(امتلــخ) عقل فلَان ذهب واستلب
(امتلــخ) عقل فلَان ذهب واستلب
ملك: الليث: المَلِكُ هو الله، تعالى ونقدّس، مَلِكُ المُلُوك له
المُلْكُ وهو مالك يوم الدين وهو مَلِيكُ الخلق أي ربهم ومالكهم. وفي التنزيل:
مالك يوم الدين؛ قرأ ابن كثير ونافع وأَبو عمرو وابن عامر وحمزة: مَلِك
يوم الدين، بغير أَلف، وقرأَ عاصم والكسائي ويعقوب مالك، بأَلف، وروى عبد
الوارث عن أَبي عمرو: مَلْكِ يوم الدين، ساكنة اللام، وهذا من اختلاس أبي
عَمرو، وروى المنذر عن أَبي العباس أَنه اختار مالك يوم الدين، وقال: كل
من يَمْلِك فهو مالك لأنه بتأْويل الفعل مالك الدراهم، ومال الثوب،
ومالكُ يوم الدين، يَمْلِكُ إقامة يوم الدين؛ ومنه قوله تعالى: مالِكُ
المُلْكِ، قال: وأما مَلِكُ الناس وسيد الناس ورب الناس فإنه أَراد أَفضل من
هؤلاء، ولم يريد أَنه يملك هؤلاء، وقد قال تعالى: مالِكُ المُلْك؛ أَلا ترى
أنه جعل مالكاً لكل شيءٍ فهذا يدل على الفعل؛ ذكر هذا بعقب قول أَبي
عبيد واختاره.
والمُلْكُ: معروف وهو يذكر ويؤنث كالسُّلْطان؛ ومُلْكُ الله تعالى
ومَلَكُوته: سلطانه وعظمته. ولفلان مَلَكُوتُ العراق أي عزه وسلطانه ومُلْكه؛
عن اللحياني، والمَلَكُوت من المُلْكِ كالرَّهَبُوتِ من الرَّهْبَةِ،
ويقال للمَلَكُوت مَلْكُوَةٌ، يقال: له مَلَكُوت العراق ومَلْكُوةُ العراق
أَيضاً مثال التَّرْقُوَةِ، وهو المُلْكُ والعِزُّ. وفي حديث أَبي سفيان:
هذا مُلْكُ هذه الأُمة قد ظهر، يروى بضم الميم وسكون اللام وبفتحها وكسر
اللام وفي الحديث: هل كان في آبائه مَنْ مَلَكَ؟ يروى بفتح الميمين
واللام وبكسر الميم الأُولى وكسر اللام. والْمَلْكُ والمَلِكُ والمَلِيكُ
والمالِكُ: ذو المُلْكِ. ومَلْك ومَلِكٌ، مثال فَخْذٍ وفَخِذٍ، كأن المَلْكَ
مخفف من مَلِك والمَلِك مقصور من مالك أو مَلِيك، وجمع المَلْكِ مُلوك،
وجمع المَلِك أَمْلاك، وجمع المَلِيك مُلَكاء، وجمع المالِكِ مُلَّكٌ
ومُلاَّك، والأُمْلُوك اسم للجمع. ورجل مَلِكٌ وثلاثة أَمْلاك إلى العشرة،
والكثير مُلُوكٌ، والاسم المُلْكُ، والموضع مَمْلَكَةٌ. وتَمَلَّكه أي
مَلَكه قهراً. ومَلَّكَ القومُ فلاناً على أَنفسهم وأَمْلَكُوه: صَيَّروه
مَلِكاً؛ عن اللحياني. ويقال: مَلَّكَه المالَ والمُلْك، فهو مُمَلَّكٌ؛ قال
الفرزدق في خال هشام بن عبد الملك:
وما مثلُه في الناس إلاّ مُمَلَّكاً،
أَبو أُمِّه حَيٌّ أَبوه يُقارِبُه
يقول: ما مثله في الناس حي يقاربه إلا مملَّك أَبو أُم ذلك المُمَلَّكِ
أَبوه، ونصب مُمَلَّكاً لأنه استثناء مقدّم، وخال هشام هو إبراهيم بن
إسماعيل المخزومي. وقال بعضهم: المَلِكُ والمَلِيكُ لله وغيره، والمَلْكُ
لغير الله. والمَلِكُ من مُلوك الأرض، ويقال له مَلْكٌ، بالتخفيف، والجمع
مُلُوك وأَمْلاك، والمَلْكُ: ما ملكت اليد من مال وخَوَل. والمَلَكة:
مُلْكُكَ، والمَمْلَكة: سلطانُ المَلِك في رعيته. ويقال: طالت مَمْلَكَتُه
وساءت مَمْلَكَتُه وحَسُنَت مَمْلَكَتُه وعَظُم مُلِكه وكَثُر مُلِكُه.
أَبو إسحق في قوله عزّ وجل: فسبحان الذي بيده مَلَكُوتُ كل شيء؛ مَعناه
تنزيه الله عن أن يوصف بغير القدرة، قال: وقوله تعالى ملكوت كل شيء أي القدرة
على كل شيء وإليه ترجعون أي يبعثكم بعد موتكم. ويقال: ما لفلان مَولَى
مِلاكَةٍ دون الله أي لم يملكه إلا الله تعالى. ابن سيده: المَلْكُ
والمُلْكُ والمِلْك احتواء الشيء والقدرة على الاستبداد به، مَلَكه يَمْلِكه
مَلْكاً ومِلْكاً ومُلْكاً وتَمَلُّكاً؛ الأخيرة عن اللحياني، لم يحكها
غيره. ومَلَكَةً ومَمْلَكَة ومَمْلُكة ومَمْلِكة: كذلك. وما له مَلْكٌ
ومِلْكٌ ومُلْكٌ ومُلُكٌ أي شيء يملكه؛ كل ذلك عن اللحياني، وحكي عن الكسائي:
ارْحَمُوا هذا الشيخ الذي ليس له مُلْكٌ ولا بَصَرٌ أي ليس له شيء؛ بهذا
فسره اللحياني، وقال ليس له شيء يملكه. وأَمْلَكه الشيءَ ومَلَّكه إياه
تَمْليكاً جعله مِلْكاً له يَمْلِكُه. وحكى اللحياني: مَلِّكْ ذا أَمْرٍ
أَمْرَه، كقولك مَلِّك المالَ رَبَّه وإن كان أَحمق، قال هذا نص قوله: ولي
في هذا الوادي مَلْكٌ وملْك ومُلْك ومَلَكٌ يعني مَرْعًى ومَشْرباً
ومالاً وغير ذلك مما تَمْلِكه، وقيل: هي البئر تحفرها وتنفرد بها. وجاء في
التهذيب بصورة النفي: حكي عن ابن الأعرابي قال ما له مَلْكٌ ولا نَفْرٌ،
بالراء غير معجمة، ولا مِلْكٌ ولا مُلْك ولا مَلَكٌ؛ يريد بئراً وماء أي ما
له ماء. ابن بُزُرْج: مياهنا مُلُوكنا. ومات فلانٌ عن مُلُوك كثيرة،
وقالوا: الماء مَلَكُ أَمْرٍ أي إذا كان مع القوم ماء مَلَكُوا أَمْرَهم أي
يقوم به الأمر؛ قال أَبو وَجْزَة السَّعْدي:
ولم يكن مَلَكٌ للقوم يُنْزِلُهم،
إلا صَلاصِلُ لا تُلْوَى على حَسَبِ
أي يُقْسَم بينهم بالسوية لا يُؤثَرُ به أَحدٌ. الأُمَوِيُّ: ومن
أَمثالهم: الماءُ مَلَكُ أَمْرِه أي أن الماء مِلاكُ الأشياء، يضرب للشيء الذي
به كمال الأمر. وقال ثعلب: يقال ليس لهم مِلْك ولا مَلْكٌ ولا مُلْكٌ إذا
لم يكن لهم ماء. ومَلَكَنا الماءُ: أرْوانا فقَوِينا على مَلْكِ
أَمْرِنا. وهذا مِلْك يَميني ومَلْكُها ومُلْكُها أي ما أَملكه؛ قال الجوهري:
والفتح أفصح. وفي الحديث: كان آخر كلامه الصلاة وما مَلَكَتْ أَيمانكم،
يريد الإحسانَ إلى الرقيق، والتخفيفَ عنهم، وقيل: أَراد حقوق الزكاة
وإخراجها من الأموال التي تملكها الأَيْدي كأَنه علم بما يكون من أَهل الردة،
وإنكارهم وجوب الزكاة وامتناعهم من أَدائها إلى القائم بعده فقطع حجتهم بأن
جعل آخر كلامه الوصية بالصلاة والزكاة فعقل أَبو بكر، رضي الله عنه، هذا
المعنى حين قال: لأَقْتُلَنَّ من فَرَّق بين الصلاة والزكاة. وأَعطاني
من مَلْكِه ومُلْكِه؛ عن ثعلب، أي مما يقدر عليه. ابن السكيت: المَلْكُ ما
مُلِكَ. يقال: هذا مَلْكُ يدي ومِلْكُ يدي، وما لأَحدٍ في هذا مَلْكٌ
غيري ومِلْكٌ، وقولهم: ما في مِلْكِه شيء ومَلْكِه شيء أي لا يملك شيئاً.
وفيه لغة ثالثة ما في مَلَكَته شيء، بالتحريك؛ عن ابن الأَعرابي. ومَلْكُ
الوَليِّ المرأَةَ ومِلْكُه ومُلْكه: حَظْرُه إياها ومِلْكُه لها.
والمَمْلُوك: العبد. ويقال: هو عَبْدُ مَمْلَكَةٍ ومَمْلُكة ومَمْلِكة؛ الأخيرة
عن ابن الأعرابي، إذا مُلِكَ ولم يُمْلَكْ أَبواه. وفي التهذيب: الذي
سُبيَ ولم يُمْلَكْ أَبواه. ابن سيده: ونحن عَبِيدُ مَمْلَكَةٍ لا قِنٍّ أي
أَننا سُبِينا ولم نُمْلَكْ قبلُ. ويقال: هم عبِيدُ مَمْلُكة، وهو أَن
يُغْلَبَ عليهم ويُستْعبدوا وهم أَحرار. والعَبْدُ القنّ: الذي مُلِك هو
وأَبواه، ويقال: القِنُّ المُشْتَرَى. وفي الحديث: أن الأَشْعَثَ بن
قَيْسٍ خاصم أَهل نَجْرانَ إلى عمر في رِقابهم وكان قد استعبدهم في الجاهلية،
فلما أَسلموا أَبَوْا عليه، فقالوا: يا أَمير المؤمنين إنا إنما كنا عبيد
مَمْلُكة ولم نكن عبيدَ قِنٍّ؛ المَمْلُكة، بضم اللام وفتحها، أَن
يَغْلِبَ عليهم فيستعبدَهم وهم في الأصل أَحرار. وطال مَمْلَكَتُهم الناسَ
ومَمْلِكَتُهم إياهم أي مِلْكهم إياهم؛ الأخيرة نادرة لأن مَفْعِلاً
ومَفْعِلَةً قلما يكونان مصدراً. وطال مِلْكُه ومُلْكه ومَلْكه ومَلَكَتُه؛ عن
اللحياني، أَي رِقُّه. ويقال: إنه حسن المِلْكَةِ والمِلْكِ؛ عنه أَيضاً.
وأَقرّ بالمَلَكَةِ والمُلُوكةِ أي المِلْكِ. وفي الحديث: لا يدخل الجنةَ
سَيءُ المَلَكَةِ، متحرّك، أي الذي يُسيءُ صُحْبة المماليك. ويقال: فلان
حَسَنُ المَلَكة إذا كان حسن الصُّنْع إلى مماليكه. وفي الحديث: حُسْنُ
المَلَكة نماء، هو من ذلك. ومُلُوك النحْل: يَعاسيبها التي يزعمون أنها
تقتادها، على التشبيه، واحدها مَلِيكٌ؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي:
وما ضَرَبٌ بَيْضاءُ يأْوي مَلِيكُها
إلى طَنَفٍ أََعْيَا بِراقٍ ونازِلِ
يريد يَعْسُوبَها، ويَعْسُوبُ النحل أَميره. والمَمْلَكة والمُمْلُكة:
سلطانُ المَلِكِ وعَبيدُه؛ وقول ابن أَحمر:
بَنَّتْ عليه المُلْكُ أَطْنابها،
كأْسٌ رَنَوْناةٌ وطِرْفًٌ طِمِرّ
قال ابن الأَعرابي: المُلْكُ هنا الكأْس، والطِّرْف الطِّمِرُّ، ولذلك
رفع الملك والكأْس معاً بجعل الكأْس بدلاً من الملك؛ وأَنشد غيره:
بنَّتُ عليه المُلْكَ أَطنابَها
فنصب الملك على أنه مصدر موضوع موضع الحال كأَنه قال مُمَلَّكاً وليس
بحال، ولذلك ثبتت فيه الألف واللام، وهذا كقوله: فأَرْسَلَها العِرَاكَ أي
مُعْتَرِكةً وكأْسٌ حينئذ رفع ببنَّت، ورواه ثعلب بنت عليه الملك، مخفف
النون، ورواه بعضهم مدَّتْ عليه الملكُ، وكل هذا من المِلْكِ لأَن
المُلْكَ مِلْكٌ، وإنما ضموا الميم تفخيماً له. ومَلَّكَ النَّبْعَةَ:
صَلَّبَها، وذلك إذا يَبَّسَها في الشمس مع قشرها. وتَمالَكَ عن الشيء: مَلَكَ
نَفْسَه. وفي الحديث: امْلِكْ عليك لسانَك أي لا تُجْرِه إلا بما يكون لك لا
عليك. وليس له مِلاكٌ أي لا يَتَمالك. وما تَمالَك أن قال ذلك أي ما
تَماسَك ولا يَتَماسَك. وما تَمالَكَ فلان أن وقع في كذا إذا لم يستطع أَن
يحبس نفسه؛ قال الشاعر:
فلا تَمَلَك عن أَرضٍ لها عَمَدُوا
ويقال: نفسي لا تُمالِكُني لأن أَفعلَ كذا أَي لا تُطاوعني. وفلان ما له
مَلاكٌ، بالفتح، أي تَماسُكٌ. وفي حديث آدم: فلما رآه أَجْوَفَ عَرَفَ
أَنه خَلق لا يَتَمالَك أي لا يَتَماسَك. وإذا وصف الإنسان بالخفة
والطَّيْش قيل: إنه لا يَتَمالَكُ. ومِلاكُ الأمر ومَلاكُه: قِوامُه الذي
يُمْلَكُ به وصَلاحُه. وفي التهذيب: ومِلاكُ الأمر الذي يُعْتَمَدُ عليه،
ومَلاكُ الأمر ومِلاكُه ما يقوم به. وفي الحديث: مِلاكُ الدين الورع؛ الملاك،
بالكسر والفتح: قِوامُ الشيء ونِظامُه وما يُعْتَمَد عليه فيه، وقالوا:
لأَذْهَبَنَّ فإما هُلْكاً وإما مُلْكاً ومَلْكاً ومِلْكاً أي إما أن
أَهْلِكَ وإما أن أَمْلِكَ. والإمْلاك: التزويج. ويقال للرجل إذا تزوّج: قد
مَلَكَ فلانٌ يَمْلِكُ مَلْكاً ومُلْكاً ومِلْكاً. وشَهِدْنا إمْلاك فلان
ومِلاكَه ومَلاكه؛ الأخيرتان عن اللحياني، أي عقده مع امرأته. وأَمْلكه
إياها حتى مَلَكَها يَمْلِكها مُلْكاً ومَلْكاً ومِلْكاً: زوَّجه إياها؛
عن اللحياني. وأُمْلِكَ فلانُ يُمْلَكُ إمْلاكاً إذا زُوِّج؛ عنه أَيضاً.
وقد أَمْلَكْنا فلاناً فلانَة إذا زَوَّجناه إياها؛ وجئنا من إمْلاكه ولا
تقل من مِلاكِه. وفي الحديث: من شَهِدَ مِلاكَ امرئ مسلم؛ نقل ابن
الأثير: المِلاكُ والإمْلاكُ التزويجُ وعقد النكاح. وقال الجوهري: لا يقال
مِلاك ولا يقال مَلَك بها
(* قوله «ولا يقال ملك بها إلخ» نقل شارح القاموس
عن شيخه ابن الطيب أن عليه أكثر أهل اللغة حتى كاد أن يكون اجماعاً منهم
وجعلوه من اللحن القبيح ولكن جوزه صاحب المصباح والنووي محافظة على
تصحيح كلام الفقهاء.) ولا أُمْلِك بها. ومَلَكْتُ المرأَة أي تزوّجتها.
وأُمْلِكَتْ فلانةُ أَمرها: طُلّقَتْ؛ عن اللحياني، وقيل: جُعِل أَمر طلاقها
بيدها. قال أَبو منصور: مُلِّكَتْ فلانةُ أَمرها، بالتشديد، أكثر من
أُمْلِكَت؛ والقلب مِلاكُ الجسد. ومَلَك العجينَ يَمْلِكُه مَلْكاً
وأَمْلَكَه: عجنه فأَنْعَمَ عجنه وأَجاده. وفي حديث عمر: أَمْلِكُوا العجين فإِنه
أَحد الرَّيْعَينِ أَي الزيادتين؛ أَراد أَن خُبْزه يزيد بما يحتمله من
الماء لجَوْدة العجْن. ومَلَكَ العجينَ يَمْلِكه مَلْكاً: قَوِيَ عليه.
الجوهري: ومَلَكْتُ العجين أَمْلِكُه مَلْكاً، بالفتح، إِذا شَدَدْتَ عجنه؛
قال قَيْسُ بن الخطيم يصف طعنة:
مَلَكْتُ بها كَفِّي، فأَنْهَرْتُ فَتْقَها،
يَرى قائمٌ مِنْ دُونها ما وَراءَها
يعني شَدَدْتُ بالطعنة. ويقال: عجَنَت المرأَة فأَمْلَكَتْ إِذا بلغت
مِلاكَتَهُ وأَجادت عجنه حتى يأْخذ بعضه بعضاً، وقد مَلَكَتْه تَمْلِكُه
مَلْكاً إِذا أَنعمت عَجنه؛ وقال أَوْسُ بن حَجَر يصف قوساً:
فَمَلَّك بالليِّطِ التي تَحْتَ قِشْرِها،
كغِرْقِئ بيضٍ كَنَّهُ القَيْضُ من عَلُ
قال: مَلَّكَ كما تُمَلِّكُ المرأَةُ العجينَ تَشُدُّ عجنه أَي ترك من
القشر شيئاً تَتمالك القوسُ
به يَكُنُّها لئلا يبدو قلب القوس فيتشقق، وهو يجعلون عليها عَقَباً
إِذا لم يكن عليها قشر، يدلك على ذلك تمثيله إِياه بالقَيْض للغِرْقِئ؛
الفراء عن الدُّبَيْرِيَّة: يقال للعجين إِذا كان متماسكاً متيناً
مَمْلُوكٌ ومُمْلَكٌ ومُمَلَّكٌ، ويروى فمن لك، والأَول أَجود؛ أَلا ترى إِلى
قول الشماخ يصف نَبْعَةً:
فَمَصَّعَها شهرين ماءَ لِحائها،
وينْظُرُ منها أَيَّها هو غامِزُ
والتَّمْصِيع: أَن يترك عليها قشرها حتى يَجِفَّ عليها لِيطُها وذلك
أَصلب لها؛ قال ابن بري: ويروى فمظَّعَها، وهو أَن يبقي قشرها عليها حتى
يجف. ومَلَكَ الخِشْفُ أُمَّه إِذا قَوِيَ وقدَر أَن يَتْبَعها؛ عن ابن
الأَعرابي. وناقةٌ مِلاكُ الإِبل إِذا كانت تتبعها؛ عنه أَيضاً. ومَلْكُ
الطريق ومِلْكُه ومُلْكه: وسطه ومعظمه، وقيل حدّه؛ عن اللحياني. ومِلْكُ
الوادي ومَلْكه ومُلْكه: وسطه وحَدّه؛ عنه أَيضاً. ويقال: خَلِّ عن مِلْكِ
الطريق ومِلْكِ الوادي ومَلْكِه ومُلْكه أَي حَدِّه ووسطه. ويقال: الْزَمْ
مَلْكَ الطريق أَي وسطه؛ قال الطِّرمّاح:
إِذا ما انْتَحتْ أُمَّ الطريقِ، توَسَّمَتْ
رَتِيمَ الحَصى من مَلْكِها المُتَوَضِّحِ
وفي حديث أَنس: البَصْرةُ إِحْدى المؤتفكات فانْزلْ في ضَواحيها، وإِياك
والمَمْلُكَةَ، قال شمر: أَراد بالمَمُلُكة وَسَطَها. ومَلْكُ ا لطريق
ومَمْلُكَتُه: مُعْظمه ووسطه؛ قال الشاعر:
أَقامَتْ على مَلْكِ الطريقِ، فمَلْكُه
لها ولِمَنْكُوبِ المَطايا جَوانِبُهْ
ومُلُك الدابة، بضم الميم واللام: قوائمه وهاديه؛ قال ابن سيده: وعليه
أُوَجِّه ما حكاه اللحياني عن الكسائي من قول الأَعرابي: ارْحَمُوا هذا
الشيخ الذي ليس له مُلُكٌ ولا بَصَرٌ أَي يدان ولا رجلان ولا بَصَرٌ،
وأَصله من قوائم الدابة فاستعاره الشيخ لنفسه. أَبو عبيد: جاءنا تَقُودُه
مُلُكُه يعني قوائمه وهاديه، وقوام كل دابة مُلُكُه؛ ذكره عن الكسائي في كتاب
الخيل، وقال شمر: لم أَسمعه لغيره، يعني المُلُك بمعنى القوائم.
والمُلَيْكَةُ: الصحيفة.
والأُمْلُوك: قوم من العرب من حِمْيَرَ، وفي التهذيب: مَقاوِلُ من حمير
كتب إِليهم النبي، صلى الله عليه وسلم: إِلى أُمْلُوك رَدْمانَ،
ورَدْمانُ موضع باليمن. والأُمْلُوك: دُوَيبَّة تكون في الرمل تشبه العَظاءة.
ومُلَيْكٌ ومُلَيْكَةُ ومالك ومُوَيْلِك ومُمَلَّكٌ ومِلْكانُ، كلها:
أَسماء؛ قال ابن سيده: ورأَيت في بعض الأَشعار مالَكَ الموتِ في مَلَكِ الموت
وهو قوله:
غدا مالَكٌ يبغي نِسائي كأَنما
نسائي، لسَهْمَيْ مالَكٍ، غرَضانِ
قال: وهذا عندي خطأ وقد يجوز أَن يكون من جفاء الأَعراب وجهلهم لأَن
مَلَك الموت مخفف عن مَلأَك، الليث: المَلَكُ واحد الملائكة إِنما هو تخفيف
المَلأَك، واجتمعوا على حذف همزه، وهو مَفْعَلٌ من الأَلُوكِ، وقد ذكرناه
في المعتل. والمَلَكُ من الملائكة: واحد وجمع؛ قال الكسائي: أَصله
مَأْلَكٌ بتقديم الهمزة من الأَلُوكِ، وهي الرسالة، ثم قلبت وقدمت اللام فقيل
مَلأَكٌ؛ وأَنشد أَبو عبيدة لرجل من عبد القَيْس جاهليّ يمدح بعض الملوك
قيل هو النعمان وقال ابن السيرافي هو لأَبي وَجْزة يمدح به عبد الله بن
الزبير:
فَلَسْتَ لإِِنْسِيٍّ، ولكن لِمَلأَكٍ
تَنَزَّلَ من جَوِّ السَّماءِ يَصُوبُ
ثم تركت همزته لكثرة الاستعمال فقيل مَلَكٌ، فلما جمعوه رَدُّوها إِليه
فقالوا مَلائكة ومَلائك أَيضاً؛ قال أُمية بن أَبي الصَّلْتِ:
وكأَنَّ بِرْقِعَ، والملائكَ حَوْلَه،
سَدِرٌ تَواكَلَهُ القوائمُ أَجْرَبُ
قال ابن بري: صوابه أَجْرَدُ بالدال لأَن القصيدة دالية؛ وقبله:
فأَتَمَّ سِتّاًّ، فاسْتَوَتْ أَطباقُها،
وأَتى بِسابعةٍ فأَنَّى تُورَدُ
وفيها يقول في صفة الهلال:
لا نَقْصَ فيه، غير أَن خَبِيئَه
قَمَرٌ وساهورٌ يُسَلُّ ويُغْمَدُ
وفي الحديث: لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة؛ قال ابن الأَثير:
أَراد الملائكة السَّيَّاحِينَ غير الحفظة والحاضرين عند الموت. وفي
الحديث: لقد حَكَمْت بحكم المَلِكِ؛ يريد الله تعالى، ويروى بفتح اللام،
يعني جبريل، عليه السلام، ونزوله بالوحي. قال ابن بري: مَلأَكٌ مقلوب من
مَأْلَكٍ، ومَأْلَكٌ وزنه مَفْعَل في الأَصل من الأَلوك، قال: وحقه أَن
يذكر في فصل أَلك لا في فصل ملك.
ومالِكٌ الحَزينُ: اسم طائر من طير الماء.
والمالِكان: مالك بن زيد ومالك بن حنظلة. ابن الأَعرابي: أَبو مالك كنية
الكِبَر والسِّنّ كُنِيَ به لأَنه مَلَكه وغلبه؛ قال الشاعر:
أَبا مالِكٍ إِنَّ الغَواني هَجَرْنَني،
أَبا مالِك إِني أَظُنُّكَ دائبا
ويقال للهَرَمِ أَبو مالك؛ وقال آخر:
بئسَ قرينُ اليَفَنِ الهالِكِ:
أُمُّ عُبَيْدٍ وأَبو مالِكِ
وأَبو مالك: كنية الجُوعِ؛ قال الشاعر:
أَبو مالكٍ يَعْتادُنا في الظهائرِ،
يَجيءُ فيُلْقِي رَحْلَه عند عامِرِ
ومِلْكانُ: جبل بالطائف. وحكى ابن الأَنباري عن أَبيه عن شيوخه قال: كل
ما في العرب مِلْكان، بكسر الميم، إِلاَّ مَلْكان بن حزم بن زَبَّانَ
فإِنه بفتحها. ومالك: اسم رمل؛ قال ذو الرمة:
لعَمْرُك إِني يومَ جَرْعاءِ مالِك * لَذو عَبْرةٍ، كَلاً تَفِيضُ وتخْنُقُ
ملأ: مَلأَ الشيءَ يَمْلَؤُه مَلأً، فهو مَمْلُوءٌ، ومَلأَه فــامْتَلــأَ، وتَمَلأَ، وإنه لَحَسَنُ المِلأَةِ أَي الـمَلْءِ، لا التَّمَلُّؤِ.
وإِناءٌ مَلآنُ، والأُنثى مَلأَى ومَلآنةٌ، والجمع مِلاءٌ؛ والعامة
تقول: إِناءٌ مَلاً. أَبو حاتم يقال: حُبٌّ مَلآنُ، وقِرْبةٌ مَلأَى، وحِبابٌ
مِلاءٌ. قال: وإِن شئت خففت الهمزة، فقلت في المذكر مَلانُ، وفي المؤَنث مَلاً. ودَلْوٌ مَلاً، ومنه قوله:
حَبَّذا دَلْوُك إِذْ جاءَت مَلا
أَراد مَلأَى. ويقال: مَلأْتُه مَلأَ، بوزن مَلْعاً، فإِن خففت قلت:
مَلاً؛ وأَنشد شمر في مَلاً، غير مهموز، بمعنى مَلْءٍ:
وكائِنْ ما تَرَى مِنْ مُهْوَئِنٍّ، * مَلا عَيْنٍ وأَكْثِبةٍ وَقُورِ
أَراد مَلْء عَيْنٍ، فخفف الهمزة.
وقد امْتَلــأَ الإِناءُ امْتِلــاءً، وامْتَلــأَ وتَمَلأَ، بمعنى.
والمِلْءُ، بالكسر: اسم ما يأْخذه الإِناءُ إِذا امْتَلــأَ. يقال: أَعْطَى
مِلأَه ومِلأَيْهِ وثلاثةَ أَمْلائه.
وكوزٌ مَلآنُ؛ والعامَّةُ تقول: مَلاً ماءً.
وفي دعاء الصلاة: لكَ الحمدُ مِلْءَ السمواتِ والأَرضِ. هذا تمثيل لأَنّ الكلامَ لا يَسَعُ الأَماكِنَ، والمراد به كثرة العدد. يقول: لو قُدِّر أَن تكون كلماتُ الحَمد أَجْساماً لبلَغت من كثرتها أَن تَمْلأَ السمواتِ والأَرضَ؛ ويجوز أَن يكون المرادُ به تَفْخِيمَ شأْنِ كلمة الحَمد، ويجوز أَن يرادَ به أَجْرُها وثَوابُها. ومنه حديث إِسلام أَبي ذر، رضي اللّه عنه: قال لنا كلِمَةً تَمْلأُ الفمَ أَي إِنها عظيمة شَنِيعةٌ، لا يجوز أَن تُحْكَى وتُقالَ، فكأَنَّ الفَمَ مَلآنُ بها لا يَقْدِرُ على النُّطق. ومنه الحديث: امْلَؤُوا أَفْواهَكم من القُرْآنِ. وفي حديث أُمّ زرع: مِلْءُ كِسائها وغَيْظُ جارَتِها؛ أَرادت أَنها سَمِينة، فإِذا تغطَّت بِكسائها مَلأَتْه.
وفي حديث عِمْرانَ ومَزادةِ الماء: إِنه لَيُخَيَّلُ إِلينا أَنها أَشدُّ
مِلأَةً منها حين ابْتُدِئَ فيها، أَي أَشدُّ امْتلــاءً.
يقال مَلأْتُ الإِناءَ أَمـْلَؤُه مَلأً،و المِلْءُ الاسم، والمِلأَةُ أَخصُّ منه.
والمُلأَة، بالضم مثال الـمُتْعةِ، والـمُلاءة والـمُلاءُ: الزُّكام يُصيب مِن امْتِلــاءِ الـمَعِدة. وقد مَلُؤَ، فهو مَلِيءٌ، ومُلِئَ فلان، وأَمـْلأَه اللّهُ إملاءً أَي أَزْكَمه، فهو مَمْلُوءٌ، على غير قياس، يُحمل على مُلِئَ.
والمِلْءُ: الكِظَّة من كثرة الأَكل. الليث: الـمُلأَةُ
ثِقَلٌ يأْخذ في
الرأْس كالزُّكام من امْتِلــاءِ الـمَعِدة. وقد تَمَلأَ من الطعام والشراب
تَمَلُّؤاً، وتَمَلأَ غَيْظاً. ابن السكيت: تَمَلأْتُ من الطعام تَملُّؤاً، وقد تَملَّيْتُ العَيْشَ تَملِّياً إِذا عِشْتَ مَلِيّاً أَي طَويلاً.والمُلأَةُ: رَهَلٌ يُصِيبُ البعيرَ من طُول الحَبْسِ بَعْدَ السَّيْر.ومَلأَ في قَوْسِه: غَرِّقَ النُّشَّابَةَ والسَّهْمَ.
وأَمْلأْتُ النَّزْعَ في القَوْسِ إِذا شَدَدْتَ النَّزْعَ فيها.
التهذيب، يقال: أَمْلأَ فلان في قَوْسِه إِذا أَغْرَقَ في النَّزْعِ، ومَلأَ
فلانٌ فُرُوجَ فَرَسِه إِذا حَمَله على أَشَدِّ الحُضْرِ. ورَجل مَلِيءٌ،
مهموز: كثير المالِ، بَيِّن الـمَلاء، يا هذا، والجمع مِلاءٌ، وأَمْلِئاءُ،
بهمزتين، ومُلآءُ، كلاهما عن اللحياني وحده، ولذلك أُتِيَ بهما آخراً.
وقد مَلُؤَ الرجل يَمْلُؤُ مَلاءة، فهو مَلِيءٌ: صار مَلِيئاً أَي ثِقةً، فهو غَنِيٌّ مَلِيءٌ بَيِّن الـمَلاءِ والمَلاءة، مـمدودان. وفي حديث الدَّيْنِ: إِذا أُتْبِعَ أَحدُكم على مَلِيءٍ فلْيَتَّبِعْ.
الـمَلِيءٌ، بالهمز: الثِّقةُ الغَنِيُّ، وقد أُولِعَ فيه الناس بترك الهمز وتشديد الياء. وفي حديث عليّ، كرّم اللّه وجهه: لا مَلِئٌ واللّه باصْدارِ ما ورَدَ عليه.
واسْتَمْلأَ في الدَّيْنِ: جَعل دَيْنَه في مُلآءَ. وهذا الأَمر أَمْلأُ بكَ أَي أَمْلَكُ.
والـمَلأُ: الرُّؤَساءُ، سُمُّوا بذلك لأَنهم مِلاءٌ بما يُحتاج إليه.
والـمَلأُ، مهموز مقصور: الجماعة، وقيل أَشْرافُ القوم ووجُوهُهم ورؤَساؤهم ومُقَدَّمُوهم، الذين يُرْجَع إِلى قولهم. وفي الحديث: هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتصِمُ الملأُ الأَعْلى؟ يريد الملائكةَ الـمُقَرَّبين. وفي التنزيل العزيز: أَلم تَرَ إِلى الـمَلإِ. وفيه أَيضاً: وقال الـمَلأُ. ويروى أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، سَمِعَ رَجُلاً من الأَنصار وقد رَجَعُوا مَن غَزْوةِ بَدْر يقول: ما قَتَلْنا إِلاَّ عَجائزَ صُلْعاً، فقال عليه السلام: أُولئِكَ الـمَلأَ مِنْ قُرَيْش، لَوْ حَضَرْتَ فِعالَهم لاحْتَقَرْتَ فِعْلَكَ؛ أَي أَشْرافُ قريش، والجمع أَمْلاء. أَبو الحسن: ليس الـمَلأُ مِن باب رَهْطٍ، وإِن كانا اسمين للجمع، لأَن رَهْطاً لا واحد له من لفظه، والـمَلأُ وإِن كان لم يُكسر مالِئٌ عليه، فإِنَّ مالِئاً من لفظه.
حكى أَحمد بن يحيى: رجل مالِئٌ جليل يَمْلأَ العين بِجُهْرَتِه، فهو
كعَرَبٍ ورَوَحِ. وشابٌّ مالِئُ العين إِذا كان فَخْماً حَسَناً. قال الراجز:
بِهَجْمةٍ تَمْلأُ عَيْنَ الحاسِدِ
ويقال: فلان أَمْلأُ لعيني مِن فلان، أَي أَتَمُّ في كل شيء مَنْظَراً
وحُسْناً. وهو رجل مالِئُ العين إِذا أَعْجبَك حُسْنُه وبَهْجَتُه.
وحَكَى: مَلأَهُ على الأَمْر يَمْلَؤُه ومالأَهُ(1)
(1 قوله «وحكى ملأه على الأمر إلخ» كذا في النسخ والمحكم بدون تعرض لمعنى ذلك وفي القاموس وملأه على الأمر ساعده كمالأه.) ، وكذلك الـمَلأُ إِنما هم القَوْم ذَوُو الشارة والتَّجَمُّع للإِدارة، فَفَارَقَ بابَ رَهْط لذلك، والـمَلأُ على هذا صفة غالبة.
وقد مَالأْتُه على الأَمر مُمالأَةَ: ساعَدْتُه عليه وشايَعْتُه.
وتَمالأْنا عليه: اجْتَمَعْنا، وتَمالَؤُوا عليه: اجْتَمعوا عليه؛ وقول
الشاعر:
وتَحَدَّثُوا مَلأً، لِتُصْبِحَ أُمـّنا * عَذْراءَ، لا كَهْلٌ ولا مَوْلُودُ
أَي تَشَاوَرُوا وتَحَدَّثُوا مُتَمالِئينَ على ذلك ليَقْتُلونا أَجمعين، فتصبح أُمنا كالعَذْراء التي لا وَلَد لها.
قال أَبو عبيد: يقال للقوم إِذا تَتابَعُوا برَأْيِهم على أَمر قد تَمالَؤُوا عليه. ابن الأَعرابي: مالأَه إِذا عاوَنَه، ومَالأَه إِذا صَحِبَه أَشْباهُه. وفي حديث عليّ، رضي اللّه عنه: واللّه ما قَتَلْتُ عُثمانَ، ولا
مالأْت على قتله؛ أَي ما ساعَدْتُ ولا عاوَنْتُ. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَنه قَتَل سبعةَ نَفَرٍ برجل قَتَلُوه غِيلةً، وقال: لَو تَمالأَ عليه أَهلُ صَنْعاء لأَقَدْتُهم به. وفي رواية: لَقَتَلْتُهم. يقول: لو
تضافَرُوا عليه وتَعاوَنُوا وتَساعَدُوا.
والـمَلأُ، مهموز مقصور: الخُلُقُ. وفي التهذيب: الخُلُقُ المَلِيءُ بما يُحْتاجُ إليه. وما أَحسن مَلأَ بني فلان أَي أَخْلاقَهم وعِشْرَتَهم.
قال الجُهَنِيُّ:
تَنادَوْا يا لَبُهْثَةَ، إِذْ رَأَوْنا، * فَقُلْنا: أَحْسِني مَلأً جُهَيْنا
أَي أَحْسِنِي أَخْلاقاً يا جُهَيْنةُ؛ والجمع أَملاء. ويقال: أَراد
أَحْسِنِي ممالأَةً أَي مُعاوَنةً، من قولك مالأْتُ فُلاناً أَي عاوَنْتهُ
وظاهَرْته. والـمَلأُ في كلام العرب: الخُلُقُ، يقال: أَحْسِنُوا
أَمْلاءَكم أَي أَحْسِنُوا أَخْلاقَكم.
وفي حديث أَبي قَتادَة، رضي اللّه عنه: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لما تَكابُّوا على الماء في تلك الغَزاةِ لِعَطَشٍ نالَهم؛ وفي طريق: لَـمَّا ازدَحَمَ الناسُ على المِيضأَةِ، قال لهم رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: أَحْسِنُوا الـمَلأَ، فكلكم سَيَرْوَى. قال ابن الأَثير: وأَكثر قُرّاء الحديث يَقْرَؤُونها أَحْسِنُوا المِلْءَ، بكسر الميم وسكون اللام من مَلْءِ الإِنـاءِ، قال: وليس بشيء. وفي الحديث أَنه قال لأَصحابه حين ضَرَبُوا الأَعْرابيَّ الذي بال في الـمَسجد: أَحسنوا أَمْلاءَكم، أَي أَخْلاقَكم. وفي غريب أَبي عُبيدة: مَلأً أَي غَلَبَةً(1)
(1 قوله «ملأ أي غلبة» كذا هو في غير نسخة من النهاية.). وفي حديث الحسن أَنهم ازْدَحَمُوا عليه فقال: أَحْسِنُوا أَمْلاءَكم أَيها الـمَرْؤُون.
والـمَلأَ: العِلْيةُ، والجمع أَمْلاءٌ أَيضاً.
وما كان هذا الأَمرُ عن مَلإٍ منَّا أَي تشاوُرٍ واجتماع. وفي حديث عمر، رَضي اللّه عنه، حِين طُعِنَ: أَكان هذا عن مَلإٍ منكم، أَي مُشاوَرةٍ من أَشرافِكم وجَماعَتِكم. والـمَلأُ: الطَّمَعُ والظَّنُّ، عن ابن الأَعْرابي، وبه فسر قوله وتحَدَّثُوا مَلأً، البيت الذي تَقَدَّم، وبه فسر أَيضاً قوله:
فَقُلْنا أَحْسِنِي مَلأً جُهَيْنا
أَي أَحْسِنِي ظَنّاً.
والمُلاءة، بالضم والمدّ، الرَّيْطة، وهي المِلْحفةُ، والجمع مُلاءٌ.
وفي حديث الاستسقاءِ: فرأَيت السَّحابَ يَتَمَزَّقُ كأَنه المُلاءُ حين
تُطْوَى. الـمُلاءُ، بالضم والمدّ: جمع مُلاءةٍ، وهي الإِزارُ والرَّيْطة.
وقال بعضهم: إِن الجمع مُلأٌ، بغير مد، والواحد مـمدود، والأَول أَثبت.
شبَّه تَفَرُّقَ الغيم واجتماع بعضه إِلى بعض في أَطراف السماء بالإِزار إِذا جُمِعَتْ أَطرافُه وطُوِيَ. ومنه حديث قَيْلةَ: وعليه أَسمالُ مُلَيَّتَيْنِ، هو تصغير مُلاءة مثناة المخففة الهمز، وقول أَبي خِراش:
كأَنَّ الـمُلاءَ الـمَحْضَ، خَلْفَ ذِراعِه، * - صُراحِيّةٌ والآخِنِيُّ الـمُتَحَّمُ
عنى بالـمَحْضِ هنا الغُبارَ الخالِصَ، شبَّهه بالـمُلاءِ من الثياب.
ملل: المَلَلُ: المَلالُ وهو أَن تَمَلَّ شيئاً وتُعْرِض عنه؛ قال
الشاعر:
وأُقْسِمُ ما بي من جَفاءٍ ولا ملَل
ورجل مَلَّةٌ إِذا كان يَمَلُّ إِخوانَه سريعاً. مَلِلْت الشيء مَلَّة
ومَلَلاً ومَلالاً ومَلالة: بَرِمْت به، واسْتَمْلَلْته: كمَلِلْتُه؛ قال
ابن هَرْمة:
قِفا فَهَرِيقا الدمْع بالمَنْزِل الدَّرْسِ،
ولا تَسْتَمِلاَّ أَن يطول به عَنْسِي
وهذا كما قالوا خَلَت الدارُ واستخْلت وعَلا قِرْنَه واسْتَعْلاه؛ وقال
الشاعر:
لا يَسْتَمِلُّ ولا يَكْرى مُجالِسُها،
ولا يَمَلُّ من النَّجْوَى مُناجِيها
وأَمَلَّني وأَمَلَّ عَليَّ: أَبرَمَني. يقال: أَدَلَّ فأَمَلَّ.
وقالوا: لا أَمْلاهُ أَي لا أَمَلُّه، وهذا على تحويل التضعيف والذي فعلوه في
هذا ونحوِه من قولهم لا
(* هكذا بياض في الأصل) . . . لا أَفعل؛
وإِنشادهم:من مآشِرٍ حِداءِ
(* قوله «من مآشر حداء» قبله كما في مادة حدد:
يا لك من تمر ومن شيشاء
ينشب في المسعل واللهاء
أنشب من مآشر حداء).
لم يكن واجباً فيجب هذا، وإِنما غُيِّر استحساناً فساغ ذلك فيه.
الجوهري: مَلِلْت الشيء، بالكسر، ومَلِلْت منه أَيضاً إِذا سَئِمْته، ورجل مَلٌّ
ومَلول ومَلولة ومالولةٌ ومَلاَّلة وذو مَلَّة؛ قال:
إِنك والله لَذُو مَلَّة،
يَطرِفُك الأَدْنى عن الأَبْعَدِ
قال ابن بري: الشعر لعمر بن أَبي ربيعة وصواب إِنشاده: عن الأَقدَم؛
وبعده:
قلت لها: بل أَنتِ مُعْتَلَّة
في الوَصل، يا هندُ، لِكَي تَصْرِمي
وفي الحديث: اكْلَفوا من العمل ما تُطِيقون فإِن الله لا يَمَلُّ حتى
تَمَلُّوا؛ معناه إِن الله لا يَمَلُّ أَبداً، مَلِلْتم أَو لم تَمَلُّوا،
فجرى مجرى قولهم: حتى يَشِيبَ الغراب ويبيضَّ القارُ، وقيل: معناه إِن
الله لا يَطَّرِحُكم حتى تتركوا العمل وتزهدوا في الرغبة إِليه فسمى
الفعلين مَلَلاً وكلاهما ليس بِمَلَل كعادة العرب في وضع الفعل موضع الفعل إِذا
وافق معناه نحو قولهم:
ثم أَضْحَوْا لَعِبَ الدهرُ بهم،
وكذاك الدهرُ يُودِي بالرجال
فجعل إِهلاكه إِياهم لَعِباً، وقيل: معناه إِن الله لا يقطع عنكم فَضْله
حتى تَمَلُّوا سؤاله فسمَّى فِعل الله مَلَلاً على طريق الازْدِواج في
الكلام كقوله تعالى: وجزاءُ سيئة سيئةٌ مثلها، وقوله: فمَنِ اعْتَدى عليكم
فاعْتَدوا عليه؛ وهذا باب واسع في العربية كثير في القرآن. وفي حديث
الاستسقاء: فأَلَّف اللّه السَّحاب ومَلَّتْنا؛ قال ابن الأَثير: كذا جاء في
رواية لمسلم، قيل: هي من المَلَلِ أَي كثر مطرُها حتى مَلِلناها، وقيل:
هي مَلَتْنا، بالتخفيف، من الــامْتِلــاء فخفف الهمزة، ومعناه أَوسَعَتْنا
سَقْياً وريًّا. وفي حديث المُغيرة: مَلِيلة الإِرْغاء أَي مَمْلولة
الصوت، فَعِيلة بمعنى مفعولة، يَصِفها بكثرة الكلام ورَفْعِ الصوت حتى تُمِلَّ
السامعين، والأُنثى مَلول ومَلولة، فملول على القياس ومَلولة على الفعل.
والمَلَّة: الرَّماد الحارُّ والجمْر. ويقال: أَكلنا خُبزَ مَلَّة، ولا
يقال أَكلنا مَلَّة. ومَلَّ الشيءَ في الجمْر يَمُلُّه مَلاًّ، فهو
مَمْلول ومَلِيل: أَدخله
(* قوله «ادخله» يعني فيه فلفظ فيه إما ساقط من قلم
الناسخ او اقتصاراً من المؤلف) . يقال: مَلَلْت الخُبرةَ في المَلَّة
مَلاًّ وأَمْلَلْتها إِذا عمِلتها في المَلَّة، فهي مَمْلولة، وكذلك كل
مَشْوِيّ في المَلَّة من قَريس وغيره. ويقال: هذا خُبز مَلَّةٍ، ولا يقال
للخبز مَلَّة، إِنما المَلة الرَّماد الحارّ والخبز يسمى المَلِيل
والمَمْلول، وكذلك اللحمُ؛ وأَنشد أَبو عبيد:
ترى التَّيْمِيَّ يَزْحَفُ كالقَرَنْبى
إِلى تَيْمِيَّةٍ، كعَصا المَلِيل
وفي الحديث: قال أَبو هريرة لما افتتَحْنا خَيبرَ إِذا أُناس من يَهُود
مجتمعون على خُبزة يَمُلُّونها أَي يجعلونها في المَلَّة. وفي حديث كعب:
أَنه مرَّ به رِجْل من جَراد فأَخذ جَرادَتين فمَلَّهما أَي شَواهما
بالمَلَّة؛ وفي قصيد كعب بن زهير:
كأَنَّ ضاحِيَهُ بالنار مَمْلولُ
أَي كأَنَّ ما ظهر منه للشمس مَشْويّ بالمَلَّة من شدّة حرّه. ويقال:
أَطعَمَنا خبز مَلَّةٍ وأَطعمَنا خبزة مَلِيلاً، ولا يقال أَطعَمنا مَلَّة؛
قال الشاعر:
لا أَشْتُم الضَّيْفَ إِلاّ أَنْ أَقولَ له:
أَباتَكَ الله في أَبيات عَمَّارِ
أَباتَك الله في أَبيات مُعْتَنِزٍ
عن المَكارِم، لا عَفٍّ ولا قارِي
صَلْدِ النَّدى، زاهِدٍ في كل مَكْرُمة،
كأَنَّما ضَيْفُهُ في مَلَّة النارِ
وقال أَبو عبيد: المَلَّة الحُفْرة نفسها. وفي الحديث: قال له رجل إِنَّ
لي قَراباتٍ أَصِلُهم ويَقْطَعُونَني وأُعْطِيهم ويَكْفُرونني فقال له:
إِنما تُسِفُّهم المَلَّ؛ المَلُّ والمَلَّة: الرّماد الحارّ الذي
يُحْمى ليُدْفَن فيه الخبز ليَنْضَج، أَراد إِنما تجعل المَلَّة لهم سَفُوفاً
يَسْتَفُّونه، يعني أَن عَطاءَك إِياهم حرام عليهم ونارٌ في بطونهم.
ويقال: به مَلِيلة ومُلالٌ، وذلك حَرارة يجدها، وأَصله من المَلَّة، ومنه
قيل: فلان يتململ على فِراشه ويتَمَلَّلُ إِذا لم يستقرّ من الوجع كأَنه على
مَلَّة.
ويقال: رجل مَلِيل للذي أَحرقته الشمس؛ وقول المرار:
على صَرْماءَ فيها أَصْرَماها،
وخِرِّيتُ الفَلاة بِها مَلِيلُ
قوله: وخِرِّيتُ الفَلاةِ بها مَلِيلُ أَي أَضْحَت الشمس فلَفَحَتْه
فكأَنه مَمْلول في المَلَّة.
الجوهري: والمَلِيلة حَرارة يجدها الرجل وهي حُمَّى في العظم. وفي
المثَل: ذهبت البَلِيلة بالمَلِيلة. والبَلِيلة: الصِّحَّة من أَبَلَّ من
مَرَضه أَي صح. وفي الحديث: لا تَزال المَلِيلةُ والصُّداعُ بالعبد؛
المَلِيلة: حرارة الحُمَّى وتوهُّجُها، وقيل: هي الحُمَّى التي تكون في العظام.
والمَلِيلُ: المِحْضَأْ.
ومَلَّ القَوْسَ والسهمَ والرمح في النار: عالجها به
(* قوله «عالجها
به» هكذا في الأصل، ولعله عالجها بها) عن أَبي حنيفة: والمَلِيلةُ
والمُلالُ: الحرُّ الكامِن. ورجل مَمْلول ومَلِيل: به مَلِيلة. والمَلَّةُ
والمُلالُ: عَرَق الحُمَّى، وقال اللحياني: مُلِلْتُ مَلاًّ والاسم المَلِيلةُ
كَحُمِمْت حُمَّى والاسم الحُمَّى. والمُلال: وجع الظَّهْر؛ أَنشد ثعلب:
دَاوِ بها ظَهْرَك من مُلالِه،
من خُزُرات فيه وانْخِزالِه،
كما يُداوى العَرُّ من إِكالِه
والمُلال: التقلُّب من المرض أَو الغم؛ قال:
وهَمّ تأْخُذُ النُّجَواءُ منه،
يُعَدُّ بِصالِبٍ أَو بالمُلالِ
والفعل من ذلك مَلَّ. وتَمَلَّل الرجلُ وتَمَلْمَلَ: تَقلَّب، أَصله
تَمَلَّل فَفُكَّ بالتضعيف. ومَلَّلْته أَنا: قلَّبته. وتَمَلَّل اللحمُ على
النار: اضطرب. شَمِر: إِذا نَبا بالرجل مَضْجَعُه من غَمٍّ أَو وَصَب
قيل: قد تَمَلْمَلَ، وهو تقلُّبه على فِراشه، قال: وتَمَلْمُله وهو جالس
أَن يَتوكأَ مرة على هذا الشِّق، ومرة على ذاك، ومرة يَجْثُو على ركبتيه.
وأَتاه خَبَر فَمَلْمَله، والحِرْباءُ تَتَمَلْمَل من الحرِّ: تصعَد رأْس
الشجرة مرة وتَبْطُن فيها مرة وتظهر فيها أُخرى.
أَبو زيد: أَمَلَّ فلان على فلان إِذا شقَّ عليه وأَكثر في الطلَب.
يقال: أَمْلَلْت عليَّ؛ قال ابن مقبل:
أَلا يا دِيارَ الحَيِّ بالسَّبُعانِ،
أَمَلَّ عليها بالبِلى المَلَوانِ
وقال شمر في قوله أَمَلَّ عليها بالبِلى: أَلقى عليها، وقال غيره:
أَلَحَّ عليه حتى أَثَّر فيها. وبعير مُمَلٌّ: أَكثر رُكوبه حتى أَدْبَر
ظَهره؛ قال العجاج فأَظهر التضعيف لحاجته إِليه يصِف ناقة.
حَرْف كقَوْسِ الشَّوْحَطِ المُعَطَّلِ،
لا تَحْفِل السَّوْطَ ولا قولي حَلِ
تشكُو الوَجى من أَظْلَلٍ وأَظلَلِ،
من طُولِ إِمْلالٍ وظَهْرٍ مُمْلَلِ
أَراد تشكُو الناقة وجَى أَظَلَّيْها، وهما باطِنا مَنْسِمَيها، وتشكو
ظهرَها الذي أَمَلَّه الركوب أَي أَدْبَرَه وجَزَّ وبَره وهَزَله. وطريق
مَلِيل ومُمَلٌّ: قد سلك فيه حتى صار مُعْلَماً؛ وقال أَبو دُواد:
رَفَعْناها ذَمِيلاً في
مُمَلٍّ مُعْمَلٍ لَحْبِ
وطريق مُمَلّ أَي لَحْب مسلوك. وأَمَلَّ الشيءَ: قاله فكُتِب. وأَمْلاه:
كأَمَلَّه، على تحويل التضعيف. وفي التنزيل: فليُمْلِلْ وَلِيُّه
بالعدْل؛ وهذا من أَمَلَّ، وفي التنزيل أَيضاً: فهي تُمْلى عليه بُكْرةً
وأَصِيلاً؛ وهذا من أَمْلى. وحكى أَبو زيد: أَنا أُمْلِلُ عليه الكتاب، بإِظهار
التضعيف. وقال الفراء: أَمْلَلْت لغة أَهل الحجاز وبني أَسد، وأَمْلَيْت
لغة بني تميم وقيس. يقال: أَمَلَّ عليه شيئاً يكتبه وأَمْلى عليه، ونزل
القرآن العزيز باللغتين مَعاً. ويقال: أَمللت عليه الكتاب وأَمليته. وفي
حديث زيد: أَنه أَمَلَّ عليه لا يَستوي القاعدون من المؤمنين. يقال:
أَمْلَلْت الكتاب وأَمليته إِذا أَلقيته على الكاتب ليكتبه.
ومَلَّ الثوبَ مَلاًّ: درَزَه؛ عن كراع. التهذيب: مل ثوبَه يَمُلُّه
إِذا خاطه الخياطة الأُولى قبل الكَفِّ؛ يقال منه: مَلَلت الثوبَ
بالفتح.والمِلَّة: الشريعة والدين. وفي الحديث: لا يَتوارثُ أَهلُ مِلَّتين؛
المِلَّة: الدين كملَّةِ الإِسلام والنَّصرانية واليهودية، وقيل: هي مُعْظم
الدين، وجملة ما يجيء به الرسل. وتملَّل وامتلَّ: دخل في المِلَّة. وفي
التنزيل العزيز: حتى تَتَّبِع مِلَّتهم؛ قال أَبو إِسحق: المِلة في اللغة
سُنَّتُهم وطريقهم ومن هذا أُخذ المَلَّة أَي الموضع الذي يختبزُ فيه
لأَنه يؤثَّر في مكانها كما يؤثَّر في الطريق، قال: وكلام العرب إِذا اتفَق
لفظُه فأَكثره مُشتق بعضُه من بعض. قال أَبو منصور: ومما يؤيد قولَه
قولُهم مُمَلٌّ أَي مسلوك معلوم؛ وقال الليث في قول الراجز:
كأَنه في ملَّة مَمْلول
قال: المملول من المِلَّة، أَراد كأَنه مثال مُمَثَّل مما يعبد في مِلَل
المشركين. أَبو الهيثم: المِلَّة الدية، والمِلَل الديات؛ وأَنشد:
غَنائم الفِتْيان في يوم الوَهَل،
ومن عَطايا الرؤساء في المِلَل
(* قوله «غنائم الفتيان إلخ» في هامش النهاية ما نصه: قال وأنشدني أبو
المكارم:
غنائم الفتيان أيام الوهل * ومن عطايا الرؤساء والملل
يريد إبلاً بعضها غنيمة وبعضها صلة وبعضها من ديات).
وفي حديث عمر، رضي الله عنه، أَنه قال: ليس على عَرَبيٍّ مِلْك ولَسْنا
بنازِعِين من يدِ رجل شيئاً أَسلَم عليه، ولكِنَّا نُقَوِّمُهم
(* قوله
«ولكنا نقوّمهم إلخ» هكذا في الأصل، وعبارة النهاية: ولكنا نقوّمهم الملة
على آبائهم خمساً من الابل: الملة الدية وجمعها ملل؛ قال الازهري الى آخر
ما هنا وقال الصاغاني بعد ان ذكر الحديث كما في النهاية: قال الازهري
أراد إنما نقومهم كما نقوّم الى آخر ما هنا وضبط لفظ ونذر الجراح بهذا
الضبط ففي عبارة الأصل سقط ظاهر) كما نُقَوِّم أَرشَ الدِّيات ونَذَرُ
الجِراحَ، وجعل لكلِّ رأْسٍ منهم خمساً من الإِبل يَضْمَنُها عَشائِرُهم أَو
يضمنونها للذين مَلَكوهم. قال ابن الأَثير: قال الأَزهري كان أَهل الجاهلية
يَطَؤون الإِماءَ ويَلِدْن لهم فكانوا يُنْسَبُون إِلى آبائهم وهم
عَرَب، فرأَى عمر، رضي الله عنه، أَن يردّهم على آبائهم فَيَعْتِقون ويأْخُذ
من آبائهم لِمَواليهم عن كلِّ وَلَدٍ خمساً من الإِبل، وقيل: أَراد مَن
سُبِيَ من العرب في الجاهليَّة وأَدركه الإِسلام وهو عبد مَن سَباه أَن
يردّه حرّاً إِلى نسبه، ويكون عليه قيمته لِمَن سَباه خمساً من الإِبل. وفي
حديث عثمان: أَنَّ أَمَةً أَتت طَيِّئاً فأَخبرتهم أَنها حُرَّة فتزوّجت
فولَدت فجعل في وَلَدِها المِلَّة أَي يَفْتَكُّهم أَبوهم من مَوالي
أُمِّهم، وكان عثمان يعطي مكانَ كلَّ رأْسٍ رأْسَيْن، وغيرُه يعطي مكان كل
رأْس رأْساً، وآخرون يُعْطُون قيمته بالغةً ما بلغت. ابن الأَعرابي: مَلَّ
يَمِلُّ، بالكسر كسرِ الميم، إِذا أَخذ المِلَّة؛ وأَنشد:
جاءت به مُرَمَّداً ما مُلاَّ،
ما فِيَّ آلُ خَمَّ حين أَلَّى
(* قوله «وأنشد جاءت به إلخ» هكذا في الأصل).
قوله: ما مُلاَّ ما جُحِد، وقوله: ما فيَّ آل، ما صلة، والآلُ: شخصه،
وخَمَّ: تغيرت ريحُه، وقوله: أَلَّى أَي أَبْطأَ، ومُلَّ أَي أُنضِج. وقال
الأَصمعي: مَرَّ فلان يَمْتَلّ امْتِلــالاً إِذا مَرَّ مَرًّا سريعاً.
المحكم: مَلَّ يَمُلُّ مَلاًّ وامْتَلَّ وتَمَلَّل أَسرع. وقال مصعب:
امْتَلَّ واسْتَلَّ وانْمَلَّ وانسَلَّ بمعنى واحد. وحمار مُلامِلٌ: سريع، وهي
المَلْمَلة. ويقال: ناقة مَلْمَلى على فَعْلَلى إِذا كانت سريعة؛
وأَنشد:يا ناقَتا ما لَكِ تَدْأَلِينا،
أَلم تكوني مَلْمَلى دَفونا؟
(* قوله «دفونا» هكذا في الأصل؛ وفي التكملة: ذقونا، بالذال والقاف).
والمُلمُول: المِكْحال. الجوهري: المُلمول الذي يكتحَل به؛ وقال أَبو
حاتم: هو المُلُمول الذي يُكْحَل وتُسْبَرُ به الجراح، ولا يقال المِيل،
إِنما المِيلُ القِطعة من الأَرض. ومُلمول البعير والثعلب: قضيبه، وحكى
سيبويه مالُّ، وجمعه مُلاَّن، ولم يفسِّره.
وفي حديث أَبي عبيد: أَنه حَمَل يوم الجِسْر فضرب مَلْمَلة الفِيل يعني
خُرْطومَه.
ومَلَل: موضع في طريق مكة بين الحرَمين، وقيل: هو موضع في طريق
البادِية. وفي حديث عائشة: أَصبح النبي، صلى الله عليه وسلم، بمَلَل ثم راحَ
وتعشَّى بسَرفٍ؛ مَلَلٌ، بوزن جَبل: موضع بين مكة والمدينة على سبعة عشر
ميلاً بالمدينة
(* قوله «سبعة عشر ميلاً بالمدينة» الذي في ياقوت: ثمانية
وعشرين ميلاً من المدينة) ومُلال: موضع؛ قال الشاعر:
رَمى قلبَه البَرْقُ المُلالِيُّ رَمْيةً،
بذكرِ الحِمَى وَهْناً، فباتَ يَهِيمُ
كظظ: الكِظَّةُ: البِطْنة. كظَّه الطعامُ والشرابُ يَكُظُّه كَظّاً إِذا
ملأه حتى لا يُطِيقَ على النَّفَسِ، وقد اكتَظَّ. الليث: يقال كظّه
يكُظّه كظّة، معناه غَمَّه من كثرة الأَكل. قال الحسن: فإِذا علَتْه
البِطْنةُ وأَخذته الكِظَّةُ فقال هاتِ هاضُوماً. وفي حديث ابن عمر: أَهْدَى له
إِنسانٌ جُوارشْن، قال: فإِذا كَظَّك الطعامُ أَخذت منه أَي إِذا امتلــأْتَ
منه وأَثقلك، ومنه حديث الحسن: قال له إِنسان: إِن شَبِعْتُ كَظَّني
وإِن جُعْتُ أَضْعَفَني. وفي حديث النخعي: الأَكِظَّةُ على الأَكِظَّةِ
مَسْمَنةٌ مَكْسَلةٌ مَسْقَمةٌ؛ الأَكِظّةُ: جمع الكِظّةِ وهو ما يعتري
المُمْتَلِئَ من الطعام أَي أَنها تُسْمِن وتُكْسِلُ وتُسْقِمُ. والكِظَّة:
غَمٌّ وغِلْظةٌ يجدها في بطنه وامتلــاء. الجوهري: الكِظَّة، بالكسر، شيء
يعتري الإِنسان عند الــامتلــاء من الطعام؛ وأَما قول الشاعر:
وحُسَّدٍ أَوْشَلْتُ من حِظاظِها،
على أَحاسِي الغَيْظِ، واكتِظاظِها
قال ابن سيده: إِنما أَراد اكتِظاظي عنها فحذف وأَوْصَل، وتعليل
الأَحاسِي مذكور في موضعه. والكَظِيظُ: المُغْتاظُ أَشدّ الغيظ؛ ومنه قول
الحُضَيْنِ بنِ المُنْذِر:
عَدُوُّكَ مَسْرُورٌ، وذُو الوُدِّ، بالذي
يرَى منك من غَيْظٍ، عليك كَظِيظُ
والكَظْكَظةُ: امتلــاء السِّقاءِ، وقيل: امتدادُ السقاء إِذا امتلــأَ، وقد
تَكَظْكَظَ، وكظَظتُ السقاءَ إِذا ملأته، وسِقاءٌ مكْظُوظ وكظيظ.
ويقال: كَظظْتُ خَصْمِي أَكُظُّه كَظّاً إِذا أَخَذتَ بكَظَمِه
وأَلْجَمْتَه حتى لا يَجِدَ مَخْرَجاً يخرج إِليه. وفي حديث الحسن: أَنه ذكر
الموت فقال: غَنْظ ليس كالغَنْظ وكَظٌّ ليس كالكَظِّ أَي هَمٌّ يملأُ الجَوف
ليس كالكظّ أَي كسائر الهُموم ولكنه أَشدّ. وكَظَّه الشرابُ أَي ملأَه.
وكظَّ الغيظُ صدرَه أَي ملأَه، فهو كظيظ. وكظني الأَمر كَظّاً وكَظاظة أَي
ملأَني همه. واكتظ الموضعُ بالماء أَي امتلــأ. وكظه الأَمرُ يكُظُّه
كَظّاً: بهَظَه وكرَبَه وجهَدَه. ورجل كَظٌّ: تَبْهَظُه الأُمور وتغلبه حتى
يَعْجِزَ عنها. ورجل لَظٌّ كَظٌّ أَي عَسِرٌ متشدّد.
والكِظاظُ: الشدّة والتَّعب. والكِظاظُ: طولُ المُلازمةِ على الشدّة؛
أَنشد ابن جني:
وخُطّة لا خَيْرَ في كِظاظِها،
أَنْشَطْت عَنِّي عُرْوَتَيْ شِظاظِها،
بَعْدَ احْتِكاء أُرْبَتَيْ إِشْظاظِها
والكِظاظُ في الحَرب: الضِّيقُ عند المَعْركة.
والمُكاظَّةُ: المُمارَسةُ الشديدةُ في الحرب. وكاظَّ القومُ بعضُهم
بعضاً مُكاظّة وكِظاظاً وتَكاظُّوا: تضايَقُوا في المعركة عند الحرب، وكذلك
إِذا تجاوزُوا الحدَّ في العَداوة؛ قال رؤبة:
إِنّا أُناسٌ نَلْزَمُ الحِفاظا،
إِذْ سَئِمَت رَبِيعةُ الكِظاظا
أَي نَلَّت المُكاظَّةَ، وهي ههنا القِتال وما يَمْلأُ القلب من هَمّ
الحَرْب. ومَثَل العرب: ليس أَخُو الكِظاظِ مَن تَسْأَمُه. يقول: كاظِّهم
ما كاظُّوكَ أَي لا تَسْأَمْهم أَو يَسْأَموا، ومنه كِظاظ الحرب،
والكِظاظُ في الحَرب: المُضايَقةُ والمُلازَمةُ في مَضِيقِ المَعْركة.
واكْتَظَّ المَسِيلُ بالماء: ضاقَ من كثرته، وكَظَّ المَسِيلُ أَيضاً.
وفي حديث رُقَيْقةَ: فاكْتَظَّ الوادي بثَجِيجِه أَي امتلــأَ بالمطر
والسيْلِ، ويروى: كَظّ الوادي بثَجِيجِه. اكْتَظَّ الوادي بثجِيج الماء أَي
امتلــأَ بالماء.
والكَظِيظُ: الزّحام، يقال: رأَيت على بابه كظيظاً. وفي حديث عُتْبة بن
غَزْوانَ في ذكر باب الجنة: وليَأْتِينَّ عليه يوم وهو كظيظ أَي ممتلئ.
وكر: وَكْرُ الطائر: عُشُّه. ابن سيده: الوَكْرُ عُشُّ الطائر، وإِن لم
يكن فيه، وفي التهذيب: موضع الطائر الذي يبيض فيه ويُفَرِّخُ، وهو
الخُرُوقُ في الحيطان والشجر، والجمع القليل أَوْكُرٌ وأَوكارٌ؛ قال:
إِن فِراخاً كفراخِ الأَوْكُرِ،
تَرَكْتُهُمْ كبيرُهم كالأَصْغَرِ
وقال:
من دُونِهِ لِعتاقِ الطَّيْرِ أَوكارُ
والكثير وُكُورٌ ووُكَرٌ، وهي الوَكْرَةُ. الأَصمعي: الوَكْرُ والوَكْنُ
جميعاً المكان الذي يدخل فيه الطائر، وقد وَكَنَ يَكِنُ وكْناً. قال
أَبو يوسف: وسمعت أَبا عمرو يقول: الوَكْرُ العُشُّ حيثما كان في جبل أَو
شجر.
ووَكَرَ الطائرُ يَكِرُ وكْراً ووُكُرواً: أَتى الوَكْرَ ودخل وَكْرَه.
ووَكَرَ الإِناءَ والسِّقاءَ والقِرْبَةَ والمكيالَ وَكْراً ووَكَّرَه
توكيراً، كلاهما: مَلأَه. ووَكَّرَ فلانٌ بطنه وأَوْكَرَه: ملأه.
وتَوَكَّر الصبيُّ: امْتَلــأَ بطنُه. وتَوَكَّرَ الطائر: امتلــأتْ
حَوْصَلَتُه؛ وقال الأَحمر: وكَرْتُه ووَرَكْتُه وَرْكاً، قال الأَصمعي: شَرِبَ
حتى تَوَكَّرَ وحتى تَضَلَّعَ.
والوَكْرَةُ والوَكَرَةُ الوَكِيرَةُ: الطعامُ يتخذه الرجل عند فراغه من
بنيانه فيدعو إِليه، وقد وَكَّرَ لهم توكيراً. الفراء قال: الوَكِيرةُ
تَعْمَلُها المرأَةُ في الجِهازِ، قال: وربما سمعتهم يقولون التَّوْكِير،
والتَّوْكِيرُ اتخاذ الوكيرة، وهي طعام البِناء. والتَّوْكِيرُ:
الإِطعام.والوَكَرُ والوَكَرى: ضربٌ من العَدْوِ، وقيل: هو العَدْوُ الذي كأَنه
يَنْزُر. أَبو عبيد: هو يَعْدُو الوَكَرى أَي يُسْرِعُ؛ وأَنشد غيره
لِحُمَيدِ بن ثَوْرٍ:
إِذا الجَمَلُ الرِّبْعِيُّ عارَضَ أُمَّه،
عَدَتْ وَكَرى حتى تَحِنَّ الفَراقِدُ
والوَكَّارُ: العَدَّاءُ: وناقة وَكَرى: سريعة، وقيل: الوَكَرى من
الإِبل القصيرة اللَّحِيمَةُ الشديدة الأَبْزِ، وقد وكَرَتْ فيهما؛ ووَكَرَ
الظَّبْيُ وَكْراً: وَثَبَ. وَوكَرَتِ الناقةُ تَكِرُ وَكْراً إِذا عدت
الوَكَرى، وهو عَدْوٌ فيه نَزْوٌ، وكذلك الفرس. وقوله في الحديث: إِنه نهى
عن المُواكَرَةِ؛ قال: هي المخابرة، وأَصله الهمز من الأُكْرَةِ، وهي
الحُفْرَةُ.
تأق: التَّأَقُ: شدَّة الــامْتِلــاء. ابن سيده: تَئِقَ السِّقاء يَتْأَق تَأَقاً، فهو تَئِقٌ: امْتَلــأَ، وأَتْأَقَه هو إتْآقاً. وفي حديث علي:
أتْأَقُ الحِياضَ بمواتِحه؛ وقال النابغة:
يَنْضَحْنَ نَضْحَ المَزادِ الوُفْرِ أتْأَقَها
شَدُّ الرُّواةِ بماء، غير مَشْرُوبِ
ماء غير مشروب: يعني العرَق، أَراد ينضَحن بماء غير مشروب نضحَ المَزادِ الوُفْر. ورجل تَئِقٌ: مَلآن غَيْظاً أو حزناً أو سروراً، وقيل: هو الضيّق الخُلق، وقيل: تَئقَ إذا امتلــأَ حزناً وكاد يبكي. أَبو عمرو:
التَّأَقةُ شدة الغضَب والسُّرْعةُ إلى الشرّ، والمَأَقُ شدة البكاء. ومُهْر تَئِقٌ: سريعٌ. وأتأَقَ القوسَ: شدَّ نَزْعها وأَغرق فيها السهمَ. وفرس تَئِقٌ: نشِيط مُمْتلئ جَرْياً؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وأَرْيَحِيّاً عَضْباً وذا خُصَلٍ،
مُخْلَوْلِقَ المَتْنِ سابِحاً تَئِقَا
أَريَحِيٌّ: منسوب إلى أرْيَحَ أرض باليمن؛ إيّاها عنى الهُذلي بقوله:
فلَوْتُ عنه سُيوفَ أَرْيَحَ، إذْ
باء بكَفِّي، فلم أَكَدْ أَجِدُ
وقد تَئقَ تأَقاً، وتَئق الصبيُّ وغيره تأَقاً وتأَقةً؛ عن اللحياني، فهو تئق إذا أَخذه شبه الفُواق عند البكاء. ومن كلام أُم تأَبّط شرّاً أَو غيرها: ولا أبتُّه تَئِقاً. أبو عمرو: التأَقة، بالتحريك، شدّة الغضَب والسرعةُ إلى الشر، وهو يَتْأقُ وبه تأَقةٌ؛ وفي مثل للعرب: أَنتَ تَئقٌ وأَنا مَئقٌ فكيف نَتَّفِق؟ قال اللحياني: قيل معناه أَنت ضيّق وأَنا خفيف فكيف نتفق، قال: وقال بعضهم أَنت سريع الغَضَب وأَنا سريع البكاء فكيف نتفق، وقال أَعرابي من عامر: أَنت غَضْبانُ وأَنا غضبان فكيف نتفق؟
الأَصمعي: في هذا المثل تقول العرب أَنا تئق وأَخي مئق فكيف نتفق؛ يقول: أنا ممتلئ من الغيْظ والحزن وأَخي سريع البكاء فلا يقع بيننا وِفاق. وقال الأَصمعي: التَّئق السريع إلى الشرّ والمئق السريع البكاء، ويقال: الممتلئ من الغضب، وقال الأَصمعي: هو الحديدُ؛ قال عدي بن زيد يصف كلباً:
أَصْمَعُ الكَعْبَين مَهْضُوم الحَشا،
سَرْطَمُ اللَّحْيَيْن مَعَّاجٌ تَئِقْ
والمِتْأَقُ أَيضاً: الحادُّ؛ قال زهير بن مسعود الضَّبِّي يصف فرساً:
ضافي السَّبِيب أسِيلُ الخَدِّ مُشْتَرِفٌ،
حابي الضُّلوعِ شَدِيدٌ أَسْرُه تَئِقُ
الأَصمعي: وتَئِقَ الرجل إذا امتلــأَ غضَباً وغَيْظاً، ومَئِقَ إذا أخذه شِبه الفُواق عند البكاء قبل أن يبكي؛ وقال الأَصمعي في قول رؤبة:
كأنَّما عَوْلَتُها، من التَّأَقْ،
عَوْلةُ ثَكلى ولْوَلَتْ بعد المأَقْ
والمَأَقُ: نَشْيجُ البكاء أَيضاً، والتأَق: الــامْتِلــاء. والمَأَقُ:
نشيج البكاء الذي كأَنه نفَس يقْلَعه من صدره. وقال أَبو الجرّاح: التَّئِق المَلآن شِبَعاً ورِيّاً، والمَئِقُ الغضبان؛ وقيل: التئق هنا الممتلئ حزناً، وقيل: النشِيط، وقيل: السّيِّء الخلق. وفي حديث السِّراط: فيمُرّ الرجُل كشدّ الفرس التئِق الجَواد أَي الممتلئ نَشاطاً.
فيض: فاض الماء والدَّمعُ ونحوهما يَفِيض فَيْضاً وفُيُوضةً وفُيُوضاً
وفَيَضاناً وفَيْضُوضةً أَي كثر حتى سالَ على ضَفّةِ الوادي. وفاضَتْ
عينُه تَفِيضُ فَيْضاً إِذا سالت. ويقال: أَفاضَتِ العينُ الدمعَ تُفِيضُه
إِفاضة، وأَفاضَ فلان دَمْعَه، وفاضَ الماء والمطرُ والخيرُ إِذا كثر. وفي
الحديث: ويَفيضُ المالُ أَي يَكْثُر من فاضَ الماء والدمعُ وغيرُهما
يَفيض فَيْضاً إِذا كثر، قيل: فاضَ تدَفَّقَ، وأَفاضَه هو وأَفاضَ إِناءه أَي
مَلأَه حتى فاضَ، وأَفاضَ دُموعَه. وأَفاضَ الماءَ على نفسه أَي
أَفْرَغَه. وفاض صَدْرُه بسِرِّه إِذا امْتَلــأ وباح به ولم يُطِقْ كَتْمَه،
وكذلك النهرُ بمائه والإِناء بما فيه.
وماءٌ فَيْضٌ: كثير. والحَوْضُ فائض أَي ممتلئ. والفَيْضُ: النهر،
والجمع أَفْياضٌ وفُيوضٌ، وجَمْعُهم له يدل على أَنه لم يسمّ بالمصدر.
وفَيْضُ البصرةِ: نَهرها، غَلب ذلك عليه لِعظَمِه. التهذيب: ونهرُ البصرةِ يسمى
الفَيْضَ، والفَيْضُ نهر مصر. ونهرٌ فَيّاضٌ أَي كثير الماء. ورَجل
فَيّاضٌ أَي وهّاب جَوادٌ. وأَرض ذاتُ فُيوضٍ إِذا كان فيها ماء يَفِيضُ حتى
يعلو. وفاضَ اللّئامُ: كَثُروا. وفرَس فَيْضٌ: جَوادٌ كثير العَدْو. ورجل
فَيْضٌ وفَيّاضٌ: كثير المعروف. وفي الحديث أَنه قال لطَلحةَ: أَنت
الفَيّاضُ؛ سمي به لسَعةِ عَطائه وكثرته وكان قسَمَ في قومه أَربعمائة أَلف،
وكان جَواداً.
وأَفاضَ إِناءه إِفاضةً: أَتْأَقَه؛ عن اللحياني، قال ابن سيده: وعندي
أَنه إِذا ملأه حتى فاض. وأَعطاه غَيْضاً من فَيْضٍ أَي قليلاً من كثير،
وأَفاضَ بالشيء: دَفَع به ورَمَى؛ قال أَبو صخر الهذلي يصف كتيبة:
تَلَقَّوْها بِطائحةٍ زَحُوفٍ،
تُفِيضُ الحِصْن مِنها بالسِّخالِ
وفاضَ يَفِيضُ فَيْضاً وفُيوضاً: مات. وفاضَتْ نَفسُه تَفِيضُ فَيْضاً:
خرجت، لغة تميم؛ وأَنشد:
تَجَمَّع الناسُ وقالوا: عِرْسُ،
فَفُقِئَتْ عَيْنٌ، وفاضَتْ نَفْسُ
وأَنشده الأَصمعي وقال إِنما هو: وطَنَّ الضِّرْس. وذهبنا في فَيْض فلان
أَي في جَنازَتِه. وفي حديث الدجال: ثم يكونُ على أَثَرِ ذلك الفَيْضُ؛
قال شمر: سأَلت البَكْراوِيّ عنه فقال: الفَيْضُ الموتُ ههنا، قال: ولم
أَسمعه من غيره إِلا أَنه قال: فاضت نفسُه أَي لُعابُه الذي يجتمع على
شفتيه عند خروج رُوحه. وقال ابن الأَعرابي: فاضَ الرجلُ وفاظَ إِذا مات،
وكذلك فاظت نفسُه. وقال أَبو الحسن: فاضَت نفسه الفعل للنفس، وفاضَ الرجلُ
يَفِيض وفاظَ يَفِيظُ فَيْظاً وفُيوظاً. وقال الأَصمعي: لا يقال فاظت نفسه
ولا فاضت، وإِنما هو فاض الرجل وفاظ إِذا مات. قال الأَصمعي: سمعت أَبا
عمرو يقول: لا يقال فاظت نفسه ولكن يقال فاظ إِذا مات، بالظاء، ولا يقال
فاض، بالضاد. وقال شمر: إِذا تَفَيَّضُوا أَنفسهم أَي تَقَيَّأُوا.
الكسائي: هو يَفِيظُ نفسه
(* قوله «يفيظ نفسه» أي يقيؤها كما يعلم من القاموس
في فيظ.). وحكى الجوهري عن الأَصمعي: لا يقال فاض الرجل ولا فاضت نفسه
وإِنما يَفِيضُ الدمعُ والماء. قال ابن بري: الذي حكاه ابن دريد عن
الأَصمعي خلاف هذا، قال ابن دريد: قال الأَصمعي تقول العرب فاظ الرجل إِذا مات،
فإِذا قالوا فاضت نفسُه قالوها بالضاد؛ وأَنشد:
فقئت عين وفاضت نفس
قال: وهذا هو المشهور من مذهب الأَصمعي، وإِنما غَلِطَ الجوهري لأَن
الأَصمعي حكى عن أَبي عمرو أَنه لا يقال فاضت نفسه، ولكن يقال فاظ إِذا مات،
قال: ولا يقال فاضَ، بالضاد، بَتَّةً، قال: ولا يلزم مما حكاه من كلامه
أَن يكون مُعْتَقِداً له، قال: وأَما أَبو عبيدة فقال فاظت نفسه، بالظاء،
لغة قيس، وفاضت، بالضاد، لغة تميم. وقال أَبو حاتم: سمعت أَبا زيد يقول:
بنو ضبة وحدهم يقولون فاضت نفسه، وكذلك حكى المازني عن أَبي زيد، قال:
كل العرب تقول فاظت نفسُه إِلا بني ضبة فإِنهم يقولون فاضت نفسه، بالضاد،
وأَهل الحجاز وطيِّءٍ يقولون فاظت نفسه، وقضاعة وتميم وقيس يقولون فاضت
نفسُه مثل فاضت دَمْعَتُه، وزعم أَبو عبيد أَنها لغة لبعض بني تميم يعني
فاظت نفسه وفاضت؛ وأَنشد:
فقئت عين وفاضت نفس
وأَنشده الأَصمعي، وقال إِنما هو: وطَنّ الضِّرْسُ. وفي حديث الدجال: ثم
يكون على أَثر ذلك الفَيْضُ؛ قيل: الفَيْضُ ههنا الموت. قال ابن
الأَثير: يقال فاضت نفسُه أَي لُعابه الذي يجتمع على شفتيه عند خروج
رُوحه.وفاضَ الحديثُ والخبَرُ واسْتَفاضَ: ذاعَ وانتشر. وحَدِيثٌ مُسْتَفِيضٌ:
ذائعٌ، ومُسْتَفاض قد اسْتَفاضُوه أَي أَخَذُوا فيه، وأَباها أَكثرهم
حتى يقال: مُسْتَفاضٌ فيه؛ وبعضهم يقول: اسْتَفاضُوه، فهو مُسْتَفاضٌ.
التهذيب: وحديث مُسْتَفاضٌ مأْخوذ فيه قد استفاضُوه أَي أَخذوا فيه، ومن قال
مستفيض فإِنه يقول ذائع في الناس مثل الماء المُسْتَفِيض. قال أَبو
منصور: قال الفراء والأَصمعي وابن السكيت وعامة أَهل اللغة لا يقال حديث
مستفاض، وهو لحن عندهم، وكلامُ الخاصّ حديثٌ مُسْتَفِيضٌ منتشر شائع في
الناس.ودِرْعٌ فَيُوضٌ وفاضةٌ: واسعةٌ؛ الأَخيرة عن ابن جني. ورجل مُفاضٌ:
واسِعُ البَطْنِ، والأُنثى مُفاضةٌ. وفي صفته، صلّى اللّه عليه وسلّم: مُفاض
البطنِ أَي مُسْتَوي البطنِ مع الصَّدْرِ، وقيل: المُفاضُ أَن يكون فيه
امْتِلــاءٌ من فَيْضِ الإِناء ويُريد به أَسفلَ بطنِه، وقيل: المُفاضةُ من
النساء العظيمة البطن المُسْتَرْخِيةُ اللحمِ، وقد أُفِيضَت، وقيل: هي
المُفْضاةُ أَي المَجْمُوعةُ المَسْلَكَيْنِ كأَنه مَقْلُوبٌ عنه.
وأَفاضَ المرأَةَ عند الافْتِضاضِ: جعل مَسْلَكَيْها واحداً. وامرأَة
مُفاضةٌ إِذا كانت ضخمة البطن. واسْتَفاضَ المكانُ إِذا اتَّسع، فهو
مُسْتَفِيضٌ؛ قال ذو الرمة:
بحَيْثُ اسْتَفاضَ القِنْعُ غَرْبيَّ واسِط
ويقال: اسْتَفاضَ الوادي شجراً أَي اتَّسع وكثُرَ شجره. والمُسْتَفِيضُ:
الذي يَسأَل إِفاضةَ الماء وغيره.
وأَفاضَ البَعِيرُ بِجِرَّتِه: رَماها مُتَفَرِّقةً كثيرة، وقيل: هو
صوتُ جِرَّتِه ومَضْغِه، وقال اللحياني: هو إِذا دَفَعَها من جَوْفِه؛ قال
الراعي:
وأَفَضْنَ بعْدَ كُظُومِهِنَّ بِجِرَّةٍ
مِنْ ذي الأَبارِقِ، إِذْ رَعين حَقِيلا
ويقال: كظَمَ البِعيرُ إِذا أَمسك عن الجِرَّة. وأَفاضَ القومُ في
الحديث: انتشروا، وقال اللحياني: هو إِذا اندفعوا وخاضُوا وأَكْثَروا. وفي
التنزيل: إِذ تُفِيضُونَ فيه؛ أَي تَنْدَفِعُونَ فيه وتَنْبَسِطُون في ذكره.
وفي التنزيل أَيضاً: لَمَسَّكُمْ فيما أَفَضْتُم. وأَفاضَ الناسُ من
عَرَفاتٍ إِلى مِنى: اندفعوا بكثرة إِلى مِنى بالتَّلْبية، وكل دَفْعةٍ
إِفاضةٌ. وفي التنزيل: فإِذا أَفضتم من عرفات؛ قال أَبو إِسحق: دلَّ بهذا
اللفظ أَن الوقوف بها واجبٌ لأَنَّ الإِفاضةَ لا تكون إِلا بعد وُقُوف،
ومعنى أَفَضْتُم دَفَعْتم بكثرةْ. وقال خالد بن جَنْبة: الإِفاضةُ سُرْعةُ
الرَّكْضِ. وأَفاضَ الراكِبُ إِذا دفع بعيره سَيْراً بين الجَهْدِ ودون
ذلك، قال: وذلك نِصْفُ عَدْوِ الإِبل عليها الرُّكْبان، ولا تكون الإِفاضة
إِلا وعليها الرُّكْبانُ. وفي حديث الحج: فأَفاضَ من عَرفةَ؛ الإِفاضةُ:
الزَّحْفُ والدَّفْعُ في السير بكثرة، ولا يكون إِلا عن تفرقٍ وجَمْعٍ.
وأَصل الإِفاضةِ الصَّبُّ فاستعيرت للدفع في السير، وأَصله أَفاضَ نفْسَه
أَو راحلته فرَفَضُوا ذكر المفعول حتى أَشْبه غير المتعدِّي؛ ومنه طَوافُ
الإِفاضةِ يوم النحر يُفِيضُ من مِنى إِلى مكة فيطوف ثم يرجع. وأَفاضَ
الرجلُ بالقِداحِ إِفاضةً: ضرَب بها لأَنها تقع مُنْبَثَّةً متفرقة، ويجوز
أَفاضَ على القداح؛ قال أَبو ذؤيب الهُذلي يصف حماراً وأُتُنه:
وكأَنَّهُنَّ رِبابَةٌ، وكَأَنَّه
يَسَرٌ، يُفِيضُ على القِداحِ ويَصْدَعُ
يعني بالقِداحِ، وحروفُ الجر يَنُوبُ بعضُها مَنابَ بعض. التهذيب: كل ما
كان في اللغة من باب الإِفاضةِ فليس يكون إِلا عن تفرُّق أَو كثرة. وفي
حديث ابن عباس، رضي اللّه عنهما: أَخرج اللّهُ ذَرِّيَّةَ آدمَ من ظهره
فأَفاضَهم إِفاضَةَ القِدْحِ؛ هي الضرْبُ به وإِجالَتُه عند القِمار،
والقِدْحُ السهمُ، واحدُ القِداح التي كانوا يُقامِرُونَ بها؛ ومنه حديث
اللُّقَطَةِ: ثم أَفِضْها في مالِكَ أَي أَلْقِها فيه واخْلِطْها به، من
قولهم فاضَ الأَمرُ وأَفاضَ فيه.
وفَيّاضٌ: من أَسماء الرجال. وفَيّاضٌ: اسم فرس من سَوابق خيل العرب؛
قال النابغة الجعدي:
وعَناجِيج جِيادٍ نُجُبٍ
نَجْلَ فَيّاضٍ ومن آلِ سَبَلْ
وفرس فَيْضٌ وسَكْبٌ: كثير الجَرْي.
خوث: خَوِثَ الرجلُ خَوَثاً، وهو أَخْوَثُ بَيِّنُ الخَوَثِ: عَظُمَ
بَطْنُه واسْتَرْخى. وخُوِثَتِ الأُنثى، وهي خَوْثاء. والخَوْثاءُ من النساء
أَيضاً: الحَدَثة الناعمةُ، ذاتُ صُدْرة؛ وقيل: الناعمة التارَّة؛ قال
أُمَيَّةُ بنُ حُرْثانَ:
عَلِقَ القَلْبُ حُبَّها وهَواها،
وهي بِكْرٌ غَريرةٌ خَوْثاءُ
أَبو زيد: الخَوْثاءُ الحِفْضاجَة من النساء؛ وقال ذو الرمة:
بها كلُّ خَوْثاءِ الحَشَى مَرَئِيَّةٍ
رَوَادٍ، يَزيدُ القُرْطُ سُوءَ قَذالِها
قال: الخَوْثاءُ المُسْتَرْخِيةُ الحَشَى. والرَّوَادُ: التي لا
تَسْتَقِرُّ في مكان، ربما تجيء وتذهب. قال أَبو منصور: الخَوْثاءُ في بيت ابن
حُرْثانَ صفةٌ مَحْمودة، وفي بيت ذي الرمة صفةٌ مذمومة.
وفي حديث التِّلِبِّ بن ثَعْلَبة: أَصابَ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم،
خَوْثَةٌ فاسْتَقْرَضَ مني طعاماً. قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية.
وقال الخطابي: لا أُراها محفوظةً، وإِنما هي حَوْبة، بالباء الموحدة، وهي
الحاجة.
وخَوِثَ البطنُ والصَّدْرُ: امْتَلــآ.