قال الشاعر:
بالشعب من نعمان مبدا لنا، ... والبرق من حضرة ذي الــأوجر
وجر: الوَجْرُ: أَن توجِرَ ماء أَو دواء في وسط حلق صبي. الجوهري:
الوَجُورُ الدواء يُوجَرُ في وسط الفم. ابن سيده: الوَجُورُ من الدواء في
أَيِّ الفَمِ كان، وَجَرَه وَجْراً وأَوْجَرَــه وأَوْجَرَــه إِياه وأَوْجَرَــه
الرُّمْحَ لا غير: طعنه به في فيه، وأَصله من ذلك. الليث: أَوْجَرْــتُ
فلاناً بالرمح إِذا طعنته في صدره؛ وأَنشد:
أَوْجَرْــتُه الرُّمْحَ شَذْراً ثم قلتُ له:
هَذِي المُرُوءَةُ لا لِعْبُ الزَّحالِيقِ
وفي حديث عبد الله بن أُنَيْسٍ، رضي الله عنه: فوَجَرْته بالسيف وَجْراً
أَي طعنته. قال ابن الأَثير: من المعروف في الطعن أَوْجَرْــتُه الرمح،
قال: ولعله لغة فيه.
وتَوَجَّرَ الدواءَ: بلعه شيئاً بعد شيء. أَبو خَيْرَةَ: الرجل إِذا شرب
الماء كارهاً فهو التَّوَجُّرُ والتَّكارُه. والمِيجَرُ والمِيجَرَةُ:
شبه المُسْعُطِ يُوجَرُ به الدواءُ، واسم ذلك الدواء الوَجُورُ. ابن
السكيت: الوَجُورُ في أَيِّ الفم كان واللَّدُودُ في أَحد شقيه، وقد وَجَرْتُه
الوَجُورَ وأَوْجَرْــتُه. وقال أَبو عبيدة: أَوْجَرْــتُه الماء والرمح
والغيظ أَفْعَلْتُ في هذا كله. أَبو زيد: وَجَرْتُه الدواء وَجْراً جعلته في
فيه. واتَّجَرَ أَي تداوَى بالوَجُور، وأَصله اوْتَجَرَ. والوَجْرُ:
الخوف. وَجِرْتُ منه، بالكسر، أَي خفت، وإِني منه لــأَوْجَرُ: مثل لأَوْجَلُ.
ووَجِرَ من الأَمر وَجَراً: أَشفَقَ، وهو أَوْجَرُ وَوَجِرٌ، والأُنثى
وَجِرَةٌ، ولم يقولوا وَجْراءُ في المؤنث.
والوَجْرُ: مثل الكهف يكون في الجبل؛ قال تأَبط شرّاً:
إِذا وَجْرٌ عظيمٌ، فيه شيخٌ
من السُّودَانِ يُدْعَى الشَّرَّتَيْنِ
(* قوله« يدعى الشرتين» كذا بالأصل. )
والوَجارُ والوِجارُ: سَرَبُ الضَّبُعِ، وفي المحكم: جُحْرُ الضبع
والأَسد والذئب والثعلب ونحو ذلك، والجمع أَوْجِرَــةٌ ووُجُرٌ، واستعاره بعضهم
لموضع الكلب؛ قال:
كِلابُ وِجارٍ يَعْتَلِجْنَ بغائِطٍ،
دُمُوسَ اللَّيالي، لا رُواءٌ ولا لُبُّ
قال ابن سيده: ولا أبعد أن تكون الرواية ضِباعُ وِجارٍ، على أَنه قد
يجوز أَن تسمى الضباع كلاباً من حيث سَمَّوْا أَولادها جِراءً؛ أَلا ترى
أَن أَبا عبيد لما فسر قول الكميت:
حتى غال أَوسٌ عِيالَها قال: يعني أَكل جِراءَها؟ التهذيب: الوِجارُ
سَرَبُ الضبع ونحوه إِذا حفر فأَمْعَنَ. وفي حديث الحسن: لو كنت في وِجار
الضَّبِّ، ذكره للمبالغة لأَنه إِذا حفر أَمعن؛ وقال العجاج:
تَعَرَّضَتْ ذا حَدَبٍ جَرْجارَا،
أَمْلَسَ إِلا الضِّفْدَعَ النَّقَّارَا
يَرْكُضُ في عَرْمَضِه الطَّرَّارا،
تَخالُ فيه الكواكبَ الزَّهَّارَا
لُؤْلُؤَةً في الماءِ أَو مِسْمارَا،
وخافَت الرامِينَ والأَوْجارَا
قال: الأَوجار حفر يجعل للوحوش فيها مناجل فإِذا مرت بها عرقبتها،
الواحدة وَجْرَةٌ ووَجَرَةٌ:
حتى إِذا ما بَلَّتِ الأَغْمارَا
رِيًّا، ولَمَّا تَقْصَعِ الإِصْرارَا
يعني جمع غِمْرٍ، وهو حَرٌّ يَجِدْنَهُ في صدورهن. وأَراد بالأِصرارِ
إِصْرارَ العطش. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: وانْجَحر انْجِحارَ
الضَّبَّةِ في جُحْرِها والضَّبُعِ في وِجارِها؛ هو جُحْرُها الذي تأْوي إِليه.
وفي حديث الحجاج: جِئْتُكَ في مِثْلِ وِجارِ الضَّبُعِ. قال ابن الأَثير:
قال الخطابي هو خطأٌ وإِنما هو في مثل جارِ الضبع. يقال: غَيْثٌ جارُ
الضبع أَي يدخل عليها في وِجارِها حتى يخرجها منه، قال: ويشهد لذلك أَنه جاء
في رواية أُخرى وجئتك في ماءٍ يَجُرُّ الضَّبُعَ ويستخرجُها من
وِجارِها. أَبو حنيفة: الوِجارانِ الجُرْفانِ اللذان حفرهما السيل من
الوادي.ووَجْرَةُ: موضع بين مكة والبصرة، قال الأَصمعي: هي أَربعون ميلاً ليس
فيها منزل فهي مَرْتٌ للوَحْشِ، وقد أَكثرت الشعراء ذكرها؛ قال الشاعر:
تَصُدُّ وتُبْدي عن أَسِيلٍ وتَتَّقي
بناظِرَةٍ، من وَحْشِ وَجْرَةَ، مُطْفِلِ
نشغ: النَّشُوغُ: الوَجُورُ والسَّعُوطُ، وهو بالعين المهملة أَيضاً،
وهو أَعلى، وقد نُشِغَ الصبيُّ نُشُوغاً؛ قال ذو الرمة:
إذا مَرْئِيَّةٌ ولَدَتْ غُلاماً ،
فَأَلأَمُ مُرْضَعٍ نُشِغَ المَحارا
وروي نُشِعَ، بالعين المهملة، وهو إيجارُك الصبي الدَّواءَ، وقد تَقَدّم
نَشغَه ونَشَعه إِذا أَوْجَره. ابن الأَعرابي: نُشِعَ الصبي ونشِغَ،
بالعين والغين، إذا أُوجِرَ في الأَنف. الليث: نَشَغْتُ الصبيَّ وَجُوراً
فانْتَشَغَه جُرْعةً بعد جُرْعةٍ. وفي الحديث: فإِذا هو يَنْشَغُ أَي
يَمَصُّ بِفِيه.
والمِنْشَغةُ: المُسْعُطُ أَو الصَّدَفةُ يُسْعَطُ بها؛ قال الشاعر:
سَأَنْشَغُه حتى يَلِينَ شَرِيسُه،
بِِمِنْشغةٍ فيها سِمامٌ وعَلْقَمُ
والنَّشَغُ: التَّلْقِينُ، وربما قالوا نَشَغْته الكلام نَشْغاً أَي
لقَّنْتُه وعَلَّمته، وهو على التشبيه. ويقال نَشَغْتُه الكلامَ ونَسَغْتُه
الكلامَ، بالشين والسين؛ ونَشَغَه يَنْشَغُه نَشْغاً وأَنْشَغَه فَنَشَغَ
وتَنَشَّغَ وانْتَشَغَ وناشَغَ؛ قال:
أَهْوى وقد ناشَغَ شِرْباً واغِلا
والنَّشْغُ: الشَّهِيقُ حتى يَكاد يَبْلُغُ به الغَشْيَ. وفي حديث أُمِّ
إسماعيل: فإِذا الصبي يَنْشَغُ للموت، وقيل: معناه يَمْتَصُّ بِفيه من
نَشَغْتُ الصبيّ دَواء فانْتَشَغَه. ونَشَغَ يَنْشَغُ نَشْغاً: شَهِقَ حتى
كاد يُغْشى عليه وإِنما ذلك من شَوْقِه. وفي حديث أَبي هريرة: أَنه ذكرَ
النبيِّ، صلى الله عليه وسلم، فَنَشَغَ نَشْغَةً أَي شَهِقَ وغُشِيَ
عليه؛ قال أَبو عبيد: وإنما يفعل ذلك الإنسان شَوْقاً إلى صاحبه أَو إِلى
شيء فائتٍ وأَسَفاً عليه وحُبًّا للِقائه. قال: وهذا نَشْغٌ، بالغين، لا
اختلاف فيه؛ قال رؤبة يمدحُ رجلاً ويذكر شَوْقَه إليه:
عَرَفْتُ أَني ناشِغٌ في النُّشَّغِ ،
إِلَيْكَ أَرْجُو من نَداكَ الأُسْبَغِ
والنَّشْغةُ: تَنَفُّسةُ من تَنَفُّسِ الصُّعَداء ، يقال منه:نَشَغَ
يَنْشَغُ نَشْغاً. والنَّشْغُ: جُعْلُ الكاهِنِ، وقد نَشَفَه، والعينُ
المهملة أَعْلى، ونُشِغَ به نَشْغاً: أُولِعَ، والعين المهملة لغة. أَبو عمرو:
نُشِغَ به ونُشِعَ به وشُغِفَ به أَي أُولِعَ به. وإنه لنَشُوغٌ بأَكل
اللحم ومَنْشُوغٌ به أَي مُولَعٌ.
والنَّاشِغانِ: الواهِنَتانِ وهما ضِلَعانِ من كل جانب ضِلَعٌ. الفراء:
النَّواشِغُ مَجاري الماء في الوادي؛ وأَنشد للمرَّار بن سَعِيد:
ولا مُتلاقِياً ، والشمسُ طِفْلٌ ،
ببَعْضِ نَواشِغِ الوادي حُمولا
والناشِغةُ: مَجْرى الماء إلى الوادي، وخَصَّ ابن الأَعرابي بها
الشُّعْبةَ المَسِيلةَ أَو الشَعْبَ المَسِيلَ. قال أَبو حنيفة: النَّواشِغُ
أَضْخَمُ من الشِّحاحِ، والنَّشَغاتُ فُواقاتٌ خَفِيِّاتٌ جِدّاً عند الموت،
واحدتها نَشْغةٌ، وقد نَشَغَ وتَنَشَّغَ. وفي الحديث: لا تَعْجَلُوا
بِتَغْطيةِ وجْهِ الميت حتى يَنْشَغَ أَو يَتَنَشَّغَ؛ حكاه الهَرَويُّ في
الغريبين. ابن الأَعرابي: أَنْشَغَ الرجل تَنَحَّى. ونَشَغَه بالرُّمْحِ:
طَعَنَه؛ قال الأَخطل:
تنَقَّلَتِ الدِّيارُ بها فَحلَّتْ
بِحَزَّةَ ، حَيْثُ يَنْتَشِغُ البَعِيرُ
وانْتِشاغُ البَعير: أَن يَضْرِبَ بخُفِّه مَوْضِعَ لَذْعِ الذُّبابِ؛
قال أَبو زبيد:
شَأْسُ الهَبُوطِ زَناءُ الحامِيَيْنِ ، متى
تَنْشَغْ بِوارِدةٍ، يَحْدُثْ لها فَزَعُ
يصف طريقاً تَنْشَغُ بِوارِدةٍ أَي يصير فيه الناس فَتَتضايقُ الطَّريقُ
بالوارِدةِ، كما يَنْشَغُ بالشيء إذا غَصَّ به. وفي حديث النجاشيّ: هل
تَنَشَّغَ فيكم الوَلَدُ؟ أَي اتَّسَعَ وكَثُرَ؛ هكذا جاء في رواية،
والمشهور تَفَشَّغَ بالفاء، والله أَعلم.
ر: الراء من الحروف المجهورة، وهي من الحروف الذُّلْق، وسميت ذُلْقاً لأَن الذّلاقَة في المنطق إِنما هي بطَرَف أَسَلَةِ اللسان، والحروف الذلق ثلاثة: الراء واللام والنون، وهن في حيز واحد، وقد ذكرنا في أَوّل حرف الباء دخولَ الحروف الستة الذُّلقِ والشفويةِ كَثرةَ دخولها في أَبنية الكلام.
ر: تَقْ، وللمرأَة: تَقي؛ قال عبد الله ابن هَمَّام السَّلُولي:
زِيادَتَنا نَعْمانُ لا تَنْسَيَنَّها،
تَقِ اللهَ فِينا والكتابَ الذي تَتْلُو
بنى الأَمر على المخفف، فاستغنى عن الأَلف فيه بحركة الحرف الثاني في
المستقبل، وأَصل يَتَقي يَتَّقِي، فحذفت التاء الأُولى، وعليه ما أُنشده
الأَصمعي، قال: أَنشدني عيسى بن عُمر لخُفاف بن نُدْبة:
جَلاها الصَّيْقَلُونَ فأَخْلَصُوها
خِفافاً، كلُّها يَتَقي بأَثر
أَي كلها يستقبلك بفِرِنْدِه؛ رأَيت هنا حاشية بخط الشيخ رضيِّ الدين
الشاطِبي، رحمه الله، قال: قال أبو عمرو وزعم سيبويه أَنهم يقولون تَقَى
اللهَ رجل فعَل خَيْراً؛ يريدون اتَّقى اللهَ رجل، فيحذفون ويخفقون، قال:
وتقول أَنت تَتْقي اللهَ وتِتْقي اللهَ، على لغة من قال تَعْلَمُ
وتِعْلَمُ، وتِعْلَمُ، بالكسر: لغة قيْس وتَمِيم وأَسَد ورَبيعةَ وعامَّةِ العرب،
وأَما أَهل الحجاز وقومٌ من أَعجاز هَوازِنَ وأَزْدِ السَّراة وبعضِ
هُذيل فيقولون تَعْلَم، والقرآن عليها، قال: وزعم الأَخفش أَن كل مَن ورد
علينا من الأَعراب لم يقل إِلا تِعْلَم، بالكسر، قال: نقلته من نوادر أَبي
زيد. قال أَبو بكر: رجل تَقِيٌّ، ويُجمع أَتْقِياء، معناه أَنه مُوَقٍّ
نَفْسَه من العذاب والمعاصي بالعمل الصالح، وأَصله من وَقَيْتُ نَفْسي
أَقيها؛ قال النحويون: الأَصل وَقُويٌ، فأَبدلوا من الواو الأُولى تاء كما
قالوا مُتَّزِر، والأَصل مُوتَزِر، وأَبدلوا من الواو الثانية ياء
وأَدغموها في الياء التي بعدها، وكسروا القاف لتصبح الياء؛ قال أَبو بكر:
والاختيار عندي في تَقِيّ أَنه من الفعل فَعِيل، فأَدغموا الياء الأُولى في
الثانية، الدليل على هذا جمعهم إِياه أَتقياء كما قالوا وَليٌّ وأَوْلِياء،
ومن قال هو فَعُول قال: لمَّا أَشبه فعيلاً جُمع كجمعه، قال أَبو منصور:
اتَّقى يَتَّقي كان في الأَصل اوْتَقى، على افتعل، فقلبت الواو ياء
لانكسار ما قبلها، وأُبدلت منها التاء وأُدغمت، فلما كثر استعماله على لفظ
الافتعال توهموا أَن التاءَ من نفس الحرف فجعلوه إِتَقى يَتَقي، بفتح التاء
فيهما مخففة، ثم لم يجدوا له مثالاً في كلامهم يُلحقونه به فقالوا تَقى
يَتَّقي مثل قَضى يَقْضِي؛ قال ابن بري: أَدخل همزة الوصل على تَقى،
والتاء محركة، لأَنَّ أَصلها السكون، والمشهور تَقى يَتَّقي من غير همز وصل
لتحرك التاء؛ قال أَبو أَوس:
تَقاكَ بكَعْبٍ واحِدٍ وتَلَذُّه
يَداكَ، إِذا هُزَّ بالكَفِّ يَعْسِلُ
أَي تَلَقَّاكَ برمح كأَنه كعب واحد، يريد اتَّقاك بكَعْب وهو يصف
رُمْحاً؛ وقال الأَسدي:
ولا أَتْقي الغَيُورَ إِذا رَآني،
ومِثْلي لُزَّ بالحَمِسِ الرَّبِيسِ
الرَّبيسُ: الدَّاهي المُنْكَر، يقال: داهِيةٌ رَبْساء، ومن رواها
بتحريك التاء فإِنما هو على ما ذكر من التخفيف؛ قال ابن بري: والصحيح في هذا
البيت وفي بيت خُفاف بن نَدبة يَتَقي وأَتَقي، بفتح التاء لا غير، قال:
وقد أَنكر أَبو سعيد تَقَى يَتْقي تَقْياً، وقال: يلزم أَن يقال في الأَمر
اتْقِ، ولا يقال ذلك، قال: وهذا هو الصحيح. التهذيب. اتَّقى كان في
الأَصل اوْتَقى، والتاء فيها تاء الافتعال فأُدغمت الواو في التاء وشددت فقيل
اتَّقى، ثم حذفوا أَلف الوصل والواو التي انقلبت تاء فقيل تَقى يَتْقي
بمعنى استقبل الشيء وتَوَقَّاه، وإِذا قالوا اتَّقى يَتَّقي فالمعنى أَنه
صار تَقِيّاً، ويقال في الأَول تَقى يَتْقي ويَتْقي. ورجل وَقِيٌّ تَقِيٌّ
بمعنى واحد. وروي عن أَبي العباس أَنه سمع ابن الأَعرابي يقول: واحدة
التُّقى تُقاة مثل طُلاة وطُلًى، وهذان الحرفان نادران؛ قال الأَزهري:
وأَصل الحرف وَقى يَقي، ولكن التاءَ صارت لازمة لهذه الحروف فصارت كالأَصلية،
قال: ولذلك كتبتها في باب التاء. وفي الحديث: إِنما الإِمام جُنَّة
يُتَّقى به ويُقاتَل من ورائه أَي أَنه يُدْفَعُ به العَدُوُّ ويُتَّقى
بقُوّته، والتاءُ فيها مبدلة من الواو لأن أَصلها من الوِقاية، وتقديرها
اوْتَقى، فقلبت وأُدغمت، فلما كثر استعمالُها توهموا أَن التاءَ من نفس الحرف
فقالوا اتَّقى يَتَّقي، بفتح التاء فيهما.
(* قوله«فقالوا اتقي يتقي بفتح
التاء فيهما» كذا في الأصل وبعض نسخ النهاية بألفين قبل تاء اتقى. ولعله
فقالوا: تقى يتقي، بألف واحدة، فتكون التاء مخففة مفتوحة فيهما. ويؤيده
ما في نسخ النهاية عقبه: وربما قالوا تقى يتقي كرمى يرمي.) وفي الحديث:
كنا إِذا احْمَرَّ البَأْسُ اتَّقَينا برسولِ الله،صلى الله عليه وسلم،
أَي جعلناه وِقاية لنا من العَدُوّ قُدَّامَنا واسْتَقْبَلْنا العدوَّ به
وقُمْنا خَلْفَه وِقاية. وفي الحديث: قلتُ وهل للسَّيفِ من تَقِيَّةٍ؟
قال: نَعَمْ، تَقِيَّة على أَقذاء وهُدْنةٌ على دَخَنٍ؛ التَّقِيَّةُ
والتُّقاةُ بمعنى، يريد أَنهم يَتَّقُون بعضُهم بعضاً ويُظهرون الصُّلْحَ
والاتِّفاق وباطنهم بخلاف ذلك. قال: والتَّقْوى اسم، وموضع التاء واو وأَصلها
وَقْوَى، وهي فَعْلى من وَقَيْتُ، وقال في موضع آخر: التَّقوى أَصلها
وَقْوَى من وَقَيْتُ، فلما فُتِحت قُلِبت الواو تاء، ثم تركت التاءُ في
تصريف الفعل على حالها في التُّقى والتَّقوى والتَّقِيَّةِ والتَّقِيِّ
والاتِّقاءِ، قال: والتُّفاةُ جمع، ويجمع تُقِيّاً، كالأُباةِ وتُجْمع
أُبِيّاً، وتَقِيٌّ كان في الأَصل وَقُويٌ، على فَعُولٍ، فقلبت الواو الأُولى
تاء كما قالوا تَوْلج وأَصله وَوْلَج، قالوا: والثانية قلبت ياء للياءِ
الأَخيرة، ثم أُدغمت في الثانية فقيل تَقِيٌّ، وقيل: تَقيٌّ كان في الأَصل
وَقِيّاً، كأَنه فَعِيل، ولذلك جمع على أَتْقِياء. الجوهري: التَّقْوى
والتُّقى واحد، والواو مبدلة من الياءِ على ما ذكر في رَيّا. وحكى ابن بري
عن القزاز: أَن تُقًى جمع تُقاة مثل طُلاةٍ وطُلًى. والتُّقاةُ:
التَّقِيَّةُ، يقال: اتَّقى تَقِيَّةً وتُقاةً مثل اتَّخَمَ تُخَمةً؛ قال ابن بري:
جعلهم هذه المصادر لاتَّقى دون تَقى يشهد لصحة قول أَبي سعيد المتقدّم
إنه لم يسمع تَقى يَتْقي وإِنما سمع تَقى يَتَقي محذوفاً من اتَّقى.
والوِقايةُ التي للنساءِ، والوَقايةُ، بالفتح لغة، والوِقاءُ والوَقاءُ: ما
وَقَيْتَ به شيئاً.
والأُوقِيَّةُ: زِنةُ سَبعة مَثاقِيلَ وزنة أَربعين درهماً، وإن جعلتها
فُعْلِيَّة فهي من غير هذا الباب؛ وقال اللحياني: هي الأُوقِيَّةُ وجمعها
أَواقِيُّ، والوَقِيّةُ، وهي قليلة، وجمعها وَقايا. وفي حديث النبي، صلى
الله عليه وسلم: أَنه لم يُصْدِق امْرأَةً من نِسائه أَكثر من اثنتي
عشرة أُوقِيَّةً ونَشٍّ؛ فسرها مجاهد فقال: الأُوقِيَّة أَربعون درهماً،
والنَّشُّ عشرون. غيره: الوَقيَّة وزن من أَوزان الدُّهْنِ، قال الأَزهري:
واللغة أُوقِيَّةٌ، وجمعها أَواقيُّ وأَواقٍ. وفي حديث آخر مرفوع: ليس
فيما دون خمس أَواقٍ من الوَرِق صَدَقَةٌ؛ قال أَبو منصور: خمسُ أَواقٍ
مائتا دِرْهم، وهذا يحقق ما قال مجاهد، وقد ورد بغير هذه الرواية: لا صَدَقة
في أَقَلَّ مِن خمسِ أَواقِي، والجمع يشدَّد ويخفف مثل أُثْفِيَّةٍ
وأَثافِيَّ وأثافٍ، قال: وربما يجيء في الحديث وُقِيّة وليست بالعالية وهمزتها
زائدة، قال: وكانت الأُوقِيَّة قديماً عبارة عن أَربعين درهماً، وهي في
غير الحديث نصف سدس الرِّطْلِ، وهو جزء من اثني عشر جزءاً، وتختلف
باختلاف اصطلاح البلاد. قال الجوهري: الأُوقيَّة في الحديث، بضم الهمزة وتشديد
الياء، اسم لأَربعين درهماً، ووزنه أُفْعولةٌ، والأَلف زائدة، وفي بعض
الروايات وُقِية، بغير أَلف، وهي لغة عامية، وكذلك كان فيما مضى، وأَما
اليوم فيما يَتعارَفُها الناس ويُقَدِّر عليه الأَطباء فالأُوقية عندهم عشرة
دراهم وخمسة أَسباع درهم، وهو إِسْتار وثلثا إِسْتار، والجمع الأَواقي،
مشدداً، وإِن شئت خففت الياء في الجمع. والأَواقِي أَيضاً: جمع واقِيةٍ؛
وأَنشد بيت مهَلْهِلٍ: لقدْ وَقَتْكَ الأَواقِي، وقد تقدّم في صدر هذه
الترجمة، قال: وأَصله ووَاقِي لأَنه فَواعِل، إِلا أَنهم كرهوا اجتماع
الواوين فقلبوا الأُولى أَلفاً.
وسَرْجٌ واقٍ: غير مِعْقَر، وفي التهذيب: لم يكن مِعْقَراً، وما
أَوْقاه، وكذلك الرَّحْل، وقال اللحياني: سَرْجٌ واقٍ بَيّن الوِقاء، مدود،
وسَرجٌ وَقِيٌّ بيِّن الوُقِيِّ. ووَقَى من الحَفَى وَقْياً: كوَجَى؛ قال
امرؤ القيس:
وصُمٍّ صِلابٍ ما يَقِينَ مِنَ الوَجَى،
كأَنَّ مَكانَ الرِّدْفِ منْه علَى رالِ
ويقال: فرس واقٍ إِذا كان يَهابُ المشيَ من وَجَع يَجِده في حافِره، وقد
وَقَى يَقِي؛ عن الأَصمعي، وقيل: فرس واقٍ إِذا حَفِيَ من غِلَظِ
الأَرضِ ورِقَّةِ الحافِر فَوَقَى حافِرُه الموضع الغليظ؛ قال ابن
أَحمر:تَمْشِي بأَوْظِفةٍ شِدادٍ أَسْرُها،
شُمِّ السّنابِك لا تَقِي بالجُدْجُدِ
أَي لا تشتكي حُزونةَ الأَرض لصَلابة حَوافِرها. وفرس واقِيةٌ: للتي بها
ظَلْعٌ، والجمع الأَواقِي. وسرجٌ واقٍ إِذا لم يكن مِعْقَراً. قال ابن
بري: والواقِيةُ والواقِي بمعنى المصدر؛ قال أَفيون التغْلبي:
لَعَمْرُك ما يَدْرِي الفَتَى كيْفَ يتَّقِي،
إِذا هُو لم يَجْعَلْ له اللهُ واقِيا
ويقال للشجاع: مُوَقًّى أَي مَوْقِيٌّ جِدًّا. وَقِ على ظَلْعِك أَي
الزَمْه وارْبَعْ عليه، مثل ارْقَ على ظَلْعِك، وقد يقال: قِ على ظَلْعِك
أَي أَصْلِحْ أَوَّلاً أَمْرَك، فتقول: قد وَقَيْتُ وَقْياً ووُقِيّاً.
التهذيب: أَبو عبيدة في باب الطِّيرَةِ والفَأْلِ: الواقِي الصُّرَدُ مثل
القاضِي؛ قال مُرَقِّش:
ولَقَدْ غَدَوْتُ، وكنتُ لا
أَغْدُو، على واقٍ وحاتِمْ
فَإِذا الأَشائِمُ كالأَيا
مِنِ، والأَيامِنُ كالأَشائِمْ
قال أَبو الهيثم: قيل للصُّرَد واقٍ لأَنه لا يَنبَسِط في مشيه، فشُبّه
بالواقِي من الدَّوابِّ إِذا حَفِيَ. والواقِي: الصُّرَدُ؛ قال خُثَيْمُ
بن عَدِيّ، وقيل: هو للرَّقَّاص
(* قوله« للرقاص إلخ» في التكملة: هو لقب
خثيم بن عدي، وهو صريح كلام رضي الدين بعد) الكلبي يمدح مسعود بن بَجْر،
قال ابن بري: وهو الصحيح:
وجَدْتُ أَباكَ الخَيْرَ بَجْراً بِنَجْوةٍ
بنَاها له مَجْدٌ أَشَمٌّ قُماقِمُ
وليس بِهَيَّابٍ، إِذا شَدَّ رَحْلَه،
يقول: عَدانِي اليَوْمَ واقٍ وحاتِمُ،
ولكنه يَمْضِي على ذاكَ مُقْدِماً،
إِذا صَدَّ عن تلكَ الهَناتِ الخُثارِمُ
ورأَيت بخط الشيخ رَضِيِّ الدين الشاطبي، رحمه الله، قال: وفي جمهرة
النسب لابن الكلبي وعديّ بن غُطَيْفِ بن نُوَيْلٍ الشاعر وابنه خُثَيْمٌ،
قال: وهو الرَّقَّاص الشاعر القائل لمسعود بن بحر الزُّهريّ:
وجدتُ أَباك الخير بحراً بنجوة
بناها له مجدٌ أَشم قُماقمُ
قال ابن سيده: وعندي أَنَّ واقٍ حكاية صوته، فإِن كان ذلك فاشتقاقه غير
معروف. قال الجوهريّ: ويقال هو الواقِ، بكسر القاف بلا ياء، لأَنه سمي
بذلك لحكاية صوته.
وابن وَقاء أَو وِقاء: رجل من العرب، والله أَعلم.
جلحط: الجِلْحِطاء: الأَرض التي لا شجر فيها، وقيل: هي الجِلْحِظاء،
بالظاء المعجمة، وقيل: هي الجِلْخِطاء، بالخاء المعجمة والطاء غير المعجمة،
وقيل: هي الحَزْنُ؛ عن السيرافي.
وشغ: الوَشُوغُ: ما يجعل من الدّواء في الفّم، وقد أَوْشَغَه. وشيء
وَشْغ، بالتسكين، أَي قليل وَتْحٌ. والوَشِيغُ: القليل كالوَتْحِ. وقد
أَوْشَغَ عَطِيَّتَه أَي أَوْتَحَها؛ قال رؤبة:
ليْسَ كإِيشاغِ القَلِيلِ المُوشَغِ
بِمَدفَقِ الغَرْبِ، رَحيبِ المَفْرَغِ
والوَشْغُ: الكثير من كل شيء؛ عن كراع وجمعه وَشُوغٌ.
وتَوَشَّغَ فلان بالسَّوء إذا تَلَطَّخَ به ؛ قال القُلاخُ:
إني امْرُؤٌ لم أَتَوَشَّغْ بالكَذِبْ
ابن الأَعرابي: أَوْشَغَتِ الناقةُ ببَولها وأَوْزَغَتْ وأَزْغَلَتْ إذا
قَطَّعَتْه فَرمت به زُغْلَة. واسْتَوْشَغَ فلان إذا اسْتَقى بِدَلْوٍ
واهِيةٍ، وهو الاسْتِنْشاغُ.
سعط: السُّعُوطُ والنُّشُوقُ والنُّشُوغُ في الأَنف، سعَطَه الدّواءَ
يَسْعَطُه ويَسْعُطُه سَعْطاً، والضم أَعلى، والصاد في كل ذلك لغة عن
اللحياني، قال ابن سيده: وأَرى هذا إِنما هو على المُضارَعة التي حكاها سيبويه
في هذا وأَشبهه. وفي الحديث: شَرِبَ الدّواء واسْتَعَطَ، وأَسْعَطَه
الدّواءَ أَيضاً، كلاهما: أَدخله أَنفه، وقد اسْتَعَطَ. أَسْعَطْتُ الرجُلَ
فاسْتَعَطَ هو بنفسه.
والسَّعُوطُ، بالفتح، والصَّعوطُ: اسم الدواء يُصبُّ في الأَنف.
والسَّعِيطُ والمِسْعَطُ والمُسْعُطُ: الإِناء يجعل فيه السَّعُوط ويصب
منه في الأَنف، الأَخير نادر إِنما كان حكمه المِسْعَطَ، وهو أَحد ما جاء
بالضم مما يُعْتَملُ به. وأَسْعَطْتُه الرُّمْحَ إِذا طَعَنْتَه في
أَنفه، وفي الصحاح: في صدره.
ويقال: أَسْعَطْتُه علماً إِذا بالغت في إِفْهامه وتكرير ما تُعلِّمه
عليه. واسْتَعَطَ البعيرُ: شَمَّ شيئاً من بول الناقة ثم ضربها فلم
يُخْطِئ اللقح، فهذا قد يكون أَن يَشَمَّ شيئاً من بولها أَو يدخل في أَنفه منه
شيء.
والسَّعِيطُ والسُّعاطُ: ذَكاء الرِّيح وحِدَّتُها ومُبالَغَتُها في
الأَنف. والسُّعاط والسَّعِيطُ: الريح الطيبة من الخمر وغيرها من كل شيء،
وتكون من الخَرْدَل. والسَّعِيطُ: دُهْنُ البان؛ وأَنشد ابن بري للعجاج يصف
شَعَرَ امرأَة:
يُسْقَى السَّعِيطَ من رُفاضِ الصَّنْدَلِ
(* قوله «من رفاض» تقدّم للمؤلف في مادة رفض: في رفاض.)
والسَّعِيطُ: دُرْدِيُّ الخمر؛ قال الشاعر:
وطِوالِ القُرُونِ في مُسْبَكِرٍّ،
أُشْرِبَتْ بالسَّعِيطِ والسَّبَّابِ
(* قوله «والسباب» كذا في الأصل بموحدتين مضبوطاً، وفي شرح القاموس بياء
تحتية ثم موحدة، والسياب البلح أَو البسر.)
والسَّعِيطُ: دُهْنُ الخَرْدل ودهن الزنبقِ. وقال أَبو حنيفة:
السَّعِيطُ البانُ. وقال مرة: السُّعوط من السَّعْطِ كالنُّشوق من النشق. ويقال:
هو طيب السُّعوطِ والسُّعاطِ والإِسْعاطِ؛ وأَنشد يصف إِبلاً وأَلبانها:
حَمْضِيَّة طَيِّبة السُّعاطِ
وفي حديث أُمّ قيس بنت مِحْصَنٍ قالت: دخلت بابنٍ لي على رسول اللّه،
صلّى اللّه عليه وسلّم، وقد أَعْلَقْتُ من العُذْرةِ، فقال: عَلامَ
تَدْغَرْن أَوْلادَكُنَّ؟ عليكنَّ بهذا العُود الهِنديّ فإِنَّ فيه سبعةَ
أَشَْفِيةٍ: يُسْعَطُ من العُذْرة، ويُلَدُّ من ذاتِ الجَنْبِ...
نفع: في أَسماء الله تعالى النافِعُ: هو الذي يُوَصِّلُ النفْعَ إِلى مَن
يشاء من خلْقه حيث هو خالِقُ النفْعِ والضَّرِّ والخيْرِ والشرِّ.
والنفْعُ: ضِدُّ الضرِّ، نَفَعَه يَنْفَعُه نَفْعاً ومَنْفَعةً؛ قال:
كَلاً، مَنْ مَنْفَعَتي وضَيْري
بكَفِّه، ومَبْدَئي وحَوْرِي
وقال أَبو ذؤيب:
قالت أُمَيْمةُ: ما لجِسْمِكَ شاحِباً،
مُنْذُ ابْتَذَلْتَ، ومِثْلُ مالِكَ يَنْفَعُ؟
أَي اتَّخِذْ مَنْ يَكْفِيكَ فمثل مالِكَ ينبغي أَن تُوَدِّعَ نَفْسَكَ
به. وفلان يَنْتَفِعُ بكذا وكذا، ونَفَعْتُ فُلاناً بكذا فانْتَفَعَ به.
ورجل نَفُوعٌ ونَفّاعٌ: كثيرُ النَّفْعِ، وقيل: يَنْفَع الناسَ ولا
يَضُرُّ. والنَّفِيعةُ والنُّفاعةُ والمَنْفَعةُ: اسم ما انْتَفِعَ به. ويقال:
ما عندهم نَفِيعةٌ أَي مَنْفَعةٌ. واسْتَنْفَعَه: طلب نَفْعَه؛ عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
ومُسْتَنْفِعٍ لَمْ يَجْزِه بِبَلائِه
نَفَعْنا، ومَوْلًى قد أَجَبْنا لِيُنْصَرا
والنِّفْعةُ: جِلْدةٌ تشق فتجعل في جانبِي المَزادِ وفي كل جانب
نِفْعةٌ، والجمع نِفْعٌ ونِفَعٌ؛ عن ثعلب. وفي حديث ابن عمر: أَنه كان يشرب من
الإِداوةِ ولا يَخْنِثُها ويُسَمِّيها نَفْعةَ؛ قال ابن الأَثير: سمَّاها
بالمرَّة الواحدة من النَّفْعِ ومنعها الصرف للعلَمية والتأْنيث، وقال:
هكذا جاء في الفائق، فإِن صح النقل وإِلا فما أَشبَهَ الكلمة أَن تكون
بالقاف من النَّقْعِ وهو الرَّيُّ. والنَّفْعةُ: العَصا، وهي فَعْلةٌ من
النَّفْعِ. وأَنْفَعَ الرجلُ إِذا تَجِرَ في النَّفعاتِ، وهي العِصِيُّ.
ونافِعٌ ونَفّاعٌ ونُفَيْعٌ: أَسماء؛ قال ابن الأَعرابي: نُفَيْعٌ شاعر
من تَمِيم، فإِما أَن يكون تَصْغِيرَ نَفْع وإِما أَن يكون تصغير نافِعٍ
أَو نَفّاعٍ بعد الترخيم.
برق: قال ابن عباس: البَرْقُ سَوط من نور يَزجرُ به الملَكُ السحاب.
والبَرْقُ: واحد بُروق السحاب. والبَرقُ الذي يَلمع في الغيم، وجمعه بُروق.
وبرَقت السماء تَبْرُق بَرْقاً وأَبْرَقتْ: جاءَت بِبَرق. والبُرْقةُ:
المِقْدار من البَرْق، وقرئ: يكاد سنَا بُرَقِه، فهذا لا محالة جمع
بُرْقة. ومرت بنا الليلةَ سحابة برّاقة وبارقةٌ أَي سحابة ذات بَرْق؛ عن
اللحياني. وأَبْرَق القوم: دخلوا في البَرْق، وأَبرقُوا البرْق: رأَوْه؛ قال
طُفَيْل:
ظعائن أَبْرَقْنَ الخَرِيفَ وشِمْنَه،
وخِفْنَ الهُمامَ أَن تُقاد قَنَابِلُهْ
قال الفارسي: أَراد أَبْرَقْن بَرْقه. ويقال: أَبرقَ الرجل إذا أَمَّ
البرقَ أَي قصَده. والبارِقُ: سحاب ذو بَرْق. والسحابة بارقةٌ، وسحابةٌ
بارقة: ذات بَرق. ويقال: ما فعلت البارقة التي رأَيتَها البارحة؟ يعني
السحابة التي يكون فيها بَرق؛ عن الأَصمعي. بَرَقَت السماء ورعَدَت بَرَقاناً
أَي لَمَعَت. وبرَق الرَّجل ورعَد يرعُد إذا تهدّد؛ قال ابن أَحمر:
يا جَلَّ ما بَعُدَتْ عليكَ بِلادُنا
وطِلابُنا، فابْرُقْ بأَرْضِكَ وارْعُدِ
وبرَق الرجل وأبرَق: تهدَّد وأَوْعد، وهو من ذلك، كأَنه أَراه
مَخِيلةَ الأَذى كما يُري البرقُ مخيلةَ المطَر؛ قال ذو الرمة:
إذا خَشِيَتْ منه الصَّرِيمة، أَبرَقَتْ
له بَرْقةً من خُلَّبٍ غير ماطِرِ
جاء بالمصدر على برَقَ لإن أَبْرَقَ وبرَق سواء، وكان الأَصمعي ينكر
أَبْرق وأَرعد ولم يك يرى ذا الرُّمة حُجةً؛ وكذلك أَنشد بيت الكميت:
أَبْرِقْ وأَرْعِد يا يزيـ
ـدُ، فما وَعِيدُك لي بِضائرْ
فقال: هو جُرْمُقانِيّ. الليث: البَرق دخِيل في العربية وقد استعملوه،
وجمعه البِرْقان. وأَرْعَدْنا وأَبْرَقْنا بمكان كذا وكذا أَي رأَينا
البرق والرعد. ويقال: برْق الخُلَّبِ وبرقُ خُلَّبٍ، بالإضافة، وبرقٌ خُلَّبٌ
بالصفة، وهو الذي ليس فيه مطر. وأَرعَد القومُ وأَبرَقُوا أَي أَصابهم
رَعْد وبَرق. واستَبْرَقَ المكانُ إذا لَمَع بالبرق؛ قال الشاعر:
يَسْتَبْرِقُ الأُفُقُ الأَقصَى، إذا ابْتَسَمَتْ،
لَمْعَ السُّيُوفِ، سِوَى أَغْمادِها، القُضُبِ
وفي صفة أَبي إدريسَ: دخلْت مسجد دِمَشْقَ فإذا فتى بَرّاقُ الثنايا؛
وصَف ثناياه بالحُسن والضِّياء
(*قوله «والضياء» الذي في النهاية: والصفاء)
وأنها تَلْمَع إذا تبسَّم كالبرق، أَراد صفة وجهه بالبِشْر والطَّلاقة؛
ومنه الحديث: تَبْرقُ أَساريرُ وجههِ أَي تلمع وتَسْتَنِيرُ كالبَرْق.
بَرق السيفُ وغيره يَبْرُق بَرْقاً وبَرِيقاً وبرُوقاً وبَرَقاناً: لمَع
وتَلأْلأَ، والاسم البَريق. وسيفٌ إبْريق: كثير اللَّمَعان والماء؛ قال ابن
أَحمر:
تَعَلَّق إبْرِيقاً، وأَظهر جَعْبةً
ليُهْلِكَ حَيّاً ذا زُهاء وجامِلِ
والإبْريقُ: السيفُ الشديدُ البَرِيق؛ عن كراع، قال: سمي به لفعله،
وأَنشد البيت المتقدم؛ وقال بعضهم: الإبريق السيف ههنا، سمي به لبَرِيقِه ،
وقال غيره: الإبريق ههنا قَوْس فيه تَلامِيعُ. وجاريةٌ إبريقٌ: برّاقة
الجسم. والبارِقةُ: السيوفُ على التشبيه بها لبياضها. ورأَيت البارِقةَ أي
بريقَ السلاح؛ عن اللحياني. وفي الحديث: كفى ببارقة السيوف على رأْسه
فتنةً أي لَمَعانِها. وفي حديث عَمّار، رضي الله عنه: الجنةُ تحت البارقة أي
تحت السيوف. يقال للسلاح إذا رأيت برِيقَه: رأيتُ البارقة. وأبرَق الرجل
إذا لمع بسيفه وبَرق به أيضاً، وأبرَق بسيفه يُبْرق إذا لمع به. ولا
أَفعله ما برَق في السماء نجم أَي ما طلع، عنه أَيضاً، وكله من البرق.
والبُراق: دابّة يركبها الأَنبياء، عليهم السلام، مشتقة من البَرْق،
وقيل: البراق فرس جبريل، صلى الله على نبينا وعليه وسلم. الجوهري: البراق
اسم دابة ركبها سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليلة المِعْراج،
وذُكر في الحديث قال: وهو الدابة التي ركبها ليلة الإسْراء؛ سمي بذلك لنُصوع
لونه وشدَّة بريقه، وقيل: لسُرعة حركته شبهه فيها بالبَرْق.
وشيءٌ برّاقٌ: ذو بَرِيق. والبُرقانة: دُفْعة
(*قوله «والبرقانة دفعة»
ضبطت في الأصل الباء بالضم.) البريق. ورجل بُرْقانٌ: بَرَّاقُ البدن.
وبرَّقَ بصَرَه: لأْلأَ به. الليث: برَّق فلان بعينيه تَبْريقاً إذا لأْلأَ
بهما من شدَّة النظر؛ وأَنشد:
وطَفِقَتْ بعَيْنِها تَبْريقا
نحوَ الأَميرِ، تَبْتَغي تَطْليقا
وبرَّقَ عينيه تبريقاً إذا أَوسَعَهما وأَحدَّ النظر. وبرَّق: لوَّح
بشيء ليس له مِصْداق، تقول العرب: برَّقْت وعرَّقْت؛ عرَّقْتُ أَي قلَّلت.
وعَمِل رجل عَمَلاً فقال له صاحبه: عرَّفْتَ وبرَّقت لوَّحتَ بشيء ليس له
مِصداق. وبَرِقَ بصرُه بَرَقاً وبرَق يبرُق بُرُوقاً؛ الأَخيرة عن
اللحياني: دَهِشَ فلم يبصر، وقيل: تحيَّر فلم يَطْرِفْ؛ قال ذو الرمة:
ولو أنَّ لُقمانَ الحَكيمَ تَعَرَّضَتْ
لعَينيْهِ مَيٌّ سافِراً، كادَ يَبْرَقُ
وفي التنزيل: فإذا بَرِقَ البصر، وبَرَقَ، قُرئ بهما جميعاً؛ قال
الفراء: قرأَ عاصم وأَهل المدينة برِق، بكسر الراء، وقرأَها نافع وحده برَق،
بفتح الراء، من البَريق أَي شخَص، ومن قرأَ بَرِقَ فمعناه فَزِع؛ وأَنشد
قول طرَفة:
فنَفْسَكَ فانْعَ ولا تَنْعَني،
وداوِ الكُلومَ ولا تَبْرَقِ
يقول: لا تَفزَعْ من هَوْل الجِراح التي بك، قال: ومن قرأَ بَرَق يقول
فتح عينيه من الفزَع، وبرَقَ بصرُه أيضاً كذلك.
وأَبرَقَه الفزَعُ. والبَرَقُ أيضاً: الفزع. ورجل بَرُوقٌ: جَبان. ثعلب
عن ابن الأَعرابي: البُرْقُ الضِّبابُ، والبُرْقُ العين المُنْفتحة. وفي
حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: لكل داخل بَرْقة أَي دَهْشة، والبَرَقُ:
الدهِشُ. وفي حديث عَمرو: أَنه كتب إلى عمر، رضي الله عنهما: إنَّ البحر
خَلْق عظيم يَرْكبه خَلق ضَعيف دُود على عُود بين غرَق وبَرَق؛ البَرَقُ،
بالتحريك: الحَيْرة والدهَش. وفي حديث الدعاء: إذا برقت الأَبصار، يجوز
كسر الراء وفتحها، فالكسر بمعنى الحَيْرة، والفتح بمعنى البريق اللُّموع.
وفي حديث وَحْشِيّ: فاحتمله حتى إذا برِقَت قدماه رمَى به أَي ضَعُفتا
وهو من قولهم برَق بصره أَي ضعف.
وناقة بارق: تَشَذَّرُ بذنبها من غير لقَح؛ عن ابن الأَعرابي. وأَبرَقَت
الناقةُ بذَنبها، وهي مُبرِق وبَرُوقٌ؛ الأَخيرة شاذة: شالت به عند
اللَّقاح، وبرَقت أَيضاً، ونُوق مَبارِيقُ؛ وقال اللحياني: هو إذا شالَت
بذنبها وتلقَّحت وليست بلاقح. وتقول العرب: دَعْني من تَكْذابِك وتأْثامك
شَوَلانَ البَرُوق؛ نصب شولان على المصدر أَي أَنك بمنزلة الناقة التي
تُبْرِق بذنبها اي تشولُ به فتوهمك أَنها لاقح، وهي غير لاقح، وجمع البَرُوق
بُرْقٌ. وقول ابن الأَعرابي، وقد ذكر شهرَزُورَ: قبّحها الله إنّ رجالها
لنُزْق وإنَّ عقاربها لبُرْق أَي أَنها تشول بأَذنابها كما تشول الناقة
البَروق. وأَبرقت المرأَة بوجهها وسائر جسمها وبرَقت؛ الأَخيرة
(*قوله
«الاخيرة إلخ» ضبطت في الأصل بتخفيف الراء، ونسب في شرح القاموس برّقت
مشددة للحياني.) عن اللحياني، وبرَّقَت إذا تعرَّضت وتحسَّنت، وقيل:
أَظْهرته على عَمْد؛ قال رؤبة:
يَخْدَعْنَ بالتبْريق والتأَنُّث
وامرأَة برَّاقة وإبْريق: تفعل ذلك. اللحياني: امرأَة إبريق إذا كانت
برَّاقة. ورعَدت المرأَة وبرَقَت أَي تزيَّنت.
والبُرْقانةُ: الجَرادة المتلوّنة، وجمعها بُرْقانٌ.
والبُرْقةُ والبَرْقاء: أَرض غليظة مختلطة بحجارة ورمل، وجمعها بُرَقٌ
وبِراقٌ، شبهوه بِصِحاف لأَنه قد استعمل استعمال الأَسماء، فإذا اتسعت
البُرقة فهي الأَبْرَقُ، وجمعه أَبارق، كسِّر تكسير الأَسماء لغلبته.
الأَصمعي: الأَبْرقُ والبَرْقاء غِلَظ فيه حجارة ورمل وطين مختلطة، وكذلك
البُرْقة، وجمع البَرقاء بَرْقاوات، وتجمع البُرقة بِراقاً. ويقال: قُنْفُذُ
بُرْقةٍ كما يقال ضَبُّ كُدْية، والجمع بُرَقٌ.
وتَيْسٌ أَبرقُ: فيه سواد وبياض. قال اللحياني: من الغنم أَبرق وبَرقاء
للأُنثى، وهو من الدوابّ أَبلَق وبَلْقاء، ومن الكلاب أَبقَع وبَقْعاء.
وفي الحديث: أَبْرِقُوا فإنَّ دمَ عَفْراء أَزكى عند الله من دم
سَوْداوين، أَي ضَحُّوا بالبرقاء، وهي الشاة التي في خِلال صوفها الأَبيض طاقات
سود، وقيل: معناه اطلُبوا الدَّسَمَ والسِّمَن، من بَرَقْت له إذا دسَّمْتَ
طعامه بالسمْن. وجبَل أَبرقُ: فيه لونانِ من سواد وبياض، ويقال للجبَل
أَبرقُ لبُرْقة الرمل الذي تحته. ابن الأَعرابي: الأَبرقُ الجبل مخلوطاً
برمل، وهي البُرْقةُ ذاتُ حجارة وتراب، وحجارتها الغالب عليها البياض
وفيها حجارة حُمر وسود، والترابُ أَبيض وأَعْفر وهو يَبْرُقُ لك بلوْن
حجارتها وترابها، وإنما بَرْقُها اختلافُ ألوانها، وتُنْبِت أَسنادُها وظهرُها
البقْلَ والشجر نباتاً كثيراً يكون إلى جنبها الرَّوضُ أحياناً؛ ويقال
للعين بَرْقاء لسواد الحَدقة مع بياض الشحْمة؛ وقول الشاعر:
بمُنْحَدِرٍ من رأْسِ بَرْقاءَ، حَطَّه
تذَكُّرُ بَيْنٍ من حَبِيبٍ مُزايِلِ
(*قوله «تذكر» في الصحاح: مخافة).
يعني دَمْعاً انحدَرَ من العين، وفي المحكم: أَراد العين لاختلاطها
بلونين من سواد وبياض. ورَوْضة بَرْقاء: فيها لونان من النبْت؛ أَنشد
ثعلب:لدى رَوْضةٍ قَرْحاءَ بَرْقاء جادَها،
من الدَّلْوِ والوَسْمِيِّ، طَلٌّ وهاضِبُ
ويقال للجراد إذا كان فيه بياض وسواد: بُرْقانٌ؛ وكلُّ شيء اجتمع فيه
سواد وبياض، فهو أَبْرق. قال ابن برّي: ويقال للجَنادِب البُرْقُ؛ قال
طَهْمان الكلابي:
قَطَعْت، وحِرْباء الضُّحى مُتَشَوِّسٌ،
ولِلْبُرْقِ يَرْمَحْنَ المِتانَ نَقِيقُ
والنَّقِيق: الصَّرِير. أبو زيد: إذا أَدَمْتَ الطعام بدَسَم قليل قلت
بَرَقْتُه أَبْرُقُه بَرْقاً. والبُرْقةُ: قِلَّة الدسَم في الطعام.
وبَرَقَ الأُدْمَ بالزيت والدسَم يَبْرُقُه بَرْقاً وبُروقاً: جعل فيه شيئاً
يسيراً، وهي البَريقة، وجمعها بَرائقُ، وكذلك التبارِيقُ. وبرَق الطعامَ
يبرُقه إذا صب فيه الزيت.
والبَريقةُ: طعام فيه لبن وماء يُبْرَقُ بالسمْن والإهالةِ؛ ابن السكيت
عن أَبي صاعد: البَرِيقةُ وجمعها بَرائقُ وهي اللبن يُصَبُّ عليه إهالةٌ
أو سمن قليل. ويقال: ابْرُقوا الماء بزيت أي صبُّوا عليه زيتاً قليلاً.
وقد بَرَقُوا لنا طعاماً بزيت أو سمْن برْقاً: وهو شيء منه قليل لم
يُسَغْسِغُوه أَي لم يُكثروا دُهْنه. المُؤرِّج: بَرَّق فلان تبريقاً إذا سافر
سفراً بعيداً، وبَرَّقَ منزله أي زَيَّنه وزَوَّقَه، وبرَّقَ فلان في
المعاصي إذا أَلَحَّ فيها، وبَرَّق لي الأَمْرُ أي أعْيا علَيَّ. وبَرَق
السِّقاءُ يَبْرُق بَرْقاً وبُروقاً: أصابه حرٌّ فذابَ زُبْده وتقطَّع فلم
يجتمع. يقال: سِقاء بَرِقٌ.
والبُرَقِيُّ: الطُّفَيْلِيُّ، حجازيَّة.
والبَرَقُ: الحَمَلُ، فارسيّ معرّب، وجمعه أبْراقٌ وبِرْقانٌ وبُرقان.
وفي حديث الدجال: أن صاحِبَ رايتِه في عَجْب ذَنبه مثل أَلْيةِ البَرَقِ
وفيه هُلْباتٌ كهُلْبات الفرس؛ البرق، بفتح الباء والراء: الحمَل، وهو
تعريب بَرَهْ بالفارسية. وفي حديث قتادة: تسُوقُهم النارُ سَوقَ البَرَقِ
الكَسِير أي المكسور القَوائم يعني تسوقهم النار سَوْقاً رَفِيقاً كما
يُساق الحَمَل الظالع.
والإبْرِيقُ: إناء، وجمعه أبارِيقُ، فارسي معرب؛ قال ابن بري: شاهده قول
عديّ بن زيد:
ودَعا بالصَّبُوحِ، يوماً، فجاءَتْ
قَيْنةٌ في يَمينِها إبْرِيقُ
وقال كراع: هو الكُوز. وقال أبو حنيفة مرة: هو الكوز، وقال مرة: هو مثل
الكوز وهو في كل ذلك فارسي. وفي التنزيل: يَطُوف عليهم وِلدان مُخلَّدون
بأَكْواب وأَبارِيقَ؛ وأَنشد أبو حنيفة لشُبْرُمةَ الضَّبِّي:
كأَنَّ أَبارِيقَ الشَّمُولِ عَشِيّةً
إوَزٌّ بأَعْلى الطَّفِّ، عُوجُ الحناجِرِ
والعرب تشبه أبارِيقَ الخمر برقاب طير الماء؛ قال أبو الهِنْدِيّ:
مُفَدَّمة قَزّاً، كأنَّ رِقابَها
رِقابُ بناتِ الماء أَفْزَعَها الرَّعْد
وقال عدي بن زيد:
بأَبارِيقَ شِبْهِ أَعْناقِ طَيْرِ الـ
ـماءِ قد جِيبَ، فوْقَهُنَّ، حَنِيفُ
ويشبهون الإبْرِيق أيضاً بالظبي؛ قال عَلْقَمةُ بن عَبْدة:
كأَنَّ إبْرِيقَهم ظبيٌ على شَرَفٍ،
مُفَدَّمٌ بِسَبا الكَتّانِ مَلْثُومُ
وقال آخر
كأنَّ أبارِيقَ المُدامِ لدَيْهِمُ
ظِباء، بأعْلى الرَّقْمَتَيْنِ، قِيامُ
وشبّه بعضُ بني أسد أُذن الكُوز بياء حطِّي؛ فقال أبو الهندي
اليَرْبوعِيّ:
وصُبِّي في أُبَيْرِقٍ مَلِيحٍ،
كأنَّ الأُذْن منه رَجْعُ حُطِّي
والبَرْوَقُ: ما يكْسُو الأَرض من أَوّل خُضْرة النبات، وقيل: هو نبت
معروف؛ قال أبو حنيفة: البَرْوَقُ شجر ضعيف له ثمر حبٌّ أسود صغار، قال:
أَخبرني أَعرابي قال: البَرْوَقُ نبت ضعيف رَيّانُ له خِطَرةٌ دِقاقٌ، في
رُؤوسِها قَماعِيلُ صِغار مثل الحِمَّص، فيها حبّ أسود ولا يرعاها شيء ولا
تؤكل وحدها لأَنها تُورِث التَّهَبُّجَ؛ وقال بعضهم: هي بقلة سَوْء
تَنْبُت في أوّل البقل لها قَصبة مثل السِّياط وثمرة سَوْداء، واحدته
بَرْوَقة. وتقول العرب: هو أشكَرُ من بَرْوقٍ، وذلك أنه يَعِيشُ بأدْنى ندَّى
يقع من السماء، وقيل: لأَنه يخضرّ إذا رأى السحاب. وبَرِقَت الإبل والغنم،
بالكسر، تَبْرَق بَرَقاً إذا اشْتَكت بُطونها من أكل البَرْوَق؛ ويقال
أيضاً: أضْعفُ من بَرْوقةٍ؛ قال جرير:
كأَنَّ سُيوفَ التَّيْمِ عيدانُ بَرْوَقٍ،
إذا نُضِيَت عنها لحَرْبٍ جُفُونُها
وبارِقٌ وبُرَيْرِقٌ وبُرَيْقٌ وبُرْقان وبَرّاقة: أَسماء. وبنو
أبارِقَ: قبيلة. وبارِقٌ: موضع إليه تُنسب الصِّحافُ البارقية؛ قال أبو
ذؤيب:فما إنْ هُما في صَحْفةٍ بارِقِيّةٍ
جَديدٍ، أُمِرَّتْ بالقَدُومِ وبالصَّقْلِ
أَراد وبالمِصْقلة، ولولا ذلك ما عطَف العرَض على الجَوْهَر. وبِراقٌ:
ماء بالشام؛ قال:
فأَحْمَى رأْسَه بِصَعيدِ عَكٍّ،
وسائرَ خَلْقِه بَجبا بِراقِ
وبارق: قبيلة من اليمن منهم مُعَقَّر بن حِمار البارِقي الشاعر.
وبارِقٌ: موضع قريب من الكوفة؛ ومنه قول أسْود بن يَعْفُرَ:
أرضُ الخَوَرْنَقِ والسَّديرِ وبارِقٍ،
والقَصْرِ ذي الشُّرفاتِ من سِنْدادِ
قال ابن بري: الذي في شعر الأَسود: أَهلِ الخورنق بالخفض؛ وقبله:
ماذا أُؤمِّلُ بعدَ آلِ مُحَرِّقٍ،
تركوا مَنازِلَهم، وبعدَ إيادِ؟
أهلِ الخورنق ... البيت، وخفضُه على البدل من آل، وإن صحت الرواية بأَرض
فينبغي أن تكون منصوبة بدلاً من منازِلَهم. وتُبارِقُ: اسم موضع أيضاً؛
عن أبي عمرو؛ وقال عِمْران بن حِطَّانَ:
عَفا كَنَفا حَوْرانَ من أُمِّ مَعْفَسٍ،
وأقْفَر منها تُسْتَرٌ وتُبارِقُ
(*قوله «حوران» كذا هو في الأصل وشرح
القاموس بالراء، وهي من أعمال دمشق الشام، وحوران ايضاً: ماء بنجد، وأما
حوزان، بالزاي: فناحية من نواحي مرو الروذ من نواحي خراسان، أفاده ياقوت
ولعلها أنسب لقوله تستر).
وبُرْقة: موضع. وفي الحديث ذكر بُرْقةَ، وهو بضم الباء وسكون الراء،
موضع بالمدينة به مال كانت صدَقاتُ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
منها. وذكر الجوهري هنا: الإسْتبرقُ الدّيباجُ الغليظُ، فارسي معرَّب،
وتصغيره أُبَيْرِق.
برزق: البَرازِيقُ: الجماعات، وفي المحكم: جَماعاتُ الناس، وقيل: جماعات
الخيل، وقيل: هم الفُرسان، واحدهم بِرْزِيق، فارسي معرَّب، وقد تحذف
الياء في الجمع؛ قال عُمارة:
أَرْض بها الثِّيرانُ كالبَرازِقِ،
كأَنما يَمْشِينَ في اليَلامِقِ
وفي الحديث: لا تَقوم الساعة حتى يكون الناسُ بَرازِيقَ يعني جماعاتٍ،
ويروى بَرازِقَ، واحده بِرْزاق وبَرْزَقٌ. وفي حديث زياد: ألم تكن منكم
نُهاةٌ يمنعون الناسَ عن كذا وكذا وهذه البَرازِيق؛ وقال جُهَيْنة بن
جُنْدَب بن العَنْبر بن عمرو بن تميم:
رَدَدْنا جَمْعَ سابُورٍ، وأَنتم
بِمَهْواةٍ، مَتالِفُها كثيرُ
تَظَلُّ جِيادنا مُتَمَطِّراتٍ
بَرازِيقاً، تُصَبِّحُ أو تُغِيرُ
يعني جماعات الخيل. وقال زياد: ما هذه البَرازِيقُ التي تتردّد؟
وتَبَرْزَق القومُ: اجتمعوا بلا خيل ولا رِكاب؛ عن الهَجَرِيّ.
والبَرْزَق: نبات؛ قال أبو منصور: هذا منكر وأراه بَرْوقٌ فغُيِّر.
لحك: لَحَكَه لَحْكاً: أَوْجَره الدواء. واللَّحْكُ: والمُلاحَكَةُ:
شدَّةُ التِئَامِ الشَّيءِ بالشَّيء، وقد لُوحِكَ فَتَلاحَكَ، وربما قيل
لَحِكَ لَحَكاً، وهي مُمَاتَةٌ. واللَّحْكُ: مُداخلة الشيء في الشيء
والتزاقه به؛ يقال: لُوحِك فَقارُ ظهره إذا دخل بعضها في بعض. ومُلاحَكة
البُنْيان ونحوه وتَلاحُكه: تلاؤمه؛ قال الأَعشى:
ودأياً لَوَاحِك مِثْلَ الفْؤُو
سِ، لاءَمَ منها السَّلِيلُ الفَقارا
وشيء مُتَلاحِكٌ أَي متداخل. وفي صفة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه
وسلم: إذا سُرَّ فكأنَّ وجهه المرِآة وكأَنّ الجُدُرَ تُلاحِكُ وجهَه؛
المُلاحَكةُ: شِدَّة المُلاءَمة أَي لإضاءة وجهه، صلى الله عليه وسلم، يُرى
شخصُ الجُدُر في وجهه فكأنها قد داخلت وجهه.
أَبو عبيد: المُتَلاحِكة الناقة الشديدة الخَلْق.
واللُّحَكَة: دُويْبَّة قال أَظنها مقلوبة من الحُلَكة؛ وقال ابن
السكيت: هي دويبة شبيهة بالعَظايَة تَبْرُق زَرْقاء، وليس لها ذَنَب طويل مثل
ذنب العَظاية، وقوائمها خفية.
نشع: النَّشْعُ: جُعْلُ الكاهِنِ، وقد أَنْشَعَه؛ قال رؤبة:
قال الحَوازي، وأَبَى أَن يُنْشَعا:
يا هِنْدُ ما أَسْرَعَ ما تَسَعْسَعا
وهذا الرجَزُ لم يُورِد الأَزهريُّ ولا ابن سيده منه إِلا البيتَ
الأَولَ على صوره:
قال الحَوازي، واسْتَحَتْ أَن تُنشَعا
ثم قال: ابن سيده: الحَوازي الكَواهِنُ، واسْتَحَتْ أَن تأْخذ أَجر
الكَهانةِ، وفي التهذيب: واشْتَهَتْ أَن تُنْشَعا، وأَما الجوهري فإِنه أَورد
البيتين كما أَوْرَدْناهما؛ قال الشيخ ابن بري: البيتان في الأُرجوزة لا
يلي أَحدهما الآخر؛ والضمير في يُنْشَعا غير الضمير الذي في تَسَعْسَعا
لأَنه يعود في يُنْشَعا على تميم أَبي القبيلة بدليل قوله قبل هذا
البيت:إِنَّ تَمِيماً لم يُراضَعْ مُسْبَعا،
ولم تَلِدْه أُمُّه مُقَنَّعا
ثم قال:
قال الحَوازي وأَبَى أَن يُنْشَعا
ثم قال بعده:
أَشَرْيةٌ في قَرْيةٍ ما أَشْنَعا
أَي قالت الحَوازي، وهُنَّ الكَواهِنُ: أَهذا المولود شَرْية في قرْيةٍ
أَي حَنْظلة في قريةِ تَمْلٍ أَي تمِيمٌ وأَولادُه مُرُّونَ كالحَنْظَلِ
كثيرون كالنمل؛ قال ابن حمزة: ومعنى أَن يُنْشَعا أَي أَن يؤخَذ قهراً.
والنشْعُ: انْتِزاعُكَ الشيء بعُنْفٍ، والضمير في تَسَعْسَعا يعود على
رؤبة نفسه بدليل قوله قبل البيت:
لَمّا رأَتْني أُمّ عَمْرٍو أَصْلَعا،
قالتْ، ولم تَأْلُ به أَن يَسْمَعا:
يا هِنْدُ ما أَسْرَعَ ما تَسَعْسَعا
والنَّشُوعُ والنَّشُوغُ، بالعين والغين معاً: السَّعُوطُ، والوَجُورُ:
الذي يُوجَرُه المريض أَو الصبي؛ قال الشيخ ابن بري: يريد أَن السَّعُوطَ
في الأَنْفِ والوَجُورَ في الفم. ويقال: إِن السَّعُوطَ يكون للاثنين
ولهذا يقال للمُسْعُطِ مِنْشَعٌ ومِنْشَغٌ؛ قال أَبو عبيد: كان الأَصمعي
ينشد بيت ذي الرمة:
فأَلأُمُ مُرْضَعٍ نُشِعَ المَحارا
بالعين والغين، وهو إِجارُك الصبيّ الدَّواءَ. وقال ابن الأَعرابي:
النَّشُوعُ السَّعُوطُ، ثم قال: نُشِعَ الصبُّ ونُشِغَ، بالعين والغين معاً،
وقد نَشَعَهُ نَشْعاً وأَنْشَعَه سَعَّطَه مثل وجَرَه وأَوْجَرَــه،
وانْتَشَعَ الرجلُ مثل اسْتَعَطَ، وربما قالوا أَنْشَعْتُه الكلام إِذا
لَقَّنْتَه. ونَشَعَ الناقةَ يَنْشَعُها نُشُوعاً: سَعَّطَها، وكذلك الرجلَ؛ قال
المرّارُ:
إِلَيْكُمْ، يا لِئامَ الماسِ، إِنِّي
نُشِعْتُ العِزَّ في أَنْفي نُشُوعا
والنُّشُوعُ، بالضم: المصدر. وذات النُّشُوعِ: فرس بَسْطامِ بن قَيْسٍ.
ونُشِعَ بالشيءِ: أُولِعَ به. وإِنه لَمَنْشُوعٌ بأَكل اللحم أَي
مُولَعٌ به، والغين المعجمة لغة؛ عن يعقوب. وفلان مَنْشُوعٌ بكذا أَي مُولَعٌ
به؛ قال أَبو وَجْزَة:
نَشِيعٌ بماءِ البَقْلِ بَينَ طَرائِقٍ،
من الخَلْقِ، ما مِنْهُنَّ شيءٌ مُضيَّعُ
والنَّشْعُ والانْتِشاعُ: انْتِزاعُك الشيء بعُنْفٍ. والنُّشاعةُ: ما
انْتَشَعَه بيده ثم أَلقاه. قال أَبو حنيفة: قال الأَحمر نَشَعَ الطيِّبَ
شَمَّه.
والنَّشَعُ من الماءِ: ما خَبُثَ طَعْمُه.
مجر: المَجْرُ: ما في بُطون الحوامل من الإِبل والغنم؛ والمَجْرُ: أَن
يُشْتَرَى ما في بطونها، وقيل: هو أَن يشترى البعير بما في بطن الناقة؛
وقد أَمْجَرَ في البيع ومَاجَرَ مُمَاجَرَةً ومِجَاراً. الجوهري: والمَجْرُ
أَن يباع الشيء بما في بطن هذه الناقة. وفي الحديث: أَنه نَهى عن
المَجْرِ أَي عن بيع المَجْرِ، وهو ما في البطون كنهيه عن الملاقيح، ويجوز أَن
يكون سُمِّي بَيعُ المَجْرِ مَجْراً اتساعاً ومجازاً، وكان من بِياعاتِ
الجاهلية. وقال أَبو زيد: المَجْرُ أَن يُبَاع البعير أَو غيره بما في بطن
الناقة، يقال منه: أَمْجَرْتُ في البيع إِمْجَاراً مُمَاجَرَةً، ولا
يقال لما في البطن مَجْرٌ إِلا إِذا أَثْقَلَتِ الحامِلُ، فالمَجْرُ اسم
للحَمْلِ الذي في بطن الناقة، وحَمْلُ الذي في بطنها حَبَلُ الحَبَلَةِ.
ومَجِرَ من الماء واللَّبَنِ مَجَراً، فهو مَجِرٌ: تَمَلأَ ولم يَرْوَ،
وزعم يعقوب أَن ميمه بدل من نون نَجِرَ، وزعم اللحياني أَن ميمه بدل من
باء بَجِرَ. ويقال: مَجِرَ ونَجِرَ إِذا عَطِشَ فأَكثر من الشرب فلم
يَرْوَ، لأَنهم يبدلون الميم من النون، مثل نَخَجْتُ الدَّلْوَ ومَخَجْتُ.
ومَجِرَتِ الشاة مَجَراً وأَمْجَرَتْ وهي مُمْجِر إِذا عَظُمَ ولدها في
بطنها فَهُزِلَتْ وثَقُلَت ولن تطق على القيام حتى تقام؛ قال:
تَعْوِي كِلابُ الحَيِّ مِنْ عُوَائها،
وتَحْمِلُ المُمْجِرَ في كِسائها
فإِذا كان ذلك عادة لها فهي مِمْجَارٌ.
والإِمْجارُ في النُّوق مثلُه في الشاء؛ عن ابن الأَعرابي. غيره:
والمَجَرُ، بالتحريك، الاسم من قولك أَمجرت الشاة، فهي مُمْجِرٌ، وهو أَن يعظم
ما في بطنها من الحمل وتكون مهزولة لا تقدر على النهوض. ويقال: شاة
مَجْرَةٌ، بالتسكين؛ عن يعقوب، ومنه قيل للجيش العظيم مَجْرٌ لِثِقَلِه
وضِخَمِه. والمَجَرُ: انتفاخ البطن من حَبَلٍ أَو حَبَنٍ؛ يقال: مَجِرَ بطنها
وأَمْجَرَ، فهي مَجِرَةٌ ومُمْجِرٌ. والإِمْجَارُ: أَن تَلْقَحَ الناقةُ
والشاة فتَمْرَضَ أَو تَحْدَبَ فلا تقدر أَن تمشي وربما شق بطنها فأُخرج
ما فيه لِيُرَبُّوه. والمَجَرُ: أَن يعظم بطن الشاة الحامل فَتُهْزَلَ؛
يقال: شاة مُمْجِرٌ وغَنَمٌ مَمَاجِرُ. قال الأَزهري: وقد صح أَن بطنَ
النعجة المَجِرَ
(* كذا بياض بالأصل المنقول من مسودة المؤلف)... شيء على حدة
وأَنه يدخل في البيوع الفاسدة، وأَن المَجَرَ شيء آخر، وهو انتفاخ بطن
النعجة إِذا هزلت. وفي حديث الخليل، عليه السلام: فيلتفت إِلى أَبيه وقد
مسخه الله ضِبْعَاناً أَمْجَرَ؛ الأَمْجَرُ: العظيمُ البطنِ المهزولُ الجسم.
ابن شميل: المُمْجِرُ الشاةُ التي يصيبها مرض أَو هُزال وتعسر عليها
الولادة. قال: وأَما المَجْرُ فهو بيع ما في بطنها. وناقة مُمْجِرٌ إِذا
جازت وقتها في النِّتَاج؛ وأَنشد:
ونَتَجُوها بَعْدَ طُولِ إِمْجَار
وأَنشد شمر لبعض الأَعراب:
أَمْجَرْتَ إِرْباءً ببيعٍ غالِ،
مُحَرَّمٍ عليك، لا حَلالِ
أَعْطَيْتَ كَبْشاً وارِم الطِّحَالِ،
بالغَدَوِيَّاتِ وبالفِصَالِ
وعاجلاً بآجِلِ السِّخَالِ،
في حَلَقِ الأَرْحامِ ذي الأَقْفَالِ
حَتَّى يُنَتَّجْنَ مِنَ المَبَالِ،
ثُمَّتَ يُفْطَمْنَ على إِمْهَالِ؛
والمَجْرُ بَيْعُ اللَّحْمِ بالأَحْبالِ،
لحُومِ جُزْرٍ غَثَّةٍ هِزَالِ
فَطائِم الأَغْنامِ والآبالِ،
أَلعَيْنَ بالضِّمَارِ ذي الآجالِ
والشِّفَّ بالناقص لا تُبالي
والمِجَارُ: العِقَالُ، والأَعْرَفُ الهِجَارُ.
وجَيْشٌ مَجْرٌ: كثيرٌ جدّاً. الأَصمعي: المَجْرُ، بالتسكين، الجيش
العظيم المجتمع. وما له مَجْرٌ أَي ما له عَقْلٌ. وجعل ابن قتيبة تفسير نهيه
عن المَجْرِ غَلَطاً، وذهب بالمجْر إِلى الولد يعظم في بطن الشاة، قال
الأَزهري: والصواب ما فسر أَبو زيد. أَبو عبيدة: المَجْرُ ما في بطن
الناقة، قال: والثاني حَبَلُ الحَبَلَةِ، والثالث الغَمِيسُ؛ قال أَبو العباس:
وأَبو عبيدة ثقة. وقال القتيبي: هو المَجَرُ، بفتح الجيم؛ قال ابن
الأَثير: وقد أُخذ عليه لأَن المَجَرَ داء في الشاء وهو أَن يعظم بطن الشاة
الحامل فتهزل وربما رَمَتْ بولدها، وقد مجَرَتْ وأَمْجَرَتْ. وفي الحديث:
كلُّ مَجْرٍ حَرَامٌ؛ قال:
أَلَمْ تَكُ مَجْراً لا تَحِلُّ لِمُسْلِمٍ،
نهاه أَمِيرُ المِصْرِ عَنْهُ وعامِلُهْ؟
ابن الأَعرابي: المَجْرُ الولد الذي في بطن الحامل. والمَجْرُ: الرِّبا.
والمَجْرُ: القِمَارُ. والمُحاقَلَةُ والمُزابَنَةُ يقال لهما: مَجْر.
قال الأَزهري: فهؤلاء الأثمة أَجمعوا في تفسير المجر، بسكون الجيم، على
شيء واحد إِلا ما زاد ابن الأَعرابي على أَنه وافقهم على أَن المجر ما في
بطن الحامل وزاد عليهم أَن المجر الربا. وأَما المَجَرُ فإِن المنذريَّ
أَخبر عن أَبي العباس أَنه أَنشده:
أَبْقَى لَنا اللهُ وتَقْعِيرَ المَجَرْ
قال: والتقعير أَن يسقط
(* قوله« يسقط» أي حملها لغير تمام.) فيذهب.
الجوهري: وسئل ابنُ لِسانِ الحُمَّرَةِ عن الضأْن فقال: مالُ صِدْقٍ
قَرْيَةٌ لا حُمَّى
(* قوله« حمى» كذا ضبط بنسخة من الصحاح يظن بها الصحة،
ويحتمل كسر الحاء وفتح الميم ) بها إِذا أَفلتت من مَجَرَتَيها؛ يعني من
المَجَرِ في الدهر الشديد والنشر، وهو أَن تنتشر بالليل فتأْتي عليها السباع،
فسماهما مَجَرَتَيْنِ كما يقال القمران والعمران، وفي نسخة بُنْدارٍ:
حَزَّتَيْها. وفي حديث أَبي هريرة: الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمثالها والصومُ لي
وأَنا أَجْزي به، يَذَرُ طَعامَه وشرابه مِجَرايَ أَي من أَجلي، وأَصله
مِنْ جَرَّايَ، فحذف النون وخفف الكلمة؛ قال ابن الأَثير: وكثيراً ما يرد
هذا في حديث أَبي هريرة.
خضد: الخَضْد: الكسر في الرطب واليابس ما لم يَبِن. خَضَدَ الغُصْنَ
وغيره يَخْضِدُهُ خَضْداً فهو مخضود وخَضِيد وقد انْخَضَد وتَخَضَّد، وإِذا
كسرت العود فلم تبنه قلت: خَضَدْته؛ وخَضَدت العود فانْخَضد أَي ثنيته
فانثنى من غير كسر. أَبو زيد: انخضدَّ العود انخضاداً وانعَطَّ انعِطاطاً
إِذا تثنى من غير كسر يبين. والخَضَدُ: ما تكسر وتراكم من البَرْدِيِّ
وسائر العيدان الرطبة؛ قال النابغة:
فيه رُكام من اليَنْبوتِ والخَضَد
ويقال: انخَضَدتِ الثمار الرطبة إِذا حُملت من موضع إِلى موضع فتشدَّخت؛
ومنه قول الأَحنف بن قيس حين ذكر الكوفة وثمار أَهلها فقال: تأْتيهم
ثمارهم لم تُخْضَد؛ أَراد أَنها تأْتيهم بطراءتها لم يصبها ذبول ولا انعصار،
لأَنها تحمل في الأَنهار الجارية فتؤَديها إِليهم؛ وقيل: صوابه لم
تَخْضَد، بفتح التاء، على أَن الفعل لها يقال: خَضِدَتِ الثمرةُ تَخْضَد إِذا
غبَّت أَياماً فضمرت وانزوت.
والخَضَد: وجع يصيب الإِنسان في أَعضائه لا يبلغ أَن يكون كسراً؛ قال
الكميت:
حتى غدا، ورُضابُ الماءِ يتبعه،
طَيَّانَ لا سَأَمٌ فيه ولا خَضَد
وخَضَدُ البَدَنِ: تَكَسُّرُه وتوجعه مع كسل. وخَضَدَ البعيرُ عنق صاحبه
يَخْضِدُها: كسرها. قال الليث: الفحل يَخْضِدُ عنق البعير إِذا قاتله؛
قال رؤبة:
ولَفْت كَسَّارٍ لهنَّ خَضَّاد
وخَضَد الإِنسانُ يَخْضِد خَضْداً إِذا أَكل شيئاً رطباً نحو القثاء
والجزر وما أَشبههما. وخَضَدَ الشيءَ يَخْضِدُهُ خَضْداً: أَكله رطباً.
والخَضْد: الأَكل الشديد. وقيل لأَعرابي وكان معجباً بالقثاء: ما يعجبك منه؟
قال: خَضْدُه.
ورجل مِخْضَد؛ وفي الخبر: أَن معاوية رأَى رجلاً يُجيد الأَكل فقال:
إِنه لَمِخْضَد. الخَضْد: شدَّة الأَكل؛ ومِخْضَد مِفْعل منه كأَنه آلة
للأَكل؛ ومنه حديث مسلمة بن مخلد أَنه قال لعمرو بن العاص: إِن ابن عمك هذا
لَمِخْضَد أَي يأْكل بجفاء وسرعة؛ وقال امرؤ القيس:
ويَخْضِدُ في الآريّ حتى كأَنما
به عَرَّة، أَو طائِف غيرُ مُعْقِب
وخَضَدَ الفرسُ يَخْضِدُ خَضْداً: مثل خَضَِمَ، وقيل: خَضَدَ خَضْداً
أَكل؛ قال؛
أَوَيْنَ إِلى مُلاطِفَةٍ خَضودٍ
لِمَأْكَلِهِنَّ، طَفْطافَ الرُّبول
(* قوله «قال أوين إلخ» أورد المصنف كما ترى شاهداً على الخضد بمعنى
الخضم الذي هو الأكل بملء الفم أو نحوه. ولم يذكره الصحاح ولا شرح القاموس
ولا غيرهما شاهد الخضد بهذا المعنى بل الشاعر يصف قطاة تكسر لأولادها
أطراف الشجر كما نبه عليه الصحاح في غير موضع فالمناسب أن يكون شاهد الخضد
بمعنى كسر.)
واخْتَضَد البعيرَ: أَخذه من الإِبل وهو صعب لم يذلل فخطمه ليذل وركبه؛
حكاها اللحياني؛ وقال الفارسي: إِنما هو اختضر.
والخَضاد: من شجر الجَنْبَة وهو مثل النَّصِيِّ ولورقه حروف كحروف
الحلفاء تجرّ باليد كما تجرُّ الحلفاء.
والخَضَد: شجر رخو بلا شوك.
والخَضْد: القطع، وكل رطب قضبته فقد خَضَدْته، وكذلك التَّخْضِيد؛ قال
طرفة:
كأَن البُرِينَ والدَّماليجَ عُلِّقَتْ
على عُشَر، أَو خِرْوَعٍ لم يُخَضَّد
وخَضَدت الشجر: قطعت شوكه فهو خَضيد ومخضود.
والخَضْد: نزع الشوك عن الشجر. قال الله عز وجل: في سدر مخضود؛ هو الذي
خُضِدَ شوكه فلا شوك فيه؛ الزجاج والفراء: قد نزع شوكه.
وفي حديث ظبْيان: يُرَشِّحونَ خَضِيدَها أَي يصلحونه ويقومون بأَمره،
والخَضِيدُ: فعيل بمعنى مفعول، والخَضَد: ما خُضِدَ من الشجر ونحي عنه.
والخَضَد، بفتح الخاءِ والضاد: كل ما قطع من عود رطب؛ قال الشاعر:
أَوجَرْــتُ حُفْرته حرصاً فمال به،
كما انثَنى خَضَدٌ من ناعِمِ الضَّال
والخَضاد: شجر رخو بلا شوك. وفي إِسلام عروة بن مسعود: ثم قالوا السفر
وخَضَده أَي تعبه وما أَصابه من الإِعياء. وأَصل الخَضْد كسر الشيء اللين
من غير إِبانة له، وقد يكون بمعنى القطع؛ ومنه حديث الدعاء: يُقْطَعُ به
دابرُهم ويُخضَد به شَوْكَتُهم. وفي حديث عليّ: حرامها عند أَقوام بمنزلة
السدر المخضود الذي قطع شوكه. وفي حديث أُمية بن أَبي الصلت: بالنعم
مَحْفود وبالذنب مَخْضود؛ يريد به ههنا أَنه منقطع الحجة كأَنه منكسر.
وقط: الوَقْطُ والوَقِيطةُ: حُفرة في غِلَظ أَو جبل يجتمع فيها ماء
السماء. ابن سيده: الوَقْطُ والوَقِيطُ كالرَّدْهةِ في الجبل يَسْتَنْقِعُ
فيه الماء تُتَّخذ فيها حياض تَحْبِسُ الماء للمارّة، واسم ذلك الموضع
أَجْمَعَ وقْط، وهو مثل الوَجْذ إِلا أَنَّ الوَقْط أَوسع، والجمعِ وِقْطانٌ
ووِقاطُ وإِقاطٌ، الهمزة بدل من الواو؛ وأَنشد:
وأَخْلَفَ الوِقْطانَ والمَآجلا
ولغة تميم في جمعه الإِقاطُ مثل إِشاح، يصيّرون كلّ واو تجيء على هذا
المثال أَلفاً. ويقال: أَصابتنا السماء فوَقَّطَ الصخْرُ أَي صار فيه
وَقْطٌ. والوَقْطُ: ما يكون في حجر في رَمْل
(* قوله «في حجر في رمل» كذا
بالأصل.)، وجمعه وِقاط. ووقَطَه وَقْطاً: صَرَعَه. ورجل وَقيطٌ: مَوْقُوط؛
أَنشد يعقوب:
أَوْجَرْــت حارِ لَهْذَماً سَلِيطا،
ترَكْته مُنْعَقِراً وَقِيطا
وكذلك الأُنثى بغير هاء، والجمع وَقْطَى ووَقاطَى.
ووقَطَه: قَلَبَه على رأْسه ورفَع رجليه فضربهما، مَجموعتين، بفِهْر سبع
مرات، وذلك مما يُداوَى به. ووقَطه بعيرُه: صرَعه فغُشِي عليه. وأَكلت
طعاماً وقَطَني أَي أَنامني. وكلُّ مُثْخَنٍ ضَرْباً أَو مَرضاً أَو
حُزناً أَو شِبَعاً وقِيطٌ. الأَحمر: ضرَبه فوقَطه إِذا صرَعه صرْعة لا يقوم
منها. والمَوْقُوط: الصَّرِيع. ووَقَط به الأَرض إِذا صرَعه. وفي الحديث:
كان إِذا نزل عليه الوَحْيُ وُقِطَ في رأْسه أَي أَنه أَدْركه الثِّقَل
فوضَع رأْسه. يقال: ضربه فوقَطَه أَي أَثْقلَه، ويروى بالظاء بمعناه
كأَنَّ الظاء عاقبت الذال من وقَذْت الرجل أَقِدُه إِذا أَثْخَنته بالضرْب.
ابن شميل: الوَقِيطُ والوَقِيعُ المَكان الصُّلْب الذي يَسْتَنْقِعُ فيه
الماء فلا يَرْزأُ الماء شيئاً.
ويومُ الوَقِيطِ: يومٌ كان في الإِسلام بين بني تَمِيم وبَكر بنِ وائل.
قال ابن بري: والوَقْطُ اسم موْضع؛ قال طفيل:
عَرَفْت لسَلْمَى، بَيْنَ وَقْطٍ فضَلْفَعِ،
مَنازِلَ أَقْوَتْ من مَصِيفٍ ومَرْبَعِ
جلحظ: رجل جِلْحِظٌ وجِلْحاظٌ وجِلْحِظاء: كثير الشعر على جسده ولا يكون
إِلا ضخماً. وفي نوادر الأَعراب: جِلْظاءٌ من الأَرض وجِلْحاظٌ
(* قوله
«وجلحاظ إلخ» تقدم في مادة جلذ جلظاء من الأَرض وجلماظ والصواب ما هنا.)
وجِلْذاءٌ وجِلْذانٌ. ابن دريد: سمعت عبد الرحيم ابن أَخي الأَصمعي يقول:
أَرض جِلْحِظاءٌ، بالظاء والحاء غير معجمة، وهي الصُّلْبة، قال: وخالفه
أَصحابنا فقالوا: جِلْخِظاء، بالخاء المعجمة، فسأَلته فقال: هكذا رأَيته،
قال الأَزهري: والصواب جلْحظاء، كما رواه عبد الرحيم لا شك فيه بالحاء
غير معجمة.
أجر: الأَجْرُ: الجزاء على العمل، والجمع أُجور. والإِجارَة: من أَجَر
يَأْجِرُ، وهو ما أَعطيت من أَجْر في عمل. والأَجْر: الثواب؛ وقد أَجَرَه
الله يأْجُرُه ويأْجِرُه أَجْراً وآجَرَه الله إِيجاراً.
وأْتَجَرَ الرجلُ: تصدّق وطلب الأَجر. وفي الحديث في الأَضاحي: كُلُوا
وادَّخِرُوا وأْتَجِروا أَي تصدّقوا طالبن لِلأَجْرِ بذلك. قال: ولا يجوز
فيه اتَّجِروا بالإِدغام لأَن الهمزة لا تدغم في التاء لأَنَّه من الأَجر
لا من التجارة؛ قال ابن الأَثير: وقد أَجازه الهروي في كتابه واستشهد
عليه بقوله في الحديث الآخر: إنّ رجلاً دخل المسجد وقد قضى النبي، صلى الله
عليه وسلم، صلاتَه فقال: من يَتّجِر يقوم فيصلي معه، قال: والرواية
إِنما هي يأْتَجِر، فإِن صح فيها يتجر فيكون من التجارة لا من الأَجر كأَنه
بصلاته معه قد حصَّل لنفسه تِجارة أَي مَكْسَباً؛ ومنه حديث الزكاة: ومن
أَعطاها مُؤْتَجِراً بها.
وفي حديث أُم سلمة: آجَرَني الله في مصيبتي وأَخْلف لي خَيْراً منها؛
آجَرَه يُؤْجِرُه إِذا أَثابه وأَعطاه الأَجر والجزاء، وكذلك أَجَرَه
يَأْجُرُه ويأْجِرُه، والأَمر منهما آجِرْني وأْجُرْني. وقوله تعالى: وآتيناه
أَجْرَه في الدنيا؛ قيل: هو الذِّكْر الحسن، وقيل: معناه أَنه ليس من
أُمة من المسلمين والنصارى واليهود والمجوس إلا وهم يعظمون إِبراهيم، على
نبينا وعليه الصلاة والسلام، وقيل: أَجْرُه في الدنيا كونُ الأَنبياء من
ولده، وقيل: أَجْرُه الولدُ الصالح. وقوله تعالى: فبشره بمغفرة وأَجْر
كريم؛ الأَجر الكريمُ: الجنةُ.
وأَجَرَ المملوكَ يأْجُرُه أَجراً، فهو مأْجور، وآجره، يؤجره إِيجاراً
ومؤاجَرَةً، وكلٌّ حسَنٌ من كلام العرب؛ وآجرت عبدي أُوجِرُــه إِيجاراً،
فهو مُؤْجَرٌ. وأَجْرُ المرأَة: مَهْرُها؛ وفي التنزيل: يا أَيها النبي
إِنا أَحللنا لك أَزواجك اللاتي آتيت أُجورهنّ. وآجرتِ الأَمَةُ البَغِيَّةُ
نفسَها مؤاجَرَةً: أَباحَت نفسَها بأَجْرٍ؛ وآجر الإِنسانَ واستأْجره.
والأَجيرُ: المستأْجَرُ، وجمعه أُجَراءُ؛ وأَنشد أَبو حنيفة:
وجَوْنٍ تَزْلَقُ الحِدْثانُ فيه،
إِذا أُجَرَاؤُه نَحَطُوا أَجابا
والاسم منه: الإِجارةُ. والأُجْرَةُ: الكراء. تقول: استأْجرتُ الرجلَ،
فهو يأْجُرُني ثمانيَ حِجَجٍ أَي يصير أَجيري. وأُتْجَرَ عليه بكذا: من
الأُجرة؛ وقال أَبو دَهْبَلٍ الجُمحِي، والصحيح أَنه لمحمد بن بشير
الخارجي:يا أَحْسنَ الناسِ، إِلاّ أَنّ نائلَها،
قِدْماً لمن يَرْتَجي معروفها، عَسِرُ
وإِنما دَلُّها سِحْرٌ تَصيدُ به،
وإِنما قَلْبُها للمشتكي حَجَرُ
هل تَذْكُريني؟ ولمَّا أَنْسَ عهدكُمُ،
وقدْ يَدومَ لعهد الخُلَّةِ الذِّكَرُ
قَوْلي، ورَكْبُكِ قد مالت عمائمهُمُ،
وقد سقاهم بكَأْس النَّومَةِ السهرُ:
يا لَيْت أَني بأَثوابي وراحلتي
عبدٌ لأَهلِكِ، هذا الشهرَ، مُؤْتَجَرُ
إن كان ذا قَدَراً يُعطِيكِ نافلةً
منَّا ويَحْرِمُنا، ما أَنْصَفَ القَدَرُ
جِنِّيَّةٌ، أَوْ لَها جِنٌّ يُعَلِّمُها،
ترمي القلوبَ بقوسٍ ما لها وَتَرُ
قوله: يا ليت أَني بأَثوابي وراحلتي أَي مع أَثوابي. وآجرته الدارَ:
أَكريتُها، والعامة تقول وأَجرْتُه. والأُجْرَةُ والإِجارَةُ والأُجارة: ما
أَعْطيتَ من أَجرٍ. قال ابن سيده: وأُرى ثعلباً حكى فيه الأَجارة،
بالفتح. وفي التنزيل العزيز: على أَن تأْجُرني ثماني حِجَجٍ؛ قال الفرّاءُ:
يقول أَن تَجْعَلَ ثوابي أَن ترعى عليَّ غَنمي ثماني حِجَج؛ وروى يونس:
معناها على أَن تُثِبَني على الإِجارة؛ ومن ذلك قول العرب: آجركَ اللهُ أَي
أَثابك الله. وقال الزجاج في قوله: قالت إحداهما يا أَبَتِ استأْجِرْهُ؛
أَي اتخذه أَجيراً؛ إِن خيرَ مَن اسْتأْجرتَ القَويُّ الأَمينُ؛ أَي خيرَ
من استعملت مَنْ قَوِيَ على عَمَلِكَ وأَدَّى الأَمانة. قال وقوله: على
أَن تأْجُرَني ثمانيَ حِجَج أَي تكون أَجيراً لي. ابن السكيت: يقال أُجِرَ
فلانٌ خمسةً من وَلَدِه أَي ماتوا فصاروا أَجْرَهُ.
وأَجِرَتْ يدُه تأْجُر وتَأْجِرُ أَجْراً وإِجاراً وأُجوراً: جُبِرَتْ
على غير استواء فبقي لها عَثْمٌ، وهو مَشَشٌ كهيئة الورم فيه أَوَدٌ؛
وآجَرَها هو وآجَرْتُها أَنا إِيجاراً. الجوهري: أَجَرَ العظمُ يأْجُر
ويأْجِرُ أَجْراً وأُجوراً أَي برئَ على عَثْمٍ. وقد أُجِرَتْ يدُه أَي
جُبِرَتْ، وآجَرَها اللهُ أَي جبرها على عَثْمٍ. وفي حديث ديَة التَّرْقُوَةِ:
إِذا كُسِرَت بَعيرانِ، فإِن كان فيها أُجورٌ فأَربعة أَبْعِرَة؛
الأُجُورُ مصدرُ أُجِرَتْ يدُه تُؤْجَرُ أَجْراً وأُجوراً إِذا جُبرت على عُقْدَة
وغير استواء فبقي لها خروج عن هيئتها.
والمِئْجارُ: المِخْراقُ كأَنه فُتِلَ فَصَلُبَ كما يَصْلُبُ العظم
المجبور؛ قال الأَخطل:
والوَرْدُ يَرْدِي بِعُصْمٍ في شَرِيدِهِم،
كأَنه لاعبٌ يسعى بِمِئْجارِ
الكسائي: الإِجارةُ في قول الخليل: أَن تكون القافيةُ طاء والأُخرى
دالاً. وهذا من أُجِرَ الكَسْرُ إِذا جُبِرَ على غير استواءٍ؛ وهو فِعَالَةٌ
من أَجَرَ يأْجُر كالإِمارةِ من أَمَرَ.
والأُجُورُ واليَأْجُورُ والآجُِرُون والأُجُرُّ والآجُرُّ والآجُِرُ:
طبيخُ الطين، الواحدة، بالهاء، أُجُرَّةٌ وآجُرَّةٌ وآجِرَّة؛ أَبو عمرو:
هو الآجُر، مخفف الراء، وهي الآجُرَة. وقال غيره: آجِرٌ وآجُورٌ، على
فاعُول، وهو الذي يبنى به، فارسي معرّب. قال الكسائي: العرب تقول آجُرَّة
وآجُرَّ للجمع، وآجُرَةُ وجمعها آجُرٌ، وأَجُرَةٌ وجمعها أَجُرٌ، وآجُورةٌ
وجمعها آجُورٌ.
والإِجَّارُ: السَّطح، بلغة الشام والحجاز، وجمع الإِجَّار أَجاجِيرُ
وأَجاجِرَةٌ. ابن سيده: والإِجَّار والإِجَّارةُ سطح ليس عليه سُتْرَةٌ.
وفي الحديث: من بات على إِجَّارٍ ليس حوله ما يَرُدُ قدميه فقد بَرِئَتْ
منه الذمَّة. الإِجَّارُ، بالكسر والتشديد: السَّطحُ الذي ليس حوله ما
يَرُدُ الساقِطَ عنه. وفي حديث محمد بن مسلمة: فإِذا جارية من الأَنصار على
إِجَّارٍ لهم؛ والأَنْجارُ، بالنون: لغة فيه، والجمع الإِناجِيرُ. وفي
حديث الهجرة: فَتَلَقَّى الناسُ رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، في السوق
وعلى الأَجاجيرِ والأَناجِيرِ؛ يعني السطوحَ، والصوابُ في ذلك
الإِجَّار.ابن السكيت: ما زال ذلك إِجِّيراهُ أَي عادته.
ويقال لأُم إِسمعيلَ: هاجَرُ وآجَرُ، عليهما السلام.