Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=89364#d1899b
(أهرق) المَاء هرقه
هرق: الأَزهري: هَراقتِ السماء ماءها وهي تُهَرِيقُ والماء مُهَراق،
الهاء في ذلك كله متحركة لأَنها ليست بأَصلية إنما هي بدل من همزة أَراق،
قال: وهَرَقْت مثل أَرَقْتُ، قال: ومن قال أَهْرَقْــت فهو خطأٌ في القياس،
ومثل العرب يخاطب به الغضبان: هَرِّقْ على جمرك
(* قوله «هرق على جمرك» أي
أصبب ماء على نار غضبك) أَو تَبَيَّنْ أَي تَثَبت، ومثل هَرَقْتُ
والأَصل أَرَقْتُ قولُهم: هَرَحْت الدابة وأَرَحْتُها وهَنَرْتُ النار
وأَنَرْتُها، قال: وأما لغة من قال أَهْرَقْــتُ الماء فهي بعيدة؛ قال أَبو زيد:
الهاء منها زائدة كما قالوا أَنهأْت اللحم، والأصل أَنأْته بوزن أَنَعْتهُ.
ويقال هَرِّقْ عنا من الظهيرة وأَهْرِئْ عنا بمعناه، من قال أَهْرِقْ
عنا من الظهيرة جعل القاف مبدلة من الهمزة في أَهْرِئْ، قال: وقال بعض
النحويين إنما هو هَراق يُهَرْيقُ لأن الأصل من أَراقَ يُرِيقُ يُأَرْيق،
لأن أَفْعَل يُفْعِلُ كان في الأَصل يُأَفْعِلُ فقلبوا الهمزة التي في
يُأَرْيِقُ هاء فقيل يُهَرْيِق، ولذلك تحركت الهاء. الجوهري: هَراق الماء
يُهَرِيقه، بفتح الهاء، هِراقة أَي صبَّه؛ وأَنشد ابن بري:
رُبَّ كَأْسٍ هَرَقْتَها، ابنَ لُؤَيّ،
حَذَرَ الموت، لم تكُنْ مُهْراقَهْ
وأَنشد لأَوس بن حجر:
نُبِّئْتُ أَنّ دَماً حراماً نِلْتَهُ،
فهُرِيق في ثوبٍ عليك مُحَبَّر
وأَنشد للنابغة:
وما هُرِيقَ على الأَنْصابِ من جَسَدِ
قال: وأَصل هَراق أَراقَ يُرِيقُ إراقَةً، وأصل أَراقَ أَرْيَقَ، وأَصل
يُرِيِقُ يُرْيِقُ، وأَصل يُرْيِق يُأَرْيِقُ، وإنما قالوا أَنا
أُهَرِيقُه وهم لا يقولون أُأَرِيقُهُ لاستثقالهم الهمزتين، وقد زال ذلك بعد
الإبدال، وفيه لغة أُخرى: أَهْرَقَ الماء يُهْرِقُه إهْراقاً على أَفْعَلَ
يُفْعِلُ؛ قال سيبويه: أَبدلوا من الهمزة الهاء ثم أُلزمت فصارت كأنها من
نفس الحرف، ثم أُدخلت الأَلف بعدُ على الهاء وتركت الهاء عوضاً من حذفهم
حركة العين، لأن أَصل أَهْرَق أَرْيقَ. قال ابن بري: هذه اللغة الثانية
التي حكاها عن سيبوبه هي الثالثة التي يحكيها فيما بعدُ إلاّ أَنه غلط في
التمثيل فقال أَهْرَق يُهْرِق، وهي لغة ثالثة شاذة نادرة ليست بواحدة من
اللغتين المشهورتين؛ يقولون: هَرَقْت الماءَ هَرْقاً وأَهْرَقْــتُه
إهْراقاً، فيجعلون الهاء فاء والراء عيناً ولا يجعلونه معتلاً، وأما الثانية
التي حكاها سيبويه فهي أَهْرَاق يُهْرِيق إهْراقةً، فَيَّرها الجوهري وجعلها
ثالثة وجعل مصدرها إهْرِياقاً، أَلا ترى أَنه حكي عن سيبويه في اللغة
الثانية أَن الهاء عوض من حركة العين لأن الأَصل أَرْيَق؟ فهذا يدل أَنه من
أَهْرَاق إهْراقةً بالألف، وكذا حكاه سيبويه في اللغة الثانية الصحيحة،
قال الجوهري: وفيه لغة ثالثة أَهْرَاقُ يُهْرِيق إهْرِياقاً، فهو
مُهْريق، والشيء مُهْراق ومُهَراق أَيضاً، بالتحريك، وهذا شاذ، ونظيره أَسْطَاع
يُسْطيع اسْطِياعاً، بفتح الألف في الماضي وضم الياء في المستقبل، لغة في
أَطاع يُطِيع، فجعلوا السين عوضاً من ذهاب حركة عين الفعل على ما تقدم
ذكره عن الأَخفش في باب العين، قال: وكذلك حكم الهاء عندي. قال ابن بري:
قد ذكرنا أَن هذه اللغة هي الثانية فيما تقدم إلاّ أَنه غَيَّرَ مصدرها
فقال إهْرِياقاً، وصوابه إِهْراقةً، وتاءُ التأْنيث عوض من العين المحذوفة،
وكذلك قال ابن السراج أَهْرَاق يُهْرِيقُ إِهْراقةً، وأسْطاع يُسْطيع
إسْطاعةً، قال: وأَما الذي ذكره الجوهري من أَن مصدر أَهْراقَ وأَسْطَاع
إهْرياقاً واسطِياعاً فغلط منه، لأنه غير معروف، والقياس إهْراقةً
وإسْطَاعةً على ما تقدم، وإنما غلَّطه في اسْطِيَاع أَنه أَتى به على وزن
الاسْتِطاعِ مصدر اسْتَطاع، قال: وهذا سهو منه لأن أَسْطاع همزته قطع،
والاسْتِطاع والاسْطِيَاع همزتهما وصل، وقوله: والشيءُ مُهْراق ومُهَراق أَيضاً،
بالتحريك، غير صحيح لأن مفعول أَهْرَاق مُهْراق لا غير؛ قال: وأَما
مُهَراق، بالفتح، فمفعول هَرَاق وقد تقدم شاهده؛ وشاهد المُهْراق ما أُنشد في
باب الهجاء من الحماسة لعُمارة بن عقيل:
دعَتْهُ، وفي أَثوابِهِ من دِمَائِهَا
خَليطَا دمٍ مُهْراقةٍ غير ذَاهِبِ
وقال جرير العِجْلي، ويروى للأخطل وهي في شعره:
إذا ما قُلْتُ: قد صالَحْتُ قَوْمِي،
أَبى الأَضْغَانُ والنسبُ البَعيدُ
ومُهْراقُ الدماءِ بوارِدَاتٍ،
تَبِيدُ المُخْزِياتُ ولا تَبِيدُ
قال: والفاعل من أَهْراقَ مُهْرِيقٌ؛ وشاهده قول كثيِّر:
فأَصْبَحْتُ كالمُهْرِيقِ فَضْلَةَ مائِهِ
لضَاحِي سَرَابٍ، بالمَلا يَتَرَقْرَقُ
وقال العُدَيْلُ بن الفَرْخ:
فكنْت كمُهْرِيقِ الذي في سِقائِهِ
لِرَقْرَاقِ آلٍ، فوق رابيةٍ جَلْدِ
وقال آخر:
فظَلَلْتُ كالمُهْرِيقِ فَضْلَ سِقائِهِ
في جَوِّ هاجِرَةٍ، لِلَمْعِ سَرابِ
وشاهد الإهْرَاقةِ في المصدر قول ذي الرمة:
فلما دَنَتْ إهْرَاقَةُ الماءِ أَنْصَتَتْ
لأَعْزِلَةٍ عنها، وفي النفس أَن أُثْني
قال ابن بري عند قول الجوهري: وأَصل أَرَاقَ أَرْيَقَ، قال أَراق أَصله
أَرْوَقَ بالواو لأنه يقال رَاقَ الماءُ رَوَقاناً انصبَّ، وأَراقهُ غيره
إذا صَبَّه، قال: وحكى الكسائي رَاقَ الماءُ يَرِيقُ انصبَّ، قال: فعلى
هذا يجوز أن يكون أَصل أَرَاقَ من الياء. وفي الحديث: أُهْرِيقَ دَمُهُ؛
وتقدير يُهَرِيقُ، بفتح الهاء، يُهَفْعِلُ، وتقدير مُهَرَاق، بالتحريك،
مُهَفْعَل؛ وأما تقدير يُهْرِيق، بالتسكين، فلا يمكن النطق به لأن الهاء
والفاء ساكنان، وكذلك تقدير مُهْرَاق، وحكى بعضهم مطر مُهْرَوْرِقٌ. وفي
حديث أُم سلمة: أَن امرأَة كانت تُهَراقُ الدمَ؛ هكذا جاءَ على ما لم
يسمَّ فاعله، والدم منصوب أي تُهَرَاقُ هي الدمَ، وهو منصوب على التمييز، وإن
كان معرفة، وله نظائر، أو يكون قد أُجري تُهَراقُ مجرى نُفِسَت المرأَةُ
غلاماً، ونُتِجَ الفرسُ مُهْراً، ويجوز رفع الدم على تقدير تُهَرَاقُ
دماؤها، وتكون الأَلف واللام بدلاً من الإضافة كقوله تعالى: أو يَعْفُوَ
الذي بيده عُقْدَةُ النكاح؛ أي عُقْدَةُ نكاحِهِ أو نكاحها، والهاء في
هَرَاقَ بدل من همزة أَرَاقَ الماء يُرِيقهُ وهَرَاقه يُهَرِيقُه، بفتح
الهاء، هَراقةً. ويقال فيه: أَهْرَقْــتُ الماءَ أُهْرِقُــهُ إهْرَاقاً فيجمع بين
البدل والمبدل. ابن سيده: اهْرَوْرَقَ الدمعُ والمطر جَرَيا، قال: وليس
من لفظ هَرَاق لأن هاء هَرَاق مبدلة والكلمة معتلة، وأما اهْرَوْرَقَ
فإنه وإن لم يتكلم به إلاَّ مَزيداً متوهم من أصل ثلاثي صحيح لا زيادة فيه،
ولا يكون من لفظ أَهْرَاقَ لأن هاء أَهْرَاقَ زائدة عوض من حركة العين
على ما ذهب إليه سيبويه في أَسْطَاعَ.
ويوم التهَارُقِ: يوم المَهْرَجان، وقد تَهَارقُوا فيه أي أَهْرَقَ
الماء بعضُهم على بعضٍ، يعني بالمَهْرَجانِ الذي نسميه النَّوْرُوز.
والمُهْرُقَانُ: البحر لأنه يُهَرِيق ماءَه على الساحل إلاَّ أنه ليس من
ذلك اللفظ؛ أَبو عمرو: هو اليَمُّ والقَلَمَّشُ والنَّوْفَلُ
والمُهْرُقانُ البحر، بضم الميم والراء؛ قال ابن مقبل:
تَمَشَّى به نَفْرُ الظِّباءِ كأَنَّها
جَنَى مُهْرُقانٍ، فاضَ بالليل سَاحِلهْ
ومُهْرُقان: معرب أَصله ما هي رُويانْ؛ وقال بعضهم: مُهْرُقان مُفْعُلان
من هَرَقْت لأن البحر ماؤُه يفيض على الساحل إذا مَدَّ، فإذا جزر بقي
الوَدَع. أَبو عمرو: يقال للبحر المُهْرَقان والدَّ أْماءُ، خفيف؛ وقيل
المُهْرُقان ساحل البحر حيث فاض فيه الماءُ ثم نَضَب
عنه فبقي الوَدَع، وأَورد بيت ابن مقبل وقال: وجَناهُ ما يبقى من
الوَدَعِ. والمُهْرَقُ: الصحيفة البيضاء يكتب فيها، فارسي معرب، والجمع
المَهارق؛ قال حسان:
كَمْ للمَنازل من شَهْرٍ وأَحوالِ،
لآل أَسْماءَ، مِثْل المُهْرَقِ البالِي
قال ابن بري: والذي في شعره:
كما تَقادَمَ عَهْدُ المُهْرَقِ البالي
قال: وقال الحرث بن حلِّزة:
آياتها كَمَهارِقِ الحَبَشِ
والمَهارق في قول ذي الرمة:
بيَعْمَلة بين الدُّجَى والمَهَارِق
الفَلَواتُ، وقيل الطرق، وقيل: المُهْرَق ثوب حرير أَبيض يُسْقَى الصمغَ
ويُصْقَلُ ثم يكتب فيه، وهو بالفارسية مُهر كَرْد، وقيل: مَهْره لأن
الخَرَزة التي يُصقل بها يقال لها بالفارسية كذلك.
والمُهْرَقُ: الصحراء الملساء. والمَهارق: الصَّحاري، واحدها مُهْرَق،
وهو معرب؛ قال الأزهري: وإنما قيل للصحراء مُهْرق تشبيها بالصحيفة؛ قال
الأعشى:
رَبّي كريم لا يكدِّرُ نِعْمَةً،
فإذا تُنُوشِد في المَهارِق أَنْشَدا
أراد بالمَهارق الصحائف. وقال اللحياني: بلد مَهَارِق وأَرضٌ مَهَارِق
كأَنهم جعلوا كل جزءٍ منه مُهْرَقاً؛ قال:
وخَرْق مَهَارِق ذي لُهْلُهٍ،
أجَدَّ الأُوَامَ به مَظْمَؤُه
قال ابن الأَعرابي: إنما أَراد مثل المَهارق، وأَجَدَّ: جَدَّد،
واللُّهْلُه: الاتساع. قال ابن سيده: وأما ما رواه اللحياني من قولهم هَرِقْتُ
حتى نصف الليل فإنما هو أَرِقْتُ، فأَبدل الهاء من الهمزة. وقال أَبو زيد:
يقال هَرِيقُوا عنكم أوَّل الليل وفَحْمَةَ الليل أي انزلوا، وهي ساعة
يَشُقُّ فيها السير على الدواب حتى يمضي ذلك الوقت، وهما بين العشاءَين.
طوع: الطَّوْعُ: نَقِيضُ الكَرْهِ. طاعَه يَطُوعُه وطاوَعَه، والاسم
الطَّواعةُ والطَّواعِيةُ. ورجل طَيِّعٌ أَي طائِعٌ. ورجل طائِعٌ وطاعٍ
مقلوب، كلاهما: مُطِيعٌ كقولهم عاقَني عائِقٌ وعاقٍ، ولا فِعْل لطاعٍ؛
قال:حَلَفْتُ بالبَيْتِ، وما حَوْلَه
من عائِذٍ بالبَيْتِ أَوْ طاعِ
وكذلك مِطْواعٌ ومِطْواعةٌ؛ قال المتنخل الهذلي:
إِذا سُدْتَه سُدْت مِطْواعةً،
ومَهْما وكَلْتَ إِليه كَفاه
الليحاني: أَطَعْتُه وأَطَعْتُ له. ويقال أَيضاً: طِعْتُ له وأَنا
أَطِيعُ طاعةً. ولَتَفْعَلَنَّه طَوْعاً أَو كَرْهاً، وطائِعاً أَو كارِهاً.
وجاء فلان طائعاً غير مُكْرَهٍ، والجمع طُوَّعٌ. قال الأَزهري: من العرب
من يقول طاعَ له يَطُوعُ طَوْعاً، فهو طائعٌ، بمعنى أَطاعَ، وطاعَ يَطاعُ
لغة جيدة. قال ابن سيده: وطاعَ يَطاعُ وأَطاعَ لانَ وانْقادَ، وأَطاعَه
إِطاعةً وانْطاعَ له كذلك. وفي التهذيب: وقد طاع له يَطُوعُ إِذا انقاد له،
بغير أَلِف، فإِذا مضَى لأَمره فقد أَطاعَه، فإِذا وافقه فقد طاوعه؛
وأَنشد ابن بري للرَّقّاصِ الكلبي:
سِنانُ مَعَدٍّ في الحُرُوبِ أَداتُها،
وقد طاعَ مِنْهُمْ سادةٌ ودَعائِمُ
وأَنشد للأَحوص:
وقد قادَتْ فُؤادي في هَواها،
وطاعَ لها الفُؤادُ وما عَصاها
وفي الحديث: فإِنْ هُمْ طاعُوا لك بذلك. ورجل طَيِّعٌ أَي طائِعٌ. قال:
والطاعةُ اسم من أَطاعَه طاعةً، والطَّواعِيةُ اسم لما يكون مصدراً
لطاوَعَه، وطاوَعَتِ المرأَةُ زوجها طَواعِيةً. قال ابن السكيت: يقال طاعَ له
وأَطاعَ سواء، فمن قال طاع يقال يطاع، ومن قال أَطاعَ قال يُطِيعُ، فإِذا
جئت إِلى الأَمر فليس إِلاَّ أَطاعَه، يقال أَمَرَه فأَطاعَه، بالأَلف،
طاعة لا غير. وفي الحديث: هَوًى مُتَّبَعٌ وشُحٌّ مُطاعٌ؛ هو أَن يُطِيعَه
صاحبُه في منع الحقوق التي أَوجبها الله عليه في ماله. وفي الحديث: لا طاعةَ في
مَعْصِيةِ الله؛ يريد طاعةَ وُلاةِ الأَمر إِذا أَمرُوا بما فيه معصية
كالقتل والقطع أَو نحوه، وقيل: معناه أَن الطاعة لا تسلم لصاحبها ولا تخلُص
إِذا كانت مشوبة بالمعصية، وإِنما تصح الطاعة وتخلص مع اجتناب المعاصي،
قال: والأَول أَشبه بمعنى الحديث لأَنه قد جاء مقيّداً في غيره كقوله: لا
طاعةَ لمخلوق في معصية الله، وفي رواية: في معصية الخالق. والمُطاوَعةُ:
الموافقة، والنحويون ربما سموا الفعل اللازم مُطاوِعاً. ورجل مِطْواعٌ أَي
مُطِيعٌ. وفلان حسن الطَّواعِيةِ لك مثل الثمانية أَي حسن الطاعة لك. ولسانه
لا يَطُوعُ بكذا أَي لا يُتابِعُه. وأَطاع النَّبْتُ وغيره: لم يمتنع على
آكله. وأَطاعَ له المَرْتَعُ إِذا اتَّسَعَ له المرتع وأَمْكَنَه
الرَّعْيُ؛ قال الأَزهري: وقد يقال في هذا الموضع طاعَ؛ قال أَوس بن
حجر:كأَنَّ جِيادَهُنَّ، بِرَعْنِ زُمٍّ،
جَرادٌ قد أَطاعَ له الوَراقُ
أَنشده أَبو عبيد وقال: الوَراقُ خُضْرَةُ الأَرض من الحشيش والنبات
وليس من الورق. وأَطاعَ له المَرْعَى: اتَّسَعَ وأَمكن الرعْيُ منه؛ قال
الجوهري: وقد يقال في هذا المعنى طاعَ له المَرْتَعُ. وأَطاعَ التمرُ
(*
قوله«وأطاع التمر إلخ» كذا بالأصل.) حانَ صِرامُه وأَدْرَك ثمره وأَمكن أَن
يجتنى. وأَطاع النخلُ والشجرُ إِذا أَدرك.
وأَنا طَوْعُ يَدِكَ أَي مُنْقادٌ لك. وامرأَة طَوْعُ الضَّجِيعِ:
مُنْقادةٌ له؛ قال النابغة:
فارْتاعَ مِنْ صَوْتِ كَلاَّبٍ، فَباتَ له
طَوْع الشَّوامِتِ، مِنْ خَوْفٍ ومن صَرَدِ
يعني بالشَّوامِتِ الكِلابَ، وقيل: أَراد بها القوائم، وفي التهذيب: يقال
فلان طَوْعُ المكارِه إِذا كان معتاداً لها مُلَقًّى إِيّاها، وأَنشد
بيت النابغة، وقال: طوع الشوامت بنصب العين ورفعها، فمن رفع أَراد بات له
ما أَطاعَ شامِتُه من البرْدِ والخَوْف أَي بات له ما اشتَهى شامِتُه وهو
طَوْعُه ومن ذلك تقول: اللهم لا تُطِيعَنَّ بنا شامِتاً أَي لا تفعلْ بي
ما يَشْتَهِيه ويُحِبُّه، ومن نصب أَراد بالشَّوامِتِ قوائمه، واحدتها
شامِتةٌ؛ تقول: فبات الثوْرُ طَوْعَ قَوائِمِه أَي بات قائماً. وفرس
طَوْعُ العِنانِ: سَلِسُه. وناقة طَوْعةُ القِيادِ وطَوْعُ القِيادِ وطَيِّعةُ
القِيادِ: ليِّنة لا تُنازِعُ قائِدَها.
وتَطَوَّعَ للشيءِ وتَطَوَّعه، كلاهما: حاوَله، والعرب تقول: عَليَّ
أَمْرةٌ مُطاعةٌ. وطَوَّعَتْ له نفسُه قَتْلَ أَخِيه؛ قال الأَخفش: مثل
طَوَّقَتْ له ومعناه رخّصت وسهّلت، حكى الأَزهري عن الفراء: معناه فَتابَعَتْ
نفسُه، وقال المبرد: فطوَّعت له نفسه فَعَّلَتْ من الطوْع، وروي عن
مجاهد قال: فطوَّعت له نفسه شَجَّعَتْه؛ قال أَبو عبيد: عنى مجاهد أَنها
أَعانته على ذلك وأَجابته إِليه، قال: ولا أَدْرِي أَصله إِلاَّ من
الطَّواعِيةِ؛ قال الأَزهري: والأَشبه عندي أَن يكون معنى طَوَّعَتْ سَمَحَتّْ
وسهَّلت له نفسه قتل أَخيه أَي جعلت نفسُه بهواها المُرْدي قَتلَ أَخيه
سهلاً وهَوِيَتْه، قال: وأَما على قول الفراء والمبرد فانتصاب قوله قتلَ
أَخيه على إِفضاء الفعل إِليه كأَنه قال فطوَّعت له نفسه أَي انقادت في قتل
أَخيه ولقتل أَخيه فحذف الخافض وأَفْضَى الفعلُ إِليه فنصبه.
قال الجوهري: والاسْتِطاعةُ الطَّاقةُ؛ قال ابن بري: هو كما ذكر إِلاَّ
أَنّ الاستطاعة للإِنسان خاصّة والإِطاقة عامة، تقول: الجمل مطيق لحِمْله
ولا تقل مستطيع فهذا الفرق ما بينهما، قال: ويقال الفَرسُ صَبور على
الحُضْر. والاستطاعةُ: القدرة على الشيء، وقيل: هي استفعال من الطاعة؛ قال
الأَزهري: والعرب تحذف التاء فتقول اسْطاعَ يَسْطِيعُ؛ قال: وأَما قوله
تعالى: فما اسْطاعُوا أَن يظهروه، فإِن أَصله استطاعوا بالتاء، ولكن التاء
والطاء من مخرج واحد فحذفت التاء ليخف اللفظ، ومن العرب من يقول
اسْتاعوا، بغير طاء، قال: ولا يجوز في القراءة، ومنهم من يقول أَسْطاعُوا بأَلف
مقطوعة، المعنى فما أَطاعُوا فزادوا السين؛ قال: قال ذلك الخليل وسيبويه
عوضاً من ذهاب حركة الواو لأَن الأَصل في أَطاعَ أَطْوَعَ، ومن كانت هذه
لغته قال في المستقبل يُسْطِيعُ، بضم الياء؛ وحكي عن ابن السكيت قال: يقال ما
أَسطِيعُ وما أُسْطِيعُ وما أَسْتِيعُ، وكان حمزة الزيات يقرأُ: فما
اسْطّاعوا، بإِدغام الطاء والجمع بين ساكنين، وقال أَبو إِسحق الزجاج: من
قرأَ بهذه القراءة فهو لاحن مخطئ، زعم ذلك الخليل ويونس وسيبويه وجميع من
يقول بقولهم، وحجتهم في ذلك أَن السين ساكنة، وإِذا أُدغمت التاء في الطاء
صارت طاء ساكنة ولا يجمع بين ساكنين، قال: ومن قال أَطْرَحُ حركة التاء
على السين فأَقرأُ فما أَسَطاعوا فخطأ أَيضاً لأَن سين استفعل لم تحرك قط.
قال ابن سيده: واسْتَطاعَه واسْطاعَه وأَسْطاعَه واسْتاعَه وأَسْتاعَه
أَطاقَه فاسْتَطاعَ، على قياس التصريف، وأَما اسْطاعَ موصولةً فعلى حذف
التاء لمقارنتها الطاء في المخرج فاسْتُخِفَّ بِحذفها كما استخف بحذف أَحد
اللامين في ظَلْتُ، وأَما أَسْطاعَ مقطوعة فعلى أَنهم أَنابُوا السين
منَابَ حركة العين في أَطاعَ التي أَصلها أَطْوَعَ، وهي مع ذلك زائدة، فإِن قال
قائل: إِنّ السين عوض ليست بزائدة، قيل: إِنها وإِن كانت عوضاً من حركة
الواو فهي زائدة لأَنها لم تكن عوضاً من حرف قد ذهب كما تكون الهمزة في
عَطاءٍ ونحوه؛ قال ابن جني: وتعقب أَبو العباس على سيبويه هذا القول فقال:
إِنما يُعَوَّضُ من الشيء إِذا فُقِدَ وذهب، فأَما إِذا كان موجوداً في
اللفظ فلا وجه للتعويض منه، وحركة العين التي كانت في الواو قد نقلت إِلى
الطاء التي هي الفاء، ولم تعدم وإِنما نقلت فلا وجه للتعويض من شيء موجود
غير مفقود، قال: وذهب عن أَبي العباس ما في قول سيبويه هذا من الصحة، فإِمّا
غالَطَ وهي من عادته معه، وإِمّا زلّ في رأْيه هذا، والذي يدل على صحة
قول سيبويه في هذا وأَن السين عوض من حركة عين الفعل أَن الحركة التي هي
الفتحة، وإِن كانت كما قال أَبو العباس موجودة منقولة إِلى الفاء، إِما
فقدتها العين فسكنت بعدما كانت متحركة فوهنت بسكونها، ولما دخلها من
التَّهيُّؤ للحذف عند سكون اللام، وذلك لم يُطِعْ وأَطِعْ، ففي كل هذا قد حذف
العين لالتقاء الساكنين، ولو كانت العين متحركة لما حذفت لأَنه لم يك هناك
التقاء ساكنين، أَلا ترى أَنك لو قلت أَطْوَعَ يُطْوِعُ ولم يُطْوِعْ
وأَطْوِعْ زيداً لصحت العين ولم تحذف؟ فلما نقلت عنها الحركة وسكنت سقطت
لاجتماع الساكنين فكان هذا توهيناً وضعفاً لحق العين، فجعلت السين عوضاً من
سكون العين الموهن لها المسبب لقلبها وحذفها، وحركةُ الفاء بعد سكونها لا
تدفع عن العين ما لحقها من الضعف بالسكون والتَّهيُّؤ للحذف عند سكون
اللام،ويؤكد ما قال سيبويه من أَن السين عوض من ذهاب حركة العين أَنهم قد
عوضوا من ذهاب حركة هذه العين حرفاً آخر غير السين، وهو الهاء في قول من قال
أَهْرَقْــتُ، فسكن الهاء وجمع بينها وبين الهمزة، فالهاء هنا عوض من ذهاب
فتحة العين لأَن الأَصل أَرْوَقْتُ أَو أَرْيَقْتُ، والواو عندي أَقيس
لأَمرين: أَحدهما أَن كون عين الفعل واواً أَكثر من كونها ياء فيما اعتلت
عينه، والآخر أَن الماء إِذا هريق ظهر جوهره وصفا فَراق رائيه، فهذا
أَيضاً يقوّي كون العين منه واواً، على أَن الكسائي قد حكى راقَ الماءُ
يَرِيقُ إِذا انْصَبّ، وهذا قاطع بكون العين ياء، ثم إِنهم جعلوا الهاء عوضاً
من نقل فتحة العين عنها إِلى الفاء كما فعلوا ذلك في أَسطاع، فكما لا يكون
أَصل أَهرقــت استفعلت كذلك ينبغي أَن لا يكون أَصل أَسْطَعْتُ
اسْتَفْعَلْتُ، وأَما من قال اسْتَعْتُ فإِنه قلب الطاء تاء ليشاكل بها السين لأَنها
أُختها في الهمس، وأَما ما حكاه سيبويه من قولهم يستيع، فإِما أَن يكونوا
أَرادوا يستطيع فحذفوا الطاء كما حذفوا لام ظَلْتُ وتركوا الزيادة كما
تركوها في يبقى، وإِما أَن يكونوا أَبدلوا التاء مكان الطاء ليكون ما بعد
السين مهموساً مثلها؛ وحكى سيبويه ما أَستتيع، بتاءين، وما أَسْتِيعُ وعدّ
ذلك في البدل؛ وحكى ابن جني استاع يستيع، فالتاء بدل من الطاء لا محالة،
قال سيبويه: زادوا السين عوضاً من ذهاب حركة العين من أَفْعَلَ. وتَطاوَعَ
للأَمر وتَطَوَّعَ به وتَطَوَّعَه: تَكَلَّفَ اسْتِطاعَتَه. وفي التنزيل:
فمن تَطَوَّعَ خيراً فهو خير له؛ قال الأَزهري: ومن يَطَّوَّعْ خيراً،
الأَصل فيه يتطوع فأُدغمت التاء في الطاء، وكل حرف أَدغمته في حرف نقلته إِلى
لفظ المدغم فيه، ومن قرأَ: ومن تطوّع خيراً، على لفظ الماضي، فمعناه
للاستقبال، قال: وهذا قول حذاق النحويين. ويقال: تَطاوَعْ لهذا الأَمر حتى
نَسْتَطِيعَه. والتَّطَوُّعُ: ما تَبَرَّعَ به من ذات نفسه مما لا يلزمه
فرضه كأَنهم جعلوا التَّفَعُّلَ هنا اسماً كالتَّنَوُّطِ.
والمُطَّوِّعةُ: الذين يَتَطَوَّعُون بالجهاد، أُدغمت التاء في الطاء كما
قلناه في قوله: ومن يَطَّوَّعْ خيراً، ومنه قوله تعالى: والذين يلمزون
المطَّوّعين من المؤمنين، وأَصله المتطوعين فأُدغم. وحكى أَحمد بن يحيى
المطوِّعة، بتخفيف الطاء وشد الواو، وردّ عليه أَبو إِسحق ذلك. وفي حديث أَبي
مسعود البدري في ذكر المُطَّوِّعِينَ من المؤمنين: قال ابن الأَثير: أَصل
المُطَّوِّعُ المُتَطَوِّعُ فأُدغمت التاء في الطاء وهو الذي يفعل الشيء
تبرعاً من نفسه، وهو تَفَعُّلٌ من الطّاعةِ.
وطَوْعةُ: اسم.
ريق: راقَ الماءُ يَرِيقُ رَيْقاً: انْصَبَّ؛ حكاه الكسائي، وأَراقَه هو
إِراقة وهَراقَه على البدل؛ عن اللحياني، وقال: هي لغة يمانية ثم فشَت
في مصر، والمستقبل أُهَرِيقُ، والمصدر الإِراقهُ والهِراقهُ. وقال مرة:
أُرِيقَتْ عينُه دَمْعاً وهُرِيقت. وفي الحديث: كأَنَّما تُهْرَاقُ
الدِّماء. وراقَ السَّرابُ يَرِيقُ رَيْقاً: جرى وتضَحْضَحَ فَوقَ الأَرض؛ قال
رؤبة:
إِذا جَرى، من آلها الرَّقْراقِ،
رَيْقٌ وضَحْضاحٌ على القَياقِي
والرَّيْقُ: تَردُّد الماء على وجه الأَرض من الضَّحْضاح ونحوه إِذا
انْصَبَّ الماء.
الليث: الرِّيقُ ماء الفَم غُدْوة قبل الأَكل ويؤَنث في الشعر فيقال
ريقَتُها؛ غيره: والرِّيق الرُّضابُ، والرِّيقة أَخصّ منه. ورِيقهُ الفم
ورِيقُه: لعابُه، وجمع الرِّيق أَرْياقٌ ورِياق؛ قال القطامي:
وكأَنَّ طَعْم مُدامةٍ عانِيّةٍ
شَمِلَ الرِّياقَ، وخالَطَ الأَسْنانا
ورجل رَيِّقٌ، على فَيْعِل، وعلى الرِّيق أَي لم يُفْطِر. وقولهم:
أَتيتُه على رِيقِ نفْسي أَي لم أَطْعَم شيئاً. ويقال: أَتيته رَيِّقاً
وأَتيته رائقاً أَي على رِيقٍ لم أَطعم شيئاً؛ حكاه يعقوب. والماء الرائقُ:
الذي يُشرب على الرِّيق غُدْوة، زاد الجوهري: ولا يقال إِلاَّ للماء؛ وأَكلت
خبزاً رَيْقاً أَي بغير إِدام؛ وجاءَ فلان رائقاً عَثَرِيّاً أَي
فارِغاً بلا شيء؛ حكاه سيبويه، وقال ابن الأَعرابي: معناه جاءَ غير محمود
المَجِيء، ويقال: شربت الماءَ رائقاً وهو أَن يشرَبه شارِبه غُدوة بلا ثُفْل،
ولا يقال إِلاَّ للماء. وراقَ الرَّجلُ يَرِيقُ إِذا جادَ بنفْسه عند
الموت، وقال الكسائي: هو يَرِيق بنفسه رُيُوقاً أَي يَجُود بها عند الموت.
ورَيِّقُ كل شيء أَفضلهُ وأَوَّله، تقول: رَيِّقُ الشَّباب ورَيِّقُ المطر
وقد يخفَّف فيقال رَيْقٌ؛ قال لبيد:
مَدَحْنا لها رَيْقَ الشَّبابِ، فعارَضَتْ
جَناب الصِّبا في كاتِمِ السِّرِّ أَعْجَما
قال ابن بري: رَيِّقُ الشباب فيْعِل من راقَني الشيءُ يَرُوقني أَي
أَعجبني، قال: فحقه أَن يذكر في ترجمة روق لا ريق، فأَما قولهم رجُل رَيِّق
إِذا كان على رِيقِه، فهو من الياء، قال: والرَّيْقُ تخفيف الرَّيِّق؛
وأَنشد المُفَضَّل:
على كُلِّ رَيْقٍ ترَى مُعْلَماً
يُهَدِّرُ، كالجمَلِ الأَجْرَب
أَي رَيْق مُعْجب يعني فرساً؛ وقيل: رَيِّقُ المطر ناحِيته وطرفهُ؛
يقال: كان رَيِّقُهُ علينا وحِمِرُّه على بني فلان؛ وحِمِرُّه: مُعظَمُه،
ويقال: رَيِّق المطر أَوَّل شُؤْبُوبه؛ ابن سيده: ورَيِّقُ الشباب أَوله،
وقيل: إنما أَصله الواو، ورَيِّقُ الليل أَوله؛ قال العجاج:
أَلجَأَه رَعْدٌ من الأَشْراطِ،
ورَيْقُ الليلِ إِلى أَراطِ
وقوله:
فأَدْنى حِمارَيْكِ ازْجُرِي، إِنْ أَرَدْتِنا،
ولا تَذْهَبي في رَيْقِ ليْلٍ مُضَلَّل
يجوز أَن يُعْنَى بالرِّيْقِ أَوَّل الشيء وأَن يعنى به السَّراب لأَنه
مما يَكْنُون به عن الباطل. وراقَ السَّرابُ يَرِيقُ رَيْقاً إِذا لمَعَ
فوق الأَرض، وتَرَيَّقَ مثله. ويقال: ذهب رَيْقاً أَي باطلاً؛ وأَنشد:
حِمارَيْكِ سُوقي وازْجُري، إِن أَطعْتِني،
ولا تَذْهَبي في رَيْق لُبٍّ مُضَلَّلِ
(* قوله «في ريق» تقدم في مادة حمر: في رنق بالنون والصواب ما هنا)
ويقال: أَقصِرْ عن رَيْقك أَي عن باطِلك. ابن بري: الرَّيْقُ الباطل؛
قال حَسَّان بنُ يَعْلى العَنْبري:
أَقُولُ لِمَنْ أَرْجُو نَصِيحةَ صَدْرِه:
لَعَنَّك مِن صَهْباءَ في رَيْقِ باطِلِ
التهذيب: التِّرْياقُ اسم تِفْعالٌ سمي بالرِّيق لما فيه من رِيق
الحيَّات، ولا يقال تَرْياقٌ، ويقال دِرْياقٌ. ويقال: كان هذا الأَمْر وبنا
رَيْقٌ أَي قُوَّة، وكذلك كان هذا الأَمر وبنا رَمَقٌ وبُلَّةٌ كله الرَّخاء
والرِّفْق؛ وقول ذي الرُّمَّة يصف ثوراً:
حتَّى إِذا شَمَّ الصَّبا وأَبْرَدا،
سَوْفَ العَذَارَى الرَّائقَ المُجَسَّدا
قيل: أَراد بالرائِق ثوباً قد عُجِن بالمِسْك، والمُجَسَّد المُشْبَع
صِبْغاً؛ وقيل: الرَّائقُ الشَّباب الذي يَرُوقُها حُسْنُه وشَبابه؛ وذكر
ابن الأَثير في هذه الترجمة قال: وفي حديث علي فإِذا بِرَيْقِ سيف، يروى
بفتح الراء وكسر الباء، من راقَ
السَّرابُ إِذا لمَعَ، ولو روي بفتحها على أَنها أَصلية من برَق السيفُ
لكان وجهاً بَيِّناً؛ قال الواقدي: لم أَسمع أَحداً إِلاَّ يقول:
بِرَيْقِ سيفٍ من ورَائي يعني بكسر الباء وفتح الراء.
سفح: السَّفْحُ: عُرْضُ الجبل حيث يَسْفَحُ فيه الماءُ، وهو عُرْضُه
المضطجِعُ؛ وقيل: السَّفْح أَصل الجبل؛ وقيل: هو الحضيض الأَسفل، والجمع
سُفوح؛ والسُّفوحُ أَيضاً: الصخور اللينة المتزلقة.
وسَفَح الدمعَ يَسْفَحُه سَفْحاً وسُفوحاً فَسَفَح: أَرسله؛ وسَفَح
الدمعُ نفسُه سَفَحاناً؛ قال الطرماح:
مُفَجَّعة، لا دَفْعَ للضَّيْم عندها،
سوى سَفَحانِ الدَّمع من كلِّ مَسفَح
ودُموعٌ سَوافِحُ، ودمع سَفُوحٌ سافِحٌ ومَسْفُوح. والسَّفْحُ للدم:
كالصَّبّ.
ورجل سَفَّاح للدماء: سَفَّاك.
وسَفَحْتُ دمه: سَفَكته. ويقال: بينهم سِفاحٌ أَي سَفْك للدماء. وفي
حديث أَبي هلال: فقتل على رأْس الماء حتى سَفَحَ الدمُ الماءَ؛ جاء تفسيره
في الحديث: أَنه غَطَّى الماءَ؛ قال ابن الأَثير: وهذا لا يلائم اللغة
لأَن السَّفْحَ الصَّبُّ، فيحتمل أَنه أَراد أَن الدم غلب الماء فاستهلكه،
كالإِناء الممتلئ إِذا صُبَّ فيه شيء أَثقل مما فيه فإِنه يخرج مما فيه
بقدر ما صُبَّ فيه، فكأَنه من كثرة الدم انْصَبَّ الماء الذي كان في ذلك
الموضع فخلفه الدم. وسَفَحْتُ الماءَ: هَرَقْتُه.
والتَّسافُحُ والسِّفاح والمُسافحة: الزنا والفجور؛ وفي التنزيل:
مُحْصِنينَ غيرَ مُسافِحين؛ وأَصل ذلك من الصبِّ، تقول: سافَحْته مُسافَحة
وسِفاحاً، وهو أَن تقيم امرأَةٌ مع رجل على فجور من غير تزويج صحيح؛ ويقال
لابن البَغيِّ: ابنُ المُسافِحةِ؛ وفي الحديث: أَوّلُه سِفاحٌ وآخرُه
نِكاح، وهي المرأَة تُسافِحُ رجلاً مدة، فيكون بينهما اجتماع على فجور ثم
يتزوّجها بعد ذلك، وكره بعض الصحابة ذلك، وأَجازه أَكثرهم. والمُسافِحة:
الفاجرة؛ وقال تعالى: مُحْصَناتٍ غيرَ مُسافِحات؛ وقال أَبو إِسحق:
المُسافِحة التي لا تمتنع عن الزنا؛ قال: وسمي الزنا سِفاحاً لأَنه كان عن غير
عقد، كأَنه بمنزلة الماء المَسْفوح الذي لا يحبسه شيء؛ وقال غيره: سمي الزنا
سفاحاً لأَنه ليس ثَمّ حرمة نكاح ولا عقد تزويج.
وكل واحد منهما سَفَحَ مَنْيَتَه أَي دَفَقَها بلا حرمة أَباحت
دَفْقَها؛ ويقال: هو مأْخوذ من سَفَحْت الماء أَي صببته؛ وكان أَهل الجاهلية إِذا
خطب الرجل المرأَة، قال: أَنكحيني، فإِذا أَراد الزنا، قال: سافحيني.
ورجل سَفَّاحٌ، مِعْطاء، من ذلك، وهو أَيضاً الفصيح. ورجل سَفَّاح أَي قادر
على الكلام. والسَّفَّاح: لقب عبد الله بن محمد أَوّل خليفة من بني
العباس.
وإِنه لمَسْفُوح العُنُق أَي طويله غليظه.
والسَّفِيحُ: الكساء الغليظ. والسَّفِيحان: جُوالِقانِ كالخُرْج يجعلان
على البعير؛ قال:
يَنْجُو، إِذا ما اضْطَرَبَ السَّفِيحان،
نَجاءَ هِقْلٍ جافِلٍ بفَيْحان
والسَّفِيحُ: قِدْحٌ من قداح المَيسِر، مما لا نصيب له؛ قال طَرَفَةُ:
وجامِلٍ خَوَّعَ من نِيبهِ
زَجْرُ المُعَلَّى، أُصُلاً، والسَّفيحْ
قال اللحياني: السَّفِيحُ الرابعُ من القِداح الغُفْلِ التي ليست لها
فروض ولا أَنصباء ولا عليها غُرْم، وإِنما يُثَقَّلُ بها القداح اتقاء
التهمة؛ قال اللحياني: يدخل في قداح الميسر قداح يتكثر بها كراهة التهمة،
أَولها المُصَدَّر ثم المُضَعَّفُ ثم المَنِيح ثم السَّفِيح، ليس لها غُنْم
ولا عليها غُرْم؛ وقال غيره: يقال لكل من عَمِلَ عَمَلاً لا يُجْدي عليه:
مُسَفِّحٌ، وقد سَفَّح تَسْفيحاً؛ شبه بالقِدْح السَّفِيح؛ وأَنشد:
ولَطالَما أَرَّبْتُ غيرَ مُسَفِّحٍ،
وكَشَفْتُ عن قَمَعِ الذُّرى بحُسامِ
قوله: أَرَّبْتُ أَي أَحكمت، وأَصله من الأُرْبة وهي العُقدة وهي أَيضاً
خير نصيب في الميسر؛ وقال ابن مقبل:
ولا تُرَدُّ عليهم أُرْبَةُ اليَسَرِ
وناقة مسفوحةُ الإِبطِ أَي واسعة الإِبط؛ قال ذو الرمة:
بمَسْفُوحةِ الآباط عُرْيانةِ القَرى،
نِبالٌ تَواليها، رِحابٌ جُنُوبُها
وجمل مَسْفُوح الضلوع: ليس بكَّزِّها؛ وقول الأَعشى:
تَرْتَعِي السَّفْحَ فالكَثِيبَ، فذا قا
رٍ، فَرَوْضَ القَطا، فذاتَ الرِّئالِ
هو اسم موضع بعينه.
فيح: فاحَ الحرُّ يَفِيحُ فَيْحاً: سَطَعَ وهاجَ. وفي الحديث: شدّة
القَيْظ من فَيْح جهنم: الفَيْح: سُطُوع الحرّ وفَوَرانُه، ويقال بالواو، وقد
ذكر قبل هذه الترجمة؛ وفاحت القِدْرُ تَفِيحُ وتَفُوحُ إِذا غَلَتْ، وقد
أَخرجه مَخْرَجَ التشبيه أَي كأَنه نار جهنم في حرِّها.
وأَفِحْ عنك من الظهيرة أَي أَقم حتى يسكن عنك حر النهار ويبرد. ابن
الأَعرابي: يقال أَرِقْ عنك من الظهيرة وأَهْرِقْ وأَهْرئ وأَنْجِ
وبَخْبِخْ وأَفِحْ إِذا أَمرته بالإِبْرَاد. وفاحَتِ الريح الطيبة خاصة فَيْحاً
وفَيَحاناً: سَطَعَت وأَرِجَتْ، وخص اللحياني به المِسْكَ؛ ولا يقال: فاحت
ريح خبيثة إِنما يقال للطَّيِّبة، فهي تَفِيحُ. وفاحت القِدْرُ
وأَفَحْتُها أَنا: غَلَتْ. وفاحَ الدمُ فَيْحاً وفَيَحاناً، وهو فاحٍ: انْصَبَّ.
وأَفاحَه: هَراقه؛ وقال أَبو حَرْب بن عُقَيْلٍ الأَعْلَمُ جاهِليٌّ:
نَحْنُ قَتَلْنا المَلِكَ الجَحْجاحا،
ولم نَدَعْ لسَارِحٍ مُراحا،
إِلا دِياراً، أَو دَماً مُفاحا
الجَحْجَاح: العظيمُ السُّؤددِ والمُراحُ: الذي تأْوي إِليه النَّعَم؛
أَراد لم نَدَع لهم نَعَماً تحتاج إِلى مُراح. وأَفاحَ الدماءَ أَي
سَفَكَها. وشَجَّةٌ تَفِيحُ بالدم: تَقْذِفُ. وفاحت الشَّجَّةُ، فهي تَفِيحُ
فَيْحاً: نَفَحَتْ بالدم أَيضاً؛ وفي حديث أَبي بكر: مُلْكاً عَضُوضاً
ودَماً مُفاحاً أَي سائلاً؛ مُلْكٌ عَضُوضٌ يَنال الرعِيَّةَ منه ظُلْمٌ
وعَسْفٌ كأَنهم يُعَضُّونَ عَضّاً. وأَفَحْتُ الدم: أَسَلْتُه.
والفَيْحُ والفَيَحُ: السَّعَةُ والانتشار.
والأَفْيَحُ والفَيَّاحُ: كل موضع واسع. بحرٌ أَفْيَحُ بَيِّنُ
الفَيَحِ: واسعٌ، وفَيَّاحٌ، أَيضاً، بالتشديد. وروضة فَيْحاء: واسعة، والفعل من
كل ذلك فاحَ يَفاحُ فَيْحاً، وقياسه فَيِحَ يَفْيَحُ. ودارٌ فَيْحاءُ:
واسعة؛ وفي حديث أُمّ زَرْعٍ: وبَيتُها فَيَّاحٌ أَي واسعٌ؛ رواه أَبو عبيد
مشدّداً؛ وقال غيره: الصواب التخفيف؛ وفي الحديث: اتَّخَذَ رَبُّك في
الجنة وادياً أَفْيَحَ من مِسْكٍ؛ كلُّ موضع واسع يقال له أَفيَحُ
وفَيَّاح. الليث: الفَيَحُ مصدر الأَفْيَح، وهو كل موضع واسع؛ أَبو زيد: يقال لو
مَلَكْتُ الدنيا لَفَيَّحْتُها في يوم واحد أَي أَنفَقْتُها وفرَّقتها في
يوم واحد. ورجل فَيَّاح نَفَّاح: كثير العطايا؛ وإِنه لَجَواد فَيَّاحٌ
وفَيَّاضٌ بمعنى. وفاحت الغارَةُ تَفِيح: اتَّسَعَتْ.
وفَيَاحِ مثل قطامِ: اسم للغارة.، وكان يقال للغارة في الجاهلية فِيحِي
فَيَاحِ، وذلك إِذا دَفَعَتِ الخيلُ المُغِيرة فاتسعت؛ وقال شَمِرٌ:
فِيحِي أَي اتسعي عليهم وتَفَرَّقي؛ قال غَنِيُّ بن مالك، وقيل هو لأَبي
السَّفَّاح السَّلُوليّ:
دَفَعْنا الخيلَ شائلةً عليهم،
وقُلْنا بالضُّحى: فيحِي فَياحِ
الأَزهري: قولهم للغارة فِيحِي فَيَاحِ؛ الغارة هي الخيل المُغِيرة
تَصْبَح حَيّاً نازلين، فإِذا أَغارت على ناحية من الحَيِّ تَحَرَّزَ عُظْمُ
الحَيِّ، لَجَأُوا إِلى وَزَرٍ يَلُوذون، وإِذا اتسعوا وانتشروا
أَحْرَزوا الحَيَّ أَجمع؛ ومعنى فيحي انتشري أَيتها الخيل المغيرة؛ وقيل: معْناه
اتسعي عليهم يا غارة وخذيهم من كل وجه، وسماها فَيَاحِ لأَنها جماعة
مؤَنثة خُرِّجَتْ مَخْرَج قَطَامِ وحَذَامِ وكَسَابِ وما أَشبهها. والشائلة:
المرتفعة؛ يعني أَن أَذنابها ارتفعت، وإِنما ترتفع أَذنابها إِذا عدت،
وذلك يدل على شدة ظهورها؛ كما قال المُفَضَّلُ البَكْرِي:
تَشُقُّ الأَرضَ شائلةَ الذُّنابَى،
وهادِيها كأَنْ جِذعٌ سَحُوقُ
والفَيْحُ: خِصْبُ الربيع في سَعَةِ البلادِ، والجمع فُيُوحٌ؛ قال:
تَرْعَى السحابَ العَهْدَ والفُيُوحا
قال الأزهري: رواه ابن الأَعرابي: والفُتُوحا، بالتاء؛ والفَتْحُ
والفُتُوح من الأَمطار؛ قال: وهذا هو الصحيح وقد ذكرناه في مكانه
(* قوله «وقد
ذكرناه في مكانه» لكنه قال هناك جمعه فتوح، بفتح الفاء. وكتبنا عليه
بالهامش انكار محشي القاموس عليه، ويؤيده ضبط الفتوح هنا بضم الفاء مع
المثناة الفوقية أو التحتية، وهو القياس. فلعل قوله هناك بفتح الفاء تحريف من
الناسخ عن بضم الفاء.) وناقة فَيَّاحة إِذا كانت ضَخْمَة الضَّرْع غزيرة
اللبن؛ قال:
قد نَمْنَحُ الفَيَّاحةَ الرَّفُودا،
تَحْسِبُها خالِيةً صَعُودا
وفَيْحَانُ: اسم أَرض؛ قال الراعي:
أَو رَعْلَةٌ من قَطا فَيْحانَ حَلأَّها،
عن ماءِ يَثْرَبَةَ، الشُّبَّاكُ والرَّصَدُ
والفَيحَاءُ: حَساءٌ مع تَوَابِلَ.
ظرر: الظِّرُّ والظُّرَرَةُ والظُّرَرُ: الحَجَرُ عامة، وقيل: هو الحجر
المُدَوّر، وقيل: قطعة حجر له حَدّ كحدِّ السكين، والجمع ظِرَّان
وظُرَّان. قال ثعلب: ظُرَر وظِرَّان كجُرَذٍ وجِرْذانٍ، وقد يكون ظِرّان وظُرّان
جمع ظِرٍّ كَصِنْوٍ وصِنْوان وذِئْب وذؤبان. وفي الحديث عن النبي، صلى
الله عليه وسلم، أَن عدِيّبن حاتم سأَله فقال: إِنَّا نَصيدُ الصَّيْدَ
ولا نَجِدُ ما نُذَكِّي به إِلاَّ الظِّرَارَ وشِقّةَ العَصا، قال: امْرِ
الدمَ بما شئْت. قال الأَصمعي: الظِّرَارُ واحدها ظُرَرٌ، وهو حجر
مُحَدَّدٌ صُلْب، وجمعُه ظِرَارٌ، مثل رُطَب ورِطَابٍ، وظِرَّانٌ مثل صُرَدٍ
وصِرْدان؛ قال لبيد:
بجَسْرةٍ تَنْجُل الظِّرَّانَ ناجِيةً،
إِذا تَوقَّدَ في الدِّيْموسةِ الظُّرَرُ
وفي حديث عدي أَيضاً: لا سِّكْينَ إِلاَّ الظَّرَّانُ، ويجمع أَيضاً على
أَظِرَّة؛ ومنه: فأَخذت ظُرَراً من الأَظِرَّة فذَبَحْتُها به. شمر:
المَظَرّة فلْقة من الظِّرَّان يقطع بها، وقال: ظَرِير وأَظِرَّة، ويقال
ظُرَرَةٌ واحدةٌ؛ وقال ابن شميل: الظِّرُّ حَجَر أَمْلَس عريض يَكسره الرجا
فيَجْزِر الجَزورَ وعلى كل لون يكون الظُّرَر، وهو قبل أَن يُكسر ظُرَرٌ
أَيضاً، وهي في الأَرض سَلِيل وصَفائحُ مثل السيوف. والسَّلِيل الحجر
العريض؛ وأَنشد:
تَقِيه مَظارِيرَ الصُّوى من نعاله؛
بسورٍ تُلحيِّه الحصى، كنَوى القَسْبِ
وأَرض مَظِرَّة، بكسر الظاء: ذاتُ حجارة؛ عن ثعلب. وفي التهذيب: ذات
ظِرَّان. وحكى الفارسي: أَرى أَرضاً مَظَرَّةً، بفتح الميم والظاء، ذات
ظِرَّان.
والظَّرِيرُ: نَعْتُ المكان الحَزْن. والظَّرِيرُ: المكان الكثير
الحجارة، والجمع كالجمع. والظَّرِيرُ: العلَمُ الذي يُهْتدَى به، والجمع
أَظِرَّةٌ وظُرَّانٌ، مثل أَرْغْفِة ورُغْفانٍ. التهذيب: والأَظِرَّةُ من
الأَعلام التي يهتدى بها مثل الأَمِرَّة، ومنها ما يكون مَمْطوراً
(* قوله:
«ممطوراً» بهامش الأَصل ما نصه: صوابه ممطولاً). صُلْباً يُتَّخذُ منه
الرَّحى.
والظُّرَرُ والمَظَرَّةُ: الحجر يقطع به. الليث: يقال ظَرَرْتُ
مَظَرَّةً، وذلك أَن الناقة إِذا أَبْلَمت، وهو داء يأْخذها في حَلْقة الرحم،
فيَضِيق فيأْخذ الراعي مَظَرَّةً ويُدْخل يدَه في بطنها من ظَبْيَتها ثم
يقطع من ذلك الموضع كالثُّؤْلولِ، وهو ما أَبْلم في بطن الناقة، وظَرَّ
مَظَرَّةً: قطعها. وقال بعضهم في المثل: أَظِرِّي فإِنك ناعلة أَي اركبي
الظُّرَرَ، والمعروف بالطاء، وقد تقدم.
روق: الرَّوْق: القَرْن من كلّ ذي قَرن، والجمع أَرْواق؛ ومنه شعر عامر
بن فُهيرة:
كالثَّور يَحْمِي أَنْفَه برَوْقِه
وفي حديث علي، عليه السلام، قال:
تِلْكُم قُرَيْشٌ تَمنَّاني لتَقْتُلَنِي،
فلا وربِّك، ما بَرُّوا ولا ظَفِروا
فإِن هَلَكْتُ، فَرَهْنٌ ذِمَّتِي لهمُ
بذات رَوْقَيْنِ، لا يَعْفُو لها أَثرُ
الرَّوْقانِ: تثنية الرَّوْقِ وهو القَرْنُ، وأَراد بها ههنا الحَربَ
الشديدةَ، وقيل الدّاهية، ويروى بذات وَدْقَينِ وهي الحرب الشديدة أَيضاً.
ورَوْقُ الإِنسان: هَمُّه ونَفْسه، إِذا أَلقاه على الشيء حِرْصاً قيل:
أَلقَى عليه أَرْواقَه؛ كقول رؤبة:
والأَرْكُبُ الرامُون بالأَرواقِ
ويقال: أَكل فلانٌ رَوْقَه وعلى روْقهِ إِذا طال عُمُره حتى تَتَحاتّ
أَسنانُه. وأَلقى عليه أَرواقَه وشَراشِره: وهو أَن يُحبه حُبّاً شديداً
حتى يَسْتَهْلِك في حُبه. وأَلقى أَرْواقَه إِذا عَدا واشتدَّ عَدْوُه؛ قال
تأَبط شرّاً:
نَجوتُ منها نجائي من بَجِيلةَ، إِذْ
أَلْقَيْتُ، لَيلةَ جَنْبِ الجَوِّ، أَرْواقي
أَي لم أَدَعْ شيئاً من العدْوِ إِلاّ عدَوْته، وربما قالوا: أَلقى
أَرْواقَه إِذا أَقام بالمكان واطمأَن به كما يقال أَلقى عَصاه. ورماه
بأَرْواقه إِذا رَماه بثِقْلِه. وأَلْقَت السحابةُ على الأَرض أَرواقها:
أَلَحَّتْ بالمطر والوَبْل، وإِذا أَلحت السحابة بالمطر وثبتت بأَرض قيل:
أَلْقت عليها أَرواقَها؛ وأَنشد:
وباتت بأَرواقٍ عَلَينا سَوارِيا
وأَلقت أَرواقها إِذا جدّت في المطر. ويقال: أَسْبَلَت أَرواقُ العَيْن
إِذا سالت دموعُها؛ قال الطرمّاح:
عَيْناك غَرْبا شَنَّةٍ أَسبَلَتْ
أَرواقُها من كَيْن أَخْصامِها
ويقال: أَرْخَت السماءُ أَرواقَها وعَزاليَها. ورَوْقُ السحابِ:
سَيْلُه؛ وأَنشد:
مِثْل السحابِ إِذا تَحدَّر رَوْقُه
ودَنا أُمِرَّ، وكان ممَّا يُمْنَع
أَي أُمِرَّ عليه فمرَّ ولم يُصبه منه شيء بعدما رجاه. وفي الحديث: إِذا
أَلْقَتِ السماء بأَرواقِها أَي بجميع ما فيها من الماء؛ والأَرْواقُ:
الأَثْقالُ؛ أَراد مِياهَها المُثْقِلة للسحاب. والأَرْواقُ: جماعة
الجِسم، وقيل: الرَّوْق الجسم نفسه. وإِنه ليركَبُ الناسَ بأَرواقه، وأَرواقُ
الرجل: أَطرافه وجسَدُه. وأَلقى علينا أَرواقَه أَي غَطّانا بنفسه.
ورمَوْنا بأَرْواقِهم أَي رمونا بأَنفسهم؛ قال شمر: ولا أَعرف قوله أَلقى
أَرواقَه إِذا اشتدّ عدْوُه، قال: ولكني أَعرفه بمعنى الجِدّ في الشيء؛ وأَنشد
بيت تأَبط شرّاً:
نجوت منها نجائي من بجيلةَ، إِذا
أَرْسَلْتُ، لَيْلةَ جَنْب الرَّعْنِ، أَرواقي
ويقال: أَرسل أَرواقَه إِذا عدا، ورمى أَرواقه إِذا أَقام وضرب بنفسه
الأَرضَ. ويقال: رمى فلان بأَرواقِه على الدابة إِذا ركبها، ورمى بأَرواقه
عن الدابة إِذا نزل عنها. وفي نوادر الأَعراب: رَوْقُ المطر وروْق
الجَيش وروْقُ البيتِ وروْقُ الخيل مُقدَّمُه، وروْق الرجل شبابه، وهو أَوّل
كل شيء مما ذكرته. ويقال: جاءنا رَوْقُ بني فلان أَي جماعة منهم، كما
يقال: جاءنا رأْسٌ لجماعة القوم. ابن سيده: رَوْقُ الشباب وغيره ورَيْقُه
ورَيِّقُه كل ذلك أَوله؛ قال البَعِيث:
مَدَحْنا لَها رَيْقَ الشَّباب، فعارَضتْ
جَناب الصِّبا في كاتِمِ السِّرّ أَعْجَما
ويقال: فعَله في رَوْق شبابه وريِّق شبابه أَي في أَوّله. وريِّقُ كل
شيء: أَفضله، وهو فَيْعِل، فأُدغم. ورَوْقُ البيت: مقدِّمه، ورِواقه
ورُواقه: ما بين يديه، وقيل سَماوَتُه، وهي الشُّقّة التي دون العُلْيا، والجمع
أَرْوِقة، ورُوقٌ في الكثير؛ قال سيبويه: لم يجز ضمّ الواو كراهية
الضمّة قبلها والضمة فيها، وقد رَوَّقَه. الجوهري: الرَّوْقُ والرِّواقُ
سَقْفٌ في مقدَّم البيت، والرِّواق سِتْر يُمدّ دون السقف. يقال: بيت
مُرَوَّقٌ؛ ومنه قول الأَعشى:
فظَلَّتْ لَدَيْهِم في خِباءِ مُرَوَّقِ
قال ابن بري: بيت الأَعشى هو قوله:
وقد أَقْطَعُ الليلَ الطويلَ بفتْيةٍ
مَسامِيحَ تُسْقَى، والخِباءُ مُرَوَّقُ
وقال بعضهم: رِواق البيت مُقدَّمه. ابن سيده: رِواقا الليل مقدمه
وجَوانِبُه؛ قال:
يَرِدْنَ، والليلُ مُرِمٌّ طائرُهْ،
مُرْخىً رِواقاه، هُجودٌ سامِرُهْ
ويروى: مُلْقىً رِواقاه، ورواه ابن الأَعرابي: وليلُ مُرَوَّقٌ مُرْخَى
الرِّواق؛ قال ذو الرُّمّة يصف الليل، وقيل يصف الفجر:
وقد هَتَكَ الصُّبْحُ الجَلِيُّ كِفاءهُ،
ولكنه جَوْنُ السَّراةِ مُرَوَّقُ
ومضَى رَوْقٌ من الليل أَي طائفة. ابن بري: ويجمع رَوْق على أَرْوُق؛
قال:
خُوصاً إِذا ما الليلُ أَلْقى الأَرْوُقا،
خَرَجْنَ من تحتِ دُجاه مُرَّقا
قال: وقد يحتمل أَن يكون جمعَ رِواقٍ على حدّ قولهم مَكان وأَمْكُنٌ،
قال: وكذا فسره أَبو عمرو الشَّيباني فقال: هو جمع رِواق، وربما قالوا:
رَوَّقَ الليلُ إِذا مَدَّ رِواقَ ظُلْمته وأَلقى أَرْوِقَته. ابن
الأَعرابي: الرَّوْقُ السَّيِّد، والرَّوْقُ الصافي من الماء وغيره، والرَّوْقُ
العُمُر. يقال: أَكل رَوْقَه. والرَّوْقُ نفْس النَّزْع، والرَّوْق
المُعجِب. يقال: رَوْقٌ ورَيْقٌ؛ وأَنشد المفضل:
على كلّ رَيْقٍ تَرَى مُعْلَماً،
يُهَدِّرُ كالجَمَلِ الأَجْرَبِ
قال: الرَّيْقُ ههنا الفرَس الشريف. والرَّوْقُ: الحُبُّ الخالِص.
والأَرْواقُ: الفَساطِيطُ؛ الليث: بيت كالفُسطاط يُحمل على سِطاعٍ واحد في
وسَطه، والجمع أَرْوِقةٌ. ويقال: ضرب فلان رَوْقَه بموضع كذا إِذا نزل به
وضرب خيمته. وفي حديث الدَّجّال: فيضرب رواقَه فيخرج إِليه كل مُنافِق، أَي
يضرب فُسطاطه وقُبَّته وموضعَ جلوسه. وروي عن عائشة، رضي الله عنها، في
حديث لها: ضرَب الشيطانُ رَوْقَه ومَدّ أَطْنابَه؛ قيل: الرَّوْقُ
الرِّواق وهو ما بين يدي البيت. قال الأَزهري: رَوْقُ البيت ورواقُه واحد، وهي
الشُّقة التي دون الشقّة العُليا؛ ومنه قول ذي الرمة:
ومَيِّتة في الأَرضِ إِلاَّ حُشاشةً،
ثَنَيْتُ بها حَيّاً بمَيْسورِ أَرْبعِ
بثِنْتَيْنِ، إِن تَضرِبْ ذِهِي تَنْصَرِفْ ذِهِي،
لكِلَتَيْهِما رَوْق إِلى جَنْبِ مِخْدَعِ
قال الباهلي: أَراد بالمَيتة الأُثْرة، ثَنَيتُ بها حَيّاً أَي
بَعِيراً؛ يقول: اتَّبَعْت أَثَره حتى رَدَدْته. والأُثْرة: مِيسَم في خُفّ
البعير ميّتة خَفِيّة، وذلك أَنها تكون بيِّنة ثم تَثبُت مع الخف فتكاد تستوي
حتى تُعادَ، إِلاّ حُشاشة: إِلاَّ بَقِيّة منها، بمَيْسُور أَي بِشقٍّ
ميسور، يعني أَنه رأَى الناحية اليُسرى فعرفه بِثنتين يعني عَينين، رَوْق
يعني رِواقاً، وهو حجابها المشرف عليها، وأَراد بالمِخْدع داخل البعير.
ابن الأَعرابي: من الأَخْبِية ما يُرَوَّقُ، ومنها ما لا يروَّق؛ فإِذا كان
بيتاً ضَخْماً جعل له رِواق وكفاء، وقد يكون الرِّواقُ من شُقّة
وشُقَّتين وثلاث شُقق. الأَصمعي: رِواقُ البيت ورُواقه سَماوتُه وهي الشُّقَّ
التي دون العُليا. أَبو زيد: رِواق البيت سُتْرةُ مُقدَّمِه من أَعلاه إِلى
الأَرض، وكِفاؤه سُترة أَعلاه إِلى أَسفله من مؤخره، وسِتْر البيت أَصغر
من الرِّواق، وفي البيت في جَوفه سِتر آخَر يدعى الحَجَلةَ؛ وقال بعضهم:
رواق البيت مُقدَّمه، وكِفاؤه مؤخَّره، سمي كِفاء لأَنه يُكافئ
الرِّواق، وخالِفتاه جانباه؛ قال ذو الرمة:
ولكنه جون السَّراة مروّق
وقد تقدّم هذا البيت؛ شبّه ما بدا من الصبح ولمّا ينْسَفِر وهو يَسوق
نفسه.
والرّوْقُ: موضع الصائد مُشبّه بالرّواق. والرَّوْقُ: الإِعْجاب.
وراقَني الشيءُ يَرُوقُني رَوْقاً ورَوَقاناً: أَعجبني، فهو رائق وأَنا مَرُوق،
واشْتُقّت منه الرُّوقة وهو ما حَسُن من الوَصائفِ والوُصَفاء. يقال:
وَصِيفٌ رُوقةٌ وَوُصَفاء رُوقة. وقال بعضهم: وصفاء رُوق؛ وقول ابن مقبل في
راق:
راقَتْ على مُقْلَتَيْ سُوذانِقٍ خَرِصٍ،
طاوٍ تَنَفَّضَ من طَلٍّ وأَمْطارٍ
وصف عين نفسه أَنها زادت علي عيني سُوذانِق. ويقال: راقَ فلان على فلان
إِذا زاد عليه فضلاً، يَرُوق عليه، فهو رائق عليه؛ وقال الشاعر يصف
جارية:راقَتْ على البِيضِ الحِسا
نِ بحُسْنِها وَبهائها
وقال غيره: أَرْواقُ الليلِ أَثناء ظُلَمه؛ وأَنشد:
ولَيْلةٍ ذاتِ قَتامٍ أَطْباقْ،
وذاتِ أَرْواقٍ كأَثْناء الطّاقْ
والرُّوقةُ: الجَميل جدّاً من الناس، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث، وقد
يجمع على رُوَقٍ، ورُبّما وُصفت به الخيل والإِبل في الشعر؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
تَرْمِيهِمُ بِبَكَراتٍ رُوقَه
إِلا أَنه قال رُوقة ههنا جمع رائق؛ قال ابن سيده: فأَمّا الهاء عندي
فلتأْنيث الجمع، ولم يقل ابن الأَعرابي إِن هذا إِنما يوصف به الخيل
والإِبل في الشعر بل أَطلقه فلم يخص شعراً من غيره. والرُّوق: الغِلمان الملاح،
الواحد رائق. ويقال: غِلمان رُوقة أَي حِسان، وهو جمع رائق مثل فارِه
وفُرْهة وصاحب وصُحْبة، ورُوقٌ أَيضاً مثل بازِل وبُزْلٍ؛ ومنه قول
الراجز:يا رُبَّ مُهْرٍ مَزْعوقْ،
مُقَيَّلٍ أَو مَغْبُوقْ
من لبَن الدُّهْم الرُّوقْ،
حتّى شَتا كالذُّعْلُوقْ،
أَسْرَع من طَرْف المُوقْ
وفي حديث ذكر الروم: فيَخرج إِليهم رُوقة المؤمنين أَي خِيارُهم
وسَراتُهم، وهي جمع رائق. راقَ الشيءُ إِذا صَفا، ويكون للواحد. يقال: غُلامٌ
رُوقةٌ وغِلمان رُوقة. والرُّوقة: الشيء اليسير، يَمانية.
والرَّاوُوقُ: المِصْفاةُ، وربما سموا الباطِيةَ راوُوقاً. الليث:
الراووق ناجُود الشَّراب الذي يُرَوَّق به فيُصَفَّى، والشراب يَتروَّقُ منه
من غير عصر. وراقَ الشرابُ والماءُ يَرُوقان رَوْقاً وتَروُّقاً: صَفَوَا؛
ورَوَّقه هو تَرْوِيقاً، واستعار دُكَينٌ الراوُوقَ للشَّباب فقال:
أُسْقَى بِراووق الشَّباب الخاضِلِ
وإِراقةُ الماء ونحوه: صَبُّه. وأَراقَ الماء يُرِيقه وهَراقَه
يُهَرِيقُه بدَل، وأَهْراقَه يُهْرِيقُه عِوَضٌ: صبَّه. قال ابن سيده: وإِنما
قُضِيَ على أَن أَصل أَراق أَرْوَقَ لأَمرين: أَحدهما أَنّ كون عين الفعل
واواً أكثر من كونها ياء فيما اعْتلَّت عينه، والآخر أَنّ الماء إِذا
هُرِيقَ ظهر جَوْهرُه وصَفا فَراقَ رائيَه يَرُوقُه، فهذا يقوِّي كون العين
منه واواً، على أَنّ الكسائي قد حكى راقَ الماءُ يَرِيقُ إِذا انْصبّ،
وهذا قاطع بكون العين ياء. قال ابن بري: أَرَقْت الماء منقول من راقَ الماء
يَرِيقُ رَيْقاً إِذا تردد على وجه الأَرض، فعلى هذا كان حقه أَن يذكر في
فصل ريق لا في فصل روق. وأَراقَ الرجل ماء ظَهرِه وهَراقه، على البدل،
وأَهْراقه على العوض كما ذهب إِليه سيبويه في قولهم أَسْطاعَ، وقالوا في
مصدره إِهراقة كما قالوا إِسْطاعة؛ قال ذو الرُّمّة:
فلَمّا دَنَتْ إِهْراقةُ الماء أَنْصَبَتْ
لأَعْزِلَه عنها، وفي النَّفْس أَن أَثْني
ورجل مُرِيقٌ وماء مُراقٌ على أَرَقْت، ورجل مُهَرِيقٌ وماء مُهَراقٌ
على هَرَقْت، ورجل مُهْريقٌ وماء مُهْراقٌ على أَهْرَقْــت؛ والإِراقةُ: ماء
الرجل وهي الهِراقة، على البدل، والإهْراقة، على العِوَض. وهما
يتَراوقانِ الماء: يتَداوَلانِ إِراقَته. ورَوَّق السَّكْران: بالَ في ثيابه؛ هذه
وحدها عن أَبي حنيفة، وذلك جميعه مذكور في الياء لأَن الكلمة واوية
ويائية.
والرَّوَقُ، بالتحريك: طول وانْثِناء في الأَسنان، وقيل: الرَّوَقُ طول
الأَسنان وإِشْرافُ العُلْيا على السُّفْلى، رَوِقَ يَرْوَقُ رَوَقاً فهو
أَرْوَقُ إِذا طالت أَسنانه؛ قال لبيد يصف أَسْهُماً:
فرَمَيْت القوْمَ رِشْقاً صائباً،
ليْسَ بالعُصْلِ ولا بالمُقْتَعِلْ
رَقَمِيَّاتٌ عليها ناهِضٌ،
تُكْلِحُ الأَرْوَقَ منهم والأَيَلْ
والرُّوق: الطِّوالُ الأَسنان، وهو جمع الأَرْوَق، والنعت أَرْوَقُ
ورَوْقاء، والجمع رُوقٌ؛ وأَنشد:
إِذا ما حالَ كُسُّ القَومِ رُوقا
والتَّرْويقُ: أَن تَبيع شيئاً لك لتشتري أَطْول منه وأَفضل، وقيل:
الترويق أَن تبيع بالياً وتشتري جديداً؛ عن ثعلب، وقيل: الترويق أَن يبيع
الرجل سِلْعته ويَشتري أَجْودَ منها. وقال ابن الأَعرابي: باعَ سلعته فروَّق
أَي اشترى أَحسن منها.
نهز: نَهَزَه نَهْزاً: دفعه وضربه مثل نَكَزَه ووَكَزَه. وفي الحديث: من
توضأَ ثم خرج إِلى المسجد لا يَنْهَزُه إِلاَّ الصلاةُ غفر له ما خلا من
ذنبه؛ النَّهْزُ: الدفعُ، يقال: نَهَزْتُ الرجلَ أَنْهَزُه إِذا دفعته،
ونَهَزَ رأْسَه إِذا حَرَّكه؛ ،ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: من أَتى هذا
البيتَ ولا يَنْهَزُه إِليه غيرُه رَجَع وقد غُفِرَ له؛ يريد أَنه من خرج
إِلى المسجد أَو حج ولم ينو بخروجه غير الصلاة والحج من أُمور الدنيا.
ومنه الحديث: أَنه نَهَزَ راحِلَتَه أَي دفعها في السير. ونَهَزَتِ الدابةُ
إِذا نهضت بصدرها للسير؛ قال:
فلا يَزالُ شاحِجٌ يَأْتِيكَ بِجْ،
أَقْمَرُ نَهَّازٌ يُنَزِّي وَفْرَ تِجْ
والنَّهْزُ: التَّناوُل باليد والنُّهوضُ للتناول جميعاً. والناقةُ
تَنْهُزُ بصدرها إِذا نهضت لتَمْضِيَ وتسير؛ وأَنشد:
نَهُوزٌ بأُولاها زَجُولٌ بصَدْرِها
والدابة تَنْهَزُ بصدرها إِذا ذَبَّتْ عن نفسها؛ قال ذو الرمة:
قِياماً تَذُبُّ البَقَّ عن نُخَراتِها
بِنَهْزٍ، كإِيماءِ الرُّؤوسِ المَواتِعِ
الأَزهري: النُّهْزَةُ اسم للشيء الذي هو لك مُعَرَّض كالغنيمة.
والنُّهْزَةُ: الفُرْصَةُ تجده من صاحبك. ويقال: فلان نُهْزَةُ المُخْتَلِسِ أَي
هو صيد لكل أَحد؛ ومنه حديث أَبي الدَّحْداحِ:
وانْتَهَزَ الحَقَّ إِذا الحَقُّ وَضَحْ
أَي قلبه وأَسرع إِلى تناوله. وحديث أَبي الأَسود: وإِن دُعِيَ
انْتَهَزَ. وتقول: انْتَهِزُها قد أَمْكَنَتْكَ قبل الفَوْتِ.
والمُناهَزَةُ: المُبادَرَةُ. يقال: ناهَزْتُ الصيدَ فَقَبَضْتُ عليه
قبل إِفلاته. وانْتَهَزَها وناهَزَها: تناولها من قُرْب وبادرها واغتنمها،
وقد ناهَزَتْهُم الفُرَصُ؛ وقال:
ناهَزْتُهُمْ بِنَيْطَلٍ جَرُوفِ
وتَناهَزَ القومُ: كذلك؛ أَنشد سيبويه:
ولقز عَلِمْتُ، إِذا الرِّجالُ تَناهَزُوا،
أَيِّي وأَيُّكمُ أَعَزُّ وأَمْنَعُ
ويقال للصبي إِذا دنا للفطام: نَهَزَ للفطام، فهو ناهِزٌ، والجارية
كذلك، وقد ناهَزا؛ وأَنشد:
تُرْضِعُ شِبْلَيْن في مَغارِهما،
قد ناهَزا للفِطامِ أَو فُطِما
وناهَزَ فلانٌ الحُلُمَ ونَهَزَه إِذا قاربه. وناهَزَ الصبي البلوغَ أَي
داناه. ومنه حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: وقد ناهَزْتُ الاحتلامَ.
وناهَزَ الخمسين: قارَبها. وإِبل نَهْزُ مائةٍ ونِهازُ مائة ونُهازُ مائة أَي
قُرابَتُها. الأَزهري: كان الناس نَهْزَ عشرة آلافٍ أَي قُرْبَها. وفي
الحديث: أَن رجلاً اشترى من مال يَتامَى خمراً فلما نزل التحريم أَتى
النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، فعرّفه فقال: أَهْرِقُــها. وكان المالُ نَهْزَةَ
عشرة آلاف أَي قُرْبَها، وحقيقته كان ذا نَهْز. ونَهَز الفَصِيلُ ضَرْعَ
أُمه: مثل لهَزَه. الأَزهري: وفلان يَهْنَزُ دابته نَهْزاً ويَلْهَزُها
لَهْزاً إِذا دفعها وحركها. الكسائي: نَهَزَه ولَهَزَه بمعنى واحد.
ونَهَزَ الناقةَ يَنْهَزُها نَهْزاً: ضرب ضَرَّتَها لِتَدِرَّ صُعُداً.
والنَّهُوزُ من الإِبل: التي يموت ولدها فلا تَدِرُّ حتى يُوجَأَ
ضَرْعُها. وناقة نَهُوزٌ: لا تَدِرُّ حتى يُنْهَزَ لَحْياها أَي يُضْرَبا؛
قال:أَبْقَى على الذُّلِّ من النَّهُوزِ
وأَنْهَزَتِ الناقةُ إِذا نَهَزَ ولدُها ضَرْعَها؛ قال:
ولكِنَّها كانت ثلاثاً مَياسِراً،
وحاِلَ حُولٍ أَنْهَلَتْ فأَحَلَّتِ
ورواه ابن الأَعرابي: أَنْهَزَتْ ولا وجه له. ونَهَزْتُ بالدَّلو في
البئر إِذا ضربت بها إِلى الماء لتمتلئَ. ونَهَزَ الدَّلْوَ يَنْهَزُها
نَهْزاً: نزع بها؛ قال الشَّمَّاخ:
غَدَوْنَ لها صُعْرَ الخُدُودِ، كما غَدَتْ،
على ماء يَمْؤُودَ، الدِّلاءُ النَّواهِزُ
يقول: غدت هذه الحمر لهذا الماء كما غدت الدلاء النواهز لماء يَمْؤُودَ،
وقيل: النَّواهِزُ اللواتي يُنْهَزْنَ في الماء أَي يُحَرَّكْنَ
ليمتلئن، فاعل بمعنى مفعول، والأَوّل أَفضل.
وهما يَتناهَزانِ إِمارَةَ بلد كذا أَي يَبْتَدِرانِ. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: أَتاه الجارودُ وابنُ سَيَّارٍ يَتَناهَزان إِمارَةً أَي
يتبادران إِلى طلبها وتناولها؛ ومنه حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه: سَيَجِدُ
أَحدُكم امرأَته قد ملأَت عِكْمَها من وَبَرِ الإِبل فلْيُناهِزْها
وليقطعْ وليُرْسِلْ إِلى جاره الذي لا وَبَرَ له أَي يبادرها ويسابقها
إِليه.ونَهَزَ الرجلُ: مَدَّ بعُنُقِه وناءَ بصدره ليَتَهَوَّعَ؛ ومنه حديث
عطاء: أَو مَصْدُور يَنْهَزُ قَيْحاً أَي يقذفه؛ والمَصْدُور: الذي
بِصَدْرِه وجع. ونَهَزَ: مَدَّ عُنُقَه وناءَ بصدره ليَتَهَوَّع. ويقال:
نَهَزَتْني إِليك حاجةٌ أَي جاءت بي إِليك؛ وأَصل النَّهْز: الدفع، كأَنها
دفعتني وحَرَّكَتْني.
وناهِزٌ ومُناهِزٌ ونُهَيْز: أَسماء.