Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=76057#170eed
(اشتاط) عَلَيْهِ اشْتَدَّ غَضَبه
شيط: شاطَ الشيءُ شَيْطاً وشِياطةً وشَيْطُوطةً: احترق، وخصَّ بعضهم به
الزيتَ والرُّبَّ؛ قال:
كَشائطِ الرُّبِّ عليه الأَشْكَلِ
وأَشاطَه وشَيَّطَه، وشاطَتِ القِدْر شَيْطاً: احتَرقَتْ، وقيل: احترقت
ولَصِقَ بها الشيء، وأَشاطَها هو وأَشَطْتُها إِشاطة؛ ومنه قولهم: شاطَ
دمُ فلان أَي ذهب، وأَشَطْتُ بدَمِه. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه:
القسامةُ تُوجِبُ العَقْلَ ولا تُشِيطُ الدَّمَ أَي تؤخذ بها الدِّيَةُ ولا
يُؤْخَذُ بها القِصاصُ، يعني لا تُهْلِكُ الدم رأْساً بحيث تُهْدِرُه حتى لا
يجب فيه شيء من الديّة. الكلابي: شَوَّط القِدْرَ وشَيَّطَها إِذا
أَغْلاها. وأَشاطَ اللحم: فَرَّقه. وشاطَ السمْنُ والزَّيْتُ: خَثُرَ. وشاطَ
السمنُ إِذا نَضِجَ حتى يَحْتَرِقَ وكذلك الزيت؛ قال نِقادةُ الأَسدي يصف
ماء آجِناً:
أَوْرَدْتُه قَلائصاً أَعْلاطا،
أَصْفَرَ مِثْل الزَّيْتِ، لَمّا شاطا
والتَشْيِيطُ: لحم يُصْلَح للقوم ويُشْوى لهم، اسم كالتَّمْتِين،
والمُشَيَّطُ مِثْلُه، وقال الليث: التشَيُّطُ شَيْطُوطةُ اللحم إِذا مسَّته
النار يَتَشَيَّطُ فيَحْتَرِقُ أَعْلاه، وتَشَيَّطَ الصوفُ. والشِّياطُ:
رِيح قُطنة مُحْتَرِقةٍ. ويقال: شَيَّطْتُ رأْس الغنم وشوَّطْتُه إِذا
أَحْرَقْت صُوفه لتُنظِّفه. يقال: شَيَّطَ فلان اللحم إِذا دَخَّنه ولم
يُنْضِجُه؛ قال الكميت:
لَمّا أَجابَتْ صَفِيراً كان آيَتَها
مِنْ قابِسٍ شَيَّطَ الوَجْعاء بالنارِ
وشَيَّطَ الطَّاهي الرأْس والكُراعَ إِذا أَشْعَل فيهما النار حتى
يَتَشَيَّطَ ما عليهما من الشعرَ والصُّوفِ، ومنهم من يقول شَوّطَ. وفي الحديث
في صفةِ أَهل النار: أَلم يَرَوْا إِلى الرأْسِ إِذا شُيِّطَ؛ من قولهم
شَيَّطَ اللحمَ أَو الشعَرَ أَو الصُّوفَ إِذا أَحرقَ بعضَه. وشاطَ
الرجلُ يَشيطُ: هلَك؛ قال الأَعشى:
قد نَخْضِبُ العَيْرَ في مَكْنُون فائِله،
وقد يَشِيطُ على أَرْماحِنا البَطَلُ
(* في قصيدة الأَعشى: قد نطعنُ العيرَ بدلَ قد نخضِب العير.)
والإِشاطةُ: الإِهْلاكُ. وفي حديث زيد بن حارثة: أَنه قاتلَ بِرايةِ
رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، حتى شاطَ في رِماحِ القوم أَي هلَك؛
ومنه حديث عمر، رضي اللّه عنه: لما شَهِدَ على المُغيرة ثلاثةُ نَفَرٍ
بالزِّنا قال: شاطَ ثلاثةُ أَرباع المُغيرة. وكلُّ ما ذهَب، فقد شاطَ. وشاطَ
دَمُه وأَشاطَ دمَه وبدَمِه: أَذْهَبَه، وقيل: أَشاطَ فلان فلاناً إِذا
أَهْلَكه، وأَصلُ الإِشاطةِ الإِحْراقُ؛ يقال: أَشاط بدَمِه عَمِل في
هَلاكِه، وتَشَيَّطَ دمُه. وأَشاطَ فلان دمَ فلانٍ إِذا عَرَّضه للقتل. ابن
الأَنباري: شاطَ فلانٌ بدم فلانٍ معناه عَرَّضه للهَلاك. ويقال: شاط دمُ
فلان إِذا جُعل الفعل للدّمِ، فإِذا كان للرجلِ قيل: شاط بدمِه وأَشاط
دمَه. وتشيَّطَ الدمُ إِذا عَلا بصاحبه، وشاط دمُه. وشاط فلانٌ الدِّماء أَي
خلَطَها كأَنه سَفَكَ دمَ القاتل على دم المقتول؛ قال المتلَمِّسُ:
أَحارِثُ إِنَّا لو تُشاطُ دِماؤنا،
تَزَيَّلْن حتى ما يَمَسّ دَمٌ دَما
ويروى: تُساطُ، بالسين، والسَّوْطُ: الخَلْط. وشاطَ فلان أَي ذهب دمُه
هَدَراً. ويقال: أَشاطَه وأَشاطَ بدمِه. وشاطَ بمعنى عَجِلَ.
ويقال للغُبار السَّاطِعِ في السماء: شَيْطِيٌّ؛ قال القطامي:
تَعادِي المَراخِي ضُمَّراً في جُنوحِها،
وهُنَّ من الشَّيطِيّ عارٍ ولابِسُ
يصف الخيل وإِثارَتَها الغُبارَ بسنابِكها. وفي الحديث: أَنَّ سَفِينةَ
أَشاطَ دمَ جَزُورٍ بِجِذْلٍ فأَكَله؛ قال الأَصمعي: أَشاطَ دمَ جَزُورٍ
أَي سَفَكَه وأَراقه فشاطَ يَشِيطُ يعني أَنه ذبحه بعُود، والجذل العود.
واشْتاطَ عليه: الْتَهَب. والمُسْتَشِيطُ: السَّمين من الإِبل.
والمِشْياطُ من الإِبل: السريعةُ السِّمَنِ، وكذلك البعير. الأَصمعي:
المَشايِيطُ من الإِبل اللَّواتي يُسْرِعن السِّمَن، يقال: ناقةِ مِشْياطٌ،
وقال أَبو عمرو: هي الإِبل التي تجعل للنَّحْر من قولهم شاطَ دمُه.
غيره: وناقة مِشْياطٌ إِذا طارَ فيها السِّمنُ؛ وقال العجاج:
بوَلْقِ طَعْنٍ كالحَرِيقِ الشّاطي
قال: الشّاطي المُحْتَرِق، أَرادَ طَعْناً كأَنه لَهَبُ النار من
شدَّته؛ قال أَبو منصور: أَراد بالشاطي الشائطَ كما يقال للهائر هارِ. قال
اللّه عزّ وجلّ: هارٍ فانْهارَ به.
ويقال: شاطَ السَّمْنُ يَشِيطُ إِذا نَضِجَ حتى يحترق.
الأَصمعي: شاطَتِ الجَزُور إِذا لم يبق فيها نصيب إِلا قُسم. ابن شميل:
أَشاطَ فلان الجزور إِذا قسَمها بعد التقطيع. قال: والتقطيعُ نفْسه
إِشاطةٌ أَيضاً. ويقال: تَشَيَّطَ فلان من الهِبّةِ أَي نَحِلَ من كثرة
الجماع. وروي عن عمر، رضي اللّه عنه، أَنه قال: إِنَّ أَخْوفَ ما أَخافُ عليكم
أَن يؤخذ الرجلُ المسلمُ البريء فيقالَ عاصٍ وليس بعاص فيُشاطَ لحمُه كما
تُشاطُ الجَزُور؛ قال الكميت:
نُطْعِمُ الجَيْأَلَ اللَّهِيدَ من الكوُ
مِ، ولم نَدْعُ من يُشِيطُ الجَزُورا
قال: وهذا من أَشَطْتُ الجزور إِذا قطَّعْتها وقسَّمت لحمها، وأَشاطَها
فلان، وذلك أَنهم إِذا اقْتَسَمُوها وبقي بينهم سهم فيقال: من يُشِيطُ
الجَزُور أَي من يُنَفِّقُ هذا السهمَ، وأَنشد بيت الكميت، فإِذا لم يبق
منها نصيب قالوا: شاطت الجزور أَي تنَفَّقَتْ.
واسْتَشاطَ الرجلُ من الأَمر إِذا خَفّ له. وغَضِبَ فلان واسْتشاطَ أَي
احْتَدَم كأَنه التهب في غضَبِه؛ قال الأَصمعي: هو من قولهم ناقة مِشْياط
وهي التي يُسْرِع فيها السِّمَن. واسْتَشاطَ البعير أَي سَمِن. واستشاط
فلان أَي احْتَدَّ وخَفّ وتحرّقَ. ويقال: استشاط أَي احتدَّ وأَشرف على
الهَلاكِ من قولك شاطَ فلان أَي هلَك. وفي الحديث: إِذا اسْتَشاطَ
السُّلْطان تَسَلَّطَ الشيطان، يعني إِذا استشاط السلطان أَي تحرَّقَ من شدَّة
الغضَب وتلهَّب وصار كأَنه نار تسلَّط عليه الشيطانُ فأَغْراه بالإِيقاع
بمن غَضب عليه، وهو اسْتَفْعَلَ من شاطَ يَشِيط إِذا كاد يحترق. واستشاط
فلان إِذا اسْتَقْتَل؛ قال:
أَشاطَ دِماء المُسْتَشِيطِين كلِّهم،
وغُلَّ رُؤوسُ القومِ فيهم وسُلْسِلُوا
وروى ابن شميل بإِسناده إِلى النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم: ما رؤي
ضاحِكاً مُسْتَشِيطاً، قال: معناه ضاحكاً ضَحِكاً شديداً كالمُتَهالِكِ في
ضَحِكه. واسْتشاطَ الحَمامُ إِذا طارَ وهو نشِيطٌ.
والشيْطان، فَعْلان: من شاطَ يَشِيط. وفي الحديث: أَعُوذ بك من شرِّ
الشيطان وفُتونه وشِيطاه وشجونه، قيل: الصواب وأَشْطانِه أَي حِبالِه التي
يَصِيد بها. والشيطانُ إِذا سمّي به لم ينصرف؛ وعلى ذلك قول طُفيل
الغَنَوي:
وقد مَتَّتِ الخَدْواءُ مَتّاً عليهِمُ،
وشَيْطانُ إِذ يَدْعوهُمُ ويُثَوِّبُ
فلم يصرف شيطانَ وهو شَيْطانُ بن الحكَمِ بن جلهمة، والخَذْواء فرسه.
والشَّيِّطُ: فرس أُنَيْفِ بن جبَلةَ الضّبّي. والشَّيِّطانِ: قاعانِ
بالصَّمّانِ فيهما مساكاتٌ لماء السماء.
شعل: الشَّعَلُ والشُّعْلَة: البياضُ في ذَنَب الفَرَس أَو ناصيتِه في
ناحية منها، وخَصَّ بعضهُم به عَرْضها. يقال: غُرَّةٌ شَعْلاءُ تأْخذ
إِحدى العينين حتى تدخل فيها، وقد يكون في القَذَال، وهو في الذَّنَب أَكثر،
شَعِلَ شَعَلاً وشُعْلَةً؛ الأَخيرة شاذة، وكذلك اشْعالَّ اشْعِيلالاً
إِذا صار ذا شَعَلٍ؛ قال:
وبَعدَ انتِهاضِ الشَّيْب في كلِّ جانبٍ،
على لِمَّتِي، حتى اشْعَأَلَّ بَهِيمُها
أَراد اشْعَالَّ فحرَّك الأَلف لالتقاء الساكنين، فانقلبت همزة لأَن
الأَلف حرف ضعيف واسع المَخْرَج لا يَتَحَمَّل الحركة، فإِذا اضطُرُّوا إِلى
تحريكه حَرَّكوه بأَقرب الحروف إِليه، ويقال إِذا كان البياض في طَرَف
ذَنَب الفرس فهو أَشْعَلُ، وإِن كان في وَسَط الذَّنَب فهو أَصْبَغ، وإِن
كان في صَدْره فهو أَدْعَم، فإِذا بلغ التحجيلُ إِلى ركبتيه فهو
مُجَبَّب، فإِن كان في يديه فهو مُقَفَّزٌ، وقال الأَصمعي: إِذا خالط البياضُ
الذَّنَب في أَيّ لون كان فذلك الشُّعْلة. والفَرَس أَشْعَلُ بَيِّنُ
الشَّعَل، والأُنثى شَعْلاء.
وشَعَل النارَ في الحَطَب يَشْعَلُها وشَعَّلَها وأَشْعَلها فاشْتَعَلَت
وتَشَعَّلَتْ: أَلْهَبَها فالتَهَبَت. وقال اللحياني: اشْتَعَلَت النارُ
تَأَجَّجَتْ في الحطب. وقال مُرَّةُ: نارٌ مُشْعَلَة مُلْتَهِبة
مُتَّقدة. والشُّعْلَةُ: ما اشْتَعَلَتْ فيه من الحطب أَو أَشْعَلَه فيها؛ قال
الأَزهري: الشُّعْلَة شِبْه الجِذْوة وهي قطعة خَشَب تُشْعَل فيها النارُ،
وكذلك القَبَس والشِّهَاب. والشُّعْلَة: واحدة الشُّعَل. والشُّعْلة
والشُّعْلُول: اللَّهَبُ؛ والمَشْعَلَةُ: الموضع الذي تُشْعَل فيه النارُ.
والشَّعِيلة: النار المُشْعَلة في الذُّبَال، وقيل: الفَتِيلة المُرَوَّاة
بالدُّهْن شُعِل فيها نار يُسْتَصْبَحُ بها، ولا يقال لها كذلك إِلا
إِذا اشْتَعَلَت بالنار، وجمعها شُعُلٌ مثل صَحِيفةٍ وصُحُفٍ. والمَشْعَلة:
واحدة المَشَاعِل؛ قال لبيد:
أَصاحِ، تَرَى بُرَيْقاً هَبَّ وَهْناً،
كَمِصباحِ الشَّعِيلة في الذُّبَال
وفي حديث عمر بن عبد العزيز: كان يَسْمُر مع جُلَسائه فكاد السِّراجُ
يَخْمَد فقام وأَصْلَحَ الشَّعِيلة وقال: قُمْتُ وأَنا عُمَر وقَعَدْتُ
وأَنا عُمَر؛ الشَّعِيلة: الفَتِيلة المُشْعَلَة. والمَشْعَل:
القِنْديل.وشُعلَةُ: اسم فرس قَيس بن سِبَاع على التشبيه بإِشعال النار
لسُرْعتها.واشْتَعَل غَضَباً: هاج، على المثل، وأَشْعَلْته أَنا. واشْتَعَل الشيبُ
في الرأْس: اتَّقَد، على المثل، وأَصله من اشْتِعال النار. وفي التنزيل
العزيز: واشْتَعَل الرأْسُ شَيْباً؛ ونصب شَيْباً على التفسير، وإِن شئت
جعلته مصدراً، وكذلك قال حُذَّاقُ النحويين. واشْتَعَلَ الرأْسُ شَيْباً
أَي كَثُر شيبُ رأْسه، ودخل في قوله الرأْس شَعَرُ الرأْسِ واللِّحية
لأَنه كُلَّه من الرأْس. وأَشْعَلَتِ العينُ: كثُر دمعُها. وأَشْعَلَ إِبلَه
بالقَطِران: كَثَّرَ عليها منه وعَمَّها بالهِنَاء ولم يَطْلِ النُّقَب
من الجَرَب دون غيرها من بَدَن البَعير الأَجْرَب. وكَتِيبةٌ مُشْعَلةٌ:
مَبْثُوثة انْتَشَرَت. وأَشْعَلَ الخَيْلَ في الغارة: بَثَّها؛ قال:
والخَيْلُ مُشْعَلةٌ في ساطِعٍ ضَرِمٍ،
كأَنَّهُنَّ جَرادٌ أَو يَعَاسِيبُ
وأَشْعَلَتِ الغارةُ: تَفَرَّقَت. والغارة المُشْعِلَة: المنتشِرة
المتفرِّقة. ويقال: كَتِيبة مُشْعِلة، بكسر العين، إِذا انْتَشَرَتْ؛ قال جرير
يخاطب رجلاً، قال ابن بري: والصحيح أَنه للأَخطل:
عايَنتَ مُشْعِلَةَ الرِّعالِ، كأَنَّها
طَيْرٌ تُغَاوِلُ في شَمَامِ وُكُورا
وشَمَامِ: جَبَلٌ بالعالية. وجَرَادٌ مُشْعِلٌ: كثير متفرِّق إِذا
انتَشَرَ وجَرَى في كل وجه. يقال: جاء جَيْشٌ كالجَراد المُشْعِل، وهو الذي
يَخْرُج في كل وجه، وأَما قولهم جاء فلان كالحَرِيقِ المُشْعَل، فمفتوحة
العين، لأَنه من أَشْعَل النارَ في الحَطَب أَي أَضْرَمَها؛ وأَنشد ابن بري
لجرير:
واسْأَلْ، إِذا خَرِجَ الخِدَامُ، وأُحْمِشَتْ
حَرْبٌ تَضَرَّمُ كالحَرِيقِ المُشْعَلِ
وأَشْعَلَ الإِبِلَ: فَرَّقَها؛ عن اللحياني. وأَشْعَلْت جَمْعَه إِذا
فَرَّقته؛ قال أَبو وَجْزَة:
فَعاد زمانٌ بَعْدَ ذاك مُفَرِّقٌ،
وأُشعِل وَلْيٌ من نَوًى كلَّ مُشْعَل
والشُّعْلول: الفِرْقة من الناس وغيرِهم. وذَهَبُوا شَعَالِيلَ
بقِرْدَحْمَةٍ، وما في قِرْدَحْمَة من اللغات مذكور في موضعه. وذَهَب القومُ
شَعَالِيلَ مثل شَعَارِيرَ إِذا تفرَّقوا؛ قال أَبو وَجْزَة:
حتى إِذا ما دَنَتْ منه سَوابِقُها،
ولِلُّغَامِ بِعِطْفَيْه شَعَالِيلُ
وشعَلَ في الشيء يَشْعَلُ شَعْلاً: أَمْعَنَ. وغلامٌ شَعْلٌ أَي خَفِيف
مُتَوَقِّد، ومَعْلٌ مثلُه؛ وقال:
يُلِحْنَ مِن سَوْقِ غلامٍ شَعْلِ،
قام فنادَى برَواحٍ مَعْلِ
وكان تأَبَّط شَرًّا يقال له شَعْلٌ؛ ومنه قوله:
سَرَى ثابتٌ مَسْرًى ذَمِيماً، ولم أَكن
سَلَلْتُ عليه، شَلَّ مني الأَصابِعُ
ويَأْمُرني شَعْلٌ لأَقْتُل مُقْبِلاً،
فَقُلْتُ لشَعْلٍ: بِئْسَما أَنت شافِعُ
والمِشْعَل: شيء من جُلُود له أَربع قوَائم يُنْتَبذُ فيه؛ قال ذو
الرُّمَّة:
أَضَعنَ مَوَاقِتَ الصَّلوَاتِ عَمْداً،
وحالَفْنَ المَشاعِلَ والجِرَارا
قال ابن بري: ومثه قول الراجز:
يا حَشَراتِ القاعِ من جُلاجِل،
قد كَشَّ ما هاجَ من المَشَاعِل
(* قوله «قد كش ما هاج» تقدم في ترجمة كشش: قد نش ما كش).
الحَشَرات: القَنَافِذ والضَّباب، كَشَّ ونَشَّ واحدٌ أَي عَلَيْكُنَّ
بالهَرَب من هذه المواضع لا تُؤْكَلْنَ؛ المِشْعَل، بكسر الميم: شيء
يَتَّخِذه أَهل البادية من أَدَمٍ يُخْرَزُ بعضه إِلى بعضٍ كالنِّطعْ ثم
يُشَدُّ إِلى أَربع قوائم من خشب فيصير كالحوض يُنْبَذُ فيه لأَنه ليس لهم
حِبَابٌ. وفي الحديث: أَنه شَقَّ المَشَاعِلَ يوم خَيْبَر؛ قال: هي زِقَاق
كانوا يَنْتَبِذُون فيها، واحدها مِشْعَلٌ ومِشْعالٌ. ورَجُلٌ شاعِلٌ أَي
ذُو إِشْعال مثل تامِرٍ ولابِنٍ، وليس له فعل، قال عمرو بن الإِطْنابة،
والإِطْنَابَةُ أُمُّه وهي امرأَة من بني كِنانة بن القَيْس بن جَسْرِ بن
قُضَاعة، واسم أَبيه زَيْدُ مَنَاة:
إِني مِنَ القومِ الذين إِذا ابْتَدَوْا،
بَدَؤُوا بحَقِّ اللهِ ثُمَّ السائل
المانِعِين من الخَنَى جاراتِهم،
والحاشِدين على طَعامِ النَّازِل
ليْسُوا بأَنْكاسٍ، ولا مِيلٍ، إِذا
ما الحرب شُبَّتْ أَشعَلُوا بالشّاعِل
وأَشْعَلَتِ القِرْبةُ والمَزَادةُ إِذا سالَ ماؤُها متفرِّقاً.
وأَشعَلَتِ الطَّعْنةُ أَي خَرَج دَمُها مُتَفَرِّقاً. وأَشعَلَ السَّقْيَ:
أَكثَر الماءَ؛ عن ابن الأَعرابي. وشَعْلٌ: اسم رجل. وبنو شُعَل: حَيٌّ من
تَمِيم. وشَعْلان: موضع. والشَّعَلَّعُ: الطويلُ.
ثور: ثارَ الشيءُ ثَوْراً وثُؤوراً وثَوَراناً وتَثَوَّرَ: هاج؛ قال
أَبو كبير الهذلي:
يَأْوي إِلى عُظُمِ الغَرِيف، ونَبْلُه
كَسَوامِ دَبْرِ الخَشْرَمِ المُتَثَوِّرِ
وأَثَرْتُه وهَثَرْتُهُ على البدل وثَوَّرْتهُ، وثَورُ الغَضَب:
حِدَّته. والثَّائر: الغضبان، ويقال للغضبان أَهْيَجَ ما يكونُ: قد ثار ثائِرُه
وفارَ فائِرُه إِذا غضب وهاج غضبه.
وثارَ إِليه ثَوْراً وثُؤوراً وثَوَراناً: وثب. والمُثاوَرَةُ:
المواثَبَةُ. وثاوَرَه مُثاوَرَة وثِوَاراً؛ عن اللحياني: واثبَه وساوَرَه.
ويقال: انْتَظِرْ حتى تسكن هذه الثَّوْرَةُ، وهي الهَيْجُ. وثار الدُّخَانُ
والغُبار وغيرهما يَثُور ثَوْراً وثُؤوراً وثَوَراناً: ظهر وسطع، وأَثارَهُ
هو؛ قال:
يُثِرْنَ من أَكْدرِها بالدَّقْعَاءْ،
مُنْتَصِباً مِثْلَ حَرِيقِ القَصْبَاءِ
الأَصمعي: رأَيت فلاناً ثائِرَ الرأْس إِذا رأَيته قد اشْعانَّ شعره أَي
انتشر وتفرق؛ وفي الحديث: جاءه رجلٌ من أَهل نَجْدٍ ثائرَ الرأْس يسأَله
عن الإِيمان؛ أَي منتشر شَعر الرأْس قائمَهُ، فحذف المضاف؛ ومنه الحديث
الآخر: يقوم إِلى أَخيه ثائراً فَرِيصَتُهُ؛ أَي منتفخ الفريصة قائمها
غَضَباً، والفريصة: اللحمة التي بين الجنب والكتف لا تزال تُرْعَدُ من
الدابة، وأَراد بها ههنا عَصَبَ الرقبة وعروقها لأَنها هي التي تثور عند
الغضب، وقيل: أَراد شعر الفريصة، على حذف المضاف.
ويقال: ثارَتْ نفسه إِذا جَشَأَتْ وإِن شئتَ جاشَت؛ قال أَبو منصور:
جَشَأَتْ أَي ارتَفعت، وجاشت أَي فارت. ويقال: مررت بِأَرانِبَ فأَثَرْتُها.
ويقال: كيف الدَّبى؟ فيقال: ثائِرٌ وناقِرٌ، فالثَّائِرُ ساعَةَ ما يخرج
من التراب، والناقر حين ينقر أَي يثب من الأَرض. وثارَ به الدَّمُ وثارَ
بِه الناسُ أَي وَثَبُوا عليه.
وثَوَّرَ البَرْكَ واستثارها أَي أَزعجها وأَنهضها. وفي الحديث: فرأَيت
الماء يَثُور من بين أَصابعه أَي يَنْبُعُ بقوّة وشدّة؛ والحديث الآخر:
بل هي حُمَّى تَثُورُ أَو تَفُور. وثارَ القَطَا من مَجْثَمِه وثارَ
الجَرادُ ثَوْراً وانْثار: ظَهَرَ.
والثَّوْرُ: حُمْرَةُ الشَّفَقِ الثَّائِرَةُ فيه، وفي الحديث: صلاة
العشاء الآخرة إِذا سَقَط ثَوْرُ الشَّفَقِ، وهو انتشار الشفق، وثَوَرانهُ
حُمْرَته ومُعْظَمُه. ويقال: قد ثارَ يَثُورُ ثَوْراً وثَوَراناً إِذا
انتشر في الأُفُقِ وارتفع، فإِذا غاب حَلَّتْ صلاة العشاء الآخرة، وقال في
المغرب: ما لم يَسْقُطْ ثَوْرُ الشَّفَقِ. والثَّوْرُ: ثَوَرَانُ
الحَصْبَةِ. وثارَتِ الحَصْبَةُ بفلان ثَوْراً وثُؤوراً وثُؤَاراً وثَوَراناً:
انتشرت: وكذلك كل ما ظهر، فقد ثارَ يَثُور ثَوْراً وثَوَراناً. وحكى
اللحياني: ثارَ الرجل ثورَاناً ظهرت فيه الحَصْبَةُ. ويقال: ثَوَّرَ فلانٌ
عليهم شرّاً إِذا هيجه وأَظهره. والثَّوْرُ: الطُّحْلُبُ وما أَشبهه على رأْس
الماء. ابن سيده: والثَّوْرُ ما علا الماء من الطحلب والعِرْمِضِ
والغَلْفَقِ ونحوه، وقد ثارَ الطُّحْلُب ثَوْراً وثَوَراناً وثَوَّرْتُه
وأَثَرْتُه. وكل ما استخرجته أَو هِجْتَه، فقد أَثَرْتَه إِثارَةً وإِثاراً؛
كلاهما عن اللحياني. وثَوَّرْتُه واسْتَثَرْتُه كما تستثير الأَسَدَ
والصَّيْدَ؛ وقول الأَعشى:
لَكَالثَّوْرِ، والجنِّيُّ يَضْرِب ظَهْرَه،
وما ذَنْبُه أَنْ عافَتِ الماءَ مَشْربا؟
أَراد بالجِنّي اسم راع، وأَراد بالثور ههنا ما علا الماء من القِمَاسِ
يضربه الراعي ليصفو الماء للبقر؛ وقال أَبو منصور وغيره: يقول ثور البقر
أَجرأُ فيقدّم للشرب لتتبعه إِناث البقر؛ وأَنشد:
أَبَصَّرْتَني بأَطِيرِ الرِّجال،
وكَلَّفْتَني ما يَقُول البَشَرْ
كما الثورِ يَضْرِبُه الرَّاعيان،
وما ذَنْبُه أَنْ تَعافَ البَقَرْ؟
والثَّوْرُ: السَّيِّدُ، وبه كني عمرو بن معد يكرب أَبا ثَوْرٍ. وقول
علي، كرم الله وجهه: إِنما أُكِلْتُ يومَ أُكِلَ الثَّوْرُ الأَبْيَضُ؛ عنى
به عثمان، رضي
الله عنه، لأَنه كان سَيِّداً، وجعله أَبيض لأَنه كان أَشيب، وقد يجوز
أَن يعني به الشهرة؛ وأَنشد لأَنس ابن مدرك الخثعمي:
إِنِّي وقَتْلي سُلَيْكاً ثم أَعْقِلَهُ،
كالثورِ يُضْرَبُ لما عافَتِ البَقَرُ
غَضِبْتُ لِلمَرْءِ إِذ يَنْكُتْ حَلِيلَتَه،
وإِذْ يُشَدُّ على وَجْعائِها الثَّفَرُ
قيل: عنى الثور الذي هو الذكر من البقر لأَن البقر تتبعه فإِذا عاف
الماء عافته، فيضرب ليرد فترد معه، وقيل: عنى بالثَّوْرِ الطُّحْلُبَ لأَن
البَقَّارَ إِذا أَورد القطعة من البقر فعافت الماء وصدّها عنه الطحلب ضربه
ليفحص عن الماء فتشربه. وقال الجوهري في تفسير الشعر: إِن البقر إِذا
امتنعت من شروعها في الماء لا تضرب لأَنها ذات لبن، وإِنما يضرب الثور
لتفزع هي فتشرب، ويقال للطحلب: ثور الماء؛ حكاه أَبو زيد في كتاب المطر؛ قال
ابن بري: ويروى هذا الشعر:
إِنِّي وعَقْلي سُلَيْكاً بعدَ مَقْتَلِه
قال: وسبب هذا الشعر أَن السُّلَيْكَ خرج في تَيْمِ الرِّباب يتبع
الأَرياف فلقي في طريقه رجلاً من خَثْعَمٍ يقال له مالك بن عمير فأَخذه ومعه
امرأَة من خَفاجَة يقال لها نَوَارُ، فقال الخَثْعَمِيُّ: أَنا أَفدي نفسي
منك، فقال له السليك: ذلك لك على أَن لا تَخِيسَ بعهدي ولا تطلع عليّ
أَحداً من خثعم، فأَعطاه ذلك وخرج إِلى قومه وخلف السليك على امرأَته
فنكحها، وجعلت تقول له: احذر خثعم فقال:
وما خَثْعَمٌ إِلاَّ لِئامٌ أَذِلَّةٌ،
إِلى الذُّلِّ والإِسْخاف تُنْمى وتَنْتَمي
فبلغ الخبرُ أَنسَ بن مُدْرِكَةَ الخثعمي وشبْلَ بن قِلادَةَ فحالفا
الخَثْعَمِيَّ زوجَ المرأَة ولم يعلم السليك حتى طرقاه، فقال أَنس لشبل: إِن
شِئت كفيتك القوم وتكفيني الرجل، فقال: لا بل اكفني الرجل وأَكفيك
القوم، فشدَّ أَنس على السليك فقتله وشدَّ شبل وأَصحابه على من كان معه، فقال
عوف بن يربوع الخثعمي وهو عم مالك بن عمير: والله لأَقتلن أَنساً
لإِخفاره ذمة ابن عمي وجرى بينهما أَمر وأَلزموه ديته فأَبى فقال هذا الشعر؛
وقوله:
كالثور يضرب لما عافت البقر
هو مثل يقال عند عقوبة الإِنسان بذنب غيره، وكانت العرب إِذا أَوردوا
البقر فلم تشرب لكدر الماء أَو لقلة العطش ضربوا الثور ليقتحم الماء فتتبعه
البقر؛ ولذلك يقول الأَعشى:
وما ذَنْبُه إِن عافَتِ الماءَ باقِرٌ،
وما أَن يَعَاف الماءَ إِلاَّ لِيُضْرَبا
وقوله:
وإِذ يشدّ على وجعائها الثفر
الوجعاء: السافلة، وهي الدبر. والثفر: هو الذي يشدّ على موضع الثَّفْرِ،
وهو الفرج، وأَصله للسباع ثم يستعار للإِنسان.
ويقال: ثَوَّرْتُ كُدُورَةَ الماء فَثارَ. وأَثَرْتُ السَّبُعَ
والصَّيْدَ إِذا هِجْتَه. وأَثَرْتُ فلاناً إِذا هَيَّجْتَهُ لأَمر. واسْتَثَرْتُ
الصَّيْدَ إِذا أَثَرْتَهُ أَيضاً. وثَوَّرْتُ الأَمر: بَحَثْتُه
وثَوَّرَ القرآنَ: بحث عن معانيه وعن علمه. وفي حديث عبدالله: أَثِيرُوا القرآن
فإِن فيه خبر الأَولين والآخرين، وفي رواية: علم الأَوَّلين والآخرين؛
وفي حديث آخر: من أَراد العلم فليُثَوِّر القرآن؛ قال شمر: تَثْوِيرُ
القرآن قراءته ومفاتشة العلماء به في تفسيره ومعانيه، وقيل: لِيُنَقِّرْ عنه
ويُفَكِّرْ في معانيه وتفسيره وقراءته، وقال أَبو عدنان: قال محارب صاحب
الخليل لا تقطعنا فإِنك إِذا جئت أَثَرْتَ العربية؛ ومنه قوله:
يُثَوِّرُها العينانِ زَيدٌ ودَغْفَلٌ
وأَثَرْتُ البعير أُثيرُه إِثارةً فَثارَ يَثُورُ وتَثَوَّرَ تَثَوُّراً
إِذا كان باركاً وبعثه فانبعث. وأَثارَ الترابَ بقوائمهِ إِثارَةً:
بَحَثه؛ قال:
يُثِيرُ ويُذْري تُرْبَها ويَهيلُه،
إِثارَةَ نَبَّاثِ الهَواجِرِ مُخْمِسِ
قوله: نباث الهواجر يعني الرجل الذي إِذا اشتد عليه الحر هال التراب
ليصل إِلى ثراه، وكذلك يفعل في شدة الحر.
وقالوا: ثَورَة رجال كَثروَةِ رجال؛ قال ابن مقبل:
وثَوْرَةٍ من رِجالِ لو رأَيْتَهُمُ،
لقُلْتَ: إِحدى حِراجِ الجَرَّ مِن أُقُرِ
ويروى وثَرْوةٍ. ولا يقال ثَوْرَةُ مالٍ إِنما هو ثَرْوَةُ مالٍ فقط.
وفي التهذيب: ثَوْرَةٌ من رجال وثَوْرَةٌ من مال للكثير. ويقال: ثَرْوَةٌ
من رجال وثَرْوَةٌ من مال بهذا المعنى. وقال ابن الأَعرابي: ثَوْرَةٌ من
رجال وثَرْوَةٌ يعني عدد كثير، وثَرْوَةٌ من مالٍ لا غير.
والثَّوْرُ: القِطْعَةُ العظيمة من الأَقِطِ، والجمع أَثْوَارٌ
وثِوَرَةٌ، على القياس. ويقال: أَعطاه ثِوَرَةً عظاماً من الأَقِطِ جمع ثَوْرٍ.
وفي الحديث: توضؤوا مما غَيَّرتِ النارُ ولو من ثَوْرَ أَقِطٍ؛ قال أَبو
منصور: وذلك في أَوّل الإِسلام ثم نسخ بترك الوضوء مما مست النار، وقيل:
يريد غسل اليد والفم منه، ومَنْ حمله على ظاهره أوجب عليه وجوب الوضوء
للصلاة. وروي عن عمرو بن معد يكرب أَنه قال: أَتيت بني فلان فأَتوني بثَوْرٍ
وقَوْسٍ وكَعْبٍ؛ فالثور القطعة من الأَقط، والقوس البقية من التمر تبقى
في أَسفل الجُلَّةِ، والكعب الكُتْلَةُ من السمن الحَامِسِ. وفي الحديث:
أَنه أَكلَ أَثْوَارَ أَقِطٍ؛ الاَّثوار جمع ثَوْرٍ، وهي قطعة من
الأَقط، وهو لبن جامد مستحجر. والثَّوْرُ: الأَحمق؛ ويقال للرجل البليد الفهم:
ما هو إِلا ثَوْرٌ. والثَّوْرُ: الذكر من البقر؛ وقوله أَنشده أَبو علي
عن أَبي عثمان:
أَثَوْرَ ما أَصِيدُكُمْ أَو ثَوْريْنْ
أَمْ تِيكُمُ الجمَّاءَ ذاتَ القَرْنَيْنْ؟
فإِن فتحة الراء منه فتحة تركيب ثور مع ما بعده كفتحة راء حضرموت، ولو
كانت فتحة إِعراب لوجب التنوين لا محالة لأَنه مصروف، وبنيت ما مع الاسم
وهي مبقاة على حرفيتها كما بنيت لا مع النكرة في نحو لا رجل، ولو جعلت ما
مع ثور اسماً ضممت إِليه ثوراً لوجب مدّها لأَنها قد صارت اسماً فقلت
أَثور ماء أَصيدكم؛ كما أَنك لو جعلت حاميم من قوله:
يُذَكِّرُني حامِيمَ والرُّمْحُ شاجِرٌ
اسمين مضموماً أَحدهما إِلى صاحبه لمددت حا فقلت حاء ميم ليصير كحضرموت،
كذا أَنشده الجماء جعلها جماء ذات قرنين على الهُزْءِ، وأَنشدها بعضهم
الحَمَّاءَ؛ والقول فيه كالقول في ويحما من قوله:
أَلا هَيَّما مما لَقِيتُ وهَيَّما،
وَوَيْحاً لمَنْ لم يَلْقَ مِنْهُنَّ ويْحَمَا
والجمع أَثْوارٌ وثِيارٌ وثِيارَةٌ وثِوَرَةٌ وثِيَرَةٌَ وثِيرانٌ
وثِيْرَةٌ، على أَن أَبا عليّ قال في ثِيَرَةٍ إِنه محذوف من ثيارة فتركوا
الإِعلال في العين أَمارة لما نووه من الأَلف، كما جعلوا الصحيح نحو اجتوروا
واعْتَوَنُوا دليلاً على أَنه في معنى ما لا بد من صحته، وهو تَجاوَروا
وتَعاونُوا؛ وقال بعضهم: هو شاذ وكأَنهم فرقوا بالقلب بين جمع ثَوْرٍ من
الحيوان وبين جمع ثَوْرٍ من الأَقِطِ لأَنهم يقولون في ثَوْر الأَقط
ثِوَرةٌ فقط وللأُنثى ثَوْرَةٌ؛ قال الأَخطل:
وفَرْوَةَ ثَفْرَ الثَّوْرَةِ المُتَضاجِمِ
وأَرض مَثْوَرَةٌ: كثيرة الثَّيرانِ؛ عن ثعلب. الجوهري عند قوله في جمع
ثِيَرَةٍ: قال سيبويه: قلبوا الواو ياء حيث كانت بعد كسرة، قال: وليس هذا
بمطرد. وقال المبرّد: إِنما قالوا ثِيَرَةٌ ليفرقوا بينه وبين ثِوَرَة
الأَقط، وبنوه على فِعْلَةٍ ثم حركوه، ويقال: مررت بِثِيَرَةٍ لجماعة
الثَّوْرِ. ويقال: هذه ثِيَرَةٌ مُثِيرَة أَي تُثِيرُ الأَرضَ. وقال الله
تعالى في صفة بقرة بني إِسرائيل: تثير الأَرض ولا تسقي الحرث؛ أَرض مُثارَةٌ
إِذا أُثيرت بالسِّنِّ وهي الحديدة التي تحرث بها الأَرض. وأَثارَ
الأَرضَ: قَلَبَها على الحب بعدما فُتحت مرّة، وحكي أَثْوَرَها على التصحيح.
وقال الله عز وجل: وأَثارُوا الأَرضَ؛ أَي حرثوها وزرعوها واستخرجوا منها
بركاتها وأَنْزال زَرْعِها. وفي الحديث: أَنه كتب لأَهل جُرَش بالحمَى
الذي حماه لهم للفَرَس والرَّاحِلَةِ والمُثِيرَةِ؛ أَراد بالمثيرة بقر
الحَرْث لأَنها تُثيرُ الأَرض. والثّورُ: يُرْجٌ من بروج السماء، على
التشبيه. والثَّوْرُ: البياض الذي في أَسفل ظُفْرِ الإِنسان. وثَوْرٌ: حيٌّ من
تميم. وبَنُو ثَورٍ: بَطنٌ من الرَّبابِ وإِليهم نسب سفيان الثَّوري.
الجوهري: ثَوْر أَبو قبيلة من مُضَر وهو ثور بن عَبْدِ منَاةَ بن أُدِّ بن
طابِخَةَ بن الياس بن مُضَر وهم رهط سفيان الثوري. وثَوْرٌ بناحية الحجاز:
جبل قريب من مكة يسمى ثَوْرَ أَطْحَل. غيره: ثَوْرٌ جبل بمكة وفيه الغار
نسب إِليه ثَوْرُ بنُ عبد مناة لأَنه نزله. وفي الحديث: انه حَرَّمَ ما
بين عَيْرٍ إِلى ثَوْرٍ. ابن الأَثير قال: هما جبلان، أَما عير فجبل
معروف بالمدينة، وأَما ثور فالمعروف أَنه بمكة، وفيه الغار الذي بات فيه
سيدنا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، لما هاجر، وهو المذكور في القرآن؛ وفي
رواية قليلة ما بين عَيْرٍ وأُحُد، وأُحد بالمدينة، قال: فيكون ثور
غلطاً من الراوي وإِن كان هو الأَشهر في الرواية والأَكثر، وقيل: ان عَيْراً
جبل بمكة ويكون المراد أَنه حرم من المدينة قدر ما بين عير وثور من مكة
أَو حرم المدينة تحريماً مثل تحريم ما بين عير وثور بمكة على حذف المضاف
ووصف المصدر المحذوف. وقال أَبو عبيد: أَهل المدينة لا يعرفون بالمدينة
جبلاً يقال له ثور
(* قوله «وقال أَبو عبيد إلخ» رده في القاموس بان حذاء
أحد جانحاً إلى ورائه جبلاً صغيراً يقال له ثور). وإِنما ثور بمكة. وقال
غيره: إِلى بمعنى مع كأَنه جعل المدينة مضافة إِلى مكة في التحريم.