مارو [مفرد]
• المارو العملاق: (حن) نوع ضخم من الأسماك البحريّة يصل طوله حتى مترين ووزنه 300 كيلو جرام، يعيش غير بعيد عن الشَّاطئ في المناطق ذات القعر الصَّخريّ، ويعدُّ من الــأنواع الجيِّدة التي يبحث عنها هواةُ الصَّيد.
مأي: مَأَيْتُ في الشيء أَمْأَى مَأْياً: بالغتُ. ومأَى الشجرُ مَأْياً:
طَلَع، وقيل: أَوْرَقَ. ومَأَوْتُ الجلْدَ والدَّلوَ والسِّقاءَ مأْواً
ومَأَيْتُ السقاءَ مَأْياً إِذا وَسَّعْتَه ومددته حتى يتسع. وتَمَأّى
الجلدُ يَتَمَأّى تَمَئيّاً تَوَسَّع، وتَمَأَّتِ الدلوُ كذلك، وقيل:
تَمَئيِّها امتدادها، وكذلك الوعاء، تقول: تَمَأَّى السِّقاءُ والجِلدُ فهو
يَتَمأَّى تَمَئيِّاً وتَمَؤُّواً، وإِذا مددتَه فاتَّسع، وهو
تَفَعُّل؛وقال:
دَلْوٌ تَمَأَّى دُبِغَتْ بالحُلَّبِ،
أَو بأَعالي السَّلَمِ المُضَرَّبِ،
بُلَّتْ بِكَفَّيْ عَزَبٍ مُشَذَّبِ،
إِذا اتَّقَتْكَ بالنَّفِيِّ الأَشْهَبِ،
فلا تُقَعْسِرْها ولكِنْ صَوِّبِ
وقال الليث: المَأْيُ النَّمِيمة بين القوم. مأَيْتُ بين القوم: أَفسدت.
وقال الليث: مَأَوْتُ بينهم إِذا ضربت بعضهم ببعض، ومَأَيتُ إِذا
دَبَبْتَ بينهم بالنميمة؛ وأَنشد:
ومَأَى بَيْنَهُمْ أَخُو نُكُراتٍ
لمْ يَزَلْ ذا نَمِيمَةٍ مأْآأَا
وامرأَة مَأْآءَةٌ: نَمَّامةٌ مثل مَعَّاعةٍ، ومُسْتَقْبِلُه يَمْأَى.
قال ابن سيده: ومَأَى بين القوم مَأْيّاً أَفسَدَ ونَمَّ. الجوهري: مَأَى
ما بينهم مَأْياً أَي أَفسد؛ قال العجاج:
ويَعْتِلُونَ مَن مأَى في الدَّحْسِ،
بالمأْسِ يَرْقَى فوقَ كلِّ مَأْسِ
والدَّحْسُ والمَأْسُ: الفساد. وقد تَمَأّى ما بينهم أَي فسد. وتَمَأْى
فيهم الشَّر: فَشا واتَّسع. وامرأَة ماءةٌ، على مثل ماعةٍ: نَمَّامَةٌ
مقلوب، وقياسه مآةٌ على مِثال مَعاةٍ.
وماءَ السِّنَّوْرُ يَمُوءُ مُواءً
(* قوله« وماء السنور يموء مواء» كذا
في الأصل وهو من المهموز، وعبارة القاموس: مؤاء بهمزتين.) ومأَتِ
السنورُ كذلك إِذا صاحت، مثل أَمَتْ تَأْمُو أُماء؛ وقال غيره: ماء السنورُ
يَمْوءُ كَمَأَى. أَبو عمرو: أَمْوَى إِذا صاح صِياحَ السنورِ.
والمِائةُ: عدد معروف، وهي من الأَسماء الموصوف بها، حكى سيبويه: مررت
برجُلٍ مائةٍ إِبلُه، قال: والرفع الوجه، والجمع مِئاتٌ ومئُونَ على وزن
مِعُونَ، ومِئٌ مثال مِعٍ، وأَنكر سيبويه هذه الأَخيرة، قال: لأَن بنات
الحرفين لا يُفعل بها كذا، يعني أَنهم لا يجمعون عليها ما قد ذهب منها في
الإِفراد ثم حذفَ الهاء في الجمع، لأَن ذلك إِجحاف في الاسم وإِنما هو
عند أَبي علي المِئِيُّ. الجوهري في المائة من العدد: أَصلها مِئًي مثل
مِعًى، والهاء عوض من الياء، وإِذا جمعت بالواو والنون قلت مِئُون، بكسر
الميم، وبعضهم يقول مُؤُونَ، بالضم؛ قال الأَخفش: ولو قلت مِئاتٌ مثل مِعاتٍ
لكان جائزاً؛ قال ابن بري: أَصلها مِئْيٌ. قال أَبو الحسن: سمعت مِئْياً
في معنى مِائةٍ عن العرب، ورأَيت هنا حاشية بخط الشيخ رضِيّ الدِّين
الشاطبي اللغوي رحمه الله قال: أَصلها مِئْيةٌ، قال أَبو الحسن: سمعت مِئْيةً
في معنى مِائةٍ، قال: كذا حكاه الثمانيني في التصريف، قال: وبعض العرب
يقول مائة درهم، يشمون شيئاً من الرفع في الدال ولا يبينون، وذلك الإِخفاء،
قال ابن بري: يريد مائة درهم بإدغام التاء في الدال من درهم ويبقى
الإِشمام على حدّ قوله تعالى: ما لك لا تَأْمَنَّا؛ وقول امرأَة من بني
عُقَيْل تَفْخَرُ بأَخوالها من اليمن، وقال أَبو زيد إِنه للعامرِيَّة:
حَيْدَةُ خالي ولَقِيطٌ وعَلي،
وحاتِمُ الطائيُّ وهَّابُ المِئِي،
ولمْ يكنْ كخالِك العَبْدِ الدَّعِي
يَأْكلُ أَزْمانَ الهُزالِ والسِّني
هَناتِ عَيْرٍ مَيِّتٍ غيرِ ذَكي
قال ابن سيده: أَراد المِئِيَّ فخفف كما قال الآخر:
أَلَمْ تكنْ تَحْلِفُ باللهِ العَلي
إِنَّ مَطاياكَ لَمِنْ خَيرِ المَطِي
ومثله قول مُزَرِّد:
وما زَوّدُوني غير سَحْقِ عَباءةٍ،
وخَمْسِمِئٍ منها قَسِيٌّ وزائفُ
(* قوله« عباءة» في الصحاح: عمامة.)
قال الجوهري: هما عند الأَخفش محذوفان مرخمان. وحكي عن يونس: أَنه جمع
بطرح الهاء مثل تمرة وتمر، قال: وهذا غير مستقيم لأَنه لو أَراد ذلك لقال
مِئًى مثل مِعًى، كما قالوا في جمع لِثةٍ لِثًى، وفي جمع ثُبةٍ ثُباً؛
وقال في المحكم في بيت مُزَرِّد: أَرادَ مُئِيٍّ فُعُول كحِلْيةٍ وحُلِيٍّ
فحذف، ولا يجوز أَن يريد مِئِين فيحذف النون، لو أَراد ذلك لكان مئِي
بياء، وأما في غير مذهب سيبويه فمِئٍ من خَمْسِمِئٍ جمع مائة كسِدْرة
وسِدْرٍ، قال: وهذا ليس بقويّ لأَنه لا يقال خَمْسُ تَمْرٍ، يراد به خَمْس
تَمْرات، وأَيضاً فإِنَّ بنات الحرفين لا تجمع هذا الجمع، أَعني الجمع الذي
لا يفارق واحده إِلا بالهاء؛ وقوله:
ما كانَ حامِلُكُمْ مِنَّا ورافِدُكُمْ
وحامِلُ المِينَ بَعْدَ المِينَ والأَلَفِ
(* قوله« ما كان حاملكم إلخ» تقدم في أ ل ف: وكان.)
إنما أَراد المئين فحذف الهمزة، وأَراد الآلاف فحذف ضرورة. وحكى أَبو
الحسن: رأَيت مِئْياً في معنى مائة؛ حكاه ابن جني، قال: وهذه دلالة قاطعة
على كون اللام ياء، قال: ورأَيت ابن الأَعرابي قد ذهب إِلى ذلك فقال في
بعض أَماليه: إِنَّ أَصل مائة مِئْيةٌ، فذكرت ذلك لأَبي علي فعجب منه أَن
يكون ابن الأَعرابي ينظر من هذه الصناعة في مثله، وقالوا ثلثمائةٍ
فأَضافوا أَدنى العدد إِلى الواحد لدلالته على الجمع كما قال:
في حَلْقِكُمْ عَظْمٌ وقَدْ شَجِينا
وقد يقال ثلاث مِئاتٍ ومِئِينَ، والإِفراد أَكثر على شذوذه، والإِضافة
إِلى مائة في قول سيبويه ويونس جميعاً فيمن ردَّ اللام مِئَوِيٌّ
كمِعَوِيٍّ، ووجه ذلك أَنَّ مائة أَصلها عند الجماعة مِئْية ساكنة العين، فلما
حذفت اللام تخفيفاً جاورت العين تاء التأْنيث فانفتحت على العادة والعرف
فقيل مائة، فإِذا رددت اللام فمذهب سيبويه أَن تقرأَ العين بحالها متحركة،
وقد كانت قبل الرد مفتوحة فتقلب لها اللام أَلفاً فيصير تقديرها مِئاً
كَثِنًى، فإِذا أَضفت إِليها أَبدلت الأَلف واواً فقلت مِئَوِيٌّ
كَثِنَوِيٍّ، وأَما مذهب يونس فإِنه كان إِذا نسب إِلى فَعْلة أَو فِعْلة مما لامه
ياء أَجراهُ مجْرى ما أَصله فَعِلة أَو فِعِلة، فيقولون في الإِضافة
إِلى ظَبْيَة ظَبَوِيٌّ، ويحتج بقول العرب في النسبة إِلى بِطْيَة بِطَوِيّ
وإِلى زِنْيَة زِنَوِيّ، فقياس هذا أَن تجري مائة وإِن كانت فِعْلة مجرى
فِعَلة فتقول فيها مِئَوِيٌّ فيتفق اللفظان من أَصلين مختلفين. الجوهري:
قال سيبويه يقال ثَلَثمائةٍ، وكان حقه أَن يقولوا مِئِينَ أَو مِئاتٍ كما
تقول ثلاثة آلاف، لأَن ما بين الثلاثة إِلى العشرة يكون جماعة نحو ثلاثة
رجال وعشرة رجال، ولكنهم شبهوه بأَحد عشر وثلاثة عشر، ومن قال مِئِينٌ
ورَفَع النونَ بالتنوين ففي تقديره قولان: أَحدهما فِعْلِينٌ مثل
غِسْلِينٍ وهو قول الأَخفش وهو شاذ، والآخر فِعِيل، كسروا لكسرة ما بعده وأَصله
مِئِيٌّ ومُئِيٌّ مثال عِصِيّ وعُصِيّ، فأَبدلوا من الياء نوناً. وأَمْأَى
القومُ: صاروا مائةً وأَمايتهم أَنا، وإِذا أَتممت القومَ بنفسك مائةً
فقد مَأَيْتَهم، وهم مَمْئِيُّون، وأَمْأَوْاهم فهم مُمْؤُون. وإِن
أَتممتهم بغيرك فقد أَمْأَيْتَهُمْ وهم مُمْأَوْنَ. الكسائي: كان القوم تسعة
وتسعين فأَمْأَيْتُهم، بالأَلف، مثل أَفعَلْتُهم، وكذلك في الأَلف
آلَفْتُهم، وكذلك إِذا صاروا هم كذلك قلت: قد أَمْأَوْا وآلَفُوا إِذا صاروا
مائةً أَو أَلْفاً. الجوهري: وأَمْأَيْتُها لك جعلتها مائةً. وأَمْأَتِ
الدراهمُ والإِبلُ والغنمُ وسائر الــأَنواع: صارت مائةً، وأَمْأَيْتها مِائةً.
وشارطْتُه مُماآةً أَي على مائةٍ؛ عن ابن الأَعرابي، كقولك شارطته
مُؤالفةً. التهذيب: قال الليث المائةُ حذفت من آخرها واو، وقيل: حرف لين لا
يدرى أَواو هو أَو ياء، وأَصل مِائة على وزن مِعْية، فحولت حركة الياء إِلى
الهمزة، وجمعها مِأَايات على وزن مِعَيات، وقال في الجمع: ولو قلت مِئات
بوزن مِعات لجاز.
والمَأْوة: أَرض منخفضة، والجمع مَأْوٌ.
صفر: الصُّفْرة من الأَلوان: معروفة تكون في الحيوان والنبات وغير ذلك
ممَّا يقبَلُها، وحكاها ابن الأَعرابي في الماء أَيضاً. والصُّفْرة
أَيضاً: السَّواد، وقد اصْفَرَّ واصفارّ وهو أَصْفَر وصَفَّرَه غيرُه. وقال
الفراء في قوله تعالى: كأَنه جِمَالاتٌ صُفْرٌ، قال: الصُّفر سُود الإِبل لا
يُرَى أَسود من الإِبل إِلا وهو مُشْرَب صُفْرة، ولذلك سمَّت العرب سُود
الإِبل صُفراً، كما سَمَّوا الظِّباءَ أُدْماً لِما يَعْلُوها من الظلمة
في بَياضِها. أَبو عبيد: الأَصفر الأَسود؛ وقال الأَعشى:
تلك خَيْلي منه، وتلك رِكابي،
هُنَّ صُفْرٌ أَولادُها كالزَّبِيب
وفرس أَصْفَر: وهو الذي يسمى بالفارسية زَرْدَهْ. قال الأَصمعي: لا
يسمَّى أَصفر حتى يصفرَّ ذَنَبُه وعُرْفُهُ. ابن سيده: والأَصْفَرُ من الإِبل
الذي تَصْفَرُّ أَرْضُهُ وتَنْفُذُه شَعْرة صَفْراء.
والأَصْفَران: الذهب والزَّعْفَران، وقيل الوَرْسُ والذهب. وأَهْلَكَ
النِّساءَ الأَصْفَران: الذهب والزَّعْفَرا، ويقال: الوَرْس والزعفران.
والصَّفْراء: الذهب لِلَوْنها؛ ومنه قول عليّ بن أَبي طالب، رضي الله عنه:
يا دنيا احْمَرِّي واصْفَرِّي وغُرِّي غيري. وفي حديث آخر عن عليّ، رضي
الله عنه: يا صَفْراءُ اصْفَرِّي ويا بَيْضاء ابْيَضِّي؛ يريد الذهب
والفضة، وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، صالَحَ أَهلَ خَيْبَر على
الصَّفْراء والبَيْضاء والحَلْقَة؛ الصَّفْراء: الذهب، والبيضاء: الفِضة،
والحَلْقة: الدُّرُوع. يقال: ما لفلان صفراء ولا بَيْضاء. والصَّفْراءُ
من المِرَرِ: سمَّيت بذلك للونها. وصَفَّرَ الثوبَ: صَبغَهُ بِصُفْرَة؛
ومنه قول عُتْبة ابن رَبِيعة لأَبي جهل: سيعلم المُصَفِّر اسْتَه مَن
المَقْتُولُ غَداً. وفي حديث بَدْر: قال عتبة بن ربيعة لأَبي جهل: يا
مُصَفِّر اسْتِهِ؛ رَماه بالأُبْنَةِ وأَنه يُزَعْفِر اسْتَهُ؛ ويقال: هي كلمة
تقال للمُتَنَعِّمِ المُتْرَفِ الذي لم تُحَنِّكْهُ التَّجارِب والشدائد،
وقيل: أَراد يا مُضَرِّط نفسه من الصَّفِير، وهو الصَّوْتُ بالفم
والشفتين، كأَنه قال: يا ضَرَّاط، نَسَبه إِلى الجُبْن والخَوَر؛ ومنه الحديث:
أَنه سَمِعَ صَفِيرَه. الجوهري: وقولهم في الشتم: فلان مُصَفَّر اسْتِه؛
هو من الصِفير لا من الصُّفرة، أَي ضَرَّاط.
والصَّفْراء: القَوْس. والمُصَفِّرة: الَّذِين عَلامَتُهم الصُّفْرَة،
كقولك المُحَمَّرة والمُبَيِّضَةُ.
والصُّفْريَّة: تمرة يماميَّة تُجَفَّف بُسْراً وهي صَفْراء، فإِذا
جَفَّت فَفُركَتْ انْفَرَكَتْ، ويُحَلَّى بها السَّوِيق فَتَفوق مَوْقِع
السُّكَّر؛ قال ابن سيده: حكاه أَبو حنيفة، قال: وهكذا قال: تمرة يَمامِيَّة
فأَوقع لفظ الإِفراد على الجنس، وهو يستعمل مثل هذا كثيراً. والصُّفَارَة
من النَّبات: ما ذَوِيَ فتغيَّر إِلى الصُّفْرَة. والصُّفارُ: يَبِيسُ
البُهْمَى؛ قال ابن سيده: أُراه لِصُفْرَته؛ ولذلك قال ذو الرمة:
وحَتَّى اعْتَلى البُهْمَى من الصَّيْفِ نافِضٌ،
كما نَفَضَتْ خَيْلٌ نواصِيَها شُقْرُ
والصَّفَرُ: داءٌ في البطن يصفرُّ منه الوجه. والصَّفَرُ: حَيَّة تلزَق
بالضلوع فَتَعَضُّها، الواحد والجميع في ذلك سواء، وقيل: واحدته صَفَرَة،
وقيل: الصَّفَرُ دابَّة تَعَضُّ الضُّلوع والشَّرَاسِيف؛ قال أَعشى
باهِلة يَرْثِي أَخاه:
لا يَتَأَرَّى لِمَا في القِدْرِ يَرْقُبُهُ،
ولا يَعَضُّ على شُرْسُوفِه الصَّفَرُ
وقيل: الصَّفَر ههنا الجُوع. وفي الحديث: صَفْرَة في سبيل الله خير من
حُمْر النَّعَمِ؛ أَي جَوْعَة. يقال: صَغِر الرَطْب إِذا خلا من اللَّبَن،
وقيل: الصَّفَر حَنَش البَطْن، والصَّفَر فيما تزعم العرب: حيَّة في
البطن تَعَضُّ الإِنسان إِذا جاع، واللَّذْع الذي يجده عند الجوع من عَضِّه.
والصَّفَر والصُّفار: دُودٌ يكون في البطن وشَراسيف الأَضلاع فيصفرُّ
عنه الإِنسان جِدّاً وربَّما قتله. وقولهم: لا يَلْتاطُ هذا بِصَفَري أَي
لا يَلْزَق بي ولا تقبَله نفسي. والصُّفار: الماء الأَصْفَرُ الذي يُصيب
البطن، وهو السَّقْيُ، وقد صُفِرَ، بتخفيف الفاء. الجوهري: والصُّفار،
بالضم، اجتماع الماء الأَصفر في البطن، يُعالَجُ بقطع النَّائط، وهو عِرْق
في الصُّلْب؛ قال العجاج يصِف ثور وحش ضرب الكلب بقرنه فخرج منه دم كدم
المفصود أَو المَصْفُور الذي يخرج من بطنه الماء الأَصفر:
وبَجَّ كلَّ عانِدٍ نَعُورِ،
قَضْبَ الطَّبِيبِ نائطَ المَصْفُورِ
وبَجَّ: شق، أَي شق الثورُ بقرنه كل عِرْق عانِدٍ نَعُور. والعانِد:
الذي لا يَرْقأُ له دمٌ. ونَعُور: يَنْعَرُ بالدم أَي يَفُور؛ ومنه عِرْق
نَعَّار. وفي حديث أَبي وائل: أَن رجلاً أَصابه الصَّفَر فنُعِت له
السُّكَّر؛ قال القتيبي: هو الحَبَنُ، وهو اجتماع الماء في البطن. يقال: صُفِر،
فهو مَصْفُور، وصَفِرَ يَصْفَرُ صَفَراً؛ وروى أَبو العباس أَن ابن
الأَعرابي أَنشده في قوله:
يا رِيحَ بَيْنُونَةَ لا تَذْمِينا،
جِئْتِ بأَلْوان المُصَفَّرِينا
قال قوم: هو مأْخوذ من الماء الأَصفر وصاحبه يَرْشَحُ رَشْحاً
مُنْتِناً، وقال قوم: هو مأْخوذ من الصَّفَر، وهو الجوعُ، الواحدة
صَفْرَة.ورجل مَصْفُور ومُصَفَّر إِذا كان جائعاً، وقيل: هو مأْخوذ من الصَّفَر،
وهي حيَّات البطن.
ويقال: إِنه لفي صُفْرة للذي يعتريه الجنون إِذا كان في أَيام يزول فيها
عقله، لأَنهم كانوا يمسحونه بشيء من الزعفران.
والصُّفْر: النُّحاس الجيد، وقيل: الصُّفْر ضرْب من النُّحاس، وقيل: هو
ما صفر منه، واحدته صُفْرة، والصِّفْر: لغة في الصُّفْر؛ عن أَبي عبيدة
وحده؛ قال ابن سيده: لم يَكُ يُجيزه غيره، والضم أَجود، ونفى بعضهم الكسر.
الجوهري: والصُّفْر، بالضم، الذي تُعمل منه الأَواني. والصَّفَّار: صانع
الصُّفْر؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
لا تُعْجِلاها أَنْ تَجُرَّ جَرّا،
تَحْدُرُ صُفْراً وتُعَلِّي بُرّا
قال ابن سيده: الصُّفْر هنا الذهب، فإِمَّا أَن يكون عنى به الدنانير
لأَنها صُفْر، وإِمَّا أَن يكون سماه بالصُّفْر الذي تُعْمل منه الآنية لما
بينهما من المشابهة حتى سمي اللاَّطُون شَبَهاً.
والصِّفْر والصَّفْر والصُّفْر: الشيء الخالي، وكذلك الجمع والواحد
والمذكر والمؤنث سواء؛ قال حاتم:
تَرَى أَنَّ ما أَنفقتُ لم يَكُ ضَرَّني،
وأَنَّ يَدِي، مِمَّا بخلتُ به، صفْرُ
والجمع من كل ذلك أَصفار؛ قال:
لَيْسَتْ بأَصْفار لِمَنْ
يَعْفُو، ولا رُحٍّ رَحَارحْ
وقالوا: إِناءٌ أَصْفارٌ لا شيء فيه، كما قالوا: بُرْمَة أَعْشار. وآنية
صُفْر: كقولك نسْوَة عَدْل. وقد صَفِرَ الإِناء من الطعام والشراب،
والرَطْب من اللَّبَن بالكسر، يَصْفَرُ صَفَراً وصُفُوراً أَي خلا، فهو
صَفِر. وفي التهذيب: صَفُر يَصْفُر صُفُورة. والعرب تقول: نعوذ بالله من
قَرَعِ الفِناء وصَفَرِ الإِناء؛ يَعْنُون به هَلاك المَواشي؛ ابن السكيت:
صَفِرَ الرجل يَصْفَر صَفِيراً وصَفِر الإِناء. ويقال: بيت صَفِر من المتاع،
ورجل صِفْرُ اليدين. وفي الحديث: إِنَّ أَصْفَرَ البيوت
(* قوله: «ان
أصفر البيوت» كذا بالأَصل، وفي النهاية أصفر البيوت بإسقاط لفظ إِن). من
الخير البَيْتُ الصَّفِرُ من كِتاب الله. وأَصْفَر الرجل، فهو مُصْفِر، أَي
افتقر. والصَّفَر: مصدر قولك صَفِر الشيء، بالكسر، أَي خلا.
والصِّفْر في حِساب الهند: هو الدائرة في البيت يُفْني حِسابه.
وفي الحديث: نهى في الأَضاحي عن المَصْفُورة والمُصْفَرة؛ قيل:
المَصْفورة المستأْصَلة الأُذُن، سميت بذلك لأَن صِماخيها صَفِرا من الأُذُن أَي
خَلَوَا، وإِن رُوِيَت المُصَفَّرة بالتشديد فَللتَّكسِير، وقيل: هي
المهزولة لخلوِّها من السِّمَن؛ وقال القتيبي في المَصْفُورة: هي
المَهْزُولة، وقيل لها مُصَفَّرة لأَنها كأَنها خَلَت من الشحم واللحم، من قولك: هو
صُِفْر من الخير أَي خالٍ. وهو كالحديث الآخر: إِنَّه نَهَى عن العَجْفاء
التي لا تُنْقِي، قال: ورواه شمر بالغين معجمة، وفسره على ما جاء في
الحديث، قال ابن الأَثير: ولا أَعرفه؛ قال الزمخشري: هو من الصِّغار. أَلا
ترى إِلى قولهم للذليل مُجَدَّع ومُصلَّم؟ وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ: صِفْرُ
رِدائها ومِلءُ كِسائها وغَيْظُ جارَتِها؛ المعنى أَنها ضامِرَة البطن
فكأَن رِداءها صِفْر أَي خالٍ لشدَّة ضُمور بطنها، والرِّداء ينتهي إِلى
البطن فيقع عليه. وأَصفَرَ البيتَ: أَخلاه. تقول العرب: ما أَصْغَيْت لك
إِناء ولا أَصْفَرْت لك فِناءً، وهذا في المَعْذِرة، يقول: لم آخُذْ
إِبِلَك ومالَك فيبقى إِناؤُك مَكْبوباً لا تجد له لَبَناً تَحْلُبه فيه، ويبقى
فِناؤك خالِياً مَسْلُوباً لا تجد بعيراً يَبْرُك فيه ولا شاة تَرْبِضُ
هناك.
والصَّفارِيت: الفقراء، الواحد صِفْرِيت؛ قال ذو الرمة:
ولا خُورٌ صَفارِيتُ
والياء زائدة؛ قال ابن بري: صواب إِنشاده ولا خُورٍ، والبيت بكماله:
بِفِتْيَةٍ كسُيُوف الهِنْدِ لا وَرَعٍ
من الشَّباب، ولا خُورٍ صَفارِيتِ
والقصيدة كلها مخفوضة وأَولها:
يا دَارَ مَيَّةَ بالخَلْصاء حُيِّيتِ
وصَفِرَت وِطابُه: مات، قال امرؤُ القيس:
وأَفْلَتَهُنَّ عِلْباءٌ جَرِيضاً،
ولو أَدْرَكْنَهُ صَفِرَ الوِطاب
وهو مثَل معناه أَن جسمه خلا من رُوحه أَي لو أَدركته الخيل لقتلته
ففزِعت، وقيل: معناه أَن الخيل لو أَدركته قُتل فصَفِرَت وِطابُه التي كان
يَقْرِي منها وِطابُ لَبَنِه، وهي جسمه من دَمِه إِذا سُفِك. والصَّفْراء:
الجرادة إِذا خَلَت من البَيْضِ؛ قال:
فما صَفْراءُ تُكْنَى أُمَّ عَوْفٍ،
كأَنَّ رُجَيْلَتَيْها مِنْجَلانِ؟
وصَفَر: الشهر الذي بعد المحرَّم، وقال بعضهم: إِنما سمي صَفَراً لأَنهم
كانوا يَمْتارُون الطعام فيه من المواضع؛ وقال بعضهم: سمي بذلك لإِصْفار
مكة من أَهلها إِذا سافروا؛ وروي عن رؤبة أَنه قال: سَمَّوا الشهر
صَفَراً لأَنهم كانوا يَغْزون فيه القَبائل فيتركون من لَقُوا صِفْراً من
المَتاع، وذلك أَن صَفَراً بعد المحرم فقالوا: صَفِر الناس مِنَّا صَفَراً.
قال ثعلب: الناس كلهم يَصرِفون صَفَراً إِلاَّ أَبا عبيدة فإِنه قال لا
ينصرف؛ فقيل له: لِمَ لا تصرفه؟
(* هكذا بياض بالأصل) . . . لأَن النحويين
قد أَجمعوا على صرفه، وقالوا: لا يَمنع الحرف من الصَّرْف إِلاَّ
علَّتان، فأَخبرنا بالعلتين فيه حتى نتبعك، فقال: نعم، العلَّتان المعرفة
والسَّاعةُ، قال أَبو عمر: أَراد أَن الأَزمنة كلها ساعات والساعات مؤنثة؛ وقول
أَبي ذؤيب:
أَقامَتْ به كمُقام الحَنِيـ
ـفِ شَهْرَيْ جُمادى، وشَهْرَيْ صَفَر
أَراد المحرَّم وصفراً، ورواه بعضهم: وشهرَ صفر على احتمال القبض في
الجزء، فإِذا جمعوه مع المحرَّم قالوا: صَفران، والجمع أَصفار؛ قال
النابغة:لَقَدْ نَهَيْتُ بَني ذُبْيانَ عن أُقُرٍ،
وعن تَرَبُّعِهِم في كلِّ أَصْفارِ
وحكى الجوهري عن ابن دريد: الصَّفَرانِ شهران من السنة سمي أَحدُهما في
الإِسلام المحرَّم. وقوله في الحديث: لا عَدْوَى ولا هامَةَ ولا صَفَر؛
قال أَبو عبيد: فسر الذي روى الحديث أَن صفر دَوَابُّ البَطْن. وقال أَبو
عبيد: سمعت يونس سأَل رؤبة عن الصَّفَر، فقال: هي حَيَّة تكون في البطن
تصيب الماشية والناس، قال: وهي أَعدى من الجَرَب عند العرب؛ قال أَبو
عبيد: فأَبطل النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنها تعدي. قال: ويقال إِنها تشتد
على الإِنسان وتؤذيه إِذا جاع. وقال أَبو عبيدة في قوله لا صَفَر: يقال
في الصَّفَر أَيضاً إِنه أَراد به النَّسيءَ الذي كانوا يفعلونه في
الجاهلية، وهو تأْخيرهم المحرَّم إِلى صفر في تحريمه ويجعلون صَفَراً هو الشهر
الحرام فأَبطله؛ قال الأَزهري: والوجه فيه التفسير الأَول، وقيل للحية
التي تَعَضُّ البطن: صَفَر لأَنها تفعل ذلك إِذا جاع الإِنسان.
والصَّفَرِيَّةُ: نبات ينبت في أَوَّل الخريف يخضِّر الأَرض ويورق
الشجر. وقال أَبو حنيفة: سميت صفرية لأَن الماشية تَصْفَرُّ إِذا رعت ما يخضر
من الشجر وترى مَغابِنَها ومَشَافِرَها وأَوْبارَها صُفْراً؛ قال ابن
سيده: ولم أَجد هذا معروفاً.
والصُّفَارُ: صُفْرَة تعلو اللون والبشرة، قال: وصاحبه مَصْفُورٌ؛
وأَنشد:
قَضْبَ الطَّبِيبِ نائطَ المَصْفُورِ
والصُّفْرَةُ: لون الأَصْفَر، وفعله اللازم الاصْفِرَارُ. قال: وأَما
الاصْفِيرارُ فَعَرض يعرض الإِنسان؛ يقال: يصفارُّ مرة ويحمارُّ أُخرى،
قال: ويقال في الأَوَّل اصْفَرَّ يَصْفَرُّ.
والصَّفَريُّ: نَتَاج الغنم مع طلوع سهيل، وهو أَوَّل الشتاء، وقيل:
الصَّفَرِيَّةُ
(* قوله: وقيل الصفرية إلخ» عبارة القاموس وشرحه: والصفرية
نتاج الغنم مع طلوع سهيل، وهو أوّل الشتاء. وقيل الصفرية من لدن طلوع سهيل
إِلى سقوط الذراع حين يشتد البرد، وحينئذ يكون النتاج محموداً كالصفري
محركة فيهما). من لدن طلوع سُهَيْلٍ إِلى سقوط الذراع حين يشتد البرد
وحينئذ يُنْتَجُ الناس، ونِتاجه محمود، وتسمى أَمطار هذا الوقت صَفَرِيَّةً.
وقال أَبو سعيد: الصَّفَرِيَّةُ ما بين تولي القيظ إِلى إِقبال الشتاء،
وقال أَبو زيد: أَول الصفرية طلوع سُهَيْلٍ وآخرها طلوع السِّماك. قال:
وفي أَوَّل الصَّفَرِيَّةِ أَربعون ليلة يختلف حرها وبردها تسمى المعتدلات،
والصَّفَرِيُّ في النّتاج بعد القَيْظِيِّ. وقال أَبو حنيفة:
الصَّفَرِيَّةُ تولِّي الحر وإِقبال البرد. وقال أَبو نصر: الصَّقَعِيُّ أَول
النتاج، وذلك حين تَصْقَعُ الشمسُ فيه رؤوسَ البَهْم صَقْعاً، وبعض العرب يقول
له الشَّمْسِي والقَيْظي ثم الصَّفَري بعد الصَّقَعِي، وذلك عند صرام
النخيل، ثم الشَّتْوِيُّ وذلك في الربيع، ثم الدَّفَئِيُّ وذلك حين تدفأُ
الشمس، ثم الصَّيْفي ثم القَيْظي ثم الخَرْفِيُّ في آخر القيظ.
والصَّفَرِية: نبات يكون في الخريف؛ والصَّفَري: المطر يأْتي في ذلك
الوقت.وتَصَفَّرَ المال: حسنت حاله وذهبت عنه وَغْرَة القيظ.
وقال مرة: الصَّفَرِية أَول الأَزمنة يكون شهراً، وقيل: الصَّفَري أَول
السنة.
والصَّفِير: من الصوت بالدواب إِذا سقيت، صَفَرَ يَصْفِرُ صَفِيراً،
وصَفَرَ بالحمار وصَفَّرَ: دعاه إِلى الماء. والصَّافِرُ: كل ما لا يصيد من
الطير. ابن الأَعرابي: الصَّفارِيَّة الصَّعْوَةُ والصَّافِر الجَبان؛
وصَفَرَ الطائر يَصْفِرُ صَفِيراً أَي مَكَا؛ ومنه قولهم في المثل:
أَجْبَنُ من صَافِرٍ وأَصفَرُ من بُلْبُلٍ، والنَّسْر يَصْفِر. وقولهم: ما في
الدار صافر أَي أَحد يصفر. وفي التهذيب: ما في الدار
(* قوله: وفي التهذيب
ما في الدار إلخ» كذا بالأَصل). أَحد يَصْفِرُ به، قال: هذا مما جاء على
لفظ فاعل ومعناه مفعول به؛ وأَنشد:
خَلَتِ المَنازل ما بِها،
مِمَّن عَهِدْت بِهِنَّ، صَافِر
وما بها صَافِر أَي ما بها أَحد، كما يقال ما بها دَيَّارٌ، وقيل: أَي
ما بها أَحد ذو صَفير. وحكى الفراء عن بعضهم قال: كان في كلامه صُفار،
بالضم، يريد صفيراً. والصَّفَّارَةُ: الاست. والصَّفَّارَةُ: هَنَةٌ جَوْفاء
من نحاس يَصْفِر فيها الغلام للحَمَام، ويَصْفِر فيها بالحمار ليشرب.
والصَّفَرُ: العَقل والعقد. والصَّفَرُ: الرُّوعُ ولُبُّ القَلْبِ،
يقال: ما يلزق ذلك بصَفَري.
والصُّفَار والصِّفَارُ: ما بقي في أَسنان الدابة من التبن والعلف
للدواب كلها. والصُّفَار: القراد، ويقال: دُوَيْبَّةٌ تكون في مآخير الحوافر
والمناسم؛ قال الأَفوه:
ولقد كُنْتُمْ حَدِيثاً زَمَعاً
وذُنَابَى، حَيْثُ يَحْتَلُّ الصُّفَار
ابن السكيت: الشَّحْمُ والصَّفَار، بفتح الصاد، نَبْتَانِ؛ وأَنشد:
إِنَّ العُرَيْمَةَ مانِعٌ أَرْوَاحنا،
ما كانَ مِنْ شَحْم بِهَا وَصَفَار
(* قوله: «أرواحنا» كذا بالأصل وشرح القاموس، والذي في الصحاح وياقوت:
ان العريمة مانع أرماحنا * ما كان من سحم بها وصفار
والسحم، بالتحريك: شجر).
والصَّفَار، بالفتح: يَبِيس
(* قوله «والصفار بالفتح يبيس إلخ» كذا في
الصحاح وضبطه في القاموس كغراب) البُهْمى.
وصُفْرَةُ وصَفَّارٌ: اسمان. وأَبو صُفْرَةَ: كُنْيَة.
والصُّفْرِيَّةُ، بالضم: جنس من الخوارج، وقيل: قوم من الحَرُورِيَّة
سموا صُفْرِيَّةً لأَنهم نسبوا إِلى صُفْرَةِ أَلوانهم، وقيل: إِلى عبدالله
بن صَفَّارٍ؛ فهو على هذا القول الأَخير من النسب النادر، وفي الصحاح:
صِنْفٌ من الخوارج نسبوا إِلى زياد بن الأَصْفَرِ رئيسهم، وزعم قوم أَن
الذي نسبوا إِليه هو عبدالله ابن الصَّفَّار وأَنهم الصِّفْرِيَّة، بكسر
الصاد؛ وقال الأَصمعي: الصواب الصِّفْرِيَّة، بالكسر، قال: وخاصم رجُل منهم
صاحبَه في السجن فقال له: أَنت والله صِفْرٌ من الدِّينِ، فسموا
الصِّفْرِيَّة، فهم المَهَالِبَةُ
(* قوله: «فهم المهالبة إلخ» عبارة القاموس
وشرحه: والصفرية، بالضم أَيضاً، المهالبة المشهورون بالجود والكرم، نسبوا
إِلى أَبي صفرة جدهم). نسبوا إِلى أَبي صُفْرَةَ، وهو أَبو المُهَلَّبِ
وأَبو صُفْرَةَ كُنْيَتُهُ.
والصَّفْراءُ: من نبات السَّهْلِ والرَّمْل، وقد تنبُت بالجَلَد، وقال
أَبو حنيفة: الصَّفْراءُ نبتا من العُشب، وهي تُسَطَّح على الأَرض،
وكأَنَّ ورقَها ورقُ الخَسِّ، وهي تأْكلها الإِبل أَكلا شديداً، وقال أَبو نصر:
هي من الذكور. والصَّفْراءُ: شِعْب بناحية بدر، ويقال لها الأَصَافِرُ.
والصُّفَارِيَّةُ: طائر. والصَّفْراء: فرس الحرث
بن الأَصم، صفة غالبة. وبنو الأَصْفَرِ: الرَّوم، وقيل: ملوك الرّوم؛
قال ابن سيده: ولا أَدري لم سموا بذلك؛ قال عدي ابن زيد:
وِبَنُو الأَصْفَرِ الكِرامُ، مُلُوكُ الـ
ـرومِ، لم يَبْقَ مِنْهُمُ مَذْكُورُ
وفي حديث ابن عباس: اغْزُوا تَغْنَمُوا بَناتِ الأَصْفَرِ؛ قال ابن
الأَثير: يعني الرومَ لأَن أَباهم الأَول كان أَصْفَرَ اللون، وهو رُوم
بن عِيْصُو بن إِسحق
بن إِبراهيم. وفي الحديث ذكر مَرْجِ الصُّفَّرِ، وهو بضم الصاد وتشديد
الفاء، موضع بغُوطَة دمشق وكان به وقعة للمسلمين مع الروم. وفي حديث مسيره
إِلى بدر: ثُمَّ جَزَع الصُّفَيْراءَ؛ هي تصغير الصَّفْرَاء، وهي موضع
مجاور بدر. والأَصَافِرُ: موضع؛ قال كُثَيِّر:
عَفَا رابَغٌ مِنْ أَهْلِهِ فَالظَّوَاهِرُ،
فأَكْنَافُ تْبْنَى قد عَفَتْ فَالأَصافِرُ
(* قوله: «تبنى» في ياقوت: تبنى، بالضم ثم السكون وفتح النون والقصر،
بلدة بحوران من أَعمال دمشق، واستشهد عليه بأَبيات أُخر. وفي باب الهمزة مع
الصاد ذكر الأَصافر وأَنشد هذا البيت وفيه هرشى بدل تبنى، قال هرشى
بالفتح ثم السكون وشين معجمة والقصر ثنية في طريق مكة قريبة من الجحفة اـ هـ.
وهو المناسب).
وفي حديث عائشة: كانت إذا سُئِلَتْ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ من
السِّبَاعِ قَرَأَتْ: قُلْ لا أَجِدُ فيما أُوحِيَ إِليَّ مُحَرَّماً على
طَاعِمٍ يَطْعَمُه (الآية) وتقول: إِن البُرْمَةَ لَيُرَى في مائِهَا
صُفْرَةٌ، تعني أَن الله حرَّم الدَّم في كتابه، وقد تَرَخّص الناس في ماء
اللَّحْم في القدر وهو دم، فكيف يُقْضَى على ما لم يحرمه الله بالتحريم؟ قال:
كأَنها أَرادت أَن لا تجعل لحوم السِّبَاع حراماً كالدم وتكون عندها
مكروهة، فإِنها لا تخلو أَن تكون قد سمعت نهي النبي، صلى الله عليه وسلم،
عنها.
مزد: ما وجَدْنا لها العامَ مَزْدةً كَمَصْدةٍ أَي لم نَجِدْ لها
بَرْداً، أُبْدِل الزاي من الصاد.
مرخ: مرَخَه بالدهن يمرُخُه
(* قوله «يمرخه» هو في خط المؤلف، بضم
الراء، وقال في القاموس ومرخ كمنع). مرخاً ومرَّخه تمريخاً: دهنه. وتمرَّخ به:
ادّهن. ورجل مَرَخٌ ومِرِّيخ: كثير الادّهان.
ابن الأَعرابي: المَرْخُ المزاح، وروي عن عائشة، رضي الله عنها: أَن
النبيّ، صلى الله عليه وسلم، كان عندها يوماً وكان متبسطاً فدخل عليه عمر،
رضي الله عنه، فَقَطَّبَ وتَشَزَّن له، فلما انصرف عاد النبي، صلى الله
عليه وسلم، إِلى انبساطه الأَوّل، قالت: فقلت يا رسول الله كنت متبسطاً
فلما جاء عمر انقبضت، قالت فقال لي: يا عائشة إِن عمر ليس ممن يُمْرَخُ معه
أَي يمزح؛ وروي عن جابر بن عبدالله قال: كانت امرأَة تغني عند عائشة
بالدف فلما دخل عمر جعلت الدفّ تحت رجلها، وأَمرت المرأَة فخرجت، فلما دخل
عمر قال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هل لك يا ابن الخطاب في ابنة
أَخيك فعلت كذا وكذا؟ فقال عمر: يا عائشة؛ فقال: دع عنك ابنة أَخيك. فلما
خرج عمر قالت عائشة: أَكان اليوم حلالاً فلما دخل عمر كان حراماً؟ فقال
رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ليس كل الناس مُرَخّاً عليه؛ قال الأَزهري:
هكذا رواه عثمان مرخّاً، بتشديد الخاء، يمرخ معه؛ وقيل: هو من مَرَخْتُ
الرجل بالدهن إِذا دهنت به ثم دلكته. وأَمْرَخْتُ العجين إِذا أَكثرت
ماءه؛ أَراد ليس ممن يستلان جانبه. والمَرْخُ: من شجر النار، معروف.
والمَرْخُ: شجر كثير الوَرْي سريعه. وفي المثل: في كلِّ شَجَرٍ نار،
واسْتَمْجَدَ المَرْخُ والعَفَار؛ أَي دهنا بكثرة ذلك
(* قوله «أي دهنا بكثرة دلك»
هكذا في نسخة المؤلف).
واسْتمجَد: استفضل؛ قال أَبو حنيفة: معناه اقتدح على الهوينا فإِن ذلك
مجزئ إِذا كان زنادك مرخاً؛ وقيل: العفار الزند، وهو الأَعلى، والمرخ:
الزندة، وهو الأَسفل؛ قال الشاعر:
إِذا المَرْخُ لم يُورِ تحتَ العَفَارِ،
وضُنَّ بقدْر فلم تُعْقبِ
وقال أَعرابي: شجر مرِّيخ ومَرِخ وقطِف، وهو الرقيق اللين. وقالوا:
أَرْخِ يَدَيْكَ واسْتَرْخْ إِنَّ الزنادَ من مَرْخْ؛ يقال ذلك للرجل الكريم
الذي لا يحتاج أَن تكرّه أَو تلجّ عليه؛ فسره ابن الأَعرابي بذلك؛ وقال
أَبو حنيفة؛ المَرْخ من العضاه وهو ينفرش ويطول في السماء حتى يستظلّ فيه؛
وليس له ورق ولا شوك، وعيدانه سلِبة قضبان دقاق، وينبت في شعب وفي خَشب،
ومنه يكون الزناد الذي يقتدح به، واحدته مرخة؛ وقول أَبي جندب:
فلا تَحْسِبَنْ جاري لَدَى ظلّ مَرْخَةٍ؛
ولا تَحْسِبَنْه نَقْعَ قاعٍ بقَرْقَرِ
خص المرخة لأَنها قليلَة الورق سخيفة الظل. وفي النوادر: عود مِتِّيخٌ
ومِرِّيخٌ طويل ليِّن؛ والمِرِّيخ: السهم الذي يغالى به؛ والمرِّيخ: سهم
طويل له أَربع قذذ يقتدر به الغِلاء؛ قال الشماخ:
أَرِقْتُ له في القَوْم، والصُّبْحُ ساطع،
كما سَطَعَ المرِّيخُ شَمَّرَه الغَالي
قال ابن برّي: وصف رفيقاً معه في السفر غلبه النعاس فأَذن له في النوم،
ومعنى شمَّره أَي أَرسَلَه، والغالي الذي يغلو به أَي ينظر كَمْ مَدَى
ذهابه؛ وقال الراجز:
أَو كمرِّيخ على شِرْيانَةٍ
أَي على قوس شريانة؛ وقال أَبو حنيفة، عن أَبي زياد: المِرِّيخ سهم يضعه
آل الخفة وأَكثر ما يُغلُون به لإِجراء الخيل إِذا استبقوا؛ وقول عمرو
ذي الكلب:
يا لَيتَ شعري عنْكَ، والأَمرُ عَمَمْ،
ما فَعَل اليومَ أُوَيْسٌ في الغَنمْ؟
صَبَّ لها في الرِّيحِ مرِّيخٌ أَشَمْ
إِنما يريد ذئباً فكنى عنه بالمرِّيخ المحدّد، مثله به في سرعته ومضائه؛
أَلا تراه يقول بعد هذا:
فاجْتَالَ منها لَجْبَةً ذاتَ هزَمْ
اجتال: اختار، فدل ذلك على أَنه يريد الذئب لأَنَّ السهم لا يختار.
والمرِّيخ: الرجل الأَحمق، عن بعض الأَعراب. أَبو خيرة: المرِّيخ والمرِّيجُ،
بالخاء والجيم جميعاً، القَرْن ويجمعان أَمْرِخَةً وأَمْرُجة؛ وقال أَبو
تراب: سأَلت أَبا سعيد عن المريخ والمريج فلم يعرفهما، وعرف غيره
المرّيخ والمرّيج: كوكب من الخُنَّس في السماءِ الخامسة وهو بَهرام؛
قال:فعندَ ذاك يطلُعُ المرِّيخُ
بالصُّبْح، يَحكي لَوْنَه زَخِيخُ،
من شُعْلَةٍ ساعَدَها النَّفِيخُ
قال ابن الأَعرابي: ما كان من أَسماء الدراري فيه أَلف ولام، وقد يجيء
بغير أَلف ولام، كقولك مرِّيخ في المرِّيخ، إِلا أَنك تنوي فيه الأَلف
واللام.
وأَمْرَخَ العجينَ إِمْراخاً: أَكثَرَ ماءَه حتى رق. ومَرِخ العَرْفَجُ
مَرَخاً، فهو مَرِخٌ: طاب ورقَّ وطالت عيدانه.
والمَرِخ: العَرْفج الذي تظنه يابساً فإِذا كسرته وجدت جوفه رطباً.
والمُرْخَة: لغة في الرُّمْخَةِ، وهي البَلَحة. والمرِّيخُ:
المرْدَاسَنْجُ.
وذو المَمْرُوخِ: موضع. وفي الحديث ذكر ذي مُراخٍ، هو بضم الميم، موضع
قريب من مزدلفة؛ وقيل: هو جبل بمكة، ويقال بالحاء المهملة.
ومارخَة: اسم امرأَة. وفي أَمثالهم: هذا خِباءُ مارخَةَ
(* قوله «هذا
خباء مارخة» بخاء معجمة مكسورة ثم باء موحدة، وقوله كانت تتفخر بفاء ثم خاء
معجمة كذا في نسخة المؤلف. والذي في القاموس مع الشرح: ومارخة اسم
امرأَة كانت تتخفر ثم وجدوها تنبش قبراً، فقيل هذا حياء مارخة فذهبت مثلاً
إلخ. وتتخفر بتقديم الخاء المعجمة على الفاء من الخفر، وهو الحياء، وقوله
هذا حياء إلخ، بالحاء المهملة ثم المثناة التحتية). قال: مارخة اسم امرأَة
كانت تتفخر ثم عثر عليها وهي تنبش قبراً.
مشج: المَشْجُ والمَشِجُ والمشَجُ والمَشِيجُ: كل لَوْنينِ اخْتلَطا،
وقيل: هو ما اختلط من حمرة وبياض، وقيل: هو كل شيئين مختلطين، والجمع
أَمْشاجٌ مثل يَتيمٍ وأَيْتامٍ؛ ومنه قول الهذلي: سيطَ به مَشِيجُ. ومَشَجْتُ
بَيْنهما مَشْجاً: خَلَطْتُ؛ والشيءُ مَشيجٌ؛ ابن سيده: والمَشِيجُ
اخْتِلاطُ ماء الرجل والمرأَة؛ هكذا عبر عنه بالمصدر وليس بقويّ؛ قال:
والصحيحُ أَن يقال: المَشِيج ماء الرجل يختلط بماءِ المرأَة. وفي التنزيل
العزيز: إِنا خلقنا الإِنسان من نطفة أَمشاج نبتليه؛ قال الفراء: الأَمْشاجُ
هي الأَخْلاطُ: ماءُ الرجلِ وماء المرأَةِ والدمُ والعَلَقَة، ويقال للشيء
من هذا: خِلْطٌ مَشِيجٌ كقولك خَلِيطٌ ومَمْشُوجٌ، كقولك مَخْلُوطٌ
مُشِجَتْ بِدمٍ، وذلك الدمُ دمُ الحيضِ. وقال ابن السكيت: الأَمشاجُ
الأَخلاطُ؛ يريد الأَخْلاطَ النطفةَ
(* قوله «يريد الأخلاط النطفة» عبارة شرح
القاموس: يريد النطفة.) لأَنها مُمْتَزِجةٌ من أَنواعٍ، ولذلك يولد الإِنسان
ذا طَبائعَ مُخْتَلِفةٍ؛ وقال الشَّمَّاخُ:
طَوَتْ أَحْشاءَ مُرْتِجَةٍ لِوَقْتٍ
على مَشَجٍ، سُلالتهُ مَهِينُ
وقال الأخر:
فَهُنَّ يَقذِفْنَ من الأَمْشاجِ،
مِثْلَ بُزولِ اليَمْنَةِ الحجاجِ
(* قوله «مثل إلخ» كذا بالأصل.)
وقال أَبو اسحق: أَمْشاجٌ أَخْلاطٌ من منيّ ودم، ثم يُنْقَلُ من حالٍ
إِلى حالٍ. ويقال: نُطْفةٌ أَمْشاجٌ لماء الرجل يختلط بماء المرأَةِ
ودَمِها. وفي الحديث في صفة المولود: ثم يكون مَشِيجاً أَربعين ليلة؛
المَشِيجُ: المختلِطُ من كل شيء مَخْلوطٍ. وفي حديث علي، رضي الله عنه: ومَحَطَ
الأَمْشاجَ من مَسارِبِ الأَصْلابِ؛ يريد المنيَّ الذي يَتولَّدُ منه
الجَنِينُ. والأَمْشاجُ: أَخْلاطُ الكَيْمُوساتِ الأَربعِ، وهي: المِرارُ
الأَحمرُ والمِرارُ الأَسْودُ والدمُ والمنيّ؛ أَراد بالمَشْجِ اخْتِلاطَ
الدمِ بالنطفة، هذا أَصله؛ وعن الحسن في قوله تعالى: أَمْشاجٍ؛ قال: نعم
والله إِذا استعجل مشَج خلقه من نطفة. ابن سيده: وأَمْشاجُ البدَنِ
طَبائِعهُ، واحدها مَشْجٌ ومَشَجٌ ومَشِجٌ؛ عن أَبي عبيدة. وعليه أَمْشاجُ غُزولٍ
أَي داخِلةٌ بعضُها في بعض؛ يعني البُرود فيها أَلوانُ الغُزُولِ.
الأَصمعي: أَمْشاجُ وأَوشاجُ غُزولٍ داخلٌ بعضُها في بعض؛ وقولُ زهَير بن
حَرام الهذلي:
كأَنَّ النَّصْلَ والفُوقَيْنِ منها،
خِلالَ الرِّيشِ، سِيطَ به مَشِيجُ
ورواه المبرد:
كأَنَّ المَتْنَ والشَّرْجَينِ منه،
خِلافَ النصْلِ، سِيطَ به مَشيجُ
أَراد بالمتْنِ مَتْنَ السَّهْمِ. والشَّرْجَينِ: حَرْفَيِ الفُوقِ، وهو
في الصحاح: سيطَ به المَشِيجُ؛ ورواه أَبو عبيدة:
كأَنَّ الرِّيشَ والفُوقَيْنِ منها،
خِلالَ النصْلِ، سِيطَ به المَشيجُ
جبي: جَبَى الخراجَ والماء والحوضَ يَجْبَاهُ ويَجْبيه: جَمَعَه. وجَبَى
يَجْبَى مما جاء نادراً: مثل أَبى يَأْبى، وذلك أَنهم شبهوا الأَلف في
آخره بالهمزة في قَرَأَ يَقْرَأُ وهَدَأَ يَهْدَأُ، قال: وقد قالوا
يَجْبَى، والمصدر جِبْوَةً وجِبْيَة؛ عن اللحياني، وجِباً وجَباً
وجِبَاوةٌ وجِبايةٌ
نادر. وفي حديث سعد: يُبْطِئُ في جِبْوَتهِ؛ الجِبْوَة والجِبْيَة:
الحالة من جَبْيِ الخراج واسْتِيفائه. وجَبَيْتُ الخراجَ جِبَاية وجَبَوْته
جِبَاوَة؛ الأَخير نادر، قال ابن سيده: قال سيبويه أَدخلوا الواو على
الياء لكثرة دخول الياء عليها ولأَن للواو خاصة كما أَن للياء خاصة؛ قال
الجوهري: يهمز ولا يهمز، قال: وأَصله الهمز؛ قال ابن بري: جَبَيْت الخراج
وجَبَوْته لا أَصل له في الهمز سماعاً وقياساً، أَما السماع فلكونه لم يسمع
فيه الهمز، وأَما القياس فلأَنه من جَبَيْت أَي جمعت وحَصَّلت، ومنه
جَبَيْت الماء في الحوض وجَبَوْته، والجابي: الذي يجمع المال للإبل،
والجَبَاوَةُ اسم الماء المجموع. ابن سيده في جَبَيْت الخراج: جَبَيْته من القوم
وجَبَيْتُه الْقَوْمَ؛ قال النابغة الجعدي:
دنانير نَجْبِيها العِبادَ، وغَلَّة
على الأَزْدِ مِن جاهِ امْرِئٍ قد تَمَهَّلا
وفي حديث أَبي هريرة: كيف أَنتم إذا لم تَجْتَبوا ديناراً ولا
دِرْهَماً؛ الاجْتِباءُ، افتِعال من الجِباية: وهو استخراج الأَموال من
مَظانها.والجِبْوة والجُبْوة والجِبا والجَبا والجِباوة: ما جمعتَ في الحوض من
الماء. والجِبا والجَبا: ما حول البئر والجَبا: ما حول الحوض،يكتب
بالأَلف. وفي حديث الحديبية: فقعد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على جَباها
فَسَقَيْنا واسْتَقَيْنا؛ الجَبا، بالفتح والقصر: ما حول البئر. والجِبَا،
بالكسر مقصور: ما جمعت فيه من الماء. الجوهري: والجِبا، بالكسر مقصور،
الماء المجموع للإبل، وكذلك الجِبْوة والجِباوة. الجوهري: الجَبا، بالفتح
مقصور، نَثِيلة البئر وهي ترابها الذي حولها تراها من بعيد؛ ومنه: امرأةٌ
جَبْأَى على فَعْلى مثال وَحْمَى إذا كانت قائمة الثَّدْيَيْن؛ قال ابن
بري: قوله جَبْأَى التي طَلَعَ ثديُها ليس من الجَبا المعتلّ اللام،
وإنما هو من جَبَأَ علينا فلان أَي طلع، فحقه أَن يذكر في باب الهمز؛ قال:
وكأَنّ الجوهري يرى الجَبَا الترابَ أَصله الهمز فتركت العرب همزة، فلهذا
ذكر جَبْأَى مع الجَبَا، فيكون الجَبا ما حول البئر من التراب بمنزلة
قولهم الجَبْأَة ما حول السرة من كل دابة. وجَبَى الماءَ في الحوض يَجْبِيه
جَبْياً وجَباً وجِباً: جَمَعَه. قال شمر: جَبَيْت الماء في الحوض أَجْبي
جَبْياً وجَبَوْت أَجْبُو جَبْواً وجِبايةً وجِباوةً أَي جمعته. أَبو
منصور: الجِبا ما جُمع في الحوض من الماء الذي يستقى من البئر، قال ابن
الأَنباري: هو جمع جِبْية. والجَبا، بالفتح: الحوض الذي يُجْبَى فيه الماءُ،
وقيل: مَقام الساقي على الطَّيِّ، والجمع من كل ذلك أَجباءٌ. وقال ابن
الأَعرابي: الجَبَا أَن يتقدم الساقي للإبل قبل ورودها بيوم فيَجْبِيَ لها
الماءَ في الحوض ثم يوردَها من الغد؛ وأَنشد:
بالرَّيْثِ ما أَرْوَيْتها لا بالعَجَلْ،
وبالجَبَا أرْوَيْتها لا بالقَبَلْ
يقول: إنها إبل كثيرة يُبطئون بسقيها فتُبْطئ فَيَبْطُؤُ ريُّها
لكثرتها فتبقى عامّة نهارها تشرب وإذا كانت ما بين الثلاث إلى العشر صب على
رؤوسها. قال: وحكى سيبويه جَبَا يَجْبَى، وهي عنده ضعيفة والجَبَا: مَحْفَر
البئر. والجَبَا: شَفَة البئر؛ عن أَبي ليلى. قال ابن بري: الجَبا،
بالفتح، الحوض والجِبا، بالكسر، الماء؛ ومنه قول الأَخطل:
حتى وَرَدْنَ جِبَا الكُلابِ نِهالاَ
وقال آخر:
حتى إذا أَشرَفَ في جوفِ جَبَا
وقال مُضَرِّس فجمعه:
فأَلْقَتْ عَصا التَّسْيار عنها، وخَيَّمت
بأَجْباءِ عَذْبِ الماء بيضٍ مَحافِرُهْ
والجابية: الحوض الذي يُجْبَى فيه الماء للإبل. والجابِيَة: الحوض
الضَّخْم؛ قال الأَعشى:
تَرُوحُ على آلِ المُحَلَّق جَفْنَةٌ،
كجابيَة الشَّيْخِ العِراقيِّ تَفْهَقُ
خص العراقي لجهله بالمياه لأَنه حَضَرِيّ، فإذا وجدها مَلأَ جابيتَه،
وأَعدَّها ولم يدرِ متى يجد المياه، وأَما البدويّ فهو عالم بالمياه فهو لا
يبالي أَن لا يُعِدَّها؛ ويروى: كجابية السَّيْح، وهو الماء الجاري،
والجمع الجَوابي؛ ومنه قوله تعالى: وجِفانٍ كالجوابي.
والجَبَايا: الرَّكايا التي تُحْفر وتُنْصب فيها قُضبان الكَرْم؛ حكاها
أَبو حنيفة؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
وذاتِ جَباً كَثِيرِ الوِرْدِ قَفْرٍ،
ولا تُسْقَى الحَوائِمُ من جَباها
فسره فقال: عنى ههنا الشرابَ
(* قوله «الشراب» هو في الأصل بالشين
المعجمة، وفي التهذيب بالسين المهملة) ، وجَبا: رَجَعَ؛ قال يصف الحمار:
حتى إذا أَشْرَفَ في جَوْفٍ جَبَا
يقول: إذا أَشرف في هذا الوادي رجع، ورواه ثعلب: في جوفِ جَبَا،
بالإضافة، وغَلَّط من رواه في جوفٍ جَبَا، بالتنوين، وهي تكتب بالأَلف والياء.
وجَبَّى الرجلُ: وضع يديه على ركبتيه في الصلاة أَو على الأَرض، وهو
أَيضاً انْكبابه على وجهه؛ قال:
يَكْرَعُ فيها فيَعُبُّ عَبّا،
مُجَبِّياً في مائها مُنْكَبّا
وفي الحديث: أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ اشْتَرَطوا على رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، أَن يُعْشَروا ولا يُحْشَروا ولا يُجَبُّوا، فقال النبي، صلى
الله عليه وسلم: لكم ذلك ولا خَيْرَ في دِينٍ لا رُكُوعَ فيه؛ أَصل
التَّجْبِيةَ أَن يقوم الإنسان قيام الراكع، وقيل: هو السجود؛ قال شمر: لا
يُجَبُّوا أَي لا يَرْكعوا في صلاتهم ولا يسجدوا كما يفعل المسلمون، والعرب
تقول جَبَّى فلان تَجْبِيَةً إذا أَكَبَّ على وجهه بارِكاً أَو وضع يديه
على ركبتيه منحنياً وهو قائم.
وفي حديث ابن مسعود: أَنه ذكر القيامةَ والنفخَ في الصُّور قال فيقومون
فيُجَبُّون تَجْبِيَةَ رجلٍ واحدٍ قياماً لرب العالمين؛ قال أَبو عبيد:
التجبية تكون في حالين: إحداهما أَن يضع يديه على ركبتيه وهو قائم وهذا هو
المعنى الذي في الحديث، أَلا تراه قال قياماً لرب العالمين؟ والوجه
الآخر أن يَنْكَبَّ على وجهه بارِكاً، وهو كالسجود، وهذا الوجهُ المعروف عند
الناس، وقد حمله بعض الناس على قوله فيخرُّون سُجَّداً لرب العالمين فجعل
السجود هو التَّجْبية؛ قال الجوهري: والتَّجْبية أَن يقوم الإنسان قيام
الراكع؛ قال ابن الأَثير: والمراد بقولهم لا يُجَبُّونَ أَنهم لا يصلون،
ولفظ الحديث يدل على الركوع والسجود لقوله في جوابهم: ولا خيرَ في دِينٍ
ليس فيه ركوع، فسمى الصلاة ركوعاً لأَنه بعضها. وسئل جابر عن اشتراط
ثَقيف أَن لا صدقة عليها ولا جهاد فقال: علم أَنهم سيَصَّدَّقون ويجاهدون إذا
أَسلموا، ولم يرخص لهم في ترك الصلاة لأَن وقتها حاضر متكرر بخلاف وقت
الزكاة والجهاد؛ ومنه حديث عبد الله أَنه
(* قوله «ومنه حديث عبد الله أنه
إلخ» هكذا في النسخ التي بأيدينا). ذكر القيامة قال: ويُجَبُّون
تَجْبِيةَ رجُل واحد قياماً لرب العالمين. وفي حديث الرؤيا: فإذا أَنا بِتَلٍّ
أَسود عليه قوم مُجَبُّون يُنْفَخُ في أَدبارِهم بالنار. وفي حديث جابر:
كانت اليهود تقول إذا نكَحَ الرجلُ امرأَته مُجَبِّيَةً جاء الولدُ
أَحْوَل، أَي مُنْكَبَّةً على وجهها تشبيهاً بهيئة السجود. واجْتَباه أَي
اصْطفاه. وفي الحديث: أَنه اجْتَباه لنفسه أَي اختاره واصطفاه. ابن سيده:
واجْتَبَى الشيءَ اختاره. وقوله عز وجل: وإذا لم تأْتهم بآية قالوا لولا
اجْتَبَيْتها؛ قال: معناه عند ثعلب جئت بها من نفسك، وقال الفراء: معناه هلا
اجْتَبَيْتَها هلا اخْتَلَقْتَها وافْتَعَلْتها من قِبَل نفسك، وهو في
كلام العرب جائز أَن يقول لقد اختار لك الشيءَ واجْتَباه وارْتَجَله.
وقوله: وكذلك يَجْتَبِيك ربك؛ قال الزجاج: معناه وكذلك يختارك ويصطفيك، وهو
مشتق من جبيت الشيءَ إذا خلصته لنفسك، ومنه: جبيت الماء في الحوض. قال
الأَزهري: وجِبايةُ الخراج جمعه وتحصيله مأْخوذ من هذا. وفي حديث وائل بن
حُجْر قال: كتب لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم: لا جَلَبَ ولا جَنَبَ ولا
شِغارَ ولا وِرَاطَ ومن أَجْبَى فقد أَرْبَى؛ قيل: أَصله الهمز، وفسر من
أَجْبَى أَي من عَيَّنَ فقد أَرْبَى، قال: وهو حسن. قال أَبو عبيد:
الإجباء بيع الحرث والزرع قبل أَن يبدو صلاحه، وقيل: هو أَن يُغَيِّب إبِلَهُ
عن المصَدِّق، من أَجْبَأْتُهُ إذا وارَيْته؛ قال ابن الأَثير: والأَصل
في هذه اللفظة الهمز، ولكنه روي غير مهموز، فإما أَن يكون تحريفاً من
الراوي، أَو يكون ترك الهمز للازدواج بأَرْبَى، وقيل: أَراد بالإجْباء
العِينَة وهو أَن يبيع من رجل سِلْعة بثمن معلوم إلى أَجل معلوم، ثم يشتريها
منه بالنقد بأَقل من الثمن الذي باعها به. وروي عن ثعلب أَنه سئل عن قوله
من أَجْبَى فقد أَرْبَى قال: لا خُلْفَ بيننا أَنه من باع زرعاً قبل أَن
يُدْرِك كذا، قال أَبو عبيد: فقيل له قال بعضهم أَخطأَ أَبو عبيد في هذا،
من أَين كان زرع أَيام النبي، صلى الله عليه وسلم؟ فقال: هذا أَحمق
أَبو عبيد تكلم بهذا على رؤُوس الخَلْق وتكلم به بعد الخلق من سنة ثمانَ
عَشْرَة إلى يومنا هذا لم يُرَدَّ عليه. والإجْباءُ: بيع الزرع قبل أَن
يبدو صلاحه، وقد ذكرناه في الهمز. والجابِيَة: جماعة القوم؛ قال حميد بن ثور
الهلالي:
أَنْتُم بجابِيَة المُلُوك، وأَهْلُنا
بالجَوِّ جِيرَتُنا صُدَاء وحِمْيَرُ
والجابي: الجَراد الذي يَجْبي كلَّ شيءٍ يأكُلُه؛ قال عبد مناف بنُ
رِبْعِيّ الهذلي:
صابُوا بستَّةِ أَبْياتٍ وأَرْبعة،
حتى كأَنَّ عليهم جابِياً لُبَدَا
ويروى بالهمز، وقد تقدم ذكره. التهذيب: سُمِّيَ الجرادُ الجابيَ
لطُلوعِه. ابن الأَعرابي: العرب تقول إذا جاءت السنة جاء معها الجابي والجاني،
فالجابي الجراد، والجاني الذئب
(* قوله «والجاني الذئب» هو هكذا في الأصل
وشرح القاموس)، لم يهمزهما. والجابِيَة: مدينة بالشام، وبابُ الجابِيَة
بدمشق، وإنما قضى بأَن هذه من الياء لظهور الياء وأَنها لام، واللام ياءً
أَكثر منها واواً. والجَبَا موضع. وفَرْشُ الجَبَا: موضع؛ قال كثير عزة:
أَهاجَكَ بَرْقٌ آخرَ الليلِ واصِبُ
تَضَمَّنَهُ فَرْشُ الجَبَا فالمَسارِبُ؟
ابن الأَثير في هذه الترجمة: وفي حديث خديجة قالت يا رسول الله ما
بَيْتٌ في الجنَّة من قَصَب؟ قال: هو بيتٌ من لؤلؤة مجَوَّفة مُجَبَّاةٍ؛ قال
ابن الأَثير: فسره ابن وهب فقال مجوَّفة، قال: وقال الخطابي هذا لا
يستتِمّ إلا أَن يجعل من المقلوب فتكون مجوَّبة من الجَوْب، وهو القَطْع،
وقيل: من الجَوْب، وهو نَقِير يجتمع فيه الماء، والله أَعلم.