وتُعافِسُه، وعافَسَ أَهله مُعافَسَة وعِفاساً، وهو شبيه
بالمُعالجة.والمُعافَسَة: المُداعَبة والمُمارَسَة؛ يقال: فلان يُعافِس الأُمور أَي
يُمارِسُها ويُعالجها. والعِفاس: العِلاج. والمُعافَسة: المُعَالجَة.
وفي حديث حنظلة الأَسَيْدي: فإِذا رجَعْنا عافَسْنا الأَزواج والضَّيْعَة؛
ومنه حديث علي: كنت أُعافِس وأُمارِس، وحديثه الآخر: يَمنَع من العِفاس
خوفُ الموت وذُكْرُ البعث والحساب. وتَعافسَ القومُ: اعتلَجوا في صراع
ونحوه.
وانعَفَس في الماء: انغَمَسَ.
والعَفَّاس: طائر يَنْعَفِس في الماء.
والعِفاسُ: اسم ناقة ذكرها الراعي في شَعره، وقال الجوهري: العِفاس
وبَرْوَع اسم ناقتين للراعي النميري؛ قال:
إِذا بَرَكَتْ منها عَجاساءُ جِلَّةٌ
بمَحْنِيَةٍ، أَشْلَى العِفاسَ وبَرْوَعا
قمص: القميص الذي يلبس معروف مذكر، وقد يُعْنى به الدرع فيؤنث؛ وأَنثه
جرير حين أَراد به الدرع فقال:
تَدْعُو هوازنَ والقميصُ مُفاضةٌ،
تَحْتَ النّطاقِ، تُشَدُّ بالأَزرار
والجمع أَقْمِصةَ وقُمُصٌ وقُمْصانٌ. وقَمَّص الثوبَ: قَطَعَ منه
قميصاً؛ عن اللحياني. وتَقَمَّصَ قميصَه: لَبسه، وإِنه لَحَسن الْقِمْصة؛ عن
اللحياني. ويقال: قَمَّصْتُهُ تقميصاً أَي أَلبستُه فتَقَمَّص أَي لَبِس.
وروى ابن الأَعرابي عن عثمان أَن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، قال له:
إِن اللّه سَيُقَمِّصُك قميصاً وإِنك سَتُلاصُ على خَلْعِهِ فإِياك
وخَلْعَه، قال: أَراد بالقميص الخلافة في هذا الحديث وهو من أَحسن الاستعارات.
وفي حديث المَرْجُوم: إِنه يَتَقَمَّص في أَنهار الجنة أَي يَتَقَلَّب
ويَنْغَمِس، ويروى بالسين، وقد تقدم. والقميص: غِلاف القلب. قال ابن سيده:
وقَمِيصُ القلب شحمه أُراه على التشبيه.
والقِماص: أَن لا يَسْتَقر في موضع تراه يَقْمِصُ فيَثِب من مكانه من
غير صبر. ويقال للقَلِقِ: قد أَخذه القِماص. والقَماص والقُماص: الوثب،
قمَصَ يَقْمُص ويَقْمِص قُماصاً وقِماصاً. وفي المثل: أَفلا قِماص بالبعير؛
حكاه سيبويه، وهو القِمِصَّى أَيضاً؛ عن كراع.
وقَمَص الفرسُ وغيرُه يقمُص ويقمِص قَمْصاً وقِماصاً أَي اسْتَنَّ وهو
أَن يرفع يديه ويطرحهما معاً ويَعْجِنَ برجليه. يقال: هذه دابة فيها
قِماص، ولا تقل قُماص، وقد ورد المثل المتقدم على غير ذلك فقيل: ما بالعَيْر
من قِماص، وهو الحِمار؛ يُضْرَب لمن ذَلّ بعد عز. والقَمِيص: البِرْذَوْن
الكثير القِماصِ والقُماص، والضم أَفصح. وفي حديث عمر: فَقَمَص منها
قَمْصاً أَي نَفَر وأَعرض. وفي حديث عليّ: أَنه قَضَى في القارِصَة
والقامِصَة والواقِصَة بالدية أَثلاثاً؛ القامِصَة النافِرَة الضاربة برجلها، وقد
ذكر في قرص. ومنه حديث الآخر: قَمَصَت بأَرْجُلِها وقنصت بأَحْبُلها. وفي
حديث أَبي هريرة: لتَقْمِصَنَّ بكم الأَرضَ قُماص البَقَر، يعني
الزلزلة. وفي حديث سليمان ابن يسار: فقَمَصَت به فصرَعَتْه أَي وثَبَت ونَفَرَت
فأَلْقَتْه. ويقال للفرس: إِنه لقامِص العُرْقُوب، وذلك إِذا شَنِج
نَساهُ فَقَمَصَتْ رِجْلُه. وقَمَصَ البَحْرُ بالسفينة إِذا حرَّكها
بالموج.ويقال للكذاب: إِنه لَقَموص الحَنْجَرَة؛ حكاه يعقوب عن كراع.
والقَمَص: ذُبابٌ صِغار يَطير فوق الماء، واحدته قمَصَة. والقَمَصُ:
الجَراد أَوَّلَ ما تَخْرُجُ من بيضه، واحدته قمَصَة.