للمولى: فضيل بن علي الجمالي، الحنفي.
المتوفى: سنة تسعين وتسعمائة.
هو: متن، مختصر، جامع.
وله: شرحه.
المسمى: (بعون الرائض).
رفد: الرِّفْد، بالكسر: العطاء والصلة. والرَّفْد، بالفتح: المصدر.
رَفَدَه يَرْفِدُه رَفْداً: أَعطاه، ورَفَدَه وأَرْفَده: أَعانه، والاسم
منهما الرِّفْد. وترافدوا: أَعان بعضهم بعضاً. والمَرْفَدُ والمُرْفَدُ:
المعونة؛ وفي الحواشي لابن برّي قال دُكين:
خير امرئٍ قد جاء مِن مَعَدِّهْ
مِن قَبْلِهِ، أَو رافِدٍ من بعدِهْ
الرافد: هو الذي يلي المَلِك ويقوم مقامه إِذا غاب.
والرِّفادة: شيء كانت قُرَيش تترافد به في الجاهلية، فيُخْرج كل إِنسان
مالاً بقدر طاقته فيجمعون من ذلك مالاً عظيماً أَيام الموسم، فيشترون به
للحاج الجُزر والطعام والزبيب للنبيذ، فلا يزالون يُطْعِمون الناس حتى
تنقضي أَيام موسم الحج؛ وكانت الرِّفادَة والسِّقاية لبني هاشم، والسِّدانة
واللِّواء لبني عبد الدار، وكان أَوّلَ من قام بالرِّفادة هاشمُ بن عبد
مناف وسمي هاشماً لهَشْمِه الثريد.
وفي الحديث: من اقتراب الساعة أَن يكون الفيءُ رِفْداً أَي صلة وعطية؛
يريد أَن الخراج والفَيء الذي يحْصُل، وهو لجماعة المسلمين أَهلِ الفَيء،
يصير صلات وعطايا، ويُخَص به قوم دون قوم على قدر الهوى لا بالاستحقاق
ولا يوضع مواضعه. والرِّفْدُ: الصلة؛ يقال: رَفَدْتُه رَفْداً، والاسم
الرِّفْد. والإِرْفاد: الإِعطاء والــإِعانة. والمرافَدة: المُعاونة.
والتَّرافد: التعاون. والاستِرفاد: الاستعانة. والارتفاد: الكسب.
والتَّرفيدُ: التَّسويدُ. يقال: رُفِّدَ فلان أَي سُوِّدَ وعظم. ورَفَّد
القومُ فلاناً: سَوَّدوه ومَلَّكوه أَمرهم.
والرِّفادة: دِعامة السرج والرحل وغيرهما، وقد رَفَده وعليه يَرْفِده
رَفْداً. وكلُّ ما أَمسك شيئاً: فقد رَفده. أَبو زيد: رَفَدتُ على البعير
أَرْفِدُ رَِفْداً إِذا جعلت له رِفادة؛ قال الأَزهري: هي مثل رفادة
السرج. والرَّوافِدُ خشب السقف؛ وأَنشد الأَحمر:
رَوافِدُه أَكرَمُ الرافِداتِ،
بَخٍ لكَ بَخٍّ لِبَحْرٍ خِضَم
وارتَفَد المالَ: اكتسبه؛ قال الطرماح:
عَجَباً ما عَجِبْتُ من واهِبِ الما
لِ، يُباهي به ويَرْتَفِدُه
ويُضِيعُ الذي قد آوْجَبَه اللَّـ
ـهُ عليه، فليس يَعْتَمِدُه
(* قوله «فليس يعتمده» الذي في الأساس: يعتهده أي يتعهده، وكل صحيح).
والرَّفْد والرِّفْد والمِرْفَد والمَرْفِدُ: العُسُّ الضخم؛ وقيل:
القدح العظيم الضخم. والعُسُّ: القَدَح الضخم يروي الثلاثة والأَربعة
والعِدَّة، وهو أَكبر من الغُمَر، والرَّفْدُ أَكبر منه، وعمَّ بعضهم به القدَح
أَي قَدْرٍ كان.
والرَّفودُ من الإِبل: التي تملَو ه في حلبة واحدة؛ وقيل: هي الدائمة
على مِحْلَبها؛ عن ابن الأَعرابي. وقال مرة: هي التي تُتابِعُ الحَلَب.
وناقة رَفُود: تَمْلأُ مِرْفَدها؛ وفي حديث حفر زمزم:
أَلم نَسْقِ الحَجِيجَ، ونَنْـ
ـحَرِ المِذْلاقَةَ الرُّفُدَا
الرُّفُدُ، بالضم: جمع رَفُود وهي التي تملأُ الرَّفْد في حلبة واحدة.
الصحاح: والمِرْفَدُ الرَّفْد وهو القدح الضخم الذي يقرى فيه الضيف. وجاء
في الحديث: نعم المِنْحة اللِّقْحَةُ تَرُوحُ بِرِفْدٍ وتَغْدُو
بِرِفْدٍ قال ابن المبارك: الرِّفْد القَدح تُحتلَب الناقة في قدح، قال: وليس من
المعونة؛ وقال شمر: قال المُؤَرِّجُ هو الرِّفد للإِناء الذي يحتلب فيه؛
وقال الأَصمعي: الرَّفد، بالفتح؛ وقال شمر: رَفْد ورِفْد القدح؛ قال:
والكسر أَعرب. ابن الأَعرابي: الرَّفْد أَكبر من العُسِّ. ويقال: ناقة
رَفُود تَدُوم على إِنائها في شتائها لأَنها تُجالِحُ الشجر. وقال الكسائي:
الرَّفْد والمِرْفَد الذي تُحْلَبُ فيه. وقال الليث: الرَّفد المعونة
بالعطاء وسقْي اللبن والقَوْل وكلِّ شيءٍ. وفي حديث الزكاة: أَعْطَى زكاةَ
ماله طَيِّبَةً بها نفسُه رافِدَةً عليه؛ الرَّافدة، فاعلة؛ من الرِّفْد
وهو الــإِعانة. يقال: رَفَدْته أَي أَعَنْتُه؛ معناه إِن تُعِينَه نَفْسُه
على أَدائها؛ ومنه حديث عُبادة: أَلا ترون أَن لا أَقُوم إِلاَّ رِفْداً
أَي إِلا أَن أُعان على القيام؛ ويروى رَفْداً، بفتح الراء، وهو المصدر.
وفي حديث ابن عباس: والذين عاقدت أَيمانُكم من النصرة والرِّفادة أَي
الــإِعانة. وفي حديث وَفْد مَذْحِج: حَيّ حُشَّد رُفَّد، جمع حاشد ورافد.
والرَّفْد: النصيب. وقال أَبو عبيدة في قوله تعالى: بِئْسَ الرِّفْدُ
المرفود؛ قال: مجازُه مجازُ العون المجاز، يقال: رَفَدْتُه عند الأَمير أَي
أَعنته، قال: وهو مكسور الأَول فإِذا فتحتَ أَوَّله فهو الرَّفد. وقال
الزجاج: كل شيء جعلته عوناً لشيء أَو استمددت به شيئاً فقد رَفَدْته.
يقال: عَمَدْت الحائط وأَسْنَدْته ورَفَدْته بمعنى واحد. وقال الليث: رفدت
فلاناً مَرْفَداً: قال: ومن هذا أُخذت رِفادَة السرج من تحته حتى يرتفع.
والرِّفْدَة: العُصبة من الناس؛ قال الراعي:
مُسَأْل يَبْتَغِي الأَقْوامُ نائلَه،
من كل قَوْم قَطين، حَوْلَه، رِفَدُ
والمِرْفَد: العُظَّامةُ تَتَعَظَّم بها المرأَة الرَّسْحاء.
والرِّفادة: خرقة يُرْفَدُ بها الجُرْح وغيره.
والتَّرْفِيدُ: العجيزة: اسم كالتَّمْتِين والتَّنْبيت؛ عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
تقول خَوْدٌ سَلِسٌ عُقُودُها،
ذاتُ وِشاحٍ حَسَنٌ تَرْفِيدُها:
مَتى تَرانا قائِمٌ عَمُودُها؟
أَي نقيم فلا نظعن، وإِذا قاموا قامت عمد أَخبيتهم، فكأَنّ هذه الخَوْد
ملت الرحلة لنعمتها فسأَلت: متى تكون الإِقامة والخفض؟ والترفيد: نحو من
الهَمْلَجة؛ وقال أُمية بن أَبي عائذ الهذلي:
وإِن غُضَّ من غَرْبِها رَفَّدَتْ
وشيجاً، وأَلْوَتْ بِجَلْسٍ طُوالْ
أَراد بالجَلس أَصل ذنبها.
والمرافيد: الشاءُ لا ينقطع لبنها صيفاً ولا شتاء.
والرَّافدَان: دجلة والفرات؛ قال الفرزدق يعاتب يزيد بن عبد الملك في
تقديم أَبي المثنى عمر بن هبيرة الفزاري على العراق ويهجوه:
بَعَثْتَ إِلى العراقِ ورافِدَيْه
فَزَاريّاً، أَحَذَّ يَدِ القَمِيص
أَراد أَنه خفيف، نسبه إِلى الخيانة.
وبنو أَرْفِدَة الذي في الحديث: جنس من الحبش يرقصون. وفي الحديث أَنه
قال للحبشة: دونكم يا بني أَرْفِدَة؛ قال ابن الأَثير. هو لقب لهم؛ وقيل:
هو اسم أَبيهم الأَقدم يعرفون به، وفاؤه مكسورة وقد تفتح.
ورُفَيدة: أَبو حيّ من العرب يقال لهم الرفيدات، كما يقال لآل هُبَيْرة
الهُبَيْرات.
نصر: النَّصر: إِعانة المظلوم؛ نصَره على عدوّه ينصُره ونصَره ينصُره
نصْراً، ورجل ناصِر من قوم نُصَّار ونَصْر مثل صاحب وصحْب وأَنصار؛ قال:
واللهُ سَمَّى نَصْرَك الأَنْصَارَا،
آثَرَكَ اللهُ به إِيْثارا
وفي الحديث: انصُر أَخاك ظالِماً أَو مظلوماً، وتفسيره أَن يمنَعه من
الظلم إِن وجده ظالِماً، وإِن كان مظلوماً أَعانه على ظالمه، والاسم
النُّصْرة؛ ابن سيده: وقول خِدَاش بن زُهَير:
فإِن كنت تشكو من خليل مَخانَةً،
فتلك الحَوارِي عَقُّها ونُصُورُها
يجوز أَن يكون نُصُور جمع ناصِر كشاهد وشُهود، وأن يكون مصدراً كالخُروج
والدُّخول؛ وقول أُمية الهذلي:
أُولئك آبائي، وهُمْ لِيَ ناصرٌ،
وهُمْ لك إِن صانعتَ ذا مَعْقِلُ
(*« أولئك آبائي إلخ» هكذا في الأصل والشطر الثاني منه ناقص.)
أَراد جمع ناصِر كقوله عز وجل: نَحْنُ جميع مُنْتَصِر. والنَّصِير:
النَّاصِر؛ قال الله تعالى: نِعم المولى ونِعم النَّصير، والجمع أَنْصَار مثل
شَرِيف وأَشرافٍ. والأَنصار: أَنصار النبي، صلى الله عليه وسلم، غَلبت
عليهم الصِّفة فجرى مَجْرَى الأَسماء وصار كأَنه اسم الحيّ ولذلك أُضيف
إِليه بلفظ الجمع فقيل أَنصاري. وقالوا: رجل نَصْر وقوم نَصْر فَوصَفوا
بالمصدر كرجل عَدْلٍ وقوم عَدْل؛ عن ابن الأَعرابي.
والنُّصْرة: حُسْن المَعُونة. قال الله عز وجل: من كان يَظُنّ أَن لَنْ
ينصُره الله في الدنيا والآخرة؛ المعنى من ظن من الكفار أَن الله لا
يُظْهِر محمداً، صلى الله عليه وسلم، على مَنْ خالفَه فليَخْتَنِق غَيظاً حتى
يموت كَمَداً، فإِن الله عز وجل يُظهره، ولا يَنفعه غيظه وموته حَنَقاً،
فالهاء في قوله أَن لن يَنْصُرَه للنبيّ محمد، صلى الله عليه وسلم.
وانْتَصَر الرجل إِذا امتَنَع من ظالِمِه. قال الأَزهري: يكون
الانْتصَارَ من الظالم الانْتِصاف والانْتِقام، وانْتَصَر منه: انْتَقَم. قال الله
تعالى مُخْبِراً عن نُوح، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ودعائِه
إِياه بأَن يَنْصُره على قومه: فانْتَصِرْ ففتحنا، كأَنه قال لِرَبِّه: انتقم
منهم كما قال: رَبِّ لا تَذَرْ على الأَرض من الكافرين دَيَّاراً.
والانتصار: الانتقام. وفي التنزيل العزيز: ولَمَنِ انْتَصَر بعد ظُلْمِه؛
وقوله عز وجل: والذين إِذا أَصابهم البغي هم يَنْتَصِرُون؛ قال ابن سيده: إِن
قال قائل أَهُمْ مَحْمُودون على انتصارهم أَم لاف قيل: من لم يُسرِف ولم
يُجاوِز ما أمر الله به فهو مَحْمُود.
والاسْتِنْصار: اسْتِمْداد النَّصْر. واسْتَنْصَره على عَدُوّه أَي
سأَله أَن ينصُره عليه. والتَّنَصُّرُ: مُعالَجَة النَّصْر وليس من باب
تَحَلَّم وتَنَوَّر. والتَّناصُر: التَّعاون على النَّصْر. وتَناصَرُوا: نَصَر
بعضُهم بعضاً. وفي الحديث: كلُّ المُسْلِمِ عَنْ مُسْلِمٍ مُحَرَّم
أَخَوانِ نَصِيرانَ أَي هما أَخَوانِ يَتَناصَران ويَتعاضَدان. والنَّصِير
فعيل بمعنى فاعِل أَو مفعول لأَن كل واحد من المتَناصِرَيْن ناصِر
ومَنْصُور. وقد نصره ينصُره نصْراً إِذا أَعانه على عدُوّه وشَدَّ منه؛ ومنه حديث
الضَّيْفِ المَحْرُوم: فإِنَّ نَصْره حق على كل مُسلم حتى يأْخُذ
بِقِرَى ليلته، قيل: يُشْبه أَن يكون هذا في المُضْطَرّ الذي لا يجد ما يأْكل
ويخاف على نفسه التلف، فله أَن يأْكل من مال أَخيه المسلم بقدر حاجته
الضرورية وعليه الضَّمان. وتَناصَرَتِ الأَخبار: صدَّق بعضُها بعضاً.
والنَّواصِرُ: مَجاري الماء إِلى الأَودية،واحدها ناصِر، والنَّاصِر:
أَعظم من التَّلْعَةِ يكون مِيلاً ونحوَه ثم تمج النَّواصِر في التِّلاع.
أَبو خيرة: النَّواصِر من الشِّعاب ما جاء من مكان بعيد إِلى الوادي
فَنَصَرَ سَيْلَ الوادي، الواحد ناصِر. والنَّواصِر: مَسايِل المِياه، واحدتها
ناصِرة، سميت ناصِرة لأَنها تجيء من مكان بعيد حتى تقع في مُجْتَمع
الماء حيث انتهت، لأَن كل مَسِيل يَضِيع ماؤه فلا يقع في مُجتَمع الماء فهو
ظالم لمائه. وقال أَبو حنيفة: الناصِر والناصِرة ما جاء من مكان بعيد إِلى
الوادي فنَصَر السُّيول. ونصَر البلاد ينصُرها: أَتاها؛ عن ابن
الأَعرابي. ونَصَرْتُ أَرض بني فلان أَي أَتيتها؛ قال الراعي يخاطب
خيلاً:إِذا دخل الشهرُ الحرامُ فَوَدِّعِي
بِلادَ تميم، وانْصُرِي أَرضَ عامِرِ
ونَصر الغيثُ الأَرض نَصْراً: غاثَها وسقاها وأَنبتها؛ قال:
من كان أَخطاه الربيعُ، فإِنما
نصر الحِجاز بِغَيْثِ عبدِ الواحِدِ
ونَصَر الغيثُ البلَد إِذا أَعانه على الخِصْب والنبات. ابن الأَعرابي:
النُّصْرة المَطْرَة التَّامّة؛ وأَرض مَنْصُورة ومَضْبُوطَة. وقال أَبو
عبيد: نُصِرَت البلاد إِذا مُطِرَت، فهي مَنْصُورة أَي مَمْطُورة. ونُصِر
القوم إِذا غِيثُوا. وفي الحديث: إِنَّ هذه السَّحابةَ تَنصُر أَرضَ بني
كَعْب أَي تُمطرهم. والنَّصْر: العَطاء؛ قال رؤبة:
إِني وأَسْطارٍ سُطِرْنَ سَطْرا
لَقائِلٌ: يا نَصْرُ نَصْراً نَصْراً
ونَصَره ينصُره نَصْراً: أَعطاه. والنَّصائِرُ: العطايا.
والمُسْتَنْصِر: السَّائل. ووقف أَعرابيّ على قوم فقال: انْصُرُوني نَصَركم الله أَي
أَعطُوني أَعطاكم الله.
ونَصَرى ونَصْرَى وناصِرَة ونَصُورِيَّة
(* قوله« ونصورية» هكذا في
الأصل ومتن القاموس بتشديد الياء، وقال شارحه بتخفيف الياء): قرية بالشام،
والنَّصارَى مَنْسُوبُون إِليها؛ قال ابن سيده: هذا قول أَهل اللغة، قال:
وهو ضعيف إِلا أَن نادِر النسب يَسَعُه، قال: وأَما سيبويه فقال أَما
نَصارَى فذهب الخليل إِلى أَنه جمع نَصْرِيٍّ ونَصْران، كما قالوا ندْمان
ونَدامى، ولكنهم حذفوا إِحدى الياءَين كما حذفوا من أُثْفِيَّة وأَبدلوا
مكانها أَلفاً كما قالوا صَحارَى، قال: وأَما الذي نُوَجِّهه نحن عليه جاء
على نَصْران لأَنه قد تكلم به فكأَنك جمعت نَصْراً كما جمعت مَسْمَعاً
والأَشْعَث وقلت نَصارَى كما قلت نَدامى، فهذا أَقيس، والأَول مذهب، وإِنما
كان أَقْيَسَ لأَنا لم نسمعهم قالوا نَصْرِيّ. قال أَبو إِسحق: واحِد
النصارَى في أَحد القولين نَصْرَان كما ترى مثل نَدْمان ونَدامى، والأُنثى
نَصْرانَة مثل نَدْمانَة؛ وأَنشد لأَبي الأَخزر الحماني يصف ناقتين
طأْطأَتا رؤوسهما من الإِعياء فشبه رأْس الناقة من تطأْطئها برأْس النصوانية
إِذا طأْطأَته في صلاتها:
فَكِلْتاهُما خَرَّتْ وأَسْجَدَ رأْسُها،
كما أَسْجَدَتْ نَصْرانَة لم تحَنَّفِ
فَنَصْرانَة تأْنيث نَصْران، ولكن لم يُستعمل نَصْران إِلا بياءي النسب
لأَنهم قالوا رجل نَصْراني وامرأَة نَصْرانيَّة، قال ابن بري: قوله إِن
النصارى جمع نَصْران ونَصْرانَة إِنما يريد بذلك الأَصل دون الاستعمال،
وإِنما المستعمل في الكلام نَصْرانيٌّ ونَصْرانِيّة، بياءي النسب، وإِنما
جاء نَصْرانَة في البيت على جهة الضرورة؛ غيره: ويجوز أَن يكون واحد
النصارى نَصْرِيّاً مثل بعير مَهْرِيّ وإِبِل مَهارَى، وأَسْجَد: لغة في
سَجَد. وقال الليث: زعموا أَنهم نُسِبُوا إِلى قرية بالشام اسمها نَصْرُونة.
التهذيب: وقد جاء أَنْصار في جمع النَّصْران؛ قال:
لما رأَيتُ نَبَطاً أَنْصارا
بمعنى النَّصارى. الجوهري: ونَصْرانُ قرية بالشأْم ينسب إِليها
النَّصارى، ويقال: ناصِرَةُ.
والتَّنَصُّرُ: الدخول في النَّصْرانية، وفي المحكَم: الدخول في دين
النصْري
(* قوله« في دين النصري» هكذا بالأصل) . ونَصَّرَه: جعله
نَصْرانِيّاً. وفي الحديث: كلُّ مولود يولد على الفِطْرة حتى يكونَ أَبواه اللذان
يَهَوِّدانِه ويُنَصِّرانِه؛ اللَّذان رفع بالابتداء لأَنه أُضمر في يكون؛
كذلك رواه سيبويه؛ وأَنشد:
إِذا ما المرء كان أَبُوه عَبْسٌ،
فَحَسْبُك ما تُرِيدُ إِلى الكلامِ
أَي كان هو. والأَنْصَرُ: الأَقْلَفُ، وهو من ذلك لأَن النصارى قُلْف.
وفي الحديث: لا يَؤمَّنَّكُم أَنْصَرُ أَي أَقْلَفُ؛ كذا فُسِّر في
الحديث.ونَصَّرُ: صَنَم، وقد نَفَى سيبويه هذا البناء في الأَسماء.
وبُخْتُنَصَّر: معروف، وهو الذي كان خَرَّب بيت المقدس، عَمَّره الله تعالى. قال
الأَصمعي: إِنما هو بُوخَتُنَصَّر فأُعرب، وبُوخَتُ ابنُ، ونَصَّرُ صَنَم،
وكان وُجد عند الصَّنَم ولم يُعرف له أَب فقيل: هو ابن الصنم. ونَصْر
ونُصَيْرٌ وناصِر ومَنْصُور: أَسماء. وبنو ناصِر وبنو نَصْر: بَطْنان.
ونَصْر: أَبو قبيلة من بني أَسد وهو نصر ابن قُعَيْنٍ؛ قال أَوس بن حَجَر يخاطب
رجلاً من بني لُبَيْنى بن سعد الأَسَدِي وكان قد هجاه:
عَدَدْتَ رِجالاً من قُعَيْنٍ تَفَجُّساً،
فما ابنُ لُبَيْنى والتَّفَجُّسُ والفَخْرُف
شَأَتْكَ قُعَيْنٌ غَثُّها وسَمِينُها،
وأَنت السَّهُ السُّفْلى، إِذا دُعِيَتْ نَصْرُ
التَّفَجُّس: التعظُّم والتكبر. وشأَتك: سَبَقَتْك. والسَّه: لغة في
الاسْتِ.
حدج: الحِدْجُ: الحِمْلُ. والحِدْجُ: من مراكب النساءِ يشبه المِحَفَّة،
والجمعُ أَحْداجٌ وحُدُوجٌ، وحكى الفارسي: حُدُجٌ، وأَنشد عن ثعلب:
قُمْنا فآنَسْنا الحُمُولَ والحُدُجْ
ونظيره سِتْرٌ وسُتُرٌ؛ وأَنشد أَيضاً:
والمَسْجِدانِ وبَيْتٌ نَحْنُ عامِرُهُ
لَنا، وزَمْزَمُ والأَحْواضُ والسُّتُرُ
والحُدُوجُ: الإِبلُ برحالها؛ قال:
عَيْنا ابنِ دَارَةَ خَيرٌ منكما نَظَراً
إِذِ الحُدُوجُ بأَعْلى عاقِلٍ زُمَرُ
والحِداجَةُ كالحِدْجِ، والجمع حَدائِجُ. قال الليث: الحِدْجُ مَرْكَبٌ
ليس بِرَحْلٍ ولا هَوْدَجٍ، تركبه نساءُ الأَعراب. قال الأَزهري:
الحِدْجُ، بكسر الحاء، مركب من مراكب النساء نحو الهودج والمِحَفَّة؛ ومنه البيت
السائر:
شَرَّ يَوْمَيْها، وأَغْواهُ لَهَا،
رَكِبَتْ عَنْزٌ، بِحِدْجٍ، جَمَلا
وقد ذكرنا تفسير هذا البيت في ترجمة عنز؛ وقال الآخر:
فَجَرَ البَغِيُّ بِحِدْجِ رَبَّـ
ـتِها، إِذا ما الناسُ شَلُّوا
وحَدَجَ البعيرَ والنَّاقَةَ يَحْدِجُهما حَدْجاً وحِداجاً،
وأَحْدَجَهما: شَدَّ عليهما الحِدْجَ والأَداةَ ووَسَّقَهُ. قال الجوهري: وكذلك
شَدُّ الأَحمال وتوسيقُها؛ قال الأَعشى:
أَلا قُلْ لِمَيْثاءَ: ما بالُها؟
أَلِلْبَيْنِ تُحْدَجُ أَحْمالُها؟
ويروى: أَجمالُها، بالجيم، أَي تشد عليها، والرواية الصحيحة: تُحْدَجُ
أَجمالُها. قال الأَزهري: وأَما حَدْجُ الأَحمال بمعنى توسيقها فغير معروف
عند العرب، وهو غلط. قال شمر: سمعت أَعرابيّاً يقول: انظروا إِلى هذا
البعير الغُرْنُوقِ الذي عليه الحِداجَةُ، قال: ولا يُحْدَجُ البعيرٌ حتى
تكمل فيه الأَداةُ، وهي البِدادانِ والبِطانُ والحَقَبُ، وجمعُ الحِداجَةِ
حَدائِجُ. قال: والعرب تسمي مخالي القَتَبِ أَبِدَّةً، واحدها بِدادٌ،
فإِذا ضمت وأُسرت وشدّت إِلى أَقتابها محشوّة، فهي حينئذ حِداجَةٌ. وسمي
الهودج المشدود فوق القتب حتى يشد على البعير شدّاً واحداً بجميع أَداته:
حِدْجاً، وجمعه حُدُوجٌ. ويقال: احْدِجْ بعيرك أَي شُدَّ عليه قتبه
بأَداته. ابن السكيت: الحُدُوجُ والأَحْداجُ والحَدائجُ مراكبُ النساءِ،
واحدُها حِدْجٌ وحِداجَةٌ؛ قال الأَزهري: لم يفرق ابن السكيت بين الحِدْجِ
والحِداجَةِ، وبينهما فرق عند العرب على ما بينّاه. قال ابن السكيت: سمعت
أَبا صاعد الكلابيَّ يقول: قال رجل من العرب لصاحبه في أَتانٍ شَرُودٍ:
الْزَمْها، رماها الله براكبْ قليلِ الحِداجَةِ، بعيدِ الحاجَةِ أَراد
بالحِداجَةِ أَداةَ القَتَبِ. وروي عن عمر، رضي الله عنه، أَنه قال: حَجَّةً
ههنا ثم احْدِجْ ههنا حتى تَفْنى؛ يعني إِلى الغزو، قال: الحَدْجُ شَدُّ
الأَحمال وتوسيقها؛ قال الأَزهري: معنى قول عمر، رضي الله عنه، ثم احدج
ههنا أَي شُدَّ الحِداجَةَ، وهو القتب بأَداته على البعير للغزو؛ والمعنى
حُجَّ حَجَّةً واحدةً، ثم أَقبل على الجهاد إِلى أَن تَهْرَمَ أَو تموتَ،
فكنى بالحِدْجِ عن تهيئة المركوب للجهاد؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
تُلَهِّي المَرْءَ بالحُدْثانِ لَهْواً
وتَحْدِجُهُ كما حُدِجَ المُطِيقُ
هو مَثَلٌ أَي تغلبه بِدَلِّها وحديثها حتى يكونَ مِنْ غَلَبَتِها له
كالمَحْدُوجِ المركوب الذليل من الجِمال. والمِحْدَجُ مِيسَمٌ من مَياسِم
الإِبل. وحَدَجَهُ: وسَمَهُ بالمِحْدَجِ. وحَدَجَ الفرسُ يَحْدِجُ
حُدوجاً: نظر إِلى شخص أَو سمع صوتاً فأَقام أُذنه نحوه مع عينيه.
والتحدِيجُ: شدَّة النظر بعد رَوْعَةٍ وفَزْعَةٍ.
وحَدَجَهُ ببصره يَحْدِجُهُ حَدْجاً وحُدُوجاً، وحَدَّجَهُ: نظر إِليه
نظراً يرتاب به الآخرُ ويستنكره؛ وقيل: هو شدَّة النظر وحِدَّته. يقال:
حَدَّجَهُ ببصره إِذا أَحَدَّ النظر إِليه؛ وقيل: حَدَجَه ببصره وحَدَجَ
إِليه رماه به. وروي عن ابن مسعود أَنه قال: حَدِّثِ القومَ ما حَدَجُوك
بأَبصارهم أَي ما أَحَدُّوا النظر إِليك؛ يعني ما داموا مقبلين عليك نشيطين
لسماع حديثك، يشتهون حديثك ويرمون بأَبصارهم، فإِذا رأَيتهم قد مَلُّوا
فَدَعْهُمْ؛ قال الأَزهري: وهذا يدل على أَن الحَدْجَ في النظر يكون بلا
رَوْعٍ ولا فَزَعٍ. وفي حديث المعراج: أَلَمْ تَرَوْا إِلى مَيِّتِكُمْ
حين يَحْدِجُ ببصره فإِنما ينظر إِلى المعراج من حُسْنه؟ حَدَجَ ببصره
يَحْدِجُ إِذا حَقَّقَ النظر إِلى الشيء. وحَدَجَهُ ببصره: رماه به حَدْجاً.
الجوهري: التَّحْدِيجُ مثل التَّحْدِيقِ. وحَدَجَهُ بسَهْمٍ يَحْدِجُهُ
حَدْجاً: رماه به. وحَدَجَه بِذَنْبِ غيره يَحْدِجُه حَدْجاً: حمله عليه
ورماه به؛ قال العجاج يصف الحمار والأُتُنَ:
إِذا اسْبَجَرَّا من سوادٍ حَدَجَا
وقول أَبي النجم:
يُقَتِّلُنا مِنْها عُيُونٌ، كأَنَّها
عُيُونُ المَهَا، ما طَرْفُهُنَّ بِحَادِجِ
يريد أَنها ساجية الطرف؛ وقال ابن الفرج: حَدَجَهُ بالعصا حَدْجاً،
وحَبَجَهُ حَبْجاً إِذا ضربه بها. أَبو عمرو الشيباني: يقال حَدَجْتُهُ
بِبَيْعِ سَوْءٍ أَي فعلت ذلك به؛ قال وأَنشدني ابن الأَعرابي:
حَدَجْتُ ابنَ مَحْدُوجٍ بِسِتِّينَ بَكْرَةً،
فلمَّا اسْتَوَتْ رِجْلاهُ، ضَجَّ مِنَ الوَقْرِ
قال: وهذا شعر امرأَة تزوّجها رجل على ستين بكرة. وقال غيره: حَدَجْتُهُ
ببيعِ سَوْءٍ ومتاع سَوْءٍ إِذا أَلزمته بيعاً غبنته فيه؛ ومنه قول
الشاعر:
يَعُجُّ ابنُ خِرْباقٍ مِنَ البَيْعِ، بَعْدَما
حَدَجْتُ ابنَ خِرْباقٍ بِجَرْباءَ نازِعِ
قال الأَزهري: جعله كبعير شدَّ عليه حِدَاجَتهُ حين أَلزمه بيعاً لا
يقال منه.
الأَزهري: الحَدَجُ حَمْلُ البطيخ والحنظل ما دام رطباً، والحُدْجُ، لغة
فيه؛ قال ابن سيده: والحَدَجُ والحُدْجُ الحنظل والبطيخ ما دام صغاراً
أَخضر قبل أَن يصفرّ؛ وقيل هو من الحنظل ما اشتدَّ وصلب قبل أَن يصفرّ؛
قال الراجز:
فَيَاشِلٌ كالحَدَجِ المُنْدالِ،
بَدَوْنَ مِنْ مُدَّرِعَيْ أَسْمَالِ
واحدته حَدَجَةٌ. وقد أَحْدَجَت الشجرةُ؛ قال ابن شميل: أَهل اليمامة
يسمون بطيخاً عندهم أَخضر مثل ما يكون عندنا أَيام التيرماه
(* قوله
«التيرماه» هو رابع الشهور الشمسية عند الفرس، كذا بهامش شرح القاموس المطبوع.)
بالبصرة: الحَدَجَ.
وفي حديث ابن مسعود: رأَيت كأَني أَخذت حَدَجَةَ حنظلٍ فوضعتها بين
كَتِفَيْ أَبي جهل. الحدجة، بالتحريك: الحنظلة الفَجَّة الصُّلْبَةُ. ابن
سيده: والحَدَجُ حَسَكُ القُطْبِ ما دام رَطْباً.
ومَحْدُوجٌ وحُدَيْجٌ وحَدَّاجٌ: أَسماء.
والحَدَجَةُ: طائر يشبه القطا، وأَهل العراق يسمون هذا الطائر الذي
نسميه اللَّقْلَقَ: أَبا حُدَيْجٍ.
الجوهري: وحُنْدُجٌ اسم رجل.
عون: العَوْنُ: الظَّهير على الأَمر، الواحد والاثنان والجمع والمؤنث
فيه سواء، وقد حكي في تكسيره أَعْوان، والعرب تقول إذا جاءَتْ السَّنة: جاء
معها أَعْوانها؛ يَعْنون بالسنة الجَدْبَ، وبالأَعوان الجراد والذِّئاب
والأَمراض، والعَوِينُ اسم للجمع. أَبو عمرو: العَوينُ الأَعْوانُ. قال
الفراء: ومثله طَسيسٌ جمع طَسٍّ. وتقول: أَعَنْتُه إعانة واسْتَعَنْتُه
واستَعَنْتُ به فأَعانَني، وإنِما أُعِلَّ اسْتَعانَ وإِن لم يكن تحته
ثلاثي معتل، أَعني أَنه لا يقال عانَ يَعُونُ كَقام يقوم لأَنه، وإن لم
يُنْطَق بثُلاثِيَّة، فإِنه في حكم المنطوق به، وعليه جاءَ أَعانَ يُعِين، وقد
شاع الإِعلال في هذا الأَصل، فلما اطرد الإِعلال في جميع ذلك دَلَّ أَن
ثلاثية وإن لم يكن مستعملاً فإِنه في حكم ذلك، والإسم العَوْن والمَعانة
والمَعُونة والمَعْوُنة والمَعُون؛ قال الأَزهري: والمَعُونة مَفْعُلة في
قياس من جعله من العَوْن؛ وقال ناسٌ: هي فَعُولة من الماعُون، والماعون
فاعول، وقال غيره من النحويين: المَعُونة مَفْعُلة من العَوْن مثل
المَغُوثة من الغَوْث، والمضوفة من أَضافَ إذا أَشفق، والمَشُورة من أَشارَ
يُشير، ومن العرب من يحذف الهاء فيقول مَعُونٌ، وهو شاذ لأَنه ليس في كلام
العرب مَفْعُل بغير هاء. قال الكسائي: لا يأْتي في المذكر مَفْعُلٌ، بضم
العين، إلاَّ حرفان جاءَا نادرين لا يقاس عليهما: المَعُون، والمَكْرُم؛
قال جميلٌ:
بُثَيْنَ الْزَمي لا، إنَّ لا إنْ لزِمْتِه،
على كَثْرة الواشِينَ، أَيُّ مَعُونِ
يقول: نِعْمَ العَوْنُ قولك لا في رَدِّ الوُشاة، وإن كثروا؛ وقال آخر:
ليَوْم مَجْدٍ أَو فِعالِ مَكْرُمِ
(* قوله «ليوم مجد إلخ» كذا بالأصل والمحكم، والذي في التهذيب: ليوم
هيجا). وقيل: مَعُونٌ جمع مَعونة، ومَكْرُم جمع مَكْرُمة؛ قاله الفراء.
وتعاوَنوا عليَّ واعْتَوَنوا: أَعان بعضهم بعضاً. سيبويه: صحَّت واوُ
اعْتَوَنوا لأَنها في معنى تعاوَنوا، فجعلوا ترك الإِعلال دليلاً
على أَنه في معنى ما لا بد من صحته، وهو تعاونوا؛ وقالوا: عاوَنْتُه
مُعاوَنة وعِواناً، صحت الواو في المصدر لصحتها في الفعل لوقوع الأَلف
قبلها. قال ابن بري: يقال اعْتَوَنوا واعْتانوا إذا عاوَنَ بعضهم بعضاً؛ قال
ذو الرمة:
فكيفَ لنا بالشُّرْبِ، إنْ لم يكنْ لنا
دَوانِيقُ عندَ الحانَوِيِّ، ولا نَقْدُ؟
أَنَعْتانُ أَمْ نَدَّانُ، أَم يَنْبَري لنا
فَتًى مثلُ نَصْلِ السَّيفِ، شِيمَتُه الحَمْدُ؟
وتَعاوَنَّا: أَعان بعضنا بعضاً. والمَعُونة: الــإِعانَة. ورجل مِعْوانٌ:
حسن المَعُونة. وتقول: ما أَخلاني فلان من مَعاوِنه، وهو وجمع مَعُونة.
ورجل مِعْوان: كثير المَعُونة للناس. واسْتَعَنْتُ بفلان فأَعانَني
وعاونَني. وفي الدعاء: رَبِّ أَعنِّي ولا تُعِنْ عَليَّ. والمُتَعاوِنة من
النساء: التي طَعَنت في السِّنِّ ولا تكون إلا مع كثرة اللحم؛ قال الأَزهري:
امرأَة مُتَعاوِنة إذا اعتدل خَلْقُها فلم يَبْدُ حَجْمُها. والنحويون
يسمون الباء حرف الاستعانة، وذلك أَنك إذا قلت ضربت بالسيف وكتبت بالقلم
وبَرَيْتُ بالمُدْيَة، فكأَنك قلت استعنت بهذه الأَدوات على هذه الأَفعال.
قال الليث: كل شيء أَعانك فهو عَوْنٌ لك، كالصوم عَوْنٌ على العبادة،
والجمع الأَعْوانُ. والعَوانُ من البقر وغيرها: النَّصَفُ في سنِّها. وفي
التنزيل العزيز: لا فارضٌ ولا بِكْرٌ عَوانٌ بين ذلك؛ قال الفراء: انقطع
الكلام عند قوله ولا بكر، ثم استأْنف فقال عَوان بين ذلك، وقيل: العوان من
البقر والخيل التي نُتِجَتْ بعد بطنها البِكْرِ. أَبو زيد: عانَتِ
البقرة تَعُون عُؤُوناً إذا صارت عَواناً؛ والعَوان: النَّصَفُ التي بين
الفارِضِ، وهي المُسِنَّة، وبين البكر، وهي الصغيرة. ويقال: فرس عَوانٌ وخيل
عُونٌ، على فُعْلٍ، والأَصل عُوُن فكرهوا إلقاء ضمة على الواو فسكنوها،
وكذلك يقال رجل جَوادٌ وقوم جُود؛ وقال زهير:
تَحُلُّ سُهُولَها، فإِذا فَزَعْنا،
جَرَى منهنَّ بالآصال عُونُ.
فَزَعْنا: أَغَثْنا مُسْتَغيثاً؛ يقول: إذا أَغَثْنا ركبنا خيلاً، قال:
ومن زعم أَن العُونَ ههنا جمع العانَةِ بفقد أَبطل، وأَراد أَنهم
شُجْعان، فإِذا اسْتُغيث بهم ركبوا الخيل وأَغاثُوا. أَبو زيد: بَقَرة عَوانٌ
بين المُسِنَّةِ والشابة. ابن الأَعرابي: العَوَانُ من الحيوان السِّنُّ
بين السِّنَّيْنِ لا صغير ولا كبير. قال الجوهري: العَوَان النَّصَفُ في
سِنِّها من كل شيء. وفي المثل: لا تُعَلَّمُ العَوانُ الخِمْرَةَ؛ قال ابن
بري: أَي المُجَرِّبُ عارف بأَمره كما أَن المرأَة التي تزوجت تُحْسِنُ
القِناعَ بالخِمار. قال ابن سيده: العَوانُ من النساء التي قد كان لها
زوج، وقيل: هي الثيِّب، والجمع عُونٌ؛ قال:
نَواعِم بين أَبْكارٍ وعُونٍ،
طِوال مَشَكِّ أَعْقادِ الهَوادِي.
تقول منه: عَوَّنَتِ المِرأَةُ تَعْوِيناً إذا صارت عَواناً، وعانت
تَعُونُ عَوْناً. وحربٌ عَوان: قُوتِل فيها مرة
(* قوله: مرة، أي مرّةً بعد
الأخرى). كأَنهم جعلوا الأُولى بكراً، قال: وهو على المَثَل؛ قال:
حَرْباً عواناً لَقِحَتْ عن حُولَلٍ،
خَطَرتْ وكانت قبلها لم تَخْطُرِ
وحَرْبٌ عَوَان: كان قبلها حرب؛ وأَنشد ابن بري لأَبي جهل:
ما تَنْقِمُ الحربُ العَوانُ مِنِّي؟
بازِلُ عامين حَدِيثٌ سِنِّي،
لمِثْل هذا وَلَدَتْني أُمّي.
وفي حديث علي، كرم الله وجهه: كانت ضَرَباتُه مُبْتَكَراتٍ لا عُوناً؛
العُونُ: جمع العَوان، وهي التي وقعت مُخْتَلَسَةً فأَحْوَجَتْ إلى
المُراجَعة؛ ومنه الحرب العَوانُ أَي المُتَردّدة، والمرأَة العَوان وهي
الثيب، يعني أَن ضرباته كانت قاطعة ماضية لا تحتاج إلى المعاودة والتثنية.
ونخلة عَوانٌ: طويلة، أَزْدِيَّة. وقال أَبو حنيفة: العَوَانَةُ النخلة، في
لغة أَهل عُمانَ. قال ابن الأََعرابي: العَوانَة النخلة الطويلة، وبها
سمي الرجل، وهي المنفردة، ويقال لها القِرْواحُ والعُلْبَة. قال ابن بري:
والعَوَانة الباسِقَة من النخل، قال: والعَوَانة أَيضاً دودة تخرج من
الرمل فتدور أَشواطاً كثيرة. قال الأَصمعي: العَوانة دابة دون القُنْفُذ تكون
في وسط الرَّمْلة اليتيمة، وهي المنفردة من الرملات، فتظهر أَحياناً
وتدور كأَنها تَطْحَنُ ثم تغوص، قال: ويقال لهذه الدابة الطُّحَنُ، قال:
والعَوانة الدابة، سمي الرجل بها. وبِرْذَوْنٌ مُتَعاوِنٌ
ومُتَدارِك ومُتَلاحِك إذا لَحِقَتْ قُوَّتُه وسِنُّه. والعَانة: القطيع
من حُمُر الوحش. والعانة: الأَتان، والجمع منهما عُون، وقيل: وعانات.
ابن الأَعرابي: التَّعْوِينُ كثرةُ بَوْكِ الحمار لعانته. والتَّوْعِينُ:
السِّمَن. وعانة الإِنسان: إِسْبُه، الشعرُ النابتُ على فرجه، وقيل: هي
مَنْبِتُ الشعر هنالك. واسْتَعان الرجلُ: حَلَقَ عانَتَه؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
مِثْل البُرام غَدا في أُصْدَةٍ خَلَقٍ،
لم يَسْتَعِنْ، وحَوامي الموتِ تَغْشاهُ.
البُرام: القُرادُ، لم يَسْتَعِنْ أَي لم يَحْلِقْ عانته، وحَوامي
الموتِ: حوائِمُه فقلبه، وهي أَسباب الموت. وقال بعض العرب وقد عرَضَه رجل على
القَتْل: أَجِرْ لي سَراويلي فإِني لم أَسْتَعِنْ. وتَعَيَّنَ:
كاسْتَعان؛ قال ابن سيده: وأَصله الواو، فإِما أَن يكون تَعَيَّنَ تَفَيْعَلَ،
وإِما أَن يكون على المعاقبة كالصَّيَّاغ في الصَّوَّاغ، وهو أَضعف القولين
إذ لو كان ذلك لوجدنا تَعَوَّنَ، فعَدَمُنا إِياه يدل على أَن تَعَيَّنَ
تَفَيْعَل. الجوهري: العانَة شعرُ الركَبِ. قال أَبو الهيثم: العانة
مَنْبِت الشعر فوق القُبُل من المرأَة، وفوق الذكر من الرجل، والشَّعَر
النابتُ عليهما يقال له الشِّعْرَةُ والإِسْبُ؛ قال الأَزهري: وهذا هو
الصواب. وفلان على عانَة بَكْرِ بن وائل أَي جماعتهم وحُرْمَتِهم؛ هذه عن
اللحياني، وقيل: هو قائم بأَمرهم. والعانَةُ: الحَظُّ من الماء للأَرض، بلغة
عبد القيس. وعانَةُ: قرية من قُرى الجزيرة، وفي الصحاح: قرية على الفُرات،
وتصغير كل ذلك عُوَيْنة. وأَما قولهم فيها عاناتٌ فعلى قولهم رامَتانِ،
جَمَعُوا كما ثَنَّوْا. والعانِيَّة: الخَمْر، منسوبة إليها. الليث:
عاناتُ موضع بالجزيرة تنسب إليها الخمر العانِيَّة؛ قال زهير:
كأَنَّ رِيقَتَها بعد الكَرى اغْتَبَقَتْ
من خَمْرِ عانَةَ، لَمَّا يَعْدُ أَن عَتَقا.
وربما قالوا عاناتٌ
كما قالوا عرفة وعَرَفات، والقول في صرف عانات كالقول في عَرَفات
وأَذْرِعات؛ قال ابن بري: شاهد عانات قول الأَعشى:
تَخَيَّرَها أَخُو عاناتِ شَهْراً،
ورَجَّى خَيرَها عاماً فعاما.
قال: وذكر الهرويُّ أَنه يروى بيت امرئ القيس على ثلاثة أَوجه:
تَنَوَّرتُها من أَذرِعاتٍ بالتنوين، وأَذرعاتِ بغير تنوين، وأَذرعاتَ بفتح
التاء؛ قال: وذكر أَبو علي الفارسي أَنه لا يجوز فتح التاء عند سيبويه.
وعَوْنٌ وعُوَيْنٌ
وعَوانةُ: أَسماء. وعَوانة وعوائنُ: موضعان؛ قال تأبَّط شرّاً:
ولما سمعتُ العُوصَ تَدْعو، تنَفَّرَتْ
عصافيرُ رأْسي من برًى فعَوائنا.
ومَعانُ: موضع بالشام على قُرب مُوتة؛ قال عبد الله ابن رَواحة:
أَقامتْ ليلَتين على مَعانٍ،
وأَعْقَبَ بعد فَتَرتها جُمومُ.
غوث: أَجابَ اللهُ غَوْثاه وغُواثَه وغَواثَه.
قال: ولم يأْت في الأَصوات شيء بالفتح غيره، وإِنما يأْتي بالضم، مثل
البُكاء والدُّعاء، وبالكسر، مثل النِّداءِ والصِّياحِ؛ قال العامريّ:
بَعَثْتُكَ مائِراً، فلَبِثْتَ حَوْلاً،
مَتى يأْتي غَواثُك من تُغِيثُ
(*قوله «متى يأْتي غواثك» كذا في الصحاح
والذي في التهذيب: متى يرجو.)؟
قال ابن بري: البيت لعائشة بنت سعد بن أَبي وقَّاص؛ قال: وصوابه
بَعَثْتُك قابِساً؛ وكان لعائشة هذه مَوْلىً يقال له فِنْدٌ، وكان مُخَنَّثاً من
أَهل المدينة، بعَثَتْه لِيَقْتَبِسَ لها ناراً، فتوجه إِلى مصر، فأَقام
بها سنة، ثم جاءَها بنار، وهو يَعْدُو، فَعَثَر فتَبَدَّد الجَمْرُ،
فقال: تَعِسَتِ العَجلة فقالت عائشة: بعَثْتُكَ قابِساً (البيت)؛ وقال بعض
الشعراء في ذلك:
ما رأَينا لغُرابٍ مَثَلا،
إِذ بَعَثْناهُ، يَجي بالمِشْمَلَه
غيرَ فِنْدٍ، أَرْسَلوه قابساً،
فَثَوى حَوْلاً، وسَبَّ العَجلَه
قال الشيخ: الأَصل في قوله يجي يجيء، بالهمز، فخفف الهمزة للضرورة.
والمِشْمَلَةُ: كِساء يُشْتَملُ به، دون القَطِيفة.
وحكى ابن الأَعرابي: أَجابَ اللهُ غِياثَه. والغُواث، بالضم: الإِغاثةُ.
وغَوَّثَ الرجلُ، واسْتَغاثَ: صاحَ واغَوْثاه والاسمُ: الغَوْث،
والغُواثُ، والغَواثُ. وفي حديث هاجَرَ، أُمّ إِسمعيلَ: فهل عِندَك غَواثٌ؟
الغَواثُ، بالفتح، كالغِياثِ، بالكسر، مِن الإِغاثة. وفي الحديث: اللهم
أَغِثْنا، بالهمزة، من الإِغاثة؛ ويقال فيه: غاثَه يَغِيثُه، وهو قليل؛ قال:
وإِنما هو مِن الغَيْثِ، لا الإِغاثة. واسْتغاثَني فلانٌ فأَغَثْتُه،
والاسم الغِياثُ، صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها. وتقول: ضُرِبَ فلانٌ
فَغَوَّثَ تَغْويثاً إِذا قال: واغَوْثاه قال الأَزهري: ولم أَسمع أَحداً
يقول: غاثه يغُوثُه، بالواو. ابن سيده: وغَوَّث الرجلُ واستغاثَ: صاحَ
واغَوْثاه
وأَغاثه اللهُ، وغاثَه غَوْثاً وغِياثاً، والأُولى أَعلى. التهذيب:
والغِياثُ ما أَغاثَك اللهُ به. وينقول الواقع في بَلِيَّة: أَغِثْني أَي
فَرِّجْ عَنِّي. ويقال: اسْتَغَثْتُ فلاناً، فما كان لي عنجه مَغُوثة ولا
غَوْثٌ أَي إِغاثة؛ وغَوْثٌ: جائزٌ، في هذه المواضع، أَن يوضع اسم موضع
المصدر مِن أَغاث.
وغَوْثٌ، وغِياثٌ، ومُغِيثٌ: أَسماء. والغَوْثُ: بَطْنٌ من طَيِّئ.
وغَوْثٌ: قبيلة من اليمن، وهو غَوْثُ بنُ أُدَدِ بن زيد بن كهلانَ بن
سَبَأَ. التهذيب: وغَوْثٌ حيٌّ من الأَزْد؛ ومنه قول زهير:
ونَخْشى رُماةَ الغَوْثِ من كلِّ مَرْصَدٍ
ويَغُوثُ: صَنَم كان لمَذْحِج؛ قال ابن سنيده: هذا قول الزجاج.
نفر: النَّفْرُ: التَّفَرُّقُ. ويقال: لقيته قبل كل صَيْحٍ ونَفْرٍ أَي
أَولاً، والصَّيْحُ: الصِّياحُ. والنَّفْرُ: التفرق؛ نَفَرَتِ الدابةُ
تَنْفِرُ وتَنْفُر نِفاراً ونُفُوراً ودابة نافِرٌ، قال ابن الأَعرابي: ولا
يقال نافِرَةٌ، وكذلك دابة نَفُورٌ، وكلُّ جازِعٍ من شيء نَفُورٌ. ومن
كلامهم: كلُّ أَزَبَّ نَفُورٌ؛ وقول أَبي ذؤيب:
إِذا نَهَضَتْ فيه تَصَعَّدَ نَفْرُها،
كَقِتْر الغِلاءِ مُسْتَدِرٌّ صيابُها
قال ابن سيده: إِنما هو اسم لجمع نافر كصاحب وصَحْبٍ وزائر وزَوْرٍ
ونحوه. ونَفَرَ القومُ يَنْفِرُون نَفْراً ونَفِيراً. وفي حديث حمزة
الأَسلمي: نُفِّرَ بنا في سَفَرٍ مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ يقال:
أَنْفَرْنا أَي تَفَرَّقَتْ إِبلنا، وأُنْفِرَ بنا أَي جُعِلنا مُنْفِرِين ذَوِي
إِبلٍ نافِرَةٍ. ومنه حديث زَيْنَبَ بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
فأَنْفَرَ بها المشركون بَعِيرَها حتى سَقَطَتْ. ونَفَرَ الظَّبْيُ وغيره
نَفْراً ونَفَراناً: شَرَدَ. وظَبْيٌ نَيْفُورٌ: شديد النِّفارِ.
واسْتَنْفَرَ الدابة: كَنَفَّرَ. والإِنْفارُ عن الشيء والتَّنْفِيرُ عنه
والاسْتِنْفارُ كلُّه بمعنًى. والاسْتِنْفارُ أَيضاً: النُّفُورُ؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
ارْبُطْ حِمارَكَ، إِنه مُسْتَنْفِرٌ
في إِثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ
أَي نافر: ويقال: في الدابة نِفارٌ، وهو اسمٌ مِثْلُ الحِرانِ؛ ونَفَّرَ
الدابة واسْتَنْفَرَها. ويقال: اسْتَنْفَرْتُ الوحشَ وأَنْفَرْتُها
ونَفَّرْتُها بمعنًى فَنَفَرَتْ تَنْفِرُ واسْتَنْفَرَتْ تَسْتَنْفِرُ بمعنى
واحد. وفي التنزيل العزيز: كأَنهم حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ من
قَسْوَرَةٍ؛ وقرئت: مستنفِرة، بكسر الفاء، بمعنى نافرة، ومن قرأَ مستنفَرة،
بفتح الفاء، فمعناها مُنَفَّرَةٌ أَي مَذْعُورَةٌ. وفي الحديث: بَشِّرُوا
ولا تُنَفِّرُوا أَي لا تَلْقَوْهُمْ بما يحملهم على النُّفُورِ. يقال:
نَفَرَ يَنْفِر نُفُوراً ونِفاراً إِذا فَرَّ وذهب؛ ومنه الحديث: إِن منكم
مُنَفِّرِينَ أَي من يَلْقى الناسَ بالغِلْظَةِ والشِّدَّةِ
فَيَنْفِرُونَ من الإِسلام والدِّين. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُنَفِّرِ
الناسَ. وفي الحديث: أَنه اشْتَرَطَ لمن أَقْطَعَهُ أَرضاً أَن لا يُنَفَّرَ
مالُه أَي لا يُزْجَرَ ما يرعى من ماله ولا يُدْفَعَ عن الرَّعْي.
واسْتَنْفَرَ القومَ فَنَفَرُوا معه وأَنْفَرُوه أَي نصروه ومَدُّوه. ونَفَرُوا
في الأَمر يَنْفِرُون نِفاراً ونُفُوراً ونَفِيراً؛ هذه عن الزَّجَّاج،
وتَنافَرُوا: ذهبوا، وكذلك في القتال. وفي الحديث: وإِذا اسْتُنْفِرْتُمْ
فانْفِرُوا. والاسْتِنْفارُ: الاسْتِنْجادُ والاسْتِنْصارُ، أَي إِذا طلب
منكم النُّصْرَةَ فأَجيبوا وانْفِرُوا خارجين إِلى الــإِعانة. ونَفَرُ
القومِ جماعَتُهم الذين يَنْفِرُون في الأَمر، ومنه الحديث: أَنه بعث جماعة
إِلى أَهل مكة فَنَفَرَتْ لهم هُذَيْلٌ فلما أَحَسُّوا بهم لجَؤُوا إِلى
قَرْدَدٍ أَي خرجوا لقتالهم. والنَّفْرَةُ والنَّفْرُ والنَّفِيرُ:
القومُ يَنْفِرُونَ معك ويَتَنافَرُونَ في القتال، وكله اسم للجمع؛ قال:
إِنَّ لها فَوارِساً وفَرَطَا،
ونَفْرَةَ الحَيِّ ومَرْعًى وَسَطَا،
يَحْمُونَها من أَنْ تُسامَ الشَّطَطَا
وكل ذلك مذكور في موضعه. والنَّفِيرُ: القوم الذين يتَقَدَّمُونَ فيه.
والنَّفيرُ: الجماعةُ من الناس كالنَّفْرِ، والجمع من كل ذلك أَنْفارٌ.
ونَفِير قريش: الذين كانوا نَفَرُوا إِلى بَدْرٍ ليمنعوا عِيْرَ أَبي
سفيان.ويقال: جاءت نَفْرَةُ بني فلان ونَفِيرُهم أَي جماعتهم الذين يَنْفِرُون
في الأَمر. ويقال: فلان لا في العِيْرِ ولا في النَّفِير؛ قيل هذا المثل
لقريش من بين العرب، وذلك أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما هاجر إِلى
المدينة ونهض منها لِتَلَقِّي عِير قريش سمع مشركو قريش بذلك، فنهضوا
ولَقُوه ببَدْرٍ ليَأْمَنَ عِيرُهم المُقْبِلُ من الشأْم مع أَبي سفيان،
فكان من أَمرهم ما كان، ولم يكن تَخَلَّفَ عن العِيْرِ والقتال إِلا زَمِنٌ
أَو من لا خير فيه، فكانوا يقولون لمن لا يستصلحونه لِمُهِمٍّ: فلان لا
في العِيرِ ولا في النَّفِيرِ، فالعيرُ ما كان منهم مع أَبي سفيان،
والنفير ما كان منهم مع عُتْبَةَ بن ربيعة قائدهم يومَ بَدْرٍ. واسْتَنْفَرَ
الإِمامُ الناسَ لجهاد العدوّ فنفروا يَنْفِرُونَ إِذا حَثَّهُم على
النَّفِيرِ ودعاهم إِليه؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم: وإِذا
اسْتُنْفِرْتُمْ فانْفِرُوا. ونَفَرَ الحاجُّ من مِنًى نَفْراً ونَفرَ الناسُ من
مِنًى يَنْفِرُونَ نَفْراً ونَفَراً، وهو يوم النَّفْرِ والنَّفَرِ
والنُّفُورِ والنَّفِيرِ، وليلةُ النَّفْر والنَّفَرِ، بالتحريك، ويومُ
النُّفُورِ ويومُ النَّفِير، وفي حديث الحج: يومُ النَّفْرِ الأَوّل؛ قال ابن
الأَثير: هو اليوم الثاني من أَيام التشريق، والنَّفْرُ الآخِرُ اليومُ
الثالث، ويقال: هو يوم النَّحْرِ ثم يوم القَرِّ ثم يوم النفر الأَول ثم
يوم النفر الثاني، ويقال يوم النفر وليلة النفر لليوم الذي يَنْفِرُ الناس
فيه من منى، وهو بعد يوم القرِّ؛ وأَنشد لِنُصَيْبٍ الأَسْوَدِ وليس هو
نُصَيْباً الأَسْوَدَ المَرْوانِيَّ:
أَمَا والذي حَجَّ المُلَبُّونَ بَيْتَهُ،
وعَلَّمَ أَيامَ الذبائحِ والنَّحْرِ
لقد زَادَني، لِلْغَمْرِ، حُبّاً، وأَهْلهِ،
لَيالٍ أَقامَتْهُنَّ لَيْلى على الغَمْرِ
وهل يَأْثَمَنِّي اللهُ في أَن ذَكَرْتُها،
وعَلَّلْتُ أَصحابي بها ليلةَ النَّفْرِ
وسَكَّنْتُ ما بي من كَلالٍ ومن كرً،
وما بالمَطايا من جُنُوحٍ ولا فَتْرِ
ويروى: وهل يأْثُمَنِّي، بضم الثاء. والنَّفَرُ، بالتحريك، والرَّهْطُ:
ما دون العشرة من الرجال، ومنهم من خصص فقال للرجال دون النساءِ، والجمع
أَنفار. قال أَبو العباس: النَّفَرُ والقومُ والرَّهْطُ هؤلاء معناهم
الجمع لا واحد لهم من لفظهم. قال سيبويه: والنسبُ إِليه نَفَرِيٌّ، وقيل:
النَّفَرُ الناسُ كلهم؛ عن كراع، والنَّفِيرُ مثلُه، وكذلك النَّفْرُ
والنَّفْرَةُ. وفي حديث أَبي ذَرٍّ: لو كان ههنا أَحدٌ من أَنْفارِنا أَي من
قومنا، جمع نَفَرٍ وهم رَهْطُ الإِنسان وعشيرته، وهو اسم جمع يقع على
جماعة من الرجال خاصة ما بين الثلاثة إِلى العشرة. وفي الحديث: ونَفَرُنا
خُلُوفٌ أَي رجالنا. الليث: يقال هؤلاء عَشَرَةُ نَفَرٍ أَي عشرة رجال، ولا
يقال عشرون نَفَراً ولا ما فوق العشرة، وهم النَّفَرُ من القوم. وقال
الفراء: نَفْرَةُ الرجل ونَفَرُهُ رَهْطُه؛ قال امرؤ القيس يصف رجلاً
بِجَوْدَةِ الرَّمْي:
فَهْوَ لا تَنْمِي رَمِيَّتُهُ،
ما لَه؟ لا عُدَّ من نَفَرِه
فدعا عليه وهو يمدحه، وهذا كقولك لرجل يعجبك فعله: ما له قاتله اللهُ
أَخزاه اللهُ وأَنت تريد غير معنى الدعاء عليه. وقوله تعالى: وجعلناكم
أَكْثَرَ نَفِيراً؛ قال الزجاج: النَّفِيرُ جمع نَفْرٍ كالعَبِيدِ والكَلِيبِ،
وقيل: معناه وجعلناكم أَكثر منهم نُصَّاراً. وجاءنا في نُفْرَتِه
ونافِرَتِه أَي في فَصِيلَتِه ومن يغضب لغضبه. ويقال: نَفْرَةُ الرجل أُسْرَتُه.
يقال: جاءنا في نَفْرَتِه ونَفْرِه؛ وأَنشد:
حَيَّتْكَ ثُمَّتَ قالتْ: إِنَّ نَفْرَتَنا
أَلْيَوْمَ كلَّهُمُ، يا عُرْوَ، مُشْتَغِلُ
ويقال للأُسْرَةِ أَيضاً: النُّفُورَةُ. يقال: غابتْ نُفُورَتُنا
وغَلَبَتْ نُفُورَتُنا نُفُورَتَهُمْ، وورد ذلك في الحديث: غَلَبَتْ
نُفُورَتُنا نُفُورَتَهُم؛ يقال للأَصحاب الرجل والذين يَنْفِرُونَ معه إِذا
حَزَبَه أَمر. نَفْرَتُه ونَفْرُهُ ونافِرَتُه ونُفُورَتُه.
ونافَرْتُ الرجلَ مُنافَرَةً إِذا قاضيتَه. والمُنافَرَةُ: المفاخرة
والمحاكمة. والمُنافَرَةُ: المحاكمة في الحَسَبِ. قال أَبو عبيد:
المُنافَرَةُ أَن يفتخر الرجلان كل واحد منهما على صاحبه، ثم يُحَكِّما بينهما
رجلاً كَفِعْلِ عَلْقَمَةَ بن عُلاثَةَ مع عامر بن طُفَيْلٍ حين تَنافرا إِلى
هَرِمِ بن قُطْبَةَ الفَزارِيِّ؛ وفيهما يقول الأَعشى يمدح عامر بن
الطفيل ويحمل على عَلْقَمَةَ بن عُلاثَةَ:
قد قلتُ شِعْري فمَضى فيكما،
واعْتَرَفَ المَنْفُورُ للنَّافِرِ
والمَنْفُورُ: المغلوب. والنَّافِرُ: الغالب. وقد نافَرَهُ فَنَفَرَهُ
يَنْفُرُه، بالضم لا غير، أَي غلبه، وقيل: نَفَرَهُ يَنْفِرُه ويَنْفُرُهُ
نَفْراً إِذا غلبه. ونَفَّرَ الحاكمُ أَحدهما على صاحبه تَنْفِيراً أَي
قضى عليه بالغلبة، وكذلك أَنْفَرَه. وفي حديث أَبي ذَرٍّ: نافَرَ أَخي
أُنَيْسٌ فلاناً الشاعِرَ؛ أَراد أَنهما تَفاخَرا أَيُّهما أَجْوَدُ
شِعْراً. ونافَرَ الرجلَ مُنافَرَةً ونِفاراً: حاكَمَهُ، واسْتُعْمِلَ منه
النُّفُورَةُ كالحُكومَةِ؛ قال ابن هَرْمَةَ:
يَبْرُقْنَ فَوْقَ رِواقِ أَبيضَ ماجِدٍ،
يُرْعى ليومِ نُفُورَةٍ ومَعاقِلِ
قال ابن سيده: وكأَنما جاءت المُنافَرَةُ في أَوّل ما اسْتْعْمِلَتْ
أَنهم كانوا يسأَلون الحاكم: أَيُّنا أَعَزُّ نَفَراً؟ قال زهير:
فإِنَّ الحَقَّ مَقْطَعُه ثلاثٌ:
يَمِينٌ أَو نِفارٌ أَو جَلاءُ
وأَنْفَرَهُ عليه ونَفَّرَه ونَفَرَهُ يَنْفُرُه، بالضم، كل ذلك:
غَلَبَه؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، ولم يَعْرِفْ أَنْفُرُ، بالضم، في
النِّفارِ الذي هو الهَرَبُ والمُجانَبَةُ. ونَفَّرَه الشيءَ وعلى الشيء وبالشيء
بحرف وغير حرف: غَلَبَهُ عليه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
نُفِرْتُمُ المَجْدَ فلا تَرْجُونَهْ،
وجَدْتُمُ القومَ ذَوِي زَبُّونَهْ
كذا أَنشده نُفِرْتُمْ، بالتخفيف.
والنُّفارَةُ: ما أَخَذَ النَّافِرُ من المَنْفَورِ، وهو الغالبُ
(*
قوله« هو الغالب» عبارة القاموس أي الغالب من المغلوب) ، وقيل: بل هو ما
أَخذه الحاكم. ابن الأَعرابي: النَّافِرُ القَامِرُ. وشاة نافِرٌ: وهي التي
تُهْزَلُ فإِذا سعلت انتثر من أَنفها شيء، لغة في النَّاثِرِ. ونَفَرَ
الجُرْحُ نُفُوراً إِذا وَرِمَ. ونَفَرَتِ العينُ وغيرها من الأَعضاء
تَنْفِرُ نُفُوراً: هاجت ووَرِمَتْ. ونَفَرَ جِلْدُه أَي وَرِمَ. وفي حديث
عمر: أَن رجلاً في زمانه تَخَلَّلَ بالقَصَبِ فَنَفَرَ فُوهُ، فنهى عن
التخلل بالقصب؛ قال الأَصمعي: نَفَرَ فُوه أَي وَرِمَ. قال أَبو عبيد: وأُراهُ
مأْخوذاً من نِفارِ الشيء من الشيء إِنما هو تَجافِيهِ عنه وتَباعُدُه
منه فكأَن اللحْمَ لما أَنْكَرَ الداء الحادث بينهما نَفَرَ منه فظهر،
فذلك نِفارُه. وفي حديث غَزْوانَ: أَنه لَطَمَ عينه فَنَفَرَتْ أَي
وَرِمَتْ.ورجل عِفْرٌ نِفْرٌ وعِفْرِيَةٌ نِفْرِيَةٌ وعِفْرِيتٌ نِفْرِيتٌ
وعُفارِيَةٌ نُفارِيَةٌ إِذا كان خبيثاً مارِداً. قال ابن سيده: ورجل
عِفْرِيتَةٌ نِفْرِيتَةٌ فجاء بالهاء فيهما، والنِّفْرِيتُ إِتباعٌ للعِفْرِيت
وتوكيدٌ.
وبنو نَفْرٍ: بطنٌ. وذو نَفْرٍ: قَيْلٌ من أَقيال حِمْيَرَ. وفي الحديث:
إِن الله يُبْغِضُ العِفْرِيَةَ النِّفْرِيَةَ أَي المُنْكَرَ الخَبيثَ،
وقيل: النِّفْرِيَةُ والنِّفْرِيتُ إِتباع للعِفْرِيَةِ والعِفْرِيتِ. ابن
الأَعرابي: النَّفائِرُ العصافير
(*قوله« النفائر العصافير» كذا بالأصل.
وفي القاموس: النفارير العصافير.) وقولهم: نَفِّرْ عنه أَي لَقِّبْهُ
لَقَباً كأَنه عندهم تَنْفِيرٌ للجن والعينِ عنه. وقال أَعرابي: لما وُلدتُ
قيل لأَبي: نَفِّرْ عنه، فسماني قُنْفُذاً وكنَّاني أَبا العَدَّاءِ.
سعد: السَّعْد: اليُمْن، وهو نقيض النَّحْس، والسُّعودة: خلاف النحوسة،
والسعادة: خلاف الشقاوة. يقال: يوم سَعْد ويوم نحس. وفي المثل: في الباطل
دُهْدُرَّيْنْ سَعْدُ القَيْنْ، ومعناهما عندهم الباطل؛ قال الأَزهري:
لا أَدري ما أَصله؛ قال ابن سيده: كأَنه قال بَطَلَ يعدُ القينُ،
فَدُهْدُرَّيْن اسم لِبَطَلَ وسعد مرتفع به وجمعه سُعود. وفي حديث خلف: أَنه سمع
أَعرابيّاً يقول دهدرّين ساعد القين؛ يريد سعد القين فغيره وجعله
ساعداً.وقد سَعِدَ يَسْعَدُ سَعْداً وسَعادَة، فهو سعيد: نقيض شَقى مثل سَلمِ
فهو سَليم، وسُعْد، بالضم، فهو مسعود، والجمع سُعداء والأُنثى بالهاء. قال
الأَزهري: وجائز أَن يكون سعيد بمعنى مسعود من سَعَده الله، ويجوز أَن
يكون من سَعِد يَسْعَد، فهو سعيد. وقد سعَده الله وأَسعده وسَعِد يَسْعَد،
فهو سعيد. وقد سَعده الله وأَسعده وسَعِد جَدُّه وأَسَعده: أَنماه.
ويومٌ سَعْد وكوكبٌ سعد وُصِفا بالمصدر؛ وحكى ابن جني: يومٌ سَعْد وليلةٌ
سعدة، قال: وليسا من باب الأَسْعد والسُّعْدى، بل من قبيل أَن سَعْداً
وسَعْدَةً صفتان مسوقتان على منهاج واستمرار، فسَعْدٌ من سَعْدَة كجَلْد من
جَلْدة ونَدْب من نَدْبة، أَلا تراك تقول هذا يوم سَعْدٌ وليلة سعدة، كما
تقول هذا شَعر جَعْد وجُمَّة جعدة؟ وتقول: سَعَدَ يومُنا، بالفتح، يَسْعَد
سُعودا. وأَسعده الله فهو مسعود، ولا يقال مُسْعَد كأَنهم استَغْنَوا
عنه بمسعود.
والسُّعُد والسُّعود، الأَخيرة أَشهر وأَقيس: كلاهما سعود النجوم، وهي
الكواكب التي يقال لها لكل واحد منها سَعْدِ كذا، وهي عشرة أَنجم كل واحد
منها سعد: أَربعة منها منازلُ ينزل بها القمر، وهي: سعدُ الذابِح وسعدُ
بُلَع وسعد السُّعود وسعدُ الأَخْبِيَة، وهي في برجي الجدي والدلو، وستة
لا ينزل بها القمر، وهي: سعد ناشِرَة وسعد المَلِك وسعْدُ البِهامِ وسعدُ
الهُمامِ وسعد البارِع وسعد مَطَر، وكل سعد منها كوكبان بين كل كوبين في
رأْي العين قدر ذراع وهي متناسقة؛ قال ابن كناسة: سعد الذابح كوكبان
متقاربان سمي أَحدهما ذابحاً لأَن معه كوكباً صغيراً غامضاً، يكاد يَلْزَقُ
به فكأَنه مُكِبٌّ عليه يذبحه، والذابح أَنور منه قليلاً؛ قال: وسعدُ
بُلَع نجمان معترِضان خفيان. قال أَبو يحيى: وزعمت العرب أَنه طلع حين قال
الله: يا أَرض ابلعي ماءك ويا سماء أَقلعي؛ ويقال إِنما سمي بُلَعاً لأَنه
كان لقرب صاحبه منه يكاد أَن يَبْلَعَه؛ قال: وسعد السعود كوكبان، وهو
أَحمد السعود ولذلك أُضيف إِليها، وهو يشبه سعد الذابح في مَطْلَعِه؛ وقال
الجوهري: هو كوكب نَيِّرٌ منفرد. وسعد الأَخبية ثلاثة كواكب على غير طريق
السعود مائلة عنها وفيها اختلاف، وليست بخفية غامضة ولا مضيئة منيرة،
سميت سعد الأَخبية لأَنها إِذا طلعت خرجت حشَراتُ الأَرض وهوامُّها من
جِحَرتها، جُعِلَتْ جِحَرتُها لها كالأَخبية؛ وفيها يقول الراجز:
قد جاء سعدٌ مُقْبِلاً بِجَرِّه،
واكِدَةً جُنودُه لِشَرِّه
فجعل هوامَّ والأَرض جنوداً لسعد الأَخبية؛ وقيل: سعد الأَخبية ثلاثة
أَنجم كأَنها أَثافٍ ورابع تحت واحد منهن، وهي السعود، كلها ثمانية، وهي من
نجوم الصيف ومنازل القمر تطلع في آخر الربيع وقد سكنت رياح الشتاء ولم
يأْت سلطان رياح الصيف فأَحسن ما تكون الشمس والقمر والنجوم في أَيامها،
لأَنك لا ترى فيها غُبْرة، وقد ذكرها الذبياني فقال:
قامت تَراءَى بين سِجْفَيِ كلَّةٍ،
كالشمسِ يوم طُلوعِها بالأَسعَد
والإِسْعاد: المعونة. والمُساعَدة: المُعاونة.
وساعَدَه مُساعدة وسِعاداً وأَسعده: أَعانه. واستَسْعد الرجلُ برؤية
فلان أَي عدّه سَعْداً.
وسعْدَيك من قوله لَبَّيك وسعديك أَي إِسعاداً لك بعد إِسعادٍ. روي عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه كان يقول في افتتاح الصلاة: لبيك وسعديك،
والخير في يديك والشر ليس إِليك؛ قال الأَزهري: وهو خبر صحيح وحاجة أَهل
العلم إِلى معرفة تفسيره ماسة، فأَما لبَّيْك فهو مأخوذ من لبَِّ
بالمكان وأَلبَّ أَي أَقام به لَبّاً وإِلباباً، كأَنه يقول أَنا مقيم على
طاعتك إِقامةً بعد إِقامةٍ ومُجيب لك إِجابة بعد إِجابة؛ وحكي عن ابن السكيت
في قوله لبيك وسعديك تأْويله إِلباباً بك بعد إِلباب أَي لزوماً لطاعتك
بعد لزوم وإِسعاداً لأَمرك بعد إِسعاد؛ قال ابن الأَثير أَي ساعدت طاعتك
مساعدة بعد مساعدة وإِسعاداً بعد إِسعاد ولهذا ثنى، وهو من المصادر
المنصوبة بفعل لا يظهر في الاستعمال؛ قال الجَرْميّ: ولم نَسْمَع لسعديك
مفرداً. قال الفراء: لا واحد للبيك وسعديك على صحة؛ قال ابن الأَنباري: معنى
سعديك أَسعدك الله إِسعاداً بعد إِسعاد؛ قال الفراء: وحنَانَيْك رحِمَك
الله رحمة بعد رحمة، وأَصل الإِسعاد والمساعدة متابعةُ العبد أَمرَ ربه
ورضاه. قال سيبويه: كلام العرب على المساعدة والإِسعاد، غير أَن هذا الحرف
جاء مثنى على سعديك ولا فعل له على سعد، قال الأَزهري: وقد قرئ قوله
تعالى: وأَما الذين سُعدوا؛ وهذا لا يكون إِلا من سعَدَه اللهُ وأَسعَدَه
(*
قوله «الا من سعده الله وأسعده إلخ» كذا بالأصل ولعل الأولى إلاّ من سعده
الله بمعنى أسعده.) أَي أَعانه ووفَّقَه، لا من أَسعده الله، ومنه سمي
الرجل مسعوداً. وقال أَبو طالب النحوي: معنى قوله لبيك وسعديك أَي
أَسعَدَني الله إِسعاداً بعد إِسعاد؛ قال الأَزهري: والقول ما قاله ابن السكيت
وأَبو العباس لأَن العبد يخاطب ربه ويذكر طاعته ولزومه أَمره فيقول سعديك،
كما يقول لبيك أَي مساعدة لأَمرك بعد مساعدة، وإِذا قيل أَسعَدَ الله
العبد وسعَدَه فمعناه وفقه الله لما يرضيه عنه فَيَسْعَد بذلك سعادة.
وساعِدَةُ الساق: شَظِيَّتُها.
والساعد: مُلْتَقى الزَّنْدَين من لدن المِرْفَق إِلى الرُّسْغ.
والساعِدُ: الأَعلى من الزندين في بعض اللغات، والذراع: الأَسفلُ منهما؛ قال
الأَزهري: والساعد ساعد الذراع، وهو ما بين الزندين والمرفق، سمي ساعداً
لمساعدته الكف إِذا بَطَشَت شيئاً أَو تناولته، وجمع الساعد سَواعد.
والساعد: مَجرى المخ في العظام ؛ وقول الأَعلم يصف ظليماً:
على حَتِّ البُرايَةِ زَمْخَرِيِّ السَّـ
واعِدِ، ظَلَّ في شَريٍ طِوالِ
عنى بالسواعد مجرى المخ من العظام، وزعموا أَن النعام والكرى لا مخ
لهما؛ وقال الأَزهري في شرح هذا البيت: سواعد الظليم أَجنحة لأَن جناحيه ليسا
كاليدين. والزَّمْخَرِيُّ في كل شيء: الأَجْوف مثل القصب وعظام النعام
جُوف لا مخ فيها. والحتُّ: السريع. والبُرَايَةُ: البقِية؛ يقول: هو سريع
عند ذهاب برايته أَي عند انحسار لحمه وشحمه.
والسواعد: مجاري الماء إِلى النَّهر أَو البَحْر. والساعدة: خشبة تنصب
لِتُمْسِكَ البَكْرَة، وجمعها السواعد. والساعد: إِحْلِيلُ خِلْف الناقة
وهو الذي يخرج منه اللبن؛ وقيل: السواعد عروق في الضَّرْع يجيء منها اللبن
إِلى الإِحليل؛ وقال الأَصمعي: السواعد قَصَب الضرع؛ وقال أَبو عمرو: هي
العروق التي يجيء منها اللبن شبهت بسواعد البحر وهي مجاريه. وساعد
الدَّرّ: عرق ينزل الدَّرُّ منه إِلى الضرع من الناقة وكذلك العرق الذي يؤدي
الدَّرَّ إِلى ثدي المرأَة يسمى ساعداً؛ ومنه قوله:
أَلم تعلمي أَنَّ الأَحاديثَ في غَدٍ
وبعد غَدٍ يا لُبن، أَلْبُ الطَّرائدِ
وكنتم كأُمٍّ لَبَّةٍ ظعَنَ ابُنها
إِليها، فما دَرَّتْ عليه بساعِدِ
رواه المفضل: ظعن ابنها، بالظاء، أَي شخص برأْسه إِلى ثديها، كما يقال
ظعن هذا الحائط في دار فلان أَي شخص فيها.
وسَعِيدُ المَزْرَعَة: نهرها الذي يسقيها. وفي الحديث: كنا نُزَارِعُ
على السَّعِيدِ.
والساعِدُ: مَسِيلُ الماء لى الوادي والبحر، وقيل: هو مجرى البحر إِلى
الأَنهار. وسواعد البئر: مخارج مائها ومجاري عيونها. والسعيد: النهر الذي
يسقي الأَرض بظواهرها إِذا كان مفرداً لها، وقيل: هو النهر، وقيل: النهر
الصغير، وجمعه سُعُدٌ؛ قال أَوس بن حجر:
وكأَنَّ ظُعْنَهُمُ، مُقَفِّيَةً،
نخلٌ مَواقِرُ بينها السُّعُد
ويروى: حوله. أَبو عمرو: السواعد مجاري البحر التي تصب إِليه الماء،
واحدها ساعد بغير هاء؛ وأَنشد شمر:
تأَبَّدَ لأْيٌ منهمُ فَعُتائِدُه،
فذو سَلَمٍ أَنشاجُه فسواعِدُهْ
والأَنشاجُ أَيضاً: مَجَارِي الماء، واحدها نَشَجٌ. وفي حديث سعد: كنا
نَكْرِي الأَرض بما على السَّواقي وما سَعِدَ من الماء فيها فنهانا رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، عن ذلك؛ قوله: ما سعد من الماء أَي ما جاء من
الماء سَيْحاً لا يحتاج إِلى دالية يَجِيئُه الماء سيحاً، لأَن معنى ما
سعد: ما جاء من غير طلب. والسَّعيدة: اللِّبْنَةُ لِبْنةُ القميص.
والسعيدة: بيت كان يَحُجه ربيعة في الجاهلية.
والسَّعْدانة: الحمامة؛ قال:
إِذا سَعْدانَةُ الشَّعَفاتِ ناحت
والسَّعدانة: الثَّنْدُوَة، وهو ما استدار من السواد حول الحَلَمةِ.
وقال بعضهم: سعدانة الثدي ما أَطاف به كالفَلْكَة. والسَّعْدانة: كِرْكِرَةُ
البعير، سميت سعدانه لاستدارتها. والسعدانة: مَدْخل الجُرْدان من
ظَبْيَةِ الفرس. والسَّعْدانة: الاست وما تَقبَّضَ من حَتَارِها. والسعدانة:
عُقْدة الشِّسع مما يلي الأَرض والقِبالَ مثلُ الزِّمام بين الإِصبع الوسطى
والتي تليها. والسعدانة: العقدة في أَسفل كفَّة الميزان وهي السعدانات.
والسَّعْدانُ: شوك النخل؛ عن أَبي حنيفة، وقيل: هو بقلة. والسعدان: نبت
ذو شوك كأَنه فَلْكَةٌ يَسْتَلْقِي فينظر إِلى شوكه كالحاً إِذا يبس،
ومََنْبتُهُ سُهول الأَرض، وهو من أَطيب مراعي الإِبل ما دام رطباً، والعرب
تقول: أَطيب الإِبل لبناً ما أَكلَ السَّعْدانَ والحُرْبُثَ. وقال
الأَزهري في ترجمة صفع: والإِبل تسمن على السعدان وتطيب عليه أَلبانها، واحدته
سَعْدانَة؛ وقيل: هو نبت والنون فيه زائدة لأَنه ليس في الكلام فَعْلال
غير خزعال وقَهْقار إِلا من المضاعف، ولهذا النبت شوك يقال له حَسَكَةُ
السعدان ويشبه به حَلَمَةُ الثدي، يقال سعدانة الثُّنْدُوَة. وأَسفلَ
العُجايَة هنَاتٌ بأَنها الأَظفار تسمى: السعدانات. قال أَبو حنيفة: من
الأَحرار السعدان وهي غبراء اللون حلوة يأْكلها كل شيء وليست بكبيرة، ولها إِذا
يبست شوكة مُفَلطَحَة كأَنها درهم، وهو من أَنجع المرعى؛ ولذلك قيل في
المثل: مَرْعًى ولا كالسَّعدان؛ قال النابغة:
الواهِب المائَة الأَبكار، زَيَّنها
سَعدانُ تُوضَح في أَوبارها اللِّبَد
قال: وقال الأَعرابي لأَعرابي أَما تريد البادية؟ فقال: أَما ما دام
السعدان مستلقياً فلا؛ كأَنه قال: لا أُريدها أَبداً. وسئلت امرأَة تزوّجت
عن زوجها الثاني: أَين هو من الأَول؟ فقالت: مرعى ولا كالسعدان، فذهبت
مثلاً، والمراد بهذا المثل أَن السعدان من أَفضل مراعيهم. وخلط الليث في
تفسير السعدان فجعل الحَلَمَة ثمرَ السعدان وجعل له حَسَكاً كالقُطْب؛ وهذا
كله غلط، والقطب شوك غير السعدان يشبه الحسَك؛ وأَما الحَلَمة فهي شجرة
أُخرى وليست من السعدان في شيء. وفي الحديث في صفة من يخرج من النار: يهتز
كأَنه سَعدانة؛ هو نبت ذو شوك. وفي حديث القيامة والصراط: عليها خَطاطيف
وكلاليبُ وحَسَكَةٌ لها شوكة تكون بنجد يقال لها السعدان؛ شَبَّه
الخطاطيف بشوك السعدان.
والسُّعْد، بالضم: من الطيب، والسُّعادى مثله. وقال أَبو حنيفة:
السُّعدة من العروق الطيبة الريح وهي أَرُومَة مُدحرجة سوداء صُلْبَة، كأَنها
عقدة تقع في العِطر وفي الأَدوية، والجمع سُعْد؛ قال: ويقال لنباته
السُّعَادَى والجمع سُعادَيات. قال الأَزهري: السُّعد نبت له أَصل تحت الأَرض
أَسود طيب الريح، والسُّعادى نبت آخر. وقال الليث: السُّعادَى نبت السُّعد.
ويقال: خرج القوم يَتَسَعَّدون أَي يرتادون مرعى السعدان. قال الأَزهري:
والسّعدان بقل له ثمر مستدير مشوك الوجه إِذا يبس سقط على الأَرض
مستلقياً، فإِذا وطئه الماشي عقَر رجله شوْكُه، وهو من خير مراعيهم أَيام
الربيع، وأَلبان الإِبل تحلو إِذا رعت السَّعْدانَ لأَنه ما دام رطباً حُلْوٌ
يتمصصه الإِنسان رطباً ويأْكله.
والسُّعُد: ضرب من التمر؛ قال:
وكأَنَّ ظُعْنَ الحَيِّ، مُدْبِرةً،
نَخْلٌ بِزارَةَ حَمْله السُّعُدُ
وفي خطبة الحجاج: انج سَعْدُ فقد قُتِلَ سُعَيْد؛ هذا مثل سائر وأَصله
أَنه كان لِضَبَّة بن أُدٍّ ابنان: سَعْدٌ وسُعَيْدٌ، فخرجا يطلبان إِبلاً
لهما فرجع سعد ولم يرجع سعيد، فكان ضبةُ إِذا رأَى سواداً تحت الليل قال:
سَعْد أَم سُعَيْد؟ هذا أَصل المثل فأُخذ ذلك اللفظ منه وصار مما
يتشاءَم به، وهو يضرب مثلاً في العناية بذي الرحم ويضرب في الاستخبار عن
الأَمرين الخير والشر أَيهما وقع؛ وقال الجوهري في هذا المكان: وفي المثل:
أَسعد أَم سعيد إِذا سئل عن الشيء أَهو مما يُحَبّ أَو يُكْرَه.
وفي الحديث أَنه قال: لا إِسعادَ ولا عُفْرَ في الإِسلام؛ هو إِسعاد
النساء في المَناحات تقوم المرأَة فتقوم معها أُخرى من جاراتها إِذا أُصيبت
إِحداهنَّ بمصيبة فيمن يَعِزُّ عليها بكت حولاً، وأَسْعَدها على ذلك
جاراتها وذواتُ قراباتها فيجتمعن معها في عِداد النياحة وأََوقاتها
ويُتابِعْنها ويُساعِدْنها ما دامت تنوح عليه وتَبْكيه، فإِذا أُصيبت صواحباتها
بعد ذلك بمصيبة أَسعدتهن فنهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن هذا الإِسعاد.
وقد ورد حديث آخر: قالت له أُم عطية: إِنَّ فلانه أَسْعَدَتْني فأُريد
أُسْعِدُها، فما قال لها النبي، صلى الله عليه وسلم، شيئاً. وفي رواية
قال: فاذْهَبي فأَسْعِدِيها ثم بايعيني؛ قال الخطابي: أَما الإِسعاد فخاص في
هذا المعنى، وأَما المُساعَدَة فعامَّة في كل معونة. يقال إِنما سُمِّيَ
المُساعَدَةَ المُعاونَةُ من وضع الرجل يدَه على ساعد صاحبه، إِذا
تماشيا في حاجة وتعاونا على أَمر.
ويقال: ليس لبني فلان ساعدٌ أَي ليس لهم رئيس يعتمدونه. وساعِدُ القوم:
رئيسهم؛ قال الشاعر:
وما خَيرُ كفٍّ لا تَنُوءُ بساعد
وساعدا الإِنسان: عَضْداه. وساعدا الطائر: جناحاه. وساعِدَةُ: قبيلة.
وساعِدَةُ: من أَسماء الأَسد معرفة لا ينصرف مثل أُسامَةَ.
وسَعِيدٌ وسُعَيْد وسَعْد ومَسْعُود وأَسْعَدُ وساعِدَةُ ومَسْعَدَة
وسَعْدان: أَسماءُ رجال، ومن أَسماءِ النساء مَسْعَدَةُ.
وبنو سَعْد وبنو سَعِيدٍ: بطنان. وبنو سَعْدٍ: قبائل شتى في تميم وقيس
وغيرهما؛ قال طرفة بن العبد:
رأَيتُ سُعوداً من شُعوبٍ كثَيرة،
فلم ترَ عَيْني مثلَ سَعِد بنِ مالك
الجوهري: وفي العرب سعود قبائل شتى منها سَعْدُ تَميم وسَعْد هُذيل وسعد
قَيْس وسَعد بَكر، وأَنشد بيت طرفة؛ قال ابن بري: سعود جمع سُعد اسم
رجل، يقول: لم أَرَ فيمن سمي سعداً أَكرم من سعد بن مالك بن ضَبيعة بن قيَس
بن ثَعْلبة بن عُكابَة، والشُّعوبُ جمع شَعْب وهو أَكبر من القبيلة. قال
الأَزهري: والسعود في قبائل العرب كثير وأَكثرها عدداً سَعْدُ بن زيد
مَناةَ بن تَميم بن ضُبَيعة بن قيس بن ثعلبة، وسَعْدُ بن قيس عَيْلان، وسعدُ
بنُ ذُبْيانَ بن بَغِيضٍ، وسعدُ بن عَدِيِّ بن فَزارةَ، وسعدُ بن بكر بن
هَوازِنَ وهم الذين أَرضعوا النبي، صلى الله عليه وسلم، وسعد بن مالك بن
سعد بن زيد مناة؛ وفي بني أَسد سَعْدُ بن ثعلبة بن دُودان، وسَعْد بن
الحرث بن سعد بن مالك بن ثعلبة بن دُودان؛ قال ثابت: كان بنو سعد بن مالك
لا يُرى مثلُهم في بِرِّهم ووفائهم، وهؤُلاء أَرِبَّاءُ النبي، صلى الله
عليه وسلم، ومنها بنو سعد بن بكر في قيس عيَلان، ومنها بنو سَعْدِ هُذَيم
في قُضاعة، ومنها سعد العشيرة. وفي المثل: في كل واد بنو سعد؛ قاله
الأَضْبطُ بن قُريع السَّعدي لما تحوَّل عن قومه وانتقل في القبائل فلما لم
يُحْمِدهم رجع إِلى قومه وقال: في كل زادٍ بنو سعد، يعني سعد بن زيد مناة
بن تميم. وأَما سعد بكر فهم أَظآر سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
قال اللحياني: وجمعُ سَعِيد سَعِيدون وأَساعِدُ. قال ابن سيده: فلا
أَدري أَعَنى له الاسم أَم الصفة غير أَن جمع سعَيدٍ على أَساعد شاذ.
وبنو أَسعَد: بطن من العرب، وهو تذكير سُعْدَى. وسعُادُ: اسم امرأَة،
وكذلك سُعْدى. وأَسعدُ: بطن من العرب وليس هو من سُعْدى كالأَكبر من الكبرى
والأَصغر من الصغرى، وذلك أَن هذا إِنما هو تَقاوُدُ الصفة وأَنت لا
تقول مررت بالمرأَة السعدى ولا بالرجل الأَسعد، فينبغي على هذا أَن يكون
أَسعدُ من سُعْدى كأَسْلَمَ من بُشْرى، وذهب بعضهم إِلى أَن أَسعد مذكر
سعدى؛ قال ابن جني: ولو كان كذلك حَريَ أَن يجيءَ به سماع ولم نسمعهم قط
وصفوا بسعدى، وإِنما هذا تَلاقٍ وقع بين هذين الحرفين المتفي اللفظ كما يقع
هذان المثالان في المُخْتَلِفَيْه نحو أَسلم وبشرى.
وسَعْدٌ: صنم كانت تعبده هذيل في الجاهلية.
وسُعْدٌ: موضع بنجد، وقيل وادٍ، والصحيح الأَول، وجعله أَوْسُ بن حَجَر
اسماً للبقعة، فقال:
تَلَقَّيْنَني يوم العُجَيرِ بِمَنْطِقٍ،
تَرَوَّحَ أَرْطَى سُعْدَ منه، وضَالُها
والسَّعْدِيَّةُ: ماءٌ لعمرو بن سَلَمَة؛ وفي الحديث: أَن عمرو بن
سَلَمَةَ هذا لما وَفَد على النبي، صلى الله عليه وسلم، استقطعه ما بين
السَّعدية والشَّقْراء.
والسَّعْدان: ماء لبني فزارة؛ قال القتال الكلابي:
رَفَعْنَ من السَّعدينِ حتى تفَاضَلَت
قَنابِلُ، من أَولادِ أَعوَجَ، قُرَّحُ
والسَّعِيدِيَّة: من برود اليمن.
وبنو ساعدَةَ: قوم من الخزرج لهم سقيفة بني ساعدة وهي بمنزلة دار لهم؛
وأَما قول الشاعر:
وهل سَعدُ إِلاَّ صخرةٌ بتَنُوفَةٍ
من الأَرضِ، لا تَدْعُو لِغَيٍّ ولا رُشْدِ؟
فهو اسم صنم كان لبني مِلْكانَ بن كنانة.
وفي حديث البَحِيرة: ساعدُ اللهِ أَشَدُّ ومُِوسَاه أَحدُّ أَي لو أَراد
الله تحريمها بشقِّ آذانها لخلقها كذلك فإِنه يقول لها: كوني فتكون.
حلب: الحَلَبُ: استِخراجُ ما في الضَّرْعِ من اللبَنِ، يكونُ في الشاءِ والإِبِل والبَقَر. والحَلَبُ: مَصْدَرُ حَلَبها يَحْلُبُها ويَحْلِبُها
حَلْباً وحَلَباً وحِلاباً، الأَخيرة عن الزجاجي، وكذلك احْتَلَبها، فهو
حالِبٌ. وفي حديث الزكاة: ومِن حَقِّها حَلَبُها على الماءِ، وفي رواية: حَلَبُها يومَ وِرْدِها.
يقال: حَلَبْت الناقَة والشاةَ حَلَباً، بفتح اللام؛ والمراد بحَلْبِها على الماء ليُصِيبَ الناسُ من لَبَنِها. وفي الحديث أَنه قال لقَوْمٍ: لا
تسْقُونِي حَلَبَ امرأَةٍ؛ وذلك أَن حَلَب النساءِ عَيْبٌ عند العَرَب
يُعَيَّرون به، فلذلك تَنَزَّه عنه؛ وفي حديث أَبي ذَرٍّ: هل يُوافِقُكم
عَدُوُّكم حَلَبَ شاةٍ نَثُورٍ؟ أَي وَقْتَ حَلَب شاةٍ، فحذف المضاف.
وقومٌ حَلَبةٌ؛ وفي المثل: شَتَّى حتى تؤُوب(1)
(1 قوله «شتى حتى تؤوب إلخ» هكذا في أُصول اللسان التي بأيدينا، والذي في أمثال الميداني شتى تؤوب إلخ، وليس في الأَمثال الجمع بين شتى وحتى فلعل ذكر حتى سبق قلم.)
الحَلَبةُ، ولا تَقُل الحَلَمة، لأَنهم إِذا اجْتَمَعوا لحَلْبِ النَّوقِ،
اشْتَغَل كلُّ واحدٍ منهم بحَلْبِ ناقَتِه أَو حَلائِبِه، ثم يؤُوبُ الأَوَّلُ
فالأَوَّلُ منهم؛
قال الشيخ أَبو محمد بن بري: هذا المثل ذكره الجوهري:
شتى تؤُوبُ الحَلَبةُ، وغَيَّره ابنُ القَطَّاع، فَجَعَل بَدَلَ شَتَّى
حَتَّى، ونَصَبَ بها تَؤُوب؛ قال: والمعروف هو الذي ذَكَرَه الجَوْهريّ، وكذلك ذكره أَبو عبيد والأَصْمعي، وقال: أَصْلُه أَنهم كانوا يُورِدُونَ إِبلَهُم الشريعة والحَوْض جميعاً، فإِذا صَدَروا تَفَرَّقُوا إِلى مَنازِلِهم، فحَلَب كلُّ واحد منهم في أَهلِه على حِيالِه؛ وهذا المثل ذكره أَبو عبيد في باب أَخلاقِ الناسِ في اجتِماعِهِم وافْتِراقِهم؛ ومثله:
الناسُ إِخوانٌ، وَشتَّى في الشِّيَمْ، * وكلُّهُم يَجمَعُهم بَيْتُ الأَدَمْ
الأَزهري أَبو عبيد: حَلَبْتُ حَلَباً مثلُ طَلَبْتُ طَلَباً وهَرَبْتُ هَرَباً.
والحَلُوبُ: ما يُحْلَب؛ قال كعبُ بنُ سَعْدٍ الغَنَوِيُّ يَرْثِي أَخاه:
يَبِيتُ النَّدَى، يا أُمَّ عَمْرٍو، ضَجِيعَهُ، * إِذا لم يكن، في الـمُنْقِياتِ، حَلُوبُ
حَلِيمٌ، إِذا ما الحِلْمُ زَيَّنَ أَهلَه، * مع الحِلْمِ، في عَيْنِ العَدُوِّ مَهيبُ
إِذا ما تَراءَاهُ الرجالُ تَحَفَّظُوا، * فلم تَنْطِقِ العَوْراءَ، وهْوَ قَريب
الـمُنْقِياتُ: ذَواتُ النِقْيِ، وهُو الشَّحْمُ؛ يُقال: ناقةٌ مُنْقِيَةٌ، إِذا كانت سَمينَةً، وكذلك الحَلُوبةُ وإِنما جاءَ بالهاءِ لأَنك تريدُ الشيءَ الذي يُحْلَبُ أَي الشيءَ الذي اتخذوه ليَحْلُبوه، وليس لتكثيرِ الفعْلِ؛ وكذلك القولُ في الرَّكُوبةِ وغيرها. وناقةٌ حلوبة وحلوبٌ: للتي
تُحْلَبُ، والهاءُ أَكثر، لأَنها بمعنى مفعولةٍ. قال ثعلب: ناقة حَلوبة:
مَحْلوبة؛ وقول صخر الغيّ:
أَلا قُولاَ لعَبْدِالجَهْلِ: إِنَّ * الصَّحيحة لا تُحالِبُها التَّلُوثُ
أَراد: لا تُصابِرُها على الحَلْبِ، وهذا نادرٌ. وفي الحديث: إِياكَ
والحلوبَ أَي ذاتَ اللَّبَنِ. يقالُ: ناقةٌ حلوبٌ أَي هي مـما يُحلَب؛
والحَلوبُ والحَلوبةُ سواءٌ؛ وقيل: الحلوبُ الاسمُ، والحَلُوبةُ الصفة؛ وقيل: الواحدة والجماعة؛ ومنه حديث أُمِّ مَعْبَدٍ: ولا حَلوبَةَ في البيت أَي شاة تُحْلَبُ، ورجلٌ حلوبٌ حالِبٌ؛ وكذلك كلُّ فَعُول إِذا كان في معنى مفعولٍ، تثبُتُ فيه الهاءُ، وإِذا كان في معنى فاعِلٍ، لم تَثْبُتْ فيه الهاءُ. وجمعُ الحلوبة حَلائِبُ وحُلُبٌ؛ قال اللحياني: كلُّ فَعولةٍ من هذا الضَّرْبِ من الأَسماءِ إِن شئت أَثْبَتَّ فيه الهاءَ، وإِن شئتَ حذَفْتَه.
وحَلوبةُ الإِبلِ والغنم: الواحدةُ فَما زادتْ؛ وقال ابن بري: ومن العرب مَن يجعل الحلوبَ واحدةً، وشاهدهُ بيتُ كعبِ ابنِ سعدٍ الغَنَوي يَرثِي أَخاه:
إِذا لم يكن، في الـمُنْقِياتِ، حَلُوبُ
ومنهم من يجعله جمعاً، وشاهده قول نهيك بنِ إِسافٍ الأَنصاري:
تَقَسَّم جيراني حَلُوبي كأَنما، * تَقَسَّمها ذُؤْبانُ زَوْرٍ ومَنْوَرِ
أَي تَقَسَّم جِيراني حَلائِبي؛ وزَوْرٌ ومَنْوَر: حيّان مِن أَعدائه؛
وكذلك الحَلُوبة تكونُ واحدةً وجمعاً، فالحَلُوبة الواحدة؛ شاهِدُه قول الشاعر:
ما إِنْ رَأَيْنَا، في الزَّمانِ، ذي الكلَبْ، * حَلُوبةً واحدةً، فتُحْتَلَبْ
والحَلُوبة للجميع؛ شاهدهُ قول الجُمَيح بن مُنْقِذ:
لـمَّا رأَت إِبلي، قَلَّتْ حَلُوبَتُها، * وكلُّ عامٍ عليها عامُ تَجْنيبِ
والتَّجْنيب: قلةُ اللَّبَنِ يقال: أَجْنَبَت الإِبلُ إِذا قلَّ لَبَنُها.
التهذيبُ: أَنشد الباهلي للجَعْدي:
وبنُو فَزَارة إِنـَّها * لا تُلْبِثُ الحَلَبَ الحَلائِبْ
قال: حُكي عن الأَصمعي أَنه قال: لا تُلْبِثُ الحَلائِبَ حَلَبَ ناقةٍ،
حتى تَهْزِمَهُم. قال وقال بعضهم: لا تُلْبِثُ الحلائبَ أَن يُحْلَب
عليها، تُعاجِلُها قبلَ أَن تأْتيها الأَمْداد. قال: وهذا زَعمٌ
أَثْبَتُ.اللحياني: هذه غَنَم حُلْبٌ، بسكون اللام، للضأْنِ والـمَعَز. قال : وأُراه مُخَفَّفاً عن حُلُب. وناقةٌ حلوبٌ: ذاتُ لَبَنٍ، فإِذا صَيَّرْتهَا اسْماً، قلتَ: هذه الحَلُوبة لفلان؛ وقد يُخرجون الهاءَ من الحَلُوبة، وهم يَعْنُونها، ومثله الرَّكوبة والرَّكُوبُ لِما يَرْكَبون، وكذلك الحَلوبُ والحلوبةُ لما يَحْلُبُون. والمِحْلَب، بالكسر والحلابُ: الإِناءُ الذي يَحْلَبُ فيه اللبَنُ؛ قال:
صَاحِ! هَلْ رَيْتَ، أَوْ سَمِعْتَ بِراعٍ * رَدَّ في الضَّرْعِ ما قَرَا في الحِلابِ؟
ويُروى: في العِلابِ؛ وجمعه الـمَحَالِبُ. وفي الحديث: فَإِنْ رَضِيَ حِلابَها أَمـْسَكَها. الحِلابُ: اللَّبَنُ الذي تَحْلُبُه. وفي الحديث: كان إِذا اغْتَسَل دَعَا بِشَيءٍ مثلِ الحِلابِ، فأَخَذَ بكَفِّه، فَبَدَأَ بشِقِّ رَأْسِهِ الأَيمَنِ، ثم الأَيْسَرِ؛ قال ابن الأَثير: وقد رُوِيَتْ
بالجيم. وحُكي عن الأَزهري أَنه قال: قال أَصحاب المعاني إِنَّه الحِلابُ، وهو ما يُحْلَب فيهِ الغَنم كالمِحْلَب سَواءً، فصُحِّفَ؛ يَعْنُون أَنه كانَ يَغْتَسِلُ من ذلك الحِلابِ أَي يضَعُ فيه الماءَ الذي يَغْتَسِل منه. قال: واخْتارَ الجُلاّب، بالجيم، وفسَّره بماءِ الوَرْد. قال: وفي الحديث في كتاب البُخارِيِّ إِشكالٌ، وربَّما ظُنَّ انه تأَوَّله على الطيب، فقال: بابُ مَن بَدأَ بالحِلابِ والطِّيبِ عندَ الغُسْلِ. قال: وفي بعض النسخ: أَو الطيب، ولم يذكر في هذا الباب غير هذا الحديث، أَنـَّه كان إِذا اغْتَسَلَ دَعَا بشيءٍ مثلِ الحِلابِ. قال: وأَما مسلم فجمعَ الأَحادِيثَ الوارِدَة في هذا الـمَعْنى، في موضِعٍ واحدٍ، وهذا الحديث منها. قال: وذلك من فِعْلِهِ، يدُلُّك على أَنـَّه أَراد الآنِيَة والمقادِيرَ.
قال: ويحتمل أَن يكون البُخَاري ما أَراد إِلاّ الجُلاَّب، بالجيم، ولهذا تَرْجَم البابَ بِه، وبالطِّيب، ولكن الذي يُرْوَى في كتابِه إِنما هو بالحاءِ، وهو بها أَشْبَهُ، لأَنَّ الطِّيبَ، لمَنْ يَغْتَسِلُ بعدَ الغُسْل،
أَلْيَقُ مِنْه قَبلَهُ وأَوْلى، لأَنـَّه إِذا بَدَأَ بِه ثم اغْتَسَل، أَذْهَبَه الماءُ.
والحَلَبُ، بالتحريك: اللَّبَنُ الـمَحْلُوبُ، سُمِّيَ بالـمَصْدَرِ، ونحوُه كثير.
والحلِيب: كالحَلَب، وقيل: الحَلَبُ: المحلوب من اللَّبن، والحَلِيبُ
مَا لم يَتَغَيَّر طعْمه؛ وقوله أَنشده ثعلب:
كانَ رَبيب حَلَبٍ وقارِصِ
قال ابن سيده: عندي أَنَّ الحَلَب ههنا، هو الحَلِيبُ
لـمُعادلَته إِياه بالقارِصِ، حتى كأَنـَّه قال: كان ربيب لَبَنٍ حلِيبٍ، ولبنٍ قارِصٍ، وليس هو الحَلَب الذي هو اللَّبن الـمَحْلُوبُ. الأَزهري: الحَلَب: اللَّبَنُ الحَلِيبُ؛ تَقولُ: شَرِبْتُ لَبَناً حَلِيباً وحَلَباً؛ واستعارَ بعضُ الشعراءِ الحَلِيبَ لشَراب التَّمْرِ فقال يصف النَّخْل:
لهَا حَلِيبٌ كأَنَّ المِسْكَ خَالَطَه، * يَغْشَى النَّدامَى عَلَيه الجُودُ والرَّهَق
والإِحْلابَة: أَن تَحلُب لأَهْلِكَ وأَنتَ في الـمَرْعى لَبَناً، ثم تَبْعَثَ به إِلَيْهم، وقد أَحْلَبَهُم. واسمُ اللَّبَنِ: الإِحْلابَة أَيضاً.
قال أَبو منصور: وهذا مَسْمُوعٌ عن العَرَب، صَحِيحٌ؛ ومنه الإِعْجالَةُ والإِعْجالاتُ. وقيل: الإِحْلابَةُ ما زادَ على السِّقَاءِ من اللَّبَنِ، إِذا جاءَ به الراعِي حين يورِدُ إِبلَه وفيه اللَّبَن، فما زادَ على السِّقَاءِ فهو إِحْلابَةُ الحَيِّ. وقيل: الإِحْلابُ والإِحلابَةُ من اللَّبَنِ أَن تكون إِبِلُهم في الـمَرْعَى، فمَهْما حَلَبُوا جَمَعُوا، فَبَلَغَ
وَسْقَ بَعيرٍ حَمَلوه إِلى الحَيِّ. تقولُ مِنهُ: أَحْلَبْتُ أَهْلي. يقال:
قد جاءَ بإِحْلابَينِ وثَلاثَة أَحاليبَ، وإِذا كانوا في الشاءِ والبَقَر،
ففَعلوا ما وَصَفْت، قالوا جاؤُوا بإِمْخَاضَيْنِ وثَلاثةِ أَماخِيضَ.
ابن الأَعرابي: ناقَةٌ حَلْباةٌ رَكْباةٌ أَي ذاتُ لَبَنٍ تُحْلَبُ وتُرْكَبُ، وهي أَيضاً الحَلْبانَةُ والرَّكْبانَة. ابن سيده: وقالوا: ناقةٌ حَلْبانَةٌ وحَلْباةٌ وحَلَبُوت: ذاتُ لَبَنٍ؛ كما قالوا رَكْبانَةٌ ورَكْباةٌ ورَكَبُوتٌ؛ قال الشاعر يصف ناقة:
أَكْرِمْ لـنَا بنَاقَةٍ أَلوفِ
حَلْبانَةٍ، رَكْبانَةٍ، صَفُوفِ،
تَخْلِطُ بينَ وَبَرٍ وصُوفِ
قوله رَكْبانَةٍ: تَصْلُح للرُّكُوب؛ وقوله صَفُوفٍ: أَي تَصُفُّ أَقْداحاً من لَبَنِها، إِذا حُلِبَت، لكَثْرة ذلك اللَّبن. وفي حديث نُقادَةَ الأَسَدِيِّ: أَبْغِني ناقَةً حَلْبانَةً رَكْبانَةً أَي غزيرةً تُحْلَبُ، وذَلُولاً تُرْكَبُ، فهي صالِحَة للأَمـْرَين؛ وزيدَت الأَلِفُ والنونُ في بِنائهِما، للمبالغة. وحكى أَبو زيد: ناقَةٌ حَلَبَاتٌ، بلَفْظِ الجمع، وكذلك حكى: ناقَةٌ رَكَباتٌ وشاةٌ تُحْلُبَةٌ(1)
(1 قوله «وشاة تحلبة إلخ» في القاموس وشاة تحلابة بالكسر وتحلبة بضم التاء واللام وبفتحهما وكسرهما وضم التاء وكسرها مع فتح اللام.) وتِحْلِبة وتُحْلَبة إِذا خَرَج من
ضَرْعِها شيءٌ قبلَ أَن يُنْزَى عليها، وكذلك الناقَة التي تُحْلَب قبلَ
أَن تَحمِلَ، عن السيرافي.
وحَلَبَه الشاةَ والناقَةَ: جَعَلَهُما لَه يَحْلُبُهُما، وأَحْلَبَه إِيَّاهما كذلك؛ وقوله:
مَوَالِيَ حِلْفٍ، لا مَوالي قَرابَةٍ، * ولكِنْ قَطِيناً يُحْلَبُونَ الأَتَاوِيا
فإِنه جَعَلَ الإِحْلابَ بمَنْزلة الإِعطاءِ، وعدَّى يُحْلَبونَ إِلى مفعولين في معنى يُعْطَوْنَ.
وفي الحديث: الرَّهْن مَحْلُوبٌ أَي لِـمُرْتَهنِه أَن يَأْكُلَ لَبَنَهُ، بقدر نَظَرهِ عليه، وقِيامِه بأَمْره وعَلفِه.
وأَحْلَبَ الرَّجُلُ: ولدَتْ إِبِلُه إِناثاً؛ وأَجْلَبَ: وَلدَتْ لهُ ذُكوراً. ومِن كلامهم: أَأَحْلَبْتَ أَمْ أَجْلَبْتَ؟ فمعنى أَأَحْلَبْتَ: أَنُتِجَت نُوقُك إِناثاً؟ ومعنى أَمْ أَجْلَبْت: أَم نُتِجَت ذكوراً؟
وقد ذكر ذلك في ترجمة جَلَب. قال، ويقال: ما لَه أَجْلَبَ ولا أَحْلَبَ؟ أَي نُتِجَتْ إِبلُهُ كلُّها ذكوراً، ولا نُتِجَتْ إِناثاً فتُحْلَب. وفي
الدعاءِ على الإِنْسانِ: ما لَه حَلَبَ ولا جَلَبَ، عن ابن الأَعرابي، ولم يفسره؛ قال ابن سيده: ولا أَعْرِفُ وَجْهَه. ويدعُو الرَّجُلُ على الرَّجُلِ فيقول: ما لَه أَحلب ولا أَجْلَبَ، ومعنى أَحْلَبَ أَي وَلدَت إِبِلُه الإِناثَ دون الذُّكور، ولا أَجْلَب: إِذا دَعا لإِبِلِه أَن لا تَلِدَ الذُّكورَ، لأَنه الـمَحْقُ الخَفِيُّ لذَهابِ اللَّبنِ وانْقِطاعِ
النَّسْلِ.واستَحْلَبَ اللبنَ: اسْتَدَرَّه.
وحَلَبْتُ الرجُلَ أَي حَلَبْتُ له، تقول منه: احلُبْني أَي اكْفِني
الحَلْبَ، وأَحْلِبْني، بقَطْعِ الأَلِفِ، أَي أَْعِنِّي على الحَلبِ.
والحَلْبَتانِ: الغَداةُ والعَشِيُّ، عن ابن الأَعرابي؛ وإِنما سُمِّيَتا
بذلك للحَلَبِ الذي يكونُ فيهما.
وهاجِرةٌ حَلُوبٌ: تَحلُبُ العَرَقَ.
وتَحَلَّبَ العَرَقُ وانْحَلَبَ: سال. وتَحَلَّبَ بَدَنُه عَرَقاً: سالَ
عَرَقُه؛ أَنشد ثعلب:
وحَبَشِيَّيْنِ، إِذا تَحَلَّبا، * قالا نَعَمْ، قالا نَعَمْ، وصَوَّبَا
تَحَلَّبا: عَرِقا.
وتَحَلَّبَ فُوه: سالَ، وكذلك تَحَلَّب النَّدَى إِذا سالَ؛ وأَنشد:
وظلَّ كتَيْسِ الرَّمْلِ، يَنْفُضُ مَتْنَه، * أَذاةً به مِنْ صائِكٍ مُتَحَلِّبِ
شبّه الفَرَسَ بالتَّيْس الذي تَحَلَّبَ عليه صائِكُ الـمَطَرِ مِن الشَّجَر؛ والصائِك: الذي تَغَيَّرَ لَوْنُه ورِيحُه.
وفي حديث ابن عُمَر، رضي اللّه عنهما، قال: رأَيت عمر يَتَحَلَّبُ فُوه، فقال: أَشْتَهي جراداً مَقْلُوّاً أَي يَتَهَيَّأُ رُضابُه للسَّيَلانِ؛
وفي حديث طَهْفَة: ونَسْتَحْلِبُ الصَّبِيرَ أَي نَسْتَدِرُّ السَّحابَ.
وتَحَلَّبَتْ عَيْناهُ وانْحَلَبَتا؛ قال:
وانْحَلَبَتْ عَيْناهُ من طُولِ الأَسى
وحَوالِبُ البِئْرِ: منابع مائِها، وكذلك حَوالِبُ العُيونِ الفَوَّارَةِ، وحَوالِبُ العُيونِ الدَّامِعَةِ؛ قال الكميت:
تَدَفَّق جُوداً، إِذا ما الْبِحا * رُ غاضَتْ حَوالِبُها الحُفَّلُ
أَي غارَتْ مَوَادُّها.
ودَمٌ حَلِيبٌ: طرِيٌّ، عن السُكَّري؛ قال عَبْدُ ابْنُ حَبِيبٍ
الهُذَلِيُّ:
هُدُوءًا، تحتَ أَقْمَرَ مُسْتَكِفٍّ، * يُضِيءُ عُلالَةَ العَلَقِ الحَلِيبِ
والحَلَبُ من الجِبايَةِ مثلُ الصَّدَقَةِ ونحوِها مـما لا يكونُ وظِيفَةً مَعْلومَةَ: وهي الإِحْلابُ في دِيوانِ الصَّدَقَاتِ، وقد تَحَلَّبَ الفَيْءُ.
الأَزهري أَبو زيد: بَقَرةٌ مُحِلٌّ، وشاة مُحِلٌّ، وقد أَحَلَّتْ إِحْلالاً إِذا حَلَبَتْ، بفتح الحاءِ، قبلَ وِلادها؛ قال: وحَلَبَتْ أَي أَنْزَلَتِ اللبَنَ قبلَ وِلادِها.
والحَلْبَة: الدَّفْعَة من الخَيْلِ في الرِّهانِ خاصَّة، والجمعُ حَلائِبُ على غير قياسٍ؛ قال الأَزهري:
(يتبع...)
(تابع... 1): حلب: الحَلَبُ: استِخراجُ ما في الضَّرْعِ من اللبَنِ، يكونُ في الشاءِ... ...
ولا يقال للواحدِ منها حَلِيبَة ولا حِلابَة؛ وقال العجاج:
وسابِقُ الحَلائِبِ اللِّهَمُّ
يريد جَماعَة الحَلْبة. والحَلْبَة، بالتَّسْكِين: خَيْلٌ تُجْمع للسِّباقِ من كلِّ أَوْبٍ، لا تَخْرُجُ من مَوْضِعٍ واحِدٍ، ولكن من كلِّ حَيٍّ؛ وأَنشد أَبو عبيدة:
نَحْنُ سَبَقْنَا الحَلَبَاتِ الأَرْبَعَا، * الفَحْلَ والقُرَّحَ في شَوْطٍ مَعَا
وهو كما يقالُ للقومِ إِذا جاؤُوا من كلِّ أَوْبٍ للنُّصْرَةِ قد أَحْلَبُوا. الأَزهري: إِذا جاءَ القومُ من كلِّ وَجْهٍ، فاجْتَمَعُوا لحَرْبٍ
أَو غير ذلك، قيل: قد أَحْلَبُوا؛ وأَنشد:
إِذا نَفَرٌ، منهم، رَؤبة أَحْلَبُوا * عَلى عامِلٍ، جاءَتْ مَنِيَّتُهُ تَعْدُو 1
(1 قوله «رؤبة» هكذا في الأصول.)
ابن شميل: أَحْلَبَ بنو فلانٍ مع بَني فلانٍ إِذا جاؤُوا أَنْصاراً لهم.
والـمُحْلِبُ: الناصِرُ؛ قال بشرُ بنُ أَبي خازِمٍ:
ويَنْصُرُه قومٌ غِضابٌ عَلَيْكُمُ، * مَتى تَدْعُهُمْ، يوماً، إِلى الرَّوْعِ، يَرْكَبوا
أَشارَ بِهِمْ، لَمْعَ الأَصَمِّ، فأَقْبَلُوا * عَرانِينَ لا يَأْتِيه، للنَّصْرِ، مُحْلِبُ
قوله: لَمْعَ الأَصَمِّ أَي كما يُشِيرُ الأَصمُّ بإِصْبَعِهِ، والضمير في
أَشار يعود على مُقَدَّمِ الجَيْش؛ وقوله مُحْلِبُ، يقول: لا يَأْتِيهِ
أَحدٌ ينصره من غير قَوْمِه وبَنِي عَمِّه. وعَرانِينَ: رُؤَساءَ. وقال في التهذيب: كأَنـَّه قال لَمَعَ لَمْع الأَصَمِّ، لأَن الأَصَمَّ لا يسمعُ
الجوابَ، فهو يُدِيمُ اللَّمْعَ، وقوله: لا يَأْتِيهِ مُحْلِبُ أَي لا
يأْتِيهِ مُعِينٌ من غيرِ قَوْ مِهِ، وإِذا كان الـمُعِين مِن قَوْمِه، لم
يَكُنْ مُحْلِباً؛ وقال:
صَريحٌ مُحْلِبٌ، مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، * لِحَيٍّ بينَ أَثْلَةَ والنِّجَامِ(2)
(2 قوله «صريح» البيت هكذا في أصل اللسان هنا وأورده في مادة نجم:
نزيعاً محلباً من أَهل لفت
إلخ. وكذلك أَورده ياقوت في نجم ولفت، وضبط لفت بفتح اللام وكسرها مع اسكان الفاء.)
وحالَبْت الرجُلَ إِذا نَصَرْتَه وعاوَنْتَه. وحَلائِبُ الرجُلِ:أَنْصارُه من بَني عَمِّه خاصَّةً؛ قال الحرِثُ بن حلزة:
ونَحْنُ، غَداةَ العَيْن، لَـمَّا دَعَوْتَنَا، * مَنَعْناكَ، إِذْ ثابَتْ عَلَيْكَ الحَلائِبُ
وحَلَبَ القَوْمُ يَحْلُبونَ حَلْباً وحُلُوباً: اجْتَمَعوا وتأَلَّبُوا من كلِّ وَجْه.
وأَحْلَبُوا عَلَيك: اجْتَمَعُوا وجاؤُوا من كلِّ أَوْبٍ. وأَحْلَبَ القَوْمُ أَصْحابَهُم: أَعانُوهُم. وأَحْلَبَ الرجُلُ غيرَ قَوْمِهِ: دَخَل بَيْنَهم فَأَعانَ بعضَهُم على بَعْضٍ، وهو رَجُلٌ مُحْلِبٌ. وأَحْلَبَ الرَّجُلُ صاحِبَه إِذا أَعانَه على الحَلْبِ. وفي المثل: لَيْسَ لهَا رَاعٍ، ولكِنْ حَلَبَة؛ يُضْرَب للرجُل، يَسْتَعِينُك فتُعِينُه، ولا مَعُونَةَ عِنْدَه.
وفي حديث سَعْدِ بن مُعاذٍ: ظَنَّ أَنَّ الأَنْصارَ لا
يَسْتَحْلِبُونَ لَه على ما يُريدُ أَي لا يَجْتَمِعُون؛ يقال: أَحْلَبَ القَو مُ
واسْتَحْلَبُوا أَي اجْتَمَعُوا للنُّصْرة والــإعانَةِ، وأَصلُ الإِحْلابِ
الــإِعانَةُ على الحَلْبِ؛ ومن أَمثالهم:
لَبِّثْ قَلِيلاً يَلْحَقِ الحَلائِب
يعني الجَماعَاتِ. ومن أَمْثالِهِم: حَلَبْتَ بالساعِدِ الأَشَدِّ أَي اسْتَعَنْتَ بمَنْ يَقُوم بأَمْرِكَ ويُعْنى بحاجَتِكَ. ومن أَمـْثالِهِم في الـمَنْع: لَيْسَ في كلِّ حين أُحْلَبُ فأُشْرَبُ؛ قال الأَزهري: هكذا رواه الـمُنْذِريُّ عن أَبي الهَيْثم؛ قال أَبو عبيد: وهذا المَثَلُ يُرْوى عن سَعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، قاله في حديث سُئِلَ عنه، وهو يُضْرَبُ في كلِّ شيءٍ يُمْنَع. قال، وقد يقال: ليس كلّ حِينٍ أَحْلُبُ فأَشْرَب. ومن
أَمثالهم: حَلَبَتْ حَلْبَتَها، ثم أَقْلَعَتْ؛ يُضْرَبُ مثلاً للرجُلِ
يَصْخَبُ ويَجْلُبُ، ثم يَسْكُتُ من غير أَن يَكونَ منه شَيءٌ غير
جَلَبَتِه وصِياحِه.
والحالِبانِ: عِرْقان يَبْتَدَّانِ الكُلْيَتَيْنِ من ظَاهِرِ البَطْنِ، وهُما أَيضاً عِرقانِ أَخْضَرانِ يَكتنِفان السُّرَّة إِلى البَطْن؛ وقيل هُما عِرْقان مُسْتَبْطِنَا القَرْنَيْن. الأَزهري: وأَما قولُ الشمَّاخ:
تُوائِلُ مِنْ مِصَكٍّ، أَنْصَبَتْه، * حَوالِبُ أَسْهَرَيْهِ بالذَّنِينِ
فإِن أَبا عمرو قال: أَسْهَراهُ: ذكَرُه وأَنْفُه؛ وحَوالِبُهُما: عُرُوقٌ تَمُدُّ الذَّنِين من الأَنْفِ، والـمَذْيَ مِن قَضِيبِه. ويُروَى حَوالِبُ أَسْهَرَتْهُ، يعني عُرُوقاً يَذِنُّ منْها أَنْفُه.
والحَلْبُ: الجُلُوسُ على رُكْبَةٍ وأَنـْتَ تَأْكُلُ؛ يقال: احْلُبْ فكُلْ. وفي الحديث: كان إِذا دُعِيَ إِلى طَعام جَلَسَ جُلُوسَ الحَلَبِ؛ هو
الجلوسُ على الرُّكْبة ليَحْلُبَ الشاةَ. يقال: احْلُبْ فكُلْ أَي اجْلِسْ، وأَراد به جُلوسَ الـمُتَواضِعِين.
ابن الأَعرابي: حَلَبَ يَحْلُبُ: إِذا جَلَسَ على رُكْبَتَيْهِ.
أَبو عمرو: الحَلْبُ: البُروكُ، والشَّرْبُ: الفَهْم. يقال: حَلَبَ يَحْلُبُ حَلْباً إِذا بَرَكَ؛ وشَرَب يَشْرُبُ شَرْباً إِذا فَهِمَ. ويقال للبَلِيدِ: احْلُبْ ثم اشْرُبْ.
والحلباءُ: الأَمَةُ الباركةُ من كَسَلِها؛ وقد حَلَبَتْ تَحْلُب إِذا بَرَكَت على رُكْبَتَيْها.
وحَلَبُ كلِّ شيءٍ: قشره، عن كُراع.
والحُلْبة والحُلُبة: الفَريقةُ. وقال أَبو حنيفة: الحُلْبة نِبْتة لها حَبٌّ أَصْفَر، يُتَعالَجُ به، ويُبَيَّتُ فيُؤْكَلُ. والحُلْبة: العَرْفَجُ والقَتَادُ. وصَارَ ورقُ العِضَاهِ حُلْبةً إِذا خرج ورقُه وعَسا واغْبَرَّ، وغَلُظَ عُودُه وشَوْكُه. والحُلْبة: نَبْتٌ معروفٌ، والجمع حُلَب. وفي حديث خالدِ ابنِ مَعْدانَ: لَوْيَعْلَمُ الناسُ ما في الحُلْبةِ لاشْتَرَوْها، ولو بوزنِها ذَهَباً. قال ابن الأَثير: الحُلْبةُ: حَبٌّ معروف؛ وقيل: هو من ثَمَرِ العِضاه؛ قال: وقد تُضَمُّ اللامُ.
والحُلَّبُ: نباتٌ يَنْبُت في القَيْظِ بالقِيعانِ، وشُطْآنِ الأَوْدية، ويَلْزَقُ بالأَرضِ، حتى يَكادَ يَسوخُ، ولا تأْكلُه الإِبل، إِنما تأْكلُه الشاءُ والظِّباءُ، وهي مَغْزَرَة مَسْمَنةٌ، وتُحْتَبلُ عليها الظِّباءُ. يقال: تَيْسُ حُلَّبٍ، وتَيْسٌ ذُو
حُلَّبٍ، وهي بَقْلة جَعْدةٌ غَبْراءُ في خُضْرةٍ، تَنْبسِطُ على الأَرضِ، يَسِيلُ منها اللَّبَنُ، إِذا قُطِعَ منها شيءٌ؛ قال النابغة يصف فرساً:
بعارِي النَّواهِقِ، صَلْتِ الجَبِينِ، * يَسْتَنُّ، كالتَّيْسِ ذي الحُلَّبِ
ومنه قوله:
أَقَبَّ كَتَيْسِ الحُلَّبِ الغَذَوانِ
وقال أَبو حنيفة: الحُلَّبُ نبتٌ يَنْبَسِطُ على الأَرض، وتَدُومُ
خُضْرتُه، له ورقٌ صِغارٌ، يُدبَغُ به. وقال أَبو زيادٍ: من الخِلْفةِ
الحُلَّبُ، وهي شجرة تَسَطَّحُ على الأَرض، لازِقةٌ بها، شديدةُ الخُضْرةِ، وأَكثرُ نباتِها حين يَشْتَدُّ الحرُّ. قال، وعن الأَعراب القُدُم: الحُلَّبُ يَسْلَنْطِحُ على الأَرض، له ورقٌ صِغارٌ مرٌّ، وأَصلٌ يُبْعِدُ في الأَرض، وله قُضْبانٌ صِغارٌ، وسِقاءٌ حُلَّبيٌّ ومَحْلوبٌ، الأَخيرة عن أَبي حنيفة، دُبِغَ بالحُلَّبِ؛ قال الراجز:
دَلْوٌ تَمَأّى، دُبِغَتْ بالحُلَّبِ
تَمَأّى أَي اتَّسَعَ. الأَصمعي: أَسْرَعُ الظِّباءِ تَيْسُ الحُلَّبِ، لأَنه قد رَعَى الرَّبيعَ والرَّبْلَ؛ والرَّبْلُ ما تَرَبَّلَ من الرَّيِّحة في أَيامِ الصَّفَرِيَّة، وهي عشرون يوماً من آخر القَيْظِ، والرَّيِّحَة تكونُ منَ الحُلَّبِ، والنَّصِيِّ والرُّخامى والـمَكْرِ، وهو أَن يظهَر النَّبْتُ في أُصوله، فالتي بَقِيَتْ من العام الأَوَّل في الأَرضِ، تَرُبُّ الثَّرَى أَي تَلْزَمُه.
والـمَحْلَبُ: شَجَرٌ له حَبٌّ يُجْعَلُ في الطِّيبِ، واسمُ ذلك الطِّيبِ الـمَحْلَبِيَّةُ، على النَّسَبِ إِليه؛ قال أَبو حنيفة: لم يَبْلُغْني أَنه يَنْبُتُ بشيءٍ مِنْ بلادِ العَرَبِ. وحَبُّ الـمَحْلَبِ: دواءٌ من الأَفاويهِ، وموضِعُه الـمَحْلَبِيَّة.
والحِلِبْلابُ: نبتٌ تَدومُ خُضْرَتُه في القَيْظِ، وله ورقٌ أَعْرَضُ
من الكَفِّ، تَسْمَنُ عليه الظِّباءُ والغنمُ؛ وقيل: هو نَباتٌ سُهْليٌّ
ثُلاثيٌّ كسِرِطْرَاطٍ، وليس برُباعِيٍّ، لأَنه ليس في الكَلامِ
كَسِفِرْجالٍ.
وحَلاَّبٌ، بالتشديد: اسمُ فَرَسٍ لبَني تَغْلبَ. التهذيبُ: حَلاَّبٌ من
أَسماءِ خيلِ العرب السابقة. أَبو عبيدة: حَلاَّبٌ من نِتاجِ الأَعْوجِ.
الأَزهري، عن شمر: يومٌ حَلاَّبٌ، ويومٌ هَلاَّبٌ، ويومٌ همَّامٌ، ويومٌ
صَفْوانُ ومِلْحانُ وشِيبانُ؛ فأَما الهَلاَّبُ فاليابسُ بَرْداً، وأَما
الحَلاَّب ففيه نَدىً، وأَما الهَمَّامُ فالذي قد هَمَّ بالبَرْد.
وحَلَبُ: مدينةٌ بالشامِ؛ وفي التهذيب: حَلَبُ اسمُ بَلَدٍ من الثُّغُورِ الشامِيَّة.
وحَلَبانُ: اسمُ مَوْضعٍ؛ قال الـمُخَبَّل السعدي:
صَرَمُوا لأَبْرَهَةَ الأُمورَ، مَحَلُّها * حَلَبانُ، فانْطَلَقُوا مع الأَقْوالِ
ومَحْلَبةُ ومُحْلِب: مَوْضِعانِ، الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
يا جارَ حَمْراءَ، بأَعْلى مُحْلِبِ،
مُذْنِبَةٌ، فالقـــــــــاعُ غَيْرُ مُذْنِبِ،
لا شيءَ أَخْزَى مِن زِناءِ الأَشْيَب
قوله:
مُذنِبَة، فالْقـــــــاعُ غيرُ مُذْنِبِ
يقول: هي المذنبة لا القاعُ، لأَنه نَكَحَها ثَمَّ.
ابن الأَعرابي: الحُلُبُ السُّودُ من كلِّ الحَيوانِ. قال: والحُلُبُ
الفُهَماءُ من الرِّجالِ.
الأَزهري: الحُلْبُوبُ اللَّوْنُ الأَسْودُ؛ قال رؤْبة:
واللَّوْنُ، في حُوَّتِه، حُلْبُوبُ
والحُلْبُوبُ: الأَسْوَدُ من الشَّعَرِ وغيره. يقال: أَسْوَدُ حُلْبُوبٌ أَي حالِكٌ. ابن الأَعرابي: أَسْوَدُ حُلْبُوبٌ وسُحْكُوكٌ وغِرْبيبٌ؛ وأَنشد:
أَمـَا تَرانِي، اليَوْمَ، عَشّاً ناخِصَا، * أَسْوَدَ حُلْبوباً، وكنتُ وابِصَا
عَشّاً ناخِصاً: قليلَ اللحم مَهْزُولاً. ووابِصاً: بَرَّاقاً.
عزر: العَزْر: اللَّوْم.
وعَزَرَهُ يَعْزِره عَزْراً وعَزَّرَه: ردَّه. والعَزْرُ والتَّعْزِيرُ:
ضرب دون الحدّ لِمَنْعِه الجانِيَ من المُعاودَة ورَدْعِه عن المعصية؛
قال:
وليس بتعزيرِ الأَميرِ خَزايةٌ عليَّ، إِذا ما كنتُ غَيرَ مُرِيبِ
وقيل: هو أَشدُّ الضرب. وعَزَرَه: ضَربَه ذلك الضَّرْب. والعَزْرُ:
المنع. والعَزْرُ: التوقيف على باب الدِّين.
قال الأَزهري: وحديث سعد يدل على أَن التَّعْزِيرَ هو التوقيف على الدين
لأَنه قال: لقد رأَيْتُني مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وما لنا
طعامٌ إِلاَّ الحُبْلَةَ ووَرقَ السَّمُر، ثم أَصبَحتْ بنو سَعْدٍ
تُعَزِّرُني على الإِسلام، لقد ضَلَلْتُ إِذا وخابَ عَمَلي؛ تُعِزِّرُني على
الإِسلام أَي تُوَقِّفُني عليه، وقيل: تُوَبِّخُني على التقصير فيه.
والتَّعْزِيرُ: التوقيفُ على الفرائض والأَحكام. وأَصل التَّعْزير: التأْديب،
ولهذا يسمى الضربُ دون الحد تَعْزيراً إِنما هو أَدَبٌ. يقال: عَزَرْتُه
وعَزَّرْتُه، فهو من الأَضداد، وعَزَّرَه: فخَّمه وعظَّمه، فهو نحْوُ
الضد.والعَزْرُ: النَّصْرُ بالسيف. وعَزَرَه عَزْراً وعَزَّرَه: أَعانَه
وقوَّاه ونصره. قال الله تعالى: لِتُعَزِّرُوه وتُوَقِّرُوه، وقال الله
تعالى: وعَزَّرْتُموهم؛ جاء في التفسير أَي لِتَنْصُروه بالسيف، ومن نصر
النبيِّ، صلى الله عليه وسلم، فقد نَصَرَ الله عزَّ وجل. وعَزَّرْتُموهم:
عَظَّمْتموهم، وقيل: نصَرْتُموهم؛ قال إِبراهيم بن السَّريّ: وهذا هو الحق،
والله تعالى أَعلم، وذلك أَن العَزْرَ في اللغة الرَّدُّ والمنع، وتأْويل
عَزَرْت فلاناً أَي أَدَّبْتُه إِنما تأْويله فعلت به ما يَرْدَعُه عن
القبيح، كما اين نَكَّلْت به تأْويله فعلت به ما يجب أَن يَنْكَل معه عن
المُعاودة؛ فتأْويل عَزَّرْتُموهم نصَرْتُموهم بأَن تردُّوا عنهم
أَعداءَهم، ولو كان التَّعْزيرُ هو التَّوْقِير لكان الأَجْوَدُ في اللغة
الاستغاءَ به، والنُّصْرةُ إِذا وجبت فالتعظيمُ داخلٌ فيها لأَن نصرة الأَنبياء
هي المدافعة عنهم والذب عن دِينِم وتعظيمُهم وتوقيرُهم؛ قال: ويجوز
تَعْزِرُوه، من عَزَرْتُه عَزْراً بمعنى عَزَّرْته تعزيراً. والتعزير في كلام
العرب: التوقيرُ، والتَّعْزِيرُ: النَّصْرُ باللسان والسيف. وفي حديث
المبعث: قال وَرَقَةُ بن نَوْفَلٍ: إِنْ بُعِثَ وأَنا حيٌّ فسَأُعَزِّرهُ
وأَنْصُرُه؛ التَّعْزيرُ ههنا: الــإِعانةُ والتوقيرُ والنصرُ مرة بعد مرة،
وأَصل التعزير: المنعُ والردُّ، فكأَن مَن نصَرْتَه قد رَدَدْتَ عنه
أَعداءَه ومنعتهم من أَذاه، ولهذا قيل للتأْديب الذي هو دون الحدّ: تَعْزير،
لأَنه يمنع الجانيَ أَن يُعاوِدَ الذنب. وعَزَرَ المرأَةَ عَزْراً:
نكَحَها. وعَزَرَه عن الشيء: منَعَه. والعَزْرُ والعَزيرُ: ثمنُ الكلإِ إِذا
حُصِدَ وبِيعَتْ مَزارِعُه سَواديّة، والجمع العَزائرُ؛ يقولون: هل أَخذتَ
عَزيرَ هذا الحصيد؟ أَي هل أَخذت ثمن مراعيها، لأَنهم إِذا حصدوا باعوا
مراعِيَها.
والعَزائِرُ والعَيازِرُ: دُونَ العِضَاه وفوق الدِّق كالثُّمام
والصَّفْراء والسَّخْبر، وقيل: أُصول ما يَرْعَوْنَه من سِرّ الكلإِ كالعَرفَج
والثُّمام والضَّعَة والوَشِيج والسَّخْبَر والطريفة والسَّبَطِ، وهو
سِرُّ ما يَرْعَوْنَه.
والعَيزارُ: الصُّلْبُ الشديد من كل شيء؛ عن ابن الأَعرابي. ومَحالةٌ
عَيْزارَةٌ: شديدةُ الأَسْرِ، وقد عَيْزَرَها صاحِبُها؛ وأَنشد:
فابتغ ذاتَ عَجَلٍ عَيَازِرَا،
صَرَّافةَ الصوتِ دَمُوكاً عاقِرَا
والعَزَوَّرُ: السيء الخلُق. والعَيزار: الغلامُ الخفيف الروح النشيطُ،
وهو اللَّقِنُ الثَّقِفُ اللَّقِفُ، وهو الريشة
(* قوله: «وهو الريشة»
كذا بالأصل بهذا الضبط. وفي القاموس: والورش ككتف النشيط الخفيف، والأنثى
وريشة). والمُماحِل والمُماني. والعَيزارُ والعَيزارِيَّةُ: ضَرْبٌ من
أَقداح الزُّجاج. والعَيازِرُ: العِيدانُ؛ عن ابن الأَعرابي: والعَيزارُ:
ضَرْبٌ من الشجر، الواحدة عَيزارةٌ. والعَوْزَرُ: نَصِيُّ الجبل؛ عن أَبي
حنيفة.
وعازَِرٌ وعَزْرة وعَيزارٌ وعَيزارة وعَزْرانُ: أَسماء. والكُرْكيّ
يُكْنَى أَبا العَيزار؛ قال الجوهري: وأَبو العَيزار كنية طائر طويل العنق
تراه أَبداً في الماء الضَّحْضاح يسمى السَّبَيْطَر. وعَزَرْتُ الحِمارَ:
أَوْقَرْته. وعُزَيرٌ: اسم نبي. وعُزَيرٌ: اسم ينصرف لخفته وإِن كان
أَعجميّاً مثل نوح ولوط لأَنه تصغير عَزْر. ابن الأَعرابي: هي العَزْوَرةُ
والحَزْوَرةُ والسَّرْوَعةُ والقائِدةُ: للأَكَمة. وفي الحديث ذكر عَزْوَر،
بفتح العين وسكون الزاي وفتح الواو، ثَنِيَّةُ الجُحْفَة وعليها الطريق
من المدينة إِلى مكة، ويقال فيه عَزُورا.
غيث: الغَيْثُ: المطر والكَلأُ؛ وقيل: الأَصلُ المطر، ثم سُمِّي ما
يَنْبُتُ به غَيْثاً؛ أَنشد ثعلب:
وما زِلْتُ مثلَ الغَيْثِ، يُرْكَبُ مرَّةً
فيُعْلى، ويُولَى مَرَّةً، فيُثِيبُ
يقول: أَنا كشجر يؤْكل، ثم يُصيبُه الغَيْثُ فيَرْجِعُ أَي يَذْهَبُ
مالي ثم يَعُودُ، والجمع: أَغْياثٌ وغُيوثٌ؛ قال المُخَبَّلُ السَّعْدي:
لها لَجَبٌ حَوْلَ الحِياضِ، كأَنه
تَجاوُبُ أَغياثٍ، لَهُنَّ هَزيمُ
وغاثَ الغَيْثُ الأَرضَ: أَصابَها، ويقال: غاثَهم اللهُ، وأَصابَهم
غَيْثٌ، غاث اللهُ البلادَ يَغيثُها غَيْثاً إِذا أَنزل بها الغَيْثَ؛ ومنه
الحديث: فادْعي الله يَغِيثُنا، بفتح الياء. وغِيثَتِ الأَرضُ، تُغاثُ
غَيْثاً، فهي مَغِيثةٌ، ومَغْيُوثة: أَصابها الغَيْثُ. وغِيثَ القومُ:
أَصابَهم الغَيْثُ. قال الأَصمعي: أَخبرني أَبو عمرو بن العَلاء قال: سمعت ذا
الرُّمة يقول: قاتَلَ اللهُ أَمَةَ بني فلانٍ ما أَفْصَحَها قُلْتُ لها:
كيفَ كان المطرُ عندكم؟ فقالت: غِثْنا ما شئنا. وفي حديث رُقَيقةَ: أَلا
فَغِثْتم ما شئتم غِثتم، بكسر الغين، أَي سُقِيتم الغَيثَ، وهو المطر،
والسؤَال منه: غِثنا؛ ومِن الإِغاثة، بمعنى الــإِعانة: أَغِثْنا؛ وإِذا
بَنَيتَ منه فعلاً ماضياً لم يُسَمَّ فاعله، قلت: غِثْنا، بالكسر، والأَصل
غُيِثْنا، فحذفت الياء، وكسرت الغين؛ وربما سُمي السحابُ والنباتُ:
غَيْثاً.
والغَيْث الكَلأُ يَنْبُتُ من ماء السماء. وفي حديث زكاة العسل: إِنما
هو ذبابُ غَيْثٍ، قال ابن الأَثير: يعني النَّحْلَ، وأَضافه إِلى
الغَيْثِ، لأَنه يَطلُبُ النباتَ والأَزهارَ، وهما من تَوابع الغَيْثِ. وغَيْثٌ
مُغِيثٌ: عامٌّ. وبئر ذاتُ غَيِّثٍ أَي ذاتُ مادَّةِ؛ قال رؤبة:
نَغْرِفُ مِن ذي غَيِّثٍ ونُؤْزِي
(* قوله «قال رؤبة إلخ» صدره كما في التكملة: أَنا ابن أَنضاد إليها
أَرزي تغرف:
الانضاد الاشراف. وأرزي أَسند. أي نفضل عليه ونضعف، بضم النون.)
والغَيِّثُ: عَيْلَم الماءِ. وفرس ذو غَيِّثٍ: على التشبيه، إِذا جاءه
عَدْوٌ بعدَ عَدْوٍ. وغَيَّثَ الأَعمَى: طلبَ الشيءَ؛ عن كراع، وهو بالعين
أَيضاً، وهو الصحيح؛ قال ابن سيده: وأُرى العين المهملة تصحيفاً.
وغَيَّثٌ: رجل من طَيِّئٍ. وبنو غَيْثٍ، أَو غَيِّثٍ: حَيٌّ. وبَين مَعْدِنِ
النَّقْرة والرَّبَذة موضع يعرف بمُغِيثِ ماوانَ، وماؤُه مِلْح.
ومَغِيثَة: رَكِيَّةٌ أُخرى، غذبةُ الماءِ، وهي إِحدى مَناهِل الطريق
مما يلي القادِسِيَّةَ؛ وأَنشد أَبو عمرو:
شَرِبْنَ من ماوانَ ماءً مُرَّا،
ومِنْ مُغِيثَ مِثْلَه، أَو شَرَّا