Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=68824#5b1ec3
(اسْتَخْلَفَــهُ) جعله خَلِيفَته
خلف: الليث: الخَلْفُ ضدّ قُدّام. قال ابن سيده: خَلْفٌ نَقِيضُ قُدَّام
مؤنثة وهي تكون اسماً وظَرفاً، فإذا كانت اسماً جَرت بوجوه الإعراب،
وإذا كانت ظرفاً لم تزل نصباً على حالها. وقوله تعالى: يعلم ما بينَ أَيديهم
وما خَلْفَهم؛ قال الزجاج: خلفهم ما قد وقع من أَعمالهم وما بين أَيديهم
من أَمرِ القيامة وجميع ما يكون. وقوله تعالى: وإذا قيل لهم اتَّقُوا ما
بين أَيديكم وما خَلْفكم؛ ما بين أَيديكم ما أَسْلَفْتُم من ذُنوبكم،
وما خلفكم ما تستعملونه فيما تستقبلون، وقيل: ما بين أَيديكم ما نزل
بالأُمم قبلكم من العذاب، وما خَلْفكم عذابُ الآخرة.
وخَلَفَه يَخْلُفه: صار خَلْفَه. واخْتَلَفَه: أَخذَه من خَلْفِه.
واخْتَلَفَه وخَلَّفَه وأَخْلَفه: جعله خَلْفَه؛ قال النابغة:
حتى إذا عَزَلَ التَّوائمَ مُقْصِراً،
ذاتَ العِشاء، وأَخْلَفَ الأَرْكاحا
وجَلَسْتُ خَلْفَ فلان أَي بعدَه. والخَلْفُ: الظَهْر. وفي حديث عبد
اللّه بن عتبة قال: جئتُ في الهاجرة فوجدْتُ عمرَ بن الخطاب، رضي اللّه عنه،
يصلي فقمت عن يساره فأَخْلَفَني، فجعلني عن يمينه فجاء يَرْفَأُ،
فتأَخَّرْتُ فصيلتُ خَلْفُه؛ قال أَبو منصور: قوله فأَخلفني أَي رَدَّني إلى
خَلْفِه فجعلني عن يمينه بعد ذلك أَو جعلني خَلْفَه بحِذاء يمينه. يقال:
أَخْلَفَ الرجلُ يدَه أَي رَدَّها إلى خَلْفِه. ابن السكيت: أَلْحَحْتُ على
فلان في الاتِّباع حتى اخْتَلَفْتُه أَي جعلته خَلْفي؛ قال اللحياني: هو
يَخْتَلِفُني النصيحةَ أَي يخْلُفني. وفي حديث سعد: أَتَخَلَّفُ عن
هِجْرتي؛ يريد خَوْفَ الموت بمكة لأَنها دار تركوها للّه تعالى، وهاجَرُوا
إلى المدينة فلم يُحِبُّوا أَن يكون موتهم بها، وكان يومئذ مريضاً.
والتخلُّفُ: التأَخُّرُ. وفي حديث سعد: فخَلَّفَنا فكُنّا آخِر الأَربع
أَي أَخَّرَنا ولم يُقَدِّمْنا، والحديث الآخر: حتى إنّ الطائر ليَمُرُّ
بجَنَباتهم فما يُخَلِّفُهم أَي يتقدَّم عليهم ويتركهم وراءه؛ ومنه
الحديث: سَوُّوا صُفوفَكم ولا تَخْتَلِفوا فتَخْتَلِفَ قلوبُكم أَي إذا تقدَّم
بعضُهم على بعض في الصُّفوف تأَثَّرَت قُلوبهم ونشأَ بينهم الخُلْفُ.
وفي الحديث: لَتُسَوُّنَّ صُفوفَكم أَو لَيُخالِفَنَّ اللّهُ بين
وُجُوهِكم؛ يريد أَنَّ كلاًّ منهم يَصْرِفُ وجهَه عن الآخر ويُوقَعُ بينهم
التباغُضُ، فإنَّ إقْبالَ الوجْهِ على الوجهِ من أَثَرِ الـمَوَدَّةٍ
والأُلْفةِ، وقيل: أَراد بها تحويلَها إلى الأَدْبارِ، وقيل: تغيير صُوَرِها إلى
صُوَرٍ أُخرى. وفي حديث الصلاة: ثم أُخالِفَ إلى رجال فأُحَرِّقَ عليهم
بيوتَهم أَي آتِيَهم من خلفهم، أَو أُخالف ما أَظْهَرْتُ من إقامةِ الصلاةِ
وأَرجع إليهم فآخُذهم على غَفْلةٍ، ويكون بمعنى أَتَخَلَّفُ عن الصلاة
بمُعاقبتهم. وفي حديث السَّقِيفةِ: وخالَف عَنّا عليٌّ والزُّبَيْرُ أَي
تَخَلَّفا. والخَلْفُ: المِرْبَدُ يكون خَلْفَ البيت؛ يقال: وراء بيتك
خَلْفُ جيّد، وهو المِرْبَدُ وهو مَحْبِسُ الإبل؛ قال الشاعر:
وجِيئا مِنَ البابِ الـمُجافِ تَواتُراً،
ولا تَقْعُدا بالخَلْفِ، فالخَلْفُ واسِعُ
(* قوله «وجيئا إلخ» تقدم انشاده للمؤلف وشارح القاموس في مادّة جوف:
وجئنا من الباب المجاف تواتراً * وان تقعدا بالخلف
فالخلف واسع.)
وأَخْلَفَ يدَه إلى السيفِ إذا كان مُعَلَّقاً خَلْفَه فهوى إليه. وجاء
خِلافَه أَي بعده. وقرئ: وإذاً لا يَلْبَثُون خَلفَكَ إلا قليلاً،
وخِلافك.
والخِلْفةُ: ما عُلِّقَ خَلْفَ الرَّاكِبِ؛ وقال:
كما عُلِّقَتْ خِلْفَةُ الـمَحْمِلِ
وأَخْلَف الرجلُ: أهْوَى بيدِه إلى خَلْفِه ليأْخُذَ من رَحْلِه سيفاً
أَو غيرَه، وأَخْلَفَ بيدِه وأَخْلفَ يدَه كذلك. والإخْلافُ: أَن يَضْرِبَ
الرجُل يده إلى قِرابِ سيفِه ليأْخُذَ سيفَه إذا رأَى عدوًّا. الجوهري:
أَخْلَفَ الرجلُ إذا أَهْوَى بيده إلى سيفه ليَسُلَّه. وفي حديث عبد
الرحمن بن عوف: أَن رجلاً أَخْلَفَ السيف يوم بدر
(* قوله «اخلف السيف يوم
إلخ» كذا بالأصل، والذي في النهاية مع اصلاح فيها: وفي حديث عبدالرحمن بن
عوف فأحاطوا بنا وأنا أذب عنه فأخلف رجل بالسيف يوم بدر. يقال إلخ.). يقال:
أَخْلَفَ يده إذا أَراد سيفه وأخْلفَ يدَه إلى الكنانةِ. ويقال: خَلَفَ
له بالسيفِ إذا جاء من وَرائه فضرَبه . وفي الحديث: فأَخْلَفَ بيده وأَخذ
يدفع الفَضْلَ.
واسْتَخْلَفَ فلاناً من فلان: جعله مكانه.
وخَلَفَ فلان فلاناً إذا كان خَلِيفَتَه. يقال: خَلَفه في قومه خِلافةً.
وفي التنزيل العزيز: وقال موسى لأَخِيه هرون اخْلُفْني في قَوْمي.
وخَلَفْتُه أَيضاً إذا جئت بعده.
ويقال: خَلَّفْتُ فلاناً أُخَلِّفُه تَخْلِيفاً واسْتَخْلفْــتُه أَنا
جَعَلتُه خَليفَتي. واسْتَخْلفــه: جعله خليفة.
والخَلِيفةُ: الذي يُسْتخْلَفُ مـمن قبله، والجمع خلائف، جاؤوا به على
الأصل مثل كريمةٍ وكرائِمَ، وهو الخَلِيفُ والجمع خُلَفاء، وأَما سيبويه
فقال خَلِيفةٌ وخُلَفاء، كَسَّروه تكسير فَعِيلٍ لأَنه لا يكون إلا
للمذكر؛ هذا نقل ابن سيده. وقال غيره: فَعِيلة بالهاء لا تجمع على فُعَلاء، قال
ابن سيده: وأَما خَلائِفُ فعلى لفظ خَلِيفةٍ ولم يعرف خليفاً، وقد حكاه
أَبو حاتم؛ وأَنشد لأَوْس بن حَجَر:
إنَّ مِنَ الحيّ موجوداً خَلِيفَتُهُ،
وما خَلِيفُ أبي وَهْبٍ بمَوْجُودِ
والخِلافةٌ: الإمارةُ وهي الخِلِّيفَى. وإنه لخَلِيفةٌ بَيِّنُ
الخِلافةِ والخِلِّيفى. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لولا الخِلِّيفَى
لأَذَّنْتُ، وفي رواية: لو أَطَقْتُ الأَذَان مع الخِلّيفى، بالكسر والتشديد
والقَصْر، الخِلافةِ، وهو وأَمثاله من الأَبْنِيَةِ كالرِّمِّيَّا
والدِّلِّيلَى مصدر يدل على معنى الكثرة، يريد به كثرة اجتِهاده في ضَبْطِ أُمورِ
الخِلافَةِ وتَصْرِيفِ أَعِنَّتِها. ابن سيده: قال الزجاج جاز أن يقال
للأَئمة خُلفاء الله في أَرْضِه بقوله عز وجل: يا داودُ إنَّا جَعَلْناك
خَلِيفةً في الأرض. وقال غيره: الخَليفةُ السلطانُ الأَعظم. وقد يؤنَّثُ؛
وأَنشد الفراء:
أَبوكَ خَلِيفةٌ وَلَدَتْه أُخْرَى،
وأَنتَ خَليفةٌ، ذاكَ الكَمالُ
قال: ولدته أُخْرَى لتأْنيث اسم الخليفة والوجه أَن يكون ولده آخَرُ،
وقال الفراء في قوله تعالى: هو الذي جعلكم خلائِفَ في الأرض، قال: جعل أُمة
محمد خَلائفَ كلِّ الأُمم، قال: وقيل خَلائفَ في الأرض يَخْلُفُ بعضكم
بعضاً؛ ابن السكيت: فإنه وقَعَ للرجال خاصّة، والأجْوَدُ أَن يُحْمَل على
معناه فإنه ربما يقع للرجال، وإن كانت فيه الهاء، أَلا تَرَى أَنهم قد
جمعوه خُلفاء؟ قالوا ثلاثةُ خُلفاء لا غير، وقد جُمعَ خَلائفَ، فمن قال
خلائفَ قال ثلاثَ خلائفَ وثلاثة خلائفَ، فمرَّة يَذْهَب به إلى المعنى ومرَة
يذهب به إلى اللفظ، قال: وقالوا خُلفاء من أَجل أَنه لا يقع إلا على
مذكر وفيه الهاء، جمعوه على إسقاط الهاء فصار مثل ظَرِيفٍ وظُرَفاء لأَن
فَعِيلة بالهاء لا تُجمَعُ على فُعلاء.
ومِخْلافُ البلدِ: سُلطانُه. ابن سيده: والمِخْلافُ الكُورةُ يَقْدَمُ
عليها الإنسان، وهو عند أَهل اليمن واحِدُ المَخالِيفُ، وهي كُوَرُها،
ولكلِّ مِخْلافٍ منها اسم يعرف به، وهي كالرُسْتاقِ؛ قال ابن بري:
المَخالِيفُ لأَهل اليمن كالأَجْنادِ لأَهل الشامِ، والكورِ لأَهل العِراقِ،
والرَّساتِيقِ لأَهل الجِبالِ، والطّساسِيج لأَهْلِ الأهْوازِ.
والخَلَفُ: ما اسْتَخْلَفْــتَه من شيء. تقول: أَعطاك اللّه خَلَفاً مما
ذهب لك، ولا يقال خَلْفاً؛ وأَنتَ خَلْفُ سُوءٍ من أَبيك. وخَلفَه
يَخْلُفُه خَلَفاً: صار مكانه. والخَلَفُ: الولد الصالح يَبْقَى بعد الإنسان،
والخَلْفُ والخالِفةُ: الطَّالِحُ؛ وقال الزجاج: وقد يسمى خلَفاً، بفتح
اللام، في الطَّلاحِ، وخَلْفاً، بْسكانها، في الصّلاحِ، والأوّلُ أَعْرَفُ.
يقال: إنه لخالِفٌ بَيِّنُ الخَلافةِ؛ قال ابن سيده: وأَرى اللحياني حكى
الكسْر. وفي هؤلاء القَوْمِ خَلَفٌ مـمن مَضى أَي يقومون مَقامهم. وفي
فلان خلَفٌ من فلان إذا كان صالحاً أَو طالحاً فهو خَلَفٌ. ويقال: بئسَ
الخَلَفُ هُمْ أَي بئس البَدَلُ. والخَلْفُ: القَرْن يأْتي بعد القَرْن، وقد
خلَفوا بعدهم يخلُفون. وفي التنزيل العزيز: فخَلَفَ من بعدهم خلْفٌ
أَضاعوا الصلاةَ، بدلاً من ذلك لأَنهم إذا أَضاعوا الصلاةَ فهم خَلْفُ سُوء
لا مَحالةَ، ولا يكونُ الخَلَفُ إلاَّ من الأَخْيارِ، قَرْناً كان أَو
ولَداً، ولا يكونُ الخَلْفُ إلا من الأَشرارِ. وقال الفراء: فَخَلَفَ من
بعدهم خَلْفٌ ورثُوا الكتاب، قال: قَرْنٌ. ابن شميل: الخَلَفُ يكون في
الخَير والشرّ، وكذلك الخَلْفُ، وقيل: الخَلْفُ الأَرْدِياء الأَخِسَّاء.
يقال: هؤلاء خَلْفُ سوءٍ لناسٍ لاحِقِينَ بناس أَكثر منهم، وهذا خَلْف سَوْء؛
قال لبيد:
ذَهَبَ الذينَ يُعاشُ في أَكنافِهمْ،
وبَقِيتُ في خَلْفٍ كجِلْدِ الأَجربِ
قال ابن سيده: وهذا يحتمل أَن يكون منهما جميعاً، والجمع فيهما أَخْلافٌ
وخُلُوفٌ. وقال اللحياني: بقِينا في خَلْفِ سَوْءٍ أَي بقيّة سَوْء.
وبذلك فُسِّرَ قوله تعالى: فَخَلَفَ من بعدهم خَلْفٌ، أَي بَقِيّة. أَبو
الدُّقَيْشِ: يقال مضى خَلْفٌ من الناس، وجاء خَلْفٌ من الناس، وجاء خَلْفٌ
لا خيرَ فيه، وخلفٌ صالح، خفَّفهما جميعاً. ابن السكيت: قال هذا خَلْف،
بإِسكان اللام، للرَّديء، والخَلْفُ الرَّديء من القول؛ يقال: هذا خَلْفٌ
من القولِ أَي رَديء. ويقال في مَثَلٍ: سَكَتَ أَلفاً ونَطَقَ خَلْفاً،
للرجل يُطيل الصَّمْتَ، فإذا تكلم تكلم بالخَطإ، أَي سكت عن أَلف كلمة ثم
تكلم بخطإٍ. وحكي عن يعقوب قال: إن أَعرابيّاً ضَرطَ فتَشَوَّر فأَشار
بإبهامه نحو اسْتِه فقال: إنها خَلْفٌ نَطَقَتْ خَلْفاً؛ عنى بالنُّطْق
ههنا الضَّرْطَ. والخَلَف، مَثَقَّل، إذا كان خَلفاً من شيء. وفي حديث
مرفوع: يَحْمِلُ هذا العِلْمَ من كلّ خَلَفٍ عُدُولُه يَنْفُون عنه تَحْريفَ
الغالِينَ، وانْتِحالَ المُبْطِلينَ، وتأويلَ الجاهِلينَ؛ قال القعنبي:
سمعت رجلاً يحدّث مالكَ ابن أَنس بهذا الحديث فأَعجبه . قال ابن
الأَثير:الخَلَفُ، بالتحريك والسكون، كل من يجيء بعد من مضى، إلا أَنه بالتحريك في
الخير، وبالتسكين في الشر: يقال خَلَفُ صِدْقٍ وخَلْفُ سوء، ومعناهما
جميعاً القَرْن من الناس، قال: والمراد في هذا الحديث المَفْتُوحُ، ومن
السكون الحديث: سيكُونُ بعد ستّين سنة خَلْفٌ أَضاعُوا الصلاةَ.
وفي حديث ابن مسعود: ثم إنها تَخْلُفُ من بعدهم
(* قوله «تخلف من بعدهم»
في النهاية: تختلف من بعده.) ؛ خُلوفٌ هي جمع خَلْفٍ. وفي الحديث:
فَلْيَنْفُضْ فِراشَه فإنه لا يدري ما خَلَفَه عليه أَي لعل هامَّة دَبَّتْ
فصارت فيه بعده، وخِلافُ الشيء بعدَه. وفي الحديث: فدخَل ابنُ الزبير
خِلافَه. وحديث الدَّجّال: قد خَلَفَهم في ذَرارِيِّهم
(* قوله «ذراريهم» في
النهاية: ذريتهم.) . وحديث أَبي اليَسَرِ: أَخْلَفْتَ غازِياً في سبيل
اللّه في أَهلِه بمثل هذا؟ يقال: خَلَفْتُ الرجلَ في أَهله إذا أَقمتَ بعدَه
فيهم وقمت عنه بما كان يفعله، والهمزة فيه للاستفهام. وفي حديث ماعزٍ:
كلَّما نَفَرْنا في سبيلِ اللّه خَلَفَ أَحدُهم له نَبيبٌ كنَبِيبِ
التَّيْسِ؛ وفي حديث الأَعشى الحِرْمازِي:
فَخَلَفَتْني بنِزاعٍ وحَرَبْ
أَي بَقِيَتْ بعدي؛ قال ابن الأَثير: ولو روي بالتشديد لكان بمعنى
تَرَكَتْني خَلْفها، والحَرَبُ:الغضب.
وأَخْلَفَ فلان خَلَفَ صِدْقٍ في قومه أَي ترَكَ فيهم عَقِباً. وأَعْطِه
هذا خَلَفاً من هذا أَي بدلاً.
والخالِفةُ: الأُمّةُ الباقيةُ بعد الأُمة السالِفةِ لأَنها بدل مـمن
قبلها؛ وأَنشد:
كذلك تَلْقاه القُرون الخَوالِفُ وخلَفَ فلان مكانَ أَبيه يَخْلُف
خِلافةً إذا كان في مكانه ولم يَصِرْ فيه غيرُه. وخَلَفَه رَبُّه في أَهلِه
وولدِه: أَحْسَنَ الخِلافةَ، وخَلَفَه في أَهله وولدِه ومكانِه يَخْلُفُه
خِلافةً حسَنةً: كان خَلِيفةً عليهم منه، يكون في الخير والشر، ولذلك قيل:
أَوْصى له بالخِلافةِ. وقد خَلَّف فلان فلاناً يُخَلِّفُه تَخْلِيفاً،
وخَلَف بعده يَخْلُفُ خُلوفاً، وقد خالَفَه إليهم واخْتَلَفه.
وهي الخِلْفةُ؛ وأَخْلَفَ النباتُ: أَخرج الخِلْفةَ. وأخْلَفَتِ الأَرضُ
إذا أَصابَها بَرْد آخِر الصيف فيَخْضَرُّ بعضُ شَجرِها. والخِلْفة:
زِراعةُ الحبوب لأَنها تُسْتَخْلَفُ من البر والشعير. والخِلْفةُ: نَبْتٌ
يَنْبُتُ بعد النبات الذي يَتَهَشَّم. والخِلْفةُ: ما أَنبت الصَّيْفُ من
العُشْبِ بعدما يَبِسَ العُشْبُ الرِّيفِيُّ، وقد اسْتخلفــت الأرض، وكذلك
ما زُرع من الحُبوب بعد إِدراك الأُولى خِلْفةٌ لأَنها تُسْتَخْلَفُ. وفي
حديث جرير: خيرُ الـمَرْعى الأَراكُ والسَّلَمُ إِذا أَخْلَفَ كان
لَجِيناً أَي إِذا أَخرج الخِلْفة، وهو الورق الذي يخرج بعد الورَق الأَوَّل في
الصيف. وفي حديث خُزيمةَ السُّلمي: حتى آلَ السُّلامى وأَخْلَفَ
الخُزامى أَي طَلَعَتْ خِلْفَتُه من أُصولِه بالمطر. والخِلْفةُ: الرّيحةُ وهي
ما يَنْفَطِرُ عنه الشجر في أَوَّل البرد، وهو من الصَّفَرِيَّةِ.
والخِلْفةُ: نباتُ ورَقٍ دون ورق. والخِلْفةُ: شيء يَحْمِلُه الكَرْمُ بعدما
يَسْوَدُّ العِنَبُ فيُقْطَفُ العنب وهو غَضٌّ أَخْضَرُ ثم يُدْرِك، وكذلك
هو من سائر الثَّمر. والخِلفةُ أَيضاً: أَن يأْتيَ الكَرْمُ بحِصْرِمٍ
جديدٍ؛ حكاه أَبو حنيفة. وخِلْفةُ الثَّمر: الشيء بعد الشيء.
والإخْلافُ: أَن يكون في الشجر ثَمَر فيذهب فالذي يعُود فيه خِلْفةٌ.
ويقال: قد أَخْلَفَ الشجرُ فهو يُخْلِفُ إخْلافاً إذا أَخرج ورقاً بعد ورق
قد تناثر. وخِلْفة الشجر: ثمر يخرج بعد الثمر الكثير. وأَخْلَفَ الشجرُ:
خرجت له ثمرة بعد ثمرة. وأَخْلَفَ الطائر: خرج له ريشٌ بعد ريش.
وخَلَفَتِ الفاكهةُ بعضُها بعضاً خَلَفاً وخِلْفةً إذا صارت خَلَفاً من الأُولى.
ورجلان خِلْفةٌ: يَخْلُفُ أَحدُهما الآخر. والخِلْفةُ: اختلاف الليلِ
والنهار. وفي التنزيل العزيز: وهو الذي جعَلَ الليلَ والنهارَ خلِفة؛ أَي
هذا خَلَفٌ من هذا، يذهَب هذا ويجيء هذا؛ وأَنشد لزهير:
بها العِينُ والآرامُ يَمْشِينَ خِلْفةً،
وأَطْلاؤُها يَنْهَضْنَ من كلِّ مَجْثَمِ
وقيل: معنى قول زهير يمشين خِلْفةً مُخْتَلِفاتٌ في أَنها ضَرْبان في
ألوانها وهيئتها، وتكون خِلْفة في مِشْيَتِها، تذهب كذا وتجيء كذا. وقال
الفراء: يكون قوله تعالى خِلْفةً أَي مَن فاته عمل في الليل استدركه في
النهار فجعل هذا خلَفاً من هذا. ويقال: علينا خِلْفةٌ من نهار أَي
بَقِيَّةٌ، وبَقِيَ في الحَوْضِ خِلْفةٌ من ماء؛ وكل شيء يجيء بعد شيء، فهو
خِلْفة. ابن الأعرابي: الخِلْفة وَقْت بعد وقت.
والخَوالِفُ: الذين لا يَغْزُون، واحدهم خالفةٌ كأَنهم يَخْلُفُون من
غزا. والخَوالِفُ أَيضاً: الصِّبْيانُ الـمُتَخَلِّفُون. وقَعَدَ خِلافَ
أَصحابه: لم يخرج معهم، وخَلَفَ عن أَصحابه كذلك. والخِلافُ: الـمُخالَفةُ؛
وقال اللحياني: سُرِرْتُ بمَقْعَدي خِلافَ أَصحابي أَي مُخالِفَهم،
وخَلْفَ أَصحابي أَي بعدَهم، وقيل: معناه سُرِرْتُ بمُقامي بعدَهم وبعدَ
ذهابهم.
ابن الأعرابي: الخالِفةُ القاعدِةُ من النساء في الدار. وقوله تعالى:
وإذاً لا يَلْبَثُون خِلافَك إلا قليلاً، ويقرأُ خَلْفَك ومعناهما بعدَك.
وفي التنزيل العزيز: فَرِحَ الـمُخَلَّفون بمَقْعَدِهم خِلافَ رسولِ الله،
ويقرأُ خَلْفَ رسولِ الله أَي مُخالَفةَ رسولِ الله؛ قال ابن بري:
خِلافَ في الآية بمعنى بعد؛ وأَنشد للحرِثِ بن خالِدٍ المخزومي:
عَقَبَ الرَّبيعُ خِلافَهم، فكأَنـَّما
نَشَطَ الشَّواطِبُ بَيْنَهُنَّ حَصِيرا
قال: ومثله لمُزاحِمٍ العُقَيْلِي:
وقد يَفْرُطُ الجَهْل الفَتى ثم يَرْعَوِي،
خِلافَ الصِّبا، للجاهلينَ حُلوم
قال: ومثله للبريق الهذلي:
وما كنتُ أَخْشى أَن أَعِيشَ خِلافَهم،
بسِتَّةِ أَبْياتٍ، كما نَبَتَ العِتْرُ
وأَنشد لأَبي ذؤيب:
فأَصْبَحْتُ أَمْشِي في دِيارٍ كأَنـَّها،
خِلافَ دِيارِ الكاهِلِيّةِ، عُورُ
وأَنشد لآخر:
فقُلْ للذي يَبْقَى خِلافَ الذي مضَى:
تَهَيّأْ لأُخْرى مِثْلِها فكأَنْ قَدِ
(* قوله «يبقى» في شرح القاموس: يبغي.)
وأَنشد لأَوْس:
لَقِحَتْ به لِحَياً خِلافَ حِيالِ
أَي بَعدَ حِيالِ؛ وأَنشد لـمُتَمِّم:
وفَقْدَ بَني آمٍ تَداعَوْا فلم أَكُنْ،
خِلافَهُمُ، أَن أَسْتَكِينَ وأَضْرَعا
وتقول: خَلَّفْتُ فلاناً ورائي فَتَخَلَّفَ عني أَي تأَخَّر،
والخُلُوفُ: الحُضَّرُ والغُيَّبُ ضِدٌّ. ويقال: الحيُّ خُلوفٌ أَي غُيَّبٌ،
والخُلوفُ الحُضُورُ الـمُتَخَلِّفُون؛ قال أَبو زبيد لطائي:
أَصْبَحَ البَيْتُ بَيْتُ آلِ بَيانٍ
مُقْشَعِرًّا، والحيُّ حَيٌّ خُلوفُ
أَي لم يَبْقَ منهم أَحد؛ قال ابن بري: صواب إنشاده:
أَصْبَحَ البيْتُ بَيْتُ آلِ إياسٍ
لأَن أَبا زبيد رَثَى في هذه القصيدة فَرْوَة بن إياسِ ابن قَبيصةَ وكان
منزله بالحيرة. والخَلِيفُ: المتَخَلِّفُ عن المِيعاد؛ قال أَبو ذؤيب:
تَواعَدْنا الرُّبَيْقَ لنَنْزِلَنْهُ،
ولم تَشْعُرْ إذاً أَني خَلِيفُ
والخَلْفُ والخِلْفةُ: الاسْتِقاء وهو اسم من الإخْلافِ. والإخْلافُ:
الاسْتِقاء. والخالِفُ: الـمُسْتَقِي. والـمُسْتَخْلِفُ: الـمُسْتَسْقِي؛
قال ذو الرمة:
ومُسْتَخْلِفاتٍ من بلادِ تَنُوفةٍ،
لِمُصْفَرَّةِ الأشْداقِ، حُمْرِ الحَواصِلِ
وقال الحطيئة:
لِزُغْبٍ كأَوْلادِ القَطا راثَ خَلْفُها
على عاجِزاتِ النَّهْضِ، حُمْرٍ حَواصلُهْ
يعني راثَ مُخْلِفُها فوضَع الـمَصْدَرَ موضعه، وقوله حواصِلُه قال
الكسائي: أَراد حواصل ما ذكرنا، وقال الفراء: الهاء ترجع إلى الزُّغْبِ دُون
العاجِزاتِ التي فيه علامة الجمع، لأَن كل جمع بُني على صورة الواحد ساغ
فيه تَوَهُّم الواحد كقول الشاعر:
مِثْل الفِراخِ نُتِفَتْ حَواصِلُهْ
لأَن الفراخ ليس فيه علامة الجمع وهو على صورة الواحد كالكِتاب
والحِجاب، ويقال: الهاء ترجع إلى النَّهْضِ وهو موضع في كَتِف البعير فاستعاره
للقطا، وروى أَبو عبيد هذا الحرف بكسر الخاء وقال: الخِلْفُ الاسْتِقاءُ؛
قال أَبو منصور: والصواب عندي ما قال أَبو عمرو إنه الخَلْف، بفتح الخاء،
قال: ولم يَعْزُ أَبو عبيد ما قال في الخِلف إلى أَحد. واسْتَخْلَفَ
الـمُسْتَسْقي، والخَلْفُ الاسم منه. يقال: أَخْلَفَ واسْتَخْلَف. والخَلْفُ:
الحَيُّ الذين ذهَبوا يَسْتَقُون وخَلَّفُوا أَثقالهم. وفي
التهذيب:الخَلْفُ القوم الذين ذهبوا من الحيّ يستقون وخلَّفوا أَثقالهم.
واستخلف الرجلُ: اسْتَعْذَب الماء. واستخلَف واخْتَلَفَ وأَخْلفَ: سقاه؛
قال الحطيئة:
سَقلها فَروّاها من الماء مُخْلِفُ
ويقال: من أَين خِلْفَتُكم؟ أَي من أَين تستقون. وأَخلف واستخلف: استقى.
وقال ابن الأعرابي: أَخْلَفْتُ القَومَ حَمَلت إليهم الماء العَذْب، وهم
في ربيع، ليس معهم ماء عذب أَو يكونون على ماء ملح، ولا يكون الإخْلافُ
إلا في الربيع، وهو في غيره مستعار منه. قال أَبو عبيد: الخِلْفُ
والخِلْفَةُ من ذلك الاسم، والخَلْفُ المصدر؛ لم يَحْكِ ذلك غير أَبي عبيد؛ قال
ابن سيده: وأَراه منه غلطاً. وقال اللحياني: ذهب الـمُسْتَخْلِفُونَ
يسْتَقُون أَي المتقدمون. والخَلَفُ: العِوَضُ والبَدَلُ مـما أُخذ أَو ذهَب.
وأََحْلَفَ فلان لنفسه إذا كان قد ذهب له شيء فجعل مكانه آخر؛ قال ابن
مقبل:
فأَخْلِفْ وأَتْلِفْ، إنما المالُ عارةٌ،
وكُلْه مع الدهْرِ الذي هو آكِلُه
يقال: اسْتَفِدْ خَلَفَ ما أَتْلَفْتَ. ويقال لمن هلك له من لا يُعْتاضُ
منه كالأَب والأَمّ والعمّ: خلَف الله عليك أَي كان الله عليك خليفةً،
وخَلف عليك خيراً وبخير وأَخْلَفَ الله عليك خيراً وأَخْلف لك خيراً، ولمن
هَلَك له ما يُعْتاض منه أَو ذهَب من ولد أَو مال: أَخْلَفَ الله لك
وخَلَف لك. الجوهري: يقال لمن ذهب له مال أَو ولد أَو شيء يُسْتَعاضُ: أَخلف
الله عليك أَي ردَّ عليك مثلَ ما ذهب، فإن كان قد هلك له والد أَو عمّ
أَو أَخ قلت: خلف الله عليك، بغير أَلف، أَي كان الله خليفةَ والدِك أَو
مَنْ فَقَدتَه عليك. ويقال: خلفَ الله لك خَلَفاً بخَيْرٍ، وأَخْلَفَ عليك
خيراً أَي أَبْدَلَك بما ذهب منك وعَوّضك عنه؛ وقيل: يقال خلَف الله
عليك إذا مات لك ميّت أَي كان الله خَليفَتَه عليك، وأَخلف الله عليك أَي
أَبْدَلك. ومنه الحديث: تَكَفَّل الله للغازِي أَن يُخْلِفَ نَفَقَتَه.
وفي حديث أَبي الدرداء في الدعاء للميت: اخْلُفْه في عَقِبِه أَي كُنْ
لهم بعده. وحديث أُم سلمة: اللهم اخْلُفْ لي خيراً منه. اليزِيدِيُّ: خلَف
الله عليك بخير خِلافة. الأَصمعي: خلف الله عليك بخير، إذا أَدخلت الباء
أَلْقَيْتَ الأَلف. وأَخلف الله عليك أَي أَبدل لك ما ذهب. وخَلَفَ الله
عليك أَي كان الله خَلِيفَةَ والدِك عليك. والإخْلافُ: أَن يُهْلِكَ
الرجلُ شيئاً لنفسه أَو لغيره ثم يُحْدِث مثلَه.
والخَلْفُ: النَّسْلُ. والخَلَفُ والخَلْفُ: ما جاء من بعدُ. يقال: هو
خَلْفُ سَوء من أَبيه وخَلَفُ صِدْقٍ من أَبيه، بالتحريك، إذا قام
مَقامِه؛ وقال الأخفش: هما سواء، منهم مَن يُحرّك، ومنهم من يسكن فيهما جميعاً
إذا أَضاف، ومن حرك في خَلَف صدْق وسكن في الآخر فإنما أَراد الفرق
بينهما؛ قال الراجز:
إنَّا وجدْنا خَلَفاً، بئسَ الخَلَفْ
عَبْداً إذا ما ناءَ بالحِمْلِ خَضَفْ
قال ابن بري: أَنشدهما الرِّياشِيُّ لأَعرابي يذُمُّ رجلاً اتخذ وليمة،
قال: والصحيح في هذا وهو المختار أَن الخَلَف خَلَفُ الإنسان الذي
يَخْلُفُه من بعده، يأْتي بمعنى البدل فيكون خلَفاً منه أَي بدلاً؛ ومنه قولهم:
هذا خَلَفٌ مـما أُخذ لك أَي بَدَلٌ منه، ولهذا جاء مفتوح الأَوسط ليكون
على مِثال البدل وعلى مثال ضِدّه أَيضاً، وهو العدم والتَّلَفُ؛ ومنه
الحديث: اللهم أَعْطِ لِمُنْفِقٍ خَلَفاً ولِمُمْسِكٍ تَلَفاً أَي عِوَضاً،
يقال في الفعل منه خَلَفَه في قومه وفي أَهله يَخْلُفُه خَلَفاُ
وخِلافةً. وخَلَفَني فكان نعم الخَلَفُ أَو بئس الخلَفُ؛ ومنه خَلَف الله عليك
بخير خلَفاً وخِلافةً، والفاعل منه خَلِيفٌ وخَلِيفَةٌ، والجمع خُلفاء
وخَلائفُ، فالخَلَفُ في قولهم نعم الخَلَف وبئس الخلف، وخلَفُ صِدْقٍ وخلَفُ
سَوء، وخلَفٌ صالحٌ وخلَفٌ طالحٌ، هو في الأَصل مصدر سمي به من يكون
خليفةً، والجمع أَخْلافٌ كما تقول بدَلٌ وأَبْدالٌ لأَنه بمعناه. قال: وحكى
أَبو زيد هم أَخْلافُ سَوْء جمع خلَفٍ؛ قال: وشاهد الضم في مُسْتَقْبل
فِعْلِه قولُ الشمَّاخ:
تُصِيبُهُمُ وتُخْطِينا الـمَنايا،
وأَخْلُفُ في رُبُوعٍ عن رُبُوعِ
قال: وأَما الخَلْفُ، ساكِنَ الأَوسَط، فهو الذي يَجيء بعد. يقال:
خَلَفَ قومٌ بعد قوم وسلطانٌ بعد سلطانٍ يَخْلُفُون خَلْفاً، فهم خالِفون.
تقول: أَنا خالِفُه وخالِفتُه أَي جئت بعده. وفي حديث ابن عباس: أَن
أَعرابيّاً سأَل أَبا بكر، رضي الله عنه، فقال له: أَنتَ خَلِيفَةُ رسولِ الله،
صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا، قال: فما أَنت؟ قال: أَنا الخالِفةُ
بعدَه. قال ابن الأَثير: الخَلِيفةُ مَن يقوم مَقام الذاهب ويَسُدُّ مَسَدَّه،
والهاء فيه للمبالغة، وجمعه الخُلَفاء على معنى التذكير لا على اللفظ
مثل ظَريفٍ وظُرَفاء، ويجمع على اللفظ خَلائفَ كظرِيفةٍ وظرائِفَ، فأَما
الخالِفةُ، فهو الذي لا غَناء عنده ولا خير فيه، وكذلك الخالف، وقيل: هو
الكثير الخِلافِ وهو بَيِّنُ الخَلافةِ، بالفتح، وإنما قال ذلك تواضُعاً
وهَضماً من نفسه حِين قال له: أَنتَ خليفةُ رسولِ الله. وسمع الأَزهري بعض
العرب، وهو صادِرٌ عن ماء وقد سأَله إنسان عن رَفيق له فقال: هو خالِفتي
أَي وارِدٌ بعدي. قال: وقد يكون الخالِفُ الـمُتَخَلِّف عن القوم في
الغَزْوِ وغيره كقوله تعالى: رَضُوا بأَن يكونوا مع الخَوالِفِ، قال: فعلى
هذا الخَلْفُ الذي يجيء بعد الأَوّل بمنزلة القَرْنِ بعد القَرْن،
والخَلْفُ المتخلف عن الأَول، هالكاً كان أَو حيّاً. والخَلْفُ: الباقي بعد
الهالك والتابع له، هو في الأَصل أَيضاً من خَلَفَ يخْلُفُ خَلْفاً، سمي به
المتخلّف والخالِفُ لا على جهة البدل، وجمعه خُلُوفٌ كقَرْنٍ وقرون؛ قال:
ويكون محْمُودا ومَذْموماً؛ فشاهدُ المحمود قولُ حسانَ بن ثابت
الأَنصاري:لَنا القَدَمُ الأُولى إليك، وخَلْفُنا،
لأَوَّلِنا في طاعةِ الله، تابِعُ
فالخَلْف ههنا هو التابعُ لمَن مضَى وليس من معنى الخلَفِ الذي هو
البدَلُ، قال: وقيل الخَلْفُ هنا المتخلِّفُون عن الأَوّلين أَي الباقون؛
وعليه قوله عز وجل: فَخَلَفَ من بعدِهم خَلْفٌ، فسمي بالمصدر فهذا قول ثعلب،
قال: وهو الصحيح. وحكى أَبو الحسن الأَخفش في خلَفِ صِدْق وخلَفِ سَوء
التحريكَ والإسكان، قال: والصحيح قول ثعلب إِن الخلَف يجيء بمعنى البدَل
والخِلافةِ، والخَلْفُ يجيء بمعنى التخلّف عمن تقدم؛ قال: وشاهد المذموم
قول لبيد:
وبَقِيتُ في خَلْفٍ كجِلْدٍ الأَجْرَبِ
قال: ويستعار الخَلْفُ لـما لا خير فيه، وكلاهما سمي بالمصدر أَعني
المحمود والمذموم، فقد صار على هذا للفِعْل معنيان: خَلَفْتُه خَلَفاً كنت
بعده خَلَفاً منه وبدلاً، وخَلَفْتُه خَلْفاً جئت بعده، واسم الفاعل من
الأَول خَليفة وخَلِيفٌ، ومن الثاني خالِفةٌ وخالِفٌ؛ ومنه قوله تعالى:
فاقعُدوا مع الخالفين. قال: وقد صح الفَرْقُ بينهما على ما بَيَّنّاه. وهو من
أَبيه خَلَف أَي بدلٌ، والبدلُ من كل شيء خلَفٌ منه.
والخِلافُ: الـمُضادّةُ، وقد خالَفه مُخالَفة وخِلافاً. وفي المثل: إنما
أَنتَ خِلافَ الضَّبُعِ الراكبَ أَي تخالِفُ خِلافَ الضَّبُعِ لأَنَّ
الضَّبُعَ إذا رأَت الراكِبَ هَرَبَتْ منه؛ حكاه ابن الأَعرابي وفسّره
بذلك.وقولهم: هو يخالِفُ إلى امرأَة فلان أَي يأَْتيها إذا غاب عنها. وخَلَفَ
فلان بعَقِبِ فلان إذا خالفَه إلى أَهله. ويقال: خلَف فلان بعَقبِي إذا
فارقه على أَمر فصنع شيئاً آخر؛ قال أَبو منصور: وهذا أَصح من قولهم إنه
يخالفه إلى أَهله. ويقال: إن امرأَة فلان تَخْلُفُ زوجَها بالنزاع إلى
غيره إذا غاب عنها؛ وقدمَ أَعْشَى مازِنٍ على النبي، صلى اللّه عليه وسلم،
فأَنشده هذا الرجز:
إليكَ أَشْكُو ذِرْبَةً مِنَ الذِّرَبْ،
خَرَجْتُ أَبْغِيها الطَّعامَ في رَجَبْ،
فَخَلَفَتْني بِنزاعٍ وحَرَبْ،
أَخْلَفَتِ العَهْدَ ولَطَّتْ بالذَّنَبْ
وأَخْلَفَ الغُلامُ، فهو مُخْلِفٌ إذا راهَقَ الحُلُم؛ ذكره الأَزهري؛
وقول أَبي ذؤيب:
إذا لَسَعَتْه النَّحْلُ لم يَرْجُ لَسْعَها،
وخالَفَها في بَيْتِ نُوبٍ عَواسِلِ
(* قوله «في بيت نوب إلخ» تقدّم ضبطه في مادة دبر لا على هذا الوجه ولعل
الصواب في الضبط ما هنا.)
معناه دخَل عليها وأَخَذ عَسَلها وهي ترعى، فكأَنه خالَفَ هَواها بذلك،
ومن رواه وحالَفَها فمعناه لزِمَها.
والأَخْلَفُ: الأَعْسَرُ؛ ومنه قول أَبي كبير الهُذلي:
زَقَبٌ، يَظَلُّ الذئبُ يَتْبَعُ ظِلَّه
من ضِيقِ مَوْرِدِه، اسْتِنانَ الأَخْلَفِ
قال السكري: الأَخْلَفُ الـمُخالِفُ العَسِرُ الذي كأَنه يَمشي على أَحد
شِقَّيْه، وقيل: الأَخْلَفُ الأَحْوَلُ. وخالفه إلى الشي: عَصاه إليه
أَو قصَده بعدما نهاه عنه، وهو من ذلك. وفي التنزيل العزيز: وما أُريد أَن
أُخالِفَكم إلى ما أَنْهاكم عنه. الأَصمعي: خَلَفَ فلان بعَقِبي وذلك إذا
ما فارَقَه على أَمْر ثم جاء من ورائه فجعَل شيئاً آخر بعد فِراقِه،
وخَلَفَ له بالسيف إذا جاءه من خَلْفِه فضَرب عُنقه. والخِلافُ: الخُلْفُ؛
وسُمع غير واحد من العرب يقول إذا سُئل وهو مُقبل على ماء أَو بلد:
أَحَسْتَ فلاناً؟ فيُجِيبُه: خالِفَتي؛ يريد أَنه ورَدَ الماء وأَنا صادِرٌ
عنه. الليث: رجل خالِفٌ وخالِفةٌ أَيّ يُخالِفُ كثيرُ الخِلافِ. ويقال: بعير
أَخْلَفُ بيًّنُ الخَلَفِ إذا كان مائلاً على شِقّ. الأَصمعي: الخَلَفُ
في البعير أَن يكون مائلاً في شق.
ابن سيده: وفي خُلُقِه خالِفٌ وخالِفةٌ وخُلْفةٌ وخِلْفةٌ وخِلَفْنة
وخِلَفْناةٌ أَي خِلافٌ. ورجل خِلَفْناة: مُخالِفٌ. وقال اللحياني: هذا رجل
خِلَفْناة وامرأَة خِلَفْناة، قال: وكذلك الاثنان والجمع؛ وقال بعضهم:
الجمع خِلَفْنَياتٌ في الذكور والإناث. ويقال: في خُلُق فلان خلَفْنةٌ مثل
دِرَفْسةٍ أَي الخِلافُ، والنون زائدة، وذلك إِذا كان مُخالِفاً.
وتَخالَفَ الأَمْران واخْتَلَفا: لم يَتَّفِقا. وكلُّ ما لم يَتَساوَ، فقد
تَخالف واخْتَلَفَ. وقوله عز وجل: والنخلَ والزرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُه؛ أَي
في حال اخْتِلافِ أُكُلِه إِن قال قائل: كيف يكون أَنـْشأَه في حال
اخْتِلافِ أُُكُلُه وهو قد نَشأَ من قبل وقُوع أُكُلِه؟ فالجواب في ذلك أَنه
قد ذكر انشاء بقوله خالِقُ كلِّ شيء، فأَعلم جل ثناؤه أَن الـمُنْشئ له في
حال اخْتِلافِ أُكُلِه هو، ويجوز أَن يكون أَنشأَه ولا أُكُلَ فيه
مختلفاً أُكُله لأَن المعنى مُقَدَّراً ذلك فيه كما تقول: لتَدْخُلَنَّ منزل
زيد آكلاً شارباً أَي مُقَدِّراً ذلك، كما حكى سسيبويه في قوله مررتُ برجل
معه صَقْر صائداً به غداً أَي مُقَدِّراً به الصيدَ، والاسم الخِلْفةُ.
ويقال: القوم خِلْفةٌ أَي مُخْتَلِفون، وهما خِلْفان أَي مختلفان، وكذلك
الأُنثى؛ قال:
دَلْوايَ خِلْفانِ وساقِياهُما
أَي إحداهما مُصْعِدةٌ مَلأَى والأُخرى مُنْحَدِرةٌ فارِغةٌ، أَو
إِحداهما جديدة والأُخرى خَلَقٌ. قال الحياني: يقال لكل شيئين اختلفا هما
خِلْفان، قال: وقال الكسائي هما خِلْفَتانِ، وحكي: لها ولَدانِ خِلْفانِ
وخِلْفتانِ، وله عَبدان خِلْفان إذا كان أَحدهما طويلاً والآخر قصيراً، أَو
كان أَحدهما أَبيضَ والآخر أَسود، وله أَمتان خِلْفان، والجمع من كل ذلك
أَخْلافٌ وخِلْفةٌ. ونِتاجُ فلان خِلْفة أَي عاماً ذكراً وعاماً أُنثى.
وولدت الناقة خِلْفَيْنِ أَي عاماً ذكراً وعاما أَنثى. ويقال: بنو فلان
خِلْفةٌ أَي شِطْرةٌ نِصف ذكور ونصف إِناث.
والتَّخاليف: الأَلوان المختلفةُ. والخِلْفةُ: الهَيْضةُ. يقال:
أَخَذَتْه خِلْفةٌ إذا اخْتَلَفَ إلى الـمُتَوَضَّإِ. ويقال: به خِلفة أَي بَطنٌ
وهو الاختلاف، وقد اخْتَلَف الرجلُ وأَخْلَفَه الدَّواء. والـمَخْلُوفُ:
الذي أَصابته خِلفة ورِقَّةُ بَطْنٍ. وأَصبح خالفاً أَي ضعيفاً لا يشتهي
الطعام. وخَلَفَ عن الطعام يَخْلُف خُلوفاً، ولا يكون إلا عن مرَض.
الليث: يقال اخْتَلَفْتُ إليه اخْتِلافةً واحدة. والخَلْفُ والخالِف
والخالِفةُ: الفاسِدُ من الناس، الهاء للمبالغة.
والخَوالِفُ: النساء المُتَخَلِّفاتُ في البيوت. ابن الأَعرابي:
الخُلوفُ الحيّ إذا خرج الرجالُ وبقي النساء، والخُلُوفُ إذا كان الرجال والنساء
مجتمعين في الحيّ، وهو من الأَضداد. وقوله عز وجل: رضوا بأن يكونوا مع
الخَوالِف؛ قيل: مع النساء، وقيل: مع الفاسد من الناس، وجُمِع على
فَواعِلَ كفوارِسَ؛ هذا عن الزجاج. وقال: عَبد خالِفٌ وصاحِب خالِفٌ إذا كان
مُخالفاً. ورَجل خالِفٌ وامرأة خالِفةٌ إذا كانت فاسِدةً ومتخلِّفة في
منزلها. وقال بعض النحويين: لم يجئْ فاعل مجموعاً على فَواعِلَ إلا قولهم إنه
لخالِفٌ من الخَوالِف، وهالِكٌ من الهَوالِكِ، وفارِسٌ من الفَوارِس.
ويقال: خَلَفَ فلان عن أَصحابه إذا لم يخرج معهم. وفي الحديث: أَن اليهود
قالت لقد علمنا أَن محمداً لم يترك أَهلَه خُلوفاً أَي لم يتركهن سُدًى لا
راعِيَ لهنَّ ولا حامِيَ. يقال: حيٌّ خُلوفٌ إذا غاب الرجال وأَقام
النساء ويطلق على المقيمين والظَّاعِنين؛ ومنه حديث المرأَة والمَزادَتَيْنِ:
ونَفَرُنا خُلُوفٌ أَي رجالنا غُيَّبٌ. وفي حديث الخُدْريِّ: فأَتينا
القوم خُلوفاً. والخَلْفُ: حَدُّ الفَأْسِ. ابن سيده: الخَلْفُ الفَأْس
العظيمة، وقيل: هي الفأْس برأْس واحد، وقيل: هو رأْس الفأْس والمُوسى،
والجمع خُلوفٌ. وفأْسٌ ذاتُ خِلْفَيْنِ
(* قوله «ذات خلفين» قال في القاموس:
ويفتح.) أَي لها رأْسان، وفأَسٌ ذاتُ خِلْفٍ. والخَلْفُ: المِنْقارُ الذي
يُنْقَرُ به الخشب. والخَلِيفان: القُصْرَيانِ. والخِلْفُ: القُصَيْرى من
الأَضْلاعِ، بكسر الخاء
(* قوله «بكسر الخاء» أَي وتفتح وعلى الفتح
اقتصر المجد.). وضِلَعُ الخِلْفِ: أَقصى الأَضْلاعِ وأَرَقُّها. والخِلْفُ،
بالكسر: واحد أَخْلافِ الضَّرْع وهو طرَفُه. الجوهري: الخِلْفُ أَقصر
أَضلاع الجنب، والجمع خلوف؛ ومنه قول طرفةَ بن العبد:
وطَيُّ مَحالٍ كالحَنِيِّ خُلوفُه،
وأَجْرِنةٌ لُزَّتْ بدَأْيٍ مُنَضَّدِ
والخلْفُ: الطُّبْيُ المؤَخَّرُ، وقيل: هو الضَّرْعُ نفْسُه، وخص بعضهم
به ضرع الناقة وقال: الخِلف، بالكسر، حلَمةُ ضَرْعِ الناقة القادِمان
والآخِران. وقال اللحياني: الخِلْفُ في الخُفِّ والظِّلْفِ، والطُّبْيُ في
الحافِر والظُّفُر، وجمع الخِلْف أَخْلافٌ وخُلوفٌ؛ قال:
وأَحْتَمِلُ الأَوْقَ الثَّقِيلَ وأَمْتَري
خُلوفَ المَنايا، حِينَ فَرَّ المُغامِسُ
وتقول: خَلَّفَ بناقته تَخْلِيفاً أَي صَرَّ خِلْفاً واحداً من
أَخْلافِها؛ عن يعقوب؛ وأَنشد لطرفة:
وطَيُّ مَحالٍ كالحنيّ خُلُوفُه
قال الليث: الخُلوفُ جمع الخِلْفِ هو الضَّرْعُ نفْسُه؛ وقال الراجز:
كأَنَّ خِلْفَيها إذا ما دَرَّا
يريد طُبْيَيْ ضَرْعِها. وفي الحديث: دَعْ داعِيَ اللَّبَنِ. قال: فتركت
أَخْلافَها قائمة؛ الأَخْلافُ جمع خِلف، بالكسر، وهو الضرع لكل ذات خُفّ
وظِلْفٍ، وقيل: هو مَقْبِضُ يد الحالب من الضرع.
أَبو عبيد: الخَلِيفُ من الجسد ما تحت الإبط، والخَلِيفانِ من الإبل
كالإبْطين من الإنسان، وخَليفا الناقةِ إبْطاها، قال كثير:
كأَنَّ خَلِيفَيْ زَوْرها ورَحاهُما
بُنَى مَكَوَيْنِ ثُلِّما بعدَ صَيْدنِ
المكا جُحْرُ الثَّعْلَبِ والأَرْنبِ ونحوه، والرَّحى الكِرْكِرةُ،
وبُنَى جمع بُنْيةٍ، والصَّيْدن هنا الثعلب؛ وقيل: دُوَيْبَّةٌ تعمل لها
بيتاً في الأَرض وتُخْفيه. وحلَبَ الناقة خَلِيفَ لِبَئِها، يعني الحلْبة
التي بعد ذَهاب اللِّبا.
وخلَفَ اللبنُ وغيره وخلُفَ يَخْلُفُ خُلوفاً فيهما: تغَيَّر طَعْمُه
وريحه. وخلَفَ اللبنُ يَخْلُفُ خُلوفاً إذا أُطيل إنْقاعُه حتى يَفْسُدَ.
وخَلَفَ النبيذُ إذا فسَد، وبعضهم يقول: أَخْلَفَ إذا حَمُضَ، وإنه
لطَيِّبُ الخُلْفةِ أَي طيِّبُ آخِر الطعْم. الليث: الخالِفُ اللحم الذي تَجِدُ
منه رُوَيحةً ولا بأْسَ بمَضْغِه. وخَلَفَ فُوه يَخْلُفُ خُلوفاً
وخُلوفة وأَخْلَفَ: تغَيَّر، لغة في خَلَفَ؛ ومنه: ونَوْم الضُّحى مَخْلَفةٌ
للفم أَي يُغَيِّرُه. وقال اللحياني: خَلَف الطعامُ والفم وما أَشبههما
يَخْلُفُ خُلوفاً إذا تغيَّر. وأَكل طعاماً فَبَقِيَتْ في فيه خِلْفةٌ فتغير
فُوه، وهو الذي يَبْقى بين الأسنان. وخلَفَ فَمُ الصائم خُلوفاً أَي
تغيرت رائحتُه. وروي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم: ولَخُلُوفُ فم الصائم،
وفي رواية: خِلْفةُ فمِ الصائم أَطيبُ عندَ اللّه مِن رِيحِ المِسْكِ؛
الخِلْفةُ، بالكسر: تغَيُّرُ ريحِ الفم، قال: وأَصلها في النبات أَن ينبت
الشيء بعد الشيء لأَنها رائحةٌ حديثةٌ بعد الرائحة الأُولى. وخلَف فمُه
يخلُفُ خِلْفةً وخُلوفاً؛ قال أَبو عبيد: الخُلوف تغير طعم الفم لتأَخُّرِ
الطعام ومنه حديث عليّ، عليه السلام، حين سُئل عن القُبْلة للصائم فقال:
وما أَرَبُك إلى خُلوف فيها. ويقال: خَلَفَتْ نفْسه عن الطعام فهي
تَخْلُفُ خُلوفاً إذا أَضرَبَت عن الطعام من مرض. ويقال: خلَفَ الرجل عن خُلُق
أَبيه يَخْلُف خُلوفاً إذا تغَيَّر عنه. ويقال: أَبيعُكَ هذا العَبْدَ
وأَبْرَأُ إليك من خُلْفَتِه أَي فَسادِه، ورجُل ذو خُلْفةٍ، وقال ابن
بُزرج: خُلْفَةُ العبدِ أَن يكون أَحْمَقَ مَعْتُوهاً. اللحياني: هذا رجل
خَلَفٌ إذا اعتزل أَهلَه. وعبد خالِفٌ: قد اعتزل أَهلَ بيته. وفلان خالِفُ
أَهلِ بيته وخالِفَتُهم أَي أَحمقهم أَو لا خَيْرَ فيه، وقد خَلَفَ
يَخْلُفُ خَلافة وخُلوفاً.
والخالفةُ: الأَحْمَقُ القليلُ العقْلِ. ورجل أَخْلَفُ وخُلْفُفٌ
مَخْرَجَ قُعْدُدٍ. وامرأة خالفةٌ وخَلْفاء وخُلْفُفة وخُلْفُفٌ، بغير هاء: وهي
الحَمْقاء. وخلَفَ فلان أَي فسَد. وخلَفَ فلان عن كلّ خير أَي لم
يُفْلِح، فهو خالِفٌ وهي خالِفة. وقال اللحياني: الخالِفةُ العَمودُ الذي يكون
قُدَّامَ البيتِ. وخلَفَ بيتَه يَخْلُفُه خَلْفاً: جعل له خالِفةً، وقيل:
الخالِفةُ عَمُودٌ من أَعْمِدة الخِباء. والخَوالِفُ: العُمُد التي في
مُؤَخَّر البيت، واحدتها خالِفةٌ وخالِفٌ، وهي الخَلِيفُ. اللحياني: تكون
الخالِفةُ آخِرَ البيت. يقال: بيت ذو خالِفَتَيْن. والخَوالِفُ: زَوايا
البيت، وهو من ذلك، واحدتها خالِفةٌ. أَبو زيد: خالِفةُ البيتِ تحتَ
الأَطناب في الكِسْر، وهي الخَصاصةُ أَيضاً وهي الفَرْجة، وجمع الخالفة
خَوالِفُ وهي الزَّوايا؛ وأَنشد:
فأَخفت حتى هتكوا الخَوالِفا
وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها، في بِناء الكعبة: قال لها لَوْلا
حِدْثان قَوْمِك بالكفر بَنَيْتُها على أَساس إبراهيمَ وجعلت لها خَلْفَيْن،
فإن قُريشاً اسْتَقْصَرَتْ من بِنائها؛ الخَلْفُ: الظَّهرُ، كأَنه أَراد
أَن يجعل لها بابين، والجِهةُ التي تُقابِل البابَ من البيت ظهرُه، فإذا
كان لها بابان فقد صار لها ظَهْرانِ، ويروى بكسر الخاء، أَي زِيادَتَيْن
كالثَّدْيَيْنِ، والأَول الوجه. أَبو مالك: الخالِفةُ الشُّقّةُ
المؤخَّرةُ التي تكون تحت الكِفاء تحتَها طرَفُها مـما يلي الأَرض من كِلا
الشِّقَّين.
والإخْلافُ: أَن يُحَوَّلَ الحَقَبُ فيجعل مـما يَلي خُصْيَيِ البعير
لئلا يُصيبَ ثِيله فيَحْتَبِسَ بولُه، وقد أَخْلَفَه وأَخْلَفَ عنه. وقال
اللحياني: إنما يقال أَخْلِفِ الحَقَبَ أَي نَحِّه عن الثِّيلِ وحاذِ به
الحَقَبَ لأَنه يقال حَقِبَ بولُ الجملِ أَي احْتَبَسَ، يعني أَن الحَقَب
وقَع على مَبالِه، ولا يقال ذلك في الناقة لأَن بولها من حَيائها، ولا
يبلغ الحقَبُ الحَياء. وبعير مَخْلوفٌ: قد شُقَّ عن ثِيله من خَلْفِه إذا
حَقِبَ. والإخْلافُ: أَن يُصَيَّرَ الحَقَبُ وراء الثِّيلِ لئلا
يَقْطَعَه. يقال: أَخْلِفْ عن بعيرك فيصير الحقب وراء الثيل. والأَخْلَفُ من
الإبل: المشقوقُ الثيل الذي لا يستقرّ وجَعاً. الأَصمعي: أَخْلَفْتَ عن البعير
إذا أَصابَ حَقَبُه ثِيلَه فيَحْقَبُ أَي يَحْتَبِسُ بولُه فتحَوِّلُ
الحَقَبَ فتجعلُه مما يلي خُصْيَي البعير.
والخُلْفُ والخُلُفُ: نقِيضُ الوَفاء بالوعْد، وقيل: أَصله التَّثْقِيلُ
ثم يُخَفَّفُ. والخُلْفُ، بالضم: الاسم من الإخلاف، وهو في المستقبل
كالكذب في الماضي. ويقال: أَخْلَفه ما وَعَده وهو أَن يقول شيئاً ولا
يفْعَله على الاستقبال. والخُلُوفُ كالخُلْفِ؛ قال شُبْرمةُ بن
الطُّفَيْل:أَقِيمُوا صُدُورَ الخَيْلِ، إنَّ نُفُوسَكُمْ
لَمِيقاتُ يَومٍ، ما لَهُنَّ خُلُوفُ
وقد أَخْلَفَه ووعَده فأَخْلفَه: وجَده قد أَخْلَفَه، وأَخْلَفَه: وجدَ
مَوْعِدَه خُلْفاً؛ قال الأَعشى:
أَثْوى وقَصَّرَ لَيْلَةً ليُزَوَّدا،
فمَضَتْ، وأَخْلَفَ مِنْ قُتَيلة مَوْعِدا
أَي مضت الليلة. قال ابن بري: ويروى فمضى، قال: وقوله فمضى الضمير يعود
على العاشق، وقال اللحياني: الإخْلافُ أَن لا يَفي بالعهد وأَن يَعِدَ
الرجلُ الرجلَ العِدةَ فلا يُنجزها. ورجل مُخْلِفٌ أَي كثير الإخْلافِ
لوَعْدِه. والإخْلافُ: أَن يطلب الرجلُ الحاجة أَو الماء فلا يجد ما طلب.
اللحياني: رُجِيَ فلان فأَخْلَفَ. والخُلْفُ: اسم وضِعَ موضِع الإخْلافِ.
ويقال للذي لا يكاد يَفِي إذا وعد: إنه لمِخْلافٌ. وفي الحديث: إذا وعَدَ
أَخْلف أَي لم يفِ بعهده ولم يَصْدُقْ، والاسم منه الخُلْفُ، بالضم. ورجل
مُخالِفٌ: لا يكاد يُوفي. والخِلافُ: المُضادَّة. وفي الحديث: لمَّا
أَسْلمَ سعيد بن زيد قال له بعض أَهله: إني لأُحْسَبُكَ خالِفةَ بني عَدِيٍّ
أَي الكثيرَ الخِلافِ لهم؛ وقال الزمخشري: إنَّ الخطَّاب أَبا عُمر قاله
لزَيْد بن عَمْرو أَبي سعيد بن زيد لمَّا خالَفَ دِينَ قومه، ويجوز أَن
يُرِيدَ به الذي لا خير عنده؛ ومنه الحديث: أَيُّما مُسلمٍ خَلَفَ غازِياً
في خالِفَتِه أَي فيمن أَقامَ بعدَه من أَهله وتخلَّف عنه. وأَخْلَفَتِ
النجومُ: أَمْحَلَتْ ولم تُمْطِرْ ولم يكن لِنَوْئِها مطر، وأَخْلَفَتْ
عن أَنْوائها كذلك؛ قال الأَسودُ بن يَعْفُرَ:
بِيض مَساميح في الشّتاء، وإن
أَخْلَفَ نَجْمٌ عن نَوئِه، وبَلُوا
والخالِفةُ: اللَّجوجُ من الرجال. والإخْلاف في النخلة إذا لم تحمل سنة.
والخَلِفَةُ: الناقةُ الحامِلُ، وجمعها خَلِفٌ، بكسر اللام، وقيل: جمعها
مَخاضٌ على غير قياس كما قالوا لواحدة النساء امرأة؛ قال ابن بري: شاهده
قول الراجز:
ما لَكِ تَرْغِينَ ولا تَرْغُو الخَلِفْ
وقيل: هي التي اسْتَكْمَلت سنة بعد النِّتاج ثم حُمِل عليها فلَقِحَتْ؛
وقال ابن الأَعرابي: إذا استبان حَمْلُها فهي خَلِفةٌ حتى تُعْشِرَ.
وخَلَفَت العامَ الناقةُ إذا ردَّها إلى خَلِفة. وخَلِفَت الناقةُ تَخْلَفُ
خَلَفاً: حَمَلتْ؛ هذه عن اللحياني. والإخْلافُ: أَن تُعِيد عليها فلا
تَحْمِل، وهي المُخْلِفةُ من النوق، وهي الرَّاجع التي توهَّموا أَنَّ بها
حمَلاً ثم لم تَلْقَحْ، وفي الصحاح: التي ظهر لهم أَنها لَقِحَتْ ثم لم
تكن كذلك. والإخلافُ: أَن يُحْمَلَ على الدابّة فلا تَلْقَحَ. والإخْلافُ:
أَن يأْتيَ على البعير البازل سنةٌ بعد بُزُوله؛ يقال: بَعِير مُخْلِفٌ.
والمُخْلِف من الإبل: الذي جاز البازِلَ؛ وفي المحكم: بعد البازِل وليس
بعده سِنّ، ولكن يقال مُخْلِفُ عامٍ أَو عامين، وكذلك ما زاد، والأَنثى
بالهاء، وقيل: الذكر والأُنثى فيه سواء؛ قال الجعدي:
أَيِّدِ الكاهلِ جَلْدٍ بازِلٍ
أَخْلَفَ البازِلَ عاماً أَو بَزَلْ
وكان أَبو زيد يقول: لا تكون الناقة بازلاً ولكن إذا أَتى عليها حول بعد
البزُول فهي بَزُول إلى أَن تُنيِّبَ فتُدْعَى ناباً، وقيل: الإخْلافُ
آخِرُ الأَسنان من جميع الدوابّ. وفي حديث الدِّيةِ: كذا وكذا خَلِفةً؛
الخَلِفةُ، بفتح الخاء وكسر اللام: الحامل من النوق، وتجمع على خَلِفاتٍ
وخلائِفَ، وقد خلِفَت إذا حَمَلَتْ، وأَخْلَفَتْ إذا حالَتْ. وفي الحديث:
ثلاثُ آَياتٍ يَقْرؤهنَّ أَحدُكم خير له من ثلاثِ خَلِفاتٍ سِمانٍ عظامٍ.
وفي حديث هدم الكعبة: لما هدموها ظهر فيها مِثْلُ خَلائفِ الإبل، أَراد
بها صُخوراً عِظاماً في أَساسها بقدْر النوق الحوامل.
والخَلِيفُ من السِّهام: الحديدُ كالطَّرِيرِ؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد
لساعِدةَ بن جُؤيَّةَ
(* قوله «جؤية» صوابه العجلان كما هو هكذا في
الديوان، كتبه محمد مرتضى ا هـ. من هامش الأصل بتصرف.):
ولَحَفْته منها خَليفاً نَصْلُه
حَدٌّ، كَحَدِّ الرُّمْحِ، لَيْسَ بِمِنزَعِ
والخَلِيفُ: مَدْفَعُ الماء، وقيل: الوادي بين الجبَلين؛ قال:
خَلِيف بَين قُنّة أَبْرَق
والخَليفُ: فَرْج بين قُنَّتَيْنِ مُتدانٍ قليل العرض والطُّول.
والخلِيفُ: تَدافُع
(* قوله «والخليف تدافع إلخ» كذا بالأصل. وعبارة القاموس
وشرحه: أو الخليف مدفع الماء بين الجبلين. وقيل: مدفعه بين الواديين وأنما
ينتهي إلى آخر ما هنا، وتأمل العبارتين.) الأَوْدية وإنما يَنتهي
المَدْفَعُ إلى خَلِيفٍ ليُفْضِيَ إلى سَعَةٍ. والخلِيفُ: الطَّريقُ بين الجبلين؛
قال صخر الغي:
فلما جَزَمْتُ بِها قِرْبَتي،
تَيَمَّمْتُ أَطْرِقةً أَو خَلِيفَا
جَزَمتُ: ملأْت، وأَطْرقة: جمع طَريق مثل رغيفٍ وأَرْغِفَةٍ، ومنه قولهم
ذِيخُ الخَلِيفِ كما يقال ذِئبُ غَضاً؛ قال كثِّير:
وذِفْرَى، ككاهِلِ ذِيخِ الخَلِيف
أَصابَ فَرِيقَةَ لَيْلٍ فَعاثَا
قال ابن بري: صواب إنشاده بِذِفْرَى، وقيل: هو الطريق في أَصل الجبل،
وقيل: هو الطريق وراء الجبل، وقيل: وراء الوادي، وقيل: الخَلِيفُ الطريق في
الجبل أَيّاً كان، وقيل: الطريق فقط، والجمع من كل ذلك خُلُفٌ؛ أَنشد
ثعلب:
في خُلُفٍ تَشْبَعُ مِنْ رَمْرامِها
والمَخْلَفَةُ: الطَّريقُ كالخَلِيفِ؛ قال أَبو ذؤيب:
تُؤمِّلُ أَن تُلاقيَ أُمَّ وَهْبٍ
بمَخْلَفَةٍ، إذا اجْتَمَعَتْ ثَقِيفُ
ويقال: عليك المَخْلَفة الوُسْطَى أَي الطريق الوسطى.
وفي الحديث ذكْرُ خَلِيفةَ، بفتح الخاء وكسر اللام، قال ابن الأَثير:
جبل بمكة يُشْرِفُ على أَجْيادٍ؛ وقول الهُذلي:
وإِنَّا نَحْنُ أَقْدَمُ مِنْكَ عِزّاً،
إذا بُنِيَتْ لِمَخْلفةَ البُيوتُ
مَخْلَفَةُ مِنًى: حيث يَنْزل الناس. ومَخْلَفة بني فلان: مَنْزِلُهم .
والمَخْلَفُ بِمنًى أَيضاً: طُرُقُهم حيث يَمُرُّون. وفي حديث معاذ: من
تخلّف
(* قوله «تخلف» كذا بالأصل، والذي في النهاية: تحوّل، وقوله «مخلاف
عشيرته» كذا به أَيضاً والذي فيها مخلافه.) من مخْلافٍ إلى مِخْلافٍ
فَعُشْرُه وصَدَقتُه إلى مِخْلافِ عَشِيرَتِه الأَوّل إذا حالَ عليه الحَوْل؛
أَراد أَنه يؤَدِّي صدَقَته إلى عَشيرته التي كان يؤدي إليها. وقال أَبو
عمرو: يقال اسْتُعْمِلَ فلان على مَخالِيفِ الطَّائفِ وهي الأَطراف
والنَّواحُ. وقال خالد بن جَنْبَة: في كل بلد مِخْلافٌ بمكة والمدينة والبصرة
والكوفة. وقال: كنا نَلْقَى بني نُمَير ونحن في مِخْلافِ المدينة وهم في
مِخلاف اليمامة. وقال أَبو معاذ: المِخْلافُ البَنْكَرْدُ، وهو أَن يكون
لكل قوم صَدقةٌ على حِدة، فذلك بَنْكَرْدُه يُؤدِّي إلى عشيرته التي كان
يُؤدِّي إليها. وقال الليث: يقال فلان من مِخْلافِ كذا وكذا وهو عند
اليمن كالرُّستاق، والجمع مخالِيفُ. اليزيدِيّ: يقال إنما أَنتم في خَوالفَ
من الأرض أَي في أَرَضِينَ لا تُنْبِت إلا في آخر الأَرضِين نباتاً. وفي
حديث ذي المِشْعارِ: من مِخلافِ خارِفٍ ويامٍ؛ هما قبيلتان من اليمن. ابن
الأَعرابي: امرأة خَلِيفٌ إذا كان عَهْدُها بعد الولادة بيوم أَو يومين.
ويقال للناقة العائذ أَيضاً خَلِيفٌ.
ابن الأعرابي: والخِلافُ كُمُّ القَمِيص. يقال: اجعله في متنِ خِلافِك
أَي في وَسطِ كُمّكَ. والمَخْلُوفُ: الثوبُ الـمَلْفُوقُ. وخلَفَ الثوبَ
يَخْلُفُهُ خَلْفاً، وهو خَلِيفٌ؛ المصدر عن كراع: وذلك أَن يَبْلى وسَطُه
فيُخْرِجَ البالي منه ثم يَلْفِقَه؛ وقوله:
يُرْوي النَّديمَ، إذا انْتَشى أَصحابُه
أُمُّ الصَّبيِّ، وثَوْبُه مَخْلُوفُ
قال: يجوز أَن يكون المَخْلُوفُ هنا المُلَفَّق، وهو الصحيح، ويجوز أَن
يكون المرْهُونَ، وقيل: يريد إذا تَناشى صحبُه أُمْ ولده من العُسْر فإنه
يُرْوي نَديمَه وثوبه مخلُوف من سُوء حاله.
وأَخْلَفْتُ الثوبَ: لغة في خَلَفْتُه إذا أَصْلَحْتَه؛ قال الكميت يصف
صائداً:
يَمْشِي بِهِنَّ خَفِيُّ الصَّوْتِ مُخْتَتِلٌ،
كالنَّصْلِ أَخْلَفَ أَهْداماً بأَطْمارِ
أَي أَخْلَفَ موضعَ الخُلْقانِ خُلْقاناً.
وما أَدْري أَيُّ الخَوالِفِ هو أَي أَيّ الناسِ هو. وحكى كراع في هذا
المعنى: ما أَدري أَيُّ خالِفةَ، هو غير مَصْرُوفٍ، أَي أَيُّ الناس هو،
وهو غير مصروف للتأْنيث والتعريف، أَلا ترى أَنك فسرته بالناس؟ وقال
اللحياني: الخالفةُ الناس، فأَدخل عليه الأَلف واللام. غيره ويقال ما أَدري
أَيُّ خالِفةَ وأَيُّ خافِيةَ هو، فلم يُجْرِهما، وقال: تُرِكَ صَرْفُه
لأَنْ أُرِيدَ به المَعْرِفةُ لأَنه وإن كان واحداً فهو في موضع جماع، يريد
أَيُّ الناس هو كما يقال أَيُّ تَمِيم هو وأَيُّ أَسَد هو.
وخِلْفةُ الوِرْدِ: أَن تُورِد إبلك بالعشيِّ بَعدما يذهَبُ الناسُ.
والخِلْفةُ: الدوابُّ التي تختلف. ويقال: هن يمشين خِلْفة أَي تذهب هذه
وتَجيء هذه؛ ومنه قول زهير:
بها العينُ والآرامُ يَمْشِينَ خِلْفةً،
وأَطْلاؤها يَنْهَضْنَ من كلِّ مَجْثَمِ
وخلَفَ فلانٌ على فلانة خِلافةً تزوّجها بعد زوج؛ وقوله أَنشده ابن
الأَعرابي:
فإنْ تَسَلي عَنَّا، إذا الشَّوْلُ أَصْبَحَتْ
مَخالِيفَ حُدْباً، لا يَدِرُّ لَبُونُها
مَخالِيفُ: إبل رعت البقل ولم تَرْعَ اليَبِيسَ فلم يُغْن عنها رَعْيُها
البقلَ شيئاً. وفرس ذو شِكالٍ من خِلافٍ إذا كان في يده اليمنى ورجله
اليسرى بياض. قال: وبعضهم يقول له خَدَمتانِ من خِلافٍ أَي إذا كان بيده
اليمنى بياض وبيده اليسرى غيره.
والخِلافُ: الصَّفْصافُ، وهو بأَرض العرب كثير، ويسمى السَّوْجَرَ وهو
شجر عِظام، وأَصنافُه كثيرة وكلها خَوّارٌ خَفيفٌ؛ ولذلك قال الأَسود:
كأَنَّكَ صَقْبٌ من خِلافٍ يُرى له
رُواءٌ، وتأْتِيه الخُؤُورةُ مِنْ عَلُ
الصَّقْبُ: عَمُودٌ من عمد البيت، والواحد خِلافةٌ، وزعموا أَنه سمّي
خِلافاً لأَن الماء جاء بِبَزره سبيّاً فنبت مُخالِفاً لأَصْلِه فسمّي
خِلافاً، وهذا ليس بقويّ. الصحاح: شجر الخِلافِ معروف وموضِعُه المَخْلَفَةُ؛
وأَما قول الراجِز:
يَحْمِلُ في سَحْقٍ من الخِفافِ
تَوادِياً سُوِّينَ من خِلافِ
فإنما يريد أَنها من شجر مُخْتَلِفٍ، وليس يعني الشجرة التي يقال لها
الخِلافُ لأَن ذلك لا يكاد يكون بالبادية.
وخَلَفٌ وخَلِيفةُ وخُلَيْفٌ: أَسماء.
نفي: نفَى الشيءُ يَنْفِي نَفْياً: تنَحَّى، ونفَيْتُه أنا نَفْياً؛ قال
الأَزهري: ومن هذا يقال نَفَى شَعَرُ فلان يَنْفي إِذا ثارَ واشْعانَّ؛
ومنه قول محمد بن كعب القُرَظي لعُمر بن عبد العزيز حين اسْتُخْلِفَ فرآه
شَعِثاً فأَدام النظر إِليه فقال له عمر: ما لَك تُديمُ النظر إِليَّ؟
فقال: أَنْظُرُ إِلى ما نَفى من شَعَرك وحالَ من لونِك؛ ومعنى نَفى ههنا
أَي ثارَ وذهب وشَعِثَ وتساقط، وكان رآه قبل ذلك ناعماً فَيْنانَ الشَّعَر
فرآه متغيراً عما كان عَهِده، فتعجب منه وأَدام النظر إِليه، وكان عمر
قبل الخلافة مُنَعَّماً مُتْرَفاً، فلما اسْتُخْلِف تَشَعَّث وتَقَشَّف.
وانْتَفى شعرُ الإِنسان ونَفى إِذا تساقط. والسَّيْل يَنْفي الغُثاء:
يحمله ويدفعه؛ قال أَبو ذؤيب يصف يراعاً:
سَبيّ مِنْ أَباءَتِهِ نَفاهُ
أَتيٌّ مَدَّهُ صُحَرٌ ولُوبُ
(* قوله« من اباءته» تقدم في مادة صحر: من يراعته، وفسرها هناك.)
ونَفَيانُ السَّيْلِ: ما فاض من مجتمعه كأَنه يجتمع في الأَنهار
الإِخاذاتُ ثم يَفِيضُ إِذا ملأَها، فذلك نَفَيانُه. ونَفى الرجلُ عن الأَرض
ونَفَيْتُه عنها: طردته فانْتَفى؛ قال القُطامي:
فأَصْبح جاراكُمْ قَتِيلاً ونافِياً
أَصَمَّ فزادوا، في مَسامِعِه، وَقْرا
أَي مُنْتَفِياً. ونَفَوْته: لغة في نَفَيْته. يقال: نَفَيْت الرجلَ
وغيرَه أَنْفِيه نَفْياً إِذا طردته. قال الله تعالى: أَو يُنْفَوْا من
الأَرض؛ قال بعضهم: معناه مَن قَتَله فدَمُه هَدَرٌ أَي لا يطالَب قاتله
بدمه، وقيل: أَو يُنْفَوْا من الأَرض يُقاتَلون حَيْثُما تَوَجَّهوا منها
لأَنه كونٌ، وقيل: نَفْيُهم إِذا لم يَقْتلوا ولم يأْخذوا مالاً أَن
يُخَلَّدوا في السجن إِلا أَن يتوبوا قبل أَن يُقْدَر عليهم. ونَفْيُ الزاني
الذي لم يُحْصِنْ: أَن يُنْفى من بلده الذي هو به إِلى بلد آخر سَنَةً، وهو
التغريب الذي جاء في الحديث. ونَفْيُ المُخَنَّث: أَن لا يُقَرّ في مدن
المسلمين؛ أَمَرَ النبيُّ،صلى الله عليه وسلم، بنَفْي هِيتٍ وماتعٍ وهما
مُخَنَّثان كانا بالمدينة؛ وقال بعضهم: اسمه هِنْبٌ، بالنون، وإِنما سمي
هِنْباً لحمقه. وانْتَفى منه: تبرَّأَ. ونَفى الشيءَ نَفْياً: جَحَده.
ونَفى ابنَه: جحَده، وهو نَفِيٌّ منه، فَعِيل بمعنى مفعول. يقال: انْتَفى
فلان من ولده إِذا نَفاه عن أَن يكون له ولداً. وانْتَفى فلان من فلان
وانْتَفَل منه إِذا رَغِب عنه أَنَفاً واستِنْكافاً. ويقال: هذا يُنافي ذلك
وهما يَتَنافَيانِ. ونَفَتِ الريحُ التراب نَفْياً ونَفَياناً: أَطارته.
والنَّفِيُّ: ما نَفَتْه. وفي الحديث: المدينة كالكِيرِ تَنْفِي خَبَثَها
أَي تخرجه عنها، وهو من النَّفْي الإِبْعادِ عن البلد. يقال: نَفَيْته
أَنْفِيه نَفْياً إِذا أَخرجته من البلد وطردته.ونَفِيُّ القِدْرِ: ما
جَفَأَتْ به عند الغَلْي. الليث: نَفِيُّ الريح ما نَفَى من التراب من أُصول
الحيطان ونحوه، وكذلك نَفِيُّ المطر ونَفِيُّ القِدْر. الجوهري: نَفِيُّ
الريح ما تَنْفي في أُصول الشجر من التراب ونحوه، والنَّفَيان مثله،
ويُشَبّه به ما يَتَطَرَّف من معظم الجيش؛ وقالت العامرية:
وحَرْبٍ يَضِجُّ القومُ من نَفَيانِها،
ضَجِيجَ الجِمالِ الجِلَّةِ الدَّبِرات
ونَفَتِ السحابةُ الماءَ: مَجَّته، وهو النَّفَيان؛ قال سيبويه: هو
السحاب يَنْفي أَوَّلَ شيءٍ رَشًّا أَو بَرَداً، وقال: إِنما دعاهم للتحريك
أَنَّ بعدها ساكناً فحرَّكوا كما قالوا رَمَيَا وغَزَوَا، وكرهوا الحذف
مخافة الالتباس، فيصير كأَنه فَعَالٌ من غير بنات الواو والياء، وهذا
مُطَّرِد إِلا ما شذ. الأَزهري: ونَفَيانُ السحابِ ما نَفته السحابة من مائها
فأَسالته؛ وقال ساعدة الهذلي:
يَقْرُو به نَفَيانَ كلِّ عَشِيَّةٍ،
فالماءُ فوقَ مُتونِه يَتَصَبَّبُ
والنَّفْوةُ: الخَرْجة من بلد إِلى بلد. والطائر يَنْفِي بجناحيه
نَفَياناً كما تَنْفي السحابةُ الرَّشَّ والبَرَدَ. والنَّفَيانُ والنَّفِيُّ
والنَّثِيُّ: ما وقَع عن الرِّشاء من الماء على ظهر المُسْتَقي لأَن
الرِّشاء يَنْفيه، وقيل: هو تطايُر الماء عن الرِّشاء عند الاستقاء، وكذلك هو
من الطين. الجوهري: ونَفِيُّ المطر، على فَعِيل، ما تَنْفِيه وتَرُشُّه،
وكذلك ما تطاير من الرشاء على ظَهْر الماتح؛ قال الأَخيل:
كأَنَّ مَتَنَيْهِ من النَّفِيّ،
مِن طُولِ إِشْرافِي على الطَّويّ،
مَواقِعُ الطَّيْرِ على الصُّفِيّ
قال ابن سيده: كذا أَنشده أَبو عليّ، وأَنشده ابن دريد في الجمهرة:
كأَنَّ مَتْنَيَّ، قال: وهو الصحيح لقوله بعده:
من طول إِشرافي على الطويّ
وفسره ثعلب فقال: شَبَّه الماء وقد وقع على مَتْنِ المُسْتَقِي بذَرْقِ
الطائر على الصُّفِيّ؛ قال الأَزهري: هذا ساقٍ كان أَسْوَدَ الجِلْدة
واسْتَقَى من بئر مِلْحٍ، وكان يَبْيَضُّ نَفِيُّ الماء على ظهره إِذا ترشش
لأَنه كان مِلْحاً. ونَفِيُّ الماء: ما انْتَضَحَ منه إِذا نُزِع من
البئر. والنَّفِيُّ: ما نَفَتْه الحَوافِر من الحَصَى وغيره في السير.
وأَتاني نَفِيُّكم أَي وعيدكم الذي توعدونني.
ونُفايَةُ الشيءِ: بقيته وأَردؤه، وكذلك نُفاوته ونَفاته ونَفايَتُه
ونِفْوَته ونِفْيته ونَفِيُّه، وخص ابن الأَعرابي به رديء الطعام. قال ابن
سيده: وذكرنا النِّفْوة والنُّفاوة ههنا لأَنها معاقبة، إِذ ليس في الكلام
ن ف و وضعاً. والنُّفايةُ: المَنفِيُّ القليل مثل البُراية والنُّحاتة.
أَبو زيد: النِّفْية والنِّفْوة وهما الاسم لنَفِيِّ الشيء إِذا
نَفَيْته. الجوهري: والنِّفوة، بالكسر، والنِّفْية أَيضاً كل ما نَفَيْتَ.
والنُّفاية، بالضم: ما نَفَيْته من الشيء لرداءَته.
ابن شميل: يقال للدائرة التي في قصاص الشعر النَّافِية، وقُصاصُ
الشَّعَرِ مُقدَّمه. ويقال: نَفَيتُ الشعر أَنْفِيه نَفْياً ونُفاية إِذا
رَدَدْتَه. والنَّفِيّة: شِبْه طَبَق من خوص يُنْفى به الطعام. والنَّفِيَّة
والنُّفْية: سُفرة مُدَوَّرَة تتخذ من خوص؛ الأَخيرة عن الهروي. ابن
الأَعرابي: النُّفية والنَّفِيّة شيء مُدوَّر يُسَفُّ من خصوص النخل، تسميها
الناس النَّبِيَّة وهي النَّفِيَّة. وفي الحديث عن زيد بن أَسلم قال:
أَرسلني أَبي إِلى ابنعمر، وكان لنا غنم، فجةئت ابن عمر فقلت: أَأَدخل وأَنا
أَعرابي نشأْت مع أَبي في البادية؟فكأَنه عرف صوتي فقال: ادخل، وقال: يا
ابن أَخي إِذا جئت فوقفت على الباب فقل السلام عليكم، فإِذا ردُّوا عليك
السلام فقل أَأَدخل؟ فإِن أَذِنوا وإِلا فارجع، فقلت: إِنَّ أَبي أَرسلني
إِليك تكتب إِلى عاملك بخيبر يصنع لنا نَفِيَّتَيْن نُشَرِّرُ عليهما
الأَقطَ، فأَمر قَيِّمة لنا بذلك، فبينا أَنا عنده خرج عبد الله بن واقد من
البيت إِلى الحُجْرة وإِذا عليه مِلحفة يَجُرُّها فقال: أَيْ بُنيَّ
ارفع ثوبك، فإِني سمعت النبي،صلى الله عليه وسلم ، يقول: لا ينظر الله إِلى
عبد يجرّ ثوبه من الخُيلاء، فقال: يا أَبتِ إِنما بي دماميل؛ قال أَبو
الهيثم: أَراد بِنَفِيَّتَين سُفْرتين من خوص؛ قال ابن الأَثير: يروى
نَفِيتَيْن، بوزن بعيرين، وإِنما هو نَفِيَّتَيْن، على وزن شَقِيَّتين،
واحدتهما نَفِيَّة كطَوِيَّة، وهي شيء يعمل من الخوص شِبه الطَّبَق عريض. وقال
الزمخشري: قال النضر النُّفْتة بوزن الظُّلْمة، وعوض الياء تاء فوقها
نقطتان؛ وقال غيره: هي بالياء وجمعها نُفًى كنُهْية ونُهًى، والكل شيء يعمل
من الخوص مدوَّر واسع كالسفرة. والنَّفيُّ، بغير هاء: تُرْسٌ يعمل من
خوص. وكلُّ ما رددته فقد نَفَيته.
ابن بري: والنُّفَأُ لُمَعٌ من البقل، واحدتُه نُفْأَةٌ؛ قال:
نُفَأٌ من القُرَّاصِ والزُّبّاد
وما جَرَّبْتُ عليه نُفْية في كلامه أَي سقَطةً وفضيحةً. ونَفَيْتُ
الدَّراهم: أَثَرْتُها للانتقاد؛ قال:
تَنْفِي يَداها الحَصَى في كلّ هاجِرةٍ،
نَفْيَ الدراهِمِ تَنْقادُ الصَّياريف
يمن: اليُمْنُ: البَركةُ؛ وقد تكرر ذكره في الحديث. واليُمْنُ: خلاف
الشُّؤم، ضدّه. يقال: يُمِنَ، فهو مَيْمُونٌ، ويَمَنَهُم فهو يامِنٌ. ابن
سيده: يَمُنَ الرجلُ يُمْناً ويَمِنَ وتَيَمَّنَ به واسْتَيْمَن، وإنَّه
لمَيْمونٌ
عليهم. ويقال: فلان يُتَيَمَّنُ برأْيه أَي يُتَبَرَّك به، وجمع
المَيْمونِ مَيامِينُ. وقد يَمَنَه اللهُ يُمْناً، فهو مَيْمُونٌ، والله
الْيَامِنُ. الجوهري: يُمِن فلانٌ على قومه، فهو مَيْمُونٌ إذا صار مُبارَكاً
عليهم، ويَمَنَهُم، فهو يامِنٌ، مثل شُئِمَ وشَأَم. وتَيَمَّنْتُ به:
تَبَرَّكْتُ.
والأَيامِنُ: خِلاف الأَشائم؛ قال المُرَقِّش، ويروى لخُزَزَ بن
لَوْذَانَ.
لا يَمنَعَنَّكَ، مِنْ بُغَا
ءِ الخَيْرِ، تَعْقَادُ التَّمائم
وكَذَاك لا شَرٌّ ولا
خَيْرٌ، على أَحدٍ، بِدَائم
ولَقَدْ غَدَوْتُ، وكنتُ لا
أَغْدُو على وَاقٍ وحائم
فإذَا الأَشائِمُ كالأَيا
مِنِ، والأَيامنُ كالاشائم
وقول الكيمت:
ورَأَتْ قُضاعةُ في الأَيا
مِنِ رَأْيَ مَثْبُورٍ وثابِرْ
يعني في انتسابها إلى اليَمَن، كأَنه جمع اليَمَنَ على أَيْمُن ثم على
أَيَامِنَ مثل زَمَنٍ وأَزْمُن. ويقال: يَمِينٌ وأَيْمُن وأَيمان ويُمُن؛
قال زُهَير:
وحَقّ سلْمَى على أَركانِها اليُمُنِ
ورجل أَيْمَنُ: مَيْمُونٌ، والجمع أَيامِنُ. ويقال: قَدِمَ فلان على
أَيْمَنِ اليُمْن أَي على اليُمْن. وفي الصحاح: قدم فلان على أَيْمَن
اليَمِين أَي اليُمْن. والمَيْمنَةُ: اليُمْنِ. وقوله عز وجل: أُولئك أَصحاب
المَيْمَنةِ؛ أَي أَصحاب اليُمْن على أَنفسهم أَي كانوا مَامِينَ على
أَنفسهم غير مَشَائيم، وجمع المَيْمَنة مَيَامِنُ.
واليَمِينُ: يَمِينُ الإنسانِ وغيرِه، وتصغير اليَمِين يُمَيِّن،
بالتشديد بلا هاء. وقوله في الحديث: إِنه كان يُحِبُّ التَّيَمُّنَ في جميع
أَمره ما استطاع؛ التَّيَمُّنُ: الابتداءُ في الأَفعال باليد اليُمْنى
والرِّجْلِ اليُمْنى والجانب الأَيمن. وفي الحديث: فأَمرهم أَن
يَتَيَامَنُواعن الغَمِيم أَي يأْخذوا عنه يَمِيناً. وفي حديث عَدِيٍّ: فيَنْظُرُ
أَيْمَنَ منه فلا يَرَى إلاَّ ما قَدَّم؛ أَي عن يمينه. ابن سيده: اليَمينُ
نَقِيضُ اليسار، والجمع أَيْمانُ وأَيْمُنٌ
ويَمَائنُ. وروى سعيد بن جبير في تفسيره عن ابن عباس أَنه قال في كهيعص:
هو كافٍ هادٍ يَمِينٌ
عَزِيزٌ صادِقٌ؛ قال أَبو الهيثم: فجعَل قولَه كاف أَوَّلَ اسم الله
كافٍ، وجعَلَ الهاء أَوَّلَ اسمه هادٍ، وجعلَ الياء أَوَّل اسمه يَمِين من
قولك يَمَنَ اللهُ الإنسانَ يَمينُه يَمْناً ويُمْناً، فهو مَيْمون، قال:
واليَمِينُ واليامِنُ يكونان بمعنى واحد كالقدير والقادر؛ وأَنشد:
بَيْتُكَ في اليامِنِ بَيْتُ الأَيْمَنِ
قال: فجعَلَ اسم اليَمِين مشقّاً من اليُمْنِ، وجعل العَيْنَ عزيزاً
والصاد صادقاً، والله أَعلم. قال اليزيدي: يَمَنْتُ أَصحابي أَدخلت عليهم
اليَمِينَ، وأَنا أَيْمُنُهم يُمْناً ويُمْنةً ويُمِنْتُ عليهم وأَنا
مَيْمونٌ
عليهم، ويَمَنْتُهُم أَخَذْتُ على أَيْمانِهم، وأَنا أَيْمَنُهُمْ
يَمْناً ويَمْنةً، وكذلك شَأَمْتُهُم. وشأَمْتُهُم: أَخَذتُ على شَمائلهم،
ويَسَرْتُهم: أَخذْتُ على يَسارهم يَسْراً. والعرب تقول: أَخَذَ فلانٌ
يَميناً وأَخذ يساراً، وأَخذَ يَمْنَةً أَو يَسْرَةً. ويامَنَ فلان:
أَخذَ ذاتَ اليَمِين، وياسَرَ: أَخذَ ذاتَ الشِّمال. ابن السكيت: يامِنْ
بأَصحابك وشائِمْ بهم أَي خُذْ بهم يميناً وشمالاً، ولا يقال: تَيامَنْ بهم
ولا تَياسَرْ بهم؛ ويقال: أَشْأَمَ الرجلُ وأَيْمَنَ إذا أَراد اليَمين،
ويامَنَ وأَيْمَنَ إذا أَراد اليَمَنَ. واليَمْنةُ: خلافُ اليَسْرة.
ويقال: قَعَدَ فلان يَمْنَةً. والأَيْمَنُ والمَيْمَنَة: خلاف الأَيْسَر
والمَيْسَرة. وفي الحديث: الحَجرُ الأَسودُ يَمينُ الله في الأَرض؛ قال ابن
الأَثير: هذا كلام تمثيل وتخييل، وأَصله أَن الملك إذا صافح رجلاً قَبَّلَ
الرجلُ يده، فكأنَّ الحجر الأَسود لله بمنزلة اليمين للملك حيث يُسْتلَم
ويُلْثَم. وفي الحديث الآخر: وكِلْتا يديه يمينٌ
أَي أَن يديه، تبارك وتعالى، بصفة الكمال لا نقص في واحدة منهما لأَن
الشمال تنقص عن اليمين، قال: وكل ما جاء في القرآن والحديث من إضافة اليد
والأَيدي واليمين وغير ذلك من أَسماء الجوارح إلى الله عز وجل فإنما هو
على سبيل المجاز والاستعارة، والله منزَّه عن التشبيه والتجسيم. وفي حديث
صاحب القرآن يُعْطَى الملْكَ بِيَمِينه والخُلْدَ بشماله أَي يُجْعَلانِ
في مَلَكَتِه، فاستعار اليمين والشمال لأَن الأَخذ والقبض بهما؛ وأَما
قوله:
قَدْ جَرَتِ الطَّيرُ أَيامِنِينا،
قالتْ وكُنْتُ رجُلاً قَطِينا:
هذا لعَمْرُ اللهِ إسْرائينا
قال ابن سيده: عندي أَنه جمع يَميناً على أَيمانٍ، ثم جمع أَيْماناً على
أَيامِين، ثم أَراد وراء ذلك جمعاً آخر فلم يجد جمعاً من جموع التكسير
أَكثر من هذا، لأَن باب أَفاعل وفواعل وفعائل ونحوها نهاية الجمع، فرجع
إلى الجمع بالواو والنون كقول الآخر:
فهُنَّ يَعْلُكْنَ حَدائداتها
لَمّا بلَغ نهاية الجمع التي هي حَدَائد فلم يجد بعد ذلك بناء من أَبنية
الجمع المكسَّر جَمَعه بالأَلف والتاء؛ وكقول الآخر:
جَذْبَ الصَّرَارِيِّينَ بالكُرور
جَمَع صارِياً على صُرَّاء، ثم جَمع صُرَّاء على صَراريّ، ثم جمعه على
صراريين، بالواو والنون، قال: وقد كان يجب لهذا الراجز أَن يقول
أَيامينينا، لأَن جمع أَفْعال كجمع إفْعال، لكن لمَّا أَزمَع أَن يقول في النصف
الثاني أَو البيت الثاني فطينا، ووزنه فعولن، أَراد أَن يبني قوله
أَيامنينا على فعولن أَيضاً ليسوي بين الضربين أَو العروضين؛ ونظير هذه التسوية
قول الشاعر:
قد رَوِيَتْ غيرَ الدُّهَيْدِهينا
قُلَيِّصاتٍ وأُبَيْكِرينا
كان حكمه أَن يقول غير الدُّهَيْدِيهينا، لأَن الأَلف في دَهْداهٍ رابعة
وحكم حرف اللين إذا ثبت في الواحد رابعاً أَن يثبت في الجمع ياء، كقولهم
سِرْداح وسَراديح وقنديل وقناديل وبُهْلُول وبَهاليل، لكن أَراد أَن
يبني بين
(* قوله «يبني بين» كذا في بعض النسخ، ولعل الأظهريسوي بين كما
سبق). دُهَيْدِهينا وبين أُبَيْكِرينا، فجعل الضَّرْبَيْنِ جميعاً أو
العَرُوضَيْن فَعُولُن، قال: وقد يجوز أَن يكون أَيامنينا جمعَ أَيامِنٍ الذي
هو جمع أَيمُنٍ فلا يكون هنالك حذف؛ وأَما قوله:
قالت، وكنتُ رجُلاً فَطِينا
فإن قالت هنا بمعنى ظنت، فعدّاه إلى مفعولين كما تعَدَّى ظن إلى
مفعولين، وذلك في لغة بني سليم؛ حكاه سيبويه عن الخطابي، ولو أَراد قالت التي
ليست في معنى الظن لرفع، وليس أَحد من العرب ينصب بقال التي في معنى ظن
إلاَّ بني سُلَيم، وهي اليُمْنَى فلا تُكَسَّرُ
(* قوله «وهي اليمنى فلا
تكسر» كذا بالأصل، فانه سقط من نسخة الأصل المعول عليها من هذه المادة نحو
الورقتين، ونسختا المحكم والتهذيب اللتان بأيدينا ليس فيهما هذه المادة
لنقصهما). قال الجوهري: وأَما قول عمر، رضي الله عنه، في حديثه حين ذكر ما
كان فيه من القَشَفِ والفقر والقِلَّة في جاهليته، وأَنه واخْتاً له خرجا
يَرْعَيانِ ناضِحاً لهما، قال: أَلْبَسَتْنا أُمُّنا نُقْبَتَها
وزَوَّدَتْنا بيُمَيْنَتَيها من الهَبِيدِ كلَّ يومٍ، فيقال: إنه أَراد
بيُمَيْنَتَيْها تصغير يُمْنَى، فأَبدل من الياء الأُولى تاء إذ كانت للتأْنيث؛
قال ابن بري: الذي في الحديث وزوَّدتنا يُمَيْنَتَيْها مخففة، وهي تصغير
يَمْنَتَيْن تثنية يَمْنَة؛ يقال: أَعطاه يَمْنَة من الطعام أَي أَعطاه
الطعام بيمينه ويده مبسوطة. ويقال: أَعطى يَمْنَةً ويَسْرَةً إذا أَعطاه
بيده مبسوطة، والأَصل في اليَمْنةِ أَن تكون مصدراً كاليَسْرَة، ثم سمي
الطعام يَمْنَةً لأَنه أُعْطِي يَمْنَةً أَي باليمين، كما سَمَّوا الحَلِفَ
يَميناً لأَنه يكون بأْخْذِ اليَمين؛ قال: ويجوز أَن يكون صَغَّر يَميناً
تَصْغِيرَ الترخيم، ثم ثنَّاه، وقيل: الصواب يَمَيِّنَيْها، تصغير يمين،
قال: وهذا معنى قول أَبي عبيد. قال: وقول الجوهري تصغير يُمْنى صوابه
أَن يقول تصغير يُمْنَنَيْن تثنية يُمْنَى، على ما ذكره من إبدال التاء من
الياء الأُولى. قال أَبو عبيد: وجه الكلام يُمَيِّنَيها، بالتشديد،
لأَنه تصغير يَمِينٍ، قال: وتصغير يَمِين يُمَيِّن بلا هاء. قال ابن سيده:
وروي وزَوَّدتنا بيُمَيْنَيْها، وقياسه يُمَيِّنَيْها لأَنه تصغير يَمِين،
لكن قال يُمَيْنَيْها على تصغير الترخيم، وإنما قال يُمَيْنَيْها ولم يقل
يديها ولا كفيها لأَنه لم يرد أَنها جمعت كفيها ثم أَعطتها بجميع
الكفين، ولكنه إنما أَراد أَنها أَعطت كل واحد كفّاً واحدة بيمينها، فهاتان
يمينان؛ قال شمر: وقال أَبو عبيد إنما هو يُمَيِّنَيْها، قال: وهكذا قال
يزيد بن هرون؛ قال شمر: والذي آختاره بعد هذا يُمَيْنَتَيْها لأَن
اليَمْنَةَ إنما هي فِعْل أَعطى يَمْنةً ويَسْرَة، قال: وسعت من لقيت في غطفانَ
يتكلمون فيقولون إذا أهْوَيْتَ بيمينك مبسوطة إلى طعام أَو غيره فأَعطيت
بها ما حَمَلَتْه مبسوطة فإنك تقول أَعطاه يَمْنَةً من الطعام، فإن أَعطاه
بها مقبوضة قلت أَعطاه قَبْضَةً من الطعام، وإن حَشَى له بيده فهي
الحَثْيَة والحَفْنَةُ، قال: وهذا هو الصحيح؛ قال أَبو منصور: والصواب عندي ما
رواه أَبو عبيد يُمَيْنَتَيْها، وهو صحيح كما روي، وهو تصغير
يَمْنَتَيْها، أَراد أَنها أَعطت كل واحد منهما بيمينها يَمْنةً، فصَغَّرَ اليَمْنَةَ ثم
ثنَّاها فقال يُمَيْنَتَيْنِ؛ قال: وهذا أَحسن الوجوه مع السماع. وأَيْمَنَ:
أَخَذَ يَميناً.ويَمَنَ به ويامَنَ ويَمَّن وتَيامَنَ: ذهب به ذاتَ
اليمين. وحكى سيبويه: يَمَنَ يَيْمِنُ أَخذ ذاتَ اليمين، قال: وسَلَّمُوا
لأَن الياء أَخف عليهم من الواو، وإن جعلتَ اليمين ظرفاً لم تجمعه؛ وقول
أَبي النَّجْم:
يَبْري لها، من أَيْمُنٍ وأَشْمُلِ،
ذو خِرَقٍ طُلْسٍ وشخصٍ مِذْأَلِ
(* قوله «يبري لها» في التكملة الرواية: تبري له، على التذكير أي
للممدوح، وبعده:
خوالج بأسعد أن أقبل
والرجز للعجاج).
يقول: يَعْرِض لها من ناحية اليمين وناحية الشمال، وذهب إلى معنى
أَيْمُنِ الإبل وأَشْمُلِها فجمع لذلك؛ وقال ثعلبة بن صُعَيْر:
فتَذَكَّرَا ثَقَلاً رَثِيداً، بعدما
أَلْقَتْ ذُكاءُ يَمِينَها في كافِر
يعني مالت بأَحد جانبيها إلى المغيب. قال أَبو منصور: اليَمينُ في كلام
العرب على وُجوه، يقال لليد اليُمْنَى يَمِينٌ. واليَمِينُ: القُوَّة
والقُدْرة؛ ومنه قول الشَّمّاخ:
رأَيتُ عَرابةَ الأَوْسِيَّ يَسْمُو
إلى الخَيْراتِ، مُنْقَطِعَ القَرينِ
إذا ما رايةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ،
تَلَقَّاها عَرابَةُ باليَمينِ
أَي بالقوَّة. وفي التنزيل العزيز: لأَخَذْنا منه باليَمين؛ قال الزجاج:
أَي بالقُدْرة، وقيل: باليد اليُمْنَى. واليَمِينُ: المَنْزِلة.
الأَصمعي: هو عندنا باليَمِينِ أَي بمنزلة حسَنةٍ؛ قال: وقوله تلقَّاها عَرابة
باليمين، قيل: أَراد باليد اليُمْنى، وقيل: أَراد بالقوَّة والحق. وقوله
عز وجل: إنكم كنتم تَأْتونَنا عن اليَمين؛ قال الزجاج: هذا قول الكفار
للذين أَضَلُّوهم أَي كنتم تَخْدَعُوننا بأَقوى الأَسباب، فكنتم تأْتوننا من
قِبَلِ الدِّين فتُرُوننا أَن الدينَ والحَقَّ ما تُضِلُّوننا به
وتُزَيِّنُون لنا ضلالتنا، كأَنه أَراد تأْتوننا عن المَأْتَى السَّهْل، وقيل:
معناه كنتم تأْتوننا من قِبَلِ الشَّهْوة لأَن اليَمِينَ موضعُ الكبد،
والكبدُ مَظِنَّةُ الشهوة والإِرادةِ، أَلا ترى أَن القلب لا شيء له من ذلك
لأَنه من ناحية الشمال؟ وكذلك قيل في قوله تعالى: ثم لآتِيَنَّهم من بين
أَيديهم ومن خَلْفهم وعن أَيمانهم وعن شَمائلهم؛ قيل في قوله وعن
أَيمانهم: من قِبَلِ دينهم، وقال بعضهم: لآتينهم من بين أَيديهم أَي
لأُغْوِيَنَّهم حتى يُكذِّبوا بما تقَدَّم من أُمور الأُمم السالفة، ومن خلفهم حتى
يكذبوا بأَمر البعث، وعن أَيمانهم وعن شمائلهم لأُضلنَّهم بما يعملون
لأَمْر الكَسْب حتى يقال فيه ذلك بما كسَبَتْ يداك، وإن كانت اليدان لم
تَجْنِيا شيئاً لأَن اليدين الأَصل في التصرف، فجُعِلتا مثلاً لجميع ما عمل
بغيرهما. وأَما قوله تعالى: فَراغَ عليهم ضَرْباً باليمين؛ ففيه أَقاويل:
أَحدها بيمينه، وقيل بالقوَّة، وقيل بيمينه التي حلف حين قال: وتالله
لأَكِيدَنَّ أَصنامَكم بعدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرين.
والتَّيَمُّنُ: الموت. يقال: تَيَمَّنَ فلانٌ
تيَمُّناً إذا مات، والأَصل فيه أَنه يُوَسَّدُ يَمينَه إذا مات في
قبره؛ قال الجَعْدِيّ
(* قوله «قال الجعدي» في التكملة: قال أبو سحمة
الأعرابي):
إذا ما رأَيْتَ المَرْءَ عَلْبَى، وجِلْدَه
كضَرْحٍ قديمٍ، فالتَّيَمُّنُ أَرْوَحُ
(* قوله «وجلده» ضبطه في التكملة بالرفع والنصب).
عَلْبَى: اشْتَدَّ عِلْباؤُه وامْتَدَّ، والضِّرْحُ: الجِلدُ،
والتَّيَمُّن: أَ يُوَسَّدَ
يمِينَه في قبره. ابن سيده: التَّيَمُّن أَن يُوضعَ الرجل على جنبه
الأَيْمن في القبر؛ قال الشاعر:
إذا الشيخُ عَلْبى، ثم أَصبَحَ جِلْدُه
كرَحْضٍ غَسيلٍ، فالتَّيَمُّنُ أَرْوَحُ
(* لعل هذه رواية أخرى لبيت الجعدي الوارد في الصفحة السابقة).
وأَخذَ يَمْنةً ويَمَناً ويَسْرَةً ويَسَراً أَي ناحيةَ يمينٍ ويَسارٍ.
واليَمَنُ: ما كان عن يمين القبلة من بلاد الغَوْرِ، النَّسَبُ إليه
يَمَنِيٌّ
ويَمانٍ، على نادر النسب، وأَلفه عوض من الياء، ولا تدل على ما تدل عليه
الياء، إذ ليس حكم العَقِيب أَن يدل على ما يدل عليه عَقيبه دائباً، فإن
سميت رجلاً بيَمَنٍ ثم أَضفت إليه فعلى القياس، وكذلك جميع هذا الضرب،
وقد خصوا باليمن موضعاً وغَلَّبوه عليه، وعلى هذا ذهب اليَمَنَ، وإنما
يجوز على اعتقاد العموم، ونظيره الشأْم، ويدل على أَن اليَمن جنسيّ غير
علميّ أَنهم قالوا فيه اليَمْنة والمَيْمَنة. وأَيْمَنَ القومُ ويَمَّنُوا:
أَتَوا اليَمن؛ وقول أَبي كبير الهذلي:
تَعْوي الذئابُ من المَخافة حَوْلَه،
إهْلالَ رَكْبِ اليامِن المُتَطوِّفِ
إمّا أَن يكون على النسب، وإِما أَن يكون على الفعل؛ قال ابن سيده: ولا
أََعرف له فعلاً. ورجل أَيْمَنُ: يصنع بيُمْناه. وقال أَبو حنيفة: يَمَنَ
ويَمَّنَ جاء عن يمين.
واليَمِينُ: الحَلِفُ والقَسَمُ، أُنثى، والجمع أَيْمُنٌ وأَيْمان. وفي
الحديث: يَمِينُك على ما يُصَدِّقُك به صاحبُك أَي يجب عليك أَن تحلف له
على ما يُصَدِّقك به إذا حلفت له.
الجوهري: وأَيْمُنُ اسم وُضعَ للقسم، هكذا بضم الميم والنون وأَلفه أَلف
وصل عند أَكثر النحويين، ولم يجئ في الأَسماء أَلف وصل مفتوحة غيرها؛
قال: وقد تدخل عليه اللام لتأْكيد الابتداء تقول: لَيْمُنُ اللهِ، فتذهب
الأَلف في الوصل؛ قال نُصَيْبٌ:
فقال فريقُ القومِ لما نشَدْتُهُمْ:
نَعَمْ، وفريقٌ: لَيْمُنُ اللهِ ما نَدْري
وهو مرفوع بالابتداء، وخبره محذوف، والتقدير لَيْمُنُ الله قَسَمِي،
ولَيْمُنُ الله ما أُقسم به، وإذا خاطبت قلت لَيْمُنُك. وفي حديث عروة بن
الزبير أَنه قال: لَيْمُنُك لَئِنْ كنت ابْتَلَيْتَ لقد عافَيْتَ، ولئن كنت
سَلبْتَ لقد أَبقَيْتَ، وربما حذفوا منه النون قالوا: أَيْمُ الله وإيمُ
الله أَيضاً، بكسر الهمزة، وربما حذفوا منه الياء، قالوا: أَمُ اللهِ،
وربما أَبْقَوُا الميم وحدها مضمومة، قالوا: مُ اللهِ، ثم يكسرونَها
لأَنها صارت حرفاً واحداً فيشبهونها بالباء فيقولون مِ اللهِ، وربما قالوا
مُنُ الله، بضم الميم والنون، ومَنَ الله
بفتحها، ومِنِ الله بكسرهما؛ قال ابن الأَثير: أَهل الكوفة يقولون
أَيْمُن جمعُ يَمينِ القَسَمِ، والأَلف فيها أَلف وصل تفتح وتكسر، قال ابن
سيده: وقالوا أَيْمُنُ الله وأَيْمُ اللهِ وإيمُنُ اللهِ ومُ اللهِ، فحذفوا،
ومَ اللهِ أُجري مُجْرَى مِ اللهِ. قال سيبويه: وقالوا لَيْمُ الله،
واستدل بذلك على أَن أَلفها أَلف وصل. قال ابن جني: أَما أَيْمُن في القسم
ففُتِحت الهمزة منها، وهي اسم من قبل أَن هذا اسم غير متمكن، ولم يستعمل
إلا في القسَم وحده، فلما ضارع الحرف بقلة تمكنه فتح تشبيهاً بالهمزة
اللاحقة بحرف التعريف، وليس هذا فيه إلا دون بناء الاسم لمضارعته الحرف،
وأَيضاً فقد حكى يونس إيمُ الله، بالكسر، وقد جاء فيه الكسر أَيضاً كما ترى،
ويؤَكد عندك أَيضاً حال هذا الإسم في مضارعته الحرف أَنهم قد تلاعبوا به
وأَضعفوه، فقالوا مرة: مُ الله، ومرة: مَ الله، ومرة: مِ الله، فلما
حذفوا هذا الحذف المفرط وأَصاروه من كونه على حرف إلى لفظ الحروف، قوي شبه
الحرف عليه ففتحوا همزته تشبيهاً بهمزة لام التعريف، ومما يجيزه القياس،
غير أَنه لم يرد به الاستعمال، ذكر خبر لَيْمُن من قولهم لَيْمُن الله
لأَنطلقن، فهذا مبتدأٌ محذوف الخبر، وأَصله لو خُرِّج خبره لَيْمُنُ الله ما
أُقسم به لأَنطلقن، فحذف الخبر وصار طول الكلام بجواب القسم عوضاً من
الخبر.
واسْتَيْمَنْتُ الرجلَ: استحلفته؛ عن اللحياني. وقال في حديث عروة بن
الزبير: لَيْمُنُكَ إنما هي يَمينٌ، وهي كقولهم يمين الله كانوا يحلفون
بها. قال أَبو عبيد: كانوا يحلفون باليمين، يقولون يَمِينُ
الله لا أَفعل؛ وأَنشد لامرئ القيس:
فقلتُ: يَمِينُ الله أَبْرَحُ قاعِداً،
ولو قَطَعُوا رأْسي لَدَيْكِ وأَوْصالي
أَراد: لا أَبرح، فحذف لا وهو يريده؛ ثم تُجْمَعُ اليمينُ أَيْمُناً كما
قال زهير:
فتُجْمَعُ أَيْمُنٌ مِنَّا ومِنْكُمْ
بمُقْسَمةٍ، تَمُورُ بها الدِّماءُ
ثم يحلفون بأيْمُنِ الله، فيقولون وأَيْمُنُ اللهِ لأَفْعَلَنَّ كذا،
وأَيْمُن الله لا أَفعلُ كذا، وأَيْمُنْك يا رَبِّ، إذا خاطب ربَّه، فعلى
هذا قال عروة لَيْمُنُكَ، قال: هذا هو الأَصل في أَيْمُن الله، ثم كثر في
كلامهم وخفَّ على أَلسنتهم حتى حذفوا النون كما حذفوا من لم يكن فقالوا:
لم يَكُ، وكذلك قالوا أَيْمُ اللهِ؛ قال الجوهري: وإلى هذا ذهب ابن كيسان
وابن درستويه فقالا: أَلف أَيْمُنٍ أَلفُ قطع، وهو جمع يمين، وإنما خففت
همزتها وطرحت في الوصل لكثرة استعمالهم لها؛ قال أَبو منصور: لقد أَحسن
أَبو عبيد في كل ما قال في هذا القول، إلا أَنه لم يفسر قوله أَيْمُنك
لمَ ضمَّت النون، قال: والعلة فيها كالعلة في قولهم لَعَمْرُك كأَنه
أُضْمِرَ فيها يَمِينٌ
ثانٍ، فقيل وأَيْمُنك، فلأَيْمُنك عظيمة، وكذلك لَعَمْرُك فلَعَمْرُك
عظيم؛ قال: قال ذلك الأَحمر والفراء. وقال أَحمد بن يحيى في قوله تعالى:
الله لا إله إلا هو؛ كأَنه قال واللهِ الذي لا إله إلا هو ليجمعنكم. وقال
غيره: العرب تقول أَيْمُ الله وهَيْمُ الله، الأَصل أَيْمُنُ الله، وقلبت
الهمزة فقيل هَيْمُ اللهِ، وربما اكْتَفَوْا بالميم وحذفوا سائر الحروف
فقالوا مُ الله ليفعلن كذا، وهي لغات كلها، والأَصل يَمِينُ الله وأَيْمُن
الله. قال الجوهري: سميت اليمين بذلك لأَنهم كانوا إذا تحالفوا ضرب كل
امرئ منهم يَمينَه على يمين صاحبه، وإن جعلتَ اليمين ظرفاً لم تجمعه،
لأَن الظروف لا تكاد تجمع لأَنها جهات وأَقطار مختلفة الأَلفاظ، أَلا ترى
أَن قُدَّام مُخالفٌ لخَلْفَ واليَمِين مخالف للشِّمال؟ وقال بعضهم: قيل
للحَلِفِ يمينٌ
باسم يمين اليد، وكانوا يبسطون أَيمانهم إذا حلفوا وتحالفوا وتعاقدوا
وتبايعوا، ولذلك قال عمر لأَبي بكر، رضي الله عنهما: ابْسُطْ يَدَك
أُبايِعْك. قال أَبو منصور: وهذا صحيح، وإن صح أَن يميناً من أَسماء الله تعالى،
كما روى عن ابن عباس، فهو الحَلِفُ بالله؛ قال: غير أَني لم أَسمع
يميناً من أَسماء الله إلا ما رواه عطاء بن الشائب، والله أَعلم.
واليُمْنةَ واليَمْنَةُ: ضربٌ من بُرود اليمن؛ قال: واليُمْنَةَ
المُعَصَّبا. وفي الحديث: أَنه عليه الصلاة والسلام، كُفِّنَ في يُمْنة؛ هي، بضم
الياء، ضرب من برود اليمن؛ وأَنشد ابن بري لأَبي فُرْدُودة يرثي ابن
عَمَّار:
يا جَفْنَةً كإزاء الحَوْضِ قد كَفَأُوا،
ومَنْطِقاً مثلَ وَشْيِ اليُمْنَةِ الحِبَرَه
وقال ربيعة الأَسدي:
إنَّ المَودَّةَ والهَوادَةَ بيننا
خلَقٌ، كسَحْقِ اليُمْنَةِ المُنْجابِ
وفي هذه القصيدة:
إنْ يَقْتُلوكَ، فقد هَتَكْتَ بُيوتَهم
بعُتَيْبةَ بنِ الحرثِ بنِ شِهابِ
وقيل لناحية اليَمنِ يَمَنٌ لأَنها تلي يَمينَ الكعبة، كما قيل لناحية
الشأْم شأْمٌ لأَنها عن شِمال الكعبة. وقال النبي، صلى الله عليه وسلم،
وهو مُقْبِلٌ من تَبُوكَ: الإيمانُ يَمانٍ والحكمة يَمانِيَة؛ وقال أَبو
عبيد: إِنما قال ذلك لأَن الإيمان بدا من مكة، لأَنها مولد النبي، صلى الله
عليه وسلم، ومبعثه ثم هاجر إلى المدينة. ويقال: إن مكة من أَرض
تِهامَةَ، وتِهامَةُ من أَرض اليَمن، ومن هذا يقال للكعبة يَمَانية، ولهذا سمي ما
وَلِيَ مكةَ من أَرض اليمن واتصل بها التَّهائمَ، فمكة على هذا التفسير
يَمَانية، فقال: الإيمانُ يَمَانٍ، على هذا؛ وفيه وجه آخر: أَن النبي،
صلى الله عليه وسلم، قال هذا القول وهو يومئذ بتَبُوك، ومكّةُ والمدينةُ
بينه وبين اليَمن، فأَشار إلى ناحية اليَمن، وهو يريد مكة والمدينة أَي هو
من هذه الناحية؛ ومثلُ هذا قولُ النابغة يذُمُّ يزيد بن الصَّعِق وهو رجل
من قيس:
وكنتَ أَمِينَه لو لم تَخُنْهُ،
ولكن لا أَمانَةَ لليمَانِي
وذلك أَنه كان مما يلي اليمن؛ وقال ابن مقبل وهو رجل من قيس:
طافَ الخيالُ بنا رَكْباً يَمانِينا
فنسب نفسه إلى اليمن لأَن الخيال طَرَقَه وهو يسير ناحيتها، ولهذا قالوا
سُهَيْلٌ
اليَمانيّ لأَنه يُرى من ناحية اليمَنِ. قال أَبو عبيد: وذهب بعضهم إلى
أَنه، صلى الله عليه وسلم، عنى بهذا القول الأَنصارَ لأَنهم يَمانُونَ،
وهم نصروا الإسلام والمؤْمنين وآوَوْهُم فنَسب الإيمانَ إليهم، قال: وهو
أَحسن الوجوه؛ قال: ومما يبين ذلك حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه
قال لما وَفَدَ عليه وفْدُ اليمن: أَتاكم أَهلُ اليَمن هم أَلْيَنُ قلوباً
وأَرَقُّ أَفْئِدَة، الإيمانُ يَمانٍ والحكمةُ يَمانِيةٌ. وقولهم: رجلٌ
يمانٍ منسوب إلى اليمن، كان في الأَصل يَمَنِيّ، فزادوا أَلفاً وحذفوا
ياء النسبة، وكذلك قالوا رجل شَآمٍ، كان في الأَصل شأْمِيّ، فزادوا أَلفاً
وحذفوا ياء النسبة، وتِهامَةُ كان في الأَصل تَهَمَةَ فزادوا أَلفاً
وقالوا تَهامٍ. قال الأَزهري: وهذا قول الخليل وسيبويه. قال الجوهري:
اليَمَنُ بلادٌ للعرب، والنسبة إليها يَمَنِيٌّ
ويَمانٍ، مخففة، والأَلف عوض من ياء النسب فلا يجتمعان. قال سيبويه:
وبعضهم يقول يمانيّ، بالتشديد؛ قال أُميَّة ابن خَلَفٍ:
يَمانِيّاً يَظَلُّ يَشُدُّ كِيراً،
ويَنْفُخُ دائِماً لَهَبَ الشُّوَاظِ
وقال آخر:
ويَهْماء يَسْتافُ الدليلُ تُرابَها،
وليس بها إلا اليَمانِيُّ مُحْلِفُ
وقوم يَمانية ويَمانُون: مثل ثمانية وثمانون، وامرأَة يَمانية أَيضاً.
وأَيْمَن الرجلُ ويَمَّنَ ويامَنَ إذا أَتى اليمَنَ، وكذلك إذا أَخذ في
سيره يميناً. يقال: يامِنْ يا فلانُ بأَصحابك أَي خُذ بهم يَمْنةً، ولا تقل
تَيامَنْ بهم، والعامة تقوله. وتَيَمَّنَ: تنَسَّبَ إلى اليمن. ويامَنَ
القومُ وأَيْمنوا إذا أَتَوُا اليَمن. قال ابن الأَنباري: العامة
تَغْلَطُ في معنى تَيامَنَ فتظن أَنه أَخذ عن يمينه، وليس كذلك معناه عند العرب،
إنما يقولون تَيامَنَ إذا أَخذ ناحية اليَمن، وتَشاءَمَ إذا أَخذ ناحية
الشأْم، ويامَنَ إذا أَخذ عن يمينه، وشاءمَ إذا أَخذ عن شماله. قال
النبي، صلى الله عليه وسلم: إذا نشَأَتْ بَحْرِيَّةً ثم تشاءَمَتْ فتلك
عَيْنٌغُدَيْقَةٌ؛ أَراد إذا ابتدأَتِ السحابة من ناحية البحر ثم أَخذت ناحيةَ
الشأْم. ويقال لناحية اليَمَنِ يَمِينٌ
ويَمَنٌ، وإذا نسبوا إلى اليمن قالوا يَمانٍ.
والتِّيمَنِيُّ: أَبو اليَمن
(* قوله «والتيمني أبو اليمن» هكذا بالأصل
بكسر التاء، وفي الصحاح والقاموس: والتَّيمني أفق اليمن ا هـ. أي بفتحها)
، وإذا نسَبوا إلى التِّيمَنِ قالوا تِيمَنِيٌّ. وأَيْمُنُ: إسم رجل.
وأُمُّ أَيْمَن: امرأة أَعتقها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهي حاضنةُ
أَولاده فزَوَّجَها من زيد فولدت له أُسامة. وأَيْمَنُ: موضع؛ قال
المُسَيَّبُ أَو غيره:
شِرْكاً بماءِ الذَّوْبِ، تَجْمَعُه
في طَوْدِ أَيْمَنَ، من قُرَى قَسْرِ
خفف: الخَفَّةُ والخِفّةُ: ضِدُّ الثِّقَلِ والرُّجُوحِ، يكون في الجسم
والعقلِ والعملِ. خفَّ يَخِفُّ خَفّاً وخِفَّةً: صار خَفِيفاً، فهو
خَفِيفٌ وخُفافٌ، بالضم وقيل: الخَفِيفُ في الجسم، والخُفاف في التَّوَقُّد
والذكاء، وجمعها خِفافٌ. وقوله عز وجل: انفروا خِفافاً وثقالاً؛ قال الزجاج
أَي مُوسرين أَو مُعْسِرين، وقيل: خَفَّتْ عليكم الحركة أَو ثَقُلَت،
وقيل: رُكباناً ومُشاة، وقيل: شُبَّاناً وشيوخاً.
والخِفُّ: كل شيء خَفَّ مَحْمَلُه. والخِفُّ، بالكسر: الخفِيف. وشيءٌ
خِفٌّ: خَفِيفٌ؛ قال امرؤ القيس:
يَزِلُّ الغُلامُ الخِفُّ عن صَهَواتِه،
ويُلْوِي بأَثْوابِ العَنِيفِ الـمُثَقَّلِ
(* وفي رواية: يطير الغلامُ الخفُّ. وفي رواية أُخرى: يُزل الغلامَ
الخِفَّ.)
ويقال: خرج فلان في خِفٍّ من أَصحابه أَي في جماعة قليلة. وخِفُّ
الـمَتاعِ: خَفِيفُه. وخَفَّ المطر: نَقَص؛ قال الجعدي:
فَتَمَطَّى زَمْخَريٌّ وارِمٌ
مِنْ رَبيعٍ، كلَّما خَفَّ هَطَلْ
(* قوله «فتمطى إلخ» في مادة زمخر، قال الجعدي: فتعالى زمخري وارم
مالت الاعراق منه واكتهل)
واسْتَخَفَّ فلان بحقي إذا اسْتَهانَ به، واسْتَخَفَّه الفرحُ إذا ارتاح
لأَمر. ابن سيده: استخفه الجَزَعُ والطَربُ خَفَّ لهما فاسْتَطار ولم
يثبُت. التهذيب: اسْتَخَفَّه الطَّرَب وأَخَفَّه إذا حمله على الخِفّة
وأَزال حِلْمَه؛ ومنه قول عبد الملك لبعض جُلسائه: لا تَغْتابَنَّ عندي
الرَّعِيّة فإنه لا يُخِفُّني؛ يقال: أَخَفَّني الشيءُ إذا أَغْضَبَك حتى حملك
على الطَّيْش، واسْتَخَفَّه: طَلَب خِفَّتَه. التهذيب: اسْتَخَفَّه فلان
إذا اسْتَجْهَله فحمله على اتِّباعه في غَيِّه، ومنه قوله تعالى: ولا
يَسْتَخفَّنَّكَ الذين لا يوقِنون؛ قال ابن سيده: وقوله تعالى: ولا
يَسْتَخِفَّنَّك، قال الزجاج: معناه لا يَسْتَفِزَّنَّك عن دينك أَي لا
يُخْرِجَنَّك الذين لا يُوقِنون لأَنهم ضُلاَّل شاكّون. التهذيب: ولا يستخفنك لا
يستفزنَّك ولا يَسْتَجْهِلَنَّك؛ ومنه: فاستخَفَّ قومَه فأَطاعوه أَي
حملهم على الخِفّة والجهل. يقال: استخفه عن رأْيه واستفزَّه عن رأْيه إذا
حمله على الجهل وأَزاله عما كان عليه من الصواب. واستخف به أَهانه.
وفي حديث عليّ، كرم اللّه وجهه، لـمَّا استخلفــه رسول اللّه، صلى اللّه
عليه وسلم، في غزوة تَبُوكَ قال: يا رسول اللّه يَزْعم المنافقون أَنك
اسْتَثْقَلْتَني وتخَفَّفْتَ مني، قالها لما استخلفــه في أَهله ولم يمضِ به
إلى تلك الغَزاةِ؛ معنى تخففت مني أَي طلبت الخفة بتخليفِك إياي وترك
اسْتصْحابي معك. وخَفَّ فلان لفلان إذا أَطاعه وانقاد له. وخَفَّتِ الأُتُنُ
لعَيرها إذا أَطاعَتْه؛ وقال الراعي يصف العَير وأُتُنه:
نَفَى بالعِراكِ حَوالِيَّها،
فَخَفَّتْ له خُذُفٌ ضُمَّرُ
والخَذُوفُ: ولد الأتان إذا سَمِنَ. واسْتَخَفَّه: رآه خَفيفاً؛ ومنه
قول بعض النحويين: استخف الهمزة الأُولى فخففها أَي لم تثقل عليه فخفَّفها
لذلك. وقوله تعالى: تَسْتَخِفُّونها يوم ظَعْنِكم؛ أَي يَخِفُّ عليكم
حملها.
والنون الخفِيفة: خلاف الثقيلة ويكنى بذلك عن التنوين أَيضاً ويقال
الخَفِيّة.
وأَخَفَّ الرجلُ إذا كانت دوابُّه خفافاً. والـمُخِفُّ: القليلُ المالِ
الخفيف الحال. وفي حديث ابن مسعود: أَنه كان خَفِيفَ ذات اليد أَي فقيراً
قليل المال والحظِّ من الدنيا، ويجمع الخَفِيفُ على أَخفافٍ؛ ومنه
الحديث: خرج شُبّانُ أَصحابه وأَخْفافُهم حُسَّراً؛ وهم الذين لا مَتاع لهم
ولا سِلاح، ويروى: خِفافُهم وأَخِفّاؤهم، وهما جمع خَفِيف أَيضاً. الليث:
الخِفّةُ خِفَّةُ الوَزْنِ وخِفّةُ الحالِ. وخفة الرَّجل: طَيْشُه
وخِفَّتُه في عمله، والفعل من ذلك كلِّه خَفَّ يَخِفُّ خِفَّة، فهو خفيف، فإذا
كان خَفيفَ القلب مُتَوَقِّداً، فهو خُفافٌ؛ وأَنشد:
جَوْزٌ خُفافٌ قَلْبُه مُثَقَّلُ
وخَفَّ القومُ خُفُوفاً أَي قَلُّوا؛ وقد خَفَّت زَحْمَتُهم. وخَفَّ له
في الخِدمةِ يَخِفُّ: خَدَمه. وأَخفَّ الرَّجل، فهو مُخِفٌ وخَفيف وخِفٌّ
أَي خَفَّت حالُه ورَقَّت وإذا كان قليل الثَّقَلِ. وفي الحديث: إنَّ
بين أَيدِينا عَقَبَةً كَؤُوداً لا يجوزها إلا الـمُخِفّ؛ يريد المخفَّ من
الذنوب وأَسبابِ الدنيا وعُلَقِها؛ ومنه الحديث أَيضاً: نَجا
المُخِفُّون. وأَخفَّ الرجلُ إذا كان قليل الثَّقَلِ في سفَره أَو
حَضَره.والتخفيفُ: ضدُّ التثقيل، واستخفَّه: خلاف اسْتَثْقَلَه. وفي الحديث:
كان إذا بعث الخُرَّاصَ قال: خَفِّفُوا الخَرْصَ فإنَّ في المال العرِيّة
والوصيّة أَي لا تَسْتَقْصُوا عليهم فيه فإنهم يُطعِمون منها ويُوصون. وفي
حديث عَطاء: خَفِّفُوا على الأَرض؛ وفي رواية: خِفُّوا أَي لا تُرْسِلوا
أَنفسكم في السجود إرْسالاً ثقيلاً فتؤثِّرُوا في جِباهِكم؛ أَراد
خِفُّوا في السجود؛ ومنه حديث مجاهد: إذا سجدتَ فتَخافَّ أَي ضَعْ جبهتك على
الأَرض وَضْعاً خفِيفاً، ويروى بالجيم، وهو مذكور في موضعه.
والخَفِيفُ: ضَرْبٌ من العروض، سمي بذلك لخِفَّته.
وخَفَّ القوم عن منزلهم خُفُوفاً: ارْتحَلُوا مسرعين، وقيل: ارتحلُوا
عنه فلم يَخُصُّوا السرعة؛ قال الأَخطل:
خَفَّ القَطِينُ فَراحُوا مِنْكَ أَو بَكَرُوا
والخُفُوفُ: سُرعةُ السير من المنزل، يقال: حان الخُفُوفُ. وفي حديث
خطبته في مرضه: أَيها الناس إنه قد دَنا مني خُفوفٌ من بين أَظْهُرِكُمْ أَي
حركةٌ وقُرْبُ ارْتِحالٍ، يريد الإنذار بموته، صلى اللّه عليه وسلم. وفي
حديث ابن عمر: قد كان مني خفوفٌ أَي عَجَلَةٌ وسُرعة سير. وفي الحديث:
لما ذكر له قتلُ أَبي جهل استخفَّه الفَرَحُ أَي تحرك لذلك وخَفَّ، وأَصله
السرعةُ. ونَعامة خَفّانةٌ: سريعة.
والخُفُّ: خُفُّ البعير، وهو مَجْمَعُ فِرْسِن البعير والناقة، تقول
العرب: هذا خُفّ البعير وهذه فِرْسِنُه. وفي الحديث: لا سَبَق إلا في خُفٍّ
أَو نَصْلٍ أَو حافر، فالخُفُّ الإبل ههنا، والحافِرُ الخيلُ، والنصلُ
السهمُ الذي يُرمى به، ولا بدّ من حذف مضاف، أَي لا سَبَقَ إلا في ذي خفّ
أَو ذي حافِرٍ أَو ذي نَصْلٍ. الجوهري: الخُف واحد أَخْفافِ البعير وهو
للبعير كالحافر للفرس. ابن سيده: وقد يكون الخف للنعام، سَوَّوْا بينهما
للتَّشابُهِ، وخُفُّ الإنسانِ: ما أَصابَ الأَرضَ من باطن قَدَمِه، وقيل:
لا يكون الخف من الحيوان إلا للبعير والنعامة. وفي حديث المغيرة: غَلِيظة
الخفّ؛ استعار خف البعير لقدم الإنسان مجازاً، والخُفّ في الأَرض أَغلظ
من النَّعْل؛ وأَما قول الراجز:
يَحْمِلُ، في سَحْقٍ من الخِفافِ،
تَوادِياً سُوِّينَ من خِلافِ
فإنما يريد به كِنْفاً اتُّخِذَ من ساقِ خُفٍّ. والخُفُّ: الذي يُلْبَس،
والجمع من كل ذلك أَخْفافٌ وخِفافٌ. وتخَفَّفَ خُفّاً: لَبِسه. وجاءت
الإبلُ على خُفّ واحد إذا تبع بعضها بعضاً كأَنها قِطارٌ، كلُّ بعير رأْسُه
على ذنب صاحبه، مقطورةً كانت أَو غير مقطورة. وأَخَفَّ الرجلَ: ذكر
قبيحه وعابَه.
وخَفّانُ: موضع أَشِبُ الغِياضِ كثير الأُسد؛ قال الأَعشى:
وما مُخْدِرٌ وَرْدٌ عليه مَهابةٌ،
أَبو أَشْبُلٍ أَضْحى بخَفّانَ حارِدا
وقال الجوهري: هو مأْسَدة؛ ومنه قول الشاعر:
شَرَنْبَث أَطْرافِ البَناننِ ضُبارِمٌ،
هَصُورٌ له في غِيلِ خَفّانَ أَشْبُلُ
والخُفّ: الجمَل الـمُسِنّ، وقيل: الضخْم؛ قال الراجز:
سأَلْتُ عَمْراً بَعْدَ بَكْرٍ خُفّا،
والدَّلْوُ قد تُسْمَعُ كيْ تَخِفّا
وفي الحديث: نهى عن حَمْيِ الأَراك إلا ما لم تَنَلْه أَخْفافُ الإبل
أََي ما لم تَبْلُغْه أَفواهُها بمشيها إليه.
وقال الأَصمعي: الخُف الجمل الـمُسِنُّ، وجمعه أَخفاف، أَي ما قَرُب من
الـمَرْعى لا يُحْمى بل يترك لـمَسانِّ الإبل وما في معناها من الضّعافِ
التي لا تَقْوى على الإمعان في طلَبِ الـمَرْعَى.
وخُفافٌ: اسم رجل، وهو خُفافُ بن نُدْبةَ السُّلمي أَحد غِرْبانِ العرب.
والخَفْخَفةُ: صوتُ الحُبارى والضَّبُعِ والخِنْزيرِ، وقد خَفْخَفَ؛ قال
جرير:
لَعَنَ الإلهُ سِبالَ تَغْلِبَ إنَّهم
ضُرِبوا بكلِّ مُخَفْخِفٍ حَنّان
وهو الخُفاخِفُ. والخَفْخَفةُ أَيضاً: صوتُ الثوب الجديد أَو الفَرْو
الجديد إذا لُبِس وحرَّكْتَه. ابن الأَعرابي: خَفْخَفَ إذا حرَّك قميصَه
الجديد فسمعت له خَفْخَفةً أَي صوتاً؛ قال الجوهري: ولا تكون الخَفْخَفةُ
إلا بعد الجَفْجَفةِ، والخَفْخَفة أَيضاً: صوت القرطاس إذا حرَّكْتَه
وقلَبته. وإنها لخَفْخافةُ الصوت أَي كأَن صوتها يخرج من أَنفها.
والخُفْخُوفُ: طائر؛ قال ابن دريد: ذكر ذلك عن أَبي الخَطاب الأَخفش،
قال ابن سيده: ولا أَدري ما صحته، قال: ولا ذكره أَحد من أَصحابنا. المفضل:
الخُفْخُوفُ الطائر الذي يقال له المِيساقُ، وهو الذي يصفق بجناحيه إذا
طار.
دلم: الأَدلَمُ: الشديد السواد من الرجال والأُسْدِ والحمير والجبال
والصَّخرِ في ملوسة، وقيل: هو الآدَمُ، وقد دَلِمَ دَلَماً. التهذيب:
الأَدْلَمُ من الرجال الطويلُ الأَسْودُ، ومن الجبل كذلك في مُلُوسَةِ الصَّخْر
غير جِدّ شديد السواد؛ قال رؤبة يصف فيلاً:
كان دَمْخاً ذا الهِضابِ الأَدْلَمَا
وقال ابن الأَعرابي: الأَدْلَمُ من الألوان الأَدْغَمُ. وقال شمر: رجل
أَدْلَمُ وجبل أَدْلَمُ، وقد دَلِمَ دَلَماً، وقد ادْلامَّ الرجلُ والحمار
ادْلِيماماً؛ وقول عنترة:
ولقد هَمَمْتُ بِغارةٍ في ليلةٍ
سَوْداءَ حالِكةٍ، كلَوْنِ الأَدْلَمِ
قالوا: الأَدْلَمُِ ههنا الأَرَنْدَجُ. ويقال للحية الأسود: أَدْلَمُ.
ويقال: الأَدْلامُ أَولاد الحيّات، واحدها دُلْمٌ. ومن أَمثالهم: أشدُّ من
دَلَمٍ؛ يقال: إنه يشبه الحيَّة يكون بناحية الحجاز؛ الدَّلَمُ يشبه
الطَّبُّوعَ وليس بالحية.
والدَّلْماءُ: ليلة ثلاثين من الشهر لسوادها.
والدَّلامُ: السواد؛ عن السيرافي. والدَّلامُ: الأسود؛ قال: وإياه عنى
سيبويه بقوله: انْعَتْ دَلاماً.
لخف: اللَّخْف: الضرْب الشديد. لخَفَه بالعصا لَخْفاً: ضرَبه؛ قال
العجاج:
وفي الحَراكِيلِ نُحور جُزَّل،
لَخْفٌ كأَشْداقِ القِلاصِ الهُزَّل
ولَخَف عيْنَه: لطَمها؛ عن ابن الأَعرابي. واللخاف: حجارة بيض عريضة
رقاق، واحدتها لَخْفة. وفي حديث زيد بن ثابت حين أَمَره أَبو بكر الصديق،
رضي اللّه عنهما، أَن يجمع القرآن قال: فجعلتُ أَتَتبَّعه من الرّقاع
واللّخاف والعُسُب. وفي حديث جارية كعب ابن مالك، رضي اللّه عنه: فأَخذَت
لِخافةً من حجر فذبحتها بها. وفي الحديث: كان اسم فرسه، صلى اللّه عليه وسلم،
اللّخيف؛ قال ابن الأَثير: كذا رواه البخاري ولم يتحققه، قال: والمعروف
بالحاء المهملة، وروي بالجيم.
واللَّخْفُ مثل الرَّخْفِ: وهو الزُّبْد الرَّقِيق. السُّلَمي:
الوَخِيفةُ واللَّخِيفةُ والخَزِيرة واحد.
وشم: ابن شميل: الوُسومُ والوُشومُ العلاماتُ. ابن سيده: الوَشْمُ ما
تجعله المرأَة على ذراعِها بالإبْرَةِ ثم تَحْشُوه بالنَّؤُور، وهو دُخان
الشحم، والجمع وُشومٌ ووِشامٌ؛ قال لبيد:
كِفَفٌ تَعَرَّضُ فوْقَهُنَّ وِشامُها
ويروى: تُعَرَّض، وقد وَشَمَتْ ذِراعَها وَشْماً ووَشَّمَتْه، وكذلك
الثَّغْرُ؛ أنشد ثعلب:
ذَكَرْتُ من فاطمةَ التبَسُّما،
غَداةَ تَجْلو واضحاً مُوشَّما،
عَذْباً لها تُجْري عليه البُرْشُما
ويروى: عَذْب اللَّها. والبُرْشُمُ: البُرْقع. ووَشَم اليدَ وَشْماً:
غَرَزها بإبْرة ثم ذَرَّ عليها النَّؤُور، وهو النِّيلجُ. والأَشْمُ
أَيضاً: الوَشْمُ. واسْتَوْشَمَه: سأَله أَن يَشِمَه. واسْتَوْشَمَت المرأَةُ:
أَرادت الوَشْمَ أو طَلَبَتْه. وفي الحديث: لُعِنت الواشِمةُ
والمُسْتَوْشِمةُ، وبعضهم يرويه: المُوتَشِمةُ؛ قال أَبو عبيد: الوَشْمُ في اليد
وذلك أَن المرأَة كانت تَغْرِزُ ظهرَ كفِّها ومِعْصَمَها بإبْرةٍ أو
بمِسلَّة حتى تُؤثر فيه، ثم تَحشوه بالكُحل أو النِّيل أَو بالنَّؤُور،
والنَّؤُورُ دخانُ الشحم، فيَزْرَقُّ أَثره أو يَخْضَرُّ. وفي حديث أَبي بكر لما
استَخْلف عمر، رضي الله عنهما: أَشرَف من كَنيفٍ، وأَسماءُ بنتُ عُمَيس
مَوْشومة اليدِ مُمْسِكَتُه أي منقوشة اليد بالحِنَّاء. ابن شميل: يقال
فلانٌ أَعظمُ في نفسِه من المُتَّشِمة، وهذا مَثَل، والمُتَّشِمةُ: امرأَةٌ
وَشَمَت اسْتَها ليكون أَحسَن لها. وقال الباهلي: في أمثالهم لَهُو
أَخْيَل في نفسه من الواشِمة. قال أَبو منصور: والمُتَّشِمةُ في الأَصل
مُوتَشِمة، وهو مثلُ المُتَّصل، أَصله مُوتَصِل. ووشُوم الظبْية والمَهاة:
خطوطٌ في الذِّراعين؛ وقال النابغة:
أو ذو وُشومٍ بِحَوْضَى
وفي الحديث: أَن داود، عليه السلام، وَشَمَ خطيئتَه في كفِّه فما رَفع
إلى فيه طعاماً ولا شراباً حتى بَشَرَه بدُموعه؛ معناه نقَشها في كَفِّه
نَقْشَ الوَشْمِ. والوَشْم: الشيءُ تراه من النبات في أَول ما ينبت.
وأَوشَمت الأَرضُ إذا رأَيت فيها شيئاً من النبات. وأَوشَمت السماءُ:
بدا منها بَرْقٌ؛ قال:
حتى إذا ما أوشَمَ الرَّواعِدُ
ومنه قيل: أَوْشَمَ النبتُ إذا أَبصَرْتَ أَوَّله. وأَوْشَم البرْق:
لمَعَ لَمْعاً خفيفاً؛ قال أَبو زيد: هو أَوَّلُ البرق حين يَبرُقُ؛ قال
الشاعر:
يا مَن يَرى لِبارِقٍ قد أَوْشَما
وقال الليث: أَوْشَمَت الأَرضُ إذا ظهر شيء من نباتها؛ وأَوْشَمَ فلان
في ذلك الأمر إيشاماً إذا نظر فيه؛ قال أَبو محمد الفَقْعسيّ:
إنَّ لها رِيّاً إذا ما أَوْشَما
وأَوْشَمَ يَفْعل ذلك أي أَخذ؛ قال الراجز:
أوْشَمَ يَذْري وابِلاً رَوِيّا
وأَوْشمَت المرأَةُ: بدأَ ثدْيُها يَنتَأُ كما يُوشِم البرقُ. وأَوْشَمَ
فيه الشيبُ: كثُر وانتشر؛ عن ابن الأَعرابي. وأَوْشَم الكرْمُ: ابتدأَ
يُلوِّن؛ عن أَبي حنيفة. وقال مرة: أوْشَم تَمَّ نُضْجُه. وأَوشَمَت
الأَعنابُ إذا لانَتْ وطابت؛ وقوله:
أقولُ وفي الأَكْفانِ أَبْيَضُ ماجِدٌ
كغُصْنِ الأَراكِ وجهُه، حيث وَشَّما
يروى: وَشَّمَ ووَسَّمَ، فوَشَّم بدا ورقه، ووَسَّم حسُن. وما
أَصابَتْنا العامَ وشْمةٌ أي قطرة مطر. ويقال: بيننا وَشِيمةٌ أي كلام شرّ أو
عداوة. وما عصاه وَشْمةً أي طَرْفة عَينٍ. وما عصَيْتُه وَشمةً أي كلمة. وفي
حديث علي، كرم الله وجهه: والله ما كتَمْتُ وَشْمة أي كلمة حكاها.
والوَشْمُ: موضع ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
رَدَدْتُهُمُ بالوَشْمِ تَدْمى لِثاتُهُمْ
على شُعَبِ الأَكوار، مِيلَ العَمائم
أي انصَرفوا خَزايا مائلةً أَعناقُهم فعمائمهم قد مالت، قال: تَدْمى
لِثاتُهم من الحَرَض، كما يقولون: جاءنا تَضِبُّ لِثاتُه. والوَشْمُ: بلد ذو
نخل، به قبائل من رَبيعة ومُضَر دون اليمامة قريب منها، يقال له وَشْمُ
اليمامة. والوُشوم: موضع؛ والوَشْمُ في قول جرير:
عَفَتْ قَرْقَرى والوَشْمُ، حتى تنَكَّرَتْ
اوارِيُّها، والخَيْلُ مِيلُ الدَّعائمِ
زعم أَبو عثمان عن الحرمازيّ أَنه ثمانون قرية، وذكر ابن الأَثير في
ترجمة لثه في حديث ابن عمر قال: لعنَ الواشِمة؛ قال نافع: الوَشْمُ في
اللِّثة، اللِّثة بالكسر والتخفيف، عُمور الأَسنان وهو مَغارِزُها، والمعروف
الآن في الوَشْم أَنه على الجِلد والشِّفاه، والله أَعلم.
ورث: الوارث: صفة من صفات الله عز وجل، وهو الباقي الدائم الذي يَرِثُ
الخلائقَ، ويبقى بعد فنائهم، والله عز وجل، يرث الأَرض ومَن عليها،وهو خير
الوارثين أَي يبقى بعد فناء الكل، ويَفْنى مَن سواه فيرجع ما كان مِلْكَ
العِباد إِليه وحده لا شريك له. وقوله تعالى: أُولئك هم الوارثون الذين
يرثون الفردوس؛ قال ثعلب: يقال إِنه ليس في الأَرضِ إِنسانٌ إِلاّ وله
منزل في الجنة، فإِذا لم يدخله هو وَرِثَهُ غيره؛ قال: وهذا قول ضعيف.
وَرِثَهُ مالَهُ ومَجْدَهُ، وَوَرِثَه عنه وِرْثاً وَرِثَةً وَوِراثَةً
وإِراثَةً. أَبو زيد: وَرِثَ فلانٌ أَباه يَرِثُهُ وِراثَةً ومِيراثاً
ومَيراثاً. وأَوْرَثَ الرجلُ وَلَدَهُ مالاً إِيراثاً حَسَناً. ويقال:
وَرِثْتُ فلاناً مالاً أَرِثُه وِرْثاً وَوَرْثاً إُذا ماتَ مُوَرِّثُكَ،
فصار ميراثه لك. وقال الله تعالى إِخباراً عن زكريا ودعائه إِيّاه: هب لي من
لدنك وَلِيًّا يَرِثُني ويَرِثُ من آل يعقوب؛ أَي يبقى بعدي فيصير له
ميراثي؛ قال ابن سيده: إِنما أَراد يرثني ويرث من آل يعقوب النبوة، ولا
يجوز أَن يكون خاف أَن يَرِثَهُ أَقرِباؤُه المالَ، لقول النبي، صلى الله
عليه وسلم، إِنَّا معاشرَ الأَنبياءِ لا نُورثُ ما تركنا، فهو صدقة؛ وقوله
عز جل: وورث سليمان داود؛ قال الزجاج: جاء في التفسير أَنه ورَّثهُ
نُبوَّتَه ومُلْكَه. وروي أَنه كان لداود، عليه السلام، تسعة عشر ولداً،
فَوَرِثَه سليمانُ، عليه السلام، من بينهم، النبوةَ والمُلكَ. وتقول: وَرِثْتُ
أَبي وَوَرِثْتُ الشيءَ من أَبي أَرِثُه، بالكسر فيهما، وِرْثاً
وَوِراثَةً وإِرْثاً، الأَلفُ منقلبةٌ من الواو، ورِثَةً، الهاءُ عِوَضٌ من
الواو، وإِنما سقطت الواو من المستقبل لوقوعها بين ياء وكسرة، وهما متجانسان
والواو مضادَّتهما، فحذفت لاكتنافهما إِياها، ثم جعل حكمها مع الأَلف
والتاء والنون كذلك، لأَنهن مبدلات منها، والياء هي الأَصل، يدلك على ذلك
أَن فَعِلْتُ وفَعِلْنا وفَعِلْتَِ مبنيات على فَعِلَ، ولم تسقط الواو مِن
يَوْجَلُ لوقوعها بين ياء وفتحة، ولم تسقط الياء من يَيْعَرُ ويَيْسَرُ،
لتقَوِّي إِحدى الياءين بالأُخرى؛ وأَما سقوطها مِن يَطَأُ ويَسَعُ
فَلِعِلَّةٍ أُخرى مذكورة في باب الهمز، قال: وذلك لا يوجب فساد ما قلناه،
لأَنه لا يجوز تماثل الحكمين مع اختلاف العلتين.
وتقول: أَوْرَثَه الشيءَ أَبُوهُ، وهم وَرَثَةُ فلان، وَوَرَّثَهُ
توريثاً أَي أَدخله في ماله على وَرَثَتِهِ، وتوارثوه كابراً عن كابر. وفي
الحديث: أَنه أَمرَ أَنْ تُوَرَّثَ، دُورَ المهاجرين، النساءُ. تَخْصِيصُ
النساءِ بتوريث الدور؛ قال ابن الأَثير: يشبه أَن يكون على معنى القسمة بين
الورثةِ، وخصصهن بها لأَنهنَّ بالمدينة غرائب لا عشيرة لهن، فاختار لهن
المنازل للسُّكْنَى؛ قال: ويجوز أَن تكون الدور في أَيديهن على سبيل
الرفق بهنّ، لا للتمليك كما كانت حُجَرُ النبي، صلى الله عليه وسلم، في أَيدي
نسائه بعده.
ابن الأَعرابي: الوِرْثُ والوَرْثُ والإِرْثُ والوِرَاثُ والإِرَاثُ
والتُّراثُ واحد.
الجوهري: المِيراثُ أَصله مِوْراثٌ، انقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها،
والتُّراثُ أَصل التاء فيه واو. ابن سيده: والوِرْثُ والإِرْثُ
والتُّرَاثُ والمِيراثُ: ما وُرِثَ؛ وقيل: الوِرْث والميراثُ في المال، والإِرْثُ
في الحسَب.
وقال بعضهم: وَرِثْتُهُ ميراثاً؛ قال ابن سيده: وهذا خطأٌ لأَنَّ
مِفْعَالاً ليس من أَبنية المصادر، ولذلك ردَّ أَبو علي قول من عزا إِلى ابن
عباس ان المِحالَ من قوله عز وجل: وهو شديد المحال، مِن الحَوْلِ قال:
لأَنه لو كان كذلك لكان مِفْعَلاً، ومِفْعَلٌ ليس من أَبنية المصادر، فافهم.
وقوله عز وجل: ولله ميراثُ السموات والأَرض أَي الله يُفْني أَهلهما
فتبقيان بما فيهما، وليس لأَحد فيهما مِلْكٌ، فخوطب القوم بما يعقلون لأَنهم
يجعلون ما رجع إِلى الإِنسان ميراثاً له إِذ كان ملكاً له وقد
أَوْرَثَنِيه. وفي التنزيل العزيز: وأَوْرَثَنَا الأَرضَ أَي أَوْرَثَنَا أَرضَ
الجنة، نتبوّأُ منها من المنازل حيث نشاء.
وَوَرَّثَ في ماله: أَدخل فيه مَن ليس من أَهل الوراثة. الأَزهري:
وَرَّثَ بني فلان ما له توريثاً، وذلك إِذا أَدخل على ولده وورثته في ماله مَن
ليس منهم، فجعل له نصيباً.
وأَورَثَ وَلَدَه: لم يُدْخِلْ أَحداً معه في ميراثه، هذه عن أَبي زيد.
وتَوارثْناهُ: وَرِثَه بعضُنا عن بعض قِدْماً. ويقال: وَرَّثْتُ فلاناً
من فلان أَي جعلت ميراثه له. وأَوْرَثَ الميتُ وارِثَهُ مالَه أَي تركه
له.
وفي الحديث في دعاءِ النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: اللهم
أَمْتِعْني بسمعي وبَصَري، واجعلهما الوارثَ مني؛ قال ابن شميل: أَي أَبْقِهما
معي صحيحين سليمين حتى أَموت؛ وقيل: أَراد بقاءَهما وقوَّتهما عند الكبر
وانحلال القُوى النفسانية، فيكون السمع والبصر وارِثَيْ سائر القُوى
والباقِيَيْنِ بعدها؛ وقال غيره: أَراد بالسمع وَعْيَ ما يَسْمَعُ والعملَ
به، وبالبصر الاعتبارَ بما يَرى ونُور القلب الذي يخرج به من الحَيْرَة
والظلمة إِلى الهدى؛ وفي رواية: واجعله الوارث مني؛ فَرَدَّ الهاءَ إِلى
الإِمْتاع،ة فلذلك وَحَّدَهُ. وفي حديث الدعاءِ أَيضاً: وإِليكَ مآبي ولك
تُراثي؛ التُّراثُ: ما يخلفه الرجل لورثته، والتاءُ فيه بدل من الواو.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنيه قال: بعث
(* «أنه قال: بعث»
كذا بالأصل المعول عليه بأَيدينا.) ابن مِرْبَعٍ الأَنصاري إِلى أَهل
عرفة، فقال: اثْبُتيوا على مَشاعِركم هذه، فإِنكم على إِرْثٍ من إِرث
إِبراهيم. قال أَبو عبيد: الإِرْث أَصله من الميراث، إِنما هو وِرْثٌ فقلبت
الواو أَلفاً مكسورة لكسرة الواو، كما قالوا للوِسادة إِسادة، وللوِكافِ
إِكاف، فكأَنَّ معنى الحديث: أَنكم على بقية من وِرْثِ إِبراهيم الذي ترك
الناس عليه بعد موته، وهو الإِرْثُ؛ وأَنشد:
فإِنْ تَكُ ذا عِزٍّ حَدِيثٍ، فإِنَّهُمْ
لَهُمْ إِرْثُ مَجْدٍ، لم تَخُنْه زَوافِرُه
وقول بدر بن عامر الهذلي:
ولَقَدْ تَوارَثُني الحوادثُ واحداً،
ضَرَعاً صَغيراً، ثم لا تَعْلُوني
أَراد أَن الحوادث تتداوله، كأَنها ترثه هذه عن هذه. وأَوْرَثَه الشيءَ:
أَعقبه إِياه. وأَورثه المرض ضعفاً والحزنُ هَمّاً، كذلك. وأَوْرَث
المَطَرُ النباتَ نَعْمَةً،وكُلُّه على الاستعارة والتشبيه بِوِراثَةِ المال
والمجد.
ووَرَّثَ النارَ: لغة في أَرَّثَ، وهي الوِرْثَةُ.
وبنو وِرْثَةَ: ينسبون إِلى أُمهم.
ووَرْثانُ: موضع؛ قال الراعي:
فغدا من الأَرض التي لم يَرْضَها،
واختار وَرْثاناً عليها مَنْزِلا
ويروى: أَرْثاناً على البدل المطرد في هذا الباب.