إفرنج [جمع]: مف إفرنجــيّ
• الــإفرنج: اسم أطلقه العرب على الأوربِّيين بعد الحروب الصليبيّة في الشَّرق ° بلاد الــإفرنج: أوربا.
إفرنجــة [جمع]
• الــإفرنجــة: الــإفرنج.
بدس: بَدَسَه بِكَلِمَةٍ بَدْساً: رماه بها؛ عن كراع.
قسط: في أَسماء اللّه تعالى الحسنى المُقْسِطُ: هو العادِلُ. يقال:
أَقْسَطَ يُقْسِطُ، فهو مُقْسِطٌ إِذا عدَل، وقَسَطَ يَقْسِطُ، فهو قاسِطٌ
إِذا جارَ، فكأَن الهمزة في أَقْسَطَ للسَّلْب كما يقال شَكا إِليه
فأَشْكاه. وفي الحديث: أَنّ اللّهَ لا يَنامُ ولا ينبغي له أَن ينامَ، يَخْفِضُ
القِسْطَ ويرفَعُه؛ القِسْطُ: المِيزانُ، سمي به من القِسْطِ العَدْلِ،
أَراد أَن اللّه يَخفِضُ ويَرْفَعُ مِيزانَ أَعمالِ العِبادِ المرتفعةِ
إِليه وأَرزاقَهم النازلةَ من عنده كما يرفع الوزَّانُ يده ويَخْفِضُها عند
الوَزْن، وهو تمثيل لما يُقَدِّرُه اللّه ويُنْزِلُه، وقيل: أَراد
بالقِسْط القِسْمَ من الرِّزقِ الذي هو نَصِيبُ كل مخلوق، وخَفْضُه تقليلُه،
ورفْعُه تكثيره. والقِسْطُ: الحِصَّةُ والنَّصِيبُ. يقال: أَخذ كل واحد من
الشركاء قِسْطَه أَي حِصَّتَه. وكلُّ مِقدار فهو قِسْطٌ في الماء وغيره.
وتقَسَّطُوا الشيءَ بينهم: تقسَّمُوه على العَدْل والسَّواء. والقِسْط،
بالكسر: العَدْلُ، وهو من المصادر الموصوف بها كعَدْل، يقال: مِيزانٌ
قِسْط، ومِيزانانِ قسط، ومَوازِينُ قِسْطٌ. وقوله تعالى: ونضَعُ المَوازِينَ
القِسْطَ؛ أَي ذواتِ القِسْط. وقال تعالى: وزِنُوا بالقِسْطاس المستقيم؛
يقال: هو أَقْوَمُ المَوازِين، وقال بعضهم: هو الشَّاهِينُ، ويقال:
قُسْطاسٌ وقِسْطاسٌ. والإِقساطُ والقِسْطُ: العَدْلُ. ويقال: أَقْسَطَ
وقَسَطَ إِذا عدَلَ. وجاءَ في بعض الحديث: إِذا حكَمُوا عدَلوا وإِذا قسَموا
أَقْسَطُوا أَي عَدَلُوا
(*
قوله «وإِذا قسموا أَي عدلوا ههنا فقد جاء إلخ» هكذا في الأَصل.) ههنا،
فقد جاءَ قَسَطَ في معنى عدل، ففي العدل لغتان: قَسَطَ وأَقْسَطَ، وفي
الجَوْر لغة واحدة قسَطَ، بغيرِ الأَلف، ومصدره القُسُوطُ. وفي حديث عليّ،
رضوان اللّه عليه: أُمِرْتُ بِقتالِ الناكثِينَ والقاسِطِينَ
والمارِقِينَ؛ الناكِثُون: أَهلُ الجمَل لأَنهم نَكَثُوا بَيْعَتهم، والقاسِطُونَ:
أَهلُ صِفَّينَ لأَنهم جارُوا في الحُكم وبَغَوْا عليه، والمارِقُون:
الخوارِجُ لأَنهم مَرَقُوا من الدين كما يَمْرُق السَّهمُ من الرَّمِيَّةِ.
وأَقْسطَ في حكمه: عدَلَ، فهو مُقْسِطٌ. وفي التنزيل العزيز: وأَقْسِطُوا
إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ المُقْسِطينَ. والقِسْط: الجَوْر. والقُسُوط:
الجَوْرُ والعُدُول عن الحق؛ وأَنشد:
يَشْفِي مِنَ الضِّغْنِ قُسُوطُ القاسِطِ
قال: هو من قَسَطَ يَقْسِطُ قُسوطاً وقسَطَ قُسوطاً: جارَ. وفي التنزيل
العزيز: وأَمَّا القاسِطُون فكانوا لجهنَّم حَطَباً؛ قال الفراء: هم
الجائرون الكفَّار، قال: والمُقْسِطون العادلُون المسلمون. قال اللّه تعالى:
إِن اللّه يُحب المقسطين. والإِقْساطُ: العَدل في القسْمة والحُكم؛ يقال:
أَقْسَطْتُ بينهم وأَقسطت إِليهم.
وقَسَّطَ الشيءَ: فرَّقَه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
لو كان خَزُّ واسِطٍ وسَقَطُهْ،
وعالِجٌ نَصِيُّه وسَبَطهْ،
والشَّامُ طُرّاً زَيْتُه وحِنَطُهْ
يأْوِي إِليها، أَصْبَحَتْ تُقَسِّطُهْ
ويقال: قَسَّطَ على عِيالِه النفَقةَ تَقْسِيطاً إِذا قَتَّرَها؛ وقال
الطرمَّاح:
كَفَّاه كَفٌّ لا يُرَى سَيْبُها
مُقَسَّطاً رَهْبةَ إِعْدامِها
والقِسْطُ: الكُوزُ عنه أَهل الأَمصار. والقِسْطُ: مِكْيالٌ، وهو نِصْف
صاعٍ، والفَرَقُ ستةُ أَقْساطٍ. المبرد: القِسْطُ أَربعمائة وأَحد
وثمانون دِرهماً. وفي الحديث: إِنَّ النِّساءَ من أَسْفَهِ السُّفَهاء إِلاّ
صاحِبةَ القِسْطِ والسِّراج؛ القِسْطُ: نصف الصاع وأَصله من القِسْطِ
النَّصِيبِ، وأَراد به ههنا الإِناء الذي تُوَضِّئُه فيه كأَنه أَراد إِلاَّ
التي تَخْدُم بعْلها وتَقُوم بأُمُورِه في وُضُوئه وسِراجه. وفي حديث علي،
رضوان اللّه عليه: أَنه أَجْرى للناسِ المُدْيَيْن والقِسْطَيْن؛
القِسْطانِ: نَصِيبانِ من زيت كان يرزُقُهما الناسَ.
أَبو عمرو: القَسْطانُ والكَسْطانُ الغُبارُ.
والقَسَطُ: طُول الرِّجل وسَعَتُها. والقَسَطُ: يُبْسٌ يكون في الرِّجل
والرأْس والرُّكْبةِ، وقيل: هو في الإِبل أَن يكون البعير يابس الرِّجلين
خِلْقة، وقيل: هو الأَقْسَطُ والناقةُ قَسْطاء، وقيل: الأَقْسَطُ من
الإِبل الذي في عَصَب قَوائمه يُبْسٌ خِلقَةً، قال: وهو في الخيل قِصَرُ
الفخذ والوَظِيفِ وانْتِصابُ السَّاقين، وفي الصحاح: وانْتصابٌ في رِجلي
الدابة؛ قال ابن سيده: وذلك ضَعْف وهو من العُيوب التي تكون خلقة لأَنه
يستحب فيهما الانْحناءُ والتوْتِيرُ، قَسِطَ قَسَطاً وهو أَقْسَطُ بَيِّنُ
القَسَطِ. التهذيب: والرِّجل القَسْطاءُ في ساقها اعْوِجاجٌ حتى تَتَنَحَّى
القَدَمانِ ويَنْضَمَّ السَّاقانِ، قال: والقَسَطُ خِلافُ الحَنَفِ؛ قال
امرؤُ القَيْس يَصفُ الخيل:
إِذْ هُنَّ أَقْساطٌ كَرِجْلِ الدَّبى،
أَوْ كَقَطا كاظِمةَ النَّاهِلِ
(* قوله «إذ هن أقساط إلخ» أورده شارح القاموس في المستدركات وفسره
بقوله أي قطع.)
أَبو عبيد عن العَدَبَّس: إِذا كان البعير يابسَ الرجلين فهو أَقْسَطُ،
ويكون القَسَطُ يُبْساً في العنُق؛ قال رؤْبة:
وضَرْبِ أَعْناقِهِم القِساطِ
يقال: عُنُقٌ قَسْطاء وأَعْناقٌ قِساطٌ. أَبو عمرو: قَسِطَتْ عِظامُه
قُسُوطاً إِذا يَبِسَتْ من الهُزال؛ وأَنشد:
أَعطاه عَوْداً قاسِطاً عِظامُه،
وهُوَ يَبْكي أَسَفاً ويَنْتَحبْ
ابن الأَعرابي والأَصمعي: في رِجله قَسَطٌ، وهو أَن تكون الرِّجل
مَلْساء الأَسْفل كأَنَّها مالَجٌ.
والقُسْطانِيَّةُ والقُسْطانيُّ: خُيوطٌ كخُيوطِ قَوْسِ المُزْنِ تخيط
بالقمر
(* قوله «تخيط بالقمر» كذا بالأَصل وشرح القاموس.) وهي من علامة
المطر.
والقُسْطانةُ: قَوْسُ قُزحَ
(* قوله «والقسطانة قوس إلخ» كذا في الأَصل
بهاء التأنيث.)؛ قال أَبو سعيد: يقال لقوس اللّه القُسْطانيُّ؛ وأَنشد:
وأُديرَتْ خفَفٌ تَحْتَها،
مِثْلُ قُسْطانيِّ دَجْن الغَمام
قال أَبو عمرو: القُسْطانيُّ قَوْسُ قُزَحَ ونُهِي عن تسمية قَوْسِ
قزحَ. والقُسْطَناس: الصَّلاءَةُ.
والقُسْطُ، بالضم: عود يُتَبخَّر به لغة في الكُسْطِ عُقَّارٌ من
عَقاقِير البحر، وقال يعقوب: القاف بدل، وقال الليث: القُسط عُود يُجاءُ به من
الهِند يجعل في البَخُور والدَّواء، قال أَبو عمرو: يقال لهذا البَخُور
قُسْطٌ وكُسْطٌ وكُشْط؛ وأَنشد ابن بري لبشر ابن أَبي خازِم:
وقَدْ أُوقِرْنَ من زَبَدٍ وقُسْطٍ،
ومن مِسْكٍ أَحَمَّ ومن سَلام
وفي حديث أُمّ عطِيَّة: لا تَمَسُّ طِيباً إِلاَّ نُبْذةً من قُسْطٍ
وأَظْفارٍ، وفي رواية: قُسْط أَظْفار؛ القُسْطُ: هو ضَرْب من الطِّيب، وقيل:
هو العُودُ؛ غيره: والقُسْطُ عُقَّار معروف طيِّب الرِّيح تَتَبخَّر به
النفساء والأَطْفالُ؛ قال ابن الأَثير: وهو أَشبه بالحديث لأَنه أَضافه
إِلى الأَظفار؛ وقول الراجز:
تُبْدِي نَقِيّاً زانَها خِمارُها،
وقُسْطةً ما شانَها غُفارُها
يقال: هي الساق نُقِلت من كتاب
(* قوله: نقلت من كتاب، هكذا في
الأَصل.).وقُسَيْطٌ: اسم. وقاسطٌ: أَبو حَيّ، وهو قاسِطُ ابن هِنْبِ بن أَفْصَى
بن دُعْمِيّ بن جَدِيلةَ بن أَسَدِ ابن رَبيعةَ.
مرت: المَرْتُ: مفازة لا نبات فيها. أَرْضٌ مَرْتٌ، ومكان مَرتٌ: قَفْرٌ
لا نبات فيه؛ وقيل: الأَرضُ التي لا نَبْتَ فيها؛ وقيل: المَرْتُ الذي
ليس به قليل ولا كثير؛ وقيل: هو الذي لا يَجفُّ ثَرَاه، ولا يَنْبُت
مَرْعاه. وقيل: المَرْتُ الأَرضُ التي لا كلأَ بها وإِن مُطِرَتْ، والجمع
أَمْراتٌ ومُرُوتٌ؛ قال خِطامٌ المُجاشِعِيُّ:
ومَهْمَهَيْنِ قَذَفَيْنِ مَرْتَيْنِ،
ظَهْرَاهُما مثلُ ظُهورِ التُّرْسَيْن،
جُبْتُهما بالنَّعْتِ لا بالنَّعْتَيْن
والاسم: المُروتةُ. وحكى بعضهم: أَرضٌ مَرُوتٌ كمَرْتٍ؛ قال كثير:
وقَحَّمَ سَيْرَنا من قُورِ حِسْمَى
مَرُوتُ الرِّعْيِ، ضاحيةُ الظِّلالِ
هكذا رواه أَبو سعيد السُّكَّري بالفتح، وغيره يَرْوِيه مُرُوتُ
الرِّعْيِ، بالضم؛ وقيل أَيضاً: أَرضٌ مَمْرُوتةٌ؛ قال ابن هَرْمَةَ:
كم قد طَوَيْنَ، إِليك، من مَمْرُوتَةٍ
ومَناقِلٍ مَوْصُولةٍ بِمَناقِلِ
وأَرضٌ مَرْتٌ ومَرُوتٌ، فإِنْ مُطِرَتْ في الشتاء فإِنها لا يقال لها
مَرْتٌ، لأَِن بها حينئذ رَصَداً؛ والرَّصَدُ الرَّجاءُ لها، كما تُرْجَى
الحاملة؛ ويقال: أَرضٌ مُرْصِدة، وهي قد مُطِرَتْ، وهي تُرْجَى لأَن
تُنْبِتَ؛ قال رؤْبة:
مَرْتٌ يُنَّاصِي خَرْقَها مَرُوتُ
وقول ذي الرمة:
يَطْرَحْنَ، بالمهَارِقِ الأَغْفَالِ،
كلَّ جَنِينٍ لَثِقِ السِّرْبالِ
حَيِّ الشَّهِيقِ، مَيِّتِ الأَوْصالِ،
مَرْتِ الحَجاجَيْنِ من الإِعْجالِ
يصف إِبلاً أَجهَضَت أَولادَها قبلَ نَبات الوَبر عليها، يقول: لم
يَنْبُتْ شَعَرُ حَجاجَيْهِ؛ قال أَبو منصور: كأَنَّ التاء مبدلة من المَرْثِ.
ورجلٌ مَرْتُ الحاجب إِذا لم يكن على حاجبه شعر؛ وأَنشد بيت ذي الرمة:
مَرْتِ الحَجاجَينِ من الإِعْجالِ
والمَرُّوتُ: بلد لباهلةَ، وعَزاه الفَرَزدَقُ والبَعِيثُ إِلى
كُلَيْبٍ؛ فقال الفرزدق:
تقول كليبٌ، حينَ مَتَّتْ جُلُودُها،
وأَخْصَبَ مِنْ مَرُّوتِها كلُّ جانِبِ
وقال البَعِيثُ:
أَأَنْ أَخْصَبَتْ مِعْزَى عَطِيَّةَ، وارْتَعَتْ
تِلاعاً من المَرُّوتِ أَحْوَى جَمِيمُها
إِلى أَبيات كثيرة نسبا فيها المَرُّوت إِلى كُلَيْبٍ. الصحاح:
المَرُّوتُ، بالتشديد، اسم وادٍ؛ قال أَوسٌ:
وما خَليجٌ من المَرُّوتِ ذو شُعَبٍ،
يَرْمِي الضَّريرَ بخُشْبِ الطَّلْحِ والضَّالِ
ومنه: يوم المَرُّوت، بين بني قُشَيرٍ وتَميم. ومَرَتَ الخُبْزَ في
الماء: كمَرَدَه، حكاه يعقوب؛ وفي المُصَنَّف: مَرَثَه، بالثاء.
والمَرْمَريتُ: الداهيةُ؛ وقال بعضهم: إِنَّ التاءَ بدل من السين.
مثل: مِثل: كلمةُ تَسْوِيَةٍ. يقال: هذا مِثْله ومَثَله كما يقال شِبْهه
وشَبَهُه بمعنى؛ قال ابن بري: الفرق بين المُماثَلة والمُساواة أَن
المُساواة تكون بين المختلِفين في الجِنْس والمتَّفقين، لأَن التَّساوِي هو
التكافُؤُ في المِقْدار لا يزيد ولا ينقُص، وأَما المُماثَلة فلا تكون
إِلا في المتفقين، تقول: نحوُه كنحوِه وفقهُه كفقهِه ولونُه كلونِه وطعمُه
كطعمِه، فإِذا قيل: هو مِثْلة على الإِطلاق فمعناه أَنه يسدُّ مسدَّه،
وإِذا قيل: هو مِثْلُه في كذا فهو مُساوٍ له في جهةٍ دون جهةٍ، والعرب تقول:
هو مُثَيْلُ هذا وهم أُمَيْثالُهم، يريدون أَن المشبَّه به حقير كما أَن
هذا حقير. والمِثْل: الشِّبْه. يقال: مِثْل ومَثَل وشِبْه وشَبَه بمعنى
واحد؛ قال ابن جني: وقوله عز وجل: فَوَرَبِّ السماء والأَرض إِنه لحقٌّ
مثل ما أَنَّكم تَنْطِقون؛ جَعَل مِثْل وما اسماً واحداً فبنى الأَولَ على
الفتح، وهما جميعاً عندهم في موضع رفعٍ لكونهما صفة لحقّ، فإِن قلت: فما
موضع أَنكم تنطِقون؟ قيل: هو جر بإِضافة مِثْلَ ما إِليه، فإِن قلت:
أَلا تعلم أَن ما على بِنائها لأَنها على حرفين الثاني منهما حرفُ لِينٍ،
فكيف تجوز إِضافة المبني؟ قيل: ليس المضاف ما وحدَها إِنما المضاف الاسم
المضموم إِليه ما، فلم تَعْدُ ما هذه أَن تكون كتاء التأْنيث في نحو جارية
زيدٍ، أَو كالأَلف والنون في سِرْحان عَمْرو، أَو كياء الإِضافة في
بَصْرِيِّ القومِ، أَو كأَلف التأْنيث في صحراء زُمٍّ، أَو كالأَلف والتاء في
قوله:
في غائلاتِ الحائِر المُتَوّهِ
وقوله تعالى: ليس كَمِثْلِه شيء؛ أَراد ليس مِثْلَه لا يكون إِلا ذلك،
لأَنه إِن لم يَقُل هذا أَثبتَ له مِثْلاً، تعالى الله عن ذلك؛ ونظيرُه ما
أَنشده سيبويه:
لَوَاحِقُ الأَقْرابِ فيها كالمَقَقْ
أَي مَقَقٌ. وقوله تعالى: فإِن آمنوا بمثل ما آمنتم به؛ قال أَبو إِسحق:
إِن قال قائل وهل للإِيمان مِثْل هو غير الإِيمان؟ قيل له: المعنى واضح
بيِّن، وتأْويلُه إِن أَتَوْا بتصديقٍ مِثْلِ تصديقكم في إِيمانكم
بالأَنبياء وتصديقكم كتوحيدكم
(* قوله «وتصديقكم كتوحيدكم» هكذا في الأصل،
ولعله وبتوحيد كتوحيدكم) فقد اهتدوا أَي قد صاروا مسلمين مثلكم. وفي حديث
المِقْدام: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: أَلا إِنِّي أُوتِيتُ
الكِتاب ومِثْلَه معه؛ قال ابن الأَثير: يحتمل وجهين من التأْويل: أَحدهما
أَنه أُوتِيَ من الوَحْي الباطِن غيرِ المَتْلُوِّ مثل ما أُعطيَ من
الظاهر المَتْلُوِّ، والثاني أَنه أُوتي الكتابَ وَحْياً وأُوتي من البَيان
مثلَه أَي أُذِنَ له أَن يبيِّن ما في الكتاب فيَعُمَّ ويَخُصَّ ويَزيد
وينقُص، فيكون في وُجوب العَمَل به ولزوم قبوله كالظاهِر المَتْلوِّ من
القرآن. وفي حديث المِقْدادِ: قال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إِن
قَتَلْتَه كنتَ مِثْلَه قبلَ أَن يقولَ كلمته أَي تكون من أَهل النار إِذا
قتلتَه بعد أَن أَسْلَمَ وتلفَّظ بالشهادة، كما كان هو قبل التلفُّظ
بالكلمة من أَهل النار، لا أَنه يصير كافراً بقتله، وقيل: إِنك مِثْله في
إِباحة الدَّمِ لأَن الكافرَ قبل أَن يُسْلِم مُباحُ الدم، فإِن قتله أَحد
بعد أَن أَسلم كان مُباحَ الدم بحقِّ القِصاصِ؛ ومنه حديث صاحب
النِّسْعةِ: إِن قَتَلْتَه كنتَ مِثْلَه؛ قال ابن الأَثير: جاء في رواية أَبي
هريرة أَنَّ الرجلَ قال والله ما أَردت قَتْله، فمعناه أَنه قد ثَبت قَتْلُه
إِياه وأَنه ظالم له، فإِن صَدَقَ هو في قوله إِنه لم يُرِد قَتْله ثم
قَتَلْتَه قِصاصاً كنتَ ظالماً مثلَه لأَنه يكون قد قَتَلَه خطأً. وفي حديث
الزكاة: أَمَّا العبَّاس فإِنها عليه ومثلُها مَعها؛ قيل: إِنه كان
أَخَّرَ الصَّدَقة عنه عامَيْن فلذلك قال ومثلُها معها، وتأْخير الصدقةِ جائز
للإِمام إِذا كان بصاحبها حاجةٌ إِليها، وفي رواية قال: فإِنها عَليَّ
ومثلُها معها، قيل: إِنه كان اسْتَسْلَف منه صدقةَ عامين، فلذلك قال
عَليَّ. وفي حديث السَّرِقة: فعَلَيْه غَرامةُ مِثْلَيْه؛ هذا على سبيل
الوَعِيدِ والتغليظِ لا الوُجوبِ ليَنْتَهِيَ فاعِلُه عنه، وإِلاّ فلا واجبَ
على متلِف الشيء أَكثر من مِثْلِه، وقيل: كان في صدْر الإِسلام تَقَعُ
العُقوباتُ في الأَموال ثم نسِخ، وكذلك قوله: في ضالَّة الإِبِلِ غَرامَتُها
ومثلُها معها؛ قال ابن الأَثير: وأَحاديث كثيرة نحوه سبيلُها هذا السبيل
من الوعيد وقد كان عمر، رضي الله عنه، يحكُم به، وإِليه ذهب أَحمدُ
وخالفه عامَّة الفقهاء. والمَثَلُ والمَثِيلُ: كالمِثْل، والجمع أَمْثالٌ،
وهما يَتَماثَلانِ؛ وقولهم: فلان مُسْتَرادٌ لمِثْلِه وفلانةُ مُسْتَرادةٌ
لمِثْلِها أَي مِثْلُه يُطلَب ويُشَحُّ عليه، وقيل: معناه مُسْتَراد
مِثْله أَو مِثْلها، واللام زائدة: والمَثَلُ: الحديثُ نفسُه. وقوله عز وجل:
ولله المَثَلُ الأَعْلى؛ جاء في التفسير: أَنه قَوْلُ لا إِله إِلاَّ الله
وتأْويلُه أَن الله أَمَر بالتوحيد ونَفى كلَّ إِلهٍ سِواهُ، وهي
الأَمثال؛ قال ابن سيده: وقد مَثَّلَ به وامْتَثَلَهُ وتَمَثَّلَ به
وتَمَثَّله؛ قال جرير:
والتَّغْلَبيّ إِذا تَنَحْنَح للقِرى،
حَكَّ اسْتَهُ وتَمَثَّلَ الأَمْثالا
على أَن هذا قد يجوز أَن يريد به تمثَّل بالأَمْثال ثم حذَف وأَوْصَل.
وامْتَثَل القومَ وعند القوم مَثَلاً حَسَناً وتَمَثَّل إِذا أَنشد
بيتاً ثم آخَر ثم آخَر، وهي الأُمْثولةُ، وتمثَّل بهذا البيتِ وهذا البيتَ
بمعنى. والمَثَلُ: الشيء الذي يُضرَب لشيء مثلاً فيجعل مِثْلَه، وفي
الصحاح: ما يُضرَب به من الأَمْثال. قال الجوهري: ومَثَلُ الشيء أَيضاً صفته.
قال ابن سيده: وقوله عز من قائل: مَثَلُ الجنَّةِ التي وُعِدَ المُتَّقون؛
قال الليث: مَثَلُها هو الخبر عنها، وقال أَبو إِسحق: معناه صِفة الجنة،
وردّ ذلك أَبو علي، قال: لأَن المَثَلَ الصفة غير معروف في كلام العرب،
إِنما معناه التَّمْثِيل. قال عمر بن أَبي خليفة: سمعت مُقاتِلاً صاحبَ
التفسير يسأَل أَبا عمرو بن العلاء عن قول الله عز وجل، مَثَل الجنة: ما
مَثَلُها؟ فقال: فيها أَنْهار من ماءٍ غير آسِنٍ، قال: ما مثلها؟ فسكت
أَبو عمرو، قال: فسأَلت يونس عنها فقال: مَثَلُها صفتها؛ قال محمد ابن سلام:
ومثل ذلك قوله: ذلك مَثَلُهم في التوراة ومَثَلُهم في الإِنجيل؛ أَي
صِفَتُهم. قال أَبو منصور: ونحوُ ذلك رُوي عن ابن عباس، وأَما جواب أَبي
عمرو لمُقاتِل حين سأَله ما مَثَلُها فقال فيها أَنْهار من ماءٍ غير آسِنٍ،
ثم تكْريرُه السؤال ما مَثَلُها وسكوت أَبي عمرو عنه، فإِن أَبا عمرو
أَجابه جواباً مُقْنِعاً، ولما رأَى نَبْوةَ فَهْمِ مُقاتِل سكت عنه لما وقف
من غلظ فهمه، وذلك أَن قوله تعالى: مَثَل الجنة، تفسير لقوله تعالى: إِن
الله يُدْخِل الذين آمنوا وعملوا الصالحاتِ جناتٍ تجري من تحتها
الأَنهار؛ وَصَفَ تلك الجناتِ فقال: مَثَلُ الجنة التي وصفْتُها، وذلك مِثْل
قوله: ذلك مَثَلُهم في التوراة ومَثَلُهم في الإِنجيل؛ أَي ذلك صفةُ محمدٍ،
صلى الله عليه وسلم، وأَصحابِه في التوراة، ثم أَعلمهم أَن صفتهم في
الإِنجيل كَزَرْعٍ. قال أَبو منصور: وللنحويين في قوله: مثل الجنة التي وُعِد
المتقون، قولٌ آخر قاله محمد بن يزيد الثمالي في كتاب المقتضب، قال:
التقدير فيما يتلى عليكم مَثَلُ الجنة ثم فيها وفيها، قال: ومَنْ قال إِن
معناه صِفةُ الجنةِ فقد أَخطأَ لأَن مَثَل لا يوضع في موضع صفة، إِنما يقال
صفة زيد إِنه ظَريفٌ وإِنه عاقلٌ. ويقال: مَثَلُ زيد مثَلُ فلان، إِنما
المَثَل مأْخوذ من المِثال والحَذْوِ، والصفةُ تَحْلِية ونعتٌ.
ويقال: تمثَّل فلانٌ ضرب مَثَلاً، وتَمَثَّلَ بالشيء ضربه مَثَلاً. وفي
التنزيل العزيز: يا أَيُّها الناسُ ضُرِب مَثَل فاستَمِعوا له؛ وذلك
أَنهم عَبَدُوا من دون الله ما لا يَسْمَع ولا يُبْصِر وما لم ينزِل به
حُجَّة، فأَعْلَم اللهُ الجوَاب ممَّا جعلوه له مَثَلاً ونِدًّا فقال: إِنَّ
الذين تَعْبُدون من دون الله لن يخلُقوا ذُباباً؛ يقول: كيف تكونُ هذه
الأَصنامُ أَنْداداً وأَمثالاً للهِ وهي لا تخلُق أَضعفَ شيء مما خلق اللهُ
ولو اجتمعوا كلُّهم له، وإِن يَسْلُبْهُم الذُّبابُ الضعيفُ شيئاً لم
يخلِّصوا المَسْلوبَ منه، ثم قال: ضَعُفَ الطالِبُ والمَطْلوبُ؛ وقد يكون
المَثَلُ بمعنى العِبْرةِ؛ ومنه قوله عز وجل: فجعلناهم سَلَفاً ومَثَلاً
للآخرين، فمعنى السَّلَفِ أَنا جعلناهم متقدِّمين يَتَّعِظُ بهم
الغابِرُون، ومعنى قوله ومَثلاً أَي عِبْرة يعتبِر بها المتأَخرون، ويكون المَثَلُ
بمعنى الآيةِ؛ قال الله عز وجل في صفة عيسى، على نبينا وعليه الصلاة
والسلام: وجعلناه مَثَلاً لبني إِسرائيل؛ أَي آيةً تدلُّ على نُبُوّتِه.
وأَما قوله عز وجل: ولَمَّا ضُرِب ابنُ مريم مثلاً إِذا قومُك منه يَصُدُّون؛
جاء في التفسير أَن كفَّارَ قريشٍ خاصَمَتِ النبيَّ، صلى الله عليه
وسلم، فلما قيل لهم: إِنكم وما تعبُدون من دون الله حَصَبُ جهنم، قالوا: قد
رَضِينا أَن تكون آلهتنا بمنزلة عيسى والملائكةِ الذين عُبِدوا من دون
الله، فهذا معنى ضَرْبِ المَثَل بعيسى. والمِثالُ: المقدارُ وهو من
الشِّبْه، والمثل: ما جُعل مِثالاً أَي مقداراً لغيره يُحْذَى عليه، والجمع
المُثُل وثلاثة أَمْثِلةٍ، ومنه أَمْثِلةُ الأَفعال والأَسماء في باب التصريف.
والمِثال: القالَِبُ الذي يقدَّر على مِثْله. أَبو حنيفة: المِثالُ
قالَِب يُدْخَل عَيْنَ النَصْل في خَرْق في وسطه ثم يُطْرق غِراراهُ حتى
يَنْبَسِطا، والجمع أَمْثِلةٌ.
وتَماثَل العَليلُ: قارَب البُرْءَ فصار أَشْبَهَ بالصحيح من العليل
المَنْهوك، وقيل: إِن قولَهم تَماثَل المريضُ من المُثولِ والانتصابِ كأَنه
هَمَّ بالنُّهوض والانتصاب. وفي حديث عائشة تَصِفُ أَباها، رضوان الله
عليهما: فَحَنَتْ له قِسِيَّها وامْتَثَلوه غَرَضاً أَي نَصَبوه هَدَفاً
لِسِهام مَلامِهم وأَقوالِهم، وهو افتَعل من المُثْلةِ.
ويقال: المريضُ اليومَ أَمْثَلُ أَي أَحسن مُثولاً وانتصاباً ثم جعل صفة
للإِقبال. قال أَبو منصور: معنى قولهم المريضُ اليومَ أَمْثَلُ أَي
أَحسن حالاً من حالةٍ كانت قبلها، وهو من قولهم: هو أَمْثَلُ قومه أَي أَفضل
قومه. الجوهري: فلانٌ أَمْثَلُ بني فلانٍ أَي أَدناهم للخير. وهؤلاء
أَماثِلُ القوم أَي خيارُهم.
وقد مَثُل الرجل، بالضم، مَثالةً أَي صار فاضِلاً؛ قال ابن بري:
المَثالةُ حسنُ الحال؛ ومنه قولهم: زادك الله رَعالةً كلما ازْدَدْتَ مَثالةً،
والرَّعالةُ: الحمقُ؛ قال: ويروى كلما ازْددْت مَثالة زادك اللهُ
رَعالةً.والأَمْثَلُ: الأَفْضَلُ، وهو من أَماثِلِهم وذَوِي مَثَالَتِهم. يقال:
فلان أَمْثَلُ من فلان أَي أَفضل منه، قال الإِيادي: وسئل أَبو الهيثم عن
مالك قال للرجل: ائتني بقومك، فقال: إِن قومي مُثُلٌ؛ قال أَبو الهيثم:
يريد أَنهم سادات ليس فوقهم أَحد. والطريقة المُثْلى: التي هي أَشبه
بالحق. وقوله تعالى: إِذ يقول أَمْثَلُهم طريقةً؛ معناه أَعْدَلُهم
وأَشْبهُهم بأَهل الحق؛ وقال الزجاج: أَمْثَلُهم طريقة أَعلمهم عند نفسه بما يقول.
وقوله تعالى حكاية عن فرعون أَنه قال: ويَذْهَبا بطريقتكم المُثْلى؛ قال
الأَخفش: المُثْلى تأْنيثُ الأَمْثَل كالقُصْوى تأْنيث الأَقْصَى، وقال
أَبو إِسحق: معنى الأَمْثَل ذو الفضل الذي يستحق أَن يقال هو أَمثل قومه؛
وقال الفراء: المُثْلى في هذه الآية بمنزلة الأَسماء الحُسْنى وهو نعت
للطريقة وهم الرجال الأَشراف، جُعِلَتِ المُثْلى مؤنثةً لتأْنيث الطريقة.
وقال ابن شميل: قال الخيل يقال هذا عبدُ الله مِثْلك وهذا رجل مِثْلك،
لأَنك تقول أَخوك الي رأَيته بالأَمس، ولا يكون ذلك في مَثَل.
والمَثِيلُ: الفاضلُ، وإِذا قيل مَنْ أَمْثَلُكُم قلت: كُلُّنا مَثِيل؛
حكاه ثعلب، قال: وإِذا قيل مَنْ أَفضلكُم؟ قلت فاضِل أَي أَنك لا تقول
كلُّنا فَضيل كما تقول كُلُّنا مَثِيل. وفي الحديث: أَشدُّ الناس بَلاءً
الأَنبياءُ ثم الأَمْثَلُ فالأَمْثَلُ أَي الأَشرفُ فالأَشرفُ والأَعلى
فالأَعلى في الرُّتبةِ والمنزلة. يقال: هذا أَمثلُ من هذا أَي أَفضلُ
وأَدنَى إِلى الخير. وأَماثِلُ الناس: خيارُهم. وفي حديث التَّراويح: قال عمر
لو جَمَعْت هؤلاء على قارئ واحد لكان أَمْثلَ أَي أَولى وأَصوب.
وفي الحديث: أَنه قال بعد وقعةِ بَدْر: لو كان أَبو طالب حَيّاً لَرَأَى
سُيوفَنا قد بَسَأَتْ بالمَياثِل؛ قال الزمخشري: معناه اعتادت
واستأْنستْ بالأَماثِل. وماثَلَ الشيءَ: شابهه.
والتِّمْثالُ: الصُّورةُ، والجمع التَّماثيل. ومَثَّل له الشيءَ: صوَّره
حتى كأَنه ينظر إِليه. وامْتَثله هو: تصوَّره. والمِثالُ: معروف، والجمع
أَمْثِلة ومُثُل. ومَثَّلت له كذا تَمْثيلاً إِذا صوَّرت له مثالة
بكتابة وغيرها. وفي الحديث: أَشدُّ الناس عذاباً مُمَثِّل من المُمَثِّلين أَي
مصوِّر. يقال: مَثَّلْت، بالتثقيل والتخفيف، إِذا صوَّرت مِثالاً.
والتِّمْثالُ: الاسم منه، وظِلُّ كل شيء تِمْثالُه. ومَثَّل الشيء بالشيء:
سوَّاه وشبَّهه به وجعله مِثْلَه وعلى مِثالِه. ومنه الحديث: رأَيت الجنةَ
والنار مُمَثَّلَتين في قِبْلةِ الجِدار أَي مصوَّرتين أَو مثالُهما؛ ومنه
الحديث: لا تمثِّلوا بنَامِيَةِ الله أَي لا تشبهوا بخلقه وتصوِّروا مثل
تصويره، وقيل: هو من المُثْلة. والتِّمْثال: اسم للشيء المصنوع مشبَّهاً
بخلق من خلق الله، وجمعه التَّماثيل، وأَصله من مَثَّلْت الشيء بالشيء
إِذا قدَّرته على قدره، ويكون تَمْثيل الشيء بالشيء تشبيهاً به، واسم ذلك
الممثَّل تِمْثال.
وأَما التَّمْثال، بفتح التاء، فهو مصدر مَثَّلْت تمثيلاً وتَمْثالاً.
ويقال: امْتَثَلْت مِثالَ فلان احْتَذَيْت حَذْوَه وسلكت طريقته. ابن
سيده: وامْتَثَلَ طريقته تبِعها فلم يَعْدُها.
ومَثَلَ الشيءُ يَمْثُل مُثُولاً ومَثُل: قام منتصباً، ومَثُل بين يديه
مُثُولاً أَي انتصب قائماً؛ ومنه قيل لِمَنارة المَسْرَجة ماثِلةٌ. وفي
الحديث: مَنْ سرَّه أَن يَمْثُل له الناس قِياماً فَلْيَتَبَوَّأْ
مَقْعَده من النار أَي يقوموا قِياماً وهو جالس؛ يقال: مَثُل الرجل يَمْثُل
مُثولاً إِذا انتصب قائماً، وإِنما نهى عنه لأَنه من زِيِّ الأَعاجم، ولأَن
الباعث عليه الكِبْر وإِذلالُ الناس؛ ومنه الحديث: فقام النبي، صلى الله
عليه وسلم، مُمْثِلاً؛ يروى بكسر الثاء وفتحها، أَي منتصباً قائماً؛ قال
ابن الأَثير: هكذا شرح، قال: وفيه نظر من جهة التصريف، وفي رواية:
فَمَثَلَ قائماً. والمَاثِلُ: القائم. والماثِلُ: اللاطِيءُ بالأَرض. ومَثَل:
لَطِئَ بالأَرض، وهو من الأَضداد؛ قال زهير:
تَحَمَّلَ منها أَهْلُها، وخَلَتْ لها
رُسومٌ، فمنها مُسْتَبِينٌ وماثِلُ
والمُسْتَبِين: الأَطْلالُ. والماثلُ: الرُّسومُ؛ وقال زهير أَيضاً في
الماثِل المُنْتَصِبِ:
يَظَلُّ بها الحِرْباءُ للشمس ماثِلاً
على الجِذْل، إِلا أَنه لا يُكَبِّرُ
وقول لبيد:
ثم أَصْدَرْناهُما في وارِدٍ
صادِرٍ وَهْمٍ، صُوَاه كالمَثَلْ
فسَّره المفسِّر فقال: المَثَلُ الماثِلُ؛ قال ابن سيده: ووجهه عندي
أَنه وضع المَثَلَ موضع المُثُولِ، وأَراد كَذِي المَثَل فحذف المضاف وأَقام
المضاف إِليه مقامه؛ ويجوز أَن يكون المَثَلُ جمع ماثِل كغائب وغَيَب
وخادِم وخَدَم وموضع الكاف الزيادة، كما قال رؤبة:
لَوَاحِقُ الأَقْرابِ فيها كالمَقَقْ
أَي فيها مَقَقٌ. ومَثَلَ يَمْثُل: زال عن موضعه؛ قال أَبو خِراش
الهذلي:يقرِّبه النَّهْضُ النَّجِيجُ لِما يَرى،
فمنه بُدُوٌّ مرَّةً ومُثُولُ
(* قوله «يقربه النهض إلخ» تقدم في مادة نجح بلفظ ومثيل والصواب ما
هنا).أَبو عمرو: كان فلان عندنا ثم مَثَل أَي ذهب. والماثِلُ: الدارِس، وقد
مَثَل مُثولاً.
وامْتَثَلَ أَمرَه أَي احتذاه؛ قال ذو الرمة يصف الحمار والأُتُن:
رَبَاعٍ لها، مُذْ أَوْرَقَ العُودُ عنده،
خُماشاتُ ذَحْلٍ ما يُراد امتِثالُها
ومَثَلَ بالرجل يَمْثُل مَثْلاً ومُثْلة؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي،
ومَثَّل، كلاهما: نكَّل به، وهي المَثُلَة والمُثْلة، وقوله تعالى: وقد
خَلَت من قبلهمُ المَثُلاتُ؛ قال الزجاج: الضمة فيها عِوَض من الحذف، وردّ
ذلك أَبو علي وقال: هو من باب شاةٌ لَجِبَة وشِياهٌ لَجِبات. الجوهري:
المَثُلة، بفتح الميم وضم الثاء، العقوبة، والجمع المَثُلات. التهذيب: وقوله
تعالى ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المَثُلات؛ يقول:
يستعجلونك بالعذاب الذي لم أُعاجلهم به، وقد علموا ما نزل من عُقوبَتِنا
بالأُمَمِ الخالية فلم يعتبروا بهم، والعرب تقول للعقوبة مَثُلَه
ومُثْلة فمن قال مَثُله جمعها على مَثُلات، ومن قال مُثْلة جمعها على مُثُلات
ومُثَلات ومُثْلات، بإِسكان الثاء، يقول: يستعجلونك بالعذاب أَي يطلبُون
العذاب في قولهم: فأَمطر علينا حجارةً من السماء؛ وقد تقدم من العذاب ما
هو مُثْلة وما فيه نَكالٌ لهم لو اتَّعظوا، وكأَن المَثْل مأْخوذ من
المَثَل لأَنه إِذا شَنَّعَ في عُقوبته جعله مَثَلاً وعَلَماً.
ويقال: امْتَثَل فلان من القوم، وهؤُلاء مُثْلُ القوم وأَماثِلُهم، يكون
جمع أَمْثالٍ ويكون جمع الأَمْثَلِ.
وفي الحديث: نهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَن يُمَثَّل بالدوابِّ
وأَن تُؤْكَلَ المَمْثُول بها، وهو أَن تُنْصَب فترمَى أَو تُقَطَّع
أَطرافها وهي حَيَّة. وفي الحديث: أَنه نهى عن المُثْلة. يقال: مَثَلْت
بالحيوان أَمْثُل به مَثْلاً إِذا قطعت أَطرافه وشَوَّهْت به، ومَثَلْت
بالقتيل إِذا جَدَعت أَنفَه وأُذنَه أَو مَذاكيره أَو شيئاً من أَطرافه،
والاسم المُثلة، فأَما مَثَّل، بالتشديد، فهو للمبالغة. ومَثَلَ بالقتيل:
جَدَعه، وأَمْثَله: جعله مُثْلة. وفي الحديث: من مَثَلَ بالشَّعَر فليس له
عند الله خَلاق يوم القيامة؛ مُثْلة الشَّعَر: حَلْقُه من الخُدُودِ، وقيل:
نتفُه أَو تغيِيرُه بالسَّواد، وروي عن طاووس أَنه قال: جعله الله
طُهْرةً فجعله نَكالاً.
وأَمْثَلَ الرجلَ: قَتَلَه بقَوَدٍ. وامْتَثَل منه: اقتصَّ؛ قال:
إِن قَدَرْنا يوماً على عامِرٍ،
نَمْتَثِلْ منه أَو نَدَعْهُ لكْم
وتَمَثَّل منه: كامْتَثَل. يقال: امْتَثَلْت من فلان امْتِثالاً أَي
اقتصصت منه؛ ومنه قول ذي الرمة يصف الحمار والأُتن:
خُماشات ذَحْلٍ ما يُرادُ امْتِثالُها
أَي ما يُراد أَن يُقْتَصَّ منها، هي أَذل من ذلك أَو هي أَعز عليه من
ذلك. ويقول الرجل للحاكم: أَمْثِلْني من فلان وأَقِصَّني وأَقِدْني أَي
أَقِصَّني منه، وقد أَمْثَله الحاكم منه. قال أَبو زيد: والمِثالُ القِصاص؛
قال: يقال أَمْثَله إِمْثالاً وأَقصَّه إِقْصاصاً بمعنى، والاسم
المِثالُ والقِصاصُ. وفي حديث سُويد بن مقرّن: قال ابنُه معاوية لَطَمْتُ
مَوْلىً لنا فدَعاه أَبي ودعاني ثم قال امْثُل منه، وفي رواية: امْتَثِل،
فعَفا، أَي اقتصَّ منه. يقال: أَمْثَلَ السلطانُ فلاناً إذا أَقادَه.
وقالوا: مِثْلٌ ماثِلٌ أَي جَهْدٌ جاهِدٌ؛ عن ابن الأعرابي؛ وأَنشد:
مَن لا يَضَعْ بالرَّمْلةِ المَعاوِلا،
يَلْقَ مِنَ القامةِ مِثْلاً ماثِلا،
وإِنْ تشكَّى الأَيْنَ والتَّلاتِلا
عنى بالتَّلاتِل الشدائد. والمِثالُ: الفِراش، وجمعه مُثُل، وإِن شئت
خفَّفت. وفي الحديث: أَنه دخل على سعد وفي البيت مِثالٌ رَثٌّ أَي فِراش
خَلَق. وفي الحديث عن جرير عن مغيرة عن أُم موسى أُم ولد الحسين بن علي
قالت: زوَّج علي بن أَبي طالب شابَّين وابْني منهما فاشترى لكل واحد منهما
مِثالَيْن، قال جرير: قلت لمُغيرة ما مِثالان؟ قال: نَمَطان، والنّمَطُ ما
يُفْترش من مَفارش الصوف الملوَّنة؛ وقوله: وفي البيت مِثالٌ رَثٌّ أَي
فِراش خلَق؛ قال الأَعشى:
بكلِّ طُوَالِ السَّاعِدَيْنِ، كأَنما
يَرَى بِسُرَى الليلِ المِثالَ المُمَهَّدا
وفي حديث عكرمة: أَن رجلاً من أَهل الجنة كان مُسْتَلْقِياً على مُثُله؛
هي جمع مِثال وهو الفِراش. والمِثالُ: حجَر قد نُقِر في وَجْهه نَقْرٌ
على خِلْقة السِّمَة سواء، فيجعل فيه طرف العمود أَو المُلْمُول
المُضَهَّب، فلا يزالون يَحْنون منه بأَرْفَق ما يكون حتى يَدخل المِثال فيه فيكون
مِثْله.
والأَمْثال: أَرَضُون ذاتُ جبال يشبه بعضُها بعضاً ولذلك سميت أَمْثالاً
وهي من البَصرة على ليلتين. والمِثْل: موضع
(* قوله «والمثل موضع» هكذا
ضبط في الأصل ومثله في ياقوت بضبط العبارة، ولكن في القاموس ضبط بالضم) ؛
قال مالك بن الرَّيْب:
أَلا ليت شِعْري عل تَغَيَّرَتِ الرَّحَى،
رَحَى المِثْل، أَو أَمْسَتْ بفَلْجٍ كما هِيَا؟
نوب: نابَ الأَمْرُ نَوْباً ونَوبةً: نزَلَ.
ونابَتْهم نَوائبُ الدَّهْر. وفي حديث خَيْبَر: قسَمها نِصْفَينِ:
نِصْفاً لنَوائِـبِه وحاجاتِه، ونِصفاً بين المسلمين. النَّوائِبُ: جمع
نائبةٍ، وهي ما يَنُوبُ الإِنسانَ أَي يَنْزِلُ به من الـمُهمَّات
والـحَوادِثِ. والنَّائِـبَةُ: الـمُصيبةُ، واحدةُ نوائبِ الدَّهْر. والنائبة:
النازلةُ، وهي النَّوائِبُ والنُّوَبُ، الأَخيرةُ نادرة. قال ابن جني: مَجِـيءُ فَعْلةٍ على فُعَلٍ، يُرِيكَ كأَنها إِنما جاءَتْ عندهم من فُعْلَة،
فكأَنَّ نَوْبَةً نُوبَةٌ، وإِنما ذلك لأَن الواو مما سبيله أَن يأْتي
تابعاً للضمة؛ قال: وهذا يؤَكد عندك ضعف حروف اللين الثلاثة، وكذلك القولُ في دَوْلَةٍ وجَوبةٍ، وكلٌّ منهما مذكور في موضعه. ويقال: أَصبَحْتَ لا نَوْبةَ لك أَي لا قُوَّة لك؛ وكذلك: ترَكْتُه لا نَوْبَ له أَي لا قُوَّةَ له.
النضر: يقال للـمَطَرِ الجَوْد: مُنِـيبٌ، وأَصابنا رَبيعٌ صِدْقٌ مُنِـيبٌ، حَسَنٌ، وهو دون الجَوْدِ. ونِعْمَ الـمَطَرُ هذا إِن كان له تابعةٌ
أَي مَطْرةٌ تَتْبَعه.
ونابَ عني فلانٌ يَنُوبُ نَوْباً ومَناباً أَي قام مقامي؛ ونابَ عَني في
هذا الأَمْرِ نيابةً إِذا قام مقامَك. والنَّوْب: اسم لجمع نائبٍ، مثلُ زائرٍ وزَوْرٍ؛ وقيل هو جمع. والنَّوْبةُ: الجماعةُ من الناس؛ وقوله أَنشده ثعلب:
انْقَطَع الرِّشاءُ، وانحَلَّ الثَّوْبْ، * وجاءَ من بَناتِ وَطَّاءِ النَّوْبْ،
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون النَّوْبُ فيه من الجمع الذي لا يُفارق واحدَه إِلاَّ بالهاءِ، وأَن يكون جمعَ نائبٍ، كزائرٍ وزَوْرٍ، على ما تَقَدَّم.
ابن شميل: يقال للقوم في السَّفَر: يَتَناوبونَ،
ويَتَنازَلُونَ، ويَتَطاعَمُون أَي يأْكلون عند هذا نُزْلةً وعند هذا نُزْلةً؛ والنُّزْلةُ: الطعامُ يَصْنَعه لهم حتى يشبعوا؛ يقال: كان اليومَ على فلان نُزْلَتُنا، وأَكلْنا عنده نُزْلَتَنا؛ وكذلك النَّوْبة؛ والتَّناوُبُ على كل واحدٍ منهم نَوْبةٌ يَنُوبُها أَي طعامُ يومٍ، وجمعُ النَّوْبةِ نُوَبٌ. والنَّوْبُ: ما كان منك مَسيرةَ يومٍ وليلةٍ، وأَصله في الوِرْدِ؛ قال لبيد:
إِحْدَى بَني جَعْفَرٍ كَلِفْتُ بها، * لم تُمْسِ نَوْباً مِني، ولا قَرَبا
وقيل: ما كان على ثلاثة أَيام؛ وقيل: ما كان على فَرسخين، أَو ثلاثة؛ وقيل: النَّوْبُ، بالفتح، القُرْب، خِلافُ البُعْد؛ قال أَبو ذؤَيب:
أَرِقْتُ لذكْرِهِ من غَير نَوْبٍ، * كما يَهْتاجُ مَوْشِـيٌّ نَقِـيبُ
أَراد بالـمَوْشِـيِّ الزَّمَّارةَ مِن القَصَبِ الـمُثَقَّبِ.
ابن الأَعرابي: النَّوْبُ القَرَبُ (1)
(1 قوله «ابن الأعرابي النوب القرب إلخ» هكذا بالأصل وهي عبارة التهذيب وليس معنا من هذه المادة شيء منه فانظره فإنه يظهر أن فيه سقطاً من شعر أو غيره.) . يَنُوبُها: يعهَدُ إِليها،
ينالها؛ قال: والقَرَبُ والنَّوْبُ واحدٌ. وقال أَبو عمرو: القَرَبُ أَن
يأْتيَها في ثلاثة أَيام مرَّة. ابن الأَعرابي: والنَّوْبُ أَن يَطرُدَ
الإِبلَ باكِراً إِلى الماءِ، فيُمْسي على الماءِ يَنْتابُه. والـحُمَّى
النائبةُ: التي تأْتي كلَّ يوم. ونُبْتُه نَوْباً وانْتَبْتُه: أَتيتُه على نَوْب.
وانْتابَ الرجلُ القومَ انْتياباً إِذا قصَدَهم، وأَتاهم مَرَّةً بعد مَرَّة، وهو يَنتابُهم، وهو افْتِعال من النَّوبة. وفي حديث الدعاءِ: يا
أَرْحَمَ مَن انْتابه الـمُسْتَرحِمُون. وفي حديث صلاة الجمعة: كان الناسُ يَنْتابونَ الجمعة من مَنازِلهم؛ ومنه الحديث: احْتاطُوا لأَهْلِ
الأَمْوالِ في النَّائبة والواطِئَةِ أَي الأَضْيافِ الذين يَنُوبونهم،
ويَنْزلون بهم؛ ومنه قول أُسامةَ الـهُذَليّ:
أَقَبُّ طَريدٌ، بِنُزْهِ الفَلا * ةِ، لا يَرِدُ الماءَ إِلاَّ انْتِـيابا
ويروى: ائتيابا؛ وهو افْتِعال من آبَ يَـؤُوبُ إِذا أَتى ليلاً. قال ابن
بري: هو يصف حمارَ وَحْشٍ. والأَقَبُّ: الضَّامِرُ البَطْنِ. ونُزْهُ
الفَلاةِ: ما تَباعَدَ منها عن الماءِ والأَرْياف. والنُّوبةُ، بالضم:
الاسم من قولك نابه أَمْرٌ، وانْتابه أَي أَصابه.
ويقال: الـمَنايا تَتَناوبُنا أَي تأْتي كُلاًّ مِنَّا لنَوْبَتِه.
والنَّوبة: الفُرْصة والدَّوْلة، والجمع نُوَبٌ، نادر. وتَناوَبَ القومُ
الماءَ: تَقاسَمُوه على الـمَقْلةِ، وهي حَصاة القَسْم. التهذيب: وتَناوَبْنا الخَطْبَ والأَمرَ، نَتَناوَبه إِذا قُمنا به نَوبةً بعد نَوبة.
الجوهري: النَّوبةُ واحدةُ النُّوَبِ، تقول: جاءتْ نَوْبَتُكَ ونِـيابَتُك، وهم يَتَناوبون النَّوبة فيما بينهم في الماءِ وغيره. ونابَ الشيءُ عن الشيءِ، يَنُوبُ: قام مَقامه؛ وأَنَبْتُه أَنا عنه. وناوَبه: عاقَبه. ونابَ فلانٌ إِلى اللّه تعالى، وأَنابَ إِليه إِنابةً، فهو مُنِـيبٌ: أَقْبَلَ
وتابَ، ورجَع إِلى الطاعة؛ وقيل: نابَ لَزِمَ الطاعة، وأَنابَ: تابَ ورجَعَ.
وفي حديث الدعاءِ: وإِليك أَنَبْتُ. الإِنابةُ: الرجوعُ إِلى اللّه بالتَّوبة. وفي التنزيل العزيز: مُنِـيبين إِليه؛ أَي راجعين إِلى ما أَمَرَ به، غير خارجين عن شيءٍ من أَمرِه. وقوله عز وجل: وأَنِـيبُوا إِلى ربكم وأَسْلِمُوا له؛ أَي تُوبوا إِليه وارْجِعُوا، وقيل إِنها نزلتْ في قوم فُتِنُوا في دِينِهم، وعُذِّبُوا بمكة، فرجَعُوا عن الإِسلام، فقيل: إِنَّ هؤُلاء لا يُغْفَرُ لهم بعد رُجوعهم عن الإِسلام، فأَعْلم اللّهُ، عز وجل،
أَنهم إِن تابوا وأَسلموا، غَفَرَ لهم.
والنُّوبُ والنُّوبةُ أَيضاً: جِـيلٌ من السُّودانِ، الواحد نُوبيّ. والنُّوبُ: النَّحْلُ، وهو جمعُ نائبٍ، مثل عائطٍ وعُوطٍ، وفارهٍ وفُرْه، لأَنها تَرْعى وتَنُوبُ إِلى مكانها؛ قال الأَصمعي: هو من النُّوبةِ التي تَنُوبُ الناسَ لوقت معروفٍ، وقال أَبو ذؤيب:
إِذا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ، لم يَرْجُ لَسْعَها، * وحالفَها في بَيْت نُوبٍ عَواسِلِ
قال أَبو عبيدة: سميتْ نوباً، لأَنها تَضْرِبُ إِلى السَّواد؛ وقال أَبو
عبيد: سميت به لأَنها تَرْعَى ثم تَنُوبُ إِلى موضِعها؛ فمَن جعلها
مُشَبَّهةً بالنُّوبِ، لأَنها تَضْرِبُ إِلى السَّواد، فلا واحد لها؛ ومَن
سماها بذلك لأَنها تَرْعى ثم تَنُوبُ، فواحدُها نائبٌ؛ شَبَّه ذلك بنَوبةِ الناسِ، والرجوعِ لوَقتٍ، مَرَّةً بعد مرَّة. والنُّوبُ: جمع نائبٍ من النحل، لأَنها تعود إِلى خَلِـيَّتها؛ وقيل: الدَّبْرُ تسمى نُوباً، لسوادِها، شُبِّهَتْ بالنُّوبةِ، وهم جِنْس من السُّودانِ. والـمَنابُ: الطريقُ إِلى الماءِ. ونائِبٌ: اسمُ رجل.
نوخ: أَنَخْتُ البعيرَ فاستناخ ونوَّخته فتنوَّخ وأَناخَ الإِبلَ:
أَبركها فبركت، واستناخت: بركت.
والفحلُ يَتَنَوَّخُ الناقةَ إِذا أَراد ضرابها. واستناخ الفحل الناقة
وتنوَّخها: أَبركها ثم ضربها.
والمُناخ: الموضع الذي تُناخ فيه الإِبل.
ابن الأَعرابي: يقال تنوَّخ البعيرُ ولا يقال ناخ ولا أَناخ. وقولهم:
نَوَّخ اللَّهُ الأَرض طروقَةً للماء أَي جعلها مما تطيقه. والنَّوْخة:
الإِقامة.
وتَنُوخُ: حيٌّ من اليمن، ولا تشدّد النون.
نجر: النَّجْر والنِّجارُ والنُّجارُ: الأَصْلُ والحَسَبُ، ويقال:
النَّجْرُ اللَّوْنُ؛ قال الشاعر:
انجارُ كلِّ إِبِلٍ نِجارُها،
ونارُ إِبْلِ العالَمِينَ نارُها
هذه إِبلٌ مسروقةٌ من آبالٍ شَتَّى وفيها من كلِّ ضَرْبٍ ولَوْنٍ وسِمةٍ
ضَرْب. الجوهريّ: ومن أَمثالهم في المخلط: كلُّ نِجارِ إِبلٍ نِجارُها
أَي فيه من كل لَوْن من الأَخلاقِ وليس له رأْي يثبت عليه؛ عن أَبي عبيدة.
وفي حديث عليّ: واختَلَفَ النَّجْر وتَشَتَّتَ الأَمْر؛ النَّجْر:
الطبْعُ والأَصْل. ابن الأَعرابي: النجر شَكْل الإِنسان وهيئتُه؛ قال
الأَخطل:وبَيْضاء لا نَجْرُ النجاشِيِّ نَجْرُها،
إِذا التَهَبَتْ منها القَلائدُ والنَّحْرُ
والنَّجْرُ: القَطْع، ومنه نَجْرُ النَّجَّارِ، وقد نَجَرَ العُودَ
نَجراً. التهذيب: الليث النَّجْرُ عمل النَّجَّارِ ونحْتُه، والنجْرُ نَحْتُ
الخَشَبة، نَجَرَها يَنْجُرها نَجْراً: نَحَتها. ونُجارةُ العُود: ما
انْتُحِتَ منه عند النِّجْرِ. والنجَّارُ: صاحبُ النَّجْر وحِرْفَتُه
النِّجارةُ. والنَّجْرانُ: الخَشَبة التي تَدُور فيها رِجْل الباب؛
وأَنشد:صَبَبْتُ الماءَ في النَّجْرانِ صَبّاً،
تَرَكْتُ البابَ ليس له صَرِيرُ
ابن الأَعرابي: يقال لأَنف الباب الرِّتاجُ، ولِدَرَوَنْدِه
النَّجْرانُ، ولِمِتْرَسه القُنَّاحُ والنِّجافُ؛ وقال ابن دريد: هو الخشبة التي
يَدُور فيها. والنَّوْجَرُ: الخَشبة التي تُكْرَبُ بها الأَرضُ، قال ابن
دريد: لا أَحسبها عربية محضة. والمنْجُور في بعض اللغات: المَحالةُ التي
يُسْنى عليها. والنَّجِيرةُ: سَقِيفةٌ من خشب ليس فيها قَصَبٌ ولا غيره.
ونَجَر الرجلَ يَنْجُرهُ نَجْراً إِذا جَمَعَ يده ثم ضَرَبه بالبُرْجُمةِ
الوُسْطى. الليث: نَجَرْتُ فلاناً بيدي، وهو أَن تَضُمَّ من كفِّك
بُرْجُمةَ الإِصبَعِ الوُسْطى ثم تَضْرِبَ بها رأْسَه، فَضَرْبُكَه النَّجْرُ؛
قال الأَزهري: لم أَسمعه لغيره والذي سمعناه نَجَرْتُه إِذا دفعْتَه
ضَرْباً؛ وقال ذو الرمة:
يَنْجُرْنَ في جانِبَيْها وهْيَ تَنْسَلِبُ
وأَصله الدقُّ. ويُقال لِلهاوُنِ: مِنْجارٌ.
والنَّجِيرةُ: بَيْنَ الحَسُوِّ وبين العَصِيدةِ؛ قال: ويقال انْجُرِي
لِصِبْيانِك ورِعائِك، ويقال: ماءٌ مَنْجُور أَي مُسَخَّنٌ؛ ابن
الأَعرابي: هي العَصيدةُ ثم النجِيرة ثم الحَسُوُّ. والنَّجِيرة: لَبن وطَحِينٌ
يُخْلَطان، وقيل: هو لبنٌ حليبٌ يجعل عليه سَمْن، وقيل: هو ماء وطَحِين
يُطْبخ.
ونَجَرْتُ الماء نَجْراً: أَسخنته بالرَّضَفَةِ. والمِنْجَرةُ: حجر
مُحْمى يُسخَّن به الماء وذلك الماء نَجِيرةٌ. ولأَنْجُرَنّ نَجِيرَتَك أَي
لأَجْزِينَّك جَزاءَك؛ عن ابن الأَعرابي.
والنَّجَرُ والنَّجَرانُ: العطشُ وشِدّة الشرْب، وقيل: هو أَن يمتلئ
بطنه من الماء واللبَنِ الحامض ولا يَرْوَى من الماء، نَجِرَ نَجَراً، فهو
نَجِرٌ. والنجَرُ: أَن تأْكل الإِبل والغنم بُزُورَ الصحْراءِ فلا
تَرْوَى. والنجَرُ، بالتحريك: عطَشٌ يأْخذ الإِبل فتشرب فلا تروَى وتمرَض عنه
فتموت، وهي إِبل نَجْرَى ونَجارَى ونَجِرَةٌ. الجوهري: النَّجَرُ،
بالتحريك، عطش يصيب الإِبل والغنم عن أَكل الحِبَّةِ فلا تكاد تروَى من الماء؛
يقال: نَجِرَتِ الإِبلُ ومَجِرَتْ أَيضاً؛ قال أَبو محمد الفقعسي:
حتى إِذا ما اشْتَدّ لُوبانُ النَّجَرْ،
ورشَفَتْ ماءَ الإِضاءِ والغُدُرْ
ولاحَ لِلعَيْنِ سُهَيْلٌ بِسَحَرْ،
كَشُعْلةِ القابِس تَرْمي بالشَّرَرْ
يصف إِبلاً أَصابها عطش شديد. واللُّوبانُ واللُّوابُ: شِدّةُ العطشِ.
وسُهَيْلٌ: يجيء في آخر الصيف وإِقْبالِ البَرْدِ فَتَغْلُظُ كُروشُها فلا
تُمْسِكُ الماءَ ولذلك يُصِيبُها العطشُ الشديد. التهذيب: نَجِرَ
يَنْجَرُ نَجَراً إِذا أَكثر من شرب الماء ولم يكَدْ يروَى. قال يعقوب: وقد
يصيب الإِنسانَ
(* قوله«قال يعقوب وقد يصيب الانسان» عبارة يعقوب كما في
الصحاح: وقد يصيب الانسان النجر من شرب اللبن الحامض فلا يروى من الماء) ؛
ومنه شهرُ ناجِرٍ. وكل شهر في صَمِيمِ الحَرِّ، فاسمه ناجِرٌ لأَن الإِبل
تَنْجَرُ فيه أَي يَشتَدُّ عطشها حتى تَيْبَسَ جُلُودُها. وصَفَرٌ كان في
الجاهلية يقال له ناجرٌ؛ قال ذو الرمة:
صَرَّى آجِنٌ يَزْوِي له المَرْءُ وجْهَه،
إِذا ذاقَه الظَّمْآنُ في شهر ناجِرٍ
ابن سيده: والنَّجْر الحرُّ؛ قال الشاعر:
ذَهَبَ الشِّتاءُ مُوَلِّياً هَرَباً،
وأَتتكَ وافِدةٌ من النَّجْرِ
وشهرا ناجرٍ وآجرٍ: أَشدّ ما يكون من الحرّ، ويزعم قوم أَنهما حَزِيرانُ
وتَمُّوزُ، قال: وهذا غلط إِنما هو وقت طلوع نجمين من نجوم القَيْظ؛
وأَنشد عركة الأَسدي:
تُبَرِّدُ ماء الشَّنِّ في ليلة الصَّبا،
وتَسْقِينِيَ الكُرْكورَ في حَرِّ آجِرِ
وقيل: كل شهر من شهور الصيف ناجر؛ قال الحطيئة:
كنِعاج وَجْرَةَ، ساقَهُنّ
إِلى ظِلال السِّدْرِ ناجِرْ
وناجِرٌ: رَجَبٌ، وقيل: صفر؛ سمي بذلك لأَن المال إِذا ورد شرب الماء
حتى يَنْجَرَ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
صَبَحْناهُمُ كأْساً من الموتِ مُرَّةً
بناجِرَ، حتى اشتَدّ حَرُّ الودائِقِ
وقال بعضهم: إِنما هو بِناجَرَ، بفتح الجيم، وجمعها نواجر. المفضل: كانت
العرب تقول في الجاهلية للمحرَّم مُؤْتَمِرٌ، ولصفرٍ ناجِرٌ،ولربيع
الأَول خَوَّانٌ. والنَّجْر: السَّوقُ الشديد. ورجل مِنْجَر أَي شديدُ
السَّوْقِ للإِبِل.
وفي حديث النجاشيِّ: لما دخل عليه عَمْرو بنُ العاصِ والوَفْدُ قال لهم:
نَجِّرُوا أَي سَوِّقوا الكلامَ؛ قال أَبو موسى: والمشهور بالخاء،
وسيجيء. ونَجَرَ الإِبل يَنْجُرْها نَجْراً: ساقَها سَوْقاً شديداً؛ قال
الشماخ:
جَوَّاب أَرْضٍ مِنْجَر العَشِيَّات
قال ابن سيده: هكذا أَنشده أَبو عبيدة جَوَّاب أَرض، قال: والمعروف
جوّاب لَيْل، قال: وهو أَقعد بالمعنى لأَن الليل والعَشِيّ زمانان، فأَما
الأَرض فليست بزمان. ونَجَرَ المرأَة نَجْراً: نكَحها.
والأَنْجَرُ: مِرْساةُ السفينة، فارسي؛ في التهذيب: هو اسم عِراقيٌّ،
وهو خَشبات يُخالَفُ بينها وبين رؤوسها وتُشدّ أَوساطها في موضع واحد ثم
يفرغ بينها الرَّصاص المذاب فتصير كأَنها صخرة، ورؤوسها الخشب ناتئة بها
الحبال وترسل في الماء فإِذا رَسَتْ رَسَتِ السفينة فأَقامت. ومن أَمثالهم
يقال: فلان أَثْقلُ مِن أَنجَرة.
والإِنْجارُ: لغة في الإِجَّارِ، وهو السَّطْح؛ وقول الشاعر:
رَكِبْتُ من قَصْدِ الطريق مَنْجَرَهْ
قال ابن سيده: فهو المَقْصِدُ الذي لا يَعْدِلُ ولا يَجُورُ عن الطريق.
والمِنْجارُ: لُعْبة للصبيان يَلْعَبُون بها؛ قال:
والوَرْدُ يَسْعى بِعُصْمٍ في رِحالِهِمُ،
كأَنه لاعِبٌ يَسْعى بِمِنْجارِ
والنُّجَيرُ: حِصْن باليَمن؛ قال الأَعشى:
وأَبْتَعِثُ العِيسَ المَراسِيلَ تَفْتَلي
مسافةَ ما بين النُّجَيرِ وصَرْخَدَا
وبنو النَّجَّار: قبيلة من العرب؛ وبنو النَّجَّار: الأَنصار
(* قوله«
وبنو النجار الأنصار» عبارة القاموس: وبنو النجار قبيلة من الأنصار)؛ قال
حسان:
نَشَدْتُ بَني النَّجَّارِ أَفعالَ والِدي،
إِذا العارُ لم يُوجَدْ له من يُوارِعُهْ
أَي يُناطِقُه، ويروى: يُوازِعُه.
والنَّجيرَةُ: نَبْت عَجِرٌ قَصِيرٌ لا يَطولُ.
الجوهري: نَجْرُ أَرض مكة والمدينة، ونَجْرَان: بلد وهو من اليمن؛ قال
الأَخطل:
مِثْل القَنافِذِ هَدّاجُونَ قد بَلَغَتْ
نَجْرَانَ، أَو بَلَغَتْ سَوآتِهِم هَجَرُ
(* في ديوان الأخطل: على العِياراتِ هذّاجون.)
قال: والقافية مرفوعة وإِنما السوأَة هي البالِغَةُ إِلاَّ أَنه
قَلَبَها. وفي الحديث: أَنه كُفِّن في ثلاثة أَثواب نَجْرَانِيَّة؛ هي منسوبة
إِلى نَجْرانَ، وهو موضع معروف بين الحجاز والشام واليمن. وفي الحديث:
قَدِمَ عليه نَصارى نَجْرَانَ.
نظر: النَّظَر: حِسُّ العين، نَظَره يَنْظُره نَظَراً ومَنْظَراً
ومَنْظَرة ونَظَر إِليه. والمَنْظَر: مصدر نَظَر. الليث: العرب تقول نَظَرَ
يَنْظُر نَظَراً، قال: ويجوز تخفيف المصدر تحمله على لفظ العامة من المصادر،
وتقول نَظَرت إِلى كذا وكذا مِنْ نَظَر العين ونَظَر القلب، ويقول
القائل للمؤمَّل يرجوه: إِنما نَنْظُر إِلى الله ثم إِليك أَي إِنما
أَتَوَقَّع فضل الله ثم فَضْلك. الجوهري: النَّظَر تأَمُّل الشيء بالعين، وكذلك
النَّظَرانُ، بالتحريك، وقد نَظَرت إِلى الشيء. وفي حديث عِمران بن حُصَين
قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: النَّظَر إِلى وجه عليّ عِبادة؛
قال ابن الأَثير: قيل معناه أَن عليًّا، كرم الله وجهه، كان إِذا بَرَزَ
قال الناس: لا إِله إِلا الله ما أَشرفَ هذا الفتى لا إِله إِلا الله
ما أَعلمَ هذا الفتى لا إِله إِلا الله ما أَكرم هذا الفتى أَي ما
أَتْقَى، لا إِله إِلا الله ما أَشْجَع هذا الفتى فكانت رؤيته، عليه السلام،
تحملُهم على كلمة التوحيد.
والنَّظَّارة: القوم ينظُرون إِلى الشيء. وقوله عز وجل: وأَغرقنا آل
فرعون وأَنتم تَنظُرون. قال أَبو إِسحق: قيل معناه وأَنتم تَرَوْنَهم
يغرَقون؛ قال: ويجوز أَن يكون معناه وأَنتم مُشاهدون تعلمون ذلك وإِن شَغَلهم
عن أَن يَروهم في ذلك الوقت شاغل. تقول العرب: دُور آل فلان تنظُر إِلى
دُور آل فلان أَي هي بإِزائها ومقابِلَةٌ لها. وتَنَظَّر: كنَظَر. والعرب
تقول: داري تنظُر إِلى دار فلان، ودُورُنا تُناظِرُ أَي تُقابِل، وقيل:
إِذا كانت مُحاذِيَةً. ويقال: حَيٌّ حِلالٌ ونَظَرٌ أَي متجاورون ينظر
بعضهم بعضاً.
التهذيب: وناظِرُ العَيْنِ النُّقْطَةُ السوداء الصافية التي في وسط
سواد العين وبها يرى النَّاظِرُ ما يَرَى، وقيل: الناظر في العين كالمرآة
إِذا استقبلتها أَبصرت فيها شخصك. والنَّاظِرُ في المُقْلَةِ: السوادُ
الأَصغر الذي فيه إِنْسانُ العَيْنِ، ويقال: العَيْنُ النَّاظِرَةُ. ابن
سيده: والنَّاظِرُ النقطة السوداء في العين، وقيل: هي البصر نفسه، وقيل: هي
عِرْقٌ في الأَنف وفيه ماء البصر. والناظران: عرقان على حرفي الأَنف
يسيلان من المُوقَين، وقيل: هما عرقان في العين يسقيان الأَنف، وقيل: الناظران
عرقان في مجرى الدمع على الأَنف من جانبيه. ابن السكيت: الناظران عرقان
مكتنفا الأَنف؛ وأَنشد لجرير:
وأَشْفِي من تَخَلُّجِ كُلِّ جِنٍّ،
وأَكْوِي النَّاظِرَيْنِ من الخُنَانِ
والخنان: داء يأْخذ الناس والإِبل، وقيل: إِنه كالزكام؛ قال الآخر:
ولقد قَطَعْتُ نَواظِراً أَوجَمْتُها،
ممن تَعَرَّضَ لي من الشُّعَراءِ
قال أَبو زيد: هما عرقان في مَجْرَى الدمع على الأَنف من جانبيه؛ وقال
عتيبة بن مرداس ويعرف بابن فَسْوة:
قَلِيلَة لَحْمِ النَّاظِرَيْنِ، يَزِينُها
شَبَابٌ ومخفوضٌ من العَيْشِ بارِدُ
تَناهَى إِلى لَهْوِ الحَدِيثِ كأَنها
أَخُو سَقْطَة، قد أَسْلَمَتْهُ العَوائِدُ
وصف محبوبته بأَسالة الخدّ وقلة لحمه، وهو المستحب. والعيش البارد: هو
الهَنِيُّ الرَّغَدُ. والعرب تكني بالبَرْدِ عن النعيم وبالحَرِّ عن
البُؤسِ، وعلى هذا سُمِّيَ النَّوْمُ بَرْداً لأَنه راحة وتَنَعُّمٌ. قال الله
تعالى: لا يذوقون فيها بَرْداً ولا شَراباً؛ قيل: نوماً؛ وقوله: تناهى
أَي تنتهي في مشيها إِلى جاراتها لِتَلْهُوَ مَعَهُنَّ، وشبهها في
انتهارها عند المشي بعليل ساقط لا يطيق النهوض قد أَسلمته العوائد لشدّة
ضعفه.وتَناظَرَتِ النخلتان: نَظَرَتِ الأُنثى منهما إِلى الفُحَّالِ فلم
ينفعهما تلقيح حتى تُلْقَحَ منه؛ قال ابن سيده: حكى ذلك أَبو حنيفة.
والتَّنْظارُ: النَّظَرُ؛ قال الحطيئة:
فما لَكَ غَيْرُ تَنْظارٍ إِليها،
كما نَظَرَ اليَتِيمُ إِلى الوَصِيِّ
والنَّظَرُ: الانتظار. ويقال: نَظَرْتُ فلاناً وانْتَظَرْتُه بمعنى
واحد، فإِذا قلت انْتَظَرْتُ فلم يُجاوِزْك فعلك فمعناه وقفت وتمهلت. ومنه
قوله تعالى: انْظُرُونا نَقْتَبِسْ من نُوركم، قرئ: انْظُرُونا
وأَنْظِرُونا بقطع الأَلف، فمن قرأَ انْظُرُونا، بضم الأَلف، فمعناه انْتَظِرُونا،
ومن قرأَ أَنْظِرُونا فمعناه أَخِّرُونا؛ وقال الزجاج: قيل معنى
أَنْظِرُونا انْتَظِرُونا أَيضاً؛ ومنه قول عمرو بن كلثوم:
أَبا هِنْدٍ فلا تَعْجَلْ علينا،
وأَنْظِرْنا نُخَبِّرْكَ اليَقِينا
وقال الفرّاء: تقول العرب أَنْظِرْني أَي انْتَظِرْني قليلاً، ويقول
المتكلم لمن يُعْجِلُه: أَنْظِرْني أَبْتَلِع رِيقِي أَي أَمْهِلْنِي. وقوله
تعالى: وُجُوهٌ يومئذ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ؛ الأُولى بالضاد
والأُخرى بالظاءِ؛ قال أَبو إِسحق: يقول نَضِرَت بِنَعِيم الجنة
والنَّظَرِ إِلى ربها. وقال الله تعالى: تَعْرِفُ في وُجُوههم نَضْرَةَ النَّعِيم؛
قال أبو منصور: ومن قال إِن معنى قوله إِلى ربها ناظرة يعني منتظرة فقد
أَخطأَ، لأَن العرب لا تقول نَظَرْتُ إِلى الشيء بمعنى انتظرته، إِنما
تقول نَظَرْتُ فلاناً أَي انتظرته؛ ومنه قول الحطيئة:
نَظَرْتُكُمُ أَبْناءَ صَادِرَةٍ
لِلْوِرْدِ، طَالَ بها حَوْزِي وتَنْساسِي
وإِذا قلت نَظَرْتُ إِليه لم يكن إِلا بالعين، وإِذا قلت نظرت في الأَمر
احتمل أَن يكون تَفَكُّراً فيه وتدبراً بالقلب.
وفرس نَظَّارٌ إِذا كان شَهْماً طامِحَ الطَّرْفِ حدِيدَ القلبِ؛ قال
الراجز أَبو نُخَيْلَةَ:
يَتْبَعْنَ نَظَّارِيَّةً لم تُهْجَمِ
نَظَّارِيَّةٌ: ناقة نجيبة من نِتاجِ النَّظَّارِ، وهو فحل من فحول
العرب؛ قال جرير:
والأَرْحَبِيّ وجَدّها النَّظَّار
لم تُهْجَم: لم تُحْلَبْ.
والمُناظَرَةُ: أَن تُناظِرَ أَخاك في أَمر إِذا نَظَرْتُما فيه معاً
كيف تأْتيانه.
والمَنْظَرُ والمَنْظَرَةُ: ما نظرت إِليه فأَعجبك أَو ساءك، وفي
التهذيب: المَنْظَرَةُ مَنْظَرُ الرجل إِذا نظرت إِليه فأَعجبك، وامرأَة
حَسَنَةُ المَنْظَرِ والمَنْظَرة أَيضاً. ويقال: إِنه لذو مَنْظَرَةٍ بلا
مَخْبَرَةٍ. والمَنْظَرُ: الشيء الذي يعجب الناظر إِذا نظر إِليه ويَسُرُّه.
ويقال: مَنْظَرُه خير من مَخْبَرِه. ورجل مَنْظَرِيٌّ ومَنْظَرانيٌّ،
الأَخيرة على غير قياس: حَسَنُ المَنْظَرِ؛ ورجل مَنْظَرانيٌّ مَخْبَرانيّ.
ويقال: إِن فلاناً لفي مَنْظَرٍ ومُستَمَعٍ، وفي رِيٍّ ومَشْبَع، أَي
فيما أَحَبَّ النَّظَرَ إِليه والاستماع. ويقال: لقد كنت عن هذا المَقامِ
بِمَنْظَرٍ أَي بمَعْزَل فيما أَحْبَبْتَ؛ وقال أَبو زيد يخاطب غلاماً قد
أَبَقَ فَقُتِلَ:
قد كنتَ في مَنْظَرٍ ومُسْتَمَعٍ،
عن نَصْرِ بَهْرَاءَ ، غَيرَ ذي فَرَسِ
وإِنه لسديدُ النَّاظِرِ أَي بَرِيءٌ من التهمة ينظر بمِلءِ عينيه.
وبنو نَظَرَى ونَظَّرَى: أَهلُ النَّظَرِ إِلى النساء والتَّغَزُّل بهن؛
ومنه قول الأَعرابية لبعلها: مُرَّ بي على بَني نَظَرَى، ولا تَمُرَّ بي
على بنات نَقَرَى، أَي مُرَّ بي على الرجال الذين ينظرون إِليّ فأُعجبهم
وأَرُوقُهم ولا يَعِيبُونَني من ورائي، ولا تَمُرَّ بي على النساء
اللائي ينظرنني فيَعِبْنَني حسداً ويُنَقِّرْنَ عن عيوب من مَرَّ بهن.
وامرأَة سُمْعُنَةٌ نُظْرُنَةٌ وسِمْعَنَةٌ نِظْرَنة، كلاهما بالتخفيف؛
حكاهما يعقوب وحده: وهي التي إِذا تَسَمَّعَتْ أَو تَنَظَّرَتْ فلم تَرَ
شيئاً فَظَنَّتْ. والنَّظَرُ: الفكر في الشيء تُقَدِّره وتقيسه منك.
والنَّظْرَةُ: اللَّمْحَة بالعَجَلَة؛ ومنه الحديث: أَن النبي، صلى الله
عليه وسلم، قال لعلي: لا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فإِن لك
الأُولى وليست لك الآخرةُ. والنَّظْرَةُ: الهيئةُ. وقال بعض الحكماء: من لم
يَعْمَلْ نَظَرُه لم يَعْمَلْ لسانُه؛ ومعناه أَن النَّظْرَةَ إِذا خرجت
بإِبكار القلب عَمِلَتْ في القلب، وإِذا خرجت بإِنكار العين دون القلب لم
تعمل، ومعناه أَن من لم يَرْتَدِعْ بالنظر إِليه من ذنب أَذنبه لم يرتدع
بالقول. الجوهري وغيره: ونَظَرَ الدَّهْرُ إِلى بني فلان فأَهلكهم؛ قال
ابن سيده: هو على المَثَلِ، قال: ولستُ منه على ثِقَةٍ.
والمَنْظَرَةُ: موضع الرَّبِيئَةِ. غيره: والمَنظَرَةُ موضع في رأْس جبل
فيه رقيب ينظر العدوَّ يَحْرُسُه. الجوهري: والمَنظَرَةُ المَرْقَبَةُ.
ورجلٌ نَظُورٌ ونَظُورَةٌ وناظُورَةٌ ونَظِيرَةٌ: سَيِّدٌ يُنْظَر
إِليه، الواحد والجمع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء. الفراء: يقال فلان
نَظُورةُ قومه ونَظِيرَةُ قومهِ، وهو الذي يَنْظُرُ إِليه قومه فيمتثلون ما
امتثله، وكذلك هو طَرِيقَتُهم بهذا المعنى. ويقال: هو نَظِيرَةُ القوم
وسَيِّقَتُهم أَي طَلِيعَتُهم. والنَّظُورُ: الذي لا يُغٌفِلُ النَّظَرَ إِلى
ما أَهمه.
والمَناظِر: أَشرافُ الأَرضِ لأَنه يُنْظَرُ منها. وتَناظَرَتِ
الدَّارانِ: تقابلتا. ونَظَرَ إِليك الجبلُ: قابلك. وإِذا أَخذت في طريق كذا
فَنَظَر إِليك الجبلُ فَخُذْ عن يمينه أَو يساره. وقوله تعالى: وتَراهُمْ
يَنْظُرونَ إِليك وهم لا يبصرون؛ ذهب أَبو عبيد إِلى أَنه أَراد الأَصنام
أَي تقابلك، وليس هنالك نَظَرٌ لكن لما كان النَّظَرُ لا يكون إِلا
بمقابلةٍ حَسُنَ وقال: وتراهم، وإِن كانت لا تعقل لأَنهم يضعونها موضع من
يعقل.والنَّاظِرُ: الحافظ. وناظُورُ الزرع والنخل وغيرهما: حَافِظُه؛ والطاء
نَبَطِيَّة.
وقالوا: انْظُرْني اي اصْغ إِليَّ؛ ومنه قوله عز وجل: وقولوا انْظُرْنا
واسمعوا. والنَّظْرَةُ: الرحمةُ. وقوله تعالى: ولا يَنْظُر إِليهم يوم
القيامة؛ أَي لا يَرْحَمُهُمْ. وفي الحديث: إِن الله لا يَنْظُر إِلى
صُوَرِكم وأَموالكم ولكن إِلى قلوبكم وأَعمالكم؛ قال ابن الأَثير: معنى النظر
ههنا الإِحسان والرحمة والعَطْفُ لأَن النظر في الشاهد دليل المحبة، وترك
النظر دليل البغض والكراهة، ومَيْلُ الناسِ إِلى الصور المعجبة والأَموال
الفائقة، والله سبحانه يتقدس عن شبه المخلوقين، فجعل نَظَرَهُ إِلى ما هو
للسَّرِّ واللُّبِّ، وهو القلب والعمل؛ والنظر يقع على الأَجسام والمعاني،
فما كان بالأَبصار فهو للأَجسام، وما كان بالبصائر كان للمعاني. وفي
الحديث: مَنِ ابتاعَ مِصَرَّاةً فهو بخير النَّظَرَيْنِ أَي خير الأَمرين
له: إِما إِمساك المبيع أَو ردُّه، أَيُّهما كان خيراً له واختاره فَعَلَه؛
وكذلك حديث القصاص: من قُتل له قتيل فهو بخير النَّظَرَيْنِ؛ يعني
القصاص والدية؛ أَيُّهُما اختار كان له؛ وكل هذه معانٍ لا صُوَرٌ. ونَظَرَ
الرجلَ ينظره وانْتَظَرَه وتَنَظَّرَه: تَأَنى عليه؛ قال عُرْوَةُ بن
الوَرْدِ:
إِذا بَعُدُوا لا يأْمَنُونَ اقْتِرابَهُ،
تَشَوُّفَ أَهلِ الغائبِ المُنتَنَظَّرِ
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
ولا أَجْعَلُ المعروفَ حلَّ أَلِيَّةٍ،
ولا عِدَةً في النَّاظِرِ المُتَغَيِّبِ
فسره فقال: الناظر هنا على النَّسَبِ أَو على وضع فاعل موضع مفعول؛ هذا
معنى قوله، ومَثَّلَه بِسِّرٍ كاتم أَي مكتوم. قال ابن سيده: وهكذا وجدته
بخط الحَامِضِ
(* قوله« الحامض» هو لقب ابي موسى سليمان بن محمد بن أحمد
النحوي أخذ عن ثعلب، صحبه اربعين سنة وألف في اللغة غريب الحديث وخلق
الانسان والوحوش والنبات، روى عنه أبو عمر الزاهد وأبو جعفر الاصبهاني. مات
سنة ؟؟) ، بفتح الياء، كأَنه لما جعل فاعلاً في معنى مفعول استجاز
أَيضاً أَن يجعل مُتَفَعَّلاً في موضع مُتَفَعِّلٍ والصحيح المتَغَيِّب،
بالكسر. والتَّنَظُّرُ: تَوَقَّع الشيء. ابن سيده: والتَّنَظُّرُ تَوَقُّعُ
ما تَنْتَظِرُهُ. والنَّظِرَةُ، بكسر الظاء: التأْخير في الأَمر. وفي
التنزيل العزيز: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ، وقرأَ بعضهم: فناظِرَةٌ، كقوله
عز وجل: ليس لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ؛ أَي تكذيبٌ. ويقال: بِعْتُ فلاناً
فأَنْظَرْتُه أَي أَمهلتُه، والاسم منه النَّظِرَةُ. وقال الليث: يقال
اشتريته منه بِنَظِرَةٍ وإِنْظارٍ. وقوله تعالى: فَنَظِرَة إِلى مَيْسَرَةٍ؛
أَي إِنظارٌ. وفي الحديث: كنتُ أُبايِعُ الناس فكنتُ أُنْظِر المُعْسِرَ؛
الإِنظار: التأْخير والإِمهال. يقال: أَنْظَرْتُه أُنْظِره. ونَظَرَ
الشيءَ: باعه بِنَظِرَة. وأَنْظَرَ الرجلَ: باع منه الشيء بِنَظِرَةٍ.
واسْتَنْظَره: طلب منه النَّظرَةَ واسْتَمْهَلَه. ويقول أَحد الرجلين لصاحبه:
بيْعٌ، فيقول: نِظْرٌ أَي أَنْظِرْني حتى أَشْتَرِيَ منك. وتَنَظَّرْه
أَي انْتَظِرْهُ في مُهْلَةٍ.
وفي حديث أَنس: نَظَرْنا النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، ذاتَ ليلة حتى
كان شَطْرُ الليلِ. يقال: نَظَرتُهُ وانْتَظَرْتُه إِذا ارْتَقَبْتَ
حضورَه. ويقال: نَظَارِ مثل قَطامِ كقولك: انْتَظِرْ، اسم وضع موضع الأَمر.
وأَنْظَرَه: أَخَّرَهُ. وفي التنزيل العزيز: قال أَنْظِرْني إِلى يوم
يُبْعَثُونَ.
والتَّناظُرُ: التَّراوُضُ في الأَمر. ونَظِيرُك: الذي يُراوِضُك
وتُناظِرُهُ، وناظَرَه من المُناظَرَة. والنَّظِيرُ: المِثْلُ، وقيل: المثل في
كل شيء. وفلان نَظِيرُك أَي مِثْلُك لأَنه إِذا نَظَر إِليهما النَّاظِرُ
رآهما سواءً. الجوهري: ونَظِيرُ الشيء مِثْلُه. وحكى أَبو عبيدة:
النِّظْر والنَّظِير بمعنًى مثل النِّدِّ والنَّدِيدِ؛ وأَنشد لعبد يَغُوثَ بن
وَقَّاصٍ الحارِثيِّ:
أَلا هل أَتى نِظْرِيُ مُلَيْكَةَ أَنَّني
أَنا الليثُ، مَعْدِيّاً عليه وعادِيا؟
(* روي هذا البيت في قصيدة عبد يغوث على الصورة التالية:
وقد عَلِمت عِرسِي مُلَيكةُ أنني * أنا الليثُ، مَعدُوّاً عليّ
وعَاديا)
وقد كنتُ نَجَّارَ الجَزُورِ ومُعْمِلَ الْـ
ـسَطِيِّ، وأَمْضِي حيثُ لا حَيَّ ماضِيَا
ويروى: عِرْسِي مُلَيْكَةَ بدل نِظْرِي مليكة. قال الفرّاء: يقال
نَظِيرَةُ قومه ونَظُورَةُ قومه للذي يُنْظَر إِليه منهم، ويجمعان على
نَظَائِرَ، وجَمْعُ النَّظِير نُظَرَاءُ، والأُنثى نَظِيرَةٌ، والجمع النَّظائر
في الكلام والأَشياء كلها. وفي حديث ابن مسعود: لقد عرفتُ النَّظائِرَ
التي كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يَقُومُ بها عشرين سُورَةً من
المُفَصَّل، يعني سُوَرَ المفصل، سميت نظائر لاشتباه بعضها ببعض في الطُّول.
وقول عَديّ: لم تُخطِئْ نِظارتي أَي لم تُخْطِئْ فِراسَتي. والنَّظائِرُ:
جمع نَظِيرة، وهي المِثْلُ والشِّبْهُ في الأَشكال، الأَخلاق والأَفعال
والأَقوال. ويقال: لا تُناظِرْ بكتاب الله ولا بكلام رسول الله، وفي رواية:
ولا بِسُنَّةِ رسول الله؛ قال أَبو عبيد: أَراد لا تجعل شيئاً نظيراً لكتاب
ا ولا لكلام رسول الله فتدعهما وتأْخذ به؛ يقول: لا تتبع قول قائل من كان
وتدعهما له. قال أَبو عبيد: ويجوز أَيضاً في وجه آخر أَن يجعلهما مثلاً
للشيء يعرض مثل قول إِبراهيم النخعي: كانوا يكرهون أَن يذكروا الآية عند
الشيء يَعْرِضُ من أَمر الدنيا، كقول القائل للرجل إِذا جاء في الوقت الذي
يُرِيدُ صاحبُه: جئت على قَدَرٍ يا موسى، هذا وما أَشبهه من الكلام،
قال: والأَوّل أَشبه. ويقال: ناظَرْت فلاناً أَي صِرْتُ نظيراً له في
المخاطبة. وناظَرْتُ فلاناً بفلان أَي جعلته نَظِيراً له. ويقال للسلطان إِذا
بعث أَميناً يَسْتبرئ أَمْرَ جماعةِ قريةٍ: بَعث ناظِراً.
وقال الأَصمعي: عَدَدْتُ إِبِلَ فلان نَظائِرَ أَي مَثْنَى مثنى،
وعددتها جَمَاراً إِذا عددتها وأَنت تنظر إِلى جماعتها.
والنَّظْرَةُ: سُوءُ الهيئة. ورجل فيه نَظْرَةٌ أَي شُحُوبٌ؛ وأَنشد
شمر:وفي الهامِ منها نَظْرَةٌ وشُنُوعُ
قال أَبو عمرو: النَّظْرَةُ الشُّنْعَةُ والقُبْحُ. ويقال: إِن في هذه
الجارية لَنَظْرَةً إِذا كانت قبيحة. ابن الأَعرابي: يقال فيه نَظْرَةٌ
ورَدَّةٌ أَي يَرْتَدُّ النظر عنه من قُبْحِهِ. وفيه نَظْرَةٌ أَي قبح؛
وأَنشد الرِّياشِيُّ:
لقد رَابَني أَن ابْنَ جَعْدَةَ بادِنٌ،
وفي جِسْمِ لَيْلى نَظْرَةٌ وشُحُوبُ
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، رأَى جارية فقال: إِن بها
نَظْرَةً فاسْتَرْقُوا لها؛ وقيل: معناه إِن بها إِصابة عين من نَظَرِ
الجِنِّ إِليها، وكذلك بها سَفْعَةٌ؛ ومنه قوله تعالى: غيرَ ناظِرِينَ
إِناهُ؛ قال أَهل اللغة: معناه غير منتظرين بلوغه وإِدراكه. وفي الحديث: أَن
عبد الله أَبا النبي، صلى الله عليه وسلم، مرّ بامرأَة تَنْظُرُ وتَعْتافُ،
فرأَتْ في وجهه نُوراً فدعته إِلى أَن يَسْتَبْضِعَ منها وتُعْطِيَهُ
مائةً من الإِبل فأَبى، قوله: تَنْظُرُ أَي تَتَكَهَّنُ، وهو نَظَرُ
تَعَلُّمٍ وفِراسةٍ، وهذه المرأَة هي كاظمةُ بنتُ مُرٍّ، وكانت مُتَهَوِّدَةً قد
قرأَت الكتب، وقيل: هي أُختُ ورَقَةَ بن نَوْفَلٍ. والنَّظْرَةُ: عين
الجن. والنَّظْرَةُ: الغَشْيَةُ أَو الطائف من لجن، وقد نُظِرَ. ورجل فيه
نَظْرَةٌ أَي عيبٌ.
والمنظورُ: الذي أَصابته نَظْرَةٌ. وصبي مَنْظُورٌ: أَصابته العين.
والمنظورُ: الذي يُرْجَى خَيْرُه. ويقال: ما كان نَظِيراً لهذا ولقد
أَنْظَرْتُه، وما كان خَطِيراً ولقد أَخْطَرْتُه. ومَنْظُورُ بن سَيَّارٍ: رجلٌ.
ومَنْظُورٌ: اسمُ جِنِّيٍّ؛ قال:
ولو أَنَّ مَنْظُوراً وحَبَّةَ أَسْلما
لِنَزْعِ القَذَى، لم يُبْرِئا لي قَذَاكُما
وحَبَّةُ: اسم امرأَة عَلِقَها هذا الجني فكانت تَطَبَّبُ بما
يُعَلِّمُها. وناظِرَةُ: جبل معروف أَو موضع. ونَواظِرُ: اسم موضع؛ قال ابن
أَحمر:وصَدَّتْ عن نَواظِرَ واسْتَعَنَّتْ
قَتَاماً، هاجَ عَيْفِيًّا وآلا
(* قوله « عيفياً» كذا بالأصل.)
وبنو النَّظَّارِ: قوم من عُكْلٍ، وإِبل نَظَّاريَّة: منسوبة إِليهم؛
قال الراجز:
يَتْبَعْنَ نَظَّارِيَّة سَعُومَا
السَّعْمُ: ضَرْبٌ من سير الإِبل.
قضب: القَضْبُ: القَطْعُ. قَضَبَه يَقْضِـبه قَضْباً، واقْتَضَبَه،
وقَضَّبه، فانْقَضَبَ وتَقَضَّب: انْقَطَعَ؛ قال الأَعشى:
ولَبُونِ مِعْزابٍ حَوَيْتُ، فأَصْبَحَتْ * نُهْبَـى، وآزِلَةٍ قَضَبْتُ عِقالَـها
قال ابن بري: صواب إِنشاده: قَضَبْتَ عِقالَـها، بفتح التاءِ، لأَنه
يُخاطِبُ الممدوحَ؛ والآزِلة: الناقَةُ الضامزَة التي لا تَجْتَرُّ؛ وكانوا
يَحْبِسُون إِبلَهم مخافةَ الغارة، فلما صارت إِليك أَيها الممْدوحُ،
اتَّسَعَت في الـمَرْعى، فكأَنها كانت مَعْقُولة، فقَضَبْتَ عِقالَـها.
قَضَبْت عقالَـها، واقْتَضَبْته: اقْتَطَعْته من الشيءِ؛ والقَضْبُ: قَضْبُك القَضِـيبَ ونحوه. والقَضْبُ: اسم يقع على ما قَضَبْتَ من أَغصانٍ لتَتَّخِذَ منها سِهاماً أَو قِسِـيّاً؛ قال رؤبة:
وفارِجاً من قَضْبِ ما تَقَضَّبا (1)
(1 قوله «وفارجاً إلخ» أراد بالفارج القوس. وعجز البيت:
ترنّ إرناناً إذا ما أنضبا)
وفي حديث النبي، صلى اللّه عليه وسلم: أَنه كان إِذا رأَى التَّصْلِـيبَ في ثوبٍ، قَضَبَه؛ قال الأَصمعي: يعني قَطَع موضعَ التَّصْلِـيب منه. ومنه قيل: اقْتَضَبْتُ الحديثَ، إِنما هو انْتَزَعْتُه واقْتَطَعْتُه، وإِياه عنى ذو الرمة بقوله، يصف ثوراً وحشياً:
كأَنه كوكَبٌ في إِثرِ عِفْرِيَةٍ، * مُسَوَّمٌ، في سواد الليل، مُنْقَضِبُ
أَي مُنْقَضٌّ من مكانه. وانْقَضَبَ الكَوكبُ من مكانه؛ وقال القُطاميُّ يصف الثَّور:
فعَدا صَبيحةَ صَوْبها مُتَوَجِّساً، * شَئِزَ القِـيام، يُقَضِّبُ الأَغْصانا
ويقال للـمِنْجَلِ: مِقْضَبٌ ومِقْضابٌ.
وقُضابةُ الشيء: ما اقْتُضِبَ منه؛ وخَصَّ بعضُهم به ما سَقَط من أَعالي العِـيدان الـمُقْتَضَبة. وقُضابةُ الشَّجر: ما يَتَساقَطُ من أَطراف عيدانها إِذا قُضِـبَت.
والقَضِـيبُ: الغُصْنُ. والقَضِـيبُ: كلُّ نَبْتٍ من الأَغصان يُقْضَبُ،
والجمع قُضُبٌ وقُضْبٌ، وقُضْبانٌ وقِضْبانٌ. الأَخيرة اسم للجمع.
وقَضَبَه قَضْباً: ضَرَبه بالقضِـيب.
والـمُقْتَضَبُ من الشِّعْر: فاعلاتُ مُفْتعلن مرتين؛ وبيته:
أَقْبَلَتْ، فَلاحَ لها * عارِضانِ كالْبَرَدِ
وإِنما سُمِّيَ مُقْتَضَباً، لأَنه اقْتُضِبَ مفعولات، وهو الجزء الثالث
من البيت، أَي قُطِـعَ.
وقَضَّبَتِ الشمسُ وتَقَضَّبَتْ: امْتَدَّ شُعاعُها مثلَ القُضْبانِ، عن
ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
فصَبَّحَتْ، والشمسُ لم تُقَضِّبِ، * عيناً بغَضْيانَ ثَجُوجَ الـمَشْرَبِ
ويُروى: لم تَقَضَّبِ؛ ويروى: ثَجُوجَ العُنْبَبِ. يقول: ورَدَتْ
والشمسُ لم يَبْدُ لها شُعاعٌ، إِنما طَلَعَت كأَنها تُرْسٌ، لا شُعاعَ لها.
والعُنْبَبُ: كثرةُ الماء، قال: أَظنُّ ذلك. وغَضْيانُ: موضعٌ. وقَضَّبَ الكَرْمَ تَقْضِـيباً: قَطَعَ أَغصانَه وقُضبانَه في أَيام الربيع.
وما في فمي قاضِـبةٌ أَي سِنٌّ تَقْضِبُ شيئاً، فتُبِـينُ أَحدَ نصفيه
من الآخر.
ورجل قَضّابة: قَطَّاعٌ للأُمور، مُقْتَدِرٌ عليها. وسيفٌ قاضِبٌ،
وقَضَّابٌ، وقَضَّابة، ومِقْضَبٌ، وقَضِـيبٌ: قَطَّاع.
وقيل: القضيبُ من السيوف اللطيفُ. وفي مقتل الحسين، عليه السلام: فَجَعَلَ ابنُ زياد يَقْرَعُ فَمه بقَضيبٍ؛ قال ابن الأَثير: أَراد بالقَضِـيب السيفَ اللطيفَ الدقيقَ؛ وقيل: أَرادَ العود، والجمع قواضِبُ وقُضُبٌ (1)
قوله «والجمع قواضب وقضب» الأول جمع قاضب والثاني جمع قضيب وهو راجع لقوله وسيف قاضب إلخ لا أنه من كلام النهاية حتى يتوهم انهما قضيب فقط اذ لم يسمع.)، وهو ضِدُّ الصفيحةِ.
والقَضيبُ من القِسِيِّ: التي عُمِلَتْ من غُصْنٍ غير مشْقوق. وقال أَبو حنيفة: القَضيبُ القَوْسُ المصنوعة من القَضيب بتمامه؛ وأَنشد للأَعشى:
سَلاجِمُ، كالنحلِ، أَنْحَى لها * قضيبَ سَراءٍ قَليلَ الأُبَنْ
قال: والقَضْبةُ كالقَضِـيبِ؛ وأَنشد للطِّرِمَّاح:
يَلْحَسُ الرَّضْفَ، له قَضْبةٌ * سَمحَجُ الـمَتْنِ هَتُوفُ الخِطامْ
والقَضْبةُ: قِدْحٌ من نَبْعَةٍ يُجْعَلُ منه سَهْمٌ، والجمع قَضباتٌ.
والقَضْبةُ والقَضْبُ: الرَّطْبةُ. الفراء في قوله تعالى: فأَنْبَتْنا
فيها حَبّاً وعِنَباً وقَضْباً؛ القَضْبُ: الرَّطْبةُ؛ قال لبيد:
إِذا أَرْوَوْا بها زَرْعاً وقَضْباً، * أَمالوها على خُورٍ طِوالِ
قال: وأَهل مكة يُسَمون القَتَّ القَضْبةَ.
وقال الليث: القَضْبُ من الشجر كلُّ شجر سَبِطَتْ أَغصانُه، وطالت.
والقَضْبُ: ما أُكِلَ من النبات الـمُقْتَضَبِ غَضّاً؛ وقيل هو
الفُصافِصُ، واحدتُها قَضْبة، وهي الإِسْفِسْتُ، بالفارسية؛ والـمَقْضَبةُ: موضعه الذي يَنبُتُ فيه. التَّهذيب: الـمَقْضَبة مَنْبِتُ القَضْبِ، ويُجْمَعُ مَقاضِبَ ومَقاضِـيبَ؛ قال عروة بن الوَرْد:
لَسْتُ لِـمُرَّةَ، إِنْ لم أُوفِ مَرْقَبةً، * يَبْدو لِـيَ الـحَرْثُ منها، والـمَقاضِـيبُ
والـمِقْضابُ: أَرضٌ تُنْبِتُ القَضْبة؛ قالت أُخْتُ مُفَصَّصٍ الباهليَّةُ:
فأَفَـأْتُ أُدْماً، كالـهِضابِ، وجامِلاً * قد عُدْنَ مِثلَ عَلائفِ الـمِقْضابِ
وقد أَقْضَبَتِ الأَرضُ.
وقال أَبو حنيفة: القَضْبُ شجر سُهْلِـيٌّ ينبت في مَجامِـع الشجر، له ورق كورقِ الكُمَّثْرَى إِلاَّ أَنه أَرَقُّ وأَنْعم، وشجرُه كشجره،
وتَرْعَى الإبلُ ورقَه وأَطرافَه، فإِذا شَبِـعَ منه البعير، هجَره حيناً، وذلك أَنه يُضَرِّسُه، ويُخَشِّنُ صَدرَهُ، ويورِثُه السُّعال. النضر:
القَضْبُ شَجر تُتَّخذ منه القِسِيُّ؛ قال أَبو دُواد:
رَذايا كالبَلايا، أَو * كعيدانٍ من القَضْبِ
ويقال: إِنه من جنس النَّبْع؛ قال ذو الرمة:
مُعِدُّ زُرْقٍ هَدَتْ قَضْباً مُصَدَّرةً
الأَصمعي: القَضَبُ السِّهامُ الدِّقاقُ (2)
(2 قوله «الأصمعي القضب السهام إلخ» هذه عبارة المحكم بهذا الضبط.) ، واحدُها قَضِـيبٌ، وأَراد قَضَباً فسَكَّن الضاد، وجعل سبيله سبيل عَديم وعَدَم، وأَديم وأَدَم. وقال غيره: جمع
قَضِـيباً على قَضْب، لـمَّا وجَد فَعْلاً في الجماعة مستمرّاً.
ابن شميل: القَضْبة شجرة يُسَوَّى منها السَّهمُ. يقال: سَهْمُ قَضْبٍ،
وسهمُ نَبْع، وسهم شَوْحَطٍ. والقَضيبُ من الإِبل: التي رُكِـبَتْ، ولم
تُلَيَّنْ قَبْلَ ذلك. الجوهري: القَضِـيبُ الناقةُ التي لم تُرَضْ؛ وقيل:
هي التي لم تَمْهَرِ الرياضةَ، الذكرُ والأُنثى في ذلك سواء؛ وأَنشد
ثعلب:
مُخَيَّسةٌ ذُلاًّ، وتَحْسِبُ أَنها، * إِذا ما بَدَتْ للناظِرِينَ، قَضِـيبُ
يقول: هي رَيِّضةٌ ذَليلةٌ، ولعِزَّةِ نفْسها يَحْسِـبُها الناظرُ لم تُرَضْ؛ أَلا تراه يقول بعد هذا:
كـمِثْلِ أَتانِ الوَحْشِ، أَما فؤادُها * فصَعْبٌ، وأَما ظَهْرُها فرَكُوبُ
وقَضَبْتُها واقْتَضَبْتُها: أَخذتُها من الإِبل قَضِـيباً، فَرُضْتُها.
واقْتَضَبَ فلانٌ بَكْراً إِذا ركبه ليُذِلَّه، قبل أَن يُراضَ. وناقةٌ
قَضيبٌ وبَكْرٌ قَضِيبٌ، بغير هاء. وقَضَبْتُ الدابةَ واقْتَضَبْتُها إِذا
ركبتها قبل أَن تُراضَ، وكل من كلَّفته عَمَلاً قبل أَن يُحْسِنَه، فقد
اقْتَضَبْتَه، وهو مُقْتَضَبٌ فيه.
واقْتِضابُ الكلام: ارْتجالُه؛ يقال: هذا شعرٌ مُقْتَضَبٌ، وكتاب
مُقْتَضَبٌ.
واقْتَضَبْتُ الحديثَ والشِّعْرَ: تَكلمْتُ به من غير تهْيئةٍ أَو إِعْدادٍ له.
وقَضِـيبٌ: رجُلٌ، عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
لأَنْتُم، يومَ جاءَ القومُ سَيْراً * على الـمَخْزاةِ، أَصْبَرُ من قَضِـيبِ
هذا رجل له حديثٌ ضَرَبه مثلاً في الإِقامة على الذُّلِّ أَي لم
تَطْلُبوا بقَتْلاكم، فأَنتم في الذُّلِّ كهذا الرجل. وقَضِـيبٌ: وادٍ معروفٌ بأَرض قَيْسٍ، فيه قَتَلَتْ مُرادُ عَمْرو بنَ أُمامة؛ وفي ذلك يقول طَرَفَةُ:
أَلا إِنَّ خير الناسِ، حَيّاً وهالِكاً، * ببَطْنِ قَضِـيبٍ عارِفاً ومُناكِرا
وقَضِـيبُ الحمارِ وغيره. أَبو حاتم: يقال لذَكَر الثَّوْر: قَضِـيبٌ
وقَيْصومٌ. التهذيب: ويكنى بالقَضـيبِ عن ذَكَرِ الإِنسان وغيره من الحيوانات. والقُضَّابُ نبت، عن كراع.
قرطس: القِرْطاس: معروف يُتَّخذ من بَرْدِيّ يكون بمصر. والقِرْطاس:
ضَرْب من برُود مصر. والقِرْطاس: أَديم يُنْصَب للنِّضال، ويسمَّى الغَرَض
قِرْطاساً. وكل أَديم ينصَب للنِّضال، فاسمُه قِرطاس، فإِذا أَصابه
الرَّامي قيل: قَرْطَس أَي أَصاب القرطاس، والرَّمْيَةُ التي تُصيب مُقَرْطِسة.
والقَِرْطاس والقُرطاس والقَِرْطَس والقَرْطاس، كله: الصحيفة الثابتة
التي يكتب فيها؛ الأَخيرتان عن اللحياني؛ وأَنشد أَبو زيد لمخشّ العقيلي
يصف رسوم الدار وآثارها كأَنها خَطّ زَبُور كتب في قِرْطاس:
كأَنَّ، بحيثُ اسْتَوْدَع الدارَ أَهلُها،
مَخَطّ زَبُور من دَواة وقَرْطَسِ
وقوله تعالى: ولو نَزَّلنا عليك كتاباً في قِرْطاس؛ أَي في صحيفة، وكذلك
قوله تعالى: يجعلونه قَراطِيس؛ أَي صُحُفاً؛ قال:
عَفَتِ المنازل غير مِثْل الأَنفس،
بعد الزمان عرفته بالقَرْطَس
ابن الأَعرابي: يقال للناقى إِذا كانت فَتِيَّة شابَّة: هي القِرْطاس
والدّيباج والذِّعْلِبَة والدِّعْبِل والعَيْطَموس. ابن الأَعرابي: يقال
للجارِية البيضاء المَدِيدة القامة قِرْطاس. ودابة قِرْطاسِيّ إِذا كان
أَبيض لا يخالط لَونه شِيَة، فإِذا ضرَب بياضُه إِلى الصُّفرة فهو
نَرْجِسِيّ.
قمس: قَمَسَ في الماء يَقْمُِسُ قُمُوساً: انغطَّ ثم ارتفع؛ وقَمَسَه هو
فانقمس أَي غَمَسَه فيه فانغمس، يتعدّى ولا يتعدّى. وكلُّ شيء ينْغَطّ
في الماء ثم يرتفع، فقد قَمَسَ؛ وكذلك القِنان والإِكام إِذا اضطرب
السَّراب حولها قَمَسَت أَي بدَتْ بعدما تخفّى، وفيه لغة أُخرى: أَقْمَسْته في
الماء، بالأَلف. وقَمَسَت الإِكامُ في السَّراب إِذا ارتفعت فرَأَيْتَها
كأَنها تطفو؛ قال ابن مقبل:
حتى اسْتَتَبْت الهُدَى، والبيد هاجِمةٌ،
يَقْمُسنَ في الآلِ غُلْفاً أَو يُصَلِّينا
والولدُ إِذا اضطرب في سُخْد السَّلَى قيل: قَمَسَ؛ قال رؤبة:
وقامِسٍ في آلهِ مُكَفَّنِ،
يَنْزُونَ نَزْو اللاعبينَ الزُّفَّنِ
وقال شَمِر: قَمَسَ الرجل في الماء إِذا غاب فيه، وقَمَسَت الدَّلْوُ في
الماء إِذا غابت فيه، وانْقَمَسَ في الرَّكِيَّة إِذا وثَبَ فيها،
وقَمَسْتُ به في البئر أَي رَمَيْت. وفي الحديث: أَنه رجَمَ رجلاً ثم صلى
عليه، وقال: إِنه الآن لَيَنْقَمِسُ في رِياضِ الجنة، وروي: في أَنهار الجنة،
من قَمَسَه في الماء فانقمَسَ، ويروى، بالصاد، وهو بمعناه. وفي حديث
وفْد مَذْحِج: في مَفازة تُضْحِي أَعلامُها قامِساً ويُمْسي سَرابُها طامساً
أَي تَبْدو جبالُها للعين ثم تغيب، وأَراد كلَّ عَلَم من أَعلامها فلذلك
أَفرد الوصف ولم يجمعُه. قال الزمخشري: ذكر سيبويه أَن أَفعالاً يكون
للواحد وأَن بعض العرب يقول هو الأَنْعام، واستشهد بقوله تعالى: وإِنَّ لكم
في الأَنعام لعِبرة نُسقِيكم مما في بطونه، وعليه جاء وله: تُضْحِي
أَعلامُها قامِساً، وهو ههنا فاعل بمعنى مفعول.
وفلانٌ يقامس في سِرّه
(* قوله «وفلان يقامس في سره إلخ» عبارة شرح
القاموس: وفلان يقمس في سربه إذا كان يختفي مرة ويظهر مرة .) إِذا كان يَحْنَق
مرة ويظهر مرة. ويقال للرجل إِذا ناظَر أَو خاصم قِرْناً: إِنما يُقامِس
حُوتاً؛ قال مالك بن المتنخل الهذلي:
ولكنَّما حُوتاً بِدُجْنَى أُقامِسُ
دُجْنَى: موضع، وقيل إِنما يقال ذلك إِذا ناظَر مَن هو أَعلم منه،
وقامَسْتُه فَقَمَسْته. وقَمَسَ الولدُ في بطن أُمِّه: اضطرب. والقامِس:
الغَوَّاص؛ قال أَبو ذؤيب:
كأَنَّ ابنةَ السَهْمِيِّ دَرَّة قامسٍ،
لها بعد تَقْطِيعِ النُّبُوح وهِيجُ
(* قوله «بعد تقطيع النبوح» هكذا في الأصل المعوّل عليه هنا وفيه في
مادة وهج بعد تقطيع الثبوج.)
وكذلك القَمَّاس. والقَمْس: الغَوْص. والتقميسُ: أَن يُرْوِي الرجل
إِبلَه؛ والتَغْمِيسُ، بالغين: أَن يسقِيها دون الرِّيِّ، وقد تقدم. وأَقْمَس
الكوكبُ وانقمس: انحطَّ في المغرب؛ قال ذو الرمّة يذكر مَطراً عند سقوط
الثُّرَيَّا.
أَصابَ الأَرضَ مُنْقَمَسُ الثريا،
بِساحِيةٍ، وأَتْبَعَها طِلالا
وإِنما خَّص الثريا لأَنه زعم أَن العرب تقول: ليس شيء من الأَنْواء
أَغْزَر من نَوْء الثريا، أَراد أَن المطر كان عند نَوء الثريا، وهو
مُنْقَمَسها، لغَزَارة ذلك المطر.
والقاموس والقَومَس: قعر البحر، وقيل: وسَطه ومُعظمه. وفي حديث ابن
عباس: وسُئل عن المَدّ والجَزْر قال: مَلَك موكَّل بقاموس البحر كلما وضَع
رجلَه فيه فاضَ وإِذا رفعها غاضَ أَي زاد ونقَس، وهو فاعُولٌ من القَمْس.
وفي الحديث أَيضاً: قال قولاً بلغ به قاموس البحر أَي قَعْرَه الأَقصى،
وقيل: وسَطه ومُعظمه؛ قال أَبو عبيد: القاموس أَبعد موضع غَوْراً في البحر،
قال: وأَصل القَمْس الغَوْس. والقَوْمَسُ: الملِك الشريف. والقَوْمَسُ:
السيد، وهو القُمَّسُ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
وعَلِمْتُ أَني قد مُنِيتُ بِنَيْطَلٍ،
إِذ قيل: كان من ال دَوْفَنَ قُمَّسُ
والجمع قَمامِس وقَمامِسَة، أَدخلوا الهاء لتأْنيث الجمع، وقُومِس:
موضع؛ قال أَحد الخوارج:
ما زالت الأَقدارُ حتى قَذَفَْني
بقُومِسَ بين الفَرَّجان وصُول
(* قوله «بين الفرجان» هكذا في الأصل، مشدد الراء وعليه يستقيم وزن
البيت، ولكن اسم الموضع بإسكان الراء كما في معجم ياقوت والقاموس وكذا للمؤلف
في مادة فرج.)
وقامِس: لغة في قاسِم.
قوس: القَوْس: معروفة، عجمية وعربية. الجوهري: القَوْس يذكَّر ويؤنَّث،
فمن أَنَّث قال في تصغيرها قُوَيْسَة، ومن ذكَّر قال قُوَيْس. وقي المثل:
هو من خير قُوَيْس سَهْماً. ابن سيده: القَوْس التي يُرْمى عنها، أُنثى،
وتصغيرها قُوَيْس، بغير هاء، شذَّت عن القياس ولها نظائر قد حكاها
سيبويه، والجمع أَقْوُسٌ وأَقْواس وأَقْياس على المُعاقبة، حكاها يعقوب،
وقِياس، وقِسِيٌّ وقُسِيٌّ، كلاهما على القلْب عن قُوُوس، وإِن كان قُوُوس لم
يستعمل استغَنوْا بقِسِيٍّ عنه فلم يأْتِ إِلا مقلوباً. وقِسْي، قال ابن
جني: وفيه صَنعة
(* قوله «وفيه صنعة» هذا لقظ الأصل.). قال أبو عبيد: جمع
القَوْس قياس؛ قال القُلاخُ بن حَزْن:
ووَتَّرَ الأَساوِرُ القِياسا،
صُغْدِيَّةً تَنتزِعُ الأَنْفاسا
الأَساوِرٌ: جمع أَسوار، وهو المقدَّم من أَساوِرة الفُرْس. والصُّغْد:
جِيل من العجم، ويقال: إِنه اسم بلد. وقولهم في جمع القَوْس قِياس
أَقْيَس من قول من يقول قُسيّ لأَن أَصلها قَوْس، فالواوُ منها قبل السين،
وإِنما حوِّلت الواو ياء لكسرة ما قبلها، فإِذا قلت في جمع القَوْس قِسِيّ
أَخرت الواو بعد السين، قال: فالقِياس جَمْعَ القَوْس أَحسن من القِسِيّ،
وقال الأَصمعي: من القِياس الفَجَّاء. الجوهري: وكان أَصل قِسيّ قُووس
لأَنه فُعُول، إِلا أَنهم قدَّموا اللام وصيَّروه قِسُوٌّ على فُلُوع، ثم
قلبوا الواو ياء وكسروا القاف كما كَسَروا عين عِصِيّ، فصارت قِسِيّ على
فِليعٍ، كانت من ذوات الثلاثة فصارت من ذوات الأَربعة، وإِذا نسبت إِليها
قلت قُسَوِيّ لأَنها فُلُوع مغيّر من فُعُول فتردها إِلى الأَصل، وربما
سمُّوا الذراع قَوساً.
ورجل مُتَقَوِّسٌ قَوْسَه أَي معه قَوْس.
والمِقْوَسُ، بالكسر: وعاء القَوْس.
ابن سيده: وقاوسَني فَقُسته؛ عن اللحياني، لم يَزِدْ على ذلك، قال:
وأَراه أَراد حاسَنَني بقَوْسِه فكنت أَحسن قوساً منه كما تقول: كارَمَني
فَكَرَمْتُه وشاعَرَني فشعَرْتُه وفاخَرَني فَفَخَرْتُه، إِلا أَن مثل هذا
إِنما هو في الأَعراض نحو الكَرَم والفَخْر، وهو في الجواهر كالقَوْس
ونحوها قليل، قال: وقد عَمِلَ سيبويه في هذا باباً فلم يذكر فيه شيئاً من
الجواهر.
وقَوْس قَزَحَ: الخط المُنْعطف في السماء على شكل القَوْس، ولا يفصل من
الإِضافة، وقيل: إِنما هو قوس اللَّه لأَن قُزَح اسم شيطان.
وقَوْس الرجل: ما انحنى من ظهره؛ هذه عن ابن الأعرابي، قال: أَراه على
التشبيه. وتَقَوَّس قَوْسَه احتملها. وتَقَوَّس الشيءُ واسْتَقْوَس:
انعطف. ورجل أَقْوَسُ ومُتَقَوِّس ومُقَوِّس: منعطِف؛ قال الراجز:
مُقَوِّساً قد ذَرِئَتْ مَجالِيهْ
واستعاره بعض الرجَّاز لليوم فقال:
إِني إِذا وجْه الشَّريب نكّسا،
وآضَ يومُ الوِرْد أَجْناً أَقْوَسا،
أُوصِي بأُولى إِبلي أَن تُحْبَسا
وشيخٌ أَقْوَس: مُنْحَني الظهر. وقد قَوَّسَ الشيخُ تَقْويساً أَي
انحنى، واسْتَقْوَس مثله، وتَقَوَّس ظهره؛ قال امرُؤ القيس:
أَراهُنَّ لا يُحْبِبْنَ مَنْ قَلَّ مالُه،
ولا مَنْ رأَيْنَ الشَّيْبَ فيه وقَوَّسا
وحاجب مُقَوِّس: على التشبيه بالقَوْس. وحاجب مُسْتَقْوِس ونُؤْيٌّ
مُسْتَقْوِس إِذا صار مثل القَوْس، ونحو ذلك مما ينعطف انعطاف القَوْس؛ قال
ذو الرمة:
ومُسْتَقْوِس قد ثَلَّمَ السَّيْلُ جُدْرَهُ،
شَبيه بأَعضادِ الخَبيطِ المُهَدَّمِ
ورجل قَوَّاس وقَيَّاس: للذي يَبْري القِياس؛ قال: وهذا على المُعاقبة.
والقَوْسُ: القليل من التمر يبقى في أَسفل الجُلَّةِ، مؤنث أَيضاً، وقيل:
الكُتْلة من التمر، والجمع كالجمع، يقال: ما بقي إِلا قَوْس في أَسفلها.
ويروى عن عمرو بن معد يكرب أَنه قال: تضيَّفْت خالد بن الوليد، وفي
رواية: تضيَّفْت بني فلان فأَتَوْني بثَوْر وقَوْس وكَعْب؛ فالقوس الشيء من
التمر يبقى في أَسفل الجُلَّة، والكعْب الشيء المجموع من السمن يبقى في
النِّحْيِ، والثور القطعة من الأَقِط. وفي حديث وفْد عبد القَيْس: قالوا
لرجُل منهم أَطعِمْنا من بقية القَوْس الذي في نَوْطِك.
وقَوْسى: اسم موضع. والقُوسُ، بضم القاف: رأْس الصَّوْمعة، وقيل: هو
موضع الراهب، وقيل: صَوْمَعة الراهبْ، وقيل: هو الراهب بعينه؛ قال جرير وذكر
امرأَة:
لا وَصْلَ، إِذ صرفتْ هندٌ، ولو وقَفَتْ
لاسْتَفْتَنَتْني وذا المِسْحَيْن في القُوسِ
قد كنتِ تِرْباً لنا يا هندُ، فاعْتبِري،
ماذا يَريبُك من شَيْبي وتَقْويسي؟
أَي قد كنتِ تِرْباً من أَتْرابي وشبتِ كما شِبْتُ فما بالُك يَريبُك
شيبي ولا يَريبُني شيبك؟ ابن الأَعرابي: القُوس بيت الصائد.
والقُوسُ أَيضاً: زَجر الكلب إِذا خَسَأْته قلت له: قُوسْ قُوسْ قال:
فإِذا دعوته قلت له: قُسْ قُسْ وقَوْقَسَ إِذا أَشلى الكلب.
والقَوِسُ: الزمان الصعب؛ يقال: زمان أَقْوَس وقَوِس وقُوسِيّ إِذا كان
صعباً، والأَقْوَسُ من الرمل: المشْرِفُ كالإِطارِ؛ قال الراجز:
أَثْنى ثِناءً من بَعيد المَحْدِسِ،
مشهُورة تَجْتاز جَوْزَ الأَقْوَسِ
أَي تقطع وسط الرمل. وجَوْزُ كل شيء: وسَطه والقَوْسُ: بُرْجٌ في
السماء.وقِسْتُ الشيء بغيره وعلى غيره أَقِيسُ قَيْساً وقِياساً فانقاس إِذا
قدَّرته على مثاله؛ وفيه لغة أُخْرى: قُسْتُه أَقُوسُه قَوْساً وقِياساً
ولا تقل أَقَسْته، والمِقْدار مِقْياس. ابن سيده: قُسْتُ الشيءَ قِسْتُه،
وأَهل المدينة يقولون: لا يجوز هذا قي القَوْس، يريدون القياس. وقايَسْت
بين الأَمرين مُقايَسة وقياساً. ويقال: قايَسْت فلاناً إِذا جارَيْتَه في
القِياس. وهو يَقْتاسُ الشيء بغيره أَي يَقِيسُه به، ويَقْتاس بأَبيه
اقْتِياساً أَي يسْلك سبيله ويَقتدي به. والمِقْوَس: الحَبْل الذي تُصَفُّ
عليه الخيل عند السِّباق، وجمعه مَقاوِس، ويقال المِقْبَصُ أَيضاً؛ قال
أَبو العيال الهذلي:
إِنَّ البلاءَ لَدى المَقاوِس مُخْرِجٌ
ما كان من غَيْبٍ، ورَجْمٍ ظُنُون
قال ابن الأَعرابي: الفرَس يَجْري بِعتْقِه وعِرْقه، فإِذا وُضع في
المِقْوَس جرى بِجِدِّ صاحبه. الليث: قام فلان على مِقْوَس أَي على
حِفاظ.ولَيْل أَقْوَس: شديد الظلمة؛ عن ثعلب؛ أَنشد ابن الأعرابي:
يكون من لَيْلي ولَيْلِ كَهْمَسِ،
ولَيْلِ سَلْمان الغَسِيّ الأَقْوَسِ،
واللاَّمِعات بالنُّشُوعِ النُّوَّسِ
وقَوَّسَت السحابة: تَفَجَّرت؛ عنه أَيضاً؛ وأَنشد:
سَلَبْتُ حُمَيَّاها فعادَتْ لنَجْرِها،
وآلَتْ كَمُزْنٍ قَوَّسَتْ بعُيونِ
أَي تفجَّرت بعيون من المطَر. وروى المنذر عن أَبي الهيثم أَنه قال:
يقال إِن الأَرنب قالت: لا يَدَّريني إِلا الأَجْنى الأَقْوَسُ الذي
يَبْدُرُني ولا ييأَس؛ قوله لا يَدَّريني أَي لا يَخْتِلُني. والأَجْنى
الأَقْوَس: المُمارس الداهية من الرجال. يقال: إِنه لأَجْنى أَقْوَس إِذا كان
كذلك، وبعضهم يقول: أَحْوى أَقْوَس؛ يريدون بالأَحْوى الأَلْوَى، وحَوَيْتُ
ولَوَيْتُ واحد؛ وأَنشد:
ولا يزال، وهو أَجْنى أَقْوَسُ،
يأْكل، أَو يَحْسو دَماً ويَلْحَسُ
قرن: القَرْنُ للثَّوْر وغيره: الرَّوْقُ، والجمع قُرون، لا يكسَّر على
غير ذلك، وموضعه من رأْس الإنسان قَرْنٌ أَيضاً، وجمعه قُرون. وكَبْشٌ
أَقْرَنُ: كبير القَرْنَين، وكذلك التيس، والأُنثى قَرْناء؛ والقَرَنُ
مصدر. كبش أَقْرَنُ بَيِّنُ القَرَن. ورُمْح مَقْرُون: سِنانُه من قَرْن؛
وذلك أَنهم ربما جعلوا أَسِنَّةَ رماحهم من قُرُون الظباء والبقر
الوحشي؛ قال الكميت:
وكنَّا إذا جَبَّارُ قومٍ أَرادنا
بكَيْدٍ، حَمَلْناه على قَرْنِ أَعْفَرا
وقوله:
ورامِحٍ قد رَفَعْتُ هادِيَهُ
من فوقِ رُمْحٍ، فظَلَّ مَقْرُونا
فسره بما قدمناه. والقَرْنُ: الذُّؤابة، وخص بعضهم به ذُؤابة المرأَة
وضفيرتها، والجمع قُرون. وقَرْنا الجَرادةِ: شَعرتانِ في رأْسها. وقَرْنُ
الرجلِ: حَدُّ رأْسه وجانِبهُ. وقَرْنُ الأَكمة: رأْسها. وقَرْنُ الجبل:
أَعلاه، وجمعها قِرانٌ؛ أَنشد سيبويه:
ومِعْزىً هَدِياً تَعْلُو
قِرانَ الأَرضِ سُودانا
(* قوله: هَدِيا؛ هكذا في الأصل، ولعله خفف هَدِياً مراعاة لوزن الشعر).
وفي حديث قَيْلة: فأَصابتْ ظُبَتُه طائفةً من قُرونِ رأْسِيَهْ أَي
بعضَ نواحي رأْسي. وحَيَّةٌ قَرْناءُ: لها لحمتان في رأْسها كأَنهما
قَرْنانِ، وأكثر ذلك في الأَفاعي. الأَصمعي: القَرْناء الحية لأَن لها قرناً؛
قال ذو الرمة يصف الصائد وقُتْرتَه:
يُبايِتُه فيها أَحَمُّ، كأَنه
إباضُ قَلُوصٍ أَسْلَمَتْها حِبالُها
وقَرْناءُ يَدْعُو باسْمِها، وهو مُظْلِمٌ،
له صَوْتُها: إرْنانُها وزَمالُها
يقول: يُبيِّنُ لهذا الصائد صَوْتُها أَنها أَفْعَى، ويُبَيِّنُ له
مَشْيُها وهو زَمَالها أَنها أَفعى، وهو مظلم يعني الصائد أَنه في ظلمة
القُتْرَة؛ وذكر في ترجمة عرزل للأَعشى:
تَحْكِي له القَرْناءُ، في عِرْزَالِها،
أُمَّ الرَّحَى تَجْرِي على ثِفالِها
قال: أَراد بالقَرْناء الحية. والقَرْنانِ: مَنارَتانِ تبنيان على رأْس
البئر توضع عليهما الخشبة التي يدور عليها المِحْوَرُ، وتُعَلَّق منها
البَكَرةُ، وقيل: هما مِيلانِ على فم البئر تعلق بهما البكرة، وإنما يسميان
بذلك إذا كانا من حجارة، فإذا كانا من خشب فهما دِعامتانِ. وقَرْنا
البئرِ: هما ما بُنِيَ فعُرِّض فيجعل عليه الخَشَبُ تعلق البكرة منه؛ قال
الراجز:
تَبَيَّنِ القَرْنَيْنِ، فانْظُرْ ما هما،
أَمَدَراً أَم حَجَراً تَراهُما؟
وفي حديث أَبي أَيوب: فوجده الرسولُ يغتسل بين القَرْنَيْنِ؛ هما قَرْنا
البئر المبنيان على جانبيها، فإن كانتا من خشب فهما زُرْنُوقان.
والقَرْنُ أَيضاً: البَكَرَةُ، والجمع أَقْرُنٌ وقُرُونٌ. وقَرْنُ الفلاة:
أَوّلها. وقَرْنُ الشمس: أَوّلها عند طلوع الشمس وأَعلاها، وقيل: أوّل
شعاعها، وقيل: ناحيتها. وفي الحديث حديث الشمس: تَطْلُع بين قَرْنَيْ شَيْطانٍ،
فإذا طَلَعَتْ قارَنَها، فإذا ارْتَفَعَتْ فارقها؛ ونهي النبي، صلى الله
عليه وسلم، عن الصلاة في هذا الوقت، وقيل: قَرْنا الشيطان ناحيتا رأْسه،
وقيل: قَرْناه جَمْعاهُ اللذان يُغْريهما بإضلال البشر. ويقال: إن
الأَشِعَّةَ
(* قوله «ويقال إن الأشعة إلخ» كذا بالأصل ونسخة من التهذيب،
والذي في التكملة بعد قوله تشرف عليهم: هي قرنا الشيطان) .التي تَتَقَضَّبُ
عند طلوع الشمس ويُتَراءَى للعيون أَنها تُشْرِف عليهم؛ ومنه قوله:
فَصَبَّحَتْ، والشمسُ لم تُقَضِّبِ،
عَيْناً بغَضْيانَ ثَجُوجِ العُنْبُب
قيل: إن الشيطان وقَرْنَيْه يُدْحَرُونَ عن مَقامهم مُرَاعِين طلوعَ
الشمس ليلة القَدر، فلذلك تَطْلُع الشمسُ لا شُعاعَ لها، وذلك بَيِّنٌ في
حديث أُبيّ بن كعب وذكره آيةَ ليلة القدر، وقيل: القَرْنُ القُوَّة أي
حين تَطْلُع يتحرّك الشيطان ويتسلط فيكون كالمُعِينِ لها، وقيل: بين
قَرْنَيْه أي أُمَّتَيْه الأَوّلين والآخرين، وكل هذا تمثيل لمن يسجد للشمس
عند طلوعها، فكأَنَّ الشيطان سَوَّل له ذلك، فإذا سجد لها كان كأَن
الشيطان مُقْتَرِنٌ بها.
وذو القَرْنَيْنِ الموصوفُ في التنزيل: لقب لإسْكَنْدَرَ الرُّوميّ، سمي
بذلك لأَنه قَبَضَ على قُرون الشمس، وقيل: سمي به لأَنه دعا قومه إلى
العبادة فَقَرَنُوه أَي ضربوه على قَرْنَيْ رأْسه، وقيل: لأَنه كانت له
ضَفيرتان، وقيل: لأَنه بلغ قُطْرَي الأَرض مشرقها ومغربها، وقوله، صلى
الله عليه وسلم، لعلي، عليه السلام: إن لك بيتاً في الجنة وإنك لذو
قَرْنَيْها؛ قيل في تفسيره: ذو قَرْنَي الجنة أَي طرفيها؛ قال أَبو عبيد: ولا
أَحسبه أَراد هذا، ولكنه أَراد بقوله ذو قرنيها أَي ذو قرني الأُمة،
فأَضمر الأُمة وإن لم يتقدم ذكرها، كما قال تعالى: حتى تَوارتْ بالحجاب؛
أَراد الشمس ولا ذكر لها. وقوله تعالى: ولو يُؤَاخِذُ اللهُ الناسَ بما
كسَبُوا ما تَرَكَ على ظَهْرِها من دابةٍ؛ وكقول حاتم:
أَماوِيَّ، ما يُغْني الثَّراءُ عن الفَتَى،
إذا حَشْرَجَتْ يوماً، وضاق بها الصَّدْرُ
يعني النفْسَ ، ولم يذكرها. قال أَبو عبيد: وأَنا أَختار هذا التفسير
الأَخير على الأَول لحديث يروى عن علي، رضي الله عنه، وذلك أَنه ذكر ذا
القَرْنَيْنِ فقال: دعا قومه إلى عبادة الله فضربوه على قَرْنَيه
ضربتين وفيكم مِثْلُه؛ فنُرَى أَنه أَراد نَفْسه، يعني أَدعو إلى الحق حتى
يُضرب رأْسي ضربتين يكون فيهما قتلي، لأَنه ضُرِبَ على رأْسه ضربتين:
إحداهما يوم الخَنْدَقِ، والأُخرى ضربة ابن مُلْجَمٍ. وذو القرنين: هو
الإسكندرُ، سمي بذلك لأَنه ملك الشرق والغرب، وقيل: لأَنه كان في رأْسه
شِبْهُ قَرْنَين، وقيل: رأَى في النوم أَنه أَخَذَ بقَرْنَيِ الشمسِ. وروي
عن أَحمد بن يحيى أَنه قال في قوله، عليه السلام: إنك لذو قَرْنَيْها؛
يعني جَبَليها، وهما الحسن والحسين؛ وأَنشد:
أَثوْرَ ما أَصِيدُكم أَم ثورَيْنْ،
أَم هذه الجَمّاءَ ذاتَ القَرْنَيْنْ
قال: قَرْناها ههنا قَرْناها، وكانا قد شَدَنا، فإذا آذاها شيء دَفَعا
عنها. وقال المبرد في قوله الجماء ذات القرنين، قال: كان قرناها صغيرين
فشبهها بالجَمّاءِ، وقيل في قوله: إنك ذو قَرْنَيْها؛ أي إنك ذو قَرنَيْ
أُمَّتي كما أَن ذا القرنين الذي ذكره الله في القرآن كان ذا قَرْنيْ
أُمَّته التي كان فيهم. وقال، صلى الله عليه وسلم: ما أَدري ذو القرنين
أَنبيّاً كان أَم لا. وذو القَرْنينِ: المُنْذِرُ الأَكبرُ بنُ ماءٍ
السماء جَدُّ النُّعمان بن المنذر، قيل له ذلك لأَنه كانت له ذؤابتان
يَضْفِرُهما في قَرْنيْ رأْسه فيُرْسِلُهما، وليس هو الموصوف في التنزيل، وبه
فسر ابن دريد قول امرئ القيس:
أَشَذَّ نَشاصَ ذي القَرْنينِ، حتى
توَلَّى عارِضُ المَلِكِ الهُمامِ
وقَرْنُ القوم: سيدُهم. ويقال: للرجل قَرْنانِ أَي ضفيرتان؛ وقال
الأَسَدِيُّ:
كَذَبْتُم، وبيتِ اللهِ، لا تَنْكِحونها
بَنِي شابَ قَرْناها تُصَرُّ وتُحْلَبُ
أَراد يا بني التي شابَ قَرْناها، فأَضمره. وقَرْنُ الكلإِ: أَنفه الذي
لم يوطأْ، وقيل: خيره، وقيل: آخره. وأَصاب قَرْنَ الكلإ إذا أَصاب مالاً
وافراً. والقَرْنُ: حَلْبَة من عَرَق. يقال: حَلَبنا الفرسَ قَرْناً أَو
قَرْنينِ أي عَرَّقناه. والقَرْنُ: الدُّفعة من العَرَق. يقال: عَصَرْنا
الفرسَ قَرْناً أو قَرْنين، والجمع قُرون؛ قال زهير:
تُضَمَّرُ بالأَصائِل كلَّ يوْمٍ،
تُسَنُّ على سَنابِكِها القُرُونُ
وكذلك عَدَا الفرسُ قَرْناً أَو قرنين. أَبو عمرو: القُرونُ العَرَقُ.
قال الأَزهري: كأَنه جمع قَرْن. والقَرُونُ: الذي يَعْرَقُ سريعاً، وقيل:
الذي يَعْرَق سريعاً إذا جرى، وقيل: الفرس الذي يَعْرَقُ سريعاً، فخص.
والقَرْنُ: الطَّلَقُ من الجَرْي. وقُروُنُ المطر: دُفَعُه
المُتَفرِّقة.والقَرْنُ: الأُمَّةُ تأْتي بعد الأُمَّة، وقيل: مُدَّتُه عشر سنين،
وقيل: عشرون سنة، وقيل: ثلاثون، وقيل: ستون، وقيل: سبعون، وقيل: ثمانون وهو
مقدار التوسط في أَعمار أهل الزمان، وفي النهاية: أََهل كلِّ زمان،
مأْخوذ من الاقْتِران، فكأَنه المقدار القد يَقْترِنُ فيه أهلُ ذلك الزمان في
أَعمارهم وأَحوالهم. وفي الحديث: أَن رجلاً أَتاه فقال عَلِّمْني
دُعاءً، ثم أَتاه عند قَرْنِ الحَوْلِ أَي عند آخر الحول الأَول وأَول
الثاني. والقَرْنُ في قوم نوح: على مقدار أَعمارهم؛ وقيل: القَرْنُ أَربعون
سنة بدليل قول الجَعْدِي:
ثَلاثةَ أَهْلِينَ أَفْنَيْتُهُم،
وكانَ الإلَهُ هو المُسْتَاسا
وقال هذا وهو ابن مائة وعشرين سنة، وقيل: القَرْن مائة سنة، وجمعه
قُرُون. وفي الحديث: أَنه مسح رأْس غلام وقال عِشْ قَرْناً، فعاش مائة سنة.
والقَرْنُ من الناس: أَهلُ زمان واحد؛ وقال:
إذا ذهب القَرْنُ الذي أَنتَ فيهمُ،
وخُلِّفْتَ في قَرْنٍ، فأَنتَ غَرِيبُ
ابن الأَعرابي: القَرْنُ الوقت من الزمان يقال هو أَربعون سنة، وقالوا:
هو ثمانون سنة، وقالوا: مائة سنة؛ قال أَبو العباس: وهو الاختيار لما
تقدَّم من الحديث. وفي التنزيل العزيز: أَوَلَمْ يَرَوْا كم أَهْلَكْنا من
قبْلهم من قَرْنٍ؛ قال أَبو إسحق: القَرْنُ ثمانون سنة، وقيل: سبعون سنة،
وقيل: هو مطلق من الزمان، وهو مصدر قَرَنَ يَقْرُنُ؛ قال الأَزهري:
والذي يقع عندي، والله أَعلم، أن القَرْنَ أَهل كل مدة كان فيها نبيّ أَو كان
فيها طبقة من أَهل العلم، قَلَّتْ السِّنُون أَو كثرت، والدليل على
هذا قول النبي، صلى الله عليه وسلم: خَيْرُكم قَرْنِي، يعني أَصحابي، ثم
الذين يَلُونَهم، يعني التابعين، ثم الذين يَلُونهم، يعني الذين أَخذوا
عن التابعين، قال: وجائز أَن يكون القَرْنُ لجملة الأُمة وهؤلاء قُرُون
فيها، وإنما اشتقاق القَرْن من الاقْتِران، فتأَويله أَن القَرْنَ الذين
كانوا مُقْتَرِنين في ذلك الوقت والذين يأْتون من بعدهم ذوو اقْتِرانٍ آخر.
وفي حديث خَبّابٍ: هذا قَرْنٌ قد طَلَعَ؛ أَراد قوماً أَحداثاً
نَبَغُوا بعد أَن لم يكونوا، يعني القُصّاص، وقيل: أَراد بِدْعَةً حَدثت لم
تكون في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم. وقال أَبو سفيان بن حَرْبٍ
للعباس بن عبد المطلب حين رأَى المسلمين وطاعتهم لرسول الله، صلى الله عليه
وسلم، واتباعَهم إياه حين صلَّى بهم: ما رأَيت كاليوم طاعةَ قومٍ، ولا
فارِسَ الأَكارِمَ، ولا الرومَ ذاتَ القُرُون؛ قيل لهم ذاتُ القُرُون
لتوارثهم الملك قَرْناً بعد قَرْنٍ، وقيل: سُمُّوا بذلك لقُرُونِ شُعُورهم
وتوفيرهم إياها وأَنهم لا يَجُزُّونها. وكل ضفيرة من ضفائر الشعر
قَرْنٌ؛ قال المُرَقِّشُ:
لاتَ هَنَّا، وليْتَني طَرَفَ الزُّجْـ
جِ، وأَهلي بالشأْم ذاتُ القُرونِ
أَراد الروم، وكانوا ينزلون الشام. والقَرْنُ: الجُبَيْلُ المنفرد،
وقيل: هو قطعة تنفرد من الجَبَل، وقيل: هو الجبل الصغير، وقيل: الجبيل
الصغير المنفرد، والجمع قُرُونٌ وقِرانٌ؛ قال أَبو ذؤيب:
تَوَقَّى بأَطْرافِ القِرانِ، وطَرْفُها
كطَرْفِ الحُبَارَى أَخطأَتْها الأَجادِلُ
والقَرْنُ: شيء من لِحَاء شَجر يفتل منه حَبْل. والقَرْن: الحَبْل من
اللِّحاءِ؛ حكاه أَبو حنيفة. والقَرْنُ أَيضاً: الخُصْلة المفتولة من
العِهْن. والقَرْنُ: الخُصْلة من الشعر والصوف، جمعُ كل ذلك قُروُنٌ؛ ومنه
قول أَبي سفيان في الرُّومِ: ذاتِ القُرُون؛ قال الأَصمعي: أَراد قُرون
شعُورهم، وكانوا يُطوِّلون ذلك يُعْرَفُون به؛ ومنه حديث غسل الميت:
ومَشَطناها ثلاثَ قُرون. وفي حديث الحجاج: قال لأسماءَ لَتَأْتِيَنِّي أو
لأَبعَثنَّ إليكِ من يسَحبُك بقرونكِ. وفي الحديث: فارِسُ نَطْحةً أَو
نَطْحتَين
(* قوله «فارس نصحة أو نطحتين» كذا بالأصل ونسختين من النهاية
بنصب نطحة أو نطحتين، وتقدم في مادة نطح رفعهما تبعاً للأصل ونسخة من
النهاية وفسره بما يؤيد بالنصب حيث قال هناك: قال أبو بكر معناه فارس تقاتل
المسلمين مرة أو مرتين فحذف الفعل وقيل تنطح مرة أو مرتين فحذف الفعل
لبيان معناه) . ثم لا فارس بعدها أَبداً. والرُّوم ذاتُ القُرون كلما
هلَك قَرْنٌ خَلَفه قرن، فالقُرون جمع قَرْنٍ؛ وقول الأَخطل يصف النساء:
وإذا نَصَبْنَ قُرونَهنَّ لغَدْرةٍ،
فكأَنما حَلَّت لهنَّ نُذُورُ
قال أَبو الهيثم: القُرون ههنا حبائلُ الصَّيّاد يُجْعَل فيها قُرونٌ
يصطاد بها، وهي هذه الفُخوخ التي يصطاد بها الصِّعاءُ والحمامُ، يقول:
فهؤلاء النساءإِذا صِرْنا في قُرونهنَّ فاصْطَدْننا فكأَنهن كانت عليهن
نُذُور أَن يَقْتُلننا فحَلَّتْ؛ وقول ذي الرمة في لغزيته:
وشِعْبٍ أَبى أَن يَسْلُكَ الغُفْرُ بينه،
سَلَكْتُ قُرانى من قَياسِرةٍ سُمْرا
قيل: أَراد بالشِّعْب شِعْب الجبل، وقيل: أَراد بالشعب فُوقَ السهم،
وبالقُرانى وَتراً فُتِل من جلد إِبل قَياسرةٍ. وإِبلٌ قُرانى أَي ذات
قرائن؛ وقول أَبي النجم يذكر شَعرهَ حين صَلِعَ:
أَفناه قولُ اللهِ للشمسِ: اطلُعِي
قَرْناً أَشِيبِيه، وقَرْناً فانزِعي
أَي أَفنى شعري غروبُ الشمس وطلوعها، وهو مَرُّ الدهر.
والقَرينُ: العين الكَحِيل.
والقَرْنُ: شبيةٌ بالعَفَلة، وقيل: هو كالنُّتوء في الرحم، يكون في
الناس والشاء والبقر. والقَرْناء: العَفْلاء.
وقُرْنةُ الرَّحِم: ما نتأَ منه، وقيل: القُرْنتان رأْس الرحم، وقيل:
زاويتاه، وقيل: شُعْبَتاه، كل واحدة منهما قُرْنةٌ، وكذلك هما من رَحِم
الضَّبَّة. والقَرْنُ: العَفَلة الصغيرة؛ عن الأَصمعي. واخْتُصِم إِلى
شُرَيْح في جارية بها قَرَنٌ فقال: أَقعِدوها، فإِن أَصابَ الأَرض فهو عَيبٌ،
وإِن لم يصب الأَرض فليس بعيب. الأَصمعي: القَرَنُ في المرأَة كالأُدْرة
في الرجل. التهذيب: القَرْناءُ من النساء التي في فرجها مانع يمنع من
سُلوك الذكر فيه، إِما غَدَّة غليظة أَو لحمة مُرْتَتِقة أَو عظم، يقال
لذلك كله القَرَنُ؛ وكان عمر يجعل للرجل إِذا وجد امرأَته قَرْناءَ الخيارَ
في مفارقتها من غير أَن يوجب عليه المهر وحكى ابن بري عن القَزّاز قال:
واختُصِم إِلى شُريح في قَرَن، فجعل القَرَن هو العيب، وهو من قولك امرأَة
قَرْناءُ بَيِّنة القَرَن، فأََما القَرْنُ، بالسكون، فاسم العَفَلة،
والقَرَنُ، بالفتح، فاسم العيب. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: إِذا تزوج
المرأَة وبها قَرْنٌ، فإِن شاءَ أَمسك، وإِن شاءَ طلق؛ القَرْنُ، بسكون
الراء: شيء يكون في فرج المرأَة كالسنِّ يمنع من الوطءِ، ويقال له
العَفَلةُ. وقُرْنةُ السيف والسِّنان وقَرْنهما: حدُّهما. وقُرْنةُ النَّصْلِ:
طرَفه، وقيل: قُرْنتاه ناحيتاه من عن يمينه وشماله. والقُرْنة، بالضم:
الطرَف الشاخص من كل شيء؛ يقال: قُرْنة الجبَل وقُرْنة النَّصْلِ وقُرْنة
الرحم لإِحدى شُعْبتَيه. التهذيب: والقُرْنة حَدُّ السيف والرمح والسهم،
وجمع القُرْنة قُرَنٌ. الليث: القَرْنُ حَدُّ رابية مُشْرِفة على وهدة
صغيرة، والمُقَرَّنة الجبال الصغار يدنو بعضها من بعض، سميت بذلك لتَقارُبها؛
قال الهذلي
(* قوله «قال الهذلي» اسمه حبيب، مصغراً، ابن عبد الله) :
دَلَجِي، إِذا ما الليلُ جَنْـ
ـنَ، على المُقَرَّنةِ الحَباحِبْ
أَراد بالمُقَرَّنة إِكاماً صغاراً مُقْترِنة.
وأَقرَنَ الرُّمحَ إِليه: رفعه. الأَصمعي: الإِقْرانُ رفع الرجل رأْس
رُمحِه لئلاَّ يصيب مَنْ قُدّامه. يقال: أَقرِنْ رمحك. وأَقرَن الرجلُ إِذا
رفع رأْسَ رمحِهِ لئلا يصيب من قدَّامه. وقَرَن الشيءَ بالشيءِ وقَرَنَه
إِليه يَقْرِنه قَرْناً: شَدَّه إِليه. وقُرِّنتِ الأُسارَى بالحبال،
شُدِّد للكثرة.
والقَرينُ: الأَسير. وفي الحديث: أَنه، عليه السلام، مَرَّ برَجلين
مُقترنين فقال: ما بالُ القِران؟ قالا:
نذَرْنا، أَي مشدودين أَحدهما إِلى الآخر بحبل. والقَرَنُ، بالتحريك:
الحبل الذي يُشدّان به، والجمع نفسه قَرَنٌ أَيضاً. والقِرانُ: المصدر
والحبل. ومنه حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: الحياءُ والإِيمانُ في قَرَنٍ
أَي مجموعان في حبل أَو قِرانٍ. وقوله تعالى: وآخرِين مُقَرَّنين في
الأَصفاد، إِما أَن يكون أَراد به ما أَراد بقوله مَقرُونين، وإِما أَن يكون
شُدِّد للتكثير؛ قال ابن سيده: وهذا هو السابق إِلينا من أَول وَهْلة.
والقِرانُ: الجمع بين الحج والعمرة، وقَرَنَ بين الحج والعمْرة قِراناً،
بالكسر. وفي الحديث: أَنه قَرَن بين الحج والعمرة أَي جمع بينهما بنيَّة
واحدة وتلبية واحدة وإِحرام واحد وطواف واحد وسعي واحد، فيقول: لبيك بحجة
وعمرة، وهو عند أَبي حنيفة أَفضل من الإِفراد والتمتع. وقَرَنَ الحجَّ
بالعمرة قِراناً: وَصَلها. وجاء فلان قارِناً، وهو القِرانُ. والقَرْنُ:
مثلك في السنِّ، تقول: هو على قَرْني أَي على سِنِّي. الأَصمعي: هو
قَرْنُه في السن، بالفتح، وهو قِرْنه، بالكسر، إِذا كان مثله في الشجاعة
والشّدة. وفي حديث كَرْدَم: وبِقَرْنِ أَيِّ النساء هي أَي بسنِّ أَيهنَّ. وفي
حديث الضالة: إِذا كتَمها آخِذُها ففيها قَرينتها مثلها أَي إِذا وجد
الرجلُ ضالة من الحيوان وكتمها ولم يُنْشِدْها ثم توجد عنده فإِن صاحبها
يأْخذها ومثلها معها من كاتمها؛ قال ابن الأَثير: ولعل هذا في صدر الإِسلام
ثم نسخ، أَو هو على جهة التأَديب حيث لم يُعَرِّفها، وقيل: هو في الحيوان
خاصة كالعقوبة له، وهو كحديث مانع الزكاة: إِنا آخدُوها وشطرَ ماله.
والقَرينةُ: فَعِيلة بمعنى مفعولة من الاقتِران، وقد اقْتَرَنَ الشيئان
وتَقارَنا.
وجاؤُوا قُرانى أَي مُقْتَرِنِين. التهذيب: والقُرانى تثنية فُرادى،
يقال: جاؤُوا قُرانى وجاؤوا فُرادى. وفي الحديث في أَكل التمر: لا قِران ولا
تفتيش أَي لا تَقْرُنْ بين تمرتين تأْكلهما معاً وقارَنَ الشيءُ الشيءَ
مُقارَنة وقِراناً: اقْتَرَن به وصاحَبَه. واقْتَرَن الشيءُ بغيره
وقارَنْتُه قِراناً: صاحَبْته، ومنه قِرانُ
الكوكب. وقَرَنْتُ الشيءَ بالشيءِ: وصلته. والقَرِينُ: المُصاحِبُ.
والقَرينانِ: أَبو بكر وطلحة، رضي الله عنهما، لأَن عثمان بن عَبَيْد الله،
أَخا طلحة، أَخذهما فَقَرَنَهما بحبل فلذلك سميا القَرِينَينِ. وورد في
الحديث: إِنَّ أَبا بكر وعمر يقال لهما القَرينانِ. وفي الحديث: ما من
أَحدٍ إِلا وكِّلَ به قَرِينُه أَي مصاحبه من الملائكة والشَّياطين
وكُلِّإِنسان، فإِن معه قريناً منهما، فقرينه من الملائكة يأْمره بالخير
ويَحُثه عليه. ومنه الحديث الآخر: فقاتِلْه فإِنَّ معه القَرِينَ، والقَرِينُ
يكون في الخير والشر. وفي الحديث: أَنه قُرِنَ
بنبوته، عليه السلام، إِسرافيلُ ثلاثَ سنين، ثم قُرِنَ به جبريلُ، عليه
السلام، أَي كان يأْتيه بالوحي وغيره.
والقَرَنُ: الحبل يُقْرَنُ به البعيرانِ، والجمع أَقْرانٌ، وهو
القِرَانُ وجمعه قُرُنٌ؛ وقال:
أَبْلِغْ أَبا مُسْمِعٍ، إِنْ كنْتَ لاقِيَهُ،
إِنِّي، لَدَى البابِ، كالمَشْدُودِ في قَرَنِ
وأَورد الجوهري عجزه. وقال ابن بري: صواب إِنشاده أَنِّي، بفتح الهمزة.
وقَرَنْتُ
البعيرين أَقْرُنُهما قَرْناً: جمعتهما في حبل واحد. والأَقْرانُ:
الحِبَالُ. الأَصمعي: القَرْنُ جَمْعُكَ بين دابتين في حَبْل، والحبل الذي
يُلَزَّان به يُدْعَى قَرَناً. ابن شُمَيْل: قَرَنْتُ بين البعيرين
وقَرَنْتهما إِذا جمعت بينهما في حبل قَرْناً. قال الأَزهري: الحبل الذي يُقْرَنُ
به بعيران يقال له القَرَن، وأَما القِرانُ
فهو حبل يُقَلَّدُ البعير ويُقادُ به. وروي أَنَّ ابن قَتَادة صَاحِبَ
الحَمَالَةِ تَحَمَّل بحَمَالة، فطاف في العرب يسأَلُ فيها، فانتهى إِلى
أَعرابي قد أَوْرَدَ إِبلَه فسأَله فقال: أَمعك قُرُنٌ؟ قال: نعم، قال:
نَاوِلْني قِرَاناً، فَقَرَنَ له بعيراً، ثم قال: ناولني قِراناً، فَقَرَنَ
له بعيراً، ثم قال: ناولني قِراناً، فَقَرَنَ له بعيراً آخر حتى قَرَنَ
له سبعين بعيراً، ثم قال: هاتِ قِراناً، فقال: ليس معي، فقال: أَوْلى لك
لو كانت معك قُرُنٌ لقَرَنْتُ لك منها حتى لا يبقى منها بعير، وهو إِياس
بن قتادة. وفي حديث أَبي موسى: فلما أَتيت رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، قال خذ هذين القَرِينَيْنِ أَي الجملين المشدودين أَحدهما إِلى الآخر.
والقَرَنُ والقَرِينُ: البعير المَقْرُون بآخر. والقَرينة: الناقة
تُشَدُّ إِلى أُخْرى، وقال الأَعور النبهاني يهجو جريراً ويمدح غَسَّانَ
السَّلِيطِي:
أَقُولُ لها أُمِّي سَليطاً بأَرْضِها،
فبئس مُناخُ النازلين جَريرُ
ولو عند غسَّان السَّليطيِّ عَرَّسَتْ،
رَغَا قَرَنٌ منها وكاسَ عَقيرُ
قال ابن بري: وقد اختلف في اسم الأَعور النَّبْهانِي فقال ابن الكلبي:
اسمه سُحْمَةُ بن نُعَيم بن الأَخْنس ابن هَوْذَة، وقال أَبو عبيدة في
النقائض: يقال له العَنَّاب، واسمه سُحَيْم بن شَريك؛ قال: ويقوي قول أَبي
عبيدة في العَنَّاب قول جرير في هجائه:
ما أَنتَ، يا عَنَّابُ، من رَهْطِ حاتِمٍ،
ولا من رَوابي عُرْوَةَ بن شَبيبِ
رأَينا قُرُوماً من جَدِيلةَ أَنْجَبُوا،
وفحلُ بنِي نَبْهان غيرُ نَجيبِ
قال ابن بري: وأَنكر عليّ بن حمزة أَن يكون القَرَنُ البعيرَ المَقْرونَ
بآخر، وقال: إِنما القَرَنُ الحبل الذي يُقْرَنُ به البعيران؛ وأَما قول
الأَعْور:
رغا قَرَنٌ منها وكاسَ عَقِيرُ
فإِنه على حذف مضاف، مثل واسْأَلِ القريةَ.
والقَرِينُ: صاحبُك الذي يُقارِنُك، وقَرِينُك: الذي يُقارنُك، والجمع
قُرَناءُ، وقُرانى الشيء: كقَرِينه؛ قال رؤبة:
يَمْطُو قُراناهُ بهادٍ مَرَّاد
وقِرْنُك: المُقاوِمُ لك في أَي شيء كان، وقيل: هو المُقاوم لك في شدة
البأْس فقط. والقِرْنُ، بالكسر: كُفْؤك في الشجاعة. وفي حديث عُمَر
والأَسْقُفّ قال: أَجِدُكَ قَرْناً، قال: قَرْنَ مَهْ؟ قال: قَرْنٌ من حديد؛
القَرْنُ، بفتح القافِ: الحِصْنُ، وجمعه قُرُون، وكذلك قيل لها الصَّياصِي؛
وفي قصيد كعب بن زهير:
إِذا يُساوِرُ قِرْناً، لا يَحِلُّ له
أَن يَتْرُك القِرن إِلا وهو مَجْدول
القِرْنُ، بالكسر: الكُفْءِ
والنظير في الشجاعة والحرب، ويجمع على أَقران. وفي حديث ثابت بن قَيس:
بئسما عَوَّدْتم أَقْرانَكم أَي نُظَراءَكم وأَكْفاءَكم في القتال، والجمع
أَقران، وامرأَة قِرنٌ وقَرْنٌ كذلك. أَبو سعيد: اسْتَقْرَنَ فلانٌ
لفلان إِذا عازَّهُ وصار عند نفسه من أَقرانه. والقَرَنُ: مصدر قولك رجل
أَقْرَنُ بَيِّنُ
القَرَنِ، وهو المَقْرُون الحاجبين. والقَرَنُ: التقاء طرفي الحاجبين
وقد قَرِنَ وهو أَقْرَنُ، ومَقْرُون الحاجبين، وحاجب مَقْرُون: كأَنه قُرِن
بصاحبه، وقيل: لا يقال أَقْرَنُ ولا قَرْناء حتى يضاف إِلى الحاجبين.
وفي صفة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: سَوابِغَ في غير قَرَنٍ؛
القَرَن، بالتحريك: التقاء الحاجبين. قال ابن الأَثير: وهذا خلاف ما
روته أُم معبد فإِنها قالت في صفته، صلى الله عليه وسلم: أَزَجُّ أَقْرَنُ
أَي مَقْرُون الحاجبين، قال: والأَول الصحيح في صفته، صلى الله عليه وسلم،
وسوابغ حال من المجرور، وهو الحواجب، أَي أَنها دقت في حال سبوغها،
ووضع الحواجب موضع الحاجبين لأَن الثنية جمع. والقَرَنُ: اقْتِرانُ
الركبتين، ورجل أَقْرَنُ. والقَرَنُ: تَباعُدُ ما بين رأْسَي الثَّنِيَّتَيْن
وإِن تدانت أُصولهما. والقِران: أَن يَقْرُن بينَ تمرتين يأْكلهما.
والقَرُون: الذي يجمع بين تمرتين في الأَكل، يقال: أَبَرَماً قَرُوناً. وفي
الحديث: أَنه نهى عن القِران إِلا أَن يستأْذن أَحدُكم صاحبَه، ويُرْوى
الإِقْران، والأَول أَصح، وهو أَن يَقْرُِن بين التمرتين في الأَكل، وإِنما نهى
عنه لأَن فيه شرهاً، وذلك يُزْري بفاعله، أَو لأَن فيه غَبْناً برفيقه،
وقيل: إِنما نهى عنه لما كانوا فيه من شدة العيش وقلة الطعام، وكانوا مع
هذا يُواسُونَ من القليل، فإِذا اجتمعوا على الأَكل آثر بعضهم بعضاً على
نفسه، وقد يكون في القوم من قد اشْتَدَّ جوعه، فربما قَرَنَ بين التمرتين
أَو عظَّم اللُّقْمة فأَرشدهم إِلى الإِذن فيه لتطيب به أَنْفُسُ
الباقين. ومنه حديث جَبَلَة قال: كنا في المدينة في بَعْثِ العراق، فكان ابن
الزبير يَرْزُقُنا التمر، وكان ابن عمر يمرّ فيقول: لا تُقَارِنُوا إِلا
أَن يستأْذن الرجلُ أَخاه، هذا لأَجل ما فيه من الغَبْنِ ولأَن مِلْكَهم
فيه سواء؛ وروي نحوه عن أَبي هريرة في أَصحاب الصُّفَّةِ؛ ومن هذا قوله في
الحديث: قارِنُوا بين أَبنائكم أَي سَوُّوا بينهم ولا تُفَضلوا بعضهم على
بعض، ويروى بالباء الموحدة من المقاربة وهو قريب منه، وقد تقدم في
موضعه.والقَرُونُ من الرجال: الذي يأْكل لقمتين لقمتين أَو تمرتين تمرتين، وهو
القِرانُ. وقالت امرأَة لبعلها ورأَته يأْكل كذلك: أَبَرَماً قَرُوناً؟
والقَرُون من الإِبل: التي تَجْمَع بين مِحلَبَيْنِ في حَلْبَةٍ، وقيل:
هي المُقْتَرِنَة القادِمَيْن والآخِرَيْنِ، وقيل: هي التي إِذا بَعَرَتْ
قارنت بين بَعَرِها، وقيل: هي التي تضع خُفَّ رجلها موضع خُفِّ يدها،
وكذلك هو من الخيل. وقَرَنَ الفرسُ يَقْرُنُ، بالضم، إِذا وقعت حوافر رجليه
مواقعَ حوافر يديه. والقَرُون: الناقة التي تَقْرُنُ ركبتيها إِذا بركت؛
عن الأَصمعي. والقَرُون: التي يجتمع خِلْفاها القادِمان والآخِرانِ
فيَتَدانَيانِ. والقَرون: الذي يَضَعُ حَوافرَ رجليه مَواقعَ حَوافر
يديه.والمَقْرُونُ من أَسباب الشِّعْر: ما اقْتَرنت فيه ثلاثُ حركات بعدها
ساكن كمُتَفا من متفاعلن وعلتن من مفاعلتن، فمتفا قد قرنت السببين بالحركة،
وقد يجوز إِسقاطها في الشعر حتى يصير السببان مفورقين نحو عيلن من
مفاعيلن، وقد ذكر المفروقان في موضعه.
والمِقْرَنُ: الخشبة التي تشدّ على رأْسَي الثورين.
والقِران والقَرَنُ: خيط من سَلَب، وهو قشر يُفتل يُوثَقُ على عُنُق كل
واحد من الثورين، ثم يوثق في وسطهما اللُّوَمَةُ.
والقَرْنانُ: الذي يُشارك في امرأَته كأَنه يَقْرُن به غيرَه، عربي صحيح
حكاه كراع. التهذيب: القَرْنانُ نعت سوء في الرجل الذي لا غَيْرَة له؛
قال الأَزهري: هذا من كلام الحاضرة ولم أَرَ البَوادِيَ
لفظوا به ولا عرفوه.
والقَرُون والقَرُونة والقَرينة والقَرينُ: النَّفْسُ. ويقال:
أَسْمَحَتْ قَرُونُه وقَرِينُه وقَرُونَتُه وقَرِينَتُه أَي ذَلَّتْ نفسه
وتابَعَتْه على الأَمر؛ قال أَوس بن حَجَر:
فَلاقى امرأً من مَيْدَعانَ، وأَسْمَحَتْ
قَرُونَتُه باليَأْسِ منها فعجَّلا
أَي طابت نَفْسُه بتركها، وقيل: سامَحَتْ؛ قَرُونُه وقَرُونَتُه
وقَرينَتُه كُلُّه واحدٌ؛ قال ابن بري: شاهد قَرُونه قول الشاعر:
فإِنِّي مِثْلُ ما بِكَ كان ما بي،
ولكنْ أَسْمَحَتْ عنهم قَرُوِني
وقول ابن كُلْثوم:
مَتى نَعْقِدْ قَرِينَتَنا بِحَبْلٍ،
نَجُذُّ الحبلَ أَو نَقِصُ القَرينا
قَرِينته: نَفْسُه ههنا. يقول: إِذا أَقْرَنَّا لِقرْنٍ غلبناه.
وقَرِينة الرجل: امرأَته لمُقارنته إِياها. وروى ابن عباس أَن رسول الله، صلى
الله عليه وسلم كان إِذا أَتى يومُ الجمعة قال: يا عائشة اليَوْمُ يَوْمُ
تَبَعُّلٍ وقِرانٍ؛ قيل: عَنى بالمُقارنة التزويج. وفلان إِذا جاذَبَتْه
قَرِينَتُه وقَرِينُه قهرها أَي إِذا قُرِنَتْ به الشديدة أَطاقها وغلبها،
وفي المحكم: إِذا ضُمَّ إِليه أَمر أَطاقه.
وأَخَذْتُ قَرُونِي من الأَمر أَي حاجتي.
والقَرَنُ: السَّيف والنَّيْلُ، وجمعه قِرانٌ؛ قال العجاج:
عليه وُرْقانُ القِرانِ النُّصَّلِ
والقَرَن، بالتحريك: الجَعْبة من جُلود تكون مشقوقة ثم تخرز، وإِنما
تُشَقُّ لتصل الريح إِلى الريش فلا يَفْسُد؛ وقال:
يا ابنَ هِشامٍ، أَهْلَكَ الناسَ اللَّبَنْ،
فكُلُّهم يَغْدُو بقَوْسٍ وقَرَنْ
وقيل: هي الجَعْبَةُ ما كانت. وفي حديث ابن الأَكْوََعِ: سأَلت رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، عن الصلاة في القَوْسِ والقَرَن، فقال: صَلِّ في
القوس واطْرَحِ
القَرَنَ؛ القَرَنُ: الجَعْبَةُ، وإِنما أَمره بنزعه لأَنه قد كان من
جلد غير ذَكِيّ ولا مدبوغ. وفي الحديث: الناس يوم القيامة كالنَّبْلِ في
القَرَنِ أَي مجتمعون مثلها. وفي حديث عُميَر بن الحُمام: فأَخرج تمراً من
قَرَنِهِ أَي جَعْبَتِه، ويجمع على أَقْرُن وأَقْرانٍ كجَبَلٍ
وأَجْبُلٍ وأَجْبالٍ. وفي الحديث: تعاهدوا أَقْرانَكم أَي انظروا هل هي
من ذَكِيَّة أَو ميتة لأَجل حملها في الصلاة. ابن شميل: القَرَنُ من خشب
وعليه أَديم قد غُرِّي به، وفي أَعلاه وعَرْضِ مُقدَّمِه فَرْجٌ فيه
وَشْجٌ قد وُشِجَ بينه قِلاتٌ، وهي خَشَبات مَعْروضات على فَمِ الجَفير جعلن
قِواماً له أَن يَرْتَطِمَ يُشْرَج ويُفْتَح. ورجل قارن: ذو سيف ونَبْل
أَو ذو سيف ورمح وجَعْبَة قد قَرَنها. والقِران: النَّبْلُ المستوية من
عمل رجل واحد. قال: ويقال للقوم إِذا تَنَاضلوا اذْكُروا القِرانَ أَي
والُوا بين سهمين سهمين. وبُسْرٌ قارِنٌ: قَرَنَ الإِبْسارَ بالإِرْطاب،
أَزدية.
والقَرائن: جبال معروفة مقترنة؛ قال تأَبط شرّاً:
وحَثْحَثْتُ مَشْعوفَ النَّجاءِ، وراعَني
أُناسٌ بفَيْفانٍ، فَمِزْتُ القَرائِنَا
ودُورٌ قَرائنُ إِذا كانت يَسْتَقْبِلُ بعضها بعضاً.
أَبو زيد: أَقْرَنَتِ السماء أَياماً تُمْطِرُ ولا تُقْلِع، وأَغْضَنَتْ
وأَغْيَنَتْ المعنى واحد، وكذلك بَجَّدَتْ ورَثَّمَتْ. وقَرَنَتِ
السماءُ وأَقْرَنَتْ: دام مطرها؛ والقُرْآنُ من لم يهمزه جعله من هذا لاقترانِ
آيِهِ، قال ابن سيده: وعندي أَنه على تخفيف الهمز. وأَقْرَنَ
له وعليه: أَطاق وقوِيَ عليه واعْتَلى. وفي التنزيل العزيز: وما كنا له
مُقْرِنينَ؛ أَي مُطِيقينَ؛ قال: واشتقاقه من قولك أَنا لفلان مُقْرِنَ؛
أَي مُطيق. وأَقْرَنْتُ فلاناً أَي قد صِرْت له قِرْناً. وفي حديث
سليمان بن يَسار: أَما أَنا فإِني لهذه مُقْرِن أَي مُطِيق قادر عليها، يعني
ناقته. يقال: أَقْرَنْتُ للشيء فأَنا مُقْرِن إِذا أَطاقه وقوي عليه. قال
ابن هانئ: المُقْرِن المُطِيقُ والمُقْرِنُ الضعيف؛ وأَنشد:
وداهِيَةٍ داهَى بها القومَ مُفْلِقٌ
بَصِيرٌ بعَوْراتِ الخُصومِ لَزُومُها
أَصَخْتُ لها، حتى إِذا ما وَعَيْتُها،
رُمِيتُ بأُخرى يَستَدِيمُ خَصيمُها
تَرَى القومَ منها مُقْرِنينَ، كأَنما
تَساقَوْا عُقَاراً لا يَبِلُّ سَليمُها
فلم تُلْفِني فَهّاً، ولم تُلْفِ حُجَّتي
مُلَجْلَجَةً أَبْغي لها مَنْ يُقيمُها
قال: وقال أَبو الأَحْوَصِ الرِّياحي:
ولو أَدْرَكَتْه الخيلُ، والخيلُ تُدَّعَى،
بذِي نَجَبٍ، ما أَقْرَنَتْ وأَجَلَّت
أَي ما ضَعُفتْ. والإِقْرانُ: قُوَّة الرجل على الرجل. يقال: أَقْرَنَ
له إِذا قَوِيَ عليه. وأَقْرَنَ عن الشيء: ضَعُفَ؛ حكاه ثعلب؛ وأَنشد:
ترى القوم منها مقرنين، كأَنما
تساقوا عُقاراً لا يَبِلُّ سليمها
وأَقْرَنَ عن الطريق: عَدَلَ عنها؛ قال ابن سيده: أُراه لضعفه عن
سلوكها. وأَقْرَنَ الرجلُ: غَلَبَتْهُ ضَيْعتُه، وهو مُقْرِنٌ، وهو الذي يكون
له إِبل وغنم ولا مُعِينَ له عليها، أَو يكون يَسْقي إِبلَه ولا ذائد له
يَذُودُها يوم ورودها. وأَقْرَنَ الرجل إِذا أَطاق أَمرَ ضَيْعته، ومن
الأَضداد. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: قيل لرجل
(* «وفي حديث عمر رضي الله
عنه قيل لرجل إلخ» حق هذا الحديث أن يذكر عقب حديث عمير بن الحمام كما
هو سياق النهاية لأن الاقرن فيه بمعنى الجعاب) ما مالُك؟ قال: أَقْرُنٌ لي
وآدِمةٌ
في المَنِيئة، فقال: قَوِّمْها وزَكِّها. وأَقْرَنَ إِذا ضَيَّقَ على
غريمه. وأَقْرَنَ الدُّمَّلُ: حان أَن يتفَقَّأَ. وأَقْرَنَ الدمُ في
العِرْق واستقْرَنَ: كثر. وقَرْنُ الرَّمْلِ: أَسفلُه كقِنْعِهِ.
وأَبو حنيفة قال: قُرُونة، بضم القاف، نَبْتةٌ تشبه نبات اللُّوبِياء،
فيها حبٌّ أَكبر من الحِمَّصِ
مُدَحْرَج أَبْرَشُ في سَواد، فإِذا جُشَّتْ خرجت صفراء كالوَرْسِ، قال:
وهي فَرِيكُ أَهل البادية لكثرتها
والقُرَيْناء: اللُّوبياء، وقال أَبو حنيفة: القُرَيْناء عشبة نحو
الذراع لها أَقنانٌ
وسِنْفَة كسِنفة الجُلْبانِ، وهي جُلْبانة بَرِّيَّة يُجْمع حبها
فتُعْلَفُه الدواب ولا يأْكله الناس لمرارة فيه.
والقَرْنُوَةُ: نبات عريض الورق ينبت في أَلْوِيَةِ الرمل ودَكادِ كِه،
ورَقُها أَغْبَرُ يُشبه ورَقَ الحَنْدَقُوق، ولم يجئ على هذا الوزن إِلا
تَرْقُوَةٌ وعَرْقُوَة وعَنْصُوَة وثَنْدُوَةٌ. قال أَبو حنيفة: قال
أَبو زياد من العُشْب القَرْنُوَة، وهي خضراء غبراء على ساق يَضرِبُ ورَقُها
إِلى الحمرة، ولها ثمرة كالسُّنبلة، وهي مُرَّة يُدْبَغُ بها الأَساقي،
والواو فيها زائدة للتكثير والصيغة لا للمعنى ولا للإِلحاق، أَلا ترى
أَنه ليس في الكلام مثل فَرَزْدُقة
(* قوله «فرزدقة» كذا بالأصل بهذا الضبط،
وسقطت من نسخة المحكم التي بأيدينا، ولعله مثل فرزقة بحذف الدال
المهملة)؟.وجِلد مُقَرْنىً: مدبوغ بالقَرْنُوَة، وقد قَرْنَيْتُه، أَثبتوا
الواو كما أَثبتوا بقية حروف الأَصل من القاف والراء والنون، ثم قلبوها ياء
للمجاورة، وحكى يعقوب: أَديم مَقْرُونٌ بهذا على طرح الزائد. وسِقاءٌ
قَرْنَوِيٌّ ومُقَرْنىً: دبغ بالقَرْنُوَة. وقال أَبو حنيفة: القَرْنُوَة
قُرُونٌ تنبت أَكبر من قُروُن الدُّجْرِ، فيها حَبٌّ أَكبر من الحمَّص،
فإِذا جُشَّ خرج أَصفر فيطبخ كما تطبخ الهريسة فيؤكل ويُدَّخر للشتاء، وأَراد
أَبو حنيفة بقوله قُرُون تنبت مثلَ قُرُون. قال الأَزهري في
القَرْنُوَةِ: رأَيت العرب يَدْبُغون بورقه الأُهُبَ؛ يقال: إِهابٌ مُقَرْنىً بغير
همز، وقد همزه ابن الأَعرابي.
ويقال: ما جعلت في عيني قَرْناً من كُحْل أَي مِيلاً واحداً، من قولهم
أَتيته قَرْناً أَو قَرْنين أَي مرة أَو مرتين، وقَرْنُ الثُّمَامِ شبيه
الباقِلَّى. والقارُون: الوَجُّ.
ابن شميل: أَهل الحجاز يسمون القارورة القَرَّانَ، الراء شديدة، وأَهل
اليمامة يسمونها الحُنْجُورة.
ويومُ أَقْرُنَ: يومٌ لغَطَفانَ على بني عامر. والقَرَنُ: موضع، وهو
ميقات أَهل نجد، ومنه أُوَيْسٌ القَرَنيُّ. قال ابن بري: قال ابن القطاع قال
ابن دريد في كتابه في الجمهرة، والقَزَّازُ في كتابه الجامع: وقَرْنٌ
اسم موضع. وبنو قَرَنٍ: قبيلة من الأَزْد. وقَرَنٌ: حي من مُرَادٍ من
اليمن، منهم أُوَيْسٌ القَرَنيُّ منسوب إِليهم. وفي حديث المواقيت: أَنه
وَقَّتَ لأَهلِ
نجْد قَرْناً، وفي رواية: قَرْنَ المَنازل؛ هو اسم موضع يُحْرِمُ منه
أَهلُ نجْد، وكثير ممن لا يعرف يفتح راءه، وإِنما هو بالسكون، ويسمى أَيضاً
قَرْنَ الثعالب؛ ومنه الحديث: أَنه احتجم على رأْسه بقَرْنٍ حين طُبَّ؛
هو اسم موضع، فإِما هو الميقات أَو غيره، وقيل: هو قَرْنُ ثوْر جُعِلَ
كالمِحْجَمة. وفي الحديث: أَنه وَقَفَ على طَرَفِ القَرْنِ الأَسود؛ قال
ابن الأَثير: هو بالسكون، جُبَيْل صغيرٌ. والقَرِينة. واد معروف؛ قال ذو
الرمة:
تَحُلُّ اللِّوَى أَو جُدَّةَ الرَّمْلِ كلما
جرَى الرَّمْثُ في ماء القَرِينة والسِّدْرُ
وقال آخر:
أَلا ليَتَني بين القَرِينَة والحَبْلِ،
على ظَهْرِ حُرْجُوجٍ يُبَلِّغُني أَهْلي
وقيل: القَرِينة اسم روضة بالصَّمّان. ومُقَرِّن: اسم. وقَرْنٌ: جبَلٌ
معروف. والقَرينة: موضع، ومن أَمثال العرب: تَرَكَ فلانٌ فلاناً على مثل
مَقَصِّ قَرْنٍ ومَقَطِّ قَرْن؛ قال الأَصمعي: القَرْنُ جبل مُطِلٌّ على
عرفات؛ وأَنشد:
فأَصَبَحَ عَهْدُهم كمقَصِّ قَرْنٍ،
فلا عينٌ تُحَسُّ ولا إِثارُ
ويقال: القَرْنُ ههنا الحجر الأَمْلَسُ النَّقِيُّ
الذي لا أَثر فيه، يضرب هذا المثل لمن يُسْتَأْصَلُ ويُصْطلَمُ،
والقَرْنُ إِذا قُصَّ أَو قُطَّ بقي ذلك الموضع أَملس. وقارونُ: اسم رجل، وهو
أَعجمي، يضرب به المثل في الغِنَى ولا ينصرف للعجمة والتعريف. وقارُون: اسم
رجل كان من قوم موسى، وكان كافراً فخسف الله به وبداره الأَرض.
والقَيْرَوَانُ: معرَّب، وهو بالفارسية كارْوان، وقد تكلمت به العرب؛ قال امرؤ
القيس:
وغارةٍ ذاتِ قَيْرَوانٍ،
كأَنَّ أَسْرَابَها الرِّعالُ
والقَرْنُ: قَرْنُ الهَوْدج؛ قال حاجِبٌ المازِنِيّ:
صَحا قلبي وأَقْصرَ، غَيْرَ أَنِّي
أَهَشُّ، إِذا مَرَرْتُ على الحُمولِ
كَسَوْنَ الفارِسيَّةَ كُلَّ قَرْنٍ،
وزَيَّنَّ الأَشِلَّةَ بالسُّدُولِ
قمم: قَمَّ الشيءَ قَمّاً: كنسه، حجازية. وفي حديث عمر، رضي الله عنه:
أنه قدم مكة فكان يطوف في سِكَكِها فيمر بالقوم فيقول: قُمُّوا فِناءكم،
حتى مرّ بدار أَبي سفيان فقال: قُمُّوا فِناءكم فقال: نعم يا أَمير
المؤمنين حتى يجيء مُهَّانُنا الآن، ثم مرَّ به فلم يَصنع شيئاً، ثم مرَّ
ثالثاً فلم يصنع شيئاً، فوضع الدِّرَّة بين أُذنيه ضرباً، فجاءت هند فقالت:
واللهِ لَرُبَّ يومٍ لو ضربته لاقْشَعَرَّ بطن مكة، فقال: أَجل.
والمِقَمَّة: المِكْنَسة. والقُمامة: الكُناسة، والجمع قُمام. وقال
اللحياني: قُمامَة البيت ما كُسِح منه فأُلقي بعضه على بعض. الليث القَمُّ
مايُقَمُّ من قُمامات القُماش ويكنس. يقال: قَمَّ بيته يقُمُّه قَمّاً إذا
كنسه. وفي حديث فاطمة، عليها السلام: أَنها قَمَّتِ البيت حتى اغبرّت
ثيابها أي كنسته. وفي حديث ابن سيرين: أَنه كتب يسأَلهم عن المُحاقَلة،
فقيل: إنهم كانوا يشترطون لرب الماء قُمامة الجُرُن أي الكُساحة، والجُرُن:
جمع جَرِين وهو البَيْدَر. ويقال: أَلقِ قُمامة بيتك على الطريق أي كُناسة
بيتك. وتَقَمَّمَ أي تتبع القُمامَ في الكُناسات. قال ابن بري:
والقُمَّةُ، بالضم، المَزْبَلة؛ قال أَوْس ابن مَغْراء:
قالوا: فما حالُ مِسْكِينٍ؟ فَقُلْت لهم:
أَضحى كَقُمَّةِ دارٍ بَيْنَ أَنْداء
وقَمَّ ما على المائدة يَقُمُّه قَمّاً: أَكله فلم يَدَع منه شيئاً. وفي
الحديث: أَن جماعة من الصحابة كانوا يَقُمُّون شواربهم أي
يَسْتأْصِلونها قَصّاً، تشبيهاً بقَمِّ البيت وكنسه. وفي مثل لهم: أَدْرِكي
القُوَيْمَّة لا تأْكله الهوَيْمَّة؛ يعني الصبي الذي يأكل البعر والقَصَب وهو لا
يعرفه، يقول لأُمه: أَدركيه لا تأْكُلُه الهامَّةُ أَي الحية؛ وفي
التهذيب: أَراد بالقُوَيْمَّة الصبي الصغير يلقُط ما تقع عليه يده، فربما وقعت
يده على هامَّة من الهَوامِّ فتَلْسَعُه. وقَمَّت الشاةُ تَقُمُّ قَمّاً
إذا ارْتَمَّت من الأرض. واقْتَمَّت الشيء: طلبَتْه لتأْكله، وفي الصحاح:
إذا أَكلت من المِقَمَّة، ثم يستعار فيقال: اقْتَمَّ الرجل ما على
الخِوان إذا أكله كله، وقَمَّه فهو رجل مِقَمّ.
ْوالمِقَمَّةُ: مِرَمَّة الشاة تَلُفُّ بها ما أَصابت على وجه الأَرض
وتأكله. ابن الأَعرابي: للغَنم مَقامُّ، واحدتها مِقَمَّةٌ، وللخيل
الجَحافِلُ، وهي الشفة للإنسان. الأَصمعي: يقال مِقَمَّة ومِرَمَّة لفم الشاة،
قال: ومن العرب من يقول مَقمَّة ومَرَمَّة، قال: وهي من الكلب
الزُّلْقُوم، ومن السباع الخَطْمُ. والمِقَمّةُ: مِقَمَّةُ الثور. ابن سيده:
والمِقَمَّة والمَقَمَّةُ الشَّفة، وقيل: هي من ذوات الظِّلف خاصة، سميت بذلك
لأنها تَقْتَمُّ به ما تأْكله أي تَطلبه.
والقَمِيمُ: ما بقي من نبات عام أَوّل؛ عن اللحياني. ويقال ليبيس البقل:
القَمِيم، وقيل: القَمِيم حُطام الطَّرِيفة وما جَمعتْه الريح من
يَبيسها، والجمع أَقِمَّة. والقَميم: السويق؛ عن اللحياني؛ وأَنشد:
تُعَلَّلُ بالنَّبيذةِ حين تُمْسي،
وبالمَعْوِ المُكَمَّمِ والقَمِيم
(* قوله «بالنبيذة» كذا في الأصل والمحكم هنا، والذي في المحكم في كمم
وفي معو: بالنهيدة؛ وفسر النهيدة بالزبدة).
وقَمَّ الفحلُ الإبل يَقُمُّها قَمًّا وأَقَمَّها إقْماماً: اشتمل عليها
وضرَبها كلها فأَلقحها، وكذلك تَقَمَّمها واقْتَمَّها حتى قَمَّتْ
تَقِمُّ وتَقُمُّ قُموماً، وإنه لَمِقَمُّ ضِرابٍ؛ قال:
إذا كَثُرَتْ رَجْعاً، تَقَمَّمَ حَوْلَها
مِقَمُّ ضِرابٍ للطَّرُوقة مِغْسَلُ
وتَقَمَّم الفحلُ الناقةَ إذا علاها وهي باركة ليضْرِبها، وكذلك الرجل
يعلو قِِرْنَه؛ قال العجاج:
يَقْتَسِرُ الأَقْرانَ بالتَّقَمُّمِ
ويقال: شد الفرسُ على الحِجْر فَتَقَمَّمها أَي تَسَنَّمها. وجاء
القَومُ القِمَّة أي جميعاً، دخلت الأَلف واللام فيه كما دخلت في الجَمَّاء
الغَفير. والقِمّةُ: أعلى الرأْسِ وأَعلى كلِّ شيء. وقِمَّةُ النخلة:
رأْسها. وتَقَمَّمها: ارتقى فيها حتى يبلغ رأسَها. وقِمَّةُ كل شيء: أَعلاه
ووسطه. وتَقْمِيم النجم: أَن يتوسط السماء فتراه على قِمَّة الرأس.
والقِمَّة، بالكسر: القامةُ؛ عن اللحياني. وهو حَسن القِمَّة أَي اللِّبْسةِ
والشخص والهيئة، وقيل: القِمّة شَخْص الإنسان ما دام قائماً، وقيل: ما دام
راكباً. يقال: أَلقى عليه قِمّتَه أي بدنه. ويقال: فلان حَسَنُ القامةِ
والقِمّةِ والقُومِيّةِ بمعنى. يقال: إنه لحسن القِمّةِ على الرَّحْل. وفي
الحديث: أَنه حَضّ على الصدقة فقام رجل صغير القِمَّة؛ القِمَّةُ، بالكسر:
شخص الإنسان إذا كان قائماً، وهي القامةُ. والقِمَّةُ أيضاً: وسط
الرأْس. والقِمّة: رأْس الإنسان؛ وأَنشد:
ضَخْم الفَرِيسةِ لو أَبْصَرْت قِمَّتَه،
بَيْنَ الرِّجالِ، إذاً شَبَّهْتَه الجَبَلا
الأصمعي: القِمّةُ قمَّة الرأْس وهو أَعلاه. يقال: صار القَمر على
قِمَّة الرأْس إذا صار على حِيال وسط الرأْس؛ وأَنشد:
على قِمَّةِ الرأس ابنُ ماءٍ مُحَلِّقُ
والقِمّة والقُمامةُ: جماعة القَوْم. وتَقَمَّمَ الفرَسُ الحِجْرَ:
علاها.
والقَمْقامُ والقُماقِمُ من الرجال: السيّد الكثير الخير الواسع الفضل.
ويقال: سيد قُماقِمٌ، بالضم، لكثرة خيره؛ وأَنشد ابن بري:
أَوْرَثَها القُماقِمُ القُماقِما
ووقع في قَمْقام من الأَمر أي وقع في أَمر عظيم كبير. والقَمْقامُ:
الماء الكثير. وقَمْقام البحر: مُعْظَم لاجتماع مائه، وقيل: هو البحر كله،
والبحر القَمْقام أَيضاً؛ قال الفرزدق:
وغَرِقْت حينَ وَقَعْت في القَمْقام
والقَمْقام: البحر. وفي حديث علي، عليه السلام: يَحملها الأَخْضَرُ
المُثْعَنْجَرُ، والقَمْقامُ المُسَخَّر: هو البحر
(* في النهاية: المثعنجر
بكسر الجيم، والمسجِر بدل المسخر). والقَمْقامُ: العدد الكثير،
والقُمْقُمانُ مثله. وعدد قَمْقامٌ وقُماقِمٌ
وقُمْقُمانٌ؛ الأَخيرة عن ثعلب: كثير؛ وأَنشد للعجاج:
له نَواحٍ وله أُسْطُمُّ،
وقُمْقُمانُ عَدَدٍ قُمْقُمُّ
هو من قَمْقامٍ العدَدِ الكثير؛ قال رَكَّاضُ ابن أَبَّاقٍ:
من نَوْفَلٍ في الحَسَبِ القَمْقامِ
وقال رؤبة:
من خَرَّ في قَمْقامِنا تَقَمْقَما
أَي من خَرَّ في عددنا غُمِر وغُلِب كما يُغْمر الواقع في البحر
الغَمْر. والقَمْقام: صِغار القِرْدانِ وضرب من القمل شديد التشبُّث بأُصول
الشعر، واحدتها قَمْقامة، وقيل: هي القُداد أوَّل ما يكون صغيراً لا يكاد يرى
من صغره؛ وقوله:
وعَطَّنَ الذِّبَّانُ في قَمْقامِها
لم يفسره ثعلب؛ قال ابن سيده: وقد يجوز أَن يعني الكثير أَو يعني
القِرْدان.
ابن الأَعرابي: قَمَّ إذا جَمع وقَمَّ إذا جَفَّ. وقَمْقَم الله عَصَبَه
أَي جَفَّفَ عصَبه. وقَمْقَمَ الله عصبه أَي سلَّط الله عليه
القَمْقام، وقيل: قَمْقَم الله عصَبه أي جَمعه وقَبَضه، وقال ثعلب: شدَّده، ويقال
ذلك في الشتم.
والقُمْقُمُ: الجَرَّة؛ عن كراع. والقُمْقُم: ضرب من الأَواني؛ قال
عنترة:
وكأَنَّ رُبّاً أَو كحِيلاً مُعْقَداً
حَشَّ القيانُ به جوانِبَ قُمْقُمِ
(* قوله «القيان» هذا ما في الأصل وابن سيده، والذي في المعلقات:
الوقود).
والقُمْقُمُ: ما يُسْتَقى به من نحاس، وقال أَبو عبيد: القُمْقُم
بالرُّومية. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لأَن أَشْربَ قُمْقُماً أَحْرَقَ ما
أَحرَقَ أَحبُّ إليّ من أن أَشرب نبيذَ جَرٍّ؛ القُمقم: ما يسخن فيه الماء
من نحاس وغيره، ويكون ضيّق الرأْس، أَراد شرب ما يكون فيه من الماء
الحارّ؛ ومنه الحديث: كما يَغْلي المِرْجَلُ بالقُمْقم؛ قال ابن الأَثير:
هكذا رُوي، ورواه بعضهم: كما يَغْلي المِرْجَلُ القُمْقُم، قال: وهو أَبين
إن ساعدته صحة الرواية. والقُمْقُم: الحُلْقوم. وقُمَيْقِمٌ: ماء ينزله من
خرج من عانةَ يريد سِنْجارَ؛ قال القطامي:
حَلَّتْ جَنُوبُ قُمَيْقِماً بِرِهانِها،
فَمَتى الخَلاصُ بِذِي الرِّهانِ المُغْلَق؟
وفي المثل: على هذا دارَ القُمْقُم أي إلى هذا صار معنى الخبر، يُضرب
للرجل إذا كان خبيراً بالأَمر، وكذلك قولهم: على يَديَّ دارَ الحديثُ،
والجمع قَماقِمُ. والقِمْقِم: البُسْر اليابس، بالكسر، وقيل: هو ما يبس من
البُسر إذا سقط اخضرّ ولانَ؛ قال مَعدان ابن عبيد:
وأَمةٍ أَكَّالةٍ للقِمْقِم
بكك: البَكُّ: دق العنق. بَكَّ الشيءَ يَبُكُّه بَكاً: خرقه أو فرقه.
وبَكَّ فلان يَبُكُّ بَكَّةً أي زحم. وبَكَّ الرجلُ صاحبه يَبُكُّه بَكاً:
زاحمه أو زَحمَهُ؛ قال:
إذا الشَّرِيبُ أخذَتْه أكَّهُ،
فَخَلِّهِ حتى يَبُكَّ بَكَّهْ
يقول: إذا ضجر الذي يُورِدُ إبله مع إبلك لشدة الحر انتظاراً فخلِّه حتى
يزاحمك؛ وقال ابن دريد: كأ من الأَضداد يذهب في ذلك إلى أنه التفريق
والازدحام؛ وكل شيء تراكب فقد تَباكَّ. وتباكَّ القوم: تزاحموا. وفي الحديث:
فتَباكَّ الناس عليه أي ازدحموا. والبَكْبَكةُ: الازدحام، وقد
تَبَكْبَكُوا.
وبَكْبَكَ الشيءَ: طرح بعضه على بعض ككَبْكَبه. وجمعٌ بَكْباك: كثير.
ورجل بَكْباك: غليظ، وقيل: الضَّكْضاك الرجل القصير، وهو البَكْباكُ.
والبُكْكُ: الأَحداث الأَشِدَّاء، والبُكُك: الحُمُرُ النشيطة؛ وأنشد:
صَلامة كحُمُرِ الأَبَكِّ
ويقال: فلان أبَكُّ بني فلان إذا كان عَسِيفاً لهم يسعى في أمورهم.
وبَكَّ الرجل المرأة إذا جهدها في الجماع. وبَكَّ الشيء يَبُكُّه بَكّاً: رد
نَخْوَته ووضَعَهُ. ويقال: بَكَكْت الرجل وضعت منه ورددت نَخْوَته، ذكره
ابن بري في ترجمة ركك. وبَكَّ عنقه يَبُكُّها بعكّاً: دقها.
وبَكَّةُ: مَكَّةُ، سميت ذلك لأنها كانت تَبُكّ أعناق الجبابرة إذا
ألحدوا فيها بظلم، وقيل: لأن الناس يتباكّون فيها من كل وجه أي يتزاحمون،
وقال يعقوب: بَكَّةُ ما بين جبلي مَكَّة لأن الناس يبكُّ بعضهم بعضاً في
الطواف أي يَزْحَمُ؛ حكاه في البدل، وقيل: سميت بَكَّة لأن الناس يبك بعضهم
بعضاً في الطرق أي يدفع، وقال الزجاج في قوله تعالى: إن أول بيت وضع
للناس للذي ببَكَّة مباركاً، قيل: إن بَكَّة موضع البيت وسائر ما حوله
مَكَّة، قال للذي ببَكَّة، فأما اشتقاقه في اللغة فيصلح أن يكون الاسم اشتق من
بَكَّ الناسُ بعضهم بعضاً في الطواف أي دفع بعضهم بعضاً، وقيل: بَكة اسم
بطن مَكَّة سميت بذلك لازدحام الناس. وفي حديث مجاهد: من أسماء مَكَّةَ
بَكَّةُ، قيل: بَكَّة موضع البيت ومكةُ سائر البلد، وقيل: هما اسما
البلدة، والباء والميم يتعاقبان.
وبَك الشيءَ: فسخه، ومنه أُخذت بَكَّةُ. وبَكَّ الرجلُ: افتقر. وبَكَّ
إذا خشن بدنه شجاعةً. ويقال للجارية السمينة بَكْباكة وكَبْكابة
ووَكْوَاكة ووَكَوْكاةٌ ومَرْمَارة ورَجْراجة.
والأَبَكُّ: العام الشديد لأنه يَبُكّ الضعفاء والمقلّين. والأَبكّ:
الحمر التي يبكّ بعضها بعضاً، ونظيره قولهم الأَعمّ في الجماعة، والأَمَرُّ
لمصارين الفَرْث. والأَبَكُّ: موضع نسبت الحمر إليه؛ فأما ما أنشده ابن
الأَعرابي:
جَرَبَّة كحُمُرِ الأَبَكِّ،
لا ضَرَعٌ فيها ولا مُذَكِّي
فزعم أنها الحمر يبك بعضها بعضاً؛ قال: ويضعف ذلك أن فيه ضرباً من إضافة
الشيء إلى نفسه وهذا مُسْتَكْرَهٌ، وقد يكون الأَبَكّ ههنا الموضع فذلك
أصح للإضافة.
والبَكْبَكةُ: شيء تفعله العَنْز بولدها. والبَكْبَكة: المجيء والذهاب.
أبو عبيد: أحمق باكٌّ تاكٌّ وبائِكٌ تائِكٌ، وهو الذي لا يدري ما خطؤه
وصوابه. وبَعْلَبَكّ: موضع، وقد تقدم ذكرها في موضعها.
رمل: الرَّمْل: نوع معروف من التراب، وجمعه الرِّمال، والقطعة منها
رَمْلة؛ ابن سيده: واحدته رَمْلة، وبه سميت المرأَة، وهي الرِّمال
والأَرْمُلُ؛ قال العجاج:
يَقْطَعْنَ عَرض الأَرض بالتمحُّل،
جَوْزَ الفَلا، من أَرْمُل وأَرْمُل
ورَمَّل الطعامَ: جعل فيه الرَّمْل. وفي حديث الحُمُر الأَهلية: أَمر
أَن تُكْفأ القُدور وأَن يُرَمَّل اللحم بالتراب أَي يُلَتّ بالتراب لئلا
ينتفع به. ورَمَّل الثوب ونحوه: لَطَّخه بالدم، ويقال: أَرْمَلَ السهم
إِرْمالاً إِذا أَصابه الدم فبقي أَثره؛ وقال أَبو النجم يصف سهاماً:
مُحْمَرَّة الرِّيش على ارْتِمالها،
من عَلَقٍ أَقْبَل في شِكالها
(* قوله «شكالها» هكذا في الأصل وشرح القاموس، والذي في التكملة: سعالها
بالمهملتين مضبوطاً بضم السين).
ويقال: رُمِّل فلان بالدم وضُمِّخ بالدم وضُرِّج بالدم كُلُّه إِذا
لُطِّخَ به، وقد تَرَمَّل بدمه. الجوهري: رَمَّله بالدم فتَرَمَّل وارْتَمَلَ
أَي تَلَطَّخ؛ قال أَبو أَخزم الطائي:
إِنَّ بَنِيَّ رَمَّلوني بالدَّمِ،
شِنْشِنةٌ أَعْرِفها من أَخْزَمِ
ورَمَلَ النَّسْجَ يَرْمُله رَمْلاً ورَمَّله وأَرمله: رَقَّقه. ورَمَل
السريرَ والحصيرَ يَرْمُله رَمْلاً: زيَّنه بالجوهر ونحوه. أَبو عبيد:
رَمَلْت الحصيرَ وأَرملته، فهو مَرْمول ومُرْمَل إِذا نَسَجته وسَقَفْته.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان مضطجعاً على رُمال سَرير
قد أَثَّر في جنبه؛ قال الشاعر:
إِذ لا يزال على طريقٍ لاحِب،
وكأَنَّ صَفْحته حَصيرٌ مُرْمَل
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: دخلت على رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
وإِذا هو جالس على رُمال سرير، وفي رواية: حَصِير؛ الرُّمالُ: ما رُمِل
أَي نُسِج؛ قال الزمخشري: ونظيره الحُطام والرُّكام لما حُطِم ورُكِم، وقال
غيره: الرِّمال جمع رَمْل بمعنى مَرْمُول كَخَلْق الله بمعنى مخلوقه،
والمراد أَنه كان السرير قد نُسِج وجهه بالسَّعَف ولم يكن على السرير وِطاء
سوى الحَصِير. والرَّوامِل: نواسِج الحَصِير، الواحدة راملة، وقد
أَرمَله؛ وأَنشد أَبو عبيد:
كأَنَّ نَسْج العنكبوت المُرْمَلُ
وقد رَمَل سريره وأَرْمَله إِذا رَمَل شَرِيطاً أَو غيره فجعله ظَهْراً
له. ويقال: خَبِيصٌ مُرْمَل إِذا عُصِد عَصْداً شديداً حتى صارت فيه
طرائق موضونة. وطعام مُرَمَّل إِذا أُلقي فيه الرَّمْل. والرَّمَل، بالتحريك:
الهَرْولة. ورَمَل يَرْمُل رَمَلاً: وهو دون المشي
(* قوله «وهو دون
المشي إلخ» هكذا في الأصل وشرح القاموس: ولعله فوق المشي ودون العدو) وفوق
العَدْو. ويقال: رَمَل الرَّجلُ يَرْمُل رَمَلاناً ورَمَلاً إِذا أَسرع في
مِشيته وهزَّ منكبيه، وهو في ذلك لا يَنْزُو، والطائف بالبيت يَرْمُل
رَمَلاناً اقتداءً بالنبي، صلى الله عليه وسلم، وبأَصحابه، وذلك بأَنهم
رَمَلوا ليَعْلم أَهلُ مكة أَن بهم قُوَّة؛ وأَنشد المبرد:
ناقته تَرْمُل في النِّقال،
مُتْلِف مالٍ ومُفيد مال
والنِّقال: المُناقَلة، وهو أَن تضع رجليها مواضع يديها؛ ورَمَلْت بين
الصَّفا والمَرْوة رَمَلاً ورَمَلاناً. وفي حديث الطواف: رَمَل ثلاثاً
ومَشَى أَربعاً. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: فِيمَ الرَّمَلانُ والكَشْفُ
عن المَناكب وقد أَطَّأَ اللهُ الإِسلام؟ قال ابن الأَثير: يكثر مجيء
المصدر على هذا الوزن في أَنواع الحركة كالنَّزَوان والنَّسَلان والرَّسَفان
وأَشباه ذلك؛ وحكى الحربيُّ فيه قولاً غريباً قال: إِنه تثنية الرَّمَل
وليس مصدراً، وهو أَن يَهُزَّ منكبيه ولا يُسْرع، والسعي أَن يُسرع في
المشي، وأَراد بالرَّمَلين الرَّمَل والسعي، قال: وجاز أَن يقال للرَّمَل
والسعي الرَّمَلانِ، لأَنه لما خَفَّ اسم الرَّمَل وثَقُل اسم السعي غُلِّب
الأَخف فقيل الرَّمَلانِ، كما قالوا القَمَرانِ والعُمَرانِ، قال: وهذا
القول من ذلك الإِمام كما تراه، فإِن الحال التي شُرِع فيها رَمَلُ
الطواف، وقول عُمَر فيه ما قال يشهد بخلافه لأَن رَمَل الطواف هو الذي أَمر به
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَصحابه في عُمْرة القضاء ليُري المشركين
قوّتهم حيث قالوا: وهَنَتْهم حُمَّى يَثْرِب وهو مسنون في بعض الأَطواف دون
البعض، وأَما السعي بين الصفا والمروة فهو شِعار قديم من عهد هاجَر
أُمِّ إِسمعيل، عليهما السلام، فإِذاً المراد بقول عمر، رضي الله عنه،
رَمَلانُ الطوافِ وحده الذي سُنَّ لأَجل الكفار، وهو مصدر، قال: وكذلك شَرَحه
أَهل العلم لا خلاف بينهم فيه فليس للتثنية وجه. والرَّمَل: ضرب من عروض
يجيء على فاعلاتن فاعلاتن؛ قال:
لا يُغْلَب النازعُ ما دام الرَّمَل،
ومن أَكَبَّ صامتاً فقد حَمَل
(* هذا البيت من الرجز لا من الرمل).
ابن سيده: الرَّمَل من الشِّعْر كل شعر مهزول غير مؤتَلِف البناء، وهو
مما تُسَمِّي العرب من غير أَن يَحُدُّوا في ذلك شيئاً نحو قوله:
أَقْفَرَ من أَهله مَلْحوبُ،
فالقُطَبِيَّاتُ فالذَّنُوبُ
(* قوله «فالقطبيات» هكذا في الأصل بتخفيف الطاء ومثله في القاموس،
وضبطه ياقوت بتشديدها).
ونحو قوله:
أَلا لله قَوْمٌ وَ
لَدَتْ أُختُ بني سَهْم
أَراد ولدتهم، قال: وعامة المَجْزوء يَجْعَلونه رَمَلاً؛ كذا سمع من
العرب؛ قال ابن جني: قوله وهو مما تسمي العرب، مع أَن كل لفظة ولقب استعمله
العَروضيُّون فهو من كلام العرب، تأْويله إِنما استعملته في الموضع الذي
استعمله فيه العَروضيُّون، وليس منقولاً عن موضعه لا نقل العَلَم ولا نقل
التشبيه على ما تقدم من قولك في ذينك، أَلا ترى أَن العَروض والمِصْراع
والقَبْض والعَقْل وغير ذلك من الأَسماء التي استعملها أَصحاب هذه
الصناعة قد تعلقت العربْ بها؟ ولكن ليس في المواضع التي نقلها أَهل هذا العلم
إِليها، إِنما العَروض الخَشَبة التي في وسط البيت المَبْنِيِّ لهم،
والمِصْراع أَحد صِفْقَي الباب فنقل ذلك ونحوه تشبيهاً، وأَما الرَّمَل فإِن
العرب وضعت فيه اللفظة نفسها عبارة عندهم عن الشِّعْر الذي وصفه باضطراب
البناء والنقصان عن الأَصل، فعلى هذا وضعه أَهل هذه الصناعة، لم ينقلوه
نقلاً عَلَمِيًّا ولا نقلاً تشبيهيّاً، قال: وبالجملة فإِن الرَّمَل كل ما
كان غيرَ القَصِيد من الشِّعْر وغَيْرَ الرَّجَز.
وأَرْمَل القومُ: نَفِد زادُهم، وأَرْمَلوه أَنْفدوه؛ قال السُّلَيْك
بن السُّلَكة:
إِذا أَرْمَلوا زاداً، عَقَرْت مَطِيَّةً
تَجُرُّ برجليها السَّرِيحَ المُخَدَّما
وفي حديث أُم مَعْبَد: وكان القوم مُرْمِلينَ مُسْنتين؛ قال أَبو عبيد:
المُرْمِلُ الذي نَفِدَ زاده؛ ومنه حديث أَبي هريرة: كنا مع رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، في غَزَاة فأَرْمَلْنا وأَنْفَضْنا؛ ومنه حديث أُم
معبد؛ أَي نَفِد زادهم، قال: وأَصله من الرَّمْل كأَنهم لَصِقوا بالرَّمْلِ
كما قيل للفقير التَّرِبُ.
ورجل أَرْمَل وامرأَة أَرْمَلة: محتاجة، وهم الأَرْمَلة والأَرامِل
والأَرامِلة، كَسَّروه تكسير الأَسماء لقِلَّته، وكُلُّ جماعة من رجال ونساء
أَو رجال دون نساء أَو نساء دون رجال أَرْمَلةٌ، بعد أَن يكونوا محتاجين.
ويقال للفقير الذي لا يقدر على شيء من رجل أَو امرأَة أَرْمَلة، ولا
يقال للمرأَة التي لا زوج لها وهي مُوسِرة أَرْمَلة، والأَرامل: المساكين.
ويقال: جاءت أَرْمَلةٌ من نساء ورجال محتاجين، ويقال للرجال المحتاجين
الضعفاء أَرْمَلة، وإِن لم يكن فيهم نساء. وحكى ابن بري عن ابن قتيبة قال:
إِذا قال الرجل هذا المال لأَرامل بني فلان فهو للرجال والنساء، لأَن
الأَرامل يقع على الذكور والنساء، قال: وقال ابن الأَنباري يُدْفَع للنساء
دون الرجال لأَن الغالب على الأَرامل أَنهن النساء، وإِن كانوا يقولون
رَجُل أَرْمَل، كما أَن الغالب على الرجال أَنهم الذكور دون الإِناث وإِن
كانوا يقولون رَجُلة؛ وفي شعر أَبي طالب يمدح سيدنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم:
ثِمَال اليَتَامى عِصْمَة للأَرامل
قال: الأَرامل المساكين من ساء ورجال. قال: ويقال لكل واحد من الفريقين
على انفراده أَرامل، وهو بالنساء أَخص وأَكثر استعمالاً، وقد تكرر ذكر
ذلك. والأَرْمَل: الذي ماتت زوجته، والأَرْمَلة التي مات زوجُها، وسواء
كانا غَنِيَّيْن أَو فقيرَين. ابن بُرُرْج: يقال إِن بَيت فلان لضَخْمٌ
وإِنهم لأَرْمَلة ما يَحْمِلونه إِلا اسْتَفْقَروا له، يعني العارية؛ قوله
إِنهم لأَرْمَلة لا يَحْمِلونه إِلا ما استفقروا له، يعني أَنهم قوم لا
يملكون الإِبل ولا يقدرون على الارتحال إِلا على إِبل يستعيرونها، من
أَفْقَرْته ظَهْرَ بَعِيرِي إِذا أَعَرْته إِياه. ويقال للذكر أَرْمَل إِذا كان
لا امرأَة له، تقوله العرب، وكذلك رجل أَيِّم وامرأَة أَيِّمة؛ قال
الراجز:
أُحِبُّ أَن أَصطاد ضَبًّا سَحْبَلا،
رَعَى الرَّبيعَ والشتاء أَرْمَلا
قال ابن جني: قَلَّما يستعمل الأَرْمَل في المُذَكَّر إِلا على التشبيه
والمُغالَطة؛ قال جرير:
كُلُّ الأَرامل قد قَضَّيتَ حاجتَها،
فَمَنْ لحاجة هذا الأَرْمَل الذَّكَر؟
(* قوله «كل الأرامل» كذا في الأصل، وفي شرح القاموس والتكملة والأساس:
هذي الأرامل).
يريد بذلك نفسه. وامرأَة أَرْمَلة: لا زوج لها؛ أَنشد ابن بري:
ليَبْكِ على مِلْحانَ ضَيْفٌ مُدَفَّعٌ،
وأَرْمَلةٌ تُزْجِي مع الليل أَرْمَلا
وقال أَبو خِرَاش:
بذي فَخَرٍ تأْوِي إِليه الأَرامِلُ
وأَنشد ابن قتيبة شاهداً على الأَرْمَل الذي لا امرأَة له قول الراجز:
رَعَى الربيعَ والشتاء أَرْمَلا
قال: أَراد ضَبًّا لا أُنثى له ليكون سَمِيناً. وأَرْملت المرأَةُ إِذا
مات عنها زوجُها، وأَرْمَلَتْ: صارت أَرْمَلة. وقال شمر: رَمَّلَت
المرأَةُ من زوجها وهي أَرْمَلة. ابن الأَنباري: الأَرْملة التي مات عنها
زوجُها؛ سُمِّيت أَرْملة لذهاب زادها وفَقْدِها كاسِبَها ومن كان عيشها صالحاً
به، من قول العرب: أَرْمَل القومُ والرجلُ إِذا ذهب زادُهم، قال: ولا
يقال له إِذا ماتت امرأَته أَرْمَل إِلاَّ في شذوذ، لأَن الرجل لا يذهب
زادُه بموت امرأَته إِذا لم تكن قَيِّمة عليه والرجلُ قَيِّمٌ عليها وتلزمه
عَيْلولتها ومؤْنتها ولا يلزمها شيء من ذلك. قال: ورُدَّ على القتيبي
قوله فيمن أَوْصى بماله للأَرامل أَنه يعطي منه الرجال الذين مات أَزواجهم،
لأَنه يقال رجل أَرمل وامرأَة أَرملة. قال أَبو بكر: وهذا مثل الوصية
للجَوارِي لا يُعْطى منه الغِلْمان ووَصيَّة الغلمان لا يُعطى منه الجواري،
وإِن كان يقال للجارية غُلامة.
والمِرْمَل: القَيْد الصَّغير.
والرَّمَل: المطر الضعيف؛ وفي الصحاح: القليل من المطر. وعامٌ أَرْمَل:
قليل المطر والنفع والخير، وسَنَة رَمْلاء كذلك. وأَصابهم رَمَلٌ من مطر
أَي قليلٌ، والجمع أَرمال، والازمان أَقوى منها
(* قوله «والازمان أقوى
منها» كذا في الأصل، ولعله الازمات بالتاء جمع أزمة) . قال شمر: لم أَسمع
الرَّمَل بهذا المعنى إِلا للأُموي. وأَرامِل العَرْفَج: أُصوله.
وأُرْمُولة العرفج: جُذْمُوره، وجمعها أَراميل
(* قوله «اراميل» عبارة القاموس:
أرامل وأراميل، وقوله بعد الرجز الهجاهج الارض إلخ، عبارته في هجج:
والهجج الارض الجدبة التي لا نبات بها والجمع هجاهج، واورد الرجز ثم قال: جمع
على ارادة المواضع) ؛ قال:
فجِئْت كالعَوْد النَّزِيع الهادِج،
قُيِّد في أَرامل العرافج،
في أَرض سَوْءٍ جَذْبةٍ هَجاهِج
الهَجاهِج: الأَرض التي لا نبتَ فيها. والرَّمَل: خطوط في يدي البقرة
الوحشية ورجليها يخالف سائر لونها، وقيل: الرُّمْلة الخَطُّ الأَسود. غيره:
يقال لوَشْي قوائم الثور الوحشي رَمَلٌ، واحدتها رَمَلة؛ قال الجعدي:
كأَنَّها، بعدما جَدَّ النَّجاء بها
بالشَّيِّطَيْن، مَهاةٌ سُرْوِلَتْ رَمَلا
ويقال للضَّبُع أُم رِمال.
ورَمْلة: مدينة بالشام. والأَرمَل: الأَبلق. قال أَبو عبيد: الأَرمَل من
الشاء الذي اسودَّت قوائمه كلها. وحكى ابن بري عن ابن خالويه قال:
الرُّمَل، بضم الراء وفتح الميم، خطوط سُودٌ تكون على ظهر الغزال وأَفخاذه،
وأَنشد بيت الجعدي أَيضاً؛ قال: وقال أَيضاً:
بذهاب الكَوْر أَمسى أَهلُه
كلَّ مَوْشِيٍّ شَواه، ذي رُمَل
ونعجة رَمْلاء: سوداء القوائم كلها وسائرها أَبيض. وغُلام أُرْمُولة:
كقولك بالفارسية زاذه؛ قال أَبو منصور: لا أَعرف الأُرْمُولة عَرَبيَّتها
ولا فارسيتها.
ورامِل ورُمَيْل ورُمَيْلة ويَرْمُول كلها: أَسماء.