Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: انت

نقم

نقم: {نقموا}: كرهوا وأنكروا.
ن ق م

انتــقم منه. وحلّت به النّقمة والنّقم ونقمت منه كذا: أنكرته عليه وعبته " وما نقموا منهم إلاّ أن يؤمنوا ".

نقم


نَقِمَ(n. ac. نَقَم)
a. see supra
(a)
نَاْقَمَ
a. [ coll. ], Vexed, tormented.

إِنْتَقَمَa. see I (a)b. Avenged.

إِسْتَنْقَمَ
a. [ coll. ]
see I (a)نَقْمَة
1t
نِقْمَة
(pl.
نَقِم
نِقَم نَقِمَات )
Vengeance; chastisement, punishment; disgrace.
نَقَمa. Middle of the road.

نَقِمَةa. see 1t
نَاْقِمa. Avenger.

N. Ag.
إِنْتَقَمَa. see 21
N. Ac.
إِنْتَقَمَa. Vengeance; revenge.

نقم

1 نَقَمَ عَلَيْهِ He exacted vengeance upon him, punished him: see an ex. voce ابدى in art. بدو. See 8.8 اِنْتَــقَمْتُ مِنْهُ I took, or executed, vengeance on him, or inflicted penal retribution on him, for that which he had done: (JK:) or I punished him; (S, Msb, K;) as also مِنْهُ ↓ نَقَمْتُ, (Msb, K,) and عَلَيهِ, (TA,) aor. نَقِمَ

; (Msb, K;) and نَقِمْتُ. (K.) b2: See نِقْمَةٌ.

نِقْمَةٌ [and ↓ اِنْتِــقَامٌ] Vengeance; or penal retribution. (JK.)
(نقم)
مِنْهُ نقما ونقوما عاقبه وَالشَّيْء أنكرهُ وعابه يُقَال نقمت عَلَيْهِ الْأَمر ونقمت مِنْهُ كَذَا وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَمَا نقموا مِنْهُم إِلَّا أَن يُؤمنُوا بِاللَّه} و {هَل تَنْقِمُونَ منا إِلَّا أَن آمنا} وَيُقَال مَا تنقم منا مَا تطعن فِيهِ منا

(نقم) الشَّيْء نقما أكله سَرِيعا

(نقم) الشَّيْء بَالغ فِي إِنْكَاره وعيبه
نقم
نَقَمَ يَنقِمُ نَقْماً ونَقِمَ يَنْقَمُ - لُغَتَانِ -: أي أنْكَرَ. وانْتَــقَمْتُ منه: كافَأْته عُقُوبَةً بما صَنَعَ. وهي النِّقمَةُ والنِّقَمُ.
وفلانٌ مَيْمُوْنُ النَّقِيْمَةِ - بمعنى الباء -، وهي العَزِيْمَةُ من الاعْتِزَام.
ونَقَمْتُ أنْقُمُ نَقْماً: وهو سُرْعَةُ الأكْل والمُبَادَرَة إليه.
ونَقَمُ الطَّرِيقِ ولَقَمُه: واحِد. والناقِمُ: تَمْرٌ بِعُمَانَ. وحَيٌّ من اليَمَنِ.
وبنو الناقِمِيةِ: من عَبْدِ القَيْس. ونَقَمُ: اسْمُ مَوْضِع.
نقم
نَقِمْتُ الشَّيْءَ ونَقَمْتُهُ : إذا أَنْكَرْتُهُ، إِمَّا باللِّسانِ، وإِمَّا بالعُقُوبةِ. قال تعالى: وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ
[التوبة/ 74] ، وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ [البروج/ 8] ، هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا
الآية [المائدة/ 59] .
والنِّقْمَةُ: العقوبةُ. قال: فَــانْتَــقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِ
[الأعراف/ 136] ، فَــانْتَــقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا
[الروم/ 47] ، فَــانْتَــقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ [الزخرف/ 25] .
ن ق م: (نَقَمَ) عَلَيْهِ فَهُوَ (نَاقِمٌ) أَيْ عَتَبَ عَلَيْهِ، يُقَالُ: مَا نَقَمَ مِنْهُ إِلَّا الْإِحْسَانَ. وَ (نَقَمَ) الْأَمْرَ كَرِهَهُ وَبَابُهُمَا ضَرَبَ وَنَقِمَ مِنْ بَابِ فَهِمَ لُغَةٌ فِيهِمَا. وَ (انْتَــقَمَ) اللَّهُ مِنْهُ عَاقَبَهُ وَالِاسْمُ مِنْهُ (النِّقْمَةُ) وَالْجَمْعُ (نَقِمَاتٌ) وَ (نَقِمٌ) مِثْلُ كَلِمَةٍ وَكَلِمَاتٍ وَكَلِمٍ. وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: (نِقْمَةٌ) وَ (نِقَمٌ) مِثْلُ نِعْمَةٍ وَنِعَمٍ. وَفُلَانٌ مَيْمُونُ (النَّقِيمَةِ) وَهُوَ إِبْدَالُ النَّقِيبَةِ. 
ن ق م : نَقَمْتُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَنَقَمْتُ مِنْهُ نَقْمًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَنُقُومًا وَنَقَمْتُ أَنْقَمُ مِنْ بَابِ تَعِبَ لُغَةٌ إذَا عِبْتَهُ وَكَرِهْتَهُ أَشَدَّ الْكَرَاهَةِ لِسُوءِ فِعْلِهِ.
وَفِي التَّنْزِيلِ {وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا} [الأعراف: 126] عَلَى اللُّغَةِ الْأُولَى أَيْ وَمَا تَطْعَنُ فِينَا وَتَقْدَحُ وَقِيلَ لَيْسَ لَنَا عِنْدَكَ ذَنْبٌ وَلَا رَكِبْنَا مَكْرُوهًا وَنَقَمْتُ مِنْهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَــانْتَــقَمْتُ عَاقَبْتُ وَالِاسْمُ نَقِمَةٌ مِثْلُ كَلِمَةٍ وَيُخَفَّفُ مِثْلَهَا وَيُجْمَعُ عَلَى نِقَمٍ مِثْلُ سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ وَيُجْمَعُ بِالْأَلِفِ وَالتَّاءِ عَلَى لَفْظِ الْمُثَقَّلِ وَالْمُخَفَّفِ. 
باب القاف والنون والميم معهما ن ق م، ن م ق، ق م ن مستعملات

نقم: نَقَمَ ينقم نقماَ، ونَقِمَ يَنْقَمُ نَقَماً ونقيمة أي [أنكر ولم يرض] . وانتَــقَمْتُُ منه: كافأته عقوبة بما صنع. والناقِمُ: تمر بعمان، وحي باليمن.

نمق: نَمَّقْتُُ الكتاب تَنميقاً: حسنته وجودته، وبالتخفيف حسن. ونَمقتُه: نقشته وصورته، قال النابغة:

كأن مجر الرامسات ذيولها ... عليه قضيم نَمَّقَتْه الصوامع

قمن: يقال: هو قَمِنٌ أي جديرٌ، وهي وهم وهما وهن قَمِنٌ أن يفعل كذا. وهذه الأرض من فلان موطن قمن أي جدير أن تكون مسكنه كثيراً، ويجوز في كله قمين، قال:

فالأقحوانة منها منزل قمن  
نقم: نقم واسم المصدر نقم ونقوم. وهناك نقم على ومن وب: وبخ، أنب، عاتب لامه على، عاب عليه، عير، آخذ، (عباد 198: 27، معجم بدرون، معجم البيان، معجم الماوردي، معجم الطرائف .. وهنا ينبغي حذف الكلمات التي وردت على وزن افتعل، أي انتــقد، لأن ما ورد في معجم البيان 1: 8: 4 يلزمنا بإبقائه على حاله، وقد ذكرت هذا للسيد رايت الذي أعاد ذكر هذه الملاحظة في معجم ابن جبير 33: 1 و2) (البكري 165: 4، ابن بطوطة 211، 314، البربرية 1، 67، 150).
أنقم من: انظرها في (فوك) في مادة vindiacre.
تنقم على: بمعنى أوقع النقمة على فلان (معجم الطرائف).
انتــقم: جاءت vindiacre عند (فوك) في صيغة انتــقم من وعلى.
استنقم: حرضه على الــانتــقام (البيان 307: 4): أن المملوك إذا استنقموا نقموا.
استنقم: ثأر (هلو).
نقمة: سياف النقمة: (ابن خلكان 1: 177). سياف نقمة الخليفة (ألف ليلة 1: 67، 6، 7) سيف النقمة للخلفاء (دي سلان. ابن خلكان 1: 600). منفذ أوامر الموت التي يأمر بها الخليفة.
نقمة: شر، تعاسة (دوماس حياة 228، عبد الواحد 112: 8، معجم التنبيه).
انقام: اصطلاح بحري يتعلق بهبوب الريح (الجريدة الآسيوية 1841: 1: 588).
انتــقام: عقاب، عقاب جسدي (الكالا). يستخدم تعبير آخر في هذا المعنى هو قولهم: يحرق عليه الارم، والارم الأضراس، أي يحك بعضها ببعض من الغيظ. (المترجم).
[نقم] نه: فيه "المنتقم": المبالغ في العقوبة لمن يشاء، من نقم- إذا بلغت به الكراهة حد السخط. ومنه ح: إنه ما "انتــقم" لنفسه قط إلا أن تنتهك محارم الله، أي ما عاقب أحدًا على مكروه أتاه من قبله، ويقال: نقم من فلان الإحسان- إذا جعله مما يؤديه إلى كفر النعمة. ومنه ح الزكاة: ما "ينقم" ابن جميل إلا أنه كان فقيرًا فأغناه الله، أي ما ينقم شيئًا من منع الزكاة إلا أن يكفر النعمة فكأن غناه أداه إلى كفر نعمة الله. ك: نقم من باب ضرب، والاستثناء مفرغ، وأنه- مفعول له أو به، أي ليس شيء ثمه ينقم له ابن جميل يوجب له منع الزكاة إلا أن أغناه الله، وهو ليس بموجب له فلا موجب له أصلًا، كقولهم: لا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول، قيل: كان منافقًا ثم تاب، قيل: فيه نزل "وما "نقموا" إلا أن أغناهم الله" ثم جاء نبي الله فقال: استثناني ربي، فتاب وصلح، والمشهور نزولها في غيره، ط: وإسناد الإغناء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لكونه السبب لدخوله في الإسلام واستحقاق الغنائم. ن: ينقم- بكسر قاف، أفصح من فتحها، قيل: كان منعه توقفا إلى أن يرى هل يسامح. نه: ومنه ح عمر: فهو كالأرقم إن يقتل "ينقم"، أي إن قتله كان له من ينتقم منه، والأرقم: الحية، كانوا يزعمون أن الجن تطلب بثأر الجان وهي الحية، فربما مات قاتله وربما أصابه خبل.
(ن ق م)

النقمَة، والنقمة: الْمُكَافَأَة بالعقوبة.

وَالْجمع: نقم، ونقم فنقم: لنقمة، ونقم: لنقمة.

وَأما ابْن جني فَقَالَ: نقمة، ونقم، قَالَ: وَكَانَ الْقيَاس أَن يَقُولُوا فِي جمع: نقمة: نقم، على حدّ: كلمة وكلم، فعدلوا عَنهُ إِلَى أَن فتحُوا المكسر وكسروا المفتوح، وَقد علمنَا أَن من شَرط الْجمع بخلع الْهَاء: أَلا يُغير من صِيغَة الْحُرُوف شَيْء وَلَا يُزَاد على طرح الْهَاء، نَحْو: تَمْرَة وتمر، وَقد بَينا جَمِيع ذَلِك فِيمَا حَكَاهُ هُوَ: من معدة ومعد.

وَقد نقم: ونقم نقما، وانتــقم.

ونقم الشَّيْء، ونقمه: أنكرهُ، وَفِي التَّنْزِيل: (ومَا نقموا مِنْهُم) .

وضربه ضَرْبَة نقم: إِذا ضربه عَدو لَهُ.

وَإنَّهُ لميمون النقيمة: إِذا كَانَ مظفراً بِمَا يحاول.

وَقَالَ يَعْقُوب: ميمه بدل من بَاء نقيبة.

والناقم: ضرب من تمر عمان.

وَبَنُو الناقمية: بطن من عبد الْقَيْس، قَالَ أَبُو عبيد: أنشدنا الْفراء عَن الْمفضل لسعد بن زيد مَنَاة:

لقد كنت اهوى الناقمية خُفْيَة ... فقد جعلت آسان بَين تقطع
(فِي السِّيَرِ) فَإِنْ كَانُوا أَسَرُوهُمْ (وَنَقَمُوا) أَهْلَ دَارِهِمْ فَحَارَبُوهُمْ إنْ صَحَّتْ الرِّوَايَةُ هَكَذَا كَانَ عَلَى التَّضْمِينِ أَوْ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِلَّا فَالصَّوَابُ نَقَمُوا عَلَى أَهْلِ دَارِهِمْ يُقَالُ (نَقَمَ مِنْهُ وَعَلَيْهِ) كَذَا إذَا عَابَهُ وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ يَنْقِمُ نَقْمًا وَنَقِمَ بِالْكَسْرِ لُغَةً وَفِي التَّنْزِيل {هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا} [المائدة: 59] وَقَالَ أَبُو الْعَلَاءِ الْمَعَرِّيُّ
(نَقِمْتُ الرِّضَا حَتَّى عَلَى ضَاحِك الْمُزْنِ)
(ن ق ي) : (شَيْءٌ نَقِيٌّ) نَظِيفٌ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - (كَقُرْصَةِ النَّقِيِّ) يَعْنِي الْحَوَارِيَّ وَأَمَّا النَّفِيُّ بِالْفَاءِ هُوَ مَا نَفَتْهُ الرَّحَى وَتَرَامَتْ بِهِ فَصَحِيحٌ لُغَةً إلَّا أَنَّ الرِّوَايَةَ فِي الْحَدِيثِ صَحَّتْ بِالْقَافِ (وَالتَّنْقِيَةُ) التَّنْظِيفُ وَالْإِنْقَاءُ لُغَةً (وَالِاسْتِنْقَاءُ) الْمُبَالَغَةُ فِي تَنْقِيَةِ الْبَدَنِ قِيَاسٌ (وَمِنْهُ) قَوْلُهُ فَإِذَا رَأَيْتَ أَنَّكَ طَهُرْتَ وَاسْتَنْقَيْت فَصَلِّ وَالْهَمْزَةُ فِيهِ خَطَأٌ (وَالنِّقْيُ) الْمُخُّ (وَمِنْهُ) نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِالْعَجْفَاءِ الَّتِي (لَا تُنْقَى) أَيْ لَيْسَ لَهَا نِقْيٌ لِشِدَّةِ عَجَفِهَا.
(نقم) - قوله تعالى: {هَلْ تَنْقِمُونَ} .
يقال: نقَمَ يَنْقِمُ، ونَقِمَ يَنْقَمُ: أنْكَر وكَرِهَ أَشَدَّ الكَرَاهَةِ نَقُوماً ونِقْمَةً.
- وفي الحديث : "ما يَنْقِمُ ابنُ جَميل إلّا أنّه كانَ فَقِيرًا فأغناه الله" قال عبدُ الغافِرِ: يُقالَ: نَقِم منه الِإحْسَانَ؛ إذا جعل الاحسَانَ مما يُؤدّيِه إلىِ كُفْر النِّعْمَةِ: أي أدَّاه غِنَاه إلى أَنْ كَفَر نِعَمةَ الله، فما يَنِقم شيئاً في مَنْع الزَّكاة، إلّا أن يَكفُرَ النِّعمَة. ونَقَمْتُ على الرّجُلِ أنْقِمُ؛ إذا عِبْتَ عليه.
- وفي حَديث عمر - رضي الله عنه -: "إنْ يُقتَل يَنْقَمْ"
: أي إن قَتَلتَه كَان له مَن يَنتَقِمُ مِنك.
قال القُتَبِىّ: كانوا في الجَاهِليَّةِ يزعُمُون أن الجنَّ تَطْلُبُ بثأرِ الجانِّ ، فَرُبّما مَاتَ قاتِلُه، وربما أصَابَه خَبَلٌ.
فرَوَى ابن مَسْعودٍ - رضي الله عنه -: "أنَّ النَّبِىَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: مَنْ خَشِىَ إرْبَهُنَّ فَلَيْسَ مِنّا" فأمَرَ بقَتلِهنَّ.
- ومنه الحَديث: "أنّه مَا انْتَــقَم لِنَفْسه قطُّ إلّا أَن تُنْتَهَكَ مَحارِمُ الله تَعالى"
: أي مَا عَاقبَ أحَدًا عَلى مَكْرُوهٍ أَتاه مِن قِبَلهِ نِقمةً.
نقم
نقَمَ على/ نقَمَ من يَنقِم، نَقْمًا ونُقُومًا، فهو ناقِم، والمفعول منقوم عليه
• نقَم على جاره: اشتدّ سُخْطُه عليه "نقَم على صديقه تصرُّفَه: أنكره وعابه عليه".
• نقَم عليه كذا/ نقَم منه كذا: أنكره وعابه "نقَمتِ الإدارةُ من أحد موظَّفيها لاستهتاره بالنّظام- {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ} ". 

نقِمَ/ نقِمَ من يَنقَم، نَقَمًا، فهو ناقم، والمفعول مَنْقوم
• نقِمَ منه الشَّيءَ/ نقِمَ من الشَّيءِ: نقَمه، أنكره وعابه " {وَمَا نَقِمُوا مِنْهُمْ إلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [ق] ". 

انتــقمَ من ينتقم، انتِــقامًا، فهو مُنتقِم، والمفعول مُنتقَم
 منه
انتــقم من خصمِه: عاقَبَه "التأخُّر في الــانتــقام يجعل الضربةَ أشدّ قسوة- وَمَا انْتَــقَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ إلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا [حديث]- {فَــانْتَــقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ} ". 

انتــقام [مفرد]: مصدر انتــقمَ من.
• ذو انتــقام: من صفات الله تعالى، ومعناه: المبالغ في العقوبة لمن يشاء، المسلِّط بلاءه على العُصاة. 

انتــقاميَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى انتــقام: "أعمال/ عمليَّات انتــقاميَّة- تشنّ إسرائيلُ حملة انتــقاميَّة ضدّ المقاومة الفلسطينيَّة" ° أضرار انتــقاميّة: تعويض يقرِّره المحلّفون للمصاب نتيجة الإهمال الجسيم أو الفعل المتعمّد ويكون التعويض بأكثر من قيمة الأذى الفعليّ.
2 - مصدر صناعيّ من انتــقام: نزعة عدوانيّة لإلحاق الضَّرر بالآخرين انتــقامًا منهم "تتَّسم السياسة الأمريكيّة بالعدوانيّة والــانتــقاميّة في التعامل مع العراق". 

مُنتقِم [مفرد]: اسم فاعل من انتــقمَ من.
• المُنتقِم: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: المُبالغ في العقوبة لمن يشاء، المُسلِّط بلاءَه على العُصاة. 

نَقْم [مفرد]: مصدر نقَمَ على/ نقَمَ من. 

نَقَم [مفرد]: مصدر نقِمَ/ نقِمَ من. 

نِقْمة [مفرد]: ج نِقْمات ونِقَم:
1 - عُقوبَة "انتــقم منه شرَّ نقمة- النِّقمة من جنس العمل" ° نِقمة عامّة: استياء عامّ.
2 - عكس نِعْمة. 

نُقوم [مفرد]: مصدر نقَمَ على/ نقَمَ من. 

نقم: النَّقِمةُ والنَّقْمةُ: المكافأَة بالعقوبة، والجمع نَقِمٌ

ونِقَمٌ، فنَقِمٌ لنَقِمة، ونِقَمٌ لنِقْمةٍ، وأَما ابن جني فقال: نَقِمة

ونِقَمٌ، قال: وكان القياس أن يقولوا في جمعِ نَقِمة نَقِم على جمع كَلِمة

وكَلِمٍ فعدلوا عنه إلى أَن فتحوا المكسورَ وكسروا المفتوح. قال ابن سيده:

وقد علمنا أَن من شرط الجمع بِخَلع الهاء أَن لا يُغَيَّر من صيغة الحروف

شيء ولا يُزاد على طرح الهاء نحو تَمْرة وتَمْر، وقد بيَّنَّا ذلك جميعه

فيما حكاه هو من مَعِدةٍ ومِعَدٍ. الليث: يقال لم أَرْض منه حتى نَقِمْت

وانتَــقَمْت إذا كافأَه عقوبةً بما صنَع. ابن الأَعرابي: النِّقْمةُ

العقوبة، والنِّقْمةُ الإنكار. وقوله تعالى: هل تَنْقِمون مِنّا؛ أَي هل

تُنْكِرون. قال الأَزهري: يقال النَّقْمةُ والنِّقْمةُ العقوبة؛ ومنه قول عليّ

بن أَبي طالب، كرم الله وجهه:

ما تَنْقِمُ الحَرْبُ العَوانُ مِنِّي،

بازِل عامَيْنِ فَتِيّ سِنِّي

وفي الحديث: أنه ما انتَــقَم لنفسِه قَطّ إلا أن تُنتَهَكَ مَحارِمُ الله

أَي ما عاقبَ أَحداً على مكروهٍ أتاه من قِبَله، وقد تكرر في الحديث.

الجوهري: نَقَمْتُ على الرجل أَنقِمُ، بالكسر، فأَنا ناقِمٌ إذا عَتَبْت

عليه. يقال: ما نَقِمْتُ منه إلا الإحسانَ. قال الكسائي: ونَقِمْت، بالكسر،

لغة. ونَقِم من فلانٍ الإحسانَ إذا جعله مما يُؤَدِّيه إلى كُفر النعمة.

وفي حديث الزكاة: ما يَنْقَمُ ابنُ جَميلٍ إلا أَنه كان فَقيراً فأَغناه

الله أَي ما يَنْقَمُ شيئاً من مَنْع الزكاة إلا أن يَكفر النِّعْمة

فكأَنَّ غناه أَدَّاه إلى كُفْرِ نِعْمةِ الله. ونَقَمْتُ الأَمرَ

ونَقِمْتُه إذا كَرهته. وانْتَــقَمَ اللهُ منه أي عاقَبَه، والاسم منه النَّقْمةُ،

والجمع نَقِمات ونَقِمٌ مثل كَلِمةٍ وكلِمات وكَلِمٍ، وإن شئتَ سكّنت

القاف ونقلت حركتَها إلى النون فقلت نِقْمة، والجمع نِقَمٌ مثل نِعْمة

ونِعَم؛ وقد نَقَمَ منه يَنْقِمُ ونَقِمَ نَقَماً. وانْتَــقَمَ ونَقِمَ الشيءَ

ونَقَمَه: أَنكره. وفي التنزيل العزيز: وما نَقَموا منهم إلا أَن

يُؤْمِنوا بالله؛ قال: ومعنى نَقَمْت بالَغْت في كراهة الشيء؛ وأَنشد ابن قيس

الرُّقيّات:

ما نَقِمَوُا من بَني أُمَيَّةَ إلا

أَنهم يَحْلُمون، إنْ غَضِبوا

يُروى بالفتح والكسر: نَقَمُوا ونَقِمُوا. قال ابن بري: يقال نَقَمْتُ

نَقْماً ونُقوماً ونَقِمةً ونِقْمةً، ونَقِمْتُ: بالَغْتُ في كراهة الشيء.

وفي أَسماء الله عز وجل: المُنْتَقِم، هو البالغ في العقوبة لمنْ شاءَ،

وهو مُفْتَعِل مِنْ نَقَمَ يَنْقِم إذا بَلَغَتْ به الكراهةُ حدَّ

السَّخَطِ. وضرَبه ضَرْبة نَقَمٍ إذا ضرَبه عَدُوٌّ له. وفي التنزيل العزيز: قل

يا أَهلَ الكتاب هل تَنْقمون منّا إلاَّ أَن آمَنّا بالله؛ قال أَبو

إسحق: يقال نَقَمْتُ على الرجل أُنْقِم ونَقِمْتُ عليه أَنْقَم، قال:

والأَجوَدُ نَقَمْتُ أَنْقِم، وهو الأَكثر في القراءة. ويقال: نَقِمَ فلانٌ

وَتْرَه أي انْتَــقَم. قال أَبو سعيد: معنى قول القائل في المثل: مَثَلي

مَثَلُ الأَرْقَم، إن يُقْتَلْ يَنْقَمْ، وإن يُتْرَك يَلْقَمْ؛ قوله إن

يُقْتَلْ يَنْقَمْ أي يُثْأَر به، قال: والأَرْقَمُ الذي يُشْبه الجانّ،

والناسُ يَتَّقونَ قَتْلَه لشَبهه بالجانّ، والأَرْقَم مع ذلك من أَضعف

الحيّات وأَقلِّها عَضّاً. قال ابن الأثير: وفي حديث عمر، رضي الله عنه: فهو

كالأَرْقَمِ إن يُقْتَلْ يَنْقَمْ أي إن قتَلَه كان له من يَنْتَقِمُ منه،

قال: والأَرْقَمُ الحيّة، كانوا في الجاهلية يزعمون أن الجِنَّ تَطْلُبُ

بثأْرِ الجانَّ، وهي الحيّة الدقيقة، فربما مات قاتِلُه، وربما أَصابه

خَبَلٌ. وإنه لمَيْمُونُ النَّقيمةِ إذا كان مُظَفَّراً بما يُحاوِل، وقال

يعقوب: ميمه بدل من باء نَقِيبةٍ. يقال: فلانٌ مَيْمونُ العريكةِ

والنقيبة والنَّقيمةِ والطَّبيعة بمعنى واحد.

والناقمُ: ضَرْبٌ من تمرِ عُمانَ، وفي التهذيب: وناقِمٌ تمرٌ بعُمانَ.

والناقميّةُ: هي رَقاشِ بنتُ عامرٍ. وبنوا الناقِميّةِ: بَطْنٌ من عبد

القيس؛ قال أَبو عبيد: أَنشدنا الفراء عن المُفَضَّل لسعد بن زيد

مَناةَ:أَجَدَّ فِراقُ الناقِميّةِ غُدْوةً،

أم البَيْنُ يَحْلَوْ لي لِمَنْ هو مُولَعُ؟

لقد كنتُ أَهْوَى الناقِميَّةِ حِقْبةً،

فقد جَعَلَتْ آسانُ بَيْنٍ تَقَطَّعُ

التهذيب: وناقِم حَيٌّ من اليمن؛ قال

(* قوله «وناقم حي من اليمن قال

إلخ»« كذا بالأصل، وعبارة التهذيب: يقال لم أرض منه حتى نقمت وانتــقمت إذا

كافأته عقوبة بما صنع، وقال يقود إلخ).

يَقودُ بأَرسان ِ الجِيادِ سَراتُنا،

لِيَنْقِمنَ وتراً أَو ليدفَعْنَ مَدفَعا

وناقمٌ: لقبُ عامر بن سعد بن عديّ بن جَدَّانَ بنِ حَدِيلَةَ. ونَقَمَى:

اسمُ موضع.

نقم
(ونَاقِمٌ: لقبُ عامِر بن سعد بن عَدِيِّ) بن جُدَّانَ بن جَدِيلَةَ بن أسَدِ ابْن ربيعةَ، كَمَا فِي الصِّحاح وَهُوَ وَالِد رَقَاشِ الْمَذْكُورَة، وَبِه سُمِّيت، وَهُوَ (أَبُو بَطْنٍ) ، قَالَ أَبُو الْفرج الأصبهانيُّ: انْتَــقَمَ لِلَطْمَةٍ لُطِمَهَا، فسُمّي نَاقِمًا. (و) ناقِمٌ: (اسمُ تَمْرٍ بعُمان) ، نَقَلَهُ الأزهريّ، وَابْن سِيدَهْ. (ونُقْمُ، بِالضَّمِّ: ة، باليمَن) . قلت: قد أجْحَفَ المصنِّف فِي ضَبطها وبيانها، إجْحافًا كُلِّيًّا، وَالصَّوَاب فِي ضَبطهَا، بضَمَّتَيْنِ وبِفَتْحَتَيْنِ، وكعضُدٍ، كَمَا صرَّح بِهِ ياقوت، وَأما الضمُّ، وَحده مَعَ تسكينِ القافِ، فَلم يذكرْهُ أحد، قَالَ ياقوت: هُوَ جَبَلٌ مُطِلٌّ على صنعاء اليمنِ، قرب غُمْدَانَ، قَالَ فِيهِ زِيَاد بن مُنقذ:
(لَا حبَّذا أنتِ يَا صَنعاءُ من بلدٍ ... وَلَا شُعوبُ هَوًى منِّي وَلَا نُقُمُ)

(وَلنْ أُحبَّ بلادا قد رأيتُ بهَا ... عَنْسًا وَلَا بَلَدا حلَّت بِهِ قُدُمُ)

(إِذا سقى الله أَرضًا صَوْبَ غَادِيَةٍ ... فَلَا سقاهُنَّ إِلَّا النَّارَ تضْطَرِمُ)
وَهِي قصيدة فِي الحماسة. (و) هُوَ (مَيْمُونُ النَّقيمة، أَي: النَّقِيبَةِ) : إِذا كَانَ مُظَفَّرًا بِمَا يُحاول، قَالَ يَعْقُوب: ميمُهُ بدل من بَاء نَقِيبَةٍ، ومثلُهُ: مَيْمُونُ العَرِيكةِ، والطَّبيعَةِ. (و) نُقْمَى (كَحُبْلَى: وادٍ) ، نَقَلهُ أَبُو الْحسن الخُوارِزْمِيُّ. (و) نَقَمَى، (كَجَمَزَى: ع، من أَعْرَاض الْمَدِينَة) كَانَ لآل أبي طَالب، قَالَ ابْن إِسْحَاق: وأقبَلَتْ غَطَفَانُ، يَوْم الخَنْدَقِ، وَمن تَبِعَهَا مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، حَتَّى نَزَلُوا بذَنَبِ نَقَمَى إِلَى جَانِبِ أُحُدٍ. [] وِممَّا يُسْتدْرَكُ عَلَيه: نَقمَ عَلَيْهِ، كَضَرَبَ وِسَمِعَ، عَتَبَ عَلَيْهِ، كَمَا فِي الصِّحَاحِ. والنُّقُومُ: مَصْدَرٌ، ذَكَرَهُ ابنُ القَطَّاعِ. ونَقِمَ مِنْ فُلاَنٍ الإِحْسَانَ، كَعَلِمَ: إِذَا جَعَلَهُ مَمَّا يُؤَدَيهِ إِلَى كُفْرِ النَّعْمَةِ. ونَقَّمَ تَنْقِيمًا: بَالَغَ فِي كَرَاهَةِ الشَّيْءِ. وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى: المُنْتَقِمُ، هَوَ البَالِغُ فِي العَقُوبَةِ لِمَنْ شَاءَ. وضَرَبَهُ ضَرْبَةَ نَقَمٍ: إِذا ضَرَبَهُ عَدُوُّ لَهُ.

الْمعرفَة

(الْمعرفَة) مَوضِع الْعرف من الطير وَالْخَيْل (ج) معارف
الْمعرفَة: والمعرفة فِي اصْطِلَاح أَرْبَاب السلوك فِي هِيَ مَا قَالَه الْعَارِف النامي قدوة العارفين نور الدّين الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن الجامي قدس سره السَّامِي فِي (نفحات الْأنس من حضرات الْقُدس) من أَن الْمعرفَة عبارَة عَن إِعَادَة الْمعرفَة بالمعلوم الْمُجْمل فِي صور التفاصيل. كَمَا هُوَ فِي (علم النَّحْو) كل من العوامل اللفظية والمعنوية وَمَا هُوَ عَملهَا، هَذَا النَّوْع من الْفَهم على سَبِيل الْإِجْمَال (هُوَ النَّحْو) . وإعادة فهم كل عَامل مِنْهَا على التَّفْصِيل فِي وَقت قِرَاءَة سَواد الْعَرَبيَّة بِلَا توقف وَلَا روية واستعمالها فِي محلهَا هُوَ معرفَة النَّحْو. وإعادة الْفَهم بالفكر الْجيد وروية هُوَ التعرف على النَّحْو. إِذا معرفَة الربوبية عبارَة عَن إِعَادَة فهم الذَّات وَالصِّفَات الإلهية فِي صور تفاصيل الْأَهْوَال والحوادث والنوازل، بعد ذَلِك وعَلى سَبِيل الْإِجْمَال يصبح مَعْلُوما أَن الْمَوْجُود الْحَقِيقِيّ وَالْفَاعِل الْمُطلق هُوَ سُبْحَانَهُ، وَحَتَّى تكون صُورَة التَّوْحِيد الْمُجْمل مفصلة علميا وَلَا عيب فِيهَا فعلى صَاحب علم التَّوْحِيد أَلا يرى فِي صور تفاصيل الوقائع وَالْأَحْوَال المتجددة والمتضادة من ضَرَر ونفع وَمنع وَعَطَاء وثابت ومتحول وضار وَنَافِع ومعطي ومانع وقابض وباسط سوى الْحق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَأَن لَا يعلم من دون التَّوَقُّف والروية، فَإِذا لم يفعل لَا يُسمى عَارِفًا. وَإِذا كَانَ لأوّل وهلة غافلا وحاضرا عَن قريب وَيعرف الْفَاعِل الْمُطلق جلّ ذكره فِي صُورَة الوسائط والروابط، فَإِنَّهُ يُسمى متعرفا وَلَيْسَ عَارِفًا، وَإِذا كَانَ غافلا كليا ويحول تأثيرات الْأَفْعَال إِلَى الوسائط فَإِنَّهُ يُسمى سَاهِيا ولاهيا مُشْركًا خفِيا. مثلا إِذا قرر معنى التَّوْحِيد وَهُوَ مُسْتَغْرق فِي بَحر التَّوْحِيد وَالْآخر وعَلى سَبِيل انكاره يعاوده وَيَقُول إِن هَذَا القَوْل لَيْسَ عَفْو الخاطر بل نتيجة للفكر والروية، فَيُؤْخَذ فِي الْحَال بغضب وقسوة لِأَنَّهُ لَا يعلم أَن جَزَاء هَذَا هُوَ عين مصداق قَول الْمُنكر، وَإِلَّا فالفاعل الْمُطلق فِي صُورَة هَذَا الانكار إِعَادَة الْفَهم ويترفق بِهِ.
الْمعرفَة: إِدْرَاك الْأَمر الجزئي أَو البسيطة مُطلقًا أَي عَن دَلِيل. أَولا كَمَا أَن الْعلم إِدْرَاك الْكُلِّي أَو الْمركب. وَلِهَذَا يُقَال عرفت الله وَلَا يُقَال علمت الله. وَأَيْضًا يُقَال للإدراك الْمَسْبُوق بِالْعدمِ أَو للأخير من الإدراكين بِشَيْء وَاحِد إِذا تخَلّل بَينهمَا عدم بِأَن أدْرك أَولا ثمَّ ذهل عَنهُ ثَانِيًا - وَالْعلم يُقَال للإدراك الْمُجَرّد من هذَيْن الاعتبارين وَلذَا يُقَال الله عَالم الأعارف - وَفسّر صدر الشَّرِيعَة الْمعرفَة بِإِدْرَاك الجزئيات عَن دَلِيل - وَاعْترض عَلَيْهِ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ فِي التَّلْوِيح بقوله والقيد الْأَخير مِمَّا لَا دلَالَة عَلَيْهِ أصلا لَا لُغَة وَلَا اصْطِلَاحا انْتــهى. وَلَك أَن تَقول لَا نسلم أَنه لَا دلَالَة للفظ على هَذَا الْقَيْد لُغَة لِأَن الْمعرفَة إِدْرَاك الشَّيْء بتفكر وتدبر. وَلذَا يُقَال عرفت الله إِذْ معرفَة الله تَعَالَى إِنَّمَا هِيَ بتدبر آثاره. قَالَ الْعَلامَة الطَّيِّبِيّ لَا يُقَال يعرف الله بل يُقَال يعلم لِأَن الْمعرفَة تسْتَعْمل فِي الْعلم الْمَوْصُوف بتفكر وتدبر. وَأَيْضًا لم يطلقوا لفظ الْمعرفَة على اعْتِقَاد الْمُقَلّد لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ معرفَة على دَلِيل. فَلَمَّا ثَبت عدم إِطْلَاقهم الْمعرفَة على اعْتِقَاد الْمُقَلّد ثَبت الِاصْطِلَاح أَيْضا يَعْنِي أَنهم وَإِن لم يصرحوا بالاصطلاح إِلَّا أَنه وَقع مِنْهُم مَا يدل عَلَيْهِ حَيْثُ لم يطلقوا لفظ الْمعرفَة على اعْتِقَاد الْمُقَلّد وَلَيْسَ بِلَازِم أَن يصرحوا أَي المصطلحون باصطلاحهم إِذْ كثير من الاصطلاحات إِنَّمَا يعلم بموارد استعمالات الْأَلْفَاظ.
وَعند النُّحَاة الْمعرفَة مَا يشار بهَا إِلَى مُتَعَيّن أَي مَعْلُوم عِنْد السَّامع من حَيْثُ إِنَّه كَذَلِك. والنكرة مَا يشار بهَا إِلَى أَمر مُتَعَيّن من حَيْثُ ذَاته وَلَا يقْصد مُلَاحظَة تعينه وَإِن كَانَ مُتَعَيّنا معهودا فِي نَفسه فَإِن بَين مصاحبة التَّعْيِين وملاحظته فرقا بَينا. وَذَلِكَ الْأَمر إِمَّا فَرد منتشر أَو مَاهِيَّة من حَيْثُ هِيَ على اخْتِلَاف المذهبين كَمَا ذكرنَا فِي التَّعْرِيف - والمعرفة خَمْسَة أَنْوَاع - الْمُضْمرَات. والأعلام. وَأَسْمَاء الإشارات. والموصلات. وَذُو اللَّام والمضاف إِلَى أَحدهَا.
وَتَحْقِيق الْمقَام أَن فهم الْمعَانِي من الْأَلْفَاظ إِنَّمَا هُوَ بعد الْعلم بِالْوَضْعِ فَلَا بُد أَن يكون الْمعَانِي متميزة متعينة عِنْد السَّامع. فَإِذا دلّ الِاسْم على معنى فَإِن كَانَ كَونه متميزا معهودا عِنْد السَّامع ملحوظا مَعَ ذَلِك الْمَعْنى فَهُوَ معرفَة وَإِن لم يكن ملحوظا مَعَه يكون نكرَة. ثمَّ ذَلِك التَّعْيِين الْمشَار إِلَيْهِ فِي الْمعرفَة إِن كَانَ مستفادا من جَوْهَر اللَّفْظ فَهُوَ علم. إِمَّا جنسي إِن كَانَ الْمَعْهُود جِنْسا. وَإِمَّا شخصي إِن كَانَ حِصَّة. وَإِلَّا فَلَا بُد من قرينَة خَارِجَة يُسْتَفَاد مِنْهَا ذَلِك. فَإِن كَــانَت إِشَارَة حسية فَهِيَ أَسمَاء الْإِشَارَة. وَإِن كَــانَت خطابا مثلا أَي تَوْجِيه الْكَلَام إِلَى الْغَيْر فَهِيَ الْمُضْمرَات. وَإِن كَــانَت نِسْبَة فإمَّا الخبرية فَهِيَ الموصولات. وَإِمَّا الإضافية فَهُوَ الْمُضَاف إِلَى أَحدهَا. وَإِن كَــانَت حرف التَّعْرِيف فإمَّا حرف النداء فَهُوَ الْمُنَادِي. وَإِمَّا اللَّام فَهُوَ الْمُعَرّف بِاللَّامِ. ثمَّ الْمُعَرّف بِاللَّامِ أَن أُشير بِهِ إِلَى حِصَّة مُعينَة من مَفْهُوم مدخولها فَهُوَ الْمُعَرّف بلام الْعَهْد. وَإِن أُشير إِلَى نفس مَفْهُومه فَهُوَ الْمُعَرّف بلام الْجِنْس. وَأما القسمان الباقيان أَعنِي الْمُعَرّف بلام الِاسْتِغْرَاق والمعرف بلام الْعَهْد الْحَقِيقَة الذهْنِي فهما فرعا الْمُعَرّف بلام الْجِنْس. وَتَحْقِيق هَذَا إِن الْمُعَرّف بلام الْجِنْس أَي إِنَّمَا كَانَ معرفَة لِأَنَّهُ مَوْضُوع للْحَقِيقَة الموصوفة بالوحدة فِي الذِّهْن الْمَعْهُودَة فِيهِ فَيصدق عَلَيْهِ تَعْرِيف الْمعرفَة أَعنِي مَا وضع لشَيْء بِعَيْنِه. فَإِن الْمَاهِيّة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن أَمر وَاحِد لَا تعدد فِيهِ فِي الذِّهْن وَإِنَّمَا يلْحقهَا التَّعَدُّد بِحَسب الْوُجُود. فَلَمَّا كَــانَت معهودة فَصَارَت أمرا وَاحِدًا معهودا فَصَارَ الْمُعَرّف بلام الْجِنْس معرفَة - ثمَّ إِن كَانَ هُنَاكَ قرينَة مَانِعَة عَن تحققها فِي فَرد مَا أَو جَمِيع الْأَفْرَاد يَعْنِي إِن كَانَ هُنَاكَ قصد إِلَى نفس الْحَقِيقَة من حَيْثُ هِيَ هِيَ فَهِيَ لَام الْجِنْس الصّرْف مثل الْإِنْسَان حَيَوَان نَاطِق.
وَالْفرق بَين هَذَا الْمُعَرّف وَاسم الْجِنْس أَي النكرَة على مَذْهَب من قَالَ إِن اسْم الْجِنْس مَوْضُوع للماهية من حَيْثُ هِيَ هِيَ بالمعلومية والمعهودية وَعدمهَا كَمَا مر مفصلا فِي التَّعْرِيف. وَقد يُطلق الْمُعَرّف بلام الْجِنْس على فَرد مَوْجُود من الْحَقِيقَة الْمَعْلُومَة الْمَعْهُودَة بِاعْتِبَار أَنه جزئي من جزئياتها مُطَابق إِيَّاهَا وَذَلِكَ الْفَرد الْمُبْهم بِاعْتِبَار مطابقته للماهية الْمَعْلُومَة صَار معهودا ذهنيا. وَمعنى الْمُطَابقَة اشْتِمَال الْفَرد عَلَيْهَا أَو صدق الْمَاهِيّة عَلَيْهِ. وَلَا بُد لهَذَا الْإِطْلَاق من الْقَرِينَة كَقَوْلِك أَدخل السُّوق وَلَا تُرِيدُ سوقا معينا - فَإِن قَوْلك أَدخل قرينَة دَالَّة على أَنه لَيْسَ الْقَصْد إِلَى الْحَقِيقَة الْمَعْهُودَة من حَيْثُ هِيَ هِيَ بل من حَيْثُ إِنَّهَا مَوْجُودَة فِي فَرد من أفرادها لِأَن الدُّخُول لَا يتَصَوَّر فِي الْحَقِيقَة من حَيْثُ هِيَ هِيَ فَذَلِك الْمُعَرّف هُوَ الْمُعَرّف بلام الْعَهْد الذهْنِي.
وَيعلم من هَا هُنَا أَن الْمَعْهُود والمعلوم بِالذَّاتِ هَا هُنَا إِنَّمَا هُوَ الْحَقِيقَة من حَيْثُ هِيَ هِيَ. وفردها الْمُبْهم إِنَّمَا هُوَ مَعْلُوم ومعهود بالتبع وبواسطة أَنه مُطَابق لتِلْك الْحَقِيقَة الْمَعْلُومَة الْمَعْهُودَة - وَقد يُطلق الْمُعَرّف بلام الْحَقِيقَة أَي لَام الْجِنْس وأشير بهَا إِلَى الْحَقِيقَة لَكِن لم يقْصد بهَا الْمَاهِيّة من حَيْثُ هِيَ هِيَ وَلَا من حَيْثُ تحققها ووجودها فِي ضمن بعض الْأَفْرَاد بل فِي ضمن جَمِيعهَا مثل قَوْله تَعَالَى: {إِن الْإِنْسَان لفي خسر إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} . بِدَلِيل صِحَة الِاسْتِثْنَاء الَّذِي شَرطه دُخُول الْمُسْتَثْنى فِي الْمُسْتَثْنى مِنْهُ لَو سكت عَن ذكره وَالْحَاصِل إِن اسْم الْجِنْس الْمُعَرّف بِاللَّامِ إِمَّا أَن يُطلق على نفس الْحَقِيقَة الْمَعْلُومَة الْمَعْهُودَة من غير نظر إِلَى مَا صدقت الْحَقِيقَة عَلَيْهِ من الْأَفْرَاد وَهُوَ تَعْرِيف الِاسْم الْمُعَرّف بلام الْجِنْس والحقيقة وَنَحْوه علم الْجِنْس وَإِمَّا على حِصَّة مُعينَة مِنْهَا وَاحِدًا نوعيا أَو شخصيا أَو اثْنَيْنِ أَو جمَاعَة وَهُوَ تَعْرِيف الِاسْم الْمُعَرّف بلام الْعَهْد الْخَارِجِي وَنَحْوه علم الشَّخْص كزيد. وَإِمَّا على حِصَّة غير مُعينَة وَهُوَ تَعْرِيف الِاسْم الْمُعَرّف بلام الْعَهْد الذهْنِي وَمثله النكرَة كَرجل - وَإِمَّا على كل الْأَفْرَاد وَهُوَ تَعْرِيف الِاسْم الْمُعَرّف بلام الِاسْتِغْرَاق وَمثله كلمة كل مُضَاف إِلَى النكرَة. فَثَبت مِمَّا ذكرنَا أَن الْمُعَرّف بلام الْعَهْد الذهْنِي والاستغراق فرعا الْمُعَرّف بلام الْجِنْس - فَإِن قلت لم لَا يكون الْمُعَرّف بلام الْعَهْد الْخَارِجِي فرع الْمُعَرّف بلام الْجِنْس - قلت بَينهمَا بون بعيد فَإِن الْمُعَرّف بلام الْعَهْد الْخَارِجِي يُرَاد بِهِ حِصَّة مُعينَة من الْحَقِيقَة بِخِلَاف الْمُعَرّف بلام الْجِنْس - فَإِن المُرَاد بِهِ نفس الْحَقِيقَة كَمَا علمت - فَإِن قلت مَا الْفرق بَين الْمُعَرّف بلام الْعَهْد الذهْنِي والنكرة مَعَ أَن المُرَاد من كل مِنْهُمَا الْفَرد الْمُبْهم الْمُنْتَشِر - قُلْنَا الْفَرد الْمُبْهم الْمُنْتَشِر فِي الْمُعَرّف بلام الْعَهْد الذهْنِي مَعْلُوم مَعْهُود بِاعْتِبَار مطابقته للماهية الْمَعْلُومَة الْمَعْهُودَة بِخِلَاف الْفَرد الْمُبْهم فِي النكرَة فَإِنَّهُ لم يعْتَبر فِيهَا مَاهِيَّة مَعْلُومَة معهودة ليطابقها الْفَرد الْمُبْهم وَيصير بِسَبَب تِلْكَ الْمُطَابقَة مَعْلُوما معهودا مَا فَإِذا قلت أكلت الْخبز فكأنك قلت أكلت فَردا من هَذِه الْمَاهِيّة الْمَعْلُومَة للمخاطب - وَإِذا قلت أكلت خبْزًا كَانَ مَعْنَاهُ أكلت فَردا من مَاهِيَّة الْخبز من غير مُلَاحظَة معلوميتها ومعهوديتها وَإِن كَــانَت مَعْلُومَة فِي نفس الْأَمر وَقس عَلَيْهِ أَدخل السُّوق وَأدْخل سوقا. فَإِن قلت مَا الْفرق بَين الْمُعَرّف بلام الْجِنْس الصّرْف وَعلم الْجِنْس مَعَ أَن المُرَاد من كل مِنْهُمَا نفس الْمَاهِيّة الْمَعْلُومَة الْمَعْهُودَة. قلت علم الْجِنْس يدل بجوهره على كَون تِلْكَ الْحَقِيقَة مَعْلُومَة معهودة عِنْد الْمُخَاطب كَمَا أَن الْأَعْلَام الشخصية تدل بجواهرها على كَون الْأَشْخَاص معهودة لَهُ بِخِلَاف الْمُعَرّف بلام الْجِنْس فَإِنَّهُ يدل عَلَيْهِ بالآلة وَهِي اللَّام لَا بجوهره. وَإِنَّمَا أطنبنا الْكَلَام فِي هَذَا الْمقَام لِأَنَّهُ قد زل فِيهِ أَقْدَام الْأَعْلَام وَعَلَيْك أَن تحفظ هَذَا التَّحْقِيق وَلَا تنظر إِلَى مَا ذكرنَا فِي جَامع الغموض فِي شرح الْكَلِمَة فَإِنَّهُ مُنَاسِب بِحَال المبتدين مَعَ أَن لَهُ وَجها وجيها عِنْد الموجه.

نفج

ن ف ج: (نَافِجَةُ) الْمِسْكِ وِعَاؤُهُ. 
(نفج) - في الحديث : "من أَشْراطِ السَّاعَةِ انْتِــفاجُ الأَهِلَّة".
ذكره بعض أهل اللّغة بالجيم. من قولهم: نفج اليَربوعُ؛ إذا ثار، وانْتَــفَج جَنْبَا البعير؛ ارتَفعا
(نفج)
الشَّيْء نفجا ونفوجا ارْتَفع وَفُلَان فَخر بِمَا لَيْسَ عِنْده وَلَا فِيهِ والأرنب وَنَحْوه ثار وَيُقَال نفجت الرّيح هبت عَاصِفَة والفروجة من بيضتها خرجت وَالشَّيْء نفجا رَفعه وَفُلَانًا عظمه والسقاء ملأَهُ والأرنب وَنَحْوه أثاره من مجثمه
نفج
نافجة [مفرد]: ج نَوَافِجُ:
1 - وعاء المسك في جسم الظَّبي وهي سُرّة غزال المسك.
2 - رِيح لا تشعر بها تعصف وأنت غافل "هبّت نافجة". 
ن ف ج : نَفَجَ الْأَرْنَبُ وَغَيْرُهُ نُفُوجًا مِنْ بَابِ قَعَدَ ثَارَ وَأَنْفَجْتُهُ إنْفَاجًا وَنَفَجَ الْإِنْسَانُ نَفْجًا مِنْ بَابِ قَتَلَ فَخَرَ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ فَهُوَ نَفَّاجٌ وَنَفَجْتُهُ نَفْجًا أَيْضًا عَظَّمْتُهُ وَمِنْهُ نَافِجَةُ الْمِسْكِ لِنَفَاسَتِهَا وَهِيَ عَرَبِيَّةٌ وَيُقَالُ النَّافِجَةُ كُلُّ شَيْءٍ يَبْدُو بِحِدَّةٍ.

وَنَفَجَتْ الرِّيحُ جَاءَتْ بِقُوَّةٍ. 
ن ف ج

الثدي الناهد ينفج الدرع. يرفعه. ورجل وجمل منتفج الجنبين: مرتفعهما. ونفج اليربوع وهو أرخى عدوه. وأنفج الصيد: أثاره من مجثمه. ونفجت الفرّوجة: خرجت من بيضتها. ونفجت الريح: جاءت بقوة، وريح نافجة، ورياح نوافج. قال ذو الرمة:

يرقد في ظل عرّاص ويطرده ... حفيف نافجة عثنونها حصب

ومن المجاز: فلان نفّاج، وفيه نفج، وسمعت من يقول: فيه نفاجة، وقد نفج ينفج. وكانوا يقولون: هنيئاً لك النافجة وهي البنت لأنه كان يأخذ مهرها فينفج ماله أي يوسّعه ويعظّمه، ومنه: النّفّاجة: للبنة القميص لأنها توسّعه. وأنشد الجاحظ:

وليس تلادي من وراثة والدي ... ولا شان مالي مستفاد النوافج

يعني أن أباه كان جواداً لم يدّخر ما يورث.

نفج


نَفَجَ(n. ac. نَفْج
نُفُوْج
نَفَجَاْن)
a. Leapt.
b. [Min], Came out (chicken).
c.(n. ac. نَفْج), Rose; blew.
d. Raised.
e. Swelled.
f. see IV
& V (a).
أَنْفَجَa. Started, startled.

تَنَفَّجَa. Boasted, bragged.
b. Rose.

إِنْتَفَجَa. Protruded, bulged.
b. Became great.
c. see I (a)
إِسْتَنْفَجَa. see IVb. Roused (anger).
نَفْجa. Boasting, vain-glory.

نَفْجَةa. Leap, bound.

نُفْجَةa. Gusset; patch.
b. (pl.
نُفَج), Wallet, pouch.
نُفُجa. Sluggards.
b. Large.

نَاْفِجa. Unmelodious (voice).
نَاْفِجَة
(pl.
نَوَاْفِجُ)
a. Beginning of a storm.
b. Rain-cloud.
c. Daughter.
d. Short rib.
e. Vessel containing perfume.
f. P.
Bladder, vesicle, follicle of musk.
نَفَاْجَةa. see 1
نِفَاْجَةa. Wedge-shaped piece of cloth.

نَفِيْجَة
(pl.
نَفَاْئِجُ)
a. Bow.
b. see 23t
نَفَّاْجa. Boastful; braggart.

نُفَّاْجَةa. see 3t (b)
نِفِّيْج
(pl.
نُفُج)
a. Stranger; interloper.

مَنَاْفِجُa. Pads.

مَنَاْفِيْجُa. Gussets.

N. Ag.
إِنْتَفَجَa. see 28b. Big, bulging.

أَنْفَجَانِيّ
a. Exaggerator.
[نفج] نه: فيه: "فــانتــفجت" منه الأرنب، أي وثبت. ومنه: "فأنفجنا" أرنبا، أي أثرناها. ك: هو بنون وفاء وجيم: التهيج والإثارة، قوله: فخذيها- لاشك فيه، شك أولًا في الفخذين ثم استيقن به، وكذا شك آخرًا في الأكل وأوقف حديثه على القبول. نه: وفي ح الفتنتين: ما الأولى عند الآخرة إلا "كنفجة" أرنب، أي كوثبنه من مجثمه، يريد تقليل مدتها، وفي ح المستضعفين "فتنجت" بهم الطريق، أي رمت بهم فجأة، ونفجت اليرح: جاءت بغتة. غ: ومنه رياح "نوافج". نه: وفي ح أشراط الساعة: "انتــفاج" الأهلة، روى بجيم من انتــفج جنبا البعير- إذا ارتفعا وعظما خلقة، ونفجت الشيء فــانتــفج أي رفعته وعظمته. من التذكرة: من أشراط الساعة أن يروا الهلال فيقولون: ابن ليلتين، وهو ابن ليلة. نه: ومنه ح: "نافجًا" حضنيه، يكنى به عن التعاظم والتكبر. وفيه: إن هذا البجباج "النفاج" لا يدري ما الله، النفاج الذي يمتدح بما ليس فيه، من الــانتــفاج: الارتفاع. وفي صفة الزبير: كان "نفج"، الحقيبة، عظيم الفخذ، وهو بضم نون وفاء. وفي ح الصديق: كان يحلب لأهله فيقول: "أنفج" أم البد، الإنفاج: إبانة الإناء عن الضرع عند الحلب حتى تعلوه الرغوة، والإلباد: إلصاقه به حتى لا تكون له رغوة. غ: "التنفيج": التوسيع، فرس "منتفج" الجوف، ودخاريص الثوب "نفافيج".
[نفج] نَفَجَتِ الأرنبُ، إذا ثارتْ. وأنْفَجْتُها أنا. ونَفَجَتِ الفَرُّوجَةُ من بَيْضَتِها، أي خرجت. ونَفَجَ ثَدْيُ المرأة قميصَها يَنْفُجُهُ نَفْجاً، أي رفعه. ورجلٌ نَفَّاجٌ، إذا كان صاحب فخر وكبر، عن ابن السكيت. والنافجة: أول كل شئ يبدأ بشدة. تقول: نَفَجَتِ الريحُ، إذا جاءت بقوَّة. قال ذو الرمّة يصف ظليماً: يَرْقَدُّ في ظِلِّ عَرَّاصٍ ويَطْرُدُهُ * حَفيفُ نافِجَةٍ عُثْنونُها حَصِبُ وقد تسمَّى السحابة الكثيرةُ المطَر بذلك، كما يسمى الشئ باسم غيره لكونه منه بسبب. قال الكميت: راحَتْ له في جُنوحِ الليلِ نافجةٌ لا الضَبُّ مُمْتَنِعٌ منها ولا الوَرَلُ ثمَّ قال: يستخرجُ الحشراتِ الخُشْنَ رَيِّقُها كأنَّ أرؤُسَها في مَوْجِهِ الخَشَلُ والنَوافِجُ: مؤخَّراتُ الضلوع، الواحدة نافِجَةٌ . وكــانت العرب تقول في الجاهلية إذا وُلِدَ لأحدهم بنتٌ: " هنيئاً لك النافجة "، أي المُعَظِّمَةُ لمالِكَ، لأنَّك تأخذ مهرها فتضمه إلى مالك فينتفج. وأمَّا نوافِجُ المِسْك فمعرَّبة. والنَفيجةُ: القوس، وهي شَطيبَةٌ من نَبْعٍ. ولم يعرفه أبو سعيد بالحاء. قال مليح: أناخوا معيدات الوجيف كأنها * نفائج نبع لم تريع ذوابل وانتــفج جنبا البعير: ارتفعا.
نفج: نَفَجَ اليَرْبُوعُ يَنْفِجُ ويَنْفُجُ نُفُوجاً وَيَنْتَفِجُ: وهُوَ أوْحى عَدْوِه. وأنْفَجَه الصائدُ: أثارَه. وكُلُّ شَيْءٍ ارْتَفَعَ يُقال: انْتَــفَجَ، حَتّى يُقال: مُنْتَفِجُ الجَنْبَيْنِ. وامْرَأةٌ انْفَجَانِيَّةٌ: أي مُنْتَفِجَةٌ. ونَفَجْتُ الشَّيْءَ فــانْتَــفَجَ: أي أعْظَمْته. ومنه قَوْلُهم لِمَنْ وُلِدَتْ له ابْنَةٌ: هَنِئاً لكَ النافِجَةَ، يُريدُونَ أنَّه يَأْخُذُ مَهْرَها إبلاً يَضُمُّها إلى إبله فَيُنَفِّجُها أي يُعَظِّمها ويُكَثِّرُها، وجَمْعُه نَوَافِجُ. والنافِجَةُ أيضاً الورم المنتفج لا يلبث أن يمد ورجل نفاج: ذو نَفْجٍ يَقُولُ ما لم يَفْعَلْ، نَفَجَ يَنْفِجُ وَيَنْفُجُ نَفْجاً. ورَجُلٌ أنْفَجَانيٌّ: يُفْرِطُ فيما يَقُول. والنُّفّاجَةُ: رُقْعَةٌ للقَمِيْصِ تَحْتَ الكُمِّ. ونَفَجَتِ الرِّيْحُ جاءت بغتة ومنه حفيف نافجة: أي نَفَّسُوا وفَرَّجُوا. والنَّفْجُ: التَّفْرِيْجُ، وأصْلُه في النَّخْلِ: أنْ تَحْفِرَ أصْلَ النَّخْلَةِ وتَرْفَعَ الجِدَارَ عنها. وقَوْسٌ مُنْفَّجَةٌ ومُنْفَجَّةٌ: لِلَّتِي يَرْتَفِعُ وَتَرُها عن كَبِدِها؛ كما يَنْفَجُ الثَّدْيُ الناهِدُ. والنَّفِيْجَةُ: شَطِيْبَةٌ من نَبْعٍ، وجَمْعُها نَفَائجُ. والمَنَافِجُ: الرَّفَائعُ؛ وهي التي تُنَفِّجُ بها النِّسَاءُ أعْجَازَها: أي تُعَظِّمُها. ولنُّفَجُ: جَمْعُ النُّفْجَةِ؛ وهي كالنُّفّاجَة رُقْعَةٌ في القَمِيْصِ تَحْتَ الكُمِّ. والنفَّفَافِيْجُ: الدَّخَارِيْصُ. وتَنَفَّجَ الرَّجُلُ فِي ثِيَابِه: انْقَبَضَ فيها. ونَفَجَتِ الفَرُّوْجَةُ من بَيْضَتِها: إذا خَرَجَتْ. وجاءَ مُنْتَفِجاً: أي مُسْرِعاً.
(ن ف ج)

نَفَج اليربوع يَنْفُجُ، ويَنْفِجُ نُفُوجا، وانْتَــفَ8ج: عدا.

وانفجه الصَّائِد، واستنْفَجه: استخرجه، الْأَخِيرَة عَن ابْن الْأَعرَابِي، وَأنْشد:

يَستنفج الخزن من امكائها

وكل مَا ارْتَفع: فقد نَفَج، وانتــفج، وتنفَّج.

ونَفَجه هُوَ يَنْفُجه نَفْجا.

ونَفَج السقاء نَفْجا: ملأَهُ. وَقَوله: فأعجلَتْ شَنَّتَها أَن تُنْفَجا

يَعْنِي: أَن تملأ مَاء لتنقى وتغسل قبل أَن يستقى بهَا.

وَقيل: أعجلت عَن أَن يُزَاد فِيهَا مَا يوسعها ويرفعها.

وَيُقَال للرجل إِذا ولدت لَهُ بنت: هَنِيئًا لَك النافجة: وَذَلِكَ أَنه يُزَوّجهَا فياخذ مهرهَا من الْإِبِل فيضمها إِلَى إبِله فينفجها: أَي يرفعها.

والنَّفْج: اسْم مَا تُنِفج بِهِ.

وَرجل نَفَّاج: يفخر بِمَا لَيْسَ عِنْده، وَلَيْسَت بِالْعَالِيَةِ.

والنِّفَاجة: رقْعَة مربعة تَحت كم الثَّوْب.

وتنفَّجت الأرنب: اقشعرت، يَمَانِية.

وكل مَا اجثأل: فقد انتــفَج.

والنَّوافج: مؤخرات الضلوع، واحدهما: نافج، ونافجة.

ونَفَجت الرّيح: جَاءَت بَغْتَة.

وَقيل: النافجة: أول كل ريح تبدأ بِشدَّة.

قَالَ أَبُو حنيفَة: رُبمَا انتــفجت الشمَال على النَّاس بَعْدَمَا ينامون فتكاد تهلكهم بالقر من آخر ليلتهم وَقد كَانَ أول ليلتهم دفيئا.

والنَّفِيجة: الْقوس، وَهِي شطيبة من نبع. وَالْجمع: نفائج، وَقَالَ مليح الْهُذلِيّ:

اناخوا معيدات الوجيف كَأَنَّهَا ... نفائج نَبْع لم تُرَيَّع ذوابل

نفج

1 نَفَجَ, (S, K,) aor. ـُ inf. n. نُفُوجٌ; (Msb;) and ↓ انتــفج; (TA;) It (a hare, S, K, or other animal, Msb) sprang up (S, K) from its hole; or leaped. (TA.) b2: نَفَجَ; (TA;) and ↓ انفج, (S,) inf. n. إِنْفَاجٌ; (Msb;) and ↓ انتــفج; (TA;) He made a hare to spring up (S, &c.) from its hole; or to leap. (TA.) b3: نَفَجَ, aor. ـِ and نَفُجَ, inf. n. نُفَجٌ; and ↓ انتــفج; It (a jerboa) ran: (M:) or slackened his run. (A.) b4: نَفَجَ, and ↓ انتــفج, and ↓ تنفّج, It (anything) rose; or became elevated, or exalted. (TA.) b5: نَفَجَ, aor. ـُ inf. n. نَفْجٌ, He made anything to rise; or to become elevated, or exalted. (TA.) b6: نَفَجَتِ الفَرُّوجَةُ The chicken came forth from its egg. (S, K.) b7: نَفَجَ, (aor.

نَفُجَ, inf. n. نَفْجٌ, S,) It (a woman's breast) heaved up her shift. (S, K.) b8: نَفَجَتِ الرِّيحُ (tropical:) The wind came with force: (S, K:) or, suddenly. (TA.) b9: نَفَجَ, inf. n. نَفْجٌ, He magnified, or made great, him, or it. (Msb, TA.) [And so,] ↓ انتــفج It became great. (TA.) b10: نَفَجَ, aor. ـُ inf. n. نَفْجٌ; (Msb;) and ↓ انتــفج, (TA,) and ↓ تنفّج; (K;) He boasted of that which he did not possess, (Msb,) and which was not in him: (TA:) or, of more than he possessed. (K.) 4 أَنْفَجَ see 1, and 10.5 تَنَفَّجَ see 1, in two places.8 إِنْتَفَجَا حَنْبَا البَعِيرِ The sides of the camel became elevated, (S, K,) [or bulging,] and great, naturally. (TA.) b2: Hence the expression إِنْتِفَاجُ الأَهِلَّةِ (assumed tropical:) [The swelling out of the new moons], in a trad. respecting the signs [of the last day]. (TA.) b3: See 1 throughout.10 استنفج (IAar, M) and ↓ انفج, (M,) He (a sportsman) drew forth a jerboa [&c. from its hole]. (M.) b2: Hence, (TA,) (assumed tropical:) He drew forth, and caused to appear, the anger of a person. (K.) نَفْجٌ and ↓ نَفَاجَةٌ (tropical:) [A boasting of that which one does not possess, or the like: see 1, and نَفَّاجٌ]. (A.) [See also نَفْخٌ.]

نُفْجُ الحَقِيبَةِ A woman, (K,) and a man, (TA,) large in the buttocks: (K, TA:) or prominent therein. (TA in art. حقب.) نَفْجَةٌ A single leap of a hare from the place where it has been lying. In a trad., a sedition, or disturbance, is likened to this in regard of the shortness of its duration. (TA.) نَفَاجَةٌ: see نَفْجٌ and نَفَّاجٌ.

نَفِيجَةٌ A bow (S, K) made of a piece of wood of the kind of tree called نَبْع; not known by Aboo-Sa'eed with ح [in the place of ج]. (S [so in the copies of that work which I am using, three in number: but in one copy, “except with ح ”].) نَفَّاجٌ (tropical:) A proud man; as also ↓ مُنْتَفِجٌ: (K:) a boastful and proud man: (ISk, S:) a man who praises himself for that which is not in him: one who says that which he does not, and who boasts of that which does not belong to him and which is not in him; as also ↓ ذُو نَفْجٍ (and ↓ ذُو نَفَاجَةٍ, A): or one who boasts of that which he does not possess: and said to be not of high repute. (TA.) [See also نَفَّاشٌ.]

نَافِجٌ: see نَافِجَةٌ.

نَافِجَةٌ The commencement of anything, (so in two copies of the S, and so in the Msb,) or of any wind, (so in one copy of the S,) that begins with vehemence, or violence: (S, Msb:) or a wind that begins with vehemence: (K:) or, that comes with vehemence: (A:) As thinks it to be attended by cold: AHn says, that sometimes the north wind rises upon people when they have been sleeping, and almost destroys them with cold at the close of the night, when the former part of the night has been warm: (TA:) or a wind that rises upon one suddenly and vehemently, when he is not aware: (Sh:) pl. نَوَافِجُ. (A.) b2: نَافِجَةٌ (tropical:) A cloud abounding with rain: (S, K:) so called from the same word as signifying “ a wind that comes with vehemence: ” (TA:) thus called by the name of the thing which is its cause. (S.) A2: نَافِجَةٌ The hinder part of a rib: (S:) or, of the ribs: (K:) as also ↓ نَافِجٌ: (TA:) pl. نَوَافِجُ. (S.) A3: نَافِجَةٌ (assumed tropical:) Camels which a man inherits, and whereby his camels are increased in number. (TA.) b2: نَافِجَةٌ (tropical:) A daughter: so called because she in creases the property of her father by her dowry: (K:) or, that increases the property of her father: for he takes her dowry (consisting of camels, TA) and adds it to his property, (or camels, TA,) so that the amount becomes raised. (S.) The Arabs used to say, in the time of paganism, when a daughter was born to one of them, هَنِيْئا لَكَ النَّافِجَةُ May she who is to increase thy property by her dowry be productive of enjoyment to thee! (S.) A4: نَافِجَةٌ A bag, follicle, or vesicle, of musk: (K:) pl. نَوَافِجُ: (S:) an arabicized word, (S, K,) from [the Persian] نَافَهْ; and therefore some say that it is properly written نَافَجَةٌ: or, accord. to the Msb, it is Arabic, and a bag of musk is so called because of its high value, from نَفَجَهُ “ he magnified him, or it: ” but this requires consideration. (TA.) See فَأْرَةُ المِسْكِ, voce فَأْرٌ.

أنْفَجَانِىٌّ One who exaggerates, or exceeds the due bounds, in speech; (K;) and who boasts of that which he does not possess. (TA.) مَنَافِجُ Pieces of stuff with which women make their buttocks to appear large; syn عُظَّامَاتٌ. (K.) مُنْتَفِجُ الجَنْبَيْنِ A man having elevated, [or bulging,] sides. (A.) b2: مُنْتَفِجٌ A camel having prominent flanks. (TA.) See نَفَّاجٌ.

نفج: نَفَجَ الأَرنَبُ إِذا ثارَ؛ ونَفَجَت، وهو أَوْحَى عَدْوِها.

وأَنْفَجَها الصائدُ: أَثارها من مَجْثَمِها؛ وفي حديث قَيْلةَ: فــانْتَــفَجَتْ

منه الأَرنبُ أَي وَثَبَتْ. ونَفَجْتُه أَنا: أَثَرْتُه فثارَ من

جُحْرِه؛ ومنه الحديث: فــانْتَــفَجْنا أَرنباً أَي أَثَرْناها؛ ومنه الحديث: أَنه

ذَكر فِتْنَتَين فقال: ما الأُولى عند الآخرة إِلا كَنَفْجةِ أَرنبٍ أَي

كَوَثْبَتِه من مَجْثَمِه؛ يُريدُ تقليلَ مدتها. ابن سيده: نَفَجَ

اليَرْبوعُ يَنْفِجُ ويَنْفُجُ نُفوجاً، وانْتَــفَجَ: عَدَا. وأَنْفَجَه

الصائدُ واسْتَنْفَجَه: استخرجه، الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:

يَسْتَنْفِجُ الخِزّانَ من أَمْكائها

وكلُّ ما ارتَفَعَ: فقد نَفَجَ وانْتَــفَجَ وتَنَفَّجَ. ونَفَجَه هو

يَنْفُجُه نَفْجاً ونَفَجَت الفَرُّوجةُ من بَيْضَتِها أَي خرجَتْ. ونَفَجَ

ثَدْيُ المرأَةِ قميصَها إِذا رفعه.

ورجلُ مُنْتَفِجُ الجَنْبينِ؛ وبعيرٌ مُنْتَفِجٌ إِذا خرجَتْ خواصِرُه.

وانتــفج جَنْبا البعير: ارْتَفعا؛ وفي حديث أَشراط الساعة: انْتِــفاج

الأَهِلَّةِ؛ روي بالجيم، مِن انتــفَج جَنْبا البعير إِذا ارتفعا وعظُما

خِلْقةً. ونَفَجْتُ الشيءَ فــانْتــفج أَي رفَعتُه وعظَّمْتُه.

وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: نافِجاً حِضْنَيهِ، كنى به عن التعاظُم

والتكبُّر والخُيَلاء.

ونَوافجُ المِسْك؛ معرَّبةٌ

(* قوله «ونوافج المسك إلخ» عبارة القاموس

وشرحه والنافجة: وعاء المسك، معرف عن تافه. قال شيخنا: ولذلك جزم بعضهم

بفتح فائها، وزعم صاحب المصباح أَنها عربية.).

ونَفَجَ السِّقاءَ نَفْجاً: مَلأَه؛ وقوله:

فأَعْجَلَتْ شَنَّتَها أَن تُنْفَجا

يعني أَن تُمْلأَ ماءً لِتُنْقى وتُغْسَلَ قبل أَن يُسْتَقى بها؛ وقيل:

أَعْجَلَتْ عن أَن يُزادَ فيها ماءٌ يُوَسِّعُها ويَرْفَعُها.

وصوتٌ نافجٌ: جافٍ غليظٌ؛ قال الشاعر:

تسمعُ لِلأَعبُدِ زَجْراً نافِجا،

من قِيلِهم: أَياهَجاً أَياهَجا

وقيل: أَراد بالزجْرِ النافج الذي يَنْفُجُ الإِبِلَ حتى تتوسَّع في

مَراتِعِها ولا تَجتَمع؛ ويقال للإِبل التي يَرِثُها الرجلُ فتكثُرُ بها

إِبِلُه: نافِجةٌ؛ وكــانت العربُ تقول في الجاهلية للرجل إِذا وُلِدَتْ له

بنتٌ: هنيئاً لك النافجةُ أَي المُعَظِّمَةُ لِمالِك، وذلك أَنه

يُزَوِّجُها فيأْخُذ مَهْرَها من الإِبِلِ، فيَضُمُّها إِلى إِبِلِه فيَنْفُجُها

أَي يَرْفَعُها ويُكَثِّرُها.

والنَّفْجُ: اسمُ ما نُفِجَ به.

ورجل نَفَّاجٌ إِذا كان صاحبَ فَخْرٍ وكِبْرٍ؛ وقيل: نَفَّاجٌ يَفْخَرُ

بما ليس عنده، وليست بالعالِية؛ وفي حديث عليّ: إِنَّ هذا البَجْباجَ

النفَّاجَ لا يدري ما الله؛ النفَّاجُ: الذي يَتَمَدَّحُ بما ليس فيه من

الــانْتِــفاج الارتفاعِ. ورجلٌ نفَّاجٌ: ذو نَفْجٍ، يقول ما لا يَفعلُ،

ويَفتخِر بما ليس له ولا فيه.

وامرأَةٌ نُفُجُ الحقِيبةِ إِذا كــانت ضخْمةَ الأَرْدافِ والمَأْكَمِ؛

وأَنشد:

نُفُج الحَقيبةِ بَضَّة المُتَجَرَّدِ

وفي الحديث في صفة الزبير:

كان نُفُجَ الحَقِيبةِ أَي عظيمَ العَجُزِ، وهو بضم النون والفاء.

والنِّفاجةُ: رُقْعَةٌ مُرَبَّعةٌ تحت كُمِّ الثوبِ.

وتَنَفَّجَت الأَرنبُ: اقشعَرَّتْ، يمانية، وكل ما اجْتالَ: فقد

انْتَــفَجَ.

والنوافِجُ: مُؤَخَّراتُ الضُّلوعِ، واحدُها نافجٌ ونافجةٌ، وتُسَمَّى

الدَّخارِيصُ التنافيجَ لأَنها تَنْفُجُ الثوبَ فتُوَسِّعُه.

ويقال: ما لذي اسْتَنْفَجَ غضَبَكَ؟ أَي أَظْهَرَهُ وأَخرجه.

ابن الأَعرابي: النِّفِّيجُ، بالجيم: الذي يَجِيءُ أَجنبيّاً فيدخُل بين

القَومِ ويُسْمِلُ بينهم ويُصلِحُ أَمْرَهم؛ وقال أَبو العباس:

النِّفِّيجُ الذي يَعْترضُ بين القوم، لا يُصْلِحُ ولا يُفْسِد.

ونَفَجَت الريحُ: جاءت بَغْتَةً؛ وقيل: النافِجةُ كلُّ رِيحٍ تَبْدَأُ

بشدَّةٍ؛ وقيل أَوّلُ كلِّ رِيحٍ تَبْدأُ بشدَّةٍ؛ قال الأَصمعي: وأُرى

فيها بَرْداً. قال أَبو حنيفة: ربما انتــفجت الشَّمالُ على الناس بعدما

يَنامون، فتَكادُ تُهلِكُهم بالقُرِّ من آخرِ لَيْلتِهم، وقد كان أَوَّلُ

لَيْلتِهم دَفِيئاً. والنافجةُ: أَوَّلُ شيء يَبْدَأُ بشدَّةٍ؛ تقول:

نَفَجَت الريحُ إِذا جاءت بقُوَّةٍ؛ قال ذو الرمة يصف ظليماً:

يَرْقَدُّ في ظِلِّ عَرَّاصٍ، ويَطْرده

حَفِيفُ نافِجَةٍ، عُثْنُونُها حَصِبُ

قال شمر: النافجةُ من الرياحِ التي لا تَشْعُر حتى تَنْتَفِجَ عليك؛

وانتِــفاجُها: خروجُها عاصِفةً عليك، وأَنت غافلٌ، قال: وقد تُسَمَّى

السحابةُ الكثيرةُ المطرِ بذلك، كما يسمَّى الشيءُ باسمِ غيرهِ لكونهِ منه

بسببٍ؛ قال الكميت:

راحَتْ له، في جُنُوحِ الليلِ، نافجةٌ،

لا الضَّبُّ ممتنعٌ منها، ولا الوَرَلُ

ثم قال:

يَسْتَخرجُ الحَشَراتِ الخُشْنَ رَيِّقُها،

كأَنَّ أَرْؤُسَها في مَوْجِه الخَشَلُ

وفي حديث المُستضعفَينِ بمكة: فنَفَجَتْ بهم الطريقُ أَي رمَتْ بهم

فَجْأَةً.

والنَّفِيجةُ: القَوسُ، وهي شَطيبةٌ من نَبْعٍ؛ قال الجوهري: ولم

يعرِفْه أَبو سعيد بالحاء؛ وقال مُلَيح الهُذَلي:

أَناخُوا مُعِيداتِ الوَجِيفِ، كأَنها

نفائجُ نَبْعٍ، لم تُرَيَّعْ، ذَوابِلُ

وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: أَنه كان يَحْلُبُ لأَهْلِه بعيراً،

فيقول: أُنْفِجُ أَم أُلْبِدُ؟ الإِنفاجُ: إِبانةُ الإِناء عن الضَّرْعِ

عند الحَلْبِ حتى تَعْلُوَه الرَّغوةُ، والإِلْبادُ: إِلصاقُه بالضَّرْعِ

حتى لا تكونَ له رَغْوةٌ.

نفج
: (نَفَجَ الأَرنَبُ) : اللَّهُذا (ثارَ) ونَفَجْتُه أَنا فثارَ مِن جُحْرِه. وَفِي حَدِيث قَيْلةَ: (فــانْتَــفَجَتْ مِنْهُ الأَرنْبُ) ، أَي وَثَبَتْ. وَمِنْه الحَدِيث: (فــانْتَــفَجْنا أَرْنباً) ، أَي أَثَرْناها. وَفِي حَدِيث آخَرَ أَنه ذَكَر فِتْنَتَينِ فَقَالَ: (مَا الأُولَى عندَ الآخِرَةِ إِلاّ كنَفْجَةِ أَرْنَبٍ) أَي ككَثْبَتِه من مَجْثَمه، يُريد تَقليلَ مُدَّتها. وكلُّ مَا ارتفَعَ فقد نَفَجَ وانْتَــفجَ، وتَنَفَّجَ ونَفَجَه هُوَ يَنْفُجُه نَفْجاً.
(و) نفَجَتِ (الفَرُّوجةُ: خَرَجتْ من بَيْضَتِها) .
(و) نَفَجَ (الثَّدْيُ) أَي ثَدْيُ المرأَةِ (القَميصَ) : إِذا (رَفَعَه) .
(و) من المَجاز: نَفَجَت (الرِّيحُ جاءَتْ) بَغْتةً. وَقيل: نَفَجَت الرِّيحُ: إِذا جاءَتْ (بقُوّةٍ) .
(و) من المَجاز: (النَّفّاجُ: المُتكبِّرُ) أَي صاحبُ فَخْرٍ وكِبْرٍ، عَن ابْن سِّكِّيت. وَقيل: رَجلٌ نَفَّاجٌ: يَفْخَر بِمَا لَيْسَ عِنْده، وليستْ بالعالِيَة، (كالمُنْتفِج) . وَفِي حديثِ عَلّي: (إِنّ هاذا البَجْباجَ النَّفّاجَ لَا يَدْرِي مَا اللَّهُ) . النَّفّاجُ: الّذي يَتمدَّحُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، من الــانْتِــفاج: الارتفاعِ. ورجلٌ نَفّاجٌ: ذُو نَفْجٍ، يَقول مَا لَا يَفْعَل ويَفخَر بِمَا لَيْسَ لَهُ وَلَا فِيهِ.
(و) النِّفِّيج (كسِكِّيت: الأَجنبيُّ) الّذي (يَدْخُل بَين القَوْمِ) ويُسْمِلُ بَينهم (ويُصْلِحُ) أَمْرَهم؛ كَذَا عَن الأَعرابيّ، (أَو الّذي يَعْترِض) بَين القَوْمِ (لَا يُصْلِحُ وَلَا يُفسِد) ، قَالَه أَبو العبّاس، (ج نُفُج) بضمَّتين.
(والنَّافِجَةُ: السَّحابَةُ الكَثيرةُ المَطرِ) ، وَهُوَ مَجازٌ، سُمِّيَت بالرِّيح الَّتِي تَأْتِي بشدَّةٍ، كَمَا يُسْمَّى الشَّيْءُ باسمِ غيرِه لكَوْنه مِنْهُ بسَبَبٍ. قَالَ الكُمَيْت:
راحَتْ لَهُ فِي جُنُوحِ للَّيْلِ نافِجَةٌ
لَا الضَّبُّ مُمْتَنِعٌ مِنْهَا وَلَا الوَرَلُ
ثمَّ قَالَ:
يَسْتَخْرِجُ الحَشَرَاتِ الخُشْنَ رَيِّقُها
كأَنَّ أَرْؤُسَها فِي مَوْجِهِ الخَشَلُ
(و) النَّافِجَةُ: (مُؤخَّرُ الضُّلوعِ) ، كالنَّافِجِ، جَمْعُه النَّوافِجُ. (و) كَــانَت الْعَرَب تَقول فِي الجاهليَّةِ للرَّجُلِ إِذا وُلِدت لَهُ بِنْتٌ: هَنيئاً لَك النَّافِجةُ، أَي (البِنْتُ) ، وإِنّما سُمِّيَت بذالك (لأَنّها تُعظِّمُ مالَ أَبِيها) ، وذالك أَنّه يُزوِّجُها فَيأْخُذُ (بمَهْرِها) من الإِبِل فيضُمُّها إِلى إِبِله فيَنْفُجُها، أَي يَرْفَعُهَا؛ وَمِنْهُم مَنْ جَعَلَه من المَجاز.
(و) النَّافِجَةُ: (وِعَاءُ المِسْكِ) ، مجازٌ. (مُعرَّبٌ) عَن نافَهْ. قَالَ شيخُنا: ولذالك جَزَمَ بعضُهم بفتحِ فائها، وَنَقله التُّمُرْتَاشِيّ فِي (شرحَ تُحْفةِ المُلوك) ، عَن أَكثر كُتب اللّغة. وَجزم الجَواليقي فِي كِتَابه بأَنَّه مُعرّب، وَهُوَ الصَّحيح، جَمعُه نَوافِجُ. وزَعمَ صاحبِ المِصباح أَنها عَربيّة، سُمِّيَتْ لِنفَاسَتها، من نَفَجْتُه إِذا عَظَّمتَه؛ وَهُوَ مَحَلُّ تَأَمُّل. .
(و) النَّافِجةُ: (الرِّيحُ تَبدَأُ بِشِدَّةٍ) . وَقيل: أَوَّلُ كلِّ رِيحٍ تَبْدَأُ بِشِدَّةٍ. قَالَ الأَصمعيّ: وأَرى فِيهَا بَرْداً. قَالَ أَبو حَنيفةَ: رُبما انْتَــفَجَت الشَّمَالُ على النَّاس بَعْدَمَا يَنَامون فَتكادُ تُهْلِكهم بالقُرِّ من آخِرِ لَيلتهِم، وَقد كَانَ أَوَّلُ ليلتِهم دَفيئاً. وَقَالَ شَمِرٌ: النَّافِجَةُ من الرِّياح: الّتي لَا تَشْعُر حَتَّى تَنْتَفِجَ عَلَيْك، وانتــفاجُها: خُروجُها عاصِفةً عَلَيْك وأَنت غافهلٌ.
(والنَّفِيجَة، كسَفينةٍ: القَوْسُ) وَهِي شَطِيبةٌ من نَبْعٍ. قَالَ الجوهريّ: وَلم يَعرِفه أَبو سعيدٍ إِلاّ بالحاءِ. وَقَالَ مُلَيحٌ الهُذليّ.
أَنَاخُوا مُعِيدَاتِ الوَجِيفِ كأَنّها
نَفائِجُ نَبْعٍ لم تَريَّعْ ذَوابِلُ
(و) من الْمجَاز: (النِّفَاجَة، بِالْكَسْرِ: رُقْعةٌ مُربَّعةٌ تَحتَ الكُمِّ) من الثَّوْب.
(و) من الْمجَاز: النُّفَّاجَةُ والنُّفْجَةُ (كرُمّانَةٍ وصُبْرَةٍ: رُقْعَةُ الدِّخْرِيصِ) بِالْكَسْرِ يُتَوسَّع بهَا.
(والنُّفُجُ، بضمَّتين: الثُّقلاءُ) من النَّاس.
(والتَّنافِيجُ: الدَّخارِيصُ) ، سُمِّيَت لأَنها تَنْفُجُ الثَّوْبَ فتُوسِّعُه.
(و) فِي حَدِيث أَبي بكرٍ أَنه كَانَ يَحْلُب لأَهلِه بَعِيرًا، فَيَقُول: (أُنْفِجُ أَم أُلْبِدُ) . (الإِنْفاج: إِبانةُ الإِناءُ عَن الضَّرْع عِنْد الحَلْب) حَتَّى تَعْلُوَه الرَّغْوَةُ. والإِلباد: إِلْصاقُه بالضَّرْع حتّى لَا تكونَ لَهُ رَغوةٌ.
(والأَنْفَجانيّ) ، بِفَتْح الفاءِ، (كأَنَبَجانيَ) : هُوَ (المُفْرِطُ فِيمَا يَقُول) ، والمُفتخِرُ بِمَا لَيْسَ لَهُ.
(والمَنافِجُ: العُظّاماتُ) .
(وامرةٌ نُفُجُ الحَقيبةِ) ، بضَمَّتين، إِذا كَــانَت (ضَخْمَة الأَردافِ والمآكِمِ) ، وأَنشد:
نُفُجُ الحَقيبةِ بَضَّةُ المُتَجَرَّدِ وَفِي الحَدِيث فِي صفة الزُّبَير (أَنه كَانَ نُفُجَ الحَقِيبةِ) ، أَي عظيمَ العَجُزِ.
(وصوتٌ نافِجٌ: غليظٌ جافٍ) ، قَالَ الشَّاعِر:
تَسْمعُ للأَعْبُد زَجْراً نَافِجَا
مِن قولِهمْ أَيَا هَجَا أَيَا هَجَا
وَقيل: أَرادَ بالزَّجْر النَّافِجِ الَّذِي يَنْفُجُ الإِبلَ حَتَّى تَتَوسَّعَ فِي مَراتِعها وَلَا تَجتَمِع.
(وتَنفَّجَ) الرَّجلُ وانْتَــفَجَ: إِذا (افْتَخَر بأَكثرَ ممّا عندَه) ، أَو بِمَا لَيْسَ لَهُ وَلَا فِيهِ.
(و) عَن ابْن سَيّده: أَنْفَجَه الصّائدُ واسْتَنْفجه، الأَخيرةُ عَن ابْن الأَعرابيّ، أَي اسْتَخْرَجه، من ذالك، يُقَال: (مَا الَّذِي اسْتَنْفَجَ غَضَبَك) ، أَي (أَظْهَره وأَخْرَجه) ، وأَنشد:
يَسْتَنفِجُ الخِزّانَ مِنْ أَمْكائِها
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ:
النَّفْجَة: الوَثْبة.
ونَفَجَ اليَربوعُ يَنْفِج ويَنفُجُ نُفُوجاً وانْتَــفجَ عَدَا وَقيل: أَرْخَى عَدْوِه مِن الأَساس.
وانْتَــفَج جَنْبَا البَعيرِ: إِذا ارْتفعَا وعَظُمَا خِلْقَةً، وَمِنْه (انْتِــفاجُ الأَهِلَّةِ) فِي حَدِيث الأَشْراطِ. وَرجل مُنتفِجُ الجَنْبَين، وبَعيرٌ مُنتفِجٌ: إِذا خَرَجَتْ خَواصِرُه.
ونَفَجْت الشَّيْءَ فــانْتَــفَجَ، أَي رَفَعْتُه وعَظَّمْته.
وَفِي حَدِيث عليَ (نافِجاً حِضْنَيهِ) كَنَى بِهِ عَن التَّعاظُم والخُيَلاءِ.
ونَفَجَ السِّقاءَ نَفْجاً: مَلأَه.
والنَّافِجةُ: الإِبلُ الَّتِي يَرِثُها الرَّجلُ فيَكْثُر بهَا إِبلُه.
وتَنَفَّجَت الأَرنبُ: اقْشَعَرَّتْ (يَمانيَة) . وكلُّ مَا اجْتالَ: فقد انْتَــفَج.
وَفِي حَدِيث المُستضعَفين بمكَّةَ: (فَنَفَجتْ بهم الطَّريقُ) ، أَي رَمَتُ بهم فَجأَةً.

المجمل

المجمل: ما لم تتضح دلالته، وهو ما خفي المراد منه بحيث لا يدرك في نفس اللفظ إلا ببيان من المجمل.
المجمل:
[في الانكليزية] Summary ،whole ،total
[ في الفرنسية] Sommaire ،global ،total
في اللغة المجموع وجملة الشيء مجموعه. ومنه أجمل الحساب إذا جمعه. ومنه المجمل في مقابلة المفصّل في العلمي حاشية شرح هداية الحكمة في الخطبة: الفرق بين الإجمال والتفصيل أنّ المجمل كالمعرّف بالفتح ملحوظ بملاحظة واحدة والمفصّل كالمعرّف بالكسر ملحوظ بملاحظات متعدّدة، كالزّحل والمشتري والمريخ والشمس والزهرة وعطارد والقمر بالنسبة إلى الكواكب السيارة. والتحقيق أنّ التفصيل بالنسبة إلى الإجمال مجموع الاجزاء، ومتى تحقّق أحدهما تحقّق الآخر في ضمنه فهما متحدان ذاتا مختلفان اعتبارا وملاحظة انتــهى. والمجمل في عرف الأصوليين هو ما خفي المراد منه بنفس اللفظ خفاء لا يدرك بالعقل بل ببيان من المجمل، سواء كان ذلك لتزاحم المعاني المتساوية الأقدام كالمشترك أو لغرابة اللفظ وتوحّشه من غير اشتراك فيه كالهلوع، أو باعتبار إبهام المتكلّم الكلام، كــانتــقاله من معناه الظاهر إلى ما هو غير معلوم كالصلاة والزكاة والربا فإنّ المجمل أنواع ثلاثة: نوع لا يفهم معناه لغة كالهلوع قبل التفسير، ونوع معناه معلوم لغة لكنه ليس بمراد كالربا والصلاة، ونوع معناه معلوم لغة إلّا أنّه متعدّد لغة كالمشترك. ففي القسم الأخير خفي المراد باعتبار الوضع وفي الأولين باعتبار غرابة اللفظ وإبهام المتكلّم. فقولهم ما خفي المراد منه بمنزلة الجنس يشمل المجمل والمشكل والمتشابه والخفي. وقولهم بنفس اللفظ يخرج الخفي فإنّ خفاءه بعارض. والقيد الأخير يخرج المشكل إذ يدرك المراد منه بالعقل وكذا المتشابه إذ لا طريق إلى درك المراد منه، إذ لا يدرك عقلا ولا نقلا، وهذا هو المراد مما ذكره فخر الإسلام من أنّ المجمل ما ازدحمت فيه المعاني واشتبه المراد به اشتباها لا يدرك المراد إلّا ببيان من جهة المجمل، فإنّه أراد بالمعنى مفهوم اللفظ وبازدحامها تواردها على اللفظ من غير رجحان لأحدها على الآخر. وقيل ما ازدحمت فيه المعاني قيد زائد إذ يكفيه أن يقول هو ما اشتبه المراد إلى آخره، ولذا قال شمس الأئمة هو لفظ لا يفهم المراد منه إلّا باستفسار المجمل. وقال القاضي الإمام هو الذي لا يعقل معناه أصلا ولكنه احتمل البيان. وقال آخر هو ما لا يمكن العمل إلّا ببيان يقترن به، هكذا يستفاد من كشف البزدوي والتلويح. وفي بعض كتب الحنفية هو ما لا يوقّف على المراد منه إلّا ببيان غير اجتهادي. فقيد ما لا يوقف كالجنس يتناول المجمل والمتشابه. وبقيد إلّا ببيان خرج المتشابه فإنّه لا يرجى بيانه. وبقيد غير اجتهادي خرج المشترك فإنّه يجوز تأويله بالاجتهاد والنظر في القرائن ومأخذ الاشتقاق. وكذا خرج ما أريد مجازه للنظر في الوضع والعلاقة والعلامات وتبيّن بهذا أنّ قول بعض أصحابنا الحنفية أنّ المشترك نوع من المجمل فيه نظر لعدم انطباق حدّ المجمل عليه ونقيض المجمل المبين انتــهى ما حاصله. وقال بعض الشارحين وفي إخراج المشترك مطلقا عن المجمل نظر كما في إدخاله فيه مطلقا نظر لأنّ من أفراد المشترك ما لا يمكن الاطلاع عليه بالاجتهاد أصلا فيكون من قبيل المجمل. البتّة لصدق حدّه عليه قطعا، ومن أفراده ما يمكن الاطلاع عليه بالاجتهاد فلا يكون من قبيل المجمل. ومثال المشترك الذي هو من المجمل ما إذا أوصى لمواليه وله موال أعلى وأسفل ومات من غير بيان حيث تبطل الوصية بعدم المرجّح انتــهى. اعلم أنّ هذا الذي ذكر إنّما هو مذهب الحنفية فإنّهم قالوا المجمل والمشكل والخفي والمتشابه ألفاظ متباينة لا يصدق أحدها على الآخر منها، ولذا وقع في التلويح إذا خفي المراد من اللفظ فخفاؤه إمّا لنفس اللفظ أو لعارض، الثاني يسمّى خفيا والأول إمّا أن يدرك المراد منه بالعقل أو لا، الأول يسمّى مشكلا، والثاني إمّا أن يدرك المراد بالنقل أو لا يدرك أصلا، الأول يسمّى مجملا، والثاني متشابها، فهذه الأقسام متباينة قطعا بلا خلاف، بخلاف الظاهر والنصّ والمفسّر والمحكم فإنّها اختلف فيها. فقيل بتباينها وقيل بتغايرها انتــهى. وأمّا الشافعي رحمه الله تعالى فلم يفرّق بينها بل أطلق على الجميع لفظ المجمل ولا يجوز عنده تفسير المتشابه بالتفسير الذي فسّر به الحنفية إذ يجوز عنده تأويل المتشابه فلا يجوز عنده تفسيره بتفسيرهم.
ويدلّ على ما ذكرنا وقع في الاتقان أنّ المجمل ما لم تتضح دلالته وهو واقع في القرآن خلافا لداود الظاهري، وفي جواز بقائه مجملا أقوال، أصحّها لا يبقى المكلّف بالعمل به بخلاف غيره. ثم قال اختلف في آيات هل هي من قبيل المجمل أم لا، منها وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا، قيل إنّها مجملة لأنّ الربا هو الزيادة وما من بيع إلّا وفيه زيادة افتقر إلى بيان ما يحلّ وما يحرم. وقيل لا لأنّ البيع منقول شرعا فحمل على عمومه ما لم يقم دليل التخصيص. وقال الماوردي: للشافعي في هذه الآية أربعة أقوال. القول الأول إنّها عامة فإنّ لفظها لفظ عموم يتناول كلّ بيع ويقتضي إباحة كلّ بيع إلّا ما خصّه الدليل، وهذا القول أصحها عند الشافعي وأصحابه لأنّه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيوع كانوا يعتادونها ولم يبيّن الجائز، فدلّ على أنّ الآية تناولت إباحة جميع البيوع إلّا ما خصّ منها، فبيّن صلى الله عليه وسلم المخصوص، وقال: فعلى هذا في العموم قولان: أحدهما أنّه عموم أريد به العموم وإن دخل التخصيص، وثانيهما أنّه عموم أريد به الخصوص. قال والفرق بينهما أنّ البيان في الثاني مقدّم على اللفظ وفي الأول متأخّر عنه مقترن به قال وعلى القولين يجوز الاستدلال بالآية في المسائل المختلف فيها ما لم يقم دليل تخصيص. والقول الثاني إنّها مجملة لا يعقل منها صحة بيع من فساده إلّا ببيان النبي صلى الله عليه وسلم. قال ثم [هل] هي مجملة بنفسها أم بعارض ما نهي عنه من البيوع؟
وجهان. وهل الإجمال في المعنى المراد دون لفظها لأنّ البيع لفظه اسم لغوي معناه معقول؟
لكن لما قام بإزائه من السّنة ما يعارضه تدافع العمومان ولم يتعيّن المراد إلّا ببيان السّنة فصار مجملا لذلك دون اللفظ، أو في اللفظ أيضا لأنّه لمّا لم يكن المراد منه ما وقع عليه الاسم وكــانت له شرائط غير معقولة في اللغة كان مشكلا، أيضا هو وجهان. قال: وعلى الوجهين لا يجوز الاستدلال بها على صحة بيع وفساده وإن دلّت على صحة البيع من أصله. قال وهذا هو الفرق بين العموم والمجمل حيث جاز الاستدلال بظاهر العموم ولم يجز الاستدلال بظاهر المجمل. والقول الثالث إنّها عامة مجملة معا، واختلف في وجه ذلك على أوجه: أحدها أنّ العموم في اللفظ والإجمال في المعنى.
الثاني أنّ العموم في وأحلّ الله البيع والإجمال في وحرّم الربا. الثالث أنّه كان مجملا فلمّا بيّنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم صار عامّا فيكون داخلا في المجمل قبل البيان وفي العموم بعد البيان، فعلى هذا يجوز الاستدلال بظاهرها في البيوع المختلف فيها. والقول الرابع إنّها تناولت بيعا معهودا ونزلت بعد أن أحلّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيوعا وحرّم بيوعا، فاللام للعهد. فعلى هذا لا يجوز الاستدلال بظاهرها، انتــهى كلام الإتقان.

تنبيه:
فهم من كلام الحنفية أنّ المجمل هو اللفظ الموضوع وهو ظاهر، وفهم مما وقع في الاتقان أنّ المجمل يتناول الفعل أيضا ويؤيّده ما في العضدي وحاشيته للسّعد التفتازاني ما حاصلهما أنّ المجمل ما لم يتّضح دلالته أي ماله دلالة غير واضحة فخرج المهمل إذ ليس له دلالة على المعنى أصلا، وهو يتناول القول والفعل والمشترك والمتواطئ، فإنّ الفعل قد يكون مجملا كالقيام من الركعة الثانية من غير تشهّد فإنّه محتمل للجواز وللسّهو فكان مجملا بينهما. وأمّا من عرّفه بأنّه اللفظ الذي لا يفهم منه عند الاطلاق شيء فقد عرّف المجمل الذي هو من أقسام المتن الذي هو لفظ ولا يرد المهمل، إذ المتن هو اللفظ الموضوع وأراد بالشيء المعنى اللغوي أي ما يمكن أن يعلم ويخبر به لا الموجود فلا يرد أنّ المستحيل على هذا ينبغي أن يكون مجملا، لأنّ المفهوم منه ليس بشيء، مع أنّه ليس بمجمل لوضوح مفهومه، والمراد بتفهّم الشيء فهمه على أنّه مراد لا مجرّد الخطور بالبال، فلا يرد أنّ التعريف غير منعكس لجواز أن يفهم من المجمل أحد محامله لا بعينه كما في المشترك انتــهى. وفي ظاهر هذا الكلام دلالة أيضا على عدم التّفرقة بينه وبين الخفي والمشكل والمتشابه.
فائدة:
قد يسمّى المجمل بالمبهم أيضا، يدلّ عليه ما وقع في الاتقان من أنّه قال ابن الحصار من الناس من جعل المجمل والمحتمل بإزاء شيء واحد، قال والصواب أنّ المجمل اللفظ الذي لا يفهم منه المراد والمحتمل اللفظ الواقع بالوضع الأول على معنيين فصاعدا، سواء كان حقيقة في كلّها أو بعضها. قال فالفرق بينهما أنّ المحتمل يدلّ على أمور معروفة واللفظ المشترك متردّد بينها، والمجمل لا يدلّ على أمر معروف مع القطع بأنّ الشارع لم يفوّض لأحد بيان المجمل بخلاف المحتمل.
فائدة:

للإجمال أسباب: منها الاشتراك. ومنها الحذف نحو وترغبون أن تنكحوهن، يحتمل في وعن. ومنها اختلاف المرجع نحو ضرب زيد عمرا فضربته. ومنها احتمال العطف والاستئناف كقوله تعالى إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ. ومنها غرابة اللفظ. ومنها عدم كثرة الاستعمال الآن نحو يلقون السمع أي يسمعون، فأصبح يقلّب كفيه أي نادما.

ومنها التقديم والتأخير كقوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها أي يسألونك عنها كأنّك حفي. ومنها قلب المنقول نحو طور سينين أي سينا. ومنها التكرير القاطع لوصل الكلام في الظاهر نحو للذين استضعفوا لمن آمن منهم كذا في الاتقان.

الفرض

الفرض:
[في الانكليزية] Order ،supposition ،imposition ،duty
[ في الفرنسية] Ordre ،supposition ،imposition ،obligation
بالفتح وسكون الراء المهملة في اللغة التقدير والقطع. وفي بعض كتب المنطق أنّه قد يستعمل الفرض بمعنى التجويز أي الحكم بالجواز، وبهذا المعنى وقع الفرض في تعريف الكلّي. وفي قولهم الجسم جوهر يمكن فرض الأبعاد الثلاثة فيه انتــهى. وبمعنى ملاحظة العقل وتصوّره والتقدير المعتبر في تعريف المتصلة بهذا المعنى. وكذا في قولهم الفرض هاهنا بمعنى التجويز العقلي لا بمعنى التقدير وهذا المعنى أعمّ مطلقا من المعنى السابق وهو التجويز العقلي إذ للعقل أن يفرض المستحيلات والممتنعات أي يلاحظها ويتصوّرها. هكذا يستفاد مما ذكره المولوى عبد الحكيم في تعريف الجزء الذي لا يتجزأ في حاشية الخيالي.

قال الحكماء الفرض على نوعين: أحدهما ما يسمّى فرضا انتــزاعيا وهو إخراج ما هو موجود في الشيء بالقوّة إلى الفعل، ولا يكون الواقع مخالف المفروض، كما في قولنا الكرة إذا تحرّكت على مركزها فلا بد أن يفرض فيها نقطتان لا حركة لهما أصلا، وأن يفرض بينهما دائرة عظيمة في حاق الوسط ودوائر صغار متوازية لها أي لتلك الدائرة العظيمة. وثانيهما ما يسمّى فرضا اختراعيا وهو التعمّل واختراع ما ليس بموجود في الشيء بالقوّة أصلا، ويكون الواقع مخالف المفروض، كذا ذكر العلمي في حاشية هداية الحكمة في أقسام الحكمة.
فالفرض هاهنا بمعنى تصوّر العقل، إلّا أنّ التصوّر في الــانتــزاعي مطابق للواقع وفي الاختراعي مخالف له، فالاشتراك بين النوعين معنوي؟ وبهذا المعنى وقع الفرض في قول المحاسبين المفروض الأول والمفروض الثاني المذكورين في عمل الخطائين.
وأمّا الفقهاء فالشافعي يقول هو والواجب مترادفان شاملان للقطعي والظّنّي، ومعناهما ما يذم تاركه ويلام شرعا بوجه، سواء ثبت بدليل قطعي أو ظنّي. والمراد بالذّم شرعا نصّ الشارع به أو بدليله. والحنفية يفرّقون بينهما بالقطع في الفرض وعدمه في الواجب نعم قد يستعمل الفرض عندهم بمعنى الواجب كما أنّ الواجب قد يستعمل بمعنى الفرض كقولهم الوتر فرض والحج واجب. وفي كشف البزدوي اختلفت العبارات في حدّه فقيل الفرض ما يعاقب المكلّف على تركه ويثاب على فعله، ويرد عليه الصلاة في أوّل الوقت فإنّها تقع فرضا ولا يعاقب على تركه حتى لو مات قبل آخر الوقت لا يعاقب عليه، وصوم رمضان في السّفر فإنّه يقع فرضا ولا يعاقب على تركه، وأيضا تارك الفرض قد يعفى عنه ولا يعاقب. وقيل هو ما يخاف أن يعاقب على تركه. وقيل هو ما فيه وعيد لتاركه. ويرد عليهما ترك الصلاة في أوّل الوقت وترك صوم السّفر. ويرد على الأول منهما ما يشكّ في فرضيته ولا يكون فرضا في نفسه فإنّه لا يخاف العقاب على تركه. ويرد على التعريفات الثلاثة أنّها تشتمل القطعي والظّنّي، فلا بدّ من زيادة قيد يخرج الظّنّي، أو من ارتكاب إطلاق الفرض على الواجب بالمعنى الأعمّ الشامل للقطعي والظّنّي والصحيح ما قيل الفرض ما ثبت بدليل قطعي واستحقّ الذّمّ على تركه مطلقا من غير عذر. فقوله ما ثبت بدليل قطعي يشتمل المندوب والمباح الثابتين بدليل قطعي، واحترز عنهما بقوله واستحقّ الذّمّ على تركه، واحترز بقوله مطلقا عن ترك الصلاة في أول الوقت وترك الصوم حالة العذر لأنّ ذلك ليس بترك مطلقا. وبقوله من غير عذر من المسافر والمريض إذا تركا الصوم وماتا قبل الإقامة والصّحّة لأنّ تركهما بعذر. وإذا بدل لفظ القطعي بالظنّي فهو حدّ الواجب انتــهى.
اعلم أنّهم قالوا جاحد الفرض كافر دون جاحد الواجب. وتارك العمل بالفرض مؤوّلا فاسق دون الواجب، وبه يقول الشافعي رحمه الله تعالى أيضا، فلا نزاع له مع الحنفية في تفاوت مفهوميهما بحسب اللغة، ولا في تفاوت ما ثبت بدليل قطعي كمحكم الكتاب، وما ثبت بدليل ظنّي كمحكم خبر الواحد في الشرع، فإنّ جاحد الأول كافر دون الثاني، وتارك العمل بالأول مؤولا فاسق دون الثاني كما عرفت.
وإنّما يزعم أنّهما لفظان مترادفان منقولان من معناهما اللغوي، إلى معنى واحد وهو ما يمدح فاعله ويذمّ تاركه شرعا، ثبت بدليل قطعي أو ظنّي، ولا مشاحة في الاصطلاح، فالنزاع لفظي عائد إلى التسمية. فالشافعي رحمه الله تعالى يجعل اللفظين اسما لمعنى واحد يتفاوت أفراده، والحنفية يخصّون كلا منهما بقسم ذلك المعنى ويجعلونه اسما له وما توهم أنّ من جعلهما مترادفين جعل خبر الواحد الظّنّي بل القياس المبني عليه في مرتبة الكتاب القطعي، حيث جعل مدلولهما واحدا غلط ظاهر، هكذا ذكر المحقق التفتازاني في التلويح وحاشية العضدي. وهذا هو الفرض القطعي والاعتقادي. قال في الدّرر في أول كتاب الطهارة: الفرض حكم لزم بدليل قطعي. وقد يقال لما يفوت الجواز بفوته كالوتر يفوت بفوته جواز صلاة الفجر للمتذكّر له، والأول يسمّى فرضا اعتقاديا والثاني يسمّى فرضا عمليا انتــهى.
وفي البرجندي الفرض شرعا هو الذي يلزم اعتقاد حقيته والعمل بموجبه لثبوته بدليل قطعي.
وقد يطلق الفرض على ما يفوت الجواز بفواته، وهو شامل أيضا لما لم يثبت بدليل قطعي.
وقد يطلق الفرض على ما يفوت الجواز بفواته، وهو شامل أيضا لما لم يثبت بدليل قطعي ويفوت الجواز بفواته كغسل الفم والأنف في الغسل، ويسمّى ذلك فرضا ظنيا. فالأول أخصّ منه انتــهى. وفي جامع الرموز الفرض شرعا ما ثبت بدليل قطعي يذمّ تاركه مطلقا بلا عذر إلّا أنّ القطعي يقال على ما يقطع الاحتمال أصلا، كحكم ثبت بمحكم الكتاب ومتواتر السّنّة ويسمّى بالفرض القطعي، ويقال له الواجب.
وعلى ما يقطع الاحتمال الناشئ عن دليل مثل تعدّد الوضع كما ثبت بالظاهر والنّصّ والخبر المشهور ويسمّى بالظّنّي، وهو ضربان: ما هو لازم في زعم المجتهد كمقدار المسح ويسمّى بالفرض الظّنّي، وما هو دون الفرض وفوق السّنّة كالفاتحة في القراءة ويسمّى بالواجب.
وقيل الفرض حكم ثبت بدليل لا شبهة فيه. وفيه أنّه لا يشتمل بعضا من الظنّي ويدخل فيه بعض من المندوب والمباح على رأي. ألا ترى إلى قوله تعالى وَافْعَلُوا الْخَيْرَ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا انتــهى كلامه. فقد أطلق الفرض على الواجب بالمعنى الأعمّ الشامل للقطعي والظني كما هو رأي الشافعي، فإنّ الحنفية وإن خصّوا الواجب بالظنّي لكنهم قد يطلقونه على الواجب بالمعنى الأعم أيضا. قال في التلويح:
وقد يطلق الواجب عند الحنفية على المعنى الأعم أيضا وهو يقع على ما هو فرض علما وعملا كصلاة الفجر وعلى ظنّي هو في قوة الفرض في العمل كالوتر عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى حتى يمنع تذكّره صحة الفجر كتذكّر العشاء، وعلى ظني هو دون الفرض في العمل وفوق السّنّة كتعين الفاتحة حتى لا تفسد الصلاة بتركها لكن تجب سجدة السهو انتــهى. وقال الجلبي في حاشيته. الواجب بمعنى اللازم بدليل ظنّي يسمّى فرضا مجتهدا فيه وفرضا عمليا أيضا، ووجه التسمية بهما ظاهر. اعلم أنّه يقال هذا فرض عين وذلك فرض كفاية، ويجيء بيانه في لفظ الواجب.
الفرض: لغة: الجزء من الشيء لينزل فيه ما يسد فرضته حسا أو معنى، ذكره الحرالي. والفرض اصطلاحا ويرادفه الواجب عند الشافعية: الفعل المطلوب طلبا جازما. وقال الحنفية: الفرض ما ثبت بقطعي، والواجب ما ثبت بظني. ا. هـ. وقال الراغب: الفرض كالإيجاب، لكن الإيجاب يقال اعتبارا بوقوعه وثبوته، والفرض بقطع الحكم فيه، ومنه يقال لما ألزم الحاكم من النفقة فرض.

نهى

(نهى) : النَّهِيَّةُ: التِي لا فَوْقَها فِي السِّمَنِ.
(نهى) الشَّيْء بلغ نهايته وَفُلَانًا عَن الشَّيْء نَهَاهُ عَنهُ
(نهى)
الشَّيْء إِلَيْهِ نهيا بلغ يُقَال نهى إِلَيْهِ الْمثل وَعَن الشَّيْء زجر وَيُقَال نهى الله عَن كَذَا حرمه وَهُوَ رجل نهاك من رجل بجده وغنائه ينهاك عَن تطلب غَيره وَهِي امْرَأَة نهتك من امْرَأَة
نهى النهي خلاف الأمر، تقول نهيته عنه، وفي لغة نهوته. وفلان نهي فلان أي ينهاه عن شيء. والنهاية كالغاية حيث ينتهي إليه الشيء، والنهاء ممدود. والنهاية طرف العران الذي في أنف البعير. وتنهية الوادي حيث ينبسط وتنتهي إليه السيول. والجميع التناهي. وكذلك نهي الغدير ونهيه، والجميع النهاء - ممدود -. والتنهاة ما يرد به وجه السيل من تراب. والنهية اللب والعقل. إنه لذو نهية وإنهم لذو نهىً وذو منهاةٍ. ورجل نهي وقوم أنهياء - كشقى وأشقياء -. وقوم نهٍ ونهون ونهين إذا كانوا ذوي نهى. والنهاية النهية. ورجل قنعان منهاة ينتهى إلى أمره. ومنهاة الأمر منتهاه وغايته. وبلغت منهى الأمر ومنهاته ومنهى الأمر ومنهاته ومنهاه - بفتح النون وسكون الألف -. ونسبه النسابة حتى نهى به إلى أبيه أي انتــهى. ونهاء النهار ارتفاعه. وما تنهاه عنا ناهية أي ما تكفه كافة. والإنهاء إبلاغك الشيء، حتى إنهم ليقولون أنهيت إليه السهم أي أوصلته إليه. ويقولون ناهيك من رجل إذا انتــهى في كماله إلى الغاية. والنهيء اللحم النيء، نهؤ نهاءةً، بين النهوء، وفيه نهوءة لم ينضج بعد. وأنهأت اللحم. ومثل " ما أبالي ما نهئ من ضبك وما نضج ". والنها - مقصور - جمع النهاة وهي خرزة كالودعة. والنهاء - ممدودة - الزجاج والقوارير. وهم نهاء ألف - بالضم - أي زهاؤه. والنهية من الإبل التي انتــهت في السمن وبلغت أقصى مبلغ السمن. ورجل نهي. وهو من كل شيء الفائق. ونهية الوتد الفرض في رأسه الذي ينهى الحبل عن أن ينسلخ.

نه

ى1 نَهَاهُ عَنْهُ He forbade him it. b2: لَاتُسْهَى

وَلَا تُنْهَى: see art. سهى, in two places.6 تَنَاْهَىَ see 8.8 اِنْتَــهَى عَنْهُ , and ↓ تَنَاهَى, He refrained, abstained, or desisted, from it, as forbidden; left, relinquished, or forsook it. (S, Msb.) See an ex. of the latter voce سَوَادٌ. b2: اِنْتَــهَى إِلَيْهِ It ultimately reached, or extended, and sometimes it so pertained, to him, or it: in the latter sense said of authority and the like: and simply, it reached to him, or it. b3: اِنْتَــهَى إِلَيْهِ الخَبَرُ, and ↓ تَنَاهَى, The information, or news, reached him. (S.) b4: اِنْتَــهَى إِلَى مَوْضِعٍ He came at last, or ultimately, to a place. So I have rendered it in explaining أَفْضَى. b5: اِنْتَــهَى It (a thing, or an affair,) attained the utmost possible point, or degree. (Msb.) It (fruit, and the like) attained its utmost state of growth. b6: اِنْتَــهَى It is ended: a word put to mark the end of a quotation.

رَكِبَ النَّهْىَ He did that which he was forbidden to do. (TA in art. ردع.) نَهُوٌّ is anomalous, (TA,) like بَغُوٌّ.

نِهَايَةٌ The utmost possible point, or degree: (Msb:) and the ultimate point, or element, to which a thing can be reduced or resolved: its utmost point or particular: as also ↓ مَنْتَهًى. See فَصٌّ. b2: نِهَايَةٌ فِى السَّخَآءِ [Extreme in bounty, or munificence]. (O and K, voce مَسْحَلٌ.) نَاهِيكَ بِأَخِينَا [A person sufficing thee is our brother]: the ب is added to denote emphatic praise. (Fr in TA, art. بِ.) See also Har, p. 28, and, more particularly, p. 91.

مُنْتَهًى A place to which a person or thing comes at last; a journey's end; a goal; a destination, or place or state to which a person or thing is appointed to come; an end; an ultimate object: see an ex. in a verse near the end of art. ب. See نِهَايَةٌ. b2: سِدْرَةُ المُنْتَهَى (Kur liii. 14) The lote-tree of the ultimate point of access, in the Seventh Heaven: see سدر.
[نهى] النهْيُ: خلاف الأمر. ونَهَيْتُهُ عن كذا فــانْتَــهى عنه وتَناهى، أي كَفَّ. وتَناهَوْا عن المنكر، أي نهى بعضهم بعضا. وقول الفرزدق:

فنهاك عنها منكر ونكير * إنما شدده للمبالغة. ويقال: إنه لأمورٌ بالمعروف نَهُوٌّ عن المنكر، على فعول. وفلان ماله ناهية، أي نَهْيٌ. والنُهْيَةُ بالضم: واحدة النُهى، وهي العُقول، لأنها تَنْهى عن القبيح. والنِهْيُ بالكسر: الغديرُ في لغة أهل نجد، وغيرهم يقوله بالفتح. وتَناهى الماءُ، إذا وقَف في الغدير وسكن. قال العجاج:

حَتَّى تَناهى في صَهاريجِ الصَفا * وتنهية الوادي: حيث يَنْتَهي إليه الماء من حروفه، والجمع التناهى. ونهاء الماء بالضم: ارتفاعه. وقال ابن الأعرابي: النهاء القوارير والزجاج. وأنشد: ترد الحصى أخفافهن كأنما * تكسر قيض بينها ونهاء يقال: هم نُهاءُ مائةٍ ونِهاءُ مائةٍ أيضاً، أي قدر مائةٍ. والإنهاءُ: الإبلاغ. وأنْهَيْتُ إليه الخبر فــانْتَــهَى وتَناهى، أي بلغ. والنِهايَةُ: الغايةُ. يقال: بلغ نِهايَتَهُ. والنُهْيَةُ بالضم أيضاً مثله. قال أبو ذؤيب:

وعاد الرصيع نهية للحمائل * يقول: انهزموا حتى انقلبت سيوفهم فعاد الرصيع على المنكب حيث كــانت الحمائل. ويقال، هذا رجل ناهيك من رجل، ونَهْيُكَ من رجلٍ، ونَهاكَ من رجلِ، وتأويله أنه بجدِّه وغَنائه يَنْهاكَ عن تَطَلُّبِ غيره. وقال: وهو الشيخ الذى حدثت عنه * نهاك الشيخ مكرمة وفخا (*) وهذه امرأة ناهيتك من امرأة، تذكر وتؤنّث، وتثنَّى وتجمع، لأنه اسم فاعل. وإذا قلت نَهْيُكَ من رجلٍ كما تقول حَسبُك من رجل لم تُثَنِّ ولم تجمع، لأنه مصدر. وتقول في المعرفة: هذا عبد الله ناهيكَ من رجل، فتنصب ناهيكَ على الحال. وجزور نهية، على فعيلة، أي ضخمةٌ سمينةٌ. ويقال: طلبَ الحاجة حتى نهى عنها بالكسر، أي تركها، ظفِرَ بها أو لم يظفر. فضل الواو
نهى: نهى: في (محيط المحيط): (نهاه عنه ينهاه (والعامة تقول ينهيه) نهيا زجره عنه)، وكذلك القول عند (بوشر).
نهى: بت، قرر، حزم، حسم، صمم. (بوشر).
نهى: حل، فصل في المسألة. (بوشر).
نهى: أتم، أنهى كلامه موجزا. (بوشر).
نهى: حسم القضية أخيرا، تم البت فيها. (بوشر).
ناهى: وردت في بيت من الشعر ذكره (رايت 3: 1: 7).
تناهي: نضج. (معجم الادريسي)، (قرطاس 231: 9).
انتــهى: كان السحر قد انتــهى إليها: أي اعتادت كثيرا. كثير في الأصل -المترجم- على ممارسة السحر. (معجم أبي الفداء).
تعالجنا كثيرا وبعده انتــهينا على أن: بعد مخاصمات عديدة أردنا أن .. (بوشر).
قعد (جلس) حيث انتــهى به المجلس: جلس في الصف الخلفي من المحفل. (المقري 1: 376): فأومأ إليه القاصد أن يقعد بقربه فقال يا أمير المؤمنين إنما يقعد الرجل حيث انتــهى به المجلس ولا يتخطى الرقاب فجلس في آخر الناس. (المقدمة 3: 395). انتــهى: نضج. (فوك، الكالا) (باللاتينية اسم المفعول madura cosa) ( المقري 2: 411)، (ابن البيطار 1: 115): وفيها حب إذا انتــهى انفتق. وفي (274): ثم يحمر إذا انتــهى خمرة مسكية -فإذا انتــهى اسود- وهذا ينتهي في فصل الربيع والعدسي ينتهي في فصل الشتاء.
انتــهى: جف، ذبل. (الكالا).
انتــهى إلى أمر فلان: نفذ أمر فلان، أنجزه؛ انتــهى في الشيء إلى رأي فلان، اتبع نصيحة فلان في القضية. (معجم الطرائف).
انتــهى إليه: فوض أمره إليه، فوض أمره إلى قرار حول شيء ما. (معجم الجغرافيا).
نهى= الغاية= غاية العاقل. (الكامل 571).
نهاية: في الحديث عن أحد الناس قيل عنه أنه نهاية في الجبال، أو نهاية في الأدب. (معجم أبي الفداء).
ناه: آخر، أخير، شديد أو غاية في العظمة، مفرط، مجاوز الحد، في أقصى أو أعلى درجة. (كوسجارتن كرست 75: 6).
ناه: منه، جازم، قاطع. (بوشر).
ناهية: مانعة. (معجم البلاذري).
منهي: محدد، معين، معضلة ذات حلول ضيقة أو قليلة (معناها هنا قريب من معنى منهي؛ أنظر ناه).
منهي: دمل يوشك على الانفجار. (بوشر).
منهى: مشروح، مبين، مفصل. (بوشر كتبها منهى).
رجوع عن المناهي: هدي، إرشاد إلى دين ما، تحول، تبدل (بالرأي)، تبدل في الطبائع أو المشاعر باعتدال. (بوشر).
منته: تلميذ أنهى دراسته. (معجم التنبيه).
نهى
النهي: الزّجر عن الشيء. قال تعالى:
أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى
[العلق/ 9- 10] وهو من حيث المعنى لا فرق بين أن يكون بالقول أو بغيره، وما كان بالقول فلا فرق بين أن يكون بلفظة افعل نحو: اجتنب كذا، أو بلفظة لا تفعل. ومن حيث اللفظ هو قولهم: لا تفعل كذا، فإذا قيل: لا تفعل كذا فنهي من حيث اللفظ والمعنى جميعا. نحو قوله تعالى: وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ [البقرة/ 35] ، ولهذا قال:
ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ [الأعراف/ 20] وقوله: وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى
[النازعات/ 40] فإنه لم يعن أن يقول لنفسه: لا تفعل كذا، بل أراد قمعها عن شهوتها ودفعها عمّا نزعت إليه وهمّت به، وكذا النهي عن المنكر يكون تارة باليد، وتارة باللّسان، وتارة بالقلب. قال تعالى:
أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا
[هود/ 62] وقوله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ إلى قوله: وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ [النحل/ 90] ، أي: يحثّ على فعل الخير ويزجر عن الشّرّ، وذلك بعضه بالعقل الذي ركّبه فينا، وبعضه بالشّرع الذي شرعه لنا، والــانتــهَاءُ: الانزجار عمّا نهى عنه، قال تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ
[الأنفال/ 38] وقال: لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا
[مريم/ 46] وقال:
لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ [الشعراء/ 116] ، فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ
[المائدة/ 91] ، فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَــانْتَــهى فَلَهُ ما سَلَفَ [البقرة/ 275] أي: بلغ به نهايته. والإنهاء في الأصل: إبلاغ النهي، ثم صار متعارفا في كلّ إبلاغ، فقيل: أنهيت إلى فلان خبر كذا. أي: بلّغت إليه النهاية، وناهيك من رجل كقولك: حسبك، ومعناه: أنه غاية فيما تطلبه، وينهاك عن تطلّب غيره، وناقة نِهْيَة:
تناهت سمنا، والنُّهيَةُ: العقل الناهي عن القبائح. جمعها: نُهًى. قال تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى
[طه/ 54] وتَنْهِيَةُ الوادي حيث ينتهي إليه السّيل، ونَهَاءُ النّهار:
ارتفاعه، وطلب الحاجة حتى نُهِيَ عنها. أي:
انتــهى عن طلبها، ظفر بها أو لم يظفر.
[نهى] نه: فيه: ليليني منكم أولو الأحلام و"النهي"، هي العقول والألباب، جمع نهية- بالضم، لأنها تنهى عن القبيح. ن: بضم نونهما: العقول، فهو عطف تأكيد أو تأسيس إن أريد بأولو الأحلام البالغون. نه: ومنه ح: لقد علمت أن النفي ذو "نهية". وح: "فتناهى" ابن صياد، هو لفاعل من النهي: العقل، أي رجع إلى عفلته وتنبه من غفلته، أو من الــانتــهاء أي انتــهى عن زمزمته. وفي ح التهجد: هو قربة على الله و"منهاة" عن الآثام، أي حالة من شأنها أن تنهى عن الإثم، أو هي مكان مختص به. ج: ومطردة الداء عن الجسد، هما بمعنى خصلة من شأنها أن تنهى عن الشيء وتطرده. ط: مكفرة للسيئات و"منهاة" عن الإثم، هما بفتح ميم فساكن أي ساترة لسيئات وناهية عن المحرمات. ومنه: "سينهاه" ما تفول، أي من صلى بالليل يحافظ على الصلوات وهي تنهاه عن الفحشاء. نه: وفيه: قيل: هل من ساعة أقرب إلى الله؟ قال: نعم، جوف الليل الآخر فصل حتى تصبح، ثم "أنهه" حتى تطلع الشمس، أي انتــه، والهاء للسكت، من أنهى الرجل- إذا انتــهى. وسدرة "المنتهى"، أي ينتهي ويبلغ بالوصول إليها ولا يتجاوزها علم الخلائق من البشر والملائكة، أو لا يتجاوزها أحد من الملائكة والرسل وهو مفعتل من النهاية والغاية. ن: إلى السدرة "المنتهى"، باللام وتركه فيما بعد، ولم يتجاوزها أحد غيره صلى الله عليه وسلم. وقيل: ينتهي إليها ما يأتي من فوق وما يصعد من تحت. ج أي شجرة النبق. ط: والنهران: النيل والفرات، يخرجان من أصلها ثم يسيران حيث أراد الله ثم يخرجان من الأرض، ولا يمنعه شرع ولا عقل. نه: وفيه: أتى على "نهي" من ماء،ويحتمل فعله أوله وأوسطه لبيان الجواز، وكل الليل- بالنصب ظرف، بالرفع مبتدأ خبره أوتر- إلخ. ن: "نهيتكم" عن الأشربة في ظروف الأدم، صوابه: نهيتكم عن الأشربه إلا في سقاء، وروى: فاشربوا في الأسقية كلها، وهو أيضًا مغير وصوابه: في الأوعية كلها، لأن الأسقية ظرف الأدم ولم تزل مباحة. ط: "لم تنته" الجن إذا سمعته، أي لم تقف ولم تلبث بعد ما سمعت إلا آمنوا وقالوا بداهة: آمنا به. وح ليس دونه "منتهى"- مر في د. وفيه: فإذا بلغه "فلينته"، أي إذا بلغ من خلق ربه فليترك التفكر في هذا الخاطر وليستعذ، وإن لم يزل التفكر فليشتغل بأمر آخر ولا يتأمل، لأن استغناءه عن الموجد ضروري، فما وقع فيه وساوس شيطانية غير متناهية والاسترسال فيه إضاعة وقت، فلا تدبير في دفعه أقوى وأحسن من الاستعاذة. غ: "وإن إلى ربك "المنتهى"" أي إذا انتــهى الكلام إلى الله فــانتــهوا.
باب ني

تخير اللفظ

تخير اللفظ
يتأنق أسلوب القرآن في اختيار ألفاظه، ولما بين الألفاظ من فروق دقيقة في دلالتها، يستخدم كلا حيث يؤدى معناه في دقة فائقة، تكاد بها تؤمن بأن هذا المكان كأنما خلقت له تلك الكلمة بعينها، وأن كلمة أخرى لا تستطيع توفية المعنى الذى وفت به أختها، فكل لفظة وضعت لتؤدى نصيبها من المعنى أقوى أداء، ولذلك لا تجد في القرآن ترادفا، بل فيه كل كلمة تحمل إليك معنى جديدا.
ولما بين الكلمات من فروق، ولما يبعثه بعضها في النفس من إيحاءات خاصة، دعا القرآن ألا يستخدم لفظ مكان آخر، فقال: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ (الحجرات 14). فهو لا يرى التهاون في استعمال اللفظ ولكنه يرى التدقيق فيه ليدل على الحقيقة من غير لبس ولا تمويه، ولما كــانت كلمة راعِنا لها معنى في العبرية مذموم، نهى المؤمنين عن مخاطبة الرسول بها فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا (البقرة 104).
فالقرآن شديد الدقة فيما يختار من لفظ، يؤدى به المعنى.
استمع إليه في قوله: وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (البقرة 49). ما تجده قد اختار الفعل ذبح، مصورا به ما حدث، وضعّف عينه للدلالة على كثرة ما حدث من القتل فى أبناء إسرائيل يومئذ، ولا تجد ذلك مستفادا إذا وضعنا مكانها كلمة يقتلون.
وتنكير كلمة حياة، فى قوله تعالى: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ (البقرة 96).
يعبر تعبيرا دقيقا عن حرص هؤلاء الناس على مطلق حياة يعيشونها، مهما كــانت حقيرة القدر، ضئيلة القيمة، وعند ما أضيفت هذه الكلمة إلى ياء المتكلم في قوله تعالى: وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي (الفجر 23، 24). عبرت بأدق تعبير عن شعور الإنسان يومئذ، وقد أدرك في جلاء ووضوح أن تلك الحياة الدنيا لم تكن إلا وهما باطلا، وسرابا خادعا، أما الحياة الحقة الباقية، فهى تلك التى بعد البعث؛ لأنها دائمة لا انقطاع لها، فلا جرم أن سماها حياته، وندم على أنه لم يقدم عملا صالحا، ينفعه في تلك الحياة.
واستمع إلى قوله تعالى: إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (الإنسان 10، 11). تجد كلمة العبوس قد استعملت أدق استعمال؛ لبيان نظرة الكافرين إلى ذلك اليوم، فإنهم يجدونه عابسا مكفهرّا، وما أشد اسوداد اليوم، يفقد فيه المرء الأمل والرجاء، وكلمة قَمْطَرِيراً بثقل طائها مشعرة بثقل هذا اليوم، وفي كلمتى النضرة والسرور تعبير دقيق عن المظهر الحسى لهؤلاء المؤمنين، وما يبدو على وجوههم من الإشراق، وعما يملأ قلوبهم من البهجة.
ومن دقة التمييز بين معانى الكلمات، ما تجده من التفرقة في الاستعمال بين:
يعلمون، ويشعرون، ففي الأمور التى يرجع إلى العقل وحده أمر الفصل فيها، تجد كلمة يَعْلَمُونَ صاحبة الحق في التعبير عنها، أما الأمور التى يكون للحواس مدخل في شأنها، فكلمة يَشْعُرُونَ أولى بها، وتأمل لذلك قوله تعالى: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ (البقرة 13). فالسفاهة أمر مرجعه إلى العقل، وقوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ (البقرة 26). وقوله تعالى: أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (البقرة 77). وقوله تعالى: وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ (الأنعام 114). وقوله تعالى: أَلا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (يونس 55). وقوله تعالى: بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (الأنبياء 24). وقوله تعالى: وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (النور 25). إلى غير ذلك مما يطول بى أمر تعداده، إذا مضيت في إيراد كل ما استخدمت فيه كلمة يعلمون.
وتأمل قوله تعالى: وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ (البقرة 154). فمن الممكن أن يرى الأحياء وأن يحس بهم، وقوله تعالى:
وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (الزمر 55)، فالعذاب مما يشعر به ويحس، وقوله تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ (البقرة 11، 12). وقوله تعالى: قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (النمل 18). وقوله تعالى: وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (القصص 11). وغير ذلك كثير.
واستخدم القرآن كلمة التراب، ولكنه حين أراد هذا التراب الدقيق الذى لا يقوى على عصف الريح استخدم الكلمة الدقيقة وهى الرماد، فقال: الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ (إبراهيم 18). كما أنه آثر عليها كلمة الثرى، عند ما قال: تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى (طه 4 - 6). لأنه يريد- على ما يبدو من سياق الآيات الكريمة- الأرض المكونة من التراب، وهى من معانى الثرى، فضلا عما في اختيار الكلمة من المحافظة على الموسيقى اللفظية في فواصل الآيات.
وعبر القرآن عن القوة العاقلة في الإنسان بألفاظ، منها الفؤاد واللب والقلب، واستخدم كلا في مكانه المقسوم له، فالفؤاد في الاستخدام القرآنى يراد به تلك الآلة التى منحها الله الإنسان، ليفكر بها، ولذا كــانت مما سوف يسأل المرء عن مدى انتــفاعه بها يوم القيامة، كالسمع، والبصر، قال تعالى: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا (الإسراء 36). وتجد هذا واضحا فيما وردت فيه تلك الكلمة من الآيات، واستمع إلى قوله تعالى: قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ (الملك 23). وقوله تعالى: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى (النجم 11). وقوله تعالى: وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ (الأنعام 113). وقوله تعالى: نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةَ (الهمزة 6، 7). وقوله تعالى: مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (إبراهيم 43).
أما اللب ولم يستخدم في القرآن إلا مجموعا، فيراد به التفكير الذى هو من عمل تلك الآلة، تجد هذا المعنى في قوله تعالى: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة 179). وقوله تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ (آل عمران 190). وقوله تعالى: وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ (البقرة 269).
أما القلب، وهو أكثر هذه الكلمات دورانا في الاستخدام القرآنى، فهو بمعنى أداة التفكير، فى قوله تعالى: لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها (الأعراف 179). وقوله تعالى: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها (الحج 46). وقوله تعالى: رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً (آل عمران 8). وقوله تعالى: فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (الحج 46). وهو أداة الوجدان، كما تشعر بذلك في قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ (الأنفال 2). وقوله تعالى: وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ (الأحزاب 10). وقوله تعالى: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ (النازعات 6 - 8). وقوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً (الفتح 4). وقوله تعالى: وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً (القيامة 27). وقوله تعالى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (الرعد 28).
وهو أداة الإرادة، كما يبدو ذلك في قوله تعالى: إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (القصص 10). وقوله تعالى: وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ (الأنفال 11). وقوله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ (الأحزاب 5).
فالقرآن يستخدم القلب فيما نطلق عليه اليوم كلمة العقل، وجعله في الجوف حينا في قوله تعالى: ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ (الأحزاب 4).
وفي الصدر حينا، فى قوله: وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (الحج 46). تعبير عما يشعر به الإنسان عند ما يلم به وجدان، أو تملؤه همة وإرادة.
ومن الدقة القرآنية في استخدام الألفاظ أنه لا يكاد يذكر المشركين، إلا بأنهم أصحاب النار، ولكنا نجده قال في سورة (ص): وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ . فنراه قد استخدم كلمة أَهْلِ وهى هنا أولى بهذا المكان من كلمة (أصحاب)، لما تدل عليه تلك من الإقامة في النار والسكنى بها. وكلمة (ميراث) فى قوله تعالى: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (آل عمران 180). واقعة موقعها، وهى أدق من كلمة (ملك) فى هذا الموضع، لما أن المال يرى في أيدى مالكيه من الناس، ولكنه سوف يصبح ميراثا لله.
وقد يحتاج المرء إلى التريث والتدبر، ليدرك السر في إيثار كلمة على أخرى، ولكنه لا يلبث أن يجد سمو التعبير القرآنى، فمن ذلك قوله تعالى: قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى (طه 63 - 65). فقد يبدو للنظرة العاجلة أن الوجه أن يقال: إما أن تلقى وإما أن نلقى، وربما توهم أن سر العدول يرجع إلى مراعاة النغم الموسيقى فحسب، حتى تتفق الفواصل في هذا النغم، وذلك ما يبدو بادئ الرأى، أما النظرة الفاحصة فإنها تكشف رغبة القرآن في تصوير نفسية هؤلاء السحرة، وأنهم لم يكونوا يوم تحدوا موسى بسحرهم، خائفين، أو شاكين في نجاحهم، وإنما كان الأمل يملأ قلوبهم، فى نصر مؤزر عاجل، فهم لا ينتظرون ما عسى أن تسفر عنه مقدرة موسى عند ما ألقى عصاه، بل كانوا مؤمنين بالنصر سواء أألقى موسى أولا، أم كانوا هم أول من ألقى.
ومن ذلك قوله تعالى: وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (البقرة 176).
فقد يتراءى أن وصف الشقاق، وهو الخلاف، بالقوة أولى من وصفه بالبعد، ولكن التأمل يدل على أن المراد هنا وصف خلافهم بأنه خلاف تتباعد فيه وجهات النظر إلى درجة يعسر فيها الالتقاء، ولا يدل على ذلك لفظ غير هذا اللفظ الذى اختاره القرآن. ومن ذلك قوله تعالى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (الحج 27). فربما كــانت الموسيقى، والفاصلة في الآية السابقة دالية- تجعل من المناسب أن يوصف الفج بالبعد، فيقال: فج بعيد، ولكن إيثار الوصف بالعمق، تصوير لما يشعر به المرء أمام طريق حصر بين جبلين، فصار كأن له طولا، وعرضا، وعمقا.
وإيثار كلمة مَسْكُوبٍ فى قوله تعالى: وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ وَماءٍ مَسْكُوبٍ (الواقعة 27 - 31). مكان كلمة (غزيرة)، أدق في بيان غزارته، فهو ماء لا يقتصد في استعماله، كما يقتصد أهل الصحراء، بل هو ماء يستخدمونه استخدام من لا يخشى نفاده، بل ربما أوحت تلك الكلمة بمعنى الإسراف في هذا الاستخدام.
واستخدام كلمة يَظُنُّونَ فى الآية الكريمة: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (البقرة 45، 46).
قوية في دلالتها على مدح هؤلاء الناس، الذين يكفى لبعث الخشوع في نفوسهم، وأداء الصلاة، والاتصاف بالصبر- أن يظنوا لقاء ربهم، فكيف يكون حالهم إذا اعتقدوا؟.
ومن دقة أسلوب القرآن في اختيار ألفاظه ما أشار إليه الجاحظ حين قال :
(وقد يستخف الناس ألفاظا ويستعملونها، وغيرها أحق بذلك منها، ألا ترى أن الله تبارك وتعالى لم يذكر في القرآن الجوع، إلا في موضع العقاب، أو في موضع الفقر المدقع، والعجز الظاهر، والناس لا يذكرون السغب، ويذكرون الجوع في حالة القدرة والسلامة، وكذلك ذكر المطر، لأنك لا تجد القرآن يلفظ به إلا في موضع الــانتــقام، والعامة وأكثر الخاصة لا يفصلون بين ذكر المطر، وذكر الغيث).
لاختيار القرآن للكلمة الدقيقة المعبرة، يفضل الكلمة المصورة للمعنى أكمل تصوير، ليشعرك به أتم شعور وأقواه، وخذ لذلك مثلا كلمة يُسْكِنِ فى قوله تعالى: إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ (الشورى 33). وكلمة تَسَوَّرُوا فى قوله تعالى: وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ (القصص 21). وكلمة (يطوقون) فى الآية الكريمة: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ (آل عمران 180). وكلمة يَسْفِكُ فى آية: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ (البقرة 30). وكلمة (انفجر) فى قوله تعالى: وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً (البقرة 60). وكلمة يَخِرُّونَ فى الآية: إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً . وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا (الإسراء 107، 108). وكلمة مُكِبًّا فى قوله تعالى: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (النمل 22). وكلمة تَفِيضُ فى قوله تعالى: وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ (المائدة 83). وكلمة يُصَبُّ فى قوله تعالى: يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ (الحج 19). وكلمة (يدس) فى قوله تعالى: وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (النحل 58، 59). وكلمة قاصِراتُ فى قوله تعالى: وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ (الصافات 48). وكلمة مُسْتَسْلِمُونَ. فى قوله تعالى: ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (الصافات 25، 26). ومُتَشاكِسُونَ فى قوله تعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ (الزمر 29). ويطول بى القول، إذ أنا مضيت في عرض هذه الكلمات التى توضع في مكانها المقسوم من الجملة، فتجعل المعنى مصورا تكاد تراه بعينك، وتلمسه بيدك، ولا أريد أن أمضى في تفسير الكلمات التى استشهدت بها؛
لأنها من وضوح الدلالة بمكان.
ولهذا الميل القرآنى إلى ناحية التصوير، نراه يعبر عن المعنى المعقول بألفاظ تدل على محسوسات، مما أفرد له البيانيون علما خاصّا به دعوه علم البيان، وأوثر أن أرجئ الحديث عن ذلك إلى حين، وحسبى الآن أن أبين ما يوحيه هذا النوع من الألفاظ في النفس، ذلك أن تصوير الأمر المعنوى في صورة الشيء المحسوس يزيده تمكنا من النفس، وتأثيرا فيها، ويكفى أن تقرأ قوله تعالى: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ (البقرة 7). وقوله تعالى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ (الجاثية 23). لترى قدرة كلمة خَتَمَ، فى تصوير امتناع دخول الحق قلوب هؤلاء الناس، وقوله تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ (البقرة 257). لترى قيمة كلمتى الظلمات والنور، فى إثارة العاطفة وتصوير الحق والباطل. وقوله تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (البقرة 18). لترى قيمة هذه الصفات التى تكاد تخرجهم عن دائرة البشر، وقوله سبحانه: يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ (البقرة 27).
فكلمات ينقضون ويقطعون ويوصل، تصور الأمور المعنوية في صور المحس الملموس، وفي القرآن من أمثال ذلك عدد ضخم، سوف نعرض له في حينه.
وفي القرآن كثير من الألفاظ، تشع منها قوى توحي إلى النفس بالمعنى وحيا، فتشعر به شعورا عميقا، وتحس نحو الفكرة إحساسا قويّا. خذ مثلا قوله تعالى: وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (التكوير 17، 18). فتأمل ما توحى به كلمة تَنَفَّسَ من تصوير هذه اليقظة الشاملة للكون بعد هدأة الليل، فكأنما كــانت الطبيعة هاجعة هادئة، لا تحس فيها حركة ولا حياة، وكأنما الأنفاس قد خفتت حتى لا يكاد يحس بها ولا يشعر، فلما أقبل الصبح صحا الكون، ودبت الحياة في أرجائه.
وخذ قوله تعالى: لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (التوبة 117، 118). وقف عند كلمة (ضاق) فى ضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ، فإنها توحى إليك بما ألم بهؤلاء الثلاثة من الألم والندم، حتى شعروا بأن نفوسهم قد امتلأت من الندم امتلاء، فأصبحوا لا يجدون في أنفسهم مكانا، يلتمسون فيه الراحة والهدوء، فأصبح القلق يؤرق جفنهم، والحيرة تستبد بهم، وكأنما أصبحوا يريدون الفرار من أنفسهم.
واقرأ قوله تعالى: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً (السجدة 16).
وتبين ما تثيره في نفسك كلمة تَتَجافى، من هذه الرغبة الملحة التى تملك على المتقين نفوسهم، فيتألمون إذا مست جنوبهم مضاجعهم، ولا يجدون فيها الراحة والطمأنينة، وكأنما هذه المضاجع قد فرشت بالشوك فلا تكاد جنوبهم تستقر عليها حتى تجفوها، وتنبو عنها. وقف كذلك عند كلمة يَعْمَهُونَ فى قوله سبحانه: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (البقرة 15). فإن اشتراك هذه الكلمة مع العمى في الحروف كفيل بالإيحاء إلى النفس، بما فيه هؤلاء القوم من حيرة واضطراب نفسى، لا يكادون به يستقرون على حال من القلق.
واقرأ الآية الكريمة: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ (النساء 185). أفلا تجد فى كلمة زُحْزِحَ ما يوحى إليك بهذا القلق، الذى يملأ صدور الناس في ذلك اليوم، لشدة اقترابهم من جهنم، وكأنما هم يبعدون أنفسهم عنها في مشقة وخوف وذعر. وفي كلمة طمس في قوله تعالى: وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (القمر 37). ما يوحى إليك بانمحاء معالم هذه العيون، حتى كأن لم يكن لها من قبل في هذا الوجه وجود. ويوحى إليك الراسخون في قوله سبحانه: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ (النساء 7). بهذا الثبات المطمئن، الذى يملأ قلب هؤلاء العلماء، لما ظفروا به من معرفة الحق والإيمان به. وتوحى كلمة شَنَآنُ فى قوله سبحانه: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا (المائدة 2). توحى بهذا الجوى، الذى يملأ الصدر، حتى لا يطيق المرء رؤية من يبغضه، ولا تستسيغ نفسه الاقتراب منه.
ولما سمعنا قوله تعالى لعيسى بن مريم: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا (النساء 55). أوحى إلينا التعبير بالتطهير، بما يشعر به المؤمن بالله نحو قوم مشركين، اضطر إلى أن يعيش بينهم، فكأنهم يمسونه برجسهم، وكأنه يصاب بشيء من هذا الرجس، فيطهر منه إذا أنقذ من بينهم. وكلمة سُكِّرَتْ فى قوله سبحانه: وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (الحجر 14، 15). قد عبر بها الكافرون عما يريدون أن يوهموا به، عما حدث لأبصارهم من الزيغ، فكــانت كلمة سُكِّرَتْ، وهى مأخوذة من السكر دالة أشد دلالة على هذا الاضطراب في الرؤية، ولا سيما أن هذا السكر قد أصاب العين واستقل بها، ومعلوم أن الخلط من خصائص السكر، فلا يتبين السكران ما أمامه، ولا يميزه على الوجه الحق. واختار القرآن عند عد المحرمات كلمة أُمَّهاتُ، إذ قال: حُرِّمَتْ
عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ
(النساء 3). وآثر كلمة الْوالِداتُ فى قوله سبحانه: وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ (البقرة 233)، لما أن كلمة (الأم) تبعث في النفس إحساسا بالقداسة، وتصور شخصا محاطا بهالة من الإجلال، حتى لتشمئز النفس وتنفر أن يمس بما يشين هذه القداسة، وذلك الإجلال، وتنفر من ذلك أشد النفور، فكــانت أنسب كلمة تذكر عند ذكر المحرمات، وكذلك تجد كل كلمة في هذه المحرمات مثيرة معنى يؤيد التحريم، ويدفع إليه، أما كلمة الوالدات فتوحى إلى النفس بأن من الظلم أن ينزع من الوالدة ما ولدته، وأن يصبح فؤادها فارغا، ومن هنا كــانت كل كلمة منهما موحية في موضعها، آخذة خير مكان تستطيع أن تحتله.
وقد تكون الكلمة في موضعها مثيرة معنى لا يراد إثارته، فيعدل عنها إلى غيرها، تجد ذلك في قوله سبحانه: وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً (الجن 3).
فقد آثر كلمة صاحِبَةً على زوج وامرأة، لما تثيره كلاهما من معان، لا تثيرهما فى عنف مثلهما- كلمة صاحبة.
وقد يكون الجمع بين كلمتين هو سر الإيحاء ومصدره، كالجمع بين النَّاسُ وَالْحِجارَةُ فى قوله تعالى: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (البقرة 24). فهذا الجمع يوحى إلى النفس بالمشاكلةبينهما والتشابه. وقد تكون العبارة بجملتها هى الموحية كما تجد ذلك في قوله تعالى: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ (المؤمنون 19). أو لا تجد هذه الثياب من النار، موحية لك بما يقاسيه هؤلاء القوم من عذاب أليم، فقد خلقت الثياب يتقى بها اللابس الحر والقر، فماذا يكون الحال إذا قدت الثياب من النيران.
لو بغير الماء صدرى شرق ... كنت كالغصان، بالماء اعتصارى
ومن هذا الباب قوله تعالى: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ (الزمر 16). فإن الظلة إنما تكون ليتقى بها وهج الشمس، فكيف إذا كان الظلة نفسها من النيران.
هذه أمثلة قليلة لما في القرآن من كلمات شديدة الإيحاء، قوية البعث لما تتضمنه من المعانى. وهناك عدد كبير من ألفاظ، تصور بحروفها، فهذه «الظاء والشين» فى قوله تعالى: يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ (الرحمن 35).
و «الشين والهاء» فى قوله تعالى: وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ (الملك 7). و «الظاء» فى قوله تعالى: فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى (الليل 14). و «الفاء» فى قوله سبحانه: بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً (الفرقان 11، 12). حروف تنقل إليك صوت النار مغتاظة غاضبة. وحرف «الصاد» فى قوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (القمر 19). يحمل إلى سمعك صوت الريح العاصفة، كما تحمل «الخاء» فى قوله سبحانه: وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (فاطر 12). إلى أذنك صوت الفلك، تشق عباب الماء.
وألفاظ القرآن مما يجرى على اللسان في سهولة ويسر، ويعذب وقعه على الأذن، في اتساق وانسجام.
قال البارزى في أول كتابه: (أنوار التحصيل في أسرار التنزيل): اعلم أن المعنى الواحد قد يخبر عنه بألفاظ بعضها أحسن من بعض، وكذلك كل واحد من جزءي الجملة قد يعبر عنه بأفصح ما يلائم الجزء الآخر، ولا بدّ من استحضار معانى الجمل، واستحضار جميع ما يلائمها من الألفاظ، ثم استعمال أنسبها وأفصحها، واستحضار هذا متعذر على البشر، فى أكثر الأحوال، وذلك عتيد حاصل في علم الله، فلذلك كان القرآن أحسن الحديث وأفصحه، وإن كان مشتملا على الفصيح والأفصح، والمليح والأملح، ولذلك أمثلة منها قوله تعالى: وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (الرحمن 54). لو قال مكانه: «وثمر الجنتين قريب». لم يقم مقامه من جهة الجناس بين الجنى والجنتين، ومن جهة أن الثمر لا يشعر بمصيره إلى حال يجنى فيها، ومن جهة مؤاخاة الفواصل. ومنها قوله تعالى: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ (العنكبوت 48). أحسن من التعبير بتقرأ لثقله بالهمزة. ومنها: لا رَيْبَ فِيهِ (البقرة 2). أحسن من (لا شك فيه) لثقل الإدغام، ولهذا كثر ذكر الريب. ومنها:
وَلا تَهِنُوا (آل عمران 139). أحسن من (ولا تضعفوا) لخفته. ووَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي (مريم 4). أحسن من (ضعف)؛ لأن الفتحة أخف من الضمة، ومنها «آمن» أخف من «صدق»، ولذا كان ذكره أكثر من ذكر التصديق. وآثَرَكَ اللَّهُ (يوسف 91). أخف من (فضّك) و (آتى) أخف من (أعطى) و (أنذر) أخف من (خوّف) و (خير لكم) أخف من (أفضل لكم) والمصدر في نحو: هذا خَلْقُ اللَّهِ (لقمان 11). (يؤمنون بالغيب) أخف من (مخلوق) و (الغائب) و (نكح) أخف من (تزوج)؛ لأن فعل أخف من تفعّل، ولهذا كان ذكر النكاح فيه أكثر، ولأجل التخفيف والاختصار استعمل لفظ الرحمة، والغضب، والرضا، والحب، والمقت، فى أوصاف الله تعالى مع أنه لا يوصف بها حقيقة؛ لأنه لو عبر عن ذلك بألفاظ الحقيقة لطال الكلام، كأن يقال: يعامله معاملة المحب، والماقت، فالمجاز في مثل هذا أفضل من الحقيقة، لخفته، واختصاره، وابتنائه على التشبيه البليغ، فإن قوله: فَلَمَّا آسَفُونا انْتَــقَمْنا مِنْهُمْ (الزخرف 55). أحسن من (فلما عاملونا معاملة المغضب) أو (فلما أتوا إلينا بما يأتيه المغضب) أهـ .
وهناك لفظتان أبى القرآن أن ينطق بهما، ولعله وجد فيهما ثقلا، وهما كلمتا «الآجر» و «الأرضين». أما الأولى فقد أعرض عنها في سورة القصص، فبدل أن يقول: (وقال فرعون: يأيها الملأ ما علمت لكم من إله غيرى، فهيئ لى يا هامان آجرا، فاجعل لى صرحا، لعلى أطلع إلى إله موسى). قال: وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ
غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى
(القصص 38).
وأما الثانية فقد تركها في الآية الكريمة: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (الطّلاق 12).
هذا ومما ينبغى الإشارة إليه أن القرآن قد أقل من استخدام بعض الألفاظ، فكان يستخدم الكلمة مرة أو مرتين، وليس مرجع ذلك لشىء سوى المقام الذى يستدعى ورود هذه الكلمة. وللقرآن استعمالات يؤثرها، فمن ذلك وصفه الحلال بالطّيب، وذكر السّجّيل مع حجارة، وإضافة الأساطير إلى الأولين، وجعل مسنون وصفا للحمأ، ويقرن التأثيم باللغو، وإلّا بذمّة، ومختالا بفخور، ويصف الكذاب بأشر.
ووازن ابن الأثير بين كلمات استخدمها القرآن وجاءت في الشعر، فمن ذلك أنه جاءت لفظة واحدة في آية من القرآن وبيت من الشعر، فجاءت في القرآن جزلة متينة، وفي الشعر ركيكة ضعيفة ... أما الآية فهى قوله تعالى: فَإِذا طَعِمْتُمْ فَــانْتَــشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ (الأحزاب 53). وأما بيت الشعر، فهو قول أبى الطيب المتنبى:
تلذ له المروءة، وهى تؤذى ... ومن يعشق يلذ له الغرام
وهذا البيت من أبيات المعانى الشريفة، إلا أن لفظة تؤذى قد جاءت فيه وفي آية القرآن، فحطت من قدر البيت لضعف تركيبها، وحسن موقعها في تركيب الآية ... وهذه اللفظة التى هى تؤذى إذا جاءت في الكلام، فينبغى أن تكون مندرجة مع ما يأتى بعدها، متعلقة به، كقوله تعالى: إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ وقد جاءت في قول المتنبى منقطعة، ألا ترى أنه قال: تلذ له المروءة وهى تؤذى، ثم قال: ومن يعشق يلذ له الغرام، فجاء بكلام مستأنف، وقد جاءت هذه اللفظة بعينها في الحديث النبوى، وأضيف إليها كاف الخطاب، فأزال ما بها من الضعف والركة، قال: «باسم الله أرقيك، من كل داء يؤذيك» . وكذلك ورد في القرآن الكريم، إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ، فلفظة (لى) أيضا مثل لفظة يؤذى، وقد جاءت في الآية مندرجة متعلقة بما بعدها، وإذا جاءت منقطعة لا تجىء لائقة، كقول أبى الطيب أيضا:
تمسى الأمانى صرعى دون مبلغه ... فما يقول لشىء: ليت ذلك لى
وهنا من هذا النوع لفظة أخرى، قد وردت في القرآن الكريم، وفي بيت من شعر الفرزدق، فجاءت في القرآن حسنة، وفي بيت الشعر غير حسنة، وتلك اللفظة هى لفظة القمل، أما الآية فقوله تعالى: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ (الأعراف 133). وأما بيت الشعر فقول الفرزدق:
من عزه احتجرت كليب عنده ... زريا، كأنهم لديه القمّل
وإنما حسنت هذه اللفظة في الآية دون هذا البيت من الشعر؛ لأنها جاءت في الآية مندرجة في ضمن كلام، ولم ينقطع الكلام عندها، وجاءت في الشعر قافية أى آخرا انقطع الكلام عندها، وإذا نظرنا إلى حكمة أسرار الفصاحة في القرآن الكريم، غصنا في بحر عميق لا قرار له، فمن ذلك هذه الآية المشار إليها، فإنها قد تضمنت خمسة ألفاظ، هى: الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، وأحسن هذه الألفاظ الخمسة هى: الطوفان، والجراد، والدم، فلما وردت هذه الألفاظ الخمسة بجملتها قدم منها لفظتا الطوفان، والجراد، وأخرت لفظة الدم آخرا، وجعلت لفظة القمل والضفادع في الوسط؛ ليطرق السمع أولا الحسن من الألفاظ الخمسة، وينتهى إليه آخرا، ثم إن لفظة الدم أحسن من لفظتى الطوفان، والجراد، وأخف في الاستعمال، ومن أجل ذلك جىء بها آخرا، ومراعاة مثل هذه الأسرار والدقائق في استعمال الألفاظ ليس من القدرة البشرية .
وقال ابن سنان الخفاجى، معلقا على قول الشريف الرضى:
أعزز علىّ بأن أراك وقد خلت ... عن جانبيك مقاعد العواد
إيراد مقاعد في هذا البيت صحيح، إلا أنه موافق لما يكره في هذا الشأن، لا سيما وقد أضافه إلى من يحتمل إضافته إليهم، وهم العواد، ولو انفرد، كان الأمر فيه سهلا، فأما إضافته إلى ما ذكره ففيها قبح لا خفاء به . وابن سنان يشترط لفصاحة الكلمة ألا يكون قد عبر بها عن أمر آخر يكره ذكره ، قال ابن الأثير: وقد جاءت هذه اللفظة المعيبة في الشعر في القرآن الكريم فجاءت حسنة مرضية، وهى قوله تعالى: وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ (آل عمران 121).
وكذلك قوله تعالى: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً (الجن 8، 9). ألا ترى أنها في هاتين الآيتين غير مضافة إلى من تقبح إضافته إليه، كما جاءت في الشعر، ولو قال الشاعر بدلا من مقاعد العواد، مقاعد الزيادة، أو ما جرى مجراه، لذهب ذلك
القبح، وزالت تلك الهجنة، ولذا جاءت هذه اللفظة في الآيتين على ما تراه من الحسن، وجاءت على ما تراه من القبح، فى قول الشريف الرضى .
ومن ذلك استخدام كلمة شىء، ترجع إليها في القرآن الكريم، فترى جمالها في مكانها المقسوم لها. واستمع إلى قوله تعالى: وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً (الكهف 45). وقوله تعالى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ (الطّور 35). وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (يونس 44). إلى غير ذلك من عشرات الآيات التى وردت فيها تلك اللفظة، وكــانت متمكنة في مكانها أفضل تمكن وأقواه، ووازن بينها في تلك، وبينها في قول المتنبى يمدح كافورا:
لو الفلك الدوار أبغضت سعيه ... لعوقه شىء عن الدوران
فإنك تحس بقلقها في بيت المتنبى، ذلك أنها لم توح إلى الذهن بفكرة واضحة، تستقر النفس عندها وتطمئن، فلا يزال المرء بعد البيت يسائل نفسه عن هذا الشيء، الذى يعوق الفلك عن الدوران، فكأن هذه اللفظة لم تقم بنصيبها في منح النفس الهدوء الذى يغمرها، عند ما تدرك المعنى وتطمئن إليه.
ولم يزد مرور الزمن بألفاظ القرآن إلا حفظا لإشراقها، وسياجا لجلالها، لم تهن لفظة ولم تتخل عن نصيبها، فى مكانها من الحسن، وقد يقال: إن كلمة الغائط من قوله سبحانه: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً (المائدة 43). قد أصابها الزمن، فجعلها مما تنفر النفس من استعمالها، ولكنا إذا تأملنا الموقف، وأنه موقف تشريع وترتيب أحكام، وجدنا أن القرآن عبر أكرم تعبير عن المعنى، وصاغه في كناية بارعة، فمعنى الغائط في اللغة المكان المنخفض، وكانوا يمضون إليه في تلك الحالة، فتأمل أى كناية تستطيع استخدامها مكان هذه الكناية القرآنية البارعة، وإن شئت أن تتبين ذلك، فضع مكانها كلمة تبرزتم، أو تبولتم، لترى ما يثور في النفس من صور ترسمها هاتان الكلمتان، ومن ذلك كله ترى كيف كان موقع هذه الكناية يوم نزل القرآن، وأنها لا تزال إلى اليوم أسمى ما يمكن أن يستخدم في هذا الموضع التشريعى الصريح.

ثني

ث ن ي : الِاثْنَانِ فِي الْعَدَدِ وَيَوْمُ الِاثْنَيْنِ هَمْزَتُهُ وَصْلٌ وَأَصْلُهُ ثَنْيٌ وَسَيَأْتِي (1) . 

ثني


ثَنَى(n. ac. ثَنْي)
a. Doubled, folded, turned-back, bent.
b. ['Ala], Repeated, did over again.
ثَنَّيَa. Made two; counted two; put in the dual.
b. ['Ala], Eulogized, praised; complimented.

أَثْنَيَ
a. ['Ala]
see II (b)
تَثَنَّيَa. Was doubled, folded, over, bent back; was repeated
reiterated.
b. Swaggered.

إِنْثَنَيَa. Was doubled back, bent, folded over.
b. ['An], Turned away from; desisted, left off.
إِسْتَثْنَيَ
a. [acc.
or
'Ala], Excepted, excluded; made an exception of.

ثِنْي (pl.
أَثْنَآء [] )
a. Fold, bend.
b. Repetition, reiteration.
c. A two-year-old (animal).
مَثْنًى []
a. By twos, two by two.

ثَانٍ (ثَاني ) []
a. Second, the second.
b. Folded over, bent back, doubled up.

ثَانِيًا
a. Secondly, in the second place.

ثَانِيَة [] (pl.
ثَوَانٍ
a. [ ثَوَاني] [ثَوَاْنِيُ]), second ( of time ).
b. Joist, small beam.

ثَنَآء [] (pl.
أَثْنِيَة [] )
a. Praise, eulogy.

ثِنَآء []
a. Strands ( of a rope ).
ثُنَآءً []
a. By twos, two by two.

ثَنِيَّة [] (pl.
ثَنَايَا)
a. Praise, eulogy; compliment.
b. Mountain, mountain-road.
c. Front; front-teeth: mouth.

أَثْنآء []
a. Intervals, pauses: entr'acte.

في الأَثْنَآء
a. In the intervals of.

في أَتْنَآء ذَلِك
a. Meanwhile, in the mean time.

المُثَنَّى
a. The dual.

مَثْنِيّ
a. Doubled, folded.

تَثْنِيَة [ n.
ac.
ثَنَّيَ
(ثِنْي)]
a. Praise, eulogy.
b. Dualizing (gram.).
c. Repetition.

تَثْنِيَة الإِشْتِرَاع
a. Deuteronomy.

إِثْنَان — إِثْنَيْن [ mas. ]
a. Two.

الإِثْنَيْن
a. Monday.

إِثْنَتَان [ fem.]
a. Two.
ث ن ي

دمه في ثني ثوبه. وكل شيء ثني بعضه على بعض أطواقاً. فكل طاق من ذلك ثني. حتى يقال: اثناء الحية لمطاويها. وتشبه الثريا بأثناء الوشاح. قال امرؤ القيس:

إذا ما الثريا في السماء تعرضت ... تعرض أثناء الوشاح المفصل

وأخذوا في ثني الجبل والوادي أي في منعطفه. وليس هذا من فعلاته ببكر ولا ثني. وقبض بنثي الحبل وهو ما فضل في كفه إذا قبض عليه. وعقل البعير بثنايين، وهو أن يعقل يديه جميعاً بطرفي حبل. وعقد المثناة في الخشاش والمثاني في الأخشة وهي طرف الزمام، وثنى العود فانثنى، وتثنى الغصن وقوام الجارية، وثنى وسادته فجلس عليها، وثنى رجله فنزل. وهما بدء قومهما وثنيانهم أي أولهم في السادة والذي يليه. ونحر الجزّار الناقة وأخذ الثنيا، وهي ما يستثنيه لنفسه من الرأس والأطراف، وأبيعك هذه الشاة ولي ثنياها. وهذه هبة ليس فيها منوية وثنيا أي استثناء. وهو ثنيتي من القوم أي خاصتي، وهؤلاء ثناياي. قال ذو الرمة:

تئن إذا ما النسع بعد اعوجاجها ... تحدر في حيزومها وتصعدوا أنين الفتى المسلول أبصر حوله ... على جهد حال من ثناياه عوداً

ومن المجاز: ثنيت فلاناً على وجهه إذا رجعته إلى حيث جاء، وثنى عنانه عنّي، ولوى عذاره إذا أعرض، وجاء ثانياً من عنانه إذا جاء ظافراً ببغيته. وفلان تثنى به الخناصر أي يبدأ به. ولا تثنى به الخناصر أي لا يؤبه به. وعرفت ذلك في أثناء كلامه. وثنى فلان رجله أي جلس. وهو طلاع الثنايا أي ركاب الميثاق. وتثنّى في صدري كذا أي تردد.
ث ن ي: (الثِّنَى) مَقْصُورًا الْأَمْرُ يُعَادُ مَرَّتَيْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا ثِنَى فِي الصَّدَقَةِ» أَيْ لَا تُؤْخَذُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ. وَ (الثُّنْيَا) بِالضَّمِّ اسْمٌ مِنَ (الِاسْتِثْنَاءِ) وَكَذَلِكَ (الثَّنْوَى) بِالْفَتْحِ. وَجَاءُوا (مَثْنَى مَثْنَى) أَيِ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وَ (مَثْنَى وَثُنَاءَ) غَيْرُ مَصْرُوفَيْنِ كَمَثْلَثَ وَثُلَاثَ وَقَدْ
سَبَقَ تَعْلِيلُهُ فِي [ث ل ث] . وَفِي الْحَدِيثِ: «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُوضَعَ الْأَخْيَارُ وَتُرْفَعَ الْأَشْرَارُ وَأَنْ تُقْرَأَ (الْمَثْنَاةُ) عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ فَلَا تُغَيَّرُ» قِيلَ: هِيَ الَّتِي تُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ دُو بَيْتِي وَهُوَ الْغِنَاءُ. وَكَانَ أَبُو عُبَيْدٍ يَذْهَبُ فِي تَأْوِيلِهِ إِلَى غَيْرِ هَذَا. قُلْتُ: ذَكَرَ فِي التَّهْذِيبِ أَنَّ الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، وَفَسَّرَهُ لِمَا سُئِلَ عَنْهُ بِمَا اسْتُكْتِبَ مِنْ غَيْرِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: قِيلَ إِنَّ الْأَحْبَارَ وَالرُّهْبَانَ بَعْدَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَضَعُوا كِتَابًا فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى مَا أَرَادُوا مِنْ غَيْرِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ الْمَثْنَاةُ. فَكَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَرِهَ الْأَخْذَ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ النَّهْيَ عَنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَنَّتِهِ. وَكَيْفَ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ حَدِيثًا عَنْهُ؟. وَ (ثَنَى) الشَّيْءَ عَطَفَهُ وَبَابُهُ رَمَى وَ (ثَنَاهُ) أَيْضًا كَفَّهُ، وَثَنَاهُ صَرَفَهُ عَنْ حَاجَتِهِ، وَثَنَاهُ صَارَ لَهُ ثَانِيًا وَ (ثَنَّاهُ تَثْنِيَةً) جَعَلَهُ اثْنَيْنِ. وَ (الثَّنِيَّةُ) وَاحِدَةُ (الثَّنَايَا) مِنَ السِّنِّ، وَهِيَ أَيْضًا طَرِيقُ الْعَقَبَةِ. وَ (الثَّنِيُّ) الَّذِي يُلْقِي ثَنِيَّتَهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي الظِّلْفِ وَالْحَافِرِ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَفِي الْخُفِّ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَالْجَمْعُ (ثُنْيَانٌ) وَ (ثِنَاءٌ) وَالْأُنْثَى (ثَنِيَّةٌ) وَالْجَمْعُ (ثَنِيَّاتٌ) . وَ (اثْنَانِ) مِنْ عَدَدِ الْمُذَكَّرِ وَ (اثْنَتَانِ) لِلْمُؤَنَّثِ وَ (ثِنْتَانِ) أَيْضًا بِحَذْفِ الْأَلِفِ. وَأَلِفُهُمَا أَلِفُ وَصْلٍ وَقَدْ تُقْطَعُ فِي الشِّعْرِ. وَ (يَوْمَ الِاثْنَيْنِ) لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ لِأَنَّهُ مُثَنَّى فَإِنْ جَمَعْتَهُ قُلْتَ: (أَثَانِينَ) وَقَوْلُهُمْ: هُوَ (ثَانِي اثْنَيْنِ) أَيْ أَحَدُ الِاثْنَيْنِ، وَكَذَا ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ وَلَا يُنَوَّنُ فَإِنِ اخْتَلَفَا فَإِنْ شِئْتَ أَضَفْتَ وَإِنْ شِئْتَ نَوَّنْتَ، فَقُلْتَ: هَذَا ثَانِي وَاحِدٍ وَثَانٍ وَاحِدًا وَكَذَا الْبَاقِي. وَ (انْثَنَى) انْعَطَفَ وَ (أَثْنَى) عَلَيْهِ خَيْرًا وَالِاسْمُ (الثَّنَاءُ) وَ (أَثْنَى) أَلْقَى ثَنِيَّتَهُ وَ (تَثَنَّى) فِي مَشْيِهِ. وَ (الْمَثَانِي) مِنَ الْقُرْآنِ مَا كَانَ أَقَلَّ مِنَ الْمِئِينَ وَتُسَمَّى فَاتِحَةُ الْكِتَابِ (مَثَانِيَ) لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَيُسَمَّى جَمِيعُ الْقُرْآنِ (مَثَانِيَ) أَيْضًا لِاقْتِرَانِ آيَةِ الرَّحْمَةِ بِآيَةِ الْعَذَابِ. 
(ث ن ي) : (الثَّنْيُ) ضَمُّ وَاحِدٍ إلَى وَاحِدٍ وَكَذَا التَّثْنِيَةُ وَيُقَالُ هُوَ ثَانِي وَاحِدٍ وَثَانٍ وَاحِدًا أَيْ مُصَيِّرُهُ بِنَفْسِهِ اثْنَيْنِ وَثَنَّيْتُ الْأَرْضَ ثَنْيًا كَرَيْتُهَا مَرَّتَيْنِ وَثَلَّثْتُهَا كَرَيْتُهَا ثَلَاثًا فَهِيَ مَثْنِيَّةٌ وَمَثْلُوثَةٌ وَقَدْ جَاءَ فِي كَلَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - التَّثْنِيَةُ وَالثُّنْيَا بِمَعْنَى الثَّنْيِ كَثِيرًا وَمَنْ فَسَّرَ الثَّنِيَّةَ بِالْكِرَابِ بَعْدَ الْحَصَادِ أَوْ بِرَدِّ الْأَرْضِ إلَى صَاحِبِهَا مَكْرُوبَةً فَقَدْ سَهَا (وَمَثْنَى) مَعْدُولٌ عَنْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وَمَعْنَاهُ مَعْنَى هَذَا الْمُكَرَّرِ فَلَا يَجُوزُ تَكْرِيرُهُ وَقَوْلُهُ الْإِقَامَةُ مَثْنَى مَثْنَى تَكْرِيرٌ لِلَّفْظِ لَا لِلْمَعْنَى (وَقَوْلُهُمْ الْمَثْنَى) أَحْوَطُ أَيْ الِاثْنَانِ خَطَأٌ وَتَقْرِيرُهُ فِي الْمُعْرِبِ (وَالْمَثَانِي) عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ يَقَعُ عَلَى أَشْيَاءَ ثَلَاثَةٍ عَلَى الْقُرْآنِ كُلِّهِ فِي قَوْله تَعَالَى {كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} [الزمر: 23] وَعَلَى الْفَاتِحَةِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَلَا {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} [الحجر: 87] وَعَلَى سُوَرٍ مِنْ الْقُرْآنِ دُونَ الْمِئِينَ وَفَوْقَ الْمُفَصَّلِ وَهِيَ جَمْعُ مَثْنَى أَوْ مَثْنَاةٍ مِنْ التَّثْنِيَةِ بِمَعْنَى التَّكْرَارِ أَمَّا الْقُرْآنُ فَلِأَنَّهُ يُكَرَّرُ فِيهِ الْقَصَصُ وَالْأَنْبَاءُ وَالْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ وَقِيلَ لِأَنَّهُ يُثَنَّى فِي التِّلَاوَةِ فَلَا يُمَلُّ وَأَمَّا الْفَاتِحَةُ فَلِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي كُلِّ صَلَاةٍ وَقِيلَ لِمَا فِيهَا مِنْ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَأَمَّا السُّوَرُ فَلِأَنَّ الْمِئِينَ مَبَادِئُ وَهَذِهِ مَثَانِي وَمِنْ هَذَا الْأَصْلِ الثَّنِيَّةُ لِوَاحِدَةِ الثَّنَايَا وَهِيَ الْأَسْنَانُ الْمُتَقَدِّمَةُ اثْنَتَانِ فَوْقُ وَاِثْنَتَانِ أَسْفَلُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَضْمُومَةٌ إلَى صَاحِبَتِهَا (وَمِنْهَا) الثَّنِيُّ مِنْ الْإِبِلِ الَّذِي أَثْنَى أَيْ أَلْقَى ثَنِيَّتَهُ وَهُوَ مَا اسْتَكْمَلَ السَّنَةَ الْخَامِسَةَ وَدَخَلَ فِي السَّادِسَةِ وَمِنْ الظِّلْفِ مَا اسْتَكْمَلَ الثَّانِيَةَ وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ وَمِنْ الْحَافِرِ مَا اسْتَكْمَلَ الثَّالِثَةَ وَدَخَلَ فِي الرَّابِعَةِ وَهُوَ فِي كُلِّهَا بَعْدَ الْجَذَعِ وَقَبْلَ الرُّبَاعِيّ وَالْجَمْع ثُنْيَانٌ وَثِنَاءٌ وَأَمَّا (الثَّنِيَّةُ) لِلْعَقَبَةِ فَلِأَنَّهَا تَتَقَدَّمُ الطَّرِيقَ وَتَعْرِضُ لَهُ أَوْ لِأَنَّهَا تَثْنِي سَالِكَهَا وَتَصْرِفُهُ وَهِيَ الْمُرَادَةُ فِي حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ بِأَسْفَلِ الثَّنِيَّةِ وَالْبَاءُ تَصْحِيفٌ وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي فَأَمَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُنَادِيًا فَنَادَى حَتَّى بَلَغَ الثَّنِيَّةَ قِيلَ هِيَ اسْمُ مَوْضِعٍ بَعِيدٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَكَــانَتْ ثَمَّةَ عَقَبَةٌ وَقَوْلُهُ
أَنَا ابْنُ جَلَا وَطَلَّاعُ الثَّنَايَا ... مَتَى أَضَعْ الْعِمَامَةَ تَعْرِفُونِي
مَعْنَاهُ رَكَّابٌ لِمَعَالِي الْأُمُورِ وَمَشَاقِّهَا كَقَوْلِهِمْ طَلَّاعُ الْجِدِّ وَيُقَال ثَنَى الْعُودَ إذَا حَنَاهُ وَعَطَفَهُ لِأَنَّهُ ضَمَّ أَحَدَ طَرَفَيْهِ إلَى الْآخَرِ ثُمَّ قِيلَ ثَنَاهُ عَنْ وَجْهِهِ إذَا كَفَّهُ وَصَرَفَهُ لِأَنَّهُ مُسَبَّبٌ عَنْهُ (وَمِنْهُ) اسْتَثْنَيْتُ الشَّيْءَ زَوَيْتُهُ لِنَفْسِي وَالِاسْمُ الثُّنْيَا بِوَزْنِ الدُّنْيَا (وَمِنْهُ) قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ اسْتَثْنَى فَلَهُ ثُنْيَاهُ» أَيْ مَا اسْتَثْنَاهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ (فِي) اصْطِلَاحِ النَّحْوِيِّينَ إخْرَاجُ الشَّيْءِ مِمَّا أُدْخِلَ فِيهِ غَيْرُهُ لِأَنَّ فِيهِ كَفًّا وَرَدًّا عَنْ الدُّخُولِ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي الْيَمِينِ أَنْ يَقُولَ الْحَالِفُ إنْ شَاءَ اللَّهُ لِأَنَّ فِيهِ رَدَّ مَا قَالَهُ لِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (لَا ثِنَى) فِي الصَّدَقَةِ مَكْسُورٌ مَقْصُورٌ أَيْ لَا تُؤْخَذُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الضَّرِيرِ مَعْنَاهُ لَا رُجُوعَ فِيهَا وَلَا اسْتِرْدَادَ لَهَا وَأَنْكَرَ الْأَوَّلَ.
ث ن ي : الثَّنِيَّةُ مِنْ الْأَسْنَانِ جَمْعُهَا ثَنَايَا وَثَنِيَّاتٌ وَفِي الْفَمِ أَرْبَعٌ وَالثَّنِيُّ الْجَمَلُ يَدْخُلُ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَالنَّاقَةُ ثَنِيَّةٌ وَالثَّنِيُّ أَيْضًا الَّذِي يُلْقِي ثَنِيَّتَهُ يَكُونُ مِنْ ذَوَاتِ الظِّلْفِ وَالْحَافِرِ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَمِنْ ذَوَاتِ الْخُفِّ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَهُوَ بَعْدَ الْجَذَعِ وَالْجَمْعُ ثِنَاءٌ بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ وَثُنْيَانٌ مِثْلُ: رَغِيفٍ وَرُغْفَانٌ وَأَثْنَى إذَا أَلْقَى ثَنِيَّتَهُ فَهُوَ ثَنِيٌّ فَعِيلٌ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ وَالثُّنْيَا بِضَمِّ الثَّاءِ مَعَ الْيَاءِ وَالثَّنْوَى بِالْفَتْحِ مَعَ الْوَاوِ اسْمٌ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ.
وَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ اسْتَثْنَى فَلَهُ ثُنْيَاهُ» أَيْ مَا اسْتَثْنَاهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ اسْتِفْعَالٌ مِنْ ثَنَيْثُ الشَّيْءَ أَثْنِيهِ ثَنْيًا مِنْ بَابِ رَمَى إذَا عَطَفْته وَرَدَدْتُهُ وَثَنَيْتُهُ عَنْ مُرَادِهِ إذَا صَرَفْتُهُ عَنْهُ وَعَلَى هَذَا فَالِاسْتِثْنَاءُ صَرْفُ الْعَامِلِ عَنْ تَنَاوُلِ الْمُسْتَثْنَى وَيَكُونُ حَقِيقَةً فِي الْمُتَّصِلِ.
وَفِي الْمُنْفَصِلِ أَيْضًا لِأَنَّ إلَّا هِيَ الَّتِي عَدَّتْ الْفِعْلَ إلَى الِاسْمِ حَتَّى نَصَبَهُ فَكَــانَتْ بِمَنْزِلَةِ الْهَمْزَةِ فِي التَّعْدِيَةِ وَالْهَمْزَةُ تُعَدِّي الْفِعْلَ إلَى الْجِنْسِ وَغَيْرِ الْجِنْسِ حَقِيقَةً وِفَاقًا فَكَذَلِكَ مَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهَا.

وَثَنَيْتُهُ ثَنْيًا مِنْ بَابِ رَمَى أَيْضًا صِرْتُ مَعَهُ ثَانِيًا وَثَنَّيْتُ الشَّيْءَ بِالتَّثْقِيلِ جَعَلْتُهُ اثْنَيْنِ وَأَثْنَيْتُ عَلَى زَيْدٍ بِالْأَلِفِ وَالِاسْمُ الثَّنَاءُ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ يُقَالُ أَثْنَيْتُ عَلَيْهِ خَيْرًا وَبِخَيْرٍ وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ شَرًّا وَبِشَرٍّ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى وَصَفْتُهُ هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْبَارِعِ وَعَزَاهُ إلَى الْخَلِيلِ وَمِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْقُوطِيَّةِ وَهُوَ الْحَبْرُ الَّذِي لَيْسَ فِي مَنْقُولِهِ غَمْزٌ وَالْبَحْرُ الَّذِي لَيْسَ فِي مَنْقُودِهِ لَمْزٌ وَكَأَنَّ الشَّاعِرَ عَنَاهُ بِقَوْلِهِ
إذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا ... فَإِنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَتْ حَذَامِ
وَقَدْ قِيلَ فِيهِ هُوَ الْعَالِمُ التَّحْرِيرُ ذُو الْإِتْقَانِ وَالتَّحْرِيرِ وَالْحُجَّةُ لِمَنْ بَعْدَهُ وَالْبُرْهَانُ الَّذِي يُوقَفُ عِنْدَهُ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ عُرِفَ بِالْعَدَالَةِ وَاشْتَهَرَ بِالضَّبْطِ وَصِحَّةِ الْمَقَالَةِ وَهُوَ السَّرَقُسْطِيّ وَابْنُ الْقَطَّاعِ وَاقْتَصَرَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَوْلِهِمْ أَثْنَيْتُ عَلَيْهِ بِخَيْرٍ وَلَمْ يَنْفُوا غَيْرَهُ وَمِنْ هَذَا اجْتَرَأَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الْحَسَنِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ تَخْصِيصَ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ وَالزِّيَادَةُ مِنْ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ وَلَوْ كَانَ الثَّنَاءُ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الْخَيْرِ كَانَ قَوْلُ الْقَائِلِ أَثْنَيْتُ عَلَى زَيْدٍ كَافِيًا فِي الْمَدْحِ وَكَانَ قَوْلُهُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ لَا يُفِيدُ إلَّا التَّأْكِيدَ وَالتَّأْسِيسُ أَوْلَى فَكَانَ فِي قَوْلِهِ الْحَسَنُ احْتِرَازٌ عَنْ غَيْرِ الْحَسَنِ فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي النَّوْعَيْنِ كَمَا قَالَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْكَ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «مَرُّوا بِجِنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَجَبَتْ ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَجَبَتْ وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ وَجَبَتْ فَقَالَ هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ» الْحَدِيثَ وَقَدْ نُقِلَ النَّوْعَانِ فِي وَاقِعَتَيْنِ تَرَاخَتْ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى مِنْ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنْ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنْ الْعَرَبِ الْفُصَحَاءِ عَنْ أَفْصَحِ الْعَرَبِ فَكَانَ أَوْثَقَ مِنْ نَقْلِ أَهْلِ اللُّغَةِ فَإِنَّهُمْ قَدْ يَكْتَفُونَ بِالنَّقْلِ عَنْ وَاحِدٍ وَلَا يُعْرَفُ حَالُهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لَهُ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ حَيِّزِ الِاعْتِدَالِ مِنْ دَهَشٍ وَسُكْرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِذَا عُرِفَ حَالُهُ لَمْ يُحْتَجَّ بِقَوْلِهِ وَيَرْجِعُ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الشَّرِّ إلَى النَّفْيِ وَكَأَنَّهُ قَالَ لَمْ يُسْمَعْ فَلَا يُقَالُ وَالْإِثْبَاتُ أَوْلَى وَلِلَّهِ دَرُّ مَنْ قَالَ
وَإِنَّ الْحَقَّ سُلْطَانٌ مُطَاعٌ ... وَمَا لِخِلَافِهِ أَبَدًا سَبِيلٌ
وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّمَا اُسْتُعْمِلَ فِي الشَّرِّ فِي الْحَدِيثِ لِلِازْدِوَاجِ وَهَذَا كَلَامُ مِنْ لَا يَعْرِفُ اصْطِلَاحَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ وَالثِّنَاءُ لِلدَّارِ كَالْفِنَاءِ وَزْنًا وَمَعْنًى وَالثِّنَى بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ الْأَمْرُ يُعَادُ مَرَّتَيْنِ وَالِاثْنَانِ مِنْ أَسْمَاءِ الْعَدَدِ اسْمٌ لِلتَّثْنِيَةِ حُذِفَتْ لَامُهُ وَهِيَ يَاءٌ وَتَقْدِيرُ الْوَاحِدِ ثَنْيٌ وِزَانُ سَبَبٍ ثُمَّ عُوِّضَ هَمْزَةَ وَصْلٍ فَقِيلَ اثْنَانِ وَلِلْمُؤَنَّثَةِ اثْنَتَانِ كَمَا قِيلَ ابْنَانِ وَابْنَتَانِ.
وَفِي لُغَةِ تَمِيمٍ ثِنْتَانِ بِغَيْرِ هَمْزَةِ وَصْلٍ وَلَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَالتَّاءُ فِيهِ لِلتَّأْنِيثِ ثُمَّ سُمِّيَ الْيَوْمُ بِهِ فَقِيلَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَلَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ فَإِنْ أَرَدْتَ جَمْعَهُ
قَدَّرْتَ أَنَّهُ مُفْرَدٌ وَجَمَعْتَهُ عَلَى أَثَانِينَ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ وَقَالُوا فِي جَمْعِ الِاثْنَيْنِ أَثْنَاءٌ وَكَأَنَّهُ جَمْعُ الْمُفْرَدِ تَقْدِيرًا مِثْلُ: سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ وَقِيلَ أَصْلُهُ ثِنْيٌ وِزَانُ حِمْلٍ وَلِهَذَا يُقَالُ ثِنْتَانِ وَالْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافَ لُغَةٍ لَا اخْتِلَافَ اصْطِلَاحٍ وَإِذَا عَادَ عَلَيْهِ ضَمِيرٌ جَازَ فِيهِ وَجْهَانِ أَوْضَحُهُمَا الْإِفْرَادُ عَلَى مَعْنَى الْيَوْمِ يُقَالُ مَضَى يَوْمُ الِاثْنَيْنِ بِمَا فِيهِ وَالثَّانِي اعْتِبَارُ اللَّفْظِ فَيُقَالُ بِمَا فِيهِمَا وَأَثْنَاءُ الشَّيْءِ تَضَاعِيفُهُ وَجَاءُوا فِي أَثْنَاءِ الْأَمْرِ أَيْ: فِي خِلَالِهِ تَقْدِيرُ الْوَاحِدِ ثَنًى أَوْ ثِنْيٌ كَمَا تَقَدَّمَ. 
[ث ن ي] ثَنَى الشَّيْءَ ثَنْيًا رَدَّ بعضَه على بَعْضٍ وقد تَثَنَّى وانْثَنَى وأَثْناءُه ومَثانِيه قُواهُ وطاقاتُه واحِدُها ثِنْيٌ ومَثْناةٌ ومِثْناةٌ عن ثَعْلِبٍ وثِنْيُ الحَيَّةِ انْثِناؤُها وهُو أَيْضًا ما تَعَوَّجَ مِنها إِذا تَثَنَّتْ والجَمْعُ أَثْناءٌ واسْتَعارَه غَيْلانُ الرَّبَعِيُّ لِلَّيْلِ فقالَ

(حَتّى إِذا شَقَّ بَهِيمَ الظَّلْماءْ ... )

(وساقَ لَيْلاً مُرْجَحِنَّ الأثْناءْ ... )

وهُوَ عَلَى القَوْلِ الآخَرِ اسْمٌ وأَثْناءُ الوادِي مَعاطِفُه وأَجْزاعُه وقولُه

(فإِنْ عُدَّ مَجْدٌ أَو قَدِيمٌ لمَعْشَر ... فقَوْمِي بهم تُثْنَى هُناكَ الأَصابِعُ)

يعنِي أَنَّهُم الخِيارُ المَعْدُودُونَ عن ابنِ الأَعْرابِيِّ لأَنَّ الخيارَ لا يَكْثُرُونَ وشاةٌ ثانِيَةٌ بَيِّنَةُ الثِّنْي تَثْنِي عُنُقَها لِغيرِ عِلَّةٍ وثَنَى رِجْلَه عن دابَّتِه ضَمَّها إِلى فَخِذِه فنَزَل والاثْنانِ ضِعْفُ الواحِدِ فأَمّا قَوْلُه عَزَّ وجَلّ {لا تتخذوا إلهين} اثْنَيْنِ النحل 51 فمن التَّطَوُّع المُشامِ للتَّوكِيدِ وذلك لأَنَّه قد غَنِيَ بقَوْلِه {إلهين} عن {اثنين} فدَلَّنا أَنَّ فائدَتَه التوكيدُ والتَّشْدِيدُ ونظيرُه قولُه تَعالَى {ومناة الثالثة الأخرى} النجم 20 أكَّدَ بقَوْلِه {الأخرى} وقولُه تعالَى {فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة} الحاقة 13 فأكَّدَ بقولِه واحِدَةٌ والمُؤَنِّث الثَّنْتانِ تاؤُه مُبْدَلَةٌ من ياء ويَدُلُّ على أَنَّه من الياءِ أَنَّه من ثَنَيْتُ لأنَّ الاثْنَيْن قد ثُنِيَ أَحَدُهُما إلى صاحِبِه وأَصْلُه ثَنَيٌ يَدُلُّكَ على ذلك جَمْعُهم إِيّاه على أَثْناءٍ بمَنْزِلَة أَبْناءٍ وآخاءٍ فنَقَلُوه من فَعَلٍ إلى فِعْلٍ كما فَعَلُوا ذلك في بِنْتٍ وليسَ في الكَلامِ تاءٌ مُبْدَلَةٌ من الياءِ في غير افْتَعَلَ إِلاَّ فِيما حكاهُ سِيبَوَيْهِ من قَوْلِهم أَسْنَتُوا وما حَكاهُ أَبُو عَليٍّ من قَوْلِهم ثِنْتانِ وقولُه تعالى {فإن كــانتــا اثنتين فلهما الثلثان} النساء 176 إِنَّما الفائِدةُ في قَوْلِه {اثنتين} بعد قولِه {كــانتــا} تَجَرُّدُهما من مَعْنَى الصِّغَرِ والكِبَرِ وإِلاَّ فقَدْ عُلِمَ أَنَّ الألِفَ في {كــانتــا} وغيرِها من الأَفْعالِ علامَةٌ للتَّثْنِيَةِ وثَنَّى الشَّيْءَ جَعَلَه اثْنَيْن واتَّنَى افَتَعَلَ منه أصلُه اثْتَنَى فقُلِبَت الثّاءُ تاءً لأنَّ الثاءَ أُخْتُ التاءِ في الهَمْسِ ثم أُدْغِمَتْ فِيها قال

(بَدَا بأَبِي ثُمّ اثَّنَى ببَنِي أَبِي ... وثَلَّثَ بالأَدْنَيْنَ ثَقْف المَحالِبِ)

هذا هو المَشْهُورُ في الاسْتِعمالِ والقَوِيُّ في القِياسِ ومِنْهُم من يَقْلِب تاءَ افْتَعَل ثاءً فيَجْعَلُها من لَفْظِ الثاء قَبْلَها فيَقُول اثَّنَى واثَّرَدَ واثَّأَرَ كما قالَ بعضُهم في اذْدَكَر {ادكر} وفي اصْطَلَحُوا اصَّلَحُوا وهذا ثانِي هذا أَي الَّذِي شَفَعَه ولا يُقالُ ثَنَيْتُه إِلاّ أَنَّ أَبا زَيْدٍ قال هو واحِدٌ فاثْنِه أَي كُنْ له ثانِيًا وحكَى ابنُ الأَعْرابِيّ أَيضًا فلانٌ لا يَثْنِي ولا يَثْلِثُ أَي هو رَجُلٌ كَبِيرٌ فإِذا أَرادَ النُّهُوضَ لم يَقْدِرْ في مَرَّةٍ ولا فِي مَرَّتَيْن ولا في الثّالِثَة وشَرِبْتُ أَثْناءَ القَدَحِ وشَرِبْتُ اثْنَيْ هذا القَدَح أَي اثْنَيْن مِثْلَه وكذلك شَرِبْتُ اثْنَيْ مُدِّ البَصْرَةِ واثْنَيْنِ بمُدِّ البَصْرَةِ وثَنَّيْتُ الشيءَ جَعَلْتُه اثْنَيْن وجاءَ القَوْمُ مَثَنَى وثُناءَ وكَذلك النِّسْوَةُ وسائرُ الأَنْواعِ أَي اثْنَيْنِ اثْنَيْن وثِنْتَيْن ثِنْتَيْن وقولُه أَنْشَدَه ابنُ الأَعْرابِيِّ

(فما حَلَبَتْ إِلا الثُّلاثَةَ والثُّنَى ... ولا قُيِّلَتْ إِلاّ قَرِيبًا مَقَالُها)

قالَ أَرادَ بالثُّلاثَة الثَّلاثَةَ من الآنِيَةِ وبالثُّنَى الاثْنَيْنِ وقَوْلُ كُثَيِّرِ عَزَّةَ

(ذكَرْتَ عَطاياهُ ولَيْسَتْ بحُجَّةٍ ... عليكَ ولكن حُجَّةٌ لكَ فاثْنِنِ)

قِيلَ في تَفْسِيرِه أَعْطِني مَرَّةً ثانِيَةً ولم أَرَهُ في غيرِ هذا الشِّعرِ والاثْنانِ من أَيَّامِ الأُسْبُوع لأنَّ الأوَّلَ عندهم الأحَدُ والجمع أثناء وحكى المُطَرِّزُ عن ثَعْلَبٍ أَثانِين وحَكَى سِيبَوَيْهِ عن بعضِ العَرَبِ اليوم الثَّنَى وقال أَمّا قَوْلُهم الاثْنانِ فإِنَّما هُو اسمُ اليَوْمِ وإِنَّما أوقَعَتُه العَرَبُ على قَوْلِكَ اليومُ يَوْمان واليَوْمُ خَمْسَة عَشَرَ من الشَّهْرِ ولا يُثَنَّى والَّذِين قالُوا أَثْناء جاءُوا به عَلَى الإثْنِ وإن لم يُتكَلَّمْ به وهو بمَنْزِلَةِ الثُّلاثاءِ والأَرْبعاءِ يَعْنِي أَنه صارَ اسْمًا غالبًا قالَ اللِّحْيانِيُّ وقد قالوُا في الشِّعِر يومُ اثْنَيْنِ بغير لامٍ وأَنْشَدَ لأَبِي صَخْرٍ الهُذَلِيِّ

(أَرائِحٌ أَنْتَ يَوْمَ اثْنَيْنِ أَم غادِي ... ولَمْ تُسَلِّم عَلَى رَيْحانَةِ الوادِي)

قالَ وكانَ أُبو زِيادٍ يَقُول مَضَى الاثْنانِ بما فِيه فيُوَحِّدُ ويُذَكِّرُ وكَذا يَفْعَلُ في سائِرِ أَيّامِ الأُسْبُوع كُلِّها وكان يُؤَنِّثُ الجُمُعَةَ وكانَ أَبُو الجَرّاحِ يَقُولُ مَضَى السَّبْتُ بما فِيه ومَضَى الأَحَدُ بِما فِيه ومَضَى الاثْنانِ بما فِيهِما ومَضَى الثُّلاثاءُ بما فِيهِنَّ ومَضَى الأرْبعاءُ بما فِيهِنَّ ومَضَى الخَمِيسُ بما فِيهِنَّ ومَضَت الجُمُعَةُ بما فِيها كانَ يُخْرِجُها مُخْرَجَ العَدَدِ قال ابنُ جِنِّي اللاّمُ في الاثْنَيْن غير زائدةٍ وإِنْ لم يَكُنْ الاثْنانِ صِفَةً قال أَبُو العَبّاسِ إِنّما جازَ دُخُول اللاّمِ عليهِ لأَنَّ فيه تَقْدِيرَ الوَصْفِ أَلا تَرَى أَنَّ مَعْناهُ اليَوْمُ الثّانِي وكذلك أَيضًا اللامُ في الأَحَدِ والثُّلاثاءِ والأَرْبعاءِ ونحوِها لأنَّ تَقْدِيرَها الواحدُ والثانِي والثالِثُ والرابعُ والخامِسُ والجامعُ والسّابِتُ والسَّبْتُ القَطْعُ وقيل إِنّما سُمِّيَ بذلك لأَنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ خَلَق السَّمواتِ والأَرْضِ في سِتَّةِ أَيّامٍ أَوَّلُها الأحدُ وآخِرُها الجُمُعَةُ فأَصْبَحَتْ يومَ السَّبتِ مُنْسَبِتَةً أَي قد تَمَّتْ وانْقَطَعَ العَمَلُ فيها وقِيلَ سُمِّيَ بذلِك لأَنَّ اليَهُودَ كانُوا يَنْقَطِعُون فيه عن تَصَرُّفِهِم ففِي كلا القَوْلَيْنِ مَعْنَى الصِّفَةِ مَوْجُودٌ وحَكى ثَعْلَبٌ عن ابنِ الأَعْرابيِّ لا تَكُنْ اثْنَوِيّا أَي مِمَّنْ يَصُومُ الاثْنَيْن وَحْدَه والمَثانِي من أَوْتَارِ العُودِ الذي بعد الأوّل واحدها مَثْنًى والمثانِي من القُرْآن ما ثُنِّي مَرَّةً بعدَ مَرَّةٍ وقِيل فاتِحةُ الكِتَابِ قالَ ثَعْلِبٌ لأَنَّها تُثَنَّى مع كُلِّ سُورةٍ وقِيلَ المَثانِي سُوَرٌ أوَّلُها البَقَرَةُ وآخِرُها بَراءَةٌ وقِيلَ ما كانَ دُونَ المِئينَ وقِيلَ القرآنُ كُلُّهُ وقول حَسّانَ أنشده ثَعْلَبٌ

(مَنْ للقَوافِي بعدَ حَسّانَ وابْنِه ... ومَنْ للمَثانِي بعدَ زَيْدِ بنِ ثابتِ)

يَدُلُّ عَلَيْهِ وقالَ اللِّحْيانِيُّ التَّثْنِيةُ أَنْ يفوزَ قِدْحُ رَجُلٍ منهم فيَنْجُوَ ويَغْنَمَ فيُطْلَبَ إليهم أَنْ يُعِيدُوه عَلَى خطارٍ والأَوَّلُ أَقْيَسُ وأَقْرَبُ إِلى الاشْتِقاقِ وقِيلَ هو ما اسْتُكْتِبَ من غيرِ كِتابِ اللهِ ومَثْنَى الأَيادِي أَنْ يَأْخُذَ القِسْمَ مَرَّةً بعدَ مَرَّةٍ وقِيلَ هي الأنْصِباءُ التي كــانتْ تَفْضُلُ من الجَزُورِ فكانَ الرَّجُلُ الجَوادُ يَشْتَرِيها فيُطْعِمُها الأَبْرامَ وهم الَّذِينَ لا يَيْسِرُونَ هذا قولُ أَبي عُبَيْدٍ وناقَةٌ ثِنْيٌ إِذا وَلَدَتِ اثْنَينِ وقِيلَ إِذا وَلَدَتْ بَطْنًا واحِدًا والأَوَّلُ أَقْيَسُ وجَمْعُها ثِناءٌ كظِئْرٌ وظُؤارٍ وثِنْيُها وَلَدُها واسْتَعارَهُ لَبِيدٌ للمَرْأَةِ فقالَ

(لَيَالِيَ تحتَ الخِدْرِ ثِنْيُ مُصِيفَة ... من الأُدْمِ تَرْتادُ الشُّرُوجَ القَوابِلاَ)

والجمعُ أَثْناءٌ قال

(قامَ إِلى حَمْراءَ من أَثْنائِها ... )

قالَ أَبُو رِياشٍ ولا يُقالُ بعدَ هذا شَيْءٌ مشتقًا والثَّوانِي القُرونُ الَّتِي بعد الأَوائل والثَّنَى في الصَّدَقَةِ أَن تُؤْخَذَ في العامِ مَرَّتَيْنِ ويُرْوَى عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّه قالَ

لا ثَنِي في الصَّدَقَةِ والثَّنَى هو أَنْ تُؤْخَذَ ناقَتانِ في الصَّدَقةِ مكانَ واحِدَةٍ والمَثْناةُ والمِثْناةُ حَبْلٌ من صُوفٍ أَو شَعَرٍ وقِيلَ هو الحَبْلُ من أَيِّ شيءٍ كانَ وقالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ المَثناةُ بالفَتْحِ الحَبلُ وعقَلْتُ البَعِيرَ بَثنايَيْن غَيْرَ مَهموزٍ لأَنَّه لا واحِدَ لَه إِذا عَقَلْتَ يَدَيْهِ جَمِيعًا بحَبْلٍ أو بطَرَفَيْ حَبْلٍ قالَ سِيبَوَيْهِ سأَلْتُ الخَلِيلَ عن الثِّنايَيْنِ فقالَ هو بمَنْزِلَةِ النِّهايَةِ لأنَّ الزِّيادَةَ في آخِرِه لا تُفارِقُه فأَشْبَهَت الهاءَ قالَ ومن ثَمَّ قالُوا مِذْرَوانِ فجاءُوا بهِ على الأَصْلِ لأنَّ الزِّيادَةَ لا تُفارِقُه قالَ سٍ يبَوَيْهِ وسأَلْتُ الخَلِيلَ رحمه الله عن قَوْلِهم عَقَلْتُه بِثنايَيْنِ وهِنايَيْنِ لِمَ لَمْ يَهْمِزُوا فقالَ تَركُوا ذلِكَ حيثُ لم يُفْرَد الواحِدُ وقالَ ابنُ جِنِّي لو كــانَتْ ياءُ التثَّنِيَةِ إِعْرابًا أَو دَليلَ إِعرابٍ لوَجَبَ أَن تُقْلَبَ الياءُ التي بعدَ الأَلِفِ هَمْزَةً فيُقالُ عَقَلْتُه بِثناءَيْنِ وذلِكَ لأَنَّها ياءٌ وَقَعَتْ طَرَفًا بعدَ أَلِفٍ زائِدة فجَرَتْ مَجْرَى ياءِ رِداءٍ ورِماء وظِباء وعَقَلْتُه بِثنْيَيْنِ إِذا عَقَلْت يَدًا واحِدَةً بعُقْدَتَيْن والثَّنَى من الرِّجالِ بعدَ السَّيِّدِ وهو الثُّنْيانُ قالَ

(تَرَى ثِنانًا إِذا ما جاءَ بَدْأَهُم ... وبَدْؤُهُمْ إِن أَتانَا كان ثُنْيانَا)

ورَجُلٌ ثُنْيان لا رَأْىَ لَهُ ولا عَقْل ورأى ثُنْيانٌ غَيْرُ سَدِيدٍ ومَضَى ثِنْيٌ من اللَّيْلِ أَي وَقْتٌ عن اللِّحْيانِي والثَّنِيَّةُ من الأَضْراسِ أَوَّلُ ما في الفَمِ وللإنسان والخُفِّ والسَّبُعِ ثَنِيَّتانَ من فَوْقُ وثَنِيَّتانِ من أَسْفَلَ والثَّنِيُّ من الإِبِلِ الَّذِي يُلْقِي ثَنِيَّته وذلِكَ في السّادِسَةِ ومن الغَنَمِ الدّاخِلُ في السَّنَةِ الثانية تَيْسُا كانَ أو كَبْشُا وقِيلَ لابْنَةِ الخُسِّ هل يُلْقِحُ الثَّنِيُّ قالَتْ وإِلْقاحُه أَنِيُّ أَي بَطِيءٌ والأُنْثَى ثَنِيَّةٌ والجَمْعُ من ذلك كُلِّه ثِناءٌ وثُناءٌ وثُنْيانٌ وحكى سِيبَوَيْهِ ثُن قال ابنُ الأَعْرابِيِّ ليسَ قَبْلَ الثَّنِيِّ اسمٌ يُسَمَّى ولا بَعْدَ البازِلِ اسمٌ يُسَمَّى وأَثْنَى البَعِيرُ صارَ ثَنِيّا وقيلَ كُلُّ ما سَقَطَتْ ثَنِيَّتُه من غَيْرِ الإنسانِ ثَنِيٌّ والظَّبْيُ ثَنِيٌّ بعدَ الإجْذاع ولا يزالُ كذلِكَ حَتَّى يَمُوتَ والثَّنِيَّةُ الطَّريقَةُ في الجَبَلِ كالنَقْبِ وقِيلَ الطَّريقَةُ إلى الجَبَل وقِيلَ هي العَقَبَةُ وقِيلَ هي الجَبَلُ نَفْسُه والثَّناءُ ما تَصِفُ به الإنْسانَ من مَدْحٍ أو ذَمٍّ وخَصَّ بَعْضُهم به المَدْحَ وقد أَثْنَيْتَ عليه وقَوْلُ أَبِي المُثَلَّمِ الهُذَلِيِّ

(يا صَخْرُ إِن كُنْتَ تُثْنِي أَنَّ سَيْفَكَ مَشْقُوقُ ... الخَشِيبَةِ لا نابٍ ولا عَصِلُ)

مَعْناهُ تَمْتَدِحُ وتَفْتِخِرُ فحَذَف وأَوْصَلَ وثِناءُ الدّارِ فِناؤُها قالَ ابنُ جِنِّي ثِناءُ الدارِ وفِناؤُها أَصْلانِ لأنَّ الثِّناءَ من ثَنَى يَثْنِي لأنَّ هُناكَ تَنْثَنِي عن الانْبِساطِ لمجيءِ آخِرِها واسْتِقْصاءٍ حُدُودِها وفِناؤُها من فَنِيَ يَفْنَى لأنَّكَ إِذا تَناهَيْتَ إِلى أَقْصَى حُدُودِها فَنِيَتْ فإِن قُلْتَ هَلاَّ جَعَلْتَ إِجْماعَهُم على أَفْنِيَةٍ بالفاءِ دَلالةً علَى أَنَّ الثاءَ في ثِناءٍ بَدَلٌ من فاءِ فِناء كما زَعَمْتَ أَنَّ فاءَ جَدَفٍ بدلٌ من ثاءِ جَدَثٍ لإجْماعِهم عَلَى أَجْداثٍ فالفَرْقُ بَيْنَهُما وجُودُنا لِثناءٍ من الاشْتِقاقِ ما وَجَدناهُ لِفناءٍ أَلا تَرَى أَنَّ الفِعْلَ يَتَصَرَّفُ منهما جَمِيعًا ولَسْنا نَعْلَمُ لجَدَفٍ بالفاءِ تَصَرُّفَ جَدَثٍ فلذلِك قَضَيْنا بأَنَّ الفاءَ بدَلٌ من الثّاءِ وجَعَلَهُ أَبو عُبَيدَةَ في المُبْدَلِ واسْتَثْنَيْتُ الشيءَ من الشَّيءِ حاشَيْتُه والثَّنِيَّةُ النَّخْلَةُ المُسْتَثْناةُ من المُساوَمَةِ وحِلْفَةٌ غَيْرُ ذاتِ مَثْنَوِيَّةٍ أَي غَيْرُ مُحَلَّلَةٍ والثُّنْيا والثُّنْوَى ما اسْتَثْنَيْتَه قُلِبَتْ ياؤُه واوًا للتَّصْرِيف وتَعْوِيضِ الواوِ من كَثْرَةِ دُخُولِ الياءِ عليها وللفَرْقِ أَيضًا بين الاسْمِ والصِّفَةِ وقولُه أَنْشَدَه ثَعْلَبٌ

(مُذَكَّرَة الثُّنْيا مُسانَدَة القَرَى ... جُمالِيَّة تَخْتَبُّ ثُمّ تُنِيبُ)

فَسَّرَه فقالَ مُذَكَّرَةُ الثُّنْيَا يَعْنِي أن رَأْسَها وقوائمَها تُشْبِهُ خَلْق الذِّكارَةِ لم يَزِدْ عَلَى هذا شَيْئًا والثَّنِيَّةُ كالثُّنْيَا وفي حَدِيثِ كَعْبٍ الشُّهَداءُ ثَنِيَّةُ اللهِ في الأَرْضِ إِذا نُفِخَ في الصُّورِ فصَعِقَ الناسُ لم يَصْعَقُوا فكأَنَّهم مُسْتَثْنَوْنَ من الصَّعْقَيْن التَّفْسِيرُ للهَرَوِيِّ في الغَرِيبَيْن ومَضَى ثِنْيٌ من اللَّيْلِ أَي ساعَةٌ حُكِيَ ذَلك عن ثَعْلبٍ
ثني
ثنَى يَثنِي، اثْنِ، ثَنْيًا، فهو ثانٍ، والمفعول مَثْنيّ
• ثنَى الشَّيءَ: عطفه وردَّ بعضَه على بعض ° ثنى طَرْفه إليه: التفت- ثنى عِطْفَه: تكبَّر وأعرض.
• ثنَى الثَّوبَ: طواه "ثنى ركبته- {أَلاَ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ}: يطوونها على الكفر والعداوة"? لا يثني وجهه: يتمتع بالعزة والمنفعة.
• ثنَى عِنانَ فرسِه: لوى وجهه ليخفِّف من سرعته.
• ثنَى الشَّخصَ: صار له ثانيا "دخل الأول مستبشرًا وثناه الآخرُ".
• ثنَاه عن الأمر: صرفه عنه، ردَّه وأبعده "مآسي الفلسطينييِّن الرهيبة لاتَثنيهم عن الدِّفاع عن وطنهم". 

أثنى على يُثني، أثْنِ، إثناءً وثَناءً، فهو مُثْنٍ، والمفعول مُثْنًى عليه
• أثنى على تلميذه: أطراه، مدحه ووصفه بخير "سعِدتُ كثيرًا عندما سمعت أستاذي يُثني على بحثي- بدأ الخطبة فحمد الله وأثنى عليه". 

استثنى يستثني، استثنِ، استثناءً، فهو مستثنٍ،

والمفعول مستثنًى
• استثنى الشَّيءَ: أخرجه من قاعدة عامة أو حكم عامّ " {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ. وَلاَ يَسْتَثْنُونَ}: لم يقولوا: إن شاء الله".
• استثنى فلانًا: أخرجه من حكم غيره "استثنى فلانًا من الدعوة". 

انثنى/ انثنى على/ انثنى عن/ انثنى في ينثني، انْثَنِ، انثناءً، فهو مُنْثنٍ، والمفعول مُنْثَنًى عليه
• انثنى الشَّيءُ: مُطاوع ثنَى: تقوَّس، انعطف وارتدَّ بعضُه على بعض "انثنى ظهرُه من الكِبَر- انثنى قضيبُ الحديد" ° إرادةٌ لا تنثني/ عزيمة لا تنثني: لا تضعف.
• انثنى صدرُه على الحبِّ: انطوى.
• انثنى عن خصمه: انصرف عنه، ابتعد، ارتدّ "انثنى عن عزمه".
• انثنت في مِشْيتها: تمايلت وتبخترت. 

تثنَّى/ تثنَّى في يتثنَّى، تَثَنَّ، تثنّيًا، فهو مُتثنٍّ، والمفعول مُتَثَنًّى فيه
• تثنَّى الشَّجرُ ونحوُه: انثنى، تمايل، انعطف بعضُه على بعض "تثنَّت الأغصانُ" ° تثنّى عليه: توثَّب.
• تثنَّت الفتاةُ في مشيتها: تمايلت وتبخترت "من أدب الطريق ألا تتثنَّى الفتاة في مشيتها". 

ثنَّى/ ثنَّى بـ يثنِّي، ثَنِّ، تثنيةً، فهو مُثَنٍّ، والمفعول مُثنًّى
• ثنَّى الشَّيءَ: جعله اثنين "ثنَّى مبلغًا".
• ثنَّى العددَ: ضعَّفه.
• ثنَّى الكلمةَ: (نح) ألحق بها علامة التثنية.
• ثنَّى بالأمر: جاء به بعد شيء قبله "بدأ بحمد الله تعالى ثم ثنَّى بالصلاة على الرسول صلّى الله عليه وسلّم". 

أَثْناء [جمع]: مف ثِنْي: ظرف زمان بمعنى خلال، يدل على تداخل حدثين أو أكثر، يُستعمل جمعًا غالبًا، ويَردُ مسبوقًا بـ (في) أحيانًا "تابع المسلسل الإذاعي في أثناء قيادته للسيارة" ° أثناء الكلام: أوساطه، خلاله- في هذه الأثناء: خلالها، في غضون ذلك، بين هذا الوقت ووقت آخر لاحق، في المدة الواقعة بين تاريخين أو زمنين أو حدثين. 

إثناء [مفرد]: مصدر أثنى على. 

إثنيَّة [مفرد]: (سة) عرقيَّة، مذهب يرمي إلى تصنيف الجماعات الإنسانية على أساس انتــمائها إلى عرق أو أصل معيَّن، وتعرَف بالتمييز العنصري. 

اثنا عشَريَّة [جمع]
• الاثنا عشَريَّة: (سف) فرقة من الشِّيعة الإماميَّة يقولون باثني عشر إمامًا أولهم عليّ بن أبي طالب وآخرهم الإمام المنتظر. 

اثناعَشَرَ [مفرد]: عدد مركب من اثنين وعشر يلي أحد عَشَر ويسبق ثلاثة عَشَر، يطابق المعدود تذكيرًا وتأنيثًا بجزأيه، والجزء الأول منه يعامل معاملة المثنَّى في الإعراب والثاني يظل مبنيًّا على الفتح لا محل له من الإعراب "عمر الطفلة اثنتا عشرة سنةً- اشتريت اثني عشر قلمًا- {وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} ". 

اثناعَشَريّ [مفرد]: اسم منسوب إلى اثنا عَشَرَ.
• الاثنا عَشَريّ: (شر) أول جزء من الأمعاء الدَّقيقة مما يلي المعدة؛ سُمِّي بذلك لأن طوله نحو اثنتي عشرة إصبعًا. 

اثنان [مثنى]: مؤ اثْنَتانِ وثِنْتان: اسم عدد أصلي فوق الواحد ودون الثلاثة،، لا مفردَ له من لفظه، يوافق المعدود في التذكير والتأنيث تركيبًا وعطفًا "حضر الندوة اثنان من الطلاب- اقتصرت زيارة المحافظ على مدينتين اثنتين- {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ} " ° فلانٌ ثاني اثنين: أي هو أحدهما.
• الإثنين: ثالث أيّام الأسبوع، يأتي بعد الأحد، ويليه الثُّلاثاء "ولد الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين". 

اثنينيَّة [مفرد]: اسم مؤنَّث منسوب إلى اثنين.
• الاثنينيَّة:
1 - (سف) النَّزعة القائلة بوجود جوهرين مختلفين هما المادَّة والروح.
2 - كون الشَّيء الواحد مشتملاً على
 حدَّين متقابلين كتقابل الفكر والعمل، وتقابل الخيال والحقيقة. 

استثناء [مفرد]:
1 - مصدر استثنى ° بلا استثناء/ بدون استثناء: لايُستثنى أحد أو شيء.
2 - إخراج من نطاق الحكم أو القاعدة، ميزة أو حصانة تمنح أو يتمتع بها فرد أو طبقة أو نظام "طالبت الهيئات الشعبيّة بإلغاء الاستثناءات في جميع الدوائر الحكوميّة".
3 - (نح) ما دلّ على مخالفة بلفظ إلاّ أو إحدى أخواتها "حضر الطلاب إلا محمدًا- ألا كلُّ شيءٍ ما خلا اللهَ باطلٌ ... وكُلُّ نعيم لا محالة زائلُ". 

استثنائيّ [مفرد]: اسم منسوب إلى استثناء: غير معتاد، شاذ، طارئ "قام المجلس بعقد جلسة استثنائيَّة لمناقشة المشكلات- لا يصح اتِّخاذ الحالات الاستثنائيّة مقياسًا للحكم العام". 

استثنائيَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى استثناء: "حصلت الشركة على امتيازات استثنائيّة- جَلْسة/ دورة استثنائيَّة".
2 - مصدر صناعيّ من استثناء: حالة نادرة تخرج عن الإطار العام المتعارف عليه لشيءٍ ما، غير عاديّة.
• استثنائيَّة الحدث: أهمِّيَّته وعدم توقُّعه.
• المحكمة الاستثنائيَّة: (قن) محكمة عسكريّة، غايتها الحفاظ على أمن الدولة في حالات استثنائيّة، وهي تفرض أحكامًا عسكريّة على المدنيِّين "دعت الصحف لإلغاء المحاكم الاستثنائيّة". 

انثناء [مفرد]: مصدر انثنى/ انثنى على/ انثنى عن/ انثنى في. 

تَثْنية [مفرد]: مصدر ثنَّى/ ثنَّى بـ. 

ثانٍ [مفرد]:
1 - اسم فاعل من ثنَى.
2 - عدد ترتيبيّ يوصف به يدل على فرد واحد جاء ثانيًا، ما بعد الواحد وقبل الثالث "نُقل إلى الصفِّ الثاني- الطابق الثاني" ° ثانيًا: الواقع بعد الأوَّل، ويستعمل في العدّ، فيقال: أولاً، ثانيًا، ... - حَرْق من الدَّرجة الثَّانية: حرق يقرّح الجلد، أخطر من حرق الدرجة الأولى- ملازم ثان: رتبة عسكرية بين ملازم أوّل ونقيب.
• الثَّاني عَشَر: عدد ترتيبيّ يوصف به، يلي الحادي عَشَر ويسبق الثَّالث عَشَر مبني على فتح الجزأين "القرن الثاني عشر الهجري".
• ثاني أكسيد الكربون: (كم) غاز عديم اللون والرائحة يتشكل نتيجة التنفس والاحتراق والتحلّل العضويّ، يدخل في صناعة المشروبات الغازيّة، كما يستخدم لإخماد الحرائق.
• ثاني اثنين: أحدُهما، ما أو من يضاف إلى واحد فيصيّره اثنين " {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} ". 

ثانويّ [مفرد]: مؤ ثانويَّة: اسم منسوب إلى ثانٍ: ما يلي الأول في الدرجة والمرتبة، ليس له الأهمية الأولى "قمت بدور ثانويّ- مسائل ثانويّة" ° لَوْنٌ ثانويّ: لون يُشَكَّل بمزج لونين أساسيَّين بنسب متساوية تقريبًا.
• تعليم ثانويّ: مرحلة تعليميَّة بعد الإعداديَّة في بعض البلاد العربية، أو المتوسطة في بعض آخر وتُعِدّ للتعليم الجامعي? شهادة ثانوية: شهادة إتمام التعليم الثانويّ- مَدْرسَة ثانويَّة: مَدْرسَة تُعِدُّ للتعليم الجامعي.
• عمًى ثانويّ: (طب) شكل من عمَى الألوان يتَّسم بعدم تمييز اللون الأخضر. 

ثانية1 [مفرد]: ج ثوانٍ:
1 - وحدة زمنية تساوي جزءًا من ستين جزءًا من الدقيقة "ماهي إلا ثوانٍ حتى بدأ يتنفس من جديد- انتــظر ثانية واحدة".
2 - وقت بالغ القصر "ثانية واحدة من فضلك- دَقَّاتُ قلب المرء قائلة له ... إن الحياة دَقائِقٌ وثواني". 

ثانية2 [مفرد]:
1 - صيغة المؤنَّث لفاعل ثنَى.
2 - أخرى، وأكثر ما تستعمل فيما له ثالث "مرة/ عضلة ثانية- الصفحة الثانية- العادة طبيعة ثانية [مثل أجنبيّ]: يقابله المثل العربيّ: مَنْ شَبَّ على خُلُقٍ شابَ عليه". 

ثَناء [مفرد]: ج ثناءات وأثنية:
1 - مصدر أثنى على.
2 - مَدْح، تقريظ "حُبّ الثناء طبيعة الإنسان- ليس الكريم الذي يعطي عطيَّته ... عن الثناء وإن أغلى به الثمنا- إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ [حديث] " ° أثنى عليه ثناءً عَطِرًا/ أثنى عليه عاطِرَ الثَّناء: بالغ في مدحه وإطرائه- أحسن الثَّناءَ.
3 - صيت، شُهْرة، سمعة حسنة
 "فلان طيّب الثناء". 

ثُناءَ [مفرد]: اثنين اثنين، معدول عن اثنين اثنين بالتكرار، يستوي فيها المذكر والمؤنث، وهي ممنوعة من الصرف "جاءوا ثُناءَ". 

ثُنائيّ [مفرد]: مؤ ثُنائيَّة: اسم منسوب إلى ثُناءَ: ما كان له ركنان أو جزءان أو شقّان "مؤتمر ثنائيّ: يضمّ ممثلين عن دولتين فقط" ° اتِّفاق ثُنائيّ: ما كان بين فريقين- ثُنائيّ الاتّجاه: طريق باتّجاهين- ثُنائيّ البعد: كلّ ما تتحدّد نُقَطُه ببعدين كالسطح، ذو بعدين- ثُنائيّ الجنس: خُنثى- ثُنائيّ الوجه: ذو وجهين أو سطحين- حِلْف ثنائيّ: بين طرفين أو دولتين- عَقْد ثنائيّ: عقد يتمّ بين شخصين ويلزمهما- معاهدة ثنائيّة: معاهدة بين دولتين أو طرفين.
• حديث ثنائيّ الإسناد: (حد) حديث نقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم بواسطة سلسلتين من رُواة الحديث أو عن طريقين من طرق الإسناد.
• النَّجم الثُّنائيّ: (فك) نظام نجميّ يحتوي على نجمتين تدوران حول المركز نفسه وتظهران كنجم واحد.
• مركَّب ثنائيّ: (كم) مصطلح يطلق على اتِّحاد كيميائي يحتوي على عنصرين.
• عنصر ثنائيّ الذَّرّة: (كم) عنصر يتركب جزءاه من ذرَّتيْن.
• ثنائيّ المعدن: (كم) متكوِّن من معدنين مرتبطين مع بعضهما عادة، ولهما نسب مختلفة في التمدُّد الحراريّ.
• ثُنائيّ اللُّغة:
1 - (لغ) من يتكلّم لغتين على مستوًى واحد.
2 - صفة للنصوص أو المعاجم التي تُستخدم فيها لغتان، كالقواميس الإنجليزيَّة العربيَّة أو العكس "اشتريت معجمًا ثنائيّ اللغة: إنجليزيّ- عربيّ".
• لفظ ثُنائيّ: (لغ) ذو حرفين. 

ثُنائيَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى ثُناء.
2 - مصدر صناعيّ من ثُناءَ.
• الثُّنائيَّة: (سف) فكرة تذهب في تفسير العالم إلى القول بمبدأين متقابلين كالخير والشرّ عند الثَّنوية والنَّفس والجسم عند ديكارت، تقابلها الأحاديَّة "ثنائية المادة والروح".
• الثُّنائيَّة اللُّغويَّة:
1 - تعبير يقصد به الكتابة بلغة والتّكلم بلغة أخرى.
2 - (لغ) مصطلح يُطلق على استعمال لغتين أو تعايشهما جنبًا إلى جنب في مجتمع معيَّن مثل بعض دول إفريقية التي تتكلم السَّواحيليَّة والإنكليزيَّة، أو السَّواحيليَّة والفرنسيَّة.
3 - (لغ) مصطلح يُطلق على ظاهرة الازدواج اللُّغويّ أي الفصحى والعاميّة.
• ثنائيَّة اللَّون: كون الشيء ذا لونين.
• قمة ثنائيَّة: اجتماع يعقد بين رئيسيّ دولتين. 

ثَنَويّة [مفرد]
• الثَّنَويَّة:
1 - (سف) المانوية، وهي فرقة ترى أن العالم يُحكم بواسطة قوتين متضادتين، هما الخير والشرّ مع اعتقاد بوجود إلهين للكون.
2 - مفهوم يرى أن الإنسان مؤلَّف من طبيعتين أساسيتين هما الجسديَّة والروحيّة. 

ثَنْي [مفرد]: مصدر ثنَى. 

ثِنْي [مفرد]: ج أثناء
• الثِّني من اللَّيل: جزء منه، ساعة منه.
• الثِّني من النِّساء: من ولدت مرتين.
• الثِّني من الحبل:
1 - ما تعوَّج منه.
2 - أحد طرفيه.
• الثِّني من الوادي: منعطفه.
• الثِّني من الثَّوب: ما ثني من أطرافه "وضعت الطلب ثني كتابي: داخله". 

ثَنْية [مفرد]: ج ثَنَيات وثَنْيات:
1 - اسم مرَّة من ثنَى.
2 - خطّ ناتج عن الكيّ أو الطيّ أو التجعُّد. 

ثَنِيَّة [مفرد]: ج ثَنِيّات وثَنَايا:
1 - إحدى الأسنان الأربع في مقدَّم الفمّ، ثِنتان من فوق وثِنتان من تحت "تظهر ثنيَّتا الطفل في الشهر الخامس" ° طلاّع الثّنايا: مجرّب للأمور يُحسن تدبيرها بمعرفته وجودة رأيه، جَلْد يتحمل المشاقّ أو ساعٍ لمعالي الأمور.
2 - طريق في الجبل "طلع البدر علينا ... من ثَنِيّاتِ الودَاع".
• ثنايا الشَّيء: داخله، طيّاته "في ثنايا صدره/ فكره/ الكتاب". 

مَثانٍ [جمع]: مف مثنى: آيات تُتلى وتُكرَّر، آيات

القرآن " {كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} ".
• المثاني: من أسماء القرآن الكريم لما فيه من قصص الماضين، ولتكرار القصص والمواعظ فيه.
• مثاني الشيء: قواه وطاقاته.
• السَّبع المثاني:
1 - فاتحةُ الكتاب " {وَلَقَدْ ءَاتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} ".
2 - طوال السُّور " {وَلَقَدْ ءَاتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} ". 

مُثَنًّى [مفرد]: اسم مفعول من ثنَّى/ ثنَّى بـ.
• المثنَّى: (نح) صيغة دالَّة على اثنين أو اثنتين، تغنى عن المتعاطفين، بإضافة ألف ونون أو ياء ونون إلى المفرد "حضَر الرجلان- سلّمتُ على الرجلين". 

مَثْنَويّ [مفرد]: ج مثنويّات: اسم منسوب إلى مَثْنَى: على غير قياس.
• المثنويّ من الشِّعْر: ما كان كل شطرين بقافية واحدة "قرأت مثنويات جلال الدين الروميّ في التصوف". 

مَثْنَى [مفرد]: ج مثانٍ: ثُناءَ، اثنين اثنين، معدول عن اثنين اثنين بالتكرار، يستوي فيها المذكر والمؤنث، وهي ممنوعة من الصرف " {أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى} - {جَاعِلِ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} ". 

مُستثنًى [مفرد]: ج مستثنيات: اسم مفعول من استثنى.
• المستثنى: (نح) اسم يُذكر بعد إلاّ أو إحدى أخواتها مخالفًا في الحكم لما قبلها. 

ثني: ثَنَى الشيءَ ثَنْياً: ردَّ بعضه على بعض، وقد تَثَنَّى وانْثَنَى.

وأَثْناؤُه ومَثانِيه: قُواه وطاقاته، واحدها ثِنْي ومَثْناة ومِثْناة؛

عن ثعلب. وأَثْناء الحَيَّة: مَطاوِيها إِذا تَحَوَّتْ. وثِنْي الحيّة:

انْثناؤُها، وهو أَيضاً ما تَعَوَّج منها إِذا تثنت، والجمع أَثْناء؛

واستعارة غيلان الرَّبَعِي لليل فقال:

حتى إِذا شَقَّ بَهِيمَ الظَّلْماءْ،

وساقَ لَيْلاً مُرْجَحِنَّ الأَثْناءْ

وهو على القول الآخر اسم. وفي صفة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم:

ليسَ بالطويل المُتَثَنّي؛ هو الذاهب طولاً، وأَكثر ما يستعمل في طويل

لا عَرْض له. وأَثْناء الوادِي: مَعاطِفُه وأَجْراعُه. والثِّنْي من

الوادي والجبل: مُنْقَطَعُه. ومَثاني الوادي ومَحانِيهِ: مَعاطِفُه. وتَثَنَّى

في مِشيته. والثِّنْي: واحد أَثْناء الشيء أَي تضاعيفه؛ تقول: أَنفذت

كذا ثِنْيَ كتابي أَي في طَيّه. وفي حديث عائشة تصف أَباها، رضي الله

عنهما: فأَخذ بطَرَفَيْه ورَبَّقَ لكُمْ أَثْناءَه أَي ما انْثَنَى منه،

واحدها ثِنْيٌ، وهي معاطف الثوب وتضاعيفه. وفي حديث أَبي هريرة: كان يَثْنِيه

عليه أَثْناءً من سَعَتِه، يعني ثوبه. وثَنَيْت الشيء ثَنْياً: عطفته.

وثَناه أَي كَفَّه. ويقال: جاء ثانياً من عِنانه. وثَنَيْته أَيضاً:

صَرَفته عن حاجته، وكذلك إِذا صرت له ثانياً. وثَنَّيْته تَثْنِية أَي جعلته

اثنين. وأَثْناءُ الوِشاح: ما انْثنَى منه؛ ومنه قوله:

تَعَرُّض أَثْناء الوِشاح المُفَصَّل

(* البيت لامرئ القيس من معلقته).

وقوله:

فإِن عُدَّ من مَجْدٍ قديمٍ لِمَعْشَر،

فَقَوْمي بهم تُثْنَى هُناك الأَصابع

يعني أَنهم الخيار المعدودون؛ عن ابن الأَعرابي، لأَن الخيار لا يكثرون.

وشاة ثانِيَةٌ بَيِّنة الثِّنْي: تَثْني عنقها لغير علة. وثَنَى رجله عن

دابته: ضمها إِلى فخذه فنزل، ويقال للرجل إِذا نزل عن دابته. الليث:

إِذا أَراد الرجل وجهاً فصرفته عن وجهه قلت ثَنَيْته ثَنْياً. ويقال: فلان

لا يُثْنى عن قِرْنِه ولا عن وجْهه، قال: وإِذا فعل الرجل أَمراً ثم ضم

إِليه أَمراً آخر قيل ثَنَّى بالأَمر الثاني يُثَنِّي تَثْنِية. وفي حديث

الدعاء: من قال عقيب الصلاة وهو ثانٍ رِجْلَه أَي عاطفٌ رجله في التشهد

قبل أَن ينهَض. وفي حديث آخر: من قال قبل أَن يَثْنيَ رِجْلَه؛ قال ابن

الأَثير: وهذا ضد الأَول في اللفظ ومثله في المعنى، لأَنه أَراد قبل أَن

يصرف رجله عن حالتها التي هي عليها في التشهد. وفي التنزيل العزيز: أَلا

إِنهم يَثْنُون صُدورَهم؛ قال الفراء: نزلت في بعض من كان يلقى النبي، صلى

الله عليه وسلم، بما يحب ويَنْطَوِي له على العداوة والبُغْض، فذلك

الثَّنْيُ الإِخْفاءُ؛ وقال الزجاج: يَثْنُون صدورهم أَي يسرّون عداوة النبي،

صلى الله عليه وسلم؛ وقال غيره: يَثْنُون صدورهم يُجِنُّون ويَطْوُون ما

فيها ويسترونه استخفاء من الله بذلك. وروي عن ابن عباس أَنه قرأَ: أَلا

إِنَّهم تَثْنَوْني صدورهم، قال: وهو في العربية تَنْثَني، وهو من الفِعل

افعَوْعَلْت. قال أَبو منصور: وأَصله من ثَنَيت الشيء إِذا حَنَيْته

وعَطَفته وطويته. وانْثَنى أَي انْعطف، وكذلك اثْنَوْنَى على افْعَوْعَل.

واثْنَوْنَى صدره على البغضاء أَي انحنى وانطوى. وكل شيء عطفته فقد ثنيته.

قال: وسمعت أَعرابيّاً يقول لراعي إِبل أَوردها الماءَ جملة فناداه: أَلا

واثْنِ وُجوهَها عن الماء ثم أَرْسِل مِنْها رِسْلاً رِسْلاً أَي قطيعاً،

وأَراد بقوله اثْنِ وُجوهها أَي اصرف وجوهها عن الماء كيلا تزدحم على

الحوض فتهدمه. ويقال للفارس إِذا ثَنَى عنق دابته عند شدَّة حُضْرِه: جاء

ثانيَ العِنان. ويقال للفرس نفسه: جاء سابقاً ثانياً إِذا جاء وقد ثَنَى

عنقه نَشاطاً لأَنه إِذا أَعيا مدّ عنقه، وإِذا لم يجئ ولم يَجْهَد وجاء

سيرُه عَفْواً غير مجهود ثَنى عنقه؛ ومنه قوله:

ومَن يَفْخَرْ بمثل أَبي وجَدِّي،

يَجِئْ قبل السوابق، وهْو ثاني

أَي يجئ كالفرس السابق الذي قد ثَنى عنقه، ويجوز أَن يجعله كالفارس

الذي سبق فرسُه الخيل وهو مع ذلك قد ثَنى من عنقه.

والاثْنان: ضعف الواحد. فأَما قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إِلَهين

اثنَين، فمن التطوّع المُشامِ للتوكيد، وذلك أَنه قد غَنِيَ بقوله

إِلَهَيْن عن اثنين، وإِنما فائدته التوكيد والتشديد؛ ونظيره قوله تعالى:

ومَنَاة الثالثةَ الأُخرى؛ أَكد بقولة الأُخرى، وقوله تعالى: فإِذا نُفخ في

الصور نفخةٌ واحدةٌ، فقد علم بقوله نفخة أَنها واحدة فأَكد بقوله واحدة،

والمؤنث الثِّنْتان، تاؤه مبدلة من ياء، ويدل على أَنه من الياء أَنه من

ثنيت لأَن الاثنين قد ثني أَحدهما إِلى صاحبه، وأَصله ثَنَيٌ، يدلّك على

ذلك جمعهم إِياه على أَثْناء بمنزلة أَبناء وآخاءٍ، فنقلوه من فَعَلٍ إِلى

فِعْلٍ كما فعلوا ذلك في بنت، وليس في الكلام تاء مبدلة من الياء في غير

افتعل إِلا ما حكاه سيبويه من قولهم أَسْنَتُوا، وما حكاه أَبو علي من

قولهم ثِنْتان، وقوله تعالى: فإِن كــانتــا اثْنَتين فلهما الثلثان؛ إِنما

الفائدة في قوله اثنتين بعد قوله كــانتــا تجردهما من معنى الصغر والكبر، وإِلا

فقد علم أَن الأَلف في كــانتــا وغيرها من الأَفعال علامة التثنية. ويقال:

فلان ثاني اثْنَين أَي هو أَحدهما، مضاف، ولا يقال هو ثانٍ اثْنَين،

بالتنوين، وقد تقدم مشبعاً في ترجمة ثلث. وقولهم: هذا ثاني اثْنَين أَي هو

أَحد اثنين، وكذلك ثالثُ ثلاثةٍ مضاف إِلى العشرة، ولا يُنَوَّن، فإِن

اختلفا فأَنت بالخيار، إِن شئت أَضفت، وإِن شئت نوّنت وقلت هذا ثاني واحد

وثانٍ واحداً، المعنى هذا ثَنَّى واحداً، وكذلك ثالثُ اثنين وثالثٌ اثنين،

والعدد منصوب ما بين أَحد عشر إِلى تسعة عشر في الرفع والنصب والخفض إِلا

اثني عشر فإِنك تعربه على هجاءين. قال ابن بري عند قول الجوهري والعدد

منصوب ما بين أَحد عشر إِلى تسعة عشر، قال: صوابه أَن يقول والعدد مفتوح،

قال: وتقول للمؤنث اثنتان، وإِن شئت ثنتان لأَن الأَلف إِنما اجتلبت لسكون

الثاء فلما تحركت سقطت. ولو سمي رجل باثْنين أَو باثْنَي عشر لقلت في

النسبة إِليه ثَنَوِيٌّ في قول من قال في ابْنٍ بَنَوِيٌّ، واثْنِيٌّ في

قول من قال ابْنِيٌّ؛ وأَما قول الشاعر:

كأَنَّ خُصْيَيْه مِنَ التَّدَلْدُلِ

ظَرْفُ عجوزٍ فيه ثِنْتا حَنْظَلِ

أَراد أَن يقول: فيه حنظلتان، فأَخرج الاثنين مخرج سائر الأَعداد

للضرورة وأَضافه إِلى ما بعده، وأَراد ثنتان من حنظل كما يقال ثلاثة دراهم

وأَربعة دراهم، وكان حقه في الأَصل أَن يقول اثنا دراهم واثنتا نسوة، إِلاَّ

أَنهم اقتصروا بقولهم درهمان وامرأَتان عن إِضافتهما إِلى ما بعدهما.

وروى شمر بإِسناد له يبلغ عوف بن مالك أَنه سأَل النبي، صلى الله عليه وسلم،

عن الإِمارة فقال: أَوَّلها مَلامة وثِناؤُها نَدامة وثِلاثُها عذابٌ

يومَ القيامة إِلاَّ مَنْ عَدَل؛ قال شمر: ثِناؤها أَي ثانيها، وثِلاثها

أَي ثالثها. قال: وأَما ثُناءُ وثُلاثُ فمصروفان عن ثلاثة ثلاثة واثنين

اثنين، وكذلك رُباعُ ومَثْنَى؛ وأَنشد:

ولقد قَتَلْتُكُمُ ثُناءَ ومَوْحَداً،

وتركتُ مُرَّةَ مثلَ أَمْسِ الدَّابِرِ

وقال آخر:

أُحاد ومَثْنَى أَضْعَفَتْها صَواهِلُه

الليث: اثنان اسمان لا يفردان قرينان، لا يقال لأَحدهما اثْنٌ كما أَن

الثلاثة أَسماء مقترنة لا تفرق، ويقال في التأْنيث اثْنَتان ولا يفردان،

والأَلف في اثنين أَلف وصل، وربما قالوا اثْنتان كما قالوا هي ابنة فلان

وهي بنته، والأَلف في الابنة أَلف وصل لا تظهر في اللفظ، والأَصل فيهما

ثَنَيٌ، والأَلف في اثنتين أَلف وصل أَيضاً، فإِذا كــانت هذه الأَلف مقطوعة

في الشعر فهو شاذ كما قال قيس بن الخَطِيم:

إِذا جاوَزَ الإِثْنَيْن سِرٌّ، فإِنه

بِنثٍّ وتَكْثيرِ الوُشاةِ قَمِينُ

غيره: واثنان من عدد المذكر، واثنتان للمؤنث، وفي المؤَنث لغة أُخرى

ثنتان بحذف الأَلف، ولو جاز أَن يفرد لكان واحده اثن مثل ابن وابنة وأَلفه

أَلف وصل، وقد قطعها الشاعر على التوهم فقال:

أَلا لا أَرى إِثْنَيْنِ أَحْسنَ شِيمةً،

على حدثانِ الدهرِ، مني ومنْ جُمْل

والثَّنْي: ضَمُّ واحد إِلى واحد، والثِّنْيُ الاسم، ويقال: ثِنْيُ

الثوب لما كُفَّ من أَطرافه، وأَصل الثَّنْي الكَفّ. وثَنَّى الشيءَ: جعله

اثنين، واثَّنَى افتعل منه، أَصله اثْتنَى فقلبت الثاء تاء لأَن التاء آخت

الثاء في الهمس ثم أُدغمت فيها؛ قال:

بَدا بِأَبي ثم اتَّنى بأَبي أَبي،

وثَلَّثَ بالأَدْنَيْنَ ثَقْف المَحالب

(* قوله «ثقف المحالب» هو هكذا بالأصل).

هذا هو المشهور في الاستعمال والقويّ في القياس، ومنهم من يقلب تاء

افتعل ثاء فيجعلها من لفظ الفاء قبلها فيقول اثَّنى واثَّرَدَ واثَّأَرَ، كما

قال بعضهم في ادَّكر اذَّكر وفي اصْطَلحوا اصَّلحوا. وهذا ثاني هذا أَي

الذي شفعه. ولا يقال ثَنَيْته إِلاَّ أَن أَبا زيد قال: هو واحد فاثْنِه

أَي كن له ثانياً. وحكى ابن الأَعرابي أَيضاً: فلان لا يَثْني ولا

يَثْلِثُ أَي هو رجل كبير فإِذا أَراد النُّهوض لم يقدر في مرة ولا مرتين ولا

في الثالثة. وشَرِبْتُ اثْنَا القَدَح وشرِبت اثْنَيْ هذا القَدَح أَي

اثنين مِثلَه، وكذلك شربت اثْنَيْ مُدِّ البصرة، واثنين بِمدّه البصرة.

وثَنَّيتُ الشيء: جعلته اثنين. وجاء القوم مَثْنى مَثْنى أَي اثنين اثنين.

وجاء القوم مَثْنى وثُلاثَ غير مصروفات لما تقدم في ث ل ث، وكذلك النسوة

وسائر الأَنواع، أَي اثنين اثنين وثنتين ثنتين. وفي حديث الصلاة صلاة

الليل: مَثْنى مَثْنى أَي ركعتان ركعتان بتشهد وتسليم، فهي ثُنائِِية لا

رُباعية. ومَثْنَى: معدول من اثنين اثنين؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:

فما حَلَبَتْ إِلاَّ الثَّلاثة والثُّنَى،

ولا قَيَّلَتْ إِلاَّ قريباً مَقالُها

قال: أَراد بالثلاثة الثلاثة من الآنية، وبالثُّنَى الاثنين؛ وقول كثير

عزة:

ذكرتَ عَطاياه، وليْستْ بحُجَّة

عليكَ، ولكن حُجَّةٌ لك فَاثْنِني

قيل في تفسيره: أَعطني مرة ثانية ولم أَره في غير هذا الشعر.

والاثْنانِ: من أَيام الأُسبوع لأَن الأَول عندهم الأَحد، والجمع

أَثْناء، وحكى مطرز عن ثعلب أَثانين، ويومُ الاثْنين لا يُثَنى ولا يجمع لأَنه

مثنّىً، فإِن أَحببت أَن تجمعه كأَنه صفة الواحد، وفي نسخة كأَن لَفْظَه

مبنيٌّ للواحد، قلت أَثانِين، قال ابن بري: أَثانين ليس بمسموع وإِنما هو

من قول الفراء وقِياسِه، قال: وهو بعيد في القياس؛ قال: والمسموع في جمع

الاثنين أَثناء على ما حكاه سيبويه، قال: وحكى السيرافي وغيره عن العرب

أن فلاناً ليصوم الأَثْناء وبعضهم يقول ليصوم الثُّنِيَّ على فُعول مثل

ثُدِيٍّ، وحكى سيبويه عن بعض العرب اليوم الثِّنَى، قال: وأَما قولهم

اليومُ الاثْنانِ، فإِنما هو اسم اليوم، وإِنما أَوقعته العرب على قولك

اليومُ يومان واليومُ خمسةَ عشرَ من الشهر، ولا يُثَنَّى، والذين قالوا

اثْنَيْ جعلوا به على الاثْن، وإِن لم يُتَكلم به، وهو بمنزلة الثلاثاء

والأربعاء يعني أَنه صار اسماً غالباً؛ قال اللحياني: وقد قالوا في الشعر يوم

اثنين بغير لام؛ وأَنشد لأَبي صخر الهذلي:

أَرائحٌ أَنت يومَ اثنينِ أَمْ غادي،

ولمْ تُسَلِّمْ على رَيْحانَةِ الوادي؟

قال: وكان أَبو زياد يقول مَضى الاثْنانِ بما فيه، فيوحِّد ويذكِّر،

وكذا يَفْعل في سائر أَيام الأُسبوع كلها، وكان يؤنِّث الجمعة، وكان أَبو

الجَرَّاح يقول: مضى السبت بما فيه، ومضى الأَحد بما فيه، ومضى الاثْنانِ

بما فيهما، ومضى الثلاثاء بما فيهن، ومضى الأربعاء بما فيهن، ومضى الخميس

بما فيهن، ومضت الجمعة بما فيها، كان يخرجها مُخْرج العدد؛ قال ابن جني:

اللام في الاثنين غير زائدة وإِن لم تكن الاثنان صفة؛ قال أَبو العباس:

إِنما أَجازوا دخول اللام عليه لأَن فيه تقدير الوصف، أَلا ترى أَن معناه

اليوم الثاني؟ وكذلك أَيضاً اللام في الأَحد والثلاثاء والأَربعاء ونحوها

لأَن تقديرها الواحد والثاني والثالث والرابع والخامس والجامع والسابت،

والسبت القطع، وقيل: إِنما سمي بذلك لأَن الله عز وجل خلق السموات

والأَرض في ستة أَيام أَولها الأَحد وآخرها الجمعة، فأَصبحت يوم السبت منسبتة

أَي قد تمت وانقطع العمل فيها، وقيل: سمي بذلك لأَن اليهود كانوا ينقطعون

فيه عن تصرفهم، ففي كلا القولين معنى الصفة موجود. وحكى ثعلب عن ابن

الأَعرابي: لا تكن اثْنَويّاً أَي ممن يصوم الاثنين وحده.

وقوله عز وجل: ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم؛ المثاني من

القرآن: ما ثُنِّيَ مرة بعد مرة، وقيل: فاتحة الكتاب، وهي سبع آيات، قيل

لها مَثَانٍ لأَنها يُثْنى بها في كل ركعة من ركعات الصلاة وتعاد في كل

ركعة؛ قال أَبو الهيثم: سميت آيات الحمد مثاني، واحدتها مَثْناة، وهي سبع

آيات؛ وقال ثعلب: لأَنها تثنى مع كل سورة؛ قال الشاعر:

الحمد لله الذي عافاني،

وكلَّ خيرٍ صالحٍ أَعطاني،

رَبِّ مَثاني الآيِ والقرآن

وورد في الحديث في ذكر الفاتحة: هي السبع المثاني، وقيل: المثاني سُوَر

أَوَّلها البقرة وآخرها براءة، وقيل: ما كان دون المِئِين؛ قال ابن بري:

كأَن المِئِين جعلت مبادِيَ والتي تليها مَثاني، وقيل: هي القرآن كله؛

ويدل على ذلك قول حسان بن ثابت:

مَنْ للقَوافي بعدَ حَسَّانَ وابْنِه؟

ومَنْ للمثاني بعدَ زَيْدِ بنِ ثابتِ؟

قال: ويجوز أَن يكون، والله أَعلم، من المثاني مما أُثْني به على الله

تبارك وتقدَّس لأَن فيها حمد الله وتوحيدَه وذكر مُلْكه يومَ الدين،

المعنى؛ ولقد آتَيناك سبع آيات من جملة الآيات التي يُثْنَى بها على الله عز

وجل وآتيناك القرآن العظيم؛ وقال الفراء في قوله عز وجل: اللهُ نَزَّلَ

أَحسَن الحديث كتاباً مُتشابهاً مَثانيَ؛ أَي مكرراً أَي كُرِّرَ فيه

الثوابُ والعقابُ؛ وقال أَبو عبيد: المَثاني من كتاب الله ثلاثة أَشياء،

سَمَّى اللهُ عز وجل القرآن كله مثانيَ في قوله عز وجل: الله نزل أَحسن الحديث

كتاباً متشابهاً مَثاني؛ وسَمَّى فاتحةَ الكتاب مثاني في قوله عز وجل:

ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم؛ قال: وسمي القرآن مَثاني

لأَن الأَنْباء والقِصَصَ ثُنِّيَتْ فيه، ويسمى جميع القرآن مَثانيَ أَيضاً

لاقتران آية الرحمة بآية العذاب. قال الأَزهري: قرأْت بخط شَمِرٍ قال

روى محمد بن طلحة بن مُصَرِّف عن أَصحاب عبد الله أَن المثاني ست وعشرون

سورة وهي: سورة الحج، والقصص، والنمل، والنور، والأَنفال، ومريم،

والعنكبوت، والروم، ويس، والفرقان، والحجر، والرعد، وسبأ، والملائكة، وإِبراهيم،

وص، ومحمد، ولقمان، والغُرَف، والمؤمن، والزُّخرف، والسجدة، والأَحقاف،

والجاثِيَة، والدخان، فهذه هي المثاني عند أَصحاب عبد الله، وهكذا وجدتها

في النسخ التي نقلت منها خمساً وعشرين، والظاهر أَن السادسة والعشرين هي

سورة الفاتحة، فإِما أَن أَسقطها النساخ وإِمّا أَن يكون غَنيَ عن ذكرها

بما قدَّمه من ذلك وإِما أَن يكون غير ذلك؛ وقال أَبو الهيثم: المَثاني

من سور القرآن كل سورة دون الطُّوَلِ ودون المِئِين وفوق المُفَصَّلِ؛

رُوِيَ ذلك عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثم عن ابن مسعود وعثمان وابن

عباس، قال: والمفصل يلي المثاني، والمثاني ما دُونَ المِئِين، وإِنما قيل

لِمَا ولِيَ المِئِينَ من السُّوَر مثانٍ لأَن المئين كأَنها مَبادٍ

وهذه مثانٍ، وأَما قول عبد الله بن عمرو: من أَشراط الساعة أَن توضَعَ

الأَخْيار وتُرْفَعَ الأَشْرارُ وأَن يُقْرَأَ فيهم بالمَثناةِ على رؤوس

الناسِ ليس أَحَدٌ يُغَيّرُها، قيل: وما المَثْناة؟ قال: ما اسْتُكْتِبَ من

غير كتاب الله كأَنه جعل ما اسْتُكتب من كتاب الله مَبْدَأً وهذا مَثْنىً؛

قال أَبو عبيدة: سأَلتُ رجلاً من أَهل العِلم بالكُتُبِ الأُوَلِ قد

عرَفها وقرأَها عن المَثْناة فقال إِن الأَحْبار والرُّهْبان من بني إِسرائيل

من بعد موسى وضعوا كتاباً فيما بينهم على ما أَرادوا من غير كتاب الله

فهو المَثْناة؛ قال أَبو عبيد: وإِنما كره عبد الله الأَخْذَ عن أَهل

الكتاب، وقد كــانت عنده كتب وقعت إِليه يوم اليَرْمُوكِ منهم، فأَظنه قال هذا

لمعرفته بما فيها، ولم يُرِدِ النَّهْيَ عن حديث رسول الله، صلى الله

عليه وسلم، وسُنَّتِه وكيف يَنْهَى عن ذلك وهو من أَكثر الصحابة حديثاً عنه؟

وفي الصحاح في تفسير المَثْناةِ قال: هي التي تُسَمَّى بالفارسية

دُوبَيْني، وهو الغِناءُ؛ قال: وأَبو عبيدة يذهب في تأْويله إِلى غير هذا.

والمَثاني من أَوْتارِ العُود: الذي بعد الأَوّل، واحدها مَثْنىً.

اللحياني: التَّثْنِيَةُ أَن يَفُوزَ قِدْحُ رجل منهم فيَنجُو ويَغْنَم

فيَطْلُبَ إِليهم أَن يُعِيدُوه على خِطارٍ، والأَول أَقْيَسُ

(* قوله

«والأول أقيس إلخ» أي من معاني المثناة في الحديث). وأَقْرَبُ إِلى

الاشتقاق، وقيل: هو ما اسْتُكْتِبَ من غير كتاب الله.

ومَثْنى الأَيادِي: أَن يُعِيدَ معروفَه مرتين أَو ثلاثاً، وقيل: هو أَن

يأْخذَ القِسْمَ مرةً بعد مرة، وقيل: هو الأَنْصِباءُ التي كــانت

تُفْصَلُ من الجَزُور، وفي التهذيب: من جزور المَيْسِر، فكان الرجلُ الجَوادُ

يَشْرِيها فَيُطْعِمُها الأَبْرامَ، وهم الذين لا يَيْسِرون؛ هذا قول أَبي

عبيد: وقال أَبو عمرو: مَثْنَى الأَيادِي أَن يَأْخُذَ القِسْمَ مرة بعد

مرة؛ قال النابغة:

يُنْبِيك ذُو عِرْضِهمْ عَنِّي وعالِمُهُمْ،

وليس جاهلُ أَمْر مِثْلَ مَنْ عَلِمَا

إِني أُتَمِّمُ أَيْسارِي وأَمْنَحُهُمْ

مَثْنَى الأَيادِي، وأَكْسُو الجَفْنَة الأُدُما

والمَثْنَى: زِمامُ الناقة؛ قال الشاعر:

تُلاعِبُ مَثْنَى حَضْرَمِيٍّ، كأَنَّهُ

تَعَمُّجُ شَيْطانٍ بذِي خِرْوَعٍ قَفْرِ

والثِّنْيُ من النوق: التي وضعت بطنين، وثِنْيُها ولدها، وكذلك المرأَة،

ولا يقال ثِلْثٌ ولا فوقَ ذلك. وناقة ثِنْيٌ إِذا ولدت اثنين، وفي

التهذيب: إِذا ولدت بطنين، وقيل: إِذا ولدت بطناً واحداً، والأَول أَقيس،

وجمعها ثُناءٌ؛ عن سيبويه، جعله كظِئْرٍ وظُؤارٍ؛ واستعاره لبيد للمرأَة

فقال:لياليَ تحتَ الخِدْرِ ثِنْي مُصِيفَة

من الأُدْم، تَرْتادُ الشُّرُوج القَوابِلا

والجمع أَثْناء؛ قال:

قامَ إِلى حَمْراءَ مِنْ أَثْنائِها

قال أَبو رِياش: ولا يقال بعد هذا شيء مشتقّاً؛ التهذيب: وولدها الثاني

ثِنْيُها؛ قال أَبو منصور: والذي سمعته من العرب يقولون للناقة إِذا ولدت

أَول ولد تلده فهي بِكْر، وَوَلَدها أَيضاً بِكْرُها، فإِذا ولدت الولد

الثاني فهي ثِنْيٌ، وولدها الثاني ثِنْيها، قال: وهذا هو الصحيح. وقال في

شرح بيت لبيد: قال أَبو الهيثم المُصِيفة التي تلد ولداً وقد أَسنَّت،

والرجل كذلك مُصِيف وولده صَيْفِيّ، وأَرْبَعَ الرجلُ وولده رِبْعِيُّون.

والثَّواني: القُرون التي بعد الأَوائل.

والثِّنَى، بالكسر والقصر: الأَمر يعاد مرتين وأَن يفعل الشيءَ مرتين.

قال ابن بري: ويقال ثِنىً وثُنىً وطِوىً وطُوىً وقوم عِداً وعُداً ومكان

سِوىً وسُوىً. والثِّنَى في الصّدَقة: أَن تؤخذ في العام مرتين. ويروى عن

النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لا ثِنَى في الصدقة، مقصور، يعني

لا تؤخذ الصدقة في السنة مرتين؛ وقال الأَصمعي والكسائي، وأَنشد أَحدهما

لكعب بن زهير وكــانت امرأَته لامته في بَكْرٍ نحره:

أَفي جَنْبِ بَكْرٍ قَطَّعَتْني مَلامَةً؟

لَعَمْري لَقَدْ كــانَتْ مَلامَتُها ثِنَى

أَي ليس بأَوّل لومِها فقد فعلته قبل هذا، وهذا ثِنىً بعده، قال ابن

بري: ومثله قول عديّ بن زيد:

أَعاذِلُ، إِنَّ اللَّوْمَ، في غير كُنْهِهِ،

عَليَّ ثِنىً من غَيِّكِ المُتَرَدِّد

قال أَبو سعيد: لسنا ننكر أَن الثِّنَى إِعادة الشيء مرة بعد مرة ولكنه

ليس وجهَ الكلام ولا معنى الحديث، ومعناه أَن يتصدق الرجل على آخر بصدقة

ثم يبدو له فيريد أَن يستردَّها، فيقال لا ثِنَى في الصدقة أَي لا رجوع

فيها، فيقول المُتَصَدِّقُ بها عليه ليس لك عليَّ عُصْرَةُ الوالد أَي ليس

لك رجوع كرجوع الوالد فيما يُعطي وَلَده؛ قال ابن الأَثير: وقوله في

الصدقة أَي في أَخذ الصدقة، فحذف المضاف، قال: ويجوز أَن تكون الصدقة بمعنى

التصديق، وهو أَخذ الصدقة كالزكاة والذكاة بمعنى التزكية والتذكية، فلا

يحتاج إِلى حذف مضاف. والثِّنَى: هو أَن تؤخذ ناقتان في الصدقة مكان

واحدة.والمَثْناة والمِثْناة: حبل من صوف أَو شعر، وقيل: هو الحبل من أَيّ شيء

كان. وقال ابن الأَعرابي: المَثْناة، بالفتح، الحبل.

الجوهري: الثِّنَاية حبل من شعر أَو صوف؛ قال الراجز:

أَنا سُحَيْمٌ، ومَعِي مِدرايَهْ

أَعْدَدْتُها لِفَتْكِ ذِي الدوايَهْ،

والحَجَرَ الأَخْشَنَ والثِّنايَهْ

قال: وأَما الثِّناءُ، ممدود، فعقال البعير ونحو ذلك من حبل مَثْنيٍّ،

وكل واحد من ثِنْيَيْه فهو ثِناءٌ لو أُفرد؛ قال ابن بري: إِنما لم يفرد

له واحد لأَنه حبل واحد تشدّ بأَحد طرفيه اليد وبالطرف الآخر الأُخرى،

فهما كالواحد. وعقلت البعير بِثنايَيْن، غير مهموز، لأَنه لا واحد له إِذا

عقلت يديه جميعاً بحبل أَو بطرفي حبل، وإِنما لم يهمز لأَنه لفظ جاء

مُثَنّىً لا يفرد واحده فيقال ثِناء، فتركت الياء على الأَصل كما قالوا في

مِذْرَوَيْن، لأَن أَصل الهمزة في ثِنَاءٍ لو أُفْرد ياءٌ، لأَنه من ثنيت،

ولو أُفرد واحده لقيل ثناءان كما تقول كساءان ورداءان. وفي حديث عمرو بن

دينار قال: رأَيت ابن عمر ينحر بدنته وهي باركة مَثْنِيَّة بِثِنايَيْن،

يعني معقولة بِعِقالين، ويسمى ذلك الحبل الثِّنايَة؛ قال ابن الأَثير:

وإِنما لم يقولوا ثناءَيْن، بالهمز، حملاً على نظائره لأَنه حبل واحد يشد

بأَحد طرفيه يد، وبطرفه الثاني أُخرى، فهما كالواحد، وإِن جاء بلفظ اثنين

فلا يفرد له واحد؛ قال سيبويه: سأَلت الخليل عن الثِّنايَيْن فقال: هو

بمنزلة النهاية لأَن الزيادة في آخره لا تفارقه فأَشبهت الهاء، ومن ثم قالوا

مذروان، فجاؤوا به على الأَصل لأَن الزيادة فيه لا تفارقه. قال سيبويه:

وسأَلت الخليل، رحمه الله، عن قولهم عَقَلْته بِثِنايَيْن وهِنايَيْن

لِمَ لم يهمزوا؟ فقال: تركوا ذلك حيث لم يُفْرد الواحدُ. وقال ابن جني: لو

كــانت ياء التثنية إِعراباً أَو دليل إِعراب لوجب أَن تقلب الياء التي بعد

الأَلف همزة فيقال عقلته بِثِناءَيْن، وذلك لأَنها ياء وقعت طرفاً بعد

أَلف زائدة فجرى مجرى ياء رِداءٍ ورِماءٍ وظِباءٍ. وعَقَلْتُه بِثِنْيَيْنِ

إِذا عَقَلْت يداً واحدة بعُقْدتين. الأَصمعي: يقال عَقَلْتُ البعيرَ

بثِنَايَيْنِ، يُظهرون الياء بعد الأَلف وهي المدة التي كــانت فيها، ولو مدّ

مادٌّ لكان صواباً كقولك كساء وكساوان وكساءان. قال: وواحد

الثِّنَايَيْنِ ثِناءٌ مثل كساء ممدود. قال أَبو منصور: أَغفل الليث العلة في

الثِّنايَين وأَجاز ما لم يجزه النحويون؛ قال أَبو منصور عند قول الخليل تركوا

الهمزة في الثِّنَايَيْن حيث لم يفردوا الواحد، قال: هذا خلاف ما ذكره

الليث في كتابه لأَنه أَجاز أَن يقال لواحد الثِّنَايَيْن ثِناء، والخليل

يقول لم يهمزوا الثِّنايَيْنِ لأَنهم لا يفردون الواحد منهما، وروى هذا شمر

لسيبويه. وقال شمر: قال أَبو زيد يقال عقلت البعير بثِنايَيْن إِذا عقلت

يديه بطرفي حبل، قال: وعقلته بثِنْيَيْنِ إِذا عقله يداً واحدة بعقدتين.

قال شمر: وقال الفراء لم يهمزوا ثِنَايَيْن لأَن واحده لا يفرد؛ قال

أَبو منصور: والبصريون والكوفيون اتفقوا على ترك الهمز في الثنايين وعلى أَن

لا يفردوا الواحد. قال أَبو منصور: والحبل يقال له الثِّنَايةُ، قال:

وإِنما قالوا ثِنايَيْن ولم يقولوا ثِنايتَيْنِ لأَنه حبل واحد يُشَدُّ

بأَحد طرفيه يَدُ البعير وبالطرف الآخر اليدُ الأُخْرى، فيقال ثَنَيْتُ

البعير بثِنايَيْنِ كأَنَّ الثِّنايَيْن كالواحد وإِن جاء بلفظ اثنين ولا

يفرد له واحد، ومثله المِذْرَوانِ طرفا الأَلْيَتَيْنِ، جعل واحداً، ولو

كانا اثنين لقيل مِذْرَيان، وأَما العِقَالُ الواحدُ فإِنه لا يقال له

ثِنايَةٌ، وإِنما الثِّناية الحبل الطويل؛ ومنه قول زهير يصف السَّانيةَ

وشدَّ قِتْبِها عليها:

تَمْطُو الرِّشاءَ، فَتُجْرِي في ثِنايَتها،

من المَحالَةِ، ثَقْباً رائداً قَلِقاً

والثِّنَاية ههنا: حبل يشد طرفاه في قِتْب السانية ويشد طرف الرِّشاء في

مَثْناته، وكذلك الحبل إِذا عقل بطرفيه يد البعير ثِنايةٌ أَيضاً. وقال

ابن السكيت: في ثِنَايتها أَي في حبلها، معناه وعليها ثنايتها. وقال أَبو

سعيد: الثِّنَاية عود يجمع به طرفا المِيلين من فوق المَحَالة ومن تحتها

أُخرى مثلها، قال: والمَحَالة والبَكَرَة تدور بين الثّنَايتين. وثِنْيا

الحبل: طرفاه، واحدهما ثِنْيٌ. وثِنْيُ الحبل ما ثَنَيْتَ؛ وقال طرفة:

لَعَمْرُك، إِنَّ الموتَ ما أَخْطَأَ الفَتَى

لَكالطِّوَلِ المُرْخى، وثِنْياه في اليد

يعني الفتى لا بُدَّ له من الموت وإِن أُنْسِئ في أَجله، كما أَن

الدابة وإِن طُوّل له طِوَلُه وأُرْخِي له فيه حتى يَرُود في مَرتَعه ويجيء

ويذهب فإِنه غير منفلت لإِحراز طرف الطِّوَل إِياه، وأَراد بِثِنْييه الطرف

المَثْنِيَّ في رُسْغه، فلما انثنى جعله ثِنْيين لأَنه عقد بعقدتين،

وقيل في تفسير قول طرفة: يقول إِن الموت، وإِن أَخطأَ الفتى، فإِن مصيره

إِليه كما أَن الفرس، وإِن أُرْخِي له طِوَلُه، فإِن مصيره إِلى أَن يَثْنيه

صاحبه إِذ طرفه بيده. ويقال: رَبَّق فلان أَثناء الحبل إِذا جعل وسطه

أَرْباقاً أَي نُشَقاً للشاء يُنْشَق في أَعناق البَهْمِ.

والثِّنَى من الرجال: بعد السَّيِّد، وهو الثُّنْيان؛ قال أَوس بن

مَغْراء:

تَرَى ثِنانا إِذا ما جاء بَدْأَهُمُ،

وبَدْؤُهُمْ إِن أَتانا كان ثُنْيانا

ورواه الترمذي: ثُنْيانُنا إِن أَتاهم؛ يقول: الثاني منَّا في الرياسة

يكون في غيرنا سابقاً في السُّودد، والكامل في السُّودد من غيرنا ثِنىً في

السودد عندنا لفضلنا على غيرنا. والثُّنْيان، بالضم: الذي يكون دون

السيد في المرتبة، والجمع ثِنْيةٌ؛ قال الأَعشى:

طَوِيلُ اليدَيْنِ رَهْطُه غيرُ ثِنْيةٍ،

أَشَمُّ كَرِيمٌ جارُه لا يُرَهَّقُ

وفلان ثِنْية أَهل بيته أَي أَرذلهم. أَبو عبيد: يقال للذي يجيء ثانياً

في السُّودد ولا يجيء أَولاً ثُنىً، مقصور، وثُنْيانٌ وثِنْيٌ، كل ذلك

يقال. وفي حديث الحديبية: يكون لهم بَدْءُ الفُجور وثِناه أَي أَوَّله

وآخره.

والثَّنِيّة: واحدة الثَّنايا من السِّن. المحكم: الثَّنِيّة من

الأَضراس أولُ ما في الفم. غيره: وثَنايا الإنسان في فمه الأربعُ التي في مقدم

فيه: ثِنْتانِ من فوق، وثِنْتانِ من أَسفل. ابن سيده: وللإنسان والخُفِّ

والسَّبُع ثَنِيّتان من فوقُ وثَنِيّتان من أَسفلَ. والثَّنِيُّ من الإبل:

الذي يُلْقي ثَنِيَّته، وذلك في السادسة، ومن الغنم الداخل في السنة

الثالثة، تَيْساً كان أَو كَبْشاً. التهذيب: البعير إذا استكمل الخامسة وطعن

السادسة فهو ثَنِيّ، وهو أَدنى ما يجوز من سنِّ الإبل في الأَضاحي،

وكذلك من البقر والمِعْزى

(* قوله «وكذلك من البقر والمعزى» كذا بالأصل، وكتب

عليه بالهامش: كذا وجدت أ هـ. وهو مخالف لما في القاموس والمصباح

والصحاح ولما سيأتي له عن النهاية)، فأما الضأن فيجوز منها الجَذَعُ في

الأَضاحي، وإنما سمي البعير ثَنِيّاً لأَنه أَلقى ثَنيَّته. الجوهري: الثَّنِيّ

الذي يُلْقِي ثَنِيَّته، ويكون ذلك في الظِّلْف والحافر في السنة

الثالثة، وفي الخُفّ في السنة السادسة. وقيل لابْنةِ الخُسِّ: هل يُلْقِحُ

الثَّنِيُّ؟ فقالت: وإلْقاحُه أَنِيٌّ أَي بَطِيءٌ، والأُنْثى ثَنِيَّةٌ،

والجمع ثَنِيّاتٌ، والجمع من ذلك كله ثِناء وثُناء وثُنْيانٌ. وحكى سيبويه

ثُن. قال ابن الأَعرابي: ليس قبل الثَّنيّ اسم يسمى ولا بعد البازل اسم

يسمى. وأَثْنَى البعيرُ: صار ثَنِيّاً، وقيل: كل ما سقطت ثَنِيّته من غير

الإنسان ثَنيٌّ، والظبي ثَنِيٌّ بعد الإجذاع ولا يزال كذلك حتى يموت.

وأَثْنى أَي أَلْقى ثَنِيّته. وفي حديث الأضحية: أَنه أمر بالثَّنِيَّة من

المَعَز؛ قال ابن الأَثير: الثَّنِيّة من الغنم ما دخل في السنة الثالثة،

ومن البقر كذلك، ومن الإبل في السادسة، والذكر ثَنِيٌّ، وعلى مذهب أَحمد بن

حنبل ما دخل من المَعَز في الثانية، ومن البقر في الثالثة. ابن

الأَعرابي: في الفرس إذا استَتمَّ الثالثة ودخل في الرابعة ثَنِيٌّ، فإذا أَثْنَى

أَلقى رواضعه، فيقال أَثْنَى وأدْرَم للإثناء، قال: وإذا أَثْنَى سقطت

رواضعه ونبت مكانها سِنٌّ، فنبات تلك السن هو الإثناء، ثم يسقط الذي يليه

عند إرباعه. والثَّنِيُّ من الغنم: الذي استكمل الثانية ودخل في الثالثة،

ثم ثَنِيٌّ

في السنة الثالثة مثل الشاة سواءً. والثَّنِيّة: طريق العقبة؛ ومنه

قولهم: فلان طَلاَّع الثَّنايا إذا كان سامياً لمعالمي الأُمور كما يقال

طَلاَّ أَنْجُدٍ، والثَّنِيّة: الطريقة في الجبل كالنَّقْب، وقيل: هي

العَقَبة، وقيل: هي الجبل نفسه. ومَثاني الدابة: ركبتاه ومَرْفقاه؛ قال امرؤ

القيس:

ويَخْدِي على صُمٍّ صِلابٍ مَلاطِسٍ،

شَديداتِ عَقْدٍ لَيِّناتِ مَثاني

أَي ليست بجاسِيَة. أَبو عمرو: الثَّنايا العِقاب. قال أَبو منصور:

والعِقاب جبال طِوالٌ بعَرْضِ الطريق، فالطريق تأخذ فيها، وكل عَقَبة مسلوكة

ثَنِيَّةٌ، وجمعها ثَنايا، وهي المَدارِج أَيضاً؛ ومنه قول عبد الله ذي

البِجادَيْن المُزَني:

تَعَرَّضِي مَدارِجاً، وَسُومِي،

تعَرُّضَ الجَوْزاء للنُّجوم

يخاطب ناقة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكان دليله بركوبه،

والتعرّض فيها: أن يَتَيامَن الساندُ فيها مرَّة ويَتَياسَر أخرى ليكون

أَيسر عليه. وفي الحديث: مَنْ يَصْعَدْ ثَنِيّة المُرارِ حُطَّ عنه ما حُطَّ

عن بني إسرائيل؛ الثَّنِيّة في الجبل: كالعقبة فيه، وقيل: هي الطريق

العالي فيه، وقيل: أَعلى المَسِيل في رأْسه، والمُرار، بالضم: موضع بين مكة

والمدينة من طريق الحُدَيْبية، وبعضهم يقوله بالفتح، وإنما حَثَّهم على

صعودها لأَنها عَقَبة شاقَّة، وصلوا إليها ليلاً حين أَرادوا مكة سنة

الحديبية فرغَّبهم في صعودها، والذي حُطَّ عن بني إسرائيل هو ذنوبهم من قوله

تعالى: وقولوا حِطَّةٌ نغفر لكم خطاياكم؛ وفي خطبة الحجَّاج:

أَنا ابنُ جَلا وطَلاَّع الثَّنايا

هي جمع ثَنِيّة، أَراد أَنه جَلْدٌ يرتكب الأُمور العظام.

والثَّناءُ: ما تصف به الإنسانَ من مَدْح أَو ذم، وخص بعضهم به المدح،

وقد أثْنَيْتُ عليه؛ وقول أبي المُثلَّم الهذلي:

يا صَخْرُ، أَو كنت تُثْني أَنَّ سَيْفَكَ مَشْـ

قُوقُ الخُشَيْبةِ، لا نابٍ ولا عَصِلُ

معناه تمتدح وتفتخر، فحذف وأَوصل. ويقال للرجل الذي يُبْدَأُ بذكره في

مَسْعاةٍ أو مَحْمَدة أَو عِلْمٍ: فلان به تُثْنَى الخناصر أَي تُحْنَى في

أَوَّل من يُعَدّ ويُذْكر، وأَثْنَى عليه خيراً، والاسم الثَّناء.

المظفر: الثَّناءُ، ممدود، تَعَمُّدُك لتُثْنيَ على إنسان بحسَن أَو قبيح. وقد

طار ثَناءُ فلان أَي ذهب في الناس، والفعل أَثْنَى فلان

(* قوله «والفعل

أثنى فلان» كذا بالأصل ولعل هنا سقطاً من الناسخ وأصل الكلام: والفعل

أثنى فلان إلخ). على الله تعالى ثم على المخلوق يثني إثناء أَو ثناء يستعمل

في القبيح من الذكر في المخلوقين وضده. ابن الأَعرابي: يقال أَثْنَى إذا

قال خيراً أَو شرّاً، وأَنْثَنَى إذا اغتاب.

وثِناء الدار: فِناؤها. قال ابن جني: ثِناء الدار وفِناؤها أَصْلانِ

لأَن الثِّناء مِن ثَنَى يَثْني، لأَن هناك تَنْثَني عن الانبساط لمجيء

آخرها واستقصاء حدودها، وفِناؤها مِنْ فَنِيَ يَفْنَى لأَنك إذا تناهيت إلى

أَقصى حدودها فَنِيَتْ. قال ابن سيده: فإن قلت هلا جعلت إجماعهم على

أَفْنِيَة، بالفاء، دلالة على أَن الثاء في ثِناء بدل من فاء فناء، كما زعمت

أَن فاء جَدَف بدل من ثاء جَدَث لإجماعهم على أَجْداث بالثاء، فالفرق

بينهما وجودنا لِثِناء من الاشتقاق ما وجدناه لِفِناء، أَلا ترى أَن الفعل

يتصرف منهما جميعاً؟ ولَسْنا نعلم لِجَدَفٍ بالفاء تَصَرُّفَ جَدَثٍ، فلذلك

قضينا بأَن الفاء بدل من الثاء، وجعله أَبو عبيد في المبدل.

واسْتَثْنَيْتُ الشيءَ من الشيء: حاشَيْتُه. والثَّنِيَّة: ما اسْتُثْني. وروي عن

كعب أَنه قال: الشُّهداء ثَنِيَّةُ الله في الأَرض، يعني مَن اسْتَثْناه من

الصَّعْقة الأُولى، تأوَّل قول الله تعالى: ونفخ في الصور فصَعِق من في

السموات ومن في الأَرض إلا من شاء الله؛ فالذين استَثْناهم الله عند كعب

من الصَّعْق الشهداء لأَنهم أَحياء عند ربهم يُرْزَقون فَرِحِين بما

آتاهم الله من فضله، فإذا نُفِخ في الصور وصَعِقَ الخَلْقُ عند النفخة

الأُولى لم يُصْعَقوا، فكأَنهم مُسْتَثْنَوْنَ من الصَّعِقين، وهذا معنى كلام

كعب، وهذا الحديث يرويه إبراهيم النخعي أَيضاً. والثَّنِيَّة: النخلة

المستثناة من المُساوَمَة.

وحَلْفةٌ غير ذات مَثْنَوِيَّة أَي غير مُحَلَّلة. يقال: حَلَف فلان

يميناً ليس فيها ثُنْيا ولا ثَنْوَى

(* قوله «ليس فيها ثنيا ولا ثنوى» أي

بالضم مع الياء والفتح مع الواو كما في الصحاح والمصباح وضبط في القاموس

بالضم، وقال شارحه: كالرجعى). ولا ثَنِيَّة ولا مَثْنَوِيَّةٌ

ولا استثناء، كله واحد، وأصل هذا كله من الثَّنْي والكَفِّ والرَّدّ

لأَن الحالف إذا قال والله لا أَفعل كذا وكذا إلا أَن يشاء الله غَيْرَه فقد

رَدَّ ما قاله بمشيئة الله غيره. والثَّنْوة: الاستثناء. والثُّنْيانُ،

بالضم: الإسم من الاستثناء، وكذلك الثَّنْوَى، بالفتح. والثُّنيا

والثُّنْوى: ما استثنيته، قلبت ياؤه واواً للتصريف وتعويض الواو من كثرة دخول

الياء عليها، والفرقِ أَيضاً بين الإسم والصفة. والثُّنْيا المنهي عنها في

البيع: أَن يستثنى منه شيء مجهول فيفسد البيع، وذلك إذا باع جزوراً بثمن

معلوم واستثنى رأْسه وأَطرافه، فإن البيع فاسد. وفي الحديث: نهى عن

الثُّنْيا إلا أَن تُعْلَمَ؛ قال ابن الأَثير: هي أَن يستثنى في عقد البيع شيء

مجهول فيفسده، وقيل: هو أَن يباع شيء جزافاً فلا يجوز أَن يستثنى منه

شيء قلَّ أَو كثر، قال: وتكون الثُّنْيا في المزارعة أَن يُسْتثنى بعد

النصف أَو الثلث كيل معلوم. وفي الحديث: من أَعتق أو طلَّق ثم استثنى فله

ثُنْياءُ أَي من شرط في ذلك شرطاً أَو علقه على شيء فله ما شرط أَو استثنى

منه، مثل أَن يقول طلقتها ثلاثاً إلا واحدة أَو أَعتقتهم إلا فلاناً،

والثُّنْيا من الجَزور: الرأْس والقوائم، سميت ثُنْيا لأَن البائع في

الجاهلية كان يستثنيها إذا باع الجزور فسميت للاستثناء الثُّنْيا. وفي الحديث:

كان لرجل ناقة نجيبة فمرضت فباعها من رجل واشترط ثُنْياها؛ أَراد قوائمها

ورأْسها؛ وناقة مذكَّرة الثُّنْيا؛ وقوله أَنشده ثعلب:

مذَكَّرة الثُّنْيا مُسانَدة القَرَى،

جُمالِيَّة تَخْتبُّ ثم تُنِيبُ

فسره فقال: يصف الناقة أَنها غليظة القوائم كأَنها قوائم الجمل لغلظها.

مذكَّرة الثُّنْيا: يعني أَن رأْسها وقوائمها تشبه خَلْق الذِّكارة، لم

يزد على هذا شيئاً. والثَّنِيَّة: كالثُّنْيا. ومضى ثِنْيٌ من الليل أَي

ساعة؛ حكى عن ثعلب: والثُنون

(* قوله «والثنون إلخ» هكذا في الأصل): الجمع

العظيم.

ثني
: (ي (} ثَنَى الشَّيْءَ، كسَعَى) {ثَنْياً: (رَدَّ بَعْضَهُ على بَعْضٍ) .
قالَ شيْخُنَا: قَوْله، كسَعَى وهمٌ لَا يُعْرَفُ مَنْ يقولُ بِهِ، إِذْ لَا مُوجِب لفتْحِ المُضارعِ لأنَّه لَا حَرْف حلق فِيهِ، فالصَّوابُ كرَمَى، وَهُوَ المُوافِقُ لمَا فِي كُتُبِ اللُّغَة وأُصولها انْتــهى.
قُلْتُ: ولعلَّه سَبقُ قَلَمِ مِن النّسّاخِ.
(} فَتَثَنَّى {وانْثَنَى.
(} واثْنَوْنَى) ، على افْعَوْعَل: أَي (انْعَطَفَ) ؛ وَمِنْه قِراءَةُ مَنْ قَرَأَ: {أَلا إنَّهم {تَثْنَوْن صُدُورهم} ، رُوِي ذلِكَ عَن ابنِ عباسٍ؛ أَي تَنْحَنِي وتَنْطَوي.
ويقالُ:} اثْنَوْنَى صَدْره على البَغْضاءِ.
( {وأَثْناءُ الشَّيْءِ} ومَثانِيهِ: قُواهُ وطاقاتُهُ، واحِدُها ثِنْيٌ، بالكسْرِ، {ومَثْناةٌ) ، بالفَتْحِ (ويُكْسَرُ) ؛ عَن ثَعْلَب، وَفِيه لَفٌّ ونَشْرٌ مُرتَّبٌ.
(} وثِنْيُ الحَيَّةِ، بالكَسْرِ: {انْثنَاؤُها أَو مَا تَعَوَّجَ مِنْهَا إِذا} تَثَنَّتْ) ؛ واسْتَعارَه غَيْلان الرَّبعِي للّيلِ، فقالَ:
حَتَّى إِذا انْشَقَّ بَهِيم الظَّلْماءْ
وساقَ لَيْلاً مُرْحَجِنَّ {الأَثْناءْ وقيلَ:} أَثْناءُ الحَيَّةِ مَطاوِيها إِذا تَحَوَّتْ.
(و) {الثِّنْيُ (من الوادِي مُنْعَطَفُهُ) ؛ ومِن الوادِي الجَبَلِ: مُنْقَطَعُهُ، (ج أَثْناءٌ) ومَثانِي.
(وشاةٌ} ثانِيَةٌ: بَيِّنَةُ {الثِّنْيِ، بالكسْرِ) ، إِذا كَــانَت (} تَثْنِي عُنُقَها لغَيْرِ عِلَّةٍ.
( {والأَثْنانِ) ، بالكسْرِ: (ضِعْفُ الواحِدِ) ؛ وأَمَّا قَوْلُه تَعَالَى: {لَا تَتَّخِذُوا إلهَيْن} اثْنَيْن} ، فذَكَّر {الاثْنَيْن هُنَا للتَّأْكِيدِ كقَوْلِه: {ومَنَاة الثالِثَة الأُخْرى} ؛ (والمُؤَنَّثُ) } اثْنَتانِ، وَإِن شِئْتَ قُلْتَ: ( {ثِنتانِ) ولأنَّ الألِفَ إنَّما اجْتُلِبَتْ لسكونِ التاءِ فلمَّا تَحَرَّكتْ سَقَطَتْ، (و) تاؤُهُ مُبْدلَةٌ من ياءٍ، ويدلُّ على أنَّه مِن الياءِ أنَّه مِن} ثَنَيْتُ، لأنَّ الاثْنَيْن قد ثُنِي أَحَدُهما إِلَى صاحِبِه، (أَصْلُهُ ثِنْيٌ لجَمْعِهِم إيَّاهُ على أَثْناءٍ) بمنْزِلَة أَبْناءٍ وآخَاءٍ، فنَقَلُوه مِن فَعَلٍ إِلَى فِعْلٍ كَمَا فَعَلوا ذلِكَ فِي بنت، وليسَ فِي الكَلامِ تَاء مُبْدلَة مِن الياءِ فِي غيرِ افْتَعل إلاَّ مَا حَكَاهُ سِيْبَوَيْهِ مِن قوْلِهم اسْتِوَاء؛ وَمَا حَكَاه أَبو عليَ مِن قوْلِهم {ثِنْيانِ.
قالَ الجَوهرِيُّ: وأَمَّا قَوْلُ الشاعِرِ:
كأَنَّ خُصِيَيْه مِنَ التَّدَلْدُلِ
ظَرْفُ عجوزٍ فِيهِ} ثِنْتا حَنْظَلِ فأَرادَ أَنْ يقولَ: فِيهِ حَنْظَلتانِ، فَلم يُمْكنه فأَخْرَجَ الاثْنَتيْن مَخْرجَ سائِرِ الأعْدادِ للضَّرُورَةِ، وأضافَهُ إِلَى مَا بَعدَه، وأَرادَ {ثِنْتانِ مِن حَنْظَل كَمَا يُقالُ ثلاثةُ دَرَاهِم وأَرْبَعَةُ دَرَاهِم، وكانَ حَقّه فِي الأصْلِ أَنْ يقالَ} اثْنَا دَرَاهِم {واثْنَتَا نِسْوَةٍ إلاَّ أَنَّهم اقْتَصَرُوا بقوْلِهم درْهَمانِ وامْرَأَتانِ عَن إضَافَتِهما إِلَى مَا بَعْدَهما.
وقالَ اللّيْثُ:} اثْنانِ اسْمَانِ لَا يُفْرَدانِ قَرِينانِ، لَا يُقالُ لأَحدِهما اثْنٌ كَمَا أنَّ الثلاثَةَ أَسْماءٌ مُقْترنَةً لَا تُفْرَق، ويقالُ فِي التأْنِيثِ {اثْنَتانِ، ورُبَّما قَالُوا ثِنْتان كَمَا قَالُوا هِيَ ابْنَةُ فلانٍ وَهِي بنْتُه، والألِفُ فِي الاثْنَيْن أَلِفُ وَصْلٍ أَيْضاً، فَإِذا كــانتْ هَذِه الألِفُ مَقْطوعَةً فِي الشِّعْر فَهُوَ شاذُّ كَمَا قالَ قَيْسُ بنُ الخطيمِ:

إِذا جاوَزَ الإِثْنَيْن سِرُّ فإنَّه
بنثَ وتكْثيرِ الوُشاةِ قَمِين ُوفي الصِّحاحِ،} واثْنانِ من عَدَدِ المُذَكَّر،! واثْنَتانِ للمُؤْنَّثِ، وَفِي المُؤَنَّثِ لُغَةٌ أُخْرى ثِنْتانِ بحذْفِ الألِفِ، وَلَو جازَ أَن يُفْرَدَ لكانَ واحِدُه اثْنٌ مِثْل ابْنِ وابْنَةٍ وأَلِفُه أَلِفُ وَصْل، وَقد قَطَعَها الشاعِرُ على التَّوَهّمِ فقالَ:
أَلا لَا أَرى {إثْنَيْنِ أَحْسنَ شِيمةً
على حدثانِ الدهرِ منِّي ومنْ جُمْل (} وثَنَّاهُ {تَثْنِيَةً: جَعَلَهُ} اثْنَيْنِ.
(و) يقالُ: هَذَا ثانِي هَذَا، أَي: الَّذِي شفعَهُ.
وَلَا يقالُ: {ثَنَيْتُهُ إلاَّ أَنَّ أَبا زيْدٍ قالَ: (هَذَا واحِدٌ} فاثْنِه) أَي (كُنْ {ثانِيَهُ) .
قالَ الرَّاغبُ: يقالُ} ثَنَيْت كَذَا {ثنياً كنتُ لَهُ} ثانِياً.
(و) حَكَى ابنُ الأَعْرابيِّ: (هُوَ لَا {يَثْنِي وَلَا يَثْلِثُ أَي) هُوَ رجُلٌ (كَبيرٌ) ، فَإِذا أَرادَ النُّهوضَ (لَا يَقْدِرُ أَنْ يَنْهَضَ لَا فِي مَرَّةٍ وَلَا فِي مَرَّتَيْنِ وَلَا فِي الثَّالِثَةِ.
(} وثَناءُ بنُ أَحمدَ: مُحدِّثٌ) عَن عبْدِ الرحمانِ بنِ الأَشْقَر، ماتَ سَنَة 605.
وَمن يكنى أَبا {الثَّناءِ كَثِيرُونَ.
(وجاؤوا} مَثْنَى) مَثْنَى ( {وثُناءَ، كغُرابٍ) ، وثُلاثَ غَيْر مَصْرُوفَات لمَا تقدَّمَ فِي ثَلَاث، وكَذِلكَ النِّسْوَة وسائِر الأنْواعِ: (أَي اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ} وثِنْتَيْنِ {ثِنْتَيْنِ) . وَفِي الحدِيثِ: (صلاةُ الليلِ} مَثْنَى مَثْنَى) ، أَي ركْعَتانِ ركْعَتانِ. {ومَثْنَى مَعْدولٌ عَن اثْنَيْنِ.
وَفِي حدِيثِ الإمارَةِ: (أَوَّلها مَلامَة} وثِناؤُها نَدامَة وثِلاثُها عَذَابٌ يومَ القِيامَةِ إلاَّ مَنْ عَدَلَ) .
قالَ شَمِرٌ: {ثِناؤُها أَي} ثانِيها، وثِلاثُها أَي ثالِثُها؛ قالَ: وأمَّا ثُناءُ وثُلاثُ فمَصْرُوفانِ عَن اثْنَيْن اثْنَيْن وثَلاثَة ثَلاثَة، وكَذلِكَ رُباعُ ومَثْنَى؛ وأَنْشَدَ:
وَلَقَد قَتَلْتُكُمُ {ثُناءَ ومَوْحَداً
وتركتُ مُرَّةَ مثلَ أَمْسِ الدَّابِرِوقالَ آخَرُ:
أُحاد ومَثْنَى أَضْعَفَتْها صَواهِلُه وقالَ الرَّاغبُ:} الثِّنْي {والاثْنانِ أَصْلٌ لمُتَصَرِّفات هَذِه الكَلِمَة وذلِكَ يقالُ باعْتِبارِ العَدَدِ أَو باعْتِبار التّكْرير المَوْجُودِ فِيهِ أَو باعْتِبارِهِما مَعًا.
(والاثْنانِ} والثِّنَى، كإلَى) ، كَذَا فِي النسخِ وحَكَاهُ سِيْبَوَيْه عَن بعضِ العَرَبِ: (يَوْمٌ فِي الأُسْبُوعِ) ، لأَنَّ الأَوَّل عنْدَهُم يَوْم الأَحَدِ، (ج أَثْناءٌ.
(و) حَكَى الْمُطَرز عَن ثَعْلَب: ( {أَثانِينُ) .
وَفِي الصِّحاحِ: يَوْمُ الاثْنَيْن لَا} يُثَنَّى وَلَا يُجْمَع لأَنَّه {مثنَّىً، فَإِن أَحْبَبْت أَن تَجْمَعَه كأَنَّه صفَةٌ للواحِدِ، وَفِي نسخةٍ كأَنَّه لَفْظٌ مَبْنيٌّ للواحَدِ، قُلْتَ} أَثانِينُ.
قالَ ابنُ بَرِّي: أَثانِينُ ليسَ بمَسْموعٍ وإنَّما هُوَ مِن قَوْلِ الفرَّاء وقِياسِه، قالَ: وَهُوَ بَعيدٌ فِي القِياسِ؛ والمَسْموعُ فِي جَمْعِ الاثْنَيْنِ أَثْناء على مَا حَكَاهُ سِيْبَوَيْه.
وحَكَى السِّيرافي وغيرُهُ عَن العَرَبِ أنَّه ليصومَ {الأَثْناء؛ قالَ: وأَمَّا قوْلُهم اليومُ} الاثْنانِ، فإنَّما هُوَ اسمُ اليَوْم، وإنَّما أَوْقَعَتْه العَرَبُ على قوْلِكَ اليومُ يَوْمانِ واليومُ خَمْسةَ عشرَ مِنَ الشَّهْرِ، وَلَا يُثَنَّى، وَالَّذين قَالُوا: {اثْنَينِ جاؤُوا بِهِ على} الاثْن، وَإِن لم يُتَكلَّم بِهِ، وَهُوَ بمنْزِلَةِ الثّلاثاء والأَرْبعاء يعنِي أَنَّه صارَ اسْماً غَالِبا.
قالَ اللَّحْيانيُّ: (وجاءَ فِي الشِّعْرِ يَوْمُ اثْنَيْنِ، بِلا لامٍ) ، وأَنْشَدَ لأبي صَخْرٍ الهُذَليّ:
أَرائحٌ أَنتَ يومَ اثنينِ أَمْ غادِي
ولمْ تُسَلِّمْ على رَيْحانَة الوادِي؟ قالَ: وكانَ أَبو زيادٍ يقولُ مَضَى الاثْنانِ بِمَا فِيهِ، فيوحِّدُ ويُذَكِّرُ، وَكَذَا يَفْعل فِي سائِرِ أيامِ الأُسْبوعِ كُلِّها، وَكَانَ يُؤنِّثُ الجُمْعَة، وَكَانَ أَبُو الجَرَّاح يقولُ: مَضَى السَّبْت بمَا فِيهِ، ومَضَى الأَحَد بِمَا فِيهِ، ومَضَى الاثْنانِ بِمَا فيهمَا، ومَضَى الثِّلاثاءِ بِمَا فيهنَّ ومَضَى الأَرْبعاء بِمَا فيهنَّ، ومَضَى الخَمِيسُ بِمَا فيهنَّ، ومَضَى الجُمُعَة بِمَا فِيهَا، وكانَ يخرجُها مُخْرِج العَدَدِ.
قالَ ابنُ جنِّي: الَّلامُ فِي الاثْنَيْن غيرُ زائِدَةٍ وَإِن لم يَكُن الاثْنانِ صفَة.
قالَ أَبُو العبَّاس: إنَّما أَجازُوا دُخُولَ اللامِ عَلَيْهِ لأنَّ فِيهِ تَقْدير الوَصْف، أَلا تَرَى أَنَّ مَعْناه اليَوْم الثَّاني؟ ( {والإِثْنَوِيُّ: من يَصُومُهُ دائِماً وحْدَهُ) ؛ وَمِنْه قَوْلُهم: لَا تكُ} إَثْنَويّاً؛ حَكَاهُ ثَعْلَب عَن ابنِ الأعْرابيِّ.
( {والمَثانِي: القُرآنُ) كُلُّه لاقْترانِ آيَة الرَّحْمة بآيَةِ العَذَابِ؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ.
أَو لأَنَّ الأَنْباءَ والقِصَصَ ثُنِّيَتْ فِيهِ؛ عَن أَبي عبيدٍ.
أَو لما} يُثْنَى وتَجَدَّدَ حَالا فحالاً فَوائِده، كَمَا رُوِي فِي الخبرِ فِي صفَتِه: (لَا يَعْوَجّ فيُقَوَّم وَلَا يَزيغُ فيُسْتَعْتَب وَلَا تَنقَضِي عجائِبُه) .؛ قالَهُ الرَّاغبُ؛ قالَ: ويصحُّ أَنْ يكونَ ذلِكَ مِن الثَناءِ تَنْبيهاً على أنَّه أَبَداً يَظْهَر مِنْهُ مَا يَدْعو وعَلى الثَناءِ عَلَيْهِ وعَلى مَنْ يَتْلُوه ويُعَلِّمه ويَعْمَل بِهِ، وعَلى هَذَا الوَجْه قَوْله وَوَصْفُهُ بالكَرَم {إنَّه لقُرْآنٌ كريمٌ} ؛ وبالمجْدِ: {بل هُوَ قُرآنٌ مَجيدٌ} .
قُلْتُ: والدَّلِيلُ على أَنَّ {المَثاني القُرْآن كُلّه قَوْله تَعَالَى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَن الحدِيثِ كتابا مُتَشابهاً} - مَثاني تَقْشَعرّ مِنْهُ} ؛ وقَوْلُ حَسَّان بن ثابتٍ:
مَنْ للقوافِي بعدَ حَسَّانَ وابْنِهِ
ومَنْ {للمَثانِي بعدَ زَيْدِ بنِ ثابتِ؟ (أَو) المَثاني مِن القُرآنِ: (مَا} ثُنِيَّ مِنْهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ) ؛ وَبِه فُسِّر قَوْلُه تَعَالَى: {وَلَقَد آتَيْناكَ سَبْعاً مِن المَثاني} .
(أَو الحَمْدُ) ، وَهِي فاتِحَةُ الكِتابِ، وَهِي سَبْعُ آياتٍ قيلَ لَهَا مَثانِي لأنَّها يُثَنى بهَا فِي كُلِّ ركْعَةٍ مِن ركعاتِ الصَّلاةِ وتُعادُ فِي كلِّ ركْعةٍ.
قالَ أَبو الهَيْثم: سُمِّيت آياتُ الحَمْد مَثاني، واحِدَتُها {مَثْناةٌ، وَهِي سَبْعُ آياتٍ.
وقالَ ثَعْلب: لأنَّها} تُثَنى مَعَ كلِّ سُورَةٍ؛ قالَ الشاعِرُ:
الحمدُ للَّهِ الَّذِي عافَاني
وكلّ خيرٍ صالحٍ أَعْطاني رَبِّ! مَثاني الآيِ والقُرْآنِ ووَرَدَ فِي الحدِيثِ فِي ذِكْر الفاتِحَةِ، هِيَ السَّبْع المَثاني. (أَو) المَثاني سُوَرٌ أَوَّلها (البَقَرةُ إِلَى بَراءَة، أَو كُلُّ سُورَةٍ دُونَ الطُّوَلِ ودُونَ المَائَتَيْنِ) ، كَذَا فِي النسخِ والصَّوابُ دُوْنَ المِئِين؛ (وفَوْقَ المُفَصَّلِ) ؛ هَذَا قَوْلُ أَبي الهَيْثم.
قالَ: رُوِي ذلِكَ عَن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ عَن ابنِ مَسْعودٍ وعُثْمان وابنِ عبَّاس؛ قالَ: والمُفَصَّل يَلِي المَثانِي، {والمَثانِي مَا دُونَ المِئِين.
وقالَ ابنُ بَرِّي عنْدَ قَوْل الجَوْهرِيّ والمَثانِي مِن القُرآنِ مَا كانَ أَقَلَّ مِن المِئِين، قالَ: كأَنَّ المِئِين جُعِلَت مبادِيَ وَالَّتِي تلِيها مَثانِي.
(أَو) المَثانِي مِن القُرآنِ: سِتٌّ وعِشْرُونَ سُورَة، كَمَا رَوَاهُ محمدُ بنُ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّف عَن أَصْحابِ عبدِ اللَّهِ؛ قالَ الأَزْهرِيُّ: قَرَأْته بخطِّ شَمِرٍ؛ وَهِي: (سُورَةُ الحَجِّ، والنَّملِ، والقَصَصِ، والعَنْكَبُوتِ، والنُّورِ، والأَنْفالِ، ومَرْيَمَ، والرُّومِ، ويسلله، والفُرْقانِ، والحجْرِ، والرَّعْدِ، وسَبَأَ، والملائِكَةِ، وإبراهيمَ، وصلله، ومحمدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولُقْمانَ، والغُرَفِ، والزُّخْرُفِ، والمُؤْمِنِ، والسَّجْدَةِ، والأَحْقافِ، والجاثِيَةِ، والدُّخانِ، والأَحْزابِ) .
قالَ الرَّاغبُ: سُمِّيت مَثانِي لأنَّها} تُثْنَى على مُرورِ الأَوْقاتِ وتُكَرّرُ فَلَا تُدرسُ وَلَا تَنْقَطِعُ دُرُوسَ سائِرِ الأَشْياءِ الَّتِي تَضْمَحِلُّ وتَبْطل على مُرورِ الأيامِ.
وَقد سَقَطَ مِن نسخةِ التَّهْذِيبِ ذِكْرُ الأَحْزابِ وَهُوَ مِن النسَّاخِ، وَلذَا تَردَّدَ صاحِبُ اللّسانِ لمَّا نَقَلَ هَذِه العِبارَة فقالَ: يُحْتَمل أَنْ تكونَ السَّادِسَة والعِشْرين هِيَ الفاتِحَةِ وإنَّما أَسْقَطها لكَوْنِهِ اسْتَغْنَى عَن ذكْرِها بمَا قدَّمَه، وإمَّا أَنْ تكونَ غَيْر ذلِكَ. قُلْتُ: والصَّوابُ أَنَّها الأَحْزابُ كَمَا ذَكَرَه المصنِّفُ؛ والغُرَف المَذْكُورَة الظاهِرُ أنَّها الزّمر، وَمِنْهُم مَنْ جَعَل عِوَضها الشَّوْرى. وَقد مرَّ للمصنِّفِ كَلامٌ فِي السَّبْع الطّولِ فِي حَرْف اللامِ فرَاجِعْه.
(و) المَثانِي. (من أَوْتارِ العُودِ: الَّذِي بعدَ الأولِ، واحِدُها مَثْنى) ؛ وَمِنْه قوْلُهم: رَناتُ المثالِثِ والمَثانِي.
(و) المَثانِي (من الوادِي: مَعاطِفُهُ) ومَجانِيهِ، واحِدُها {ثِنْيٌ، بالكسْرُ، وَقد تقدَّمَ.
(و) المَثانِي (من الدَّابَّةِ: رُكْبَتاها ومِرْفَقاها) ؛ قالَ امْرؤُ القَيْسِ:
وتخْدِي على حُمرٍ صِلابٍ مَلاطِسٍ
شَديداتِ عَقْدٍ لَيِّناتِ مَثانِي (و) فِي الحدِيثِ: ((لَا} ثِنَى فِي الصَّدَقةِ) ، كإلَى) ، أَي بالكسْرِ مَقْصوراً، (أَي لَا تُؤْخَذُ مَرَّتَيْنِ فِي عامٍ) ؛ كَمَا فَسَّرَه الجَوْهرِيُّ.
قالَ ابنُ الأَثيرِ: وقَوْله فِي الصَّدَقةِ أَي فِي أَخْذِ الصَّدقَةِ، فحذفَ المُضافَ، قالَ: ويَجوزُ أَنْ تكونَ الصَّدَقَةُ بمعْنَى التَّصْدِيقِ، وَهُوَ أَخْذ الصَّدَقَة كالزَّكاةِ والذَّكَاةُ بمعْنَى التَّزْكِيَة والتَّذْكِيَة، فَلَا يحتاجُ إِلَى حذْفِ مُضافٍ.
وأَصْلُ! الثِّنَى: الأَمْرُ يُعادُ مَرَّتَيْن؛ كَمَا قالَهُ الجَوْهرِيُّ والرَّاغبُ. وأَنْشَدَا للشاعِرِ، وَهُوَ كَعْبُ بنُ زهيرٍ، وكــانتِ امْرأَتُه لامَتْه فِي بكرٍ نَحَرَه:
أَفِي جَنْبِ بَكْرٍ قَطَّعَتْني مَلامَةً
لَعَمْرِي لَقَدْ كــانَتْ مَلامَتُها ثِنَى أَي ليسَ بأوَّلِ لَوْمِها فقد فَعَلَتْه قبْلَ هَذَا، وَهَذَا ثِنىً بعْدَه.
قالَ ابنُ بَرِّي: ومِثْله قَوْل عِديِّ بنِ زيْدٍ:
أَعاذِلُ إنَّ اللَّوْمَ فِي غيرِ كُنْهِه
عليَّ ثِنىً من غَيِّكِ المُتَرَدِّد (أَو) معْنَى الحدِيثِ: (لَا تُؤخَذُ ناقَتانِ مَكانَ واحِدَةٍ) ؛ نَقَلَهُ ابنُ الأثيرِ.
(أَو) المعْنَى: (لَا رُجوعَ فِيهَا) ؛ قالَ أَبو سعيدٍ: لَسْنا نُنْكِر أنَّ الثِّنَى إعادَةُ الشَّيءِ بعد مَرَّةٍ، ولكنَّه ليسَ وجهَ الكَلامِ وَلَا مَعْنى الحدِيثِ، ومَعْناهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ الرَّجُلُ على الآخِرِ بِصَدَقَةٍ ثمَّ يَبْدو لَهُ فيُريدُ أَنْ يَسْتردَّهُ، فيُقالُ لَا ثِنَى فِي الصَّدَقَةِ أَي لَا رُجوعَ فِيهَا، فيقولُ المُتَصَدِّقُ بِهِ عَلَيْهِ ليسَ لكَ عليَّ عُصْرَةُ الوالِدِ، أَي ليسَ لَك رُجوع كرُجوعِ الوالِدِ فيمَا يُعْطِي ولدَهُ.
(وَإِذا وَلَدَتْ ناقةٌ مَرَّةً {ثانِيةً فَهِيَ} ثِنيٌ) ، بالكسْرِ، (ووَلَدُها ذَلِك {ثِنْيُها) .
وَفِي الصِّحاحِ:} الثِّنْيُ من النُّوقِ الَّتِي وَضَعَتْ بَطْنَيْن، {وثِنْيُها وَلَدُها، وكَذِلكَ المَرْأَةُ، وَلَا يقالُ ثِلثٌ وَلَا فَوْق ذلِكَ، انتَــهَى.
وقالَ أَبو رِياش: وَلَا يقالُ بعْدَ هَذَا شيءٌ مُشْتقّاً وَفِي التَّهذِيبِ: ناقَةٌ ثِنيٌ وَلَدَتْ بَطْنَيْن؛ وقيلَ: إِذا وَلَدَتْ بَطْناً واحِداً، والأَوَّل أَقْيَس.
وقالَ غيرُهُ: وَلَدَتْ اثْنَيْن.
قالَ الأزْهرِيُّ: وَالَّذِي سَمِعْته مِن العَرَبِ يقُولونَ للناقَةِ إِذا وَلَدَتْ أَوَّل وَلدٍ تَلِدُه فَهِيَ بكرٌ، ووَلَدُها أَيْضاً بِكْرُها، فَإِذا وَلَدَت الوَلَدَ} الثَّانِي فَهِيَ ثِنْيٌ، ووَلَدُها الثَّانِي ثنْيُها. قالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحيحُ؛ قالَ: واسْتَعارَه لبيدٌ للمَرْأَةِ فقالَ: لياليَ تحتَ الخِدْرِ ثِنْي مُصِيفَة
من الأُدْم تَرْدادُ الشُّرُوحَ القَوائِلا ( {ومَثْنَى الأَيادِي:: إعادَةُ المَعْروفِ مَرَّتَيْنِ فأَكْثَرَ.
(و) قالَ أَبو عبيدَةَ: مَثْنَى الأيادِي هِيَ: (الأنْصِباءُ الفاضِلَةُ من جَزُورِ المَيْسِرِ، كانَ الَّرجلُ الجَوادُ يَشْتَرِيها ويُطْعِمُها الأَبْرامَ) ، وهُم الَّذين لَا يَيْسِرُونَ.
وقالَ أَبو عَمْرو: مَثْنَى الأيادِي أَن يَأْخُذَ القِسْمَ مَرَّةً بعدَ مَرَّةٍ؛ قالَ النابِغَةُ:
إِنِّي أُتَمِّمُ أَيْسارِي وأَمْنَحُهُمْ
مَثْنَى الأيادِي وأَكْسُو الجَفْنَة الأُدُما (} والمَثْناةُ: حَبْلٌ من صُوفٍ أَو شَعَرٍ أَو غيرِهِ) ؛ وقيلَ: هُوَ الحَبْلُ مِن أَيِّ شيءٍ كانَ، وَإِلَيْهِ أَشارَ بقَولِه: أَو غيرِهِ؛ (ويُكْسَرُ) ، الفتْحُ عَن ابنِ الأعْرابيّ.
( {كالثِّنايَةِ} والثِّناءِ، بكَسْرِهما) ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للراجِزِ:
أَنا سجيح ومَعِي مِدْرايَهْ
أَعْدَدْتُها لفَتْكِ ذِي الدوايَهْ والحَجَرَ الأَخْشَنَ {والثِّنايَهْ وقيلَ:} الثِّنايَةُ الحَبْلُ الطَّويلُ؛ وَمِنْه قَوْلُ زهيرٍ يَصِفُ السَّانيةَ وشدَّ قِتْبها عَلَيْهَا:
تَمْطُو الرِّشاءَ وتَجْرِي فِي {ثِنايَتِها
من المَحالَةِ قبا زائِداً قَلِقَاً} فالثِّنايَةُ هُنَا: حَبْلٌ يُشَدُّ طَرَفاه فِي قِتْبِ السَّانيةِ، ويُشَدُّ طَرَفُ الرِّشاءِ فِي {مَثْناتِه؛ وأَمَّا} الثِّناءُ بالكسْرِ فسَيَأْتي قرِيباً.
(و) فِي حدِيثِ عبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرو: (مِن أَشْراطِ الساعَةِ أَنْ توضَعَ الأَخْيارُ وتُرْفَعَ الأَشْرارُ وأَنْ يُقْرَأَ فيهم {بالمَثناةِ على رُؤُوسِ الناسِ ليسَ أَحَدٌ يُغَيِّرُها) ، قيلَ: وَمَا} المَثْناةُ؟ قالَ: (مَا اسْتُكْتِبَ من غيرِ كتابِ اللَّهِ) ، كأنَّه جعلَ مَا اسْتُكْتِبَ مِن كتابِ اللَّهِ مَبْدَأً وَهَذَا مَثْنىً.
(أَو) المَثْناةُ: (كتابٌ) وَضَعَه الأَحْبارُ والرُّهْبان فيمَا بَيْنهم، (فِيهِ أَخْبارُ بَني إسْرائيلَ بعدَ مُوسى أَحَلُّوا فِيهِ وحَرَّمُوا مَا شاؤُوا) على خِلافِ الكِتابِ؛ نَقَلَهُ أَبو عبيدٍ عَن رجُلٍ مِن أَهْلِ العِلْم بالكُتُبِ الأُوَلِ قد عَرَفَها وقَرَأَها، قالَ: وإنَّما كَرِهَ عبدُ اللَّهِ الأَخْذَ عَن أَهْلِ الكِتابِ، وَقد كــانتْ عنْدَه كُتُبٌ وَقَعَتْ إِلَيْهِ يَوْمَ اليَرْمُوكِ مِنْهُم، فأَظنه قالَ هَذَا لمعْرِفَتِه بمَا فِيهَا، وَلم يُرِدِ النَّهْيَ عَن حدِيثِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسُنَّتِه وكيفَ يَنْهَى عَن ذلِكَ وَهُوَ مِن أَكْثَرِ الصَّحابَةِ حدِيثاً عَنهُ؟
(أَو هِيَ الغِناءُ، أَو الَّتِي تُسَمَّى بالفارِسِيَّةِ دُو بَيْتِي) ؛ ونَصُّ الصِّحاحِ: يقالُ هِيَ الَّتِي تُسَمَّى بالفارِسِيَّة دُو بَيْتِي وَهُوَ الغِناءُ، انتَــهَى.
وقوْلُه: دُو بَيتِي دُو بالفارِسِيَّة تَرْجَمة الاثْنَيْن، وَالْيَاء فِي بيتِي للوحدَةِ أَو للنِّسْبةِ، وَهُوَ الَّذِي يُعْرَفُ فِي الْعَجم! بالمثنوي كأنَّه نِسْبَةٌ إِلَى المَثْناةِ هَذِه، والعامَّةُ تقولُ ذُو بَيت بالذالِ المعْجمةِ.
ويَدْخُل فِي هَذَا النَّهْي مَا أَحْدَثه المُولّدُون مِن أَنْواعِ الشِّعْر كالمواليا وَكَانَ الموشَّح والمُسَمَّط، فيُنْشدُونَها فِي المجالِسِ ويَتَمَشْدَقون بهَا كأَنَّ فِي ذلِكَ هجراً عَن مُذاكَرَةِ القُرآنِ ومُدارَسَةِ العِلْم وتَطاولاً فيمَا لَا يَنْبغي وَلَا يُفيدُ، فتأَمَّل ذلِكَ، ونَسْأَلُ اللَّهَ العَفْو من الآفاتِ.
( {والثُّنْيانُ، بالضَّمِّ: الَّذِي بعدَ السَّيلِ) ؛ كَذَا فِي النَّسخِ والصَّوابُ: بعدَ السَّيِّدِ؛ قالَ أَوْسُ بنُ مَغْراء:
} ثُنْيانُنا إِن أَتاهُم كَانَ بَدْأَهُمُ
وبَدْؤُهُمْ إِن أَتَانا كانَ {ثُنْيانا هَكَذَا رَواهُ اليَزِيديُّ. (} كالثِّنْيِ، بالكسْرِ، وكهُدىً وإلَى) ، بالضَّمِّ والكسْرِ مَقْصورتانِ.
قالَ أَبو عبيدٍ: يقالُ للَّذي يَجيءُ {ثانِياً فِي السُّوددَ وَلَا يَجِيءُ أَولاً ثُنىً، مَقْصورٌ،} وثُنْيانٌ {وثِنْيٌ، كلُّ ذلِكَ يقالُ؛ ويُرْوَى قَوْل أَوْس.
تَرَى} ثِنانا إِذا مَا جَاءَ بَدْأَهُمُ يَقولُ: الثَّانِي مِنَّا فِي الرِّياسَة يكونُ فِي غيرِنا سَابِقًا فِي السُّوددِ، والكَامِل فِي السُّوددِ مِن غيرِنا ثِنىً فِي السُّوددِ عندنَا لفَضْلِنا على غيرِنا، (ج) {ثُنْيان (} ثِنْيَة) ، بالكسْرِ. يقالُ: فلانٌ ثِنْيَة أَهْل بَيْتِه أَي أَرْذَلهم؛ وقالَ الأَعْشى:
طَوِيلُ اليدَيْنِ رَهْطُه غيرُ ثِنْيةٍ
أَشَمُّ كَرِيمٌ لَا يُرَهَّقُ (و) {الثُّنْيانُ: (مَنْ لَا رَأْيَ لَهُ وَلَا عَقْلَ.
(و) } الثّنْيانُ: (الفاسِدُ مِن الرَّأْيِ) وَهُوَ مجازٌ.
(و) مَضَى (ثِنْيٌ من اللَّيلِ، بالكسْرِ) ، أَي (ساعَةٌ) مِنْهُ؛ حُكِي عَن ثَعْلَب.
(أَو وَقْتٌ) مِنْهُ.
( {والثَّنِيَّةُ) ، كغَنِيَّة: (العَقَبَةُ) ، جَمْعُه} الثَّنايا؛ قالَهُ أَبو عَمْرو.
(أَو طَريقُها) العالِي؛ وَمِنْه الحدِيثُ: (مَنْ يَصْعَدُ {ثَنِيَّة المُرارِ حُطَّ عَنهُ مَا حُطَّ عَن بَني إسْرائيلَ) ، وقيلَ: أَرادَ بِهِ أَعْلَى المَسِيلِ فِي رأْسِه، والمُرارُ: مَوْضِعٌ بينَ الحَرَمَيْن،} وثَنِيّتُه عَقَبَةٌ شاقَّةٌ.
(أَو) هِيَ (الجَبَلُ) نَفْسُه، (أَو الطَّريقَةُ فِيهِ) ، كالنّقبِ، (أَو إِلَيْهِ) .
وقالَ الأزْهرِيُّ: العِقابُ جِبالٌ طِوالٌ تعرض الطَّريق، والطَّريقُ يأْخُذُ فِيهَا، وكلُّ عَقَبةٍ مَسْلوكَةٍ ثَنِيَّةٌ، وجَمْعُها {ثَنايَا، وَهِي المَدارجُ أَيْضاً.
وقالَ الرَّاغِبُ:} الثَّنِيَّةُ مِن الجَبَلِ مَا يُحْتاجُ فِي قطْعِه وسُلوكِه إِلَى صُعُودٍ وحُدُورٍ فكأنَّه يثني السَّيْر.
(و) الثَّنِيَّةُ: (الشُّهَداءُ الَّذين اسْتَثْناهُمُ اللَّهُ عَن الصَّعْقَةِ) ، رُوِي عَن كَعْب أَنه قالَ: الشُّهَداءُ {ثَنِيَّةُ اللَّهِ فِي الأرْضِ، يعْنِي مَنِ، اسْتَثْناهُ فِي الصَّعْقَةِ الأُولى، تَأَوَّل قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {ونُفِخَ فِي الصّورِ فصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ ومَنْ فِي الأرْضِ إلاَّ من شاءَ اللَّهُ} ؛ فَالَّذِينَ} اسْتَثْنَاهُمُ اللَّهُ عنْدَ كَعْب هُمُ الشُّهداءُ لأنَّهم عنْدَ رَبِّهم أَحْياءٌ يُرْزَقونَ فَرِحِين بمَا آتاهُمُ اللَّهُ من فضْلِه، فكأنَّهم {مُسْتَثْنَونَ من الصعقتين وَهَذَا معنى كَلَام كَعْب وَهَذَا الحَدِيث يرويهِ إِبْرَاهِيم أَيْضا (و) الثَّنيَّةُ: (بِمَعْنى} الاسْتِثْناءِ) يقالُ حَلَفَ يَمِينا ليسَ فِيهَا ثَنِيَّة، أَي {اسْتِثْناء.
(و) الثَّنِيَّةُ (مِنَ الأَضْراسِ) تَشْبيهاً} بالثَّنِيَّةِ مِن الجَبَلِ فِي الهَيْئةِ والصَّلابَةِ، وَهِي (الأَرْبَعُ الَّتِي فِي مُقَدَّمِ الفَمِ {ثِنْتانِ من فَوْقُ} وثِنْتانِ مِن أَسْفَلَ) للإنْسانِ والخُفِّ والسَّبُعِ؛ كَذَا فِي المُحْكَم.
وقالَ غيرُهُ: الثَّنِيَّةُ أَوَّل مَا فِي الفَمِ.
(و) الثَّنِيَّةُ: (النَّاقَةُ الطَّاعِنَةُ فِي السَّادِسَةِ.
(والبَعيرُ ثَنِيٌّ) . قيلَ لابْنةِ الخُسِّ: هَل يُلْقِحُ {الثَّنِيُّ؟ قَالَت: لقاحُه أَنِيٌّ أَي بَطِيءٌ.
(و) الثَّنِيَّةُ: (الفَرَسُ الَّداخلَةُ فِي الرَّابِعَةِ، والشَّاةُ فِي الثَّالِثَةِ، كالبَقَرَةِ) .
وَفِي الصِّحاحِ: الثَّنِيُّ الَّذِي يُلْقِي} ثَنِيَّته، ويكونُ ذلِكَ فِي الظِّلْفِ والحافِرِ فِي السَّنَةِ الثالثَةِ، وَفِي الخُفِّ فِي السَّنَةِ السادِسَةِ.
وَفِي المُحْكَم: الثَّنِيُّ مِن الإِبِلِ الَّذِي يُلْقِي ثَنِيَّته وذلِكَ فِي السادِسَةِ، ومِن الغَنَمِ الداخِلُ فِي السَّنَة الثَّانِيَة تَيْساً كانَ أَو كَبْشًا.
وَفِي التَّهْذِيبِ: البَعيرُ إِذا اسْتَكْمَلَ الخامِسَةَ وطَعَنَ فِي السادِسَةِ فَهُوَ {ثنِيٌّ، وَهُوَ أَدْنى مَا يجوزُ مِن سنِّ الإبِلِ فِي الأضاحِي، وَكَذَلِكَ من البَقَرِ والمِعْزى، فأمَّا الضَّأْنُ فيجوزُ مِنْهَا الجَذَعُ فِي الأَضاحِي، وإنَّما سُمِّي البَعيرُ} ثَنِيّاً لأنَّه أَلْقَى! ثَنِيَّته.
قالَ ابنُ الأعْرابيِّ: ليسَ قَبْل الثَّنِيِّ اسمٌ يُسَمَّى وَلَا بَعْدَ البازِلِ اسمٌ يُسَمَّى.
وقيلَ: كلُّ مَا سَقَطَتْ ثَنِيَّته مِن غيرِ الإنْسانِ ثَنِيٌّ، والظَّبيُ ثَنِيٌّ بعدَ الإجْذاعِ.
وقالَ ابنُ الأثيرِ: الثَّنِيَّةُ مِنَ الغَنَمِ مَا دَخَلَ فِي الثالِثَةِ، ومِن البَقرِ كَذلِكَ، ومِنَ الإبِلِ فِي السادِسَةِ، والذَّكَر ثَنِيٌّ، وعَلى مَذْهبِ أَحْمدَ مَا دَخَلَ مِنَ المَعْزِفي الثانِيةِ، ومَن البَقَرِ فِي الثالثَةِ. "
وقالَ ابنُ الأعْرابيِّ: فِي الفَرَسِ إِذا اسْتَتَمَّ الثالثَةَ ودخَلَ فِي الرابِعَةِ ثَنِيٌّ. (و) الثَّنِيَّةُ: (النَّخْلَةُ {المُسْتَثْناةُ مِن المُساوَمَةِ.
(} والثُّنيَا، بالضمِّ، من الجَزُورِ) : مَا {يَثْنِيهِ الجازِرُ إِلَى نَفْسِه مِن (الرّأْسِ) والصُّلبِ (والقَوائِمِ) ؛ وَمِنْه الحدِيثُ: (كانَ لرجلٍ نَجِيبَةٌ فمرِضَتْ فباعَها مِن رجُلٍ واشْتَرَطَ} ثُنْياها؛ أَرادَ قَوائِمَها ورأْسَها؛ وأَنْشَدَ ثَعْلَب:
مُذَكَّرة {الثُّنْيا مُسانَدة القَرَى
جُمالِيَّة تَخْتبُّ ثمَّ تُنِيبُأَي أنَّها غَليظَةُ القَوائِم، أَي رأْسها وقَوائِمها تُشْبِهُ خَلْق الذِّكارَةِ.
وقالَ الصَّاغانيُّ: ذِكْرُ الصّلبِ فِي الثُّنْيا وَقَعَ فِي كتابِ ابنِ فارسَ، والصَّوابُ الرأْسُ والقَوائِمُ.
(و) الثُّنْيا: (كُلُّ مَا} اسْتَثْنَيْتَه) ؛ وَمِنْه الحدِيثُ: (نَهَى عَن الثُّنْيا إلاَّ أنْ يُعْلَمَ) ؛ وَهُوَ أَن {يُسْتَثْنَى مِنْهُ شيءٌ مَجْهولٌ فيفْسدَ البَيْعُ وذِلِكَ إِذا باعَ جَزُوراً بثمنٍ مَعْلومٍ} واسْتَثْنَى رأْسَه وأَطْرافَه، فإنَّ البَيْعَ فاسِدٌ.
وقالَ ابنُ الأثيرِ: هِيَ أَن {يُسْتَثْنى فِي عقْدِ البَيْعِ شيءٌ مَجْهولٌ فيفْسدَه؛ وقيلَ: هُوَ أَن يُباعَ شيءٌ جزَافا، فَلَا يَجوزُ أَن يُسْتَثْنى مِنْهُ شيءٌ قَلّ أَو كَثُر؛ قالَ: وتكونُ الثُّنْيا فِي المزارعَةِ أَن يُسْتَثْنى بَعْدَ النِّصفِ أَو الثّلثِ كَيْلٌ مَعْلومٌ.
وَفِي الحدِيثِ: (مَنْ أَعْتَقَ أَو طَلَّق ثمَّ اسْتَثْنى فَلهُ} ثُنْياه) ، أَي مَنْ شَرَطَ فِي ذلِكَ شَرْطاً أَو عَلَّقَه على شيءٍ فلَه مَا شَرَطَ أَو اسْتَثْنى مِنْهُ، مثْل أَنْ يقولَ طلَّقْتها ثَلَاثًا إلاَّ واحِدَةً أَو أَعْتَقَهم إلاَّ فلَانا) ؛
(! كالثُّنْوَى) ، كالرُّجْعَى. يقالُ: حَلَفَ يَمِيناً ليسَ فِيهَا ثُنْيا وَلَا ثُنْوَى، قُلِبَتْ ياؤُه واواً للتَّصْريفِ، وتَعْويضِ الواوِ مِن كَثْرةِ دُخولِ الياءِ عَلَيْهَا وللفَرقِ أَيْضاً بينَ الاسمِ والصِّفَةِ.
( {والثُّنْيَةُ) بضمٍ فسكونٍ.
(} والمُثَنَّاةُ: ع) بالطائِفِ.
( {ومُثَنَّى: اسمٌ.
(} واثَّنَى، كافْتَعَلَ: {تَثَنَّى) ، أَصْلُه} اثْتَنَى فقُلِبَتِ الثَّاءُ ثاةً لأنَّ التاءَ أُخْتُ التاءِ فِي الهَمْسِ ثمَّ أُدْغِمَتْ فِيهَا؛ قالَ الشَّاعِرُ:
بَدا بِأبي ثمَّ {اثَّنَى بأَبي أَبي
وثَلَّثَ بالأَذنينِ ثَقْف المَحالِبِهذا هُوَ المَشْهورُ فِي الاسْتِعمالِ والقَويُّ فِي القِياسِ. وَمِنْهُم مَنْ يقلبُ تاءَ افْتَعَلَ ثاء فيَجْعلُها مِن لَفْظِ الفاءِ قَبْلها فيقولُ اثَّنَى واثَّرَدَ واثَّأَدَ، كَمَا قالَ بعضُهم فِي اذْدَكَر اذَّكَرَ وَفِي اصْطَلَحَ اصَّلَح.
(} وأَثْنَى البَعيرُ) {ثِناءً: أَلْقى ثَنِيَّته و (صارَ ثَنِيَّاً) .
وقالَ ابنُ الأعْرابيِّ فِي الفَرَسِ إِذا} أَثْنَى: ألْقَى رَواضِعَه، فيُقالُ أَثْنَى وأَدْرَم {الإثناءَ، قالَ: وَإِذا سَقَطَتْ رَواضِعُه ونَبَتَ مكانَها سِنٌّ، فنَباتُ تلْكَ السنِّ هُوَ الإِثناءُ، ثمَّ يَسْقطُ الَّذِي يَلِيه عنْدَ إِرْباعِه.
(} والثَّناءُ، بالفتْحِ،! والتَّثْنِيَةُ: وَصْفٌ بمَدْحٍ أَو بذَمِّ، أَو خاصٌّ بالمَدْحِ؛ وَقد {أَثْنَى عَلَيْهِ} وثَنَّى.
(قُلْتُ: أَمَّا أَثْنَى فمَنْصوصٌ عَلَيْهِ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ كُلِّها.
(قالَ الجَوْهرِيُّ: أَثْنى عَلَيْهِ خَيْراً، والاسمُ {الثَّناءُ.
(وقالَ اللَّيْثُ: الثَّناءُ، مَمْدودٌ، تَعَمُّدك} لتُثْنيَ على إنْسانٍ بحسَن أَو قَبيحٍ.
(وَقد طارَ {ثَناءُ فلانٍ أَي ذَهَبَ فِي النَّاسِ، والفْعلُ أَثْنَى؛ وأَمَّا} التثنيةُ وفِعْله ثنى فَلم يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ والصَّوابُ فِيهِ التثبية، وثبى بالموحَّدَةِ بِهَذَا المعْنَى؛ وَقد تقدَّمَ ذلِكَ للمصنِّفِ، ثمَّ إنَّ تَقْييدَ الثَّناء مَعَ شُهْرتِه بالفتْحِ غَيْرُ مَقْبولٍ بل هُوَ مُسْتدركٌ، وأَشارَ للفَرْقِ بَيْنه وبينَ النَّثا بقَوْلِه: أَو خاصٌّ بالمدْحِ، أَي والنَّثا خاصٌّ بالذمِ.
(قالَ ابنُ الأَعْرابيِّ: يقالُ أَثْنَى إِذا قالَ خَيْراً أَو شرّاً، وأَنْثى إِذا اغْتابَ.
(وعُمومُ الثَّناءِ فِي الخَيْرِ والشرِّ هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ كَثِيرُونَ؛ واسْتَدَلّوا بالحدِيثِ: (مَنْ {أَثْنَيْتُم عَلَيْهِ خَيْراً وجَبَتْ لَهُ الجنَّةُ ومَنْ أَثْنَيْتُم عَلَيْهِ شرّاً وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ) .
(و) ثِناءُ الدَّارِ، (ككِتابٍ: الفِناءُ) .
قالَ ابنُ جنِّيِ: ثِناءُ الدَّارِ وفِناؤُها أَصْلانِ لأنَّ} الثِّنَاءَ مِن {ثَنَى} يَثْنِي، لأنَّ هناكَ تَنْثَني عَن الإنْبِساطِ لمجيءِ آخِرها واسْتَقْصاءِ حُدودِها، وفِناؤُها مِنْ فَنِيَ يَفْنَى لأنَّك إِذا تَناهَيْتَ إِلَى أَقْصَى حُدودِها فَنِيَتْ.
قالَ ابنُ سيِدَه: وجَعَلَه أَبو عبيدٍ فِي المُبْدلِ.
(و) الثِّناءُ: (عِقالُ البَعِيرِ؛ عَن ابْن السَّيِّدِ) فِي الفرقِ. قُلْتُ: لَا حاجَةَ فِي نَقْلِه عَن ابنِ السَّيِّد وَقد ذَكَرَه الجَوْهرِيُّ حيثُ قالَ:
وأَمَّا الثِّناءُ، مَمْدوداً، فعِقالُ البَعير ونَحْو ذلِكَ مِن حَبْل {مَثْنيَ، وكلّ واحدٍ مِن} ثِنْيَيْه فَهُوَ ثِناءٌ لَو أُفْرِد، تقولُ عَقَلْتُ البَعيرَ {بثِنايَيْن إِذا عَقَلْتُ يَدَيْه جَمِيعاً بحَبْل أَو بِطَرَفي حَبْل، وإِنَّما لم يُهْمَز لأنَّه لَفْظٌ جاءَ مُثَنىَّ لَا يُفْرَد واحِدُه فيُقالُ ثِناءٌ، فتُرِكتِ الياءُ على الأصْلِ كَمَا فَعَلوا فِي مِذْرَوَيْن، لأنَّ أَصْلَ الهَمْزةِ فِي ثِناءٍ لَو أُفْرِد ياءٌ، لأنَّه مِن} ثَنَيْتُ، وَلَو أُفْرِد واحِدُه لقيلَ {ثِنَاءان كَمَا تقولُ كساآنِ ورَدَاآنِ؛ هَذَا نَصّه.
وقالَ ابنُ بَرِّي: إنَّما لم يُفْرد لَهُ واحِدٌ لأنّه حَبْلٌ واحدٌ يُشدُّ بأَحدِ طَرَفَيْه اليَد وبالطَّرَفِ الآخَرِ الأُخْرى، فهما كالواحِدِ.
ومِثْله قَوْل ابنِ الأثيرِ فِي شرْحِ حدِيثِ عَمْرو بنِ دِينارٍ: رأَيْت ابنَ عُمَر يَنْحَرُ بدنته وَهِي بارِكَةٌ} مَثْنِيَّة {بثِنايَيْن.
وقالَ الأصْمعيُّ: يقالُ عَقَلْتُ البَعيرَ بثِنَايَيْنِ، يُظْهِرُونَ الياءَ بعْدَ الألفِ، وَهِي المدَّة الَّتِي كــانتْ فِيهَا، وَإِن مدّمادٌّ لكأنَ صَواباً كقَوْلِكَ كِسَاءٌ وكِسَاوَانِ وكِسَاآنِ. قالَ: وواحِدُ} الثِّنَايَيْنِ ثِناءٌ ككِسَاء.
قُلْتُ: وَهَذَا خِلافُ مَا عَلَيْهِ النّحويُّونَ فإنّهم اتَّفَقُوا على تَرْكِ الهَمْز فِي الثّنَايَيْن وعَلى أَن لَا يُفْردُوا الوَاحِدَ.
وكَلامُ اللّيْثِ مثْل مَا نَقَلَه الأصْمعيّ، وَقد رَدَّ عَلَيْهِ الأزْهريُّ بِمَا هُوَ مَبْسوطٌ فِي تَهْذِيبِه. ورُبَّما نَقَل المصنِّفُ عَن ابنِ السَّيِّد لكَوْنِه أَجازَ إفْرادَ الواحِدِ، وَلذَا لم يَذْكرِ الثِّنَايَيْن، وَقد عَلِمْتُ أنَّه مَرْدودٌ فإنَّ الكَلِمَةَ بُنِيَتْ على {التَّثْنِيَةِ، فتأَمَّل.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
الطَّويلُ} المُتَثَنيِّ: هُوَ الذَّاهِبُ طُولاً، وأَكْثَر مَا يُسْتَعْملُ فِي طَويلٍ لاعَرْض لَهُ.
{والثِّنْيُ، بالكسْرِ: واحِدُ} أَثْناء الشيءِ أَي تَضَاعِيفه؛ تقولُ: أَنْفَذت كَذَا {ثِنْيَ كتابِي أَي فِي طَيِّه؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ.
وكانَ ذلِكَ فِي أَثْناءِ كَذَا: أَي فِي غضونِهِ.
والثِّنْيُ أَيْضاً: معطفُ الثَّوْبِ؛ وَمِنْه حدِيثُ أَبي هُرَيْرَةَ: (كانَ} يَثْنِيه عَلَيْهِ أَثْناءً مِن سَعَتِه) ، يعْنِي الثَّوْبَ.
{وثَنَّاهُ} ثَنْياً: عَطَفَهُ.
وأَيْضاً: كَفَّهُ.
وأَيْضاً: عَقَدَه، وَمِنْه {تُثْنَى عَلَيْهِ الخَناصِر.
وثَناهُ عَن حاجَتِهِ: صَرَفَه.
} وثَناهُ: أَخَذَ نِصْفَ مالِهِ أَو ضمَّ إِلَيْهِ مَا صارَ بِهِ اثْنَيْنِ.
{وثِنْيُ الوُشاحِ: مَا} انْثَنَى مِنْهُ، والجَمْعُ {الأَثْناء، قالَ:
تَعَرُّضَ أَثْناء الوِشَاحِ المُفَصَّل} وثَنَى رِجْلُه عَن دابَّتِه: ضمَّها إِلَى فخذِهِ فنَزلَ.
وَإِذا فَعَلَ الرَّجُلُ أَمْراً ثمَّ ضمَّ إِلَيْهِ أمرا آخَرَ قيلَ {ثَنَّى بالأَمْرِ الثَّانِي} تَثْنِية.
وَفِي الحدِيثِ: (وَهُوَ {ثانٍ رِجْلَه أَي عاطِفٌ قَبْل أنْ يَنْهَض.
وَفِي حدِيثٍ آخَرَ: (قَبْلَ أنْ} يَثْنيَ رِجْلَه) ، قالَ ابنُ الأثيرِ: هَذَا ضِدّ الأوّل فِي اللفْظِ ومِثْله فِي المعْنَى، لأنَّه أَرادَ قَبْل أَن يصرفَ رِجْلَه عَن حالَتِه الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا فِي التَّشهّدِ. {وثَنَى صَدْرَه} يَثْنِيه ثنيّاً: أَسَرَّ فِيهِ العَداوَةَ، أَو طَوَى مَا فِيهِ اسْتِخْفاء.
ويقالُ للفارِسِ إِذا {ثَنَى عُنُقَ دابَّتِه عنْدَ شدَّة حُضْرِه: جاءَ} ثانيَ العِنانِ.
ويقالُ للفَرَسِ نَفْسَه: جاءَ سابِقاً {ثانِياً إِذا جاءَ وَقد ثَنَى عُنُقَه نشاطاً لأنّه إِذا أَعْيى مدَّ عُنُقَه؛ وَمِنْه قولُ الشاعِرِ:
ومَنْ يَفْخَرْ بمثلِ أَبي وجَدِّي
يَجِىءْ قبل السَّوابق وهْو ثانِيأَي كالفَرَسِ السَّابِقِ، أَو كالفارِسِ الَّذِي سبقَ فَرسُه الخَيْلَ.
} وَثَانِي عطْفه: كِنايَةٌ عَن التّكبرِ والإعْراضِ. كَمَا يقالُ: لَوَى شدْقَه ونَأَى بجانِبهِ.
ويقالُ: فلانٌ ثانِي اثْنَيْن، أَي هُوَ أَحَدُهما، مُضافٌ، وَلَا يقالُ هُوَ ثانٍ اثْنَيْن، بالتَّنْوِين.
وَلَو سُمِّي رَجُل {باثْنَيْن أَو} باثْنَي عشر لقُلْت فِي النِّسْبةِ إِلَيْهِ {ثَنَويٌّ فِي قوْلِ مَنْ قالَ فِي ابْنٍ بَنَوِيٌّ، واثْنِيٌّ فِي قوْلِ مَنْ قالَ ابْنِيٌّ.
} والثَّنَوِيَّةُ، بالتحْرِيكِ: طائِفَةٌ تقولُ {بالاثْنَيْنِيَّة، قبَّحَهم اللَّهُ تَعَالَى؛
} وثِنى، بالكسْرِ: مَوْضِعٌ بالجَزيرَةِ مِن دِيارِ تَغْلِب، كــانتْ فِيهِ وقائِعُ. ويقالُ: هُوَ كغَنِيَ؛ وأَيْضاً: مَوْضِعٌ بناحِيَةِ المذارِ، عَن نَصْر.
وشَرِبتُ أثنا القَدَح، واثْنَيْ هَذَا القَدَح، أَي اثْنَيْن مِثْلَه. وكَذلِكَ شَرِبْتُ اثْنَيْ مُدِّ البَصْرةِ، {واثْنَيْن بمدِّ البَصْرَةِ.
والكَلِمَةُ} الثنائِيَّةُ: المُشْتَملَةُ على حَرْفَيْن كيَدٍ ودمٍ؛ وقَوْله أَنْشَدَه ابنُ الأعْرابيِّ:
فَمَا حَلَبَتْ إلاَّ الثَّلاثة! والثُّنَى
وَلَا قَيَّلَتْ إلاَّ قَرِيبا مَقالُها قالَ: أَرادَ الثَّلاثَةَ من الآنِيَةِ، {وبالثُّنَى الاثْنَيْن: وقَوْلُ كثيِّر عزَّةَ:
ذكرتَ عَطاياهُ وليْسَتْ بحُجَّة
عليكَ وَلَكِن حُجَّةٌ لكَ} فَاثْنِن قيلَ فِي تَفْسيرِهِ: أَعْطِني مرَّةً {ثانِيَةً، وَهُوَ غَريبٌ.
وحَكَى بعضُهم: أَنَّه ليَصومُ} الثُّنِيَّ على فُعولٍ نَحْو ثُدِيَ، أَي يَوْمَ الاثْنَيْن.
{والمَثاني: أَرضٌ بينَ الكُوفَةِ والشامِ؛ عَن نَصْر.
وقالَ اللّحْيانيُّ:} التَّثْنِيَةُ أنْ يَفُوزَ قِدْحُ رجُلٍ مِنْهُم فيَنْجُو ويَغْنَم فيَطْلُبَ إِلَيْهِم أَن يُعِيدُوه على خِطارٍ.
{والمَثْنَى: زِمامُ الناقَةِ؛ قالَ الشاعِرُ:
تُلاعِبُ} مَثْنَى حَضْرَمِيِّ كأَنَّهُ
تَعَمُّجُ شَيْطانٍ بذِي خِرْوَعٍ قَفْرِوقالَ الرَّاغبُ: {المَثْناةُ مَا ثُنِي من طَرَفِ الزِّمامِ.
وجَمْعُ} الثِّنْي مِن النّوقِ {ثُناءٌ، بالضمِّ، عَن سِيْبَوَيْه، جَعَلَه كظِئْرٍ وظُؤَارٍ.
وقالَ غيرُهُ: أَثْناءُ، وأَنْشَدَ:
قامَ إِلَى حَمْراءَ مِنْ} أَثْنائِها {والثُّنَى، كهُدَى: الأمْرُ يُعادُ مَرَّتَيْن؛ لُغَةٌ فِي} الثِّنَى، كمَكانٍ سِوىً وسُوىً؛ عَن ابنِ بَرِّي.
وعَقَلْتُ البَعيرَ {بثِنْيَتَيْن، بالكسْرِ: إِذا عَقَلْت يدا واحِدَةً بعُقْدَتَيْن؛ عَن أَبي زيْدٍ.
وقالَ أَبو سعيدٍ:} الثِّنايَةُ، بالكسْرِ: عُودٌ يُجْمَع بِهِ طَرَفا الحَبْلَيْن من فَوْق المَحَالةِ وَمن تَحْتَها الأُخرى مِثْلها؛ قالَ: والمَحَالَةُ والبَكَرَةُ تَدُورُ بينَ {الثِّنَايَتَيْنِ؛
} وثِنْيا الحَبْل، بالكسْرِ: طَرَفاهُ، واحِدُهما {ثِنْيٌ؛ قالَ طرفَهُ:
لَعَمْرُكَ إنَّ الموتَ مَا أَخْطَأَ الفَتَى
لَكالطِّوَلِ المُرْخى} وثِنْياه فِي اليَد ِأَرادَ {بِثِنْيَيْهِ الطَّرَفَ} المَثْنِيَّ فِي رُسْغِه، فلمَّا {انْثَنَى جَعَلَه} ثِنْيَيْن لأنَّه عقدَ بعُقْدَتَيْن.
وجَمْعُ {الثَّنِيِّ مِن الإِبِلِ، كغَنِيَ،} ثِناءٌ {وثُناءٌ، ككِتابٍ وغُرابٍ،} وثُنْيانٌ. وحَكَى سِيْبَوَيْه ثُن.
ويقالُ: فلانٌ طَلاَّعُ {الثَّنَايا إِذا كانَ سامِياً لمعالي الأُمورِ، كَمَا يقالُ طَلاَّع أَنْجُدٍ، أَو جَلْداً يَرْتَكِبُ الأُمُورَ العِظامَ، وَمِنْه قَوْلُ الحجَّاجِ فِي خطْبتِه:
أَنا ابنُ جَلاَ وطَلاَّع الثَّنايا ويقالُ للرَّجُل الَّذِي يُبْدَأُ بذِكْرِه فِي مَسْعاةٍ أَو مَحْمَدةٍ أَو عِلْمٍ: فلانٌ بِهِ} تُثْنَى الخَناصِرُ، أَي تُحْنَى فِي أَوَّلِ من يُعَدّ ويُذْكر، وقالَ الشاعِرُ:
فَقَوْمي بهم تُثْنَى هُناك الأَصابعقالَ ابنُ الأعْرابيُّ: يَعْنِي أنَّهم الخيارُ المَعْدُودُونَ، لأنَّ الخيارَ لَا يكثرونَ.
{واسْتَثْنَيْتُ الشَّيءَ مِن الشَّيءِ: حاشَيْتُه.
وقالَ الرَّاغبُ:} الاسْتِثْناءُ إيرادُ لَفْظٍ يَقْتَضِي رَفْع بعض مَا يُوجِبه عُمومُ اللّفْظِ كقَوْلِه تَعَالَى: {إلاَّ أنْ يكونَ ميتَةً أَو دَماً مَسْفوحاً} ، وَمَا يَقْتَضِيه رَفْع مَا يُوجِبه اللّفْظ كقَوْلِ الرَّجُلِ: لأفْعَلَنَّ كَذَا إنْ شاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وعَلى هَذَا قَوْله تَعَالَى: {إِذا أَقْسَموا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبحين وَلَا {يَسْتَثْنُون} .
وحَلْفةٌ غَيْر ذَات} مَثْنَوِيَّة: أَي غَيْر مُحَلَّلة.
{والثُّنْيانُ، بالضَّمِّ: الاسمُ مِن الاسْتِثْناءِ} كالثَّنْوَى، بالفتْحِ، نَقَلَه الجَوْهرِيُّ،
{والمُثنَى، كمُعَظَّم: اسمٌ. وأَيْضاً لَقَبُ الحَسَنِ بنِ الحَسَنِ بنِ عليَ، رضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنهُ.
} والمثْنَوي مِن الشّعرِ: وَهُوَ المَعْروفُ بالدو بَيت، وَبِه سَمَّى الشَّيخُ جلالُ الدِّيْنُ القَوْنويّ كتابَهُ {بالمَثْنوي.
وأُثْنان، بالضَّمِّ: مَوْضِعٌ بالشَّأمِ؛ عَن ياقوت، وَقد ذُكِرَ فِي أثن.

الشّرط

الشّرط:
[في الانكليزية] Favourable wind
[ في الفرنسية] Vent favorable

بالضم، وترجمتها: الريح المؤاتية، والعلامة كما في مدار الأفاضل وفي اصطلاح السّالكين: الشرطة عبارة عن النّفس الرحماني، كما أشار لذلك الرسول صلّى الله عليه وسلم (إنّي وجدت نفس الرحمن من جانب اليمن). كذا في كشف اللغات.
الشّرط:
[في الانكليزية] Condition
[ في الفرنسية] Condition

بالفتح وسكون الراء المهملة وبالفارسية:
پيمان- حلف- وتعليق كردن چيزى به چيزى- أي تعليق حصول أمر على حصول أمر آخر- كذا في الصراح. وفي كنز اللغات: الشرط:
ارتباط فعل أو قول بشيء آخر. وما تعلّق به حصول فعل أو قول، انتــهى. لكن قال المولوي عبد الحكيم في حاشية الفوائد الضيائية في القاموس: الشرط إلزام الشيء والتزامه، نقل في الاصطلاح إلى تعليق حصول مضمون جملة بحصول أخرى. وحروف الشرط هي الحروف الدالة على التعليق انتــهى. ففهم من هذا أنّ التعليق معنى اصطلاحي للنحاة. والمفهوم من كتبهم أنّ الشرط هو اللفظ الذي دخلت عليه أداة الشرط يدلّ عليه قولهم: كلم المجازاة تدخل على الفعلين لسببية الفعل الأول ومسبّبية الفعل الثاني، وتسمّى الجملة الأولى شرطا والثانية جزاء. وقد صرّح في التلويح في فصل مفهوم الموافقة والمخالفة أنّ الشرط في اصطلاح النحاة ما دخل عليه شيء من الأدوات المخصوصة الدالة على سببية الأوّل ومسبّبية الثاني ذهنا أو خارجا سواء كان علّة للجزاء مثل إن كــانت الشمس طالعة فالنهار موجود، أو معلولا مثل إن كان النهار موجودا فالشمس طالعة أو غير ذلك، مثل إن دخلت الدار فأنت طالق. وهذا أي الشرط النحوي هو محلّ النزاع بين الحنفية حيث يقولون التعليق بالشرط لا يوجب العدم عند العدم، وبين الشافعية حيث يقولون بإيجابه إياه انتــهى. قيل مرادهم بالسّبب مجرّد التوصّل في اعتقاد المتكلّم ولو ادّعاء فيؤول إلى الملازمة الادّعائية. ألا ترى إلى قولك إن تشتمني أكرمك فإنّ الشّتم فيه ليس سببا حقيقيا للإكرام، ولا الإكرام سببا حقيقيا له، لا خارجا ولا ذهنا. لكن المتكلّم اعتبر تلك النسبة بينهما إظهارا لمكارم الأخلاق، يعني أنّه بمكان يصير الشّتم الذي هو سبب الإهانة عند الناس سبب الإكرام عنده انتــهى.
ثم الشرط في العرف العام هو ما يتوقّف عليه وجود الشيء كذا في التلويح في فصل مفهوم الموافقة والمخالفة أيضا فهذا يشتمل الركن والعلّة. وفي اصطلاح الحكماء يطلق على قسم من العلّة وهو الأمر الوجودي الموقوف عليه الشيء الخارج عنه الغير المحلّ لذلك الشيء، ولا يكون وجود ذلك الشيء منه ولا لأجله، ويسمّى آلة أيضا. والمعدوم الموقوف عليه الشيء الخ يسمّى ارتفاع المانع وعدمه.
وفي اصطلاح الفقهاء والأصوليين هو الخارج عن الشيء الموقوف عليه ذلك الشيء الغير المؤثّر في وجوده كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة كذا في شرح آداب المسعودي. وهذا اصطلاح المتكلمين أيضا. قال في التلويح في فصل مفهوم الموافقة والمخالفة الشرط في اصطلاح المتكلّمين ما يتوقّف عليه الشيء ولا يكون داخلا في الشيء ولا مؤثّرا فيه انتــهى.
فبقيد التوقّف خرج السّبب والعلامة، إذا السّبب طريق إلى الشيء ومفض إليه من غير توقّف لذلك الشيء عليه، والعلامة دالّة على وجود الشيء من غير تأثير فيه، ولا توقّف له عليه. فقولهم لا يكون داخلا احتراز عن الركن والقيد الأخير احتراز عن العلّة لوجوب كونها مؤثّرة. ومعنى التّأثير هاهنا هو اعتبار الشارع إيّاه بحسب نوعه أو جنسه القريب في الشيء الآخر لا الإيجاد كما في العلل العقلية. وبالجملة فالشرط أمر خارج يتوقّف عليه الشيء ولا يترتّب عليه كالوضوء فإنّه يتوقّف عليه وجود الصلاة ولا يترتّب عليه، فالشرط يتعلّق به وجود الحكم لا وجوبه. وفي العضدي وحاشيته للتفتازاني قال الغزالي: الشرط ما يوجد المشروط دونه ولا يلزم أن يوجد عنده. وأورد عليه أنّه دور لأنّه عرف الشرط بالمشروط. وأجيب بأنّ ذلك بمثابة قولنا شرط الشيء ما لا يوجد ذلك الشيء بدونه. وظاهر أنّ تصوّر حقيقة المشروط غير محتاج إليه في تعقّل ذلك. وقال الآمدي الشرط ما يتوقّف عليه المؤثّر في تأثيره لا في ذاته، فيخرج جزء السّبب وسبب السّبب، لكنه يشكل بنفس السّبب ضرورة توقّف تأثير الشيء على تحقّق ذاته. ولا خفاء أنّه مناقشة في العبارة، وإلّا فتوقّف ذات الشيء على نفسه بمعنى أنّه لا يوجد بدونه ضروري. قيل والمختار في تعريفه أن يقال هو ما يستلزم نفيه نفي أمر لا على جهة السّببية فيخرج السّبب، والفرق بين السّبب والشرط يتوقّف على فهم المعنى المميّز بينهما، ففيه تعريف الشيء بمثله في الخفاء، والمعنى المميّز هو التأثير والإفضاء واستلزام الوجود للوجود حيث يوجد في السّبب دون الشرط.
والأولى أن يقال شرط الشيء ما يتوقّف عليه صحّة ذلك الشيء لا وجوده، كالوضوء للصلاة واستقبال القبلة لها، وكالشّهود للنكاح.
وينقسم الشرط إلى عقلي وشرعي وعادي ولغوي. أمّا العقلي فكالحيوة للعلم فإنّ العقل هو الذي يحكم بأنّ العلم لا يوجد إلّا بحياة.
وأمّا الشّرعي فكالطّهارة للصّلاة فإنّ الشّرع هو الحاكم بذلك. وأمّا العادي فكالنّطفة في الرّحم للولادة. وأمّا اللغوي فمثل قولنا إن دخلت الدار من قولنا أنت طالق إن دخلت الدار، فإنّ أهل اللغة وضعوا هذا التركيب ليدلّ على أن ما دخلت عليه إن هو الشرط والآخر المعلّق به هو الجزاء. ثم الشرط اللغوي صار استعماله في السّببية غالبا. يقال إن دخلت الدار فأنت طالق، والمراد أنّ الدخول سبب للطلاق يستلزم وجوده وجوده لا مجرّد عدمه مستلزما لعدمه من غير سببية. وفيما لم يبق للمسبّب أمر يتوقّف عليه سواه فإذا وجد ذلك الشّرط فقد وجد الأسباب والشروط كلها فيوجد المشروط. فإذا قيل إن طلعت الشمس فالبيت مضيء فهم منه أنّه لا يتوقّف إضاءته إلّا على طلوعها انتــهى.
وقد قسم السّيد السّند الشرط إلى عقلي وعادي وشرعي، ويجيء في لفظ المقدمة.

اعلم أنّ الحنفية قالوا: الشّرط على أربعة أضرب: شرط محض وهو ما يمتنع بدونه وجود العلّة، فإذا وجد الشرط وجدت العلّة، فيصير الوجود مضافا إلى الشرط دون الوجوب، وهو إمّا حقيقي يتوقّف عليه وجود الشيء في الواقع أو بحكم الشرع حتى لا يصحّ الحكم بدونه أصلا كالشهود للنكاح، وإمّا جعلي يعتبره المكلّف وتعلّق عليه تصرفاته، فإنّه إمّا بكلمة الشرط مثل إن تزوجتك فأنت طالق، أو بدلالة كلمة الشّرط بأن يدلّ الكلام على التعليق دلالة كلمة الشّرط عليه، مثل المرأة التي أتزوجها طالق لأنّه في معنى إن تزوجت امرأة فهي طالق، باعتبار أنّ ترتّب الحكم على الوصف تعليق له به كالشرط. وشرط فيه معنى العلّة وهو الذي لا تعارضه علّة تصلح أن يضاف الحكم إليها فيضاف إليه، أي إذا لم يعارض الشّرط علّة صالحة لإضافة الحكم إليها فالحكم يضاف إلى الشرط لأنّه يشابه العلّة في توقّف الحكم عليه، بخلاف ما إذا وجدت حقيقة العلّة الصالحة فإنّه لا عبرة حينئذ بالشّبيه والخلف، فلو شهد قوم بأنّ رجلا علّق طلاق امرأته الغير المدخولة بدخول الدار وآخرون بأنّها دخلت الدار، وقضى القاضي بوقوع الطلاق ولزوم نصف المهر فإن رجع شهود دخول الدار وحدهم ضمنوا للزوج ما أدّاه إلى المرأة من نصف المهر لأنّهم شهود الشّرط السّالم عن جميع معارضة العلّة الصالحة لإضافة الحكم إليها. وإذا رجع شهود دخول الدار وشهود اليمين أي التعليق جميعا فالضمان على شهود التعليق لأنّهم شهود العلّة. وشرط فيه معنى السببية وهو الذي اعترض عليه فعل فاعل مختار غير منسوب إليه، أي الذي حصل بعد حصوله فعل فاعل مختار غير منسوب ذلك الفعل إلى الشرط، فخرج الشّرط المحض، إذ التعليق وهو فعل المختار لم يعترض على الشرط بل بالعكس، وخرج ما إذا اعترض على الشّرط فعل غير مختار بل طبيعي، كما إذا شقّ زقّ الغير فسال الماء فتلف وخرج ما إذا كان المختار منسوبا إلى الشّرط كما إذا فتح الباب على وجه يفرّ الطائر فخرج فإنّه ليس في معنى السّبب بل في معنى العلّة. ولذا يضمن كما إذا حلّ قيد عبد الغير لا يضمن عندنا، فإنّ الحلّ لمّا سبق الإباق الذي هو علّة التّلف صار كالسّبب له، إذ السّبب يتقدّم على صورة العلّة والشّرط يتأخّر عنها، فالحلّ شرط للإباق، إذ القيد كان مانعا له، ولكن تخلّل بينه وبين الإباق فعل فاعل مختار وهو العبد، وليس هذا الفعل منسوبا إلى الشرط إذ لا يلزم أن يكون كلّ ما يحل القيد أبق البتّة، وقد تقدّم هذا الحلّ على الإباق فهو في حكم الأسباب. وشرط مجازا أي اسما ومعنى لا حكما وهو أول الشرطين اللذين علّق بهما حكم إذ حكم الشرط أن يضاف [إليه] الوجود وذلك يضاف إلى آخرهما، فلم يكن الأول شرطا إلّا اسما لتوقّف الحكم عليه في الجملة، كقوله لامرأته إن دخلت هذه الدار فهذه الدار فأنت طالق، فالشرط الأول شرط اسما لا حكما. فلو وجد الشرطان في الملك بأن بقيت منكوحة له عند وجودهما فلا شكّ أنّه ينزل الجزاء وإن لم يوجدا في الملك أو وجد الأول في الملك دون الثاني فلا شكّ أنّه لا ينزل الجزاء. وإن وجد الثاني في الملك دون الأول بأن أبانها الزوج فدخلت الدار الأولى ثم تزوجها فدخلت الدار الثانية ينزل الجزاء فتطلق عندنا، لأنّ المدار آخر الشرطين، والملك إنّما يحتاج إليه في وقت التّعليق وفي وقت نزول الجزاء، وأمّا فيما بين فلا. وعند زفر لا تطلق لأنّه يقيس الشرط الآخر على الأول، إذ لو كان الأول يوجد في الملك دون الثاني لا تطلق، فكذا عكسه هذا. وذكر فخر الإسلام قسما خامسا وسمّاه شرطا في معنى العلامة كالإحصان في الزنا ولا شكّ أنّه العلامة نفسها لما أنّ العلامة عندهم من أقسام الشرط، ولذا سمّى صاحب الهداية الإحصان شرطا محضا بمعنى أنّه علامة ليس فيها معنى العلّية أو السّببية. وقد يقال إنّ الشرط إن لم تعارضه علّة فهو في معنى العلّة وإن عارضه فإن كان سابقا كان في معنى السّبب، وإن كان مقارنا أو متراخيا فهو الشرط المحض. وإن شئت فارجع إلى التوضيح والتلويح.
اعلم أنّ الظاهر أن إطلاق الشرط على هذه المعاني على سبيل الاشتراك أو الحقيقة والمجاز على قياس ما مرّ في السبب وما يجيء في العلة والله أعلم بحقيقة الحال.

نهل

نهـل
نهِلَ يَنهَل، نَهَلاً ومَنْهَلاً، فهو ناهل
• نهِل الشَّخصُ: شرِب حتّى روِي "نهِل بعد التّعب- نهل العطشانُ من الينبوع- فرسٌ ناهل: شارب" ° نهِل من معين
 العلم: استقى العِلمَ من مصادِره. 

أنهلَ يُنهل، إنهالاً، فهو مُنهِل، والمفعول مُنهَل
• أنهل عطشانًا: سقاه حتى روِي "أنهل بهائِمَه/ زرعَه- أنهل أولادَه من العلم والفضيلة" ° أنهلوا القَنَا مِن عدوِّهم: أثخنوا العدوَّ جراحًا. 

انتــهلَ/ انتــهلَ من ينتهل، انتــهالاً، فهو مُنْتَهِل، والمفعول مُنْتَهَل
انتــهل العلمَ من مصادره الأصيلة: نهِل؛ استقاه من منابعه.
انتــهل من الماء: شرِب منه كثيرًا "انتــهل الكُتَّابُ من مورد الحرِّيَّة العذب- انتــهل الطُّلاّبُ من العلم والمعرفة". 

مِنْهال [مفرد]: ج مناهيلُ، مؤ مِنْهَال ومِنْهَالَة:
1 - صيغة مبالغة من نهِلَ.
2 - من يبلُغ الغايةَ في السَّخاء "هذا رجل مِنهال- امرأة مِنْهَال/ مِنْهَالَة". 

مَنْهَل [مفرد]: ج مناهِلُ:
1 - مصدر نهِلَ.
2 - مصدر ميميّ من نهِلَ.
3 - اسم مكان من نهِلَ: مورد؛ مكان الشُّرب "أخذ دوابَّه إلى المَنْهل" ° أخَذ من مناهل العلم: من مصادره. 

ناهِل [مفرد]: ج ناهلون ونِهال ونهّال (للعاقل) ونواهلُ (لغير العاقل)، مؤ ناهلة، ج مؤ ناهلات ونِهال ونواهلُ: اسم فاعل من نهِلَ. 

نَهَل [مفرد]: مصدر نهِلَ. 

نَهْلة [مفرد]: ج نَهَلات ونَهْلات: اسم مرَّة من نهِلَ: سَقْية واحدة "رُوِي من نَهْلةٍ واحدة". 

نهل



نَهَلٌ A fir t drinking: see عَلَلٌ.

مَنْهَلٌ A watering-place; i. e., a spring to which camels come to water. (S, Msb.)
(نهل) - في حديث معاوية: "النُّهُل الشُّرُوع"
هو جَمْعُ ناهِلٍ؛ أي الإبل العِطَاش الشّارِعَةُ في المَاءِ.
ن هـ ل : (الْمَنْهَلُ) الْمَوْرِدُ وَهُوَ عَيْنُ مَاءٍ تَرِدُهُ الْإِبِلُ فِي الْمَرَاعِي. وَتُسَمَّى الْمَنَازِلُ الَّتِي فِي الْمَفَاوِزِ عَلَى طُرُقِ السُّفَّارِ (مَنَاهِلَ) لِأَنَّ فِيهَا مَاءً. وَ (النَّاهِلُ) الْعَطْشَانُ وَالرَّيَّانُ أَيْضًا وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ. وَ (النَّهَلُ) الشُّرْبُ الْأَوَّلُ وَبَابُهُ طَرِبَ. 
ن هـ ل : نَهِلَ الْبَعِيرُ نَهَلًا مِنْ بَابِ تَعِبَ شَرِبَ الشُّرْبَ الْأَوَّلَ حَتَّى رَوِيَ فَهُوَ نَاهِلٌ وَالْجَمْعُ نِهَالٌ بِالْكَسْرِ وَنَاقَةٌ نَاهِلَةٌ وَالْجَمْعُ نِهَالٌ أَيْضًا وَنَوَاهِلُ وَكُلُّ مَا ارْتَوَى مِنْ الْمَوَاشِي فَهُوَ نَاهِلٌ وَيَتَعَدَّى بِالْأَلِفِ فَيُقَالُ أَنْهَلْتُهُ إذَا سَقَيْتَهُ حَتَّى رَوِيَ وَالْمَنْهَلُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْهَاءِ الْمَوْرِدُ وَهُوَ عَيْنُ مَاءٍ تَرِدُهُ الْإِبِلُ. 
نهل
أنْهَلْتُ الإبلَ: وهو أوَّلُ سَقْيِكَها، ونَهِلَتْ: شَرِبَتْ حتى رَوِيَتْ. والاسم النَّهَلُ: والمَوْرِدُ: المَنْهَلُ. والمِنْهَالُ: الرَّجُلُ الكَثيرُ الإنْهَالِ، وإبلٌ نَهِلَةٌ ونُهُوْلٌ. والنَّوَاهِلُ: الجِيَاعُ أيضاً. والناهِلُ: العَطْشانُ، والرَّيّانُ جَميعاً، وجَمْعُه نِهَالٌ. وأنْهَلَ القَوْمُ: نَهِلَتْ إبِلُهم. وأنْهَلْتُ الرَّجُلَ: أغْضَبْتَه. والمِنْهَالُ: أرْضٌ. واسْمُ رَجُلٍ. وأنْهَلَ آلُ فلانٍ: وهو أنْ يُرْسِلُوا الماءَ بَعْدَ فَرَاغِهم من البَذْرِ فيما بَذَروا.

نهل


نَهِلَ(n. ac. نَهَل
مَنْهَل)
a. Quaffed a draught; quenched thirst.
b. [ coll. ], Was exhausted
harassed.
أَنْهَلَa. Made to drink (camels).
b. Irritated.
نَهْلَةa. Draught, drink.
b. Instant.

نَهَلa. First drink.
b. Food.

مَنْهَل
(pl.
مَنَاْهِلُ)
a. Wateringplace; pond; pool; oasis.

مِنْهَلa. Grave, tomb.
b. Munificence.

نَاْهِل
(pl.
نَهَل
نَهَلَة
نِهَاْل نُهُوْل)
a. Drinking; thirsty.

نَاْهِلَة
(pl.
نَوَاْهِلُ)
a. see 21b. Going to the water.

نَهْلَاْنُ
(pl.
نَهْلَى)
a. see 21b. [ coll. ], Exhausted.

مِنْهَاْلa. see 20
إِنهَل تَلَان
a. Enough for the present.
[نهل] نه: في ح الحوض: لا يظمأ والله "ناهله"، الناهل: الريان والعطشان، من نهل نهلًا- إذا شرب، يريد من روى منه لم يعطش بعده أبدًا. وفي ح الدجال: يرد كل "منهل"، هو من المياه كل ما يطؤه الطريق، وما كان على غير الطريق لا يدعى منهلًا ولكن يضاف إلى موضعه أو على من هو مختص به، يقال: منهل بني فلان، أي مشربهم وموضع نهلهم. وفي شعر كعب:
كأنه "منهل" بالراح معلول
أي مسقى بالراح، أنهلته فهو منهل. وفيه: "النهل" الشروع، هو جمع ناهل وشارع أي الإبل العطاش الشارعة في الماء.
ن هـ ل

نهل الشارب نهلا. وسقى النّهل والعلل، وعلّلا بعد نهل، وما سقى إلاّ النّهلة، وأنهلته. ورجل منهال: كثير الإنهال. وإبل نهالٌ: عطاش. قال:

إنّك لن تتأثىء النهالا ... بمثل أن تدارك السجالا

لن تسكّن عطشها. ووردوا المنهل والمناهل.

ومن المجاز: أسلٌ ناهل ونهال. وأنهلوا القنا. قال:

نهلنا من دماء بني لؤيّ ... وأنهلنا القنا حتى روينا وقال النابغة:

الطّاعن الطّعنة يوم الوغى ... ينهل منها الأسل النّاهل

وأنهلوا زرعهم: سقوه السقية الأولى.
[نهل] المَنْهَلُ: المَوْرِدُ، وهو عينُ ماءٍ تَرِدُهُ الإبلُ في المراعي. وتسمَّى المنازل التي في المفاوز على طُرُقِ السُفَّارِ مناهِلَ، لأنَّ فيها ماءً. والناهلةُ: المختلِفةُ إلى المنهل. وقال ولم تراقب هناك ناهلة الواشين لما اجرهد ناهلها أبو زيد: الناهل: العطشان. والناهلُ: الرَيَّانُ، وهو من الأضداد. وقال الشاعر : الطاعنُ الطَعْنَةَ يومَ الوَغى يَنْهَلُ منها الأسَلُ النَّاهلُ قال أبو عبيد: هو هاهنا الشاربُ، وإنْ شئتَ العطشانُ. وجمع الناهل نهل، مثل طالب وطلب. وجمع النهل نهال، مثل جبل وجبال. قال الراجز: إنك لن تثأثى النهالا بمثل أن تدارك السجالا والنَهَلُ: الشُرْبُ الأوَّلُ. وقد نَهِلَ بالكسر وأَنْهَلْتُهُ أنا، لأنَّ الإبل تُسقى في أوَّلِ الوِرْدِ فتُرَدُّ إلى الطعن، ثم تسقى الثانية وهي العَلَلَ فتُرَدُّ إلى المرعى. ومنهال: اسم رجل.
(ن هـ ل)

النَّهَلُ: أول الشّرْب، نَهِلَت الْإِبِل نَهَلا، وإبل نَواهِلُ، ونِهالٌ، ونُهُلٌ، ونُهولٌ، ونَهِلَةٌ، ونَهْلَى، قَالَ عاهان بن كَعْب: تَبُكُّ الحَوْضَ عَلاَّها ونَهْلَى ... ودونَ ذِيادها عَطَنٌ مُنِيمُ

أَرَادَ: ونَهْلاَها، فاجتزأ من ذَلِك بِإِضَافَة عَلاَّها، وَأَرَادَ: وَدون مَوضِع ذيادها، فَحذف الْمُضَاف، وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا لِأَن الذياد الَّذِي هُوَ الْعرض لَا يمْتَنع مِنْهُ العطن؛ إِذْ العطن جَوْهَر، والجواهر لَا تحول دون الْأَعْرَاض، فتفهمه، وَكَذَلِكَ غَيرهَا من الْمَاشِيَة وَالنَّاس وَقد أنهلها.

والنَّهَل: الرّيّ، والعطش: ضد وَالْفِعْل كالفعل.

والمَنْهَل: المشرب، ثمَّ كثر حَتَّى سميت منَازِل السفار مناهل. وَقَالَ ثَعْلَب: المَنْهَل: الْموضع الَّذِي فِيهِ المشرب، والمنهل: الشّرْب، وَهَذَا الْأَخير يتَّجه أَن يكون مصدر نَهِلَ، وَقد كَانَ يَنْبَغِي أَلا يذكرهُ، لِأَنَّهُ مطرد.

والناهِلَة: الْمُخْتَلفَة إِلَى المَنْهَلِ.

وأنهَلَ الْقَوْم: نَهِلَتْ إبلُهم.

وَرجل مِنْهالٌ: كثير الإنهالِ.

والنهَلُ: مَا أكل من الطَّعَام.

وأنهَلَ الرجل: أغضبهُ.

والمِنْهالُ: أَرض.

والمِنْهالُ: اسْم رجل، قَالَ:

لَقَدْ كَفَّنَ المِنهالُ تَحتَ رِدائِه ... فَتىً غَيرَ مِبْطانِ العَشِيَّةِ أرْوَعا

ونُهَيل: اسْم.

نهل: النَّهْل: أَوَّل الشُّرْب؛ تقول: أَنهَلْتُ الإِبلَ وهو أَول

سقيها، ونَهِلَتْ هي إِذا شربت في أَوَّل الوِرْد، نَهِلَتِ الإبلُ نَهَلاً

وإِبل نواهِل ونِهال ونَهَلٌ ونُهُول ونَهِلة ونَهْلى. يقال: إِبِل نَهْلى

وعَلَّى لِلتي تشرَب النَّهَل والعَلَل؛ قال عاهانُ بن كعب:

تَبُكُّ الحَوْضَ عَلاَّها ونَهْلى،

ودون ذِيادِها عَطَنٌ مُنِيمُ

أَي ينام صاحبها إِذا حصلت إِبله في مكان أَمين، واراد ونَهْلاها

فاجتزأَ من ذلك بإِضافة عَلاَّها، وأَراد ودون موضع ذِيادها فحذف المضاف. قال

ابن سيده: وإِنما قلنا هذا لأَن الذِّياد الذي هو العَرَض لا يمنع منه

العطَن، إِذ العطَن جوهر، والجواهر لا تحول دون الأَعراض، فتفَّهمه، وكذلك

غيرها من الماشية والناس. والنَّهَل: الرِّيُّ والعَطَش، ضِدُّ، والفعل

كالفعل. والمَنْهَل: المشرَب ثم كثر ذلك حتى سميت مَنازل السُّفَّار على

المِياه مَناهِل. وفي حديث الدجال أَنه يَرِد كلَّ مَنْهَل. وقال ثعلب:

المَنْهَل الموضع الذي فيه المشرَب.

والمَنْهَل: الشُّرْب، قال: وهذا الأَخير يتجه أَن يكون مصدر نَهِل وقد

كان ينبغي أَن لا يذكره لأَنه مُطَّرد. والناهِلة: المختلِفة إِلى

المَنْهَل، وكذلك النازِلة؛ وأَنشد:

ولم تُراقِب هناك ناهِلَةَ الـ

واشِينَ، لَمَّا اجْرَهَدَّ ناهِلُها

قال أَبو مالك: المَنازِل والمَناهِل واحد، وهي المَنازِل على الماء.

وأَنْهَل القومُ: نَهِلَت إِبِلُهم. ورجل مِنْهال: كثير الإِنْهال. قال

خالد بن جنبة الغنوي وغيره: المَنْهَل كل ما يَطَؤه الطريقُ مثل الرُّحَيل

والحفِير، قال: وما بين المَناهِل مَراحِل، والمَنْهَل من المياه: كلُّ ما

يَطَؤه الطريق، وما كان على غير الطريق لا يُدْعَى مَنْهَلاً، ولكن يضاف

إِلى موضعه أَو إِلى من هو مختصٌّ به فيقال: مَنْهَل بني فلان أَي

مَشْرَبهم وموضع نَهَلهم؛ وفي قصيد كعب بن زهير:

كأَنه مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلول

أَي مَسْقِيٌّ بالراحِ. يقال: أَنْهَلْته فهو مُنْهَل، بضم الميم.

وفي حديث معاوية: النُّهُل الشُّروع؛ هو جمع ناهِل وشارع أَي الإِبل

العِطاش الشارِعة في الماء. ويقال: من أَين نَهِلْت اليوم؟ فتقول: بماء بني

فلان وبمَنْهَل بني فلان؛ وقوله أَين نَهِلت أَي شَرِبت فَرَوِيت؛

وأَنشد:ما زال منها ناهِلٌ ونائِب

قال: الناهِلُ الذي روي فاعتزَل، والنائبُ الذي يَنُوب عَوداً بعد

شُرْبها لأَنها لم تُنْضَح رِيّاً. الجوهري: المَنْهَل المَوْرِد وهو عين ماءٍ

تَرِدُه الإِبِل في المَراعي، وتسمّى المَنازل التي في المَفاوِز على

طريق السُّفَّار مَناهِل لأَن فيها ماءً. الجوهري وغيره: الناهِل في كلام

العرب العَطْشان، والناهِل الذي قد شرِب حتى روِي، والأُنثى ناهِلة،

والناهِل العَطْشان، والناهِل الرَّيَّان، وهو من الأَضداد؛ وقال

النابغة:الطاعِن الطَّعْنة، يوم الوَغَى،

يَنْهَل منها الأَسَلُ الناهِلُ

جعل الرِّماح كأَنها تعطَش إِلى الدَّمِ فإِذا شرعت فيه رَوِيتْ؛ وقال

أَبو عبيد: هو ههنا الشارِب وإِن شئت العَطْشان أَي يروى منه العطشان.

وقال أَبو الوليد: يَنْهَل يشرب منه الأَسَلُ الشارِب؛ قال الأَزهري

(* قوله

«قال الأزهري إلخ» نسب المؤلف الشطر الأخير في مادة جبى إلى الأخطل) :

وقول جرير يدل على أَن العِطاش تسمَّى نِهالاً؛ وهو قوله:

وأَخُوهُما السَّفَّاحُ ظَمَّأَ خَيْلَه،

حتى وَرَدْنَ جِبَا الكُلابِ نِهالا

قال: وقال عمرة

(* قوله «وقال عمرة» عبارة التهذيب: عميرة) بن طارق في

مثله:

فما ذُقْت طَعْم النَّوْم، حتى رأَيتُني

أُعارِضُهم وِرْدَ الخماسِ النَّواهِل

قال أَبو الهيثم: ناهِل ونَهَل مثل خادِم وخَدَم وغائب وغَيَب وحارِس

وحَرَس وقاعِد وقَعَد. وفي حديث لقيط: الا فيطَّلِعون عن حَوْض الرسول لا

يَظْمأ والله ناهِلُه؛ يقول: من رَوِي منه لم يعطَش بعد ذلك أَبداً، وجمع

الناهِل نَهَل مثل طالِب وطَلَب، وجمع النَّهَل نِهال مثل جَبَل وجِبال؛

قال الراجز:

إِنَّك لن تُثَأْثِئَ النِّهالا،

بمِثْل أَنْ تُدارِك السِّجالا

قال ابن بري: وشاهد النِّهال بمعنى العِطاش قول ابن مقبل:

يذُودُ الأَوابِدَ فيها السَّمُوم،

ذِيادَ المُحِرِّ المَخاضَ النِّهالا

وقال آخر:

منه تُرَوِّي الأَسَل النَّواهِلا

والنَّهَل: الشُّرْب الأَوّل. وقد نَهِل، بالكسر، وأَنْهَلتْه أَنا

لأَنَّ الإِبل تسقى في أَوّل الوِرْد فتردُّ إِلى العَطَن، ثم تسقى الثانية

وهي العَلَل فتردّ إِلى المرعَى؛ وأَنشد ابن بري شاهداً على نَهِل قول

الشاعر:

وقد نَهِلَتْ مِنَّا الرِّماحُ وعَلَّتِ

وقال آخر في أَنْهَلَتْ:

أَعَلَلاً ونحن مُنْهِلونَهْ

قال الأَصمعي: إِذا أَوْرد إِبله الماء فالسقيةُ الأُولى النَّهَل،

والثانية العَلَل؛ واستعمل بعض الأَغْفال النَّهَل في الدعاء فقال:

ثم انْثَنى من بعدِ ذا، فصَلَّى

على النبيِّ نَهَلاً وعَلاَّ

والنَّهَلُ: ما أُكِل من الطَّعامِ. وأَنْهَل الرجلَ: أَغضبه.

والمِنْهال: أَرض. والمِنْهال: اسم رجل. ومِنْهال: اسم رجل

(* قوله

«ومنهال اسم رجل» هذه عبارة المحكم، وقد اقتصر على ما قبل هذا وذكر البيت

بعده، فلعلها زيادة من الناسخ) قال:

لقد كَفَّنَ المِنْهالُ، تحتَ رِدائِه،

فَتىً غيرَ مِبْطانِ العَشِيَّة أَرْوَعا

ونُهَيْل: اسم. والمِنْهال: القَبْر. والمِنْهال: الغاية في السخاء.

والمِنْهال: الكَثِيب العالي الذي لا يَتماسَك انْهِياراً.

(نهل)
نهلا ومنهلا شرب الشّرْب الأول والشارب شرب حَتَّى رُوِيَ فَهُوَ ناهل (ج) نهال ونواهل
نهل: نهلة: في (محيط المحيط): (المرة وبعض الناس يستعمل النهلة الحصة من الوقت وغيره).
منهلة: محطة (معجم الجغرافيا).
منهلة: مسيرة طريق يوم واحد. (معجم الجغرافيا).
نهـل
[ (النَّهَلُ، مُحَرَّكَةً: أَوَّلُ الشَّرْبِ) ، وَالثَّانِي العَلَلُ، وَقد (نَهِلَتِ الإِبِلُ، كَفَرِحَ، نَهَلاً) ، مُحَركةً (وَمَنْهَلاً) ، مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ، أَي: شَرِبَتْ فِي أَوَّل الوِرْدِ، وَمِنْهُ قَولُ الشّاعِر:
(وَقَدْ نَهِلَتْ مِنَّا الرِّماحُ وَعَلَّتِ ... )
(وَإِبِلٌ نَواهِلُ وَنِهالٌ) ، بالكَسْرِ، (وَنَهَلٌ، مُحَرّكَةً، وَنُهُولٌ) ، بالضَّمّ، (وَنَهَلةٌ) ، بالتَّحْرِيك، وَفِي بَعْضِ النُّسَخ: كَفَرِحَةٍ، (و) يُقالُ: إِبِلٌ (نَهْلَى) وَعَلَّى: لِلَّتِي تَشْرَبُ النَّهَلَ والعَلَلَ، قَالَ عاهانُ بنُ كَعْبٍ:
(تَبُكَّ الحَوْضَ عَلاَّها وَنَهْلَى ... وَدُونَ ذِيادِها عَطَنٌ مُنِيمُ)
وَقَدْ مَرَّ الكَلاَمُ عَلَيْهِ فِي " ع ل ل ".
(وَقَد أَنْهَلَها) : سَقاها أَوَّلَ الوِرْد، قَالَ:
(أَعَلَلاً وَنَحْنُ مُنْهِلُونَهْ ... )
(والمَنْهَلُ: المَشْرَبُ) ، وَمِنْهُ حَدِيثُ الدَّجّالِ: " أَنَّهُ يَرِدُ كُلَّ مَنْهَلٍ ". (و) قَالَ ثَعْلَبٌ: المَنْهَلُ: (الشُّرْبُ) ، قَالَ ابنُ سِيْدَه: وَهذا يَتَّجِهُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرَ نَهَلَ، وَقَدْ كَانَ يَنْبَغي أَنْ لاَ يَذْكُرَهُ، لِأَنَّهُ مُطَّرِد.
(و) أَيْضًا (المَوْضِعُ الَّذِي فِيْهِ المَشْرَبُ) ، عَن ثَعْلَب، (و) كَثُرَ ذلِكَ حَتَّى سُمِّيَ (المَنْزِلُ) الَّذي (يَكُونُ) لِلْسُّفّارِ (بالمَفازَةِ) مَنْهَلاً. وَقَالَ أَبو مالكٍ: المَنازِلُ والمَنَاهِلُ واحدٌ، وَهِي المَنازِلُ عَلى المَاءِ. وَقَالَ خَالِدُ بنُ جَنَبَةَ: المَنْهَلُ: كُلُّ مَا يَطَؤُهُ الطَّرِيقُ، وَكُلُّ مَا كانَ عَلى غَيْرِ الطَّرِيقِ لاَ يُدْعَى مَنْهَلاً، وَلَكِن يُضافُ إِلى مَوْضِعِهِ، أَو إِلى مَنْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِهِ، فَيُقَالُ: مَنْهَلُ بَنِي فُلاَنٍ؛ أَي: مَشْرَبُهُم وَمَوْضِعُ نَهَلِهِم. وَفي الصِّحَاح: المَنْهَلُ: عَيْنُ ماءٍ تَرِدُهُ الإِبِلُ فِي المَراعي، وَتُسَمَّى المَنازِلُ الَّتي فِي المَفاوِزِ عَلى طَريقِ السُّفّارِ مَناهِلَ؛ لِأَنَّ فِيها مَاء.
(والناهِلَةُ: المُخْتَلِفَةُ إِلى المَنْهَلِ) ، وَكَذلِكَ النازِلَةُ، قَالَ:
(وَلَمْ تُراقِبْ هُناكَ ناهِلَةَ الواشِينَ ... لَمَّا اجْرَهَدَّ ناهِلُها)
(وَأَنْهَلُوا: نَهِلَتْ إِبِلُهُمْ) ، أَيْ: شَرِبَتِ الوِرْدَ الأَوَّلَ فَرَوِيَتْ.
(والنَّهَلُ، مُحَرَّكَةً، مِنَ الطَّعامِ: مَا أُكِلَ) ، وَقَد وَرَدَ فِي كَلاَمِ بَعْضِهِم: أَكَلَ مِنَ الطَّعامِ حَتَّى نَهِلَ. قَالَ شَيْخُنَا: والظّاهِر أَنَّهُ مِنَ المَجاز، وَعلاَقَتُهُ لُزُومُ الشُّرْبِ لِلْأَكْلِ غَالِبًا، وَإِلاَّ فَالنَّهَلُ إِنَّما هُوَ فِي الشَّرابِ كالعَلَلِ.
(وَأَنْهَلَهُ: أَغْضَبَهُ) ، كَما فِي المُحْكَم. (والمِنْهالُ: الرَّجُلُ الكَثِيرُ الإِنْهال) لإِبْله.
(و) أَيْضًا (الكَثِيبُ العالِي) الَّذي (لاَ يَتَماسَكُ انْهِيارًا) عَن مَوْضِعه.
(و) قَالَ الفَرّاءُ: المِنْهالُ: (القَبْرُ، و) أَيْضًا: (الغايَةُ فِي السَّخاءِ، كالمِنْهَلِ فيهمَا) .
(و) المِنْهالُ: (أَرْضٌ) . (وَمِنْهالٌ القَيْسِيُّ، أَو صَوابُهُ مِلْحانٌ: صحابيّ) ، وَهوَ مِنْهالُ بنُ أَوْسٍ أَبو عَبْدِ المَلِك، لَهُ حَدِيثٌ فِي مُسْنَد أَحْمَد، هكَذا ذَكَره الذَّهَبِيُّ، وَقَالَ فِي مِلْحانَ مَا نَصُّه: مِلْحانُ بنُ شِبْلٍ البِكْرِيُّ وَقِيل القَيْسِيُّ وَالِدُ عَبْدِ المَلِكِ، لَهُ فِي صَوْم أَيّامِ البِيضِ فِي سُنَنِ أَبي داوُدَ.
(و) نُهَيْلٌ، (كَزُبَيْرٍ: اسمٌ) . (والنَّهْلاَنُ: الشَّارِبُ) ، عَن ابْنِ دُرَيْدٍ. (و) النَّهْلاَنُ: (الرَّيّانُ والعَطْشانُ، كالناهِلِ فيهمَا، كِلاَهُما ضِدٌّ) . وَفِي الصِّحاح قَالَ أَبو زَيْدٍ: النّاهِلُ العَطْشانُ، والنّاهِلُ الرَّيّانُ، وَهُوَ مِنَ الأَضْدادِ، وَقَالَ النّابِغَةُ:
(الطّاعِنُ الطَّعْنَةَ يَوْمَ الوَغَى ... يَنْهَلُ مِنْها الأَسَلُ النّاهِلُ)
جَعَلَ الرِّماحَ كَأَنَّها تَعْطَشُ إِلى الدَّمِ فَإِذا شَرَعَتْ فِيهِ رَوِيَتْ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هُوَ ههُنا الشّارِبُ، وَإِنْ شِئْتَ العَطَشانَ، أَي: يَرْوَى مِنْهُ العَطْشانُ. وَقَالَ أَبو الوَلِيد: يَنْهَلُ أَي: يَشْرَبُ مِنْهُ الأَسَلُ الشّارِبُ. وَقَالَ الأَزْهَرِيُّ: وَقَوْلُ جَرِيرٍ يَدُلُّ عَلى أَنَّ العِطاشَ تُسَمَّى نِهالاً:
(وأَخُوهُما السَّفّاحُ ظَمَّأَ خَيْلَهُ ... حَتَّى وَرَدْنَ جِبَا الكُلاَبِ نِهالاَ)
قَالَ: وَقَالَ عَمْرَة بن طارِقٍ فِي مِثْلِهِ:
(فَما ذُقْتُ طَعْمَ النَّوْمِ حَتَّى رَأَيْتُنِي ... أُعارِضُهُم وِرْدَ الخِماسِ النَّواهِلِ)
وَفِي حَدِيثِ لَقِيط: " أَلاَ فَيَطَّلِعُونَ عَلَى حَوْضِ الرَّسُولِ لاَ يَظْمَأُ وَاللهِ ناهِلُه "، يَقُولُ: مَنْ رَوِيَ مِنْهُ لَمْ يَعْطَشْ بَعْدَ ذلِكَ أَبَدًا. وَقَالَ شَيْخُنا: قَالَ جَماعَةٌ: إِنَّ تَسْمِيَةَ العَطْشانِ ناهِلاً إِنَّما هُو عَلى جِهَةِ التَّفاؤُلِ، كَالمَفَازَة.
(و) المُنْهِلُ، (كَمُحْسِنٍ: ماءٌ لِسُلَيْمٍ) . (والنَّواهِلُ: الإِبِلُ الجِياع) . (وانْهَلْ تَلاَنَ) ، كَذا فِي النُّسَخ، وَفِي العُبابِ: فُلاَن؛ (أَي: حَسْبُكَ الآنَ) ، عَنِ الفَرّاء. [] وَمِمّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه: النَّهَلُ: الرِّيُّ. والنَّهَلُ: العَطَشُ ضِدٌّ، والفِعْلُ كَالفعل، وَقَول كَعْبٍ:
(كَأَنَّهُ مُنْهَلٌ بِالرّاحِ مَعْلُولُ ... )
أَيْ: مَسْقِيٌّ بِالرَّاحِ، يُقَالُ: أَنْهَلْتُهُ فَهُوَ مُنْهَلٌ، وَفي حَديثِ معاوِيَةَ: " النَّهَلُ الشُّرُوعُ "، هُوَ جَمْعُ ناهِلٍ وَشَارعٍ، أَيْ: الإِبِلُ العِطَاشُ الشّارِعَةُ فِي المَاءِ، وَكَذلِكَ النَّوَاهِلُ. وَيُقَالُ: مِنْ أَيْنَ نَهِلْتَ اليَوْمَ، أَي: شَرِبْتَ فَرَوِيْتَ. وَقَوْلُهُ:
(مَا زَالَ مِنْهَا ناهِلٌ ونائبُ ... )
النّاهِلُ الَّذي رَوِيَ فَاعْتَزَلَ، وَالنّائِبُ الَّذِي يَنُوبُ عَوْدًا بَعْدَ شُرْبِهَا لِأَنَّهَا لَمْ تُنْضَحُ رِيًّا، وَقَالَ أَبو الهَيْثَم: نَاهِلٌ وَنَهَلٌ مِثْلُ خَادِمٍ وَخَدَمٍ، وَحارِسٍ وحَرَسٍ، وَجَمْعُ النَّهَلِ نِهَالٌ، كَجَبٍ ل وَجِبالٍ، قَالَ الرّاجِزُ:
(إِنَّكَ لَنْ تُثَأْثِئَ النِّهالاَ ... )

(بِمِثْلِ أَنْ تُدَارِكَ السِّجَالاَ ... )
واسْتَعَملَ بَعْضُ الأَغْفالِ النَّهَلَ فِي الدُّعَاءُ، فَقَالَ:
(ثُمَّ انْثَنَى مِنْ بَعْدِ ذَا فَصَلَّى ... )

(عَلَى النَّبِيِّ نَهَلاً وَعَلاَّ ... )
وَمِنْهَالُ بنُ عِصْمَةَ: رَجُلٌ مِنْ بَنِي يَرْبُوعَ، وَإِيّاهُ عَنَى مُتَمِّمُ بنُ نُوَيْرَةَ اليَرْبُوعِيُّ - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ -:
(لَقَدْ كَفَّنَ المِنْهَالُ تَحْتَ رِدَائِهِ ... فَتًى غَيْرَ مِبْطانِ العَشِيّاتِ أَرْوَعَا)
وَمِنْهالُ بن خَلِيفَةَ، وَمِنْهَالُ بن عَمْرٍ والأَسَدِيُّ: مُحَدِّثان. وَمِنَ المَجاز: أَسَدٌ نَاهِلٌ وَنَهّالٌ. وَأَنْهَلُوا دُرُوعَهُم: سَقَوْها السَّقْيَةَ الأُوْلَى. 

المجاز اللغوي

المجاز اللغوي: الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له بالتحقيق في اصطلاح التخاطب به مع قرينة مانعة عن إرادته أي عن إرادة معناها في ذلك الاصطلاح.
المجاز اللغوي:
[في الانكليزية] Metonymy
[ في الفرنسية] Metonymie
ويسمّى مجازا في المفرد أيضا وهو اللفظ المستعمل في لازم ما وضع له في وضع به التخاطب مع قرينة عدم إرادته أي ما وضع له.
واللازم لما وضع له هو الذي يكون بينه وبين ما وضع له علاقة معتبر نوعها عندهم فلا بد من ملاحظة العلاقة المعتبرة، فخرج الغلط مطلقا، أي سواء لم تكن هناك علاقة أو كــانت ولكن لم يلاحظها المستعمل. وقولنا في وضع به التخاطب احتراز عن اللفظ المستعمل في لازم ما وضع له هو موضوع له في وضع به التخاطب، فإنّه حقيقة مع أنّه يصدق عليه الكلمة المستعملة في لازم ما وضع له. وكثير مما يتعلّق بهذا التعريف يرشدك إليه ما مرّ في تعريف الحقيقة اللغوية فلا نعيدها. وقولنا مع قرينة عدم إرادته احتراز عن الكناية، وهذا إنّما يصحّ على مذهب من يقول بدخول الكناية في الحقيقة أو بكونها واسطة بين الحقيقة والمجاز كما ذهب إليه صاحب التلخيص. وأمّا عند من يقول بكونها مجازا فلا بدّ من ترك هذا القيد. وهاهنا تقسيمات. الأول المجاز اللغوي قسمان مفرد ومركّب، فالمجاز المفرد هو الكلمة المستعملة فيما وضعت له الخ. والمجاز المركّب هو المركّب المستعمل في لازم ما وضع له الخ هكذا يستفاد من الأطول. وهو يشتمل الاستعارة وغيرها، ويؤيّده ما وقع في بعض الرسائل:
المجاز المركّب هو المركّب المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له، فإن كــانت علاقة غير المشابهة فلا يسمّى استعارة وإلّا يسمّى استعارة تمثيلية انتــهى. وقال شارحه ما حاصله إنّ المجاز المركّب يختصّ بالتمثيلية، والخبر المستعمل في الإنشاء والمستعمل في لازم فائدة الخبر، والإنشاء المستعمل في الخبر ولا يشتمل المجاز المركّب ما تجوز في أحد ألفاظ فيه. فالمراد أنّ المجاز المركّب هو اللفظ المركّب المستعمل من حيث هو مركّب أي بهيئته التركيبية وصورته المجموعية في غير ما وضع له الخ. فلا يرد أنّ ما تجوز في أحد ألفاظ فيه يصدق عليه حدّ المجاز المركّب لأنّه إذا استعمل جزء من أجزاء المركّب في غير ما وضع له فقد استعمل مجموعه في غير ما وضع له، لأنّ الموضوع له للمجموع مجموع أمور وضع له الأجزاء، ولا يرد أيضا أنّ التجوّز في الهيئة التركيبية لم يدخل في شيء من الأقسام لأنّ الهيئة ليست لفظا.
وإنّما قال فلا يسمّى استعارة ولم يقل يسمّى مجازا مرسلا لعدم تصريح القوم بذلك انتــهى.
وقال الخطيب في التلخيص المجاز المركّب هو اللفظ المستعمل فيما شبّه بمعناه الأصلي تشبيه التمثيل للمبالغة في التشبيه انتــهى. فبقيد المركّب خرج المجاز المفرد. والمراد بالمعنى الأصلي المطابقي، وبهذا تمّ تعريف المجاز المركّب، إلّا أنّه أراد التنبيه على أنّ التشبيه الذي يبتني عليه المجاز المركّب لا يكون إلّا تمثيلا.
وتوضيح أنّه لا يكون تشبيه صورة منتزعة من عدة أمور إلى مثلها إلّا في وجه منتزع من عدة أمور كما اتفقت عليه كلمتهم، وإن كان هذا في نفسه غير تام. ولم يكتف بقوله تمثيلا لأنّ التمثيل مشترك بين التمثيل وبين هذه الاستعارة، فاحترز عن استعمال اللفظ المشترك في التعريف. ولم يحترز بقوله تشبيه التمثيل عن الاستعارة المفردة كما زعم المحقّق التفتازاني لأنّه يغني عن اعتبار التركيب في التعريف. ثم إنّه قد اشتمل التعريف على العلّة الفاعلية وهي المتكلّم [المستعمل] والصّورية وهي الاستعمال لأنّ الاستعارة معه بالفعل والمادية وهي التشبيه لأنّها معه بالقوة فأراد إتمام الاشتمال على العلل فصرّح بالغائية بقوله للمبالغة في التشبيه. واعترض المحقّق التفتازاني على هذا التعريف بأنّه غير جامع لخروج مجازات مركّبة ليست علاقتها التشبيه كالأخبار المستعملة في التحسّر والتحزّن أو الدّعاء ونحو ذلك. وتحقيق ذلك أنّ الواضع كما وضع المفردات لمعانيها بحسب الشخص كذلك وضع المركّبات لمعانيها التركيبية بحسب النوع. مثلا هيئة التركيب في نحو زيد قائم موضوعة للأخبار بإثبات القيام لزيد، فإذا استعمل ذلك المركّب في غير ما وضع له فلا بدّ حينئذ من العلاقة بين المعنيين. فإن كــانت المشابهة فاستعارة وإلّا فغير استعارة، فحصر المجاز المركّب في الاستعارة.
وتعريفه بما ذكر عدول عن الصواب، ولا يبعد أن يقال ما سوى الاستعارة التمثيلية من المجازات المركّبة مجازات بالعروض، والمجازات بالأصالة أجزاؤها الداخلة في المجاز المفرد، مثلا هيئة المركّب الخبري والإنشائي موضوعة لنوع من النسبة فتجوّز فيها بنقلها إلى النوع الآخر فيصير المركّب مجازا بتبعية ذلك التجوّز. فلو عدّ اللفظ الذي صار مجازا للتجوّز في جزئه قسما على حدة من المجاز لكان جاءني أسد وقوله تعالى وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ وأمثالهما مجازات مركّبة ولم يقل به أحد.
بخلاف الاستعارة التمثيلية فإنّها من حيث إنها استعارة لا تجوّز في شيء من أجزائها، بل هي على ما كــانت عليه قبل الاستعارة من كونها حقائق أو مجازات أو مختلفات، بل المجموع نقل إلى غير معناه من غير تصرّف في شيء من أجزائه. فالمجاز المركّب اللفظ المستعمل من حيث المجموع فيما شبّه بمعناه الأصلي ولا شيء مما ليست علاقته التشبيه كذلك. بقي أنّ قولنا حفظت التوراة لمن حفظها استعمل في لازم معناه من حيث المجموع وليس باستعارة إذ لا تجوّز في شيء من أجزائه إلّا أن يتكلّف، ويقال حفظت لم يستعمل في لازم معناه بل أفيد اللازم على سبيل التعريض، فهو من قبيل (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) في حقّ من يؤذي المسلمين، فإنّه يفاد به أنّ هذا الشخص ليس بمسلم، لكن من عرض الكلام وفيه بحث فتأمّل. ثم إنّه يشكل استعارة المركّب المشتمل على النسبة وهي غير مستقلّة لأنّه ينبغي أن لا يجري فيه الاستعارة بالأصالة كما في الحرف فهل هي كالاستعارة التبعية أو لا، وبعد كونه تبعية اعتبرت الاستعارة في أي شيء أو لا، هذا كله خلاصة ما في الأطول.
مع توضيح أمثال المجاز المركّب كقولنا إني أراك تقدّم رجلا وتؤخّر أخرى للمتردّد في أمر ما أي أنّك متردّد في الإقدام عليه والإحجام عنه، فقد شبّه صورة تردّده في أمر بصورة تردّد من قام ليذهب في أمر، فتارة يريد الذهاب فيقدّم رجلا وتارة لا يريد فيؤخّر أخرى، فاستعمل الكلام الدّال على هذه الصورة في تلك الصورة. ووجه الشّبه وهو الإقدام تارة والإحجام أخرى منتزع من عدة أمور كما ترى.
وقيل قولنا إني أراك تقدّم رجلا وتؤخّر أخرى مسبّب عن التردّد، فيحتمل أن يكون التجوّز باعتباره فتحقّق المركّب المرسل في المجموع من غير تصرّف في الأجزاء فظهر أنّ الحقّ عدم انحصار المجاز المركّب في الاستعارة التمثيلية.
فائدة:

قال الخطيب: المجاز المركّب يسمّى بالتمثيل على سبيل الاستعارة. أمّا كونه تمثيلا فلاستلزامه التمثيل. وأمّا كونه على سبيل الاستعارة فلأنّه استعارة لأنّ فيه ذكر المشبّه به وترك المشبّه بالكلّية. وقد يسمّى بالتمثيل مطلقا أي من غير تقييد بقولنا على سبيل الاستعارة، ويمتاز عن التشبيه بأن يقال له تشبيه تمثيل أو تشبيه تمثيلي ولا يطلق التمثيل مطلقا على التشبيه ويسمّى مثلا أيضا. الثاني المجاز اللغوي سواء كان مفردا أو مركّبا قسمان: مرسل إن كــانت العلاقة فيه غير المشابهة كاليد في النعمة، واستعارة إن كــانت العلاقة فيه المشابهة. الثالث المجاز اللغوي وكذا الحقيقة اللغوية، أمّا لغوي أو شرعي أو عرفي خاص أو عام كذا في المطول. وفي الأطول أنّ المقسم الحقيقة والمجاز المفرد وبه صرّح الخطيب في الإيضاح. أمّا في الحقيقة فلأنّ واضعها إن كان واضع اللغة فهي حقيقة لغوية، وإن كان الشارع فشرعية وإلّا فعرفية عامّة أو خاصّة، وبالجملة ينسب إلى الواضع. وأمّا المجاز فلأنّ الوضع الذي به وقع التخاطب وكان اللفظ مستعملا في غير ما وضع له في ذلك الوضع إن كان وضع اللغة فالمجاز لغوي وإن كان وضع الشرعي فشرعي وإلّا فعرفي عام أو خاص، وفسّر الخاص بما يتعيّن ناقله عن المعنى اللغوي كالنحوي والصرفي والكلامي. والشرع وإن كان داخلا فيه لكنه أخرج منه لشرافته. والعام بما لا يتعيّن ناقله. وفيه أنّ النحوي مثلا يشتمل العرب وغيرها كما أنّ العرب يشتمل النحوي وغيره، فجعل أحدهما متعيّنا والآخر غير متعيّن لا توجيه له. ويمكن أن يقال المتعيّن ما يكون واضعا للفظ للاستعمال في تحصيل أمر مخصوص، والنحوي إنّما يضع اللفظ ليستعمله في تحصيل النحو. بخلاف اللغوي فإنّ نظره في وضع اللفظ ليس على استعماله لتحصيل أمر مخصوص هكذا في الأطول. ثم العرف قد غلب عند الإطلاق على العرف العام. والعرف الخاص يسمّى اصطلاحا. فلفظ الأسد إذا استعمله المخاطب بعرف اللغة في السبع المخصوص يكون حقيقة لغوية، وفي الرجل الشجاع يكون مجازا لغويا. ولفظ الصلاة إذا استعمله الشارع في العبادة المخصوصة يكون حقيقة شرعية وفي الدعاء يكون مجازا شرعيا.
ولفظ الفعل إذا استعمله النحوي في مقابل الاسم والحرف يكون حقيقة اصطلاحية وفي الحدث يكون مجازا اصطلاحيا. ولفظ الدّابّة إذا استعمل في العرف العام في ذوات الأربع يكون حقيقة عرفية وفي كلّ ما يدبّ على الأرض مجازا عرفيا.

تنبيه:
المجاز اللغوي يطلق بالاشتراك على معنيين أحدهما اللفظ المستعمل في لازم ما وضع له الخ على ما عرفت، وثانيهما الأخصّ منه المقابل للشرعي والعرفي كما عرفت أيضا قبيل هذا.

رأي

رأي: {ورئيا}: ما رأيت من شارة وهيئة.
(ر أ ي) : «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ» اللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ أَيْ لِوَقْتِ رُؤْيَتِهِ إذَا رَأَيْتُمُوهُ (وَرَأَتْ الْمَرْأَةُ تَرِيَّةً) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفهَا بِغَيْرِ هَمْزَة وَتَرْئِيَةٌ مِثْلُ تَرْعِيَةٍ وَتَرْئِيَةٌ بِوَزْنِ تَرْعِيَةٍ وَهِيَ لَوْنٌ خَفِيٌّ يَسِيرٌ أَقُلُّ مِنْ صُفْرَةٍ وَكُدْرَةٍ وَقِيلَ هِيَ مِنْ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّهَا عَلَى لَوْنِهَا (وَالتُّرْبِيَّةُ) عَلَى النِّسْبَةِ إلَى التُّرْبِ بِمَعْنَى التُّرَابِ وَقَوْلُهُ «أَمَا تَرَيْ يَا عَائِشَةُ» الصَّوَابُ أَمَا تَرَيْنَ وحَتَّى تَرَيْنَ فِي (ق ص) «وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللَّهُ بِهِ» أَيْ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لِكَيْ يَرَاهُ النَّاسُ شَهَّرَ اللَّهُ رِيَاءَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَرَايَا بِالْيَاءِ خَطَأٌ (وَالرَّأْيُ) مَا ارْتَآهُ الْإِنْسَانُ وَاعْتَقَدَهُ (وَمِنْهُ) رَبِيعَةُ الرَّأْيِ بِالْإِضَافَةِ فَقِيهُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَكَذَلِكَ هِلَالُ الرَّأْيِ بْنُ يَحْيَى الْبَصْرِيُّ صَاحِبُ الْوَقْفِ وَالرَّازِيُّ تَحْرِيفٌ هَكَذَا صَحَّ فِي مُسْنَدِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَنَاقِبِ الصَّيْمَرِيِّ وَهَكَذَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ عَبْدُ الْغَنِيِّ فِي مُشْتَبَهِ النِّسْبَةِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ شَيْخُنَا إلَى الْمُتَشَابِهِ كَذَلِكَ (وَمَا أُرَاهُ) يَفْعَلُ كَذَا أَيْ مَا أَظُنُّهُ (وَمِنْهُ) الْبِرَّ تَرَوْنَ بِهِنَّ وَذُو بَطْنٍ بِنْتُ خَارِجَةَ أُرَاهَا جَارِيَةً أَيْ أَظَنُّ أَنَّ مَا فِيهَا بَطْنِهَا أُنْثَى وأَرَأَيْتَ زَيْدًا وارأتيك زَيْدًا بِمَعْنَى أَخْبَرَنِي وَعَلَى هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْمَبْسُوطِ قُلْتُ أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ بِالنَّصْبِ (وَمِنْهُ) فَمَهْ أَرَأَيْتَ إنْ عَجَزَ وَفِيهِ حَذْفٌ وَإِضْمَارٌ كَأَنَّهُ قِيلَ أَخْبَرَنِي أَيَسْقُطُ عَنْهُ الطَّلَاقُ وَيُبْطِلُهُ عَجْزُهُ وَهَذَا اسْتِفْهَامُ إنْكَارٍ.
ر أ ي

رأيته بعيني رؤية، ورأيته في المنام رؤيا، ورأيته رأي العين. وأرأيته غيري إراءة. ورأيت الهلال. وتراءينا الهلال. وتراءى الجمعان. وتراءت لنا فلانة: تصدّت لنا لنراها. وهو يتراءى في المرآة وفي السيف: ينظر فيهما. وفي الحديث " لا يتراءى أحدكم في الماء وهو يرائي الناس " مراآة ورياء، وفعل الخير رئاء الناس. وهو حسن المرأى والمرآة. ونظر في المرآة. وله مراءٍ مجلوةٌ: ورأى رؤيا حسنة، ورؤى حساناً. ورأت المرأة ترئيةً بوزن تربعة، وتريّةً وهي ما تراه من صفرة أو بياض. ورأيت الرجل ترئيةً: أمسكت له المرآة لينظر فيها. واسترأيت بالمرآة. وله رواء حسن. وهذه امرأة لها رواء، والواو تخفيف للهمزة. وعلى وجهه رأوة الحمق وهي ما يرى عليه من آيته البينة التي لا تخفى على الناظر كأنها تتكلم به وتنادي عليه، وهذا نحو جبيت الخراج جباوة. وأرأت الشاة: تربد ضرعها فعلم أنها أقربت وهي مرء. وأرى القرن وأبدى وهو أول ما يتبين. وأرت الأرض وأبدت: أول ما يلوح شيء من النبات. وجاء حين أجنّ رؤيٌ رؤياً أي شخص شخصاً، وهو فعل بمعنى مفعول كخبز. ورأيته أصبت رئته. ورأرأت بعينها: دارت بالحدقتين للمغازلة والمهازلة. قال:

ولما رأتني رأرأت ثم أقبلت ... تهازلني والهزل داعية العهر

ورجل وامرأة رأراء العين. قال الأصمعي: الذي تدور حدقته كأنها في فلكة. ولهم أثاث ورئيٌ وهو ما رُؤا عليه من حسن زي وحال متزينة.

ومن المجاز: فلان يرى لفلان إذا اعتقد فيه. وأراه وجه الصواب. وأرني برأيك. قال نهار بن توسعة:

فلمن أقول إذا تلمّ ملمة ... أرني برأيك أو إلى من أفزع

وما أضل رأيهم وآراءهم. وارتأى في الأمر. وارتأيت رأيا في كذا أرتئيه. والرأي ما ارتآه فلان. قال:

ألا أيها المرتئي في الأمور ... سيجلو العمى عنك تبيانها

وفلان يتراءى برأي فلان أي يميل إلى رأيه ويأخذ به. واسترأيته واستريته: طلبت رأيه ومع فلان رئيٌّ ورئي: جني يريه كهانة وطباً ويلقي على لسانه شعراً. وفلان رئي قومه ورأيهم: لصاحب رأيهم ووجههم. وما أراه يفعل كذا: ما أظنه. وتراءى له الأمر. ويتراءى لي أن الأمر كيت وكيت. وداراهما تتناظران وتتراءيان. وداري ترى داره. والجبل ينظر إليك والحائط يراك. وداري مما رأت دار فلان. قال ابن مقبل:

للمازنية مصطاف ومرتبع ... مما رأت أود فالمقراة فالجرع

وقال آخر:

أيا برقتي أعشاش لازال مدجن ... يجود كما والنخل مما يراكما

ودورهم رئاء: مترائية. وحي رئاء ونظر: متجاورون. وهو يرأى هذا الأمر: يخيل إليه. قال الأعشى:

كلانا يرأى أنه غير ظالم ... فأعزبت حلمي اليوم أو هو أعزبا

وتقول العرب: أرى الله بفلان: نكل به، ومعناه أرى عدوّه فيه ما يشمت به. قال الأعشى:

وعلمت أن الله عم ... داً خسّها وأرى بها

وارتفعت رئتاي إلى حلقي من هيبة فلان.
رأي: الرأي: رأيُ القلب، ويُجْمع على الآراء، تقول: ما أَضَلَّ آراءهم، على التعجب و (راءهم) أيضا. ورأيت بعيني رؤيةً. ورأيتُه رأيَ العَيْن، أي: حيثُ يقعُ البَصَرُ عليه. وتقول من رأي القَلْب: ارتأيتُ، قال:

ألا أَيُّها المُرْتَئي في الأمور ... سَيَجْلُو العَمَى عنك تِبْيانُها 

وتقول: رأيت رؤيا حَسَنة، قال :

عَسَى أَرَى يَقْظانَ ما أُرِيتُ ... في النَّوْم رؤيا أَنّني سُقِيتُ

ولا تجمع الرُّؤيا. ومن العَرَبِ من يُلَيِّن الهمزةَ فيقول: رُويا، ومن حول الهمزة فإِنّه يجعلها ياءً، ثمّ يكسر فيقول: رأيت رِيّا حسنةً. والرّيّ: ما رأتِ العينُ من حالٍ حَسَنةٍ من المَتاع واللِّباس. والرَّئيُّ: جِنيٌّ يتعرّض [للرَّجل] يُريه كهانةً وطِبّا، تقول: معه رَئيٌّ. وبعضُ العرب تقول: رَيْتُ بمعنى رأيت، وعلى هذا قُرِىء [قوله تعالى] : أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى ، وقال:

أَقْسَم باللَّهِ أبو حفصٍ عُمَرْ ... ما رايَها من نقَبٍ ولا دَبَرْ

فاغفِرْ له اللَّهمَّ إن كان فجر  وتراءَى القوم: رأى بَعْضُهم بعضاً، قال جلّ وعزّ: فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ . [وتقول] : تراءى لي فلان، أي: تصدّى لك لتراه. وتراءى له تابِعُهُ من الجِنّ إذا ظهر له ليَراه. والمِرآة: التي يُنْظَرُ فيها والجميع: المَرائي، ومن ليّن الهمزة قال: المرايا. وتراءيت في المِرآة: نَظَرْتُ فيها،

وفي الحديث: لا يَتَمرْأَى أَحَدُكم في الماء ،

أي: لا ينظرُ وجهَه فيه، وأُدْخِلَتِ الميم في حُروف الفِعْل. وتقول في يفعل وذواتها من رأيت: يَرَى وهو في الأصل: يَرْأَى ولكنّهم يحذفون الهمزة في كلِّ كلمة تُشْتَقّ من (رأيت) إذا كــانتِ الرّاء ساكنة. تقول: رأيت كذا، فحذفت همزة أَرْأَيته، وأنا مُرٍ وهو مُرًى، بحذف الهمزة، إلاّ أنّهم يُثبتون في موضعين، قالوا: رأيته فهو مَرْئيٌّ، وأرأت النّاقة إذا أَرْأى ضرعها أنّها أقربت وأنزلت وهي مُرْأى، بهمزة، والحذف فيها صواب. وقد يقولون: اسْتَريتُ واسترأَيْتُ، أي: [طَلَبْتُ الرُّؤْية] . وتَقُولُ في الظَّنِّ: رِيتُ أنّ فلاناً أخوك، ومنهم من يُثْبِتُ الهَمْزة فيقول: رُئِيتُ، فإِذا قلتَ (أرى) وذواتها حذفْتَ، ومن قَلَبَ الهَمْزةَ من رأى قال: راءك، كقولك: نأى وناء. والتَّرِّية، مشدَّدة الرّاء، إن شئت همزت وإن شئت ليّنتَ وثقّلْتَ الياء، وإن شئت طرحتَ الهمزةَ وخفّفتَ الياء فقلت: تَرْية. والترية، مكسورة الرّاء خفيفة، كلّ هذا لغات، وهو ما تراه المرأة من [بقية] محيضها من صفرة أو بياض، قبل أو بعد. وأمّا البَصَرُ بالعَيْن فهو رؤية، إلاّ أن تقول: نظرت إليه رأيَ العين وتذكرُ العَيْنَ فيه. وما رأيته إلاّ رأية واحدة، قال ذو الرمة :

إذا ما رآها رأية هيض قلبه ... بها كانهياضِ المُتْعَبِ المُتَتَمِّمِ

والعربُ تَحذِف الهمزةَ فيما غُيِّر من الفِعْل في قولك: تَرَى ويَرى ونَرى وأَرَى ونحوه، وفيما زاد من الفعل في أَفْعل، واستفعل، وتَهْمِز فيما سِوى ذلك إلاّ أنّهم يقولون: أرأتِ النّاقة والشّاة أي: استبان حَمْلها. وتقول للّذي يريك شيئاً فهو مُرْءٍ والنّاقة مُرئية، وإن شئت خفّفتَ وليّنتَ الهمزة، والشّاعر إذا احتاج إلى تثقيلة ثقّل، كما قال:

وأبدتِ البيضُ الحسانُ أسوقا ... غير مَرِيّاتٍ ولكن فرقا 

وتقول رَأَّيت فلانا ترئيةً إذا رأَّيته المرآة لينظُرَ فيها. واعلَمْ أنّ ناساً من العرب لا يرون أن يَهْمِزوا الهمزةَ الأولى من الرِّئاء كراهية تعليق ألف بين همزتين، ولذلك قالوا: ذُؤابة فهمزوا، ثم جمعوا الذّوائب بلا همز كراهية (الذّآئب) ، وأمّا من همز الرئاء فمن أجل المدّة الّتي بعد الألف ليس من بعدها شيء يعتمد عليه فقد يسقط في الوقوف، وفي اضطرار الشِّعْر فيما يقصرون من الممدود، ولذلك جاز الهمز فيها ولم يَجُزْ في الذوائب. 

والرِّيّ: ما أَرَيْت القومَ من حسن الشّارة والهيئة، قال جرير:

وكلّ قوم لهم ريّ ومختبر ... وليس في تغلب رِيّ ولا خبرُ

وتقول: أرِني يا فلانُ ثَوْبَك لأراه، فإِذا استعطيتهُ شيئاً ليُعْطِيَكَهُ لم يقولوا إلاّ أرْنا بسكون الرّاء، يجعلونه سواء في الجمع والواحد والذّكر والأنثى كأنّها عندَهم كلمة وُضِعت للمُعاطاةِ خاصّةً، ومنهم من يُجرِيها على التّصريف فيقول: أَرِني وللمرأة أريني، ويفرّق بين حالاتهما، وقد يُقْرأ: أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا على هذا المعنى بالتّخفيف والتَّثْقيل، ومن أراد معنى الرُّؤْية قرأها بكسر الرّاء، فأمّا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً وأَرِنا مَناسِكَنا فلا يُقْرأ إلاّ بكَسْر الرّاء. واعلم أنَّ ناساً من العرب لما رأوا همزة (يرى) محذوفةً في كلِّ حالاتها حذفوها أيضاً من (رأى) في الماضي وهم الذين يقولون: رَيْت. [وفلانٌ يَتَراءَى برأي فلانٍ إذا كان يرى رأيه ويميلُ إليه ويقتدي به] . فأمّا التّرائي في الظّن فإِنّه فِعْلٌ قد تعدّى إليك من غيرِك، فإِذا جعلت ذلك في الماضي وأنت تُريدُ به معنى ظننت قلت: رُئيتُ. ومنهم من يَحذِفُ الهمزةَ منها أيضا فيكسر الرّاء، ويُسَكِّن الياء. فيقول: رِيتُ، وهي أقبحُها، ومنهم من يقول في الماضي: رأيتُ في معنى ظننت، وهو خُلْفٌ في القياس، كيف يكون في الماضي معروفاً وفي الغابر مجهولا من فعل واحد في معنى واحد.
(رأي)
(هـ) فِي حَدِيثِ لُقْمَانَ بْنِ عادٍ «وَلَا تملأُ رِئَتِي جَنْبي» الرِّئَةُ الَّتِي فِي الْجَوْفِ مَعْروفة. يَقُولُ: لَستُ بجَبان تنْتَفخ رِئَتي فتَمْلأُ جَنْبِي. هَكَذَا ذكَرها الْهَرَوِيُّ، وَلَيْسَ مَوْضِعها، فَإِنَّ الهاءَ فِيهَا عوضٌ مِنَ الْيَاءِ الْمَحْذُوفَةِ، تَقُولُ منه رأيته إذا أصبت رِئَتَهُ.
(هـ) فِيهِ «أنَا بَرِىءٌ مِنْ كلِّ مُسلمٍ مَعَ مُشْرِكٍ، قِيلَ: لِمَ يَا رسولَ اللَّه؟ قَالَ:
لَا تَرَاءَى نارَاهما» أَيْ يلزَمُ المُسْلم ويَجبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَاعِد مَنْزِلَه عَنْ مَنْزل المُشرك، وَلَا يَنْزل بِالْمَوْضِعِ الَّذِي إِذَا أُوقِدَت فِيهِ نارُه تلُوحُ وتظهرُ لنارِ المُشْرِك إِذَا أوقَدها فِي مَنْزِلِهِ، وَلَكِنَّهُ ينزلُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِهم. وَإِنَّمَا كَرِهَ مُجَاورَة المشرِكين لأنَّهم لَا عَهْدَ لَهُم وَلَا أَمَانَ، وحثَّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الهِجْرة.
والتَّرَائِي: تَفَاعُلٌ مِنَ الرُّؤْيَة، يُقَالُ: تَرَاءَى القومُ إِذَا رَأَى بعضُهُم بَعْضًا، وتَرَاءَى لِيَ الشيءُ: أَيْ ظهرَ حَتَّى رَأَيْتُهُ. وإسْنادُ التَّرَائِي إِلَى النارَين مجازٌ، مِنْ قَوْلِهِمْ دَارِي تَنْظُر إِلَى دَارِ فُلان: أَيْ تُقَابلها.
يَقُولُ نارَاهما مُخْتلفتان، هَذِهِ تَدْعو إِلَى اللَّهِ، وَهَذِهِ تَدْعو إِلَى الشَّيْطَانِ فَكَيْفَ يَتَفِقَان. والأصلُ فِي تَرَاءَى تَتَرَاءَى، فَحَذَفَ إحْدى التاءَين تَخْفِيفا.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إنَّ أهلَ الْجَنَّةِ لِيَتَرَاءُونَ أهلَ علِّيّينَ كَمَا تَرَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ» أَيْ يَنْظُرون ويَرَون.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي البَخْتَري «تَرَاءَيْنَا الهِلالَ» أَيْ تَكَلّفْنا النَّظَر إِلَيْهِ هَلْ نَراه أَمْ لَا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ رَمَل الطَّواف «إِنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا بِهِ الْمُشْرِكِينَ» هُوَ فاعَلنا، مِنَ الرُّؤْيَة: أَيْ أَرَيْنَاهُمْ بِذَلِكَ أنَّا أقْوياء.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ خَطَب فَرُئِيَ أنَّه لَمْ يُسْمعْ» رُئِيَ: فِعْلٌ لَمْ يُسَمَّ فاعلُه، مِنْ رَأَيْتُ بِمَعْنَى ظَنَنْت، وَهُوَ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، تَقُولُ: رَأَيْتُ زَيْدًا عَاقِلًا، فَإِذَا بنيتَه لِمَا لَمْ يُسمَّ فَاعِلُهُ تَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ واحدٍ، فَقُلْتَ: رُئِيَ زيدٌ عَاقِلًا، فَقَوْلُهُ إِنَّهُ لَمْ يُسْمع جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي.
وَالْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ ضَمِيرُهُ.
وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ «أُرَاهُمْ أَرَاهُمُنِي الباطلُ شَيْطَانًا» أَرَادَ أنَّ الْبَاطِلَ جَعَلنِي عِنْدَهُمْ شَيْطَانًا، وَفِيهِ شُذُوذ مِنْ وَجْهَيْنِ: أحدُهما أَنَّ ضَمِيرَ الْغَائِبِ إِذَا وقَع متقدِّما عَلَى ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ فَالْوَجْهُ أَنْ يُجَاء بِالثَّانِي منفصِلا، تَقُولُ أعْطاه إيَّايَ، فَكَانَ مِنْ حقِّه أَنْ يَقُولَ أَرَاهُمْ إيَّايَ، وَالثَّانِي أَنَّ واوَ الضَّمِيرِ حقُّها أَنْ تثْبُت مَعَ الضَّمَائِرِ كَقَوْلِكَ أعطيتمُوني، فَكَانَ حقُّه أَنْ يقولَ أراهُمُوني.
(س) وَفِي حَدِيثِ حَنْظَلَةَ «تُذَكِّرُنا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ كأنَّا رَأْيَ عينٍ» تَقُولُ جعلتُ الشيءَ رَأْيَ عَيْنِكَ وبِمَرْأَى مِنْكَ: أَيْ حِذاءَك ومُقابِلكَ بحيثُ تَرَاهُ، وَهُوَ منصوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ: أَيْ كأنَّا نَرَاهُمَا رَأْيَ الْعَيْنِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا «فَإِذَا رجلٌ كَرِيهُ الْمَرْآة» أَيْ قبيحُ المَنْظَرِ. يقالُ رجلٌ حَسَنُ المَنْظَر والْمَرْآةُ، وَحَسَنٌ فِي مَرْآةِ الْعَيْنِ، وَهِيَ مَفْعَلة مِنَ الرُّؤْيَة.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «حَتَّى يَتَبين لَهُ رِئْيُهُمَا» هُوَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ: أَيْ مَنْظَرُهما وَمَا يُرَى مِنْهُمَا. وَقَدْ تَكَرَّرَ.
(هـ) وَفِي الْحَدِيثِ «أَرَأَيْتَكَ، وأَرَأَيْتَكُمَا، وأَرَأَيْتَكُمْ» وَهِيَ كلمةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ عِنْدَ الاسْتِخْبارِ بِمَعْنَى أخْبِرْني، وأخْبِراني، وأَخبِروني. وتاؤُها مَفْتُوحَةٌ أَبَدًا.
وَكَذَلِكَ تَكَرَّرَ أَيْضًا «ألم تَرَ إلى فلان، وأ لم تَرَ إِلَى كَذَا» وَهِيَ كلمةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ عِنْدَ التعجُّب مِنَ الشَّيْءِ، وَعِنْدَ تَنْبيه المُخاطَب، كَقَوْلِهِ تَعَالَى «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ»
... ، «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ»
أي ألم تَعْجَب بفعلهم، وأ لم يَنْته شَأْنُهم إِلَيْكَ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «قَالَ لسَوَادِ بنِ قَارِبٍ: أَنْتَ الَّذِي أتاكَ رَئِيُّكَ بظُهور رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ نَعَمْ» يُقَالُ لِلتَّابِعِ مِنَ الجِن رَئِيٌّ بِوَزْنِ كَمِيٍّ، وَهُوَ فَعِيل، أَوْ فَعُول، سُمِّي بِهِ لِأَنَّهُ يَتَراءَى لِمَتْبوعه، أَوْ هُوَ مِنَ الرَّأْي، مِنْ قَولهم فلانٌ رَئِيُّ قومِه إِذَا كَانَ صاحبَ رأْيهم، وَقَدْ تُكْسَرُ راؤُه لإتْباعِها مَا بَعْدَهَا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الخُدْرِي «فَإِذَا رَئِيٌّ مِثْلُ نِحْيٍ» يَعْنِي حَيَّةً عَظِيمَةً كالزِّق، سَمَّاهَا بِالرَّئِيِّ الجِنّي؛ لِأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الحَيَّاتِ مِنْ مَسْخ الجِن، وَلِهَذَا سَمَّوْهُ شَيْطَانًا وحُبابا وَجَانًّا.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ وذَكَر المُتْعةَ «ارْتَأَى امْرُؤٌ بَعْدَ ذَلِكَ مَا شَاءَ أَنْ يَرْتَئِيَ» أَيْ أفْكَرَ وتأنَّى، وَهُوَ افْتَعَل مِنْ رُؤْيةِ الْقَلْبِ، أَوْ مِنَ الرأْي. وَمِنْهُ حَدِيثُ الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ «وَفِينَا رَجُلٌ لَهُ رَأْيٌ» يُقَالُ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ: أَيْ أَنَّهُ يَرَى رأيَ الْخَوَارِجِ وَيَقُولُ بمَذْهَبهم وَهُوَ الْمُرَادُ هَاهُنَا، والمحدِّثون يُسَمون أَصْحَابَ القياسِ أصحابَ الرَّأْيِ، يَعْنُون أَنَّهُمْ يأخُذون بِرَأيِهم فِيمَا يُشْكِل مِنَ الْحَدِيثِ، أَوْ مَا لَمْ يأتِ فِيهِ حديثٌ وَلَا أثَرٌ.
رأي
رأَى1 يَرَى، رَه، رُؤيةً، فهو راءٍ، والمفعول مَرئِيّ
• رأى الهلالَ: أبصره بالعَيْن "رأيتُ النجمَ يسبح في السماء- حجب الضبابُ الرُّؤية- {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا} " ° ألم تر إلى كذا: كلمة تقال عند التعجُّب- داري ترى داره: تقع مُقابِلةً له- رأى النُّجومَ ظهرًا: حلَّ به مكروه لم يعهده من قبل- رأى منه عجبًا: رأى شيئًا لم يكن يتوقعه- لا يرى أَبْعَد مِن أَنْفه: قاصر الفهم، ليس لديه بُعْد نظر للأمور.
• رأى الشَّخصُ الأمرَ: تأمَّله، تروَّى فيه.
• رأى الشَّيءَ: وَجَدَه " {لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلاَ زَمْهَرِيرًا} ". 

رأَى2 يَرَى، رَه، رُؤْيا، فهو راءٍ، والمفعول مَرْئِيّ
• رأى في منامه كذا: حَلَم "رأيْتُ فيما يرى النّائم أنّني أطوف حول الكعبة- {يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} ". 

رأَى3 يَرَى، رَه، رَأْيًا، فهو راءٍ، والمفعول مَرْئيّ
• رأى العالِمُ شيئًا: اعتقده ونادى به "عبّر عن رأيه بصراحة- رأى في الفقه رأيًا".
• رأى فلانًا عالمًا: ظنّه أو علمه كذلك "يرى المؤمنُ الحسابَ حقًّا- رأيتُني على حقٍّ" ° أرأيت: ماذا تظن؟ أخبرني- أُراه: أظنه- تُرى/ يا تُرى/ يا هل تُرى: يا رجل هل ترى وتظن؟ لإفادة التعجّب مع طلب الرأي من السامع. 

أرى/ أرى بـ يُري، أرِ، إراءةً، فهو مُرٍ، والمفعول مُرًى
• أراه طريقَ الصَّواب: عرَّفه به وأطلعه عليه، جعله ينظر إليه "أراه كيف تدور الآلة- أراه البضاعةَ- {وَمَا جَعَلْنَا
 الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ} ".
• أرى اللهُ بفلان: نكّل به، وأرى عدوَّه فيه ما يشمت به. 

ارتأى يرتئي، ارْتإِ، ارْتِئاءً، فهو مُرْتَئٍ، والمفعول مُرْتَأًى
• ارتأى الشَّخصُ الأمرَ:
1 - اعتقده ونادى به "ارتأى الفقهاءُ حلَّ كذا- ارتأى مَخْرجًا من مشكلته- ارتأى في الأمر رأيًا- ارتأى بالأمر رأيًا".
2 - شكّ فيه.
• ارتأى الشَّيءَ: رآه؛ أبصره بعينه. 

استرأى يسترئي، اسْتَرْإِ، استرئاءً، فهو مُسْتَرْءٍ، والمفعول مُسْتَرْأًى
• استرأى الشَّخصَ:
1 - عدَّه مُرائيًا (يُظهر أمامَ الناس خلاف ما يُبطن).
2 - استشاره "استرأى عالِمًا/ أباه".
3 - طلب رؤيتَه "استرأى أمَّه وهو يُحتضَر".
• استرأى الشَّيءَ: أبصره. 

تراءى يتراءى، تَراءَ، ترائيًا، فهو مُتراءٍ
• تراءى القومُ: أبصر بعضُهم بعضًا " {فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ}: التقتا".
• تراءى الشَّيءُ: ظهَر وبدا "يتراءى لي أن مصلحتك في إكمال تعليمك: يبدو لي ذلك- تراءى المنظر في خيالي". 

راءى يُرائي، راءِ، رِياءً ورِئاءً ومُراءاةً، فهو مُراءٍ، والمفعول مُراءًى
• راءى النَّاسَ: نافَق، أظهر أمامهم خلاف ما هو عليه "راءَى رئيسَه- {كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِيَاءَ النَّاسِ} [ق]- {يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللهَ إلاَّ قَلِيلاً} - {وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ}: مرائين لهم التماسًا للجاه وطلبًا للثناء". 

إراءة [مفرد]: مصدر أرى/ أرى بـ. 

ارتئاء [مفرد]: مصدر ارتأى. 

استرئاء [مفرد]: مصدر استرأى. 

رِئة [مفرد]: ج رِئون ورِئات: (شر) عضو التنفس وهما رئتان: رئة يُمنى ورئة يُسرى، للإنسان والحيوان تقعان في التجويف الصدريّ، تتّصفان بالمرونة، تمتصان الأكسجين من هواء الشهيق وتُخرجان ثاني أكسيد الكربون مع هواء الزفير ° تنفَّس بملء رئتيه: شعر بالراحة.
• قصبة الرِّئة: (شر) أنبوب رقيق الجدار من الأنسجة الغضروفيّة الغشائيّة ينحدر من الحنجرة إلى القصبات الهوائية ويحمل الهواء إلى الرِّئة.
• ذات الرِّئة: (طب) التهاب يصيب فصًّا أو فصوصًا من الرئة، وهو عبارة عن ورم حارّ ينتج عن دمٍ أو صفراء أو بلغم مالح عفن. 

رِئويّ [مفرد]: اسم منسوب إلى رِئة: "تدرّن رِئويّ- سلٌّ رِئويّ".
• الصِّمام الرِّئويّ: (شر) أحد صمامين أحدهما على فتحة الأورطي، والآخر على فتحة الشريان الرِّئوي، وكلّ منهما مصنوع من ثلاث شرفات هلاليّة الشَّكل تعمل على منع الدَّم من العودة إلى البطين.
• اضطرابات رئويَّة: (طب) مجموعة من الأمراض يصاحبها عدم القدرة على تنفُّس الأكسجين إلى الرئة، وطرد ثاني أكسيد الكربون، وهذه الاضطرابات تشمل أيضًا الربو والالتهاب الرئويّ وغيرها، ولها أسباب كثيرة كالتدخين ومرض الجهاز التنفُّسيّ وتعطُّل القوى التنفُّسيّة. 

رَأْي [مفرد]: ج آراء (لغير المصدر):
1 - مصدر رأَى3.
2 - حُكم وتقدير لعمل أو موقف معيّن وكثيرًا ما يتأثَّر بالظروف والملابسات "لا تتعجّل في إصدار رأيكَ- باتِّفاق الآراء- اختلاف الرَّأي لا يفسد للودّ قضيّة- لا رأي لمن لا إرادة له [مثل]- الرَأْي قبل شجاعة الشُّجعان ... هو أوّلٌ وهي المحلّ الثاني" ° أخْذُ الرَّأي على أمر: إجراءُ تصويتٍ عليه- أصحاب الرَّأي والقِياس/ أهل الرَّأي والقِياس: الفقهاء الذين يستخرجون أحكامَ الفتوى باستعمالهم رأيهم الشّخصيّ والقياس الشرعيّ فيما لا يجدون فيه حديثًا أو أثرًا- استطلاع رأي: طريقة فنِّيَّة لجمع المعلومات التي تُستخدم في معرفة رأي مجموعة من الناس في مكان مُعيَّن ووقت مُعيَّن عن موضوع مُعيَّن- الرَّأي العامّ: رأي أكثريَّة النَّاس في وقت مُعيَّن إزاء موقف أو مشكلة من
 المشكلات- ذو الرَّأي: الحكيم العاقل، ذو البصيرة والحذق بالأمور- رأي الإجماع: الرَّأي الذي تتَّحد فيه كل الآراء الفرديّة والجماعيَّة، وتظهر فيه عقيدة عامَّة يقف الجميع خلفها- رأي الأغلبيّة: هو الذي يُمثِّل ما يزيد على نصف عدد أفراد الجماعة، وهو في الواقع عبارة عن عدَّة آراء أقليَّات مختلفة اجتمعت حول هدف مُعيَّن- رأي الأقلِّيَّة: رأي ما يقلّ عن نصف عدد أفراد الجماعة ويُعبِّر عن آراء طائفة من هؤلاء الأفراد- رأيته رأي العين: وقع عليه بصري- سجين الرَّأي: من يُسجن بسبب اختلافه في الرَّأي مع النظام الحاكم- صاحب رأي/ أصحاب رأي: شخص أو مجموعة أشخاص يجسِّدون خصائص ذهنيّة معيّنة- فلانٌ صُلْب الرَّأي/ فلان عند رأيه: متمسك برأيه لا يتزحزح عنه- قويم الرَّأي: ذو آراء ووجهات نظر مبنيّة على ما هو صحيح أو المقصود بأن يكون صحيحًا.
3 - ما ارتآه الإنسان واعتقده.
4 - (فق) استنباط الأحكام الشرعيّة في ضوء قواعد مقرّرة.
• صحافة الرأي: صحافة تختار من مادة الرأي العام ما يلائم دعوتها السياسيّة ويؤيِّد فكرتها الحزبيّة.
• قسم الرَّأي: (قن) إدارة الفتوى وأخذ الرَّأي القانونيّ. 

رِئْي [مفرد]: ما رأته العين من حالٍ حسنة وكسوة ظاهرة " {هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا} ". 

رُؤْيا [مفرد]: ج رُؤًى (لغير المصدر):
1 - مصدر رأَى2 ° الرُّؤيا الصَّادقة: أول طريق لكشف الغيب، وقد بدأ الرّسول محمد صلّى الله عليه وسلم نبوَّته بالرّؤيا الصادقة.
2 - ما يَحْلُم به النائم "رؤيا طيِّبة- {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ} ". 

رؤية [مفرد]: ج رُؤًى (لغير المصدر):
1 - مصدر رأَى1.
2 - حالة أو درجة كون الشّيء مرئيًّا ° اختلاط الرُّؤية: غموض الأمر وعدم ظهور الصواب فيه- ذو رؤية: مُظْهر أو مُبْدٍ آراء صائبة- رؤية ثاقبة: رأيٌ سديد- رؤية عربيّة موحَّدة- مدى الرُّؤْية: أبعد مسافة يمكن رؤيتها دون أيّة مساعدة من أيّة أداة تحت ظروف جويّة معيّنة.
• الرُّؤية:
1 - إبصار هلال رمضان لأوّل ليلة فيه "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ يومًا [حديث] " ° لَيْلَةُ الرؤية: الليلة التي يعقبها شهر رمضان.
2 - الرؤية بالعين؛ وهي إدراك الأشياء بحاسّة البصر وعليها المعوّل في الشهادة.
• رؤية مجسَّمة:
1 - (فز) إدراك الأجسام مجسَّمة بكلتا العينين.
2 - (حي) نوع من الرؤية تتميَّز بها الحيوانات التي لها عينان موجَّهتان للأمام وترى صور الأشياء ذوات عمق. 

رِياء [مفرد]:
1 - مصدر راءى.
2 - تظاهر بخلاف ما في الباطن "فعل ذلك رياءً- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ، قَالُوا: وَمَا الشِّرْكُ الأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: الرِّيَاءُ [حديث] ". 
2006 - 
مِرآة [مفرد]: ج مَراءٍ ومرايا: اسم آلة من رأَى1: (فز) سطح مستوٍ أو منحنٍ يعكس الضّوء عكسًا تنشأ عنه صورة لما أمامه، وقد تُصنع من فلزّ أو من زجاج مُغطَّى ظهره بالفضَّة "مرآة عاكسة- الكلمة مرآة الفكر" ° صورة المرآة: صورة منعكسة كما تظهر في مرآة. 

مَرْأََى [مفرد]:
1 - اسم مكان من رأَى1: منظر، مظهر؛ مكان النّظر "يخبر مَرْآه عن داخله- امرأة حَسَنة المرأى".
2 - في حدود الرُّؤية والمشاهدة "فعله على مرأى ومَسْمَع من الجميع". 

مَرْئيّ [مفرد]:
1 - اسم مفعول من رأَى1 ورأَى2 ورأَى3 ° الصُّورة المرئيّة: الجزء المرئيّ للبثّ التليفزيونيّ- وسيلة مرئيّة: مساعدة بصريّة كالنموذج البيانيّ النسبيّ أو شريط من الصور أو شريط فيديو حيث تقدِّم هذه الوسائل المعلومات بصريًّا.
2 - مُنشأ أو مصمَّم لإبقاء الأجزاء المهمّة في مكان يمكّن رؤيته أو يسهل الوصول إليه. 
[ر أي] الرؤية النظر بالعين والقلب وحكى ابن الأعرابي الحمد لله على رِيَّتِك أي رؤيتك وفيه صنعة وحقيقتها أنه أراد رؤيتك فأبدل الهمزة واوًا إبدالاً صحيحًا فقال رُويتك ثم أدغم لأن هذه الواو قد صارت حرف علّة بما سُلّط عليها من البدل فقال رُيَّتِك ثم كسر الراء لمجاورة الياء فقال رِيَّتك وقد رأيتُه رَأْيَةً ورُؤْيةً وليست الهاء في رَأْيَةٍ هنا للمرّة الواحدة إنما هو مصدر كرؤية إلا أن تريد المرّة الواحدة فيكون رأيته رَأْيَةً كقولك ضربته ضربةً فأمّا إذا لم ترد هذا فرَأْيَةٌ كرؤيةٍ ليست الهاء فيها للواحد ورأيته رِيانًا كرؤية هذه عن اللحياني وَرَيْتُه على الحذف أنشد ثعلب

(وَجْناءُ مُقْوَرَّةُ الأَقْراب يَحْسِبُهَا ... مَنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ رآها رَأْيَةً جَمَلاً)

(حَتَّى يَدُلَّ عَلَيْهَا خَلْقُ أَرْبَعَةٍ ... في لازِقٍ لاحِقِ الأقْرَابِ فانْشَمَلاَ)

خلق أربعة يعني ضمور أخلافِها وانْشَمَلَ ارتفع كانْشَمَرَ يقول من لم يرها قبلُ ظنها جملاً لعظمها حتى يدل عليها ضمورُ أخلافها فيعلم حينئذ أنها ناقة لأن الجمل ليس له خِلْفٌ وأنشد ابن جِنّي

(حتى يقولَ كلُّ مَن راهِ اذْ رَاهْ ... )

(يا وَيْحَهُ من جَمَلٍ ما أَشْقَاهْ ... ) أراد كلُّ من راهُ إذ راهْ فسكَّن الهاء وألقى حركة الهمزة عليها وقوله

(مَنْ را مِثْلَ مَعْدان بنِ يَحْيى ... إذا ما النِّسْعُ طالَ على المَطِيَّةْ)

(مَنْ را مِثْلَ مَعْدان بنِ يَحْيى ... إذا هَبَّتْ شآمِيَّةٌ عَرِيَّهْ)

أصل هذا رأى فأبدل الهمزة ياء كما يقال في ساءَلت سايَلْتُ وفي قرأت قَريْتُ وفي أخطأت أخطيت فلما أبدلت الهمزة التي هي عينٌ ياءً أبدلوا الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم حذف الألف المنقلبة عن الياء التي هي لام الفعل لسكونها وسكون الألف التي هي عين الفعل قال وسألت أبا عليّ فقلت له من قال من را مثل معدان بن يحيى فكيف ينبغي له أن يقول فَعِلْتُ منه فقال رَئيتُ ويجعله من باب حَييت وعَيِيتُ قال لأن الهمزة في هذا الموضع إذا أبدلت عن الياء تُقلب وذهب أبو علي في بعض مسائله إلى أنه أراد رأى فحذف الهمزة كما حذفها من أَرَيْت ونحوه وكيف كان الأمر فقد حُذفت الهمزة وقُلبت الياء ألفًا وهذا إعلالان تواليا في العين واللام ومثله ما حكاه سيبويه من قول بعضهم جا يجي فهذا إبدال العين التي هي ياءٌ ألفا وحذف الهمزة تخفيفًا فأعلّ اللام والعين جميعًا وأنا أراه والأصل أرآه حذفوا الهمزة وألقوا حركتها على ما قبلها قال سيبويه كلّ شيء كــانت أوّله زائدة سوى ألف الوصل من رأيت فقد اجتمعت العرب على تخفيف همزه وذلك لكثرة استعمالهم إياه جعلوا الهمزة تعاقب يعني أن كل شيء كان أوّله زائدة من الزوائد الأربع نحو أرى ويرى ونرى وترى فإن العرب لا تقول ذلك بالهمز أي إنها لا تقول أرْأى ولا نرْأى ولا نرْأى ولا تَرْأى وذلك لأنهم جعلوا همزة المتكلم في أرى تعاقب الهمزة التي هي عين الفعل وهي همزة أرأى حيث كــانتــا همزتين وإن كــانت الأولى زائدة والثانية أصلية وكأنهم إنما فرّوا من التقاء همزتين وإن كان بينهما حرف ساكن وهي الراء ثم أتبعوها سائر حروف المضارعة فقالوا يرى ونرى كما قالوا أرى قال سيبويه وحكى أبو الخطاب قد أرآهم يجيء به على الأصل وذلك قليل قال

(أَحِنُّ إِذَا رَأَيْتُ جِبَالَ نَجْدٍ ... وَلاَ أَرْأَى إِلى نَجْدٍ سَبِيلاَ)

وقال بعضهم ولا أرى على احتمال الزحاف وقال سراقة البارقيّ

(أُرى عينَيَّ ما لم تَرْأياه ... كِلانا عالمٌ بالتُّرَّهاتِ)

وقد رواه الأخفش ما لم ترياه على التخفيف الشائع عن العرب في هذا الحرف وارتأيت واسترأيت كرأيت أعنى من رؤية العين قال اللحياني قال الكسائي اجتمعت العرب على همز ما كان من رأيت واسترأيت وارتأيت في رؤية العين وبعضهم يترك الهمز وهو قليل والكلام العالي الهمز فإذا جئت إلى الأفعال المستَقْبَلةِ اجتمعت العرب الذين يهمزون والذن لا يهمزون على ترك الهمز قال وبه نزل القرآن نحو {فترى الذين في قلوبهم مرض} المائدة 52 {فترى القوم فيها صرعى} الحاقة 7 و {إني أرى في المنام} الصافات 102 {ويرى الذين أوتوا العلم} سبأ 6 إلا تيَم الربابِ فإنهم يهمزون مع حروف المضارعة وهو الأصل قال شاعرهم

(أَلَمْ تَرْءَ ما لاقَيْتُ والدهرُ أعصُرٌ ... ومن يَتَّمَلَّ الدهرَ يَرْءَ وَيَسْمَعِ)

فإذا جئت إلى الأمر فإن أهل الحجاز يقولون رَ ذلك وللاثنين رَيا ذلك وللجميع رَوْا ذاك وللاثنين كالرجلين وللجمع رَيْن ذاكُنَّ وبنو تميم يهمزون جميع ذلك قال فإذا قالوا أرَأَيت فلانا أفرأيتَكم فلانا فإن أهل الحجاز يهمزون وإن لم يكن من كلامهم الهمز فإذا عدَوتَ أهلَ الحجاز فإن عامّة العرب على ترك الهمز نحو {أَرَيْتَ الذي يُكَذّبُ} وقالوا ولو تر ما أهل مكة قال أبو علي أرادوا ولو ترى ما فحذفوا لكثرة الاستعمال ورجل رَأََّاء كثير الرؤية قال غيلان الرَّبْعِيّ

(كأنها وقد رآها الرَّأَّاءْ ... )

والرِّءْيُ الرُّؤاء والمرآة المنظر وقيل الرِّءْيُ والرُّؤاء حُسن المنظر والمَرآة عامة المنظر حسنًا كان أو قبيحًا وماله رُؤاءٌ ولا شاهد عن اللحياني لم يزد على ذلك شيئًا والترْئِيَة البهاء وحُسن المنظر اسم لا مصدر قال ابن مُقبل

(أَمَّا الرُّؤاءُ فَفينَا حَدُّ تَرْئِيَة ... مثلُ الجبالِ الذي بالجِزع منِ إِضَمِ)

واستَرْأَى الشيء استدعى رؤيته وأرَيتُه إياه إراءةً وإرآءً المصدران عن سيبويه قال الهاء للتعويض وتركُها على ألا يُعوّض وَهُم مما يعوّضون بعد الحذف ولا يعوّضون وراءَيت الرجل مُراءَاةً ورياءً أَريْته أنّي على خلاف ما أنا عليه وفي التنزيل {بَطَرًا ورِئَاءَ النَّاسِ} الأنفال 47 وفيه {الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ} الماعون 6 يعني المنافقين أي إذا صلى المؤمنون صلَّوا معهم يُرونهم أنهم على ما هُم عليه وراءَيْتُه مُراءاةً ورِياءً قابلته فرأيته وكذلك تراءَيته قال أبو ذؤيب

(أَبَى اللهُ إلاَّ أَنْ يُقِيدَكَ بعدما ... تَراءَيتُمُوني من قَرِيبٍ وَمَوْدِقِ)

يقولُ أقادَ اللهُ منك علانيةً ولم يُقِدْ غِيلَةً والمِرآة ما ترأَيْت فيه وقد أرَيْتُه إياها ورأَيْتُه ترئِيَةً عرضتُها عليه أو حبستُها له ينظر نفسَه وترأَيت فيها وتراءَيت وجاء في الحديث

لا يَتَمَرْأَ أحدُكم في الماء أي لا ينظر وجهه فيه وزنه يَتَمَفْعَل حكاه سيبويه من قول العرب تَمْسكن من المسكين وتمَدْرَع من المِدْرَعة وكما حكاه أبو عبيد من قولهم تَمندَلْتُ بالمِنديل والرُّؤيا ما رأيته في منامك وحكى الفارسي عن أبي الحسن رُيَّا قال وهذا على الإدغام بعد التخفيف البدليّ شبّهوا واو رُوْيا التي هي في الأصل همزة مخففةٌ بالواو الأصلية غير المقدر فيها الهمز نحو لويتُ ليّا وشويت شيّا وكذلك حكى أيضًا رَيّا أتبع الياء الكسرة كما يفعل ذلك في الواو الوضعية وقال ابن حِنِّي قال بعضهم في تخفيف رؤيا رِيَّا بكسر الراء وذلك أنه لما كان التخفيف يُصيرُها إلى رُوْيا ثم شُبِّهَتْ الهمزة المخففة بالواو المُخْلَصَة نحو قولهم قَرنٌ ألْوى وقُرونٌ لِيٌّ وأصلها لُوْيٌ فقلبت الواو للياء بعدها ولم يكن أقيسَ القولين قلبُها كذلك أيضًا كُسرت الراء فقيل رِيَّا كما قيل قرون لِيٌّ فنظير قلب واو رُوْيا إلحاق التنوين ما فيه اللام ونظير كسر الراء إبدال الألف في الوقف على المنوّن المنصوب مما فيه اللام نحو العتابا وهي الرُّؤي ورأيت عنك رؤًى حسنَةً حملتُها والرَّئِيُّ والرِّئِيُّ الجنِّيّ يراه الإنسان وقال اللحياني له رَئِيٌّ من الجن ورِئيٌّ إذا كان يحبه ويألفه والرَّئيّ والرِّئيّ الثوب ينشر للبيع عن أبي علي وقالوا رأْيَ عيني زيدًا فَعَلَ ذاك وهو من نادر المصادر عند سيبويه ونظيره سمع أُذْني ولا نظير لهما في المُتَعَدِّيَات والتَّرْئِيَةُ والترِئَة والتَّرِيَّة الأخيرة نادرة ما تراه المرأة من صُفرة أو بياضٍ أو دمٍ قليل عند الحيضِ وقد راءت وقيل التَّرِيّةُ الخِرْقَةُ التي تعرِفُ بها المرأة حَيْضَتها من طُهرها وهو من الرُّؤية وتراءَى القوم رأى بعضهم بعضًا وتراءى لي وترأَى عن ثعلب تصدَّى لأراه ورأَى المكانُ المكانَ قابله حتى كأنًّه يراه قال ساعدة (لمَّا رَأَى نَعْمانَ حَلَّ بِكِرْفيءٍ ... عَكَرٍ كما لَبَجَ النُّزولَ الأرْكُبُ)

وقرأ أبو عمرٍ و {وأرنا مناسكنا} البقرة 128 وهو نادر لما يلحق الفِعل من الإجحاف وأرْأَتِ الناقة والشاة وهي مُرْءٍ ومُرئِيَةٌ رُئى في ضرعها الحملُ واستُبين وكذلك المرأة وجميع الحوامل إلا في الحافر والسَّبُع وأرْأَتْ العنز ورِم حَياؤها عن ابن الأعرابي وتُبين فيها ذلك وترأَى النّخل ظهرت ألوان بُسْره عن أبي حنيفة وكُلّه من رؤية العين ودورُ القوم منا رِثاءٌ أي منتهى البصر حيث تراهم وهو منّي مرأَى ومَسْمَعٌ وإن شئت نصبت وهو من الظروف المخصوصة التي أجريت مُجرَى غير المخصوصة عند سيبويه قال هو مثل مَناطَ الثُريّا ودَرَجَ السيولِ ومعناه هو مني بحيث أراه وأسمعه وهم رِئاءُ ألْفٍ أي زِهاءُ ألْفٍ فيما ترى العين ورأيت زيدًا حليمًا علمتُهُ وهو على المثل برؤية العين وقوله تعالى {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب} آل عمران 23 قيل معناه ألم تعلم ألم ينته علمه إلى هؤلاء ومعناه اعرِفهم يعني علماء أهل الكتاب أعطاهم الله علم نبوة النبي صلى الله عليه وسلم بأنه عندهم مكتوب في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر وقال بعضهم معنى ألم تر ألم تُخبر وتأويله سؤال فيه إعلام وتأويله أي اعلم قصتهم وأتاهم حين جَنَّ رُؤيٌ رُؤْيا ورَأْيٌ رَأْيًا أي حين اختلط الظلام فلم يتراءَوا وارْتَأَينا في الأمر وتراءَيناه نظرناه والرأي الاعتقاد اسم لا مصدرٌ والجمع آراء قال سيبويه لم يُكَسَّر على غير ذلك وحكى اللحياني في جمعه أرْءٍ مثلُ أرْعٍ ورُئِيٌّ ورِئِيٌّ وأما ما أنشده خلف الأحمر من قول الشاعر (أما تراني رجُلا كما ترى ... )

(أحمِلُ فوقي بِزَّتي كما ترى ... )

(على قَلوصٍ صَعْبةٍ كما ترى ... )

(أخافُ أن تَطْرحَني كما ترى ... )

(فما ترى فيما ترى كما ترى ... )

فالقول عندي في هذه الأبيات أنها لو كــانت عدَّتُها ثلاثة لكان الخطب فيها أيسر وذلك لأنك كنت تجعل واحدًا منها من رؤية العين كقولك كما تُبصر والآخر من رؤية القلب التي في معنى العلم فيصير كقولك كما تعلم والثالثُ من رأيتُ التي بمعنى الرأْيِ والاعتقادِ كقولك فلانٌ يرى رأي أهل العدل وفلان يرى رأي الشُّراة أي يعتقد اعتقادهم ومنه قول الله سبحانه {لتحكم بين الناس بما أراك الله} النساء 105 فحاسة البصر هنا لا تتوجَّهُ ولا يجوز أن يكون بما أعلمك الله لأنه لو كان كذلك لوجب تعدّيه إلى ثلاثة مَفْعولين وليس هناك إلا مفعولان أحدهما الكاف في أراك والآخر الضمير المحذوف للغائب أي أراكه وإذا تعدت أرى هذه إلى مفعولين لم يكن من الثالث بدٌّ أو لا تراك تقول فلان يرى رأي الخوارج ولا تعني أنه يعلم ما يدَّعون هم علمه وإنما تقول إنه يعتقد ما يعتقدون وإن كان هو وهم عندك غير عالمين بأنهم على الحق فهذا قسمٌ ثالث لرأيت فلذلك قلنا لو كــانت الأبيات ثلاثة لجاز أن لا يكون فيها إبطاء لاختلاف المعاني وإن اتفقت الألفاظ وإذ هي خمسة فظاهِرُ أمرِها أن تكون إيطاءٌ لاتفاق الألفاظ والمعاني جميعًا ولو قال قائل إنه لا إيطاء هناك لرأيت له وجهًا من القياس مستقيماً ليس به بأس وذلك أن العرب قد أجرت الموصول والصلّة مُجْرَى الشيء الواحد ونزلتهما منزلة الجزء المنفرد وذلك نحو قول الله عز وجل {والَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِين وَإِذَا مَرِضتُ فَهُو يَشْفِين والَّذِي يُمِيتُني ثم يُحْيِيينِ والَّذِي أَطَمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدين} الشعراء 79 82 إنما معناه الذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين ويميتني ويحيين وأطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين لأنه سبحانه هو الفاعل لهذه الأشياء كلّها وحده والشيء لا يعطف على نفسه ولكن لما كــانت الصلّة والموصول كالجزء الواحد وأراد عطف الصلة جاء معها بالموصول لأنهما كأنهما كلاهما شيءٌ واحد مفرد وعلى ذلك قول الشاعر

(أيا بنةَ عبدِ اللهِ وابنةَ مَالكٍ ... ويا بنَة ذي الجَدَّيْنِ والفَرَسِ الوَرْد)

(إذا ما صَنَعتِ الزادَ فالتمسي لَهُ ... أكيلاً فإنِّي لَسْتُ آكِلَهُ وَحدي)

فإنما أراد يا بنة عبد الله ومالك الملك ومالكِ وذي الجدَّينِ لأنّها واحدةٌ ألا تراه يقول صنعتِ ولم يقل صنعتُنَّ فإذا جاز هذا في المضاف والمضاف إليه كان في الصلّة والموصول أسوغَ لأن اتصال الصلّة بالموصول أشدُّ من اتصال المضاف إليه بالمضاف وعلى هذا قول الأعرابي وقد سأله أبو الحسن الأخفش عن قول الشاعر

(بناتُ وِطاءٍ على خَدِّ اللَّيْلِ ... )

فقال له أين القافية فقال خدّ الليل قال أبو الحسن الأخفش كأنه يريد الكلام الذي في آخر البيت قلّ أو كثر فكذلك أيضًا تجعل ما ترى ما ترى ما وترى جميعًا القافية وتجعل ما مرة مصدرا وأخرى بمنزلة الذي فلا يكون في الأبيات إبطاء وتلخيص ذلك أن يكون تقديرها أما تراني رجلاً كرؤيتك أحمل فوقي بزتي كمرئيِّك على قلوصٍ صعبة كعلمك أخاف أن تطرحني كمعلومك فما ترى فيما ترى كمعتقدك فيكون ما ترى مرّة رؤية العين ومرّة مرئيّا ومرة علمًا ومرَّة معلومًا ومرّة معتقدًا فلما اختلفت المعاني التي وقعت عليها ما واتصلت ترى بما فكــانت جُزءًا منها لاحقًا بها صارت القافية ما وترى جميعًا كما صارت في قوله خذ الليل هي خدّ الليل جميعًا لا الليل وحده فهذا قياسٌ من القوّة بحيث تراه فإن قلت فما رَوِيّ هذه الأبيات قيل يجوز أن يكون رَوِيُّها الألف فتكون مقصورة يجوز معها سعي وأي لأن الألف لام الفعل كألف سعا وسلا والوجه عندي أن تكون رائيَّةً لأمرين أحدهما أنها قد التُزِمت ومن غالب عادة العرب ألا تلتزم أمرًا إلا مع وجوبه وإن كــانت في بعض المواضع قد تتطوع بالتزام ما لا يجب عليها وذلك أقل الأمرين وأدونُهما والآخر أن الشعر المطلق أضعاف الشعر المقيّد وإذا جعلتها رائية فهي مطلقة وإذا جعلتها ألِفيّةً فهي مقيّدة ألا ترى أن جميع ما جاء عنهم من الشعر المقصور لا نجد العرب تلتزم فيه ما قبل الألف بل تخالفه ليعلم بذلك أنه ليس رويّا وأنها قد اعتزمت القصر كما تعتزم غيره من إطلاق حرف الروي ولو التزمت ما قبل الألف لكان ذلك داعيًا إلى إلباس الأمر الذي قصدوا لإيضاحه أعني القصر الذي اعتمدوه وعلى هذا عندي قصيدة يزيد بن الحكم التي فيها مُنهَوِي ومُدَّوِي ومُرْعوِي ومُستوِي هي واوية عندنا لالتزامه الواو في جميعها والياءات بعدها وصولٌ لما ذكرنا وأَرِني الشيء عاطِنيه وكذلك الاثنان والجميع والمؤنث وحكى اللحياني هو مَرْأَةٌ أن يفعل كذا أي مَخْلَقَةٌ وكذلك الاثنان والجميع والمؤنث وقال هو أرآهم لأن يفعل ذاك أي أخلقُهم وحكى ابن الأعرابي لو تَرَما وأَوْ تَرَما ولَمْ تَرَما ومعناه كلّه عنده ولا سيّما والرِّئة موضع النفس والريح من الإنسان وغيره والجمع رِئات ورِئون على ما يطرد في هذا النحو قال

(فَعِظْنَاهُم حَتَّى أتى الغيظ منهم ... قُلُوبًا وأَكْبَادًا لَهُمْ وَرِئِينَا)

وإنما جاز جمع هذا ونحوه بالواو والنون لأنهما أسماء مَجْهُودة مُتَنَقصة ولا يكسَّر هذا الضرب في أوّليّته ولا في حد التسميةِ ورَأَيْته أصبتُ رِئَته ورُئِيَ رَأْيا اشتكى رِئته ورأَى الزَّنْدَ وَقَد عن كُراع ورأَيتُه أنا وقول ذي الرّمّة

(وجَدتُّ البُرَا أمراسَ نَجْرانَ رُكِّبَتْ ... أَوَاخِيُّها بالمُرْأَياتِ الرَّواجِفِ)

قيل في تفسيره رأسٌ مُرْأًى طويل الخَطْم فيه تصويبٌ وقال نُصيْرٌ رءُوسٌ مُرْأياتٌ كأنها قراقير وهذا لا أعرف له فعلاً وما مادّة ورُؤَيَّةُ اسم أرض ويروي بيت الفرزدق

(هل تَعلَمُونَ غَداةَ يُطرَدُ سَبْيُكُمْ ... بالسَّفْحِ بينَ رُؤَيَّةٍ وطِحال)

رأي: الرُّؤيَة بالعَيْن تَتَعدَّى إلى مفعول واحد، وبمعنى العِلْم

تتعدَّى إلى مفعولين؛ يقال: رأَى زيداً عالماً ورَأَى رَأْياً ورُؤْيَةً

ورَاءَةً مثل راعَة. وقال ابن سيده: الرُّؤيَةُ النَّظَرُ بالعَيْن والقَلْب.

وحكى ابن الأَعرابي: على رِيَّتِكَ أَي رُؤيَتِكَ، وفيه ضَعَةٌ،

وحَقيقَتُها أَنه أَراد رُؤيَتك فَأبْدَلَ الهمزةَ واواً إبدالاً صحيحاً فقال

رُويَتِك، ثم أَدغَمَ لأَنَّ هذه الواوَ قد صارت حرفَ علَّة لمَا سُلِّط

عليها من البَدَل فقال رُيَّتِك، ثم كَسَرَ الراءَ لمجاورة الياء فقال

رِيَّتِكَ. وقد رَأَيْتُه رَأْيَةً ورُؤْيَة، وليست الهاءُ في رَأْية هنا

للمَرَّة الواحدة إنما هو مصدَرٌ كَرُؤيةٍ، إلاَّ أَنْ تُرِيدَ المَرَّةَ

الواحدة فيكون رَأَيْته رَأْية كقولك ضَرَبْتُه ضربة، فأَمَّا إذا لم تُردْ

هذا فرأْية كرؤْية ليست الهاءُ فيها للوَحْدَة. ورَأَيْته رِئْيَاناً:

كرُؤْية؛ هذه عن اللحياني، وَرَيْته على الحَذْف؛ أَنشد ثعلب:

وَجنْاء مُقْوَرَّة الأَقْرابِ يَحْسِبُها

مَنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلُ رَاهَا رأْيَةً جَمَلا

حَتَّى يَدُلَّ عَلَيْها خَلْقُ أَرْبَعةٍ

في لازِقٍ لاحِقِ الأَقْرابِ، فانْشَمَلا

خَلْقُ أَربعةٍ: يعني ضُمورَ أَخْلافها، وانْشَمَلَ: ارْتَفَعَ

كانْشمرَ، يقول: من لم يَرَها قبلُ ظَنَّها جَمَلاً لِعظَمها حتي يَدلَّ ضُمورُ

أَخْلافِها فيَعْلَم حينئذ أَنها ناقة لأَن الجمل ليس له خِلْفٌ؛ وأَنشد

ابن جني:

حتى يقول من رآهُ إذْ رَاهْ:

يا وَيْحَه مِنْ جَمَلٍ ما أَشْقاهْ

أَراد كلَّ من رآهُ إذْ رآهُ، فسَكَّنَ الهاءَ وأَلقَى حركةَ الهمزة؛

وقوله:

مَنْ رَا مِثْلَ مَعْمدانَ بنِ يَحْيَى،

إذا ما النِّسْعُ طال على المَطِيَّهْ؟

ومَنْ رَامثلَ مَعْدانَ بن يَحْيَى،

إذا هَبَّتْ شآمِيَةٌ عَرِيَّهْ؟

أَصل هذا: من رأَى فخفَّف الهمزة على حدّ: لا هَناك المَرْتَعُ، فاجتمعت

أَلفان فحذف إحداهما لالتقاء الساكنين؛ وقال ابن سيده: أَصله رأَى

فأَبدل الهمزة ياء كما يقال في سأَلْت سَيَلْت، وفي قرأْت قَرَيْت، وفي

أَخْطأْت أَخْطَيْت، فلما أُبْدِلت الهمزة التي هي عين ياء أَبدلوا الياء

أَلفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت الأَلف المنقلبة عن الياء التي هي

لام الفعل لسكونها وسكون الأَلف التي هي عين الفعل؛ قال: وسأَلت أَبا علي

فقلت له من قال:

مَنْ رَا مِثْلَ مَعْدانَ بنِ يَحْيَى

فكيف ينبغي أَن يقول فعلت منه فقال رَيَيْت ويجعله من باب حييت وعييت؟

قال: لأَن الهمزة في هذا الموضع إذا أُبدلت عن الياء تُقلب، وذهب أَبو علي

في بعض مسائله أَنه أَراد رأَى فحذَفَ الهمزةَ كما حذفها من أَرَيْت

ونحوه، وكيف كان الأَمر فقد حذفت الهمزة وقلبت الياء أَلفاً، وهذان إعلالان

تواليا في العين واللام؛ ومثله ما حكاه سيبويه من قول بعضهم: جَا يَجِي،

فهذا إبدال العين التي هي ياء أَلفاً وحذف الهمزة تخفيفاً، فأَعلّ اللام

والعين جميعاً. وأَنا أَرَأُهُ والأَصلُ أَرْآهُ، حذَفوا الهمزةَ

وأَلْقَوْا حَرَكَتها على ما قبلَها. قال سيبويه: كلُّ شيءٍ كــانت أَوَّلَه

زائدةٌ سوى أَلف الوصل من رأَيْت فقد اجتمعت العرب على تخفيف همزه، وذلك لكثرة

استعمالهم إياه، جعلوا الهمزةَ تُعاقِب، يعني أَن كل شيءٍ كان أَوّلُه

زائدةً من الزوائد الأَربع نحو أَرَى ويَرَى ونرَى وتَرَى فإن العرب لا

تقول ذلك بالهمز أَي أَنَّها لا تقول أَرْأَى ولا يَرْأَى ولا نَرْأَى ولا

تَرْأَى، وذلك لأَنهم جعلوا همزة المتكلم في أَرَى تُعاقِبُ الهمزةَ التي

هي عين الفعل، وهي همزةُ أَرْأَى حيث كــانتــا همزتين، وإن كــانت الأُولى

زائدةً والثانية أَصليةً، وكأَنهم إنما فرُّوا من التقاء همزتين، وإن كان

بينهما حرف ساكن، وهي الراء، ثم أَتْبعوها سائرَ حروفِ المضارعة فقالوا

يَرَى ونَرَى وتَرَى كما قالوا أَرَى؛ قال سيبويه: وحكى أَبو الخطاب قدْ

أَرْآهم، يَجيءُ به على الأَصل وذلك قليل؛ قال:

أَحِنُّ إذا رَأيْتُ جِبالَ نَجْدٍ،

ولا أَرْأَى إلى نَجْدٍ سَبِيلا

وقال بعضهم: ولا أَرَى على احتمال الزَّحافِ؛ قال سُراقة البارقي:

أُرِي عَيْنَيَّ ما لم تَرْأَياهُ،

كِلانا عالِمٌ بالتُّرَّهاتِ

وقد رواه الأَخفش: ما لم تَرَياهُ، على التخفيف الشائع عن العرب في هذا

الحرف. التهذيب: وتقول الرجلُ يَرَى ذاكَ، على التخفيف، قال: وعامة كلام

العرب في يَرَى ونَرَى وأرَى على التخفيف، قال: ويعضهم يحقِّقُه فيقول،

وهو قليل، زيدٌ يَرْأَى رَأْياً حَسَناً كقولك يرعى رَعْياً حَسَناً،

وأَنشد بيت سراقة البارقي. وارْتَأَيْتُ واسْتَرْأَيْت: كرَأَيْت أَعني من

رُؤية العَين. قال اللحياني: قال الكسائي اجتمعت العرب على همز ما كان من

رَأَيْت واسْتَرْأَيْت وارْتَأََيْت في رُؤْية العين، وبعضهم يَترُك الهمز

وهو قليل، قال: وكل ما جاء في كتاب الله مَهمُوزٌ؛ وأَنشد فيمن خفف:

صاحِ، هَلْ رَيْتَ، أَو سَمِعتَ بِراعٍ

رَدَّ في الضَّرْعِ ما قَرَى في الحِلابِ؟

قال الجوهري: وربما جاء ماضيه بلا هَمزٍ، وأَنشد هذا البيت أَيضاً:

صاحِ، هَلْ رَيْتَ، أَو سَمِعتَ

ويروى: في العلاب؛ ومثله للأَحوص:

أَوْ عَرَّفُوا بصَنِيعٍ عندَ مَكْرُمَةٍ

مَضَى، ولم يَثْنِه ما رَا وما سَمِعا

وكذلك قالوا في أَرَأَيْتَ وأَرَأَيْتَكَ أَرَيْتَ وأَرَيْتَك، بلا همز؛

قال أَبو الأَسود:

أَرَيْتَ امرَأً كُنْتُ لم أَبْلُهُ

أَتاني فقال: اتَّخِذْني خَلِيلا

فترَك الهمزةَ، وقال رَكَّاضُ بنُ أَبَّاقٍ الدُّبَيْري:

فقُولا صادِقَيْنِ لزَوْجِ حُبَّى

جُعلْتُ لها، وإنْ بَخِلَتْ، فِداءَ

أَرَيْتَكَ إنْ مَنَعْتَ كلامَ حُبَّى،

أَتَمْنَعُني على لَيْلى البُكاءَ؟

والذي في شعره كلام حبَّى، والذي رُوِيَ كلام لَيْلى؛ ومثله قول الآخر:

أَرَيْتَ، إذا جالَتْ بكَ الخيلُ جَوْلةً،

وأَنتَ على بِرْذَوْنَةٍ غيرُ طائِلِ

قال: وأَنشد ابن جني لبعض الرجاز:

أَرَيْتَ، إنْ جِئْتِ به أُمْلُودا

مُرَجَّلا ويَلْبَسُ البُرُودا،

أَقائِلُنَّ أَحْضِرُوا الشُّهُودا

قال ابن بري: وفي هذا البيت الأَخير شذوذ، وهو لحاق نون التأكيد لاسم

الفاعل. قال ابن سيده: والكلامُ العالي في ذلك الهمزُ، فإذا جئتَ إلى

الأَفعال المستقبلة التي في أَوائلها الياء والتاء والنون والأَلف إجتمعت

العرب، الذين يهمزون والذين لا يهمزون، على ترك الهمز كقولك يَرَى وتَرَى

ونَرَى وأَرَى، قال: وبها نزل القرآن نحو قوله عز وجل: فتَرَى الذين في

قُلُوبِهِم مَرَض، وقوله عز وجل: فتَرَى القَوْمَ فيها صَرْعَى، وإنِّي أَرَى

في المَنامِ، ويَرَى الذين أُوتوا العلم؛ إلا تَيمَ الرِّباب فإنهم

يهمزون مع حروف المضارعة فتقول هو يَرْأَى وتَرْأَى ونَرْأَى وأَرْأَى، وهو

الأَصل، فإذا قالوا متى نَراك قالوا متى نَرْآكَ مثل نَرْعاك، وبعضٌ

يقلب الهمزة فيقول متى نَراؤكَ مثل نَراعُك؛ وأَنشد:

أَلا تلك جاراتُنا بالغَضى

تقولُ: أَتَرْأَيْنَه لنْ يضِيقا

وأَنشد فيمن قلب:

ماذا نَراؤُكَ تُغْني في أَخي رَصَدٍ

من أُسْدِ خَفَّانَ، جأْبِ الوَجْه ذي لِبَدِ

ويقال: رأَى في الفقه رأْياً، وقد تركت العرب الهمز في مستقبله لكثرته

في كلامهم، وربما احتاجت إليه فهَمَزَته؛ قال ابن سيده: وأَنشد شاعِرُ

تَيْمِ الرِّباب؛ قال ابن بري: هو للأَعْلم بن جَرادَة السَّعْدي:

أَلَمْ تَرْأَ ما لاقَيْت والدَّهْرُ أَعْصُرٌ،

ومن يَتَمَلَّ الدَّهْرَ يَرْأَ ويَسْمََعِ

قال ابن بري: ويروى ويَسْمَعُ، بالرفع على الاستئناف، لأَن القصيدة

مرفوعة؛ وبعده:

بأَنَّ عَزِيزاً ظَلَّ يَرْمي بحوزه

إليَّ، وراءَ الحاجِزَينِ، ويُفْرِعُ

يقال: أَفْرَعَ إذا أَخذَ في بطن الوادي؛ قال وشاهد ترك الهمزة ما

أَنشده أَبو زيد:

لمَّا اسْتَمَرَّ بها شَيْحانُ مُبْتَجِحٌ

بالبَيْنِ عَنْك بما يَرْآكَ شَنآنا

قال: وهو كثير في القرآن والشعر، فإذا جِئتَ إلى الأَمر فإن أَهل الحجاز

يَتْركون الهمز فيقولون: رَ ذلك، وللإثنين: رَيا ذلك، وللجماعة: رَوْا

ذلك، وللمرأَة رَيْ ذلك، وللإثنين كالرجلين، وللجمع: رَيْنَ ذاكُنَّ، وبنو

تميم يهمزون جميع ذلك فيقولون: ارْأَ ذلك وارْأَيا ولجماعة النساء

ارْأَيْنَ، قال: فإذا قالوا أَرَيْتَ فلاناً ما كان من أَمْرِه أَرَيْتَكُم

فلاناً أَفَرَيْتَكُم فلاناً فإنّ أَهل الحجاز بهمزونها، وإن لم يكن من

كلامهم الهمز، فإذا عَدَوْت أَهلَ الحجاز فإن عامَّة العَرب على ترك الهمز،

نحو أَرأَيْتَ الذي يُكَذِّبُ أَرَيْتَكُمْ، وبه قرأَ الكسائي تَرَك

الهمز فيه في جميع القرآن، وقالوا: ولو تَرَ ما أَهلُ مكة، قال أَبو علي:

أَرادوا ولو تَرى ما فَحَذَفُوا لكثرة الاسْتِعْمال. اللحياني: يقال إنه

لخَبِيثٌ ولو تَر ما فلانٌ ولو تَرى ما فلان، رفعاً وجزماً، وكذلك ولا تَرَ

ما فلانٌ ولا تَرى ما فُلانٌ

فيهما جميعاً وجهان: الجزم والرفع، فإذا قالوا إنه لَخَبِيثٌ ولم تَرَ

ما فُلانٌ قالوه بالجزم، وفلان في كله رفع وتأْويلُها ولا سيَّما فلانٌ؛

حكى ذلك عن الكسائي كله. وإذا أَمَرْتَ منه على الأَصل قلت: ارْءَ، وعلى

الحذف: را. قال ابن بري: وصوابه على الحذف رَهْ، لأَن الأَمر منه رَ

زيداً، والهمزة ساقطة منه في الاستعمال. الفراء في قوله تعالى: قُلْ

أَرَأَيْتَكُم، قال: العرب لها في أَرأَيْتَ لغتان ومعنيان: أَحدهما أَنْ يسأَلَ

الرجلُ الرجلَ: أَرأَيتَ زيداً بعَيْنِك؟ فهذه مهموزة، فإذا أَوْقَعْتَها

على الرجلِ منه قلت أَرَأَيْتَكَ على غيرِ هذه الحال، يريد هل رأَيتَ

نَفْسَك على غير هذه الحالة، ثم تُثَنِّي وتَجْمع فتقولُ للرجلين

أَرَأَيْتُماكُما، وللقوم أَرَأَيْتُمُوكُمْ، وللنسوة أَرأَيْتُنَّ كُنَّ، وللمرأَة

أَرأََيْتِكِ، بخفض التاءِ لا يجوز إلا ذلك، والمعنى الآخر أَنْ تقول

أَرأَيْتَكَ وأَنت تقول أَخْبِرْني، فتَهْمِزُها وتنصِب التاءَ منها

وتَتركُ الهمزَ إن شئت، وهو أَكثر كلام العرب، وتَتْرُكُ التاءَ مُوحَّدةً

مفتوحة للواحد والواحدة والجمع في مؤَنثه ومذكره، فنقول للمرأَة:

أَرَأَيْتَكِ زيداً هل خَرج، وللنسوة: أَرَأَيْتَكُنَّ زيداً ما فَعَل، وإنما تركت

العرب التاءَ واحدةً لأَنهم لم يريدوا أَن يكون الفعل منها واقعاً على

نفسها فاكتفوا بذكرها في الكاف ووجهوا التاء إلى المذكر والتوحيد إذا لم يكن

الفعل واقعاً، قال: ونحو ذلك قال الزجاج في جميع ما قال، ثم قال: واختلف

النحويون في هذه الكاف التي في أَرأَيتَكُمْ فقال الفراء والكسائي:

لفظها لفظُ نصبٍ وتأْويلُها تأْويلُ رَفْعٍ، قال: ومثلها الكاف التي في دونك

زيداً لأَنَّ المعنى خُذْ زيداً قال أَبو إسحق: وهذا القول لم يَقُلْه

النحويون القُدَماء، وهو خطَأٌ لأَن قولك أَرأَيْتَكَ زيداً ما شأْنُه

يُصَيِّرُ أَرَأَيْتَ قد تَعَدَّتْ إلى الكاف وإلى زيدٍ، فتصيرُ

(* قوله

«فتصير إلخ» هكذا بالأصل ولعلها فتنصب إلخ). أَرأَيْتَ اسْمَيْن فيصير المعنى

أَرأَيْتَ نفْسَكَ زيداً ما حالُه، قال:وهذا محال والذي إليه النحويون

الموثوق بعلمهم أَن الكاف لا موضع لها، وإنما المعنى أَرأَيْتَ زيداً ما

حالُه، وإنما الكاف زيادة في بيان الخطاب، وهي المعتمد عليها في الخطاب

فتقول للواحد المذكر: أَرَأَيْتَكَ زيداً ما حاله، بفتح التاء والكاف،

وتقول في المؤنث: أَرَأَيْتَك زيداً ما حالُه يا مَرْأَةُ؛ فتفتح التاء على

أَصل خطاب المذكر وتكسر الكاف لأَنها قد صارت آخرَ ما في الكلمة

والمُنْبِئَةَ عن الخطاب، فإن عدَّيْتَ الفاعل إلى المفعول في هذا الباب صارت

الكافُ مفعولةً، تقول: رأَيْتُني عالماً بفلان، فإذا سألت عن هذا الشرط قلتَ

للرجل: أَرَأَيْتَكَ عالماً بفلان، وللإثنين أَرأَيتُماكما عالَمْنِ

بفلان، وللجمع أَرَأَيْتُمُوكُمْ، لأَن هذا في تأْويل أَرأَيتُم أَنْفُسَكم،

وتقول للمرأَة: أَرأَيتِكِ عالمَة بفُلانٍ، بكسر التاء، وعلى هذا قياس

هذين البابين. وروى المنذري عن أَبي العباس قال: أَرأَيْتَكَ زيداً

قائماً، إذا اسْتَخْبَر عن زيد ترك الهمز ويجوز الهمز، وإذا استخبر عن حال

المخاطب كان الهمز الاختيار وجاز تَرْكُه كقولك: أَرَأَيْتَكَ نَفْسَك أَي ما

حالُك ما أَمْرُك، ويجوز أَرَيْتَكَ نَفْسَك. قال ابن بري: وإذا جاءت

أَرأَيْتَكُما وأَرأَيْتَكُمْ بمعنى أَخْبِرْني كــانت التاء موَحَّدة، فإن

كــانت بمعنى العِلْم ثَنَّيْت وجَمَعْت، قُلْتَ: أَرأَيْتُماكُما

خارِجَيْنِ وأَرأَيْتُمُوكُمْ خارِجِينَ، وقد تكرر في الحديث أَرأَيْتَكَ

وأَرأيْتَكُمْ وأَرأَيْتَكما، وهي كلمة تقولها العرب عند الاستخبار بمعنى

أَخبِرْني وأَخْبِراني وأَخْبِرُوني، وتاؤُها مفتوحة أَبداً.

ورجل رَءَّاءٌ: كَثيِرُ الرُّؤيَةِ؛ قال غيلان الرَّبَعي:

كأَنَّها وقَدْ رَآها الرَّءَّاءٌ

ويقال: رأَيْتُه بعَيْني رُؤيَةً ورأَيْتُه رَأْيَ العينِ أَي حيث يقع

البصر عليه. ويقال: من رأْيِ القَلْبِ ارْتَأَيْتُ؛ وأَنشد:

ألا أَيُّها المُرْتَئِي في الأُمُور،

سيَجْلُو العَمَى عنكَ تِبْيانُها

وقال أَبو زيد: إذا أَمرْتَ من رأَيْتَ قلت ارْأَ زيداً كأنَّكَ قلت

ارْعَ زيداً، فإذا أَردت التخفيف قلت رَ زيداً، فتسقط أَلف الوصل لتحريك ما

بعدها، قال: ومن تحقيق الهمز قولك رأَيْت الرجل، فإذا أَردت التخفيف قلت

رأَيت الرجل، فحرَّكتَ الأَلف بغير إشباع الهمز ولم تسقط الهمزة لأَن ما

قبلها متحرك. وفي الحديث: أَن أَبا البَخْترِي قال ترَاءَيْنا الهِلالَ

بذاتِ عِرْق، فسأَلنا ابنَ عباسٍ فقال: إنَّ رسول الله، صلى الله عليه

وسلم، مَدَّهُ إلى رُؤْيَتِه فإنْ أُغْمِيَ عليكم فأَكْمِلوا العِدَّة، قال

شمر: قوله تَراءَيْنا الهلالَ أَي تَكَلَّفْنا النَّظَر إليه هل نَراهُ

أَم لا، قال: وقال ابن شميل انْطَلِقْ بنا حتى نُِهِلَّ الهلالَ أَي

نَنْظُر أَي نراهُ. وقد تَراءَيْنا الهِلالَ أَي نظرْناه. وقال الفراء: العرب

تقول راءَيْتُ ورأَيْتُ، وقرأَ ابن عباس: يُرَاوُون الناس. وقد رأَيْتُ

تَرْئِيَةً: مثل رَعَّيْت تَرْعِيَةً. وقال ابن الأَعرابي: أَرَيْتُه

الشيءَ إراءةً وإرايَةً وإرءَاءَةً. الجوهري: أَرَيْتُه الشيءَ فرآهُ وأَصله

أَرْأَيْتُه.

والرِّئْيُ والرُّواءُ والمَرْآةُ: المَنْظَر، وقيل: الرِّئْيُ

والرُّواءُ، بالضم، حُسْنُ المَنْظر في البَهاء والجَمال. وقوله في الحديث: حتى

يتَبيَّنَ له رئيْهُما، وهو بكسر الراء وسكون الهمزة، أَي مَنْظَرُهُما

وما يُرَى منهما. وفلان مِنِّي بمَرْأىً ومَسْمَعٍ أَي بحيث أَراهُ

وأَسْمَعُ قولَه. والمَرْآةُ عامَّةً: المَنْظَرُ، حَسَناً كان أَو قَبِيحاً.

وما لهُ رُواءٌ ولا شاهِدٌ؛ عن اللحياني لم يَزِدْ على ذلك شيئاً. ويقال:

امرأَةٌ لها رُواءٌ

إذا كــانت حَسَنةَ المَرْآةِ والمَرْأَى كقولك المَنْظَرَة والمَنْظر.

الجوهري: المَرْآةُ، بالفتح على مَفْعَلةٍ، المَنْظر الحَسن. يقال: امرأَةٌ

حَسَنةُ المَرْآةِ والمَرْأَى، وفلان حسنٌ في مَرْآةِ العَين أَي في

النَّظَرِ. وفي المَثل: تُخْبِرُ عن مَجْهولِه مَرْآتُه أَي ظاهرُه يدلُّ

على باطِنِه. وفي حديث الرُّؤْيا: فإذا رجلٌ كَرِيهُ المَرْآةِ أَي قَبِيحُ

المَنْظرِ. يقال: رجل حَسَنُ المَرْأَى والمَرْآةِ حسن في مَرْآةِ

العين، وهي مَفْعَلة من الرؤية. والتَّرْئِيَةُ: حُسْنُ البَهاء وحُسْنُ

المنظرِ، اسم لا مصدر؛ قال ابن مقبل:

أَمَّا الرُّواءُ ففِينا حَدُّ تَرْئِيَةٍ،

مِثل الجِبالِ التي بالجِزْعِ منْ إضَمِ

وقوله عز وجل: هم أَحسن أَثاثاً ورِئْياً؛ قرئت رِئْياً؛ بوزن رِعْياً،

وقرئت رِيّاً؛ قال الفراء: الرِّئْيُ المَنْظَر، وقال الأَخفش: الرِّيُّ

ما ظَهَر عليه مما رأَيْت، وقال الفراء: أَهْلُ المدينة يَقْرؤُونها

رِيّاً، بغير همز، قال: وهو وجه جيد من رأَيْت لأَنَّه مع آياتٍ لَسْنَ

مهموزاتِ الأَواخِر. وذكر بعضهم: أَنَّه ذهب بالرِّيِّ إلى رَوِيت إذا لم يهمز

ونحو ذلك. قال الزجاج: من قرأَ رِيّاً، بغير همز، فله تفسيران أَحدهما

أَن مَنْظَرهُم مُرْتَوٍ من النِّعْمة كأَن النَّعِيم بِّيِّنٌ

فيهم ويكون على ترك الهمز من رأَيت، وقال الجوهري: من همزه جعله من

المنظر من رأَيت، وهو ما رأَتْهُ العين من حالٍ حسَنة وكسوة ظاهرة؛ وأَنشد

أَبو عبيدة لمحمد بن نُمَير الثقفي:

أَشاقَتْكَ الظَّعائِنُ يومَ بانُوا

بذي الرِّئْيِ الجمِيلِ منَ الأَثاثِ؟

ومن لم يهمزه إما أَن يكون على تخفيف الهمز أَو يكون من رَوِيَتْ

أَلْوانهم وجلودهم رِيّاً أَي امْتَلأَتْ وحَسُنَتْ. وتقول للمرأَة: أَنتِ

تَرَيْنَ، وللجماعة: أَنْتُنَّ تَرَيْنَ، لأَن الفعل للواحدة والجماعة سواء

في المواجهة في خَبَرِ المرأَةِ من بنَاتِ الياء، إلا أَن النون التي في

الواحدة علامة الرفع والتي في الجمع إنما هي نون الجماعة، قال ابن بري:

وفرق ثان أَن الياءَ في تَرَيْن للجماعة حرف، وهي لام الكلمة، والياء في

فعل الواحدة اسم، وهي ضمير الفاعلة المؤنثة. وتقول: أَنْتِ تَرَيْنَني، وإن

شئت أَدغمت وقلت تَرَيِنِّي، بتشديد النون، كما تقول تَضْرِبِنِّي.

واسْتَرْأَى الشيءَ: اسْتَدْعَى رُؤيَتَه. وأَرَيْتُه إياه إراءَةً وإراءً؛

المصدر عن سيبويه، قال: الهاء للتعويض، وتركها على أَن لا تعوَّض وَهْمٌ

مما يُعَوِّضُونَ بعد الحذف ولا يُعَوِّضون.

وراءَيْت الرجلَ مُراآةً ورِياءً: أَرَيْته أَنِّي على خلاف ما أَنا

عليه. وفي التنزيل: بَطَراً ورِئاءَ الناسِ، وفيه: الذين هُمْ يُراؤونَ؛

يعني المنافقين أَي إذا صَلَّى المؤمنون صَلَّوا معَهم يُراؤُونهُم أَنَّهم

على ما هم عليه. وفلان مُراءٍ وقومٌ

مُراؤُونَ، والإسم الرِّياءُ. يقال: فَعَلَ ذلك رِياءً وسُمْعَةً. وتقول

من الرِّياء يُسْتَرْأَى فلانٌ، كما تقول يُسْتَحْمَقُ ويُسْتَعْقَلُ؛

عن أَبي عمرو. ويقال: راءَى فلان الناسَ يُرائِيهِمْ مُراآةً، وراياهم

مُراياةً، على القَلْب، بمعنىً، وراءَيْته مُراآةً ورياءً قابَلْته

فرَأَيْته، وكذلك تَرَاءَيْته؛ قال أَبو ذؤيب:

أَبَى اللهُ إلا أَن يُقِيدَكَ، بَعْدَما

تَراءَيْتُموني من قَرِيبٍ ومَوْدِقِ

يقول: أَقاد الله منك عَلانيَةً ولم يُقِدْ غِيلَة. وتقول: فلان

يتَراءَى أَي ينظر إلى وجهه في المِرْآةِ أَو في السيف.

والمِرْآة: ما تَراءَيْتَ فيه، وقد أَرَيْته إياها. ورأَيْتُه

تَرْئِيَةً: عَرَضْتُها عليه أَو حبستها له ينظر نفسَه وتَراءَيْت فيها

وترَأَيْتُ. وجاء في الحديث: لا يتَمَرْأَى أَحدُكم في الماء لا يَنْظُر وَجْهَه

فيه، وَزْنُه يتَمَفْعَل من الرُّؤْية كما حكاه سيبويه من قول العرب:

تَمَسْكَنَ من المَسْكَنة، وتَمدْرَع من المَدْرَعة، وكما حكاه أَبو عبيد من

قولهم: تَمَنْدَلْت بالمِندِيل. وفي الحديث: لا يتَمَرْأَى أَحدُكُم في

الدنيا أَي لا يَنْظُر فيها، وقال: وفي رواية لا يتَمَرْأَى أَحدُكم

بالدُّنيا من الشيء المَرْئِيِّ. والمِرآةُ، بكسر الميم: التي ينظر فيها،

وجمعها المَرائي والكثير المَرايا، وقيل: من حوَّل الهمزة قال المَرايا. قال

أَبو زيد: تَراءَيْتُ في المِرآةِ تَرائِياً ورَأيْتُ الرجل تَرْئِيَةً

إذا أَمْسَكْتَ له المِرآةَ لِيَنْظُر فيها. وأَرْأَى الرجلُ إِذا تراءَى

في المِرآة؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:

إِذا الفَتى لم يَرْكَبِ الأَهْوالا،

فأَعْطِه المِرآة والمِكْحالا،

واسْعَ له وعُدَّهُ عِيالا

والرُّؤْيا: ما رأَيْته في منامِك، وحكى الفارسي عن أَبي الحسن رُيَّا،

قال: وهذا على الإِدغام بعد التخفيف البدلي، شبهوا واو رُويا التي هي في

الأَصل همزة مخففة بالواو الأَصلية غير المقدَّر فيها الهمز، نحو لوَيْتُ

لَيّاً وشَوَيْتُ شَيّاً، وكذلك حكى أَيضاً رِيَّا، أَتبع الياء الكسرة

كما يفعل ذلك في الياء الوضعية. وقال ابن جني: قال بعضهم في تخفيف رُؤْيا

رِيَّا، بكسر الراء، وذلك أَنه لما كان التخفيف يصيِّرها إِلى رُويَا ثم

شبهت الهمزة المخففة بالواو المخلصة نحو قولهم قَرْنٌ أَلْوى وقُرُونٌ

لُيٌّ وأَصلها لُويٌ، فقلبت الواو إِلى الياء بعدها ولم يكن أَقيسُ

القولين قَلْبَها، كذلك أَيضاً كسرت الراء فقيل رِيَّا كما قيل قُرون لِيٌّ،

فنظير قلب واو رؤيا إِلحاقُ

التنوين ما فيه اللامُ، ونظير كسر الراءِ إِبدالُ الأَلف في الوقف على

المنوّن المنصوب مما فيه اللام نحو العِتابا، وهي الرُّؤَى. ورأَيتُ عنك

رُؤىً حَسَنَةً: حَلَمتها. وأَرْأَى الرجلُ إِذا كثرت رُؤَاهُ، بوزن

رُعاهُ، وهي أَحْلامه، جمعُ الرُّؤْيا. ورأَى في منامه رُؤْيا، على فُعْلى بلا

تنوين، وجمعُ الرُّؤْيا رُؤىً، بالتنوين، مثل رُعىً؛ قال ابن بري: وقد

جاء الرُّؤْيا في اليَقَظَة؛ قال الراعي:

فكَبَّر للرُّؤْيا وهَشَّ فُؤادُه،

وبَشَّرَ نَفْساً كان قَبْلُ يَلُومُها

وعليه فسر قوله تعالى: وما جعلنا الرُّؤْيا التي أَرَيْناكَ إِلا

فِتْنةً للناس؛ قال وعليه قول أَبي الطَّيِّبِ:

ورُؤْياكَ أَحْلى، في العُيون، من الغَمْضِ

التهذيب: الفراء في قوله، عز وجل: إِن كنتم للرُّؤْيا تَعْْبُرُونَ؛

إِذا تَرَكَتِ العربُ الهمز من الرؤيا قالوا الرُّويا طلباً للخفة، فإِذا

كان من شأْنهم تحويلُ الواو إِلى الياء قالوا: لا تقصص رُيَّاك، في الكلام،

وأَما في القرآن فلا يجوز؛ وأَنشد أَبو الجراح:

لَعِرْضٌ من الأَعْراض يُمْسِي حَمامُه،

ويُضْحي على أَفنانهِ الغِينِ يَهْتِفُ

أَحَبُّ إِلى قَلْبي من الدِّيكِ رُيَّةً

(* قوله «رية» تقدم في مادة عرض: رنة، بالراء المفتوحة والنون، ومثله في

ياقوت).

وبابٍ، إِذا ما مالَ للغَلْقِ يَصْرِفُ

أَراد رُؤْيةً، فلما ترك الهمز وجاءت واو ساكنة بعدها ياء تحولتا ياء

مشددة، كما يقال لَوَيْتُه لَيّاً وكَوَيْتُه كَيّاً، والأَصل لَوْياً

وكَوْياً؛ قال: وإِن أَشرتَ فيها إِلى الضمة فقلت رُيَّا فرفعت الراء فجائز،

وتكون هذه الضمة مثل قوله وحُيِلَ وسُيِق بالإِشارة. وزعم الكسائي أَنه

سمع أَعربيّاً يقرأ: إِن كنتم للرُّيَّا تَعْبُرون. وقال الليث: رأَيتُ

رُيَّا حَسَنة، قال: ولا تُجْمَعُ الرُّؤْيا، وقال غيره: تجمع الرُّؤْيا

رُؤىً كما يقال عُلْياً وعُلىً.

والرَّئِيُّ والرِّئِيُّ: الجِنِّيُّ يراه الإِنسانُ. وقال اللحياني: له

رَئيٌّ من الجن ورِئِيٌّ إِذا كان يُحِبه ويُؤَالِفُه، وتميم تقول

رِئِيٌّ، بكسر الهمزة والراء، مثل سِعيد وبِعِير. الليث: الرَّئِيُّ جَنِّيّ

يتعرض للرجل يُريه كهانة وطِبّاً، يقال: مع فلان رَئِيُّ. قال ابن

الأَنباري: به رَئِيٌّ من الجن بوزن رَعِيّ، وهو الذي يعتاد الإِنسان من الجنّ.

ابن الأَعرابي: أَرْأَى الرجلُ إِذا صار له رَئِيٌّ من الجنّ. وفي حديث

عمر، رضي الله عنه: قال لِسَوادِ بنِ قارِبٍ أَنتَ الذي أَتاكَ رَئِيُّكَ

بِظُهور رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم؟ قال: نَعَمْ. يقال للتابع من

الجن: رَئِيٌّ بوزن كَمِيٍّ، وهو فَعِيلٌ أَو فَعُولٌ، سُمِّي به لأَنه

يَتَراءى لمَتْبوعه أَو هو من الرَّأْيِ، من قولهم فلانٌ رَئِيُّ قومِهِ

إِذا كان صاحب رأْيِهِم، قال: وقد تكسر راؤه لاتباعها ما بعدها؛ ومنه حديث

الخُدْري: فإِذا رَئِيٌّ مثل نحْيٍ، يعني حية عظِيمَةً كالزِّقِّ، سمّاها

بالرَّئِيِّ الجِنِّ لأَنهم يزعمون أَن الحيَّاتِ من مَسْخِ الجِنِّ،

ولهذا سموه شيطاناً وحُباباً وجانّاً. ويقال: به رَئِيٌّ من الجنّ أَي

مَسٌّ. وتَراءى له شيء من الجن، وللاثنين تراءيا، وللجمع تَراءَوْا.

وأَرْأَى الرجلُ إِذا تَبَّيَنت الرَّأْوَة في وجْهِه، وهي الحَماقة.

اللحياني: يقال على وجهه رَأْوَةُ الحُمْقِ إِذا عَرَفْت الحُمْق فيه قبل

أَن تَخْبُرَهُ. ويقال: إِن في وجهه لرَأْوَةً أَي نَظْرَة ودَمامَةً؛ قال

ابن بري: صوابه رَأْوَةَ الحُمْقِ. قال أَبو علي: حكى يعقوب على وجهه

رَأْوَةٌ، قال: ولا أَعرف مثلَ هذه الكلمة في تصريف رَأْى. ورَأْوَةُ

الشيء: دلالَتُه. وعلى فُلان رَأْوَةُ الحُمْقِ أَي دَلالَته. والرَّئِيُّ

والرِّئِيُّ: الثوب يُنْشَر للبَيْع؛ عن أَبي عليّ. التهذيب: الرِّئْيُ بوزن

الرِّعْيِ، بهمزة مسَكَّنَةٍ، الثوبُ الفاخر الذي يُنشَر ليُرى حُسْنُه؛

وأَنشد:

بِذِي الرِّئْيِ الجَميلِ من الأَثاثِ

وقالوا: رَأْيَ عَيْني زيدٌ فَعَلَ ذلك، وهو من نادِرِ

المصادِرِ عند سيبويه، ونظيره سَمْعَ أُذُنِي، ولا نظير لهما في

المُتَعَدِّيات. الجوهري: قال أَبو زيد بعينٍ مَا أَرَيَنَّكَ أَي اعْجَلْ

وكُنْ كأَنِّي أَنْظُر إِلَيْكَ. وفي حديث حنَظلة: تُذَكِّرُنا بالجَنَّةِ

والنَّارِ كأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ. تقول: جعلتُ الشَّيْءَ رَأْيَ عَيْنِك

وبمَرْأَىً مِنْكَ أَي حِذاءَكَ ومُقابِلَك بحيث تراه، وهو منصوب على

المصدر أَي كأَنَّا نراهُما رَأْيَ العَيْنِ.

والتَّرْئِيَةُ، بوزن التَّرْعِيةِ: الرجلُ المُخْتال، وكذلك

التَّرائِيَة بوزْنِ التَّراعِيَة.

والتَّرِيَّة والتَّرِّيَّة والتَّرْيَة، الأَخيرة نادرة: ما تراه

المرأَة من صُفْرةٍ أَو بَياضٍ أَو دمٍ قليلٍ عند الحيض، وقد رَأَتْ، وقيل:

التَّرِيَّة الخِرْقَة التي تَعَْرِفُ بها المرأَةُ حَيْضَها من طهرها، وهو

من الرُّؤْيَةِ. ويقال للمَرْأَةِ: ذاتُ التَّرِيَّةِ، وهي الدم القليل،

وقد رَأَتْ تَرِيَّةً أَي دَماً قليلاً. الليث: التَّرِّيَّة مشدَّدة

الراء، والتَّرِيَّة خفيفة الراء، والتَّرْية بجَزْمِ الراء، كُلُّها لغات

وهو ما تراه المرأَةُ من بَقِيَّة مَحِيضِها من صُفْرة أَو بياض؛ قال

أَبو منصور: كأَنّ الأَصل فيه تَرْئِيَةٌ، وهي تَفْعِلَةٌ من رأَيت، ثم

خُفِّفَت الهَمْزة فقيل تَرْيِيَةٌ، ثم أُدْغِمَت الياءُ في الياء فقيل

تَرِيَّة. أَبو عبيد: التَّرِيَّةُ في بقية حيض المرأَة أَقَلُّ من الصفرة

والكُدْرَة وأَخْفَى، تَراها المرأَةُ عند طُهْرِها لِتَعْلم أَنَّها قَدْ

طَهُرَت من حَيْضِها، قال شمر: ولا تكون التَّرِيّة إِلا بعد الاغتسال،

فأَما ما كان في أَيام الحيض فليس بتَرِيَّة وهو حيض، وذكر الأَزهري هذا

في ترجمة التاء والراء من المعتل. قال الجوهري: التَّرِيَّة الشيءُ

الخَفِيُّ اليَسيِرُ من الصُّفْرة والكْدْرة تَراها المرأَةُ بعد الاغْتِسال من

الحَيْضِ. وقد رَأَتِ المرأَة تَرِيئَةً إِذا رَأَت الدم القليلَ عند

الحيض، وقيل: التَّرِيَّة الماءُ الأَصْفَر الذي يكون عند انقطاع الحيض.

قال ابن بري: الأَصل في تَرِيَّة تَرْئِيَة، فنقلت حركة الهمزة على الراء

فبقي تَرِئْيَة، ثم قلبت الهمزة ياء لانكسار ما قبلها كما فعلوا مثل ذلك

في المَراة والكَماة، والأَصل المَرْأَة، فنقلت حركة الهمزة إِلى الراء

ثم أُبدلت الهمزة أَلفاً لانفتاح ما قبلها. وفي حديث أُمّ عطية: كُنَّا

لا نَعُدُّ الكُدْرة والصُّفْرة والتَّرِيَّة شيئاً، وقد جمع ابن الأَثير

تفسيره فقال: التَّرِيَّة، بالتشديد، ما تراه المرأَة بعد الحيض

والاغتسال منه من كُدْرة أَو صُفْرة، وقيل: هي البياض الذي تراه عند الطُّهْر،

وقيل: هي الخِرْقة التي تَعْرِف بها المرأَة حيضَها من طُهْرِها، والتاءُ

فيها زائدة لأَنه من الرُّؤْية، والأَصل فيها الهمز، ولكنهم تركوه

وشدَّدوا الياءَ فصارت اللفظة كأَنها فعيلة، قال: وبعضهم يشدّد الراءَ والياء،

ومعنى الحديث أَن الحائض إِذا طَهُرت واغْتَسَلت ثم عادت رَأَتْ صُفْرة

أَو كُدْرة لم يُعْتَدَّ بها ولم يُؤَثِّر في طُهْرها.

وتَراءَى القومُ: رَأَى بعضُهُم بعضاً. وتَراءَى لي وتَرَأَّى؛ عن ثعلب:

تَصَدَّى لأَرَاهُ. ورَأَى المكانُ المكانَ: قابَلَه حتى كَأَنَّه

يَراهُ؛ قال ساعدة:

لَمَّا رَأَى نَعْمانَ حَلَّ بِكِرْفِئٍ

عَكِرٍ، كما لَبَجَ النُّزُولَ الأَرْكُبُ

وقرأَ أَبو عمرو: وأَرْنا مَنَاسِكَنا، وهو نادِرٌ لما يلحق الفعلَ من

الإِجْحاف. وأَرْأَتِ الناقَةُ والشاةُ من المَعَز والضَّأْنِ، بتَقْدِير

أَرْعَتْ، وهي مُرْءٍ ومُرْئِيَةٌ: رؤِيَ في ضَرْعها الحَمْلُ واسْتُبينَ

وعَظُمَ ضَرْعُها، وكذلك المَرْأَة وجميعُ الحَوامِل إِلا في الحَافِر

والسَّبُع. وأَرْأَت العَنْزُ: وَرِمَ حَياؤُها؛ عن ابن الأَعرابي،

وتَبَيَّنَ ذلك فيها. التهذيب: أَرْأَت العَنْزُ خاصَّة، ولا يقال لِلنَّعْجة

أَرْأَتْ، ولكن يقال أَثْقَلَت لأَن حَياءَها لا يَظْهَر. وأَرْأَى

الرجلُ إِذا اسْوَدَّ ضَرْعُ شاتِهِ. وتَرَاءَى النَّحْلُ: ظَهَرَت أَلوانُ

بُسْرِهِ؛ عن أَبي حنيفة، وكلُّه من رُؤْيَةِ العين. ودُورُ

القوم مِنَّا رِثَاءٌ أَي مُنْتَهَى البَصَر حيثُ نَرَاهُم. وهُمْ

مِنِّي مَرْأىً ومَسْمَعٌ، وإِن شئتَ نَصَبْتَ، وهو من الظروف المخصوصة التي

أُجْرِيَتْ مُجْرَى غير المخصوصة عند سيبويه، قال: وهو مثل مَناطَ

الثُّرَيَّا ومَدْرَجَ السُّيُول، ومعناه هو مِنِّي بحيثُ أَرَاهُ

وأَسْمَعُه. وهُمْ رِئَاءُ أَي أَلْفٍ زُهَاءُ أَلْفٍ فيما تَرَى العَيْنُ. ورأَيت

زيداً حَلِيماً: عَلِمْتُه، وهو على المَثَل برُؤْيَةِ العَيْن. وقوله

عز وجل: أَلَمْ تَرَ إِلى الذين أُوتُوا نَصِيباً من الكتاب؛ قيل: معناه

أَلَمْ تَعْلَم أَي أَلَمْ

يَنْتَهِ عِلْمُكَ إِلى هَؤُلاء، ومَعْناه اعْرِفْهُم يعني علماء أَهل

الكتاب، أَعطاهم الله عِلْم نُبُوّةِ النبي، صلى الله عليه وسلم، بأَنه

مكتوب عندهم في التوراة والإِنجيل يَأْمرُهم بالمَعْروف ويَنْهاهُمْ عن

المُنْكر، وقال بعضهم: أَلَمْ ترَ أَلَمْ تُخْبِرْ، وتأْويلُهُ سُؤالٌ فيه

إِعْلامٌ، وتَأْوِيلُه أَعْلِنْ قِصَّتَهُم، وقد تكرر في الحديث: أَلَمْ

تَرَ إِلى فلان، وأَلَمْ تَرَ إِلى كذا، وهي كلمة تقولها العربُ عند

التَّعَجُّب من الشيء وعند تَنْبِيهِ المخاطب كقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ

إِلى الذينَ خَرجُوا من دِيارِهْم، أَلَمْ تَرَ إِلى الذين أُوتوا

نَصِيباً من الكتاب؛ أَي أَلَمْ تَعْجَبْ لِفِعْلِهِم، وأَلَمْ يَنْتَه

شأْنُهُم إِليك. وأَتاهُم حِينَ جَنَّ رُؤْيٌ رُؤْياً ورَأْيٌ رَأْياً أَي حينَ

اختَلَطَ الظَّلام فلَمْ يَتَراءَوْا. وارْتَأَيْنا في الأَمْرِ

وتَراءَيْنا: نَظَرْناه. وقوله في حديث عمر، رضي الله عنه، وذَكَر المُتْعَة:

ارْتَأَى امْرُؤٌ بعدَ ذلك ما شاءَ أَنْ يَرْتَئِيَ أَي فكَّر وتَأَنَّى،

قال: وهو افْتَعَل من رُؤْيَة القَلْب أَو من الرَّأْيِ. ورُوِي عن النبي،

صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: أَنا بَرِيءٌ من كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ

مُشْرِكٍ، قيل: لِمَ يا رسول الله؟ قال: لا تَراءَى نَارَاهُما؛ قال ابنُ

الأَثِير: أَي يَلْزَمُ المُسْلِمَ ويجب عليه أَن يُباعِدَ مَنْزِلَه عن

مَنْزِل المُشْرِك ولا يَنْزِل بالموضع الذي إِذا أُوقِدَتْ فيه نارُه

تَلُوح وتَظْهَرُ لِنَارِ

المُشْرِكِ إِذا أَوْقَدَها في مَنْزِله، ولكنه يَنْزِل معَ

المُسْلِمِين في دَارِهِم، وإِنما كره مُجاوَرَة المشركين لأَنهم لا عَهْدَ لهم

ولا أَمانَ، وحَثَّ المسلمين على الهِجْرة؛ وقال أَبو عبيد: معنى الحديث

أَنَّ المسلم لا يَحِلُّ له أَن يَسْكُنَ بلادَ المُشْرِكين فيكونَ مَعَهم

بقْدر ما يَرَى كلُّ واحدٍ منهم نارَ صاحِبه. والتَّرَائِي: تفاعُلٌ من

الرؤية. يقال: تَراءَى القومُ إِذا رَأَى بعضُهُم بعضاً. وتَراءى لي

الشيءُ أَي ظَهَر حتى رَأَيْته، وإِسناد التَّرائِي إِلى النَّارَيْن مجازٌ من

قولهم دَارِي تَنْظُر إِلى دارِ فلان أَي تُقابِلُها، يقول ناراهما

مُخْتَلِفتانِ، هذه تَدْعو إِلى الله وهذه تدعو إِلى الشيطان، فكيف

تَتَّفِقانِ؟ والأَصل في تَراءَى تَتَراءَى فحذف إِحدى التاءين تخفيفاً. ويقال:

تَراءَينا فلاناً أَي تَلاقَيْنا فَرَأَيْتُه ورَآني. وقال أَبو الهيثم في

قوله لا تَراءَى نارَاهُما: أَي لا يَتَّسِمُ المُسْلِم بسِمَةِ

المُشْرِك ولا يَتَشَبَّه به في هَدْيِه وشَكْلِهِ ولا يَتَخَلّق بأَخْلاقِه، من

قولك ما نَارُ بَعِيرِكَ أَي ما سِمةُ بعِيرِكَ. وقولهم: دَارِي تَرَى

دارَ فلانٍ أَي تُقابِلُها؛ وقال ابن مقبل:

سَلِ الدَّار مِنْ جَنْبَيْ حَبِيرٍ، فَواحِفِ،

إِلى ما رأَى هَضْبَ القَلِيبِ المصَبَّحِ

أَراد: إِلى ما قابَلَه. ويقال: مَنازِلُهم رِئَاءٌ على تقدير رِعَاء

إِذا كــانت مُتَحاذِيةً؛ وأَنشد:

لَيالِيَ يَلْقَى سرْبُ دَهْماء سِرْبَنَا،

ولَسْنا بِجِيرانٍ ونَحْنُ رِئَاءُ

ويقال: قَوْمِ رِئَاءٌ يقابلُ بعضُهُم بعضاً، وكذلك بُيوتُهُم رِئَاءٌ.

وتَرَاءَى الجَمْعانِ: رَأَى بعضُهُم بعضاً. وفي حديث رَمَلِ

الطَّوافِ: إِنما كُنَّا راءَيْنا به المشركين، هو فاعَلْنا من

الرُّؤْية أَي أَرَيْناهم بذلك أَنَّا أَقْوِياء. وفي حديث النبي، صلى الله عليه

وسلم: إِنَّ أَهلَ الجَنَّةِ ليَتَراءَوْنَ أَهلَ عِلِّيِّين كما

تَرَوْنَ الكَوْكَب الدُّرِّيَّ في كَبِدِ السماء؛ قال شمر: يتَراءَوْنَ أَي

يتَفاعَلون أَي يَرَوْنَ، يَدُلُّ على ذلك قولُه كما تَرَوْن.

والرَّأْيُ: معروفٌ، وجمعه أَرْآءٌ، وآراءٌ أَيضاً مقلوب، ورَئِيٌّ على

فَعِيل مثل ضَأْنٍ وضَئِينٍ. وفي حديث الأَزرق بن قيس: وفِينا رجُلٌ له

رَأْيٌ. يقال: فلانٌ من أَهل الرَّأْي أَي أَنه يَرَى رَأْيَ الخوارج

ويقول بمَذْهَبِهم، وهو المراد ههنا، والمُحَدِّثون يُسَمُّون أَصحابَ

القياسِ أَصحابَ الرَّأْي يَعْنُون أَنهم يأْخذون بآرائِهِم فيما يُشْكِلُ من

الحديث أَو ما لم يَأْتِ فيه حديث ولا أَثَرٌ. والرَّأْيُ: الاعتِقادُ،

اسمٌ لا مصدرٌ، والجمع آراءٌ؛ قال سيبويه: لم يكَسَّر على غير ذلك، وحكى

اللحياني في جمعه أَرْءٍ مثل أَرْعٍ ورُئِيٌّ ورِئِيُّ. ويقال: فلان

يتَراءَى بِرَأْيِ

فلان إِذا كان يَرَى رَأْيَه ويَمِيلُ إِليه ويَقْتَدي به؛ وأَما ما

أَنشده خَلَفٌ الأَحمر من قول الشاعر:

أَما تَراني رَجُلاً كما تَرَى

أَحْمِلُ فَوْقي بِزَّنِي كما تَرَى

على قَلُوص صعبة كما تَرَى

أَخافُ أَن تَطْرَحَني كما تَرَى

فما تَرى فيما تَرَى كما تَرَى

قال ابن سيده: فالقول عندي في هذه الأَبيات أَنها لو كــانت عدَّتُها

ثلاثة لكان الخطب فيها أَيسر، وذلك لأَنك كنت تجعل واحداً منها من رُؤْية

العَيْنِ كقولك كما تُبْصِر، والآخر من رُؤْية القَلْبِ في معنى العلم فيصير

كقولك كما تَعْلم، والثالث من رأَيْت التي بمعنى الرَّأْي الاعتقاد

كقولك فلان يرَى رَأْي الشُّراةِ أَي يعتَقِدُ اعْتِقادَهم؛ ومنه قوله عز

وجل: لتَحْكُم بين الناسِ

بما أَرَاكَ اللهُ؛ فحاسَّةُ البَصَر ههنا لا تتَوَجَّه ولا يجوز أَن

يكون بمعنى أَعْلَمَك الله لأَنه لو كان كذلك لوَجَب تعدِّيه إِلى ثلاثة

مَفْعولِين، وليس هناك إِلا مفعولان: أَحدهما الكاف في أَراك، والآخر

الضمير المحذوف للغائب أَي أَراكَه، وإِذا تعدَّت أَرى هذه إلى مفعولين لم

يكن من الثالث بُدُّ، أَوَلا تَراكَ تقول فلان يَرَى رأْيَ الخوارج ولا

تَعْني أَنه يعلم ما يَدَّعون هُمْ عِلْمَه، وإِنما تقول إِنه يعتقد ما

يعتقدون وإِن كان هو وهم عندك غير عالمين بأَنهم على الحق، فهذا قسم ثالث

لرأَيت، قال ابن سيده: فلذلك قلنا لو كــانت الأَبيات ثلاثة لجاز أَن لا يكون

فيها إِيطاء لاختلاف المعاني وإِن اتفقت الأَلفاظ، وإِذْ هِي خمسة فظاهر

أَمرها أَن تكون إِيطاء لاتفاق الأَلفاظ والمعاني جميعاً، وذلك أَن العرب

قد أَجرت الموصول والصلة مُجْرى الشيء الواحد ونَزَّلَتْهما منزلة الخبر

المنفرد، وذلك نحو قول الله عز وجل: الذي هو يُطْعِمُني ويَسْقِينِ

وإِذا مَرِضْتُ فهُو يَشْفِينِ والذي يُميتُني ثم يُحْيِينِ والذي أَطْمَعُ

أَنْ يَغْفِرَ لي خطيئَتي يومَ الدِّينِ؛ لأَنه سبحانه هو الفاعل لهذه

الأَشياء كلها وحده، والشيء لا يُعْطَف على نفسِه، ولكن لما كــانت الصلة

والموصول كالخبر الواحد وأَراد عطف الصلة جاء معها بالموصول لأَنهما كأَنهما

كلاهما شيء واحد مفرد؛ وعلى ذلك قول الشاعر:

أَبا ابْنَةَ عبدِ الله وابْنَةَ مالِكٍ،

ويا ابْنَةَ ذي الجَدَّينِ والفَرَسِ الوَرْدِ

إِذا ما صَنَعْتِ الزَّادَ، فالْتَمِسي لهُ

أَكِيلاً، فإِني لسْتُ آكُلُه وَحْدي

فإِنما أَراد: أَيا ابْنة عبدِ الله ومالِكٍ وذي الجَدّين لأَنها

واحدةٌ، أَلا تَراهُ يقول صنعتِ ولم يَقُلْ صنعتُنَّ؟ فإِذا جازَ هذا في المضاف

والمضاف إِليه كان في الصِّلَةِ والموصولِ

أَسْوَغَ، لأَنَّ اتِّصالَ الصِّلَةِ بالموصول أَشدُّ من اتصال المضافِ

إِليه بالمُضاف؛ وعلى هذا قول الأَعرابي وقد سأَله أَبو الحسن الأَخفشُ

عن قول الشاعر:

بَناتُ وَطَّاءٍ على خَدِّ اللَّيْل

فقال له: أَين القافية؟ فقال: خدّ الليلْ؛ قال أَبو الحسن الأَخفش:

كأَنه يريد الكلامَ الذي في آخر البيت قلَّ أَو كَثُر، فكذلك أَيضاً يجعل ما

تَرَى وما تَرَى جميعاً القافية، ويجعل ما مَرَّةً مصدراً ومرة بمنزلة

الذي فلا يكون في الأَبيات إِيطاء؛ قال ابن سيده: وتلخيص ذلك أَن يكون

تقديرها أَما تراني رجلاً كُرؤْيَتِك أَحمل فوقي بزتي كمَرْئِيِّك على قلوص

صعبة كعِلْمِكَ أَخاف أَن تطرحني كمَعْلُومك فما ترى فيما ترى

كمُعْتَقَدِك، فتكون ما ترى مرة رؤية العين، ومرة مَرْئِيّاً، ومرة عِلْماً ومرة

مَعلوماً، ومرة مُعْتَقَداً، فلما اختلفت المعاني التي وقعت عليها ما

واتصلت بها فكــانت جزءاً منها لاحقاً بها صارت القافية وما ترى جميعاً، كما

صارت في قوله خدّ الليل هي خدّ الليل جميعاً لا الليل وحده؛ قال: فهذا

قياس من القوّة بحيث تراه، فإِن قلت: فما رويّ هذه الأَبيات؟ قيل: يجوز أَن

يكون رَوّيها الأَلفَ فتكون مقصورة يجوز معها سَعَى وأتى لأَن الأَلف

لام الفعل كأَلف سَعَى وسَلا، قال: والوجه عندي أَن تكون رائِيَّة

لأَمرين: أَحدهما أَنها قد التُزِمَت، ومن غالب عادة العرب أَن لا تلتزم أَمراً

إِلا مع وجوبه، وإِن كــانت في بعض المواضع قد تتَطوَّع بالتزام ما لا يجب

عليها وذلك أَقل الأَمرين وأَدْوَنُهما، والآخر أَن الشعر المطلق أَضعاف

الشعر المقيد، وإِذا جعلتها رائية فهي مُطْلقة، وإذا جعلتها أَلِفِيَّة

فهي مقيدة، أَلا ترى أَن جميع ما جاء عنهم من الشعر المقصور لا تجد العرب

تلتزم فيه ما قبل الأَلف بل تخالف ليعلم بذلك أَنه ليس رَوِيّاً؟ وأَنها

قد التزمت القصر كما تلتزم غيره من إِطلاق حرف الروي، ولو التزمت ما قبل

الأَلف لكان ذلك داعياً إِلى إِلْباس الأَمر الذي قصدوا لإِيضاحِه،

أَعني القصرَ الذي اعتمدوه، قال: وعلى هذا عندي قصيدة يزيدَ بنِ الحَكَم،

التي فيها مُنْهَوي ومُدَّوي ومُرْعَوي ومُسْتَوي، هي واويَّة عندنا

لالتزامه الواو في جميعها والياءاتُ بعدها وُصُول لما ذكرنا. التهذيب: اليث

رَأْي ا لقَلْب والجمعُ الآراءُ. ويقال: ما أَضلَّ آراءَهم وما أَضلَّ

رأْيَهُمْ. وارْتَآهُ هو: افْتَعَل من الرَّأْي والتَّدْبِير. واسْتَرْأَيْتُ

الرُّجلَ في الرَّأْيِ أَي اسْتَشَرْتُه وراءَيْته. وهو يُرائِيهِ أَي

يشاوِرُه؛ وقال عمران بن حطَّان:

فإِن تَكُنْ حين شاوَرْناكَ قُلْتَ لَنا

بالنُّصْحِ مِنْكَ لَنَا فِيما نُرائِيكا

أَي نستشيرك. قال أَبو منصور: وأَما قول الله عزَّ وجل: يُراؤُونَ

الناسَ، وقوله: يُراؤُونَ ويَمْنَعُون الماعونَ، فليس من المشاورة، ولكن معناه

إِذا أَبْصَرَهُم الناس صَلَّوا وإِذا لم يَرَوْهم تركوا الصلاةَ؛ ومن

هذا قول الله عزَّ وجل: بَطَراً ورِئَاءَ الناسِ؛ وهو المُرَائِي كأَنه

يُرِي الناس أَنه يَفْعَل ولا يَفْعَل بالنية. وأَرْأَى الرجلُ إِذا

أَظْهَر عملاً صالِحاً رِياءً وسُمْعَة؛ وأَما قول الفرزدق يهجو قوماً

ويَرْمِي امرأَة منهم بغير الجَمِيلِ:

وبات يُراآها حَصاناً، وقَدْ جَرَتْ

لَنا بُرَتَاهَا بِالَّذِي أَنَا شَاكِرُه

قوله: يُراآها يظن أَنها كذا، وقوله: لنا بُرَتاها معناه أَنها أَمكنته

من رِجْلَيْها. وقال شمر: العرب تقول أَرَى اللهُ بفلان أَي أَرَى اللهُ

الناسَ بفلان العَذَابَ والهلاكَ، ولا يقال ذلك إِلاَّ في الشَّرِّ؛ قال

الأَعشى:

وعَلِمْتُ أَنَّ اللهَ عَمْـ

ـداً خَسَّها، وأَرَى بِهَا

يَعْنِي قبيلة ذكَرَها أَي أَرَى اللهُ بها عَدُوَّها ما شَمِتَ به.

وقال ابن الأَعرابي: أَي أَرَى الله بها أَعداءَها ما يَسُرُّهم؛

وأَنشد:أَرَانَا اللهُ بالنَّعَمِ المُنَدَّى

وقال في موضع آخر: أَرَى اللهُ بفلان أَي أَرَى به ما يَشْمَتُ به

عَدُوُّه. وأَرِنِي الشَّيءَ: عاطِنيهِ، وكذلك الاثنان والجمع والمؤَنث، وحكى

اللحياني: هو مَرآةً أَنْ يَفْعَلَ كذا أَي مَخْلَقة، وكذلك الاثنان

والجمع والمؤَنث، قال: هو أَرْآهُمْ لأَنْ يَفَعَلَ ذلك أَي أَخْلَقُهُم.

وحكى ابن الأَعرابي: لَوْ تَرَ ما وأَو تَرَ ما ولَمْ تَرَ ما، معناه كله

عنده ولا سِيَّما.

والرِّئَة، تهمز ولا تهمز: مَوْضِع النَّفَس والرِّيحِ من الإِنْسانِ

وغيره، والجمع رِئَاتٌ ورِئُون، على ما يَطّرِد في هذا النحو؛ قال:

فَغِظْنَاهُمُ، حتَّى أَتَى الغَيْظُ مِنْهُمُ

قُلوباً، وأَكْباداً لهُم، ورِئِينَا

قال ابن سيده: وإِنما جاز جمع هذا ونحوه بالواو والنون لأَنها أَسماء

مَجْهودة مُنْتَقَصَة ولا يُكَسَّر هذا الضَّرب في أَوَّلِيَّته ولا في حد

التسمية، وتصغيرها رُؤيَّة، ويقال رُويَّة؛ قال الكميت:

يُنازِعْنَ العَجاهِنَةَ الرِّئِينَا

ورَأَيْته: أَصَبْت رِئَته. ورُؤِيَ رَأْياً: اشْتكى رِئَته. غيره:

وأَرْأَى الرجلُ إِذا اشْتَكى رِئَته. الجوهري: الرِّئَة السَّحْرُ، مهموزة،

ويجمع على رِئِينَ، والهاءُ عوضٌ من الياء المَحْذوفة. وفي حديث لُقْمانَ

بنِ عادٍ: ولا تَمْلأُ رِئَتِي جَنْبِي؛ الرِّئَة التي في الجَوْف:

مَعْروفة، يقول: لست بِجَنان تَنْتَفِخُ رِئَتي فَتَمْلأُ جَنْبي، قال: هكذا

ذكرها الهَرَوي. والتَّوْرُ يَرِي الكَلْبَ إِذا طَعَنَه في رِئَتِه. قال

ابن بُزُرج: ورَيْته من الرِّئَةِ، فهو مَوْرِيّ، ووَتَنْته فهو

مَوْتونٌ وشَويْته فهو مَشْوِيّ إِذا أَصَبْت رِئَتَه وشَوَاتَه ووَتِينِه. وقال

ابن السكيت: يقال من الرِّئة رَأَيْته فهو مَرْئيٌّ إِذا أَصَبْته في

رِئَته. قال ابن بري: يقال للرجل الذي لا يَقْبَل الضَّيم حامِضُ

الرِّئَتَين؛ قال دريد:

إِذا عِرْسُ امْرِئٍ شَتَمَتْ أَخاهُ،

فَلَيْسَ بحامِضِ الرِّئَتَيْن مَحْضِ

ابن شميل: وقد وَرَى البعيرَ الدَّاءُ أَي وقع في رِئَتِه وَرْياً.

ورَأَى الزندُ: وَقَدَ؛ عن كراع، ورَأَيْته أَنا؛ وقول ذي الرمة:

وجَذْب البُرَى أَمْراسَ نَجْرانَ رُكِّبَتْ

أَوَاخِيُّها بالمُرْأَياتِ الرَّواجِفِ

يعني أَواخِيَّ الأَمْراسِ، وهذا مثل، وقيل في تفسيره: رَأْسٌ مُرْأىً

بوزن مُرْعًى طويلُ الخَطْمِ فيه شبِيةٌ بالتَّصْويب كهَيْئة الإِبْرِيقِ؛

وقال نصير:

رُؤُوسٌ مُرْأَياتٌ كَأَنَّها قَراقِيرُ

قال: وهذا لا أَعرف له فعلاً ولا مادَّة. وقال النضر: الإِرْآءُ

انْتِــكابُ خَطْمِ البعيرِ على حَلْقِه، يقال: جَمَلٌ مُرأىً وجِمال مُرْآةٌ.

الأَصمعي: يقال لكل ساكِنٍ لا يَتَحَرَّك ساجٍ ورَاهٍ ورَاءٍ؛ قال شمر: لا

أَعرف راء بهذا المعنى إِلاَّ أَن يكون أَراد رَاه، فجعل بدل الهاء ياءً.

وأَرأَى الرجلُ إِذا حَرَّك بعَيْنَيْه عند النَّظَرِ

تَحْرِيكاً كَثِيراً وهو يُرْئي بِعَيْنَيْه.

وسَامَرَّا: المدينة التي بناها المُعْتَصِم، وفيها لغات: سُرَّ مَنْ

رَأَى، وسَرَّ مَنْ رَأَى، وسَاءَ مَنْ رأَى، وسَامَرَّا؛ عن أَحمد بن يحيى

ثعلب وابن الأَنباري، وسُرَّ مَنْ رَاءَ، وسُرَّ سَرَّا، وحكي عن أَبي

زكريا التبريزي أَنه قال: ثقل على الناس سُرَّ مَنْ رأَى فَغَيَّروه إِلى

عكسه فقالوا سامَرَّى؛ قال ابن بري: يريد أَنَّهُمْ حذفوا الهمزة من

سَاءَ ومن رَأَى فصار سَا مَنْ رَى، ثم أُدغمت النون في الراء فصار

سَامَرَّى، ومن قال سَامَرَّاءُ فإِنه أَخَّر همزة رأَى فجعلها بعد الأَلف فصار

سَا مَنْ رَاءَ، ثم أَدغم النون في الراء. ورُؤَيَّة: اسم أَرْضٍ؛ ويروى

بيت الفرزدق:

هل تَعْلَمون غَدَاةً يُطْرَدُ سَبْيُكُم

بالسَّفْحِ، بين رُؤَيَّةٍ وطِحَالِ؟

وقال في المحكم هنا: رَاءَ لغة في رَأَى، والاسم الرِّيءُ. ورَيَّأَهُ

تَرْيِئَة: فَسَّحَ عنه من خِناقهِ. وَرَايا فلاناً: اتَّقاه؛ عن أَبي

زيد؛ ويقال رَاءَهُ في رَآه؛ قال كثير:

وكلُّ خَلِيل رَاءَني، فهْوَ قَائِلٌ

منَ اجْلِك: هذا هامَةُ اليَومِ أَو غَدِ

وقال قيس بن الخطيم:

فَلَيْت سُوَيْداً رَاءَ فَرَّ مَنْ مِنْهُمُ،

ومَنْ جَرَّ، إِذْ يَحْدُونَهُم بالرَّكَائِبِ

وقال آخر:

وما ذاكِ من أَنْ لا تَكُوني حَبِيبَةً،

وإِن رِيءَ بالإِخْلافِ مِنْكِ صُدُودُ

وقال آخر:

تَقَرَّبَ يَخْبُو ضُوْءُهُ وشُعاعُه،

ومَصَّحَ حتى يُسْتَراءَ، فلا يُرى

يُسْتَراءَ: يُسْتَفْعَل من رأَيت. التهذيب: قال الليث يقال من الظنِّ

رِيْتُ فلاناً أَخاكَ، ومن همز قال رؤِِيتُ، فإِذا قلت أَرى وأَخَواتها لم

تهمز، قال: ومن قلب الهمز من رأَى قال راءَ كقولك نأَى وناءَ. وروي عن

سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَنه بَدأَ بالصَّلاة قبل الخُطْبة

يومَ العِيدِ ثم خَطَبَ فَرُؤِيَ أَنه لم يُسْمِعِ النساءَ فأَتاهُنَّ

ووعَظَهُنَّ؛ قال ابن الأَثير: رُؤِيَ فِعْلٌ لم يسَمّ فاعله من رَأَيْت

بمعنى ظَنَنْت، وهو يَتَعَدَّى إِلى مفعولين، تقول رأَيتُ زيداً عاقِلاً،

فإِذا بَنَيْتَه لما لم يُسَمّ فاعلُه تعدَّى إِلى مفعول واحد فقلت

رُؤِيَ زيدٌ عاقلاً، فقوله إِنه لم يُسَمِع جملة في موضع المفعول الثاني

والمفعول الأَول ضميره. وفي حديث عثمان: أَراهُمُني الباطِلُ شَيْطاناً؛

أَراد أَنَّ الباطِلَ جَعَلَني عندهم شيطاناً. قال ابن الأَثير: وفيه شذوذ من

وجهين: أَحدهما أَن ضمير الغائب إِذا وقع مُتَقَدِّماً على ضمير المتكلم

والمخاطب فالوجه أَن يُجاء بالثاني منفصلاً تقول أَعطاه إِياي فكان من

حقه أَن يقول أَراهم إِياي، والثاني أَن واو الضمير حقها أَن تثبت مع

الضمائر كقولك أَعطيتموني، فكان حقه أَن يقول أَراهُمُوني، وقال الفراء:

قرأَ بعض القراء: وتُرَى الناسَ سُكارى، فنصب الراء من تُرى، قال: وهو وجه

جيد، يريد مثلَ قولك رُؤِيتُ أَنَّك قائمٌ ورُؤِيتُك قائماً، فيجعل

سُكارى في موضع نصب لأَن تُرى تحتاج إِلى شيئين تنصبهما كما تحتاج ظن. قال

أَبو نصور: رُؤِيتُ

مقلوبٌ، الأَصلُ فيه أُريتُ، فأُخرت الهمزة، وقيل رُؤِيتُ، وهو بمعنى

الظن.

الفصل والوصل

الفصل والوصل
عنى البلاغيون بالحديث عن الواو، التى تذكر فتصل الجملة بأختها، أو تترك فتدع الجملتين منفصلتين، وغالوا في تقدير معرفة الموضع الذى تصلح فيه الواو، والموضع الذى لا تصلح فيه، حتى قصر بعض العلماء البلاغة على معرفة الفصل والوصل، وقد قصروا حديثهم في ذلك الموضع على الجمل التى لا محل لها من الإعراب، وهذا لأن الجمل التى لها موقع من الإعراب، ويكون موضع الواو فيها من الوضوح بمكان؛ لأنها تشرك الجملة الثانية في حكم الأولى، فتكون مثلها خبرا، أو صفة، أو حالا، أو مفعولا، أو غير ذلك، والأمر فيه سهل بيّن. أما الذى يشكل، فأن تعطف على الجملة التى لا موضع لها من الإعراب جملة أخرى، فهنا نقف لنرى لم لم يستو الحال بين أن تعطف، وبين أن تدع العطف، وخصت الواو بالحديث؛ لأن غيرها من حروف العطف تفيد مع الإشراك معانى، كأن تدل الفاء على الترتيب من غير تراخ، وثمّ على الترتيب مع التراخى، وأو للتردد بين شيئين، فإذا عطفت جملة على جملة بواحد منها، ظهرت فائدة هذا الحرف واضحة جلية. أما الواو فإنها لما كــانت لمطلق الجمع، لا تصل جملة بأخرى، إلا إذا كان المعنى في إحدى الجملتين متصلا بمعنى الجملة الأخرى، ومرتبطا به، كما ترى ذلك في قوله سبحانه: إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كارِهُونَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (التوبة 45 - 50). فالواو في هذه الآيات قد وصلت الجمل بعضها ببعض لمكان الصلة بينها والتناسب، فعدم إيمانهم بالله واليوم الآخر يناسبه ارتياب قلوبهم ارتيابا ينغمسون فيه، وخذ الآية الثانية تر التناسب واضحا بين تقاعسهم عن الخروج، وعدم الإعداد له، وبين كره الله لانبعاثهم، وهكذا تجد الصلة جامعة بين الجملة وأختها جمعا يهيئ للواو مكانها بينهما.
وتأمّل جمال الوصل في قوله تعالى: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (الغاشية 17 - 20). فالمطلوب في الآية التأمل فيما خلق الله، ليصلوا بهذا التأمل إلى الإيمان بالبعث الذى ينبنى عليه أساس الدين، والتناسب هنا بين الجمل واضح، فقد بدأ حديثه بالإبل التى هى عنصر أساسى في حياة البدوى في صحرائه، وانتــقل من الإبل إلى ما يرونه أمامهم في كل حين من سماء رفعت بلا عمد، وللسماء عند البدوى مكانة خاصة، يتجه إليها ببصره، يستنزل منها الغيث ويهتدى بنجومها في سراه بالليل، فإذا هبط ببصره قليلا رأى هذه الجبال الشامخة، منصوبة تناطح السماء بقممها، وترسو في ثبات واطمئنان على أرض مهدت له، وسطحت أمامه، أو لا ترى أن تنقل البصر بين هذه المخلوقات تنقّل هادئ طبيعى لا قفز فيه، وأن ارتباط بعضها ببعض في طبيعة البدوى مهد للربط بينها، وعطف بعضها على بعض.
واتصلت الجمل في قوله سبحانه: إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَــثَرَتْ وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (الانفطار 1 - 4). لما كــانت تلك المظاهر من أمارات القيامة، وما أقوى الصلة بين السماء تنشق، والكواكب تنتثر، لا نظام يجمعها، ولا جاذبية تحفظها في مكانها، وما أقوى الصلة أيضا بين تفجر البحار فتطغى مياهها، وبعثرة القبور تخرج ما دفن فيها من الموتى، فكأنها تتفجر كذلك. ومثل هذا قوله تعالى: إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ (الانشقاق 1 - 5).
واقرأ قوله تعالى: وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (الأنفال 26). إن في هذه النعم لرابطا يصل بعضها ببعض، ويسمح للواو أن تجمع بينها، فهؤلاء قوم كانوا قليلين مستضعفين، يخشون أن يغير عليهم مغير، يسلبهم الحريّة، فلا جرم كــانت نعمة الأمن، لها المكان الأول بين نعم الله عليهم، ولم يقف الأمر عند حدّ الأمن، بل زاد عليه أن أيدهم بنصره، ولم تنته نعمه عند حد الطمأنينة والغلب، بل رزقهم خفض العيش، وطيبات الحياة.
وتأمّل الواو الواصلة في قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ (الحج 3). فالمجادلة في الله واتباع الشيطان ينشئان من عدم الاحتكام إلى العقل. وقوله سبحانه: يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (لقمان 17 - 19). فإنه إذا كــانت الصلاة تنهى عن
الفحشاء والمنكر، فالمقيم لها جدير أن يأخذ على عاتقه الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وإن من يعرّض نفسه لذلك، جدير أن يلم به بعض الأذى، فوصى من ينهض بهذا العبء أن يحتمل ويصبر، وإذا كان قد أمره بالصلاة، وهى خضوع للرّب، فجدير به ألا يمتلئ بالتيه ولا الخيلاء، وأن يسير على الأرض في تؤدة، ويتحدّث إن تحدث في وداعة وهدوء، ومن ذلك ترى هذه الصلات القوية التى تربط بين هذه الجمل ربطا محكما. وخذ قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (فاطر 15). لترى الرباط القوى بين فقر الناس وغنى الله.
وتأمل جمال الوصل في قوله تعالى: إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (الانفطار 13، 14). وقوله تعالى: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ (آل عمران 54). وقوله:
يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ (النساء 142). وقوله: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ (يونس 31)، وقوله: يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (النساء 142). وقوله:
كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا (الأعراف 31).
وقد يحتاج الأمر إلى فضل تدبر لمعرفة الصلة التى تربط بين جملتين، تلك الصلة التى تسمح بمجيء الواو بينهما، كما في قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها (الحج 189). ففي النظرة العاجلة يبدو كأنه لا ارتباط بين أحكام الأهلة وبين حكم إتيان البيوت من ظهورها، ولكن الربط نشأ من أن ناسا من العرب كانوا إذا أحرموا لم يدخل أحدهم بيتا ولا خيمة ولا خباء من باب، بل إن كان من أهل المدر نقب نقبا من ظاهر البيت ليدخل منه، وخرج من خلف الخيمة أو الخباء إن كان من أهل الوبر . فلما تحدث القرآن عن الأهلة وأنها مواقيت للحج، ناسب ذلك أن يتحدث عن عادتهم هذه في الحج، ذاكرا أنها ليس من البر في شىء.
وتفصل الجملتان إذا كان بينهما امتزاج معنوى، كأن ترفع الجملة الثانية ما قد يتوهم في الجملة الأولى من تجاوز أو سهو ونسيان، كما تجد ذلك في قوله تعالى: ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (البقرة 2). فتعريف جزءي الجملة الأولى، والمجيء باسم الإشارة للبعيد، مؤذن بوصف هذا الكتاب بأنه قد بلغ أسمى درجات الكمال، ولما كان ذلك قد يوهم أن ثمة مبالغة في هذا الوصف، نفى هذا الوهم، وأتبع ذلك بقوله: لا رَيْبَ فِيهِ أى في بلوغه تلك الغاية من الكمال، تأكيدا لما فهم من الجملة الأولى، وأتبعه كذلك بقوله: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ تأكيدا ثانيا؛ لأن معنى بلوغ القرآن للكمال إنما هو كماله في الهداية والإرشاد.
ومن هذا الباب قوله تعالى: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً (لقمان 7). لم يقل: (وكأن لم يسمعها كأنّ في أذنيه وقرا)؛ لأن المقصود من التشبيه بمن في أذنيه وقر، هو بعينه المقصود من التشبيه بمن لم يسمع، ولكن الثانى أبلغ وآكد فيما سيق له، فالمراد من التشبيهين جميعا بيان أنه ليس لتلاوة الآيات عليه من فائدة، وأن يجعل حاله إذا تليت عليه كحاله إذا لم تتل، ولا ريب فى أن تشبيهه بمن في أذنيه وقر، أبلغ في دلالته على هذا المعنى.
وعلى هذا النسق مما كــانت الجملة الثانية فيه مؤكدة للجملة الأولى قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (البقرة 6، 7). فقوله: لا يُؤْمِنُونَ تأكيد لقوله: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ وقوله: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ ... تأكيد ثان أبلغ من الأول. وقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ (البقرة 8، 9). فليست المخادعة شيئا سوى قولهم آمنا، من غير أن يكونوا مؤمنين وكذلك قوله سبحانه: وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (البقرة 14). وقوله تعالى: ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (يوسف 31). وقوله سبحانه: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (يس 69). وقوله: وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى (النجم 3، 4).
وقد يكون الامتزاج المعنوى بين الجملتين منشؤه أن الجملة الثانية شارحة وموضحة للجملة الأولى، كما ترى ذلك في قوله سبحانه: بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (المؤمنون 81، 82)، فالقول الثانى ورد شارحا ومبيّنا للقول الأول، وقوله تعالى: وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (الشعراء 132 - 134). فجاء الإمداد الثانى موضحا للأول. وقوله تعالى: قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (يس 20، 21). فلما كان المراد حث المخاطبين على اتباع الرسل، جاء الاتباع الثانى موضحا ذلك، إذ معناه اتبعوا من لا تخسرون شيئا من دنياكم فى اتباعهم، وهم مهتدون، تنالون باتباعهم سلامة دينكم، وإذا أنت تأملت هذه الآيات وجدت الجملة الثانية في الآية الأولى تقع من جملتها السابقة كما يقع بدل الكل من الكل، ووجدتها في الآية الثانية واقعة موقع بدل البعض من الكل، وفي الآية الثالثة واقعة موقع بدل الاشتمال. وقد تقع موقع عطف البيان، كما تجد ذلك في قوله
تعالى: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى (طه 120). فجاء قوله: قالَ يا آدَمُ بدون الواو؛ لأنه يوضح الوسوسة ويبين عنها، ولو أنه جاء بالواو لأوهم المخالفة والتغاير.
وقد يكون منشأ هذا الامتزاج أن الجملة الثانية واقعة في موضع جواب لسؤال صريح في الجملة الأولى، أو يفهم منها، كما في قوله تعالى: قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ قالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (الشعراء 23 - 31). ومنه قوله سبحانه: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ (البقرة 11، 12). وقوله: وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ (البقرة 14، 15). وتتجلى دقة القرآن كذلك في وصل الجمل بباقى حروف العطف غير الواو، وتأمل قوله تعالى: قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (الشعراء 75 - 81). فهو قد عطف السقى على الإطعام بالواو إرادة للجمع بينهما بلا ترتيب، ثم عطف الإحياء على الإماتة بثم؛ لأنه إنما يكون بمهلة وتراخ، وترى هذه الدقة في قوله تعالى: قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (عبس 17 - 22). فجاء قوله من نطفة خلقه بلا واو؛ لأنها مفسرة لقوله من أى شىء خلقه، «وعطف قوله: فقدره بالفاء، تنبيها على أن التقدير مرتب على الخلق وعلى عدم التراخى بينهما، وعطف السبيل بثم، لما بين الخلق والهداية من التراخى والمهلة الكثيرة، ثم عطف الإماتة بثم، إشارة إلى التراخى بينهما بأزمنة طويلة، ثم عطف الإقبار بالفاء، إذ لا مهلة هناك، ثم عطف الإنشار بثم، لما يكون هناك من التراخى باللبث في الأرض أزمنة متطاولة».
وقد يبدو في بادئ الرأى أن الموضع لحرف غير ما ذكر، ولكن التأمل الدقيق يجعل الموضع للحرف المذكور، كما تجد ذلك في قوله تعالى: وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (الكهف 28). فقد يبدو بادئ الرأى أن الموضع للفاء هنا، فيقال: ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا فاتبع هواه؛ لأن فعل المطاوعة لا يعطف إلا بالفاء، تقول أعطيته فأخذ، وكسرته فانكسر، ولكن التأمل يدل على أن الآية تعدد صفات الشخص الذى نهى الرسول عن طاعته، ومن أغفل الله قلبه عن ذكره فقد غفل قلبه، فكأنه قال: ولا تطع من غفل قلبه عن ذكرنا، واتبع هواه، ومن هنا كــانت الواو في مكانها.
ويجمع القرآن بالواو أيضا بين المفردات المتناسبة، كما ترى ذلك في قوله سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (الأنعام 162). وقوله:
قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (الأعراف 33).
وجرى الاستعمال القرآنى على ألا يعطف بعض الصفات على بعض إلا إذا كان بينها تضاد، تجد ذلك في قوله تعالى: عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قــانِتــاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً (التحريم 5). فقد مضت الصفات بعضها بجوار بعض من غير عاطف، إلا بين ثيبات وأبكار، للتنويع ورفع التناقض، وفي قوله تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى (الحشر 23، 24). فلما تضادت الصفات عطفت كما في قوله سبحانه: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ (الحديد 3). وجاءت الواو في قوله سبحانه: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (غافر 2، 3). لأن الصفتين وهما غفران الذنوب وقبول التوبة تواردا على معنى واحد، هو التجاوز عن الذنب، فجاءت الواو بينهما مؤذنة بالتغاير، ومشيرة إليه، فالله يغفر الذنب حينا من تلقاء نفسه بفضله، وحينا يعفو عنه بسبب ندم التائب واعتذاره، فدلت الواو على هذا المعنى، وأشارت إليه.

التّسلسل

التّسلسل:
[في الانكليزية] Chronological order ،succession ،chain
[ في الفرنسية] ordre chronologique ،succession ،enchatnement

في اللغة الفارسية: الاتّصال وأن يجري الماء سائغا في الحلق. كما في المنتخب.
وعند المحدّثين عبارة عن توارد رجال إسناد الحديث واحدا فواحدا على حالة وصفة واحدة عند رواية ذلك الحديث، سواء كــانت تلك الصفة للرواة قولا أو فعلا أو قولا وفعلا معا، أو كــانت للإسناد في صيغ الأداء أو متعلّقة بزمن الرواية أو مكانها. وصيغ الأداء سمعت وحدّثني وأخبرني وقرأت عليه وقرئ عليه وأنا أسمع ونحوها، وهذا ما عليه الأكثرون. وقال الحاكم ومن أنواعه أنّ ألفاظ الأداء من جميع الرواة دالة على الاتصال. وإن اختلفت فقال بعضهم سمعت وبعضهم أخبرنا وبعضهم أنبأنا.
وأنواع التسلسل كثيرة خيرها ما فيه دلالة على الاتّصال وعدم التّدليس. والحديث الذي توارد رجال إسناده واحدا فواحدا على حالة واحدة إلخ يسمّى مسلسلا، فالتسلسل بالحقيقة صفة الإسناد. وقد يقع التسلسل في معظم الإسناد أي أكثره. فمثال التسلسل القولي قول الراوي سمعت فلانا قال سمعت فلانا إلخ، أو حدثنا فلان قال حدثنا فلان إلخ. ومثال الفعلي قوله دخلنا على فلان فأطعمنا تمرا قال دخلنا على فلان فأطعمنا تمرا إلخ. ومثال القولي والفعلي معا قوله حدثني فلان وهو آخذ بلحيته قال آمنت بالقدر خيره وشرّه وحلوه ومرّه قال: حدثني فلان وهو آخذ بلحيته قال آمنت بالقدر خيره وشرّه وحلوه ومرّه إلخ، هكذا في شرح النخبة وشرحه. وفي خلاصة الخلاصة المسلسل هو ما تتابع فيه رجال الإسناد عند رواية على صفة واحدة. وتلك الصفة إمّا في الرواة وهو على ضربين: قولي كقولهم سمعت فلانا أو أخبرنا فلان إلخ، وهو قسمان: الأول ما اتصل بالرسول صلى الله عليه وسلم ومنه مسلسل إني أحبك في حديث «اللهم أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك». والثاني ما انقطع في آخره. وفعلي كحديث التشبيك باليد والعدّ بها والمصافحة وأشباهها. وإمّا في الرواية كالمسلسل باتفاق أسماء الرواة وأسماء آبائهم أو كناهم أو أنسابهم كسلسلة الأحمديين أو بلدانهم كسلسلة الدمشقيين المروية عن النووي، أو صفاتهم كالفقهاء في المتبايعان بالخيار. وأفضله ما دلّ على اتّصال السّماع ومن فضله زيادة الضبط انتــهى. وعند الحكماء عبارة عن ترتّب أمور غير متناهية مجتمعة في الوجود والترتيب سواء كان الترتّب وضعيا أو عقليا، صرّح بذلك المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح الشمسية في برهان امتناع كون كلّ من التصوّر والتصديق بجميع أفراده نظريا، وهذا تعريف للتسلسل المستحيل عند الحكماء.
وأمّا التسلسل مطلقا فهو ترتّب أمور غير متناهية عند الحكماء وكذا عند المتكلمين. وأمّا التّسلسل المستحيل عندهم فترتب أمور غير متناهية مجتمعة في الوجود. وبالجملة فاستحالة التّسلسل عند الحكماء مشروطة بشرطين اجتماع الأمور الغير المتناهية في الوجود والترتيب بينها إمّا وضعا أو طبعا. وعند المتكلمين ليست مشروطة بشرطين مذكورين، بل كلّ ما ضبطه الوجود يستحيل فيه التسلسل. ويؤيّده ما وقع في شرح حكمة العين أقسام التسلسل أربعة، لأنه إمّا أن لا تكون أجزاء السلسلة مجتمعة في الوجود أو تكون، والأوّل هو التسلسل في الحوادث، والثاني إمّا أن يكون بين تلك الأجزاء ترتّب طبيعي وهو كالتسلسل في العلل والمعلولات ونحوها من الصفات والموصوفات المترتبة الموجودة معا، أو وضعي وهو التسلسل في الأجسام، أو لم يكن بينها ترتّب وهو التسلسل في النفوس البشرية. والأقسام بأسرها باطلة عند المتكلّمين دون الأول، والرابع عند الحكماء انتــهى.
وتلخيص ما قال الحكماء هو أنّه إذا كــانت الآحاد موجودة معا بالفعل وكان بينها ترتّب أيضا، فإذا جعل الأول من إحدى الجملتين بإزاء الأول من الجملة الأخرى كان الثاني بإزاء الثاني قطعا، وهكذا فيتم التطبيق المستلزم للمحال بلا شبهة. وتقريره أن يقال لو تسلسلت الأمور المترتّبة الموجودة معا لأمكن أن تفرض هناك جملتان مبدأ إحداهما الواحد ومبدأ الأخرى ما فوق الواحد بمتناه، ثم يطبق مبدأ أحدهما على مبدأ الأخرى. فالأول من أحدهما بإزاء الأول من الأخرى والثاني بالثاني وهلمّ جرّا. فالناقصة إمّا مثل الزائدة واستحالتها ظاهرة. وإن لم تكن مثلها وذلك لا يتصوّر إلّا بأن يوجد جزء من التّامة لا يكون بإزائه جزء من الناقصة، وعند هذا الجزء تنقطع الناقصة فتكون متناهية والزائدة لا تزيد عليه إلّا بمتناه، والزائد على المتناهي بمتناه متناه، فيلزم تناهي الزائدة أيضا، هذا خلف. وهذا الدليل هو المسمّى ببرهان التطبيق. وأمّا إذا لم تكن الآحاد موجودة فلا يتمّ التطبيق لأنّ وقوع آحاد أحدهما بإزاء آحاد الأخرى ليس في الوجود الخارجي، إذ ليست مجتمعة في الخارج في زمان أصلا، وليس في الوجود الذهني لاستحالة وجودها مفصّلة في الذهن دفعة. ومن المعلوم أنّه لا يتصوّر وقوع بعضها بإزاء بعض إلّا إذا كــانت موجودة معا تفصيلا إمّا في الخارج أو في الذهن. وكذا لا يتمّ التطبيق إذا كــانت الآحاد موجودة معا إذ لا يلزم من كون الأول بإزاء الأول كون الثاني بإزاء الثاني والثالث بإزاء الثالث وهكذا لجواز أن تقع آحاد كثيرة من أحدهما بإزاء واحد من الأخرى، اللهم إلّا إذا لاحظ العقل كل واحد من الأولى واعتبره بإزاء واحد واحد من الأخرى. لكن العقل لا يقدر على استحضار ما لا نهاية له مفصّلة لا دفعة ولا في زمان متناه حتى يتصوّر التطبيق. ويظهر الخلف بل ينقطع التطبيق بانقطاع الوهم والعقل.
واستوضح ذلك بتوهّم التطبيق بين جبلين ممتدين على الاستواء وبين أعداد الحصى فإنّك في الأول إذا طبّقت طرف أحد الجبلين على طرف الآخر كان ذلك كافيا في وقوع كل جزء من أحدهما بإزاء جزء من الثاني وليس الحال في أعداد الحصى كذلك، بل لا بدّ في التطبيق من اعتبار تفاصيلها.
وحاصل التلخيص أنّ التطبيق التفصيلي ممتنع في الأمور الغير المتناهية مطلقا، فلا يجري البرهان في شيء من الصور. فالمراد التطبيق الإجمالي وهو إنّما يجري في الأمور المجتمعة المترتبة دون غيرها. وأما المتكلمون فيقولون يجريان التطبيق في الأمور المتعاقبة أي الغير المجتمعة في الوجود كالحركات الفلكية وفي الأمور المجتمعة سواء كان بينها ترتّب طبعي كالعلل والمعلولات، أو وضعي كالأبعاد، أو لا يكون هناك ترتّب أصلا كالنفوس الناطقة المفارقة، وهذا هو الحقّ. وقول الحكماء إذ ليست مجتمعة في الخارج في زمان أصلا الخ، قلنا لا يخفى أنه لا يلزم من عدم اجتماع الآحاد في زمان عدمها مطلقا، فإنّ كل واحد منها موجود في زمانه وذلك لأنّ العدم اللاحق ليس سلب الوجود مطلقا، بل سلب الوجود في الزمان الثاني، وكذا العدم السابق ليس سلب الوجود في الزمان الأول، فالتطبيق يجري بين الآحاد المترتبة الغير المتناهية سواء كــانت مجتمعة أو متعاقبة. وأيضا فالعدم السابق عدم مطلقا بحدوث العالم، والعدم اللاحق غيبوبة زمانية وليس عدما حقيقيا لأنّ رفع الشيء بعد ثبوته عن نفس الواقع محال يحكم به النظر الصحيح. فاللازم هاهنا هو الاجتماع بحسب الواقع لا بحسب الزمان. وما ظنوا أنّه لا بدّ هاهنا من تقدم أو تأخر إمّا وضعا أو طبعا، وهما من الإضافات المتكررة فيجب اجتماعهما واجتماع موصوفهما في وجود، وذلك الوجود ليس إلّا الوجود الخارجي لعدم اكتفاء الوجود الذهني الإجمالي في التطبيق وانتــفاء الوجود الذهني التفصيلي مطلقا، كلام خال عن التحصيل، لأنّ ذلك الوجود هو الوجود الخارجي في نفس الواقع، والمتقدم والمتأخر مجتمعان في هذا الوجود، فإنّ كلا منهما موجود بهذا الوجود في زمانه.
وكونهما من الإضافات المتكررة لا يستدعي أن يكونا في زمان واحد، بل أن يكونا في الواقع معا، ألا ترى أنّ المعدات غير متناهية والمعدّ متقدم على معلوله بسب الوجود الخارجي وهما لا يجتمعان في زمان واحد.
وتحقيقه أنّ ما لا بدّ [منه] في التطبيق هو التقدّم والتأخر بمعنى منشأ الــانتــزاع، وهما لا يلزم أن يكونا مجتمعين في الزمان بل في الواقع. وكذا ما ظنّوا من أنّ في ربط الحادث بالقديم لا بدّ من التسلسل على سبيل التعاقب، لأنّ القديم ليس علّة تامة للحادث، وإلّا يلزم التخلّف، فيكون مع شرط حادث، وينتقل الكلام إليه وهكذا إلى غير النهاية ساقط عن درجة التحقيق، لأن أزليّة الإمكان لا تستلزم إمكان الأزلية. فالقديم علّة للحادث ولا يلزم التخلّف لامتناع وجوده في الأزل. لا يقال على تقدير التعاقب لا يحتاج إلى الترتب وإنما يحتاج إليه على تقدير الاجتماع لتحقّق التقدّم والتأخّر الزمانيين بين الآحاد المتعاقبة ولو بالفرض لأنّا نقول التطبيق يجري فيها من حيث إنها مجتمعة بحسب الوجود في نفس الواقع. ولا شكّ أنها بهذه الحيثية لا يلحقها التقدم والتأخر الزمانيان.
فإن قلت هذا حكم التطبيق في الزمانيات فما حكمه في الزمان على تقدير أن يكون بنفسه موجودا في الخارج أي لا برسمه الذي هو الآن السيّال فقط فإنه لتغيره الذاتي يلحقه التقدّم والتأخّر؟ قلت حكم التطبيق أنه على ذلك التقدير يجب أن يكون من حيث التغيّر متناهيا محدودا بحدود لجريان التطبيق فيه، فإما أن يمتنع التجاوز عن ذلك الحدّ منقطعا عنده كما في الجانب الماضي، فيكون من حيث الثّبات أيضا متناهيا في هذا، أو يمكن التجاوز عنه غير منقطع عنده كما في الجانب المستقبل فيكون من حيث الثبات غير متناه في ذلك الجانب، ولا يجري التطبيق فيه فتدبّر جدا. فثبت أنّ كل ما ضبطه الوجود يجري فيه التطبيق وما ليس ضبطه الوجود فلا، كمراتب الأعداد فإنها وهمية محضة فلا يكون ذهابها في التطبيق إلّا باعتبار الوهم، لكنه عاجز عن ملاحظة تلك الأمور الوهمية التي لا تتناهى، فتنقطع تلك الأمور بانقطاع الوهم عن تطبيقها. هكذا يستفاد من شرح المواقف وحاشيته للمولوي ميرزا زاهد في مرصد العلّة والمعلول في الموقف الثاني. وقد يراد بالتسلسل ما يعمّ الدور كما في حاشية جدّي على البيضاوي في تفسير قوله تعالى وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها.
تنبيه.
الحكم بجواز التسلسل في الأمور الاعتبارية ليس بصحيح على الإطلاق، وإنما ذلك فيما إذا كان منشأ وجود آحاد السلسلة مجرّد اعتبار العقل، وإن كان الاعتبار مطابقا لنفس الأمر كما في مراتب الأعداد فإنّ منشأها الوحدة وتكررها، وكذا كلّ ما تكرر نوعه بمجرد اعتبار العقل فإنه من الأمور الاعتبارية التي يجوز فيها التسلسل. وأمّا إذا كان منشأ وجود تلك السلسلة أمرا غير اعتبار العقل فالتسلسل فيها باطل، وإلّا لزم وجود الأمور الغير المتناهية في نفس الأمر ويجري فيها التطبيق عند المتكلمين. وعند الحكماء إذا كان ترتب واجتماع في ذلك الوجود ولا ينقطع حينئذ بانقطاع الاعتبار إذ لا مدخل لاعتبار العقل في وجودها. ولذا حكموا ببطلان التسلسل على تقدير نظرية كلّ من التصوّر والتصديق لاستلزامه وجود أمور غير متناهية في الذهن لعدم انقطاعه بانقطاع الاعتبار. هكذا حقق المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح المواقف في مرصد إثبات العلوم الضرورية. اعلم أنّ لإبطال التسلسل طرقا أخر منها ما مرّ في لفظ البرهان ومنها ما يسمّى ببرهان التضايف.
اعلم أنّ لإبطال التسلسل طرقا أخر منها ما مرّ في لفظ البرهان ومنها ما يسمّى ببرهان التضايف، وتقريره لو تسلسلت العلل إلى غير النهاية لزم زيادة عدد المعلولية على عدد العليّة، والتالي باطل، فكذا المقدّم. أمّا بيان الملازمة فهو أنّ آحاد السلسلة ما خلا المعلول الأخير لكلّ واحد منها عليّة بالنسبة إلى ما تحته ومعلولية بالنسبة إلى ما فوقه فيتكافأ عددهما فيما سواه، وبقيت معلولية المعلول الأخير زائدة فيزيد عدد المعلوليات الحاصلة في السلسلة الأولى على عدد العلّيات الواقعة منها بواحد.
ومنها ما يسمّى البرهان العرشي وتقريره أن يقال لو ترتّبت أمور غير متناهية كان ما بين مبدئها وكل واحد من الذي بعده متناهيا لأنه محصور بين حاصرين فيكون الكل متناهيا، لأنّ الكلّ لا يزيد على ما بين المبدأ ووكل واحد إلّا بالطرفين كذا في رسالة إثبات الواجب.

علم الكيمياء

علم الكيمياء
هو علم يعرف به طرق سلب الخواص من الجواهر المعدنية وجلب خاصية جديدة إليها وإفادتها خواصا لم تكن لها والاعتماد فيه عن أن الفلزات كلها مشتركة في النوعية والاختلاف الظاهر بينها إنما هو باعتبار أمور عرضية يجوز انتــقالها.
قال الصفدي في شرح لامية العجم: وهذه اللفظة معربة من اللفظ العبراني وأصله كيم يه معناه أنه من الله وذكر الاختلاف في شأنه بامتناعه عنهم.
وحاصل ما ذكره أن الناس فيه على طريقتين:
فقال: كثير ببطلانه منهم الشيخ الرئيس ابن سينا أبطله بمقدمات من كتاب الشفاء والشيخ تقي الدين أحمد بن تيمية رحمه الله صنف رسالة في إنكاره وصنف يعقوب الكندي أيضا رسالة في إبطاله جعلها مقالتين وكذلك غيرهم لكنهم لم يوردوا شيئا يفيد الظن لامتناعه فضلا عن اليقين بل لم يأتوا إلا بما يفيد الاستبعاد.
وذهب آخرون إلى إمكانه منهم الإمام فخر الدين الرازي فإنه في المباحث المشرقية عقد فصلا في بيان إمكانه.
والشيخ نجم الدين بن أبي الدر البغدادي رد على الشيخ ابن تيمية وزيف ما قاله في رسالته.
ورد أبو بكر محمد بن زكريا الرازي على يعقوب الكندي ردا غير طائل ومؤيد الدين أبو إسماعيل الحسين بن علي المعروف بالطغرائي صنف فيه كتبا منها حقائق الإشهادات وبين إثباته ورد على ابن سينا.
ثم ذكر الصفدي نبذة من أقوال المثبتين والمنكرين.
وقال الشيخ الرئيس: نسلم إمكان صبغ النحاس بصبغ الفضة والفضة بصبغ الذهب وأن يزال عن الرصاص أكثر ما فيه من النقص فأما أن يكون المصبوغ يسلب أو يكسى أما الأول فحال وأما الثاني فلم يظهر إلى إمكانه بعد إذ هذه الأمور المحسوسة يشبه أن لا تكون هي الفصول التي تصير بها هذه الأجساد أنواعا بل هي أعراض ولوازم وفصولها مجهولة وإذا كان الشيء مجهولا كيف يمكن أن يقصد قصد إيجاد أو إفناء؟
وذكر الإمام حججا أخرى للفلاسفة على امتناعه وأبطل بعد ذلك ما قرره الشيخ وغيره وقرر إمكانه واستدل في الملخص أيضا على إمكانه فقال: الإمكان العقلي ثابت لأن الأجسام مشتركة الجسمية فوجب أن يصح على كل واحد منها ما يصح على الكل على ما ثبت.
وأما الوقوع فلأن انفصال الذهب عن غيره باللون والرزانة وكل واحد منهما يمكن اكتسابه ولا منافاة بينهما نعم الطريق إليه عسير. وحكى أبو بكر بن الصائغ المعروف بابن ماجة الأندلسي في بعض تآليفه عن الشيخ أبي نصر الفارابي أنه قال: قد بين أرسطو في كتابه من المعادن أن صناعة الكيمياء داخلة تحت الإمكان إلا أنها من الممكن الذي يعسر وجوده بالفعل اللهم إلا أن تتفق قرائن يسهل بها الوجود وذلك أنه فحص عنها أولا على طريق الجدل فأثبتها بقياس وأبطلها بقياس على عادته فيما يكثر عناده من الأوضاع ثم أثبتها أخيرا بقياس ألفه من مقدمتين بينهما في أول الكتاب.
وهما أن الفلزات واحدة بالنوع والاختلاف الذي بينها ليس في ماهياتها وإنما هو في أعراضها فبعضه في أعراضها الذاتية وبعضه في أعراضها العرضية.
والثانية: أن كل شيئين تحت نوع واحد اختلفا بعرض فإنه يمكن انتــقال كل واحد منهما إلى الآخر فإن كان العرض ذاتيا عسر الــانتــقال وإن كان مفارقا سهل الــانتــقال والعسير في هذه الصناعة إنما هو لاختلاف أكثر هذه الجواهر في أعراضها الذاتية ويشبه أن يكون الاختلاف الذي بين الذهب والفضة يسير جدا انتــهى كلامه.
وقال الإمام شمس الدين محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاري: إذا أراد المدبر أن يصنع ذهبا نظير ما صنعته الطبيعة من الزيبق والكبريت الظاهرين فيحتاج إلى أربعة أشياء.
كمية كل واحد من ذنيك الجزئين.
وكيفيته.
ومقدار الحرارة الفاعلة للطبخ.
وزمانه وكل واحد منها عسر التحصيل.
وأما إن أراد ذلك بأن يدبر دواء وهو المعبر عنه بالإكسير مثلا ويلقيه على الفضة ليمتزج بها ويستقر خالدا حال جميع المعدنيات وخواصها وإن استخرجه بالقياس فمقدماته مجهولة ولا خفاء في عسر ذلك ومشقته انتــهى وقال الصفدي: زعم الطبيعون في علة كون الذهب في المعدن إن الزيبق لما كمل طبخه جذبه إليه كبريت المعدن فاجنه في جوفه لئلا يسيل سيلان الرطوبات فلما اختلطا واتحدا وزالت الحرارة الفاعلة للطبخ وزمان تكون الذهب وكل منهما عسر التحصيل.
وأما إن أراد ذلك بأن يدبر دواء وهو المعبر عنه بالإكسير مثلا ويلقيه على الفضة في طبخها ونضجها انعقد من ذلك ضروب المعادن فإن كان الزئبق صافيا والكبريت نقيا واختلطت أجزاؤهما على النسبة وكــانت حرارة المعدن معتدلة لم يعرض لها عارض من البرد واليبس ولا من الملوحات والمرارت والحموضات انعقد من ذلك على طول الزمان الذهب الإبريز
وهذا المعدن لا يتكون إلا في البراري الرملة والأحجار الرخوة ومراعاة الإنسان النار في عمل الذهب بيده على مثل هذا النظام مما تشق معرفة الطريق إليه والوصول إلى غايته:
فيا دارها بالخيف إن مزراها ... قريب ولكن دون ذلك أهوال
وذكر يعقوب الكندي في رسالته: تعذر فعلل الناس لما انفردت الطبيعة بفعله وخداع أهل هذه الصناعة وجهلهم وبطل دعوى الذين يدعون صنعة الذهب والفضة.
قال المنكرون: لو كان الذهب الصباغي مثلا للذهب الطبيعي لكان ما بالصناعة مثلا لما بالطبيعة ولو جاز ذلك لجاز أن يكون ما بالطبيعة مثلا لما بالصناعة فكنا نجد سيفا أو سريرا أو خاتما بالطبيعة وذلك باطل.
وقالوا أيضا: الجواهر الصابغة إما أن تكون أصبر على النار من المصبوغ أو يكون المصبوغ أصبر أو تكونا متساويين.
فإن كان الصابغ أصبر وجب1 أن يكون المصبوغ أصبر ووجب أن يفنى الصابغ ويبقى المصبوغ على حاله الأول عريا من الصبغ.
وإن تساويا في الصبر على النار فهما من جنس واحد لاستوائهما في المصابرة عليها فلا يكون أحدهما صابغا ولا مصبوغا وهذه الحجة الثانية من أقوى حجج المنكرين.
والجواب من المثبتين عن الأولى: إنا نجد النار تحصل بالقدح واصطكاك الأجرام والريح تحصل بالمراوح وأكواز الفقاع والنوشادر قد تتخذ من الشعر وكذلك كثير من الزاجات ثم بتقدير أن لا يوجد بالطبيعة ما لا يوجد بالصناعة لا يلزمنا الجزم بنفي ذلك ولا يلزمنا من إمكان حصول الأمر الطبعي بالصناعة إمكان العكس بل الأمر موقوف على الدليل.
وعن الثانية: أنه لا يلزم من استواء الصابغ. والمصبوغ على النار استواؤهما في الماهية لما عرفت أن المختلفين يشتركان في بعض الصفات وفي هذا الجواب نظر.
وحكى بعض من أنفق عمره في الطلب أن الطغرائي ألقى المثقال من الإكسير أولا على ستين ألف مثقال من معدن آخر فصار ذهبا ثم أنه ألقى آخر المثقال على ثلاثمائة ألف وأن مر يانس الراهب معلم خالد بن يزيد ألقى المثقال على ألف ألف ومائتي ألف مثقال وقالت مارية القبطية: والله لولا الله لقلت أن المثقال بملأ ما بين الخافقين. والجواب الفصل ما قاله الغزي:
كجوهر الكيمياء ليس ترى ... من ناله والأنام في طلبه
وصاحب الشذور من جملة أئمة هذا الفن صرح بأن نهاية الصبغ إلقاء الواحد على الألف في قوله:
فعاد بلطف الحل والعقد جوهرا ... يطاع في النيران واحده الألفا
وزعم بعضهم أن المقامات للحريري وكليلة ودمنة رموز في الكيمياء ويزعمون أن الصناعة مرموزة في صورة البراري وقد كتب بعض من جرب وتعب وأقلقه الجد وظن أن جدها لعب على مصنفات جابر تلميذ إمام جعفر الصادق:
هذا الذي مقاله ... غر الأوائل والأواخر
ما أنت إلا كاسر ... كذب الذي سماك جابر
وكان قد شغل نفسه بطلب الكيمياء فأفنى بذلك عمره.
وذكر الصفدي أن الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد وإمام الحرمين كان كل منهما مغرى به. واعلم أن المعتنين به بعضهم يدبر مجموع الكبريت والزيبق في حر النار لتحصل امتزاجات كثيرة في مدة يسيرة لا يحصل في المعدن إلا في زمان طويل وهذا أصعب الطرق لأنه يحتاج إلى عمل شاق وبعضهم يؤلف المعادن على نسبة أوزان الفلزات وحجمها.
وبعضهم يجهل القياس فيحصل لهم الاشتباه والالتباس فيستمدون بالنباتات والجمادات والحيوانات كالشعر والبيض والمرارة وهم لا يهتدون إلى النتيجة.
ثم إن الحكماء أشاروا إلى طريقة صنعة الإكسير على طريق الأحاجي والألغاز والتعمية لأن في كتمه مصلحة عامة فلا سبيل إلى الاهتداء بكتبهم والله يهدي من يشاء قال أبو الأصبع عبد العزيز بن تمام العراقي يشير إلى مكانة الواصل لهذه الحكمة:
فقد ظفرت بما لم يؤته ملك ... لا المنذران ولا كسرى بن ساسان
ولا ابن هند ولا النعمان صاحبه ... ولا ابن ذي يزن في رأس غمدان
قال الجلدكي في شرح المكتسب بعد أن بين انتــسابه إلى الشيخ جابر وتحصيله في خدمته: وبالله تعالى أقسم أنه أراد بعد ذلك أن ينقلني عن هذا العلم مرارا عديدة ويورد علي الشكوك يريد لي بذلك الإضلال بعد الهداية ويأبى الله إلا ما أراد فلما فهمت مراده وعلمت أن الحسد قد داخله مني حصرته في ميدان البحث ومددت إليه سنان اللسان وعجز عن القيام بسيف الدليل ونادى عليه برهان الحق بالإفحام فجنح للسلم وقام واعتنقني وقال: إنما أردت أن اختبرك وأعلم حقيقة مكان الإدراك منك ولتكن من أهل هذا العلم على حذر ممن يأخذه عنك.
واعلم أن من لا مفترض علينا كتمان هذا العلم وتحريم إذاعته لغير المستحق من بني نوعنا وأن لا نكتمه عن أهله لأن وضع الأشياء في محالها من الأمور الواجبة ولأن في إذاعته خراب العالم وفي كتمانه عن أهله تضييع لهم.
وقد رأينا أن الحكمة صارت في زماننا مهدمة البنيان لا سيما وطلبة هذا الزمان من أجهل الحيوان قد اجتمعوا على المحال فإنهم ما بين سوقة وباعة وأصحاب دهاء وشعبذة لا يدرون ما يقولون فأخذوا يتذاكرون الفقر ويذكرون أن الكيمياء غناء الدهر ويأتون على ذلك بزخارف الحكايات ومع ذلك لا يجتمع أحد منهم مع الآخر على رأي واحد ولا يدرون كيف الطلب مع أن حجر القوم لا يعد. وهذه المولدات الثلاث لكن جهالاتهم أوقعتهم في الضلال البعيد ورأينا أنه وجب علينا النصيحة على من طلب الحكمة الإلهية وهذه الصناعة الشريفة الفلسفية فوضعنا لهم كتابنا الموسوم ببغية الخبير في قانون طلب الإكسير ثم وضعنا الشمس المنير في تحقيق الإكسير.
وفي هذا الفن رسالة للبخاري ذكر فيها حملة دلائل نقلية وعقلية تبلغ ستة وثلاثين.
وفيه أيضا: رسالة ابن سينا المسماة بمرآة العجائب وأول من تكلم في علم الكيمياء ووضع فيها الكتب وبين صنعة الإكسير والميزان ونظر في كتب الفلاسفة من أهل الإسلام خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.
وأول من اشتهر هذا العلم عنه جابر بن حيان الصوفي من تلامذة خالد كما قيل: حكمة أورثناها جابر ... عن إمام صادق القول وفي
لوصي طاب في تربته ... فهو مسك في تراب النجف
وذلك لأنه وفي لعلي واعترف له بالخلافة وترك الإمارة.
واعلم أنه فرقها في كتب كثيرة لكنه أوصل الحق إلى أهله ووضع كل شيء في محله وأوصل من جعله الله سبحانه وتعالى سببا له في الإيصال ولكن اشغلهم بأنواع التدهيش والمحال لحكمة ارتضاها عقله ورأيه بحسب الزمان ومع ذلك فلا يخلو كتاب من كتبه عن فوائد عديدة.
وأما من جاء بعد جابر من حكماء الإسلام مثل مسلمة بن أحمد المجريطي وأبي بكر الرازي وأبي الأصبع بن تمام العراقي والطغرائي والصادق محمد بن أميل التميمي والإمام أبي الحسن علي صاحب الشذور فكل منهم قد اجتهد غاية الاجتهاد في التعلم والجلدكي متأخر عنهم.
ثم اعلم أن جماعة من الفلاسفة كالحكيم هرمس وأرسطاطاليس وفيثاغورس لما أرادوا استخراج هذه الصناعة الإلهية جعلوا أنفسهم في مقام الطبيعة فعرفوا بالقوة المنطقية والعلوم التجاربية ما دخل على كل جسم من هذه الأجسام من الحر والبرد واليبوسة وما خالطه أيضا من الأجسام الأخر. فعملوا الحيلة في تنقيص الزائد وتزييد الناقص من الكيفيات الفاعلة والمفعولة والمنفعلة لعلة تلك الأجسام على ما يراد منها بالأكاسير الترابية والحيوانية والنباتية المختلفة في الزمان والمكان وأقاموا التكليس مقام حرق المعادن والتهابها والتسقية مقام التبريد والتجميد والتساوي مقام التجفيف والتشميع مقام الترطيب والتليين والتقطير مقام التجوهر والتفصيل مقام التصفية والتخليص والسحق والتحليل مقام الالتيام والتمزيج والعقد مقام الاتحاد والتمكين واتخذوا جواهر الأصول شيئا واحدا فاعلا فعلا غير منفعل محتويا على تأثيرات مختلفة شديدة القوة نافذة الفعل والتأثير فيما يلاقي من الأجسام بحصول معرفة ذلك بالإلهامات السماوية والقياسات العقلية والحسية وكذلك فعل أيضا أسقليقندر يونس وأبدروماخس وغيرهم في تراكيب الترياق المعاجين والحبوب والأكحال والمراهم فإنهم قاسوا قوى الأدوية بالنسبة إلى مزاج أبدان البشر والأمراض الغامضة فيها وركبوا من الحار والبارد والرطب واليابس دواء واحدا ينتفع به في المداواة بعد مراعاة الأسباب كما فعل ذي مقراط أيضا في استخراج صنعة إكسير الخمر فإنه نظر أولا في أن الماء لا يقارب الخمر في شيء من القوام والاعتدال لأنه ماء العنب ووجد من خواص الخمر خمسا: والطعم والرائحة والتفريح والإسكار فأخذ إذ شرع من أول تركيبه للأدوية العقاقير الصابغة للماء بلون الخمر ثم المشاكلة في الطعم ثم المعطرة للرائحة ثم المفرحة ثم المسكرة فسحق منها اليابسات وسقاها بالمائعات حتى اتحدت فصارت دواء واحدا يابسا أضيف منه القليل إلى الكثير صبغه انتــهى من رسالة أرسطو.
قال الجلدكي في نهاية الطب: إن من عادة كل حكيم أن يفرق العلم كله في كتبه كلها ويجعل له من بعض كتبه خواص يشير إليها بالتقدمة على بقية الكتب لما اختصوا به من زيادة العلم.
كما خص جابر من جميع كتبه كتابه المسمى ب الخمسمائة.
وكما خص مؤيد الدين من كتبه كتابه المسمى ب المصابيح والمفاتيح. وكما خص المجريطي كتابه الرتبة.
وكما خص ابن أميل كتابه المصباح.
ثم قال الجلدكي: ومن شروط العالم أن لا يكتم ما علمه الله تعالى من المصالح التي يعود نفعها على الخاص والعام إلا هذه الموهبة فإن الشرط فيها أن لا يظهرها بصريح اللفظ أبدا ولا يعلم بها الملوك لا سيما الذين لا يفهمون.
ومن العجب أن المظهر لهذه الموهبة مرصد لحلول البلاء به من عدة وجوه:
أحدها: أنه إن أظهرها لم ينم عليه فقد حل به البلاء لأن ما عنده مطلوب الناس جميعا فهو مرصد لحلول البلاء لأنهم يرون انتــزاع مطلوبهم من عنده وربما حملهم الحسد على إتلافه إن أظهره للملك يخاف عليه منه فإن الملوك أحوج الناس إلى المال لأن به قوام دولتهم فربما يخيل منه أنه يخرج عنه دولته بقدرته على المال لا سيما ومال الدنيا كله حقير عند الواصل لهذه الموهبة.
قال صاحب كنز الحكمة: فأما الواصل إلى حقيقته فلا ينبغي له أن يعترف به لأنه يضره وليس له منفعة البتة في إظهاره وإنما يصل إليه كل عالم بطريق يستخرجها لنفسه إما قريبة وإما بعيدة والإرشاد إنما يكون نحو الطريق العام وأما الطريق الخاص فلا يجوز أن يجتمع عليه اثنان اللهم إلا أن يوفق إنسان بسعادة عظيمة وعناية إلهية لأستاذ يلقنه إياها تلقينا وهيهات من ذلك إلا من جهة واحدة لا غير وهو أن يجتمع فيلسوفان أحدهما واصل والآخر طالب ولا يسعه أن يكتمه إياه وهذا أعز من الكبريت الأحمر1 وطلب الأبلق العقوق. انتــهى.
ونحن اقتفينا أثر الحكماء في كل ما وضعناه من كتبنا.
قال في شرح المكتسب إلا أن كتابنا هذا امتن من كل كتبنا ما خلا الشمس المنير وغاية السرور فإن لكل واحد منهم مزية في العلم والعمل فمن ظفر بهذه الكتب الثلاثة فقط من كتبنا فلعله لا يفوته شيء من تحقيق هذا العلم.
والكتب المؤلفة في هذا العلم كثيرة منها حقائق الاستشهادات وشرح المكتسب وبغية الخبير والشمس المنير في تحقيق الإكسير ورسالة للبخاري ومرآة العجائب لابن سينا والتقريب في أسرار التركيب وغاية السرور شرح الشذور والبرهان وكنز الاختصاص والمصباح في علم المفتاح ونهاية الطلب في شرح المكتسب ونتائج الفكرة ومفاتيح الحكمة ومصابيح الرحمة وفردوس الحكمة وكنز الحكمة انتــهى. ما في كشف الظنون.
وقد أطال ابن خلدون في بيان علم الكيمياء ثم عقد فصلا في إنكار ثمرتها واستحالة وجودها وما ينشأ من المفاسد عن انتــحالها.
ثم قال وتحقيق الأمر في ذلك أن الكيمياء إن صح وجودها كما تزعم الحكماء المتكلمون فيها مثل جابر بن حيان ومسلمة بن أحمد المجريطي وأمثالهما فليست من باب الصنائع الطبيعية ولا تتم بأمر صناعي وليس كلامهم فيها من منحى الطبيعيات إنما هو من منحى كلامهم في الأمور السحرية وسائر الخوارق وما كان من ذلك للحلاج وغيره وقد ذكر مسلمة في كتاب الغاية ما يشبه ذلك وكلامه فيها في كتاب رتبة الحكيم من هذا المنحى وهذا كلام جابر في رسائله ونحو كلامهم فيه معروف ولا حاجة بنا إلى شرحه.
وبالجملة فأمرها عندهم من كليات المواد الخارجة عن حكم الصنائع فكما لا يتدبر ما منه الخشب والحيوان في يوم أو شهر خشبا أو حيوانا فيما عدا مجرى تخليقه كذلك لا يتدبر ذهب من مادة الذهب في يوم ولا شهر ولا يتغير طريق عادته إلا بإرفاد مما وراء عالم الطبائع وعمل الصنائع. فكذلك من طلب الكيمياء طلبا صناعيا ضيع ماله وعمله ويقال لهذا التدبير الصناعي: التدبير العقيم لأن نيلها إن كان صحيحا فهو واقع مما وراء الطبائع والصنائع فهو كالمشي على الماء وامتطاء الهواء والنفوذ في كثائف الأجساد ونحو ذلك من كرامات الأولياء الخارقة للعادة أو مثل تخليق الطير ونحوها من معجزات الأنبياء قال تعالى: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي} وعلى ذلك فسبيل تيسيرها مختلف بحسب حال من يؤتاها فربما أوتيها الصالح ويؤتيها غيره فتكون عنده معارة.
وربما أوتيها الصالح ولا يملك إيتاءها فلا تتم في يد غيره ومن هذا الباب يكون عملها سحريا فقد تبين أنها إنما تقع بتأثيرات النفوس وخوارق العادة إما معجزة أو كرامة أو سحرا ولهذا كان كلام الحكماء كلهم فيها ألغاز لا يظفر بحقيقته إلا من خاض لجة من علم السحر واطلع على تصرفات النفس في عالم الطبيعة وأمور خرق العادة غير منحصرة ولا يقصد أحد إلى تحصيلها والله بما يعملون محيط.
وأكثر ما يحمل على التماس هذه الصناعة وانتــحالها العجز عن الطرق الطبيعية للمعاش وابتغاؤه من غير وجوهه الطبيعية كالفلاحة والنجارة والصناعة فيستصعب العاجز ابتغاؤه من هذه ويروم الحصول على الكثير من المال دفعة بوجوه غير طبيعية من الكيمياء وغيرها وأكثر من يعني بذلك الفقراء من أهل العمران حتى في الحكماء المتكلمين في إنكارها واستحالتها.
فإن ابن سينا القائل باستحالتها كان عليه الوزراء فكان من أهل الغنى والثروة.
والفارابي القائل بإمكانها كان من أهل الفقر الذين يعوزهم أدنى بلغة من المعاش وأسبابه وهذه تهمة ظاهرة في أنظار النفوس المولعة بطرقها وانتــحالها والله الرزاق ذو القوة المتين لا رب سواه.
قال في مدينة العلوم: إ ن علم الكيمياء كان معجزة لموسى عليه السلام علمه القارون فوقع منه ما وقع ثم ظهر في جبابرة قوم هود وتعاطوا ذلك وبنوا مدينة من ذهب وفضة لم يخلق مثلها في البلاد.
وممن اشتهر بالوصول إليه مؤيد الدين الطغرائي يقال: أنه وصل إلى الإكسير وهو الدواء الذي يدبره الحكماء ويلقونه على الجسد حال انفعاله بالذوبان فيحيله كإحالة السم الجسد الوارد عليه لكن إلى الصلاح دون الفساد ويعبرون عن مادة هذا الدواء بالحجر المكرم وربما يقولون حجر موسى لأنه الذي علمه موسى عليه السلام لقارون ويختلف حال هذا الدواء بقدر قوة التدبير وضعفه.
يحكى أن واحدا سأل من مشائخ هذا الصنعة أن يعلمه هذا العلم وخدمه على ذلك سنين فقال: إن من شرط هذه الصنعة تعليمها لأفقر من في البلد فاطلب رجلا لا يكون أفقر منه في البلد حتى نعلمه وأنت تبصرها فطلب مدة مثل ما يقول الأستاذ فوجد رجلاً يغسل قميصا له في غاية الرداءة والدرن وهو يغسله بالرمل ولم يقدر على قطعة صابون فقال في نفسه: لم أر أفقر منه فأخبر الأستاذ فقال: وجدت رجلا حاله وصفته كيت وكيت فقال الأستاذ: والله إن الذي وصفته هو شيخنا جابر بن حيان الذي تعلمت منه هذه الصنعة وبكى.
قال إن من خاصية هذه الصنعة إن الواصلين إليها يكونون في غاية الإفلاس كما نقل عن الإمام الشافعي من طلب المال بالكيمياء أو الإكسير فقد أفلس إلا أنهم يقولون: إن حب الدنانير تفع عن قلب من عرفها ولا يؤثر التعب في تحصيلها على الراحة في تركها حتى قالوا: إن معرفة هذه الصنعة نصف السلوك لأن نصف السلوك رفع محبة الدنيا عن القلب وذلك يحصل بمعرفتها أي: حصول ومن قصد الوصول إلى ذلك بكتبهم وبتعبيراتهم وإشاراتهم فقد صار منخرطا في الأخسرين أعمالا الذي ضل سعيهم في الحيوة الدنيا وهم يسحبون أنهم يحسنون صنعا بل الوقوف على ذلك إن كان فبموهبة عظيمة من الملك المنان أو بواسطة الكشف والإلهام من الله ذي الجلال الإكرام أو بإنعام من الواصلين إلى هذا الأمر المكتوم إشفاقا وإحسانا ولا تتمن الوصول إلى ذلك بالجد والاهتمام وإنما نذكر بعضا من كتبه إكمالا للمرام لا إطماعا في الوصول إلى ذلك السول:
منها: كتاب جابر بن حيان وتذكرة لابن كمونة.
وكتاب الحكيم المجريطي.
وشرح الفصول لعيون بن المنذر وتصانيف الطغرائي كثيرة في هذا الفن ومعتبرة عند أربابها والكتب والرسائل في هذا الباب كثيرة لكن لا خير في الاستقصاء فيها وإنما التعرض لهذا القدر لئلا يخلو الكتاب عنها بالمرة نسأل الله تعالى خيري الدنيا والآخرة انتــهى حاصله. والله أعلم بالصواب. 

ب

ب alphabetical letter ب

The second letter of the alphabet: called بَآءٌ and بَا; (TA in باب الالف الليّنة;) the latter of which forms is used in spelling; like as are its analogues, as تا [and ثا] and حا [and خا and را] and طا [and ظا and فا and ها] and يا; because in this case they are not generally regarded as nouns, but as mere sounds: (Sb, M:) [these are generally pronounced with imáleh, i. e. bé, té, &c., with the exception of حا, خا, طا, and ظا; and when they are regarded as nouns, their duals are بَيَانِ, تَيَانِ, &c.:] the pl. of بَآءٌ is بَآءَاتٌ; and that of بَا is أَبْوَآءٌ (TA ubi suprà.) It is one of the letters termed مَجْهُورَه [or vocal, i. e. pronounced with the voice, and not with the breath only]; and of those termed شَفَهِيَّة [or labial]; and of those termed ذُلْق [or pronounced with the extremity of the tongue or the lips]: Kh says that the letters of the second and third classes above mentioned [the latter of which comprises the former] are those composing the words رُبَّ مَنْ لَفَّ; and on account of their easiness of utterance, they abound in the composition of words, so that no perfect quinqueliteral-radical word is without one or more of them, unless it is of the class termed مُوَلَّد, not of the classical language of the Arabs. (TA at the commencement of باب البآء.)

b2: In the dial. of Mázin, it is changed into م; (TA ubi suprà;) as in بَكَّةُ, which thus becomes مَكَّةُ [the town of Mekkeh]. (TA in باب الالف الليّنة.)

A2: بِ is a preposition, or particle governing the gen. case; (S, Mughnee, K;) having kesr for its invariable termination because it is impossible to begin with a letter after which one makes a pause; (S;) or, correctly speaking, having a vowel for its invariable termination because it is impossible to begin with a quiescent letter; and having kesr, not fet-h, to make it accord with its government [of the gen. case], and to distinguish between it and that which is both a noun and a particle. (IB.) It is used to denote adhesion (Sb, T, S, M, Mughnee, K) of the verb to its objective complement, (S,) or of a noun or verb to that to which it is itself prefixed; (TA;) and adjunction, or association: (Sb, T:) and some say that its meaning of denoting adhesion is inseparable from it; and therefore Sb restricted himself to the mention of this meaning: (Mughnee:) or Sb says that its primary meaning is that of denoting adhesion and mixture. (Ibn-Es-Sáïgh, quoted in a marginal note in a copy of the Mughnee.) It denotes adhesion [&c.] in the proper sense; (Mughnee, K;) as in أَمْسَكْتُ بِزَيْدٍ, (M, Mughnee, K,) meaning I laid hold upon, or seized, [Zeyd, or] somewhat of the body of Zeyd, or what might detain him, as an arm or a hand, or a garment, and the like; whereas أَمْسَكْتُهُ may mean I withheld him, or restrained him, from acting according to his own free will: (Mughnee:) and it denotes the same in a tropical sense; (Mughnee, K;) as in مَرَرْتُ بِزَيْدٍ [I passed by Zeyd]; (S, Mughnee, K;) as though meaning I made my passing to adhere to Zeyd; (S;) or I made my passing to adhere to a place near to Zeyd: accord. to Akh, it is for مَرَرْتُ عَلَىِ زَيْدٍ; but مَرَرْتُ بِهِ is more common than مَرَرْتُ عَلَيْهِ, and is therefore more properly regarded as the original form of expression: (Mughnee:) accord. to F, the vowel of this preposition is kesr [when it is prefixed to a noun or a pronoun]; or, as some say, it is fet-h when it is with a noun properly so called; as in مَرَّ بَزَيْدٍ: so in the K; this being the reverse of what they have prescribed in the case of [the preposition]

ل: but in the case of ب, no vowel but kesr is known. (MF.) It denotes the same in the saying بِهِ دَآءٌ [In him is a disease; i. e. a disease is cleaving to him]: and so [accord. to some] in أَقْسَمْتُ باللّٰهِ [I swore, or, emphatically, I swear, by God; and similar phrases, respecting which see a later division of this paragraph]. (L.) So, too, in أَشْرَكَ باللّٰهِ, because meaning He associated another with God: and in وَكَّلْتُ بِفُلَانٍ, meaning I associated a وَكِيل [or factor &c.] with such a one. (T.) [And so in other phrases here following.] عَلَيْكَ بِزَيْدٍ Keep thou to Zeyd: or take thou Zeyd. (TA voce عَلَى.) عَلَيْكَ بِكَذَا Keep thou to such a thing: (El-Munáwee:) or take thou such a thing. (Ham p. 216.) فَبَهَا وَنَعْمَتْ Keep thou to it, فبها meaning فَعَلَيْكَ بِهَا, (Mgh in art. نعم,) [or let him keep to it, i. e. فَعَلَيْهِ بِهَا,] or thou hast taken to, or adopted and followed, or adhered to, the established way, or the way established by the Prophet, i. e. فَبِالسُّنَّةِ أَخَذَتَ, (Mgh,) or he hath taken to, &c., i. e. فَبِالسُّنَّةِ أَخَذَ, (IAth, TA in art. نعم,) or by this practice, or action, is excellence attained, or he will attain excellence, i. e. فَبِهٰذِهِ الخَصْلَةِ أَوِ الفَعْلَةِ يُنَالُ الفَضْلُ, or يَنَالُ الفَضْلَ; (IAth ubi suprà;) and excellent is the practise, the established way, or the way established by the Prophet, ونعمت meaning وَنِعْمَتِ الخَصْلَةُ السُّنَّةُ, (Mgh,) or and excellent is the practice, or the action, i. e. وَنِعْمَتِ الخَصْلَةُ, (S and K in art. نعم,) or وَنِعْمَتِ الخَصْلَةُ أُوِ الفَعْلَةُ: (IAth ubi suprà:) and it also occurs in a trad., where the meaning is [He who hath done such a thing hath adhered to the ordinance of indulgence; and excellent is the practice, or action, &c.: for here فبها is meant to imply] فَبِالرَّخْصَةِ أَخَذَ. (TA in the present art. See also art. نعم.)

b2: It is also used to render a verb transitive; (Mughnee, K;) having the same effect as hemzeh [prefixed], in causing [what would otherwise be] the agent to become an objective complement; as in ذَهَبْتُ بِزَيْدٍ syn. with أَذْهَبْتُهُ [I made Zeyd to go away; or I took him away]; (Mughnee;) and hence, [in the Kur ii. 16,] ذَهَبَ اللّٰهُ بِنُورِهِمْ

[God taketh away their light]; (Mughnee, K;)

which refutes the assertion of Mbr and Suh, that ذَهَبْتُ بِزَيْدٍ means [I went away with Zeyd; i. e.] I accompanied Zeyd in going away. (Mughnee.) J says that any verb that is not trans. you may render so by means of بِ and ا [prefixed] and reduplication [of the medial radical letter]: you say, طَارَ بِهِ and أَطَارَهُ and طَيَّرَهُ [as meaning He made him to fly, or to fly away]: but IB says that this is not correct as of common application; for some verbs are rendered trans. by means of hemzeh, but not by reduplication; and some by reduplication, but not by hemzeh; and some by ب, but not by hemzeh nor by reduplication: you say, دَفَعْتُ زَيْدًا بِعَمْرٍو [as meaning I made ' Amr to repel Zeyd, lit. I repelled Zeyd by ' Amr], but not أَدْفَعْتُهُ nor دَفَّعْتُهُ. (TA.)

b3: It also denotes the employing a thing as an aid or instrument; (S, M, * Mughnee, K; *) as in كَتَبْتُ بِالقَلَمِ [I wrote with the reed-pen]; (S, Mughnee, K;) and نَجَرْتُ بِالقَدُومِ [I worked as a carpenter with the adz]; (Mughnee, K;) and ضَرَبْتُ بالسَّيْفِ [I struck with the sword]. (M.) And hence the بِ in بِسْمِ اللّٰهِ, (Mughnee, K,) accord. to some, because the action [before which it is pronounced] is not practicable in the most perfect manner but by means of it: (Mughnee:) but others disallow this, because the name of God should not be regarded as an instrument: (MF, TA:) and some say that the ب here is to denote beginning, as though one said, أَبْتَدَأُ بِسْمِ اللّٰهِ [I begin with the name of God]. (TA.)

b4: It also denotes a cause; as in إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ [Verily ye have wronged yourselves by, i. e. because of, your taking to yourselves the calf as a god (Kur ii. 51)]; and in فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ [And every one of these we have punished for, i. e. because of, his sin (Kur xxix. 39)]; (Mughnee, K) and in لَنْ يَدْخُلَ أَحَدَكُمُ الجَنَّةَ بِعَمَلِهِ [Not any of you shall enter Paradise by, or for, or because of, his works]. (TA from a trad.) And so in لَقَيتُ بِزَيْدٍ الأَسَدَ I met, or found, by reason of my meeting, or finding, Zeyd, the lion: (Mughnee:) or the ب in this instance denotes comparison; [i. e. I met, or found, in Zeyd the like of the lion;] as also in رَأَيْتُ بِفُلَانٍ القَمَرَ [I saw in such a one the like of the moon]. (TA.) Another ex. of the same usage is the saying [of a poet], قَدْ سُقِيَتْ آبَالُهُمْ بِالنَّارِ وَالنَّارُ قَدْ تَشْفِى مِنَ الأُوَارِ

[Their camels had been watered because of the brand that they bore: for fire, or the brand, sometimes cures of the heat of thirst]; i. e., because of their being branded with the names [or marks] of their owners, they had free access left them to the water. (Mughnee. See also another reading of this verse voce نَارٌ.) [In like manner] it is used in the sense of مِنْ أَجْلِ [which means بِسَبَبِ (Msb in art. اجل)] in the saying of Lebeed, غُلْبٌ تَشَذَّرَ بِالذُّحُولِ كَأَنَّهَا جِنُّ البَدِىِّ رَوَاسِياً أَقْدَامُهَا 

(S) Thick-necked men, like lions, who threatened one another because of rancorous feelings, as though they were the Jinn of the valley El-Bedee, [or of the desert, (TA in art. بدو,)] their feet standing firm in contention and obstinate altercation. (EM pp. 174 and 175.) It is also used to denote a cause when prefixed to أَنَّ and to مَا as in ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّٰهِ [That was because they used to disbelieve in the signs of God]; and in ذٰلِكَ بِمَا عَصَوْا [That was because they disobeyed]: both instances in the Kur ii. 58. (Bd.)

b5: It is also used to denote concomitance, as syn. with مَعَ; (Mughnee, K;) as in اِشْتَرَيْتُ الفَرَسَ بِلِجَامِهِ وَسَرْجِهِ [I bought the horse with his bit and bridle and his saddle]; (TA;) and in لَمَّا رَآنِى بِالسَّلَاحِ هَرَبَ, i. e. When he saw me advancing with the weapon, [he fled;] or when he saw me possessor of a weapon; (Sh, T;) and in اِهْبِطْ بِسَلَامٍ [Descend thou with security, or with greeting (Kur xi. 50)]; and in وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ

[They having entered with unbelief (Kur v. 66)]; (Mughnee, K;) بالكفر being a denotative of state. (Bd.) Authors differ respecting the ب in the saying, فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ, in the Kur [xv. 98 and ex. 3]; some saying that it denotes concomitance, and that حمد is prefixed to the objective complement, so that the meaning is, سَبِّحْهٌ حَامِدًا لَهُ

[Declare thou his (thy Lord's) freedom from everything derogatory from his glory, praising Him], i. e. declare thou his freedom from that which is not suitable to Him, and ascribe to Him that which is suitable to Him; but others say that it denotes the employing a thing as an aid or instrument, and that حمد is prefixed to the agent, so that the meaning is, سَبِّحْهُ بِمَا حَمِدَ بِهِ نَفْسَهُ

[declare thou his (thy Lord's) freedom from everything derogatory from his glory by means of ascribing to Him that wherewith He hath praised himself]: and so, too, respecting the saying, سُبْحَانَكَ اللّٰهُمَّ وَبِحَمْدِكَ; some asserting that it is one proposition, the, being redundant; but others saying, it is two propositions, the و being a conjunction, and the verb upon which the ب is dependent being suppressed, so that the meaning is, [I declare thy freedom from everything derogatory from thy glory, 0 God,] وَبِحَمْدِكَ سَبَّحْتُكَ

[and with the praising of Thee, or by means of the praise that belongeth to Thee, I declare thy freedom &c.]. (Mughnee. [Other explanations of these two phrases have been proposed; but those given above are the most approved.]) Youalso say, عَلَىَّ بِهِ, meaning Bring thou him, [i. e.] come with him, to me. (Har p. 109.) ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ, in the Kur ix. 119, means بِرُحْبِهَا

[i. e. The earth became strait to them, with, meaning notwithstanding, its amplitude, or spaciousness]. (Bd.) Sometimes the negative لا intervenes between بِ [denoting concomitance] and the noun governed by it in the gen. case; [so that بِلَا signifies Without;] as in جِئْتُ بِلَا زَادٍ [I came without travelling-provision]. (Mughnee and K in art. لا.)

b6: It is also syn. with فِى before a noun signifying a place or a time; (Mughnee, * K, * TA;) as in جَلَسْتُ بِالمَسْجِدِ [I sat in the mosque]; (TA;) and وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّٰهُ بِبَدْرٍ [and verily God aided you against your enemies at Bedr (Kur iii. 119)]; and نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ [We saved them a little before daybreak (Kur liv. 34)]: (Mughnee, K, TA:) and so in بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (T, K,) in the Kur [lxviii. 6], (TA,) accord. to some, (T, Mughnee,) i. e. In which of you is madness; or in which of the two parties of you is the mad: (Bd:) or the ب is here redundant; (Sb, Bd, Mughnee;) the meaning being which of you is he who is afflicted with madness. (Bd. [See also a later division of this paragraph.])

b7: It also denotes substitution; [meaning Instead of, or in place of;] as in the saying [of the Hamásee (Mughnee)], فَلَيْتَ لِى بِهِمُ قَوْمًا إِذَا رَكِبُوا شَنَّوا الإِغَارَةَ فُرْسَانًا وَرُكْبَانَا

[Then would that I had, instead of them, a people who, when they mounted their beasts, poured the sudden attack, they being horsemen and camel-riders]; (Ham p. 8, Mughnee, K;) i. e., بَدَلًا بِهِمْ (TA:) but some read شَدُّوا الإِغَارَةَ, [and so it is in some, app., the most correct, of the copies of the Mughnee,] for شَدُّوا لِلْإِغَارِةِ [hastened for the making a sudden attack]. (Ham, Mughnee.)

So, too, in the saying, اِعْتَضْتُ بِهٰذِا الثَّوْبِ خَيْرًا مِنْهُ

[I received, in the place of this garment, or piece of cloth, one better than it]; and لَقِيتُ بِزَيْدٍ بَحْرًا

[I found, in the place of Zeyd, a man of abundant generosity or beneficence]; and هٰذَا بِذَاكِ [This is instead, or in the place, of that; but see another explanation of this last phrase in what follows]. (The Lubáb, TA.)

b8: It also denotes requital; or the giving, or doing, in return; (Mughnee, K;) and in this case is prefixed to the word signifying the substitute, or thing given or done in exchange [or return; or to the word signifying that for which a substitute is given, or for which a thing is given or done in exchange or return]; (Mughnee;) as in the saying, اِشْتَرَيْتُهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ [I purchased it for a thousand dirhems]; (Mughnee, K; *) [and in the saying in the Kur ix. 112, إِنَّ اللّٰهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ Verily God hath purchased of the believers their souls and their possessions for the price of their having Paradise;] and كَافَأْتُ إِحْسَانَهُ بِضِعْفٍ

[I requited his beneficence with a like beneficence, or with double, or more], (Mughnee,) or كَافأْتُهُ بِضِعْفِ إِحْسَانِهِ [I requited him with the like, or with double the amount, or with more than double the amount, of his beneficence], (K,) but the former is preferable; (TA;) [and خَدَمَ بِطَعَامِ بِطْنِهِ (S and A &c. in art. وغد) He served for, meaning in return for, the food of his belly;] and هٰذَا بِذَاكَ وَلَا عَتْبٌ عَلَى الزَّمَنِ

[This is in return for that, (an explanation somewhat differing from one in the next preceding division of this paragraph,) and no blame is imputable to fortune]: and hence, اُدْخُلُوا الجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [Enter ye Paradise in return for that which ye wrought (Kur xvi. 34)]; for the ب here is not that which denotes a cause, as the Moatezileh assert it to be, and as all [of the Sunnees] hold it to be in the saying of the Prophet, لَنْ يَدْخُلَ أَحَدُكُمُ الجَنَّةَ بِعَمَلِهِ [before cited and explained]; because what is given instead of something is sometimes given gratuitously; and it is evident that there is no mutual opposition between the trad. and the verse of the Kurn. (Mughnee.)

b9: It is also syn. with عَنْ; and is said to be peculiar to interrogation; as in فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا

[And ask thou respecting Him, or it, one possessing knowledge (Kur xxv. 60)]; (Mughnee, K;) and accord. to IAar in the Kur lxx. 1; (T;) and in the saying of ' Alkameh, فَإِنْ تَسْأَلُونِى بِالنِّسَآءِ فَإِنَّنِي بَصِيرٌ بِأَدْوَآءِ النِّسَآءِ خَبِيرُ

[And if ye ask me respecting the diseases of women, verily I am knowing in the diseases of women, skilful]: (A' Obeyd, TA:) or it is not peculiar to interrogation; as in وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَآءُ بِالْغَمَامِ [And the day when the heavens shall be rent asunder from the clouds (Kur xxv. 27)]; (Mughnee, K) and مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ (K) i. e. What hath beguiled thee from thy Lord, and from believing in him? in the Kur lxxxii. 6; and so in the same, lvii. 13: (TA: [but see art. غر:]) 

or, accord. to Z, the ب in بالغمام means by, as by an instrument; (Mughnee;) or it means because of, or by means of, the rising of the clouds therefrom: (Bd:) and in like manner the Basrees explain it as occurring in فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا, as denoting the cause; and they assert that it is never syn. with عَنْ; but their explanation is improbable. (Mughnee.)

b10: It is also syn. with عَلَىِ; as in إِنْ تِأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ (Mughnee, K *) or بِدِينَارٍ (S) [If thou give him charge over a hundredweight or over a deenár (Kur iii. 68)]; like as عَلَى is sometimes put in the place of بِ as after the verb رَضِىَ: (S, TA:) and so in لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ [That the ground were made even over them], in the Kur [iv. 45], (TA,) i. e. that they were buried; (Bd) and in مَرَرْتُ بِزَيْدٍ

[I passed by Zeyd], accord. to Akh, as before mentioned; (Mughnee, in the first division of the art. on this preposition;) and in زَيْدٌ بِالسَّطْحِ [Zeyd is on the roof]; (TA;) and in a verse cited in this Lex. voce ثَعْلَبٌ. (Mughnee.)

b11: It also denotes part of a whole; (Msb in art. بعض

Mughnee, K;) so accord. to As and AAF and others; (Msb, Mughnee;) as syn. with مِنْ (Msb, TA:) IKt says; the Arabs say, شَرِبْتُ بِمَآءِ

كَذَا, meaning مِنْهُ [I drank of such a water]; and Az mentions, as a saying of the Arabs, سَقَاكَ اللّٰهُ مِنْ مَآءِ كَذَا, meaning بِهِ [May God give thee to drink of such a water], thus making the two prepositions syn.: (Msb: [in which five similar instances are cited from poets; and two of these are cited also in the Mughnee:]) and thus it signifies in عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللّٰهِ [A fountain from which the servants of God shall drink, in the Kur lxxvi. 6; and the like occurs in lxxxiii. 28]; (Msb, Mughnee, K;) accord. to the authorities mentioned above; (Mughnee;) or the meaning is, with which the servants of God shall satisfy their thirst (يَرْوَى بِهَا); (T, Mughnee;) or, accord. to Z, with which the servants of God shall drink wine: (Mughnee:) if the ب were redundant, [as some assert it to be, (Bd,)] the meaning would be, that they shall drink the whole of it; which is not right: (Msb:) thus, also, it is used in وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ [in the Kur v. 8], (Msb, Mughnee, K,) accord. to some; (Mughnee;) i. e. [and wipe ye] a part of your heads; and this explanation has been given as on the authority of EshSháfi'ee; but he is said to have disapproved it, and to have held that the ب here denotes adhesion: (TA:) this latter is its apparent meaning in this and the other instances: or, as some say, in this last instance it is used to denote the employing a thing as an aid or instrument, and there is an ellipsis in the phrase, and an inversion; the meaning being, اِمْسَحُوا رُؤُسَكُمْ بِالمَآءِ [wipe ye your heads with water]. (Mughnee.)

b12: It is also used to denote swearing; (Mughnee, K;) and is the primary one of the particles used for this purpose; therefore it is peculiarly distinguished by its being allowable to mention the verb with it, (Mughnee,) as أُقْسِمُ بِاللّٰهِ لَأَفْعَلَنَّ [I swear by God I will assuredly do such a thing]; (Mughnee, K) and by its being prefixed to a pronoun, as in بِكَ لَأَفْعَلَنَّ [By thee I will assuredly do such a thing]; and by its being used in adjuring, or conjuring, for the purpose of inducing one to incline to that which is desired of him, as in باللّٰهِ هَلْ قَامَ زَيْدٌ, meaning I adjure thee, or conjure thee, by God, to tell me, did Zeyd stand? (Mughnee.) [See also the first explanation of this particle, where it is said, on the authority of the L, that, when thus used, it denotes adhesion.]



b13: It is also syn. with إِلَي as denoting the end of an extent or interval; as in أَحْسَنَ بِى, meaning He did good, or acted well, to me: (Mughnee, K:) but some say that the verb here imports the meaning of لَطَفَ [which is trans. by means of ب, i. e. he acted graciously, or courteously, with me]. (Mughnee.)

b14: It is also redundant, (S, Mughnee, K,) to denote corroboration: (Mughnee, K:) and is prefixed to the agent: (Mughnee:) first, necessarily; as in أَحْسِنْ بِزَيْدٍ; (Mughnee, K;) accord. to general opinion (Mughnee) originally أَحْسَنَ زَيْدٌ, i. e. صَارَ ذَا حُسْنٍ [Zeyd became possessed of goodness, or goodliness, or beauty]; (Mughnee, K; *) or the correct meaning is حَسُنَ

زَيْدٌ [Good, or goodly, or beautiful, or very good &c., is Zeyd! or how good, or goodly, or beautiful, is Zeyd!], as in the B: (TA:) secondly, in most instances; and this is in the case of the agent of كَفَى; as in كَفَى بِاللّٰهِ شَهِيدًا [God sufficeth, being witness, or as a witness (Kur xiii., last verse; &c.)]; (Mughnee, K [and a similar ex. is given in the S, from the Kur xxv. 33;]) the ب here denoting emphatic praise; but you may drop it, saying, كَفَى اللّٰهُ شَهِيدًا: (Fr, TA:) thirdly, in a case of necessity, by poetic licence; as in the saying, أَلَمْ يَأْتِيكَ وَالأَنْبَآءُ تَنْمِى بِمَا لَاقَتْ لَبُونُ بَنِى زِيَادِ

[Did not what the milch camel of the sons of Ziyád experienced come to thee (يَأْتِيكَ being in like manner put for يَأْتِكَ) when the tidings were increasing?]. (Mughnee, K.) It is also redundantly prefixed to the objective complement of a verb; as in وَلَا تُلْقُوا بِأَيْديكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ

[And cast ye not yourselves (بأيديكم meaning بِأَنْفُسِكُمْ) to perdition (Kur ii. 191)]; and in وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ [And shake thou towards thee the trunk of the palm-tree (Kur xix. 25)]: but some say that the former means and cast ye not yourselves (أَنْفُسَكُمْ being understood) with your hands to perdition; or that the meaning is, by means, or because, of your hands: (Mughnee:) and ISd says that هُزِّى, in the latter, is made trans. by means of ب because it is used in the sense of جُزِّى: (TA in art هز:) so, too, in the saying, نَضْرِبُ بِالسَّيْفِ وَ نَرجُو بِالفَرَجْ

[We smite with the sword, and we hope for the removal of grief]: (S, Mughnee:) and in the trad., كَفَي بِالمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ

[It suffices the man in respect of lying that he relate all that he has heard]. (Mughnee.) It is also redundantly prefixed to the inchoative; as in بِحَسْبِكَ [when you say, بِحَسْبِكَ دِرْهَمٌ, meaning A thing sufficing thee is a dirhem; a phrase which may be used in two ways; as predicating of what is sufficient, that it is a dirhem; and as predicating of a dirhem, that it is sufficient; in which latter case, بحسبك is an enunciative put before its inchoative, so that the meaning is, a dirhem is a thing sufficing thee, i. e. a dirhem is sufficient for thee; as is shown in a marginal note in my copy of the Mughnee: in the latter way is used the saying, mentioned in the S, بِحَسْبِكَ قَوْلُ السَّوْءِ A thing sufficing thee is the saying what is evil: and so, app., each of the following sayings, mentioned in the TA on the authority of Fr; حَسْبُكَ بِصَدِيقِنَا A person sufficing thee is our friend; and نَاهِيكَ بِأَخِينَا

A person sufficing thee is our brother: the ب is added, as Fr says, to denote emphatic praise]: so too in خَرَجْتُ فَإِذِا بِزَيْدٍ [I went forth, and lo, there, or then, was Zeyd]; and in كَيْفَ بِكَ إِذَا كَانَ كَذَا [How art thou, or how wilt thou be, when it is thus, or when such a thing is the case?]; and so, accord. to Sb, in بِأيِّكُمُ الْمَفْتُونُ

[mentioned before, in explanation of بِ as syn. with فِى]; but Abu-l-Hasan says that بأيّكم is dependent upon اِسْتِقْرَار suppressed, denoting the predicate of اَلمفتون; and some say that this is an inf. n. in the sense of فِنْنَةٌ; [so that the meaning may be, بأَيِّكُمُ المَفْتُونُ مُسْتَقِرٌّ In which of you is madness residing?]; or, as some say, بِ is here syn. with فِى [as I have before mentioned], (Mughnee.) A strange case is that of its being added before that which is originally an inchoative, namely, the noun, or subject, of لَيْسَ, on the condition of its being transferred to the later place which is properly that of the enunciative; as in the reading of some, xxx لَّيْسَ الْبِرَّ بِأَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ xxx

[Your turning your faces towards the east and the west is not obedience (Kur ii. 172)]; with البرّ in the accus. case. (Mughnee.) It is also redundantly prefixed to the enunciative; and this is in two kinds of cases: first, when the phrase is not affirmative; and cases of this kind may be followed as exs.; as لَيْسَ زَيْدٌ بِقَائِمٍ [Zeyd is not standing]; and وَمَا اللّٰهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [And God is not heedless of that which ye do (Kur ii. 69, &c.)]: secondly, when the phrase is affirmative; and in cases of this kind, one limits himself to what has been heard [from the Arabs]: so say Akh and his followers; and they hold to be an instance of this kind the phrase, جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا [The recompense of an evil action is the like thereof (Kur x. 28)]; and the saying of the Hamásee, وَمَنْعُكَهَا بِشَىْءٍ يُسْتَطَاعُ

[And the preventing thee from having her (referring to a mare) is a thing that is possible]: but it is more proper to make بمثلها dependent upon اِسْتِقْرَار suppressed, as the enunciative; [the meaning being, جَزَآءُ سَيَّئَةٍ مُسْتَقِرٌّ بِمِثْلِهَا, or يَسْتَقِرُّ بِمِثْلِهَا, i. e. the recompense of an evil action is a thing consisting in the like thereof]; and to make بشىء dependent upon منعكها; the meaning being, وَ مَنْعُكَهَا بِشَىْءٍ مَّا يُسْتَطَاعُ [i. e. and the preventing thee from having her, by something, is possible: see Ham p. 102 ]: Ibn-Málik also

[holds, like Akh and his followers, that بِ may be redundant when prefixed to the enunciative in an affirmative proposition; for he] says, respecting بِحَسْبِكَ زَيْدٌ, that زيد is an inchoative placed after its enunciative, [so that the meaning is, Zeyd is a person sufficing thee,] because زَيْدٌ is determinate and حَسْبُكَ is indeterminate. (Mughnee. [See also what has been said above respecting the phrase بِحَسْبِكَ دِرْهَمٌ, in treating of بِ as added before the inchoative.]) It is also redundantly prefixed to the denotative of state of which the governing word is made negative; as in فَمَا رَجَعَتْ بِخَائِبَةٍ رِكَابٌ حَكِيمُ بْنُ المُسَيَّبِ مُنْتَهَاهَا

[And travelling-camels (meaning their riders) returned not disappointed, whose goal, or ultimate object, was Hakeem the son of El-Museiyab]; and in فَمَا انْبَعَثْتَ بِمَزْؤُدٍ وَ لَا وَكَلِ

[And thou didst not, being sent, or roused, go away frightened, nor impotent, committing thine affair to another]: so says Ibn-Málik: but AHei disagrees with him, explaining these two exs. as elliptical; the meaning implied in the former being, بِحَاجَةٍ خَائِبَةٍ [with an object of want disappointed, or frustrated]; and in the second, بِشَخْصٍ مَزْؤُودٍ, i. e. مَذْعُورٍ [with a person frightened]; the poet meaning, by the مزؤود, himself, after the manner of the saying, رَأَيْتُ مِنْهُ أَسَدًا; and this is plain with respect to the former ex., but not with respect to the second; for the negation of attributes of dispraise denoted as intensive in degree does not involve the negation of what is simply essential in those attributes; and one does not say, لَقِيتُ مِنْهُ أَسَدًا, or بَحْرًا, [or رَأَيْتُ مِنْهُ أَسَدًا, as above, or بَحْرًا,] but when meaning to express an intensive degree of boldness, or of generosity. (Mughnee.) It is also redundantly prefixed to the corroborative نَفْسٌ and عَيْنٌ: and some hold it to be so in يَتَرَبَّنَ بِأَنْفُسِهِنَّ [as meaning Shall themselves wait (Kur ii. 228 and 234)]: but this presents matter for consideration; because the affixed pronoun in the nom. case, [whether expressed, as in this instance, in which it is the final syllable نَ, or implied in the verb,] when corroborated by نَفْس, should properly be corroborated first by the separate [pronoun], as in قُمْتُمْ أَنْتُمْ أَنْفُسُكُمْ [Ye stood, ye, yourselves]; and because the corroboration in this instance is lost, since it cannot be imagined that any others are here meant than those who are commanded to wait: [the preferable rendering is, shall wait to see what may take place with themselves:] بأنفسهنّ is added only for rousing them the more to wait, by making known that their minds should not be directed towards the men. (Mughnee.) Accord. to some, it is also redundantly prefixed to a noun governed in the gen. case [by another preposition]; as in فأَصْبَحْنَ لَا يَسْأَلْنَهُ عَنْ بِأَبِهِ

And they became in a condition in which they asked him not respecting his father; which may perhaps be regarded by some as similar to the saying, يَضْحَكْنَ عَنْ كَالبَرَدِ المُنْهَمِّ

but in this instance, كَ is generally held to be a noun, syn. with مِثْل]. (The Lubáb, TA.)

b15: Sometimes it is understood; as in اللّٰه لافعلنّ

[i. e. اللّٰهِ لَأَفْعَلَنَّ and اللّٰهَ لَأَفْعَلَنَّ By God, I will assuredly do such a thing; in the latter as well as the former, for a noun is often put in the accus.

case because of a preposition understood; or, accord. to Bd, in ii. 1, a verb significant of swearing is understood]: and in خَيْرٍ [for بِخَيْرٍ

In a good state], addressed to him who says, كَيْفَ أَصْبَحْتَ [How hast thou entered upon the time of morning? or How hast thou become?]. (TA.)

b16: [It occurs also in several elliptical phrases; one of which (فَبِهَا وَ نِعْمَتْ) has been mentioned among the exs. of its primary meaning: some are mentioned in other arts.; as بِأَبِى and بِنَفْسِى, in arts. ابو and نفس: and there are many others, of which exs. here follow.] Mohammad is related, in a trad., to have said, after hitting a butt with an arrow, أَنَا بهَا أَنَا بهَا, meaning أَنَا صَاحِبُهَا [I am the doer of it! I am the doer of it!]. (Sh, T.) And in another trad., Mohammad is related to have said to one who told him of a man's having committed an unlawful action, لَعَلَّكَ بِذٰلِكِ, meaning لَعَلَّكَ صَاحِبُ الأَمْرِ [May-be thou art the doer of that thing]. (T.) And in another, he is related to have said to a woman brought to him for having committed adultery or fornication, مَنْ بِكِ, meaning مَنْ صَاحِبُكِ [Who was thine accomplice?]: (T:) or مَنِ الفَاعِلُ بِكِ

[Who was the agent with thee?]. (TA.) أَنَا بِكَ وَلَكَ, occurring in a form of prayer, means I seek, or take, refuge in Thee; or by thy right disposal and facilitation I worship; and to Thee, not to any other, I humble myself. (Mgh in art. بوا.)

One says also, مَنْ لِى بِكَذَا, meaning Who will be responsible, answerable, amenable, or surety, to me for such a thing? (Har p. 126: and the like is said in p. 191.) And similar to this is the saying, كَأَنِّى بِكَ, meaning كَأَنِّي أَبْصُرُ بِكَ

[It is as though I saw thee]; i. e. I know from what I witness of thy condition to-day how thy condition will be to-morrow; so that it is as though I saw thee in that condition. (Idem p. 126.) [You also say, كَأَنَّكَ بِهِ, meaning Thou art so near to him that it is as though thou sawest him: or it is as though thou wert with him: i. e. thou art almost in his presence.]

b17: The Basrees hold that prepositions do not supply the places of other prepositions regularly; but are imagined to do so when they admit of being differently rendered; or it is because a word is sometimes used in the sense of another word, as in شَرِبْنَ بِمَآءِ البَحْرِ meaning رَوِينَ, and in أَحْسَنَ بِى meaning لَطَفَ; or else because they do so anomalously. (Mughnee.)

A3: [As a numeral, ب denotes Two.]
باب الباء

قال أبو عبد الرّحمن: الباء بمنزلة الفاء. ولم يبق للباء شيءٌ من التّأليف لا في الثّنائيّ، ولا في الثلاثيّ ولا في الرّباعيّ ولا في الخماسيّ، وبقي منه اللفيف، وأحرف من المعتلّ معربة مثل: البوم ولميبة، وهي فارسيّة، وبَم العود. ويَبَنْيَم وهو موضع.
(ب) تَقْيِيد الشّرطِيَّة بالزمن الْمَاضِي وَبِهَذَا الْوَجْه فَارَقت إِن فَإِن هَذِه لعقد السَّبَبِيَّة والمسببية فِي الْمُسْتَقْبل وَلِهَذَا قَالُوا الشَّرْط بإن سَابق على الشَّرْط بلو وَذَلِكَ لِأَن الزَّمن الْمُسْتَقْبل سَابق على الزَّمن الْمَاضِي أَلا ترى انك تَقول إِن جئتني غَدا أكرمتك فَإِذا انْقَضى الْغَد وَلم يجِئ قلت لَو جئتني أمس لأكرمتك

ب


ب
a. Ba the second letter of the alphabet. Its numerical value is Two, (2).

ب (a. prep. governing the gen. case; always prefixed ) In
at; by, with; for; about, concerning; during.
بَاب
a. see بَوَبَ

بَابَا (pl.
بَابَاوَات)
a. Papa.
b. Pope.

بَابَاوِيّ
a. Papal.

بَابَارِيّ
a. Black pepper.

بَابِل
a. Babel; Babylon.
b. [], Babylonian; sorcery, magic.
بَابَُوْج
P. (pl.
بَوَاْ2ِيْ3ُ)
a. Slipper.

بَابُوْنَج
P.
a. Camomile.

بُؤْبُو
a. Source, origin, root.
b. Pupil ( of the eye ).
c. Baby.
وَهِي من الْحُرُوف المَجْهُورَةِ، وَمن الْحُرُوف الشَّفوِيَّةِ، وسُمِّيَتْ بهَا لأَن مَخْرجَهَا من بَين الشفتين، لَا تعْمل الشفتانِ فِي شَيْء من الْحُرُوف إِلَّا فِيهَا، وَفِي الْفَاء وَالْمِيم، وَقَالَ الْخَلِيل بن أَحمد: الحُرُوفُ الذُّلْقُ والشفوية: سِتَّةٌ: يَجْمَعُهَا قَوْلك: (رُبَّ مَنْ لَفَّ) ولسُهُولَتِهَا فِي المَنْطِق كَثُرَت فِي أَبْنِيَة الكَلاَم، فَلَيْسَ شَيْء من بِنَاء الخُمَاسِيّ التامِّ يَعْرَى مِنْهَا، أَو من بَعْضهَا، فإِذا ورد عَلَيْك خُمَاسيٌّ مُعْرًى من الْحُرُوف الذُّلْقِ والشفويّة فَاعْلَم أَنه مُوَلَّدٌ، وَلَيْسَ من صَحِيحِ كَلاَمِ العربِ، وَقَالَ شَيخنَا: إِنها تقلب مِيماً فِي لُغَة مَازِنٍ، كَمَا قَالَه أَهل الْعَرَبيَّة.
(ب) - قَولُه تَعالى: {فَسَبِّح بحَمْدِ رَبِّك} .
الباء في "بِحمد رَبِّك" تُشْبِه باءَ التّعدِية، كا يُقال: اذْهَب به: أي اجمَعْه مَعَك في الذِّهاب، كأنه قال: سَبِّح رَبَّك مع حَمدك إيَّاه.
يَدُلّ عليه حَدِيثُ عَائِشةَ: "أَنَّ النبىّ - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: سبْحانَك اللَّهُمَّ وبِحمدِك، اللَّهُمّ اغْفِر لِى".
يَتَأَوَّل القُرآنُ.
- وقوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} .
كأنه يُشبَّه بالبَاءِ التي في قَوله تَعالَى: {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} وقَولِه تَعالى: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} في أَحَدِ الأَقوال. - في حديث ابنِ عُمَر: "أَنا بِهَا" .
: أي أنا جِئْت بها، وفَعَلْتُها.
- ومنه الحَدِيث الآخر: "سُبْحانَ الله وبِحَمْدِه".
: أي وبِحَمدِه سَبَّحت.
وقد تَكرَّر ذِكْر البَاءِ المُفردةِ على تَقْدِير عَاملٍ مَحْذُوف، واللهُ تَعالَى أَعْلَمُ.
 

الباءُ: من الحُروف الـمَجْهُورة ومن الحروف الشَّفَوِيَّةِ،

وسُمِّيت شَفَوِيَّةً لأَن مَخْرَجَها من بينِ الشَّفَتَيْنِ، لا تَعْمَلُ الشَّفتانِ في شيءٍ من الحروف إِلاّ فيها وفي الفاء والميم. قال الخليل بن

أَحمد: الحروف الذُّلْقُ والشَّفَوِيَّةُ ستة: الراءُ واللام والنون والفاءُ

والباءُ والميم، يجمعها قولك: رُبَّ مَنْ لَفَّ، وسُمِّيت الحروف الذُّلْقُ ذُلْقاً لأَن الذَّلاقة في الـمَنْطِق إِنما هي بطَرف أَسَلةِ اللِّسان، وذَلَقُ اللسان كذَلَقِ السِّنان. ولـمَّا ذَلِقَتِ الحُروفُ الستةُ وبُذِلَ بهنَّ اللِّسانُ وسَهُلت في الـمَنْطِقِ كَثُرَت في أَبْنِية الكلام، فليس شيءٌ من بناءِ الخُماسيّ التامِّ يَعْرَى منها أَو مِن بَعْضِها، فإِذا ورد عليك خُماسيٌّ مُعْرًى من الحُروف الذُّلْقِ والشَّفَوِيَّة، فاعلم أَنه مُولَّد، وليس من صحيح كلام العرب. وأَما بناءُ الرُّباعي الـمنْبَسِط فإِن الجُمهور الأَكثرَ منه لا يَعْرى من بَعض الحُروف الذُّلْقِ إِلا كَلِماتٌ نَحوٌ من عَشْر، ومَهْما جاءَ من اسْمٍ رُباعيّ مُنْبَسِطٍ مُعْرًى من الحروف الذلق والشفوية، فإِنه لا يُعْرَى من أَحَد طَرَفَي الطَّلاقةِ، أَو كليهما، ومن السين والدال أَو احداهما، ولا يضره ما خالَطه من سائر الحُروف الصُّتْمِ.

الباءُ: حَرْفُ جَرٍّ للإِلْصاقِ حَقيقيًّا: أمْسَكْتُ بِزَيْدٍ، ومَجازِيًّا: مَرَرْتُ به، وللتَّعْدِيَةِ: {ذَهَبَ اللهُ بنُورِهِم} وللاسْتِعانَةِ: كَتَبْتُ بالقَلَمِ، ونَجَرت بالقَدُومِ، ومنه باءُ البَسْمَلةِ، وللسَّبَبِيَّةِ: {فَكُلاًّ أخَذْنا بذَنْبِهِ} ، {إنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أنْفُسَكُمْ باتِّخاذِكُمُ العِجْلَ} وللمُصاحَبَةِ: {اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا} أي: معه، {وقد دَخَلُوا بالكُفْرِ} ، وللظَّرْفِيَّةِ: {ولقد نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ} ، و {نَجَّيْناهُم بسَحَرٍ} و {بأَيِّكُمُ المَفْتُونُ} ، وللبَدَلِ:
فَليْتَ لِي بِهِمُ قَوْماً إذا ركِبُوا ... شَنُّوا الإِغارَةَ رُكْباناً وفُرْسانَا
وللمُقابَلَةِ: اشْتَرَيْتُهُ بألْفٍ، وكافَيْتُه بضِعفِ إحْسانِهِ، وللمُجاوَزَةِ كعَنْ، وقيل: تَخْتَصُّ بالسُّؤالِ: {فاسْأَلْ به خَبِيراً} ، أو لا تَخْتَصُّ نحوُ: {ويوَمَ تَشَقَّقُ السماءُ بالغَمامِ} ، و {ما غَرَّكَ برَبِّكَ الكَريمِ} ، وللاسْتِعْلاءِ: {مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ} ، وللتَّبْعِيضِ: {عَيْناً يَشْرَبُ بها عِبادُ اللهِ} {وامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ} ، وللقَسَمِ: أُقْسِمُ باللهِ، وللغايةِ: {أحْسَنَ بي} ، أي: أحْسَنَ إلَيَّ، وللتَّوْكيدِ: وهي الزائدَةُ، وتكونُ زِيادةً واجِبةً: كأَحْسِنْ بِزَيْدٍ، أَي: أَحْسَنَ زَيْدٌ، أي: صارَ ذا حُسْنٍ، وغالِبَةً: وهي في فاعِلِ كَفَى: كَـ {كَفَى باللهِ شهِيداً} ، وضرورةً، كقولِهِ:
ألم يأتِيكَ والأَنْباءُ تَنْمِي ... بما لاقَتْ لَبُونُ بَني زِيادِ
وحَرَكَتُها الكَسْرُ، وقيلَ: الفتحُ مع الظاهِرِ، نحوُ: مُرَّ بزَيْدٍ.
(ب)
أَكْثَرُ مَا تردُ البَاء بِمَعْنَى الْإِلْصَاقِ لِمَا ذُكر قَبْلَهَا مِن اسْمٍ أَوْ فِعْلٍ بِمَا انْضَمَّت إِلَيْهِ، وَقَدْ تَرد بمعْنى الْمُلَابَسَةِ وَالْمُخَالَطَةِ، وَبِمَعْنَى مِن أجْل، وَبِمَعْنَى فِي وَمِنْ وَعَنْ وَمَعَ، وَبِمَعْنَى الْحَالِ، والعِوَض، وَزَائِدَةً، وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْسَامِ قَدْ جَاءَتْ فِي الْحَدِيثِ. وتُعرف بسِياق اللَّفْظِ الْوَارِدَةِ فِيهِ.
(هـ) فِي حَدِيثِ صَخْرٍ «أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ رجُلا ظاهَر مِنِ امْرَأَتِهِ ثُمَّ وَقَع عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لعَلَّك بِذَلِكَ يَا أَبَا سَلَمة، فَقَالَ: نَعم أنَا بِذَلك» أَيْ لعَلَّك صاحبُ الوَاقعة، والباءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ لعلَّك المُبْتَلَى بِذَلِكَ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّهُ أُتِيَ بِامْرَأَةٍ قَدْ فَجَرَتْ، فَقَالَ مَنْ بِكِ» أَيْ مَن الفاعل بك. (س هـ) وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «أَنَّهُ كَانَ يَشْتَدُّ بيْن هَدفَيْن فَإِذَا أَصَابَ خصْلة قَالَ أنَا بِهَا» يَعْنِي إِذَا أَصَابَ الهدَف قَالَ أَنَا صاحبُها.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْجُمُعَةِ «مَنْ تَوَضَّأ لِلْجُمُعَةِ فَبِها ونِعْمَت» أَيْ فبالرُّخْصَة أخَذ، لأنَّ السُّنة فِي الْجُمُعَةِ الغُسْل، فأضْمر، تَقْديره: ونِعْمَت الخَصْلة هِي، فحذِف المخْصُوص بِالْمَدْحِ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ فبالسُّنَّة أخَذَ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
(س) وَفِيهِ «فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ» البَاءُ هَاهُنا للالْتِبَاس والمخالَطة، كَقَوْلِهِ تَعَالَى تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ أَيْ مُخْتَلطة ومُلْتَبْسة بِهِ، وَمَعْنَاهُ اجْعل تَسْبيح اللَّهِ مُخْتَلِطاً ومُلْتبِسا بِحَمْدِهِ. وَقِيلَ الْبَاءُ للتَّعدية، كَمَا يُقَالُ اذْهَب بِهِ: أَيْ خُذْه مَعَكَ فِي الذِّهَابِ، كَأَنَّهُ قَالَ: سَبِّحْ ربَّك مَعَ حَمْدِكَ إيَّاه.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ» أَيْ وبِحَمْده سَبَّحت. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الْبَاءِ الْمُفْرَدَةِ عَلَى تَقْدِيرِ عَامِلٍ مَحْذُوفٍ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. 
الباءُ: حَرْفُ) هِجاءٍ مِن حُروفِ المُعْجم ومُخْرجُها مِنَ انْطِباقِ الشَّفَتَيْن قُرْبَ مَخْرج الفاءِ تُمَدُّ وتُقْصر، وتُسَمَّى حَرْف (جَرَ) لكَوْنِها مِن حُروفِ الإضافَةِ، لأنَّ وضْعَها على أَن تُضِيفَ مَعانِيَ الأفْعالِ إِلَى الأسْماء. ومَعانِيها مُخْتلفَةٌ وأَكْثَر مَا تَرِدُ.
(للإلْصاقِ) لمَا ذُكِر قَبْلها مِن اسمٍ أَو فِعْلٍ بِمَا انْضَمَّت إليهِ.
قالَ الجَوْهرِي: هِيَ مِن عوامِلِ الجرِّ وتَخْتصُّ بالدُّخولِ على الأسْماءِ، وَهِي لإلْصاقِ الفِعْلِ بالمَفْعولِ بِهِ إمَّا (حَقِيقيًّا) كَقَوْلِك: (أَمْسَكْتُ بزَيْدٍ؛ و) إمَّا (مَجازِيًّا) نَحْو: (مَرَرْتُ بِهِ) ، كأنَّك أَلْصَقْتَ المُرورَ بِهِ؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ.
وقالَ غيرُهُ: التَصَقَ مُرورِي بمَكانٍ يقرب مِنْهُ ذلكَ الرَّجُل.
وَفِي اللّبابِ: الباءُ للإلْصاقِ إمَّا مُكَمِّلة للفِعْل نَحْو مَرَرْتُ بزَيْدٍ وَبِه دعاءٌ، وَمِنْه: أَقْسَمْت باللهاِ وبحيَاتِكَ قسما واسْتِعْطافاً، وَلَا يكونُ مُسْتقرّاً إلاَّ أنْ يكونَ الكَلامُ خَبَراً، انتَــهَى.
ودَخَلَتِ الباءُ فِي قولِه تَعَالَى: {أَشْرَكُوا بااِ} لأنَّ مَعْنى أَشْرَكَ باللهاِ قَرَنَ بِهِ غَيره، وَفِيه إضْمارٌ. والباءُ للإلْصاقِ والقِرانِ، ومَعْنى قَوْلهم: وَكَّلْت بفلانٍ، قَرَنْتُ بِهِ وَكِيلاً.
(وللتَّعْدِيَةِ) نَحْو قولهِ تَعَالَى: {ذَهَبَ ااُ بنُورِهِم} {وَلَو شاءَ ااُ لذَهَبَ يسَمْعِهم وأَبْصارهِم} ، أَي جعلَ اللاَّزمَ مُتَعدِّياً بتَضَمُّنِه مَعْنى التَّصْيير، فإنَّ مَعْنى ذَهَبَ زَيْدٌ، صَدَرَ الذَّهابُ مِنْهُ، ومَعْنَى ذَهَبْتُ بزَيْدٍ وصَيَّرته ذاهِباً، والتَّعْدِيَةُ بِهَذَا المَعْنى مُخْتصَّة بالباءِ، وأَمَّا التّعْدِيَة بمعْنَى إلْصاقِ مَعْنى الفِعْل إِلَى مَعْمولِه بالواسِطَةِ، فالحُروفُ الجارَّةُ كُلُّها فِيهَا سَواءٌ بِلَا اخْتِصاص بالحَرْفِ دُونَ الحَرْف. وَفِي اللّبابِ: وَلَا يكونُ مستقرّاً على مَا ذُكِر يُوضِح ذلكَ قولهُ:
دِيارُ الَّتِي كادَتْ ونَحْن على منى
تحلُّ بِنا لَوْلا نجاء الرَّكائِبِوقال الجَوْهرِي: وكلُّ فِعْل لَا يَتَعَدَّى فلَكَ أَن تُعدِّيه بالباءِ والألِفِ والتَّشْديدِ تقولُ: طارَ بِهِ، وأَطارَهُ، وطَيَّره.
قَالَ ابنُ برِّي: لَا يصحُّ هَذَا الإطْلاقُ على العُمومِ لأنَّ مِن الأفْعالِ مَا يُعدَّى بالهَمْزةِ وَلَا يُعدَّى بالتِّضْعيفِ نَحْو: عادَ الشيءُ وأَعَدْتَه، وَلَا تَقُلْ عَوَّدْتَه، وَمِنْهَا مَا يُعدَّى بالتَّضْعيفِ وَلَا يُعدَّى بالهَمْزةِ نَحْو: عَرَفَ وعَرَّفْتُه، وَلَا يقالُ أعْرَفْتُه، وَمِنْهَا مَا يُعدَّى بالباءِ وَلَا يُعَدَّى بالهَمْزةِ وَلَا بالتَّضْعيفِ نَحْو دَفَعَ زَيْدٌ عَمْراً ودَفَعْتُه بعَمْرِو، وَلَا يقالُ أَدْفَعْتُه وَلَا دَفَّعْتُه.
(وللاسْتِعانَةِ) ، نَحْو: (كتَبْتُ بالقَلَم ونَجَرْتُ بالقَدُومِ) وضَرَبْتُ بالسَّيْفِ، (وَمِنْه باءُ البَسْمَلَةِ) ، على المُخْتارِ عنْدَ قَوْمٍ، ورَدَّه آخَرُونَ وتَعَقّبُوه لمَا فِي ظاهِرِه مِن مُخالَفَةِ الأدَبِ، لأنَّ باءَ الاسْتِعانَةِ إنَّما تَدْخُلُ على الآلاتِ الَّتِي تُمْتَهَنُ ويُعْمَل بهَا، واسْمُ اللهاِ تَعَالَى يَتَنَزَّه عَن ذلكَ؛ نقلَهُ شيْخُنا.
وَقَالَ آخَرُون: الباءُ فِيهَا بمعْنَى الابْتِداءِ كأنَّه قَالَ أَبْتَدِىءُ باسْمِ اللهاِ.
(وللسَّبَبِيَّةِ) ، كَقَوْلِه تَعَالَى: {فكُلاًّ أَخَذْنا بذَنْبهِ} ، أَي بسَبَبِ ذَنْبِهِ؛ وكَذلكَ قَوْله تَعَالَى: {إنَّكُم ظَلَمْتُم أَنْفُسَكُم باتِّخاذِكُم العِجْلَ} ، أَي بسَبَبِ اتِّخاذِكُم؛ وَمِنْه الحديثُ: (لنْ يَدْخُلَ أَحَدُكُم الجنَّةَ بعَمَلِه) . (وللمُصاحَبَةِ) ، نَحْو قَوْله تَعَالَى: {اهْبِطْ بسَلامٍ مِنَّا} ، (أَي: مَعَه) ؛ وَقد مَرَّ لَهُ فِي مَعانِي فِي أنَّها بمعْنَى المُصاحَبَة، ثمَّ بمعْنَى مَعَ، وتقدَّمَ الكَلامُ هُنَاكَ؛ وَمِنْه أَيْضاً قَوْله تَعَالَى: {وَقد دَخَلُوا بالكُفْر} ، أَي مَعَه؛ وَقَوله تَعَالَى: {فسَبِّحْ بحَمْدِ رَبِّك} ، وسُبْحانَك وبحَمْدِك. ويقالُ: الباءُ فِي {فسَبِّحْ بحَمْدِ رَبِّك} للالْتِباسِ والمُخالَطَةِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {تَنْبُتُ بالدُّهْن} ، أَي مُخْتَلِطَةً ومُلْتَبِسَةً بِهِ، والمَعْنى اجْعَلْ تَسْبِيحَ اللهاِ مُخْتلِطاً ومُلْتَبِساً بحَمْدِه. واشْتَرَيْتُ الفَرَسَ بِلجامِه وسرْجِه.
(وَفِي اللُّباب: وللمُصاحَبَةِ فِي نَحْو: رَجَعَ بخُفَيِّ حُنَيْن، ويُسَمَّى الحَال، قَالُوا: وَلَا يكونُ إلاَّ مُسْتقرَّة وَلَا صَادّ عَن الإلْغاءِ عِنْدِي.
(وللظَّرْفِيَّةِ) بمعْنَى فِي، نَحْو قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَد نَصَرَكُمُ ااُ ببَدْرٍ} ، أَي فِي بَدْرٍ؛ {ونَجَّيْناهُم بسَحَرٍ} ، أَي فِي سَحَرٍ؛ وفلانٌ بالبَلَدِ، أَي فِيهِ؛ وجَلَسْتُ بالمسْجِدِ، أَي فِيهِ؛ وَمِنْه قولُ الشاعرِ:
ويستخرج اليربوع من نافقائه
وَمن حُجرِه بالشيحة اليتقصعأي فِي الشّيحةِ) (و) مِنْهُ أَيْضاً قَوْله تَعَالَى: {بأيِّكُمُ المَفْتُونُ} ، وَقيل: هِيَ هُنَا زائِدَةٌ كَمَا فِي المُغْني وشُرُوحِه، والأوَّل اخْتارَه قَوْمٌ.
(وللبَدَلِ) ، وَمِنْه قولُ الشَّاعر:
(فَلَيْتَ لي بِهمُ قَوْماً إِذا ركِبُوا (شَنُّوا الإغارَة رُكْباناً وفُرْساناً أَي بَدَلاً بهم.
وَفِي اللُّباب: وللبَدَل، والتَّجْريدِ، نَحْو: اعْتضْتُ بِهَذَا الثَّوْبِ خَيْراً مِنْهُ، وَهَذَا بذاكَ، ولَقِيتُ بزَيْدٍ بَحْراً.
(وللمُقابَلَةِ) ، كَقَوْلِهِم: (اشْتَرَيْتُه بألْفٍ وكافَيْتُه بضِعْفِ إحْسانِه) ؛ الأَوْلى أنْ يقولَ: كافَيْتُ إحْسانَه بضِعْفٍ؛ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {ادْخُلوا الجنَّة بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُون} ؛ قالَ البَدْرُ الْقَرَافِيّ فِي حاشِيَتِه: وليسَتْ للسَّببية كَمَا قالَتْهُ المُعْتزلَةُ لأنَّ المُسَبّبَ لَا يُوجَدُ بِلا سَبَبِه، وَمَا يُعْطَى بمُقابَلَةٍ وعوضٍ قد يُعْطى بغَيْرِه مجَّانا تَفَضُّلاً وإحْساناً فَلَا تَعارض بينَ الآيَةِ والحديثِ الَّذِي تقدَّمَ فِي السَّبَبِيَّةِ جَمْعاً بينَ الأدِلَّةِ، فالباءُ فِي الحديثِ سَبَبِيَّةٌ، وَفِي الآيَةِ للمُقابَلَةِ؛ ونقلَهُ شيْخُنا أيْضاً هَكَذَا.
(وللمُجاوَزَةِ كعَنْ، وقيلَ تَخْتَصُّ بالسُّؤالِ) كَقَوْلِه تَعَالَى: {فاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً} ، أَي عَنهُ يُخْبرْكَ؛ وَقَوله تَعَالَى: {سَأَلَ سائِلٌ بعَذابٍ واقِعٍ} ، أَي عَن عَذَابٍ، قالَهُ ابنُ الأعْرابي، وَمِنْه قولُ عَلْقَمة: فإنْ تَسْأَلُوني بالنِّساءِ فإنَّني
بَصِيرٌ بأَدْواءِ النِّساءِ طَبِيبُأَي عَن النِّساءِ؛ قالَهُ أَبو عبيدٍ. (أَو لَا تَخْتَصُّ) بِهِ، (نحوُ) قَوْله تَعَالَى: {ويومَ تَشَقَّقَ السماءُ بالغَمامِ} ، أَي عَن الغَمَامِ، وَكَذَا قَوْله تَعَالَى: {السَّماءُ مُنْفطرٌ بِهِ} ، أَي عَنهُ؛ (و) قَوْله تَعَالَى: {مَا غَرَّكَ برَبِّكَ الكَريمِ} ، أَي مَا خَدَعَكَ عَن رَبِّك والإيمانِ بِهِ؛ وكَذلكَ قَوْله تَعَالَى: {وغَرَّكُم بااِ الغُرورَ} ، أَي خَدَعَكُم عَن اللهاِ تَعَالَى والإيمانِ بِهِ والطْاعَةِ لَهُ الشَّيْطَان.
(وللاسْتِعلاءِ) ، بمعْنَى على، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَمِنْهُم (مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بقِنْطارٍ} ،) أَي على قِنْطارٍ، كَمَا تُوضَعُ على مَوْضِعَ الباءِ فِي قولِ الشَّاعرِ:
إِذا رَضِيَتْ عليَّ بنُو قُشَيْرٍ
لَعَمْرُ اللهاِ أَعْجَبَني رِضاهاأَي رَضِيَتْ بِي؛ قالَهُ الجَوْهري.
وكَذلكَ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا مَرّوا بهم يَتَغَامَزُونَ} ، بدَليلِ قَوْله: {وإنَّكُم لتَمرّونَ عَلَيْهِم} ؛ وَمِنْه قولُ الشاعرِ:
أربٌّ يبولُ الثّعْلبان برأْسِه
لقد ذلَّ مَنْ بالَتْ عَلَيْهِ الثَّعالِبُ وكَذلكَ قَوْلهم: زَيْدٌ بالسَّطْح، أَي عَلَيْهِ؛ وَقَوله تَعَالَى: {وتُسَوَّى بهم الأرْض} ، أَي عَلَيْهِم.
(وللتَّبْعيضِ) ، بمعْنَى مِنْ، كَقَوْلِه تَعَالَى: {عَيْناً يَشْرَبُ بهَا عِبادُ ااِ} ، أَي مِنْهَا؛ وَمِنْه قولُ الشاعرِ:
شربْنَ بماءِ البَحْرِ ثمَّ تَرَفَّعَتْ وقولُ الآخرِ:
فلَثَمْتُ فَاها آخِذاً بقُرونِها
شرْبَ الشَّرِيبِ ببَرْدِ ماءِ الحَشْرَجِوقيل فِي قَوْله تَعَالَى: {يَشْرَبُ بهَا عِبادُ ااِ} : ذهَبَ بالباءِ إِلَى المَعْنى، لأنَّ يَرْوَى بهَا عِبادُ اللهاِ، وَعَلِيهِ حَمَلَ الشافِعِيُّ قولَه تَعَالَى: {وامْسَحُوا برُؤُوسِكُم} ، أَي ببعضِ رُؤُوسِكُم. وَقَالَ ابنُ جنِّي: وأمَّا مَا يَحْكِيه أَصْحابُ الشَّافِعي مِن أنَّ الباءَ للتَّبْعيضِ فشيءٌ لَا يَعْرفُه أَصْحابُنا، وَلَا وَرَدَ بِهِ ثبتٌ.
قُلْتُ: وَهَكَذَا نسَبَ هَذَا القَوْلَ للشَّافِعِي ابنُ هِشامٍ فِي شرْحِ قَصِيدَةِ كَعْبِ. وقالَ شيْخُ مشايخِ مشايِخنا عبْدُ القادِرِ بنُ عُمَر البَغْدَادِي فِي حاشِيَتِه عَلَيْهِ الَّذِي حَقَّقه السَّيوطي: إنَّ الباءَ فِي الآيةِ عنْدَ الشَّافِعِي للإلْصاقِ، وأَنْكَر أنْ تكونَ عنْدَه للتَّبْعيضِ، وقالَ هِيَ للإلْصاقِ، أَي أَلْصقُوا المَسْحَ برُؤُوسِكُم، وَهُوَ يصدقُ ببعضِ شعرةٍ وَبِه تَمسَّكَ الشافِعِيُّ ونقلَ عِبارَةَ الأمّ وَقَالَ فِي آخرِها: وليسَ فِيهِ أنَّ الباءَ للتَّبْعيضِ كَمَا ظنَّ كثيرٌ مِن الناسِ، قالَ البَغْدَادِي: وَلم يَنْسِبْ ابنُ هِشَام هَذَا القَوْلَ فِي المُغْني إِلَى الشافِعِي وإنَّما قالَ فِيهِ: وَمِنْه، أَي مِن التَّبْعيضِ {وامْسَحُوا برُؤُوسِكُم} ، والظاهِرُ أنَّ الباءَ للإلْصاقِ أَو للاسْتِعانَةِ، فِي الكَلامِ، حذْفاً وقَلْباً، فإنْ مَسَحَ يَتَعَدَّى إِلَى المُزَالِ عَنهُ بنَفْسِه وَإِلَى المُزِيلِ بالباءِ، والأصْلُ امْسَحُوا رُؤوسِكُم بالماءِ، فقلبَ مَعْمول مَسَحَ، انتَــهَى قالَ البَغْدادِي. ومَعْنى الإلْصاقِ المَسْح بالرأْس وَهَذَا صادِقٌ على جَمِيعِ الرأْسِ على بعضِهِ، فمَنْ أَوْجَبَ الاسْتِيعابَ كمالِكٍ أَخَذَ بالاحْتِياطِ، وأَخَذَ أَبو حنيفَةَ بالبَيانِ وَهُوَ مَا رُوِي أَنّه مَسَحَ ناصِيَتَه، وقُدِّرَتِ النَاصِيَةُ برُبْعِ الرأْسِ.
(وللقَسَم) ، وَهِي الأصْلُ فِي حُروفِ القَسَم وأَعَمّ اسْتِعْمالاً مِن الواوِ والتاءِ، لأنَّ الباءَ تُسْتَعْمل مَعَ الفِعْلِ وحذْفِه، وَمَعَ السُّؤالِ وغيرِه، وَمَعَ المُظْهَرِ والمُضْمَرِ بخِلافِ الواوِ والتاءِ؛ قالَهُ محمدُ بنُ عبدِ الرحيمِ الميلاني فِي شرْح المُغْني للجاربردي.
وَفِي شرْحِ الأُنْموذَجِ للزَّمَخْشري: الأصْل فِي القَسَم الباءُ، والواوُ تُبْدَلُ فَمِنْهَا عنْدَ حَذْفِ الفِعْل، فقوَلُنا وَالله فِي المَعْنى أَقْسَمْتُ باللهاِ، والتاءُ تُبْدَلُ مِن الواوِ فِي تاللهاِ خاصَّةً، والباءُ لأصالَتِها تَدْخَلُ على المُظْهَرِ والمُضْمَر نَحْو: باللهاِ وبكَ لأَفْعَلَنَّ كَذَا؛ وَالْوَاو لَا تَدْخُلُ إلاَّ على المُظْهَرِ لنُقْصانِها عَن الباءِ فَلَا يقالُ: وبكَ لأفْعَلَنَّ كَذَا، والتاءُ لَا تَدْخُل مِن المُظْهَرِ إلاَّ على لَفْظةِ اللهاِ لنُقْصانِها عَن الواوِ، انتَــهَى.
قُلْت: وشاهِدُ المُضْمَر قولُ غوية بن سلمى:
أَلا نادَتْ أُمامةُ باحْتِمالي
لتَحْزُنَني فَلا يَكُ مَا أُباليوقد أَلْغز فِيهَا الحرِيرِي فِي المَقامَةِ الرَّابِعَة والعِشْرِين فقالَ: وَمَا العامِلُ الَّذِي نائِبُه أَرْحَبُ مِنْهُ وكراً وأَعْظَمُ مَكْراً وأَكْثَر للهِ تَعَالَى ذِكْراً، قالَ فِي شرْحِه: هُوَ باءُ القَسَمِ، وَهِي الأصْلُ بدَلالَةِ اسْتِعْمالِها مَعَ ظُهورِ فِعْلِ القَسَمِ فِي قولِكَ: (أُقْسِمُ باللهاِ) ، ولدُخولِها أَيْضاً على المُضْمَر كقولِكَ: بكَ لأَفْعَلَنَّ، ثمَّ أُبْدِلَتِ الواوُ مِنْهَا فِي القَسَمِ لأنَّهما جَمِيعاً مِن حُروفِ الشَّفَةِ ثمَّ لتَناسُبِ مَعْنَييهما لأنَّ الواوَ تُفيدُ الجَمْع والباءُ تُفِيدُ الإلْصاقَ وكِلاهُما مُتَّفِقٌ والمَعْنيانِ مُتَقارِبانِ، ثمَّ صارَتِ الواوُ المُبْدلَة مِنْهَا أَدْوَرُ فِي الكَلام وأَعْلَق بالأقسامِ وَلِهَذَا أَلْغز بأَنَّها أَكْثَرُ لله ذِكْراً، ثمَّ إنَّ الواوَ أَكْثَرُ مَوْطِناً، لأنَّ الباءَ لَا تَدْخلُ إلاَّ على الاسْمِ وَلَا تَعْملُ غَيْر الجَرِّ، والواوُ تَدْخُلُ على الاسْمِ والفِعْلِ والحَرْفِ وتجرُّ تارَةً بالقَسَمِ وتارَةً بإضْمارِ رُبَّ وتَنْتَظِم أَيْضاً مَعَ نَواصِبِ الفِعْل وأَدوَاتِ العَطْفِ، فَلهَذَا وَصَفَها برحبِ الوكر وَعظم المَكْر.
(وللغَايَةِ) ، بمعْنَى إِلَى، نَحْو قَوْله تَعَالَى: {وَقد (أَحْسَنَ بِي} ، أَي أَحْسَنَ إليَّ.
(وللتَّوْكِيدِ: وَهِي الزائِدَةُ وتكونُ زِيادَةً واجِبَةً: كأَحْسِنْ بزَيْدٍ، أَي أَحْسَنَ زَيْدٌ؛) كَذَا فِي النسخِ والصَّوابُ حَسُنَ زَيْدٌ، (أَي صارَ ذَا حُسْنٍ؛ وغالبَةً: وَهِي فِي فاعِلِ كَفَى: ك {كَفَى بااِ شَهِيداً} ؛ و) تُزَادُ (ضَرُورةً كَقَوْلِه:
(أَلم يأْتِيكَ والأَنباءُ تَنْمِي (بِمَا لاقَتْ لَبُونُ بَني زِيادِ) وَفِي اللُّبابِ: وتكونُ مَزِيدَةً فِي الرَّفْعِ نَحْو: كَفَى باللهاِ؛ والنَّصْبِ فِي: ليسَ زَيْد بقائِم؛ والجَرِّ عنْدَ بعضِهم نَحْو: فأَصْبَحْن لَا يَسْأَلْنه عَن بِمَا بِهِ انتَــهَى.
وَقد أَخَلَّ المصنِّفُ فِي سِياقِه هُنَا وأَشْبَعه بَيَانا فِي كتابِه البَصائِر فقالَ: العِشْرُون الباءُ الزائِدَةُ وَهِي المُؤَكّدَةُ، وتُزادُ فِي الفاعِلِ: {كَفَى بااِ شَهِيداً} ، أَحْسَنْ بزَيْدٍ أَصْلُه حَسُنَ زَيْدٌ؛ وقالَ الشاعرُ:
كفى ثُعَلاً فخراً بأنَّك منهمُ
ودَهْراً لأنْ أَمْسَيْتَ فِي أَهْلِه أَهْلُوفي الحديثِ: (كَفَى بالمَرْءِ كذبا أَن يحدِّثَ بكلِّ مَا سَمِعَ) ؛ وتزادُ ضَرُورَةً كقولِه:
بمَا لاقَتْ لَبُونُ بَني زِيادِ وَقَوله:
مهما لي الليْلَة مهما لِيَهْ
أَوْدى بنَعْلِي وسِرْ بالِيَهوتزادُ فِي المَفْعولِ نَحْو: {لَا تلْقوا بأَيْدِيكُم إِلَى التّهْلكَةِ} ؛ {وهزي إلَيْك بجذْعِ النَّخْلَةِ} ؛ وقولُ الراجزِ: نحنُ بَنُو جَعْدَة أَصْحابُ الفَلَجْ
نَضْرِبُ بالسَّيْفِ ونرْجُو بالفَرَجْوقولُ الشاعرِ:
سودُ المَحاجِرِ لَا يقْرَأْنَ بالسُّورِ وقُلْتُ فِي مَفْعولٍ لَا يتعدَّى إِلَى اثْنَيْن كقولِه:
تَبَلَّتْ فُؤَادكَ فِي المَنامِ خريدَةٌ
تَسْقِي الضَّجِيعَ بباردٍ بسَّامِوتزادُ فِي المُبْتدأ: بأَيِّكُمُ المَفْتُونُ، بحسبِك دِرْهم، خَرَجْتُ فَإِذا بزَيْدٍ؛ وتزادُ فِي الخَبَر: {مَا ابغَافِل} {جَزاءُ سَيِّئَة بمِثْلها} ؛ وقولُ الشاعرِ:
ومنعكها بشيءٍ يُسْتطَاع وتزادُ فِي الحالِ المَنْفي عَامِلها كقولهِ:
فَمَا رجعتْ بجانِبِه ركابٌ
حكيمُ بن المسيَّبِ مُنْتَهَاهَا وكقولهِ:
وليسَ بذِي سَيْفٍ وليسَ بنبَّالِ وتُزادُ فِي تَوْكيدِ النَّفْسِ والعَيْن: {يَتَرَبَّصْنَ بأَنْفُسِهِنَّ} . انتَــهَى.
وَقَالَ الفرَّاء فِي قولهِ تَعَالَى: {وكَفَى بااِ شَهِيداً} . دَخَلَتِ الْبَاء للمُبالَغَةِ فِي المَدْحِ؛ وكَذلكَ قَوْلهم: ناهِيكَ بأَخِينا؛ وحَسْبُك بصَدِيقِنا، أَدْخَلُوا الباءَ لهَذَا المَعْنى، قالَ: وَلَو أَسْقَطت الباءَ لقُلْتَ كَفَى اللهاُ شَهِيداً، قالَ: ومَوْضِعُ الباءِ رَفْعٌ؛ وَقَالَ أَبُو بكْرٍ: انْتِــصابُ قولهِ شَهِيداً على الحَالِ مِن اللهاِ أَو على القَطْعِ، ويجوزُ أَن يكونَ مَنْصوباً على التَّفْسيرِ، مَعْناهُ كَفَى باللهاِ مِن الشَّاهِدين فيَجْرِي فِي بابِ المَنْصوباتِ مَجْرى الدِّرْهَم فِي قولهِ: عنْدِي عِشْرونَ دِرْهماً.
(وحَرَكَتُها الكَسْرُ) ؛ ونَصُّ الجَوْهري: الباءُ حَرْفٌ مِن حُروفِ الشَّفَةِ بُنِيَتْ على الكَسْرِ لاسْتِحالَةِ الابْتِداءِ بالمَوْقُوفِ.
قَالَ ابنُ برِّي: صوابُهُ بُنِيَتْ على حَرَكَةٍ لاسْتِحالَةِ الابْتِداءِ بالسَّاكِنِ، وخَصَّه بالكَسْر دونَ الفَتْح تَشَبهاً بعَمَلِها وفرقاً بَينهَا وبينَ مَا يكونُ اسْماً وحَرْفاً.
(وقيلَ: الفتحُ مَعَ الظَّاهِرِ، ونحوُ مُرَّ بزَيدٍ) ؛ قَالَ شيْخُنا: هَذَا لَا يكادُ يُعْرَفُ وكأنَّه اغْتَرَّ بِمَا قَالُوهُ فِي بِالْفَضْلِ ذُو فَضلكُمْ الله بِهِ فِي بِهِ الثَّانِيَة المَنْقُولَة من بهَا وَهِي نقلوا فِيهَا فَتْحَة هاءِ التَّأْنيثِ على مَا عرفَ بل الكَسْرة لازِمَة للباءِ المُناسِبَة عَمَلها وَعكس تَفْصِيلَه ذَكَرُوه فِي اللامِ، وَهُوَ مَشْهورٌ، أَمَّا الْبَاء فَلَا يُعْرَفُ فِيهِ إلاَّ الكَسْر، انتَــهَى.
قُلْتُ: هَذَا نقلَهُ شَمِرٌ قالَ: قَالَ الفرَّاء: سَمِعْتُ أَعْرابيًّا يقولُ: بالفَضْل ذُو فَضلكُمْ الله بِهِ والكرامة ذَات أَكْرَمَكُم اللهاُ بهَا، وليسَ فِيهِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ شيْخُنا، فتأَمَّل.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
الباءُ تُمَدُّ وتُقْصَرُ، والنِّسْبَةُ باوِيٌّ وبائِيٌّ، وقصيِدة بَيوِيَّة: رَوِيّها الباءُ.
وبَيّيْتَ بَاء حَسَناً وحَسَنَةً.
وجَمْعُ المقصورِ: أبواءٌ؛ وجَمْعُ المَمْدودِ: باآتٌ.
والباءُ النِّكاحُ.
وأَيْضاً: الرَّجُلُ الشَّبِقُ.
وتأْتي الباءُ للعوضِ، كقولِ الشاعرِ: وَلَا يُؤَاتِيكَ فيمَا نابَ من حَدَثٍ
إلاَّ أَخُو ثِقَةٍ فانْظُر بمَنْ تَثِقأَرادَ: مَنْ تَثِقُ بِهِ.
وتَدْخلُ على الاسْمِ لإرادَةِ التَّشْبيهِ كقولِهم: لقِيت بزَيْدٍ الأَسَد؛ ورأَيْتُ بفلانٍ القَمَرَ.
وللتَّقْليلِ: كقولِ الشاعرِ:
فلئن صرتَ لَا تحير جَوَابا
أَبمَا قد تَرَى وأَنْتَ خَطِيبُوللتَّعْبيرِ، وتَتَضَمَّن زِيادَةَ العِلْم، كَقَوْلِه تَعَالَى: {قُلْ أَتْعَلَمون ابدِينِكُم} .
وبمعْنَى مِن أجْل، كقولِ لبيدٍ:
غُلْبٌ تَشَذَّرَ بالذُّحُولِ كأَنَّهم
جِنُّ البَدِيِّ رَواسِياً أَقْدامُهاأَي مِن أَجْلِ الذّحُول؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.
قد أُضْمِرَتْ فِي: الله لأَفْعَلَنَّ، وَفِي قولِ رُؤْبَة: خَيْر لمَنْ قالَ لَهُ كيفَ أَصْبَحْت.
وَفِي الحديثِ: (أَنابها أَنابها) ، أَي أَنا صاحِبُها. وَفِي آخر: (لَعلَّكَ بذلكَ) ، أَي المُبْتَلى بذلك. وَفِي آخر: (مَنْ بِكِ؟) أَي مَنْ الفاعِلُ بِكَ. وَفِي آخر: (فِيهَا ونِعْمَتْ) ، أَي فبالرُّخْصةِ أَخَذَ.
وَقد، تُبْدَلُ مِيماً كبَكَّة ومَكَّة ولازِبٌ ولازِمٌ.
ب:
[في الانكليزية] B
[ في الفرنسية] B
أعني الباء المفردة هي حرف من حروف التهجّي، ويراد بها في حساب أبجد الاثنان.
وفي اصطلاح المنطقيين المحمول، فإنهم يعبّرون عن الموضوع بج وعن المحمول بب للاختصار والعموم. وفي اصطلاح السالكين أوّل الموجودات الممكنة وهو المرتبة الثانية من الوجود. قال الشاعر:
التمس الألف في الأول والباء في الثاني اقرأ كليهما واحدا وكلا الاثنين قل.
وفي الفارسية يقال له در.
وفي اصطلاح الشطّاريين علامة البرزخ، كذا في كشف اللغات.
ب
1 [كلمة وظيفيَّة]: الحرف الثَّاني من حروف الهجاء، وهو صوتٌ شفويّ، مجهور، ساكن انفجاريّ (شديد)، مُرقَّق. 

ب2 [كلمة وظيفيَّة]:
1 - حرف جرّ يفيد الإلصاق حقيقة أو مجازًا "أمسكت بالقلم- أخذت برأيك".
2 - حرف جرّ يفيد الاستعانة "كتبت بالقلم- {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ".
3 - حرف جرّ يفيد الظرفية زمانًا ومكانًا بمعنى (في) "يعمل بالليل- أقام بالبيت- {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍٍ} ".
4 - حرف جرّ يفيد التَّعْدِية " {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ}: أذهبه".
5 - حرف جرّ بمعنى (إلى) " {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ} ".
6 - حرف جرّ يفيد السببيّة "أصبحت العربية بفضل الإسلام لغة حضارة كبرى- أُقيم الاحتفال بمناسبة كذا- {ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ} " ° بما أنّ: بالنظر إلى أنَّ- بما في: للدلالة على الاحتواء أو التضمين.
7 - حرف جرّ يفيد المقابلة أو العوض، ويدخل غالبًا على المتروك "باع الدنيا بالآخرة- {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ} ".
8 - حرف جرّ يفيد القسم "بالله عليك- {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} ".
9 - حرف جرّ يفيد المجاوزة بمعنى (عن) " {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} - {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} ".
10 - حرف جرّ يفيد التبعيض " {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} ".
11 - حرف جرّ يفيد المصاحبة والمعيَّة " {ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ ءَامِنِينَ} ".
12 - حرف جرّ بمعنى (على) " {مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍٍ} ".
13 - حرف جرّ يفيد التوكيد " {حَقِيقٌ بِأَنْ لاَ أَقُولَ عَلَى اللهِ إلاَّ الْحَقَّ} [ق] ".
14 - حرف جرّ زائد في فاعل كفى يفيد التوكيد " {وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا} ".
15 - حرف جرّ زائد في فاعل فعل التعجب بصيغة الأمر "أكرم بخالدٍ- {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} ".
16 - حرف جرّ زائد في المبتدأ إذا كان لفظ حَسْبُ "بحسبك درهم".
17 - حرف جرّ زائد في خبر (ليس) "ليس عامرٌ بكاذب- {أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} ".
18 - حرف جرّ زائد في التوكيد بالنفس والعين "جاء خالد بنفسه/ بعينه".
19 - حرف جرّ زائد في المبتدأ الذي يأتي بعد (إذا) الفجائية "نظرت فإذا بالشمس قد طلعت".
20 - حرف جرّ زائد في المفعول به " {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ".
21 - حرف جرّ زائد في الحال المنفيّ عاملها "*فما رجَعَت بخائبة ركاب*".
22 - حرف جرّ زائد في خبر (ما) النافية " {وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ} ".
23 - حرف جرّ زائد في خبر كان المنفي "ما كان الرسول بكاذب".
24 - حرف جرّ زائد بعد اسم الفعل (عليك) "وعليك بالحجّاج لا تعدل به ... أحدًا إذا نزلت عليك أمورُ".
25 - حرف جرّ زائد بعد كلمة (ناهيك) كثيرًا "ناهيك بالزمن مؤدِّبا". 

صلو

صلو: صَلّى جماعة: أدى الصلاة مع الجماعة (بوشر).
صَلَّى به: أجبره على إقامة الصلاة (عباد 1: 319).
صَلَّى: أقام القّداس (ألكالا).
صلا. حكاية الصلا: عظاية، حرذون، سام أبرص (بوشر بربرية) وعند دومب (ص66): حَكَّاية الصلاة.
صلاة. صلاة مَمْلوكيَّة أو مماليكية: انظرها في مادة ملك.
صلاة: انظر المادة السابقة.
مُصَلّى: صلاة (تاريخ البربر 2: 323).
صلو
الصلَاةُ: ألِفُها واو، وجَمْعُها صَلَوَاتٌ. وصَلَواتُ اليَهُوْدِ: كَنَائسُهم، واحِدُها صَلُوْتا. وصَلَواتُ الرَّسُوْلِ: دُعَاؤه للمُسْلِمِين.
وصَلَواتُ اللهِ: رَحْمَتُه وحُسْنُ ثَنائه على المُؤمِنين.
وهُذَيْلٌ تقول: صَلَوْتُ الظَهْرَ: بمعنى صَلَيْتُ. والصلَا: وَسَطُ الظَهْرِ. وكُلُ أُنْثى إذا وَلَدَتْ انْفَرَجَ صَلَاها.
وإذا جاءَ الفَرَسُ على أثَرِ الفَرَسِ قيل: صَلّى؛ وجاءَ مُصَلِّياً، لأنَّ رَأْسَه عِنْدَ صَلاَ السابِقِ. وقيل: الصَّلاَ ما حَوْلَ الذَنَبِ عن يَمِيْنِه وشِمالِه.
وأصْلَتِ الناقَةُ تُصلي إصْلاءً: وَقَعَ وَلَدُها في صَلاَها. وصَلِيَتِ الناقَةُ وأصْلَتْ: اسْتَرْخى صَلَوَاها.
الصاد واللام والواو ص لوالصلاةُ الرُّكوعُ والسُّجودُ فأما قولُه صلى الله عليه وسلم

لا صلاةَ لجارِ المَسْجدِ إلا في المَسْجدِ فإنه أراد لا صلاةَ فاضِلَة أو كاملة والجمع صَلَواتٌ والصلاةُ الدُّعاءُ والاسْتِغفارُ وصلاةُ اللهِ على رسولِه رَحْمُه له وحَسنُ ثَنائِه عليه وصلَّى دَعَا وفي الحديث

من دُعِيَ إلى وَليمةٍ فلْيُجِبَ وإلا فَلْيُصَلِّ قال الأعشَى

(عليكِ مِثْلَ الذي صَلَّيْتِ فاغْتَمضِي ... نَوْماً فإنَّ لِجَنْبِ المَرْءِ مُضْطَجَعَا)

معناه أنه يأمرُها أن تَدْعُوَ له مثلَ دُعائِها أي تُعيدُ الدُّعاءَ له ويُروى

(عليكِ مثلُ الذي صَلَّيْتِ ... )

فهو ردٌ عليها أي عليكِ مثلُ دُعائِك أي يَنالُكِ من الخيرِ مثلُ الذي أُرَدْتَ ودعَوتِ به لِي وقد أَبَنْتُ هذه الكلمةَ وتعليلها في الكتاب المُخَصَّصِ وصَلَواتُ اليهودِ كنائِسُهُم وفي التنزيل {لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد} الحج 40 والصَّلا وَسَطُ الظَّهرِ من الإِنسان ومن كلِّ ذي أربعٍ وقيل هو ما انْحدَر من الوَرِكَيْنِ وقيل هي الفُرْجَةُ التي بين الجاعِرَةِ والذَّنَبِ وقيل هو ما عن يَمينِ الذَّنَب وشِمالِه والجمعُ صَلَواتٌ وأصْلاءٌ الأُولَى ممَّا جُمعَ من المذكَّر بالألفِ والتاءِ والمٌ صَلِّي من الخَيْلِ هو الذي يَجِئُ بعد السابقِ لأنّ رأسَه يَلِي صَلاَ المُتقدِّمِ وقال اللحيانيُّ إنما سُمِّيَ مُصَلّياً لأنه يَجِئُ ورأسُه على صَلا السابقِ وصَلَوْتُ الظَّهَر ضَرَبتُ صَلاَهُ أو أصَبْتُه بشيءٍ سَهْمٍ أو غيره عن اللحيانيِّ وقال هي هُذَلِيْة وقد تقدَّمتْ صَلَيْتُهُ في الياء وهي نادرةٌ إلا على المُعاقبةِ وصَلاءَةُ اسمٌ

صلو

1 صَلَوْتُهُ, (K,) or صَلَوْتُ الظَّهْرَ, (M,) I struck, or beat, that part, [of him, or] of the back, which is called صَلًا: (M:) or I hit that part (M, K) with a thing, or with an arrow or some other thing: on the authority of Lh, who says that it is of the dial. of Hudheyl: and one says also صَلَيْتُهُ; which is extr. [with respect to derivation], unless it be an instance of interchangeableness [of و and ى]. (M.) A2: صَلِيَتْ and صَلَتْ, said of a mare, or she-camel: see 4.2 صلّى, (S, M, K,) quasi-inf. n. صَلَاةٌ or صَلٰوة, for which one should not say تَصْلِيَةٌ, (S, K,) or the latter is allowable as agreeable with rule and as occurring in old poetry, (MF, TA,) He prayed, supplicated, or petitioned: (S, M, K:) and [particularly] he performed the divinely-appointed act [of prayer commonly] termed صَلَاة or صَلٰوة. (S.) Hence, in the Kur [ix. 104], (TA,) وَصَلِّ عَلَيْهِمْ And pray thou for them. (Msb, TA.) صَلَّى عَلَى

فُلَانٍ means He prayed for such a one, and praised him. (TA.) And hence the verse of ElAashà cited in art. رسم, conj. 8. (S, Mgh, * TA.) It is said in a trad., مَنْ دُعِىَ إِلَى وَلِيمَةٍ فَلْيُجِبْ وَإِلَّا فَلْيُصَلِّ [i. e. Whoso is invited to a banquet, or a marriage-feast, let him comply, or, if not, let him pray for the inviter]. (M.) And the saying, in a verse of El-Aashà, عَلَيْكِ مِثْلَ الَّذِى صَلَّيْتِ means Keep thou to the like of thy prayer; i. e. he enjoined her to repeat the prayer for him: or, as some relate it, عَلَيْكِ مِثْلُ الَّذِى صَلَّيْتِ, meaning upon thee be the like of that for which thou hast prayed: (M:) these words he addressed to his daughter, on the occasion of her saying, “O my Lord, ward off from my father diseases and pain. ” (Mgh.) The saying عَبِيدُ فُلَانٍ يُصَلُّونَ [The slaves of such a one perform the divinely-appointed act of prayer] means that they have attained to the age of virility. (Mgh.) b2: صلّى عَلَيْهِ, said of an angel, means He prayed for, or begged, forgiveness, or pardon, for him: and thus the verb sometimes means when said of other than an angel; as in the trad. of Sowdeh, in which it is said, إِذَا مِتْنَا صَلَّى لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ [When we die, 'Othmán Ibn-Madh'oon will pray for forgiveness for us]; he having then died. (TA.) b3: [And, said of a man, He blessed him, meaning he invoked God's blessing upon him; namely, the Prophet; or he said, اَللّٰهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ (expl. by what here follows) accord. to the rendering of صَلُّوا عَلَيْهِ, i. e. عَلَى النَّبِىِّ, by Bd and others in the Kur xxxiii. 56.] One says, صَلَّيْتُ عَلَى النَّبِىِّ [I blessed the Prophet; &c.]. (S.) b4: And, said of God, He blessed him, meaning He conferred blessing upon him: and He had mercy on him: and He magnified him, or conferred honour upon him: hence the saying, اَللّٰهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِى أَوْفَى, meaning O God, bless the family of Aboo-Owfà: or have mercy on &c.: but in the saying [in the Kur xxxiii. 56], إِنَّ اللّٰهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ, the verb does not import two meanings; for it has there only one meaning, which is “ magnification ”

[i. e. these words mean Verily God and his angels magnify the Prophet; or rather I would render them, bless the Prophet, as this rendering implies magnification and also a meaning of the quasi-inf. n. given in the M and K, which is “ eulogy,” or “ commendation,” bestowed by God upon his apostle, while it imports God's

“ conferring of blessing ” and the angels' “ invoking thereof ” ]: (Msb, TA:) [it is said that]

اللّٰهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ means O God, magnify Mohammad in the present world by exalting his renown and manifesting his invitation [to ElIslám] and rendering permanent his law, and in the world to come by accepting his intercession for his people and multiplying his reward: and it is disputed whether or not this form of prayer may be used for any but the Prophet [Mohammad]: El-Khattábee says that it may not, though he himself used it for others. (TA.) [صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ is a phrase commonly used by the Muslims after the mention of their prophet: see art. سلم.

See also صَلَاةٌ below.]

A2: صلّى said of a horse, (S, K,) inf. n. تَصْلِيَةٌ, (TA,) He followed next after the foremost [in a race, at the goal]. (S, K.) Hence the saying [in a trad. of 'Alee], سَبَقَ رَسُولُ اللّٰهِ وَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ وَثَلَّثَ عُمَرُ [expl. in art. سبق]. (Mgh.) b2: And صلّى الحِمَارُ أُتُنَهُ, (Sgh, K,) inf. n. تَصْلِيَةٌ, (Sgh, TA,) The [wild] ass drove together his she-asses, and made them to take the way [that he would follow]. (Sgh, K, TA.) 4 أَصْلَتْ, (T, S, K, TA,) and ↓ صَلِيَتْ, (Fr, K, TA,) and ↓ صَلَتْ, (Zj, TA,) said of a mare, The parts on the right and left of her tail, (صَلَوَاهَا, S,) or the part on either side of her tail, (صَلَاهَا, K, [see صَلًا, below,]) became relaxed, she being near to bringing forth: (S, K:) or, said of a she-camel, her young one fell into the part of her called صَلًا, and she was near to bringing forth. (T, TA.) صَلًا The middle of the back of a human being and of any quadruped: (M, K:) and, (K,) or as some say, (M,) [app. in a beast,] the part that slopes down from the hips, or haunches: or the space intervening between the جَاعِرَة [app. meaning the hinder projection of the haunch or rump of a beast] and the tail: (M, K:) or the part on the right and left of the tail; (S, M, K;) the two together being called [the] صَلَوَانِ, (S, K,) which is similarly expl. by Zj in relation to a she-camel; app. properly meaning the two parts bordering upon the tail-bone: (TA:) or the place in which is set the tail of the horse; dual as above: (Msb:) or the bone upon which are the two buttocks: (Mgh: [there thus expl. in relation to a man:]) or the bone in which is the place of setting of the tail-bone; thus expl. by IDrd: or the صَلَوَانِ are the two bones projecting from the two sides of the rump: or, accord. to some of the lexicologists, two veins (عِرْقَانِ) in the place of the رِدْف [i. e. in the rump]: (Ham p. 46:) the pl. is صَلَوَاتٌ, (M, K,) an instance of a pl. formed by the addition of ا and ت from a masc. sing., (M,) and أَصْلَآءٌ. (M, K.) b2: [Hence,] one says, جِئْتُ فِى أَصْلَائِهِمْ, meaning I came at their rears. (TA.) صَلَاةٌ, or صَلٰوة, [accord. to El-Hareeree, to be written with ا when prefixed to a pronoun, and also in the dual number, (see De Sacy's Anthol. Gram. Arabe, p. 67 of the Arabic text,) but this rule I have not found to be generally observed, even in the best MSS., nor have I in the similar case of حَيٰوةٌ, (to which it is also applied,) in the best copies of the Kur-án,] is said to be [originally صَلَوَةٌ,] of the measure فَعَلَةٌ, (Mgh, MF, TA,) or, accord. to some, [صَلْوَةٌ,] of the measure فَعْلَةٌ: (MF, TA:) it is a quasi-inf. n. of صَلَّى [q. v.]: (S, K:) and [used as a simple subst.] it signifies Prayer, supplication, or petition: (S, M, Msb, K:) this is said to be its primary signification: and ↓ مُصَلًّى is said to have the same meaning. (Msb, TA.) b2: Then applied to signify A certain well-known mode, or manner, [of religious service,] because comprising prayer; (Msb;) [the divinelyappointed act of prayer;] one of the divinelyappointed صَلَوَات; (S;) a certain religious service in which are رُكُوع [or lowering of the head so that the palms of the hands reach the knees] and سُجُود [or prostration of oneself in a particular manner expl. voce سَجَدَ]: (M, * K:) and ↓ مُصَلًّى is said to have the same meaning. (TA.) [The performance of this act is fully described in my work on the Modern Egyptians.] It is said to be, in this sense, a proper term of the law, not indicated by the language of the Arabs [before El-Islám] except as importing prayer, which is its primary signification: what Esh-Shiháb says respecting it necessarily implies its being a proper term of the law known to the Arabs [before ElIslám]: in the Mz it is said to be one of the words of El-Islám: but all of these sayings require consideration. (MF, TA, [Much more, which I omit as being unprofitable, is added on this point in the TA, partly from the Msb; as well as several different opinions respecting the derivation of the word as used in this sense, which are fanciful or absurd.]) The saying of the Prophet, لَا صَلٰوةَ لِجَارِ المَسْجِدِ إِلَّا فِى المَسْجِدِ means There is no صلوة [or divinely-appointed act of prayer] that is excellent or complete [to the neighbour of the mosque unless in the mosque]. (M.) And his saying, to Usámeh, الصَّلٰوةُ أَمَامَكَ means The time of the صلوة [or divinely-appointed prayer], or the place thereof, [is before thee,] alluding to that of sunset. (Mgh.) And he used the term الصَّلٰوةُ as meaning سُورَةُ الصَّلٰوةِ, i. e. The فَاتِحَة [or Opening Chapter of the Kur-án, because it is a form of prayer, or] because the recital thereof is excellent, or satisfactory. (Mgh.) In the Kur xxii. 41, (I' Ab, S, M, Ksh, Bd,) [the pl.] صَلَوَاتٌ meansPlaces of worship of the Jews: (I' Ab, S, M, Ksh, Bd, K:) said to be (Ksh, Bd) originally صَلُوتَا, a Hebrew word, (Ksh, Bd, K,) arabicized: (Ksh, Bd:) this is the common reading of the word, and the most valid: other readings are صُلُوَاتٌ and صُلَوَاتٌ and صِلَوَاتٌ; and beside these, some others which are perverted forms. (TA.) b3: Also Prayer for forgiveness or pardon. (M, Mgh, K.) b4: [And A blessing, as meaning an invocation of God's blessing upon any one. See 2.]

b5: And i. q. بَرَكَةٌ [as meaning A blessing, such as is bestowed by God]: (Msb:) and mercy (S, M, Mgh, Msb, K) of God (S, M) on his apostle: (M:) and magnification; and this is [said to be] specially denoted by its verb when the Prophet is the object: (Msb:) and God's eulogy, or commendation, bestowed upon his apostle. (M, K.) A2: الصَّلَاةُ [from صَلًا] also means إِتْيَانُ المَرْأَةِ فِى

دُبُرِهَا. (TA in art. صوم.) مُصْلِيَةٌ part. n. of أَصْلَتْ [q. v.] said of a she-camel [or of a mare]. (T, TA.) مُصَلًّى A place of الصَّلَاة [as meaning the performance of the divinely-appointed act of prayer]; (Mgh, Msb, K;) or of any prayer or supplication: (Mgh:) [and particularly] a place of the performance of the divinely-appointed prayer on the occasion of the [festival termed] عِيد: (MA:) [and also such a place at a burial-ground: the place for this purpose is particularly termed مُصَلَّى الأَمْوَاتِ: see De Sacy's Chrest. Arabe, sec. ed., i. 192.] b2: And A carpet upon which one performs the divinely-appointed act of prayer. (MA.) b3: See also صَلَاةٌ, former half, in two places.

مُصَلٍّ Any one praying [in any manner: and particularly performing the divinely-appointed act of prayer]. (TA.) A2: And المُصَلَِّى signifies, as applied to a horse, The one that follows next after the foremost [at the goal] (S, M, Mgh, Msb) in a race: (Mgh, Msb:) because his head is next to the part called صَلًا, (Lh, S, M, Msb,) or next to the صَلَوَانِ, (Mgh,) of the foremost. (Lh, S, M, Mgh, Msb.)
صلو
: (و ( {الصَّلاَ: وَسَطُ الظَّهْرِ مِنَّا ومِن كلِّ ذِي أَرْبَعٍ.
(وقيلَ: (مَا انْحَدَرَ من الوَرِكَيْنِ، أَو الفُرْجَةُ بينَ الجاعِرَةِ والذَّنَب، أَو مَا عَنْ يَمينِ الذَّنَب وشِمالِهِ، وهُما} صَلَوانِ) ، بالتَّحْرِيكِ، الأَخيرُ نقلَهُ الجوهريُّ.
وَقَالَ الزجَّاجُ: {الصَّلَوان مُكْتَنِفا الذَّنَبِ من الناقَةِ وغيرِها، وأَوَّلُ مَوْصِلِ الفَخِذَيْن مِن الإنْسانِ فكأنَّهما فِي الحقِيقَةِ مُكْتَنِفا العُصْعُصِ؛ (ج} صَلَواتٌ) ، بالتَّحْريكِ، ( {وأصْلاءٌ.
(} وصَلَوْتُهُ: أَصَبْتُ {صَلاهُ) أَو ضَرَبْتُه، هَذِه لُغَةُ هُذَيْل، وغيرُهم يقولُ} صَلَيْته بالياءِ وَهُوَ نادِرٌ؛ قالَهُ ابنُ سِيدَه.
( {وأَصْلَتِ الفَرَسُ: اسْتَرْخَى} صَلاها) ؛ وَفِي الصِّحاحِ: {صَلَواها؛ (لقُرْبِ نِتاجِها) .
وَفِي التَّهذيبِ:} أَصْلَتِ الناقَةُ فَهِيَ {مُصْلِيةٌ: إِذا وَقَعَ وَلَدُها فِي} صَلاها وقَرُبَ نَتاجُها؛ ( {كصَلِيَتْ) مِن حَدِّ عَلِمَ، وَهَذِه عَن الفرَّاء.
(} والصَّلاةُ) : اخْتُلِف فِي وزْنِها ومَعْناها؛
أَمَّا وَزْنُها فقيلَ: فَعَلَةٌ، بالتَّحْريكِ وَهُوَ الظاهِرُ المَشْهورُ؛ وقيلَ بالسكونِ فتكونُ حَرَكةُ العَيْن مَنْقولَةً من اللامِ، قالَهُ شيْخُنا؛
وأَمَّا مَعْناها: فقيلَ: (الدُّعاءُ) ، وَهُوَ أَصْلُ مَعانِيها، وَبِه صَدَّرَ الجوهريُّ التَّرْجمة؛ وَمِنْه قولُه تَعَالَى: { {وصَلِّ عَلَيْهم} ، أَي ادْع لَهُم.
يقالُ: صَلَّى على فلانٍ إِذا دَعَا لَهُ وزَكَّاهُ؛ وَمِنْه قولُ الأَعْشى:
} وصَلَّى على دَنِّها وارْتَسَمْ أَي دَعا لَهَا أَن لَا تَحْمَضَ وَلَا تفسْدَ.
وَفِي الحديثِ: (وَإِن كانَ صائِماً {فليُصَلِّ) ، أَي فليَدْعُ بالبَرَكَةِ والخَيْرِ.
وكلُّ دَاعٍ مُصَلَ.
(و) قَالَ ابنُ الأعرابيّ:} الصَّلاةُ مِن اللَّهِ (الرَّحْمةُ) ؛ وَمِنْه: {هُوَ الَّذِي {يُصَلِّي عَلَيْكم} ، أَي يَرْحَمُ.
(و) قيلَ: الصَّلاةُ مِن الملائِكَةِ: (الاسْتِغْفارُ) والدُّعاءُ؛ وَمِنْه:} صَلَّتْ عَلَيْهِ الملائِكَةُ عَشْراً، أَي اسْتَغْفَرَتْ؛ وَقد يكونُ مِن غيرِ الملائِكَةِ؛ وَمِنْه حديثُ سَوْدَةَ: (إِذا مُتْنا {صَلَّى لنا عُثْمانُ بنُ مَظْعون) ، أَي اسْتَغْفَرَ وكانَ قَدْ ماتَ يومئذٍ.
(و) قيلَ:} الصَّلاةُ (حُسْنُ الثِّناءِ مِن اللَّهِ، عزَّ وجَلَّ، على رَسُولِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؛ وَمِنْه قوْلُه تَعَالَى: {أُولئِكَ عَلَيْهِم {صَلَواتٌ مِن ربِّهم ورَحْمةٌ} .
(و) } الصَّلاةُ: (عِبادَةٌ فِيهَا رُكوعٌ وسُجودٌ) ، وَهَذِه العِبادَةُ لم تَنْفَكّ شَرِيعَةً عَنْهَا وإنِ اخْتَلَفَتْ صُورُها بحَسَبٍ شَرْع فشَرْع، ولذلكَ قالَ، عزَّ وجلَّ: {إِنَّ! الصَّلاةَ كــانتْ على المُؤْمنين كتابا مَوْقوتاً} ؛ قالَهُ الراغبُ.
قالَ شيْخُنا: وَهَذِه حقيقَةٌ شَرْعيَّةٌ لَا دَلالَةَ لكَلامِ العَرَبِ عَلَيْهَا إلاَّ من حيثُ اشْتِمالِها على الدُّعاءِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ مَعْناها.
وَفِي كَلامِ الشَّهاب مَا يَقْتَضِي أنَّ الصَّلاةَ الشَّرْعيَّة حَقيقةٌ مَعْروفَةٌ للعَرَبِ.
وَفِي المزهر: أنَّها مِن الكَلماتِ الإسْلامِيَّةِ، وَفِي الكُلِّ نَظَرٌ، انتَــهَى.
وقالَ ابنُ الأثيرِ: سُمِّيَت ببعضِ أجزائِها الَّذِي هُوَ الدُّعاءُ.
وَفِي المِصْباح: لاشْتِمالِها على الدُّعاءِ.
وقالَ الرَّاغبُ: سُمِّيَت هَذِه العِبادَةُ بهَا كتَسْمِيةِ الشيءِ باسْمِ بعضِ مَا يَتَضمَّنه. قالَ صاحِبُ المِصْباح: وَهل سَبيله النَّقْل حَتَّى تكونَ الصَّلاةُ حَقيقَةً شَرْعيَّةً فِي هَذِه الأَفْعالِ مجَازًا لُغويّاً فِي الدُّعاءِ، لأنَّ النَّقْلَ فِي اللُّغاتِ كالنَّسخ فِي الأحْكام، أَو يقالُ اسْتِعْمالُ اللَّفْظِ فِي المَنْقولِ إِلَيْهِ مَجازٌ راجِحٌ، وَفِي المَنْقولِ عَنهُ حَقيقَةٌ مَرْجوحَةٌ فِيهِ خِلافٌ بينَ أَهْلِ الأُصُولِ. وقيلَ: الصَّلاةُ فِي اللغةِ مُشْتركةٌ بينَ الدُّعاءِ والتَّعْظيمِ والرَّحْمة والبَرَكةِ؛ وَمِنْه: (اللهُمَّ {صلِّ على آلِ أَبي أَوْفَى) ، أَي بارِكْ عَلَيهم أَوِ ارْحَمْهم؛ وعَلى هَذَا فَلَا يكونُ قَوْله:} يُصَلُّون على النبيِّ، مُشْتركاً بينَ مَعْنَيَيْن بل مُفْرد فِي مَعْنىً واحِدٍ وَهُوَ التَّعْظِيم، انتَــهَى.
ونقلَ المَناوِي عَن الرَّازِي مَا نَصّه: {الصَّلاةُ عنْدَ المُعْتزلةِ من الأسماءِ الشَّرْعِيَّةِ، وعنْدَ أَصْحابِنا مِن المَجازاتِ المَشْهورَةِ لُغَة مِن إطْلاقِ اسْم الجُزءِ على الكُلِّ، فَلَمَّا كَــانَت مُشْتملةً على الدُّعاءِ أُطْلِقَ اسْمُ الدُّعاءِ عَلَيْهَا مَجازاً؛ قالَ: فَإِن كانَ مُرَاد المُعْتزلةِ من كَوْنها اسْما شَرْعيّاً هَذَا فَهُوَ حَقٌّ، وَإِن أَرادُوا أنَّ الشَّرْعَ ارْتَجَلَ هَذِه اللَّفْظَةَ فَذَلِك يُنافِيهِ قوْلُه تَعَالَى: {إنَّا أَنْزَلْناه قُرْآناً عَرَبيا} .
وَفِي الصِّحاحِ:} الصَّلاةُ واحِدَةُ {الصَّلَواتِ المَفْرُوضَة؛ وَهُوَ (اسْمٌ يُوضَعُ مَوضِعَ المَصْدَرِ.
(وصَلَّى} صَلاةً) ، و (لَا) يقالُ: {صَلَّى (} تَصْلِيةً) ، أَي (دَعا) .
قالَ شيْخُنا: ولهَجَ بِهِ السَّعْدُ فِي التَّلْويحِ وغيرِهِ، وقالَهُ السيِّدُ وجماعَةٌ تقليداً، وتَبِعَهم أَبو عبدِ اللَّهِ الْحطاب أَوَّل شَرْح المُخْتَصر، وبالَغَ عَن الْكِنَانِي أنَّ اسْتِعْمالَهُ يكونُ كُفْراً، وذلكَ كُلّه باطِلٌ يردُّه القِياسُ والسّماعُ؛ أَمَّا القِياسُ فقاعِدَةُ التَّفْعلة من كلِّ فعْلٍ على فعل مُعْتَل اللامِ مُضَعّفاً كزَكَّى تَزْكِيةً ورَوَّى تَرْوِيةً، وَمَا لَا يُحْصَرُ؛ ونقلَهُ الزوزني فِي مَصادِرِهِ.
وأَمَّا السّماعُ فأَنْشَدُوا من الشِّعْر الْقَدِيم:
تَرَكْتُ المدامَ وعَزْف القيان
وأَدْمَنْتُ {تَصْلِية وابْتِهالاوقد وَسَّع الكَلام فِي ذلكَ الشَّهاب فِي مَواضِعَ مِن شَرْح الشفاءِ والعنِايَةِ، وَهَذَا خُلاصَةُ مَا هناكَ، انتَــهَى.
(و) } صَلَّى (الفَرَسُ) {تَصْلِيةً: (تَلا السَّابِقَ) .
وَفِي الصِّحاحِ: إِذا جاءَ} مُصَلِّياً، وَهُوَ الَّذِي يَتْلو السابِقَ لأنَّ رأْسَه عنْدَ {صَلا الفَرَسِ السابِقِ، انتَــهَى.
وَفِي الحديثِ: (سَبَقَ رَسُولُ الله} صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وصَلَّى أَبو بكْرٍ وثَلَّثَ عُمَر وخَبَطَتْنا فِتْنةٌ فَمَا شاءَ اللَّهُ) ، وأَصْلُه فِي الخَيْل فالسابِقُ الأوَّل} والمُصَلِّي الثَّانِي.
قالَ أَبو عبيدٍ: وَلم أَسْمَعْ فِي سَوابِقِ الخَيْلِ ممَّنْ يوثَقُ بعِلْمِه أَسْماء لشيءٍ مِنْهَا إلاَّ الثانيَ والسُّكَيْتَ، وَمَا سِوى ذَينِكَ إنَّما يقالُ الثَّالثُ والَّرابعُ إِلَى التَّاسع.
(و) {صَلَّى (الحِمارُ أُتُنَه) } تَصْلِيةً: (طَرَدَها وقَحَّمَها الطَّريقَ) ؛ نقلَهُ الصَّاغاني.
( {والصَّلَواتُ: كَنائِسُ اليَهُودِ) ؛ هَذَا تَفْسيرُ ابنِ عبَّاس؛ قالَهُ ابنُ جنِّي، سُمِّيت بذلكَ لكَوْنِها مَواضِع عِبادَتِهم، لعنُوا؛ وَمِنْه قوْلُه تَعَالَى: {لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وبَيَعٌ} وصَلَواتٌ ومَساجِدُ} .
(و) قيلَ: (أَصْلُه بالعِبْرانِيَّةِ {صَلُوتَا) ، بفتْحِ الصِّادِ والتَّاءِ الفَوْقيةِ.
قالَ ابنُ جنِّي فِي المُحْتَسب: وقَرَأَهُ الجَحْدرِي بخلافٍ {} وصُلُوتٌ} ، بالضَّمِّ، ورُوِي عَنهُ: {! وصِلْواتٌ} بكَسْرٍ فسكونٍ بالتاءِ فيهمَا؛ وقَرَأَ { {وصَلَوث} أَبو العالِيَة بخلافٍ والحجَّاجُ بنُ يوسُفَ بخلافٍ والكَلْبي وَقَرَأَ {وصلوب} الْحجَّاج، ورُوِيَتْ عَن الجَحدرِي وقَرَأَ {} وصْلْواتٌ} بضمِّ فَسُكُون جَعْفَر بنُ محمدٍ وقَرَأَ { {وصلوثا} مُجَاهِد، وقَرَأَ {} وصُلَواث} بضمِّ ففَتْح الجَحْدرِي والكَلْبي بخِلافٍ، وقَرَأَ { {وصلويثا} . وأَقْوى القِرَاآتِ فِي هَذَا الحَرْف مَا عَلَيْهِ العامَّةُ وَهُوَ {} وصَلَواتٌ} ، ويلِي ذلكَ {وصُلُوَاتٌ} وصُلْوَاتٌ {وصِلْوَاتٌ، وأَمَّا بَقِيَّةُ القِرَاآت فِيهِ، فتَحْريفٌ وتَشَبُّثٌ باللغةِ السِّرْيانيَّةِ واليَهُوديَّةِ، وذلكَ أَنَّ الصَّلاةَ عنْدَنا من الواوِ لكَوْنِها من} الصَّلَوَيْنِ وكَوْن جَمْعها {صَلَواتٌ كقِناةٍ وقَنَواتٍ، وأَمَّا} صُلُوَاتٌ {وصُلْوَاتٌ فجمْعُ} صُلْوَةٍ وإنْ كــانتْ غَيْرَ مُسْتَعْملَةٍ ونَظِيرُها حُجْرةٍ وحُجُراتٍ؛ وأَمَّا {صَلَوات فكأنَّه جَمْعُ} صَلْوة كرشْوَةٍ ورَشَواتٍ، وَهِي أَيْضاً مقدَّرَةٌ غَيْر مُسْتَعْملةٍ؛ قالَ: ومَعْنَى {صَلَوات هُنَا المَساجِد، وَهِي على حذْفِ المُضافِ، أَي مَوَاضِع} الصلواتِ؛ قالَ أَبو حاتِمٍ: ضاقَتْ صُدُورُهم لمَّا سَمِعُوا لَهُدِّمَتْ {صَلَواتٌ فعَدَلوا إِلَى بَقِيَّةِ القِرَاءاتِ؛ وقالَ الكَلْبي:} صُلُوثٌ: مَسَاجِد الْيَهُود؛ وقالَ الجحدرِي: صلوث مَسَاجِد النَّصارَى؛ وقالَ قُطْرب: صلوث، بالثاءِ، بَعْض بُيوتِ النَّصارَى؛ قالَ: {والصُلُوثُ الصَّوامِعُ الصِّغارُ لم يُسْمَع لَهَا بواحِدٍ. انتَــهَى.
وَقد ذَكَرْنا شَيْئا من ذلكَ فِي حَرْفِ الثاءِ المُثَلَّثَةِ، ويظهرُ ممَّا قدَّمْناه مَا فِي سِياقِ المصنِّفِ من القُصُورِ:
تذنيب
الَّذِي عُرِفَ مِن سِياقِ الجَوْهرِي المصنِّف أنَّ} الصَّلاةَ واوِيَّةٌ مأْخوذَةٌ من! صَلَّى إِذا دَعا، وَهُوَ اسْمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ المَصْدَرِ؛ وهناكَ وُجُوهٌ أُخَرُ تَرَكَها المصنِّفُ فاحْتَاجَ أنَّنا نُنبِّه عَلَيْهَا، فقيلَ: إنَّها مِن الصَّلَوَيْن وهُما مُكْتَنِفا ذَنَبِ الفَرَسِ وغيرِهِ ممَّا يَجْرِي مجْرَى ذلكَ، وَهُوَ رأْيُ أَبي عليَ؛ قالَ: واشْتِقاقُه مِنْهُ أَنَّ تَحْريكَ الصَّلَوَيْن أَوَّلُ مَا يظهرُ مِن أَفْعالِ الصَّلاة فأمَّا الاسْتِفْتاح ونَحْوه مِن القِراءَةِ والقِيامِ فأَمْرٌ لَا يَظْهرُ وَلَا يخصّ مَا ظَهَرَ مِنْهُ الصَّلاة لَكِن الرُّكُوع أَوَّل مَا يظهرُ مِن أَفْعالِ المُصَلِّي؛ هَكَذَا نقلَهُ عَنهُ ابنُ جنِّي فِي المُحْتَسب. وقيلَ: إنَّ الأصْلَ فِي {الصَّلاةِ اللُّزُوم،} صَلِيَ {واصْطَلَى إِذا لَزِمَ، وَهِي مِن أَعْظَم الفَرْض الَّذِي أُمِرَ بلُزومِه؛ وَهَذَا قوْلُ الزجَّاج. وقيلَ: إنَّ أَصْلَها فِي اللَّغَةِ التَّعْظيم، وسُمِّيَت هَذِه العِبادَةُ} صَلاةً لمَا فِيهَا مِن تَعْظيمِ الرّبِّ، جلَّ وعزَّ؛ وَهَذَا القَوْلُ نقلَهُ ابنُ الأثيرِ فِي النِّهايةِ. وقيلَ: إنَّها مِن {صَلَّيْتُ العُودَ بالنارِ إِذا لَيَّنْتُه، لأنَّ} المُصَلِّي يَلِينُ بالخُشُوعِ؛ وَهَذَا قولُ ابنِ فارِسَ صاحِب المُجْمل نقلَهُ صاحِب المِصْباح؛ على هَذَا القَوْلِ وَكَذَا قَوْل الزجَّاج السَّابق هِيَ يائيَّةٌ لَا واوِيَّةٌ. وقيلَ: هِيَ مِن {الصَّلْي، ومَعْنى صَلّى الرَّجُل أَزَالَ عَن نَفْسِه، بِهَذِهِ العِبادَةِ، الصَّلى الَّذِي هُوَ نارُ اللَّهِ المُوَقَدَةُ، وبناءُ} صَلّى كبِناءِ مَرَّض وقَرَّد لإزالَةِ المَرَضِ والقرادِ؛ وَهَذَا القَوْلُ ذَكَرَه الرَّاغبُ فِي المُفْرداتِ لبعضِهم، وعَلى هَذَا القَوْل أَيْضاً فَهِيَ يائيَّةٌ. وقالَ الفَخْرُ الرَّازي: اخْتُلِفَ فِي وَجْه تَسْمِيتِها على أَقْوالٍ والأَقْربُ أنَّها مأَخوذَةٌ مِن الدُّعاءِ، إِذْ لَا {صَلاةَ إلاَّ وفيهَا الدُّعاء وَمَا يَجْرِي مجراهُ.
فَائِدَة
قَوْلُنا: اللَّهُمَّ} صَلِّ على محمدٍ، مَعْناه عَظِّمْه فِي الدُّنيا بإعْلاءِ ذِكْره وإظْهار دَعْوتِه وإبْقاءِ شَرِيعَتِه، وَفِي الآخِرَةِ بتَشْفِيعِه فِي أُمَّتِه وتَضْعيفِ أَجْرِه ومَثُوبتِه؛ وقيلَ: المَعْنى لمَّا أَمَّرَنا اللَّهُ عزَّ وجلَّ، {بالصَّلاةِ عَلَيْهِ وَلم نَبْلغْ قَدْرَ الواجِبِ من ذلكَ أَحَلْناه على اللَّهِ: اللهُمَّ} صَلِّ أَنْت على محمدٍ لأنَّكَ أَعْلَم بِمَا يليقُ بِهِ. وقالَ بعضُ العارِفِين: {الصَّلاةُ عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جُعِلَتْ وَسِيلَة للتَّقرُّبِ مِنْهُ، كَمَا جُعِلَتْ هَدايا الفُقراءِ إِلَى الأُمراء وَسائِل ليَتَقرَّبوا بهَا إِلَيْهِم وليَعُودَ نَفْعُها إِلَيْهِم، إِذْ هُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعْد صَلاةِ اللَّهِ عَلَيْهِ لَا يَحْتاجُ إِلَى أَحَدٍ، وإنَّما شُرِّعَتْ تعبُّداً للَّهِ وقرْبةً إِلَيْهِ ووَسِيلةً للتَّقرُّبِ إِلَى الجنابِ المَنِيعِ ومَقامِه الرَّفِيعِ، وحَقِيقَتها مِنْهُ إِلَيْهِ إِذْ مَا} صَلَّى على محمدٍ إلاَّ محمدٌ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأنَّها صَدَرَتْ مِنْهُم بأَمْرِهِ مِن صُورَةِ اسْمِه، انتَــهَى.
وَقد اخْتُلِفَ فِي هَذَا الدُّعاءِ هَل يَجوزُ إطْلاقُه على غَيْر النبيِّ أَمْ لَا؟ والصَّحِيحُ أنَّه خَاص بِهِ، فَلَا يقالُ لغيرِهِ.
وقالَ الْخطابِيّ: الصَّلاةُ الَّتِي بمَعْنى التَّعْظِيم والتَّكْريمِ لَا تقالُ لغيرِهِ؛ وَمِنْه: اللهُمَّ صَلِّ على آلِ أَبي أَوفى؛ وقيلَ فِيهِ: إنَّه خاصٌّ بِهِ، ولكنَّه هُوَ آثَرَ بِهِ غَيْرَه، فأَمَّا سِواهُ فَلَا يَجوزُ لَهُ أنْ يخصَّ بِهِ أَحَداً.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
{المُصَلَّى، كمعَلَّى: يُطْلَقُ على موضِعِ} الصَّلاةِ وعَلى الدُّعاءِ وعَلى الصَّلاةِ، وقوْلُه تَعَالَى: {واتَّخَذُوا مِن مقامِ إبراهيمَ {مُصَلَّى} ، يَحْتَمِلُ أَحَدَ هَذِه المَعانِي.
وأَيْضاً: موضِعٌ بالمدينَةِ.
وبَنُو} المُصَلى، على صيغَةِ اسْم الفاعِل: بُطَيْنٌ بمِصْر.
وأَبو بكْرٍ محمدُ بنُ محمدِ بنِ عبدِ الحميدِ البَلخيُّ كانَ يقالُ لَهُ {الصلواتي، لأنَّ أَحَدَ أَجْدادِهِ كانَ يُكْثرُ} الصَّلاةَ، أَو الصَّلاةَ على النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَوَى عَنهُ ابنُ السّمعاني.
وجِئْتُ فِي {أَصَلائِهم: أَي أَدْبارِهم.
} وصَلَتِ الفَرَسُ: اسْتَرْخَى {صَلَواها، مثْلُ} أَصْلَتْ {وصَليَتْ؛ عَن الزجَّاج.
صلو: {صلوات}: كنائس اليهود، وهي العبرانية: صلوتا.
صلو
صلَّى/ صلَّى على يصلِّي، صَلِّ، صَلاةً، فهو مُصَلٍّ، والمفعول مُصَلًّى عليه
• صلَّى الشَّخصُ: أدَّى الصَّلاةَ "صلَّى صلاةَ الصُّبْح- {فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى} ".
• صلَّى على فلانٍ: دعا له بالخير " {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} ".
• صلَّى اللهُ على رسوله: دعا له وحفَّه ببركته، بارك عليه وأحسن عليه الثَّناء " {إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} ". 

صَلا [مفرد]: ج أَصْلاء
• الصَّلا: وسط الظَّهر من الإنسان والحيوان. 

صلاة [مفرد]: ج صَلَوات (لغير المصدر):
1 - مصدر صلَّى/ صلَّى على.
2 - دين وعبادة " {يَاشُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءَابَاؤُنَا} ".
3 - مغفرة ورحمة " {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} ".
4 - بيت العبادة لليهود، معبد اليهود " {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وبِيَعُ وصَلَوَات وَمَسَاجِدُ} ".
• الصَّلاة: (فق) العبادة المخصوصة المبيّنة حدود أوقاتها في الشَّريعة، والصَّلوات المفروضة خمس وهي: الفجر، والظُّهر، والعصر، والمغرب، والعشاء "حَيّ على الصَّلاة- مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ لِسَبْعٍ [حديث]- {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ} " ° الصلاة الوُسطى: صلاة العصر- الصَّلاة جامعة: نداء المؤذِّن للمصلِّين بأن يلزموا الصَّلاة- صلاتا الليل: صلاة المغرب وصلاة العشاء- صلاتا النّهار: الظهر والعصر- كتاب الصَّلاة: كتاب يحتوي على أحكام الصَّلاة. 

مُصَلًّى [مفرد]: ج مُصَلَّيات:
1 - اسم مكان من صلَّى/ صلَّى على: " {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ".
2 - ما يُتَّخذ من فراش ونحوه ليُصلَّى عليه "فرش المُصَلَّى لأداء الصَّلاة". 

صلو


صَلَا(n. ac. صَلْو)
a. Hit or hurt in the back.

صَلَّوَa. Prayed.
b. ['Ala], Prayed for; prayed over, blessed.
c. Was second in the race (horse).

صَلًا (pl.
صَلَوَاتأَصْلَآء [] )
a. Middle of the back.
b. Crupper.

صَلَاة [] (pl.
صَلَوَات)
a. Prayer.

مُصَلَّى [ N. P.
a. II], Place of prayer.
b. Blessed, holy, consecrated.

صَلٰوة
a. see 4t
(ص ل و) : (الصَّلَاةُ) فَعَالَةٌ مِنْ صَلَّى كَالزَّكَاةِ مِنْ زَكَّى وَاشْتِقَاقُهَا مِنْ الصَّلَا وَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَلْيَتَانِ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يُحَرِّكُ صَلَوَيْهِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقِيلَ لِلثَّانِي مِنْ خَيْلِ السِّبَاقِ الْمُصَلِّي لِأَنَّ رَأْسَهُ يَلِي صَلَوَيْ السَّابِقِ (وَمِنْهُ) «سَبَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ وَثَلَّثَ عُمَرُ» وَسُمِّيَ الدُّعَاءُ صَلَاةً لِأَنَّهُ مِنْهَا (وَمِنْهُ) «وَإِذَا كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ» أَيْ فَلْيَدْعُ وَقَالَ الْأَعْشَى لِابْنَتِهِ
عَلَيْكِ مِثْلُ الَّذِي صَلَّيْت فَاغْتَمِضِي ... نَوْمًا فَإِنَّ لِجَنْبِ الْمَرْءِ مُضْطَجَعًا
يَعْنِي: قَوْلَهَا يَا رَبِّ جَنِّبْ أَبِي الْأَوْصَابَ وَالْوَجَعَا لِأَنَّهُ دُعَاءٌ لَهُ مِنْهَا وَقَالَ أَيْضًا
وَقَابَلَهَا الرِّيحُ فِي دَنِّهَا ... وَصَلَّى عَلَى دَنِّهَا وَارْتَسَمْ
أَيْ اسْتَقْبَلَ بِالْخَمْرِ الرِّيحَ وَدَعَا وَارْتَسَمْ مِنْ الرَّوْسَمِ وَهُوَ الْخَاتَمُ يَعْنِي: خَتَمَهَا ثُمَّ سُمِّيَ بِهَا الرَّحْمَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ لِأَنَّهُمَا مِنْ لَوَازِمِ الدَّاعِي (وَالْمُصَلَّى) مَوْضِعُ الصَّلَاةِ أَوْ الدُّعَاءِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حِكَايَةً عَنْ اللَّهِ تَعَالَى «قَسَمْتُ الصَّلَاةَ» يَعْنِي سُورَةَ الصَّلَاةِ وَهِيَ الْفَاتِحَةُ لِأَنَّهَا بِقِرَاءَتِهَا تَكُونُ فَاضِلَةً أَوْ مُجْزِئَةً (وَقَوْلُهُ) - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِأُسَامَةَ «الصَّلَاةُ أَمَامَكَ» أَيْ وَقْتُ الصَّلَاةِ أَوْ مَوْضِعُهَا يَعْنِي بِهَا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ (وَقَوْلُ) عَبِيدُ فُلَانٍ يُصَلُّونَ أَيْ هُمْ بَالِغُونَ (وَمِنْهُ) حَدِيثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَقْرَعَ بَيْنَ مَنْ صَلَّى مِنْ رَقِيقِهِ حِينَ أَعْتَقَهُمْ مِنْ بَعْدِهِ أَيْ مَنْ بَلَغَ وَأَدْرَكَ الصَّلَاةَ صَلَّى (الصَّلَاءَةُ) الْحَجَرُ يُسْحَقُ عَلَيْهِ الطِّيبُ وَغَيْرُهُ (وَمِنْهَا) أَخْرَجَ جُرْصُنًا أَوْ صَلَايَةً أَيْ حَجَرًا (وَقَوْلُهُ) فِي الْوَاقِعَاتِ حَدَّادٌ ضَرَبَ حَدِيدَةً بِمِطْرَقَةٍ عَلَى صَلَايَةٍ يَعْنِي السِّنْدَانَ وَهَذَا وَهْمٌ (وَالصَّلَى) بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ أَوْ بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ النَّارُ.

خشرم

خشرم: خَشْرَم: نمل (دي ساسي طرائف، 2: 364 رقم37).
[خشرم] فيه: لتركبن سنن من قبلكم حتى لو سلكوا "خشرم" دبر لسلكتموه، وهو مأوى النحل والزنانير، ويطلق عليهما والدبر النحل.
[خشرم] الخشرم: الدبر والزنانير. قال الاصمعي: لا واحد له من لفظه. وربما سمى بيت الزنانير خشرما. وقال :

كسوام دبر الخشرم المتنور * والخشرم: الحجارة التي يُتَّخَذُ منها الجصّ. وخشرم: اسم رجل. والخشارم بالضم: الاصوات.
خشرم: الخَشْرَمُ: مأوى الزنابير والنخل، وبيتها ذو النخاريب.

وفي الحديث: لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ من كان قَبْلكم ذِراعاً بِذراعٍ وبَاعاً بِباعٍ حتى لو سلَكُوا خَشْرَم دَبْرٍ لَسَلَكْتُموهُ.

وقد جاء في الشعر الخَشْرَمُ اسماً لجماعة الزنابير، قال:

وكأنها خلف الطريدة ... خَشْرَمٌ متبددُ 

يصف الكلاب. والخَشْرمةُ: قُفٌّ حِجارتُها رَضْراضٌ حُمْرٌ مَنُثورةٌ، فِيها وُعورةٌ، غَيرُ جِدِّ غليظةٍ، وتحتها طين، وربما كــانت بظهور الجبال. وحيثما كــانت فإنها لا تطولُ ولا تعرضُ، وهي مركومٌ بعضها على بعضٍ. فإن كــانت الخَشْرمةُ مستويةً مع الأرض فهي من القفافِ، غير أن الإسم لها لازمٌ لما خالطها من اللبن والطين. والإسم اللازم القف إذا كــانت حجارةً مترادفةً، بعضها إلى بعض، ذاهبةٌ في الأرض، وبعضها منقلع عظام. وحجارة الخَشْرَمَة أصغر منها، وأعظم حجارتها مثل قامة الرجل. وإذا علا [الرجل] ظهر القف كــانت فيه رياض وقيعان، إنما يعرف أنه قف للحجارة العظام المنقلعة فيه، وإنما قففته كثرة حجارته. فإما الخَشْرمةُ، إذا كــانت تحت التراب، [فقد] سقط عنها هذا الإسم، وهي في ذلك قف، وكل ذلك من الجبل 

خشرم: الخَشْرَمُ: جماعة النحل والزنابير، لا واحد لها من لفظها؛ قال

الشاعر في صفة كلاب الصيد:

وكأَنَّها، خَلْفَ الطَّريـ

ـدةِ، خَشْرَمٌ مُتَبَدِّدُ

الأَصمعي: الجماعة من النحل يقال لها الثَّوْلُ والخَشْرَمُ، قال أَبو

حنيفة: من أَسماء النحل الخَشْرَمُ، واحدتها خَشْرَمَةٌ. والخَشْرَمُ

أَيضاً: أَمير النحل. والخشرَمُ أَيضاً: مأْوى الزنابير والنحل وبيتُها ذو

النَّخاريب. وفي الحديث: لتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كان قبلكم ذراعاً بذراع

حتى لو سلكوا خَشْرَم دَبْرٍ لسلكتموه؛ هو مأْوى النحل والزنابير

والدَّبْرِ، قال: وقد يطلق عليها أَنفسها؛ والدَّبْرُ: النحل؛ وقول أَبي كبير

يصف صائداً:

يأْوي إِلى عُظْمِ الغَريفِ، ونَبْلُهُ

كسَوامِ دَبْر الخَشْرَمِ المُتَثَوِّرِ

أَضاف الدَّبْرَ إِلى أَميرها أَو مأْواها، ولا يكون من إِضافة الشيء

إِلى نفسه.

وخَشارِمُ الرأْس: ما رَقَّ من السِّحاء الذي في خَياشيمه، وهو ما فوق

نُخْرَتِه إِلى قصَبة أَنفه.

والخَشارِمُ، بالضم: الأَصواتُ، وخَشْرَمَتِ الضَّبُع: صوتت في أَكلها؛

حكاه ابن الأعرابي، وقال: سمعت أَعرابياً يقول: الضبع تُخَشْرِمُ وذلك

صوت أَكلها إِذا أَكلت.

ابن شميل: الخَشْرَمَةُ أَرض حجارتها رَضْراضٌ كأَنها نُثِرَتْ على وجه

الأَرض نَثْراً، فلا تكاد تمشي فيها، حجارتها حُمٌّ، وهو جبل ليس بالشديد

الغليظ، فيه رَخاوة موضوع بالأَرض وضعاً، وهو ما استوى مع الأَرض، وما

تحت هذه الحجارة المُلقاة على وجه الأَرض أَرضٌ فيها حجارة وطين مختلطة،

وهي في ذلك غليظة، وقد تنبت البقل والشجر؛ وقيل: الخَشْرَمَةُ رَضْمٌ من

حجارة مَرْكوم بعضُه على بعضٍ، والخَشْرَمةُ لا تطول ولا تَعْرُضُ، إِنما

هي رَضْمَةٌ وهي مستوية؛ وزاد الليث على هذا القول أَنه قال: حجارة

الخَشْرَمةِ أَعظمها مثل قامة الرجل تحت التراب، قال: وإِذا كــانت الخَشْرَمةُ

مستوية مع الأَرض فهي القِفافُ، وإِنما قَفَّفَها كثرةُ حجارتها؛ قال

أَبو أَسلم: الخَشْرَمةُ من أَعظم القفِّ، وقال بعضهم: الخَشْرَمُ ما سَفُلَ

من الجبل، وهي قُفٌّ وغلظ، وهو جبل غير أَنه متواضع، وجمعه الخَشارِمُ.

ابن سيده: الخَشارِمَةُ قِفافٌ حجارتها رَضْراضٌ، واحدتها خَشرَمٌ

وخَشْرمة. والخَشْرَمُ: الحجارة الرخوة التي يتخذ منها الجِصُّ؛ وأَنشد ابن بري

لأَبي النَّجْمِ:

ومُسُكاً من خَشْرَمٍ ومَدَرا

وخَشْرَمٌ: اسم. وابن خَشْرَمٍ: رجل، وهو أَيضاً ابن الخَشْرَمِ.

لين

(ل ي ن) : {وَأَلَنَّا لَهُ} [سبأ: 10] فِي (ف ج) [فجج] .
لين: {لينة}: نخلة جمعها لين، وهو ألوان النخل ما لم يكن العجوة والبرني.
ل ي ن : لَانَ يَلِينُ لِينًا وَالِاسْمُ اللِّيَانُ مِثْلُ كِتَابٍ وَهُوَ لَيِّنٌ وَجَمْعُهُ أَلْيِنَاءُ وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَالتَّضْعِيفِ. 
(لين): قَولُه تباركَ وتعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِن لِينَةٍ} 
: أي مِن كلّ لَوْنٍ مِن التَّمْرِ ، ذكَرَه الهَرَوِىُّ في اللَّامِ والوَاوِ.
- في حديثِ ابنِ عُمَر: "خِيَارُكُم أَلَايِنُكم مَنَاكِبَ في الصَّلاةِ".
جَمْعُ: ألْينَ، بمعْنَى السُّكون والخُشُوع
ل ي ن

شيء لين، ولين، وليّنه وألانه واستلانه.

ومن المجاز: هو في ليان من العيش، ونزلوا بلين الأرض وليانها، ورجل ليّن الجانب، وقوم أليناء، وهو ذو ملينة، ولان لقومه، وألان لهم جناحه، " فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ". وهو ليّن الأعطاف، وطيء الأكناف. ولاين أصحابك ولا تخاشنهم. وتليّن له: تملّق. 
ل ي ن: (اللِّينُ) ضِدُّ الْخُشُونَةِ وَقَدْ (لَانَ) الشَّيْءُ (يَلِينُ لِينًا) وَشَيْءٌ (لَيِّنٌ) وَ (لَيْنٌ) مُخَفَّفٌ مِنْهُ. وَ (لَيَّنَ) الشَّيْءَ (تَلْيِينًا) وَ (أَلْيَنَهُ) صَيَّرَهُ لَيِّنًا، وَيُقَالُ: (أَلَانَهُ) أَيْضًا عَلَى النُّقْصَانِ وَالتَّمَامِ مِثْلُ أَطَالَهُ وَأَطْوَلَهُ. وَ (لَايَنَهُ مُلَايَنَةً) وَ (لِيَانًا) . وَ (اسْتَلَانَهُ) عَدَّهُ لَيِّنًا. وَ (تَلَيَّنَ) لَهُ تَمَلَّقَ. 
لين
اللِّينُ: ضدّ الخشونة، ويستعمل ذلك في الأجسام، ثمّ يستعار للخلق وغيره من المعاني، فيقال: فلان لَيِّنٌ، وفلان خشن، وكلّ واحد منهما يمدح به طورا، ويذمّ به طورا بحسب اختلاف المواقع. قال تعالى: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ
[آل عمران/ 159] ، وقوله:
ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ
[الزمر/ 23] فإشارة إلى إذعانهم للحقّ وقبولهم له بعد تأبّيهم منه، وإنكارهم إيّاه، وقوله: ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ
[الحشر/ 5] أي: من نخلة ناعمة، ومخرجه مخرج فعلة نحو: حنطة، ولا يختصّ بنوع منه دون نوع.

لين


لَانَ (ي)(n. ac. لَيْن
لِيْنَة
لَيَاْنَة)
a. Was soft, tender, delicate; was gentle. II, Softened;
mollified; pacified, soothed; assuaged, mitigated. III [La], Was gentle, tender with.
b. Polished, furbished (sword).
أَلْيَنَa. see II
. V, Softened; calmed down.
b. see III (a)
X, Deemed soft &c.
لَيْنa. see 2 & 25
لِيْنa. Softness; tenderness; delicacy; gentleness.

لِيْنَة
لَيَاْنa. see 2
لَيِيْن
( pl.
reg. &
أَلْيِنَآءُ)
a. Soft, tender, delicate; gentle.
b. Supple, pliable.

لُيُوْنَة
a. [ coll. ]
see 2
N. Ag.
لَيَّنَa. Emollient, soothing (medicine).

حُرُوْف اللِّيْن
a. The semi-vowels :

ا و ي
a. when having


لَيَان العَيْش
a. Ease, comfort; easy circumstances.
[لين] نه: فيه: كان إذا عرس بالليل توسد "لينة"، هي بالفتح كالمسورة أو كالرفادة، سميت به للينها. وفيه: خياركم "ألاينكم" مناكب في الصلاة، هي جمع ألين بمعنى السكون والوقار والخشوع. ج: وقيل: هو أن لا يمتنع على من أراد أن يدخل بين الصفوف لسد الخلل أو لضيق المكان. وقيل: هو أن يأمر المصلي احد بالالتواء في الصف أو وضع يده على منكبه فينقاد ولا يتكبر أو لا يمتنع. نه: ومنه: يتلون كتاب الله "لينا"، أي سهلًا على ألسنتهم، ويروى: لينا- بالتخفيف. ط: "ما قطعتم من "لينة"" أي نخلة، وقصته في البويرة من ب، وهي أنواع التمر كلها سوى العجوة، وهي مائة وعشرون نوعًا، أو كرام النخل، أو كلها، أو كل الأشجار- أقوال.
[لين] اللينُ: ضد الخشونة. يقال: لان الشئ يلين لينا، وشئ لَيِّنٌ ولَيْنٌ مخفَّفٌ منه، والجمع أليناء. وقوم لينون وأليناء، إنما هو جمع لين مشدد، وهو فيعل، لان فعلا لا يجمع على أفعلاء. والليان بالفتح: المصدر من اللين. تقول: هو في لَيانٍ من العيش، أي في نعيمٍ وخفض. ولينت الشئ وألينته، أي صيَّرته لَيِّناً. ويقال أيضاً أَلَنْتُهُ وألينته، على النقصان والتمام، مثل أطلته وأطولته. والليان بالكسر: الملاينة والملاطفة. تقول: لا يننى مُلايَنَةً ولِياناً. واسْتَلانَهُ: عدَّه لَيِّناً. وتلين: تملق. 
لين: لين: اسم المصدر ليانة أيضاً (انظر فيما يأتي الاسم والموصوف) (فوك) (في مادة modificare) باين سميث 1377) (واقرأ ليانة) وليونة (أبو الوليد 678 رقم 87).
لين: سعر زهيد (ابن جبير 2: 122).
ليّن (بالتشديد): أزال سقاية الفولاذ (الكالا).
ليّن البطن: أسهل البطن (بوشر).
ليّن: جعله طرياً، رخواً، هشاً (الكالا).
لَيْن: فلان لين والجمع ليان: وديع، حليم، دمث (أبو الوليد 665).
لَين: فولاذ مسقي (الكالا).
لين: لامع، ساطع (المعجم اللاتيني- العربي).
لين. لين العيش: رغد العيش (بوشر).
لين (البطن) أو لين وحدها: دورة الأمعاء، فساد البطن، وعند الأطباء ضد القبض (محيط المحيط: بوشر).
لين: الواحدة لينة، انظرها في مادة (لون).
لينة: سهولة، يسر، (بوشر).
لينة: بقلة مباركة، بقلة حمقاء (همبرت 47).
ليان: لدانة، قابلية السحب، قابلية المْطل (بوشر).
لِيان: حوض معدني (شيرب، ديلاب 76، مارتن 82).
لِيانة: لدانة، ممطولية، مرونة (بوشر).
ليّن. واللين الجلد المدبوغ: ورد في (ديوان الهذليين 131، 6).
ليّن: أيل (دومب 65).

لين

1 لَانَ, inf. n. لِينٌ [not لَيْنٌ as in the CK] and لَياَنٌ, (T, S, M, K,) contr. of خَشُنَ; (S, K in art. خشن, and TK;) It was, or became, soft, as opposed to rough or harsh; smooth; plain; without asperities; fine to the touch; delicate; tender; supple; lithe; limber; pliant; pliable; flexible; ductile; malleable; soft, or flabby; lax: and he was, or became, soft; tender; pliant; gentle; bland; or mild. Hence لان جَانِبُهُ: see لَيِّنٌ. b2: لَانَ بَطْنُهُ His bowels became relaxed. b3: لَانَ He relented.3 لَايَنَهُ بِالقَوْلِ He soothed, coaxed, or wheedled, him with words. (L, art. مسح.) b2: لَايَنَهُ [He acted gently towards him; (M, K;) treated him with gentleness, or blandishment; soothed him; coaxed him; wheedled him;] i. q. دَارَاهُ. (S, M, Msb, voce داراه.) b3: لَايَنَهُ He was soft, tender, gentle, bland, or mild, towards him. (M, K.) 4 أَلَانَ بَطْنَهُ [It relaxed his bowels]; said of medicine. (K in art. سهل.) 10 اِسْتَلَانَ: see its contr. استخشن.

لَانَ for الْآنَ: see the latter in art. اين.

لِينُ العَيْشِ Softness, delicateness, or easiness, of life.

لِينَةٌ applied to a palm-tree: see art. لون; and see عَجْوَةٌ.

عَيْشٌ لَيِّنٌ Soft, delicate, or easy, life. b2: لَيِّنُ الجَانِبِ: see جَانِبٌ. b3: لَيِّنُ الأَعْطَافِ; &c.: see art. عطف.

مُلَيِّنٌ A lenitive, or laxative, medicine.
[ل ي ن] لانَ الشَّيءُ لِينًا ولَيَانًا وتَلَيَّنَ وهُو لَيِّنٌ وَلَيْنٌ وَألانَهُ هو ولَيَّنَهُ صَيَّرَهُ لَيِّنًا واستَلانَهُ رَآهُ لَيِّنًا وقيلَ وَجَدَهُ لَيِّنًا على مَا يَغْلِبُ عَليهِ في هذا النَّحْوِ وفي حديث عَلِيٍّ رضي الله عنه في ذكرِ العلماءِ الأَتقياءِ فَبَاشَرُوا رُوحَ اليَقِينِ واستَلانُوا مَا استَخْشَنَ المُتْرَفُونَ واستَوحَشُوا مِمَّا أَنِسَ به الجَاهِلُونَ وحُرُوفُ اللِّينِ الأَلِفُ وَاليَاءُ وَالوَاوُ كــانَتْ حَرَكَةُ مَا قَبْلَهَا منها أَو لَمْ تَكُنْ فالَّذِي حركَةُ ما قبلَهُ مِنْهُ كنَارٍ ودارٍ وفِيْلٍ وقِيْلٍ وَجُوْلٍ وَغُوْلٍ والَّذِي لَيْسَ حركَةُ مَا قَبْلَهُ مِنْهُ إِنَّما هو في اليَاءِ وَالوَاوِ كَبَيْتٍ وَثَوْبٍ فَأَمَّا الأَلِفُ فَلاَ تَكُونُ حَرَكَةُ مَا قَبْلَهَا إِلا مِنْهَا وهُو في لَيَانٍ منَ العَيْشِ أَي رَخَاءٍ وَإِنَّهُ لَذُوْ مَلْيَنَةٍ أَي لَيِّنُ الجَانِبِ وَرَجُلٌ هَيْنٌ لَيْنٌ وَهَيِّنٌ لَيِّنٌ وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ إِنَّهُم قَوْمٌ أَلْيِنَاءُ وَهُو شَاذٌّ وَلاَيَنَ الرَّجُلَ مُلايَنَةً وَلِيَانًا لانَ لَهُ وَاللَّيْنَةِ كالمِسْوَرَةِ يُتَوَسَّدُ بِهَا أَرَى ذَلِكَ لِلِيْنِهَا وَوَثَارَتِهَا وَفي الحدِيثِ كانَ إِذَا عَرَّسَ بِلَيْلٍ تَوَسَّدَ لِيْنةً حَكَاهُ الهَرَوي في الغَرِيْبَينِ وَلِيْنَةُ مَاءٌ لِبَنِي أَسَدٍ احْتَفَرَهُ سُلَيْمَانُ بنُ داوُدَ وذلِكَ أَنَّهُ كانَ في بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَشَكَا جُنْدُهُ العَطَشَ فَنَظَرَ إِلَى سِبَطْر جُحْرَةَ يَضْحَكُ فقالَ مَا أَضْحَكَكَ فَقَالَ أَضْحَكَنِي أَنَّ العَطَشَ قَدْ أَضَرَّ بِكُمْ والماءُ تَحْتَ أَقْدَاِمكُم فاحْتَفَرَ لِيْنَةَ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ عنِ ابنِ الأَعْرَابيّ أَيْ مُضَرَ وَقَدْ يُقَالُ لَهَا اللِّيْنَةُ

لين: اللِّينُ: ضِدُّ الخُشونة. يقال في فِعْل الشيء اللَّيِّن: لانَ

الشيءُ يَلِينُ لِيْناً ولَيَاناً وتَلَيَّن وشيءٌ لَيِّنٌ

ولَيْنٌ، مخفف منه، والجمع أَلْيِناءُ. وفي الحديث: يَتْلُونَ كتابَ

الله لَيِّناً أَي سَهْلا على أَلسنتهم، ويروى لَيْناً، بالتخفيف، لغة فيه.

وأَلانه هو ولَيَّنه وأَلْيَنه: صَيَّرَه لَيِّناً. ويقال: أَلَنْتُه

وأَلْيَنتُه على النقْصان والتمام مثل أَطَلْته وأَطْوَلْتُه. واستلانه:

عَدَّه ليِّناً، وفي المحكم: رآه ليِّناً، وقيل: وجده ليِّناً على ما يغلب

عليه في هذا النحو. وفي حديث عليّ، عليه السلام، في ذكر العلماء

الأَتقياء: فباشَرُوا رُوحَ اليقين، واسْتلانُوا ما اسْتَخْشنَ المُترَفُون،

واستَوْحَشُوا مما أَنِسَ به الجاهلون. وتلَيَّنَ له: تملَّقَ. واللَّيانُ:

نَعْمَةُ العيْشِ؛ وأَنشد الأَزهري:

بيضاءُ باكرَها النَّعِيمُ، فصاغَها

بلَيَانِه، فأَدَقَّها وأَجَلَّها

يقول: أَدَقَّ خَصْرَها وأَجَلَّ كفَلَها أَي وَفَّرَه. واللَّيانُ،

بالفتح: المصدر من اللِّين، وهو في لَيانٍ من العيش أَي رَخاء ونعيم وخفْضٍ.

وإنه لذو مَلْينَةٍ أَي ليِّنُ الجانب. ورجل هَيْنٌ لَيْنٌ وهَيِّنٌ

ليِّنٌ، العرب تقوله؛ وحديث عثمان بن زائدةَ قال: قالت جدّة سفيان

لسفيان:

بُنَيَّ، إنَّ البِرَّ شيءٌ هَيِّنُ،

المَفْرَشُ اللَّيِّنُ والطُّعَيِّمُ،

ومَنْطِقٌ، إذا نطَقْتَ، ليِّنُ

قال: يأْتون بالميم مع النون في القافية؛ وأَنشده أَبو زيد:

بُنَيَّ، إنَّ البِرَّ شيءٌ هَيْنُ،

المَفْرَشُ اللَّيِّنُ والطُّعَيْمُ،

ومَنْطِقٌ، إذا نطَقْتَ، لَْيْنُ

وقال الكميت:

هَيْنُونَ لَيْنُونَ في بُيوتِهم،

سِنْخُ التُّقَى والفَضائلُ الرُّتَبُ

وقوم لَيْنُون وأَلْيِناءُ: إنما هو جمع لَيِّن مشدداً وهو فَيْعِل لأَن

فَعْلاً لا يُجْمع على أَفْعلاء. وحكى اللحياني: إنهم قوم أَلْيِناءُ،

قال: وهو شاذ. واللِّيانُ، بالكسر: المُلايَنة. ولايَنَ الرجلَ مُلايَنة

ولِياناً: لانَ له. وقول ابن عمر في حديثه: خيارُكم أَلايِنُكم مَناكِبَ

في الصلاةِ؛ هي جمع أَلْيَنَ وهو بمعنى السُّكُون والوَقار والخُشوع.

واللَّيْنَةُ: كالمِسْوَرةِ

يُتَوَسَّدُ بها؛ قال ابن سيده: أَرى ذلك للِينِها ووَثارَتها. وفي

الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان إذا عَرَّس بليل توَسَّدَ

لَيْنةً، وإذا عَرَّسَ عند الصُّبح نصَبَ ساعدَه؛ قال: اللَّيْنة كالمِسْوَرة

أَو الرِّفادة، سميت لَيْنةً للينها؛ وقول الشاعر:

قطَعْتَ عَليَّ الدَّهرَ سوفَ وعَلَّهُ،

ولانَ وزُرْنا وانْتَــظرْنا وأَبْشِرِ

غَدٌ عِلَّةٌ لليوم، واليومُ عِلَّةٌ

لأَمْسِ فلا يُقْضَى، وليس بمُنْظَرِ

أَراد أَلانَ، فترك الهمز. وقوله في التنزيل العزيز: ما قطَعْتُم من

لِينَةٍ؛ قال: كلُّ شيء من النخل سوى العجوة فهو من اللِّينِ، واحدته

لِينةٌ. وقال أَبو إسحق: هي الأَلوان، الواحدة لُونَةٌ، فقيل لِينة، بالياء،

لانكسار اللام. وحروف اللِّينِ: الأَلفُ والياء والواو، كــانت حركة ما قبلها

منها أَو لم تكن، فالذي حركة ما قبله منه كنار ودار وفيل وقيلٍ وحُول

وغُول، والذي ليس حركة ما قبله منه إنما هو في الياء والواو كبَيْتٍ

وثَوْبٍ، فأَما الأَلف فلا يكون ما قبلها إلا منها.

ولِينة: ماء لبني أَسد احْتَفره سليمان بن داود، عليهما السلام، وذلك

أَنه كان في بعض أَسفاره فشكا جُنْدُه العَطش فنَظر إلى سِبَطْرٍ فوجده

يضحك فقال: ما أَضحك؟ فقال: أَضحكني أَن العطش قد أَضَرَّ بكم والماء تحت

أَقدامكم، فاحتَفَر لِينةَ؛ حكاه ثعلب عن ابن الأَعرابي، وقد يقال لها

اللِّينة. قال أَبو منصور: ولِينَة موضع بالبادية عن يسار المُصْعِدِ في طريق

مكة بحذاء الهَبِير؛ ذكره زهير فقال:

من ماءِ لِينَةَ لا طَرْقاً ولا رَنَقا

قال: وبها رَكايا عَذْبة حُفِرَت في حَجَرٍ رخْوٍ، والله أََعلم.

لين
: ( {لانَ) الشَّيءُ (} يَلِينُ {لِيناً) ، بالكسْرِ (} ولَياناً، بالفتْحِ) ، ضِدُّ صَعُبَ وخَشُنَ، ( {وتَلَيَّنَ) مِثْلُه، (فَهُوَ} لَيِّنٌ {ولَيْنٌ، كمَيِّتٍ ومَيْتٍ) ؛) وَبِهِمَا رُوِي الحدِيثُ: (يَتْلُونَ كتابَ اللَّهِ} لَيِّناً {ولَيْناً) ، أَي سَهْلاً على أَلْسِنَتِهم؛ وأَنْشَدَ أَبو زيْدٍ:
بُنَيَّ إنَّ البِرَّ شيءٌ هَيِّنٌ المَفْرَشُ} اللَّيِّنُ والطُّعَيِّمُ ومَنْطِقٌ إِذا نَطَقْتَ {ليْنُ (أَو المُخفَّفَةُ فِي المَدْحِ خاصَّةً، ج} لَيْنُونَ) ؛) قالَ الكُمَيْتُ:
هَيْنُونَ {لَيْنُونَ فِي بُيوتِهم سِنْخُ التُّقَى والفَضائلُ الرُّتَبُ (و) قوْمٌ (} أَلْيِناءُ) ، هُوَ جَمْعُ لَيِّنٍ مُشدَّداً، وَهُوَ فَيْعِلٌ لأنَّ فَعْلاً لَا يُجْمَعُ على أَفْعلاء.
وحَكَى اللَّحْيانيُّ: أنَّهم قوْمٌ {أَلْيِناءُ، وَهُوَ شاذٌّ.
(} وأَلَنْتُه) على النُّقْصانِ {وأَلْيَنتُه على التَّمامِ كأَطَلْتُه وأَطْوَلْتُه، (} ولَيَّنْتُه) :) صَيَّرْتُه {لَيِّناً.
(و (} اللَّيانُ، كسَحابٍ: رَخاءُ العَيْشِ) ونَعْمَتُه، وَهُوَ مجازٌ؛ وأَنْشَدَ الأزْهرِيُّ:
بَيضاءُ باكَرَها النَّعِيمُ فصَاغَها {بلَيَانِه فأَدَقَّها وأَجَلَّهايقولُ: أَدَقَّ خَصْرَها وأَجَلّ كَفَلَها.
(} واسْتَلاَنهُ: رآهُ) ! لَيِّناً، كَمَا فِي المُحْكَم؛ أَو عَدَّهُ {لَيِّناً؛ (أَو وَجَدَهُ} لَيِّناً) على مَا يغْلبُ عَلَيْهِ فِي هَذَا النَّحْوِ؛ وَمِنْه حدِيْثُ عليَ، رضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنهُ وكَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَه، فِي ذِكْرِ العُلَماء الأَتْقياء: (فباشَرُوا رُوحَ اليَقِينِ، {واسْتَلانُوا مَا اسْتَخْشَنَ المُتْرَفُونَ، واسْتَوْحَشُوا ممَّا أَنِسَ بِهِ الجَاهِلُونَ) .
(وإِنَّه لذُو} مَلْيَنَةٍ) ، كمَرْحَلَةٍ، أَي ( {لَيِّنُ الجانِبِ) ، وَهُوَ مجازٌ.
(وهَيِّنٌ} لَيِّنٌ) ، كسَيِّدٍ، (ويُخَفَّفانِ، ج {أَلْيِناءُ) ، تقدَّمَ البَحْثُ فِيهِ قَرِيباً وَفِيه تكْرارٌ.
(} ولايَنَه {مُلايَنَةً} ولِياناً) ، بالكسْرِ، أَي ( {لانَ لَهُ) ، والمُفاعَلَةُ ليْسَتْ على بابِها.
(} واللَّيْنَةُ، بالفتْحِ، كالمِسْوَرَة، يُتَوَسَّدُ بهَا) .
(قالَ ابنُ سِيدَه: أَرى ذلِكَ {للِينِها ووَثارَتِها؛ وَمِنْه الحدِيثُ: (كانَ إِذا عَرَّسَ بليلٍ تَوَسَّدَ} لَيْنةً، وَإِذا عَرَّسَ عنْدَ الصُّبْح نَصَبَ ساعِدَه) .
(و) {لِيْنَةٌ، (بالكسْرِ: ماءٌ) لبَني أَسَدٍ (بطريقِ مكةَ حَفَرَهُ) ، كَذَا فِي النُّسخِ والصَّوابُ: حَفَرَها، (سُليمانُ، عَلَيْهِ السّلام) ، وَذَلِكَ أنَّه كانَ فِي بعضِ أسْفارِه فشَكَا جُنْدُه العَطَشَ فنَظَرَ إِلَى سِبَطْرٍ فوَجَدَهُ يضحكُ فقالَ: مَا أَضْحَكَكَ؟ فقالَ: أَضْحَكني أنَّ العَطَشَ قد أَضَرَّ بكُم وَالْمَاء تحْتَ أَقْدامِكُم، فاحْتَفَرَ} لِينَة، حَكَاهُ ثَعْلَب عَن ابنِ الأَعْرابيِّ.
وقالَ الأزْهرِيُّ، رَحِمَه اللَّهُ تَعَالَى: لِينَةُ: مَوْضِعٌ بالبادِيَةِ عَن يَسارِ المُصْعِدِ بطريقِ مكةَ بحِذاءِ الهَبِير، ذَكَرَه زهيرٌ فقالَ:
مِن ماءِ لِينَةَ لَا طَرْقاً وَلَا رَنَقا قالَ: وَبهَا رَكَايا عَذْبةٌ حُفِرَتْ فِي حَجَرٍ رِخْوٍ.
قُلْتُ: وقالتِ امرأةٌ:
مَنْ يَهْدِ لي مِن ماءِ بَقْعاء جُرْعَةًفإنَّ لَهُ مِن ماءِ لِينَةَ أَرْبَعالقد زادَني وَجْداً ببَقْعاء أَنَّني وَجَدْتُ مَطايانا {بلِينَةَ طلعا وتقدَّمَتْ قصَّتُها فِي وَجَدَ عَن أَبي العَلاءِ صاعد فِي الفصوص.
(وأَبو} لِينَةَ، بالكسْرِ: النَّضْرُ بنُ) أَبي مَرْيم (مُطَرِّفٍ) ؛) كَذَا فِي النُّسخِ والصَّوابُ مِطْرَق بالقافِ، كمِنْبَرٍ، كَذَا ضَبَطَه الحافِظُ شيخُ وَكِيعٍ؛ (كُوفيٌّ ضَعيفُ الحدِيثِ) ، ورَوَى عَنهُ أَيْضاً مَرْوانُ بنُ مُعاوِيَةَ الفَزَارِيُّ. وقالَ الذّهبيُّ فِي الدِّيوانِ: ضَعَّفَه يَحْيَى والدَّارْقطْنيُّ، وَقد سَمِعَ أَبا حازِمٍ.
( {واللِّينُ، بالكسْرِ: ة بمَرْوَ) فِيمَا زَعَمَ ابنُ ماكُولا وتَعقَّبَه السَّمعانيُّ، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى، فقالَ: لَا أَعْرِفُ هَذِه فِي قُرَى مَرْوَ، ولَعَلَّها} أَلِينُ كأَميرٍ؛ (مِنْهَا محمدُ بنُ نَصْرِ) بنِ الحُسَيْنِ بنِ عمان المُزْنيُّ فِي الصالِحِينَ عَن وكِيعٍ وابنِ المُبارَكِ، ذَكَرَه ابنُ معدان فِي تارِيخ المِراوِزَةِ. قالَ الحافِظُ، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى: هَكَذَا قَرَأْتُه بخطِّ أَبي العَلاءِ الفَرَضيّ: مُحَمَّد بن نَصْر؛ فقولُ الذهبيِّ، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى، مكِّيّ بن مَنْصورٍ أَو ابْن نَصْرٍ وَهمٌ.
(و) {اللِّينُ: قَرْيةٌ (أُخْرَى بينَ المَوْصِلِ ونَصِيبينَ.
(و) أَيْضاً: (ع ببِلادِ الغَرْبِ) ، كَذَا فِي النُّسخِ والصَّوابُ: ببِلادِ العَرَبِ، قالَ نَصْر: جاءَ فِي شِعْرٍ.
(} ومِلْيانَةُ، بالكسْرِ: د بالمَغْرِبِ) فِي آخرِ أفْرِيقِيَة بَيْنه وبينَ تَنَس أَرْبَعَة أَيامٍ، جَدَّدَه زيرُ بنُ منادٍ وأَسْكَنَه بُلُكّين.
وقالَ الحافِظُ: مَدينَةٌ مِن عَمَلِ تلمسان، مِنْهَا: الرَّضى سُلَيْمانُ بنُ يوسُفَ المِلْيانيُّ سَمِعَ الْمَشَارِق مِن الصَّاغانيِّ فِي سَنَة 637.
(و) مِن المجازِ: ( {تَلَيَّنَ لَهُ) :) إِذا (تَمَلَّقَ.
(وبابُ} لَيُونٍ) ، كصَبُورٍ، ويقالُ: {أَليُون بالألِفِ: (ة بمِصْرَ أَو مَحَلَّةٌ بهَا) ، نُسِبَ إِلَيْهَا البابُ، لَهَا ذِكْرٌ فِي الفُتوحِ، ويقالُ أَيْضاً بَاب ليون وَقد ذَكَرْناها فِي ببلن وَفِي ألن.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
} أَلْيَنَهُ: صَيَّرَه {لَيِّناً.
} والمُلايَنَةُ: المُداهَنَةُ.
{والأَلْينُ:} اللّيِّنُ، والجَمْعُ {أَلاينُ؛ وَمِنْه الحدِيثُ: (خِيارُكم} أَلايِنُكم مَناكِبَ فِي الصَّلاة) ؛ وَهُوَ بمعْنَى السُّكُون والخُشُوع.
{واللِّينَةُ، بالكسْرِ: النَّخْلُ، مِنْهُم مَنْ ذَكَرَه هُنَا.
وحُرُوفُ اللِّينِ: الأَلفُ والواوُ والياءُ.
ونَزَلُوا} بلِينِ الأَرضِ ولَيانِها.
{وأَلانَ جَناحَهُ، وَهُوَ مجازٌ.
لين
لانَ/ لانَ لـ يَلين، لِنْ، لِينًا ولَيَانًا وليونةً، فهو لَيِّن، والمفعول ملين له
• لانَ الشَّخْصُ وغيرُه:
1 - سهُل وانقاد "رَجُلٌ لا يَلين- من لــانت كلمتُه وَجَبَتْ محبّتُه [مثل]- {ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ}: تذعن وتقبل بعد التأبِّي والإنكار" ° لــانت شوكتُه: ذلّ، ضعف- لــانت عريكتُه: انقاد، أذعن، استسلم- لان جانبُه: صار رقيقًا، حسن المعاملة.
2 - رَفَه عيشُه ويسُر ° لان جِلْدُه: تنعّم.
• لانَ الحديدُ وغيرُه: كان قابلاً للانثناء، عكسه صلُب "لــانت العضلاتُ- غصن ليِّن".
• لانَ لفلانٍ: عامله بلطف ورحمة، سهل له وانقاد " {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ} ".
• لــانَت له الأمورُ: سهلت. 

ألانَ يُلين، ألِنْ، إلانةً، فهو مُلين، والمفعول مُلان
• ألانَ المعدنَ وغيرَه: سهَّله، جعله طائِعًا قابلاً للانثناء والتَّشكيل " {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} " ° ألان للقوم جَناحه: أخذهم بالمُلاطفة/ عاملهم بلُطْفٍ ورقّة- ألان موقفَه مع منافسيه. 

استلانَ يستلين، اسْتَلِنْ، استلانةً، فهو مُسْتَلين، والمفعول مُسْتلان
• استلانَ العَيْشَ: وجده سهلاً ميسورًا "استلان الحياةَ في الرِّيف". 

تليَّنَ/ تليَّنَ لـ يتليَّن، تليُّنًا، فهو مُتليِّن، والمفعول مُتليَّن (للمتعدِّي)
• تليَّنَ الشَّيءُ: مُطاوع ليَّنَ: صار لدنًا قابلاً للانثناء، عكسه تصلَّب "تليَّن الحديدُ بالنَّار".
• تليَّنَ الشَّخْصُ: تنعَّم، عكسه تخشَّن "تليَّن حين سكن في المدينة".
• تليَّنَ الشَّخصَ/ تليَّنَ للشَّخص: تملّقه، تودَّد إليه وليَّن
 كلامَه وتذلَّل. 

لاينَ يلاين، مُلايَنةً، فهو مُلايِن، والمفعول مُلايَن
• لاينَ الشَّخصَ:
1 - لان له ولاطفه، عامله برِقَّة "لاين الطبيبُ المريضَ".
2 - داهنه "لاين العاملُ المديرَ". 

ليَّنَ يليِّن، تليينًا، فهو مُلَيِّن، والمفعول مُلَيَّن
• ليَّنَ الشَّيءَ: جعله ليِّنًا مَرِنًا طائِعًا "ليَّن الحديدَ بالنّار- ليَّن محرّكَ السيّارة: بدأ تشغيله برفق- ليَّن الأرضَ: بلَّلها بالماء". 

إلانة [مفرد]: مصدر ألانَ. 

ألينُ [مفرد]: ج ألاينُ:
1 - اسم تفضيل من لانَ/ لانَ لـ: أكثر سهولة وطواعية "هو ألينُ إخوته- ألينُ من الزُّبد".
2 - لَيِّنٌ، طائع، سهل قابل للانثناء والتشكيل. 

استلانة [مفرد]: مصدر استلانَ. 

تليُّن [مفرد]: مصدر تليَّنَ/ تليَّنَ لـ.
• تليُّن العظام: (طب) مرض يصيب النساءَ البالغات بالضّعف والألم وترقُّق العظام نتيجة نقص فيتامين (د) أو الكالسيوم. 

لَيان [مفرد]: مصدر لانَ/ لانَ لـ. 

لِين [مفرد]:
1 - مصدر لانَ/ لانَ لـ.
2 - نعومة ويُسْر، ضدّ الخشونة "لِين العَيْش".
3 - لُطْفٌ في الطَّبع أو سهولة الانقياد "لِين الجانب/ الطَّبْع/ العريكة".
• لِين العِظام: (طب) مرض يصيب العظامَ ناتج عن فقدان فيتامين (د)، وأعراضه في الأطفال ليونة العظام وتقوُّس الأرجل وتشوُّهات في الصدر والحوض.
• حروف اللِّين: (نح) حروف العِلَّة، وهي الألف والواو والياء. 

لِينة [مفرد]: ج لِينات ولِين: كلّ نوع من أنواع النَّخل سوى العَجْوَة " {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللهِ} ". 

ليونة [مفرد]:
1 - مصدر لانَ/ لانَ لـ.
2 - نعومة، رَخاوة "ليونة جلد". 

لَيِّن [مفرد]: ج ليِّنون وأليناءُ (للعاقل):
1 - صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من لانَ/ لانَ لـ: قابل للانثناء، عكسه صُلْب.
2 - سهل، رقيق لا عنف فيه "كلام أو قول ليِّن- جادِلْ بحزم ولكن استخدِمْ الكلامَ الليّن [مثل أجنبيّ]- {فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا} ".
3 - لطيف يسير المعاشرة، سهل الانقياد "ليِّن القياد- ليِّن الجانب: سهل التعامل- لا تكن يابسًا فتُكسر ولا ليِّنًا فتُعصر" ° ليِّن العَرِيكة: سَلِس الخُلُق، سَهْل الانقياد، سَمْح- ليِّنُ العَصَا: رفيق السياسة، رقيقٌ لطيفٌ طائعٌ.
• الحنك اللَّيِّن/ الطَّبق اللَّيِّن: (شر) سقف الفم الرِّخو.
• صوت لَيِّن: (لغ) منطوق باسترخاء نسبيّ. 

ليِّنة [مفرد]: مؤنَّث لَيِّن: ناعمة لطيفة الطبع.
• قرحة ليِّنة: (طب) قرحة تناسليّة معدية. 

مُلَيِّن [مفرد]: ج مُليِّنات:
1 - اسم فاعل من ليَّنَ.
2 - (طب) دواء يسهِّل إخراج الفضول من الأمعاء "وصف له الطَّبيبُ مُلَيِّنًا". 
(لين) الشَّيْء ألانه
لين: اللِّيْنَةُ: كُلُّ لَوْنٍ من النَّخْلِ والتَّمْرِ، وجَمْعُها لِيَانٌ ولِيْنٌ، واللُّوْنَةُ: لُغَةٌ فيه؛ والجَميْعُ لُوْنٌ. والشَّيْءُ اللَّيِّنُ: لانَ يَلِيْنُ لِيْناً ولَيَاناً، ورَجُلٌ هَيِّنٌ لَيِّنٌ؛ وهَيْنٌ لَيْنٌ.
ونَزَلُوا بلَيَانِ الأرْضِ ولِيْنِها.
وفلانٌ ذو مَلْيَنَةٍ: لَيِّنُ الجانِبِ.
ولاَئِنَةٌ من العَيْشِ ولِيْنَةٌ: أي لَيَانٌ وقُرَّةٌ.

الرّشوة

الرّشوة:
[في الانكليزية] Corruption ،tip ،bribe
[ في الفرنسية] Corruption ،pourboire ،pot -de -vin بالكسر والضم وسكون الشين المعجمة كما في المنتخب هي اسم من الرّشوة بالفتح كما في القاموس، فهما لغة ما يتوصّل به إلى الحاجة بالمضايقة بأن تصنع له شيئا ليصنع لك شيئا آخر. قال ابن الأثير: وشريعة ما يأخذه الآخذ ظلما بجهة يدفعه الدافع إليه من هذه الجهة وتمامه في صلح الكرماني، فالمرتشي الآخذ والراشي الدافع كذا في جامع الرموز في كتاب القضاء. وفي البرجندي الرشوة مال يعطيه بشرط أن يعينه والذي يعطيه بلا شرط فهو هدية كذا في فتاوى قاضي خان. وفي البحر الرائق في القاموس: الرشوة مثلثة الجعل وأرشاه أعطاه إياها، وارتشى أخذها، واسترشى طلبها انتــهى. وفي المصباح الرّشوة بالكسر ما يعطيه رجل شخصا حاكما أو غيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد والضم لغة.

وفي الخانية: الرّشوة على وجوه أربعة؛ منها ما هو حرام من الجانبين وذلك في موضعين، أحدهما إذا تقلّد القضاء بالرّشوة لا يصير قاضيا، وهي حرام على القاضي والآخذ.
والثاني إذا دفع الرّشوة إلى القاضي ليقضي له حرام على الجانبين، سواء كان القضاء بحقّ أو بغير حقّ. ومنها إذا دفع الرشوة خوفا على نفسه أو ماله، فهذه حرام على الآخذ غير حرام على الدافع، وكذا إذا طمع ظالم في ماله فرشاه ببعض المال. ومنها إذا دفع الرّشوة ليسوّى أمره عند السلطان حلّ للدافع ولا يحلّ للآخذ، وهذا إذا أعطى الرّشوة بشرط أن يسوّى أمره عند السلطان، وإن طلب منه أن يسوّي أمره ولم يذكر له الرّشوة ولم يشترط أصلا ثم أعطاه بعد ما سوي أمره اختلفوا فيه. قال بعضهم لا يحلّ له. وقال بعضهم يحلّ وهو الصحيح، لأنّه من المجازاة الإحسان بالإحسان فيحل، ولم أر قسما يحلّ الأخذ فيه دون الدفع. وأمّا الحلال من الجانبين فإنّ هذا للتّودد والمحبة وليس هو من الرشوة.
وفي القنية الظلمة تمنع الناس من الاحتطاب في المروج إلّا بدفع شيء إليهم، فالدفع والأخذ حرام لأنّه رشوة إلّا عند الحاجة فيحلّ للدافع دون الآخذ. وحدّ الرّشوة بذل المال فيما هو [غير] مستحقّ على الشخص، ومال الرّشوة لا يملك، والتوبة من الرشوة برد المال إلى صاحبه، وإن قضى حاجته. ومن الرّشوة المحرّمة على الآخذ دون الدافع ما يدفع شخص إلى شاعر خوفا من الهجاء والذمّ.
وقالوا بذل المال لاستخلاص حقّ له على آخر رشوة. ومنها إذا كان وليّ امرأة لا يزوجها إلّا أن يدفع إليه كذا فدفع له فزوّجه إياها، فللزوج أن يستردّه منه قائما أو هالكا لأنّه رشوة. وعلى قياس هذا يرجع بالهدية أيضا في المسألة المتقدّمة إذا علم من حاله أنّه لا يزوجه إلّا بالهدية، وإلّا لا، انتــهى من البحر. وفي فتاوى ابراهيم شاهي وعن ثوبان رضي الله عنه: «لعن الله الراشي والمرتشي». وفي الحموي حاشية الأشباه والنظائر الرّشوة لا تملك، ولو أخذ مورثه رشوة أو ظلما إن علم بذلك بعينه لا يحلّ له أخذه، وإن لم يعلمه بعينه له أخذه حكما. وأما في الديانة فيتصدّق به بنية الخصماء انتــهى. وفي دستور القضاة وإن ارتشى القاضي أو أحد من أصحابه ليعين للراشي عند القاضي ولم يعلم القاضي بذلك وقضى للراشي نفذ قضاؤه، ويجب على القابض ردّ ما قبض ويأثم الراشي. وإن علم القاضي بذلك فقضاؤه مردود، وهو كما ارتشى بنفسه وقضى للراشي انتــهى. وفي نصاب الاحتساب الرّشوة على أربعة أوجه: إمّا أن يرشوه لأنّه قد خوّفه فيعطيه ليدفع الخوف عن نفسه، أو يرشوه ليسوّي بينه وبين السلطان، أو يرشوه ليتقلّد القضاء من السلطان، أو يرشوه للقاضي ليقضي له، ففي الوجه الأول لا يحلّ الأخذ لأنّ الكفّ عن التخويف كفّ عن الظلم وأنّه واجب حقّا للشرع، فلا يحل أخذه لذلك، ويحلّ للمعطي الإعطاء لأنّه جعل المال وقاية للنفس وهذا جائز موافق للشرع.
فلذلك نقول في المحتسب إذا خوّف إنسانا بظلم وأعطاه ذلك الإنسان ليدفع عنه ذلك الخوف فهو جائز للمعطي، ويحرم على المحتسب. وفي الوجه الثاني أيضا لا يحلّ للآخذ لأنّ الإقامة بأمور المسلمين وإعانة الملهوفين عند القدرة عليها واجب على الكفاية ديانة وحقا للشرع بدون المال، فهو يأخذ المال عمّا وجب عليه الإقامة بدونه، فلا يحلّ له الأخذ. فإذا أخذ المال من المظلوم بالشرط فهو حرام. لكن لمّا لم يكن واجبا عليه عينا بل يسع له تركه في الجملة، أي إذا باشره أحد غيره لكفاه. فبناء على هذا لو أخذ شيئا بعد إنجاحه مرامه بلا شرط أصلا فهو على الاختلاف المذكور. فقال بعضهم إنّه حلال نظرا إلى عدم الوجوب عليه عينا وإلى جواز الترك في الجملة. وقال بعضهم إنّه حرام نظرا إلى نفس الوجوب وإن كان على الكفاية، ولأنّه إذا أدّاه كان أداء للواجب، فكان اعتياضا عن الواجب، وهو حرام، بخلاف القاضي وأمثاله فإنّه واجب عليه عينا. فلهذا يحرم عليه مطلقا أي سواء كان بشرط أو لا بشرط، وسواء كان قبل الحكم أو بعده، وهذه الحرمة بالإجماع بلا خلاف أحد. وفي الوجه الثالث لا يحل الأخذ والإعطاء، وهكذا في أصحاب محتسب الملك إذا أخذوا شيئا من النائبين على الاحتساب في القصبات ليسوّوا أمرهم في نيابتهم ليتقرروا على عهدة الاحتساب فهو حرام، كما في الرشوة في باب السعي بين القضاة وبين السلطان ليوليهم على القضاء. وفي الوجه الرابع حرم الأخذ سواء كان القضاء بحقّ أو بظلم. أمّا بظلم فلوجهين: الأول أنّه رشوة والثاني أنّه سبب للقضاء بالحرام، وأما بحقّ فلوجه واحد وهو أنّه أخذ المال لإقامة الواجب. أمّا الإعطاء فإن كان لجور لا يجوز، وإن كان لحقّ أي لدفع الظلم عن نفسه أو عن ماله جاز لما بيّنا. فعلى هذا المحتسب أو القاضي إذا أهدي إليه فممّن يعلم أنّه يهدي لاحتياجه إلى القضاء والحسبة لا يقبل، ولو قبل كان رشوة. وأمّا ممّن يعرف أنّه يهدي للتودّد والتحبّب لا للقضاء والحسبة فلا بأس بالقبول منه لأنّ الصحابة كانوا يتوسّعون في قبول الهدايا منهم، وهذا لأنّ الهدية كــانت عادتهم وكانوا لا يلتمسون منهم شيئا، وإنّما كانوا يهدون لأجل التودّد والتحبّب وكانوا يتوحّشون بردّ هداياهم، فلا يمكن فيه معنى الرشوة، فلهذا كانوا يقبلونها، قال عليه الصلاة والسلام: «تهادوا وتحابّوا» انتــهى من الاحتساب.
قال مصحح هذا الكتاب والمطنب فيه في كل الأبواب أصغر الطلّاب محمد وجيه عفى الله عنه وعن أبيه وهداه وبنيه أقول وبالله التوفيق ومنه التحقيق: إنّه علم من هذا كله أنّ حدّ الرشوة هو ما يؤخذ عمّا وجب على الشخص سواء كان واجبا على العين كما في القاضي وأمثاله، أو على الكفاية كما في شخص يقدر على دفع الظلم أو استخلاص حقّ أحد من يد ظالم أو إعانة ملهوف. وسواء كان واجبا حقّا للشرع كما في القاضي وأمثاله وفي ولي امرأة لا يزوّجها إلّا بالهدية، وفي شاعر يخاف منه الهجو لأنّ الكفّ عن عرض المسلم واجب ديانة، أو كان واجبا عقدا فيمن آجر نفسه لإقامة أمر من الأمور المتعلّقة بالمسلمين فيما لهم أو عليهم كأعوان القاضي وأهل الديوان وأمثالهم.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.