(احْتمل) تغير لَونه إِذا غضب واستخفه الْغَضَب
(احْتمل) تغير لَونه إِذا غضب واستخفه الْغَضَب
حمل: حَمَل الشيءَ يَحْمِله حَمْلاً وحُمْلاناً فهو مَحْمول وحَمِيل،
واحْتَمَلــه؛ وقول النابغة:
فَحَمَلْتُ بَرَّة واحْتَمَلْــتَ فَجَارِ
عَبَّر عن البَرَّة بالحَمْل، وعن الفَجْرة بالاحتمال، لأَن حَمْل
البَرَّة بالإِضافة إِلى احتمال الفَجْرَة أَمر يسير ومُسْتَصْغَر؛ ومثله قول
الله عز اسمه: لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، وهو مذكور في موضعه؛ وقول
أَبي ذؤيب:
ما حُمِّل البُخْتِيُّ عام غِيَاره،
عليه الوسوقُ: بُرُّها وشَعِيرُها
قال ابن سيده: إِنما حُمِّل في معنى ثُقِّل، ولذلك عَدَّاه بالباء؛ أَلا
تراه قال بعد هذا:
بأَثْقَل مما كُنْت حَمَّلت خالدا
وفي الحديث: من حَمَل علينا السِّلاح فليس مِنَّا أَي من حَمَل السلاح
على المسلمين لكونهم مسلمين فليس بمسلم، فإِن لم يحمله عليهم لإِجل كونهم
مسلمين فقد اخْتُلِف فيه، فقيل: معناه ليس منا أَي ليس مثلنا، وقيل: ليس
مُتَخَلِّقاً بأَخلاقنا ولا عاملاً بِسُنَّتِنا، وقوله عز وجل: وكأَيِّن
من دابة لا تَحْمِل رزقَها؛ قال: معناه وكم من دابة لا تَدَّخِر رزقها
إِنما تُصْبح فيرزقها الله. والحِمْل: ما حُمِل، والجمع أَحمال، وحَمَله
على الدابة يَحْمِله حَمْلاً. والحُمْلان: ما يُحْمَل عليه من الدَّواب في
الهِبَة خاصة. الأَزهري: ويكون الحُمْلان أَجْراً لما يُحْمَل. وحَمَلْت
الشيء على ظهري أَحْمِله حَمْلاً. وفي التنزيل العزيز: فإِنه يَحْمِل يوم
القيامة وِزْراً خالدين فيه وساءلهم يوم القيامة حِمْلاً؛ أَي وِزْراً.
وحَمَله على الأَمر يَحْمِله حَمْلاً فانْحمل: أَغْراه به؛ وحَمَّله على
الأَمر تَحْمِيلاً وحِمَّالاً فَتَحَمَّله تَحَمُّلاً وتِحِمَّالاً؛ قال
سيبويه: أَرادوا في الفِعَّال أَن يَجِيئُوا به على الإِفْعال فكسروا
أَوله وأَلحقوا الأَلف قبل آخر حرف فيه، ولم يريدوا أَن يُبْدِلوا حرفاً
مكان حرف كما كان ذلك في أَفْعَل واسْتَفْعَل. وفي حديث عبد الملك في هَدْم
الكعبة وما بنى ابنُ الزُّبَيْر منها: وَدِدت أَني تَرَكْتُه وما
تَحَمَّل من الإِثم في هَدْم الكعبة وبنائها. وقوله عز وجل: إِنا عَرَضْنا
الأَمانة على السموات والأَرض والجبال فأَبَيْن أَن يَحْمِلْنها وأَشْفَقْن
منها وحَمَلها الإِنسان، قال الزجاج: معنى يَحْمِلْنها يَخُنَّها،
والأَمانة هنا: الفرائض التي افترضها الله على آدم والطاعة والمعصية، وكذا جاء في
التفسير والإِنسان هنا الكافر والمنافق، وقال أَبو إِسحق في الآية: إِن
حقيقتها، والله أَعلم، أَن الله تعالى ائْتَمَن بني آدم على ما افترضه
عليهم من طاعته وأْتَمَنَ السموات والأَرض والجبال بقوله: ائْتِيا طَوْعاً
أَو كَرْهاً قالتا أَتَيْنا طائعين؛ فَعَرَّفنا الله تعالى أَن السموات
والأَرض لمَ تَحْمِ الأَمانة أَي أَدَّتْها؛ وكل من خان الأَمانة فقد
حَمَلها، وكذلك كل من أَثم فقد حَمَل الإِثْم؛ ومنه قوله تعالى:
ولَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهم، الآية، فأَعْلم اللهُ تعالى أَن من باء بالإِثْم يسمى
حَامِلاً للإِثم والسمواتُ والأَرض أَبَيْن أَن يَحْمِلْنها، يعني الأَمانة.
وأَدَّيْنَها، وأَداؤها طاعةُ الله فيما أَمرها به والعملُ به وتركُ
المعصية، وحَمَلها الإِنسان، قال الحسن: أَراد الكافر والمنافق حَمَلا
الأَمانة أَي خانا ولم يُطِيعا، قال: فهذا المعنى، والله أَعلم، صحيح ومن
أَطاع الله من الأَنبياء والصِّدِّيقين والمؤمنين فلا يقال كان ظَلُوماً
جَهُولاً، قال: وتصديق ذلك ما يتلو هذا من قوله: ليعذب الله المنافقين
والمنافقات، إِلى آخرها؛ قال أَبو منصور: وما علمت أَحداً شَرَح من تفسير هذه
الآية ماشرحه أَبو إِسحق؛ قال: ومما يؤيد قوله في حَمْل الأَمانة إِنه
خِيَانَتُها وترك أَدائها قول الشاعر:
إِذا أَنت لم تَبْرَح تُؤَدِّي أَمانة،
وتَحْمِل أُخْرَى، أَفْرَحَتْك الودائعُ
أَراد بقوله وتَحْمل أُخرى أَي تَخُونها ولا تؤَدِّيها، يدل على ذلك
قوله أَفْرَحَتْك الودائع أَي أَثْقَلَتْك الأَمانات التي تخونها ولا
تُؤَدِّيها. وقوله تعالى: فإِنَّما عليه ما حُمِّل وعليكم ما حُمِّلْتم؛ فسره
ثعلب فقال: على النبي، صلى الله عليه وسلم، ما أُحيَ إِليه وكُلِّف أَن
يُنَبِّه عليه، وعليكم أَنتم الاتِّباع. وفي حديث عليّ: لا تُنَاظِروهم
بالقرآن فإِن القرآن حَمَّال ذو وُجُوه أَي يُحْمَل عليه كُلُّ تأْويل
فيحْتَمِله، وذو وجوه أَي ذو مَعَانٍ مختلفة. الأَزهري: وسمى الله عز وجل
الإِثْم حِمْلاً فقال: وإِنْ تَدْعُ مُثْقَلةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ منه
شيء ولو كان ذا قُرْبَى؛ يقول: وإِن تَدْعٌ نفس مُثْقَلة بأَوزارها ذا
قَرابة لها إِلى أَن يَحْمِل من أَوزارها شيئاً لم يَحْمِل من أَوزارها
شيئاً. وفي حديث الطهارة: إِذا كان الماء قُلَّتَيْن لم يَحْمِل الخَبَث
أَي لم يظهره ولم يَغْلب الخَبَثُ عليه، من قولهم فلان يَحْمِل غَضَبه
(*
قوله «فلان يحمل غضبه إلخ» هكذا في الأصل ومثله في النهاية، ولعل المناسب
لا يحمل أو يظهر، باسقاط لا) أَي لا يُظْهِره؛ قال ابن الأَثير: والمعنى
أَن الماء لا ينجس بوقوع الخبث فيه إِذا كان قُلَّتَين، وقيل: معنى لم
يَحْمل خبثاً أَنه يدفعه عن نفسه، كما يقال فلان لا يَحْمِل الضَّيْم إِذا
كان يأْباه ويدفعه عن نفسه، وقيل: معناه أَنه إِذا كان قُلَّتَين لم
يَحْتَمِل أَن يقع فيه نجاسة لأَنه ينجس بوقوع الخبث فيه، فيكون على الأَول
قد قصد أَوَّل مقادير المياه التي لا تنجس بوقوع النجاسة فيها، وهو ما بلغ
القُلَّتين فصاعداً، وعلى الثاني قصد آخر المياه التي تنجس بوقوع
النجاسة فيها، وهو ما انتهى في القلَّة إِلى القُلَّتَين، قال: والأَول هو
القول، وبه قال من ذهب إِلى تحديد الماء بالقُلَّتَيْن، فأَما الثاني فلا.
واحْتَمل الصنيعة: تَقَلَّدها وَشَكَرها، وكُلُّه من الحَمْل. وحَمَلَ
فلاناً وتَحَمَّل به وعليه
(* قوله «وتحمل به وعليه» عبارة الأساس: وتحملت
بفلان على فلان أي استشفعت به إِليه) في الشفاعة والحاجة: اعْتَمد.
والمَحْمِل، بفتح الميم: المُعْتَمَد، يقال: ما عليه مَحْمِل، مثل
مَجْلِس، أَي مُعْتَمَد.
وفي حديث قيس: تَحَمَّلْت بعَليّ على عُثْمان في أَمر أَي استشفعت به
إِليه.
وتَحامل في الأَمر وبه: تَكَلَّفه على مشقة وإِعْياءٍ. وتَحامل عليه:
كَلَّفَه ما لا يُطِيق. واسْتَحْمَله نَفْسَه: حَمَّله حوائجه وأُموره؛ قال
زهير:
ومن لا يَزَلْ يَسْتَحْمِلُ الناسَ نَفْسَه،
ولا يُغْنِها يَوْماً من الدَّهْرِ، يُسْأَم
وفي الحديث: كان إِذا أَمَرَنا بالصدقة انطلق أَحَدُنا إِلى السوق
فَتَحامل أَي تَكَلَّف الحَمْل بالأُجْرة ليَكْسِب ما يتصدَّق به. وتَحامَلْت
الشيءَ: تَكَلَّفته على مَشَقَّة. وتَحامَلْت على نفسي إِذا تَكَلَّفت
الشيءَ على مشقة. وفي الحديث الآخر: كُنَّا نُحامِل على ظهورنا أَي نَحْمِل
لمن يَحْمِل لنا، من المُفاعَلَة، أَو هو من التَّحامُل. وفي حديث
الفَرَع والعَتِيرة: إِذا اسْتَحْمَل ذَبَحْته فَتَصَدَّقت به أَي قَوِيَ على
الحَمْل وأَطاقه، وهو اسْتَفْعل من الحَمْل؛ وقول يزيد بن الأَعور
الشَّنِّي:
مُسْتَحْمِلاً أَعْرَفَ قد تَبَنَّى
يريد مُسْتَحْمِلاً سَناماً أَعْرَف عَظِيماً. وشهر مُسْتَحْمِل:
يَحْمِل أَهْلَه في مشقة لا يكون كما ينبغي أَن يكون؛ عن ابن الأَ عرابي؛ قال:
والعرب تقول إِذا نَحَر هِلال شَمالاً
(* قوله «نحر هلال شمالاً» عبارة
الأساس: نحر هلالاً شمال) كان شهراً مُسْتَحْمِلاً. وما عليه مَحْمِل أَي
موضع لتحميل الحوائج. وما على البعير مَحْمِل من ثِقَل الحِمْل.
وحَمَل عنه: حَلُم. ورَجُل حَمُول: صاحِب حِلْم. والحَمْل، بالفتح: ما
يُحْمَل في البطن من الأَولاد في جميع الحيوان، والجمع حِمال وأَحمال. وفي
التنزيل العزيز: وأُولات الأَحمال أَجَلُهن. وحَمَلت المرْأَةُ والشجرةُ
تَحْمِل حَمْلاً: عَلِقَت. وفي التنزيل: حَمَلَت حَمْلاً خَفيفاً؛ قال
ابن جني: حَمَلَتْه ولا يقال حَمَلَتْ به إِلاَّ أَنه كثر حَمَلَتِ
المرأَة بولدها؛ وأَنشد لأَبي كبير الهذلي:
حَمَلَتْ به، في ليلة، مَزْؤُودةً
كَرْهاً، وعَقْدُ نِطاقِها لم يُحْلَل
وفي التنزيل العزيز: حَمَلَته أُمُّه كَرْهاً، وكأَنه إِنما جاز
حَمَلَتْ به لما كان في معنى عَلِقَت به، ونظيره قوله تعالى: أُحِلَّ لكم ليلَة
الصيام الرَّفَثُ إِلى نسائكم، لما كان في معنى الإِفضاء عُدِّي بإِلى.
وامرأَة حامِل وحاملة، على النسب وعلى الفعل. الأَزهري: امرأَة حامِل
وحامِلة إِذا كانت حُبْلى. وفي التهذيب: إِذا كان في بطنها ولد؛ وأَنشد لعمرو
بن حسان ويروى لخالد بن حقّ:
تَمَخَّضَتِ المَنُونُ له بيوم
أَنى، ولِكُلِّ حاملة تَمام
فمن قال حامل، بغير هاء، قال هذا نعت لا يكون إِلا للمؤنث، ومن قال
حاملة بناه على حَمَلَت فهي حاملة، فإِذا حَمَلَت المرأَةُ شيئاً على ظهرها
أَو على رأْسها فهي حاملة لا غير، لأَن الهاء إِنما تلحق للفرق فأَما ما
لا يكون للمذكر فقد اسْتُغني فيه عن علامة التأْنيث، فإِن أُتي بها فإِنما
هو على الأَصل، قال: هذا قول أَهل الكوفة، وأَما أَهل البصرة فإِنهم
يقولون هذا غير مستمرّ لأَن العرب قالت رَجُل أَيِّمٌ وامرأَة أَيّم، ورجل
عانس وامرأَة عانس، على الاشتراك، وقالوا امرأَة مُصْبِيَة وكَلْبة
مُجْرِية، مع غير الاشتراك، قالوا: والصواب أَن يقال قولهم حامل وطالق وحائض
وأَشباه ذلك من الصفات التي لا علامة فيها للتأْنيث، فإِنما هي أَوْصاف
مُذَكَّرة وصف بها الإِناث، كما أَن الرَّبْعَة والرَّاوِية والخُجَأَة
أَوصاف مؤنثة وصف بها الذُّكْران؛ وقالوا: حَمَلت الشاةُ والسَّبُعة وذلك في
أَول حَمْلِها، عن ابن الأَعرابي وحده. والحَمْل: ثمر الشجرة، والكسر فيه
لغة، وشَجَر حامِلٌ، وقال بعضهم: ما ظَهضر من ثمر الشجرة فهو حِمْل، وما
بَطَن فهو حَمْل، وفي التهذيب: ما ظهر، ولم يُقَيِّده بقوله من حَمْل
الشجرة ولا غيره. ابن سيده: وقيل الحَمْل ما كان في بَطْنٍ أَو على رأْس
شجرة، وجمعه أَحمال. والحِمْل بالكسر: ما حُمِل على ظهر أَو رأْس، قال:
وهذا هو المعروف في اللغة، وكذلك قال بعض اللغويين ما كان لازماً للشيء فهو
حَمْل، وما كان بائناً فهو حِمْل؛ قال: وجمع الحِمْل أَحمال وحُمُول؛ عن
سيبويه، وجمع الحَمْلِ حِمال. وفي حديث بناء مسجد المدينة: هذا الحِمال
لا حِمال خَيْبَر، يعني ثمر الجنة أَنه لا يَنْفَد. ابن الأَثير: الحِمال،
بالكسر، من الحَمْل، والذي يُحْمَل من خيبر هو التمر أَي أَن هذا في
الآخرة أَفضل من ذاك وأَحمد عاقبة كأَنه جمع حِمْل أَو حَمْل، ويجوز أَن
يكون مصدر حَمَل أَو حامَلَ؛ ومنه حديث عمر: فأَيْنَ الحِمال؟ يريد منفعة
الحَمْل وكِفايته، وفسره بعضهم بالحَمْل الذي هو الضمان. وشجرة حامِلَة:
ذات حَمْل. التهذيب: حَمْل الشجر وحِمْله. وذكر ابن دريد أَن حَمْل الشجر
فيه لغتان: الفتح والكسر؛ قال ابن بري: أَما حَمْل البَطْن فلا خلاف فيه
أَنه بفتح الحاء، وأَما حَمْل الشجر ففيه خلاف، منهم من يفتحه تشبيهاً
بحَمْل البطن، ومنهم من يكسره يشبهه بما يُحْمل على الرأْس، فكلُّ متصل
حَمْل وكلُّ منفصل حِمْل، فحَمْل الشجرة مُشَبَّه بحَمْل المرأَة لاتصاله،
فلهذا فُتِح، وهو يُشْبه حَمْل الشيء على الرأْس لبُروزه وليس مستبِطناً
كَحَمْل المرأَة، قال: وجمع الحَمْل أَحْمال؛ وذكر ابن الأَعرابي أَنه يجمع
أَيضاً على حِمال مثل كلب وكلاب. والحَمَّال: حامِل الأَحْمال، وحِرْفته
الحِمالة. وأَحْمَلتْه أَي أَعَنْته على الحَمل، والحَمَلة جمع الحامِل،
يقال: هم حَمَلة العرش وحَمَلة القرآن. وحَمِيل السَّيْل: ما يَحْمِل من
الغُثاء والطين. وفي حديث القيامة في وصف قوم يخرجون من النار:
فَيُلْقَون في نَهَرٍ في الجنة فَيَنْبُتُون كما تَنْبُت الحِبَّة في حَمِيل
السَّيْل؛ قال ابن الأَثير: هو ما يجيء به السيل، فَعيل بمعنى مفعول، فإِذا
اتفقت فيه حِبَّة واستقرَّت على شَطِّ مجرَى السيل فإِنها تنبت في يوم
وليلة، فشُبِّه بها سرعة عَوْد أَبدانهم وأَجسامهم إِليهم بعد إِحراق النار
لها؛ وفي حديث آخر: كما تنبت الحِبَّة في حَمائل السيل، وهو جمع حَمِيل.
والحَوْمل: السَّيْل الصافي؛ عن الهَجَري؛ وأَنشد:
مُسَلْسَلة المَتْنَيْن ليست بَشَيْنَة،
كأَنَّ حَباب الحَوْمَل الجَوْن ريقُها
وحَميلُ الضَّعَة والثُّمام والوَشِيج والطَّريفة والسَّبَط: الدَّوِيل
الأَسود منه؛ قال أَبو حنيفة: الحَمِيل بَطْن السيل وهو لا يُنْبِت، وكل
مَحْمول فهو حَمِيل. والحَمِيل: الذي يُحْمَل من بلده صَغِيراً ولم
يُولَد في الإِسلام؛ ومنه قول عمر، رضي الله عنه، في كتابه إِلى شُرَيْح:
الحَمِيل لا يُوَرَّث إِلا بِبَيِّنة؛ سُمِّي حَميلاً لأَنه يُحْمَل صغيراً
من بلاد العدوّ ولم يولد في الإِسلام، ويقال: بل سُمِّي حَمِيلاً لأَنه
محمول النسب، وذلك أَن يقول الرجل لإِنسان: هذا أَخي أَو ابني، لِيَزْوِي
ميراثَه عن مَوالِيه فلا يُصَدَّق إِلاَّ ببيِّنة. قال ابن سيده:
والحَمِيل الولد في بطن أُمه إِذا أُخِذَت من أَرض الشرك إِلى بلاد الإِسلام فلا
يُوَرَّث إِلا بِبيِّنة. والحَمِيل: المنبوذ يحْمِله قوم فيُرَبُّونه.
والحَمِيل: الدَّعِيُّ؛ قال الكُميت يعاتب قُضاعة في تَحوُّلهم إِلى اليمين
بنسبهم:
عَلامَ نَزَلْتُمُ من غير فَقْر،
ولا ضَرَّاءَ، مَنْزِلَة الحَمِيل؟
والحَمِيل: الغَريب.
والحِمالة، بكسر الحاء، والحَمِيلة: عِلاقة السَّيف وهو المِحْمَل مثل
المِرْجَل، قال:
على النحر حتى بَلَّ دَمْعِيَ مِحْمَلي
وهو السَّيْر الذي يُقَلَّده المُتَقَلِّد؛ وقد سماه
(* قوله: سمَّاه؛
هكذا في الأصل، ولعله اراد سمى به عرقَ الشجر) ذو الرمة عِرْق الشَّجَر
فقال:
تَوَخَّاه بالأَظلاف، حتى كأَنَّما
يُثِرْنَ الكُبَاب الجَعْدَ عن متن مِحْمَل
والجمع الحَمائِل. وقال الأَصمعي: حَمائل السيف لا واحد لها من لفظها
وإِنما واحدها مِحْمَل؛ التهذيب: جمع الحِمالة حَمائل، وجمع المِحْمَل
مَحامل؛ قال الشاعر:
دَرَّتْ دُموعُك فوق ظَهْرِ المِحْمَل
وقال أَبو حنيفة: الحِمالة للقوس بمنزلتها للسيف يُلْقيها المُتَنَكِّب
في مَنْكبِه الأَيمن ويخرج يده اليسرى منها فيكون القوس في ظهره.
والمَحْمِل: واحد مَحامل الحَجَّاج
(* قوله «والمحمل واحد محامل الحجاج»
ضبطه في القاموس كمجلس، وقال شارحه: ضبط في نسخ المحكم كمنبر وعليه
علامة الصحة، وعبارة المصباح: والمحمل وزان مجلس الهودج ويجوز محمل وزان
مقود. وقوله «الحجاج» قال شارح القاموس: ابن يوسف الثقفي اول من اتخذها،
وتمام البيت:
أخزاه ربي عاجلاً وآجلا).
قال الراجز:
أَوَّل عَبْد عَمِل المَحامِلا
والمِحْمَل: الذي يركب عليه، بكسر الميم. قال ابن سيده: المِحْمَل
شِقَّانِ على البعير يُحْمَل فيهما العَدِيلانِ. والمِحْمَل والحاملة:
الزَّبِيل الذي يُحْمَل فيه العِنَب إِلى الجَرين.
واحْتَمَل القومُ وتَحَمَّلوا: ذهبوا وارتحلوا. والحَمُولة، بالفتح:
الإِبل التي تَحْمِل. ابن سيده: الحَمُولة كل ما احْتَمَل عليه الحَيُّ من
بعير أَو حمار أَو غير ذلك، سواء كانت عليها أَثقال أَو لم تكن، وفَعُول
تدخله الهاء إِذا كان بمعنى مفعول به. وفي حديث تحريم الحمر الأَهلية،
قيل: لأَنها حَمولة الناس؛ الحَمُولة، بالفتح، ما يَحْتَمِل عليه الناسُ من
الدواب سواء كانت عليها الأَحمال أَو لم تكن كالرَّكُوبة. وفي حديث
قَطَن: والحَمُولة المائرة لهم لاغِية أَي الإِبل التي تَحْمِل المِيرَة. وفي
التنزيل العزيز: ومن الأَنعام حَمُولة وفَرْشاً؛ يكون ذلك للواحد فما
فوقه. والحُمُول والحُمُولة، بالضم: الأَجمال التي عليها الأَثقال خاصة.
والحُمُولة: الأَحمال
(* قوله «والحمولة الاحمال» قال شارح القاموس: ضبطه
الصاغاني والجوهري بالضم ومثله في المحكم، ومقتضى صنيع القاموس انه بالفتح)
بأَعيانها. الأَزهري: الحُمُولة الأَثقال. والحَمُولة: ما أَطاق العَمل
والحَمْل. والفَرْشُ: الصِّغار. أَبو الهيثم: الحَمُولة من الإِبل التي
تَحْمِل الأَحمال على ظهورها، بفتح الحاء، والحُمُولة، بضم الحاء:
الأَحمال التي تُحْمَل عليها، واحدها حِمْل وأَحمال وحُمول وحُمُولة، قال: فأَما
الحُمُر والبِغال فلا تدخل في الحَمُولة. والحُمُول: الإِبل وما عليها.
وفي الحديث: من كانت له حُمولة يأْوي إِلى شِبَع فليَصُمْ رمضان حيث
أَدركه؛ الحُمولة، بالضم: الأَحمال، يعني أَنه يكون صاحب أَحمال يسافر بها.
والحُمُول، بالضم بلا هاء: الهَوادِج كان فيها النساء أَو لم يكن، واحدها
حِمْل، ولا يقال حُمُول من الإِبل إِلاّ لما عليه الهَوادِج، والحُمُولة
والحُمُول واحد؛ وأَنشد:
أَحَرْقاءُ للبَيْنِ اسْتَقَلَّت حُمُولُها
والحُمول أَيضاً: ما يكون على البعير. الليث: الحَمُولة الإِبل التي
تُحْمَل عليها الأَثقال. والحُمول: الإِبل بأَثقالها؛ وأَنشد للنابغة:
أَصاح تَرَى، وأَنتَ إِذاً بَصِيرٌ،
حُمُولَ الحَيِّ يَرْفَعُها الوَجِينُ
وقال أَيضاً:
تَخالُ به راعي الحَمُولة طائرا
قال ابن بري في الحُمُول التي عليها الهوادج كان فيها نساء أَو لم يكن:
الأَصل فيها الأَحمال ثم يُتَّسَع فيها فتُوقَع على الإِبل التي عليها
الهوادج؛ وعليه قول أَبي ذؤيب:
يا هَلْ أُرِيكَ حُمُول الحَيِّ غادِيَةً،
كالنَّخْل زَيَّنَها يَنْعٌ وإِفْضاخُ
شَبَّه الإِبل بما عليها من الهوادج بالنخل الذي أَزهى؛ وقال ذو الرمة
في الأَحمال وجعلها كالحُمُول:
ما اهْتَجْتُ حَتَّى زُلْنَ بالأَحمال،
مِثْلَ صَوادِي النَّخْل والسَّيَال
وقال المتنخل:
ذلك ما دِينُك إِذ جُنِّبَتْ
أَحمالُها، كالبُكُر المُبْتِل
عِيرٌ عليهن كِنانِيَّةٌ،
جارِية كالرَّشَإِ الأَكْحَل
فأَبدل عِيراً من أَحمالها؛ وقال امرؤ القيس في الحُمُول أَيضاً:
وحَدِّثْ بأَن زالت بَلَيْلٍ حُمُولُهم،
كنَخْل من الأَعْراض غَيْرِ مُنَبَّق
قال: وتنطلق الحُمُول أَيضاً على النساء المُتَحَمِّلات كقول مُعَقِّر:
أَمِنْ آل شَعْثاءَ الحُمُولُ البواكِرُ،
مع الصبح، قد زالت بِهِنَّ الأَباعِرُ؟
وقال آخر:
أَنَّى تُرَدُّ ليَ الحُمُول أَراهُم،
ما أَقْرَبَ المَلْسُوع منه الداء
وقول أَوس:
وكان له العَيْنُ المُتاحُ حُمُولة
فسره ابن الأَعرابي فقال: كأَنَّ إِبله مُوقَرَةٌ من ذلك. وأَحْمَله
الحِمْل: أَعانه عليه، وحَمَّله: فَعَل ذلك به. ويجيء الرجلُ إِلى الرجل
إِذا انْقُطِع به في سفر فيقول له: احْمِلْني فقد أُبْدِع بي أَي أَعْطِني
ظَهْراً أَركبه، وإِذا قال الرجل أَحْمِلْني، بقطع الأَلف، فمعناه أَعنَّي
على حَمْل ما أَحْمِله. وناقة مُحَمَّلة: مُثْقَلة.
والحَمَالة، بالفتح: الدِّيَة والغَرامة التي يَحْمِلها قوم عن قوم، وقد
تطرح منها الهاء. وتَحَمَّل الحَمالة أَي حَمَلَها. الأصمعي:
الحَمَالة الغُرْم تَحْمِله عن القوم ونَحْو ذلك قال الليث، ويقال أَيضاً حَمَال؛
قال الأَعشَى:
فَرْع نَبْعٍ يَهْتَزُّ في غُصُنِ المَجْـ
ـدِ، عظيم النَّدَى، كَثِير الحَمَال
ورجل حَمَّال: يَحْمِل الكَلَّ عن الناس.
الأَزهري: الحَمِيل الكَفِيل. وفي الحديث: الحَمِيل غارِمٌ؛ هو الكفيل
أَي الكَفِيل ضامن. وفي حديث ابن عمر: كان لا يَرى بأْساً في السَّلَم
بالحَمِيل أَي الكفيل. الكسائي: حَمَلْت به حَمَالة كَفَلْت به، وفي الحديث:
لا تَحِلُّ المسأَلة إِلا لثلاثة، ذكر منهم رجل تَحَمَّل حَمالة عن قوم؛
هي بالفتح ما يَتَحَمَّله الإِنسان عن غيره من دِيَة أَو غَرامة مثل أَن
تقع حَرْب بين فَرِيقين تُسْفَك فيها الدماء، فيدخل بينهم رجل
يَتَحَمَّل دِياتِ القَتْلى ليُصْلِح ذاتَ البَيْن، والتَّحَمُّل: أَن يَحْمِلها
عنهم على نفسه ويسأَل الناس فيها. وقَتَادَةُ صاحبُ الحَمالة؛ سُمِّي بذلك
لأَنه تَحَمَّل بحَمالات كثيرة فسأَل فيها وأَدَّاها.
والحَوامِل: الأَرجُل. وحَوامِل القَدَم والذراع: عَصَبُها، واحدتها
حاملة.
ومَحامِل الذكر وحَمائله: العروقُ التي في أَصله وجِلْدُه؛ وبه فعسَّر
الهَرَوي قوله في حديث عذاب القبر: يُضْغَط المؤمن في هذا، يريد القبر،
ضَغْطَة تَزُول منها حَمائِلُه؛ وقيل: هي عروق أُنْثَييه، قال: ويحتمل أَن
يراد موضع حَمَائِل السيف أَي عواتقه وأَضلاعه وصدره. وحَمَل به حمالة:
كَفَل. يقال: حَمَل فلان الحِقْدَ على نفسه إِذا أَكنه في نفسه
واضْطَغَنَه. ويقال للرجل إِذا اسْتَخَفَّه الغضبُ: قد احتُمِل وأُقِلَّ؛ قال
الأَصمَعي في الغضب: غَضِب فلان حتى احتُمِل. ويقال للذي يَحْلُم عمن
يَسُبُّه: قد احْتُمِل، فهو مُحْتَمَل؛ وقال الأَزهري في قول الجَعْدي:
كلبابى حس ما مسه،
وأَفانِين فؤاد مُحْتَمَل
(* قوله «كلبابى إلخ» هكذا في الأصل من غير نقط ولا ضبط).
أَي مُسْتَخَفٍّ من النشاط، وقيل غضبان، وأَفانِينُ فؤاد: ضُروبُ نشاطه.
واحْتُمِل الرجل: غَضِب. الأَزهري عن الفراء: احْتُمِل إِذا غضب، ويكون
بمعنى حَلُم. وحَمَلْت به حَمَالة أَي كَفَلْت، وحَمَلْت إِدْلاله
واحْتَمَلْــت بمعنىً؛ قال الشاعر:
أَدَلَّتْ فلم أَحْمِل، وقالت فلم أُجِبْ،
لَعَمْرُ أَبيها إِنَّني لَظَلُوم
والمُحامِل: الذي يَقْدِر على جوابك فَيَدَعُه إِبقاء على مَوَدَّتِك،
والمُجامِل: الذي لا يقدر على جوابك فيتركه ويَحْقِد عليك إِلى وقت مّا.
ويقال: فلان لا يَحْمِل أَي يظهر غضبه.
والمُحْمِل من النساء والإِبل: التي يَنْزِل لبُنها من غير حَبَل، وقد
أَحْمَلَت.
والحَمَل: الخَرُوف، وقيل: هو من ولد الضأْن الجَذَع فما دونه، والجمع
حُمْلان وأَحمال، وبه سُمِّيت الأَحمال، وهي بطون من بني تميم. والحَمَل:
السحاب الكثير الماء. والحَمَل: بُرْج من بُروج السماء، هو أَوَّل البروج
أَوَّلُه الشَّرْطانِ وهما قَرْنا الحَمَل، ثم البُطَين ثلاثة كواكب، ثم
الثُّرَيَّا وهي أَلْيَة الحَمَل، هذه النجوم على هذه الصفة تُسَمَّى
حَمَلاً؛ قلت: وهذه المنازل والبروج قد انتقلت، والحَمَل في عصرنا هذا
أَوَّله من أَثناء الفَرْغ المُؤَخَّر، وليس هذا موضع تحرير دَرَجه ودقائقه.
المحكم: قال ابن سيده قال ابن الأَعرابي يقال هذا حَمَلُ طالعاً،
تَحْذِف منه الأَلف واللام وأَنت تريدها، وتُبْقِي الاسم على تعريفه، وكذلك
جميع أَسماء البروج لك أَن تُثْبِت فيها الأَلف واللام ولك أَن تحذفها وأَنت
تَنْويها، فتُبْقِي الأَسماء على تعريفها الذي كانت عليه. والحَمَل:
النَّوْءُ، قال: وهو الطَّلِيُّ. يقال: مُطِرْنا بنَوْء الحَمَل وبِنَوْء
الطَّلِيِّ؛ وقول المتنخِّل الهذلي:
كالسُّحُل البِيضِ، جَلا لَوْنَها
سَحُّ نِجاءِ الحَمَل الأَسْوَل
فُسَّر بالسحاب الكثير الماء، وفُسِّر بالبروج، وقيل في تفسير النِّجاء:
السحاب الذي نَشَأَ في نَوْءِ الحَمَل، قال: وقيل في الحَمَل إِنه المطر
الذي يكون بنَوْءٍ الحَمَل، وقيل: النِّجاء السحاب الذي هَرَاق ماءه،
واحده نَجْوٌ، شَبَّه البقر في بياضها بالسُّحّل، وهي الثياب البيض، واحدها
سَحْل؛ والأَسْوَل: المُسْتَرْخِي أَسفل البطن، شَبَّه السحاب المسترخي
به؛ وقال الأَصمعي: الحَمَل ههنا السحاب الأَسود ويقوّي قوله كونه وصفه
بالأَسول وهو المسترخي، ولا يوصف النَّجْو بذلك، وإِنما أَضاف النِّجَاء
إِلى الحَمَل، والنِّجاءُ: السحابُ لأَنه نوع منه كما تقول حَشَف التمر
لأَن الحَشَف نوع منه. وحَمَل عليه في الحَرْب حَمْلة، وحَمَل عليه حَمْلة
مُنْكَرة، وشَدَّ شَدَّة مُنكَرة، وحَمَلْت على بني فلان إِذا أَرَّشْتَ
بينهم. وحَمَل على نفسه في السَّيْر أَي جَهَدَها فيه. وحَمَّلْته
الرسالة أَي كلَّفته حَمْلَها. واسْتَحْمَلته: سأَلته أَن يَحْمِلني. وفي حديث
تبوك: قال أَبو موسى أَرسلني أَصحابي إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم،
أَسْأَله الحُمْلان؛ هو مصدر حَمَل يَحْمِل حُمْلاناً، وذلك أَنهم أَنفذوه
يطلبون شيئاً يركبون عليه، ومنه تمام الحديث: قال، صلى الله عليه وسلم:
ما أَنا حَمَلْتُكم ولكن الله حَمَلكم، أَراد إِفْرادَ الله بالمَنِّ
عليهم، وقيل: أَراد لَمَّا ساق الله إِليه هذه الإِبل وقت حاجتهم كان هو
الحامل لهم عليها، وقيل: كان ناسياً ليمينه أَنه لا يَحْمِلْهم فلما أَمَر
لهم بالإِبل قال: ما أَنا حَمَلْتكم ولكن الله حَمَلَكم، كما قال للصائم
الذي أَفطر ناسياً: الله أَطْعَمَك وسَقاك.
وتَحَامَل عليه أَي مال، والمُتَحامَلُ قد يكون موضعاً ومصدراً، تقول في
المكان هذا مُتَحَامَلُنا، وتقول في المصدر ما في فلان مُتَحامَل أَي
تَحامُل؛ والأَحمالُ في قول جرير:
أَبَنِي قُفَيْرَة، من يُوَرِّعُ وِرْدَنا،
أَم من يَقوم لشَدَّة الأَحْمال؟
قومٌ من بني يَرْبُوع هم ثعلبة وعمرو والحرث. يقال: وَرَّعْت الإِبلَ عن
الماء رَدَدْتها، وقُفَيْرة: جَدَّة الفَرَزْدَق
(* قوله «وقفيرة جدّة
الفرزدق» تقدم في ترجمة قفر أنها أُمه) أُمّ صَعْصَعة بن ناجِية بن
عِقَال. وحَمَلٌ: موضع بالشأْم. الأَزهري: حَمَل اسم جَبَل بعينه؛ ومنه قول
الراجز:
أَشْبِه أَبا أُمِّك أَو أَشْبِه حَمَل
قال: حَمل اسم جبل فيه جَبَلان يقال لهما طِمِرَّان؛ وقال:
كأَنَّها، وقَدْ تَدَلَّى النَّسْرَان،
ضَمَّهُمَا من حَمَلٍ طِمِرَّان،
صَعْبان عن شَمائلٍ وأَيمان
قال الأَزهري: ورأَيت بالبادية حَمَلاً ذَلُولاً اسمه حَمال.
وحَوْمَل: موضع؛ قال أُمَيَّة بن
أَبي عائذ الهذلي:
من الطَّاويات، خِلال الغَضَا،
بأَجْماد حَوْمَلَ أَو بالمَطَالي
وقول امريء القيس:
بين الدَّخُول فَحَوْمَلِ
إِنما صَرَفه ضرورة. وحَوْمَل: اسم امرأَة يُضْرب بكَلْبتها المَثَل،
يقال: أَجْوَع من كَلْبة حَوْمَل.
والمَحْمولة: حِنْطة غَبْراء كأَنها حَبُّ القُطْن ليس في الحِنْطة
أَكبر منها حَبًّا ولا أَضخم سُنْبُلاً، وهي كثيرة الرَّيْع غير أَنها لا
تُحْمَد في اللون ولا في الطَّعْم؛ هذه عن أَبي حنيفة. وقد سَمَّتْ حَمَلاً
وحُمَيلاً. وبنو حُمَيْل: بَطْن؛ وقولهم:
ضَحِّ قَلِيلاً يُدْرِكِ الهَيْجَا حَمَل
إِنما يعني به حَمَل بن بَدْر. والحِمَالة: فَرَس طُلَيْحَة ابن
خُوَيلِد الأَسدي؛ وقال يذكرها:
عَوَيْتُ لهم صَدْرَ الحِمَالة، إِنَّها
مُعاوِدَةٌ قِيلَ الكُمَاةِ نَزَالِ
فَيوْماً تَراها في الجِلال مَصُونَةً،
ويَوْماً تراها غيرَ ذاتِ جِلال
قال ابن بري: يقال لها الحِمالة الصُّغْرَى، وأَما الحِمَالة الكبرى فهي
لبني سُلَيْم؛ وفيها يقول عباس بن
مِرْدَاس:
أَما الحِمَالَة والقُرَيْظُ، فقد
أَنْجَبْنَ مِنْ أُمٍّ ومن فَحْل
زبل: الزَّبْل، بالكسر: السِّرْقِين وما أَشبهه، وحكى اللحياني: أَخذوا
زَبَلاتهم. قال ابن سيده: فلا أَدري أَيّ شيء جمع. وفي الحديث: أَن
امرأَة نَشَزَت على زوجها فَحَبسها في بيت الزِّبْل؛ هو بالكسر السِّرْجِين،
وبالفتح مصدر زَبَلْت الأَرض إِذا أَصلحتها بالزِّبْل. وزَبَل الأَرضَ
والزرعَ يَزْبِله زَبْلاً: سَمَّدَه. والمَزْبَلة والمُزْبُلة، بالفتح
والضم: مُلْقاه. والزِّبال، بالكسر: ما تَحْمِل النَّمْلة بفيها، وما أَصاب
منه زِبالاً وزُبَالاً أَي شيئاً؛ قال ابن مقبل يصف فَحْلاً:
كَريم النِّجار حَمَى ظَهْرَهُ،
فلم يُرْتَزأْ بركوب زِبَالا
وما أَغْنَى عنه زَبَلة أَي زِبالاً. وما في السِّقَاء والإِناء والبئر
زُبَالة أَي شيء، وبها سُمِّيت زُبَالة: منزلة من مناهل طريق مكة.
والزَّبِيل والزِّنْبِيل: الجِراب، وقيل الوِعاء يُحْمل فيه، فإِذا
جَمَعوا قالوا زَنابيل، وقيل: الزِّنْبِيل خطأ وإِنما هو زَبِيل، وجمعه زُبُل
وزُبْلان.
والزَّأْبَل: القصير؛ قال:
حَزَنْبَل الحِضْنَيْن فَدْم زَأْبَل
والزَّبِيل: القُفَّة، والجمع زُبُل. الجوهري: الزَّبِيل معروف فإِذا
كسَرته شدَّدت فقلت زِبِّيل أَو زِنْبِيل، لأَنه ليس في الكلام فَعْليل،
بالفتح. وزَبَلْت الشيءَ وازْدَبَلْته: احتملــته، وكذلك زَمَلْته
وازْدَمَلْته.
والزُّبْلة: اللُّقمة. والزُّبْلة: النَّيْلة
(* قوله «والزبلة النيلة»
كذا في الأصل، ورمز له بعلامة التوقف، وفي ترجمة نيل من القاموس: وما
أصاب نيلاً ونيلة أي شيئاً).
وزُبْلان وزُبَالة: موضع. وزُبَالة بن تميم: أَخو عمرو بن تميم؛ قال ابن
الأَعرابي: لهم عَدَدٌ وليسوا بكثير؛ قال أَبو ذؤيب:
لا تأْمَنَنَّ زُبَالِيًّا بذِمَّتِه،
إِذا تَقَنَّع ثوبَ الغَدْر وأْتَزرا
طوق: الطَّوْقُ: حَلْيٌ يجعل في العنق. وكل شيء استدار فهو طَوْقٌ
كطَوْق الرَّحى الذي يُدِير القُطْب ونحو ذلك. والطَّوْقُ: واحدُ الأَطْواق،
وقد طَوَّقْتُه فتَطَوَّقَ
أَي أَلبسته الطَّوْقَ فلَبِسه، وقيل: الطَّوْقُ ما استدار بالشيء،
والجمع أَطْواقٌ.
والمُطَوَّقةُ: الحمامةُ
التي في عنقها طَوْقٌ. والمُطَوَّقُ من الحمام: ما كان له طَوْقٌ.
وطَوَّقَه بالسيف وغيره وطَوَّقه إِيّاه: جعله له طَوْقاً. وفي التنزيل:
سَيُطَوَّقُون ما بَخِلوا به يوم القيامة؛ يعني مانع الزكاة يُطَوَّقُ ما بخل
به من حق الفقراء من النار يوم القيامة، نعوذ بالله من سخط الله. ويروى
في حديث: مَنْ غَصَبَ جارَه شِبْراً من الأرض طُوِّقَه من سبع أَرَضِين؛
يقول: جُعِل له طَوْقاً في عنقه أَي يخسف الله به الأَرض فتصير البقعة
المغصوبة منها في عنقه كالطَّوْق، وقيل: هو أَن يُطَوَّقَ حملَها يوم
القيامة أَي يُكلَّف فيكون من طَوْق التكليف لا من طَوْق التقليد؛ ومن الأَول
حديث الزكاة: يُطَوَّقُ مالَه شُجاعاً أَقرعَ أَي يجعل له كالطَّوْق في
عنقه؛ ومنه الحديث: والنخلُ مُطَوقة بثمرها أَي صارت أَعذاقُها كالأَطْواق
في الأعناق؛ ومن الثاني حديث أَبي قتادة ومُراجعةِ
النبي، صلى الله عليه وسلم، في الصوم فقال، صلى الله عليه وسلم: ودِدْت
أَنِّي طُوِّقْتُ ذلك أي ليته جُعِل داخلاً في طاقَتي وقدرتي، ولم يكن،
صلى الله عليه وسلم، عاجزاً عن ذلك غيرَ قادر عليه لضعف منه ولكن يحتمل
أَنه خافَ العجز عنه للحقوق التي تلتزمه لنسائه، فإِن إِدامةَ
الصوم تُخِلّ بحظوظهن منه. وتَطَوَّقَت الحيّةُ على عنقه: صارت عليه
كالطَّوْق.
والطَّوْقة: أَرض سهلة مستديرة في غِلَظ. وطائقُ كلّ شيء مثل طوقه، وفي
التهذيب: طائق كل شيءٍ ما استدار به من حَبْل أَو أَكمة، والجمع
الأَطْواق. ابن سيده: ومن الشاذ قراءة ابن عباس ومجاهد وعكرمة: وعلى الذين
يُطَوَّقُونه، ويُطَيَّقُونه ويَطَّيَّقُونَهُ، فيُطَوَّقُونه يجعل كالطَّوْق
في أَعناقهم، ويَطَّوَّقونه أَصله يتطوَّقونه فقلَبْت التاء طاء وأُدغمتْ
في الطاء، ويُطَيَّقونه أَصله يُطَيْوَقونه فقلبت الواو ياء كما قلبتَها
في سيّد وميّت، وقد يجوز أَن يكون القلب على المعاقبة كتَهوّر وتهيّر،
على أَن أَبا الحسن قد حكى هارَ يَهير، فهذا يُؤنِس أَن ياء تهيّر وضْعٌ
وليست على المعاقبة، قال: ولا تحملن هارَ يَهِير على الواو قياساً على ما
ذهب إِليه الخليل في تاهَ يَتِيه وطاحَ يَطيح فإِن ذلك قليل، ومن قرأَ
يَطَّيَّقونه جاز أَن يكون يَتَفَيْعلونه، أَصله يَتَطَيْوَقونه فقلبت
الواو ياء كما تقدم في ميّت وسيّد، وتجوز فيه المعاقبة أيضاً على تهيّر،
ويجوز أَن يكون يُطَوَّقُونه بالواو، وصيغة ما لم يسم فاعله يُفَوْعَلونه
إِلا أَن بناءَ فَعَّلْت أَكثر من بناء فَوْعَلْت. وطَوَّقْتُك الشيء أَي
كلَّفْتكَه. وطَوَّقَني اللهُ أَداءَ حَقِّك أَي قَوّاني. وطوَّقتْ له
نفسُه: لغة في طَوَّعَت أَي رَخَّصت وسَهَّلت؛ حكاها الأَخفش.
والطَّائِقُ: حجر أَو نَشَزٌ يَنْشُز في الجبل نادر، منه، وفي البئر ذلك
ما نَشَزَ من حال البئر من صخرة ناتئة؛ وقال عمارة بن طارق في صفة
الغرب:مُوقَّر مِنْ بَقَرِ الرَّ ساتِق،
ذي كِدْنةٍ على جِحافِ الطَّائِق،
أَخْضَر لم يُنْهَكْ بُموسَى الحالِق
أَي ذو قوة على مُكاوَحةِ تلك الصخرة؛ وقال في جمعه:
على مُتونِ صَخَرٍ طَوائِق
والطائِقُ: ما بين كل خشبتين من السفينة. أَبو عبيد: الطَّائِقُ ما بين
كل خشبتين. ويقال: الطائِق إِحدى خشبات بطن الزَّوْرَق. أَبو عمرو
الشيباني: الطائِقُ وسط السفينة؛ وأَنشد للبيد:
فالْتامَ طائِقُها القديمُ، فأَصْبَحَتْ
ما إِنْ يُقَوِّمُ درْأَها رِدْفانِ
الأصمعي: الطائِقُ ما شَخَصَ من السفينة كالحَيْدِ الذي ينحدر من الجبل؛
قال ذو الرمة:
قَرْواء طائِقُها بالآلِ مَحْزُومُ
قال: وهو حرف نادر في القُنّة. الليث: طائِقُ كل شيء ما استدار به من
حَبْل أَو أَكمة، وجمعه أَطْواقٌ، والطَّاقاتُ جمع طاقةٍ. ويقال للكَرِّ
الذي يُصْعَد به إِلى النخلة الطَّوْق، وهو البَرْوَنْد بالفارسية؛ قال
الشاعر يصف نخلة:
ومَيّالة في رأْسها الشَّحْمُ والنَّدَى،
وسائرُها خالٍ من الخير يابِسُ
تَهَيَّبها الفِتْيانُ حتى انْبَرَى لها
قَصِيرُ الخُطى، في طَوْقِه، مُتَقاعِسُ
يعني البروند؛ التهذيب: أَنشد عمر بن بكر:
بَنى بالغَمْر أَرْعَنَ مُشْمَخِرّاًّ،
يُغَنِّي، في طَوائِقه، الحَمامُ
قال: طَوائِقه عُقوده؛ قال الأَزهري: وصف قَصْراً. والطَّوائِقُ: جمع
الطَّاقِ الذي يُعْقَد بالآجُرّ، وأَصله طائِقٌ وجمعه طَوائِقُ على الأَصل
مثل الحاجة جمعها حوائج لأَن أَصلها حائجة؛ وأَنشد لعمرو بن حسان:
أَجِدَّكَ هل رأَيتَ أَبا قُبَيْسٍ،
أَطالَ حياتَه النَّعَمُ الرُّكامُ؟
بنى بالغَمْرِ أَرْعَنَ مُشْمَخِرّاً،
يُغَنِّي في طوائقه الحَمامُ
قال: ويجمع أَيضاً أَطْواقاً. والطَّوْقُ والإِطاقةُ: القدرة على الشيء.
والطَّوْقُ: الطَّاقةُ. وقد طاقَه طَوْقاً وأَطاقَه إِطاقةً وأَطاقَ
عليه، والاسم الطَّاقةُ. وهو في طَوْقي أَي في وَسْعي؛ قال ابن بري: وقول
عمرو بن أُمامة:
لقد عَرَفْتُ الموتَ قبل ذَوْقِه،
إِنّ الجَبان حَتْفُه مِنْ فَوْقِه
كلُّ امرئ مُقاتِلٌ عن طَوْقِه،
كالثَّوْرِ يَحْمي جِلْدَه بِرَوْقِه
أَراد بالطَّوْق العُنق، ورواه الليث:
كل امرئ مجاهد بطوقه
قال: والطَّوْقُ الطاقةُ أَي أَقصى غايته، وهو اسم لمقدار ما يمكن أَن
يفعله بمشقَّة منه. ابن الأَعرابي: يقال طُقْ طُقْ من طاقَ يَطُوق إِذا
أَطاق. الليث: الطَّوْقُ مصدر من الطَّاقِة؛ وأَنشد:
كل امرئ مُجاهِد بطوقه،
والثور يحمي أَنفه بروقه
يقول: كل امرئ مُكلّف ما أَطاق؛ قال أَبو منصور: يقال طاقَ يَطُوق
طَوْقاً وأَطاقَ يُطيقُ إِطاقةً وطاقةً، كما يقال طاعَ يَطُوع طَوْعاً
وأَطاعَ يُطيع إِطاعةً وطاعةً. والطَّاقةُ والطاعةُ: اسمان يوضَعان موضع
المصدر؛ قال سيبويه: وقالوا طَلَبْتَه طاقَتَك، أَضافوا المصدر وإِن كان في
موضع الحال، كما ادخلوا فيه الألف واللام حين قالوا أَرسلَها العِراكَ،
وأَما طَلَبْتُه طاقَتي فلا يكون إِلا معرفة كما أَن سبحانَ الله لا يكون
إِلا كذلك. والطاقةُ: شُعْبَةٌ من رَيْحان أَو شَعَر وقُوَّةٌ من الخيط أَو
نحو ذلك. ويقال: طاقُ نعلٍ وطاقةُ رَيْحانٍ، والطاقُ: ما عطف من
الأَبنية، والجمع الطَّاقات. والطَّيقان: فارسي معرب. والطاق: عَقْدُ البناء حيث
كان، والجمع أَطواق وطِيقانٌ. والطَّاقُ: ضَرْبٌ من الملابس. قال ابن
الأَعرابي: هو الطَّيْلَسان، وقيل هو الطيلسان الأَخضر؛ عن كراع؛ قال
رؤبة:ولو تَرَى، إِذْ جُبَّتي مِنْ طاقِ،
ولِمَّتي مِثْلُ جَناحِ غاقِ
وقال الشاعر:
لقد تَرَكتْ خُزَيْبَةُ كلَّ وغْدٍ
تَمَشَّى بينَ خاتامٍ وطاقِ
والطَّيقانُ جمع طاق: الطَّيْلَسان مثل ساج وسِيجان؛ قال مليح الهذلي:
من الرَّيْطِ والطَّيقانِ تُنْشَرُ فَوْقَهم،
كأَجْنِحةِ العِقْبانِ تَدْنُو وتَخْطِفُ
والطَّاقُ: ضَرْبٌ من الثياب؛ قال الراجز:
يَكْفِيك، من طاقٍ كثير الأَثْمان،
جُمَّازَةٌ شُمِّرَ منها الكُمَّان
قال ابن بري: الطَّاقُ الكساء، والطَّاقُ الخِمارُ؛ وأَنشد ابن
الأََعرابي:
سائِلَة الأَصداغ يَهْفُو طاقُها،
كأَنَّما ساقُ غُرابٍ ساقُها
وفسره فقال أَي خمارها يطير وأَصداغها تتطاير من مخاصمتها. ورأَيت
أَرضاً كأَنَّها الطيقانُ إِذا كثر نباتها.
وشراب الأَطْواق: حَلَبُ النارَجِيل، وهو أَخبث من كل شراب يُشْرَب
وأَشدُّ إِفساداً للعقل.
وذات الطُِّوَق: أَرض معروفة؛ قال رؤبة:
تَرْمي ذِراعَيْهِ بجَثْجاثِ السُّوَقْ
ضَرْحاً، وقد أَنْجَدْنَ من ذاتِ الطُّوَقْ
والطَّوْقُ: أَرض سهلة مستديرة. وطاقُ القوس: سِيَتُها، وقال ابن حمزة:
طائِقُها لا غير، ولا يقال طاقُها.
حقب: الحَقَبُ، بالتحريك: الحِزامُ الذي يَلِي حَقْوَ البَعِير. وقيل:
هو حَبْلٌ يُشَدُّ به الرَّحْلُ في بَطْنِ البَعِير مـما يلي ثِيلَه، لِئَلاَّ يُؤْذِيَه التَّصْديرُ، أَو يَجْتَذِبَه التَّصْديرُ، فَيُقَدِّمَه؛ تقول منه: أَحْقَبْتُ البَعِيرَ.
وحَقِبَ، بالكسر، حَقَباً فهو حَقِبٌ: تَعَسَّرَ عليه البَوْلُ مِن وُقُوعِ الحَقَبِ على ثِيلِه؛ ولا يقال: ناقةٌ حَقِبةٌ لأَنَّ الناقة لَيس لها ثِيلٌ. الأَزهري: من أَدَواتِ الرَّحْلِ الغَرْضُ والحَقَبُ، فأَما الغَرْضُ فهو حِزامُ الرَّحْلِ، وأَما الحَقَبُ فهو حَبْلٌ يَلِي الثِّيلَ.
ويقال: أَخْلَفْتُ عن البَعِير، وذلك إِذا أَصابَ حَقَبُه ثِيلَه، فيَحْقَبُ هو حَقَباً، وهو احْتِباسُ بَوْلِه؛ ولا يقال ذلك في الناقةِ لأَنَّ
بَوْلَ الناقةِ من حَيائها، ولا يَبْلُغُ الحَقَبُ الحَياءَ؛ والإِخْلافُ
عنه: أَن يُحَوَّلَ الحَقَبُ فيُجْعَلَ مـما يَلِي خُصْيَتَي البَعِير.
ويقال: شَكَلْت عن البَعير، وهو أَن تجعل بين الحَقَب والتَّصْدير خَيْطاً، ثم تَشُدَّه لئلا يَدْنُوَ الحَقَبُ من الثِّيلِ. واسم ذلك الخَيْطِ:
الشِّكالُ.
وجاءَ في الحديث: لا رَأْي لِحازِقٍ، ولا حاقِبٍ، ولا حاقِنٍ؛ الحازِقُ : الذي ضاقَ عليه خُفُّه، فَحَزَقَ قَدَمَه حَزْقاً، وكأَنه بمعنى لا رأْي لذي حَزْقٍ؛ والحاقِبُ: هو الذي احْتاجَ إِلى الخَلاءِ، فلم يَتَبَرَّزْ، وحَصَرَ غائطَه، شُبِّه بالبَعِير الحَقِبِ الذي قد دَنا الحَقَبُ مِن ثِيلِه، فمنَعَه من أَن يَبُولَ. وفي الحديث: نُهِيَ عن صلاة الحاقِبِ والحَاقِنِ.
وفي حديث عُبادةَ بن أَحْمَر: فجمَعْتُ إِبِلي، ورَكِبْتُ الفَحْلَ،
فحَقِبَ فَتَفاجَّ يَبُولُ، فَنَزَلْتُ عنه.
حَقِبَ البعيرُ إِذا احْتَبَسَ بَوْلُه. ويقال: حَقِبَ العامُ إِذا احْتَبَس مَطَرُه.
والحَقَبُ والحِقابُ: شيء تُعَلِّقُ به المرأَةُ الحَلْيَ، وتَشُدُّه في
وسَطِها، والجمع حُقُبٌ. والحِقابُ: شيءٌ مُحَلىًّ تَشُدُّه المرأَةُ
على وَسَطِها. قال الليث: الحِقابُ شيء تتخذه المرأَة، تُعَلِّق به
مَعالِيقَ الحُليِّ، تَشُدُّه على وسَطها، والجمع الحُقُبُ. قال الأَزهري:
الحِقابُ هو البَرِيمُ، إِلاَّ أَنَّ البَريمَ يكون فيه أَلوانٌ من الخُيُوطِ
تَشُدُّه المرأَة على حَقْوَيْها. والحِقابُ: خَيْط يُشَدُّ في حَقْوِ الصبيِّ، تُدْفَعُ به العينُ.
والحَقَبُ في النَّجائبِ: لَطافةُ الحَقْوَيْنِ، وشِدَّةُ صِفاقِهما، وهي مِدْحةٌ.
والحِقابُ: البياض الظاهر في أَصل الظُّفُر.
والأَحْقَبُ: الحِمار الوَحْشِيُّ الذي في بَطْنِه بياض، وقيل: هو
الأَبيضُ موضعِ الحَقَبِ؛ والأَوّل أَقْوَى؛ وقيل: إِنما سُمي بذلك لبياضٍ في حَقْوَيْهِ، والأُنثى حَقْباءُ؛ قال رؤبة بن العجاج يُشَبِّه ناقَتَه بأَتانٍ حَقْباءَ:
كَأَنـَّهَا حَقْباء بَلْقاءُ الزَّلَقْ، * أَو جادِرُ اللِّيتَيْنِ، مَطْوِيُّ الحَنقْ
والزَّلَقُ: عَجِيزَتُها حيث تَزْلَقُ منه. والجادِرُ: حِمارُ الوَحْشِ
الذي عَضَّضَتْه الفُحُول في صَفْحَتَيْ عُنُقِه، فصار فيه جَدَراتٌ.
والجَدَرةُ: كالسِّلْعة تكون في عُنُقِ البعير، وأَراد باللِّيتَيْن صَفْحَتَي العُنقِ أَي هو مَطْوِيٌّ عند الحنَقِ، كما تقول: هو جَرِيءُ الـمَقْدَمِ أَي جَرِيءٌ عند الإِقْدامِ والعَرب تُسَمِّي الثَّعْلَبَ مُحْقَباً، لبيَاضِ بَطْنِه. وأَنشد بعضُهم لأُم الصَّريح الكِنْدِيّةِ، وكانت تحتَ جَرير، فوَقَع بينها وبين أُخت جرير لِحَاءٌ وفِخارٌ، فقالت:
أَتَعْدِلِينَ مُحْقَباً بأَوْسِ،
والخَطَفَى بأَشْعَثَ بنِ قَيْسِ،
ما ذاكِ بالحَزْمِ ولا بالكَيْسِ
عَنَتْ بذلكَ: أَنَّ رِجالَ قَوْمِها عند رِجالِها، كالثَّعْلَب عند الذِّئب. وأَوْسٌ هو الذئب، ويقال له أُوَيْسٌ.
والحَقِيبةُ كَالبَرْذَعةِ، تُتَّخَذ لِلحِلْسِ والقَتَبِ، فأَمـّا حَقِيبةُ القَتَبِ فَمِنْ خَلْفُ، وأَمـّا حَقِيبةُ الحِلْسِ فَمُجَوَّبةٌ عن ذِرْوةِ السَّنامِ. وقال ابن شميل: الحَقِيبةُ تكون على عَجُزِ البَعِير، تحت حِنْوَيِ القَتَبِ الآخَرَيْن.
والحَقَبُ: حَبْلُ تُشَدُّ به الحَقِيبةُ.
والحَقِيبةُ: الرِّفادةُ في مُؤَخَّر القَتَبِ، والجمع الحَقائبُ.
وكلُّ شيءٍ شُدّ في مؤَخَّر رَحْل أَو قَتَب، فقد احْتُقِبَ.
وفي حديث حنين: ثم انْتَزَع طَلَقاً مِنْ حَقِبه أَي من الحَبْلِ
الـمَشْدُود على حَقْوِ البعير، أَو من حَقِيبتِه، وهي الزِّيادةُ التي تُجْعَل في مُؤَخَّر القَتَب، والوعاءُ الذي يَجْعَل الرجل فيه زادَه.
والمُحْقِبُ: الـمُرْدِفُ؛ ومنه حديث زيد بن أَرْقَمَ: كنتُ يَتِيماً
لابنِ رَواحةَ فَخرجَ بي إِلى غَزْوةِ مُؤْتةَ، مُرْدِفي على حَقِيبةِ
رَحْلِه؛ ومنه حديث عائشة: فَأَحْقَبَها عبدُالرحمن على ناقةٍ، أَي
أَرْدَفَها خَلْفَه على حَقِيبةِ الرَّحْل. وفي حديث أَبي أُمامة: أَنه أَحْقَبَ زادَه خَلْفَه على راحِلَتِه أَي جعلَه وراءه حَقِيبةً.
واحتَقَبَ خَيْراً أَو شَرًّا، واسْتَحْقَبه: ادَّخَره، على المثَل،
لأَنّ الإِنسان حامِلٌ لعَمَلِه ومُدَّخِرٌ له. واحْتَقَبَ فلان الإِثْم:
كأَنَّه جَمَعَه واحْتَقَبَه مَنْ خَلْفهِ؛ قال امْرُؤُ القيس:
فاليَوْمَ أُسْقَى، غَيْرَ مُسْتَحْقِبٍ، * إِثْماً، مِنَ اللّهِ، ولا واغِلِ
واحْتَقَبَه واسْتَحْقَبَه، بمعنى أَي احْتَمَلَــه.
الأَزهري: الاحْتِقابُ شَدُّ الحَقِيبةِ من خَلْفٍ، وكذلك ما حُمِلَ مِن
شيء من خَلْفٍ، يقال: احْتَقَبَ واسْتَحْقَبَ؛ قال النابغة:
مُسْتَحْقِبِي حَلَقِ الماذِيِّ، يَقْدُمُهم * شُمُّ العَرانِينِ، ضَرَّابُون لِلهامِ(1)
(1 قوله «مستحقي حلق إلخ» كذا في النسخ تبعاً للتهذيب والذي في التكملة: مستحقبو حلق الماذي خلفهمو.)
الأَزهري: ومن أَمثالهم: اسْتَحْقَبَ الغَزْوَ أَصْحابَ البَراذِينِ؛
يقال ذلك عند ضِيق المخَارِج؛ ويقال في مثله: نَشِبَ الحَديدةُ والتَوَى المِسمارُ؛ يقال ذلك عند تأْكيد كل أَمر ليس منه مَخْرَجٌ.
والحِقْبةُ من الدَّهر: مدّة لا وَقْتَ لها. والحِقْبةُ، بالكسر: السَّنةُ؛ والجمع حِقَبٌ وحُقُوبٌ كحِلْيةٍ وحُلِيٍّ.
والحُقْبُ والحُقْبُ: ثمانون سَنةً، وقيل أَكثرُ من ذلك؛ وجمع الحُقْبِ حِقابٌ، مثل قُفٍّ وقِفافٍ، وحكى الأَزهري في الجمع أَحْقَاباً.
والحُقُبُ: الدَّهرُ، والأَحْقابُ: الدُّهُور؛ وقيل: الحُقُبُ السَّنةُ، عن ثعلب.
ومنهم من خَصَّصَ به لغة قيس خاصَّة. وقوله تعالى: أَو أَمْضِيَ حُقُباً؛ قيل: معناه سنةً؛ وقيل: معناه سنين، وبسِنينَ فسره ثعلب. قال الأَزهري: وجاء في التفسير: أَنه ثمانون سنة، فالحُقُب على تفسير ثعلب، يكون أَقَلَّ من ثمانين سنة، لأَنّ موسى، عليه السلام، لم يَنْوِ أَن يَسِيرَ ثَمانين سَنةً، ولا أَكثر، وذلك أَنّ بَقِيَّةَ عُمُرِه في ذلك الوَقْت لا تَحْتَمِلُ ذلك؛ والجمع من كل ذلك أَحْقابٌ وأَحْقُبٌ؛ قال ابن هَرْمةَ:
وقد وَرِثَ العَبّاسُ، قَبْلَ مُحمدٍ، * نَبِيَّيْنِ حَلاَّ بَطْنَ مَكَّةَ أَحْقُبا
وقال الفرَّاءُ في قوله تعالى: لابِثينَ فيها أَحْقاباً؛ قال: الحُقْبُ
ثمانُون سنةً، والسَّنةُ ثَلثُمائة وستون يوماً، اليومُ منها أَلفُ سنة
من عَدد الدنيا، قال: وليس هذا مـما يدل على غاية، كما يَظُنّ بعضُ الناس، وإِنما يدُل على الغايةِ التوْقِيتُ، خمسةُ أَحْقاب أَو عشرة، والمعنى أَنهم يَلْبَثُون فيها أَحْقاباً، كُلَّما مضَى حُقْب تَبِعه حُقْب آخَر؛ وقال الزجاج: المعنى أَنهم يَلْبَثُون فيها أَحْقاباً، لا يذُوقُون في الأَحْقابِ بَرْداً ولا شَراباً، وهم خالدون في النار أَبداً، كما قال اللّه، عز وجل؛ وفي حديث قُسّ:
وأَعْبَدُ مَن تَعَبَّدَ في الحِقَبْ
هو جمع حِقْبةٍ، بالكسر، وهي السنةُ، والحُقْبُ، بالضم؛ ثَمانُون سَنةً، وقيل أَكثر، وجمعه حِقابٌ.
وقارةٌ حَقْباء: مُسْتَدِقّةٌ طَويلةٌ في السماء؛ قال امرؤُ القيس:
تَرَى القُنَّةَ الحَقْباء، مِنْها، كَأَنـَّها * كُمَيْتٌ، يُبارِي رَعْلةَ الخَيْلِ، فارِدُ
وهذا البيت مَنْحُول. قال الأَزهري، وقال بعضهم: لا يقال لها حَقْباء، حتى يَلْتَوِيَ السَّرابُ بِحَقْوَيْها؛ قال الأَزهري: والقارةُ الحَقْباء التي في وسَطها تُرابٌ أَعْفَرُ، وهو يَبْرُقُ ببياضِه مع بُرْقةِ سائِرِه.
وحَقِبَت السماءُ حَقَباً إِذا لم تُمْطِرْ. وحَقِبَ المطَرُ حَقَباً:
احْتَبَسَ. وكُلّ ما احْتَبَس فقد حَقِبَ، عن ابن الأَعرابي. وفي الحديث: حَقِبَ أَمـْرُ النَّاسِ أَي فَسَدَ واحْتَبَس، مِن قولهم حَقِبَ
الـمَطَرُ أَي تأَخَّر واحْتَبَسَ.
والحُقْبَةُ: سكون الرِّيحِ، يمانيةٌ.
وحَقِبَ الـمَعْدِنُ، وأَحْقَبَ: لم يوجد فيه شيء، وفي الأَزهري: إِذا لم يُرْكِزْ. وحَقِبَ نائِلُ فلان إِذا قلَّ وانْقَطَعَ.
وفي حديث ابن مسعود، رضي اللّه عنه: الإِمَّعةُ فيكم اليَوْمَ
الـمُحْقِبُ الناسَ دِينَه؛ وفي رواية: الذي يُحْقِبُ دِينَه الرِّجالَ؛ أَراد: الذي يُقَلِّد دينَه لكل أَحد أَي يَجْعَلُ دِينَه تابعاً لدينِ غيره، بلا حُجّة ولا بُرْهانٍ ولا رَوِيَّةٍ، وهو من الإِرْدافِ على الحقيبة.
وفي صفة الزبير، رضي اللّه عنه: كانَ نُفُجَ الحَقِيبةِ أَي رابِيَ
العَجُز، ناتئه، وهو بضم النون والفاء؛ ومنه انْتَفَجَ جَنْبا البعير أَي ارتفعا.
والأَحْقَبُ: زعموا اسم بعض الجنّ الذين جاؤُوا يستمعون القرآن من النبي، صلى اللّه عليه وسلم. قال ابن الأَثير: وفي الحديث ذكر الأَحقب، وهو أَحَدُ النفَر الذين جاؤُوا إِلى النبي، صلى اللّه عليه وسلم، من جنّ نَصِيبِينَ، قيل: كانوا خمسةً: خَسا، ومَسا، وشاصهْ، وباصهْ، والأَحقَب.
والحِقابُ: جبل بعَيْنه، مَعْروف؛ قال الراجز، يَصِفُ كَلْبةً طَلَبَتْ
وَعِلاً مُسِنّاً في هذا الجَبَل:
قد قُلْتُ، لـمَّا جَدَّتِ العُقابُ، وضَمَّها، والبَدنَ، الحِقابُ:
جِدِّي، لكلِّ عامِلٍ ثَوابُ، الرَّأْسُ والأَكْرُعُ والإِهابُ
البَدنُ: الوَعِلُ الـمُسِنُّ؛ قال ابن بري: هذا الرجز ذكره الجوهري:
قد ضَمَّها، والبَدنَ، الحِقابُ
قال: والصواب: وضَمَّها، بالواو، كما أَوردناه. والعُقابُ: اسم
كَلْبَتِه؛ قال لها لـمَّا ضَمَّها والوَعِل الجَبَلُ: جِدِّي في لحَاق هذا
الوَعِلِ لتأْكُلِي الرَّأْسَ والأَكْرُعَ والإِهابَ.
بوأ: باءَ إِلى الشيء يَبُوءُ بَوْءاً: رَجَعَ. وبُؤْت إِليه وأَبَأْتُه،
عن ثعلب، وبُؤْته، عن الكسائي، كأَبَأْتُه، وهي قليلة.
والباءة، مثل الباعةِ، والباء: النِّكاح. وسُمي النكاحُ باءةً وباءً
من المَباءة لأَن الرجل يَتَبَوَّأُ من أَهله أَي يَسْتَمْكِنُ من
أَهله، كما يَتَبَوَّأُ من دارِه. قال الراجز يصف الحِمار والأُتُنَ:
يُعْرِسُ أَبْكاراً بها وعُنَّسا، أَكرَمُ عِرْسٍ، باءةً، إِذ أعْرَسا
وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم: مَن استطاع منكم الباءة،
فَليْتزوَّجْ، ومَن لم يَسْتَطِعْ، فعليهِ بالصَّومِ، فإِنَّه له؛ وجاء: أَراد
بالباءة النكاحَ والتَّزْويج. ويقال: فلان حَريصٌ على الباءة أَي على النكاح. ويقال: الجِماعُ نَفْسُه باءةٌ، والأصلُ في الباءةِ المَنْزِل ثم قيل لِعَقْدِ التزويج باءةٌ لأَنَّ مَن تزوَّج امرأَةً بَوَّأَها منزلاً.
والهاء في الباءة زائدة، والناسُ يقولون: الباه.
قال ابن الأَعرابي: الباءُ والباءةُ والباهُ كُلها مقولات. ابن
الأَنباري: الباءُ النِّكاح، يقال: فُلانٌ حريصٌ على الباء والباءة والباهِ، بالهاء والقصر، أَي على النكاح؛ والباءةُ الواحِدةُ والباء الجمع، وتُجمع الباءة على الباءَاتِ. قال الشاعر:
يا أَيُّـــها الرّاكِبُ، ذُو الثّباتِ،
إِنْ كُنتَ تَبْغِي صاحِبَ الباءَاتِ،
فــــاعْمِدْ إِلى هاتِيكُمُ الأَبْياتِ
وفي الحديث: عليكم بالباءة، يعني النّكاحَ والتَّزْويج؛ ومنه الحديث الآخر: إِن امرأَة مات عنها زوجُها فمرّ بها رجل وقد تَزَيَّنَت للباءة.وبَوَّأَ الرجلُ: نَكَحَ. قال جرير:
تُبَوّئُها بِمَحْنِيةٍ، وحِيناً * تُبادِرُ حَدَّ دِرَّتِها السِّقابا
وللبئرِ مَباءَتان: إِحداهما مَرْجِع الماء إِلى جَمِّها، والأُخْرى
مَوْضِعُ وقُوفِ سائِق السّانِية. وقول صخر الغي يمدَح سيفاً له:
وصارِمٍ أُخْلِصَتْ خَشِيبَتُهُ، * أَبْيضَ مَهْوٍ، في مَتْنِه رُبَدُ
فَلَوْتُ عنه سُيوفَ أَرْيحَ، * حَتَّى باءَ كَفّي، ولم أَكَدْ أَجِدُ
الخَشِيبةُ: الطَّبْعُ الأَوَّلُ قبل أَن يُصْقَلَ ويُهَيَّأً، وفَلَوْتُ: انْتَقَيْتُ.
أَرْيَحُ: مِن اليَمَنِ. باءَ كَفِّي: أَي صارَ كَفِّي له مَباءة أَي
مَرْجِعاً. وباءَ بذَنْبِه وبإِثْمِه يَبُوءُ بَوْءاً وبَواءً: احتمَلــه
وصار المُذْنِبُ مأْوَى الذَّنب، وقيل اعْتَرفَ به. وقوله تعالى: إِنِّي
أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بإِثْمِي وإِثْمِك، قال ثعلب: معناه إِن عَزَمْتَ على
قَتْلِي كان الإِثْمُ بك لا بي. قال الأَخفش: وباؤُوا بغَضَبٍ من اللّه:
رَجَعُوا به أَي صارَ عليهم. وقال أَبو إِسحق في قوله تعالى فباؤُوا بغَضَبٍ على غَضَب، قال: باؤُوا في اللغة: احتملــوا، يقال: قد بُؤْتُ بهذا الذَّنْب أَي احْتَمَلْــتُه. وقيل: باؤُوا بغَضَب أَي بإِثْم اسْتَحَقُّوا به النارَ على إِثْمٍ اسْتَحَقُّوا به النارَ أَيضاً.
قال الأَصمعي: باءَ بإِثْمِه، فهو يَبُوءُ به بَوْءاً: إِذا أَقَرّ به.
وفي الحديث: أَبُوءُ بِنعْمَتِك عليَّ، وأَبُوءُ بذنبي أَي أَلتزِمُ
وأَرْجِع وأُقِرُّ. وأَصل البَواءِ اللزومُ. وفي الحديث: فقد باءَ به أَحدُهما أَي التزَمَه ورجَع به. وفي حديث وائلِ بن حُجْر: انْ عَفَوتَ عنه يَبُوء بإِثْمِه وإِثْم صاحِبِه أَي كانَ عليه عُقُوبةُ ذَنْبِه وعُقوبةُ قَتْلِ صاحِبِه، فأَضافَ الإِثْمَ إِلى صاحبه لأَن قَتلَه سَبَب لإِثْمه؛ وفي رواية: إِنْ قَتَلَه كان مِثْلَه أَي في حُكم البَواءِ وصارا مُتَساوِيَيْن لا فَضْلَ للمُقْتَصِّ إِذا اسْتوْفَى حَقَّه على المُقْتَصِّ منه. وفي حديث آخر: بُؤْ للأَمِيرِ بذَنْبِك، أَي اعْتَرِفْ به. وباءَ بدَمِ فلان وبحَقِّه: أَقَرَّ، وذا يكون أَبداً بما عليهِ لا لَه. قال لبيد:
أَنْكَرْت باطِلَها، وبُؤْت بحَقِّها * عِنْدِي، ولم تَفْخَرْ عَلَيَّ كِرامُها
وأَبَأْتُه: قَرَّرْتُه وباءَ دَمُه بِدَمِه بَوْءاً وبَواءً: عَدَلَه. وباءَ فُلانٌ بِفُلانٍ بَواءً، ممدود، وأَباءَه وباوَأَه: إِذا قُتِل به وصار دَمُه بِدَمِه. قال عبدُاللّه بنُ الزُّبير:
قَضَى اللّهُ أَنَّ النَّفْسَ بالنَّفْسِ بَيْنَنا، * ولــمَ نـكُ نَرْضَى أَنْ نُباوِئَكـُمْ قَبـْلُ
والبَواء: السَّواء. وفُلانٌ بَواءُ فُلانٍ: أَي كُفْؤُهُ ان قُتِلَ به،
وكذلك الاثنانِ والجَمِيعُ. وباءه: قَتَلَه به(1)
(1 قوله «وباءه قتله به» كذا في النسخ التي بأيدينا ولعله وأباءه بفلان قتله به.)
أَبو بكر، البواء: التَّكافُؤ، يقال: ما فُلانٌ ببَواءٍ لفُلانٍ: أَي ما
هو بكُفْءٍ له. وقال أَبو عبيدة يقال: القوم بُواءٌ: أَي سَواءٌ. ويقال: القومُ على بَواءٍ. وقُسِمَ المال بينهم على بَواءٍ: أَي على سواءٍ. وأَبَأْتُ فُلاناً بفُلانٍ: قَتَلْتُه به.
ويقال: هم بَواءٌ في هذا الأَمر: أَي أَكْفاءٌ نُظَراء، ويقال: دمُ فلان
بَواءٌ لدَم فُلان: إِذا كان كُفْأً له. قالت لَيْلى الأَخْيلية في مَقْتَلِ تَوْبةَ بن الحُمَيِّر:
فانْ تَكُنِ القَتْلى بَواءً، فإِنَّكُمْ * فَتىً مَّا قَتَلْتُم، آلَ عَوْفِ بنِ عامِرِ
وأَبَأْتُ القاتِلَ بالقَتِيل واسْتَبَأْتُه أَيضاً: إِذا قَتَلْته به. واسْتَبَأْتُ الحَكَمَ واسْتَبَأْتُ به كلاهما: اسْتَقَدْته.
وتَباوَأَ القَتِيلانِ: تَعادَلا. وفي الحديث: أَنه كان بَيْنَ حَيَّيْنِ من العَربِ قتالٌ، وكان لأَحَدِ الحَيَّينِ طَوْلٌ على الآخَر، فقالوا
لا نَرْضَى حتى يُقْتَل بالعَبْدِ مِنَّا الحُرُّ منهم وبالمرأَةِ
الرجلُ، فأَمَرهم النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم أَن يَتَباءَوْا. قال أَبو
عبيدة: هكذا روي لنا بوزن يَتَباعَوْا، قال: والصواب عندنا أَن يَتَباوَأُوا بوزن يَتباوَعُوا على مثال يَتَقاوَلوا، من البَواءِ وهي المُساواةُ، يقال: باوَأْتُ بين القَتْلى: أَي ساوَيْتُ؛ قال ابن بَرِّي: يجوز أَن يكون يتَباءَوْا على القلب، كما قالوا جاءَاني، والقياس جايَأَني في المُفاعَلة من جاءَني وجِئْتُه؛ قال ابن الاثير وقيل: يَتَباءَوْا صحيحٌ. يقال: باءَ به إِذا كان كُفْأً له، وهم بَواءٌ أَي أَكْفاءٌ،
معناه ذَوُوبَواء. وفي الحديث أَنه قال: الجِراحاتُ بَواءٌ يعني أَنها مُتَساويةٌ في القِصاص، وأَنه لا يُقْتَصُّ للمَجْرُوحِ الاَّ مِنْ جارِحِه الجاني، ولا يُؤْخَذُ إِلا مِثْلُ جِراحَتِه سَواء وما يُساوِيها في الجُرْحِ، وذلك البَواءُ. وفي حديث الصَّادِقِ: قيل له: ما بالُ العَقْرَبِ مُغْتاظةً على بني آدمَ؟ فقال: تُريدُ البَواءَ أَي تُؤْذِي كما تُؤْذَى. وفي حديث علي رضِي اللّه عنه: فيكون الثّوابُ جزاءً والعِقابُ بَواءً.
وباءَ فلان بفلان: إِذا كان كُفْأً له يُقْتَلُ به؛ ومنه قول
الـمُهَلْهِلِ لابن الحرث بن عَبَّادٍ حين قَتَله: بُؤْ بِشِسْعِ نَعْلَيْ كُلَيْبٍ،
معناه: كُنْ كُفْأً لِشسْعِ نَعْلَيْه. وباء الرجلُ بصاحبه: إِذا قُتِلَ
به. يقالُ: باءتْ عَرارِ بكَحْلٍ، وهما بَقَرَتانِ قُتِلَتْ إِحداهما
بالأُخرى؛ ويقال: بُؤْ به أَي كُنْ مـمن يُقْتَل به. وأَنشد الأَحمر لرجل قَتَلَ قاتِلَ أَخِيه، فقال:
فقلتُ له بُؤْ بامرِئٍ لَسْتَ مثْلَه، * وإِن كُنتَ قُنْعاناً لِمَنْ يَطْلُبُ الدَّما
يقول: أَنتَ، وإِن كنتَ في حَسَبِكَ مَقْنَعاً لكل مَنْ طَلَبَكَ بثَأْر،
فلَسْتَ مِثلَ أَخي.
وإِذا أَقَصَّ السلطانُ رجلاً برجل قِيل: أَباءَ فلاناً بفلان. قال
طُفَيْل الغَنَوِيُّ:
أَباءَ بقَتْلانا مِن القومِ ضِعْفَهم، * وما لا يُعَدُّ مِن أَسِيرٍ مُكَلَّبِ
قال أَبو عبيد: فان قتله السلطانُ بقَود قيل: قد أَقادَ السلطانُ فلاناً
وأَقَصَّه وأَباءَه وأَصْبَرَه. وقد أَبأْتُه أُبيئُه إِباءة. قال ابن
السكِّيت في قول زُهَيْر بن أَبي سُلْمَى:
فَلَم أَرَ مَعْشَراً أَسَرُوا هَديًّا، * ولم أَرَ جارَ بَيْتٍ يُسْتَباءُ
قال: الهَديُّ ذو الحُرْمَة؛ وقوله يُسْتَباءُ أَي يُتَبَوّأُ، تُتَّخَذ
امرأَتُهُ أَهلاً؛ وقال أَبو عمرو الشيباني: يُسْتبَاء، من البَواء، وهو
القَوَد. وذلك أَنه أَتاهم يريد أَن يَسْتَجِيرَ بهم فأَخَذُوه، فقتلوه
برجل منهم. وقول التَّغْلَبي:
أَلا تَنْتَهِي عَنَّا مُلوكٌ، وتتَّقي * مَحارِمَنا لا يُبْأَءُ الدَّمُ بالدَّمِ
أَرادَ: حِذارَ أَن يُباء الدَّم بالدَّم؛ ويروى: لا يَبْؤُءُ الدَّمُ
بالدَّمِ أَي حِذارَ أَنْ تَبُوءَ دِماؤُهم بدِماءِ مَنْ قتَلوه. وبَوَّأَ
الرُّمحَ نحوه: قابَله به، وسَدَّدَه نحْوَه. وفي الحديث: أَنَّ رجلاً
بَوَّأَ رَجلاً برُمحِه، أَي سَدَّده قِبَلَه وهَيَّأَه. وبَوَّأَهُم
مَنْزِلاً: نَزَلَ بهم إِلى سَنَدِ جَبَل. وأَبَأْتُ بالمَكان: أَقَمْتُ
به.وبَوَّأْتُكَ بَيتاً: اتَّخَذْتُ لك بيتاً. وقوله عز وجل: أَنْ تَبَوَّآ
لقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيوتاً، أَي اتَّخِذا. أَبو زيد: أَبَأْتُ القومَ
مَنْزلاً وبَوَّأْتُهم مَنْزِلاً تَبْوِيئاً، وذلك إِذا نزلْتَ بهم إِلى
سَنَدِ جبل، أَو قِبَلِ نَهر.
والتبوُّؤُ: أَن يُعْلِمَ الرجلُ الرجلَ على المَكان إِذا أَعجبه لينزله.
وقيل: تَبَوَّأَه: أَصْلَحه وهَيَّأَه. وقيل: تَبوَّأَ فلان مَنْزِلاً: إِذا نظَر إِلى أَسْهَلِ ما يُرى وأَشَدِّه اسْتِواءً وأَمْكَنِه لِمَبيتِهِ، فاتَّخذَه؛ وتَبوَّأَ: نزل وأَقام، والمَعْنَيانِ قَريبان. والمباءة: مَعْطِنُ القَوْمِ للابِل، حيث تُناخُ في المَوارِد. وفي الحديث: قال له رجل: أُصَلِّي في مَباءة الغَنَم؟ قال: نَعَمْ، أَي مَنْزِلها الذي تَأْوِي إليه، وهو المُتَبَوّأُ أَيضاً. وفي الحديث أَنه قال: في المدينة ههُنا المُتَبَوَّأُ. وأَباءَه مَنْزِلاً وبَوَّأَه إِيَّاهُ وبَوَّأَه له وبَوَّأَهُ فيه، بمعنى هَيَّأَه له وأَنْزَلَه ومَكَّنَ له فيه. قال:
<ص:39>
وبُوِّئَتْ في صَمِيمِ مَعْشَرِها، * وتَمَّ، في قَوْمِها، مُبَوَّؤُها
أَي نَزَلَت من الكَرم في صَمِيمِ النَّسب. والاسم البِيئةُ.
واسْتَباءه أَي اتَّخَذَهُ مَباءة.
وتَبَوَّأْتُ منزلاً أَي نَزَلْتُه. وقوله تعالى: والذِين تَبَوَّأُوا
الدارَ والإِيمانَ، جَعلَ الإِيمانَ مَحَلاًّ لهم على المَثَل؛ وقد يكون
أَرادَ: وتَبَوَّأُوا مكانَ الإِيمانِ وبَلَدَ الإِيمانِ، فحَذَف.
وتَبَوَّأَ المكانَ: حَلَّه. وإِنه لَحَسَنُ البِيئةِ أَي هيئة التَّبَوُّءِ.والبيئةُ والباءة والمباءة: المنزل، وقيل مَنْزِل القوم حيث يَتَبَوَّأُونَ من قِبَلِ وادٍ، أَو سَنَدِ جَبَلٍ. وفي الصحاح: المَباءة: مَنْزِلُ القوم في كل موضع، ويقال: كلُّ مَنْزِل يَنْزِله القومُ. قال طَرَفة: طَيِّبو الباءة ، سَهْلٌ، ولَهُمْ * سُبُلٌ، إِن شئتَ في وَحْش وَعِر(1)
(1 قوله «طيبو الباءة» كذا في النسخ وشرح القاموس بصيغة جمع المذكر السالم والذي في مجموعة أَشعار يظن بها الصحة طيب بالأفراد وقبله:
ولي الأصل الذي في مثله * يصلح الآبر زرع المؤتبر)
وتَبَوَّأَ فلان مَنْزِلاً، أَي اتخذه، وبَوَّأْتُهُ مَنْزِلاً
وأَبَأْتُ القَومَ منزلاً. وقال الفرَّاء في قوله عز وجل: والذين آمَنُوا
وعَمِلُوا الصّالحاتِ لَنُبَوِّئنَّهُمْ مِن الجَنَّة غُرَفاً، يقال: بَوَّأْتُه منزلاً، وأَثْوَيْتُه مَنْزِلاً ثُواءً: أَنْزَلْتُه، وبَوَّأْتُه منزلاً أَي جعلته ذا منزل.
وفي الحديث: مَن كَذَبَ عَليَّ مُتَعَمِّداً، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَه من النار. وتكرّرت هذه اللفظة في الحديث ومعناها: لِيَنْزِلْ مَنْزِله
مِن النار. يقال: بَوَّأَه اللّهُ منزلاً أَي أَسكَنه إِياه. ويسمى كِناسُ
الثَّوْرِ الوَحْشِيِّ مَبَاءة؛ ومَباءة الإِبل: مَعْطِنها.
وأَبَأْتُ الإِبل مَباءة: أَنَخْتُ بعضَها إِلى بعض. قال الشاعر:
حَلِيفان، بَيْنَهما مِيرةٌ * يُبِيئانِ في عَطَنٍ ضَيِّقِ
وأَبَأْتُ الإِبلَ، رَدَدْتُها إِلى الـمَباءة، والـمَباءة: بيتها في
الجبل؛ وفي التهذيب: وهو الـمُراحُ الذي تَبِيتُ فيه. والـمَباءة مِن
الرَّحِمِ: حيث تَبَوَّأَ الولَدُ. قال الأَعلم:
ولَعَمْرُ مَحْبَلِكِ الهَجِينِ على * رَحبِ الـمَباءة، مُنْتِنِ الجِرْمِ
وباءَتْ بِبيئةِ سُوءٍ، على مِثالِ بِيعةٍ: أَي بحالِ سُوءٍ؛ وانه
لحَسَنُ البِيئةِ؛ وعَمَّ بعضُهم به جميعَ الحال. وأَباءَ عليه مالَه:
أَراحَه. تقول: أَبَأْتُ على فلان ماله: إِذا ارَحْتَ عليه إِبلَه وغَنَمَه،
وأَباءَ منه.
وتقول العرب: كَلَّمناهم، فأَجابونا عن بَواءٍ واحدٍ: أَي جوابٍ واحد.
وفي أَرض كذا فَلاةٌ تُبيء في فلاةٍ: أَي تَذْهبُ.
الفرَّاء: باءَ، بوزن باعَ: إِذا تكبَّر، كأَنه مقلوب مَن بَأَى، كما
قالوا أَرى ورأَى(2)
(2 مقتضاه أَنّ أرى مقلوب من رأى كما ان باء مقلوب من بأى،
ولا تنظير بين الجانبين كما لا يخفى فضلاًعن ان أرى ليس من المقلوب وان اوهم لفظُه ذلك والصواب «كما قالوا راءَ من رأى».(ابراهيم اليازجي))
وسنذكره في بابه. وفي حاشية بعض نسخ الصحاح: وأَبَأْتُ أَدِيمَها: جَعَلْتُه في الدباغ .
ضلع: الضِّلَعُ والضِّلْعُ لغتان: مَحْنِيّة الجنب، مؤنثة، والجمع
أَضْلُعٌ وأَضالِعُ وأَضْلاعٌ وضُلوعٌ؛ قال الشاعر:
وأَقْبَلَ ماءُ العَيْنِ من كُلِّ زَفْرةٍ،
إِذا وَرَدَتْ لم تَسْتَطِعْها الأَضالِعُ
وتَضَلَّعَ الرجلُ: امْتَلأَ ما بين أَضْلاعِه شِبَعاً وريّاً؛ قال ابن
عَنّابٍ الطائي:
دَفَعْتُ إِليه رِسْلَ كَوْماءَ جَلْدةٍ،
وأَغْضَيْتُ عنه الطَّرْفَ حتَّى تَضَلَّعا
ودابّةٌ مُضْلِعٌ: لا تَقْوَى أَضْلاعُها على الحَمْلِ. وحِمْلٌ
مُضْلِعٌ: مُثْقِلٌ للأَضْلاعِ. والإِضْلاعُ: الإِمالةُ. يقال: حِمْلٌ مُضْلِعٌ
أَي مُثقِلٌ؛ قال الأَعشى:
عِنْدَه البِرُّ والتُّقَى وأَسَى الشَّقْـ
قِ وحَمْلٌ لِمُضْلِعِ الأَثقال
وداهِيةٌ مُضْلِعةٌ: تُثْقِلُ الأَضْلاع وتَكْسرها. والأَضْلَعُ:
الشَّدِيدُ القَوِيُّ الأَضْلاعِ. واضْطَلَعَ بالحِمْل والأَمْرِ: احْتَمَلَــتْه
أَضلاعُه؛ والضَّلَعُ أَيضاً في قول سُوَيْد:
جَعَلَ الرَّحْمنُ، والحَمْدُ له،
سَعَةَ الأَخْلاقِ فينا، والضَّلَعْ
القُوَّةُ واحتمالُ الثَّقِيلِ؛ قاله الأَصمعي.
والضَّلاعةُ: القوَّةُ وشِدَّة الأَضْلاعِ، تقول منه: ضَلُعَ الرجل،
بالضم، فهو ضليعٌ. وفرس ضلِيعٌ تامّ الخَلْق مُجْفَرُ الأَضْلاع غَلِيظُ
الأَلْواحِ كثير العصب. والضَّلِيع: الطَّوِيلُ الأَضْلاعِ الواسِعُ الجنبين
العظيم الصدر. وفي حديث مَقْتَل أَبي جهل: فَتَمَنَّيْتُ أَن أَكون بين
أَضْلَعَ منهما أَي بين رجلين أَقوى من الرجلين اللذين كنت بينهما وأَشدّ،
وقيل: الضَّلِيعُ الطوِيلُ الأَضْلاعِ الضَّخْم من أَيِّ الحيوان كان
حتى من الجنّ. وفي الحديث: أَنَّ عمر، رضي الله عنه، صارَعَ جِنِّيّاً
فَصَرَعَه عمرُ ثم قال له: ما لِذِراعَيْكَ كأَنهما ذِراعا كلب؟ يَسْتَضْعِفُه
بذلك، فقال له الجِنِّيّ: أَما إِني منهم لَضَلِيعٌ أَي إِني منهم لعَظيم
الخَلْقِ. والضَّلِيعُ: العظيم الخلق الشديد. يقال: ضَلِيعٌ بَيِّنُ
الضَّلاعةِ، والأَضْلَعُ يوصف به الشديد الغليظ. ورجل ضَلِيعُ الفمِ: واسِعُه
عظِيمُ أَسْنانِه على التشبيه بالضِّلْع. وفي صفته، صلى الله عليه وسلم:
ضَلِيعُ الفَمِ أَي عَظِيمُه، وقيل: واسِعُه؛ حكاه الهرويُّ في الغريبين،
والعرب تَحْمَدُ عِظَمَ الفَم وسَعَته وتَذُمُّ صِغَره؛ ومنه قولهم في صفة
مَنْطِقِه، صلى الله عليه وسلم: أَنه كان يفتتح الكلام ويختتمه
بأَشْداقِه، وذلك لِرَحْبِ شِدْقَيْهِ. قال الأَصمعي: قلت لأَعرابي: ما الجَمالُ؟
فقال: غُؤُورُ العينين وإِشرافُ الحاجِبَينِ ورَحْبُ الشِّدْقينِ. وقال
شمر في قوله ضَلِيعُ الفم: أَراد عِظَمَ الأَسنان وتَراصُفَها. ويقال: رجل
ضَليع الثنايا غليظها. ورجل أَضْلَعُ: سِنُّه شبيهة بالضَّلع، وكذلك
امرأَة ضَلْعاءُ، وقوم ضُلْعٌ. وضُلُوعُ كلِّ إِنسان: أَربع وعشرون ضِلعاً،
وللصدر منها اثنتا عشرة ضلعاً تلتقي أَطرافها في الصدر وتتصل أَطراف بعضها
ببعض، وتسمى الجَوانِحَ، وخَلْفها من الظهر الكَتِفانِ، والكَتفانِ
بجِذاء الصدر، واثنتا عشرة ضلعاً أَْفَلَ منها في الجنبين، البطن بينهما لا
تلتقي أَطْرافُها، على طَرَف كل ضِلْع منها شُرْسُوف، وبين الصدر والجنبين
غُضْرُوفٌ يقال له الرَّهابةُ، ويقال له لِسانُ الصدر، وكل ضِلْع من
أَضْلاعِ الجنبين أَقْصَرُ من التي تليها إِلى أَن تنتهي إِلى آخرتها، وهي
التي في أَسفل الجنب يقال لها الضِّلَعُ الخَلْفُ. وفي حديث غَسْلِ دَمِ
الحَيْضِ: حُتِّيه بضِلَع، بكسر الضاد وفتح اللام، أَي بعود، والأَصل فيه
الضِّلْع ضلع الجَنْبِ، وقيل للعود الذي فيه انْحِناء وعِرَضٌ: ضِلَع تشبيهاً
بالضِّلْع الذي هو واحد الأَضْلاعِ، وهذه ضلع وثلاث أَضْلُع، قال ابن
بري: شاهد الضِّلَعِ، بالفتح، قول حاجب بن ذُبْيان:
بَني الضِّلَعِ العَوْجاءِ، أَنْتَ تُقِيمُها،
أَلا إِنّ تَقْوِيمَ الضُّلُوع انْكِسارُها
وشاهد الضِّلْع، بالتسكين، قول ابن مفرِّغ:
ورَمَقْتُها فَوَجَدْتُها
كالضِّلْعِ، لَيْسَ لَها اسْتِقامهْ
ويقال: شَرِبَ فلان حتى تَضَلَّعَ أَي انْتَفَخَتْ أَضْلاعُه من كثرة
الشرب، ومثله: شرب حتى أَوَّنَ أَي صار له أَوْنانِ في جنبيه من كثرة الشرب.
وفي حديث زمزم: فأَخَذ بِعَراقِيها فشرب حتى تَضَلَّع أَي أَكثر من الشرب
حتى تمدَّد جنبه وأَضلاعه. وفي حديث ابن عباس: أَنه كان يَتَضَلَّعُ من
زمزم. والضِّلَعُ: خَطٌّ يُخَطُّ في الأَرض ثم يُخَطُّ آخر ثم يبذر ما
بينهما.
وثياب مُضَلَّعةٌ: مُخَطَّطة على شكل الضِّلع؛ قال اللحياني: هو
المُوَشَّى، وقيل: المُضَلَّعُ من الثياب المُسَيَّر، وقيل: هو المُخْتَلِفُ
النَّسْجِ الرقيق، وقال ابن شميل: المضلَّع الثوب الذي قد نُسِجَ بعضه وترك
بعضه، وقيل: بُرد مُضَلَّع إِذا كانت خطوطه عَريضة كالأَضْلاع.
وتَضْلِيعُ الثوب: جعلُ وشْيِه على هيئة الأَضلاع. وفي الحديث: أَنه أُهْدِيَ له،
صلى الله عليه وسلم، ثَوْبٌ سِيَراءُ مُضَلَّعةٌ بقَزٍّ؛ المضلع الذي فيه
سيُور وخُطوط من الإِبْرَيْسَمِ أَو غيره شِبْهُ الأَضْلاع. وفي حديث علي:
وقيل له ما القَسِّيّةُ؟ قال: ثياب مُضَلَّةٌ فيها حرير أَي فيها خطوط
عريضة كالأَضْلاعْ.
ابن الأَعرابي: الضَّوْلَعُ المائِلُ بالهَوَى.
والضِّلَعُ من الجبل: شيءٌ مُسْتَدِقٌّ مُنْقادٌ، وقيل: هو الجُبَيْلُ
الصغير الذي ليس بالطويل، وقيل: هو الجبيل المنفرد، وقيل: هو جبل ذلِيلٌ
مُسْتَدِقٌّ طويل، يقال: انزل بتلك الضِّلع. وفي الحديث: أَن النبي، صلى
الله عليه وسلم، لما نظر إِلى المشركين يوم بدر قال: كأَني بكم يا أَعداءَ
اللهِ مُقَتَّلِين بهذه الضِّلَعِ الحمْراءِ؛ قال الأَصمعي: الضِّلَع جبيل
مستطيل في الأَرض ليس بمرتفع في السماء. وفي حديث آخر: إِنَّ ضَلْعَ قُرَيْشٍ
عند هذه الضِّلَع الحمْراءِ أَي مَيْلَهم. والضِّلَعُ. الحَرَّةُ
الرَّجِيلةُ. والضَّلَعُ: الجَزيرةُ في البحر، والجمع أَضلاع، وقيل: هو جزيرة
بعينها.
والضَّلْعُ: المَيْلُ. وضَلَعَ عن الشيء، بالفتح، يَضْلَعُ ضَلْعاً،
بالتسكين: مالَ وجَنَفَ على المثل. وضَلَعَ عليه ضَلْعاً: حافَ. والضالِعُ:
الجائِرُ. والضالِعُ: المائِلُ؛ ومنه قيل: ضَلْعُك مع فلان أَي مَيْلُكَ
معه وهَواك. ويقال: هُمْ عليَّ ضِلَعٌ جائرةٌ، وتسكين اللام فيهما جائز.
وفي حديث ابن الزبير: فرَأى ضَلْعَ معاويةَ مع مَرْوانَ أَي مَيْلَه. وفي
المثل: لا تَنْقُشِ الشوْكَةَ بالشوْكةِ فإِنَّ ضَلْعَها معها أَي
مَيْلَها؛ وهو حديث أَيضاً يضرب للرجل يخاصم آخرَ فيقول: أَجْعَلُ بيتي وبيتك
فلاناً لرجل يَهْوَى هَواه. ويقال: خاصَمْتُ فلاناً فكان ضَلْعُك عليَّ أَي
مَيْلُكَ. أَبو زيد: يقال هم عليَّ أَلْبٌ واحد، وصَدْعٌ واحد، وضَلْعٌ
واحد، يعني اجتماعَهم عليه بالعَداوة. وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه
وسلم، قال: اللهم إِني أَعوذ بك من الهَمِّ والحَزَن والعَجْز والكَسَل
والبُخْلِ والجُبْنِ وضَلَعِ الدَّيْنِ وغَلَبةِ الرجال؛ قال ابن الأَثير:
أَي ثِقَلِ الدَّيْنِ، قال: والضَّلَعُ الاعْوِجاجُ، أَي يُثْقِلُه حتى
يميل صاحبُه عن الاستواءِ والاعتدالِ لثقله. وفي حديث علي، كرم الله وجهه:
وارْدُدْ إِلى الله ورسوله ما يُضْلِعُكَ من الخُطوبِ أَي يُثْقِلُك.
والضَّلَعُ، بالتحريك: الاعْوِجاجُ خِلْقةً يكون في المشي من المَيْلِ؛ قال محمد
بن عبد الله الأَزديّ:
وقد يَحْمِلُ السَّيْفَ المُجَرَّبَ رَبُّه
على ضَلَعٍ في مَتْنِه، وهْوَ قاطِعُ
فإِن لم يكن خلقة فهو الضَّلْعُ، بسكون اللام، تقول منه: ضَلعَ، بالكسر،
يَضْلَعُ ضَلَعاً، وهو ضَلِعٌ. ورُمْحٌ ضَلِعٌ: مُعَوَّجٌ لم يُقَوَّمْ؛
وأَنشد ابن شميل:
بكلِّ شَعْشاعٍ كجِذْعِ المُزْدَرِعْ،
فَلِيقُه أَجْرَدُ كالرُّمْحِ الضَّلِعْ
يصف إِبلاً تَناوَلُ الماءَ من الحوض بكلِّ عُنُقٍ كجِذْعِ الزُّرْنُوق،
والفَلِيقُ: المطمئِنُّ في عنق البعير الذي فيه الحُلْقُوم. وضَلِعَ
السيفُ والرمْحُ وغيرهما ضَلَعاً، فهو ضَلِيعٌ: اعْوَجَّ. ولأُقِيمَنَّ
ضَلَعَكَ وصَلَعَك أَي عِوَجَك. وقَوْسٌ ضَلِيعٌ ومَضْلُوعة: في عُودها عَطَفٌ
وتقيومٌ وقد شاكَلَ سائرُها كَبِدَها؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد للمتنخل
الهذلي:
واسْلُ عن الحِبِّ بمضْلُوعةٍ،
نَوَّقَها الباري ولم يَعْجَلِ
وضَلِيعٌ
(* قوله «وضليع القوس» كذا بالأصل، ولعله والضليعة.) :
القَوْسُ.
ويقال: فلان مَضْطَلِعٌ بهذا الأَمر أَي قويٌّ عليه، وهو مُفْتَعِلٌ من
الضَّلاعةِ. قال: ولا يقال مُطَّلِعٌ، بالإِدغام. وقال أَبو نصر أَحمد بن
حاتم: يقال هو مُضْطلِعٌ بهذا الأَمر ومُطَّلِعٌ له، فالاضْطلاعُ من
الضَّلاعةِ وهي القوَّة، والاطِّلاعُ من الفُلُوِّ من قولهم اطَّلَعْتُ
الثَّنِيَةَ أَي عَلَوْتُها أَي هو عالٍ لذلك الأَمرِ مالِكٌ له. قال الليث:
يقال إنِّي بهذا الأَمر مُضْطَلِعٌ ومُطَّلِعٌ، الضاد تدغم في التاء
فتصير طاء مشددة، كما تقول اظنَّنَّي أَي اتّهَمَني، واظَّلَمَ إِذا احتَمَلَ
الظُّلْمَ. واضْطَلَعَ الحِمْلَ أَي احْتَمَلَــه أَضلاعُه. وقال ابن
السكية: يقال هو مُضْطَلِعٌ بحَمْلِه أَي قويٌّ على حَمْلِه، وهو مُفْتَعِلٌ
من الضَّلاعة، قال: ولا يقال هو مُطَّلِع بحَمْله؛ وروى أَب الهيثم قول
أَبي زبيد:
أَخُو المَواطِنِ عَيّافُ الخَنى أُنُفٌ
للنَّئباتِ، ولو أُضْلِعْنَ مُطَّلِعٌُ
(* قوله «انف» كذا ضبط بالأصل.)
أُضْلِعْنَ: أُثْقِلْنَ وأُعْظِمْنَ؛ مُطَّلِعٌ: وهو القويُّ على
الأَمرِ المُحْتَمِلُ؛ أَراد مُضْطَلِعٌ فأَدْغَم، هكذا رواه بخطه، قال: ويروى
مُضْطَلِعٌ. وفي حديث عليّ، عليه السلام، في صفة النبي، صلى الله عليه
وسلم: كما حُمِّلَ فاضْطَلَع بأَمركَ لطاعتك؛ اضْطَلَعَ افتَعَلَ من
الضَّلاعةِ وهي القوةُ. يقال: اضطَلَعَ بحمله أَي قَوِيَ عليه ونَهَضَ به. وفي
الحديث: الحِمْلُ المُضْلِعُ والشَّرُّ الذي لا ينقطع إِظهارُ البدع؛
المُضْلِعُ: المُثْقِلُ كأَنه يَتَّكِئُ على الأَضْلاعِ، ولو روي بالظاء
من الظَّلَعِ والغَمْزِ لكان وجهاً.
كلل: الكُلُّ: اسم يجمع الأَجزاء، يقال: كلُّهم منطلِق وكلهن منطلقة
ومنطلق، الذكر والأُنثى في ذلك سواء، وحكى سيبويه: كُلَّتهُنَّ منطلِقةٌ،
وقال: العالِمُ كلُّ العالِم، يريد بذلك التَّناهي وأَنه قد بلغ الغاية
فيما يصفه به من الخصال. وقولهم: أَخذت كُلَّ المال وضربت كلَّ القوم، فليس
الكلُّ هو ما أُضيف إِليه. قال أَبو بكر بن السيرافي: إِنما الكلُّ عبارة
عن أَجزاء الشيء، فكما جاز أَن يضاف الجزء إِلى الجملة جاز أَن تضاف
الأَجزاء كلها إِليها، فأَما قوله تعالى: وكُلٌّ أَتَوْه داخِرين وكلٌّ له
قانِتون، فمحمول على المعنى دون اللفظ، وكأَنه إِنما حمل عليه هنا لأَن
كُلاًّ فيه غير مضافة، فلما لم تُضَفْ إِلى جماعة عُوِّض من ذلك ذكر
الجماعة في الخبر، أَلا ترى أَنه لو قال: له قانِتٌ، لم يكن فيه لفظ الجمع
البتَّة؟ ولما قال سبحانه: وكُلُّهم آتيه يوم القيامة فَرْداً، فجاء بلفظ
الجماعة مضافاً إِليها، استغنى عن ذكر الجماعة في الخبر؟ الجوهري: كُلٌّ
لفظه واحد ومعناه جمع، قال: فعلى هذا تقول كُلٌّ حضَر وكلٌّ حضروا، على
اللفظ مرة وعلى المعنى أُخرى، وكلٌّ وبعض معرفتان، ولم يجئْ عن العرب
بالأَلف واللام، وهو جائز لأَن فيهما معنى الإِضافة، أَضفت أَو لم تُضِف.
التهذيب: الليث ويقال في قولهم كِلا الرجلين إِن اشتقاقه من كل القوم، ولكنهم
فرقوا بين التثنية والجمع، بالتخفيف والتثقيل؛ قال أَبو منصور وغيره من
أَهل اللغة: لا تجعل كُلاًّ من باب كِلا وكِلْتا واجعل كل واحد منهما على
حدة، قال: وأَنا مفسر كلا وكلتا في الثلاثيّ المعتلِّ، إِن شاء الله؛
قال: وقال أَبو الهيثم فيما أَفادني عنه المنذري: تقع كُلٌّ على اسم منكور
موحَّد فتؤدي معنى الجماعة كقولهم: ما كُلُّ بيضاء شَحْمةً ولا كلُّ
سَوْداء تمرةً، وتمرةٌ جائز أَيضاً، إِذا كررت ما في الإِضمار. وسئل أَحمد بن
يحيى عن قوله عز وجل: فسجد الملائكة كُلُّهم أَجمعون، وعن توكيده بكلهم
ثم بأَجمعون فقال: لما كانت كلهم تحتمل شيئين تكون مرة اسماً ومرة توكيداً
جاء بالتوكيد الذي لا يكون إِلا توكيداً حَسْب؛ وسئل المبرد عنها فقال:
لو جاءت فسجد الملائكة احتمل أَن يكون سجد بعضهم، فجاء بقوله كلهم
لإِحاطة الأَجزاء، فقيل له: فأَجمعون؟ فقال: لو جاءت كلهم لــاحتمل أَن يكون
سجدوا كلهم في أَوقات مختلفات، فجاءت أَجمعون لتدل أَن السجود كان منهم
كلِّهم في وقت واحد، فدخلت كلهم للإِحاطة ودخلت أَجمعون لسرعة الطاعة.
وكَلَّ يَكِلُّ كَلاًّ وكَلالاً وكَلالة؛ الأَخيرة عن اللحياني: أَعْيا.
وكَلَلْت من المشي أَكِلُّ كَلالاً وكَلالة أَي أَعْيَيْت، وكذلك البعير
إِذا أَعيا. وأَكَلَّ الرجلُ بعيرَه أَي أَعياه. وأَكَلَّ الرجلُ أَيضاً
أَي كَلَّ بعيرُه. ابن سيده: أَكَلَّه السيرُ وأَكَلَّ القومُ كَلَّت
إِبلُهم.
والكَلُّ: قَفَا السيف والسِّكِّين الذي ليس بحادٍّ. وكَلَّ السيفُ
والبصرُ وغيره من الشيء الحديد يَكِلُّ كَلاًّ وكِلَّة وكَلالة وكُلولة
وكُلولاً وكَلَّل، فهو كَلِيل وكَلٌّ: لم يقطع؛ وأَنشد ابن بري في الكُلول قول
ساعدة:
لِشَانِيك الضَّراعةُ والكُلُولُ
قال: وشاهد الكِلَّة قول الطرماح:
وذُو البَثِّ فيه كِلَّةٌ وخُشوع
وفي حديث حنين: فما زِلْت أَرى حَدَّهم كَلِيلاً؛ كَلَّ السيفُ: لم
يقطع. وطرْف كَلِيل إِذا لم يحقِّق المنظور. اللحياني: انْكَلَّ السيف ذهب
حدُّه. وقال بعضهم: كَلَّ بصرُه كُلولاً نَبَا، وأَكلَّه البكاء وكذلك
اللسان، وقال اللحياني: كلها سواء في الفعل والمصدر؛ وقول الأَسود بن
يَعْفُر:بأَظفارٍ له حُجْنٍ طِوالٍ،
وأَنيابٍ له كانت كِلالا
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون جمع كالٍّ كجائع وجِياع ونائم ونِيام، وأَن
يكون جمع كَلِيل كشديد وشِداد وحَديد وحِداد. الليث: الكَلِيل السيف
الذي لا حدَّ له. ولسان كَلِيل: ذو كَلالة وكِلَّة، وسيف كَلِيل الحدِّ،
ورجل كَلِيل اللسان، وكَلِيل الطرْف.
قال: وناس يجعلون كَلاَّءَ للبَصْرة اسماً من كَلَّ، على فَعْلاء، ولا
يصرفونه، والمعنى أَنه موضع تَكِلُّ فيه الريحُ عن عمَلها في غير هذا
الموضع؛ قال رؤبة:
مُشْتَبِهِ الأَعْلامِ لَمَّاعِ الخَفَقْ،
يكِلُّ وَفْد الريح من حيث انْخَرَقْ
والكَلُّ: المصيبة تحدث، والأَصل من كَلَّ عنه أَي نبا وضعُف.
والكَلالة: الرجل الذي لا ولد له ولا والد. وقال الليث: الكَلُّ الرجل
الذي لا ولد له ولا والد، كَلَّ الرجل يَكِلُّ كَلالة، وقيل: ما لم يكن من
النسب لَحًّا فهو كَلالةٌ. وقالوا: هو ابن عمِّ الكَلالِة، وابنُ عمِّ
كَلالةٍ وكَلالةٌ، وابن عمي كَلالةً، وقيل: الكَلالةُ من تَكَلَّل نسبُه
بنسبك كابن العم ومن أَشبهه، وقيل: هم الإِخْوة للأُمّ وهو المستعمل. وقال
اللحياني: الكَلالة من العصَبة من ورِث معه الإِخوة من الأُم، والعرب
تقول: لم يَرِِثه كَلالةً أَي لم يرثه عن عُرُض بل عن قرْب واستحقاق؛ قال
الفرزدق:
ورِثْتم قَناةَ المُلْك، غيرَ كَلالةٍ،
عن ابْنَيْ مَنافٍ: عبدِ شمسٍ وهاشم
ابن الأَعرابي: الكَلالةُ بنو العم الأَباعد. وحكي عن أَعرابي أَنه قال:
مالي كثيرٌ ويَرِثُني كَلالة متراخ نسبُهم؛ ويقال: هو مصدر من تكَلَّله
النسبُ أَي تطرَّفه كأَنه أَخذ طَرَفيه من جهة الولد والوالد وليس له
منهما أَحد، فسمي بالمصدر. وفي التنزيل العزيز: وإِن كان رجل يُورَث كَلالةً
(الآية)؛ واختلف أَهل العربية في تفسير الكَلالة فروى المنذري بسنده عن
أَبي عبيدة أَنه قال: الكَلالة كل مَنْ لم يرِثه ولد أَو أَب أَو أَخ
ونحو ذلك؛ قال الأَخفش: وقال الفراء الكَلالة من القرابة ما خلا الوالد
والولد، سموا كَلالة لاستدارتهم بنسب الميت الأَقرب، فالأَقرب من تكَلله
النسب إِذا استدار به، قال: وسمعته مرة يقول الكَلالة من سقط عنه طَرَفاه،
وهما أَبوه وولده، فصار كَلاًّ وكَلالة أَي عِيالاً على الأَصل، يقول: سقط
من الطَّرَفين فصار عِيالاً عليهم؛ قال: كتبته حفظا عنه؛ قال الأَزهري:
وحديث جابر يفسر لك الكَلالة وأَنه الوارِث لأَنه يقول مَرِضْت مرضاً
أَشفيت منه على الموت فأَتيت النبي، صلى الله عليه وسلم، فقلت: إِني رجل ليس
يرثني إِلا كَلالةٌ؛ أَراد أَنه لا والد له ولا ولد، فذكر الله عز وجل
الكَلالة في سورة النساء في موضعين، أَحدهما قوله: وإِن كان رجل يُورَث
كَلالةً أَو امرأَةٌ وله أَخٌ أَو أُختٌ فلكل واحد منهما السدس؛ فقوله
يُورَث من وُرِث يُورَث لا من أُورِث يُورَث، ونصب كَلالة على الحال، المعنى
أَن من مات رجلاً أَو امرأَة في حال تكَلُّلِه نسب ورثِته أَي لا والد له
ولا ولد وله أَخ أَو أُخت من أُم فلكل واحد منهما السدس، فجعل الميت ههنا
كَلالة وهو المورِّث، وهو في حديث جابر الوارث: فكل مَن مات ولا والد له
ولا ولد فهو كلالةُ ورثِته، وكلُّ وارث ليس بوالد للميت ولا ولدٍ له فهو
كلالةُ مَوْرُوثِه، وهذا مشتق من جهة العربية موافق للتنزيل والسُّنة،
ويجب على أَهل العلم معرفته لئلا يلتبس عليهم ما يحتاجون إِليه منه؛
والموضع الثاني من كتاب الله تعالى في الكَلالة قوله: يَسْتفتونك قل الله
يفتيكم في الكلالة إِن امْرُؤٌ هلَك ليس له ولد وله أُخت فلها نصف ما ترك
(الآية)؛ فجعل الكَلالة ههنا الأُخت للأَب والأُم والإِخوة للأَب والأُم،
فجعل للأُخت الواحدة نصفَ ما ترك الميت، وللأُختين الثلثين، وللإِخوة
والأَخوات جميع المال بينهم، للذكر مثل حَظِّ الأُنثيين، وجعل للأَخ والأُخت
من الأُم، في الآية الأُولى، الثلث، لكل واحد منهما السدس، فبيّن بسِياق
الآيتين أَن الكَلالة تشتمل على الإِخوة للأُم مرَّة، ومرة على الإِخوة
والأَخوات للأَب والأُم؛ ودل قول الشاعر أَنَّ الأَب ليس بكَلالة، وأَنَّ
سائر الأَولياء من العَصَبة بعد الولد كَلالة؛ وهو قوله:
فإِنَّ أَب المَرْء أَحْمَى له،
ومَوْلَى الكَلالة لا يغضَب
أَراد: أَن أَبا المرء أَغضب له إِذا ظُلِم، وموالي الكلالة، وهم
الإِخوة والأَعمام وبنو الأَعمام وسائر القرابات، لا يغضَبون للمرء غَضَب
الأَب. ابن الجراح: إِذا لم يكن ابن العم لَحًّا وكان رجلاً من العشيرة قالوا:
هو ابن عَمِّي الكَلالةُ وابنُ عَمِّ كَلالةٍ؛ قال الأَزهري: وهذا يدل
على أَن العَصَبة وإِن بَعُدوا كَلالة، فافهمه؛ قال: وقد فسَّرت لك من
آيَتَيِ الكَلالة وإِعرابهما ما تشتفي به ويُزيل اللبس عنك، فتدبره تجده
كذلك؛ قال: قد ثَبَّجَ الليث ما فسره من الكَلالة في كتابه ولم يبين المراد
منه، وقال ابن بري: اعلم أَن الكَلالة في الأَصل هي مصدر كَلَّ الميت
يَكِلُّ كَلاًّ وكَلالة، فهو كَلٌّ إِذا لم يخلف ولداً ولا والداً يرِثانه،
هذا أَصلها، قال: ثم قد تقع الكَلالة على العين دون الحدَث، فتكون اسماً
للميت المَوْروث، وإِن كانت في الأَصل اسماً للحَدَث على حدِّ قولهم: هذا
خَلْقُ الله أَي مخلوق الله؛ قال: وجاز أَن تكون اسماً للوارث على حدِّ
قولهم: رجل عَدْل أَي عادل، وماءٌ غَوْر أَي غائر؛ قال: والأَول هو
اختيار البصريين من أَن الكَلالة اسم للموروث، قال: وعليه جاء التفسير في
الآية: إِن الكَلالة الذي لم يخلِّف ولداً ولا والداً، فإِذا جعلتها للميت
كان انتصابها في الآية على وجهين: أَحدهما أَن تكون خبر كان تقديره: وإِن
كان الموروث كَلالةً أَي كَلاًّ ليس له ولد ولا والد، والوجه الثاني أَن
يكون انتصابها على الحال من الضمير في يُورَث أَي يورَث وهو كَلالة، وتكون
كان هي التامة التي ليست مفتقرة إِلى خبر، قال: ولا يصح أَن تكون
الناقصة كما ذكره الحوفي لأَن خبرها لا يكون إِلا الكَلالة، ولا فائدة في قوله
يورَث، والتقدير إِن وقَع أَو حضَر رجل يموت كَلالة أَي يورَث وهو كَلالة
أَي كَلّ، وإِن جعلتها للحدَث دون العين جاز انتصابها على ثلاثة أَوجه:
أَحدها أَن يكون انتصابها على المصدر على تقدير حذف مضاف تقديره يورَث
وِراثة كَلالةٍ كما قال الفرزدق:
ورِثْتُم قَناة المُلْك لا عن كَلالةٍ
أَي ورثتموها وِراثة قُرْب لا وِراثة بُعْد؛ وقال عامر
بن الطُّفَيْل:
وما سَوَّدَتْني عامِرٌ عن كَلالةٍ،
أَبى اللهُ أَنْ أَسْمُو بأُمٍّ ولا أَب
ومنه قولهم: هو ابن عَمٍّ كَلالةً أَي بعيد النسب، فإِذا أَرادو القُرْب
قالوا: هو ابن عَمٍّ دنْيَةً، والوجه الثاني أَن تكون الكَلالة مصدراً
واقعاً موقع الحال على حد قولهم: جاء زيد رَكْضاً أَي راكِضاً، وهو ابن
عمي دِنيةً أَي دانياً، وابن عمي كَلالةً أَي بعيداً في النسَب، والوجه
الثالث أَن تكون خبر كان على تقدير حذف مضاف، تقديره وإِن كان المَوْروث ذا
كَلالة؛ قال: فهذه خمسة أَوجه في نصب الكلالة: أَحدها أَن تكون خبر كان،
الثاني أَن تكون حالاً، الثالث أَن تكون مصدراً على تقدير حذف مضاف،
الرابع أَن تكون مصدراً في موضع الحال، الخامس أَن تكون خبر كان على تقدير
حذف مضاف، فهذا هو الوجه الذي عليه أَهل البصرة والعلماء باللغة، أَعني أَن
الكَلالة اسم للموروث دون الوارث، قال: وقد أَجاز قوم من أَهل اللغة،
وهم أَهل الكوفة، أَن تكون الكَلالة اسماً للوارِث، واحتجُّوا في ذلك
بأَشياء منها قراءة الحسن: وإِن كان رجل يُورِث كَلالةً، بكسر الراء،
فالكَلالة على ظاهر هذه القِراءة هي ورثةُ الميت، وهم الإِخوة للأُم، واحتجُّوا
أَيضاً بقول جابر إِنه قال: يا رسول الله إِنما يرِثني كَلالة، وإِذا ثبت
حجة هذا الوجه كان انتصاب كَلالة أَيضاً على مثل ما انتصبت في الوجه
الخامس من الوجه الأَول، وهو أَن تكون خبر كان ويقدر حذف مضاف ليكون الثاني
هو الأَول، تقديره: وإِن كان رجل يورِث ذا كَلالة، كما تقول ذا قَرابةٍ
ليس فيهم ولد ولا والد، قال: وكذلك إِذا جعلتَه حالاً من الضمير في يورث
تقديره ذا كَلالةٍ، قال: وذهب ابن جني في قراءة مَنْ قرأَ يُورِث كَلالة
ويورِّث كَلالة أَن مفعولي يُورِث ويُوَرِّث محذوفان أَي يُورِث وارثَه
مالَه، قال: فعلى هذا يبقى كَلالة على حاله الأُولى التي ذكرتها، فيكون نصبه
على خبر كان أَو على المصدر، ويكون الكَلالة للمَوْروث لا للوارث؛ قال:
والظاهر أَن الكَلالة مصدر يقع على الوارث وعلى الموروث، والمصدر قد يقع
للفاعل تارة وللمفعول أُخرى، والله أَعلم؛ قال ابن الأَثير: الأَب والابن
طرَفان للرجل فإِذا مات ولم يخلِّفهما فقد مات عن ذهاب طَرَفَيْه، فسمي
ذهاب الطرَفين كَلالة، وقيل: كل ما اخْتَفَّ بالشيء من جوانبه فهو
إِكْلِيل، وبه سميت، لأَن الوُرَّاث يُحيطون به من جوانبه.
والكَلُّ: اليتيم؛ قال:
أَكُولٌ لمال الكَلِّ قَبْلَ شَبابِه،
إِذا كان عَظْمُ الكَلِّ غيرَ شَديد
والكَلُّ: الذي هو عِيال وثِقْل على صاحبه؛ قال الله تعالى: وهو كَلٌّ
على مَوْلاه، أَي عِيال. وأَصبح فلان مُكِلاًّ إِذا صار ذوو قَرابته
كَلاًّ عليه أَي عِيالاً. وأَصبحت مُكِلاًّ أَي ذا قراباتٍ وهم عليَّ عيال.
والكالُّ: المُعْيي، وقد كَلَّ يَكِلُّ كَلالاً وكَلالةً. والكَلُّ:
العَيِّل والثِّقْل، الذكَر والأُنثى في ذلك سواء، وربما جمع على الكُلول في
الرجال والنساء، كَلَّ يَكِلُّ كُلولاً. ورجل كَلٌّ: ثقيل لا خير فيه. ابن
الأَعرابي: الكَلُّ الصنم، والكَلُّ الثقيلُ الروح من الناس، والكَلُّ
اليتيم، والكَلُّ الوَكِيل. وكَلَّ الرجل إِذا تعِب. وكَلَّ إِذا توكَّل؛
قال الأَزهري: الذي أَراد ابنُ الأَعرابي بقوله الكلُّ الصنَم قوله تعالى:
ضَرَب الله مثلاً عبداً مملوكاً؛ ضربه مثلاً للصَّنَم الذي عبدُوه وهو
لا يقدِر على شيء فهو كَلٌّ على مولاه لأَنه يحمِله إِذا ظَعَن ويحوِّله
من مكان إِلى مكان، فقال الله تعالى: هل يستوي هذا الصَّنَم الكَلُّ ومن
يأْمر بالعدل، استفهام معناه التوبيخ كأَنه قال: لا تسوُّوا بين الصنم
الكَلِّ وبين الخالق جل جلاله. قال ابن بري: وقال نفطويه في قوله وهو كَلٌّ
على مولاه: هو أُسيد بن أَبي العيص وهو الأَبْكم، قال: وقال ابن خالويه
ورأْس الكَلّ رئيس اليهود. الجوهري: الكَلُّ العِيال والثِّقْل. وفي حديث
خديجة: كَلاَّ إِنَّك لَتَحْمِل الكَلَّ؛ هو، بالفتح: الثِّقْل من كل ما
يُتكلَّف. والكَلُّ: العِيال؛ ومنه الحديث: مَنْ تَرك كَلاًّ فَإِلَيَّ
وعليَّ. وفي حديث طَهْفة: ولا يُوكَل كَلُّكم أَي لا يوكَل إِليكم عِيالكم
وما لم تطيقوه، ويُروى: أُكْلُكم أَي لا يُفْتات عليكم مالكم.
وكَلَّلَ الرجلُ: ذهب وترك أَهلَه وعيالَه بمضْيَعَةٍ. وكَلَّل عن
الأَمر: أَحْجَم. وكَلَّلَ عليه بالسيف وكَلَّل السبعُ: حمل.
ابن الأَعرابي: والكِلَّة أَيضاً حالُ الإِنسان، وهي البِكْلَة؛ يقال:
بات فلان بكِلَّة سواء أَي بحال سوء قال: والكِلَّة مصدر قولك سيف كَلِيل
بيّن الكِلَّة. ويقال: ثقُل سمعه وكَلَّ بصره وذَرَأَ سِنُّه.
والمُكَلِّل: الجادُّ، يقال: حَمَل وكَلَّل أَي مضى قُدُماً ولم يَخِم؛ وأَنشد
الأَصمعي:
حَسَمَ عِرْقَ الداءِ عنه فقَضَبْ،
تَكْلِيلَةَ اللَّيْثِ إِذا الليثُ وَثَبْ
قال: وقد يكون كَلَّل بمعنى جَبُن، يقال: حمل فما كَلَّل أَي فما كذَب
وما جبُن كأَنه من الأَضداد؛ وأَنشد أَبو زيد لجَهْم بن سَبَل:
ولا أُكَلِّلُ عن حَرْبٍ مُجَلَّحةٍ،
ولا أُخَدِّرُ للمُلْقِين بالسَّلَمِ
وروى المنذري عن أَبي الهيثم أَنه يقال: إِن الأَسد يُهَلِّل ويُكَلِّل،
وإِن النمر يُكَلِّل ولا يُهَلِّل، قال: والمُكَلِّل الذي يحمِل فلا
يرجع حتى يقَع بقِرْنه، والمُهَلِّل يحمل على قِرْنه ثم يُحْجِم فيرجع؛ وقال
النابغة الجعدي:
بَكَرَتْ تلوم، وأَمْسِ ما كَلَّلْتها،
ولقد ضَلَلْت بذاك أَيَّ ضلال
ما: صِلة، كَلَّلْتها: أَدْعَصْتها. يقال: كَلَّلَ فلان فلاناً أَي لم
يُطِعه. وكَلَلْتُه بالحجارة أَي علوته بها؛ وقال:
وفرحه بِحَصَى المَعْزاءِ مَكْلولُ
(* قوله «وفرحه إلخ» هكذا في الأصل).
والكُلَّة: الصَّوْقَعة، وهي صُوفة حمراء في رأْس الهَوْدَج. وجاء في
الحديث: نَهَى عن تَقْصِيص القُبور وتَكْلِيلها؛ قيل: التّكْلِيل رفعُها
تبنى مثل الكِلَل، وهي الصَّوامع والقِباب التي تبنى على القبور، وقيل: هو
ضَرْب الكِلَّة عليها وهي سِتْر مربَّع يضرَب على القبور، وقال أَبو
عبيد: الكِلَّة من السُّتور ما خِيطَ فصار كالبيت؛ وأَنشد
(* لبيد في معلقته):
من كُلِّ مَحْفوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ * زَوْجٌ عليه كِلَّةٌ وقِرامُها
والكِلَّة: السِّتر الرقيق يُخاط كالبيت يُتَوَقّى فيه من البَقِّ، وفي
المحكم: الكِلَّة السِّتر الرقيق، قال: والكِلَّة غشاءٌ من ثوب رقيق
يُتوقَّى به من البَعُوض.
والإِكْلِيل: شبه عِصابة مزيَّنة بالجواهر، والجمع أَكالِيل على القياس،
ويسمى التاج إِكْلِيلاً. وكَلَّله أَي أَلبسه الإِكْلِيل؛ فأَما قوله
(*
البيت لحسَّان بن ثابت من قصيدة في مدح الغساسنة) أَنشده ابن جني:
قد دَنا الفِصْحُ، فالْوَلائدُ يَنْظِمْـ
ـنَ سِراعاً أَكِلَّةَ المَرْجانِ
فهذا جمع إِكْلِيل، فلما حذفت الهمزة وبقيت الكاف ساكنة فتحت، فصارت
إِلى كَلِيلٍ كَدَلِيلٍ فجمع على أَكِلَّة كأَدِلَّة. وفي حديث عائشة، رضي
الله عنها: دخل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تَبْرُقُ أَكالِيل وَجْهه؛
هي جمع إِكْلِيل، قال: وهو شبه عِصابة مزيَّنة بالجَوْهَر، فجعلتْ لوجهه
الكريم، صلى الله عليه وسلم، أَكالِيلَ على جهة الاستعارة؛ قال: وقيل
أَرادتْ نواحي وجهه وما أَحاط به إِلى الجَبِين من التَّكَلُّل، وهو
الإِحاطة ولأَنَّ الإِكْلِيل يجعل كالحَلْقة ويوضع هنالك على أَعلى الرأْس. وفي
حديث الاستسقاء: فنظرت إِلى المدينة وإِنها لفي مثْل الإِكْليل؛ يريد
أَن الغَيْم تَقَشَّع عنها واستدار بآفاقها. والإِكْلِيل: منزِل من منازل
القمر وهو أَربعة أَنجُم مصطفَّة. قال الأَزهري: الإِكْلِيل رأْس بُرْج
العقرب، ورقيبُ الثُّرَيَّا من الأَنْواء هو الإِكْلِيل، لأَنه يطلُع
بِغُيُوبها. والإِكْلِيل: ما أَحاط بالظُّفُر من اللحم.
وتَكَلَّله الشيءُ: أَحاط به. وروضة مُكَلَّلة: محفوفة بالنَّوْر. وغمام
مُكَلَّل: محفوف بقِطَع من السحاب كأَنه مُكَلَّل بهنَّ.
وانْكَلَّ الرجلُ: ضحك. وانكلَّت المرأَة فهي تَنْكَلُّ انْكِلالاً إِذا
ما تبسَّمت؛ وأَنشد ابن بري لعمر بن أَبي ربيعة:
وتَنْكَلُّ عن عذْبٍ شَتِيتٍ نَباتُه،
له أُشُرٌ كالأُقْحُوان المُنَوِّر
وانْكَلَّ الرجل انْكِلالاً: تبسَّم؛ قال الأَعشى:
ويَنْكَلُّ عن غُرٍّ عِذابٍ كأَنها
جَنى أُقْحُوان، نَبْتُه مُتَناعِم
يقال: كَشَرَ وافْتَرَّ وانْكَلَّ، كل ذلك تبدو منه الأَسنان. وانْكِلال
الغَيْم بالبَرْق: هو قدر ما يُرِيك سواد الغيم من بياضه. وانْكَلَّ
السحاب بالبرق إِذا ما تبسَّم بالبرق. والإِكْلِيل: السحابُ الذي تراه
كأَنَّ غِشاءً أُلْبِسَه. وسحاب مُكَلَّل أَي ملمَّع بالبرق، ويقال: هو الذي
حوله قِطع من السحاب.
واكْتَلَّ الغمامُ بالبرق أَي لمع.
وانكَلَّ السحاب عن البرق واكْتَلَّ: تبسم؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
عَرَضْنا فقُلْنا: إِيهِ سِلْم فسَلَّمتْ
كما اكْتَلَّ بالبرقَ الغَمامُ اللوائحُ
وقول أَبي ذؤيب:
تَكَلَّل في الغِماد فأَرْضِ ليلى
ثلاثاً، ما أَبين له انْفِراجَا
قيل: تَكَلَّل تبسم بالبرق، وقيل: تنطَّق واستدار. وانكلَّ البرقُ نفسه:
لمع لمعاً خفيفاً. أَبو عبيد عن أَبي عمرو: الغمام المُكَلَّل هو
السحابة يكون حولها قِطَع من السحاب فهي مكَلَّلة بهنَّ؛ وأَنشد غيره لامرئ
القيس:
أَصَاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيك وَمِيضَه،
كَلَمْع اليَدَيْن في حَبيٍّ مُكَلَّلِ
وإِكْلِيل المَلِك: نبت يُتداوَى به.
والكَلْكَل والكَلْكال: الصدر من كل شيء، وقيل: هو ما بين
التَّرْقُوَتَيْن، وقيل: هو باطن الزَّوْرِ؛ قال:
أَقول، إِذْ خَرَّتْ على الكَلْكَالِ
قال الجوهري: وربما جاء في ضرورة الشعر مشدداً؛ وقال منظور بن
مرثد الأَسدي:
كأَنَّ مَهْواها، على الكَلْكَلِّ،
موضعُ كَفَّيْ راهِبٍ يُصَلِّي
قال ابن بري: وصوابه موقِعُ كفَّيْ راهب، لأَن بعد قوله على
الكَلْكَلِّ:ومَوْقِفاً من ثَفِناتٍ زُلِّ
قال: والمعروف الكَلْكَل، وإِنما جاء الكَلْكَال في الشعر ضرورة في قول
الراجز:
قلتُ، وقد خرَّت على الكَلْكَالِ:
يا ناقَتي، ما جُلْتِ من مَجَالِ
(* في الصفحة السابقة: اقول إذ خَرَّت إلخ).
والكَلْكَل من الفرس: ما بين مَحْزِمه إِلى ما مسَّ الأَرض منه إِذا
رَبَضَ؛ وقد يستعار الكَلْكَل لما ليس بجسم كقول امرئ القيس في صفة
لَيْل:فقلتُ له لمَّا تَمَطَّى بِجَوْزِه،
وأَرْدَفَ أَعْجازاً وَنَاءَ بِكَلْكَل
(* في المعلقة: بصُلبِه بدل بجوزه).
وقالت أَعرابية تَرْثي ابنها:
أَلْقَى عليه الدهرُ كَلْكَلَهُ،
مَنْ ذا يقومُ بِكَلْكَلِ الدَّهْرِ؟
فجعلت للدهر كَلْكَلاً؛ وقوله:
مَشَقَ الهواجِرُ لَحْمَهُنَّ مع السُّرَى،
حتى ذَهَبْنَ كَلاكلاً وصُدوراً
وضع الأَسماء موضع الظروف كقوله ذهبن قُدُماً وأُخُراً.
ورجل كُلْكُلٌ: ضَرْبٌ، وقيل: الكُلْكُل والكُلاكِل، بالضم، القصير
الغليظ الشديد، والأُنثى كُلْكُلة وكُلاكلة، والكَلاكِل الجماعات كالكَراكِر؛
وأَنشد قول العجاج:
حتى يَحُلُّون الرُّبى الكَلاكِلا
الفراء: الكُلَّة التأْخير، والكَلَّة الشَّفْرة الكالَّة، والكِلَّة
الحالُ حالُ الرجُل.
ويقال: ذئب مُكِلّ قد وضع كَلَّهُ على الناس. وذِئب كَلِيل: لا يَعْدُو
على أَحد.
وفي حديث عثمان: أَنه دُخِل عليه فقيل له أَبِأَمْرك هذا؟ فقال: كُلُّ
ذلك أَي بعضه عن أَمري وبعضه بغير أَمري؛ قال ابن الأَثير: موضع كل
الإِحاطة بالجميع، وقد تستعمل في معنى البعض قال: وعليه حُمِل قولُ عثمان؛ ومنه
قول الراجز:
قالتْ له، وقولُها مَرْعِيُّ:
إِنَّ الشِّواءَ خَيْرُه الطَّرِيُّ،
وكُلُّ ذاك يَفْعَل الوَصِيُّ
أَي قد يفعَل وقد لا يفعَل.
وقال ابن بري: وكَلاّ حرف رَدْع وزَجْر؛ وقد تأْتي بمعنى لا كقول
الجعديّ:
فقلْنا لهم: خَلُّوا النِّساءَ لأَهْلِها
فقالوا لنا: كَلاَّ فقلْنا لهم: بَلى
فكَلاَّ هنا بمعنى لا بدليل قوله فقلنا لهم بلى، وبَلى لا تأْتي إِلا
بعد نفي؛ ومثله قوله أَيضاً:
قُرَيْش جِهازُ الناس حَيّاً ومَيِّتاً،
فمن قال كَلاَّ، فالمُكذِّب أَكْذَبُ
وعلى هذا يحمل قوله تعالى: فيقول رَبِّي أَهانَنِي كَلاَّ. وفي الحديث:
تَقَع فَتِنٌ كأَنها الظُّلَل، فقال أَعرابي: كَلاَّ يا رسول الله؛ قال
ابن الأَثير: كَلاَّ رَدْع في الكلام وتنبيه ومعناها انْتَهِ لا تفعل،
إِلا أَنها آكد في النفي والرَّدْع من لا، لزيادة الكاف؛ وقد ترد بمعنى
حَقّاً كقوله تعالى: كَلاَّ لَئِن لم تَنْته لَنَسْفَعنْ بالناصية؛
والظُّلَل: السَّحاب.
حذف: حذَفَ الشيءَ يَحْذِفُه حَذْفاً: قَطَعَه من طَرَفه، والحَجَّامُ
يَحْذِفُ الشعْر، من ذلك. والحُذافةُ: ما حُذِفَ من شيء فَطُرِح، وخص
اللحياني به حُذافةَ الأَديم. الأَزهري: تَحْذِيفُ الشَّعر تَطْريرُه
وتَسْويَتُه، وإذا أَخذت من نواحيه ما تُسَوِّيه به فقد حَذَّفْتَه؛ وقال امرؤ
القيس:
لها جَبْهةٌ كسَراةِ المِجَنِّ
حَذَّفَه الصّانِعُ الـمُقْتَدِرْ
وهذا البيت أَنشده الجوهري على قوله حَذَّفَه تَحْذيفاً أَي هَيَّأَه
وصَنَعه، قال: وقال الشاعر يصف فرساً؛ وقال النضر: التَّحْذِيفُ في
الطُّرّة أَن تُجْعل سُكَيْنِيَّةً كما تفعل النصارى. وأُذن حَذْفاء: كأَنها
حُذِفَتْ أَي قُطِعَتْ. والحِذْفةُ القِطْعة من الثوب، وقد احْتَذَفَه
وحَذَف رأْسَه. وفي الصحاح: حذَف رأْسه بالسيف حَذْفاً ضربه فقطَع منه قِطْعة.
والحَذْفُ: الرَّمْيُ عن جانِبٍ والضرْبُ عن جانب، تقول: حَذَفَ
يَحْذِفُ حَذْفاً. وحَذَفَه حذْفاً: ضربه عن جانب أَو رَماه عنه، وحَذَفَه
بالعَصا وبالسيف يَحْذِفُه حَذْفاً وتَحَذَّفه: ضربه أَو رماه بها. قال
الأَزهري: وقد رأَيتُ رُعْيانَ العرب يَحْذِفُون الأَرانِبَ بِعِصِيَّهم إذا
عَدَتْ ودَرَمَتْ بين أَيديهم، فربما أَصابت العصا قوائمها فيَصِيدونها
ويذبحونها. قال: وأَما الخَذْفُ، بالخاء، فإنه الرمي بالحَصى الصّغار
بأَطراف الأَصابع، وسنذكره في موضعه. وفي حديث عَرْفجةَ: فتناوَلَ السيف
فحَذَفَه به أَي ضربه به عن جانب. والحَذْفُ يستعمل في الرمْي والضرب مَعاً.
ويقال: هم بين حاذِفٍ وقاذِفٍ؛ الحاذِفُ بالعصا والقاذِفُ بالحجر. وفي
المثل: إياي وأَن يَحْذِفَ أَحَدُكم الأَرْنَبَ؛ حكاه سيبويه عن العرب، أَي
وأَن يرمِيَها أَحد، وذلك لأَنها مَشْؤُومةٌ يتطير بالتعرّض لها.
وحَذَفَني بجائزة: وصلني.
والحَذَفُ، بالتحريك: ضَأْنٌ سُود جُرْدٌ صِغار تكون باليمن. وقيل: هي
غنم سود صغار تكون بالحجاز، واحدتها حَذَفةٌ، ويقال لها النَّقَدُ أَيضاً.
وفي الحديث: سوّوا الصُّفُوف، وفي رواية: تَراصُّوا بينكم في الصلاة لا
تَتَخَلَّلُكم الشياطين كأَنها بَناتُ حَذَف، وفي رواية: كأَولاد الحذف
يزعمون أَنها على صورة هذه الغنم؛ قال:
فأَضْحَتِ الدّارُ قَفْراً لا أَنِيسَ بها،
إلا القِهادُ مع القَهْبيِّ والحَذَف
اسْتَعاره للظِّباء، وقيل: الحَذَفُ أَوْلادُ الغنم عامّةً؛ قال أَبو
عبيد: وتفسير الحديث بالغنم السُّود الجُرْد التي تكون باليمن أَحَبُّ
التفسيرين إليّ لأَنها في الحديث، وقال ابن الأَثير في تفسير الحذف: هي الغنم
الصغار الحجازية، وقيل: هي صغار جُرْدٌ ليس لها آذان ولا أَذناب يُجاء
بها من جُرَشِ اليَمنِ.الأَزهري عن ابن شميل: الأَبقعُ الغراب الأَبيض
الجناح، قال: والحَذَفُ للصغار السود والواحد حَذَفة، وهي الزِّيغان التي
تؤكل، والحذَف الصغار من النِّعاج.
الجوهري: حَذْفُ الشيء إسْقاطُه، ومنه حَذَفتُ من شَعري ومن ذَنَب
الدابّة أَي أَخذت. وفي الحديث: حَذْفُ السلام في الصلاة سُنّةٌ؛ هو تخفيفه
وترك الإطالة فيه، ويدل عليه حديث النَّخَعِيّ: التكبير جَزْمٌ والسلام
جَزْمٌ فإنه إذا جَزَمَ السلام وقطعَه فقد خفَّفه وحَذفه. الأَزهري عن ابن
الـمُظفَّر: الحَذْفُ قَطْفُ الشيء من الطرَف كما يُحْذَفُ ذَنَب الدابة،
قال: والـمَحْذُوفُ الزِّقُّ؛ وأَنشد:
قاعِداً حَوْلَه النَّدامَى، فما يَنْـ
ـفَكُّ يُؤتَى بِمُوكَرٍ مَحْذوفِ
قال: ورواه شمر عن ابن الأَعرابي مَجْدوف ومَجْذُوف، بالجيم وبالدال أَو
بالذال، قال: ومعناهما المقطوع، ورواه أَبو عبيد مَنْدُوف، وأَما محذوف
فما رواه غير الليث، وقد تقدّم ذكره في الجيم.
والحَذفُ: ضرب من البَطّ صِغار، على التشبيه بذلك. وحذَفُ الزرع:
ورَقُه.وما في رَحْله حُذافةٌ أَي شيء من طعام. قال ابن السكيت: يقال أَكلَ
الطعام فما ترك منه حُذافةً، واحتمل رَحْله فما ترك منه حُذافةً أَي شيئاً.
قال الأَزهري: وأَصحاب أَبي عبيد رَوَوا هذا الحرف في باب النفي حُذاقة،
بالقاف، وأَنكر شمر والصواب ما قال ابن السكيت، ونحو ذلك قاله اللحياني،
بالفاء، في نوادره، وقال: حُذافةُ الأَدِيمِ ما رُمِيَ منه.
وحُذَيْفَةُ: اسم رجل. وحَذْفةُ: اسم فرس خالد ابن جعفر بن كِلاب؛ قال:
فَمَنْ يَكُ سائلاً عَني، فإني
وحَذْفةَ كالشَّجَا تحتَ الوَرِيدِ
بلل: البَلَل: النَّدَى. ابن سيده. البَلَل والبِلَّة النُّدُوَّةُ؛ قال
بعض الأَغْفال:
وقِطْقِطُ البِلَّة في شُعَيْرِي
أَراد: وبِلَّة القِطْقِط فقلب. والبِلال: كالبِلَّة؛ وبَلَّه بالماء
وغيره يَبُلُّه بَلاًّ وبِلَّة وبَلَّلهُ فَابْتَلَّ وتَبَلَّلَ؛ قال ذو
الرمة:
وما شَنَّتَا خَرْقاءَ واهِيَة الكُلَى،
سَقَى بهما سَاقٍ، ولَمَّا تَبَلَّلا
والبَلُّ: مصدر بَلَلْت الشيءَ أَبُلُّه بَلاًّ. الجوهري: بَلَّه
يَبُلُّه أَي نَدَّاه وبَلَّلَه، شدّد للمبالغة، فابْتَلَّ. والبِلال: الماء.
والبُلالة: البَلَل. والبِلال: جمع بِلَّة نادر. واسْقِه على بُلَّتِه أَي
ابتلاله. وبَلَّة الشَّباب وبُلَّتُه: طَرَاؤه، والفتح أَعلى. والبَلِيل
والبَلِيلَة: ريح باردة مع نَدًى، ولا تُجْمَع. قال أَبو حنيفة: إِذا
جاءت الريح مع بَرْد ويُبْس ونَدًى فهي بَلِيل، وقد بَلَّتْ تَبِلُّ
بُلولاً؛ فأَما قول زياد الأَعجم:
إِنِّي رأَيتُ عِدَاتِكم
كالغَيْث، ليس له بَلِيل
فمعناه أَنه ليس لها مَطْل فَيُكَدِّرَها، كما أَن الغَيْث إِذا كانت
معه ريح بَلِيل كدَّرَتْه. أَبو عمرو: البَلِيلة الريح المُمْغِرة، وهي
التي تَمْزُجها المَغْرة، والمَغْرة المَطَرة الضعيفة، والجَنُوب أَبَلُّ
الرِّياح. وريح بَلَّة أَي فيها بَلَل. وفي حديث المُغيرة: بَلِيلة
الإِرْعاد أَي لا تزال تُرْعِد وتُهَدِّد؛ والبَليلة: الريح فيها نَدى، جعل
الإِرعاد مثلاً للوعيد والتهديد من قولهم أَرْعَد الرجلُ وأَبْرَق إِذا
تَهَدَّد وأَوعد، والله أَعلم. ويقال: ما سِقَائك بِلال أَي ماء. وكُلُّ ما
يُبَلُّ به الحَلْق من الماء واللَّبن بِلال؛ ومنه قولهم: انْضَحُوا
الرَّحِمَ بِبلالها أَي صِلُوها بصِلَتِها ونَدُّوها؛ قال أَوس يهجو الحكم بن
مروان بن زِنْبَاع:
كأَنِّي حَلَوْتُ الشِّعْرَ، حين مَدَحْتُه،
صَفَا صَخْرَةٍ صَمَّاء يَبْسٍ بِلالُها
وبَلَّ رَحِمَه يَبُلُّها بَلاًّ وبِلالاً: وصلها. وفي حديث النبي،صلى
الله عليه وسلم: بُلُّوا أَرحامَكم ولو بالسَّلام أَي نَدُّوها بالصِّلة.
قال ابن الأَثير: وهم يُطْلِقون النَّداوَة على الصِّلة كما يُطْلِقون
اليُبْس على القَطِيعة، لأَنهم لما رأَوا بعض الأَشياء يتصل ويختلط
بالنَّداوَة، ويحصل بينهما التجافي والتفرّق باليُبْس، استعاروا البَلَّ لمعنى
الوصْل واليُبْسَ لمعنى القَطِيعة؛ ومنه الحديث: فإِن لكم رَحِماً
سأَبُلُّها بِبلالِها أَي أَصِلُكم في الدنيا ولا أُغْنِي عنكم من الله شيئاً.
والبِلال: جمع بَلَل، وقيل: هو كل ما بَلَّ الحَلْق من ماء أَو لبن أَو
غيره؛ ومنه حديث طَهْفَة: ما تَبِضُّ بِبِلال، أَراد به اللبن، وقيل
المَطَر؛ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: إِنْ رأَيت بَلَلاً من عَيْش أَي
خِصْباً لأَنه يكون مِنَ الماء. أَبو عمرو وغيره: بَلَلْت رَحِمي أَبُلُّها
بَلاًّ وبِلالاً وَصَلْتها ونَدَّيْتُها؛ قال الأَعْشَى:
إِما لِطَالِب نِعْمَةٍ تَمَّمتها،
ووِصَالِ رَحْم قد بَرَدْت بِلالَها
وقول الشاعر:
والرَّحْمَ فابْلُلْها بِخيْرِ البُلاَّن،
فإِنها اشْتُقَّتْ من اسم الرَّحْمن
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون البُلاَّن اسماً واحداً كالغُفْران
والرُّجْحان، وأَن يكون جمع بَلَل الذي هو المصدر، وإِن شئت جعلته المصدر لأَن
بعض المصادر قد يجمع كالشَّغْل والعَقْل والمَرَض. ويقال: ما في سِقَائك
بِلال أَي ماء، وما في الرَّكِيَّة بِلال.
ابن الأَعرابي: البُلْبُلة الهَوْدَج للحرائر وهي المَشْجَرة. ابن
الأَعرابي: التَّبَلُّل
(* قوله «التبلل» كذا في الأصل، ولعله محرف عن التبلال
كما يشهد به الشاهد وكذا أورده شارح القاموس).
الدوام وطول المكث في كل شيء؛ قال الربيع بن ضَبُع الفزاري:
أَلا أَيُّها الباغي الذي طالَ طِيلُه،
وتَبْلالُهُ في الأَرض، حتى تَعَوَّدا
وبَلَّك اللهُ ابْناً وبَلَّك بابْنٍ بَلاًّ أَي رَزَقَك ابناً، يدعو
له. والبِلَّة: الخَيْر والرزق. والبِلُّ: الشِّفَاء. ويقال: ما قَدِمَ
بِهِلَّة ولا بِلَّة، وجاءنا فلان فلم يأْتنا بِهَلَّة ولا بَلَّة؛ قال ابن
السكيت: فالهَلَّة من الفرح والاستهلال، والبَلَّة من البَلل والخير.
وقولهم: ما أَصاب هَلَّة ولا بَلَّة أَي شيئاً. وفي الحديث: من قَدَّر في
مَعِيشته بَلَّه الله أَي أَغناه. وبِلَّة اللسان: وقوعُه على مواضع الحروف
واستمرارُه على المنطق، تقول: ما أَحسن بِلَّة لسانه وما يقع لسانه إِلا
على بِلَّتِه؛ وأَنشد أَبو العباس عن ابن الأَعرابي:
يُنَفِّرْنَ بالحيجاء شاءَ صُعَائد،
ومن جانب الوادي الحَمام المُبَلِّلا
وقال: المبَلِّل الدائم الهَدِير، وقال ابن سيده: ما أَحسن بِلَّة لسانه
أَي طَوْعَه بالعبارة وإِسْماحَه وسَلاسَته ووقوعَه على موضع الحروف.
وبَلَّ يَبُلُّ بُلولاً وأَبَلَّ: نجا؛ حكاه ثعلب وأَنشد:
من صَقْع بازٍ لا تُبِلُّ لُحَمُه
لُحْمَة البَازِي: الطائرُ يُطْرَح له أَو يَصِيده. وبَلَّ من مرضه
يَبِلُّ بَلاًّ وبَلَلاً وبُلولاً واسْتَبَلَّ وأَبَلَّ: برَأَ وصَحَّ؛ قال
الشاعر:
إِذا بَلَّ من دَاءٍ به، خَالَ أَنه
نَجا، وبه الداء الذي هو قاتِله
يعني الهَرَم؛ وقال الشاعر يصف عجوزاً:
صَمَحْمَحة لا تشْتكي الدَّهرَ رأْسَها،
ولو نَكَزَتْها حَيَّةٌ لأَبَلَّتِ
الكسائي والأَصمعي: بَلَلْت وأَبْلَلْت من المرض، بفتح اللام، من
بَلَلْت. والبِلَّة: العافية. وابْتَلَّ وتَبَلَّل: حَسُنت حاله بعد الهُزال.
والبِلُّ: المُباحُ، وقالوا: هو لك حِلٌّ وبِلٌّ، فَبِلٌّ شفاء من قولهم
بَلَّ فلان من مَرَضه وأَبَلَّ إِذا بَرَأَ؛ ويقال: بِلٌّ مُبَاح مُطْلَق،
يمانِيَة حِمْيَريَّة؛ ويقال: بِلٌّ إِتباع لحِلّ، وكذلك يقال للمؤنث:
هي لك حِلٌّ، على لفظ المذكر؛ ومنه قول عبد المطلب في زمزم: لا أُحِلُّها
لمغتسل وهي لشارب حِلٌّ وبِلٌّ، وهذا القول نسبه الجوهري للعباس بن عبد
المطلب، والصحيح أَن قائله عبد المطلب كما ذكره ابن سيده وغيره، وحكاه ابن
بري عن علي بن حمزة؛ وحكي أَيضاً عن الزبير بن بَكَّار: أَن زمزم لما
حُفِرَتْ وأَدرك منها عبد المطلب ما أَدرك، بنى عليها حوضاً وملأَه من ماء
زمزم وشرب منه الحاجُّ فحسده قوم من قريش فهدموه، فأَصلحه فهدموه بالليل،
فلما أَصبح أَصلحه فلما طال عليه ذلك دعا ربه فأُرِيَ في المنام أَن
يقول: اللهم إِني لا أُحِلُّها لمغتسل وهي لشارب حِلٌّ وبِلٌّ فإِنك تكفي
أَمْرَهم، فلما أَصبح عبد المطلب نادى بالذي رأَى، فلم يكن أَحد من قريش
يقرب حوضه إِلا رُميَ في بَدَنه فتركوا حوضه؛ قال الأَصمعي: كنت أَرى أَن
بِلاًّ إِتباع لحِلّ حتى زعم المعتمر بن سليمان أَن بِلاًّ مباح في لغة
حِمْيَر؛ وقال أَبو عبيد وابن السكيت: لا يكون بِلٌّ إِتباعاً لحِلّ لمكان
الواو. والبُلَّة، بالضم: ابتلال الرُّطْب. وبُلَّة الأَوابل: بُلَّة
الرُّطْب. وذهبت بُلَّة الأَوابل أَي ذهب ابتلال الرُّطْب عنها؛ وأَنشد
لإِهاب ابن عُمَيْر:
حتى إِذا أَهْرَأْنَ بالأَصائل،
وفارَقَتْها بُلَّة الأَوابل
يقول: سِرْنَ في بَرْدِ الروائح إِلى الماء بعدما يَبِسَ الكَلأ،
والأَوابل: الوحوش التي اجتزأَت بالرُّطْب عن الماء. الفراء: البُلَّة بقية
الكَلإِ.
وطويت الثوب على بُلُلَته وبُلَّته وبُلالته أَي على رطوبته. ويقال:
اطْوِ السِّقاء على بُلُلَته أَي اطوه وهو نديّ قبل أَن يتكسر. ويقال: أَلم
أَطْوك على بُلُلَتِك وبَلَّتِك أَي على ما كان فيك؛ وأَنشد لحَضْرَميّ
بن عامر الأَسدي:
ولقد طَوَيْتُكُمُ على بُلُلاتِكم،
وعَلِمْتُ ما فيكم من الأَذْرَاب
أَي طويتكم على ما فيكم من أَذى وعداوة. وبُلُلات، بضم اللام: جمع
بُلُلة، بضم اللام أَيضاً، وقد روي على بُلَلاتكم، بفتح اللام، الواحدة
بُلَلة، بفتح اللام أَيضاً، وقيل في قوله على بُلُلاتكم: يضرب مثلاً لإِبقاء
المودة وإِخفاء ما أَظهروه من جَفَائهم، فيكون مثل قولهم اطْوِ الثوبَ على
غَرِّه ليضم بعضه إِلى بعض ولا يتباين؛ ومنه قولهم: اطوِ السِّقاء على
بُلُلِته لأَنه إِذا طُوِيَ وهو جَافٌّ تكسر، وإِذا طُوِيَ على بَلَله لم
يَتَكسَّر ولم يَتَباين. وانصرف القوم ببَلَلتهم وبُلُلتهم وبُلولتهم أَي
وفيهم بَقِيّة، وقيل: انصرفوا ببَلَلتِهم أَي بحال صالحة وخير، ومنه
بِلال الرَّحِم. وبَلَلْته: أَعطيته. ابن سيده: طواه على بُلُلته وبُلولته
وبَلَّته أَي على ما فيه من العيب، وقيل: على بقية وُدِّه، قال: وهو
الصحيح، وقيل: تغافلت عما فيه من عيب كما يُطْوَى السِّقاء على عَيْبه؛
وأَنشد:وأَلبَسُ المَرْءَ أَسْتَبْقِي بُلولتَه،
طَيَّ الرِّدَاء على أَثْنائه الخَرِق
قال: وتميم تقول البُلولة من بِلَّة الثرى، وأَسد تقول: البَلَلة. وقال
الليث: البَلَل والبِلَّة الدُّون. الجوهري: طَوَيْت فلاناً على بُلَّته
وبُلالته وبُلُوله وبُلُولته وبُلُلته وبُلَلته إِذا احتملــته على ما فيه
من الإِساءة والعيب ودَارَيْته وفيه بَقِيّة من الوُدِّ؛ قال الشاعر:
طَوَيْنا بني بِشْرٍ على بُلُلاتهم،
وذلك خَيْرٌ من لِقَاء بني بِشْر
يعني باللِّقاء الحَرْبَ، وجمع البُلَّة بِلال مثل بُرْمَة وبِرَام؛ قال
الراجز:
وصاحِبٍ مُرَامِقٍ دَاجَيْتُه،
على بِلال نَفْسه طَوَيْتُه
وكتب عمر يَسْتحضر المُغيرة من البصرة: يُمْهَلُ ثلاثاً ثم يُحْضَر على
بُلَّته أَي على ما فيه من الإِساءة والعيب، وهي بضم الباء.
وبَلِلْتُ به بَلَلاَ: ظَفِرْتُ به. وقيل: بَلِلْتُ أَبَلُّ ظَفِرت به؛
حكاها الأَزهري عن الأَصمعي وحده. قال شمر: ومن أَمثالهم: ما بَلِلْت من
فلان بأَفْوَقَ ناصِلٍ أَي ما ظَفِرْتُ، والأَفْوَق: السهم الذي انكسر
فُوقُه، والناصِل: الذي سقط نَصْلُه، يضرب مثلاً للرجل المُجْزِئ الكافي
أَي ظَفِرْت برجل كامل غير مضيع ولا ناقص. وبَلِلْت به بَلَلاً: صَلِيت
وشَقِيت. وبَلِلْت به بَلَلاَ وبَلالة وبُلولاً وبَلَلْت: مُنِيت به
وعُلِّقْته. وبَلِلْته: لَزِمْته؛ قال:
دَلْو تَمَأْى دُبِغَتْ بالحُلَّب،
بُلَّتْ بكَفَّيْ عَزَبٍ مُشَذَّب،
فلا تُقَعْسِرْها ولكن صَوِّب
تقعسرها أَي تعازّها. أَبو عمرو: بَلَّ يَبِلُّ إِذا لزم إِنساناً ودام
على صحبته، وبَلَّ يَبَلُّ مثلها؛ ومنه قول ابن أَحمر:
فبَلِّي إِنْ بَلِلْتِ بأَرْيَحِيٍّ
من الفِتْيان، لا يَمْشي بَطِينا
ويروى فبَلِّي يا غنيّ. الجوهري: بَلِلْت به، بالكسر، إِذا ظَفِرت به
وصار في يدك؛ وأَنشد ابن بري:
بيضاء تمشي مِشْيَةَ الرَّهِيص،
بَلَّ بها أَحمر ذو دريص
يقال: لئن بَلَّتْ بك يَدي لا تفارقني أَو تُؤَدِّيَ حقي. النضر:
البَذْرُ والبُلَل واحد، يقال: بَلُّوا الأَرض إِذا بَذَروها بالبُلَل. ورجل
بَلٌّ بالشيء: لَهِجٌ ؛ قال:
وإِني لبَلٌّ بالقَرِينةِ ما ارْعَوَتْ،
وإِني إِذا صَرَمْتُها لصَرُوم
ولا تَبُلُّك عندي بالَّة وبَلالِ مِثل قَطامِ أَي لا يُصيبك مني خير
ولا نَدًى ولا أَنفعك ولا أَصدُقك. ويقال: لا تُبَلُّ لفلان عندي بالَّة
وبَلالِ مصروف عن بالَّة أَي ندًى وخير. وفي كلام عليّ، كرم الله وجهه:
فإِن شكوا انقطاع شِرْب أَو بالَّة، هو من ذلك؛ قالت ليلى الأَخْيَلية:
نَسيتَ وصالَه وصَدَرْتَ عنه،
كما صَدَر الأَزَبُّ عن الظِّلالِ
فلا وأَبيك، يا ابن أَبي عَقِيل،
تَبُلُّك بعدها فينا بَلالِ
فلو آسَيْتَه لَخَلاك ذَمٌّ،
وفارَقَكَ ابنُ عَمَّك غَيْر قالي ابن أَبي عَقِيل كان مع تَوْبَة حين
قُتِل ففر عنه وهو ابن عمه. والبَلَّة: الغنى بعد الفقر. وبَلَّت
مَطِيَّتُه على وجهها إِذا هَمَتْ ضالَّة؛ وقال كثيِّر:
فليت قَلُوصي، عند عَزَّةَ، قُيِّدَتْ
بحَبْل ضَعِيفٍ غُرَّ منها فَضَلَّتِ
فأَصْبَح في القوم المقيمين رَحْلُها،
وكان لها باغٍ سِوَاي فبَلَّتِ
وأَبَلَّ الرجلُ: ذهب في الأَرض. وأَبَلَّ: أَعيا فَساداً وخُبْثاً.
والأَبَلُّ: الشديد الخصومة الجَدِلُ، وقيل: هو الذي لا يستحي، وقيل: هو
الشديد اللُّؤْمِ الذي لا يُدْرَك ما عنده، وقيل: هو المَطول الذي يَمْنَع
بالحَلِف من حقوق الناس ما عنده؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للمرَّار بن سعيد
الأَسدي:
ذكرنا الديون، فجادَلْتَنا
جدالَك في الدَّيْن بَلاًّ حَلوفا
(* قوله «جدالك في الدين» هكذا في الأصل وسيأتي ايراده بلفظ: «جدالك
مالاً وبلا حلوفا» وكذا أورده شارح القاموس ثم قال: والمال الرجل
الغني).وقال الأَصمعي: أَبَلَّ الرجلُ يُبِلُّ إِبْلالاً إِذا امتنع
وغلب.قال: وإِذا كان الرجل حَلاَّفاً قيل رجل أَبَلُّ؛ وقال الشاعر:
أَلا تَتَّقون الله، يا آل عامر؟
وهل يَتَّقِي اللهَ الأَبَلُّ المُصَمِّمُ؟
وقيل: الأَبَلُّ الفاجر، والأُنثى بَلاَّء وقد بَلَّ بَلَلاً في كل ذلك؛
عن ثعلب. الكسائي: رجل أَبَلُّ وامرأَة بَلاَّء وهو الذي لا يُدْرَك ما
عنده من اللؤم، ورجل أَبَلُّ بَيِّن البَلَل إِذا كان حَلاَّفاً ظَلوماً.
وأَما قول خالد بن الوليد: أَمَّا وابنُ الخطاب حَيٌّ فَلا ولكن إِذا
كان الناس بذي بِلِّيٍّ وذي بِلَّى؛ قال أَبو عبيد: يريد تَفَرُّقَ الناس
وأَن يكونوا طوائف وفِرَقاً من غير إِمام يجمعهم وبُعْدَ بعضهم من بعض؛
وكلُّ من بَعُد عنك حتى لا تَعْرِف موضعَه، فهو بذي بِلِّيٍّ، وهو مِنْ
بَلَّ في الأَرض أَي ذهب؛ أَراد ضياعَ أُمور الناس بعده، قال: وفيه لغة
أُخرى بذي بِلِّيَان، وهو فِعْلِيَان مثل صِلِّيان؛ وأَنشد الكسائي:
يَنام ويذهب الأَقوام حتى
يُقالَ: أَتَوْا على ذي بِلِّيان
يقول: إِنه أَطال النوم ومضى أَصحابه في سفرهم حتى صاروا إِلى موضع لا
يَعْرِف مكانَهم من طول نومه. وأَبَلَّ عليه: غَلَبه؛ قال ساعدة:
أَلا يا فَتى، ما عبدُ شَمْسٍ بمثله
يُبَلُّ على العادي وتُؤْبَى المَخاسِفُ
الباء في بمثله متعلقة بقوله يُبَل، وقوله ما عبدُ شمس تعظيم، كقولك
سبحان الله ما هو ومن هو، لا تريد الاستفهام عن ذاته تعالى إِنما هو تعظيم
وتفخيم.
وخَصمٌ مِبَلٌّ: ثَبْت. أَبو عبيد: المبلُّ الذي يعينك أَي يتابعك
(*
قوله «يعينك اي يتابعك» هكذا في الأصل، وفي القاموس: يعييك ان يتابعك) على
ما تريد؛ وأَنشد:
أَبَلَّ فما يَزْداد إِلاَّ حَماقَةً
ونَوْكاً، وإِن كانت كثيراً مخارجُه
وصَفاة بَلاَّء أَي مَلْساء. ورجل بَلٌّ وأَبَلُّ: مَطول؛ عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
جِدَالَكَ مالاً وبَلاًّ حَلُوفا
والبَلَّة: نَوْرُ السَّمُر والعُرْفُط. وفي حديث عثمان: أَلَسْتَ
تَرْعى بَلَّتَها؟ البَلَّة: نَوْرُ العِضاهِ قبل أَن ينعقد. التهذيب:
البَلَّة والفَتْلة نَوْرُ بَرَمة السَّمُر، قال: وأَول ما يَخْرُج البرَمة ثم
أَول ما يخرج من بَدْو الحُبْلَة كُعْبورةٌ نحو بَدْو البُسْرة فَتِيك
البَرَمة، ثم ينبت فيها زَغَبٌ بِيضٌ هو نورتها، فإِذا أَخرجت تيك سُمِّيت
البَلَّة والفَتْلة، فإِذا سقطن عنن طَرَف العُود الذي يَنْبُتْنَ فيه
نبتت فيه الخُلْبة في طرف عودهن وسقطن، والخُلْبة وعاء الحَب كأَنها وعاء
الباقِلاء، ولا تكون الخُلْبة إِلاَّ للسَّمُر والسَّلَم، وفيها الحب وهن
عِراض كأَنهم نِصال، ثم الطَّلْح فإِن وعاء ثمرته للغُلُف وهي سِنَفة
عِراض.
وبِلال: اسم رجل. وبِلال بن حمامة: مؤذن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، من الحبشة.
وبِلال آباد: موضع.
التهذيب: والبُلْبُل العَنْدَليب. ابن سيده: البُلْبُل طائر حَسَن الصوت
يأْلف الحَرَم ويدعوه أَهل الحجاز النُّغَر. والبُلْبُل: قَناةُ الكوز
الذي فيه بُلْبُل إِلى جنب رأْسه. التهذيب: البُلْبلة ضرب من الكيزان في
جنبه بُلْبُل يَنْصَبُّ منه الماء. وبَلْبَل متاعَه: إِذا فرَّقه
وبدَّده.والمُبَلِّل: الطاووس الصَّرَّاخ، والبُلْبُل الكُعَيْت.
والبَلْبلة: تفريق الآراء. وتَبَلْبَلت الأَلسن: اختلطت. والبَلْبَلة:
اختلاط الأَلسنة. التهذيب: البَلْبلة بَلْبلة الأَلسن، وقيل: سميت أَرض
بابِل لأَن الله تعالى حين أَراد أَن يخالف بين أَلسنة بني آدم بَعَث ريحاً
فحشرهم من كل أُفق إِلى بابل فبَلْبَل الله بها أَلسنتهم، ثم فَرَّقتهم
تلك الريح في البلاد. والبَلْبلة والبَلابل والبَلْبال: شدَّة الهم
والوَسْواس في الصدور وحديث النفس، فأَما البِلْبال، بالكسر، فمصدر. وفي حديث
سعيد
بن أَبي بردة عن أَبيه عن جده قال: قال رسول الله،
صلى الله عليه وسلم: إِن أُمتي أُمة مرحومة لا عذابٍ عليها في الآخرة،
إِنما عذابها في الدنيا البلابل والزلازل والفتن؛ قال ابن الأَنباري:
البلابل وسواس الصدر؛ وأَنشد ابن بري لباعث
بن صُرَيم ويقال أَبو الأَسود الأَسدي:
سائلُ بيَشْكُرَ هل ثَأَرْتَ بمالك،
أَم هل شَفَيْت النفسَ من بَلْبالها؟
ويروى:
سائِلْ أُسَيِّدَ هل ثَأَرْتَ بِوائلٍ؟
ووائل: أَخو باعث بن
صُرَيم. وبَلْبَل القومَ بَلْبلة وبِلْبالاً: حَرَّكهم وهَيَّجهم،
والاسم البَلْبال، وجمعه البَلابِل. والبَلْبال: البُرَحاء في الصَّدر، وكذلك
البَلْبالة؛ عن ابن جني؛ وأَنشد:
فبات منه القَلْبُ في بَلْبالَه،
يَنْزُو كَنَزْوِ الظَّبْيِ في الحِباله
ورجل بُلْبُلٌ وبُلابِل: خَفِيف في السَّفَر معْوان. قال أَبو الهيثم:
قال لي أَبو ليلى الأَعرابي أَنت قُلْقُل بُلْبُل أَي ظَريف خَفيف. ورجل
بُلابِل: خفيف اليدين وهو لا يَخْفى عليه شيء. والبُلْبُل من الرجال:
الخَفِيفُ؛ قال كثير بن
مُزَرِّد:
سَتُدْرِك ما تَحْمي الحِمارة وابْنُها
قَلائِصُ رَسْلاتٌ، وشُعْثٌ بَلابِل
والحِمارة: اسم حَرَّة وابنُها الجَبَل الذي يجاورها، أَي ستدرك هذه
القلائص ما منعته هذه الحَرَّة وابنُها.
والبُلْبول: الغلام الذَّكِيُّ الكَيِّس. وقال ثعلب: غلام بُلْبُل خفيف
في السَّفَر، وقَصَره على الغلام. ابن السكيت: له أَلِيلٌ وبَلِيلٌ، وهما
الأَنين مع الصوت؛ وقال المَرَّار بن سعيد:
إِذا مِلْنا على الأَكْوار أَلْقَتْ
بأَلْحِيها لأجْرُنِها بَليل
أَراد إِذا مِلْنا عليها نازلين إِلى الأَرض مَدَّت جُرُنَها على الأَرض
من التعب. أَبو تراب عن زائدة: ما فيه بُلالة ولا عُلالة أَي ما فيه
بَقِيَّة. وبُلْبُول: اسم بلد. والبُلْبُول: اسم جَبَل؛ قال الراجز:
قد طال ما عارَضَها بُلْبُول،
وهْيَ تَزُول وَهْوَ لا يَزول
وقوله في حديث لقمان: ما شَيْءٌ أَبَلَّ للجسم من اللَّهْو؛ قال ابن
الأَثير: هو شيء كلحم العصفور أَي أَشد تصحيحاً وموافقة له.
ومن خفيف هذا الباب بَلْ، كلمة استدراك وإِعلام بالإِضْراب عن الأَول،
وقولهم قام زيد بَلْ عَمْرٌو وبَنْ زيد، فإِن النون بدل من اللام، أَلا
ترى إِلى كثرة استعمال بَلْ وقلة استعمال بَنْ، والحُكْمُ على الأَكثر لا
الأَقل؟ قال ابن سيده: هذا هو الظاهر من أَمره، قال: وقال ابن جني لست
أَدفع مع هذا أَن تكون بَنْ لُغَةً قائمة بنفسها. التهذيب في ترجمة بَلى:
بَلى تكون جواباً للكلام الذي فيه الجَحْد. قال الله تعالى: أَلَسْتُ
بربكم قالوا بَلى؛ قال: وإِنما صارت بَلى تتصل بالجَحْد لأَنها رجوع عن
الجَحْد إِلى التحقيق، فهو بمنزلة بَلْ، وبَلْ سَبِيلها أَن تأَتي بعد الجَحْد
كقولك ما قام أَخوك بَلْ أَبوك، وما أَكرمت أَخاك بَلْ أَباك، وإِذا قال
الرجل للرجل: أَلا تقوم؟ فقال له: بَلى، أَراد بَلْ أَقوم، فزادوا
الأَلف على بَلْ ليحسن السكوت عليها، لأَنه لو قال بَلْ كان يتوقع
(* قوله
«كان يتوقع» اي المخاطب كما هو ظاهر مما بعد) كلاماً بعد بلْ فزادوا الأَلف
ليزول عن المخاطب هذا التوهم؛ قال الله تعالى: وقالوا لن تمسنا النار
إِلا أَياماً معدودة، ثم قال بَعْدُ: بَلى من كسب سيئة، والمعنى بَلْ من كسب
سيئة، وقال المبرد: بل حكمها الاستدراك أَينما وقعت في جَحْد أَو
إِيجاب، قال: وبَلى تكون إِيجاباً للمَنْفِيِّ لا غيرُ. قال الفراء: بَلْ تأْتي
بمعنيين: تكون إِضراباً عن الأَول وإِيجاباً للثاني كقولك عندي له دينار
لا بَلْ ديناران، والمعنى الآخر أَنها توجب ما قبلها وتوجب ما بعدها،
وهذا يسمى الاستدراك لأَنه أَراده فنسيه ثم استدركه. قال الفراء: والعرب
تقول بَلْ والله لا آتيك وبَنْ والله، يجعلون اللام فيها نوناً، وهي لغة
بني سعد ولغة كلب، قال: وسمعت الباهليين يقولون لا بَنْ بمعنى لا بَلْ.
الجوهري: بَلْ مُخَفَّفٌ حرفٌ، يعطف بها الحرف الثاني على الأَول فيلزمه
مثْلُ إعرابه، فهو للإضراب عن الأَول للثاني، كقولك: ما جاءَني زيد بَلْ
عمرو، وما رأَيت زيداً بَلْ عمراً، وجاءني أَخوك بَلْ أَبوك تعطف بها بعد
النفي والإِثبات جميعاً؛ وربما وضعوه موضع رُبَّ كقول الراجز:
بَلْ مَهْمَهٍ قَطَعْتُ بَعْدَ مَهْمَهِ
يعني رُبَّ مَهْمَهٍ كما يوضع غيره اتساعاً؛ وقال آخر:
بَلْ جَوْزِ تَيْهاء كظَهْرِ الحَجَفَتْ
وقوله عز وجل: ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عِزَّةٍ وشقاق؛ قال
الأَخفش عن بعضهم: إِن بَلْ ههنا بمعنى إِن فلذلك صار القَسَم عليها؛
قال: وربما استعملت العرب في قَطْع كلام واستئناف آخر فيُنْشد الرجل منهم
الشعر فيقول:
. . . . . . بل
ما هاجَ أَحْزاناً وشَجْواً قَدْ شَجا
ويقول:
. . . . . . بل
وبَلْدَةٍ ما الإِنْسُ من آهالِها،
تَرى بها العَوْهَقَ من وِئالِها،
كالنار جَرَّتْ طَرَفي حِبالِها
قوله بَلْ ليست من البيت ولا تعدّ في وزنه ولكن جعلت علامة لانقطاع ما
قبله؛ والرجز الأَول لرؤبة وهو:
أَعْمَى الهُدَى بالجاهِلِينَ العُمَّهِ،
بَلْ مَهْمَهٍ قَطَعْتُ بَعْدَ مَهْمَهِ
والثاني لسُؤْرِ الذِّئْبِ وهو:
بَلْ جَوْزِتَيْهاءَ كَظَهْرِ الحَجَفَتْ،
يُمْسي بها وُحُوشُها قد جُئِفَتْ
قال: وبَلْ نُقْصانها مجهول، وكذلك هَلْ وَقَدْ، إِن شئت جعلت نقصانها
واواً قلت بَلْوٌ هَلْوٌ قَدْوٌ، وإِن شئت جعلته ياء. ومنهم من يجعل
نقصانها مثل آخر حروفها فيُدْغم ويقول هَلٌّ وبَلٌّ وقَدٌّ، بالتشديد. قال ابن
بري: الحروف التي هي على حرفين مثل قَدْ وبَلْ وهَلْ لا يقدّر فيها حذف
حرف ثالث كما يكون ذلك في الأَسماء نحو يَدٍ ودَمٍ، فإِن سميت بها شيئاً
لزمك أَن تقدر لها ثالثاً، قال: ولهذا لو صَغَّرْتَ إِن التي للجزاء لقلت
أُنَيٌّ، ولو سَمَّيت بإِن المخففة من الثقيلة لقلت أُنَيْنٌ، فرددت ما
كان محذوفاً، قال: وكذلك رُبَ المخففة تقول في تصغيرها اسمَ رجل
رُبَيْبٌ، والله أَعلم.
ظلم: الظُّلْمُ: وَضْع الشيء في غير موضِعه. ومن أمثال العرب في
الشَّبه: مَنْ أَشْبَهَ أَباه فما ظَلَم؛ قال الأصمعي: ما ظَلَم أي ما وضع
الشَّبَه في غير مَوْضعه وفي المثل: من اسْترْعَى الذِّئْبَ فقد ظلمَ. وفي
حديث ابن زِمْلٍ: لَزِموا الطَّرِيق فلم يَظْلِمُوه أي لم يَعْدِلوا عنه؛
يقال: أَخَذَ في طريقٍ فما ظَلَم يَمِيناً ولا شِمالاً؛ ومنه حديث أُمِّ
سَلمَة: أن أبا بكرٍ وعُمَرَ ثَكَما الأَمْر فما ظَلَماه أي لم يَعْدِلا
عنه؛ وأصل الظُّلم الجَوْرُ ومُجاوَزَة الحدِّ، ومنه حديث الوُضُوء: فمن
زاد أو نَقَصَ فقد أساء وظَلَمَ أي أَساءَ الأدبَ بتَرْكِه السُّنَّةَ
والتَّأَدُّبَ بأَدَبِ الشَّرْعِ، وظَلمَ نفْسه بما نَقَصَها من الثواب
بتَرْدادِ المَرّات في الوُضوء. وفي التنزيل العزيز: الذين آمَنُوا ولم
يَلْبِسُوا إيمانَهم بِظُلْمٍ؛ قال ابن عباس وجماعةُ أهل التفسير: لم يَخْلِطوا
إيمانهم بِشِرْكٍ، ورُوِي ذلك عن حُذَيْفة وابنِ مَسْعود وسَلمانَ،
وتأَوّلوا فيه قولَ الله عز وجل: إن الشِّرْك لَظُلْمٌ عَظِيم. والظُّلْم:
المَيْلُ عن القَصد، والعرب تَقُول: الْزَمْ هذا الصَّوْبَ ولا تَظْلِمْ
عنه أي لا تَجُرْ عنه. وقوله عزَّ وجل: إنَّ الشِّرْكَ لَظُلم عَظِيم؛ يعني
أن الله تعالى هو المُحْيي المُمِيتُ الرزّاقُ المُنْعِم وَحْده لا شريك
له، فإذا أُشْرِك به غيره فذلك أَعْظَمُ الظُّلْمِ، لأنه جَعل النعمةَ
لغير ربِّها. يقال: ظَلَمَه يَظْلِمُهُ ظَلْماً وظُلْماً ومَظْلِمةً،
فالظَّلْمُ مَصْدرٌ حقيقيٌّ، والظُّلمُ الاسمُ يقوم مَقام المصدر، وهو ظالمٌ
وظَلوم؛ قال ضَيْغَمٌ الأَسدِيُّ:
إذا هُوَ لمْ يَخَفْني في ابن عَمِّي،
وإنْ لم أَلْقَهُ الرجُلُ الظَّلُومُ
وقوله عز وجل: إن الله لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ؛ أرادَ لا
يَظْلِمُهُم مِثْقالَ ذَرَّةٍ، وعَدَّاه إلى مفعولين لأنه في معنى يَسْلُبُهم،
وقد يكون مِثْقالَ ذرّة في موضع المصدر أي ظُلْماً حقيراً كمِثْقال الذرّة؛
وقوله عز وجل: فَظَلَمُوا بها؛ أي بالآيات التي جاءَتهم، وعدّاه بالباء
لأنه في معنى كَفَرُوا بها، والظُّلمُ الاسمُ، وظَلَمه حقَّه وتَظَلَّمه
إياه؛ قال أبو زُبَيْد الطائيّ:
وأُعْطِيَ فَوْقَ النِّصْفِ ذُو الحَقِّ مِنْهمُ،
وأَظْلِمُ بَعْضاً أو جَمِيعاً مُؤَرِّبا
وقال:
تَظَلَّمَ مَالي هَكَذَا ولَوَى يَدِي،
لَوَى يَدَه اللهُ الذي هو غالِبُهْ
وتَظَلَّم منه: شَكا مِنْ ظُلْمِه. وتَظَلَّم الرجلُ: أحالَ الظُّلْمَ
على نَفْسِه؛ حكاه ابن الأعرابي؛ وأنشد:
كانَتْ إذا غَضِبَتْ عَلَيَّ تَظَلَّمَتْ،
وإذا طَلَبْتُ كَلامَها لم تَقْبَلِ
قال ابن سيده: هذا قولُ ابن الأعرابي، قال: ولا أَدْري كيف ذلك، إنما
التَّظَلُّمُ ههنا تَشَكِّي الظُّلْم منه، لأنها إذا غَضِبَت عليه لم
يَجُزْ أن تَنْسُبَ الظُّلْمَ إلى ذاتِها. والمُتَظَلِّمُ: الذي يَشْكو
رَجُلاً ظَلَمَهُ. والمُتَظَلِّمُ أيضاً: الظالِمُ؛ ومنه قول الشاعر:
نَقِرُّ ونَأْبَى نَخْوَةَ المُتَظَلِّمِ
أي نَأْبَى كِبْرَ الظالم. وتَظَلَّمَني فلانٌ أي ظَلَمَني مالي؛ قال
ابن بري: شاهده قول الجعدي:
وما يَشْعُرُ الرُّمْحُ الأَصَمُّ كُعوبُه
بثَرْوَةِ رَهْطِ الأَعْيَطِ المُتَظَلِّمِ
قال: وقال رافِعُ بن هُرَيْم، وقيل هُرَيْمُ بنُ رافع، والأول أَصح:
فهَلاَّ غَيْرَ عَمِّكُمُ ظَلَمْتُمْ،
إذا ما كُنْتُمُ مُتَظَلِّمِينا
أي ظالِمِينَ. ويقال: تَظَلَّمَ فُلانٌ إلى الحاكم مِنْ فُلانٍ
فظَلَّمَه تَظْليماً أي أنْصَفَه مِنْ ظالِمه وأَعانَه عليه؛ ثعلب عن ابن
الأعرابي أنه أنشد عنه:
إذا نَفَحاتُ الجُودِ أَفْنَيْنَ مالَه،
تَظَلَّمَ حَتَّى يُخْذَلَ المُتَظَلِّمُ
قال: أي أغارَ على الناس حتى يَكْثُرَ مالُه. قال أبو منصور: جَعَل
التَّظلُّمَ ظُلْماً لأنه إذا أغارَ على الناس فقد ظَلَمَهم؛ قال:
وأَنْشَدَنا لجابر الثعلبيّ:
وعَمْروُ بنُ هَمَّام صَقَعْنا جَبِينَه
بِشَنْعاءَ تَنْهَى نَخْوةَ المُتَظَلِّمِ
قال أبو منصور: يريد نَخْوةَ الظالم. والظَّلَمةُ: المانِعونَ أهْلَ
الحُقوقِ حُقُوقَهم؛ يقال: ما ظَلَمَك عن كذا، أي ما مَنَعك، وقيل:
الظَّلَمةُ في المُعامَلة. قال المُؤَرِّجُ: سمعت أَعرابيّاً يقول لصاحبه:
أَظْلَمي وأَظْلَمُكَ فَعَلَ اللهُ به أَي الأَظْلَمُ مِنَّا. ويقال: ظَلَمْتُه
فتَظَلَّمَ أي صبَر على الظُّلْم؛ قال كُثَيْر:
مَسائِلُ إنْ تُوجَدْ لَدَيْكَ تَجُدْ بِها
يَدَاكَ، وإنْ تُظْلَمْ بها تَتَظلَّمِ
واظَّلَمَ وانْظَلَم: احْتَملَ الظُّلْمَ. وظَلَّمه: أَنْبأَهُ أنه
ظالمٌ أو نسبه إلى الظُّلْم؛ قال:
أَمْسَتْ تُظَلِّمُني، ولَسْتُ بِظالمٍ،
وتُنْبِهُني نَبْهاً، ولَسْتُ بِنائمِ
والظُّلامةُ: ما تُظْلَمُهُ، وهي المَظْلِمَةُ. قال سيبويه: أما
المَظْلِمةُ فهي اسم ما أُخِذَ منك. وأَردْتُ ظِلامَهُ ومُظالَمتَه أي ظُلمه؛
قال:
ولَوْ أَنِّي أَمُوتُ أَصابَ ذُلاًّ،
وسَامَتْه عَشِيرتُه الظِّلامَا
والظُّلامةُ والظَّلِيمةُ والمَظْلِمةُ: ما تَطْلُبه عند الظّالم، وهو
اسْمُ ما أُخِذَ منك. التهذيب: الظُّلامةُ اسْمُ مَظْلِمتِك التي
تَطْلُبها عند الظَّالم؛ يقال: أَخَذَها مِنه ظُلامةً. ويقال: ظُلِم فُلانٌ
فاظَّلَم، معناه أنه احْتَمل الظُّلْمَ بطيبِ نَفْسِه وهو قادرٌ على الامتناع
منه، وهو افتعال، وأَصله اظْتَلم فقُِلبت التاءُ طاءً ثم أُدغِمَت الظاء
فيها؛ وأَنشد ابن بري لمالك ابنَ حريم:
مَتَى تَجْمَعِ القَلْبَ الذَّكيَّ وصارِماً
وأَنْفاً حَمِيّاً، تَجَتْنِبْك المَظَالِمُ
وتَظالَمَ القومُ: ظلَمَ بعضُهم بعضاً. ويقال: أَظْلَمُ من حَيَّةٍ
لأنها تأْتي الجُحْرَ لم تَحْتَفِرْه فتسْكُنُه. ويقولون: ما ظَلَمَك أن
تَفْعَلَ؛ وقال رجل لأبي الجَرَّاحِ: أَكلتُ طعاماً فاتَّخَمْتُه، فقال أَبو
الجَرَّاحِ: ما ظَلَمك أَن تَقِيءَ؛ وقول الشاعر:
قالَتْ له مَيٌّ بِأَعْلى ذِي سَلَمْ:
ألا تَزُورُنا، إنِ الشِّعْبُ أَلَمّْ؟
قالَ: بَلى يا مَيُّ، واليَوْمُ ظَلَمْ
قال الفرّاء: هم يقولون معنى قوله واليَوْمُ ظَلَم أي حَقّاً، وهو
مَثَلٌ؛ قال: ورأَيت أنه لا يَمْنَعُني يومٌ فيه عِلّةٌ تَمْنع. قال أبو
منصور: وكان ابن الأعرابي يقول في قوله واليوْمُ ظَلَم حقّاً يقيناً، قال:
وأُراه قولَ المُفَضَّل، قال: وهو شبيه بقول من قال في لا جرم أي حَقّاً
يُقيمه مُقامَ اليمين، وللعرب أَلفاظ تشبهها وذلك في الأَيمان كقولهم:
عَوْضُ لا أفْعلُ ذلك، وجَيْرِ لا أَفْعلُ ذلك، وقوله عز وجل: آتَتْ أُكُلَها
ولم تَظْلِم مِنْه شَيْئاً؛ أي لم تَنْقُصْ منه شيئاً. وقال الفراء في
قوله عز وجل: وما ظَلَمُونا ولكن كانوا أَنْفُسَهم يَظْلِمُون، قال: ما
نَقَصُونا شَيْئاً بما فعلوا ولكن نَقَصُوا أنفسَهم. والظِّلِّيمُ،
بالتشديد: الكثيرُ الظُّلْم. وتَظَالَمتِ المِعْزَى: تَناطَحَتْ مِمَّا سَمِنَتْ
وأَخْصَبَتْ؛ ومنه قول السّاجع: وتَظالَمَتْ مِعْزاها. ووَجَدْنا أرْضاً
تَظَالَمُ مِعْزاها أي تَتناطَحُ مِنَ النَّشاط والشِّبَع.
والظَّلِيمةُ والظَّلِيمُ: اللبَنُ يُشَرَبُ منه قبل أن يَرُوبَ
ويَخْرُجَ زُبْدُه؛ قال:
وقائِلةٍ: ظَلَمْتُ لَكُمْ سِقائِي
وهل يَخْفَى على العَكِدِ الظَّلِيمُ؟
وفي المثل: أهْوَنُ مَظْلومٍ سِقاءٌ مُروَّبٌ؛ وأنشد ثعلب:
وصاحِب صِدْقٍ لم تَرِبْني شَكاتُه
ظَلَمْتُ، وفي ظَلْمِي له عامِداً أَجْرُ
قال: هذا سِقاءٌ سَقَى منه قبل أن يَخْرُجَ زُبْدُه. وظَلَمَ وَطْبَه
ظَلْماً إذا سَقَى منه قبل أن يَرُوبَ ويُخْرَجَ زُبْدُه. وظَلَمْتُ
سِقائِي: سَقَيْتُهم إيَّاه قَبْلَ أن يَرُوبَ؛ وأنشد البيت الذي أَنشده
ثعلب:ظَلَمْتُ، وفي ظَلْمِي له عامداً أَجْرُ
قال الأزهري: هكذا سمعت العرب تنشده: وفي ظَلْمِي، بِنَصْب الظاء، قال:
والظُّلْمُ الاسم والظُّلْمُ العملُ. وظَلَمَ القوْمَ: سَقاهم
الظَّلِيمةَ. وقالوا امرأَةٌ لَزُومٌ لِلفِناء، ظَلومٌ للسِّقاء، مُكْرِمةٌ
لِلأَحْماء. التهذيب: العرب تقول ظَلَمَ فلانٌ سِقاءَه إذا سَقاه قبل أن
يُخْرَجَ زُبْدُه؛ وقال أبو عبيد: إذا شُرِبَ لبَنُ السِّقاء قبل أن يَبْلُغَ
الرُّؤُوبَ فهو المَظْلومُ والظَّلِيمةُ، قال: ويقال ظَلَمْتُ القومَ إذا
سَقاهم اللبن قبل إدْراكِهِ؛ قال أَبو منصور: هكذا رُوِيَ لنا هذا الحرفُ
عن أبي عبيد ظَلَمْتُ القومَ، وهو وَهَمٌ. وروى المنذري عن أبي الهيثم
وأبي العباس أحمد بن يحيى أنهما قالا: يقال ظَلَمْتُ السقَاءَ وظَلَمْتُ
اللبنَ إذا شَرِبْتَه أو سَقَيْتَه قبل إدراكه وإخراجِ زُبْدَتِه. وقال ابن
السكيت: ظَلَمتُ وَطْبي القومَ أي سَقَيْتُه قبل رُؤُوبه. والمَظْلُوم:
اللبنُ يُشْرَبُ قبل أن يَبْلُغَ الرُّؤُوبَ. الفراء: يقال ظَلَم
الوَادِي إذا بَلَغَ الماءُ منه موضِعاً لم يكن نالَهُ فيما خَلا ولا بَلَغَه
قبل ذلك؛ قال: وأَنشدني بعضهم يصف سيلاً:
يَكادُ يَطْلُع ظُلْماً ثم يَمْنَعُه
عن الشَّواهِقِ، فالوادي به شَرِقُ
وقال ابن السكيت في قول النابغة يصف سيلاً:
إلاَّ الأَوارِيَّ لأْياً ما أُبَيِّنُها،
والنُّؤْيُ كالحَوضِ بالمَظلُومة الجَلَدِ
قال: النُّؤْيُ الحاجزُ حولَ البيت من تراب، فشَبَّه داخلَ الحاجِزِ
بالحوض بالمظلومة، يعني أرضاً مَرُّوا بها في بَرِّيَّةِ فتَحَوَّضُوا
حَوْضاً سَقَوْا فيه إبِلَهُمْ وليست بمَوْضِع تَحْويضٍ. يقال: ظَلَمْتُ
الحَوْضَ إذا عَمِلْتَه في موضع لا تُعْمَلُ فيه الحِياض. قال: وأَصلُ
الظُّلْمِ وَضْعُ الشيء في غير موضعه؛ ومنه قول ابن مقبل:
عَادَ الأَذِلَّةُ في دارٍ، وكانَ بها
هُرْتُ الشَّقاشِقِ، ظَلاَّمُونَ للجُزُرِ
أي وَضَعوا النحر في غير موضعه. وظُلِمَت الناقةُ: نُحِرَتْ من غَيْرِ
عِلَّةٍ أو ضَبِعَتْ على غير ضَبَعَةٍ. وكُلُّ ما أَعْجَلْتَهُ عن أوانه
فقد ظَلَمْتَهُ، وأنشد بيت ابن مقبل:
هُرْتُ الشَّقاشِقِ، ظَلاَّمُون للجُزُر
وظَلَم الحِمارُ الأتانَ إذا كامَها وقد حَمَلَتْ، فهو يَظْلِمُها
ظَلْماً؛ وأَنشد أبو عمرو يصف أُتُناً:
أَبَنَّ عقَاقاً ثم يَرْمَحْنَ ظَلْمَةً
إباءً، وفيه صَوْلَةٌ وذَمِيلُ
وظَلَم الأَرضَ: حَفَرَها ولم تكن حُفِرَتْ قبل ذلك، وقيل: هو أن
يَحْفِرَها في غير موضع الحَفْرِ؛ قال يصف رجلاً قُتِلَ في مَوْضِعٍ قَفْرٍ
فحُفِرَ له في غير موضع حَفْرٍ:
ألا للهِ من مِرْدَى حُروبٍ،
حَواه بَيْنَ حِضْنَيْه الظَّلِيمُ
أي الموضع المظلوم. وظَلَم السَّيلُ الأرضَ إذا خَدَّدَ فيها في غير
موضع تَخْدِيدٍ؛ وأَنشد للحُوَيْدِرَة:
ظَلَم البِطاحَ بها انْهلالُ حَرِىصَةٍ،
فَصَفَا النِّطافُ بها بُعَيْدَ المُقْلَعِ
مصدر بمعنى الإقْلاعِ، مُفْعَلٌ بمعنى الإفْعالِ، قال ومثله كثير مُقامٌ
بمعنى الإقامةِ. وقال الباهلي في كتابه: وأَرضٌ مَظْلُومة إذا لم
تُمْطَرْ. وفي الحديث: إذا أَتَيْتُمْ على مَظْلُومٍ فأَغِذُّوا السَّيْرَ. قال
أبو منصور: المَظْلُومُ البَلَدُ الذي لم يُصِبْهُ الغَيْثُ ولا رِعْيَ
فيه للِرِّكابِ، والإغْذاذُ الإسْراعُ. والأرضُ المَظْلومة: التي لم
تُحْفَرْ قَطُّ ثم حُفِرَتْ، وذلك الترابُ الظَّلِيمُ، وسُمِّيَ تُرابُ
لَحْدِ القبرِ ظَلِيماً لهذا المعنى؛ وأَنشد:
فأَصْبَحَ في غَبْراءَ بعدَ إشاحَةٍ،
على العَيْشِ، مَرْدُودٍ عليها ظَلِيمُها
يعني حُفْرَةَ القبر يُرَدُّ تُرابها عليه بعد دفن الميت فيها. وقالوا:
لا تَظْلِمْ وَضَحَ الطريقِ أَي احْذَرْ أَن تَحِيدَ عنه وتَجُورَ
فَتَظْلِمَه. والسَّخِيُّ يُظْلَمُ إذا كُلِّفَ فوقَ ما في طَوْقِهِ، أَوطُلِبَ
منه ما لا يجدُه، أَو سُئِلَ ما لا يُسْأَلُ مثلُه، فهو مُظَّلِمٌ وهو
يَظَّلِمُ وينظلم؛ أَنشد سيبويه قول زهير:
هو الجَوادُ الذي يُعْطِيكَ نائِله
عَفْواً، ويُظْلَمُ أَحْياناً فيَظَّلِمُ
أَي يُطْلَبُ منه في غير موضع الطَّلَب، وهو عنده يَفْتعِلُ، ويروى
يَظْطَلِمُ، ورواه الأَصمعي يَنْظَلِمُ. الجوهري: ظَلَّمْتُ فلاناً
تَظْلِيماً إذا نسبته إلى الظُّلْمِ فانْظَلَم أَي احتمل الظُّلْم؛ وأَنشد بيت
زهير:
ويُظْلَم أَحياناً فَيَنْظَلِمُ
ويروى فيَظَّلِمُ أَي يَتَكَلَّفُ، وفي افْتَعَل من ظَلَم ثلاثُ لغاتٍ:
من العرب من يقلب التاء طاء ثم يُظْهِر الطاء والظاء جميعاً فيقول
اظْطَلَمَ، ومنهم من يدغم الظاء في الطاء فيقول اطَّلَمَ وهو أَكثر اللغات،
ومنهم من يكره أَن يدغم الأَصلي في الزائد فيقول اظَّلَم، قال: وأَما
اضْطَجَع ففيه لغتان مذكورتان في موضعهما. قال ابن بري: جَعْلُ الجوهري
انْظَلَم مُطاوعَ ظَلَّمتُهُ، بالتشديد، وَهَمٌ، وإنما انْظَلَم مطاوعُ
ظَلَمْتُه، بالتخفيف كما قال زهير:
ويُظْلَم أَحْياناً فيَنْظَلِمُ
قال: وأَما ظَلَّمْتُه، بالتشديد، فمطاوِعُه تَظَلَّمَ مثل كَسَّرْتُه
فتَكَسَّرَ، وظَلَم حَقَّه يَتَعَدَّى إلى مفعول واحد، وإنما يتعدّى إلى
مفعولين في مثل ظَلَمني حَقَِّي حَمْلاً على معنى سَلَبَني حَقِّي؛ ومثله
قوله تعالى: ولا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً؛ ويجوز أَن يكون فتيلاً واقعاً
مَوْقِعَ المصدر أَي ظُلْماً مِقْدارَ فَتِيلٍ.
وبيتٌ مُظَلَّمٌ: كأَنَّ النَّصارَى وَضَعَتْ فيه أَشياء في غير
مواضعها. وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، دُعِيَ إلى طعام فإذا البيتُ
مُظَلَّمٌ فانصرف، صلى الله عليه وسلم، ولم يدخل؛ حكاه الهروي في الغريبين؛
قال ابن الأَثير: هو المُزَوَّقُ، وقيل: هو المُمَوَّهُ بالذهب والفضة،
قال: وقال الهَرَوِيُّ أَنكره الأَزهري بهذا المعنى، وقال الزمخشري: هو
من الظَّلْمِ وهو مُوهَةُ الذهب، ومنه قيل للماء الجاري على الثَّغْرِ
ظَلْمٌ. ويقال: أَظْلَم الثَّغْرُ إذا تَلأْلأَ عليه كالماء الرقيق من شدَّة
بَرِيقه؛ ومنه قول الشاعر:
إذا ما اجْتَلَى الرَّاني إليها بطَرْفِه
غُرُوبَ ثَناياها أَضاءَ وأَظْلَما
قال: أَضاء أَي أَصاب ضوءاً، أَظْلَم أصاب ظَلْماً.
والظُّلْمَة والظُّلُمَة، بضم اللام: ذهاب النور، وهي خلاف النور، وجمعُ
الظُّلْمةِ ظُلَمٌ وظُلُماتٌ وظُلَماتٌ وظُلْمات؛ قال الراجز:
يَجْلُو بعَيْنَيْهِ دُجَى الظُّلُماتِ
قال ابن بري: ظُلَمٌ جمع ظُلْمَة، بإسكان اللام، فأَما ظُلُمة فإنما
يكون جمعها بالألف والتاء، ورأيت هنا حاشية بخط سيدنا رضيّ الدين الشاطبي
رحمه الله قال: قال الخطيب أَِبو زكريا المُهْجَةُ خالِصُ النَّفْسِ، ويقال
في جمعها مُهُجاتٌ كظُلُماتٍ، ويجوز مُهَجات، بالفتح، ومُهْجاتٌ،
بالتسكين، وهو أَضعفها؛ قال: والناس يأْلَفُون مُهَجات، بالفتح، كأَنهم يجعلونه
جمع مُهَجٍ، فيكون الفتح عندهم أَحسن من الضم. والظَّلْماءُ: الظُّلْمة
ربما وصف بها فيقال ليلةٌ
ظَلْماء أَي مُظْلِمة. والظَّلامُ: إسم يَجْمَع ذلك كالسَّوادِ ولا
يُجْمعُ، يَجْري مجرى المصدر، كما لا تجمع نظائره نحو السواد والبياض، وتجمع
الظُّلْمة ظُلَماً وظُلُمات. ابن سيده: وقيل الظَّلام أَوّل الليل وإن
كان مُقْمِراً، يقال: أَتيته ظَلاماً أي ليلاً؛ قال سيبويه: لا يستعمل إلا
ظرفاً. وأتيته مع الظَّلام أي عند الليل. وليلةٌ ظَلْمةٌ، على طرحِ
الزائد، وظَلْماءُ كلتاهما: شديدة الظُّلْمة. وحكى ابن الأَعرابي: ليلٌ
ظَلْماءُ؛ وقال ابن سيده: وهو غريب وعندي أَنه وضع الليل موضع الليلة، كما حكي
ليلٌ قَمْراءُ أَي ليلة، قال: وظَلْماءُ أَسْهلُ من قَمْراء. وأَظْلَم
الليلُ: اسْوَدَّ. وقالوا: ما أَظْلَمه وما أَضوأَه، وهو شاذ. وظَلِمَ
الليلُ، بالكسر، وأَظْلَم بمعنىً؛ عن الفراء. وفي التنزيل العزيز: وإذا
أَظْلَمَ عليهم قاموا. وظَلِمَ وأَظْلَمَ؛ حكاهما أَبو إسحق وقال الفراء: فيه
لغتان أَظْلَم وظَلِمَ، بغير أَلِف.
والثلاثُ الظُّلَمُ: أَوّلُ الشَّهْر بعدَ الليالي الدُّرَعِ؛ قال أَبو
عبيد: في ليالي الشهر بعد الثلاثِ البِيضِ ثلاثٌ
دُرَعٌ وثلاثٌ ظُلَمٌ، قال: والواحدة من الدُّرَعِ والظُّلَم دَرْعاءُ
وظَلْماءُ. وقال أَبو الهيثم وأَبو العباس المبرد: واحدةُ الدُّرَعِ
والظُّلَم دُرْعةٌ وظُلْمة؛ قال أَبو منصور: وهذا الذي قالاه هو القياس
الصحيح. الجوهري: يقال لثلاث ليال من ليالي الشهر اللائي يَلِينَ الدُّرَعَ
ظُلَمٌ
لإظْلامِها على غير قياس، لأَن قياسه ظُلْمٌ، بالتسكين، لأَنَّ واحدتها
ظَلْماء.
وأَظْلَم القومُ: دخلوا في الظَّلام، وفي التنزيل العزيز: فإذا هم
مُظْلِمُونَ. وقوله عزَّ وجل: يُخْرجُهم من الظُّلُمات إلى النور؛ أَي يخرجهم
من ظُلُمات الضَّلالة إلى نور الهُدَى لأَن أَمر الضَّلالة مُظْلِمٌ
غير بَيِّنٍ. وليلة ظَلْماءُ، ويوم مُظْلِمٌ: شديد الشَّرِّ؛ أَنشد
سيبويه:
فأُقْسِمُ أَنْ لوِ الْتَقَيْنا وأَنتمُ،
لكان لكم يومٌ من الشَّرِّ مُظْلِمُ
وأَمْرٌ مُظْلِم: لا يُدرَى من أَينَ يُؤْتَى له؛ عن أَبي زيد. وحكى
اللحياني: أَمرٌ مِظْلامٌ ويوم مِظْلامٌ في هذا المعنى؛ وأَنشد:
أُولِمْتَ، يا خِنَّوْتُ، شَرَّ إيلام
في يومِ نَحْسٍ ذي عَجاجٍ مِظْلام
والعرب تقول لليوم الذي تَلقَى فيه شِدَّةً يومٌ مُظلِمٌ، حتى إنهم
ليقولون يومٌ ذو كَواكِبَ أَي اشتَدّت ظُلْمته حتى صار كالليل؛ قال:
بَني أَسَدٍ، هل تَعْلَمونَ بَلاءَنا،
إذا كان يومٌ ذو كواكِبَ أَشْهَبُ؟
وظُلُماتُ البحر: شدائِدُه. وشَعرٌ
مُظْلِم: شديدُ السَّوادِ. ونَبْتٌ مُظلِمٌ: ناضِرٌ
يَضْرِبُ إلى السَّوادِ من خُضْرَتِه؛ قال:
فصَبَّحَتْ أَرْعَلَ كالنِّقالِ،
ومُظلِماً ليسَ على دَمالِ
وتكلَّمَ فأَظْلَمَ علينا البيتُ أَي سَمِعنا ما نَكْرَه، وفي التهذيب:
وأَظْلَم فلانٌ علنيا البيت إذا أَسْمَعنا ما نَكْرَه. قال أَبو منصور:
أَظْلمَ يكون لازماً وواقِعاً، قال: وكذلك أَضاءَ يكون بالمعنيين: أَضاءَ
السراجُ بنفسه إضاءةً، وأَضاء للناسِ بمعنى ضاءَ، وأَضأْتُ السِّراجَ
للناسِ فضاءَ وأَضاءَ.
ولقيتُه أَدنَى ظَلَمٍ، بالتحريك، يعني حين اخْتَلطَ الظلامُ، وقيل:
معناه لقيته أَوّلَ كلِّ شيء، وقيل: أَدنَى ظَلَمٍ القريبُ، وقال ثعلب: هو
منك أَدنَى ذي ظَلَمٍ، ورأَيتُه أَدنَى ظَلَمٍ الشَّخْصُ، قال: وإنه
لأَوّلُ ظَلَمٍ لقِيتُه إذا كان أَوّلَ شيءٍ سَدَّ بَصَرَك بليل أَو نهار،
قال: ومثله لقيته أَوّلَ وَهْلةٍ وأَوّلَ صَوْكٍ وبَوْكٍ؛ الجوهري: لقِيتُه
أَوّلَ ذي ظُلْمةٍ أَي أَوّلَ شيءٍ يَسُدُّ بَصَرَكَ في الرؤية، قال: ولا
يُشْتَقُّ منه فِعْلٌ. والظَّلَمُ: الجَبَل، وجمعه ظُلُومٌ؛ قال
المُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ:
تَعامَسُ حتى يَحْسبَ الناسُ أَنَّها،
إذا ما اسْتُحِقَّت بالسُّيوفِ، ظُلُومُ
وقَدِمَ فلانٌ واليومُ ظَلَم؛ عن كراع، أَي قدِمَ حقّاً؛ قال:
إنَّ الفراقَ اليومَ واليومُ ظَلَمْ
وقيل: معناه واليومُ ظَلَمنا، وقيل: ظَلَم ههنا وَضَع الشيءَ في غير
موضعه.
والظَّلْمُ: الثَّلْج. والظَّلْمُ: الماءُ الذي يجري ويَظهَرُ على
الأَسْنان من صَفاءِ اللون لا من الرِّيقِ كالفِرِنْد، حتى يُتَخيَّلَ لك فيه
سوادٌ من شِدَّةِ البريق والصَّفاء؛ قال كعب بن زهير:
تَجْلو غَواربَ ذي ظَلْمٍ، إذا ابتسمَتْ،
كأَنه مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلولُ
وقال الآخر:
إلى شَنْباءَ مُشْرَبَةِ الثَّنايا
بماءِ الظَّلْمِ، طَيِّبَةِ الرُّضابِ
قال: يحتمل أَن يكون المعنى بماء الثَّلْج. قال شمر: الظَّلْمُ بياضُ
الأَسنان كأَنه يعلوه سَوادٌ، والغُروبُ ماءُ الأَسنان. الجوهري:
الظَّلْمُ، بالفتح، ماءُ الأَسْنان وبَريقُها، وهو كالسَّوادِ داخِلَ عَظمِ
السِّنِّ من شِدَّةِ البياض كفِرِنْد السَّيْف؛ قال يزيد ابن ضَبَّةَ:
بوَجْهٍ مُشْرِقٍ صافٍ،
وثغْرٍ نائرِ الظلْمِ
وقيل: الظَّلْمُ رِقَّةُ الأَسنان وشِدَّة بياضها، والجمع ظُلُوم؛ قال:
إذا ضَحِكَتْ لم تَنْبَهِرْ، وتبسَّمَتْ
ثنايا لها كالبَرْقِ، غُرٌّ ظُلُومُها
وأَظْلَم: نَظَرَ إلى الأَسنان فرأَى الظَّلْمَ؛ قال:
إذا ما اجْتَلى الرَّاني إليها بعَيْنِه
غُرُوبَ ثناياها، أَنارَ وأَظْلَما
(* أضاء بدل أنار).
والظَّلِيمُ: الذكَرُ من النعامِ، والجمع أَظْلِمةٌ
وظُلْمانٌ وظِلْمانٌ، قيل: سمي به لأَنه ذكَرُ الأَرضِ فيُدْحِي في غير
موضع تَدْحِيَةٍ؛ حكاه ابن دريد، قال: وهذا ما لا يُؤْخذُ. وفي حديث
قُسٍّ: ومَهْمَهٍ فيه ظُلْمانٌ؛ هو جمع ظَلِيم. والظَّلِيمانِ: نجمان.
والمُظَلَّمُ من الطير: الرَّخَمُ والغِرْبانُ؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
حَمَتْهُ عِتاقُ الطيرِ كلَّ مُظَلَّم،
من الطيرِ، حَوَّامِ المُقامِ رَمُوقِ
والظِّلاَّمُ: عُشْبة تُرْعَى؛ أَنشد أَبو حنيفة:
رَعَتْ بقَرارِ الحَزْنِ رَوْضاً مُواصِلاً،
عَمِيماً من الظِّلاَّمِ، والهَيْثَمِ الجَعْدِ
ابن الأعرابي: ومن غريب الشجر الظِّلَمُ، واحدتها ظِلَمةٌ، وهو
الظِّلاَّمُ والظِّلامُ والظالِمُ؛ قال الأَصمعي: هو شجر له عَسالِيجُ طِوالٌ
وتَنْبَسِطُ حتى تجوزَ حَدَّ أَصل شَجَرِها فمنها سميت ظِلاماً. وأَظْلَمُ:
موضع؛ قال ابن بري: أَظْلمُ اسم جبل؛ قال أَبو وجزة:
يَزِيفُ يمانِيه لأجْراعِ بِيشَةٍ،
ويَعْلو شآمِيهِ شَرَوْرَى وأَظْلَما
وكَهْفُ الظُّلم: رجل معروف من العرب. وظَلِيمٌ
ونَعامَةُ: موضعان بنَجْدٍ. وظَلَمٌ: موضع. والظَّلِيمُ: فرسُ فَضالةَ
بن هِنْدِ بن شَرِيكٍ الأَسديّ، وفيه يقول:
نصَبْتُ لهم صَدْرَ الظَّلِيمِ وصَعْدَةً
شُراعِيَّةً في كفِّ حَرَّان ثائِر
زفف: الزَّفيفُ: سُرْعةُ المشي مع تقارب خَطْو وسكون، وقيل: هو أَوّل
عَدْو النعام، وقيل: هو كالذَّمِيل. وقال اللحياني: الزَّفِيفُ الإسْراعُ
ومقاربةُ الخَطْوِ، زَفَّ يَزِفُّ زَفّاً وزَفِيفاً وزُفُوفاً وأَزَفَّ؛
الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، وقال اللحياني: يكون ذلك في الناس وغيرهم،
قال: وأَزَفَّ أَبْعَد اللغتين. وزَفَّ القومُ في مشيهم: أَسْرَعوا. وفي
التنزيل العزيز: فأَقبلوا إليه يَزِفُّون؛ قال الفراء: والناس يَزِفُّونَ،
بفتح الياء، أَي يُسرعُونَ، وقرأَها الأَعمش يُزَفُّونَ أَي يجيئون على
هيئة الزَّفيف بمنزلة المَزْفُوفةِ على هذه الحال، وقال الزجاج: يَزِفُّون
يُسْرِعُون، وأَصله من زَفِيف النَّعامةِ وهو ابتداء عَدْوِها،
والنَّعامةُ يقال لها زَفُوفٌ؛ قال ابن حِلِّزَةَ:
بِزَفُوفٍ كَأَنها هِقْلَةٌ أُمْـ
ـمُ رِئالٍ، دَوِّيَّةٌ سَقْفاء
والزَّفيفُ: السريعُ مثل الذَّفِيف. وزَفَّ الظليمُ والبعيرُ يَزِفُّ،
بالكسر، زَفِيفاً أَي أَسْرَعَ، وأَزَفَّه صاحبُه. وأَزَفَّ البعيرَ:
حَمَله أَن يَزِفَّ. وزَفْزَفَ النعامُ في مَشْيه: حَرَّك جناحيه.
والزَّفَّانُ: السريعُ الخفيف.
وما جاء في حديث تزويج فاطمةَ، عليها السلام: أَنه، صلى اللّه عليه
وسلم، صَنَع طعاماً وقال لبلال: أَدْخلْ عليَّ الناس زُفَّةً زُفَّةً؛ حكاه
الهروي في الغريبين فقال: فَوْجاً بعد فوج وطائفةً بعد طائفة وزُمْرة بعد
زُمْرة، قال: سميت بذلك لزَفِيفها في مشيها أَي إسْراعها.
وزَفَّت الريحُ زَفِيفاً وزَفْزَفَتْ: هَبَّتْ هُبُوباً ليِّناً ودامت،
وقيل: زَفْزَفَتُها شدّة هُبوبها. التهذيب: الريح تَزِفُّ زُفُوفاً، وهو
هبوب ليس بالشديد ولكنه في ذلك ماضٍ.
والزَّفْزفةُ: تحريك الريح يَبيسَ الحشيش؛ وأَنشد:
زَفْزَفةَ الرِّيحِ الحَصادَ اليَبَسا
وزَفزَفتِ الرِّيحُ الحَشِيشَ: حَرَّكَته. ويقال للطائِش الحِلْمِ: قد
زَفَّ رَأْلُه. والزَّفزفةُ: حنين الريحِ وصوتها في الشجر، وهي ريح
زَفْزافَةٌ وريح زَفزَفٌ؛ وأَنشد ابن بَريّ لِمُزاحِم:
ثَوْباتِ الجَنُوبِ الزَّفازِفِ
وريح زَفْزَفَةٌ وزَفْزافةٌ وزَفْزافٌ: شديدة لها زَفْزفة، وهي الصوتُ؛
وجعله الأَخطل زَفزَفاً قال:
أَعاصيرُ رِيحٍ زَفزَفٍ زَفَيانِ
وفي حديث أُم السائب: أَنه مرَّ بها وهي تُزَفْزِفُ من الحُمَّى أَي
ترْتَعِدُ من البرد، ويروى بالراء، وقد تقدَّم.
والزَفِيفُ: البريقُ؛ قال حميد بن ثور:
دَجَا الليلُ، واسْتَنَّ اسْتِناناً زَفِيفُه،
كما اسْتَنَّ في الغابِ الحَرِيقُ المُشَعْشَعُ
وزَفْزَفَةُ المَوكِبِ: هَزِيزُه. وزَفْزَفَ إذا مَشى مِشْيَةً حَسَنةً.
والزَّفْزَفَةُ من سير الإبل، وقيل: الزفزفة من سير الإبل فوق الخَبَبِ؛
قال امرؤ القَيس:
لمَّا رَكِبنا رَفَعْناهُنَّ زَفْزَفَةً،
حتى احْتَوَيْنا سَواماً ثَمَّ أَرْبابُهْ
وزفَّ الطائر في طيرانه يَزِفُّ زَفّاً وزَفِيفاً وزَفزف: ترامَى بنفسه،
وقيل: هو بَسْطُه جناحَيه؛ وأَنشد:
زَفِيفَ الذُّنابى بالعجاج القواصِفِ
والزَّفزافُ: النَّعام الذي يُزَفْزِفُ في طيَرانه يحرك جناحيه إذا عدا.
وقَوْسٌ زَفُوفٌ: مُرِنّةٌ. والزَّفْزَفةُ: صوتُ القِدْحِ حين يُدارُ
على الظُّفُر؛ قال الهذلي:
كَساها رَطِيبَ الرِّيشِ، فاعْتَدَلَتْ لها
قِداحٌ، كأَعْناقِ الظِّباء، زَفازِفُ
أَراد ذواتُ زَفازِفَ، شبَّه السِّهامَ بأَعْناقِ الظِّباء في اللين
والانْثِناء.
والزِّفُّ: صغير الرِّيشِ، وخصّ بعضهم به رِيشَ النعامِ. وهَيْقٌ
أَزَفُّ بيِّن الزَّفَفِ أَي ذُو زِفٍّ مُلْتَفٍّ. وظلِيم أَزَفُّ: كثير
الزِّفِّ. الجوهري: الزِّفّ، بالكسر، صغار رِيشِ النعامِ والطائر.
وزَفَفْتُ العَرُوسَ وزَفَّ العروسَ يَزُفُّها، بالضم، زَفّاً وزِفافاً
وهو الوجه وأَزْفَفْتُها وازْدَفَفْتُها بمعنى وأَزَفَّها وازْدَفَّها،
كل ذلك: هداها، وحكى اللحياني: زَحَفَتْ زَوافُّها أَي اللَّواتي
زَفَفْنَها. والمِزَفَّةُ: المُحَفَّةُ، وقيل: المحفة التي تُزَفُّ فيها العروس.
الليث: زُفَّتِ العروسُ إلى زوجها زَفّاً. وفي الحديث: يُزَِفُّ عليّ
بيني وبين إبراهيمَ، صلى اللّه عليهما وسلم، إلى الجنة؛ قال ابن الأَثير: إن
كسرت الزاي فمعناه يُسْرِعُ من زَفَّ في مِشْيَتِهِ وأَزَفَّ إذا أَسرع،
وإن فتحت فهو من زَفَفْتُ العَروسَ أَزُفُّها إذا أَهْدَيْتَها إلى
زوجها. وفي الحديث: إذا ولَدت الجاريةُ بَعَث اللّه إليها مَلَكاً يَزُفُّ
البركة زَفّاً. وفي حديث المغيرة: فما تَفرَّقُوا حتى نظروا إليه وقد
تَكَتَّبَ يُزَفُّ في قومه. وجئتك زَفَّةً أَو زَفَّتَينِ أَي مرَّة أَو
مرتين.
زعب: زَعَبَ الإِناءَ، يَزْعَبُهُ زَعْباً: ملأَه.
ومَطَرٌ زاعِبٌ: يَزْعَبُ كلَّ شيء أَي يَمْلؤُه؛ وأَنشد يصف سَيْلاً:
ما جازَتِ العُفْرُ من ثُعالةَ، فالرَّ * وْحاء منه مَزْعُوبةُ الـمُسُلِ
أَي مَملوءة.
وزَعَبَ السَّيْلُ الواديَ يَزعَبُه زَعْباً: ملأَه. وزَعَبَ الوادي نفسُه يَزْعَبُ: تَمَــَّلأَ ودَفَعَ بعضُه بعضاً. وسَيْلٌ زَعُوبٌ: زاعِبٌ.وجاءَنا سَيْلٌ يَزْعَبُ زَعْباً أَي يَتدافَعُ في الوادي ويجْري؛ وإِذا قلت يَرْعَبُ، بالراءِ، تعني يَملأُ الوادِيَ. وزَعَبَ المرأَةَ يَزْعَبُها(1)
(1 قوله «يزعبها» وقع في مادتي فرن وجمل يرعبها بالراء.) زَعْباً: جامَعها فملأَ فَرْجها بِفَرْجِه. وقيل: مَلأَ فَرْجَها ماء؛ وقيل: لا يكون الزَّعْبُ إِلاَّ منْ ضِخَمٍ.
وازْدَعَبْتُ الشيء إِذا حَمَلْتَه؛ يقال: مَرَّ به فازْدَعَبَه.
وقِرْبةٌ مَزْعُوبةٌ وممْزُورَةٌ: مملوءة. وزَعَبَ القِربةَ: مَلأَها؛
وأَنشد:
مِنَ الفُرْنيِّ يَزْعَبُها الجَميلُ
أَي يَمْلَؤُها.
وزَعَبَ القِرْبَةَ: احْتَمَلَــها وهي مُمتلِئةٌ. يقال: جاءَ فلان يَزْعَبُها ويَزْأَبُها أَي يَحْمِلُها مملوءة. وزَعَبَتِ القِرْبةُ: دَفَعَتْ ماءها. وفي حديث أَبي الهيثم، رضي اللّه عنه: فلم يَلْبَثْ أَنْ جاءَ ئ
بقِرْبَةٍ يَزْعَبُها أَي يَتَدافَعُ بها، ويَحْمِلُها لثِقَلها؛ وقيل: زَعَبَ بحِمْلِه إِذا استقام. وزَعَبَ بحملِه يَزْعَبُ، وازْدَعَبَ: تَدافَعَ. ومَرَّ يَزْعبُ به: مَرَّ سريعاً. وزَعَبَ البعيرُ بحملِه يَزْعَبُ به: مَرَّ به مُثْقَلاً. وزعَبْتُه عني زَعْباً: دفَعْتُه.
والزَّاعِـبـيُّ من الرِّماح: الذي إِذا هُزَّ تَدافَعَ كلُّه كأَنَّ آخِرَه يَجْري في مُقَدَّمِه.
والزاعِـبِـيَّةُ: رِماحٌ منسوبة إِلى زاعِبٍ، رجلٍ أَو بلَدٍ؛ قال
الطرماح(1)
(1 قوله «قال الطرماح» تبع المؤلف الجوهري وفي التكملة ردّاً على الجوهري وليس البيت للطرماح.) :
وأَجْوِبةٌ، كالزَّاعِـبِـيَّة وخْزُها، * يُبادهُها شَيْخُ العِراقَينِ، أَمْرَدا
وقال المبردُ: تُنْسَبُ إِلى رجل من الخزْرَج، يقال له: زاعِبٌ، كان يَعْمَلُ الأَسِنَّةَ؛ ويقال: سِنانٌ زاعِـبـيٌّ. وقال الأَصمعي:
الزاعِـبـيُّ: الذي إِذا هُزَّ كأَنَّ كُعُوبَه يَجرِي بعضُها في بعض، للِـينِه، وهو من قولك: مَرَّ يَزْعَبُ بحِمْلِه إِذا مَرَّ مَرّاً سَهْلاً؛
وأَنشد:
ونَصْل، كنَصْلِ الزَّاعِـبـيِّ، فَتِـيق
أَراد كنَصْلِ الرُّمْحِ الزاعِـبـيِّ. ويقال: الزَّاعِـبِـيَّةُ الرِّماحُ كلُّها.
والزَّاعِبُ: الهادي، السَّـيَّاحُ في الأَرض؛ قال ابن هَرْمة:
يَكادُ يَهْلِكُ فيها الزَّاعِبُ الهادي
وزَعَبَ الرَّجلُ في قَيْئه إِذا أَكثر حتى يَدْفَعَ بعضُه بعضاً.
وزَعَبَ له من المالِ قليلاً: قَطَع.
وفي الحديث: أَنَّ النبـيَّ، صلى اللّه عليه وسلم، قال لعَمْرو بن
العاص، رضي اللّه عنه: إِني أَرْسَلْتُ إِليْكَ لأَبْعَثَكَ في وَجْهٍ،
يُسَلِّمُكَ اللّهُ ويُغَنِّمُكَ، وأَزْعَبُ لك زَعْبةً مِنَ المالِ؛ أَي أُعْطِـيكَ دُفْعةً من المالِ؛ والزَّعْبةُ: الدُّفْعةُ من المال.
قال: وأَصل الزَّعْبِ الدَّفْعُ والقَسْمُ؛ يقال: زَعَبْتُ له زَعْبةً من المال وزُعْبةً، وَزَهبْتُ زُهْبَةً: دَفَعْتُ له قِطْعةً وافِرةً مِن المالِ. وأَصلُ الزَّعْبِ: الدَّفْعُ والقَسْمُ. يقال: أَعْطاه زِعْباً مِن مالِه، فازْدَعَبَه وزِهْباً من مالِه فازْدَهَبَه أَي قِطْعةً. وفي حديث علي، كرّم اللّه وجهه، وعَطِـيَّتِه: أَنه كان يَزْعَبُ لِقَوْمٍ، ويُخَوِّصُ لآخَرينَ. الزَّعْبُ: الكَثْرَةُ.
وزَعَبَ النَّحْلُ يَزْعَبُ زَعْباً: صَوَّتَ.
والزَّعِـيبُ والنَّعِـيبُ: صوت الغُرابِ؛ وقد زَعَبَ ونَعَبَ بمعنى
واحد؛ وقال شمر في قوله:
زَعَبَ الغُرابُ، ولَيْتَه لم يَزْعَبِ
يكون زَعَبَ بمعنى زعَم، أَبدل الميم باءً مثل عَجْبِ الذَّنَبِ
وعَجْمِه.
وزَعَبَ الشَّرابَ يَزْعَبُه زَعْباً. شَرِبَه كلَّه.
ووَتَرٌ أَزْعَبُ: غَلِـيظٌ. وذَكَرٌ أَزْعَبُ: كذلك. والأَزْعَبُ والزُّعْبُوبُ: القَصِـيرُ من الرجال.
وقال ابن السكيت: الزُّعْبُ اللِّئامُ القِصارُ، واحدهم زُعْبُوبٌ؛ على
غير قياس؛ وأَنشد الفراءُ في الزُّعْبِ:
من الزُّعْبِ لم يَضْرِبْ عَدُوّاً بسَيْفِه، * وبالفَـأْسِ ضَرَّابٌ رُؤُوسَ الكَرانِفِ
وروى أَبو تراب عن أَعرابي أَنه قال: هذا البيت مجتزئ بزَعْبِه وزَهْبِه أَي بنَفْسِه.
والتَّزَعُّب: النَّشاطُ والسُّرْعةُ. والتَّزَعُّبُ: التَّغَيُّظُ.
وزُعَيْبٌ: اسم.
وزُعْبةُ: اسم حِمار معروف؛ قال جرير:
زُعْبةَ والشَّحاجَ والقُنابِلا
وفي حديث سِحْرِ النبي، صلى اللّه عليه وسلم: أَنه كان تحتَ زَعُوبةٍ أَو زَعُوفةٍ. قال ابن الأَثير: هي بمعنى راعُوفة، وهي صَخْرة تكون في أَسفل البئر، إِذا حفرت، وهو مذكور في موضعه وفي حواشي بعض نسخ الصحاح الموثوق بها.
وزَعْبان: اسم رجل.
جشم: جَشِمَ الأَمْرَ، بالكسر، يَجْشَمُه جَشْماً وجَشامةً وتَجَشَّمَه:
تَكَلَّفَه على مشقة. وأَجْشَمَني فلانٌ أمْراً وجَشَّمَنِيه أي
كَلَّفَني؛ وأَنشد ابن بري للأعْشى:
فما أَجْشَمْتُ من إتْيانِ قَومٍ،
هُمُ الأَعْداءُ والأَكْبادُ سُودُ
وجَشَّمْتُه الأَمرَ تَجْشِيماً؛ وفي حديث زيد بن عمرو ابن نُفَيْلٍ:
مَهْما تُجَشِّمْني فإِنِّي جاشِمُ
أبو تراب: سمعت أبا مِحْجَنٍ وباهِليّاً تَجَشَّمْتُ الأمر
وتَجَسَّمْتُه إذا حملت نفسك عليه؛ وقال عمرو ابن جميل
(* قوله «وقال عمرو بن
جميل»كذا بالأصل والتهذيب، والذي تقدم في جسم: عمرو بن جبل):
تَجَشَّم القُرْقُورُ مَوْجَ الآذيّ
ابن السكيت: تَجَشَّمْتُ الأَمْرَ إذا ركبت أَجْسَمه، وتَجَشَّمْتُه إذا
تكلفته، وتَجَشَّمْتُ الأرضَ إذا أخذتَ نحوَها تريدها، وتَجَشَّمْت
الرملَ ركبت أَعْظَمَه. أَبو النضر: تَجَشَّمْتُ فلاناً من بين القوم أي
قَصَدْتُ قَصْدَه؛ وأَنشد:
وبَلَدٍ ناءٍ تَجَشَّمْنا به
على جَفاهُ، وعلى أنقابه
أبو بكر في قولهم: قد تَجَشَّمْتُ كذا وكذا أي فعلته على كُرْه ومشقة،
والجُشَمُ: الاسم من هذا الفعل؛ قال المرَّارُ:
يَمْشِينَ هَوْناً، وبعد الهَوْنِ مِنْ جُشَمٍ،
ومِنْ جَناءِ غَضِيضِ الطَّرْفِ مَسْتُورِ
(* قوله «ومن جناء غضيض» كذا بالأصل جناء بالألف، وفي شرح القاموس:
جنى).والجُشَمُ: الجَوْف، وقيل: الصدر وما اشتمل عليه من الضُّلوع. وجُشَمُ
البعيرِ: صَدْرُه وما غَشِي به القِرْنَ من صَدره وسائر خَلْقه. ويقال:
غَتَّه بجُشَمِه إذا أَلقى صدره عليه. ورمى عليه جَشَمَه وجُشمه أي
ثِقْلَه. والجَشِمُ: الغليظ
(* قوله «والجشم الغليظ إلخ» كذا بالأصل كالمحكم
مضبوطاً بوزن كتف، والذي في القاموس: وكأمير الغليظ اهـ. قال شارحه: والذي
في كتاب كراع ككتف)؛ عن كراع. ابن الأَعرابي: الجُشُمُ السِّمانُ من
الرجال؛ وقال أَبو عمرو: الجَشَمُ السِّمَنُ. ابن خالويه: الجُشْمُ دراهم
رديئة، وجمعها جُشُومٌ؛ قال جرير:
بَدَا ضَربُ الكِرامِ وضَرْبُ تَيْمٍ،
كضَرْبِ الدُّنْبُلِيَّة والجُشُوم
أَبو زيد: ما جَشِمْتُ اليوم ظِلْفاً
(* قوله «ما جشمت اليوم ظلفاً»
وقوله «ما جشمت اليوم طعاماً» ضبط في الأصل ونسخة من التهذيب بفتح الجيم
والشين ولم نجد هذه العبارة لغير التهذيب حتى نستأنس لهذا الضبط)؛ يقوله
القانِصُ إذا لم يَصِدْ ورجع خائباً. ويقال: ما جَشَمْتُ اليوم طعاماً أي ما
أَكلت؛ قال: ويقال ذلك عند خيبة كل طالب فيقال: ما جَشَمْتُ اليومَ
شيئاً. أَبو عبيد: تَجَشَّمْتُ فلاناً من بين القوم أي اخترته؛ وأَنشد:
تَجَشَّمْتُه من بَيْنِهِنَّ بمُرْهَفٍ،
له جالِبٌ، فوقَ الرِّصافِ، عَلِىلُ
وقد تقدم أكثر ذلك في جسم. ابن الأَعرابي: الجُشُمُ الطِّوالُ
الأَعْفارُ. والأَعْفارُ من قولك رجل عِفْرٌ: داهٍ خبيثٌ. أبو عمرو: الجَشْمُ
الهلاك.
وجُشَمُ بن بكر: حيٌّ من مُضَرَ. وجُشَمُ بن هَمْدانَ: حَيّ من اليمَن.
وبنو جَوْشَم: حَيّ من جُرْهُم دَرَجُوا. وجُشَمُ: حَيّ من الأنصار، وهو
جُشَمُ بن خَزْرَج؛ وقال الأَغْلَبُ العِجْليّ:
إنْ سَرَّكَ العزُّ فَجخْجِخْ بجُشَم
وجُشَمُ: في ثَقِيف، وهو جُشَمُ بن ثَقِيفٍ. وجُشَمُ: حَيٌّ من تَغْلِبَ
وهم الأَراقِمُ. التهذيب: وجُشَمُ حَيّ من تَغْلِب، وجُشَمُ في
هَوَازِنَ، وهو جُشَمُ بن مُعاوية بن بكر بن هَوازن.
خضر: الخُضْرَةُ من الأَلوان: لَوْنُ الأَخْضَرِ، يكون ذلك في الحيوان
والنبات وغيرهما مما يقبله، وحكاه ابن الأَعرابي في الماء أَيضاً، وقد
اخْضَرَّ، وهو أَخْضَرُ وخَضُورٌ وخَضِرٌ وخَضِيرٌ ويَخْضِيرٌ ويَخْضُورٌ؛
واليَخْضُورُ: الأَخْضَرُ؛ ومنه قول العجاج يصف كناس الوَحْشِ:
بالخُشْبِ، دونَ الهَدَبِ اليَخْضُورِ،
مَثْواةُ عَطَّارِينَ بالعُطُورِ
والخَضْرُ والمَخْضُورُ: اسمان للرَّخْصِ من الشجر إِذا قُطِعَ وخُضِرَ.
أَبو عبيد: الأَخْضَرُ من الخيل الدَّيْزَجُ في كلام العجم؛ قال: ومن
الخُضْرَةِ في أَلوان الخيل أَخْضَرُ أَحَمُّ، وهو أَدنى اللخُضْرَةِ إِلى
الدُّهْمَةِ وأَشَدُّ الخُضْرَةِ سَواداً غير أَنَّ أَقْرابَهُ وبطنه
وأُذنيه مُخْضَرَّةٌ؛ وأَنشد:
خَضْراء حَمَّاء كَلَوْنِ العَوْهَقِ
قال: وليس بين الأَخضر الأَحمّ وبين الأَحوى إِلاَّ خضرة منخريه
وشاكلته، لأَن الأَحوى تحمر مناخره وتصفر شاكلته صفرة مشاكلة للحمرة؛ قال: ومن
الخيل أَخضر أَدغم وأَخضر أَطحل وأَخضر أَورق. والحمامُ الوُرْقُ يقال
لها: الخُضْرُ.
واخْضَرَّ الشيء اخْضِراراً واخْضَوْضَرَ وخَضَّرْتُه أَنا، وكلُّ غَضٍّ
خَضِرٌ؛ وفي التنزيل: فأَخرجنا منه خَضِراً نُخْرِجُ منه حَبّاً
مُتَراكباً؛ قال: خَضِراً ههنا بمعنى أَخْضَر. يقال: اخْضَرَّ، فهو أَخْضَرُ
وخَضِرٌ، مثل اعْوَرَّ فهو أَعور وعَوِرٌ؛ وقال الأَخفش: يريد الأَخضر، كقول
العرب: أَرِنِيها نَمِرةً أُرِكْها مَطِرَةً؛ وقال الليث: الخَضِرُ ههنا
الزرع الأَخضر. وشَجَرَةٌ خَضْراءُْ: خَضِرَةٌ غضة. وأَرض خَضِرَةٌ
ويَخْضُورٌ: كثيرة الخُضْرَةِ. ابن الأَعرابي: الخُضَيْرَةُ تصغير
الخُضْرَةِ، وهي النَّعْمَةُ. وفي نوادر الأَعراب: ليست لفلان بخَضِرَةٍ أَي ليست
له بحشيشة رطبة يأْكلها سريعاً. وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أَنه كان
أَخْضَرَ الشَّمَط، كانت الشعرات التي شابت منه قد اخضرت بالطيب والدُّهْن
المُرَوَّح. وخَضِرَ الزرعُ خَضَراً: نَعِمَ؛ وأَخْضَرَهُ الرِّيُّ.
وأَرضٌ مَخْضَرَةٌ، على مثال مَبْقَلَة: ذات خُضْرَةٍ؛ وقرئ: فتُصْبِحُ
الأَرضُ مَخْضَرَةً. وفي حديث علي: أَنه خطب بالكوفة في آخر عمره فقال:
اللهم سلط عليهم فَتَى ثَقِيفٍ الذّيَّالَ المَيَّالَ يَلْبَسُ فَرْوَتَهَا
ويأْكل خَضِرَتَها، يعني غَضَّها وناعِمَها وهَنِيئَها. وفي حديث القبر:
يُملأُ عليه خَضِراً؛ أَي نِعَماً غَضَّةً. واخْتَضَرْتُ الكَلأَ إِذا
جَزَزْتَهُ وهو أَخْضَرُ؛ ومنه قيل للرجل إِذا مات شابّاً غَضّاً: قد
اخْتُضِرَ، لأَنه يؤخذ في وقت الحُسْنِ والإِشراق. وقوله تعالى: مُدْهامَّتَان؛
قالوا: خَضْراوَانِ لأَنهما تضربان إِلى السواد من شدّة الرِّيِّ، وسميت
قُرَى العراق سَواداً لكثرة شجرها ونخيلها وزرعها. وقولهم: أَباد اللهُ
خَضْراءَهُمْ أَي سوادَهم ومُعظَمَهُمْ، وأَنكره الأَصمعي وقال: إِنما
يقال: أَباد الله غَضْرَاءَهُمْ أَي خيرهم وغَضَارَتَهُمْ. واخْتُضِرَ
الشيءُ: أُخذ طريّاً غضّاً. وشابٌّ مُخْتَضَرٌ: مات فتيّاً. وفي بعض
الأَخبار: أَن شابّاً من العرب أَولِعَ بشيخ فكان كلما رآه قال: أَجْزَرْتَ يا
أَبا فلان فقال له الشيخ: أَي بُنَيَّ، وتُخْتَضَرُونَ أَي تُتَوَفَّوْنَ
شباباً؛ ومعنى أَجْزَزْتَ: أَنَى لك أَن تُجَزَّ فَتَمُوتَ، وأَصل ذلك
في النبات الغض يُرْعى ويُخْتَضَرُ ويُجَزُّ فيؤكل قبل تناهي طوله. ويقال:
اخْتَضَرْتُ الفاكهة إِذا أَكلتها قبل أَناها. واخْتَضَرَ البعيرَ:
أَخذه من الإِبل وهو صعب لم يُذَلَّل فَخَطَمَهُ وساقه. وماء أَخْضَرُ:
يَضْرِبُ إِلى الخُضْرَةِ من صَفائه.
وخُضارَةُ، بالضم: البحر، سمي بذلك لخضرة مائه، وهو معرفة لا يُجْرَى،
تقول: هذا خُضَارَةُ طامِياً. ابن السكيت: خُضارُ معرفة لا ينصرف، اسم
البحر. والخُضْرَةُ والخَضِرُ والخَضِيرُ: اسم للبقلة الخَضْراءِ؛ وعلى هذا
قول رؤبة:
إِذا شَكَوْنا سَنَةً حَسُوسَا،
نأْكُلُ بعد الخُضْرَةِ اليَبِيسَا
وقد قيل إِنه وضع الاسم ههنا موضع الصفة لأَن الخُضْرَةَ لا تؤكل، إِنما
يؤكل الجسم القابل لها.
والبقول يقال لها الخُضَارَةُ والخَضْرَاءُ، بالأَلف واللام؛ وقد ذكر
طرفة الخَضِرَ فقال:
كَبَنَاتِ المَخْرِ يَمْأَدْنَ، إِذا
أَنْبَتَ الصَّيْفُ عَسالِيجَ الخَضِرْ
وفي فصل الصيف تَنْبُتُ عَسالِيجُ الخَضِرِ من الجَنْبَةِ، لها خَضَرٌ
في الخريف إِذا برد الليل وتروّحت الدابة، وهي الرَّيَّحَةُ والخِلْفَةُ،
والعرب تقول للخَضِرِ من البقول: الخَضْراءُ؛ ومنه الحديث: تَجَنَّبُوا
من خَضْرائكم ذَواتِ الريح؛ يعني الثوم والبصل والكراث وما أَشبههما.
والخَضِرَةُ أَيضاً: الخَضْراءُ من النبات، والجمع خَضِرٌ. والأَخْضارُ: جمع
الخَضِرِ؛ حكاه أَبو حنيفة. ويقال للأَسود أَخْضَرُ. والخُضْرُ: قبيلة من
العرب، سموا بذلك لخُضْرَةِ أَلوانهم؛ وإِياهم عنى الشماخ بقوله:
وحَلاَّها عن ذي الأَراكَةِ عامِرٌ،
أَخُو الخُضْرِ يَرْمي حيثُ تُكْوَى النَّواحِزُ
والخُضْرَةُ في أَلوان الناس: السُّمْرَةُ؛ قال اللَّهَبِيُّ:
وأَنا الأَخْضَرُ، من يَعْرِفْني؟
أَخْضَرُ الجِلْدَةِ في بيتِ العَرَبْ
يقول: أَنا خالص لأَن أَلوان العرب السمرة؛ التهذيب: في هذا البيت
قولان: أَحدهما أَنه أَراد أَسود الجلدة؛ قال: قاله أَبو طالب النحوي، وقيل:
أَراد أَنه من خالص العرب وصميمهم لأَن الغالب على أَلوان العرب
الأُدْمَةُ؛ قال ابن بري: نسب الجوهري هذا البيت للهبي، وهو الفضل بن العباس بن
عُتْبَة بن أَبي لَهَبٍ، وأَراد بالخصرة سمرة لونه، وإِنما يريد بذلك خلوص
نسبه وأَنه عربي محض، لأَن العرب تصف أَلوانها بالسواد وتصف أَلوان العجم
بالحمرة. وفي الحديث: بُعثت إِلى الحُمرة والأَسود؛ وهذا المعنى بعينه
هو الذي أَراده مسكين الدارمي في قوله:
أَنا مِسْكِينٌ لمن يَعْرِفُني،
لَوْنِيَ السُّمْرَةُ أَلوانُ العَرَبْ
ومثله قول مَعْبَدِ بن أَخْضَرَ، وكان ينسب إِلى أَخْضَرَ، ولم يكن
أَباه بل كان زوج أُمه، وإِنما هو معبد
بن علقمة المازني:
سَأَحْمِي حِماءَ الأَخْضَرِيِّينَ، إِنَّهُ
أَبى الناسُ إِلا أَن يقولوا ابن أَخْضَرا
وهل لِيَ في الحُمْرِ الأَعاجِمِ نِسْبَةٌ،
فآنَفَ مما يَزْعُمُونَ وأُنْكِرا؟
وقد نحا هذا النحو أَبو نواس في هجائه الرقاشي وكونه دَعِيّاً:
قلتُ يوماً للرَّقاشِـ
ـيِّ، وقد سَبَّ الموالي:
ما الذي نَحَّاكَ عن أَصْـ
لِكَ من عَمٍّ وخالِ؟
قال لي: قد كنتُ مَوْلًى
زَمَناً ثم بَدَا لي
أَنا بالبَصْرَةِ مَوْلًى،
عَرَبِيٌّ بالجبالِ
أَنا حَقّاً أَدَّعِيهِمْ
بِسَوادِي وهُزالي
والخَصِيرَةُ من النخل: التي ينتثر بُسْرُها وهو أَخضر؛ ومنه حديث
اشتراط المشتري على البائع: أَنه ليس له مِخْضَارٌ؛ المِخضارُ: أَن ينتثر
البسر أَخْضَرَ. والخَضِيرَةُ من النساء: التي لا تكاد تُتِمُّ حَمْلاً حتى
تُسْقِطَه؛ قال:
تَزَوَّجْتَ مِصْلاخاً رَقُوباً خَضِيرَةً،
فَخُذْها على ذا النَّعْتِ، إِن شِئتَ، أَوْ دَعِ
والأُخَيْضِرُ: ذبابٌ أَخْضَرُ على قدر الذِّبَّان السُّودِ.
والخَضْراءُ من الكتائب نحو الجَأْواءِ، ويقال: كَتِيبَةٌ خَضْراءٌ للتي يعلوها
سواد الحديد. وفي حديث الفتح: مَرَّ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، في
كتيبته الخضراء؛ يقال: كتيبة خضراء إِذا غلب عليها لبس الحديد، شبه سواده
بالخُضْرَةِ، والعرب تطلق الخضرة على السواد. وفي حديث الحرث بن الحَكَمِ:
أَنه تزوج امرأَة فرآها خَضْراءَ فطلقها أَي سوداء. وفي حديث الفتح:
أُبيدَتْ خَضْراءُ قريش؛ أَي دهماؤهم وسوادُهم؛ ومنه الحديث الآخر:
فَأُبِيدَتْ خَضْراؤهُمْ. والخَضْراءُ: السماء لخُضْرَتِها؛ صفة غلبت غَلَبَةَ
الأَسماء. وفي الحديث: ما أَظَلَّتِ الخَضْراءُ ولا أَقَلَّتِ الغَبْراءُ
أَصْدَقَ لَهْجَةً من أَبي ذَرٍّ؛ الخَضْراءُ: السماء، والغبراء: الأَرض.
التهذيب: والعرب تجعل الحديد أَخضر والسماء خضراء؛ يقال: فلان أَخْضَرُ
القفا، يعنون أَنه ولدته سوداء. ويقولون للحائك: أَخْضَرُ البطن لأَن بطنه
يلزق بخشبته فَتُسَوِّدُه. ويقال للذي يأْكل البصل والكراث: أَخْضَرُ
النَّواجِذِ. وخُضْرُ غَسَّانَ وخُضْرُ مُحارِبٍ: يريدون سَوَادَ لَونهم.
وفي الحديث: من خُضِّرَ له في شيء فَلْيَلْزَمْه؛ أَي بورك له فيه ورزق
منه، وحقيقته أَن تجعل حالته خَضْرَاءَ؛ ومنه الحديث: إِذا أَراد الله بعبد
شرّاً أَخْضَرَ له في اللَّبِنِ والطين حتى يبني. والخَضْرَاءُ من
الحَمَامِ: الدَّواجِنُ، وإن اختلفت أَلوانها، لأَن أَكثر أَلوانها الخضرة.
التهذيب: والعرب تسمي الدواجن الخُضْرَ، وإِن اختلفت أَلوانها، خصوصاً بهذا
الاسم لغلبة الوُرْقَةِ عليها. التهذيب: ومن الحمام ما يكون أَخضر
مُصْمَتاً، ومنه ما يكون أَحمر مصمتاً، ومنه ما يكون أَبيض مصمتاً، وضُروبٌ من
ذلك كُلُّها مُصْمَتٌ إِلا أَن الهداية للخُضْرِ والنُّمْرِ، وسُودُها
دون الخُضْرِ في الهداية والمعرفة. وأَصلُ الخُضْرَةِ للرَّيْحان والبقول
ثم قالوا لليل أَخضر، وأَما بِيضُ الحمام فمثلها مثل الصِّقْلابيِّ الذي
هو فَطِيرٌ خامٌ لم تُنْضِجْهُ الأَرحام، والزَّنْجُ جازَتْ حَدَّ
الإِنضاج حتى فسدت عقولهم. وخَضْرَاءُ كل شيء: أَصلُه. واخْتَضَرَ الشيءَ: قطعه
من أَصله. واخْتَضَرَ أُذُنَهُ: قطعها من أَصلها. وقال ابن الأَعرابي:
اخْتَضَرَ أُذنه قطعها. ولم يقل من أَصلها.
الأَصمعي: أَبادَ اللهُ
(*
قوله: «الأَصمعي أَباد الله إلخ» هكذا بالأصل، وعبارة شرح القاموس: ومنه
قولهم أَباد الله خضراءهم أَي سوادهم ومعظمهم، وأنكره الأَصمعي وقال:
إنما يقال أَباد الله غضراءهم أَي خيرهم وغضارتهم. وقال الزمخشري: أَباد
الله خضراءهم أي شجرتهم التي منها تفرعوا، وجعله من المجاز، وقال الفراء أي
دنياهم، يريد قطع عنهم الحياة؛ وقال غيره أَذهب الله نعيمهم وخصبهم).
خَضْراءَهُم أَي خيرهم وغَضَارَتَهُمْ. وقال ابن سيده: أَباد الله
خَضْرَاءَهُم، قال: وأَنكرها الأَصمعي وقال إِنما هي غَضْراؤُهم. الأَصمعي: أَباد
الله خَضْراءَهم، بالخاء، أَي خِصْبَهُمْ وسَعَتَهُمْ؛ واحتج بقوله:
بِخالِصَةِ الأَرْدانِ خُضْرِ المَناكِبِ
أَراد به سَعَةَ ما هم فيه من الخِصْبِ؛ وقيل: معناه أَذهب الله نعيمهم
وخِصْبَهم؛ قال: ومنه قول عُتبة بن أَبي لَهَبٍ:
وأَنا الأَخضر، من يعرفني؟
أَخضر الجلدة في بيت العرب
قال: يريد باخضرار الجلدة الخصب والسعة. وقال ابن الأَعرابي: أَباد الله
خضراءهم أَي سوادهم ومعظمهم. والخُضْرَةُ عند العرب: سواد؛ قال القطامي:
يا ناقُ خُبِّي خَبَباً زِوَرَّا،
وقَلِّبي مَنْسِمَكِ المُغْبَرَّا،
وعارِضِي الليلَ إِذا ما اخْضَرَّا
أَراد أَنه إِذا ما أَظلم. الفراء: أَباد الله خضراءهم أَي دنياهم، يريد
قطع عنهم الحياة.
والخُضَّارَى: الرِّمْثُ إِذا طال نباته، وإِذا طال الثُّمامُ عن
الحُجَنِ سمي خَضِرَ الثُّمامِ ثم يكون خَضِراً شهراً. والخَضِرَةُ:
بُقَيْلَةٌ، والجمع خَضِرٌ؛ قال ابنُ مُقْبل:
يَعْتادُها فُرُجٌ مَلْبُونَةٌ خُنُفٌ،
يَنْفُخْنَ في بُرْعُمِ الحَوْذَانِ والخَضِرِ
والخَضِرَةُ: بقلة خضراء خشناء ورقها مثل ورق الدُّخْنِ وكذلك ثمرتها،
وترتفع ذراعاً، وهي تملأُ فم البعير. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم:
إِن أَخْوَفَ ما أَخاف عليكم بَعْدِي ما يَخْرُجُ لكم من زَهْرَةِ
الدنيا، وإِن مما يُنْبِتُ الربيعُ ما يَقْتُلُ حَبَطاً أَو يُلِمُّ إِلاَّ
آكِلَةَ الخَضِرِ، فإِنها أَكَلَتْ حتى إِذا امْتَدَّتْ خاصرتاها
اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشمس فَثَلَطَتْ وبالت ثم رَتَعَتْ، وإِنما هذا المالُ
خَضِرٌ حُلْوٌ، ونِعْمَ صاحبُ المُسْلِمِ هُوَ أَن أَعطى منه المسكين واليتيم
وابن السبيل؛ وتفسيره مذكور في موضعه، قال: والخَضِرُ في هذا الموضع
ضَرْبٌ من الجَنْبَةِ، واحدته خَضِرَةٌ، والجَنْبَةُ من الكلإِ: ما له أَصل
غامض في الأَرض مثل النَّصِيّ والصِّلِّيانِ، وليس الخَضِرُ من أَحْرَارِ
البُقُول التي تَهِيج في الصيف؛ قال ابن الأَثير: هذا حديث يحتاج إِلى
شرح أَلفاظه مجتمعة، فإِنه إِذا فرّق لا يكاد يفهم الغرض منه. الحبَط،
بالتحريك: الهلاك، يقال: حَبِطَ يَحْبَطُ حَبَطاً، وقد تقدم في الحاء؛
ويُلِمُّ: يَقْرُبُ ويدنو من الهلاك، والخَضِرُ، بكسر الضاد: نوع من البقول ليس
من أَحرارها وجَيِّدها؛ وثَلَطَ البعيرُ يَثْلِطُ إِذا أَلقى رجيعه
سهلاً رقيقاً؛ قال: ضرب في هذا الحديث مَثَلَيْنِ: أَحدهما للمُفْرِط في جمع
الدنيا والمنع من حقها، والآخر للمقصد في أَخذها والنفع بها، فقوله إِن
مما ينبت الربيع ما يقتل حبطاً أَو يلمُّ فإِنه مثل للمفرط الذي يأْخذ
الدنيا بغير حقها، وذلك لأَن الربيع ينبت أَحرار البقول فتستكثر الماشية منه
لاستطابتها إِياه حتى تنتفخ بطونها عند مجاوزتها حدّ الاحتمال، فتنشق
أَمعاؤها من ذلك فتهلك أَو تقارب الهلاك، وكذلك الذي يجمع الدنيا من غير
حلها ويمنعها مستحقها، قد تعرّض للهلاك في الآخرة بدخول النار، وفي الدنيا
بأَذى الناس له وحسدهم إِياه وغير ذلك من أَنواع الأَذى؛ وأَما قوله إِلا
آكلة الخضر فإِنه مثل للمقتصد وذلك أَن الخَضِرَ ليس من أَحرار البقول
وجيدها التي ينبتها الربيع بتوالي أَمطاره فَتَحْسُنُ وتَنْعُمُ، ولكنه من
البقول التي ترعاها المواشي بعد هَيْجِ البُقُول ويُبْسِها حيث لا تجد
سواها، وتسميها العربُ الجَنْبَةَ فلا ترى الماشية تكثر من أَكلها ولا
تَسْتَمْرِيها، فضرب آكلةَ الخَضِرِ من المواشي مثلاً لمن يقتصر في أَخذ
الدنيا وجمعها، ولا يحمله الحرص على أَخذها بغير حقها، فهو ينجو من وبالها
كما نجت آكلة الخضر، أَلا تراه قال: أَكَلَتْ حتى إِذا امْتَدَّتْ
خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت؟ أَراد أَنها إِذا شبعت منها بركت
مستقبلة عين الشمس تستمري بذلك ما أَكلت وتَجْتَرُّ وتَثْلِطُ، فإِذا ثَلَطَتْ
فقد زال عنها الحَبَطُ، وإِنما تَحْبَطُ الماشية لأَنها تمتلئ بطونها
ولا تَثْلِطُ ولا تبول تنتفخ أَجوافها فَيَعْرِضُ لها المَرَضُ
فَتَهْلِكُ، وأَراد بزهرة الدنيا حسنها وبهجتها، وببركات الأَرض نماءَها وما تخرج
من نباتها.
والخُضْرَةُ في شِيات الخيل: غُبْرَةٌ تخالط دُهْمَةً، وكذلك في الإِبل؛
يقال: فرس أَخْضَرُ، وهو الدَّيْزَجُ. والخُضَارِيُّ: طير خُضْرُ يقال
لها القارِيَّةُ، زعم أَبو عبيد أَن العرب تحبها، يشبهون الرجل السَّخِيَّ
بها؛ وحكي ابن سيده عن صاحب العين أَنهم يتشاءمون بها. والخُضَّارُ:
طائر معروف، والخُضَارِيُّ: طائر يسمى الأَخْيَلَ يتشاءم به إِذا سقط على
ظهر بعير، وهو أَخضر، في حَنَكِه حُمْرَةٌ، وهو أَعظم من القَطا.
وَوَادٍ خُضَارٌ: كثير الشجر. وقول النبي، صلى الله عليه وسلم: إِياكم
وخَضْرَاءَ الدِّمَنِ، قيل: وما ذاك يا رسولُ الله؟ فقال: المرأَة الحسناء
في مَنْبِتِ السَّوْءِ؛ شبهها بالشجرة الناضرة في دِمْنَةِ البَعَرِ،
وأَكلُها داءٌ، وكل ما ينبت في الدِّمْنَةِ وإِن كان ناضراً، لا يكون
ثامراً؛ قال أَبو عبيد: أَراد فساد النسب إِذا خيف أَن تكون لغير رِشْدَةٍ،
وأَصلُ الدِّمَنِ ما تُدَمِّنُهُ الإِبل والغنم من أَبعارها وأَبوالها،
فربما نبت فيها النبات الحَسَنُ الناضر وأَصله في دِمْنَةٍ قَذِرَةٍ؛ يقول
النبي، صلى الله عليه وسلم: فَمَنْظَرُها حَسَنٌ أَنِيقٌ ومَنْبِتُها
فاسدٌ؛ قال زُفَرُ بنُ الحرث:
وقد يَنْبُتُ المَرْعَى على دِمَنِ الثَّرى،
وتَبْقَى حَزَازاتُ النُّفُوس كما هِيا
ضربه مثلاً للذي تظهر مودته، وقلبه نَغِلٌ بالعداوة، وضَرَبَ الشجرةَ
التي تَنْبُتُ في المزبلة فتجيء خَضِرَةً ناضرةً، ومَنْبِتُها خبيث قذر،
مثلاَ للمرأَة الجميلة الوجه اللئيمة المَنْصِب.
والخُضَّارَى، بتشديد الضاد: نبت، كما يقولون شُقَّارَى لنَبْتٍ
وخُبَّازَى وكذلك الحُوَّارَى. الأَصمعي: زُبَّادَى نَبْتٌ، فَشَدَّدَهُ
الأَزهري، ويقال زُبَّادٌ أَيضاً.
وبَيْعُ المُخاضَرَةِ المَنْهِيِّ عنها: بيعُ الثِّمارِ وهي خُضْرٌ لم
يَبْدُ صلاحُها، سمي ذلك مُخاضَرَةً لأَن المتبايعين تبايعاً شيئاً
أَخْضَرَ بينهما، مأْخوذٌ من الخُضْرَةِ. والمخاضرةُ: بيعُ الثمار قبل أَن يبدو
صلاحها، وهي خُضْرٌ بَعْدُ، ونهى عنه، ويدخل فيه بيع الرِّطابِ
والبُقُولِ وأَشباهها ولهذا كره بعضهم بيع الرِّطاب أَكثَرَ من جَزِّه وأَخْذِهِ.
ويقال للزرع: الخُضَّارَى، بتشديد الضاد، مثل الشُّقارَى. والمخاضرة:
أَن يبيع الثِّمَارَ خُضْراً قبل بُدُوِّ صلاحها.
والخَضَارَةُ، بالفتح: اللَّبَنُ أُكْثِرَ ماؤُه؛ أَبو زيد: الخَضَارُ
من اللبن مثل السَّمَارِ الذي مُذِقَ بماء كثير حتى اخْضَرَّ، كما قال
الراجز:
جاؤوا بِضَيْحٍ، هل رأَيتَ الذِّئْبَ قَطْ؟
أَراد اللبن أَنه أَورق كلون الذئب لكثرة ماله حتى غَلَبَ بياضَ لون
اللبن.
ويقال: رَمَى اللهُ في عين فلان بالأَخْضَرِ، وهو داء يأْخذ العين. وذهب
دَمُهُ خِضْراً مِضْراً، وذهب دَمُهُ بِطْراً أَي ذهب دمه باطلاً
هَدَراً، وهو لك خَضِراً مَضِراً أَي هنيئاً مريئاً، وخَضْراً لك ومَضْراً أَي
سقياً لك ورَعْياً؛ وقيل: الخِضْرُ الغَضُّ والمِضْرُ إِتباع. والدنيا
خَضِرَةٌ مَضِرَة أَي ناعمة غَضةٌ طرية طيبة، وقيل: مُونِقَة مُعْجِبَةٌ.
وفي الحديث: إِن الدنيا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ مَضِرَةٌ فمن أَخذها بحقها بورك
له فيها؛ ومنه حديث ابن عمر: اغْزُوا والغَزْوُ حُلْوٌ خَضِرٌ أَي طريُّ
محبوبٌ لما ينزل الله من النصر ويسهل من الغنائم.
والخَضَارُ: اللبن الذي ثلثاه ماء وثلثه لبن، يكون ذلك من جميع اللبن
حَقِينِهِ وحليبه، ومن حميع المواشي، سمي بذلك لأَنه يضرب إِلى الخضرة،
وقيل: الخَضَارُ جمع، واحدته خَضَارَةٌ، والخَضَارُ: البَقْلُ الأَول، وقد
سَمَّتْ أَخْضَرَ وخُضَيْراً.
والخَضِرُ: نَبيُّ مُعَمَّرٌ محجوب عن الأَبصار. ابن عباس: الخَضِرُ
نبيّ من بني إِسرائيل، وهو صاحب موسى، صلوات الله على نبينا وعليه، الذي
التقى معه بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ. ابن الأَنباري: الخَضِرُ عبد صالح من
عباد الله تعالى. أَهَلُ العربية: الخَضِرُ، بفتح الخاء وكسر الضاد؛ وروي
عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: جلس على فَرْوَةٍ بيضاء فإِذا هي
تهتز خضراء، وقيل: سمي بذلك لأَنه كان إِذا جلس في موضع قام وتحته روضة
تهتز؛ وعن مجاهد: كان إِذا صلى في موضع اخضرّ ما حوله، وقيل: ما تحته،
وقيل: سمي خضراً لحسنه وإِشراق وجهه تشبيهاً بالنبات الأَخضر الغض؛ قال:
ويجوز في العربية الخِضْر، كما يقال كَبِدٌ وكِبْدٌ، قال الجوهري: وهو
أَفصح.
وقيل في الخبر: من خُضِّرَ له في شيء فليلزمه؛ معناه من بورك له في
صناعة أَو حرفة أَو تجارة فليلزمها. ويقال للدَّلْوِ إِذا اسْتُقِيَ بها
زماناً طويلاً حتى اخْضَرَّتْ: خَضْراءُ؛ قال الراجز:
تمطَّى مِلاَطاه بخَضْراءَ فَرِي،
وإِن تَأَبَّاهُ تَلَقَّى الأَصْبَحِي
والعرب تقول: الأَمْرُ بيننا أَخْضَرُ أَي جديد لم تَخْلَقِ المَوَدَّةُ
بيننا، وقال ذو الرمة:
قد أَعْسَفَ النَّازِحُ المَجْهُولُ مَعْسَفُهُ،
في ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هامَهُ البُومُ
والخُضْرِيَّةُ: نوع من التمر أَخضر كأَنه زجاجة يستظرف للونه؛ حكاه
أَبو حنيفة. التهذيب: الخُضْرِيَّةُ نخلة طيبة التمر خضراء؛ وأَنشد:
إِذا حَمَلَتْ خُضْريَّةٌ فَوْقَ طابَةٍ،
ولِلشُّهْبِ قَصْلٌ عِنْدَها والبَهازِرِ
قال الفراء: وسمعت العرب تقول لسَعَفِ النخل وجريده الأَخْضَرِ:
الخَضَرُ؛ وأَنشد:
(* قوله: «وأَنشد إلخ» هو لسعد بن زيد مناة، يخاطب أَخاه
مالكاً كما في الصحاح).
تَظَلُّ يومَ وِرْدِها مُزَعْفَرَا،
وهي خَنَاطِيلُ تَجُوسُ الخَضَرَا
ويقال: خَضَرَ الرجلُ خَضَرَ النخلِ بِمِخْلَبِهِ يَخْضُرُه خَضْراً
واخْتَضَرِهُ يَخْتَضِرُه إِذا قطعه. ويقال: اخْتَضَرَ فلانٌ الجاريةَ
وابْتَسَرها وابْتَكَرَها وذلك إِذا اقْتَضَّها قبل بلوغها.
وقوله، صلى الله عليه وسلم: ليس في الخَضْرَاواتِ صدقة؛ يعني به الفاكهة
الرَّطْبَةَ والبقول، وقياس ما كان على هذا الوزن من الصفات أَن لا يجمع
هذا الجمع، وإِنما يجمع به ما كان اسماً لا صفة، نحو صَحْراء
وخْنْفُسَاءَ، وإِنما جمعه هذا الجمع لأَنه قد صار اسماً لهذه البقول لا صفة، تقول
العرب لهذه البقول: الخَضْراء، لا تريد لونها؛ وقال ابن سيده: جمعه جمع
الأَسماء كَوَرْقَاءَ ووَرْقاواتٍ وبَطْحاءَ وبَطْحاوَاتٍ، لأَنها صفة
غالبة غلبت غلبةَ الأَسماء. وفي الحديث: أُتَي بِقْدر فيه خَضِرَاتٌ؛ بكسر
الضاد، أَي بُقُول، واحدها خَضِر.
والإِخْضِيرُ: مسجد من مساجد رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، بين
المدينة وتَبُوك. وأَخْضَرُ، بفتح الهمزة والضاد المعجمة: منزلٌ قرِيب من
تَبُوكَ نزله رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، عند مسيره إِليها.
عزم: العَزْمُ: الجِدُّ. عَزَمَ على الأَمر يَعْزِمُ عَزْماً ومَعْزَماً
ومَعْزِماً وعُزْماً
وعَزِيماً وعَزِيمةً وعَزْمَةً واعْتَزَمَه واعْتَزمَ عليه: أَراد
فِعْلَه. وقال الليث: العَزْمُ ما عَقَد عليه قَلْبُك من أَمْرٍ أَنَّكَ
فاعِلُه؛ وقول الكميت:
يَرْمي بها فَيُصِيبُ النَّبْلُ حاجَته
طَوْراً، ويُخْطِئُ أَحْياناً فيَعْتَزِمُ
قال: يَعودُ في الرَّمْي فَيَعْتَزِمُ
على الصواب فيَحْتَشِدُ فيه، وإِن شئت قلت يَعْتزِمُ على الخطإِ
فَيَلِجُ فيه إن كان هَجاهُ. وتَعَزَّم: كعَزَم؛ قال أَبو صخر الهذلي:
فأَعْرَضنَ، لَمَّا شِبْتُ، عَني تَعَزُّماً،
وهَلْ لِيَ ذَنْبٌ في اللَّيالي الذُّواهِبِ؟
قال ابن بري: ويقال عَزَمْتُ على الأَمر وعَزَمْتُه؛ قال الأَسْود بن
عُمارة النَّوْفَليُّ.
خَلِيلَيَّ منْ سُعْدَى، أَلِمّاً فسَلِّمَا
على مَرْيَمٍ، لا يُبْعِدُ اللهُ مَرْيَمَا
وقُولا لها: هذا الفراقُ عَزَمْتِه
فهلْ مَوْعِدٌ قَبْل الفِراقِ فيُعْلَما؟
وفي الحديث: قال لأَبي بَكْرٍ مَتى تُوتِرُ؟ فقال: أَوَّلَ الليلِ، وقال
لِعُمَر: متى تُوتِرُ؟ قال: مِن آخرِ
الليلِ، فقال لأَبي بَكرٍ: أَخَذْتَ بالحَزْم، وقال لِعُمَر: أَخَذْتَ
بالعَزْمِ؛ أَراد أَن أَبا بكرٍ حَذِرَ فَوات الوِتْرِ بالنَّوْم فاحْتاطَ
وقدَّمَه، وأَن عُمَر وَثِقَ بالقوّةِ على قيام الليل فأَخَّرَه، ولا
خَيرَ في عَزْمٍ بغير حَزْمٍ، فإِن القُوَّة إِذا لم يكن معها حَذَرٌ
أَوْرَطَتْ صاحبَها. وعَزَمَ الأَمرُ: عُزِمَ عليه. وفي التنزيل: فإِذا عَزَمَ
الأَمرُ؛ وقد يكون أَراد عَزَمَ أَرْبابُ الأَمْرِ؛ قال الأَزهري: هو
فاعل معناه المفعول، وإنما يُعْزَمُ الأَمرُ ولا يَعْزِم، والعَزْمُ
للإنسان لا لِلأمرَِ، وهذا كقولهم هَلكَ الرجلُ، وإنما أُهْلِك. وقال الزجاج في
قوله فإذا عَزَمَ الأَمرُ: فإذا جَدَّ الأَمرُ ولَزِمَ فَرْضُ القتال،
قال: هذا معناه، والعرب تقول عَزَمْتُ الأمرَ وعَزَمْتُ عليه؛ قال الله
تعالى: وإن عَزَموا الطَّلاقَ فإن الله سميع عليم. وتقول: ما لِفلان
عَزِيمةٌ أي لا يَثْبُت على أمرٍ يَعْزِم عليه. وفي الحديث: أنه، صلى الله عليه
وسلم، قال: خَيرُ الأُمُورِ عَوازِمُها أي فَرائِضُها التي عَزَمَ اللهُ
عليك بِفِعْلِها، والمعنى ذواتُ عَزْمِها التي فيه عَزْمٌ، وقيل: معناه
خيرُ الأُمورِ ما وَكَّدْتَ رَأْيَك وعَزْمَك ونِيَّتَك عليه وَوَفَيْتَ
بعهد الله فيه. وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: إن الله يُحِبُّ أن
تُؤتَى رُخَصُه كما يُحِبُّ أن تُؤتَى عَزائِمُه؛ قال أبو منصور:
عَزائِمُه فَرائِضُه التي أَوْجَبَها الله وأَمَرنا بها. والعَزْمِيُّ من الرجال:
المُوفي بالعهد. وفي حديث الزكاة: عَزْمةٌ مِنْ عَزَماتِ اللهِ أي حَقٌّ
مِنْ حُقوقِ الله وواجبٌ مِنْ واجباته. قال ابن شميل في قوله تعالى:
كُونوا قِرَدَةً؛ هذا أَمرٌ عَزْمٌ، وفي قوله تعالى: كُونوا رَبَّانِيِّينَ؛
هذا فرْضٌ وحُكْمٌ. وفي حديث أُمّ سَلَمة: فَعزَمَ اللهُ لي أي خَلَقَ
لي قُوَّةٌ وصبْراً. وعَزَم عليه ليَفْعَلنَّ: أَقسَمَ. وعَزَمْتُ عليكَ
أي أَمَرْتُك أمراً جِدّاً، وهي العَزْمَةُ. وفي حديث عُمر: اشْتدَّتِ
العزائمُ؛ يريد عَزَماتِ الأُمراء على الناس في الغَزْو إلى الأقطار البعيدة
وأَخْذَهُم بها. والعزائمُ: الرُّقَى. وعَزَمَ الرَّاقي: كأَنه أَقْسَمَ
على الدَّاء. وعَزَمَ الحَوَّاءُ إذا اسْتَخْرَجَ الحيّة كأَنه يُقْسِم
عليها. وعزائمُ السُّجودِ: ما عُزِمَ على قارئ آيات السجود أن يَسْجُدَ
لله فيها. وفي حديث سجود القرآن: ليستْ سَجْدَةُ صادٍ من عزائِمِ
السُّجودِ. وعزائمُ القُرآنِ: الآياتُ التي تُقْرأُ على ذوي الآفاتِ لما يُرْجى
من البُرْءِ بها. والعَزِيمةُ مِنَ الرُّقَى: التي يُعزَمُ بها على
الجِنّ والأَرواحِ. وأُولُو العَزْمِ من الرُّسُلِ: الذينَ عَزَمُوا على أَمرِ
الله فيما عَهِدَ إليهم، وجاء في التفسير: أن أُولي العَزْمِ نُوحٌ
(*
قوله «نوح إلخ» قد اسقط المؤلف من عددهم على هذا القول سيدنا عيسى عليه
الصلاة والسلام كما في شرح القاموس) وإبراهيمُ وموسى، عليهم السلام،
ومحمّدٌ، صلى الله عليه وسلم، مِنْ أُولي العَزْم أَيضاً. وفي التنزيل:
فاصْبِرْ كما صَبَرَ أُولو العَزْمِ، وفي الحديث: ليَعْزِم المَسأَلة أي يَجِدَّ
فيها ويَقْطَعها. والعَزْمُ: الصَّبْرُ. وقوله تعالى في قصة آدمَ:
فنَسِيَ ولم نَجدْ له عَزْماً؛ قيل: العَزْمُ والعَزِيمةُ هنا الصَّبرُ أي لم
نَجِدْ له صَبْراً، وقيل: لم نَجِدْ له صَرِيمةً ولا حَزْماً فيما
فَعَلَ، والصَّرِيمةُ والعَزِيمةُ واحدةٌ، وهي الحاجة التي قد عَزَمْتَ على
فِعْلِها. يقال: طَوَى فلانٌ فُؤادَه على عَزِيمةِ أمرٍ إذا أَسرَّها في
فُؤادِه، والعربُ تقولُ: ما لَه مَعْزِمٌ ولا مَعْزَمٌ ولا عَزِيمةٌ ولا
عَزْمٌ ولا عُزْمانٌ، وقيل في قوله لم نَجِدْ له عَزْماً أي رَأْياً
مَعْزوماً عليه، والعَزِيمُ والعزيمةُ واحدٌ. يقال: إنَّ رأْيَه لَذُو عَزِيمٍ.
والعَزْمُ: الصَّبْرُ في لغة هذيل، يقولون: ما لي عنك عَزْمٌ أي صَبْرٌ.
وفي حديث سَعْدٍ: فلما أصابَنا البَلاءُ اعْتَزَمْنا لذلك أي
احْتَمَلْــناه وصبَرْنا عليه، وهو افْتَعَلْنا من العَزْم. والعَزِيمُ: العَدْوُ
الشديد؛ قال ربيعة بن مَقْرُومٍ الضَّبّيُّ:
لولا أُكَفْكِفُه لكادَ، إذا جَرى
منه العَزِيمُ، يَدُّقُّ فَأْسَ المِسْحَلِ
والاعْتِزامُ: لزُومُ القَصدِ في الحُضْر والمَشْي وغيرهما؛ قال رؤبة:
إذا اعْتَزَمْنَ الرَّهْوَ في انْتِهاضِ
والفَرسُ إذا وُصِفَ بالاعْتِزامِ فمعناه تَجْلِيحُه في حُضْرِه غير
مُجِيبٍ لراكبِه إذا كَبَحَه؛ ومنه قول رؤبة:
مُعْتَزِم التَّجْلِيحِ مَلاَّخ المَلَق
واعْتَزَمَ الفَرَسُ في الجَرْيِ: مَرَّ فيه جامِحاً. واعْتَزَمَ الرجلُ
الطريقَ يَعْتَزِمُه: مَضَى فيه ولم يَنْثَنِ؛ قال حُمَيْدٌ الأَرْقَطُ:
مُعْتَزِماً للطُّرُقِ النَّواشِطِ
والنَّظَرِ الباسِطِ بَعْدَ الباسِطِ
وأُمُّ العِزْم وأُمُّ عِزْمَةَ وعِزْمةُ: الاسْتُ. وقال الأَشْعَث
لعَمْرو بن مَعْديكربَ: أمَا واللهِ لئِن دَنَوْتَ لأُضْرِطَنَّكَ قال:
كلاَّ، والله إنها لَعَزُومٌ مُفَزَّعَةٌ؛ أراد بالعَزُومِ اسْته أي صَبُورٌ
مُجِدّةٌ صحيحةُ العَقْدِ، يريد أَنها ذاتُ عَزْمٍ وصرامةٍ وحَزْمٍ
وقُوَّةٍ، ولَيْسَتْ بِواهِيةٍ فتَضْرطَ، وإنما أراد نَفْسَه، وقوله
مُفَزَّعَةٌ بها تَنْزِل الأَفزاعُ فتجْلِيها. ويقال: كَذَبَتْه أُمُّ
عِزْمَة.والعَزُومُ والعَوْزَمُ والعَوْزَمَةُ: الناقةُ المُسِنَّةُ وفيها
بَقِيَّةُ شَبابٍ؛ أَنشد ابن الأعرابي للمَرَّارِ الأَسَدِيِّ:
فأَمَّا كلُّ عَوْزَمةٍ وبَكرٍ،
فمِمَّا يََسْتَعِينُ به السَّبِيلُ
وقيل: ناقة عَوْزَمٌ أَكِلَتْ أَسْنانُها من الكِبَر، وقيل: هي
الهَرِمَةُ الدِّلْقِمُ. وفي حديث أَنجَشةَ: قال له رُوَيْدَكَ سَوْقاً
بالعَوازِمِ؛ العَوازِمُ: جمعُ عَوْزَمٍ وهي الناقةُ المُسِنَّة وفيها بَقِيَّةٌ،
كَنَى بها عن النِّساء كما كَنَى عنهنّ بالقوارير، ويجوز أن يكون أَرادَ
النُّوق نفسَها لضَعفها. والعَوْزَم: العجوز؛ وأَنشد الفراء:
لقدْ غَدَوْتُ خَلَقَ الأثوابِ،
أحمِلُ عِدْلَينِ من التُّرابِ
لعَوْزَمٍ وصِبْيةٍ سِغابِ،
فآكِلٌ ولاحِسٌ وآبِي
والعُزُمُ: العجائز، واحدتهنّ عَزُومٌ. والعَزْمِيُّ: بَيّاع الثَّجير.
والعُزُمُ: ثَجِير الزَّبيب، واحدها عَزْمٌ. وعُزْمةُ الرجل: أُسرَتُه
وقبيلته، وجماعتها العُزَمُ. والعَزَمة: المصحِّحون للموَدَّة.
مأن: المَأْنُ والمَأْنةُ: الطِّفْطِفَةُ، والجمع مأْناتٌ ومُؤُونٌ
أَيضاً، على فُعُول، مثل بَدْرَة وبُدُور على غير قياس؛ وأَنشد أَبو
زيد:
إذا ما كنتِ مُهْدِيةً، فأَهْدِي
من المَأْناتِ أَو قِطَع السَّنامِ
وقيل: هي شَحْمة لازقة بالصِّفاق من باطنه مُطِيفتُه كلَّه، وقيل: هي
السُّرَّة وما حولها، وقيل: هي لحمة تحت السُّرَّة إلى العانة، وقيل:
المأْنة من الفرس السُّرَّة وما حولها، ومن البقر الطِّفْطِفة. والمأْنَةُ:
شَحْمةُ قَصِّ الصدر، وقيل: هي باطنُ الكِرْكِرة، قال سيبويه: المأنةُ تحت
الكِرْكِرة، كذا قال تحت الكِرْكِرة ولم يقل ما تحت، والجمع مَأْناتٌ
ومُؤُونٌ؛ وأَنشد:
يُشَبَّهْنَ السَّفِينَ، وهُنَّ بُخْتٌ
عِراضاتُ الأَباهِرِ والمُؤُونِ
ومَأَنه يَمْأَنُه مَأْناً: أَصابَ مأْنَتَه، وهو ما بين سُرَّته وعانته
وشُرْسُوفه. وقيل: مَأْنة الصدر لحمةٌ
سمينةٌ أَسفلَ الصَّدْرِ كأَنها لحمةٌ
فَضْلٌ، قال: وكذلك مَأْنةُ الطِّفْطِفة. وجاءه أَمرٌ
ما مأَنَ له أَي لم يشعر به. وما مأَنَ مأْنَه؛ عن ابن الأَعرابي، أَي
ما شعرَ به. وأَتاني أمرٌ
ما مأَنْتُ مأْنه وما مأَلْتُ مأْلَه ولا شأَنْتُ شأْنه أَي ما
تهيَّأْتُ له؛ عن يعقوب، وزعم أَن اللام مبدلة من النون. قال اللحياني: أَتاني
ذلك وما مأنْتُ مأنه أَي ما علِمْتُ عِلْمَه، وقال بعضهم: ما انتبهت له ولا
شعرْتُ به ولا تهَيَّأتُ له ولا أَخذْتُ أُهْبته ولا احتَفلْتُ به؛
ويقال من ذلك: ولا هُؤْتُ هَوْأَهُ ولا رَبَأْتُ رَبْأَه. ويقال: هو
يَمْأَنُه أَي يَعْلمه. الفراء: أَتاني وما مأَنْتُ مأْنه أَي لم أَكترِثُ له،
وقيل: من غير أَن تَهيَّأْتُ له ولا أَعدَدْتُ ولا عَمِلْتُ فيه؛ وقال
أَعرابي من سُلَيْم: أَي ما علمت بذلك. والتَّمْئِنَةُ: الإعلام.
والمَئِنَّةُ: العَلامة. قال ابن بري: قال الأَزهري الميم في مئِنَّة زائدة لأَن
وزنها مَفْعِلة، وأَما الميم في تَمْئِنة فأَصْل لأَنها من مأَنْتُ أَي
تهيأْت، فعلى هذا تكون التَّمئنة التَّهيئة. وقال أَبو زيد: هذا أَمر مأَنْتُ
له أَي لم أَشعُرْ به. أَبو سعيد: امْأَنْ مأْنَك أَي اعمَلْ ما
تُحْسِنُ. ويقال: أَنا أَمأَنُه أَي أُحْسنه، وكذلك اشْأَنْ شأْنَك؛
وأَنشد:إذا ما عَلِمتُ الأَمر أَقرَرْتُ عِلْمَه،
ولا أَدَّعي ما لستُ أَمْأَنُه جَهْلا
كفى بامرئٍ يوماً يقول بعِلْمِه،
ويسكت عما ليس يََعْلَمُه، فَضْلا
الأَصمعي: ما أَنْتُ في هذا الأَمر على وزن ماعَنْت أَي رَوَّأْتُ.
والمَؤُونة: القُوتُ. مأَنَ القومَ ومانهم: قام عليهم؛ وقول الهذَليَّ:
رُوَيدَ عِليّاً جُدَّ ما ثَدْيُ أُمِّهِمْ
إلينا، ولكنْ وُدُّهم مُتَمائنُ
معناه قديم، وهو من قولهم: جاءني الأَمر وما مأَنْتُ فيه مأْنةً أَي ما
طلبته ولا أَطلتُ التعبَ فيه، والتقاؤهما إذاً في معنى الطُّول والبُعد،
وهذا معنى القِدَم، وقد روي مُتَمايِن، بغير همز، فهو حينئذ من المَيْن،
وهو الكذب، ويروى مُتَيامِنٌ
أَي مائل إلى اليمن. الفراء: أَتاني وما مأَنْتُ مأْنَه أَي من غير أَن
تهيَّأْتُ ولا أَعدَدْتُ ولا عَمِلْتُ فيه، ونحو ذلك قال أَبو منصور،
وهذا يدل على أَن المؤُونة في الأَصل مهموزة، وقيل: المَؤُونة فَعُولة من
مُنْتُه أَمُونُه موْناً، وهمزةُ مَؤُونة لانضمام واوها، قال: وهذا حسن.
وقال الليث: المائِنة اسمُ ما يُمَوَّنُ أَي يُتكَلَّفُ من المَؤُونة.
الجوهري: المَؤونة تهمز ولا تهمز، وهي فَعُولة؛ وقال الفراء: هي مَفعُلة من
الأَيْن وهو التعب والشِّدَّة. ويقال: هو مَفعُلةٌ من الأَوْن وهو
الخُرْجُ والعِدْلُ لأَنه ثِقْلٌ على الإنسان؛ قال الخليل: ولو كان مَفعُلة لكان
مَئِينةً مثل معِيشة، قال: وعند الأَخفش يجوز أَن تكون مَفعُلة.
ومأَنْتُ القومَ أَمأَنُهم مأْناً إذا احتملــت مَؤُونتَهم، ومن ترك الهمز قال
مُنْتُهم أَمُونهم. قال ابن بري: إن جَعلْتَ المَؤُونة من مانَهم يَمُونهم
لم تهمز، وإن جعلتها من مأَنْتُ همزتها؛ قال: والذي نقله الجوهري من مذهب
الفراء أَن مَؤُونة من الأَيْن، وهو التعب والشِّدَّة، صحيح إلا أَنه
أَسقط تمام الكلام، وتمامه والمعنى أَنه عظيم التعب في الإنفاق على من
يَعُول، وقوله: ويقال هو مَفعُلة من الأَوْنِ، وهو الخُرْج والعِدْل، هو قول
المازني إلا أَنه غيَّر بعضَ الكلام، فأَما الذي غيَّره فهو قوله: إن
الأَوْنَ الخُرْجُ وليس هو الخُرْجَ، وإِنما قال والأَوْنانِ جانبا الخُرْجِ،
وهو الصحيح، لأَن أَوْنَ الخرج جانبه وليس إِياه، وكذا ذكره الجوهري
أَيضاً في فصل أَون، وقال المازني: لأَنها ثِقْل على الإِنسان يعني
المؤُونة، فغيَّره الجوهري فقال: لأَنه، فذكَّر الضمير وأَعاده على الخُرْج،
وأَما الذي أَسقطه فهو قوله بعده: ويقال للأَتان إِذا أَقْرَبَتْ وعَظُمَ
بطنُها: قد أَوَّنتْ، وإِذا أَكل الإِنسانُ وامتلأَ بطنُه وانتفخت خاصِرَتاه
قيل: أَوَّنَ تأْوِيناً؛ قال رؤبة:
سِرّاً وقد أَوَّنَ تأْوِينَ العُقُقْ
انقضى كلام المازني. قال ابن بري: وأَما قول الجوهري قال الخليل لو كان
مَفْعُلة لكان مَئينةً، قال: صوابه أَن يقول لو كان مَفْعُلة من الأَيْن
دون الأَوْن، لأَن قياسها من الأَيْنِ مَئينة ومن الأَوْن مَؤُونة، وعلى
قياس مذهب الأَخفش أَنَّ مَفْعُلة من الأَيْنِ مَؤُونة، خلاف قول الخليل،
وأَصلها على مذهب الأَخفش مأْيُنَة، فنقلت حركة الياء إِلى الهمزة فصارت
مَؤويْنَة، فانقلبت الياء واواً لسكونها وانضمام ما قبلها، قال: وهذا
مذهب الأَخفش.
وإِنه لَمَئِنَّة من كذا أَي خَلِيقٌ. ومأَنْتُ فلاناً تَمْئِنَة
(*
قوله «ومأنت فلاناً تمئنة» كذا بضبط الأصل مأنت بالتخفيف ومثله ضبط في نسخة
من الصحاح بشكل القلم، وعليه فتمئنة مصدر جارٍ على غير فعله). أَي
أَعْلَمته؛ وأَنشد الأَصمعي للمَرَّار الفَقْعسيّ:
فتهامَسُوا شيئاً، فقالوا عرّسُوا
من غيرِ تَمْئِنَةٍ لغير مُعَرَّسِ
أَي من غير تعريف، ولا هو في موضع التَّعْريسِ؛ قال ابن بري: الذي في
شعر المَرَّار فتَناءَمُوا أَي تكلموا من النَّئِيم، وهو الصوت؛ قال: وكذا
رواه ابن حبيب وفسر ابنُ حبيب التَّمْئِنة بالطُّمَأْنينة؛ يقول: عَرّسوا
بغير موضع طُمَأْنينة، وقيل: يجوز أَن يكون مَفْعِلة من المَئِنَّة التي
هي الموضع المَخْلَقُ للنزول أَي في غير موضع تَعْريسٍ ولا علامة تدلهم
عليه. وقال ابن الأَعرابي: تَمْئِنة تَهْيِئة ولا فِكْر ولا نظر؛ وقال
ابن الأَعرابي: هو تَفْعِلة من المَؤُونة التي هي القُوتُ، وعلى ذلك استشهد
بالقوت؛ وقد ذكرنا أَنه مَفْعِلة، فهو على هذا ثنائي. والمَئنَّةُ:
العلامة. وفي حديث ابن مسعود: إِنَّ طولَ الصلاة وقِصَرَ الخُطْبة مَئِنَّة
من فِقه الرجل أَي أَن ذلك مما يعرف به فِقْه الرجل. قال ابن الأَثير:
وكلُّ شيء دَلَّ على شيء فهو مَئِنَّة له كالمَخْلَقة والمَجْدرة؛ قال ابن
الأَثير: وحقيقتها أَنها مَفْعِلة من معنى إِنَّ التي للتحقيق والتأْكيد
غير مشتقة من لفظها، لأَن الحروف لا يشتق منها، وإِنما ضُمِّنَتْ حروفَها
دلالةً على أَن معناها فيها، قال: ولو قيل إِنها اشتقت من لفظها بعدما
جعلت اسماً لكان قولاً، قال: ومن أَغرب ما قيل فيها أَن الهمزة بدل من ظاء
المَظِنَّة، والميم في ذلك كله زائدة. قال الأَصمعي: سأَلني شعبة عن هذا
فقلت مَئِنَّة أَي علامة لذلك وخَلِيقٌ لذلك؛ قال الراجز:
إِنَّ اكْتِحالاً بالنَّقِيِّ الأَبْلَجِ،
ونَظَراً في الحاجِبِ المُزَجَّجِ،
مَئِنَّةٌ من الفَعالِ الأَعْوَجِ
قال: وهذا الحرف هكذا يروى في الحديث والشعر بتشديد النون، قال: وحقه
عندي أَن يقال مَئِينة مثال مَعِينة على فَعِيلة، لأَن الميم أَصلية، إِلا
أَن يكون أَصلُ هذا الحرف من غير هذا الباب فيكون مَئِنَّة مَفْعِلة من
إِنَّ المكسورة المشدَّدة، كما يقال: هو مَعْساةٌ من كذا أَي مَجْدَرة
ومَظِنَّة، وهو مبني من عسى، وكان أَبو زيد يقول مَئِتَّة، بالتاء، أَي
مَخْلَقة لذلك ومَجْدَرة ومَحْراة ونحو ذلك، وهو مَفْعِلة من أَتَّه يَؤُتُّه
أَتّاً إِذا غلبه بالحجة، وجعل أَبو عبيد الميم فيه أَصلية، وهي ميم
مَفْعِلة. قال ابن بري: المَئِنَّة، على قول الأَزهري، كان يجب أَن تذكر في
فصل أَنن، وكذا قال أَبو علي في التذكرة وفسره في الرجز الذي أَنشده
الجوهري:
إِنَّ اكتحالاً بالنقيِّ الأَبلج
قال: والنقيّ الثَّغْر، ومَئِنَّة مَخْلَقة؛ وقوله من الفَعالِ الأَعوج
أَي هو حرام لا ينبغي.
والمأْنُ: الخشبة في رأْسها حديدة تثار بها الأَرض؛ عن أَبي عمرو وابن
الأَعرابي.