Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: أطول

الأَطْوَل من

الــأَطْوَل من
الجذر: ط و ل

مثال: أَنْت الــأطول من عمرو
الرأي: مرفوضة عند الأكثرين
السبب: لمجيء «من» الجارة بعد أفعل التفضيل المقرون بـ «أل».

الصواب والرتبة: -أنت أطول من عمرو [فصيحة]-أنت الــأطول [فصيحة]-أنت الــأطول من عمرو [صحيحة]
التعليق: القاعدة في أفعل التفضيل المقرون بـ «أل» عدم مجيء «من» ولا المفضل عليه بعده. ولكن جاء على خلاف ذلك قول الأعشى:
ولست بالأكثر منهم حصى
كما يمكن تخريج العبارة المرفوضة على أن «أل» فيها موصولة، والتقدير: أنت الرجل الذي هو أطول من عمرو.

الأَطْوَل

الــأَطْوَل
الجذر: ط و ل

مثال: هي الــأَطْول قامة
الرأي: مرفوضة
السبب: لعدم المطابقة بين أفعل التفضيل المحلى بـ «أل» وموصوفه.

الصواب والرتبة: -هي الــأَطْوَل قامة [صحيحة]
التعليق: اشترط معظم النحاة في أفعل التفضيل المحلَّى بـ «أل» المطابقة لما قبله في التذكير والتأنيث، والإفراد والتثنية والجمع، ويمكن تصحيح الاستعمال المرفوض اعتمادًا على إجازة مجمع اللغة المصري- في دوراته: السادسة والخمسين، والرابعة والستين، والخامسة والستين- الإفراد والتذكير في استعمال أفعل التفضيل المحلَّى بـ «أل»، وذلك أخذًا برأي ابن مالك وابن يعيش وغيرهما. ويرجِّح عدم المطابقة ما انتهى إليه بعض الباحثين من عدم إلف «فُعْلى» للتفضيل تأنيثًا لأفعل فيما لم يُسْمَع، مما كان داعيًا لظهور تعبيرات حديثة خرجت عن المطابقة، مثل: «القضية الأخطر»، و «الحياة الأفضل»، و «الوجبة الأطيب» .. إلخ. ويمكن اعتبار «أل» موصولة في هذه التعبيرات ويكون التقدير في هذا المثال المرفوض: التي هي أطول.

الإقليم

(الإقليم)
جُزْء من الأَرْض تَجْتَمِع فِيهِ صِفَات طبيعية أَو اجتماعية تَجْعَلهُ وحدة خَاصَّة (مَعَ)
(الإقليم) عِنْد القدماء وَاحِد الأقاليم السَّبْعَة وَهِي أَقسَام الأَرْض وبلاد تسمى باسم خَاص كإقليم الْهِنْد وإقليم الْيمن ومنطقة من مناطق الأَرْض تكَاد تتحد فِيهَا الْأَحْوَال المناخية وَالنّظم الاجتماعية كالإقليم الشمالي والإقليم الجنوبي
الإقليم:
[في الانكليزية] Zone ،region
[ في الفرنسية] Zone ،region
بكسر الهمزة كشور، الأقاليم الجمع- وجمعه أقاليم- كما في المهذب. وفي كنز اللّغات: الإقليم هو قطعة من الأرض. اعلم أن أهل الهيئة قسّموا الأرض إلى أربعة أقسام متساوية، وسموا واحدا من تلك الأقسام بالربع المسكون والربع المعمور، وذلك أنهم فرضوا على سطح الأرض دائرتين، إحداهما هي المسمّاة بخط الإستواء وهي تقطع الأرض بنصفين شمالي وجنوبي. فالشمالي ما كان في جهة القطب الذي يلي بنات النعش، والجنوبي ما يقابله. وثانيتهما هي التي تمر بقطبي خط الإستواء، وهي تنصف كلّ واحد من نصفيه المذكورين، فتصير كرة الأرض بتقاطعي الدائرتين المذكورتين أرباعا، ربعان شماليان وربعان جنوبيان، والمعمور منها أحد الربعين الشماليين وهو المسمّى بالربع المسكون، والعمارة ليست واقعة في تمامه بل في بعضه وسائر الأرباع الثلاثة لا يعلم حالها في العمارة على التحقيق. قيل في تعين الربع المعمور تعذر أو تعسر لأنه لو قيل هو الفوقاني من الشماليين كما قيل لورد أن كلا منهما فوقاني بالنسبة إلى من هو عليه، ولو قيل هو الربع الذي كثر فيه العمارات لكان دورا مع أن قلة العمارة في الربع الآخر مشكوك فيه. ثم إنّ عرض المعمور أي بعده عن خط الإستواء ست وستون درجة، وطوله نصف الدور أي مائة وثمانون درجة، وابتداء الطول عند اليونانيين من المغرب لأنه أقرب إليهم، وعند أهل الهند من المشرق لذلك وسيأتي في لفظ الطول.
ثم إنهم قسموا المعمور سبع قطاع دقيقة مستطيلة على موازاة خط الإستواء ليكون كل قسم منها تحت مدار واحد حكما، فيتشابه أحوال البقاع الواقعة في ذلك القسم، وسمّوا تلك الأقسام بالأقاليم. فابتداء الإقليم الأول من خط الإستواء لأنه متعيّن لذلك طبعا والنهار هناك أبدا اثنتا عشرة ساعة ولا عرض هناك.
وعند بعضهم ابتداء الإقليم الأول من حيث يكون النهار الــأطول من السنة اثنتي عشرة ساعة وخمسا وأربعين دقيقة من دقائق الساعات، ويكون العرض هناك اثنتي عشرة درجة وأربعين دقيقة. وإنما جعلوه مبدأ إذ من هنا إلى خط الإستواء عمارات متفرقة لا اعتبار لها ووسط الإقليم الأول باتفاق الطائفتين حيث يكون النهار الــأطول من السنة ثلاث عشرة ساعة ويكون العرض ست عشرة درجة ونصف درجة وثمنها.
وابتداء الإقليم الثاني وهو آخر الإقليم الأول حيث يكون النهار الــأطول ثلاث عشرة وربع ساعة ويكون العرض عشرين درجة وسبعا وعشرين دقيقة، ووسط الإقليم الثاني حيث يكون النهار الــأطول ثلاث عشرة ساعة ونصف ساعة ويكون العرض أربعا وعشرين درجة وأربعين دقيقة. وابتداء الإقليم الثالث حيث يكون النهار الــأطول ثلاث عشرة ساعة وثلاثة أرباع ساعة، ويكون العرض سبعا وعشرين درجة ونصف درجة، ووسطه حيث يكون النهار الــأطول أربع عشرة ساعة والعرض ثلاثين درجة وأربعين دقيقة، ومبدأ الرابع حيث يكون النهار الــأطول أربع عشرة ساعة وربعا والعرض ثلاثة وثلاثين درجة وسبعا وثلاثين دقيقة، ووسطه حيث يكون النهار الــأطول أربع عشرة ساعة ونصفا، والعرض ستا وثلاثين درجة واثنتين وعشرين دقيقة. ومبدأ الخامس حيث يكون النهار الــأطول أربع عشرة ساعة وثلاثة أرباع ساعة، والعرض ثمانيا وثلاثين درجة وأربعا وخمسين دقيقة، ووسطه حيث يكون النهار الــأطول خمس عشرة ساعة والعرض إحدى وأربعين درجة وخمس عشرة دقيقة. ومبدأ السادس حيث يكون النهار الــأطول خمس عشرة ساعة وربعا والعرض ثلاثا وأربعين درجة وثلاثا وعشرين دقيقة، ووسطه حيث يكون النهار الــأطول خمس عشرة ساعة ونصفا والعرض خمسا وأربعين درجة وإحدى وعشرين دقيقة.
ومبدأ السابع حيث يكون النهار الــأطول خمس عشرة ساعة وثلاثة أرباع، والعرض سبعا وأربعين درجة واثنتي عشرة دقيقة، ووسطه حيث يكون النهار الــأطول ست عشرة ساعة والعرض ثمانيا وأربعين درجة واثنتين وخمسين دقيقة، وآخره عند البعض آخر العمارة، وعند البعض حيث يكون النهار ست عشرة ساعة وربعا والعرض ثلاثا وخمسين درجة، هكذا في الملخص وشروحه.

طول

طول
الطُّولُ والقِصَرُ من الأسماء المتضايفة كما تقدّم، ويستعمل في الأعيان والأعراض كالزّمان وغيره قال تعالى: فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ
[الحديد/ 16] ، سَبْحاً طَوِيلًا
[المزمل/ 7] ، ويقال: طَوِيلٌ وطُوَالٌ، وعريض وعُرَاضٌ، وللجمع: طِوَالٌ، وقيل: طِيَالٌ، وباعتبار الطُّولِ قيل للحبل المَرخيِّ على الدّابة: طِوَلٌ ، وطَوِّلْ فرسَكَ، أي: أَرْخِ طِوَلَهُ، وقيل: طِوَالُ الدّهرِ لمدّته الطَّوِيلَةِ، وَتَطَاوَلَ فلانٌ: إذا أظهر الطُّولَ، أو الطَّوْلَ. قال تعالى: فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ
[القصص/ 45] ، وَالطَّوْلُ خُصَّ به الفضلُ والمنُّ، قال: شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ
[غافر/ 3] ، وقوله تعالى: اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ
[التوبة/ 86] ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا
[النساء/ 25] ، كناية عمّا يصرف إلى المهر والنّفقة.
وطَالُوتُ اسمٌ عَلَمٌ وهو أعجميٌّ.
(طول) الْبَعِير وَنَحْوه طولا طَالَتْ شفته الْعليا عَن السُّفْلى فَهُوَ أطول وَهِي طولاء (ج) طول
(طول) الدَّابَّة أَو لَهَا أرْخى لَهَا طولهَا أَي حبلها وَله أمهله وَالشَّيْء أطاله 
ط و ل

شيء طويل ومستطيل. وطاولني فطلته. وفلان طوال، لا تطوله الطوال. وتطاول: تمدد قائماً لينظر إلى بعيد. ولا أكلمه طول الدهر وطوال الدهر. وأرخى طول فرسه وهو الحبل الطويل جداً. وطوّل لفرسك: أرخ له الطول. قال طرفة:

لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى ... لكالطول المرخى وثنياه باليد

وأطالت المرأة: ولدت طوالاً. وأطال غيبته وطولها. وطول له: أمهله. وطاوله في الدين وفي العدة إذا ماطله. وتطاول علينا الليل: طال. قال:

يا زيد زيد العملات الذبل ... تطاول الليل عليك فانزل

وله عليه طول: فضل. وهو غير طائل: غير فاضل. وإنه لذو طول في ماله وقدرته. وهو ذو طول عليّ: ذو منة. وقد تطوّل عليّ بذلك. وهو يتطاول على الناس ويستطيل، وله عليهم تطاول واستطالة. واستطال بنو فلان علينا: قتلوا أكثر مما قتلنا. وما حليت بطائل منه: بفائدة وهذا أمر غير طائل: للدون من الأمر.

ومن المجاز: طال طولك إذا طال تماديه في الأمر أو تراخيه عنه. ويقال: طال طوله، وطال عليه الطول إذا طال عمره. واستطال في عرضه إذا سمع به.
ط و ل: الطُّولُ ضِدُّ الْعَرْضِ. وَ (طَالَ) الشَّيْءُ يَطُولُ (طُولًا) امْتَدَّ وَ (طَوَّلَهُ) غَيْرُهُ وَ (أَطَالَهُ) أَيْضًا. وَ (طَاوَلَنِي) فُلَانٌ (فَطُلْتُهُ) أَيْ كُنْتُ أَطْوَلَ مِنْهُ مِنَ (الطُّولِ) وَ (الطَّوْلِ) جَمِيعًا، وَبَابُهُ قَالَ. وَ (الطِّوَلُ) بِوَزْنِ الْعِنَبِ الْحَبْلُ الَّذِي يُطَوَّلُ لِلدَّابَّةِ فَتَرْعَى فِيهِ وَهُوَ (الطَّوِيلَةُ) أَيْضًا. وَ (الطُّوَالُ) بِالضَّمِّ (الطَّوِيلُ) فَإِنْ أَفْرَطَ فِي الطُّولِ فَهُوَ (طُوَّالٌ) بِالتَّشْدِيدِ. وَ (الطِّوَالُ) بِالْكَسْرِ جَمْعُ طَوِيلٍ. وَ (الْأَطَاوِلُ) جَمْعُ (الْــأَطْوَلِ) . وَ (الطُّولَى) تَأْنِيثُ (الْــأَطْوَلِ) وَالْجَمْعُ (الطُّوَلُ) مِثْلُ الْكُبْرَى وَالْكُبَرُ. وَيُقَالُ: هَذَا أَمْرٌ لَا (طَائِلَ) فِيهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَنَاءٌ وَمَزِيَّةٌ. يُقَالُ ذَلِكَ فِي التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ وَلَا يُتَكَلَّمُ بِهِ إِلَّا فِي الْجَحْدِ. وَ (الطَّوْلُ) بِالْفَتْحِ الْمَنُّ يُقَالُ: (طَالَ) عَلَيْهِ مِنْ بَابِ قَالَ وَ (تَطَوَّلَ) عَلَيْهِ أَيِ امْتَنَّ عَلَيْهِ. وَ (طَاوَلَهُ) فِي الْأَمْرِ أَيْ مَاطَلَهُ. وَ (أَطَالَتِ) الْمَرْأَةُ وَلَدَتْ وَلَدًا طُوَالًا. وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ الْقَصِيرَةَ قَدْ تُطِيلُ» . وَ (طَوَّلَ) لَهُ (تَطْوِيلًا) أَمْهَلَهُ. وَ (اسْتَطَالَ) عَلَيْهِ (تَطَاوَلَ) وَقَدْ يَكُونُ (اسْتَطَالَ) بِمَعْنَى طَالَ. 

طول


طَالَ (و)(n. ac. طُوْل)
a. Was, became long; was extended, lengthened, elongated;
was prolonged, protracted; lasted.

طَوَّلَa. Lengthened, elongated, extended;
prolonged, protracted.
b. [La], Granted a delay, a respite to.
c. ['Ala
or
Fī], Delayed, deferred, was long about, dawdled
loitered over; was prolix, tedious.
طَاْوَلَ
a. [acc. & Fī], Put off, kept waiting; delayed, deferred.
b. Was as long as.
c. [ coll. ], Handed, reached.

أَطْوَلَ
(ا)
a. see II (a)b. ( و)
see II (b)
تَطَوَّلَ
a. ['Ala], Was generous to.
تَطَاْوَلَa. Stretched himself.
b. ['Ala], Encroached upon the rights of; took liberties
with.
إِسْتَطْوَلَ
(ا)
a. Was high, tall, long; was lengthened, extended.
b. ['Ala], Had the advantage over, overcame.
c. Deemed long.
d. ( و) [ coll. ], Considered late
behindhand, dilatory.
طَوْلa. Power, might; ability.
b. Wealth, riches, affluence.
c. Superiority, ascendancy.

طِيْلَة []
a. Lifetime, life.

طُوْل (pl.
أَطْوَاْل)
a. Length.
b. Long duration, great length.
c. Longitude.

طِوَل [ ]طِيَل [ ]a. Duration; space.
b. Tether, rope.

مِطْوَل [] (pl.
مَطَاوِل [] )
a. Rein; tether; halter.

طَائِل [] (pl.
طَوَائِل [] )
a. Utility, profit, benefit, advantage.
b. see 1
طَائِلَة []
a. Enmity, rancour.
b. see 1 & 21
(a).
طَوَالa. see 7 (a)
طِيَال []
a. see 7 (a)
طَوِيْل [] (pl.
طَوَال [] )
a. Long; tall, high.
b. Long; lengthy; protracted.
c. Metre.

طَوَّالِيّ []
a. [ coll. ]
see N. Ag.
VI
تَطْوِيْل [ N.
Ac.
a. II], Elongation; amplification.

مُتَطَاوِل [ N.
Ag.
a. VI], Oblong.

مُسْتَطِيْل [ N.
Ag.
a. X], Long; oblong.
b. A certain long metre.

طَاوَلَة
G.
a. Table.

طُوْل الرُّوْح
a. Longanimity, longsuffering, patience.

طَوِيْل البَاع
a. Generous.
b. Powerful, mighty.

لَا طَائِل فِيهِ
a. لَا طَائِل تَحْتَهِ That is no
use; inutile.
طَالَمَا
a. It is a long time since; for long.
(طول) - في الحَديث في ذِكْر الخَيْل: "ورجلٌ طَوَّل لها في مَرْج، فقَطَعَت طِوَلَها، فاستَنَّت شرَفًا أو شَرَفَينْ"
وفي رواية: فأَطَالَ لها، فقَطَعَت طِيَلَها. بمعنى طَوَّلَ وأَطَال: أي شَدَّها في طِوَلها، وطِيَلها: وهو حَبْل طَوِيل يُشَدُّ أَحدُ طرفَيْه في آخِيَةٍ أو وَتَدٍ، والطَّرَفُ الآخر في يَدِ الفَرَس لِيَدُورَ فيه ولا يَعِير على وَجْهِه. والطِّوَل أيضا: حَبْل يُقَيَّد به البَعِير فيُرخَى.
والطَّوِيلَة أيضًا: حَبْل يُشَدُّ بقَائِمةِ الدَّابَّة.
- في الحديث : "كان يَقرأ في المَغْرِب بطُولَى الطُّولَيَيْن"
الطُّولَى: تأنِيثُ الــأَطْول على فُعْلى كالكُبْرى في تَأنِيثِ الأَكْبر والطُّولَيَيْن: تَثْنِيَتُه،: أي بــأَطْول السُّورَتَين الطَّوِيلَتَيْن، يعَنىِ الأَنعامَ والأَعرافَ.
- وفي الحديث: "أُوتِيتُ السَّبْعَ الطُّوَلَ" 
: أي الطُّوَال. - في الحديث: "أَرْبَى الرِّبَا الاسْتِطَالَة في عِرْض الناسِ" 
الاستِطالَةُ والتَّطاوُلُ: اسْتِحقَار النَّاسِ والتَّرفُّع عليهم.
- في حديث ابنِ مَسْعُود، - رضي الله عنه -، في قَتْلِ أَبي جَهْل:
"وسَيْفِى غَيرُ طَائلٍ" 
: أي غَير ماضٍ. وأَصلُ الطَّائِل: النَّفْع والفَائِدَة.
- في الحديث: " بكَ أُصاوِلُ وأُطاوِلُ"
من الطَّوْل، وهو الفَضْلُ والعُلُوُّ على الأَعداء.
- وفي الحديث : "فَطَال العَبَّاسُ عُمَرَ"
: أي غَلَبه في الطُّولِ. يقال: طاولْتُه فَطُلْتُه.
ورُوِىَ أَنّ امرأةً قالت: رأيت عبَّاسًا يَطُوفُ بالبيت كأَنَّه فُسطاطٌ أَبيضُ.
يُقالُ: إنَّ عَلِىَّ بن عبد الله بن عَبَّاس كان إلى مَنكِب عبدِ الله، وعبد الله إلى مَنكِب العَبَّاس، والعَبَّاسِ إلى مَنكِب عَبد المُطَّلب، فرأَت المَرأةُ علىَّ بن عبد الله وقد فَرَع النَّاسَ كأنّه راكِبٌ مع مُشَاةٍ فقالت: مَنْ هذا؟ فأُعْلِمَت. فَقَالَت: إن الناسَ لَيَرْذُلُون 
ط و ل : طَالَ الشَّيْءُ طُولًا بِالضَّمِّ امْتَدَّ وَالطُّولُ خِلَافُ الْعَرْضِ وَجَمْعُهُ أَطْوَالٌ مِثْلُ قُفْلٍ وَأَقْفَالٍ وَطَالَتْ النَّخْلَةُ ارْتَفَعَتْ قِيلَ هُوَ مِنْ بَابِ قَرُبَ حَمْلًا عَلَى نَقِيضِهِ وَهُوَ قَصُرَ وَقِيلَ مِنْ بَابِ قَالَ وَالْفِعْلُ لَازِمٌ وَالْفَاعِلُ طَوِيلٌ وَالْجَمْعُ طِوَالٌ مِثْلُ كَرِيمٍ وَكِرَامٍ وَالْأُنْثَى طَوِيلَةٌ وَالْجَمْعُ طَوِيلَاتٌ وَهَذَا أَطْوَلُ مِنْ ذَاكَ لِلْمُذَكَّرِ.
وَفِي الْمُؤَنَّثَةِ طُولَى مِنْ ذَاكَ وَجَمْعُ الْمُؤَنَّثَةِ الطُّوَلُ مِثْلُ فُضْلَى وَفُضَلٍ وَكُبْرَى وَكُبَرٍ وَقَرَأْتُ السَّبْعَ الطُّوَلَ وَأَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَهُ مَدَّهُ وَوَسَّعَهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ يَمْتَدُّ يُعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَمِنْهُ طَالَ الْمَجْلِسُ إذَا امْتَدَّ زَمَانُهُ وَأَطَالَهُ صَاحِبُهُ وَطَوَّلْتُ لَهُ بِالتَّثْقِيلِ أَمْهَلْتُ.

وَالْمُطَاوَلَةُ فِي الْأَمْرِ بِمَعْنَى التَّطْوِيلِ فِيهِ وَطَوَّلْتُ الْحَدِيدَةَ مَدَدْتُهَا وَطَوَّلْتُ لِلدَّابَّةِ أَرْخَيْتُ لَهَا حَبْلَهَا لِتَرْعَى وَهُوَ غَيْرُ طَائِلٍ إذَا كَانَ حَقِيرًا.

وَالْفَجْرُ الْمُسْتَطِيلُ هُوَ الْأَوَّلُ وَيُسَمَّى الْكَاذِبَ وَذَنَبَ السِّرْحَانِ شُبِّهَ بِهِ لِأَنَّهُ مُسْتَدِقٌّ صَاعِدٌ فِي غَيْرِ اعْتِرَاضٍ وَطَالَ عَلَى الْقَوْمِ يَطُولُ طَوْلًا مِنْ بَابِ قَالَ إذَا أَفْضَلَ فَهُوَ طَائِلٌ وَأَطَالَ بِالْأَلِفِ وَتَطَوَّلَ كَذَلِكَ وَطَوْلُ الْحُرَّةِ مَصْدَرٌ فِي الْأَصْلِ مِنْ هَذَا لِأَنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى صَدَاقِهَا وَكُلْفَتِهَا فَقَدْ طَالَ عَلَيْهَا وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ طَوْلُ الْحُرَّةِ مَا فَضَلَ عَنْ كِفَايَتِهِ وَكَفَى صَرْفُهُ إلَى مُؤَنِ نِكَاحِهِ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25]
فِيمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ طَوْلًا وَقِيلَ الطَّوْلُ الْغِنَى وَالْأَصْلُ أَنْ يُعَدَّى بِإِلَى فَيُقَالُ وَجَدْتُ طَوْلًا إلَى الْحُرَّةِ أَيْ سَعَةً مِنْ الْمَالِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْوُصْلَةِ ثُمَّ كَثُرَ الِاسْتِعْمَالُ فَقَالُوا طَوْلًا إلَى الْحُرَّةِ ثُمَّ زَادَ الْفُقَهَاءُ تَخْفِيفَهُ فَقَالُوا طَوْلُ الْحُرَّةِ وَقِيلَ الْأَصْلُ طَوْلًا عَلَيْهَا.

وَاسْتَطَالَ عَلَيْهِ قَهَرَهُ وَغَلَبَهُ وَتَطَاوَلَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ وَمَدَارُ الْبَابِ عَلَى الزِّيَادَةِ. 
[طول] الطولُ: خِلاف العرض. وطال الشئ، أي امتد. وطلت، أصله طَوُلْتُ بضم الواو، لأنك تقول طويل، فنقلت الضمة إلى الطاء وسقطت الواو لاجتماع الساكنين. ولا يجوز أن تقول منه طلته، لان فعلت لا يتعدى فإن أردت أن تعديه قلت طَوَّلتُهُ أو أَطَلْتُهُ. وأمَّا قولك طاوَلَني فلان فطُلْتُهُ، فإنما تعني بذلك كنت أطْوَلَ منه، من الطولِ والطَوْلِ جميعاً. وطالَ طِوالُكَ وطِيَلُكَ، أي عُمرك، ويقال غيبتك. قال القطامي: إنَّا محيُّوكَ فاسْلَمْ أيُّها الطَلَلُ وإنْ بَليتَ وإنْ طالَتْ بك الطِوَلُ ويروى " الطِيَلُ ". ويقال أيضاً طالَ طَيْلُكَ وطولك، ساكنة الياء والواو، وطال طُوَلُكَ بضم الطاء وفتح الواو، وطالَ طَوالُكَ بالفتح، وطِيالُكَ بالكسر. كل ذلك حكاه ابن السكيت. قال: فأما الحبل فلم فلم نسمعه إلا بكسر الأول وفتح الثاني. يقال: أَرْخِ للفرس من طِوَلِهِ، وهو الحبل الذي يُطَوَّلُ للدابة فتَرعى فيه. قال طرفة: لَعَمْرُكَ إنَّ الموتَ ما أخْطَأَ الفَتى لَكالطِوَلِ المُرْخى وثِنْياه باليَدِ وهي الطويلة أيضا. وقوله " ما أخطأ الفتى " أي في إخطائِه الفتى. وقد شدده الراجز للضرورة، فقال: تعرضت لى بمكان حل تعرض المهرة في الطول وقد يفعلون مثل ذلك في الشعر كثيرا، ويزيدون في الحرف من بعض حروفه. قال الراجز  قطنة من أجود القطن * ويقال أيضاً: طَوِّلْ فرسك، أي أَرْخِ طويلته في المَرعى. والطُوالُ بالضم: الطَويلُ. يقال: طَويلٌ وطُوالٌ. فإذا أفرط في الطولِ قيل طوال بالتشديد. والطوال بالكسر: جمع طويل. والطوال بالفتح، من قولك: لا أكلِّمه طَوالَ الدهر وطولَ الدهر، بمعنًى. ويقال قلانسُ طيالٌ وطِوالٌ، بمعنًى. والرجالُ الأطاولُ: جمع الــأطْوَلِ. والطولى: تأنيث الــأطْوَلِ، والجمع الطُوَلُ، مثل الكبرى والكبر. والطَويلُ: جنسٌ من العَروضِ. وهي كلمة مولَّدة. وجمل أطوَلُ، إذا طالَتْ شفتُه العليا . وطاوَلَني فطُلْتُه، يقال ذلك من الطولِ والطَوْلِ جميعاً. ويقال: هذا أمرٌ لا طائِلَ فيه، إذا لم يكن فيه غَناءٌ ومزّية. يقال ذلك في التذكير والتأنيث. ولم يَحْلَ منه بطائلٍ،، لا يتكلم به إلا في الجحد. وبينهم طائِلَةٌ، أي عداوة وَتِرَةٌ. والطَوْلُ بالفتح: المَنُّ. يقال منه: طالَ عليه وتَطَوَّلَ عليه، إذا امْتَنَّ عليه. وطاوَلْتُهُ في الأمر، أي ماطَلْتُهُ. وأطلت الشئ وأطولــت، على النقصان والتمام، بمعنًى. وأنشد سيبويه : صَدَدْتِ فــأطْوَلْــتِ الصُدودَ وقلَّما وِصالٌ على طول الصُدود يَدومُ وأطالَتِ المرأة، إذا ولدت ولدا طوالا. وفي الحديث: " إن القصيرة قد تطيل ". وطول له تَطْويلاً، أي أمهله. واسْتطالَ عليه أي تطاوَلَ. يقال: اسْتطالوا عليهم، أي قَتَلوا منهم أكثر مما كانوا قَتَلوا. وقد يكون اسْتَطالَ بمعنى طالَ. وتَطَاوَلْتُ مثل تطالَلْتُ. والطُوَّلُ بالتشديد: طائرٌ. وطَيِّلَةُ الريح: نيحتها. 
باب الطاء واللام و (وا يء) معهما ط ول، ل وط، ط ل ي، ل ي ط، ل طء، ء ط ل مستعملات

طول: طال فلانٌ فلاناً، أي: فاته في الطّول، قال: تَخُطّ بقَرْنيها بَرِيرَ أَراكه ... وتعطوا بظلفيها إذا الغصن طالها

أي: طاولها فلم تَنَله. وطال الشّيء يَطُولُ طُولاً فهو طويل.. والــأَطْوَلُ: نَقِيضُ الأَقصر. والطُّوال: إذا كان أهوج الطُّول، امرأةٌ طُوالة، قال:

ألم تر إنّني وأبا يزيدٍ ... لفي حربٍ مماطلة طُوالَه

والطِّوَلُ: الحَبْل الطّويل، ويقال: لقد طال طِوَلُك يا فلان، إذا طال تماديه في أمرٍ وتراخيه عنه. وقد يُقال: طال طيله. والطول: القدرة. وإن فُلاناً لَذو طَوْلٍ، أي: ذو قدرة. ويُقالُ: إنّه ليتطوّل على النّاس بفَضله وخَيْره. واشتقاق الطائل من الطُّول.. ويُقال: للخسيس الدُّون: هذا غيرُ طائل، والتَّذْكيرُ والتّأنيثُ فيه سواء، قال:

لقد كلّفوني خُطَّةً غَيْرَ طائلِ

والطِّيال: لغةٌ في الطِّوال. والطَّوال: مدى الدَّهر، يقال: لا آتيك طَوال الدَّهْر. والطَّوَلُ: طُولٌ في المِشْفَرِ الأَعْلَى على الأَسْفل. يقال جَمَل أَطْوَلُ وبه طول. والمُطاولةُ في الأَمْر هي التَّطْويل. والتَّطاوُلُ في معنىً: هو الاستطالة على النّاس إذ هو رفع رأسه ورأى أنّ له عليهم فَضْلاً في القَدْر. وهو في معنىً آخر، أَنْ يَقُومَ قائماً، ثمّ يَتَطاوَل في قيامه، ثمّ يرفَعُ رأسَهُ ويَمُدُّ قَوامَهُ للنَّظَر إلى الشَّيء. والطِّولُ: اسم حَبْل تُشَدُّ به قوائم الدّابّة، ثم تُرْسَل في المَرْعَى، وكانتِ العَرَبُ تتكلّم به، يُقال: طَوِّلْ لِفَرَسِك الطِّوَلَ، أي: أَرْخِ له حَبْلَه في مرعاه، قال طرفة:

لَعَمْرُكَ إنّ المَوْتَ ما أَخْطأ الفَتَى ... لَكالطِّوَلِ المُرْخَى وثِنْياه باليَدِ

لوط: لاط فلان في هذا الأمر لَوْطاً شديداً، أي: أَلَحَّ. واللَّوْط: مدر الحَوْض، يَعْمَدون إلى الطِّين الحرّ، فيَحْفِرون له مَمْدرةً إلى جنب الحوض، فإذا أراد أن يَمْلأَ الحَوْضَ، وهو جاف، تقول: مَدَرْتُهُ ولُطْتُهُ لئلا ينشف الماء. والتاط حوضاً، أي: لاطه لنفسه. والالتياطُ: أن يلتاط الإنسان ولداً يَدَّعيه ليس له، تقولُ: التْاطَهُ واستلاطه، قال:

فهل كنتَ إلاّ بُهْثَةً واستلاطَها ... شَقيٌّ من الأقوام وَغْدٌ ملحق  وقولُ أبي بَكْرٍ: الولدُ أَلْوَطُ، أي: أَلْصَقُ بالقلب. لاط به يلوطُ لَوْطاً.. ويُقالُ للشَّيء إذا لم يُوافِقْك: ما يلتاطُ هذا بصَفَري، أي: لا يلصقُ بقلبي، وهو يَفْتَعِل من لاطَ لَوْطاً. ولُوطٌ: اسم نَبيّ، كان ذا قَرابةٍ لإبراهيم عليه السّلام، بعثه الله إلى قَوْمِه فكذَّبُوهُ [وأَحْدَثُوا ما أَحْدَثوا] فاشتقَّ النّاسُ منِ اسمه فِعلاً لمن فَعَلَ فِعْلَ قَوْمِهِ.

طلي: الطَّلاَ: الوَلَدُ الصَّغيرُ من كلِّ شيءٍ، حَتَّى لقد شُبِّه رمادُ المَوْقد بين الأَثافيّ بالطّلا، والطّلايين أمّهاته، قال العجاج:

طَلاَ الرَّمادِ اسْتُرْئِمَ الطَّليُّ

. والأَطْلاءُ : جماعةُ الطلا وكذلك: الطُّليان [والطِّليان] جِماعُه. قال زهير:

بها العِينُ والآرام يَمْشِينَ خِلْفهَ ... وأَطْلاؤُها يَنْهضْنَ من كُلِّ مَجْثَمِ

والطُّلَى: جماعةُ الطُّلْية، وهي صَفْحة العُنُق، وبعضٌ يقول: طلوة وطلى. والطِّلاءُ من القَطِران، ممدود: ضَرْبٌ منه، شُبِّهَ به خاثِر المُنَصَّف . والطِّلاءُ: اسمٌ من أسماء الشّراب. وكلُّ شيء طُلِي به شيءٌ فهو طِلاءٌ. والطُّلاوةُ: الرِّيق الذي يَجِفُّ على الأسنان من الجوع. والطُّلاوة: الحُسْن، يقال: سَمِعْتُ كَلاما عليه طُلاوة.

ليط: اللِّيطُ: قِشْر القَصَب اللاّزق به، وقشرُ كلّ شيء كانت له صلابة ومتانة كالقناة، والقطعة منه: لِيطةٌ. وكذلك القوس العربية، تُمسح وتمرنُ كي تَصْفُوَ ويَصيرَ لها لِيطٌ، تقول: عاتكةُ اللِّيط واللِّياط، أي: لازقة اللِّيط، صُلْبتُهُ. وتَلَيَّطْت لِيطةً، أي: تَشَظَّيْتُها، أي: اشْتَقَقْتُها، وأخذت شقّة منها. واللِّيط: اللَّوْنُ، هُذَليّة.

لطأ: اللَّطْءُ: لُزُوقُ الشَّيْء بالشَّيء. ورأيت فلاناً لاطئاً بالأرْض. ورأيت الذِّئْبَ لاطئا للسّرقة، وهذه أكَمَةٌ لاطئة. والّلاطِئةُ: خُراجٌ يَخْرج بالإنسان فلا يكادُ يَبْرَأُ منه، ويَزْعُمون أَنّها من لسْعة الثُّطْأَة. والّلاطئةُ: ضَرْبٌ من القلانس. أطل: الإِطْلُ: لغةٌ في الأَيْطل، وهو الشّاكلة، والقُرُبُ تحت الشّاكلة. تقول إنه لَلاحقُ الأَيْطَلَيْن، وجمعه: أياطل، وألآطال: جماعة الإطْل، والأَيْطَلُ: أَحْسَنُ وأَعْرَفُ.. ونظيرُهُ قَوْلُهم للمجنون: به أَوْلَق، وقد أُلِقَ يُؤْلَقُ أَلْقاً.
[ط ول] الطُّولُ: نَقِيضُ القِصَرِ في النّاسِ وغَيرِهم من الحَيَوانِ والمَواتِ. طالَ يَطُولُ طُولاً، فهو طَوِيلٌ، وطُوالٌ، قال النَّحْوِيّونَ: أًصلُ طَالَ فَعُلَ، اسْتِدْلالاً بالاسمِ منه؛ إِذْ جاءَ على فَعِيلٍ، نَحْوَ طَوِيلٍ، حَمْلاً على شَرُفَ فهو شرِيفٌ، وكَرْمَ فهو كَرِيمٌ، وجَمْعُهما طِوِالٌ، قَالَ سِيبَويه: صَحَّّتِ الواوَ في طِوالِ لصحتَّها في طَوِيلٍ، فصارَ طِوالٌ من طَوِيلٍ، كجِوارٍ من جاوَرْتُ، قَالَ: ووافَقَ الذين قالُوا: فَعِيلٌ الّذِينَ قالوا: فَعالٌ؛ لأَنَّهما أُخْتانِ، فجمَعُوه جَمْعَه. وحكَي اللُّغَويَّون طيالٌ، ولا يُوجِبُه القِياسُ؛ لأَنَّ الواوَ قد صَحَّتْ في الواحِد، فحَكْمُها أَن تَصحَِّ في الجَمعِ، قَالَ ابنُ جِنِّي: لم تُقْلَبْ إِلاّ في بَيْتَ شاذٍّ، وهو قَوْلُه - فيما أَنْشَدنَاه أبو عَليٍّ، وذَكَرَ أَنَّ أبا عُثْمانَ أَنْشَدَه _:

(تَبيَّنَ لي أَنَّ القَماءَةَ ذِلَّةُ ... وأَنَّ أَشِدَّاءَ الرِّجالِ طِيالُها)

والأُنْثَى طَوِيلَةُ، وطُوالَةٌ، والجُمعِ كالجمع، ولا يَمتَنِعُ شيءٌ من ذلك من التَّسليمِ. والطَّوِيلُ من الشِّعرِ سُمِّيَ بذلك لأَنَّه أَطْولُ الشِّعْر كُلِّه، وذلك أَنَّ أًضلَه ثَمانِيةٌ وأَرْبَعُونَ حَرْفاً، وأكثُر حُروفِ الشِّعْرِ من غِيرِ دائرِته اثْنانِ وأَرْبَعونَ حَرْفاً، وقالَ أَبو إسحاقَ: سُمِّيَ، طَوِيلاً لأَنَّه أَطولُ الأَعارِيضِ الثّلاُِثة، الطَّوِيلِ والمَدِيدِ والبَسِيطِ، وأكثُرها حُرُوفاً، ولأنَّ أَوتادَة مُبتَداُ بها، فالطولُ لمُتٌ قَدِّمِ أَجْزائِه لازِمٌ أَبداً؛ لأنَّ أَوائلَ أَجْزائِه أَوتادٌ، والدّوائِرُ أَبداً يتقدَّمُ أَبْنيائها ما أَوَّلُه وَتَد. والطُّوَالُ: المُفْرِطُ الطُّولِ، ولا يُكَسَّرُ، إنَّما يجَمَعُ جَمْعَ السَّلامِة. وطاوَلَني فطُلْتُه، أي: كنتُ أَشَدَّ طُولاً منه، قَالَ:

(إِنَّ الفَرَزْدَقَ صَخرةٌ عادِيَّةٌ ... طالَتْ فليس تَنالُها الأَوعالاً)

وأَطالَ الشّيْءَ، وطوَّلَه، وأَطْوَلَــه: جَعَلَه طَوِيلاً، وكأَنَّ الّذين قالوا ذلك إنَّما أَرادُوا أَن يُنَبِّهوا على أَصل البابِ، ولا يُقاسُ هذا، إنَّما أَتَي للتَّنبيه على الأَصْلِ، وأَنْشَدَ سِيبَويِهِ:

(صدَدْتِ فــأَطْوَلْــتٍ الصُّدُودَ وقَلَّما ... وِصالٌ على طُولِ الصُّدُودِ يَدُومُ)

وكُلُّ ما امتَدَّ من زَمَنٍ، أو لَزِمَ من همٍّ ونَحوِه فقد طَالَ، كَقَوِلِكَ: طال الهَمُّ، وطالَ اللَّيلُ. وقالُوا: إنَّ اللَّيلَ طَويلٌ، ولا يَطْلْ إلاّ بخَيْرٍ، عن اللِّحيانيِّ، قَالَ: ومعناه الدُّعاءُ. وأطالَ الله طِيلَتَه، أي: عُمْرَه. والطَّوَلُ: طُولٌ في مِشْفَرٍ البَعيرِ الأَعْلَي، بَعيرٌ أَطْوَلُ. وتَطاوَلَ: تمدَّدَ إلى الشَّيْءِ يَنْظُرُ نَحوَه، قَالَ:

(تَطاوَلْتُ كي يَبْدو الحَصِيرُ فما بدا ... لعَيْنِي، ويالَيْتَ الحَصيرَ بَدَا لِيا)

واسْتَطالَ الشَّقُّ في الحائِطِ: امْتَدَّ وارتَفَعَ، حكاه ثَعلَبٌ، وهو كاسْتَطارَ. والطِّوَلُ والطَّيَلُ والطَّوِيلُه والتِّطْوَلُ، كُلُّه: جَبْلٌ طَوِيلٌ تُشَدُّ به قائِمةُ الدّابَّةِ، وقِيلَ: هو الحَبْلُ تَشَدُّ به، ويُمْسكَ صاحَبِه يَطَرَفِه، ويُرْسْلُها تَرْعَي، قَالَ مُزاحِمٌ:

(وسلْهَبٍ ةٍ قَوْداءَ قَلَّصَ لَحمُها ... كِسعلاةٍ بِيدٍ في جِلالٍ وتِطْوَل)

وقد طَوَّلَ لها. والطِّوَلُ: التّمادِي في الأَمِر، والتَّراخِي، يُقالُ: طَالَ طِولَك، وطِيَلُكَ، وطِيلُكَ، وطُولُك، عن كُراع، معني هذا كُلِّه: طَالَ مُكْثُكَ، وأَنْشَدَ غَيرُه قَوْلَ طُفَيْلٍ:

(أَتانا فلم تَدْفَعُه إِذ جاء طارِقاً ... وقُلنا لَه: قدْ طالَ طُولُكَ فانْزِلِ)

ويُروَي: ((قد طَالَ طِيلُكَ)) . وقولُ القُطِاميّ:

(وإن بَلِيتَ وإن طالَتْ بكَ الطِّيَلُ ... )

و [يُروي] الطِّوَلُ، قيلَ في تَفْسيِرِه: الطِّيَلُ: جَمْعُ طِيلَةٍ، والطِّوَلُ: جَمْعُ طِوَلَةٍ، فاعْتَلَّ الطِّبَلُ، وانْقَلَبْتْ واوُه ياءً، لاعْتِلالِها في الواحِدِ، فأمَّا طِوَلَةُ وطَوَلٌ فمِنْ بابِ عِنَبَةٍ وعِنَبٍ. والطَّالُ مَدَى الدَّهْرِ، يُقالُ: لا آتٍ يكًَ طَوَالَ الدَّهْرِ. والطَّوْلُ والطّائِلُ والطّائِلَةُ: الفَضْلُ، والقَدْرَةُ، والغِنَي، والسَّعَةُ، والعُلُوُّ، قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:

(ويَأْشِبنُي فيها الذَّيِن يَلْونَها ... ولو عَلَِمُوا لم يَأْشِبُونِي بطائِلِ)

وأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ في وَصْفِ ذِئْبٍ:

(وإن أَغارَ فلم يَحلُلْ بطائِلَةٍ ... في لَيْلَةٍ من جُمَيْرٍ ساوَرَا الفُطُما)

كذا أَنْشَدَه ((جُمَيْرٍ)) على التَّصْغِيرِ. وقَدْ تَطَوَّلَ عَلَيهم. والتَّطاوُلُ، والاسْتِطالَةُ: التَّفَضُّلُ، ورَِفْعُ النَّفْسِ. ويُقالُ للشَّيْءِ الخَسِيسِ الدُّوِن: ما هُو بطائِلٍ: الذَّكَرُ والأُنْثَى في ذِلكَ سَواءٌ. والطُّوَّلُ: طاِئرٌ. وطُوَالَة: مَوضِعٌ، وقِيلَ: بِئرٌ، قَالَ الشَّمَّاخُ:

(كِلاَ يَوْمَيْ طُوالَةَ وَصْلُ أَرْوَى ... ظَنُونٌ آنَ مُطَّرَحُ الظَّنُونِ)

وبَنُو الــأَطْوَلِ: بَطْنٌ.
[طول] نه: فيه: أوتيت السبع "الطول"، هو بالضم جمع الطولى، كالكبر في الكبرى، وهي البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والتوبة. ج: من البقرة إلى براءة. ط: ومنه: فقرأ بسورة من "الطول"، هو كالكبر. شم: السبع "الطوال"- بكسر طاء جمع طويلة، وأما بضمه فمفرد. نه: ومنه ح: كان يقرأ في المغرب "بطولى الطوليين"، هي تثنية الطولي مؤنث الــأطول، أي بــأطول السورتين الطويلتين يعني الأنعام والأعراف. ك: الطوليين بتحتيتين، وروى: بطول الطوليين- بضم طاء وسكون واو وبلام فقط، وخرج بأنه مصدر وصف به، أي بمقدار طول الطويلتين. ج: يقول المحدثون: طول الطوليين، وهو خطأ فإن الطول هو الحبل وإنما هو طولي كحبلى. ك: فإن قلت: وقت المغرب ضيق لا يسع بهذا المقدار! قلت: يسعه عند من قال: إنه البياض، ويسع لقائل الحمرة للركعة الأولى، ولا بأس بخروج الثانية عن الوقت؛ وقد يأول بقراءة بعض السورة كما أول قراءة والطور. نه: وفي ح استسقاء عمر "فطال" العباس عمر، أي غلبه في طول القامة، وكان عمر طويلًا وكان العباس أطولللنكس. ج: "أطول" أعناقًا، أي أكثر أعمالًا، من لفلان عنق من الخير أي قطعة، وروى بالكسر من العنق ضرب من سير الإبل سريع.
طول
طالَ1/ طالَ على طوَل، يَطُول، طُلْ، طُولاً، فهو طائل، والمفعول مَطُول
• طالَ القصفُ المنطقةَ: بلَغها.
• طالَ الغنيُّ على جاره: أنعم عليه. 

طالَ2 طوَل، يَطول، طُلْ، طُولاً، فهو طويل
• طالَ الغصنُ: علا وارتفع "طال الجبلُ- طالت النخلة- عمودٌ طويل- {وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً} ".
• طالَ عُمرُه: امتدّ، عكسُه قصُر "طالت لحيتُه- طال عنده سهري- خَيْرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ [حديث]- {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} " ° طال الزّمن أو قصُر: مهما اقتضى من الوقت- طال به الوقت: مضى وقت كثير. 

طالَ3 طوِل، يَطال (على إحدى اللغات)، طَلْ، طُولاً، فهو طائل، والمفعول مَطُول
• طالَ القصفُ المنطقةَ: بلغها. 

أطالَ/ أطالَ في يُطيل، أطِلْ، إطالةً، فهو مُطيل، والمفعول مُطال
• أطالَ الحديثَ/ أطال في الحديث: زاده، زاد فيه "أطال حبلاً- أطال في الشرح" ° أطال الله بقاءه: دعاء بأن يمُدّ الله في عمره- أطال الوقوف أو الجلوس أو النَّظر: وقف أو جلس أو نظر مدّةً طويلة يفكِّر ويدقِّق- أطال عليه: جعله ينتظر كثيرًا- أطال لسانه: اعتدى بالكلام، عاب وشتم. 

استطالَ/ استطالَ على يَستطِيل، اسْتَطِلْ، استطالةً، فهو مُستطيل، والمفعول مُستطَال (للمتعدِّي)
• استطال اللَّيلُ: امتدّ وطال، عكس قصُر "استطال الظّلُّ/ الحديثُ".
• استطال الحائطَ: رآه، عدَّه طويلاً "استطال البناءَ- استطال المسافةَ بين منزله ومقرّ عمله".
• استطال على فلان: اعتدى عليه، تطاول عليه "استطال عليهم حتى أفناهم- استطال عليه بالقول". 

تطاولَ/ تطاولَ إلى/ تطاولَ على يتطاول، تطاوُلاً، فهو مُتطاوِل، والمفعول مُتطاوَل إليه
• تطاول الرَّجلُ:
1 - تمدّد قائمًا لينظرَ إلى ما هو بعيد عنه.
2 - تكبّر وترفّع.
• تطاول القومُ: تسابقوا في الطُّول أو الطَّوْل "يتطاول الناس في البنيان- فَاجْتَمَعْنَ يَتَطَاوَلْنَ [حديث] ".
• تطاول اللَّيلُ/ تطاول عليهم اللَّيلُ: امتدَّ وطال "تطاول الظلُّ- {فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ} ".
• تطاول إلى الشَّيء: مدّ عنقه ليراه "تطاول إلى البئر".
• تطاول على زميله: اعتدى عليه، تَجرّأ عليه، أهانه "تطاول على حقوق غيره". 

تطوَّلَ/ تطوَّلَ على يتطوَّل، تَطَوُّلاً، فهو مُتَطَوِّل، والمفعول مُتطوَّل عليه
• تطوَّل الحبلُ: مُطاوع طوَّلَ/ طوَّلَ لـ: ازداد امتدادُه.
• تطوَّل على الفقير: تفضَّل عليه. 

طاولَ يطاول، مُطاولةً، فهو مُطاوِل، والمفعول مُطاوَل
• طاولني أخي فَطُلْتُه: غالبني في الطُّول أو الطَّوْل فكنت أطول منه.
• طاولني في الدَّيْن: ماطلني وتأخَّر في أدائه. 

طوَّلَ/ طوَّلَ لـ يطوِّل، تطويلاً، فهو مُطوِّل، والمفعول مُطوَّل
• طوَّل الحبلَ للدَّابة: زاد امتداده، أرخاه لها، جعله طويلاً "طوّل حائطًا/ طريقًا/ الخطبة".
• طوَّلتُ له: أمهلته ° طوَّل باله عليه: أمهله. 

إطالة [مفرد]: مصدر أطالَ/ أطالَ في. 

استطالة [مفرد]: مصدر استطالَ/ استطالَ على. 

طائِل [مفرد]: ج طوائل:
1 - اسم فاعل من طالَ1/ طالَ على وطالَ3.
2 - كثير غزير "بذل مجهودًا طائلاً- وَرث من والده مالاً طائلاً".
3 - منفعة، فائدة (ولا يذكر إلا بعد نفي) "جهود لا طائل تحتها- أمرٌ لا طائل فيه" ° دون طائل: دون فائدة- لا طائل منه/ لا طائل تحته/ لا طائل فيه: لا فائدة تُرجى منه- لم يظفر منه بطائل: لم يحققْ هدفَه- ما عنده نائلٌ ولا طائل: ليس عنده خير. 

طائِلة [مفرد]: ج طوائل:
1 - صيغة المؤنَّث لفاعل طالَ1/ طالَ على وطالَ3.
2 - قدرة ° طائلة الموت: حكم الإعدام- يقع تحت طائلة القانون: يخضع للعقاب بحسب أحكام القانون، تحت حُكْمه وعقوبته.
3 - كثيرة، ضخمة "ثروة طائلة". 

طالما [كلمة وظيفيَّة]: (انظر: ط ا ل م ا - طالما). 

طاوِلَة [مفرد]: مائدة من الخشب "طاولة مستديرة- طاولة الشّاي: منضدة صغيرة لتقديم الشّاي" ° تحت الطَّاولة: سرًّا- جلَسَوا حول طاولة المفاوضات: تفاوضوا- على طاولة البحث: قابل للنِّقاش.
• لعبة الطاولة: لعبة النَّرْد.
• كُرَة الطَّاولة: (رض) لعبة تِنِس الطاولة يتقاذف فيها المتباريان كرة صغيرة بواسطة مضرب، وعلى طاولة محدودة المساحة. 

طَوَال [مفرد]
• طَوال الوقت: طُوله، مَداه، مُدَّتُه "طوال الدهر/ النهار- سأطلب العلم طَوَال عمري- يعمل طَوَال الأسبوع". 

طَوْل [مفرد]:
1 - قُدرة "كان صاحب حول وطول" ° صاحب الحَوْل والطَّوْل: الله تعالى، من بيده الأمور ويتصرّف كما يشاء، واسع السلطة والنفوذ.
2 - غِنًى ويُسر "هو في طَوْلٍ من العيش- {اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ} ".
• ذو الطَّول: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: صاحب
 السّعة والغِنى والقدرة " {شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ} ". 

طُول [مفرد]: ج أطوال (لغير المصدر):
1 - مصدر طالَ1/ طالَ على وطالَ2 وطالَ3.
2 - امتداد، عكس قِصَر "ظلّ طول حياته يعمل ويكِدّ لأولاده- احتمله بطول صبره" ° طولُ الأناةِ: الصبر- طُول الباع: الاقتدار في حقل من الحقول- طول الدّهر: مداه- طول النظر: الرؤية البعيدة، بُعد النظر- على طُول الخطّ: تمامًا، دائمًا.
3 - مسافة ما بين طرفي الشَّيء الأبعدين، عكس عرْض "شاب فارع الطُّول" ° عاش حياته بالطول والعرض: بجميع الأشكال والصور- في طول البلاد وعَرْضها: في كلّ مكان منها.
• خطُّ الطُّول: (جغ) خطٌّ وهميّ على سطح الكرة الأرضيّة من ثلاثمائة وستين خطًّا، يمتد بين القطب الشماليّ والقطب الجنوبي ويتعامد على خطّ الاستواء، يعبّر عنه بالدرجات (أو الساعات) والدقائق والثواني. 

طُولَى [مفرد]: ج طُوَل: أفعل تفضيل من طال للمؤنث: أكثر طولاً ° السَّبع الطُّوَل من الشعر الجاهليّ: معلقات امرئ القيس، وزهير، وعمرو بن كلثوم، ولبيد، وطرفة، وعنترة، والحارث بن حِلِّزَة- السَّبع الطُّوَل من القرآن: أطول سور القرآن الكريم: البقرة، آل عمران، النساء، المائدة، الأنعام، الأعراف، الأنفال وبراءة معًا وقيل يونس- ذراع القانون الطُّولَى: أي يد القانون التي لا يفلت منها أحد- له اليد الطُّولَى: صاحب الفضل الأكبر والأعظم. 

طويل [مفرد]: ج طِوَال: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من طالَ2: ممتدٌّ أفقيًّا أو عموديًّا بشكل يتجاوز الطُّول المعتاد، عكسه قصير ° طويل الأناة/ طويل البال: صبور، كثير الاحتمال- طويل الباع: جواد واسع الخلق ذو معرفة وعلم، حاذق عكسه قصير الباع- طويل القامة: طويل الجسم- طويل اللسان: يعتدي بلسانه، فاحش وبذيء- طويل اليد: سارق، سريع الاعتداء بيده- طويل اليد: كريم سخيّ.
• الطَّويل: (عر) أحد بحور الشِّعر العربي، ووزنه: فَعُولُنْ مَفَاعِيلُن فَعُولُنْ مفاعيلُن، في كلِّ شطر "نظمتُ قصيدتين على بحر الطويل". 

طِيلَة [مفرد]
• طِيلة الوقت/ طيلة العمر/ طيلة الدهر: طُوله، مداه ومُدَّته "كان مشغولاً طِيلة شبابه- دام الاحتفال طيلة النهار- سهر طيلة الليل يذاكر دروسه". 

مُستطيل [مفرد]: ج مستطيلون ومستطيلات (للمؤنث وغير العاقل):
1 - اسم فاعل من استطالَ/ استطالَ على ° الفجْر المستطيل: الفجر الأول/ الكاذب.
2 - (هس) شكل رباعي كل زواياه قوائم ويتساوى فيه كل ضلعين متقابلين.
• متوازي المستطيلات: (هس) مُجسَّم هندسيّ له ستَّة أوجه مستطيلة الشَّكل، وكلّ وجهين متقابلين منهما متوازيان ومتساويان. 
طول: طال: أخَّر، أجلّ، أرجا، ففي كوسج (طرائف ص30) وقبل أن يهاجم خصمه جال وطال وأنشد.
طال على: ناف على، أناف على، سما، علا.
ارتفع، (معجم الادريسي، معجم الطرائف).
طال على: بادر بالجميل، افضل وانعم من غير أن يطلب منه (بوشر).
طال عليه الشيء: نسبه وسها عنه (تاريخ البربر 2: 84).
طالت يَدهُ: صار ذا قدرة (عباد1: 242).
ما تطول يدي إليه: لا أستطيع الوصول إليه. ما هو في الاستطاعة والإمكان. ليس في متناول يدي (بوشر).
ما طالته يدي: ما املكه من دراهم الان، ففي ألف ليلة (4: 699): أرسل إليك كلَّ ما طالته يدي.
وفيها (4: 603): ان يدي لا تطول دراهم في هذا الوقت.
طالمَا: ما دام على مدى الأيام (بوشر).
طَوَّل: أطال، جعله طويلاً. ففي رياض النفوس (ص97 ق) طول في صلاته.
طوَّل باله أو روحه: اصطبر، صبر، تجلّد.
(بوشر، قصة عنتر ص47) ألف ليلة (1: 49، 401، 419).
طَوّل روحك: رويداً، تمهل (بوشر).
طَوَّل لسانَه بذمَّ فلان: أكثر من ذمه وشتمه (ابن الأثير 11: 80).
طَوَّل: أخّر، أجّل، أرجأ (الكالا).
طْوَّل: ربط، اوثق، بحبل (فوك) ومن الغريب أن اللغويين العرب لم يذكروا هذا المعنى وهو معنى قديم نجده في حديث الرسول (ص) الذي نقله عبد الواحد (ص178): ان القاضي يحشر مُطوَّلة يداه إلى عنقه فأما أن يحله عدلُه أو يهوي به جوره. وهو مشتق من طوَل بمعنى حبل.
طَوَّل: رمى، قذف، دفع ويقال ذلك حين تدفع العاصفة بالمركب إلى عرض البحر. (فوك، الكالا).
طوَّل: طال، علا، ارتفع (بوشر).
أطال: جعله طويلاً. وتستعمل بخاصة في القيام بالشعائر الدينية التي تُطَوَّل ففي كوسج (طرائف ص119) مثلاً: وركع فأطال وسجد فأطال. وفي كرتاس (ص178): كان إذا وقف في صلاته يطيل القيام وبذلك سموه بالسارية. وفي عباد (1: 49) في كلامه عن يوم جمعة كانت فيه معركة: لم تركع فيه إلا رؤوس العدا ولم يُطل فيه إلا ذابل وحسام.
أطال لسانه: أكثر الكلام فيما لا يعنيه (بوشر).
تطَوَّل: طال، استمر زمناً طويلاً (فوك، الحماسة ص119).
تطاوَل: معناها الأصلي انتصب واقفاً على أصابع قدميه ليستمع إلى ما يقال- ومن هذا صارت تدل على أصغي باهتمام (معجم مسلم).
وارى أن ما جاء في كليلة ودمنة (ص282).
وهو: فلما كان من الغد اجتمع أهل تلك المدينة يتشاورون في من يملكونه عليهم وكل منهم. يتطاول بنظر صاحبه (والصواب النظر بدل بنظر لان هذا الفعل لا يتعدى بالباء) يعني: وكان كل واحد منهم يصغي بانتباه إلى رأي مجاوره. أو يريد معرفة رأيه.
تطاول إلى وله: تطلعّ إلى، طمح، إلى، صبا إلى، طمع ب، رغب في (أماري ص449، تاريخ البربر 1: 2: 623، 2: 82) ويقال: تطاول للملك (تاريخ البربر 1: 84، 88، 98، 111، 139) وفي النويري (الأندلس ص475): تطاول لولاية العهد.
تطاول: طمح إلى، تطلع إلى، صبا إلى ما لا يحق له، كان من الوقاحة بحيث يطمح إليه. ومن هذا أصبحت كلمة تطاول تدل على معنى الوقاحة والسفاهة والجراءة والاعتداء ففي كتاب محمد بن الحارث (ص287): قال القاضي: إذا أبى أن يرد الدار إلى هذا الرجل فأحضره أمامي لا راجع السلطان في أمره واصف له ظلمه وتطاوله، وفيه (ص289): تطاوّل بعض أعوانه فانتزع من رجل ابنته، وفيه (ص329): حدثُت في أيامه مجاعة شديدة فكثر فيها التطاول من الفسدة.
وفيه: فأتاه قوم بفتى من جيرانهم فشكوا منه إليه تطاولاً.
تطاول: طال. استمر مدة طويلة (معجم الادريسي).
تطاول: تأجل، تأخر (عباد 2: 251).
تطاولوا الملك له: تمنوا له ملكاً طويلاً. (ألف ليلة برسل 7: 295).
استطاع على: طمح إلى تملك شيء. ففي ملر آخر أيام غرناطة (ص15): استطال العدوُّ على الأندلس وقوى طمعه فيها.
استطال على فلان بلسانه: اعتدى عليه بالقول، أقذع له، سبه وشتمه (فوك).
استطال: رآه طويلاً (لين، الكامل، ص598، الألفية البيت 101).
طَوْل. ذو طَوْل: ذو قدرة جبّار (فوك).
أنا في طولك: أتوسل إليك، أتضرع إليك، أبتهل إليك (بوشر).
طُول وجمعها أطوْال (أبو الوليد ص364).
ويقال: طول السنة أي مدى السنة (بوشر).
وبطول النهار: مدى النهار (ألف ليلة 1: 53).
طول المرء: إفراط في النفاق والمكر. (أماري ص121).
طُول: مدى البصر، ومدى الصوت، ومدى اليد (بوشر).
طول العامود: جذع العمود (بوشر). طيل؟: نوع من التين (ابن العوام 1: 88).
وفي مخطوطتنا: اللطيل. وليس هو الجميز.
طيل النزهة أو طيل النزهة المنتنة: إسهال، مشُاء (بابن سميث 1442).
طولة: قدرة (فوك) وفيه صوْلة وطَوْلَة.
طولة: مَعدّ محضر. مهياً. (بوشر).
طولة: مبادرة الخدمة. مجاملة. طريقة كريمة لمبادرة الجميل (بوشر).
طولة بال: تأني تمهُّل. وبطولة بال: بتأن بتمهل، على الهوينا (بوشر).
طولة روح: صبر، أناة، وبطولة روح: بصبر، بأناة (بوشر).
طولة لسان: ثرثرة، هذر، كثرة الكلام فيما لا يعنيه تطرف في الكلام (بوشر).
طولة يد: في متناول اليد (بوشر).
طولة: قرض، ائتمان (بوشر).
مع الطولة: على طول (بوشر).
طُولَه: اسم يطلقه العامة في الأندلس على النبات المسمى فَيْصل (انظر الكلمة) (ابن البيطار 2: 164) وهو يذكر ضبط الكلمة و (2: 272) ويرى السيد سيمونيه إنه تكسوس tixos وهي كلمة تعني في برجا من أعمال قطلونيا: Laserpitium gallicum ويضيف إلى ذلك تأييداً لرأيه هذا أن عامة الأندلس يسمون هذا النبات حسب ما يقول ابن البيطار الكمون البّراني، وإن معاجم النباتات (مثل معجم كولميرو) تترجم comino rustico ب Laserpitium siler باللاتينية.
طُولّي: طُولاني، يمتد بالطول (بوشر).
طُولانِي: مستطيل. ففي ألف ليلة (1: 297): فجاءا إلى مكان فوجداه مكنوساً مرشوشاً بمساطب طولانية، وكذلك في طبعة برسلاو.
وفي طبعة بولاق: مستطيلة.
طَوَال. طوال ما: ما دام على طول الزمن (بوشر).
طِوَال، وجمعه أطولــة طِوَل، حبل (فوك، الكالا) طْوَال: حبل (دومب ص92).
طويل: غير طويل: غير زمان طويل. (معجم أبي الفداء).
طويل: مستطيل. وشطرنج طويل: شطرنج مستطيل (حياة تيمور 2: 876، بلاند في جريدة الجمعية الآسيوية الملكية 13: 61، ولوحة رقم 4، صورة 1، 2) طَويِل. عال، مرتفع وهو اختصار طويل في السماء (ياقوت 2: 115) وفي ابن العوام (2: 389): ويجب أن تكون البيوت طويلة الأبواب لكي يدخل إليها الهواء (المقدمة 3: 366).
طَويل: عميق. ففي كاريت (جغرافية ص134): الطويله والقصيرة: بئران إحداهما عميقاً والأخرى غير عميقة.
طَوِيل: كثير غزير (انظر مائل).
زوينقل جان جاك شولتنز من حياة صلاح الدين (ص42): مال طويل. وفي الواقدي (الشام) (ص16): الضرَ الطويل. ويقال: من سحر طويل أي باكراً جداً. وفي الأخبار (ص102) ركب الأمير من سحر طويل واصبح على ظهر.
طويل الباع: انظره في مادة باع.
طويل الروح: صبور. حليم (بوشر).
طُوَالَة: خيول، إسطبل (بوشر). وفي محيط المحيط: طُوَالةُ الخيل عند المولدَّين طائفة منها في مربط واحد. وفي ألف ليلة (4: 328) في الكلام عن رجل كان يتولى الإشراف على إسطبل خيل سيد كبير: فقعد يأمر وينهي على خدمة الخيل وكلّ من غاب منهم ولم يُعَلّق على الخيل المربوطة على الطوالة التي فيها خِدْمَته. يرميه ويضربه ضرباً شديداً وفي طبعة برسلاو: (10: 373): ولم يعلق على طوالته التي عليه خِدْمتها. وينقل دان جاك شولتنز (الذي لم يفسر الكلمة لانه لا يعرف معناها دون شك) عن ابي السرور (ص32): وقدَّموا إليه طوالة خيل وفرش وعبيد (عامية: وفرشاً وعبيداً) (ميهرن ص31).
طُوَالة: مرتبة، حشية، فراش مستطيل. ففي ألف ليلة (2: 162): ومن الديباج نمارق وطوالات وقد ترجمها لين إلى الإنجليزية بما معناه: مرتبة طويلة.
طَوِيلَة. الطويلة= الحَيَّة (الثعالبي لطائف ص28) طَوِيلَة: مختصر قَلَنْسُوة (المسعودي 8: 377، الأغاني 2: 121 طبعة بولاق) وهي قلنسوة عالية كان الخلفاء في المشرق والأندلس يعتمرونها وكذلك سلاطين اشبيلية في القرن الحادي عشر والقضاة وبخاصة عند الشيعة ورجال الدين (عباد 2: 98، 263، ابن الأثير 7: 23) قلنسوة وقد نقل أبو الفداء في تاريخه (2: 184) ما قاله ابن الأثير (وقد أساء رايسك ترجمته)، المقري 3:64). وفي حيان- بسام (1: 154ق) في كلامه عن قاض: وأول ما ظفر بقلانسهم بطويلة قيد مساحة الفلاحة. وصواب العبارة: وأول ما ظفر من قلانسهم بطويلة نبذ مسحاة الفلاحة وفي رياض النفوس (ص104 ق) في الكلام عن متعبد اعتنق المذهب الشيعي بعد أن كان من أهل السنة: أخبرني من رأى ابن غازي راكبا على دابَّة وعليه رداء وطويلة. واري مثل ما يرى دي غويه أن عبارة الأغاني (5: 60 طبعة بولاق): دخل يحيى بن أكثم وعليه سوادة وطويليه، صوابها، سواده وطويلته.
طَويلَة: نوع من العشب وهو غذاء ناجح جداً للإبل (بركهارت نوبيه ص163).
طَوِيَلة: قطعة نقود عند أهل الحسا (بلجراف 2: 179).
طاوِل: مجنون طاول: مجنون مطبق الجنون (بوشر).
طائِل: هذه الكلمة في قول اللغويين العرب تعني فائدة ولا تذكر إلا بعد نفي. ومع ذلك فأنا نجد عند عباد (1: 251) حتى حلى بطائلها.
طائل: كبير (معجم الادريسي ربجرز ص155، تعليقه ويجوز ص157، ابن خلكان 9: 13).
وفي كتاب أبي الفرج (ص494): فدخل الفرنج المنصورة ولم ينالوا منها نيلا طائلا.
وفي الفخري (ص86، 89، 207): لم تكن الوزارة في أيامه طائلة. أي لم يكن الوزارة في أيام حكمه ذات أهمية كبيرة لأنه كان يفصل في كل أمر بنفسه.
طائِل: ناجح، مزدهر (معجم الادريسي). طائل: مواظب، مثابر، دؤوب (هلو).
يد طائلة: يد محظوظة (بوشر).
طَوْلَة (نيبور، برجرن) وطاولة (محيط المحيط) وطاولة (لين) (بالإيطالية TavoLa) مائدة (بوشر، محيط المحيط وهو يعرف الأصل الإيطالي) طاولة النجار: منضدة النجار، منضدة العمل (بوشر).
طاولة: نرد، لعبة الطاولة (نيبور رحلة 1: 165، برجرن ص512، لين عادات 2: 55).
وفي معجم بوشر: طاولة النرد ولعب الطاولة.
طاولة: رقعة الضامة (الدامة) (بوشر).
طاولة الشطرنج: رقعة الشطرنج (بوشر).
طائلة: غلبة، انتصار، نصر، فوز. ففي تاريخ بني زيان (ص102 ق): فكانت الطائلة لمرين على عادتهم.
طائِلة: يقول ابن خلدون في تاريخ البربر (1: 73) في كلامه عن قبيلة عربية: وكانوا منذ المدد السالفة يعطون الصدقات لملوك زناتة ويأخذونهم بالدماء والطوائل ويسمونها حمل الرحيل وكان لهم الخيار في تعيينها.
وقد ترجمها دي سلان (1: 117) إلى الفرنسية بما معناه: منذ زمن طويل كان بنو معقل يدفعون إلى حكومة الزناتيين ضريبة مقدارها العشر. كما كانوا يدفعون إليهم الدّية (إذا قتل أحد رعايا المملكة) كما كان عليهم أن يتكلفوا بدفع ضريبة تسمى حمل المتاع يعين السلطان مقدارها.
ويضيف إلى ذلك في تعليقه: أي حق الرحيل.
وكانوا يدفعون هذه الضريبة إذا ما عادوا من تل Tell موضع بما تزودوا به من حنطة.
وأرى أن هذا العالم قد جهل بصورة عجيبة المعنى الحقيقي لهذه العبارة فكلمة طائلة تعني الأخذ بالثأر (وعند لين الأخذ بثأر الدم).
وحين نقارن ما يقوله لين في مادة عقل (8): اعتقل من دم فلان ومن طائلته: أي اخذ أو استلم العَقْل أي الغرامة المالية عن دم القتيل (الدية) نرى من المؤكد أن كلمة طائلة في عبارة ابن خلدون تعني غرامة عن القتل (دية).
ويذكر هذا المؤلف بعد ذلك الطوائل وحدها، فما يسميه هنا الدماء والطوائل يسميه في (ص75): فأعطوا الصدقة والطوائل والصعوبة هي في معرفة المعنى الذي تقصده هذه القبيلة على القول حمل الرحيل الذي يبدو إنه تورية تخفى وراءها دفع الغرامات البغيضة المشينة ولعلها المبلغ الذي يحملونه إلى خزانة الملك لحمل الأمتعة أي الضريبة على الأمتعة. (انظر مقالتي حَمْل ورحيل).
أطوْلَ. السَبُعُ الطُّوَل: هي ليست السور السبع الطول من القرآن الكريم فقط. بل هي أيضاً المعلقات السبع (محيط المحيط).
تطويل: ما كان لفظه زائداً على أصل المعنى من غير أن تحمل الزيادة فائدة (محيط المحيط).
مطوّلة: رسالة طويلة بالنثر المسجوع.
ففي كتاب الخطيب (ص24 و): وله أمد المطولات المنتخبة، والقصار المقتضبة. وفيه (ص73 ق): وهو صاحب مطولات مجيدة.
مطاول. مستطيل (بوشر).
مُطاوَلَة: إطناب، إطالة، إسهاب في الكلام تطويل فيه (الكالا).
مطاولة الحصار: إطالة الحصار، حصار طويل.
(تاريخ البربر 1: 516) ومطاولة وحدها تدل على نفس المعنى (تاريخ البربر 1: 487).
مُستْطيل: طُولاني. يقال: فَصُّ مستطيل من ياقوت احمر. (فريتاج طرائف ص56).
وانظره في مادة طولاني.
المستطيلة: رقعة الشطرنج المستطيلة (416= 64 خانة) (فان درلنج تاريخ الشطرنج 1: 108) مُسْتْطَيل: عند المهندسين سطح مستو أحاط به أربعة أضلاع غير متساوية بل يكون كل ضلعين متقابلين منها متساويين ويكون جميع زواياه قائمة (بوشر، محيط المحيط).

طول

1 طَالَ, (S, O, Msb, K,) said by some to be of the class of قَرُبَ, being made by them to accord in from with its contr., which is قَصُرَ, and by others said to be of the class of قَالَ, (Msb,) first Pers\. طُلْتُ, [said to be] originally طَوُلْتُ, because one says طَوِيلٌ, [not طَائِلٌ, when using it as an intrans. v.,] (S, O,) aor. ـُ (TA,) inf. n. طُولٌ, (S, * O, * Msb, K,) It (a thing, S, O, Msb) was, or became, elongated, or extended; [i. e. it was, or became, long; and it was, or became, tall, or high; which meanings are sometimes more explicitly denoted in order to avoid ambiguity, as when one says طَالَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ it was, or became, elongated, or extended, upon the surface of the earth or ground; and طَالَ فِى السَّمَآءِ it was, or became, elongated, or extended, towards (lit. into) the sky;] (S, O, Msb, K;) and ↓ استطال signifies the same. (S, O, K.) It is also said of any time that is extended; and of anxiety that cleaves to one continually; and the like: [see طُولٌ, below:] thus one says طَالَ اللَّيْلُ [The night became long, or protracted]: (TA:) [and thus طَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ, in the Kur lvii. 15, means The time became extended, or prolonged, unto them:] and عَلَيْهِمُ العُمُرُ ↓ تَطَاوَلَ, in the Kur xxviii. 45, means, in like manner, [Life was prolonged unto them; or] their lives became long, or prolonged: (Jel:) and طال المَجْلِسُ The time of the assembly was, or became, extended, or prolonged: (Msb:) and طال الهَمُّ [Anxiety became protracted]. (TA.) [One says also طَالَمَا فَعَلَ كَذَا Long time did he thus; and the like; with the restrictive ما: see Har p. 17.]

A2: When trans. [without a particle it is of the class فَعَلَ; not فَعُلَ, because this is not trans.: (TA:) one says طُلْتُهُ meaning I exceeded him, or surpassed him, in الطُّول [i. e. tallness; or I overtopped him]: and also in الطَّوْل [i. e. beneficence, and excellence, &c.]. (S, O, K.) See 3. A poet says, إِنَّ الفَرَزْدَقَ صَخْرَةٌ عَارِيَةٌ طَالَتْ فَلَيْسَ تَنَالُهَا الأَوْعَالُ [Verily El-Farezdak is a bare rock that has exceeded in height the mountain-goats so that the mountain-goats do not reach it]: he means طَالَتِ الأَوْعَالَ. (TA.) And it is said in a trad., فَطَالَ العَبَّاسُ عُمَرَ i. e. And El-'Abbás exceeded 'Omar in tallness of stature. (TA.) And you say, طَالَهُ فِى الحَسَبِ [He excelled him in the grounds of pretension to respect or honour]. (K and TA in explanation of شَرَفَهُ: in the CK [erroneously]

طاوَلَهُ.) A3: One says also, طال عَلَيْهِ, (S,) or عَلَيْهِمْ, (Msb, K,) the verb in this case being of the class of قَالَ, aor. ـُ (Msb,) inf. n. طَوْلٌ; (S, * Msb;) and ↓ تطوّل; (S, Msb, K;) and ↓ اطال; (Msb;) He bestowed, or conferred, a benefit or benefits, or a favour or favours, (S, Msb, K,) upon him, (S,) or upon them. (Msb, K.) And عَلَيْنَا بِشَىْءٍ ↓ تطوّل He gave to us a thing; like تَنَوَّلَ; but the latter is said by Aboo-Mihjen to be used only in relation to good; and the former, sometimes, in relation to good and to evil. (TA in art. نول.) 2 طوّلهُ, (S, O, Msb, K,) inf. n. تَطْوِيلٌ; (O;) and ↓ اطالهُ, (S, O, Msb, K,) and ↓ أَطْوَلَــهُ, (S, O, K,) inf. n. إِطَالَةٌ; (O;) both signify the same; (S, O, Msb, K;) He elongated it; extended it; lengthened it; or made it long, or tall or high; (S, * O, Msb;) syn. مَدَّهُ, (S, * O, * Msb,) and جَعَلَهُ طَوِيلًا. (O, TA.) You say, طَوَّلْتُ الحَدِيدَةَ I elongated, or lengthened, the piece of iron. (Msb.) And اللّٰهُ بَقَآءَهُ ↓ اطال God extended, or prolonged, his continuance [in life]; or may God extend, &c. (Msb.) And المَجْلِسَ ↓ اطال He extended, or prolonged, the time of the assembly. (Msb.) and طوَّل لِلْفَرَسِ, (S, O,) or لِلدَّابَّةِ, (Msb, K,) He slackened [or lengthened] (S, O, Msb, K) the tether, (S, O, K,) or rope, (Msb,) of the horse, (S, O,) or of the beast, (Msb, K,) in the place of pasture, (S, O, K,) or that it might pasture [more largely]: (Msb:) and لَهَا الطِّوَلَ ↓ اطال and الطِّيَلَ [signify the same]. (TA, from a trad.) And [hence] طوّل لَهُ (inf. n. as above, S) He granted him a delay, or respite; (S, O, Msb, K;) said of God: (S:) and فِى ↓ المُطَاوَلَةُ الأَمْرِ means التَّطْوِيلُ فِيهِ; (Msb;) [i. e.] طاولهُ signifies he delayed, or deferred, with him, (S, O, K, TA,) فِى الأَمْرِ [in the affair], (S, O,) or فِى

الدَّيْنِ [in the case of the debt] and العِدَةِ [the promise]. (TA.) [And طوّل عَلَيْهِ and ↓ تطوّل He was prolix, or tedious, to him: see 2 in art. بسق; and see an ex. of the former voce حَوْزٌ.]3 طَاْوَلَ ↓ طَاوَلَنِى فَطُلْتُهُ He contended with me for superiority (Ks, O, TA) in الطُّول [i. e. tallness], and also in الطَّوْل [i. e. beneficence, and excellence, &c.], and I exceeded him, or surpassed him, therein. (S, O, K.) بِكَ أُطَاوِلُ occurs in a prayer of the Prophet, and is from الطَّوْلُ, meaning [By means of Thee I contend for] superiority over the enemies. (O.) One says also, طَاوَلَهُ بِالكِبَرِ وَقَالَ

أَنَا أَكْبَرُ مِنْكَ [He contended, or disputed, with him for superiority in greatness, and said, I am greater than thou]. (A in art. كبر.) [And المُطَاوَلَةُ فِى

الحُِظْوَةِ, occurring in the TA in art. سمو, means The contending, or vying, or competing, for superiority, in highness of rank.] b2: See also 2, last sentence but one.4 اطال and اطول, as trans.: see 2, in five places.

A2: اطالت المَرْأَةُ The woman brought forth tall children, (S, A, O, K,) or a tall child. (K.) It is said in a trad., (S,) or in a prov., not a trad., (K,) but IAth declares it to be a trad., and in the trads. of the Prophet are many celebrated provs., (MF,) إِنَّ القَصِيرَةَ قَدْ تُطِيلُ [Verily the short woman sometimes brings forth tall children], (S, O, K,) قَدْ تُقْصِرُ ↓ وَإِنَّ الطَّوِيلَةَ [and verily the tall woman sometimes brings forth short children]. (O.) b2: See also 1, last sentence but one. b3: One says also, اطال لِفَرَسِهِ He tied his horse with the rope [or tether, called طِوَل]. (TA.) 5 تَطَوَّلَ see 2, last sentence: b2: and see also 1, last two sentences.6 تطاول: see 1, former half. b2: Also It became high by degrees; said of a building. (L in art. شيد.) b3: And i. q. تَطَالَّ or تَطَالَلَ, (S, K, TA,) meaning He (a man, S, TA) stood upon his toes, and stretched his stature, to look at a thing: (TA:) or تَطَاوَلْتُ فِى قِيَامِى I stretched my legs, in my standing, to look. (O.) One says, يَتَطَاوَلُ لِلْأَفْنَانِ وَيَجْتَذِبُهَا بِالمِحْجَنِ [He stretches himself up towards the branches, and draws them to him with the hooked-headed stick]. (S in art. حرق.) And it is said in a trad., تطاول عَلَيْهِمُ الرَّبُّ بِفَضْلِهِ The Lord looked down upon them, or regarded them compassionately, (أَشْرَفَ,) with his favour (O.) b4: Also He made a show of الطُّول [i. e. tallness], or الطَّوْل [i. e. beneficence, and excellence, &c.]. (TA.) b5: تطاول عَلَيْهِ and ↓ استطال signify the same; (Az, S, O, Msb, K, TA;) He held up his head with a show of superiority over him; (Az, TA;) [i. e. he behaved haughtily, arrogantly, overweeningly, overbearingly, domineeringly, or proudly, towards him; domineered over him; or exalted himself above him;] or he overbore, overpowered, subdued, or oppressed, him: (Msb:) عليه ↓ استطال is also expl. as meaning he arrogated to himself excellence over him, syn. تَفَضَّلَ; (K, TA;) and exalted himself above him: (TA:) and عَلَيْهِمْ ↓ استطالوا as meaning they slew of them more than they [the latter] had slain (S, O, K) of them [the former]: (O:) and فِى عِرْضِ النَّاسِ ↓ الاِسْتِطَالَةُ occurs in a trad. as meaning the contemning of men, and exalting oneself above them, and reviling them, vilifying them, or detracting from their reputation. (TA.) One says also تطاول بِمَا عِنْدَهُ He exalted, or magnified, or boasted, himself in, or he boasted of, what he possessed. (TA in art. فتح.) And الفَحْلُ يَتَطَاوَلُ عَلَى إِبِلِهِ The stallion [overbears, or] drives as he pleases, and repels the other stallions from, his she-camels. (O.) b6: and تَطَاوَلَا They vied, competed, or contended for superiority, each with the other [in الطُّول i. e. tallness, or in الطَّوْل i. e. beneficence, and excel-lence, &c.: see 3]. (TA.) 10 استطال: see 1, first sentence. b2: Also It extended and rose; (K, TA;) said of a crack [in a wall]; like استطار: mentioned by Th. (TA.) [And likewise said, in the same sense, of the dawn, i. e., of the false dawn; in which case it is opposed to استطار: see مُسْتَطِيلٌ.] b3: See also 6, in four places.

A2: This verb is also used, by Z and Bd, in a trans. sense; and استطالهُ, occurring in the “ Mufassal ” [of Z] is expl. as meaning عَدَّهُ طَوِيلًا [He reckoned it long, &c.]; and in like manner it is used by Es-Saad in the “ Mutowwal: ” but this usage is on the ground of analogy [only]; for, accord. to the genuine lexical usage, it is intransitive. (TA.) طَوْلٌ [is originally an inf. n.: (see طَالَ عَلَيْهِ:) and, used as a simple subst.,] signifies Beneficence; and bounty: (S, TA:) and [a benefit, a favour, a boon, or] a gift. (Har p. 58.) b2: And, (O, K, TA,) as also ↓ طَائِلٌ and ↓ طَائِلَةٌ, (K, TA,) Excellence, excess, or superabundance: and power, or ability: and wealth, or competence: and ampleness of circumstances: (O, K, TA:) and superiority, or ascendancy. (O, TA.) One says, لِفُلَانٍ عَلَى

فُلَانٍ طَوْلٌ To such a one belongs excellence, or superabundance, above such a one. (O. [and the like is said in the Mgh.]) And it is said in the Kur [iv. 29], وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا

أَنْ يَنْكِحَ المُحْصَنَاتِ, meaning And such of you as is not able to obtain superabundance so that he may marry the free women, let him marry a female slave; (Mgh;) i. e. such as is not able to give the dowry of the free woman, (Mgh, O, TA,) as expl. by Zj. (Mgh, TA.) In the phrase طَوْلُ الحُرَّةِ, the former word is originally the inf. n. of the verb in طَالَ عَلَيْهَا meaning “ he benefited her; ” because, when one is able to give the dowry of the free woman, and pays it, he benefits her: or, as some of the lawyers says, this phrase means The superabundance of the means of sustenance that suffices for the marrying of the free woman, agreeably with a saying of Az: or, as some say, طول means wealth, or competence; and the phrase is originally طَوْلٌ

إِلَى الحُرَّةِ, i. e. ampleness of wealth such as supplies the means of attaining to the free woman: or originally طَوْلٌ عَلَى الحُرَّةِ, meaning power, or ability, for the marrying of the free woman: (Msb:) Esh-Shaabee is related to have used the phrase الطَّوْلُ إِلَى الحُرَّةِ; and in like manner are I'Ab and Jábir and Sa'eed Ibn-Jubeyr. (Mgh.) ذِى الطَّوْلِ in the Kur xl. 3 means The Possessor of all-sufficiency, and of superabundance, or of bounty: (O:) or the Possessor of power: or of bounty, and beneficence. (TA.) And أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ in the Kur ix. 87 means Those, of them, who are possessors of superabundance, and of opulence. (Bd.) b3: See also طِوَلٌ, latter half, in two places.

طُولٌ [is originally an inf. n.: (see 1, first sentence:) and, used as a simple subst.,] signifies Length; and tallness, or height; contr. of عَرْضٌ; (S, O, Msb;) or of قِصَرٌ: (M, TA:) pl. أَطْوَالٌ: (Msb:) it is in man and other animals, and in inanimate things: (TA:) in real things, or substances; and also in ideal things, or attributes, as time and the like. (Er-Rághib, TA.) [One says, قَطَعَهُ طُولًا and بِالطُّولِ He cut it lengthwise.] b2: And The utmost extent of time. (TA.) You say, لَا أُكَلِّمُهُ طُولَ الدَّهْرِ (S, O, TA) and الدَّهْرِ ↓ طَوَالَ, (S, O, K, * TA,) both meaning the same, (S, O, TA,) i. e. [I will not speak to him] during the utmost extent of time. (K, * TA.) b3: [In geography, The longitude of a place: pl. as above.] b4: See also طِوَلٌ, in two places.

طَوَلٌ Length in the upper lip of the camel, (M, K, TA,) beyond the lower. (M, TA.) طُوَلٌ: see طِوَلٌ.

A2: Also pl. of طُولَى, fem. of أَطْوَلُ [q. v.].

طِوَلٌ, for which ↓ طِوَلٌّ occurs in poetry, (S, O, K,) and ↓ طِيَلٌ, for which also ↓ طِيَلٌّ occurs in poetry, (K) and ↓ طَوِيلَةٌ, (Lth, O, K,) but this is disapproved by Az, (TA,) and ↓ تِطْوَلٌ, (K,) A tether; i. e. the rope that is extended for a horse or similar beast, and attached to which he pastures: (S, O:) a rope with which the leg of such a beast is bound: (K:) a long rope thus used: (TA:) or with which one binds him, holding its extremity, and letting the beast pasture: (K, TA:) or of which one of the two ends is bound to a stake, and the other to the fore leg of a horse, in order that he may go round about bound thereby, and pasture, and not go away at random. (TA.) An ex. of the first of these words occurs in a verse of Tarafeh cited voce ثِنْىٌ. (S, O.) And it is said in a trad. that when a man of an army alights in a place, he may debar others from the extent of the طِوَل of his horse. (TA.) b2: أَرْخَى لَهُ الطِّوَلَ [lit. meaning He relaxed, or slackened, to him the tether] means [also] (tropical:) he left him to his own affair. (A and TA in art. رخو.) b3: And one says, طَالَ طِوَلُكَ and ↓ طِيَلُكَ and ↓ طِيلُكَ and ↓ طُولُكَ and ↓ طُوَلُكَ and ↓ طَوَالُكَ and ↓ طِيَالُكَ (ISk, S, O, K) and ↓ طَوْلُكَ (K) meaning (assumed tropical:) Thy life [has become long; or may thy life become long]: (ISk, S, O, K: [see also طِيلَةٌ:]) or thine absence: (S, K:) or (tropical:) thy tarrying, (A, K, TA,) and thy flagging in an affair. (A, TA.) Tufeyl says, أَتَانَا فَلَمْ نَدْفَعْهُ إِذْ جَآءَ طَارِقًا فَانْزِلِ ↓ وَقُلْنَا لَهُ طَالَ طَوْلُكَ meaning [He came to us, and we did not repel him since he came as a nightly visiter, and we said to him,] Thy case in respect of the length of the journey and the endurance of travel [has been long, therefore alight thou: or the right reading may be ↓ طُولُكَ, which is better known]: or, as some relate it, ↓ طِيلُكَ. (TA.) [It is also said that] طِوَلٌ is a pl. [or rather a coll. gen. n.] of which the sing. [or n. un.] is ↓ طِوَلَةٌ; and in like manner, ↓ طِيَلٌ, of ↓ طِيَلَةٌ. (TA.) طِيلٌ: see the next preceding paragraph, latter half, in two places. b2: [In the phrases طِيلٌ يَوْمٌ and طِيلٌ لَيْلَةٌ, it app. means A tedious period, or length of time.]

طِيَلٌ: see طِوَلٌ, in three places.

طَالَةٌ A she-ass: (O, K:) said to occur [as meaning a wild she-ass] in a poem of Dhu-rRummeh, who likens thereto his she-camel: but unknown to Az. (TA.) طِيلَةٌ Life; the period of life. (K, TA.) One says, أَطَالَ اللّٰهُ طِيلَتَهُ [God prolonged, or may God prolong, his life]. (TA.) [See also طِوَلٌ.]

طِوَلَةٌ: see طِوَلٌ, last sentence.

طِيَلَةٌ: see طِوَلٌ, last sentence.

طُولَى [fem. of أَطْوَلُ: used as a subst.,] A high, or an elevated, state or condition: pl. طُوَلٌ. (K.) طُولَانِىٌّ: see طُوَّالٌ.

طِوَلٌّ: see طِوَلٌ, first sentence.

طِيَلٌّ: see طِوَلٌ, first sentence.

طَوَالٌ: see طُولٌ: b2: and see also طِوَلٌ.

طُوَالٌ: see طَوِيلٌ: b2: and see also طُوَّالٌ.

طِيَالٌ: see طِوَلٌ.

طَوِيلٌ Elongated, or extended; [i. e. long; and tall, or high;] (S, O, Msb, K;) as also ↓ طُوَالٌ; (S, O, K; but see طُوَّالٌ;) and ↓ مُسْتَطِيلٌ: and ↓ أَطْوَلُ is used in the sense of طَوِيلَةٌ, [being syn. sometimes with طَوِيلٌ and طَوِيلَةٌ,] in a verse of El-Farezdak cited voce عَزِيزٌ: (O, TA:) [it seems, from a comparison of explanations of سُرْحُوبٌ and سَلْهَبٌ &c. in the S and K, that طَوِيلٌ applied to a horse or the like generally signifies long-bodied:] طَوِيلٌ is the only epithet, known to IJ, of the measure فَعِيلٌ having the ف and ل sound and having و for its ع, except صَوِيبٌ and قَوِيمٌ; for عَوِيصٌ is [held by him to be only] used as a subst.: (M in art. صوب:) the pl. (of طَوِيلٌ and طُوَالٌ, TA) is طِوَالٌ (S, O, Msb, K) and طِيَالٌ; (S, O, K;) the latter anomalous, and said by IJ to occur only in one verse: (TA:) the fem. is طَوِيلَةٌ (Msb, K) and طُوَالَةٌ; (K, * TA;) and the pl. of the former of these is طَوِيلَاتٌ. (Msb.) b2: They said, إِنَّ اللَّيْلَ طَوِيلٌ وَلَا يَطُلْ إِلَّا بِخَيْرٍ [Verily the night is long, and may it not be long save with good fortune]: mentioned by Lh, as expressing a prayer. (TA.) And قَصِيرَةٌ مِنْ طَوِيلَةٍ [A short thing from a tall thing]; meaning a date from a palm-tree: a prov., alluding to the abridging of speech, or language. (IAar, Meyd, K.) See also 4. b3: الطَّوِيلُ is also the name of A certain kind of metre of verse; (S, O, K;) [namely, the first;] consisting of فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ eight [a mistake for four] times: (O, TA:) so called because it is the longest of all the metres of verse; originally comprising forty-eight letters: (TA:) a postclassical term. (S, O, K.) طَوِيلَةٌ as a subst.: see طِوَلٌ.

طُوَّلٌ A certain bird, (S, O, K,) of the aquatic kind, having long legs. (O, K.) طَيِّلَةُ الرِّيحِ The wind's counterwind. (S, O, K.) طُوَّالٌ Very, or exceedingly, tall; (S, O, K, TA;) applied to a man; as also, in the same sense, ↓ طُوَالٌ, (TA,) the latter having a stronger signification than طَوِيلٌ, [with which it is mentioned above as syn.,] (TA voce رَكِيكٌ,) or it denotes less than طُوَّالٌ; (O in art. ظرف;) and so ↓ طُولَانِىٌّ and ↓ مُطَاوِلٌ, in the dial. of the vulgar: طُوَّالٌ has no broken pl., its pl. being only طُوَّالُونَ: its fem. is with ة, and so is that of طُوَالٌ; each applied to a woman. (TA.) طَائِلٌ Benefiting; bestowing, or conferring, a benefit or benefits, or a favour or favours. (Msb.) b2: [Hence its usage in the following exs.] One says of that which is vile, or contemptible, (Msb, K, TA,) هُوَ غَيْرَ طَائِلٍ, (Msb,) or مَا هُوَ بِطَائِلٍ, (K, TA,) [It is not good for anything; it is unprofitable, useless, or worthless]; and in this manner it is used alike as masc. and fem. (TA.) And it is said in a trad., ضَرَبْتُهُ بِسَيْفٍ غَيْرِ طَائِلٍ, meaning I smote him with a sword that was not sharp. (TA.) And in another trad., كُفِّنَ فِى كَفَنٍ

غَيْرِ طَائِلٍ i. e. [He was shrouded in grave-clothing] not of delicate texture, and not of a goodly kind. (TA.) b3: And [hence] it signifies [also] Benefit, profit, utility, or avail; and excellence: thus in the saying, هٰذَا أَمْرٌ لَا طَائِلَ فِيهِ [This is an affair in which is no benefit, &c.]: (S, O, TA:) and لَمْ يَحْلَ مِنْهُ بِطَائِلٍ [He did not find or experience, or get or obtain, from it, or him, any benefit, &c.]: it is only used in negative phrases [in this sense]: (S, O, K, TA:) and [thus] one says also, نَطَقَ بِمَا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ [He spoke that in which was no profit]. (TA in art. بوق.) See also طَوْلٌ, second sentence.

طَائِلَةٌ: see طَوْلٌ, second sentence. b2: Also Enmity: and blood-revenge: (S, O, K, TA:) pl. طَوَائِلُ. (TA.) You say, فُلَانٌ يَطْلُبُ بَنِى فُلَانٍ

بِطَائِلَةٍ i. e. Such a one seeks to obtain of the sons of such a one blood-revenge. (TA.) [See also an ex. in art. عقل, conj. 8.]

أَطْوَلُ Exceeding, or surpassing, in الطُّول [i. e. length, and tallness or height]: (S, O, Msb, * K:) and also in الطَّوْل [i. e. beneficence, and excellence, &c.]: (S, O, K:) fem. طُولَى: (S, O, Msb, K:) pl. of the former, applied to men, أَطَاوِلُ; (S, O;) and of the latter طُوَلٌ. (S, O, Msb, K. *) السَّبْعُ الطُّوَلُ, i. e. The seven longer chapters of the Kur-án, (O, TA,) are the chapter of البَقَرَة and the next five chapters of which the last is الأَعْرَاف, and one other, which is the chapter of يُونُس, or الأَنْفَال and بَرَآءَة together, these being regarded as one chapter, (O, K, TA,) or, as some say, الكَهْف, and some say التَّوْبَة [which is the same as بَرَآءَة]; and some say [the chapters vulgarly called] the حَوَامِيم [which are the fortieth and six following chapters]: but the first of all these sayings is the right. (TA.) And طُولَى الطُّولَيَيْنِ [The longer of the two longer chapters of the Kur-án], occurring in a trad. of Umm-Selemeh, was expl. by her as meaning the chapter of الأَعْرَاف: (O:) الطُّولَيَانِ meaning الأَنْعَام and الأَعْرَاف. (TA.) أَسْرَعُكُنَّ لُحُوقًا بِى أَطْوَلُــكُنَّ يَدًا, or, as some relate it لَحَاقًا, as saying of the Prophet to his wives, means [The quickest of you in attaining to me is, or will be,] the most extensive of you in giving. (O.) b2: See also طَوِيلٌ. b3: Also A camel whose upper lip is long, (S, O, K, TA,) extending beyond the lower. (TA.) تِطْوَلٌ: see طِوَلٌ, first sentence.

مِطْوَلٌ The penis. (O, K.) b2: And A halter; syn. رَسَنٌ: (K:) pl. مَطَاوِلُ, signifying the halters (أَرْسَان) of horses. (O, K.) مُطَاوِلٌ: see طُوَّالٌ. [And see also its verb.]

مَدًى مُتَطَاوِلٌ A distant limit, or far-extending space. (W p. 50.) مُسْتَطَالٌ is used by Z and Bd as meaning Reckoned long, on the ground of analogy. (TA. [See its verb.]) مُسْتَطِيلٌ: see طَوِيلٌ. الفَجْرُ المُسْتَطِيلُ is The first dawn; also called the false; and termed ذَنَبُ السِّرْحَانِ [the tail of the wolf], because it appears rising without extending laterally: (Msb:) opposed to المُسْتَطِيرُ. (TA in art. طير.)

طول: الطُّولُ: نقيض القِصَر في الناس وغيرهِم من الحيوان والمَوات.

ويقال للشيء الطَّويلِ: طالَ يَطُولُ طُولاً، فهو طَويلٌ وطُوالٌ. قال

النحويون: أَصْلُ طالَ فَعُلَ استدلالاً بالاسم منه إِذا جاء على فَعِيل نحو

طَويل، حَمْلاً على شَرُفَ فهو شَرِيف وكَرُمَ فهو كَريم، وجَمْعُهُما

طِوال؛ قال سيبويه: صَحَّت الواو في طِوال لصِحَّتها في طَويل، فصار طِوال

من طَويل كجِوار من جاوَرْت، قال: ووافَقَ الذين قالوا فَعِيل الذين قالوا

فُعال لأَنهما أُخْتان فجَمَعوه جَمْعه، وحكى اللُّغويون طِيال، ولا

يوجبه القياس لأَن الواو قد صَحَّت في الواحد فحكمها أَن تصح في الجمع؛ قال

ابن جني لم تقلب إِلا في بيت شاذ وهو قوله:

تَبَيَّنَ لي أَنَّ القَماءةَ ذِلَّةٌ،

وأَنَّ أَعِزَّاء الرجالِ طِيالُها

والأُنثى طَويلةٌ وطُوالةٌ، والجمع كالجمع، ولا يمتنع شيء من ذلك من

التسليم. ويقال للرجل إِذا كان أَهْوَج الطُّول طُوَال وطُوَّال، وامرأَة

طُوالة وطُوَّالة. الكسائي في باب المُغالَبة: طاوَلَني فَطُلْتُه من

الطُّول والطَّوْل جميعاً. وقال سيبويه: يقال طُلْتُ على فَعُلْتُ لأَنك تقول

طَويل وطُوال كما قُلْتَ قَبُحَ وقَبيح، قال: ولا يكون طُلْته كما لا

يكون فَعُلْتُه في شيء؛ قال المازني: طُلْتُ فعُلْتُ أَصْلٌ واعْتَلَّت من

فعُلْت غيرَ مُحَوَّلة، الدليلُ على ذلك طَوِيلٌ وطُوال؛ قال: وأَما

طاوَلْته فطُلْتُه فهي مُحَوَّلة كما حُوِّلَت قُلْتُ، وفاعلها طائلٌ، لا يقال

فيه طَويلٌ كما لا يقال في قائل قَويل، قال: ولم يؤْخذ هذا إِلا عن

الثِّقات؛ قال: وقُلْتُ مُحَوَّلةٌ من فَعَلْت إِلى فَعُلْت كما أَن بِعْتُ

مُحَوَّلة من فَعَلْت إِلى فَعِلْت وكانت فعِلْتُ أَولى بها لأَن الكسرة

من الياء، كما كان فَعُلْت أَولى بقُلْت لأَن الضمة من الواو؛ وطالَ

الشيءُ طُولاً وأَطَلْته إِطالةً. والسَّبْع الطُّوَلُ من سُور القرآن: سَبْعُ

سُوَر وهي سورة البقرة وسورة آل عمران والنساء والمائدة والأَنعام

والأَعراف، فهذه ست سور متوالياتٌ واختلفوا في السابعة، فمنهم من قال السابعة

الأَنفال وبراءَة وعدّهما سورة واحدة، ومنهم من جعل السابعة سورة يونس؛

والطُّوَل: جمع طُولى، يقال هي السّورة الطُّولى وهُنَّ الطُّوَل؛ قال ابن

بري: ومنه قرأْت السَّبْع الطُّوَل؛ وقال الشاعر:

سَكَّنْته، بعدَما طارَتْ نَعامتُه،

بسورة الطُّورِ، لمَّا فاتَني الطُّوَلُ

وفي الحديث: أُوتِيتُ السَّبْعَ الطُّوَل؛ هي بالضم جمع الطُّولى، وهذا

البناء يلزمه الأَلف واللام أَو الإِضافة. وفي حديث أُمِّ سَلَمَة: أَنه

كان يقرأَ في المغرب بطُولى الطُّولَيَيْن، هي تثنية الطُّولى

ومُذَكَّرُها الــأَطْوَل، أَي أَنه كان يقرأُ فيها بــأَطْول السورتين الطويلتين،

تَعْني الأَنعام والأَعراف. والطويل من الشِّعْر: جنس من العَرُوض، وهي كلمة

مُوَلَّدة، سمي بذلك لأَنه أَطْوَلُ الشِّعْر كُلِّه، وذلك أَن أَصله

ثمانية وأَربعون حرفاً، وأَكثر حروف الشعر من غير دائرته اثنان وأَربعون

حرفاً، ولأَن أَوتاده مبتدأ بها، فالطُّول لمتقدم أَجزائه لازم أَبداً، لأَن

أَول أَجزائه أَوتاد والزوائد أَبداً يتقدم أَسبابَها ما أَوَّلُه

وَتِدٌ. والطُّوال، بالضم: المُفْرِط الطُّول؛ وأَنشد ابن بري قول

طُفَيل:طُوال السَّاعِدَيْن يَهُزُّ لَدْناً،

يَلُوحُ سِنانُه مِثْلَ الشِّهاب

قال: ولا يُكَسَّر

(* قوله «قال ولا يكسر إلخ» هكذا في الأصل، وعبارة

القاموس وشرحه: والطوال، كرمان، المفرط الطول، ولا يكسر، انما يجمع جمع

السلامة اهـ. وبهذا يعلم ما لعله سقط هنا، فقد تقدم في صدر المادة أَن

طوالاً كغراب يجمع على طوال بالكسر).

إِنما يُجْمع جمع السلامة. وطاوَلَني فَطُلْتُه أَي كنت أَشَدَّ طُولاً

منه؛ قال:

إِنَّ الفَرَزْدَقَ صَخْرَةٌ عادِيَّةٌ

طالَتْ، فَلَيْسَ تَنالُها الأَوْعال

وطالَ فلان فلاناً أَي فاقه في الطُّول؛ وأَنشد:

تَخُطُّ بِقَرْنَيْها بَرِيرَ أَراكةٍ،

وتَعْطُو بِظِلْفَيْها، إِذا الغُصْنُ طالها

أَي طاوَلَها فلم تَنَلْه. والــأَطْوَل: نقيضُ الأَقْصر، وتأْنيث

الــأَطْوَل الطُّولى، وجمعها الطُّوَل.

الجوهري: الطُّوَال، بالضم، الطَّوِيلُ. يقال طَوِيلٌ وطُوَالٌ، فإِذا

أَفرَط في الطُّول قيل طُوّال، بالتشديد. والطِّوال، بالكسر: جمع طَويل،

والطَّوَالُ، بالفتح: من قولك لا أُكَلِّمه طَوَالَ الدَّهْر وطُولَ

الدَّهْر بمعنى. ويقال: قَلانِسُ طِيَالٌ وطِوَالٌ بمعنى. والرِّجال

الأَطاوِل: جمع الــأَطْوَل، والطُّولىَ تأْنيث الــأَطْوَل، والجمع الطُّوَل مثل

الكُبْرَى والكُبَر.

وأَطَالَتِ المرأَةُ إِذا وَلَدَتْ طِوَالاً. وفي الحديث: إِن القَصِيرة

قد تُطِيل. الجوهري: والطُّولُ خِلاف العَرْض. وطالَ الشيءُ أَي امتدَّ،

قال: وطُلْتُ أَصله طَوُلْتُ بضم الواو لأَنك تقول طَويل، فنقلت الضمة

إِلى الطاء وسقطت الواو لاجتماع الساكنين، قال: ولا يجوز أَن تقول منه

طُلْتُه، وأَما قولك طَاولَني فطُلْتُه فإِنما تَعْني بذلك كنت أَطْولَ منه

من الطُّول والطَّوْل جميعاً. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه

وسلم، ما مَشَى مع طِوَالٍ إِلا طالَهُم، فهذ من الطُّول؛ قال ابن بري: وعلى

ذلك قول سُبَيح بن رِياح الزِّنْجي، ويقال رياح بن سبيح، حين غَضِبَ لما

قال جَرِيرٌ في الفَرَزْدَق:

لا تَطْلُبَنَّ خُؤُولةً في تَغْلِبٍ،

فالزِّنْجُ أَكْرَمُ منهمُ أَخْوَالا

فقال سبيح أَو رياح لما سَمِع هذا البيت:

الزِّنْجُ لو لاقَيْتَهم في صَفِّهِمْ،

لاقَيْتَ، ثمَّ، جَحَاجِحاً أَبْطَالاً

ما بالُ كَلْبِ بَني كُلَيْبٍ سَبَّنا،

أَنْ لم يُوازِنْ حاجِباً وعِقَالا؟

إِنَّ الفَرَزْدَق صَخْرَةٌ عادِيَّةٌ

طالَتْ، فليس تَنالُها الأَوْعالا

(* قوله «الاوعالا» تقدم إيراده قريباً الأوعال بالرفع).

وقالت الخنساء:

وما بَلَغَتْ كَفُّ امرئٍ مُتَناوِلٍ،

من المَجْدِ، إِلاَّ والذي نِلْتَ أَطْوَلُ

وفي حديث استسقاء عمر، رضي الله عنه: فطالَ العَباسُ عمرَ أَي غَلَبَه

في طُولِ القامة، وكان عمر طَويلاً من الرجال، وكان العباس أَشدَّ طُولاً

منه. وروي أَن امرأَة قالت: رأَيت عَبّاساً يطوف بالبيت كأَنه فُسْطاطٌ

أَبيض، وكانت رأَت عَلِيَّ بن عبد الله بن العباس وقد فَرَعَ الناسَ كأَنه

راكب مع مُشَاةٍ فقالت: مَنْ هذا؟ فأُعْلِمَتْ فقالت: إِنّ الناسَ

ليَرْذُلون، وكان رأْس علي بن عبد الله إِلى مَنْكِب أَبيه عبد الله، ورأْسُ

عبد الله إِلى مَنْكِب العباس، ورأْسُ العباس إِلى مَنْكِب عبد

المُطَّلِب. وأَطَلْتُ الشيءَ وأَطْوَلْــت على النقصان والتمام بمعنى. المحكم:

وأَطال الشيءَ وطَوَّلَه وأَطْوَلَــه جعله طَويلاً، وكأَن الذين قالوا ذلك

إِنما أَرادوا أَن ينبهوا على أَصل الباب، قال فلا يقاس هذا إِنما يأْتي

للتنبيه على الأَصل؛ وأَنشد سيبويه:

صَدَدْتِ فــأَطْوَلْــتِ الصُّدودَ، وقَلَّما

وِصالٌ، على طُولِ الصُّدود، يَدُومُ

وكلُّ ما امتدَّ من زَمَن أَو لَزِمَ من هِمٍّ ونحوِه فقد طالَ، كقولك

طالَ الهَمُّ وطال الليلُ. وقالوا: إِنَّ الليل طَويلٌ فلا يَطُلْ إِلاَّ

بخير؛ عن اللحياني. قال: ومعناه الدُّعاء. وأَطال الله طِيلَتَه أَي

عُمْرَه. وطالَ طِوَلُك وطِيَلُك أَي عُمْرك، ويقال غَيْبتك؛ قال

القطامي:إِنّا مُحَيُّوكَ فاسْلَمْ أَيُّها الطَّلَلُ،

وإِن بَلِيتَ، وإِن طالَتْ بك الطِّوَلُ

يروى الطِّيَل جمع طِيلة، والطِّوَل جمع طِوَلة، فاعْتَلَّ الطِّيَل

وانقلبت ياؤه واواً لاعتلالها في الواحد، فأَما طِوَلة وطِوَل فمن باب

عِنَبة وعِنَب.

وطالَ طُوَلُك، بضم الطاء وفتح الواو، وطالَ طَوَالُك، بالفتح،

وطِيَالُك، بالكسر؛ كل ذلك حكاه الجوهري عن ابن السكيت. وجملٌ أَطْوَلُ إِذا

طالتْ شَفَتُه العُليا. قال ابن سيده: والطَّوَل طُولٌ في مِشْفَر البعير

الأَعلى على الأَسفل، بعير أَطْوَل وبه طَوَلٌ. والمُطاوَلة في الأَمر: هو

التطويل والتَّطاوُلُ في مَعْنًى هو الاسْتِطالة على الناس إِذا هو رَفَع

رأْسَه ورأَى أَنّ له عليهم فَضْلاً في القَدْر؛ قال: وهو في معنى آخر

أَن يقوم قائماً ثم يَتَطاوَل في قيامه ثم يَرْفَع رأْسَه ويَمُدّ قوامَه

للنظر إِلى الشيء. وطاوَلْته في الأَمر أَي ماطَلْته. وطَوَّل له

تَطْويلاً أَي أَمْهَله. واسْتَطالَ عليه أَي تَطَاوَلَ، يقال: اسْتَطالوا عليهم

أَي قَتَلوا منهم أَكثرَ مما كانوا قَتَلوا، قال: وقد يكون اسْتَطالَ

بمعنى طالَ، وتَطاوَلْت بمعنى تَطالَلْت. وفي الحديث: إِن هذين الحَيَّين من

الأَوس والخَزْرَج كانا يتَطاوَلانِ على رسول الله،صلى الله عليه وسلم،

تَطاوُلَ الفَحْلَين أَي يَسْتَطِيلانِ على عَدُوِّه ويتباريانِ في ذلك

ليكون كل واحد منهما أَبلغ في نصرته من صاحبه، فشُبِّه ذلك التَّباري

والتغالُب بتَطاوُلِ الفحلين على الإِبل، يَذُبُّ كلُّ واحد منهما الفُحولَ

عن إِبله ليظهر أَيُّهما أَكثرُ ذَبًّا. وفي حديث عثمان: فتَفَرَّق الناسُ

فِرَقاً ثلاثاً، فصامِتٌ صَمْتُه أَنْفَذُ من طَوْلِ غيره، ويروى من

صَوْل غيره، أَي إِمْساكُه أَشدُّ من تَطاوُل غيره. ويقال: طالَ عليه

واستطالَ وتَطاوَلَ إِذا علاه وتَرَفَّع عليه. وفي الحديث: أَرْبى الرِّبا

الاستطالةُ في عِرْضِ الناس أَي اسْتِحْقارُهم والتَّرَفُّعُ عليهم

والوَقِيعةُ فيهم.

وتَطاوَلَ: تمدَّدَ إِلى الشيء ينظر نحوه؛ قال:

تَطاوَلْتُ كي يَبدو الحَصِيرُ فما بَدَا

لِعَيْني، ويا لَيْتَ الحَصِيرَ بَدا لِيا

واسْتَطالَ الشَّقُّ في الحائط: امتدَّ وارتفع؛ حكاه ثعلب، وهو

كاسْتَطار.

والطِّوَلُ: الحَبْلُ الطويلُ جدًّا؛ قال طرفة:

لَعَمْرُكَ إِنَّ الموتَ، ما أَخْطَأَ الفَتَى،

لَكَالطِّوَلِ المُرْخَى، وثِنْياهُ باليَدِ

والطِّوَلُ والطِّيَلُ والطَّويلة والتِّطْوَلُ، كُلُّه: حَبْلٌ طويل

تُشَدُّ به قائمةُ الدابة، وقيل: هو الحبل تُشَدُّ به ويُمْسِك صاحبُه

بطَرَفه ويُرْسِلها تَرْعى؛ قال مُزاحِم:

وسَلْهَبةٍ قَوْداءَ قُلِّصَ لَحْمُها،

كسِعْلاةِ بِيدٍ في خِلالٍ وتِطْوَل

وقد طَوَّلَ لها. والطِّوَل: الحبل الذي يُطَوَّل للدابة فترعى فيه،

وكانت العرب تتكلم به

(* قوله «وكانت العرب تتكلم به» كذا في الأصل، وعبارة

التهذيب: وقال الليث الطويلة اسم حبل يشد به قائمة الدابة ثم ترسل في

المرعى، وكانت العرب تتكلم به اهـ) ؛ يقال: طَوِّل لفرسك يا فلان أَي أَرْخِ

له حَبْلَه في مَرْعاه. الجوهري: طَوِّلْ فرَسك أَي أَرْخِ طَويلتَه في

المَرْعى؛ قال أَبو منصور: لم أَسمع الطَّويلةَ بهذا المعنى من العرب

ورأيتهم يُسَمُّونه الطِّوَل فلم نسمعه إِلاَّ بكسر الأَول وفتح الثاني.

غيره: يقال أَرْخ للفَرَس من طِوَلِه، وهو الحَبْل الذي يُطَوَّل للدابة

فترعى فيه، وأَنشد بيت طرفة: لَكَالطِّوَل المُرْخَى؛ قال: وهي الطَّويلة

أَيضاً، وقوله: ما أَخْطَأَ الفَتَى أَي في إِخطائه الفَتى؛ وقد شَدَّد

الراجزُ الطِّوَلَّ للضرورة فقال مَنْظور بن مَرْثَد الأَسَدي:

تَعَرَّضَتْ لي بمَكَانٍ حِلِّ،

تَعَرُّضاً لم تَأْلُ عن قَتْلِلِّي،

تَعَرُّضَ المُهْرَة في الطِّوَلِّ

ويروى: عن قَتْلاً لي، على الحكاية، أَي عن قَوْلِها قَتْلاً له؛ قال

الجوهري: وقد يفعلون مثل ذلك في الشِّعر كثيراً ويزيدون في الحرف من بعض

حروفه؛ قال ذُهْل بن قريع، ويقال قارب بن سالم المُرِّي:

كأَنَّ مَجْرَى دَمْعِها المُسْتَنِّ

قُطْنُنَّةً من أَجْوَدِ القُطْنُنِّ

وأَنشده غيره:

قُطُنَّةٌ من أَجْوَدِ القُطُنِّ

قال ابن بري: وهذا هو صواب إِنشاده. وفي الحديث: ورجُلٌ طَوَّل لها في

مَرْجٍ فقَطَعَتْ طِوَلها، وفي آخر: فأَطالَ لها فقَطَعَتْ طِيَلَها؛

الطِّوَلُ والطِّيَلُ، بالكسر: هو الحبل الطويل يُشَدُّ أَحد طَرَفيه في

وَتِدٍ أَو غيره والآخر في يد الفرس ليَدُور فيه ويرعى ولا يذهب لوجهه.

وطَوَّلَ وأَطالَ بمعنىً أَي شَدَّها في الحبل؛ ومنه الحديث: لِطِوَل الفَرَس

حمًى أَي لصاحب الفرس أَن يَحْمِي الموضع الذي يَدُور فيه فرسُه المشدودُ

في الطِّوَل إِذا كان مُباحاً لا مالك له. وفي الحديث: لا حِمى إِلاَّ

في ثلاث: طِوَلِ الفرس، وثَلَّةِ البئرِ، وحَلْقةِ القوم؛ قوله لا حِمى

يعني إِذا نزل رجل في عسكر على موضع له أَن يمنع غيرَه طَوِلَ فرسه، وكذلك

إِذا حَفَر بئراً له أَن يمنع غيرَه مقدارَ ما يكون حَرِيماً له.

ومَطَاوِلُ الخيل: أَرسانُها، واحدها مِطْوَلٌ. والطِّوَلُ: التمادي في الأَمر

والتراخي. يقال: طالَ طِوَلُك وطِيَلُك وطِيلُك وطُولُك، ساكنة الياء

والواو؛ عن كراع، إِذا طال مُكْثُه وتمادِيه في أَمر أَو تَرَاخِيه عنه؛ قال

طفيل:

أَتانا فلم نَدْفَعْه، إِذ جاء طارِقاً،

وقلنا له: قد طالَ طُولُك فانْزِلِ

أَي أَمرُك الذي أَنت فيه من طُول السفر ومُكابدة السير، ويروى: قد طال

طِيلُك؛ وأَنشد ابن بري:

أَما تَعْرِف الأَطلالَ قد طالَ طِيلُها

والطَّوَالُ: مَدَى الدهرِ؛ يقال: لا آتِيك طَوَال الدَّهْر.

والطَّوْل والطائل والطائلة: الفَضْل والقُدْرة والغى والسَّعَة

والعُلُوُّ؛ قال أَبو ذؤَيب:

ويَأْشِبُني فيها الذينَ يَلُونَها،

ولو عَلِموا لم يَأْشِبُوني بطائل

وأَنشد ثعلب في صفة ذئب:

وإِن أَغارَ فلم يَحْلُلْ بطائلةٍ،

في لَيْلةٍ من جُمَيْر ساوَرَ الفُطُما

(* قوله «وإن أغار إلخ» سبق إنشاده في ترجمة جمر:

وإن أطاف ولم يظفر بطائلة * في ظلمة ابن جمير ساوَر

الفطما)

كذا أَنشده جُمَيْر على لفظ التصغير، وقد تَطَوَّل عليهم. وفي التنزيل

العزيز: ومَنْ لم يَسْتَطِعْ منكم طَوْلاً (الآية)؛ قال الزجاج: معناه من

لم يقدر منكم على مَهْرِ الحُرَّة، قال: والطَّوْلُ القدرة على المَهْر.

وقوله عز وجل: ذي الطَّوْل لا إِله إِلا هو؛ أَي ذي القُدْرة، وقيل:

الطَّوْل الغِنى، والطَّوْلُ الفَضْل، يقال: لفلان على فلان طَوْلٌ أَي

فَضْلٌ. ويقال: إِنه لَيَتَطَوَّل على الناس بفضله وخيره. والطَّوْل، بالفتح:

المَنُّ، يقال منه: طالَ عليه وتَطوَّلَ عليه إِذا امْتَنَّ عليه. وفي

الحديث: اللهمَّ بك أُحاوِل وبك أُطاوِل، مُفاعَلة من الطَّوْل، بالفتح،

وهو الفَضْلُ والعُلُوُّ على الأَعداء؛ ومنه الحديث: تَطَاوَلَ عليهم

الرَّبُّ بفضله أَي تَطَوَّل، وهو من باب طارَقْتَ النَّعْلَ في إِطلاقها على

الواحد؛ ومنه الحديث: قال لأَزواجه أَوَّلُكُنَّ لحُوقاً بي

أَطْوَلُــكُنَّ يداً، فاجْتَمَعْن يتَطاوَلْنَ فطالَتْهُنَّ سَوْدةُ فماتت زينبُ

أَوَّلَهنَّ؛ أَراد أَمَدُّكُنَّ يداً بالعطاء من الطَّوْل فظَنَنَّه من

الطُّول، وكانت زينب تَعْمَل بيدها وتتصدق؛ قال أَبو منصور: والتَّطَوُّل عند

العرب محمود يوضع موضع المَحاسِن، والتطاوُلُ مذموم، وكذلك الاستطالة

يوضَعانِ موضع التكبر. ابن سيده: التَّطاوُلُ والاسْتِطالة التَّفَضُّل

ورَفْعُ النفس، واشتقاق الطائل من الطُّول. ويقال للشيء الخَسِيس الدُّون: هو

بطائل الذَّكَرُ والأُنثى في ذلك سواءٌ؛ وأَنشد:

لقد كَلَّفوني خُطَّة غيرَ طائل

الجوهري: هذا أَمر لا طائلَ فيه إِذا لم يكن فيه غَنَاءٌ ومَزِيّة، يقال

ذلك في التذكير والتأْنيث. ولم يَحْلَ منه بِطائلٍ: لا يُتَكَلَّم به

إِلاَّ في الجَحْد. وفي الحديث: أَنه ذكر رجلاً من أَصحابه قُبِضَ فكُفِّن

في كَفَنٍ غير طائلٍ أَي غير رَفيعٍ ولا نفيس، وأَصل الطائل النفع

والفائدة. وفي حديث ابن مسعود في قتل أَبي جهل: ضَرَبْته بسيف غير طائل أَي غير

ماضٍ ولا قاطع كأَنه كان سيفاً دُوناً بين السيوف. والطَّوائل: الأَوتار

والذُّحُول، واحدتها طائلة؛ يقال: فلان يَطْلُب بني فلان بطائلةٍ أَي

بوَتْرٍ كأَن له فيهم ثأْراً فهو يطلبه بِدَمِ قتيله. وبيْنَهم طائلةٌ أَي

عداوة وتِرَةٌ؛ وقول ذي الرمة يصف ناقته:

مَوَّارة الضَّبعِ مِثلُ الحَيْدِ حارِكُها،

كأَنَّها طالةٌ في دَفِّها بَلَق

قال: الطَّالة الأَتان؛ قال أَبو منصور: ولا أَعرفه فلينظر في شعر ذي

الرمة.

والطُّوَّل، بالتشديد: طائر. وطَيِّلَةُ الرِّيح: نَيِّحتُها.

وطُوالة: موضع، وقيل بئر؛ قال الشَّمَّاخ:

كِلا يَوْمَيْ طُوالةَ وَصْلُ أَرْوى

ظَنُونٌ آنَ مُطَّرَحُ الظَّنُون

قال أَبو منصور: ورأَيت بالصَّمَّان روضة واسعة يقال لها الطَّوِيلة،

وكان عَرْضُها قدرَ مِيلٍ في طُول ثلاثة أَميال، وفيها مَساكٌ لماء السماء

إِذا امتلأَ شَرِبوا منه الشهرَ والشهرين؛ وقال في موضع آخر: تكون ثلاثة

أَميال في مثلها؛ وأَنشد:

عادَ قَلْبي من الطَّوِيلة عِيدُ

وبَنُو الــأَطْوَل: بطن.

طول
{طَالَ،} يَطُولُ،! طُولاً، بِالضَّمِّ: أَي امْتَدَّ، وكُلُّ مَا امْتَدَّ مِنْ زَمَنٍ أَو لَزِمَ مِنْ هَمٍّ ونحوِهِ فقد {طالَ، كقولِكَ: طالَ الهَمُّ واللَّيْلُ،} والطُّولُ: خِلافُ العَرْضِ، كَما فِي الصِّحاحِ، وَفِي المُحْكَمِ: نَقِيضُ القِصَرِ، يَكونُ فِي النَّاسِ، وغَيرِهِم مِنَ الحَيوانِ والمَوَاتِ، وقالَ الرَّاغِبُ: الطُّولُ والقِصَرُ مِنَ الأَسْماءِ المَتَضايِفَةِ، ويُسْتَعْمَلُ فِي الأَعْيانِ، والأَعْراضِ، كالزَّمانِ ونحوِهِ. قالَ شيخُنا عندَ قَوْلِهِ: امْتَدَّ: أَي فَهُوَ لازِمٌ، وَلَا يَتَعَدَّى إِلاَّ لِلْمُبالَغَةِ، {كاسْتَطَالَ، قالَ شيخُنا: كَلامُ المُصِنِّفِ صَرِيحٌ فِي أنَّ طالَ} واسْتَطَالَ بِمَعْنىً واحِدٍ، فهما لازِمانِ عندَهُ، والسِّينُ والطَّاءُ للتَّأْكِيدِ، واسْتَعْمَلَ البَيْضاوِيُّ كالزَّمَخْشَرِيِّ {اسْتَطَالَ مُتَعَدِّياً، وبَنَوْا منهُ مُسْتَطَالاً، ووَقَعَ فِي المُفْصَّلِ أَيْضا، وقالَ شُرَّاحُهُ:} اسْتَطالَهُ: عَدَّهُ طَوِيلاً، إِلاَّ أَنَّهُم لَمْ يَسْتَنِدُوا فيهِ لِنَقَلٍ عَن أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، وَلَا مُصَنَّفاتِها، كَما أَشارَ إليهِ فِي العِنَايَةِ. قلتُ: وَقد اسْتَعْمَلَهُ السَّعْدُ أَيْضا فِي {المُطَوَّلِ، فقالَ: وكما إِذا اسْتَطَلْتَ لَيْلَتَكَ، فَفَسَّرَهُ المُلاَّ عبدُ الْحَكِيم، بقولِهِ: أَي عَدَدْتَها طَوِيلَةً، بِناءٌ قِياسِيٌّ، فَإنَّ الاسْتِفْعَالَ يَجِيءُ للحُسْبَانِ والعَدِّ، والاسْتِعَمَالُ اللُّغَوِيُّ} لِلاسْتِطَالَةِ هُوَ الَّلازِمُ انْتَهى، فهوَ {طَوِيلٌ،} ومُسْتَطِيلٌ، وقالَوا: إِنَّ اللَّيلَ {طَوِيلٌ، وَلَا} يَطُلْ إِلاَّ بِخَيْرٍ، عَن اللِّحْيانِيِّ، قالَ: ومَعْنَاهُ الدُّعاءُ، {وطُوَالٌ، كَغُرَابٍ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيٍّ لِطُفَيْلٍ:)
(} طُوَالُ السَّاعِدَيْنِ يَهُزُّ لَدْناً ... يَلُوحُ سِنانُهُ مِثْلَ الشِّهابِ)
وهِيَ بِهَاءٍ، {طَوِيلَةٌ،} وطُوَالَةٌ، وقالَ النَّحْوِيُّونُ: أَصْلُ طالَ طَوُلَ، ككَرُمَ، اسْتِدْلاَلاً بالاِسْمِ منهُ إِذْ جاءَ على فَعِيلٍ، نَحْوَ طَويلٍ، حَمْلاً على شَرُفَ فَهُوَ شَرِيفٌ، وكَرُمَ فَهُوَ كَرِيمٌ، وَج، أَي جمعُ {طَوِيلٍ} وطُوالٍ: {طِوَالٌ، قالَ ابنُ جِنِّيٍّ فِي المُنْصِف: هَذَا مِنَ} الطُّولِ ضِدُّ القِصَرِ، إِذا كَانَ لازِماً غَيْرَ مُتَعَدٍّ، وأَمَّا {طالَهُ مُتَعَدِّياً فَهُوَ فَعَل، وَلَا يَكونُ فَعُلَ، لأنَّ فَعُلَ لَا يَتَعَدَّى، وإِنَّما صَحَّتِ الواوُ فِي طَوِيلٍ لأنَّهُ لَمْ يَجِيء على الفِعْلِ، لأنَّكَ لَو بَنَيْتَهُ على الفِعْلِ قُلْتَ: طَائِل، وإِنَّما هُوَ كفَعِيل يُعْنَى بِهِ مَفْعُولٌ، وَقد جاءَ على الأَصْلِ مَا اعْتَلَّ فِعْلُهُ، نحوَ مَخْيُوط، فَهَذَا أَجْدَرُ، انْتهى. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: صَحَّتِ الواوُ فِي} طِوَالٍ، لِصِحَّتها فِي طَوِيلٍ، فصارَ طَوالٌ مِنْ {طَوِيلٍ، كجِوَارٍ مِنْ جَاوَرْت، قالَ: ووافَقَ الذينَ قالَوا فَعِيل الَّذين قالَوا فُعال، لأَنَّهما أُخْتانِ، فجَمَعُوهُ جَمْعَهُ، وَحَكَى اللُّغَوِيُّونَ:} طِيَالٌ، وَلَا يُوجِبُهُ القِياسُ، لأنَّ الواوَ قد صَحَّتْ فِي الواحِدِ، فحُكْمُها أَنْ تَصِحَّ فِي الجَمْعِ. قَالَ ابنُ جِنِّيٍّ: لَمْ تُقْلَبْ إِلاَّ فِي بيتٍ شاذٍّ، وَهُوَ قَوْلُهُ:
(تَبَيَّنَ لي أَنَّ القَماءَةَ ذِلَّةٌ ... وأَنَّ أَعِزَّاءَ الرِّجالِ {طِيالُها)
وقَوْلُهُ: بِكَسْرِهِمَا، أَي بكسرِ طاءِ} طِوَالٍ {وطِيَالٍ. (و) } الطُّوَّالُ، كَرُمَّانٍ: الْمُفْرِطُ {الطُّولِ، وَلَا يُكَسَّرُ، إِنَّما يُجْمَعُ جَمْعَ السَّلامَةِ، يُقالُ للرَّجُلِ إِذا كَانَ أَهْوَجَ} الطُّولِ: {طُوَالٌ} وطُوَّالٌ، وامْرَأَةٌ {طُوَالَةٌ} وطُوَّالَةٌ، وأَنْشَدَ ابنُ جِنِّي فِي المُحْتَسَبِ: جاءُوا بِصَيْدٍ عَجَبٍ مِنَ العَجَبْ أُزَيْرِقِ العَيْنَيْنِ {طُوَّالِ الذَّنَبْ وقالَ الكِسَائِيُّ فِي بابِ المُغَالَبَةِ:} طَاوَلَنِي {فَطُلْتُهُ: كُنْتُ} أَطْوَلَ مِنْهُ، فِي {الطُّولِ} والطَّوْلِ جَمِيعاً، كَذَا فِي النُّسَخِ، وصَوابُهُ: مِنَ {الطُّولِ} والطَّوْلِ جَمِيعًا، ومثلُه فِي الصِّحاحِ، والمُخَصَّصِ، وَفِي المُحْكَمِ: كُنْتُ أَشَدُّ طُولاً مِنْهُ، وقالَ:
(إِنَّ الفَرَزْدَقَ صَخْرَةٌ عادِيَّةٌ ... ! طالَتْ فليْسَ تَنالُها الأَوْعَالاَ) أَي {طالَتِ الأَوْعَالَ. ومِنَ} الطُّولِ، بالضَّمِّ الحديثُ: مَا مَشَى مَعَ {طِوَالٍ إِلاَّ} طَالَهُم، وحديثُ الاِسْتِسْقَاءِ: {فطالَ العَبَّاسُ عُمَرَ، أَي غَلَبَهُ فِي طُولِ القامَةِ. وَفِي الصِّحاحِ:} وطُلْتُ، أصْلُهُ طَوُلْتُ، بِضَمِّ الواوِ، لأنَّكَ تَقولُ {طَوِيلٌ، فنُقِلَت الضَّمَّةُ إِلى الطَّاءِ، وسَقَطَتْ الوَاوُ لاِجْتِماع السَّاكِنَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ مِنْهُ:} طُلْتُه، لأَنَّ فَعُلْتُ لَا يَتَعَدَّى، فَإِنْ أَرَدْتَ أَن تُعَدِّيَه قُلْتَ {طَوَّلْتُه، أَو} أَطَلْتُهُ،)
وأَمَّا قَوْلُك: {طَاوَلَنِي} فطُلْتُه، فَإِنَّما تَعْنِي بذلكَ: كُنْتَ {أَطْوَلَ مِنْهُ، منَ الطُّولِ والطَّوْلِ جَميعاً، انْتهى. وقالَ سِيبَوَيْه: يُقالُ: طُلْتُ، على فَعُلْتُ، لأَنَّكَ تَقُولُ:} طَوِيلٌ {وطُوَالٌ، كَما قُلْتَ: قَبُحَ وَهُوَ قَبِيحٌ، قالَ: وَلَا يَكُونُ طُلْتُهُ، كَما لَا يَكونُ فَعُلْتُه فِي شَيْءٍ. قالَ المازِنِيُّ: طُلْتُ فَعُلْتُ أَصْلٌ، واعْتَلًّت مِنْ فَعُلْت غيرَ مُحَوَّلَةٍ، الدَّلِيلُ على ذلكَ طَوِيلٌ وطُوالٌ، قالَ: وأمَّا} طَاوَلْتُهُ {فطُلْتُه، فهيَ مُحَوَّلَةٌ، كَما حُوِّلَتْ قُلْتُ، وفَاعِلُها} طائِلٌ، لَا يُقال فِيهِ: طَوِيلٌ، كَما لَا يُقالُ فِي قائِلٍ قَوِيلٌ، قالَ: ولَمْ يُؤْخَذْ هَذَا إِلاَّ عَن الثَّقاتِ، قالَ: وقُلْتُ، مُحَوَّلَةٌ مِنْ فَعَلْت إِلَى فَعُلْت، كَما أَنَّ بِعْتُ مُحَوَّلَةٌ مِنْ فَعَلْت إِلَى فَعِلْت، وكانتْ فَعِلْتُ أَوْلَى بهَا، لأنَّ الكَسْرَةَ مِنَ اليَاءِ، كَما كانَ فَعُلْت أَوْلَى بِقُلْت، لأنَّ الضَّمَّةَ مِنَ الواوِ. {وأَطَالَهُ،} إطَالَةً، {وأَطْوَلَــهُ،} إِطْوَالاً: {طَوَّلَهُ، أَي جَعَلَهُ} طَوِيلاً، قالَ ابنُ سِيدَه: وكأَنَّ الذينَ قالُوا ذلكَ إِنَّما أَرادُوا أَنْ يُنَبِّهُوا على أَصْلِ الْبَابِ، وَلَا يُقاسُ هَذَا إِنَّما أَتَى للتَّنْبِيهِ على الأَصْلِ، أَنْشَدَ سِيبَوَيْه:
(صَدَدْتِ {فَــأَطْوَلْــتِ الصُّدُودَ وقَلَّمَا ... وِصالٌ عَلى} طُولِ الصُّدُودِ يَدُومُ)
{والطَّوَلُ، مُحَرَّكَةً:} طُولٌ فِي مِشْفَرِ الْبَعِيرِ الأَعْلَى على الأَسْفَلِ، كَما فِي المُحْكَمِ، وقَوْلُ الْحَوْهَرِيِّ: فِي شَفَةِ الْبَعِيرِ، ونَصُّهُ: وجَمَلٌ {أَطْوَلُ، إِذا} طَالَتْ شَفَتُهُ العُلْيَا، وَهُوَ وَهَمٌ، لأَنَّ الشَّفَةَ خاصَّةٌ بالإِنْسانِ، والبَعِيرُ إِنَّما يُقالُ فيهَ مِشْفَرٌ. قالَ شيخُنا: ومِثْلُهُ لَا يَكونُ وَهَماً، وإِنَّما هُوَ مَجازٌ، وقَصْدُ الجُوْهَرِيِّ الإِيضاحُ والبيَانُ، لأنَّ المِشْفَرَ لَا يَعْلَمُهُ إِلاَّ فُقَهاءُ اللُّغَةِ، فَأَطْلَقَها الجَوْهَرِيُّ لذلكَ، كَما قيلَ فِي الإِنْسانِ مَجازاً: عَظِيمُ المَشافِرِ، واللهُ تَعالَى أَعْلَمُ، انْتهى. يُقالُ: بَعِيرٌ {أَطْوَلُ، وبهِ} طَوَلٌ. {وتَطَاوَلَ الرَّجُلُ: مِثْلُ تَطَالَلَ، إِذا قامَ عَلى أَصابِعِ رِجْلَيْهِ، ومَدَّ قَوامَهُ، لِيَنْظُرَ إِلَى الشَّيْءِ، قالَ:
(} تَطاوَلْتُ كَي يَبْدُو الْحَصِيرُ فَما بَدَا ... لِعَيْنِي وَيَا ليتَ الحَصِيرَ بَدَالِيَا)
{واسْتَطَالَ الشَّقُّ: امْتَدَّ، وارْتَفَعَ، حَكَاهُ ثَعْلَبٌ، وَهُوَ كاسْتَطَارَ. (و) } اسْتَطَالَ عليْهِ: تَفَضَّلَ، ورَفَعَ نَفْسَهُ، وَأَيْضًا: {تَطَاوَلَ، قالَ الأَزْهَرِيُّ:} الاِسْتِطَالَةُ، {والتَّطَاوُلُ: هوَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، ويَرَى أَنَّ لهُ عليْهِ فَضْلاً فِي القَدْرِ، وَهُوَ مَذْمُومٌ، يُوضَعُ مَوْضِعَ التَّكَبُّرِ، وَفِي الحديثِ: أَرْبَى الرِّبَا الاِسْتِطَالَةُ فِي عِرْضِ النَّاسِ، أَي اسْتِحْقارُهُم، والتَّرَفُّعُ عليْهم، والوَقِيعَةُ فيهم.} والطِّيلَةُ، بالكَسْرِ: الْعُمُرُ، يُقالُ: {أطَالَ اللهُ} طِيلَتَهُ. {والتِّطْوَلُ، كِدرْهَمٍ، وَزْنُهُ بهِ يَدُلُّ عَلى أَصالَةِ التَّاءِ، وَهِي زَائِدَةٌ، فَلِذَا لَو قالَ: بالكَسْرِ، كانَ أَحْسَنَ،} والطَّوِيلَةُ، كسَفِينَةٍ، عَن اللَّيْثِ، وأَنْكَرَهُ الأَزْهَرِيُّ، وقالَ: لَمْ نَسْمَعْهُ) مِنَ العَرَبِ بِهَذَا المَعْنَى، ورَأيتُهم يَسَمُّونَهُ: {الطِّوَل} والطِّيَل، كَعِنَبٍ فيهِما، وَقد تُشَدَّدُ لاَمُهُما فِي الشِّعْرِ ضَرُورَةً، قالَ مَنْظُورُ بنُ مَرْثَدٍ الأَسَدِيُّ: تَعَرَّضَتْ لي بِمَكانٍ حِلِّ تَعَرُّضاً لَمْ يَأْلُ عَن قَتْلٍ لِي تَعَرُّضَ المُهْرَةِ فِي {الطِّوَلِّ قالَ الجَوْهَرِيُّ: وَقد يَفْعَلُونَ مِثْلَ ذلكَ فِي الشِّعْرِ كَثيراً، ويَزِيدُونَ فِي الحَرْفِ مِنْ بَعْضِ حُرُوفِهِ، قالَ الرَّاجِزُ: قُطُنَّةٌ مِنْ أَجْوَدِ القُطْنِّ قالَ ابنُ بَرِّيٍّ: وأَنْشَدَ غَيْرُهُ: قُطْنُنَّةٌ مِنْ أَجْوَدِ القُطْنُنِّ وأَوَّلُهُ: كأَنَّ مَجْرَى دَمْعِها المُسْتَنَّ قالَهُ ذُهْلُ بنُ قُرَيْع، ويُقالُ: قارِبُ بنُ سَالِمٍ المُرِّيُّ، كُلُّ ذلكَ: حَبْلٌ} طَوِيلٌ، يُشَدّث بهِ قَائِمَةُ الدَّابَّةِ، أَو هُوَ الحَبْلُ تُشَدُّ بِهِ، وتُمْسِكُ أنتَ طَرَفَهُ، وتُرْسِلُها تَرْعَى، أَو يُشَدُّ أَحَدُ طَرَفَيْهِ فِي وَتِدٍ والآخَرُ فِي يَدِ الفَرَسِ، لِيَدُورَ فِيهِ ويَرْعَى، وَلَا يَذْهَبُ لَوَجْهِهِ، قالَ مُزاحِمٌ:
(وسَلْهَبَةٍ قَوْدَاءَ قُلِّصَ لَحْمُها ... كسِعْلاَةِ بِيدٍ فِي خِلاَلٍ {وتِطْوَلِ)
وقالَ طَرَفَةُ:
(لَعَمْرُكَ إِنَّ المَوْتَ مَا أَخْطَأَ الفَتَى ... } لَكَالطِّوَلِ المُرْخَى وثِنْياهُ بالْيَدِ)
وَفِي الحديثِ: لاَ حِمىً إِلاَّ فِي ثَلاثٍ، {طِوَلُ الْفَرَسِ، وثَلَّةِ البِئْرِ، وحَلْقَةِ القَوْمِ، يَعْنِي إِذا نَزَلَ رَجُلٌ فِي عَسْكَرٍ عَلى مَوْضِع، لَهُ أنْ يَمْنَعَ غيرَهُ طِوَلَ فَرَسِهِ، وَكَذَلِكَ إِذا حَفَرَ بِئْراً لَهُ أنْ يَمْنَعَ غَيْرَهُ مِقْدارَ مَا يَكونُ حَرِيماً لَهُ.} وطَوَّلَ لَهَا، {تَطْوِيلاً: أَرْخَى} طَوِيلَتَها فِي الْمَرْعَى، ويُقالُ: {طَوِّلْ لِفَرَسِكَ يَا فُلانُ، أَي أَرْخِ حَبْلَهُ فِي مَرْعَاهُ، وَفِي الحديثِ: ورَجُلٌ} طَوَّلَ لَهَا فِي مَرْجٍ فَقَطَعَتْ! طِوَلَهَا، وَفِي آخَر: {فَأطَالَ لَها} الطِّوَلَ {والطِّيَلَ. (و) } طَوَّلَ لَهُ، {تَطْوِيلاً: أَمْهَلَهُ، وَلم يُعْجِلْهُ.} والطَّوَالُ، كسَحَابٍ: مَدَى الدَّهْرِ، قالَ الجَوْهَرِيُّ: هُوَ مِنْ قَوْلِكِ: لَا أُكَلِّمُهُ {طَوَالَ الدَّهْرِ،} وطُولَ الدَّهْرِ، بِمَعْنىً، وذكَرَهُ أَيضاً ابنُ مالِكٍ فِي المُثَلَّثاتِ. ويُقالُ: {طالَ} طِوَلُكَ، {وطِيَلُكَ، كَعِنَبٍ فيهِما،)
} وطُوْلُكَ، بالضَّمِّ، وَهَذِه عَن كُرَاعٍ، {وطَوْلُكَ، بالفَتْحِ،} وطِيْلُكَ، بالكَسْرِ، وهذهِ عَن كُرَاعٍ أَيْضا، {وطُوَلُكَ، كَصُرَدٍ،} وطَوَالُكَ، كَسَحَابٍ، {وطِيَالُكَ، كَكِتَابٍ، قالَ الجَوْهَرِيُّ: كُلُّ ذلكَ ذَكَرَهُ ابنُ السِّكِّيت، قالَ: فَأَمَّا الحَبْلُ فَلَمْ نَسْمَعْهُ إِلاَّ بِكَسْرِ الأَوَّلِ وفَتْحِ الثَّانِي: أَي طالَ مُكْثُكَ وتَمادِيكَ فِي أَمْرٍ، أَو تَراخِيكَ عنهُ، كَما فِي الأَسَاسِ، وَهُوَ مَجازٌ، وقالَ الزَّجَّاجُ:} طالَ {طِيَلُكَ،} وطِوَلُكَ: أَي {طالَتْ مُدَّتُكَ، أَو عُمُرُكَ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وَهُوَ مَجازٌ أَيْضا، أَو غَيْبَتُكَ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ أَيضاً، قالَ القَطامِيُّ:
(إِنَّا مُحَيُّوكَ فاسْلَمْ أَيُّها الطَّلَلُ ... وإِنْ بَلِيتَ وإِنْ} طالَتْ بِكَ {الطِّوَلُ)
ويُرْوَى:} الطِّيَلُ، جَمْعُ {طِيلَةٍ،} والطِّوَلُ: جَمْعُ {طِوَلَة، فاعْتَلَّ} الطِّيَلُ، وانْقَلَبَتْ يَاؤُهُ واواً لاِعْتِلالِها فِي الواحِدِ، فَأَمَّا {طِوَلَةٌ} وطِوَلٌ، فمِنْ بابِ عِنَبَةٍ وعِنَبٍ، وقالَ طُفَيْلٌ:
(أَتَانَا فَلَمْ نَدْفَعْهُ إِذْ جَاءَ طَارِقاً ... وقُلْنا لَهُ قد طَالَ {طُوْلُكَ فانْزِلِ)
أَي أَمْرُكَ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ، مِنْ طُولِ السَّفَرِ، ومُكَابَدَةِ السَّيْرِ، ويُرْوَى:} طِيلُكَ. وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيٍّ: أما تَعْرِفُ الأَطْلاَلَ قد طَالَ {طِيلُها} والطَّوْلُ، {والطَّائِلُ،} والطَّائِلَةُ: الْفَضْلُ، والْقُدْرَةُ، والْغِنَى، والسَّعَةُ، والعُلُوُّ، قالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:(ويَأْشِبُنِي فِيهَا الذينَ يَلُونَها ... وَلَو عَلِمُوا لم يَأْشِبُونِي {بِطَائِلِ)
وأَنْشَدَ ثَعْلَب، فِي صِفَةِ ذِئْبٍ:
(وإِنْ أَغَارَ فَلَمْ يَحْلُلْ} بِطَائِلَةٍ ... فِي لَيْلَةٍ مِنْ جَمِيْرٍ ساوَرَ الْفُطُمَا)
وَقد {تَطَوَّلَ عَلَيْهِم، أَي امْتَنَّ،} كطَالَ عَلَيْهِم، وأَصْلُ الطَّوْلِ المَنُّ والفَضْلُ، قالَ الأَزْهَرِيُّ: {والتَّطَوُّلُ عِنْدَ العَرَبِ مَحْمُودٌ، يُوضَعُ مَوْضِعَ المَحاسِنِ،} والتَّطَاوُلُ مُذْمُومٌ، يُوْضَعُ مَوْضِعَ التَّكّبُّرِ، كالاِسْتِطَالَةِ، وَقد تقدَّم. وقولُهُ تَعالَى: ومَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ {طَوْلاً، قالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ مِنْكُمْ عَلى مَهْرِ الحُرَّةِ، قَالَ:} والطَّوْلُ: القُدْرَةُ عَلى المَهْرِ. وَقَالَ الرَّاغِبُ: هوَ كِنَايَةٌ عَمَّا يُصْرَفُ إِلَى المَهْرِ والنَّفَقَةِ. وقَولهُ تَعالَى: ذِي الطَّوْلِ لاَ إِلَهَ إلاَّ هُوَ، أَي ذِي القُدْرَةِ، وقيلَ: ذِي الفَضْلِ والمَنِّ. ويُقالُ: مَا هوَ {بِطَائِلٍ: لِلدُّونِ الْخَسِيسِ، الذَّكَرُ والأُنْثَى فِي ذلكَ سَواءٌ، قَالَ: لقدْ كَلَّفُونِي خُطَّةً غيرَ طَائِلِ ومنهُ حَديثُ ابنِ مَسْعُودٍ، فِي قَتْلِ أبي جَهْلٍ: ضَرَبْتُهُ بِسَيْفٍ غَيْرِ طائِلٍ، أَي: غيرِ مَاضٍ وَلَا قَاطِعٍ كأَنَّهُ كانَ سَيْفاً دُوناً بَيْنَ السُّيُوفِ، وَفِي حديثٍ آخَرَ: أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً مِنْ أَصْحابِهِ قُبِضَ) فُكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غيرِ} طَائِلٍ، أَي غيرِ رَفِيع وَلَا نَفِيسٍ. وأَصْلُ {الطَّائِلِ: النَّفْعُ والفائِدَةُ. (و) } الطُّوَّلُ، كَسُكَّرٍ: طَائِرٌ، وعليهِ اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ، وَزَاد الصَّاغانِيُّ: مائِيٌّ، {طَوِيلُ الرِّجْلَيْنِ. (و) } طُوَالَةُ، كَثُمَامَةٍ: ع، أَو بِئْرٌ فِي دِيَارِ فَزارَةَ، لِبَنِي مُرَّةَ، قالَهُ نَصْرٌ، وأَنْشَدَ الصَّاغانِيُّ لِلشَّمَّاخِ: (كِلاَ يَوْمَيْ {طُوالَةَ وَصْلُ أَرْوَى ... ظَنُونٌ آنَ مُطَّرَحُ الظَّنُونِ)
وطُوَالَةُ: فَرَسٌ لِبَنِي ضُبَيْعَةَ بْنِ نِزَارٍ، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ. وَأَبُو طُوَالَةَ: عبدُ اللهِ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ مَعْمَرٍ النَّجَّارِيُّ، قاضِي المَدِينَةِ، تابِعِيٌّ، عَن أَنَسٍ، وابنِ المُسَيَّبِ، وعنهُ مالِكٌ ووَرْقَاءُ، والدَّرَاوَرْدِيُّ، وكانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ، كَذَا فِي الكَاشِفِ. (و) } طُوَالٌ، كَغُرَابٍ: اسْمُ رَجُلٍ. {وأَطَالَتِ الْمَرْأَةُ: وَلَدَتْ أَوْلاَداً} طِوَالاً، أَو وَلَداً {طَوِيلاً، وَفِي الأَسَاسِ، والصِّحاح: وَلَداً} طِوَالاً، وَفِي الْمَثَلِ: إِنَّ الْقَصِيرَةَ قد {تُطِيلُ، وإِنَّ} الطَّوِيلَةَ قد تُقْصِرُ، ولَيْسَ بِحَدِيثٍ، كَما وَهِمَ الْجَوْهَرِيُّ، قالَ شيخُنا: لَا وَهَم، إِذْ كَوْنُهُ مَثَلاً لَا يُنافِي أَنَّهُ حَدِيثٌ، فَفِي الأحادِيثِ النَّبَوِيَّةِ كَثِيرٌ مِنَ الأَمْثالِ المَشْهُورَةِ، وَقد صرَّحَ ابنُ الأَثِيرِ أَنَّهُ حديثُ. انْتهى، قلتُ: والمُصَنِّفُ قَلَّدَ الصَّاغانِيَّ فِي جَعْلِهِ مَثَلاً. وبَنُو {الــأَطْوَلِ: بَطْنٌ مِنَ العَرَبِ، عَن ابنِ دُرَيْدٍ.} والطَّالَةُ: الأَتَانُ، قالَ ذُو الرُّمَّةِ، يَصِفُ ناقَتَهُ:
(مَوَّارَةُ الضَّبْعِ مِثْلُ الحَيْدِ حارِكُها ... كَأَنَّها طَالَةٌ فِي دَفِّها بَلَقُ)
قَالَ الأَزْهَرِيُّ: وَلَا أَعْرِفُهُ، فَلْيُنْظَرْ فِي شِعْرِ ذِي الرُّمَّةِ. {والْمِطْوَلُ، كَمِنْبَرٍ: الذَّكَرُ، كَما فِي العُبابِ. وَأَيْضًا: الرَّسَنُ، والجمعُ} المَطَاوِلُ، {ومَطاوِلُ الخَيْلِ: أَرْسَانُهَا، نَقَلَهُ الأَزْهَرِيُّ.} وطَيِّلَةُ الرِّيحِ، كَكَيِّسَةٍ: نَيِّحَتُهَا، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ. {وطَاوَلَهُ،} مُطاوَلَةً: ماطَلَهُ فِي الدَّيْنِ، والعِدَةِ. والسَّبْعُ {الطُّوَلُ، كَصُرَدٍ، فِي القُرْآنِ: مِن سُورَة الْبَقَرَةِ إِلَى سُورَةِ الأَعْرَافِ، هِيَ البَقَرَةُ وآلُ عِمْرانَ، والنِّساءُ، والمائِدَةُ، والأَنْعَامُ، والأَعْرافُ، فهذهِ سِتُّ سُوَرٍ مُتَوالِيَاتٌ، واخْتَلَفُوا فِي السَّابِعَةِ، فقيلَ: هِيَ سُورَةُ يُونُسَ، عليهِ السَّلاَمُ، أَو الأَنْفَالُ وَبَراءَةُ جَمِيعاً، لأنَّهُما سُورَةٌ واحِدَةٌ عِنْدَهُ، أَي عندَ مَنْ قَالَ بِهَذَا القَوْلِ، وقالَ بعضُهُم: هيَ الكَهْفُ، وقيلَ: التَّوْبَةُ، وقيلَ: الحَوَامِيمُ، والصَّحِيحُ مَا ذَكَرَهُ المُصَنِّفُ أَوَّلاً،} والطُّوَلُ: جَمْعُ {الطُّولَى، يُقالُ: هِيَ السُّورَةُ الطُّولَى، وهُنَّ} الطُّوَلُ، وقالَ الشاعرُ:
(سَكَّنْتُهُ بعدَ مَا طارَتْ نَعامَتُهُ ... بِسُورَةِ الطُّورِ لَمَّا فاتَنِي الطُّوَلُ)
وَفِي الحديثِ: أُوتِيتُ السَّبْعَ والطُّوَلَ، وَهَذَا البِنَاءُ يَلْزَمُهُ الأَلِفُ والَّلاَمُ أَو الإِضافَةُ. وَفِي الْمَثَلِ: قَصِيرَةٌ مِنْ {طَويلَةٍ، أَي تَمْرَةٌ مِنْ نَخْلَةٍ، يُضْرَبُ فِي اخْتِصَارِ الْكَلاَمِ، وجَوْدَتِهِ.} والطَّوِيلَةُ:) رَوْضَةٌ بِالصَّمَّانِ، واسِعَةٌ، عَرْضُها قَدْرُ مِيلٍ فِي طُولِ ثَلاثَةِ أَمْيالٍ، قالَهُ الأَزْهَرِيُّ، وَقَالَ مَرَّةً: تكونُ ثَلاثَةَ أَميالٍ فِي مِثْلِها، وفيهَا مَسَاكٌ لِلْمَطَرِ، إِذا امْتَلأَ شَرِبُوا الشَّهْرَ والشَّهْرَيْنِ، وأَنْشَدَ: عادَ قَلْبِي مِنَ الطَّوِيلَةِ عِيدُ {والطُّولَى، كَطُوبَى: تَأْنِيثُ} الــأَطْوَلِ، ومنهُ حَديثُ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّهُ كانَ يَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ {بِطُولَى} الطُّولَيَيْنِ، أَي {بــأَطْوَلِ السُّورَتَيْنِ} الطَّوِيلَتَيْنِ، يَعْنِي الأَنْعَامَ والأَعْرافَ. (و) {الطُّولَى أَيضاً: الْحَالَةُ الرَّفِيعَةُ، ج:} طُوَلٌ، كَصُرَدٍ. {والطَّوِيلُ مِنْ بُحُورِ الشِّعْرِ: مَعروفٌ، وقالَ الجَوْهَرِيُّ: مِن جِنْسِ العَرُوض، وَهِي كَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ، سُمِّيَ بذلكَ لأَنَّهُ} أَطْوَلُ الشِّعْرِ كُلِّه، وذلكَ أَنَّ أَصْلَه ثَمانِيَةٌ وأَربعونَ حَرْفاً، وأكثرُ حُروفِ الشِّعْرِ مِنْ غِيرِ دَائِرَتِهِ اثْنانِ وأربعونَ حَرْفاً، ولأَنَّ أَوْتَادَهُ مُبْتَدَأٌ بهَا، {فالطُّولُ لِمُتَقَدِّمِ أَجْزائِهِ لازِمٌ أَبَداً، لأنَّ أَوَّلَ أَجْزائِهِ أَوْتادٌ، والزَّوائِدُ أَبَداً تَتَقَدَّمُ أَسْبابَها مَا أَوَّلُهُ وَتِدٌ، كَذَا فِي المُحْكَمِ، وَوَزْنُهُ فعولن مفاعلين، ثَمَانِي مَرَّاتٍ، مثلُ قَوْلِ امْرِئِ القَيْسِ:
(أَلا انْعَمْ صَباحاً أَيُّها الطَّلَلُ البالِي ... وَهل يَنْعَمَنْ مَنْ كَانَ فِي العُصُرِ الخَالي)
وبَيْنَهُم} طَائِلَةٌ: أَي عَدَاوَةٌ، وَتِرَةٌ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، والجمعُ: {الطَّوائِلُ، وَهِي الذُّحُولُ والأَوْتَارُ، وفُلانٌ يطلُبُ بَنِي فُلانٍ} بِطَائِلَةٍ: أَي بِوَتْرٍ، كَأَنَّ لَهُ فيهم ثَأْراً يَطْلُبُهُ بِدَمِ قَتِيلِهِ. وَفِي الصِّحاحِ: يُقالُ: هَذَا أَمْرٌ لَا {طَائِلَ فِيهِ، إِذا لَمْ يَكُنْ فيهِ غَناءٌ ومَزِيَّةٌ، يُقالُ ذلكَ فِي التِّذْكِيرِ والتِّأْنِيثِ. ولَمْ يَحْلُ مِنْهُ} بِطَائِلٍ: خَاصٌّ بالجَحْدِ، أَي لَا يُتَكَلَّمُ بِهِ إِلاَّ فِيهِ. ويُقالُ: {اسْتَطَالُوا عَلَيْهِم: أَي قَتَلُوا مِنْهُمْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانُوا قَتَلُوا، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ. ومِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ. الرِّجالُ} الأَطَاوِلُ، جمعُ {الــأَطْوَلِ، كَمَا فِي الصِّحاحِ.} وتَطاوَلاَ: تَبَارَيَا. {وتَطَاوَلَ عليْهِم الرَّبُّ بِفَضْلِهِ:} تَطَوَّلَ، أَو أَشْرَفَ، وَهُوَ مِنْ بابِ طَارَقْتُ النَّعْلَ، فِي إِطْلاقِها على الواحِدِ. وَفِي الحديثِ: {أطْوَلُــكُنَّ يَداً أَسْرَعُ بِي لُحُوقاً، أَي أَمَدُّكُنَّ يَداً بالْعَطَاءِ، مِنَ} الطَّوْلِ. {وأَطالَ لِفَرَسِهِ: شَدَّهُ فِي الحَبْلِ.} وتَطاوَلَ فُلانٌ: أَظْهَرَ {الطُّوْلَ، أَو} الطَّوْلَ، قالَ اللهُ تَعالَى: {فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ، أَي طالَ، ومِثْلُهُ قَوْلُ الشاعِرِ:} تَطَاوَلَ لَيْلُكَ بالإِثْمِدِ {والطَّوِيلُ: لَقَبُ حُمَيْدِ بنِ أبي حُمَيْدٍ تِيْرَوَيْهِ، مَوْلَى طَلْحَةِ الطَّلَحَاتِ، مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ، كانَ قَصِيراً، طَوِيلَ اليَدَيْنِ، فَسُمِّيَ بالضِّدِّ، أَو} لِطُولِ يَدَيْهِ، ماتَ سَنَةَ. وقَوْلُ الفَرَزْدَقِ: بَيْتاً دَعائِمُهُ أَعَزُّ {وأَطْوَلُ أَي عَزِيزَةٌ طَوِيلَةٌ. وَفِي حديثِ الدُّعاءِ: وبِكَ} أُطَاوِلُ، مِنَ الطَّوْلِ، وَهُوَ الفَضْلُ، والعُلُوُّ عَلى)
الأَعْداءِ. والفَحْلُ {يَتَطَاوَلُ على إِبِلِهِ: أَي يَسُوقُها كيفَ يَشاءُ، ويَذُبُّ عَنْهَا الفُحُولَ. ورَجُلٌ} - طُولاَنِيٌّ، بالضَّمِّ، ومُطَاوِلٌ: كَثِيرُ الطُّوْلِ، عامِّيَّةٌ. {والطَّوِيلَةُ: قَرْيَةٌ بِمِصْرَ، قُرْبَ البرمون، وَقد دَخَلْتُها. وأحمدُ بن} طُولُونَ، بالضَّمِّ: أميرُ مِصْرَ، وابْنُهُ أَبُو مَعَدٍّ عَدْنانُ بنُ أحمدَ، وُلِدَ بِمِصْرَ، ورَوى عَن الرَّبِيعِ بنِ سليمانَ المُرادِيِّ، وماتَ سنة.
طول: {الطول}: الفضل والسعة والامتنان.

ذو الاسمين

ذو الاسمين:
[في الانكليزية] Composed quantity
[ في الفرنسية] Quantite composee
هو المقدار المركّب وهو ما يعبّر عنه باسمين كخمسة وجذر ثمانية، والخطوط المركّبة على ستة أقسام، لأنّ كلا من قسميها إمّا أصمّ أو أحدهما، والآخر المنطق سواء كان المنطق أكبر من الأصمّ أو أصغر، إذ لا يجوز تساويهما وإلّا لما وقع التركيب وكلّ واحد من هذه الأقسام الثلاثة على وجهين لأنّه إمّا أن يكون مربّع الخط الــأطول زائدا على مربّع الخطّ الأصغر بمربع يكون ضلعه أي جذره مشاركا في الطول للقسم الــأطول، أو مباينا له، والمشاركة أفضل من المبانية والمنطق من الأصمّ، والمنطق الــأطول من المنطق الأصغر. فالقسم الأول وهو الجامع لجميع وجوه الفضل يسمّى ذا الاسمين الأول وهو كلّ خط مركّب من منطق أطول وأصمّ أصغر ويزيد مربّع الــأطول على مربّع الأصغر بمربّع يشارك ضلعه الــأطول مثل ثلاثة وجذر خمسة وأربعة وجذر اثني عشر. والقسم الثاني وهو الذي يليه في القوة بأن يكون المنطق أصغر والأصمّ أطول والمشاركة على ما ذكرنا يسمّى ذا الاسمين الثاني مثل ست وجذر ثمانية وأربعين.
والقسم الثالث وهو الذي يلي هذا في القوة بأن يكون الخطان جميعا أصمّين والمشاركة باقية يسمّى ذا الاسمين الثالث مثل جذر ستة وجذر ثمانية. والقسم الرابع وهو ما كان منطقه أطول من الأصمّ مع عدم بقاء المشاركة المذكورة بأن يكون مربّع الــأطول يزيد على مربّع الأصغر بمربّع يباين ضلعه الخط الــأطول مثل ثلاثة وجذر سبعة يسمّى بذي الاسمين الرابع. والقسم الخامس وهو ما كان أصمّه أطول من المنطق مع عدم المشاركة المذكورة مثل ثلاثة وجذر عشرة يسمّى بذي الاسمين الخامس. والقسم السادس وهو ما كان القسمان فيه أصمّين مع عدم بقاء المشاركة المذكورة يسمّى بذي الاسمين السادس مثل جذر خمسة وجذر ستة. اعلم أنّ جذر ذي الاسمين الأول يسمّى ذي الاسمين المرسل، وجذر ذي الاسمين الثاني يسمّى ذي المتوسطين الاول وجذر ذي الاسمين الثالث يسمّى ذي المتوسطين الثاني، وجذر ذي الاسمين الرابع يسمّى بالأعظم وجذر ذي الاسمين الخامس يسمّى بالقوي على منطق ومتوسط وجذر ذي الاسمين السادس يسمّى بالقوي على المتوسطين. اعلم أيضا أنّ كلا من ذوات الاسمين الستّة متى ضرب في مثله كان الحاصل ذا الاسمين الأول، وإذا ضرب من عدد صحيح أو كسر أو مختلط فإنّ الحاصل في ذلك هو ذو الاسمين في جذر الأول، ومرتبته كمرتبته، أعني إن كان في المرتبة الأولى فالحاصل كذلك، وإن كان فيما بعدها من المراتب فكذلك الحاصل، وإنّما كان كذلك لأنّه يصير مشاركا له، والمشارك للشيء في حدّه ومرتبته. هذا كله خلاصة ما في حواشي تحرير اقليدس وطريق تحصيل الأقسام الستّ وجذورها مذكورة فيها. 

المعرفة

المعرفة: عند النحاة: ما وضع ليدل على شيء بعينه وهي المضمرات والأعلام والمبهمات، وما عرف باللام، والمضاف إلى أحدهما.وعند أهل النظر: إدراك الشيء على ما هو عليه وهي مسبوقة بنسيان حاصل بعد العلم، ولذلك يسمى الحق تعالى بالعالم دون العارف.المعرفة عند القوم: سمو اليقين. وقيل سقوط الوهم لوضوح الاسم. وقيل زوال البرهان بكمال العيان. وقيل دثور الريب لظهور الغيب. وقيل هجوم الأنوار على الأبرار.
المعرفة:
[في الانكليزية] Knowledge
[ في الفرنسية] Connaissance
هي تطلق على معان. منها العلم بمعنى الإدراك مطلقا تصوّرا كان أو تصديقا. ولهذا قيل كلّ معرفة وعلم فإمّا تصوّر أو تصديق.
ومنها التصوّر كما سبق وعلى هذا يسمّى التصديق علما كما مرّ أيضا. ومنها إدراك البسيط سواء كان تصوّرا للماهية أو تصديقا بأحوالها، وإدراك المركّب سواء كان تصوّرا أو تصديقا، على هذا الاصطلاح يخصّ بالعلم، فبين المعرفة والعلم تباين بهذا المعنى، وكلاهما أخصّ من العلم بمعنى الإدراك مطلقا، وكذا الحال في المعنى الثاني للمعرفة والعلم. وبهذا الاعتبار يقال عرفت الله دون علمته. ومناسبة هذا الاصطلاح بما نسمعه من أئمة اللغة من حيث إنّ متعلّق المعرفة في هذا الاصطلاح وهو البسيط واحد ومتعلّق العلم وهو المركّب متعدّد، كما أنّهما كذلك عند أهل اللغة وإن اختلف وجه التعدّد والوحدة، فإنّ وجه التعدّد والوحدة في اللغوي يرجع إلى تقييد الاسم الأول بإسناد أمر إليه وإطلاقه عنه، سواء كان مدخوله مركّبا أو بسيطا، وفي الاصطلاحي إلى نفس المحكوم عليه. فإن كان مركّبا فهو متعلّق العلم وإن كان بسيطا فمتعلّق المعرفة. ومنها إدراك الجزئي سواء كان مفهوما جزئيا أو حكما جزئيا، وإدراك الكلّي مفهوما كلّيا كان أو حكما كلّيا على هذا الاصطلاح يخصّ بالعلم، وبالنظر إلى هذا يقال أيضا عرفت الله دون علمته، والمراد بالحكم التصديق، والنسبة بينهما على هذا على قياس المعنى الثاني والثالث، والنسبة بين تلك المعاني الثلاثة للمعرفة هي العموم من وجه، وكذا بين تلك المعاني الثلاثة للعلم، وكذا بين المعرفة بالمعنى الثاني أي بمعنى التصوّر وبين العلم بالمعنى الثالث الرابع، وكذا بين المعرفة بالمعنى الثالث والعلم بالمعنى والرابع، وكذا بين المعرفة بالمعنى الرابع والعلم بالمعنى الثالث كما لا يخفى. قيل الاصطلاح الثاني والرابع متفرّعان على الثالث لأنّ الجزئي والتصوّر أشبه بالبسيط والكلّي والتصديق بالمركّب، هذا والأقرب أن يجعل استعمال المعرفة في التصوّرات والعلم في التصديقات أصلا لأنّه عين المعنى اللغوي ثم يفرّع عليه المعنيان الآخران، هكذا في شرح المطالع وحواشيه وحواشي المطول. ومنها إدراك الجزئي عن دليل كما في التوضيح في تعريف الفقه ويسمّى معرفة استدلالية أيضا. ومنها الإدراك الأخير من الإدراكين لشيء واحد إذا تخلّل بينهما عدم بأن أدرك أولا ثم ذهل عنه ثم أدرك ثانيا. قيل المراد بالذهول هو ما يفضي إلى نسيان محوج إلى كسب جديد وإلّا فالحاصل بعد الذهول التفات لا إدراك إلّا مجازا. والحقّ أنّ الذهول زوال الصورة عن المدركة فيكون الموجود بعده إدراكا، وإن كان بلا كسب جديد. ومنها الإدراك الذي هو بعد الجهل ويعبّر عنه أيضا بالإدراك المسبوق بالعدم والعلم يقال للإدراك المجرّد من هذين الاعتبارين بمعنى أنّه لم يعتبر فيه شيء من هذين القيدين، وبالنظر إلى هذه المعاني الثلاثة يقال: الله تعالى عالم ولا يقال عارف، إذ ليس إدراكه تعالى استدلاليا ولا مسبوقا بالعدم ولا قابلا للذهول، والنسبة بين المعرفة والعلم بهذين المعنيين هي العموم مطلقا، هكذا في حواشي المطول في تعريف علم المعاني، وباقي النّسب يظهر بأدنى توجّه.
ومنها ما هو مصطلح الصوفية. قال في مجمع السلوك: المعرفة لغة العلم، وعرفا العلم الذي تقدّمه نكرة. وفي عبارة الصوفية العلم الذي لا يقبل الشكّ إذا كان المعلوم ذات الله تعالى وصفاته، ومعرفة الذات أن يعلم أنّه تعالى موجود واحد فرد وذات وشيء وقائم ولا يشبه شيئا ولا يشبهه. وأما معرفة الصفات فأن يعرف الله تعالى حيّا عالما سميعا بصيرا مريدا متكلّما إلى غير ذلك من الصفات. وإنما لا تطلق المعرفة على الله تعالى لأنّها في الأصل اسم لعلم كان بعد أن لم يكن، وعلمه تعالى قديم.
ثم المعرفة إمّا استدلالية، وهو الاستدلال بالآيات على خالقها لأنّ منهم من يرى الأشياء فيراه بالأشياء، وهذه المعرفة على التحقيق إنّما تحصل لمن انكشف له شيء من أمور الغيب حتى استدلّ على الله تعالى بالآيات الظاهرة والغائبة، فمن اقتصر استدلاله بظاهر العالم دون باطنه فلم يستدل بالدليلين فتعطّل استدلاله بالباطن وهي درجة العلماء الراسخين في العلم.
وأمّا شهودية ضرورية وهو الاستدلال بناصب الآيات على الآيات، وهي درجة الصّدّيقين وهم أصحاب المشاهدة. قال بعض المشايخ: رأيت الله قبل كلّ شيء وهو عرفان الإيقان والإحسان، فعرفوا كلّ شيء به لا أنّهم عرفوه بشيء انتهى. ويقرب من هذا ما في شرح القصيدة الفارضية من أنّ المعرفة أخصّ من العلم لأنّها تطلق على معنيين، كلّ منهما نوع من العلم، أحدهما العلم بأمر باطن يستدلّ عليه بأثر ظاهر كما توسّمت شخصا فعلمت باطن أمره بعلامة ظاهرة منه، ومن ذلك ما خوطب به رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ. وثانيهما العلم بمشهود سبق به عهد كما رأيت شخصا رأيته قبل ذلك بمدة فعلمت أنّه ذلك المعهود، فقلت عرفته بعد كذا سنّة عهده، فالمعروف على الأول غائب وعلى الثاني شاهد. وهل التفاوت البعيد بين عارف وعارف إلّا لبعد التفاوت بين المعرفتين؟ فمن العارفين من ليس له طريق إلى معرفة الله تعالى إلّا الاستدلال بفعله على صفته وبصفته على اسمه وباسمه على ذاته، أولئك ينادون من مكان بعيد. ومنهم من يحمله العناية الأزلية فتطرقه إلى حريم الشّهود فيشهد المعروف تعالى جده بعد المشاهدة السابقة في معهد أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ويعرف به أسماءه وصفاته على عكس ما يعرفه العارف الأول، فبين العارفين بون بيّن، إذ الأول لغيبة معروفة كنائم يرى خيالا غير مطابق للواقع، والثاني لشهود معروفه كمستيقظ يرى مشهودا حقيقيا مطابقا للواقع انتهى كلامه.

قال في مجمع السلوك: أوحى الله تعالى لداود عليه السلام يا داود: أتدري ما معرفتي؟ قال:

لا. قال: حياة القلب في مشاهدتي. وقال الواسطي: المعرفة ما شاهدته حسّا والعلم ما شاهدته خبرا أي بخبر الأنبياء عليهم السلام.

وقال البعض: المعرفة اسم لعلم تقدّمه نكرة وغفلة، ولهذا لا يصحّ إطلاقه على الله تعالى.

وقال الشبلي: إذا كنت بالله تعالى متعلّقا لا بأعمالك غير ناظر إلى ما سواه فأنت كامل المعرفة. وقيل الرؤية في الآخرة كالمعرفة في الدنيا كما أنّه تعالى يعرف في الدنيا من غير إدراك كذلك يرى في العقبى من غير إدراك، لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ.
وقالوا من لم يعرف الله تعالى فالسكوت عليه حتم، ومن عرف الله تعالى فالصّمت له جزم.
ولذلك قيل من عرف الله كلّ لسانه، ولا يعارضه ما قيل: من عرف الله طال لسانه: إذ المعنى من عرف الله بالذات كلّ لسانه ومن عرف الله بالصفات طال لسانه. لأنّ الشّخص الذي له مقام التلوين يكون له معرفة الصفات، وأمّا من كان في مقام التمكين فله معرفة الذات.
وذلك مثل سيدنا موسى عند ما كان في مقام التلوين فتطاول قائلا: ربّ أرني أنظر إليك.

فجاءه الجواب: لن تراني. وأمّا نبيّنا المصطفى صلى الله عليه وسلم فلكونه في مقام التمكين فلم يتطاول بلسانه ولم يطلب الرؤية لهذا حظي بالرؤية. أو يقال: المعنى من عرف الله بمعرفته الشهودية الضرورية كلّ لسانه، ومن عرف الله بمعرفته الاستدلالية طال لسانه انتهى. وفي خلاصة السلوك: المعرفة ظهور الشيء للنفس عن ثقة، قال به عليّ بن عيسى. وقال عبد الله بن يحيى إذا أراك الاضطراب عن مقام العلم بدوام الصحبة فهو معرفة. وقيل المعرفة إحاطة العلم بالأشياء، قال عليه الصلاة والسلام: «لو عرفتم الله حقّ معرفته لزال الجبال عن دعائكم». قال أبو يزيد: حقيقة المعرفة الحياة بذكر الله وحقيقة الجهل الغفلة عن الله.
حكى أبو عليّ ثمرة المعرفة إذا ابتلي صبر وإذا أعطي النّعم شكر وإذا أصابه المكروه رضي.

وقال أهل الإشارات: العارف من لا يشغله شاغل طرفة عين. قال الجنيد: العارف الذي نطق الحقّ عن سرّه وهو ساكت. وقيل الذي ضاقت الدنيا عليه بسعتها. وقيل: الناس على أربعة أصناف: الثابت الذي يعمل للدرجات، والمحبّ الذي يعمل للزلفى القريبة، والعارف الذي يعمل لرضاء ربه من غير حفظ لنفسه منه.
ومنها ما هو مصطلح النحاة وهي اسم وضع لشيء بعينه. وقيل اسم وضع ليستعمل في شيء بعينه ويقابلها النكرة. اعلم أنّ التعريف عبارة عن جعل الذات مشارا بها إلى خارج إشارة وضعية ويقابلها التنكير وهو جعل الذات غير مشار بها إلى خارج في الوضع، والمراد بالذات المعنى المستقلّ بالمفهومية الذي يصلح أن يحكم عليه وبه، وهو معنى الاسم فقط، فإنّ معنى الفعل والجملة لدخول النسبة فيه خارج عن تلك الصلاحية، وكذا معنى الحرف. ثم لا يخفى أنّ المشار به إلى خارج إنّما هو اللفظ الدالّ على الذات وإنّما نسب إليها مجازا أو أراد بالذات ما يدلّ عليها مجازا، فالتعريف والتنكير من عوارض الذات أي من عوارض ما يكون مدلوله الذات، فلا يجريان في غير الاسم. فعلى هذا لو بدّل الذات بالاسم لكان أنسب. والمراد بالخارج مقابل الذهن. وإنّما قيل إلى خارج لأنّ كلّ اسم موضوع للدلالة على ما سبق في علم المخاطب بكون ذلك الاسم دالا عليه، ومن ثمّة لا يحسن أن يخاطب بلسان إلّا من سبق معرفته بذلك اللسان، فعلى هذا كلّ لفظ فهو إشارة إلى ما ثبت في ذهن المخاطب أنّ ذلك اللفظ موضوع له، فلو لم يقل إلى خارج لدخل في الحدّ جميع الأسماء معارفها ونكراتها. وتوضيحه أنّ المعرفة يشار بها إلى ما في الذهن من حيث حضوره فيه، ولهذا قيل المعرفة يقصد بها معيّن عند السامع من حيث هو معيّن كأنه إشارة إليه بذلك الاعتبار. وأمّا النكرة فيقصد بها التفات الذهن إلى المعيّن من حيث ذاته ولا يلاحظ فيها تعيينه وإن كان معيّنا في نفسه، لكن بين مصاحبة التعيين وملاحظته فرق جلي. ولا شكّ في أنّ الأمر الحاضر في الذهن وإن كان أمرا ذهنيا إلّا أنه مع قيد الحضور في الذهن أمر خارج عن الذهن لأنّ الموجود في الذهن مجرّد ذاته لا مع قيد الحضور فيه، فالمراد بالخارج المعيّن من حيث هو معيّن، وقد يقيّد الخارج بالمختصّ ويجعل فائدته الاحتراز عن الضمائر العائدة إلى ما لم يختص بشيء قبله نحو: أرجل قائم أبوه، ونحو: ربّه رجلا وربّ رجل وأخيه، ويا لها قصة، فإنّ هذه الضمائر نكرات إذ لم يسبق اختصاص المرجوع إليه بحكم. ولو قلت ربّ رجل كريم وأخيه، وربّ شاة سوداء وسخلتها لم يجز لأنّ الضمير معرفة لرجوعه إلى نكرة مخصصة بالصفة. وفيه بحث لأنّه إن كانت هذه الضمائر إشارة إلى ما في الذهن من حيث حضوره فيه كان الظاهر كونها معرفة لا نكرة، وإن كانت إشارة إليه من حيث ذاته خرجت من قيد خارج فلم يحتج إلى قيد مختص. وأيضا معنى التعريف هو التعيين أي الإشارة إلى معلوم حاضر في ذهن السامع من حيث هو معلوم وإن كان مبهما كما سبق، وهذا المعنى موجود في الضمير العائد إلى النكرة، فلا وجه للحكم بكونه نكرة. وأيضا لمّا اعتبر مجرّد الإشارة إلى الخارج فاعتبار التخصيص الغير الواصل إلى حدّ التعيين مستبعد جدا. ولما كان الحقّ إدخال تلك الضمائر في المعارف لم يقيّد الخارج بالمختص. وإنّما قيل إشارة وضعية ليخرج عن الحدّ النكرات المعيّنة عند المخاطب نحو أتيت رجلا إذا علمه المتكلّم بعينه إذ ليس في رجلا إشارة لا وضعا ولا استعمالا إلى معيّن؛ ويدخل في الحدّ تعريف الأعلام المشتركة إذ يشار بها إلى معيّن بحسب الوضع.
فالمعرفة على هذا ما أشير به إلى خارج إشارة وضيعة. وعند من قيّد الخارج بالمختصّ هي ما أشير به إلى خارج مختصّ إشارة وضعية، والنكرة ما ليس كذلك.
ثم اعلم أنّ الجمهور على أنّ المعتبر في المعرفة التعيين عند الاستعمال دون الوضع، فعرّفوا المعرفة بما وضع ليستعمل في شيء بعينه أي متلبّس بعينه أي في شيء معيّن من حيث إنّه معيّن. وحاصله الإشارة إلى أنّه معهود ومعلوم بوجه ما، وبهذا خرج النكرة لأنّ معاني النكرات وإن أوجبت معلوميتها للسامع لكن ليس في اللفظ إشارة إلى تلك المعلومية. ولمّا اعتبر التعيين عند الاستعمال دخل في الحدّ المضمرات والمبهمات وسائر المعارف، فإنّ لفظ أنا لا يستعمل إلّا في الاشخاص المعيّنة إذ لا يصحّ أن يقال إنا ويراد به متكلّم لا بعينه، وليست موضوعة لواحد منها وإلّا لكانت في غيره مجازا، ولا لكلّ واحد منها وإلّا لكانت مشتركة موضوعة أوضاعا بعدد الأفراد. وأيضا لا قدرة على وضعها لأمور متعيّنة لا يمكن ضبطها وملاحظتها حين الوضع، فوجب أن تكون موضوعة لمفهوم كلّي شامل لكلّ الأفراد، ويكون الغرض من وضعها له استعمالها في أفراده المعيّنة دونه، فما سوى العلم معارف استعمالية لا وضعية، فالشيء المذكور في التعريف أعمّ ممّا وضع اللفظ المستعمل فيه له كالأعلام وممّا وضع لما يصدق عليه كما في سائر المعارف. وهذا هو الذي اختاره المحقّق التفتازاني. وقال في التلويح بأنّه الأحسن.
وذهب بعض المتأخّرين إلى أنّ المعتبر التعيين عند الوضع وعرّفوها بما وضع لشيء بعينه.
فالموضوع له لا بدّ أن يكون معيّنا سواء كان الوضع خاصا كما في العلم أو عاما كما في غيره من المعارف، ولا يلزم المجاز ولا الاشتراك وتعدّد الأوضاع. ويرد على قولهم لا قدرة على وضعها لأمور الخ أنّه كيف صحّ منكم اشتراط أن لا يستعمل إلّا في واحد معيّن من طائفة من المعيّنات فيما ضبطتم للمستعمل فيه يمكن أن يضبط الموضوع له ويوضع له، ولو صحّ ما ذكرتموه لكانت أنت وأنا وهذا مجازات لا حقائق لها إذ لا تستعمل فيما وضعت هي لها من المفهومات الكلّية، بل لا يصحّ استعمالها فيها أصلا، وهذا مستبعد جدا، كيف لا ولو كانت كذلك لما اختلف أئمّة اللغة في عدم استلزام المجاز الحقيقة ولما احتيج في نفي الاستلزام أن يتمسّك في ذلك بأمثلة نادرة، وهذا هو الذي اختاره السّيّد السّند وصاحب الــأطول وغيرهما، وقالوا بأنّه هو الحقّ الحقيق بالتحقيق ويجيء لذلك توضيح في لفظ الوضع.
هذا كلّه خلاصة ما في المطول وحواشيه والــأطول في بيان فائدة تعريف المسند إليه.

اعلم أنّ المعارف بحسب الاستقراء ستّ:
المضمرات والأعلام والمبهمات وما عرّف باللام وما عرّف بالنداء والمضاف إلى إحدى هذه الخمسة، ولم يذكر المتقدّمون ما عرّف بالنداء لرجوعه إلى ذي اللام إذ أصل يا رجل يا أيّها الرجل، ويذكر هاهنا المعرّف باللام والإضافة. فأقول اشتهر فيما بينهم أنّ لام التعريف يكون للعهد الخارجي ولتعريف الجنس وللعهد الذهني وللاستغراق وكذلك المعرّف بالإضافة. وذهب المحقّقون إلى أنّ اللام لتعريف العهد والجنس لا غير، إلّا أنّ القوم أخذوا بالحاصل وجعلوه أربعة أقسام: توضيحا وتسهيلا، وجعلوا تعريف الاستغراق من أقسام تعريف الجنس، واختلفوا في المعهود الذهني.
فبعضهم جعله من أقسام العهد الخارجي وقال إذا ذكر بعض أفراد الجنس خارجا أو ذهنا فحمل الفرد على ذلك البعض أولى من حمله على جميع الأفراد ويسمّى المعهود خارجيا أو ذهنيا، وإلى هذا ذهب صاحب التوضيح كما صرّح به الفاضل الچلپي في حاشية التلويح في بيان ألفاظ العموم، وإلى هذا يشير أيضا ما وقع في الاتقان حيث قال: التعريف باللام نوعان:

عهدية وجنسية، وكلّ منهما ثلاثة أقسام:
فالعهدية إمّا أن يكون مصحوبها معهودا ذكريا نحو كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا، فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ وضابطته أنّ يسدّ الضمير مسدّها مع مصحوبها أو معهودا ذهنيا نحو إِذْ هُما فِي الْغارِ أو معهودا حضوريا نحو الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي. قال ابن عصفور وكذا كلّ ما وقع بعد اسم الإشارة نحو جاءني هذا الرجل، وبعد أيّ في النداء نحو يا أيّها الرجل، أو إذا الفجائية نحو خرجت فإذا الأسد، أو في اسم الزمان الحاضر نحو الآن انتهى نظرك. والجنسية إمّا لاستغراق الأفراد وهي التي يخلفها لفظ كلّ حقيقة نحو وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً ومن دلائلها صحة الاستثناء من مدخولها نحو إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا أو وصفه بالجمع نحو أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا وإمّا لاستغراق خصائص الأفراد وهي التي يخلفها لفظ كلّ مجازا نحو ذلك الكتاب أي الكتاب الكامل في الهداية الجامع لصفات جميع الكتب المنزّلة وخصائصها. وإمّا لتعريف الماهية والحقيقة والجنس وهي التي لا يخلفها كلّ لا حقيقة ولا مجازا نحو جعلنا من الماء كل شيء حيّا، ومثل هذا في المغني أيضا. وبعضهم جعله أي المعهود الذهني من أقسام الجنس ولذا حقّق صاحب المفتاح أنّ لام التعريف للإشارة إلى تعيين حصّة من مفهوم مدخوله أو تعيين نفس المفهوم والعهد الذهني والاستغراق من أقسام لام تعريف الجنس. واعلم أنّ معنى التعريف مطلقا هو الإشارة إلى أنّ مدلول اللفظ معهود أي معلوم حاضر في الذهن فلا فرق بين لام الجنس ولام العهد في الحقيقة إذ كلّ منهما إشارة إلى معهود غايته أنّ المعهود في أحدهما جنس وفي الآخر حصّة منه، فتسمية أحدهما بلام الجنس والآخر بلام العهد اصطلاح عائد إلى معروض التعيين، أي التعريف، لا إلى التعيين نفسه. ولهذا قال أئمة الأصول حقيقة التعريف العهد لا غير، وإلى هذا أشار السّكّاكي واختار في اللام أنّ معناها العهد، أي الإشارة إلى أنّ مدلول اللفظ معهود أي معلوم حاضر في ذهن السامع. وإذا كانت اللام موضوعة لمعنى العهد مطلقا أي سواء كان الحاضر ماهية أو حصة منها كان تعريف الحقيقة قسما من العهد، كما أنّ ما سمّوه تعريف عهد قسم آخر منه، وهذا كلام حقّ. هكذا يستفاد من الــأطول وحواشي المطول، وبهذا ظهر فساد ما في بعض شروح المغني أنّ الألف واللام عند السّكّاكي إنّما هي لتعريف العهد الذهني خاصة. وأمّا الجنسية والاستغراقية والعهدية خارجيا فكلّها داخلة في العهد الذهني انتهى. واعلم أيضا أنّه إذا دخلت اللام على اسم الجنس فإمّا أن يشار بها إلى حصّة معيّنة منه فردا كان أو أفرادا مذكورة تحقيقا أو تقديرا، ويسمّى لام العهد الخارجي والأول وهو ما كان مذكورا تحقيقا بأن يذكر سابقا في كلامك أو كلام غيرك صريحا أو غير صريح هو العهد التحقيقي، والثاني وهو ما كان مذكورا تقديرا بأن يكون معلوما حقيقة أو ادعاء لغرض وهو العهد التقديري. وأمّا أن يشار بها إلى الجنس نفسه وحينئذ إمّا أن يقصد الجنس من حيث هو كما في التعريفات وفي نحو قولنا الرجل خير من المرأة ويسمّى لام الحقيقة والطبيعة، وإمّا أن يقصد الجنس من حيث هو موجود في ضمن الأفراد بقرينة الأحكام الجارية عليه الثابتة له في ضمنها، فأمّا في جميعها كما في المقام الخطابي وهو الاستغراق أو في بعضها وهو المعهود الذهني. فإن قلت هلّا جعلت العهد الخارجي كالذهني راجعا إلى الجنس؟ قلت:
لأنّ معرفة الجنس غير كافية في تعيين شيء من أفراده، بل يحتاج فيه إلى معرفة أخرى. ثم الظاهر أنّ الاسم في المعهود الخارجي له وضع آخر بإزاء خصوصية كلّ معهود. ومثله يسمّى وضعا عاما، ولا حاجة إلى ذلك في العهد الذهني والاستغراق، والتعريف الجنسي إذا جعل أسماء الأجناس موضوعة للماهيات من حيث هي. هذا خلاصة ما قال عضد الملّة في الفوائد الغياثية، فهذا صريح في أنّ لام الحقيقة ولام الطبيعة بمعنى واحد، وهو قسم من لام الجنس مقابل للعهد الذهني والاستغراق، والمفهوم من المطول والإيضاح أنّ لام الجنس ولام الحقيقة بمعنى واحد كذا في الــأطول.
فائدة:
قولهم لام الجنس تشير إلى نفس الحقيقة معناه أنّ لام الجنس تشير إلى مطلق المفهوم أي مفهوم المسمّى، سواء كان حقيقيا أو مجازيا، فإنّها كما تدخل على الحقيقة تدخل على المجاز أيضا، كقولك الأسد الذي يرمي خير من الأسد المفترس، وسواء اقتصر الحكم على المفهوم أو أفضي صرفه إلى الفرد، وليس معناه أنّها تشير إلى نفس المفهوم من غير زيادة كما توهّم، وإلّا لم يصح جعل العهد الذهني والاستغراق داخلين تحته. وقد تكون الإشارة إلى نفس الحقيقة لدعوى اتحاده مع شيء، وجعل منه قوله تعالى أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وهو الذي قصده جار الله حيث قال: إنّ معنى التعريف في «المفلحون» الدلالة على أن المتقين هم الذين إن حصلت صفة المفلحين وتحقّقوا بما هم فيه وتصوّروا بصورتهم الحقيقية فهم هم لا يعدون تلك الحقيقة، كما تقول لصاحبك هل عرفت الأسد وما جبل إليه من فرط الإقدام أنّ زيدا هو هو. وقد يشار بها إلى تعيين الجنس من حيث انتسابه إلى المسند إليه فيرجع التعيين إلى الانتساب كما في بيت حسّان ووالدك العبد أي المعروف بالعبودية، فظهر أنّ تعريف الجنس ليس تعريفا لفظيا لا يحكم به إلّا بضبط أحكام اللفظ من غير حظّ المعنى فيه، كما قال بعض محقّقي النحاة، كلّ لام تعريف سوى لام العهد لا معنى للتعريف فيها، فإنّ الناظرين في المعاني لهم شرب آخر ولا يعتبرون التعريف اللفظي، ولذلك تراهم طووا ذكر علم الجنس بأقسامه في مقام التعرض للعلم وأحكامه؛ فلام الجنس تشير إلى نفس الحقيقة باعتبار حضورها وتعيّنها وعهديتها في الذهن. ولذا قال السّكّاكي لا بدّ في تعريف الجنس من تنزيله منزلة المعهود بوجه من الوجوه الخطابية إمّا لكون ذلك الشيء محتاجا إليه على طريق التحقيق أو على طريق التحكّم، فهو لذلك حاضر في الذهن، أو لأنّه عظيم الخطر معقود به الهمم لذلك على أحد الطريقين، أو لأنّه لا يغيب عن الجنس على أحد الطريقين، وإمّا لأنّه جار على الألسن كثير الدور في الكلام على أحد الطريقين، فإن قلت لم لم يجعل علم الجنس موضوعا بجوهره لما وضع له المعرّف بلام الجنس؟ قلت: لأنّ اعتبار التعين الذهني تكلّف إذ ليس نظر أرباب وضع اللفظ إلّا على الأمور الخارجية، وذو اللام يدعو إليه لئلّا يلغو اللام، ولا داعي إليه في نحو أسامة كذا في الــأطول.
فائدة:
الاستغراق مطلقا باللام كان أو غيره ضربان: حقيقي نحو عالم الغيب والشّهادة وعرفي نحو جمع الأمير الصاغة أي صاغة بلده أو مملكته. وفسّر المحقّق التفتازاني الحقيقي بالشمول لكلّ ما يتناوله اللفظ بحسب اللغة وكأنّه أراد أعم من التناول بحسب المعنى المجازي أو الحقيقي والعرفي بالشمول لما يتناوله اللفظ بحسب متفاهم العرف. والعرف إذا أطلق يراد به العرف العام فيتّجه أنّه يبقى الشمول شرعا واصطلاحا واسطة وأنّ الظاهر لغوي وعرفي. وفسّر في شرح المفتاح السّيد السند أيضا الحقيقي بما كان شموله للأفراد على سبيل الحقيقة بأن لا يخرج فرد والعرفي مما يعدّ شمولا في عرف الناس، وإن خرج عنه كثير من أفراد المفهوم. هذا ولا يخفى عليك أنّ التقسيم إلى الحقيقي والعرفي لا يختص الاستغراق بل هو تخصيص من غير مخصّص إذ المعرّف باللام أيضا لواحد منها يكون عرفيا وحقيقيا، فنحو أدخل السوق عرفي إذ المراد سوق من أسواق البلد لا أسواق الدنيا، بل الإشارة إلى الحقيقة من حيث هي أيضا كذلك لأنّك ربما تقول في بلد البطيخ خير من العنب لأنّ بطيخه خير من عنبه، فالإشارة في كلّ من البطيخ والعنب إلى جنس خاص منهما بمعونة العرف. ولذا قد يعكس ذلك في بلد آخر وهذه دقيقة قد أبدعها السّكّاكي واتخذها من جاء بعده مذهبا. والحق أن لا استغراق إلّا حقيقيا والتصرّف في أمثال هذا المثال في الاسم المعرّف حيث خصّ ببعض مفهومه بقرينة التعارف فأريد بالصاغة إحدى الصاغتين، وأدخل اللام فاستفيد العموم كذا في الــأطول.
فائدة:
الفرق بين المعرّف بلام الحقيقة والطبيعة وبين أسماء الأجناس التي ليست فيها دلالة على البعضية والكلّية نحو رجعى وذكرى ونحوهما من المصادر لأنّ المصادر ليس فيها القصد إلّا إلى الحقيقة المتحدة بالإجماع هو أنّ المعرّف بلام الحقيقة يقصد فيه الإشارة إلى الحقيقة باعتبار حضورها في الذهن وليس أسماء الأجناس المذكورة كذلك. والفرق بينه وبين علم الجنس هو أنّ علم الجنس يدلّ بجوهره على حضور الماهية في الذهن بخلاف المعرّف باللام فإنّه يدلّ على الحضور بالآلة. ومثل هذا الفرق بين المعهود الخارجي وعلم الشخص. وأيضا المعرّف باللام كثيرا ما لا يدلّ على المعهود بشخصه بخلاف علم الشخص. والفرق بين المعرّف بلام الاستغراق وبين كل مضافا إلى النكرة أنّ المعرّف مستعمل في الماهية بخلاف كلّ مضافا إلى النكرة، وأيضا في المعرّف باللام إشارة إلى حضورها في الذهن دون كلّ مضافا إلى النكرة، هكذا في المطول وأبي القاسم.
والفرق بين المعهود الذهني وبين النكرة هو أنّ النكرة تفيد أنّ ذلك الاسم بعض من جملة الحقيقة نحو أدخل سوقا سواء كانت موضوعة للحقيقة مع وحدة أو كانت موضوعة للحقيقة المتحدة، لأنّها مع التنوين تفيد الماهية مع وحدة لا بعينها، فإطلاقها على الواحد حقيقة بخلاف المعرّف باللام نحو أدخل السوق فإنّ المراد به نفس الحقيقة والبعضية مستفادة من القرينة، فإنّ الدخول أفاد أنّ الحقيقة المتحدة المرادة بالمعرّف باللام متحدة مع معهود، فإطلاقه على الواحد مجاز. وبالجملة قولك أدخل سوقا يأتي لواحد من حاق اللفظ فالنكرة أقوى في الإتيان لواحد، ولذا قالوا المعهود الذهني في المعنى كالنكرة وإن كان في اللفظ معرفة صرفة لوجود اللام وعدم التنوين، ولذا يجري عليه أحكام المعارف تارة من وقوعه مبتدأ وذا حال ووصفا للمعرفة ونحو ذلك، وأحكام النكرات تارة أخرى كتوصيفه بالجملة في قول الشاعر:
ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني وفي قوله تعالى كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً. هذا حاصل ما في الــأطول. لكن في المطول أنّ إطلاق المعرّف بلام الحقيقة وكذا علم الجنس على الواحد حقيقة إذ لم يستعمل إلّا فيما وضع له، والفرق بين المعرّف والنكرة أنّ إرادة البعض في النكرة بنفس اللفظ، وفي المعرّف بالقرينة. واعترض عليه بأنّ الموضوع له الماهية المطلقة والمستعمل فيه هو الماهية المخلوطة، ولا شك في تغايرهما فينبغي أن يكون مجازا. وأجيب بأن الموضوع له هو الماهية لا بشرط شيء، وهي تتحقّق في ضمن المخلوطة، فالمستعمل فيه ليس إلّا الماهية لا بشرط شيء، والفرد المنتشر إنّما فهم من القرينة، وإنّما سمّي معهودا باعتبار مطابقته للماهية المعهودة فله عهد بهذا الاعتبار فسمّي معهودا ذهنيا. قال صاحب الــأطول: لا يخفى أنّ المعرّف في مقام الاستغراق أيضا كالنكرة لأنّه يأتي للوحدات من غير إشارة إلى تعيينها، غايته أنّه متحد مع الماهية المعهودة كالمعهود الذهني، والمعرّف بلام الحقيقة من المصادر كالنكرة منها في المعنى، فلا وجه لتخصيص هذا الحكم بهذا القسم. ويمكن أن يقال يراد أنّ هذا في المعنى كالنكرة في اعتبار البلغاء وليس غيره كذلك. ولذا لم يعامل معه معاملة النكرة، ونظرهم في هذا التخصيص محمود لأنّ مناط الإفادة وهو الفرد في هذا القسم مبهم فلم يعتدّ بتعيين تعلّق بالمفهوم بخلاف ما إذا أريد جميع الأفراد فإنّها لتعيّنها بالعموم نائبة مناب المتعيّن.
فائدة:
اعلم أنّ التعريف باللام والنداء وبالإضافة جاء لمدلول اللفظ من الخارج. وأمّا تعريف باقي المعارف فمن جوهر اللفظ ولوضعه للأمر المأخوذ مع التعيّن. وما ذكره السّيّد السّند ناقلا عن الرّضي أنّ تعريف الموصول واسم الإشارة والضمير من الخارج كالمعرّف باللام والنداء والإضافة والانقسام إلى الخمسة بحسب تفاوت ما يستفاد منه مزيّف لأنّ الخارج في الموصول ونظيريه قرينة المراد من اللفظ لا الإشارة إلى تعيّنه كما قال، ولأنّ تفاوت ما يستفاد منه أزيد من الخمسة كذا في الــأطول.

الاستعارة

الاستعارة: ادعاء معنى الحقيقة في الشيء للمبالغة في التشبيه مع طرح ذكر المشبه من البين، نحو لقيت أسدا يعني رجلا شجاعا، ثم إن ذكر المشبه به مع قرينه سمي استعارة تصريحية وتحقيقية كلقيت أسدا في الحمام.
الاستعارة:
[في الانكليزية] Metaphor
[ في الفرنسية] Metaphore

في اللغة: هو أخذ الشيء بالعارية أو عند الفرس: هو إضافة المشبّه به إلى المشبّه، وهذا خلاف اصطلاح أهل العربية. وهو على نوعين:

أحدها: استعارة حقيقية، والثاني: مجازية.
فالاستعارة الحقيقية هي أن يكون المستعار والمستعار منه ثابتين ومعلومين، وهما نوعان:
ترشيح وتجريد. فالترشيح هو أن يكون المستعار والمستعار منه ثابتين ومعلومين، وأن تراعى فيها لوازم الجانبين. ومثاله:
يا ملك البلغاء إن تجرّد سيف لسانك نلت وطرك وفتحت العالم فالسيف مستعار واللسان مستعار منه، وقد راعى اللوازم للسيف واللسان. وأمّا التجريد فهو أن يراعي جانبا واحدا من اللوازم وأن يكون أحد الموجودات من الأعيان والثاني من الأعراض. ومثاله: من ذلك السكّر الشفهي الذي هو غير مأكول، نأكل في كل لحظة سمّ الغصة.
فالسكر مستعار والشفه مستعار منه. فهنا راعى جانب السكر، والغصة ليست من الأعيان فتؤكل ولم يراع الغصة.
وأمّا المجاز فهو أن يكون كلّ من المشبّه والمشبّه به من الأعراض، يعني أن يكون محسوسا بأحد الحواسّ الظاهرة أو من المتصوّرة أي محسوسا بالحواس الباطنة. أو يكون أحدها عرضا والثاني متصوّرا. ومثاله: حيثما يوجد أحد في الدنيا سأقتله كي لا يرد كلام العشق على لسان أحد. فالكلام عرض والعشق هو من الأشياء التي تصوّر في الذهن. وكلاهما أي الكلام والعشق من المتصوّرات التي لا وجود مادي لها في الخارج.
واعلم أنّ كلّ ما ذكرناه هاهنا عن الحقيقة والمجاز هو على اصطلاح الفرس، وقد أورده مولانا فخر الدين قواس في كتابه. وهذا أيضا مخالف لأهل العربية. كذا في جامع الصنائع. والاستعارة عند الفقهاء والأصوليين عبارة عن مطلق المجاز بمعنى المرادف له. وفي اصطلاح علماء البيان عبارة عن نوع من المجاز، كذا في كشف البزدوي وچلپي المطول. وذكر الخفاجي في حاشية البيضاوي في تفسير قوله تعالى: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ الآية الاستعارة تستعمل بمعنى المجاز مطلقا، وبمعنى مجاز علاقته المشابهة، مفردا كان أو مركّبا، وقد تخصّ بالمفرد منه وتقابل بالتمثيل حينئذ كما في مواضع كثيرة من الكشاف. والتمثيل وإن كان مطلق التشبيه غلب على الاستعارة المركّبة، ولا مشاحّة في الاصطلاح انتهى كلامه. والقول بتخصّص الاستعارة بالمفرد قول الشيخ عبد القاهر وجار الله. وأمّا على مذهب السكّاكي فالاستعارة تشتمل التمثيل ويقال للتمثيل استعارة تمثيلية، كذا ذكر مولانا عصام الدين في حاشية البيضاوي. وسيأتي في لفظ المجاز ما يتعلّق بذلك.

قال أهل البيان: المجاز إن كانت العلاقة فيه غير المشابهة فمجاز مرسل وإلّا فاستعارة.
فالاستعارة على هذا هو اللفظ المستعمل فيما شبّه بمعناه الأصلي أي الحقيقي، ولما سبق في تعريف الحقيقة اللغوية أن استعمال اللفظ لا يكون إلّا بإرادة المعنى منه، فإذا أطلق نحو المشفر على شفة الإنسان وأريد تشبيهها بمشفر الإبل في الغلظ فهو استعارة، وإن أريد أنّه إطلاق المقيّد على المطلق كإطلاق المرسن على الأنف من غير قصد إلى التشبيه فمجاز مرسل، فاللفظ الواحد بالنسبة إلى المعنى الواحد يجوز أن يكون استعارة وأن يكون مجازا مرسلا باعتبارين، ولا يخفى أنك إذا قلت: رأيت مشفر زيد، وقصدت الاستعارة، وليس مشفره غليظا، فهو حكم كاذب، بخلاف ما إذا كان مجازا مرسلا. وكثيرا ما يطلق الاستعارة على فعل المتكلّم أعني استعمال اسم المشبّه به في المشبّه. والمراد بالاسم ما يقابل المسمّى أعني اللفظ لا ما يقابل الفعل والحرف. فالاستعارة تكون بمعنى المصدر فيصحّ منه الاشتقاق، فالمتكلّم مستعير واللفظ المشبّه به مستعار، والمعنى المشبّه به مستعار منه، والمعنى المشبّه مستعار له، هكذا في الــأطول وأكثر كتب هذا الفن.
وزاد صاحب كشف البزدوي ما يقع به الاستعارة وهو الاتصال بين المحلّين لكن في الاتقان أركان الاستعارة ثلاثة: مستعار وهو اللفظ المشبّه به، ومستعار منه وهو اللفظ المشبّه، ومستعار له وهو المعنى الجامع. وفي بعض الرسائل المستعار منه في الاستعارة بالكناية هو المشبّه على مذهب السكاكي انتهى.
ثم قال صاحب الاتقان بعد تعريف الاستعارة بما سبق، قال بعضهم: حقيقة الاستعارة أن تستعار الكلمة من شيء معروف بها إلى شيء لم يعرف بها، وحكمة ذلك إظهار الخفي وإيضاح الظاهر الذي ليس بجليّ، أو حصول المبالغة أو المجموع. مثال إظهار الخفي: وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ فإنّ حقيقته وإنّه في أصل الكتاب فاستعير لفظ الأم للأصل لأن الأولاد تنشأ من الأم كما تنشأ الفروع من الأصول، وحكمة ذلك تمثيل ما ليس بمرئي حتى يصير مرئيا فينتقل السامع من حدّ السّماع إلى حدّ العيان، وذلك أبلغ في البيان. ومثال إيضاح ما ليس بجليّ ليصير جليّا: وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِ فإن المراد منه أمر الولد بالذلّ لوالديه رحمة فاستعير للذّلّ أولا جانب ثم للجانب جناح، أي اخفض جانب الذلّ أي اخفض جانبك ذلّا؛ وحكمة الاستعارة في هذا جعل ما ليس بمرئي مرئيا لأجل حسن البيان.
ولمّا كان المراد خفض جانب الولد للوالدين بحيث لا يبقى الولد من الذلّ لهما والاستكانة متمكنا، احتيج في الاستعارة إلى ما هو أبلغ من الأولى، فاستعير لفظ الجناح لما فيه من المعاني التي لا تحصل من خفض الجانب، لأن من يميل جانبه إلى جهة السّفل أدنى ميل صدق عليه أنّه خفض جانبه، والمراد خفض يلصق الجنب بالأرض ولا يحصل ذلك إلّا بذكر الجناح كالطائر. ومثال المبالغة: وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً أي فجّرنا عيون الأرض، ولو عبّر بذلك لم يكن فيه من المبالغة ما في الأول المشعر بأن الأرض كلها صارت عيونا. انتهى.

فائدة:
اختلفوا في الاستعارة أهي مجاز لغوي أو عقلي، فالجمهور على أنها مجاز لغوي لكونها موضوعة للمشبّه به لا للمشبّه ولا لأعمّ منهما.
وقيل إنها مجاز عقلي لا بمعنى إسناد الفعل أو معناه إلى ما هو له بتأوّل، بل بمعنى أنّ التصرّف فيها في أمر عقلي لا لغوي لأنها لم تطلق على المشبّه إلّا بعد ادّعاء دخوله في جنس المشبّه به فكان استعمالها فيما وضعت له، لأن مجرد نقل الاسم لو كان استعارة لكانت الأعلام المنقولة كيزيد ويشكر استعارة، وردّ بأن الادعاء لا يقتضي أن تكون مستعملة فيما وضعت له للعلم الضروري بأن الأسد مثلا موضوع للسبع المخصوص، وفي صورة الاستعارة مستعمل في الرجل الشجاع، وتحقيق ذلك أنّ ادعاء دخوله في جنس المشبّه به مبني على أنه جعل أفراد الأسد بطريق التأويل قسمين: أحدهما المتعارف وهو الذي له غاية الجرأة ونهاية القوّة في مثل تلك الجثة وتلك الأنياب والمخالب إلى غير ذلك. والثاني غير المتعارف وهو الذي له تلك الجرأة وتلك القوة، لكن لا في تلك الجثة والهيكل المخصوص، ولفظ الأسد إنما هو موضوع للمتعارف، فاستعماله في غير المتعارف استعمال في غير ما وضع له، كذا في المطول.

وقال صاحب الــأطول: ويمكن أن يقال: إذا قلت: رأيت أسدا وحكمت برؤية رجل شجاع يمكن فيه طريقان: أحدهما أن يجعل الأسد مستعارا لمفهوم الرجل الشجاع، والثاني أن يستعمل فيما وضع له الأسد ويجعل مفهوم الأسد آلة لملاحظة الرجل الشجاع، ويعتبر تجوّزا عقليا في التركيب التقييدي الحاصل من جعل مفهوم الأسد عنوانا للرجل الشجاع، فيكون التركيب بين الرجل الشجاع ومفهوم الأسد مبنيا على التجوّز العقلي، فلا يكون هناك مجاز لغوي. ألا ترى أنه لا تجوّز لغة في قولنا: لي نهار صائم فقد حقّ القول بأنه مجاز عقلي ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

فائدة:
الاستعارة تفارق الكذب بوجهين: بالبناء على التأويل، وبنصب القرينة على إرادة خلاف الظاهر.
التقسيم
للاستعارة تقسيمات باعتبارات: الأول باعتبار الطرفين أي المستعار منه والمستعار له إلى وفاقية وعنادية، لأن اجتماع الطرفين في شيء إمّا ممكن وتسمّى وفاقية لما بين الطرفين من الموافقة نحو أحييناه في قوله تعالى: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ أي ضالّا فهديناه، استعار الإحياء من معناه الحقيقي وهو جعل الشيء حيّا للهداية التي هي الدلالة على طريق يوصل إلى المطلوب؛ والإحياء والهداية مما يمكن اجتماعهما في شيء. وإمّا ممتنع وتسمّى عنادية لتعاند الطرفين كاستعارة الميّت في الآية للضالّ إذ لا يجتمع الموت مع الضلال. ومنها أي من العنادية التهكّمية والتمليحية، وهما الاستعارة التي استعملت في ضدّ معناها الحقيقي أو نقيضه تنزيلا للتضادّ والتناقض منزلة التناسب بواسطة تمليح أو تهكّم نحو: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ أي أنذرهم، استعيرت البشارة التي هي الإخبار بما يظهر سرورا في المخبر به للإنذار الذي هو ضدّها بإدخال الإنذار في جنس البشارة على سبيل التهكّم، وكذا قولك: رأيت أسدا وأنت تريد جبانا على سبيل التمليح والظرافة. والاستهزاء الثاني باعتبار الجامع إلى قسمين لأن الجامع إمّا غير داخل في مفهوم الطرفين كما في استعارة الأسد للرجل الشجاع، فإن الشجاعة خارجة عن مفهوم الطرفين، وإمّا داخل في مفهوم الطرفين نحو قوله عليه السلام:
«خير الناس رجل يمسك بعنان فرسه كلّما سمع هيعة طار إليها، أو رجل في شعفة في غنيمة له يعبد الله حتى يأتيه الموت». الهيعة الصوت المهيب، والشّعفة رأس الجبل. والمعنى خير الناس رجل أخذ بعنان فرسه واستعدّ للجهاد، أو رجل اعتزل الناس وسكن في رأس جبل في غنم له قليل يرعاها ويكتفي بها في أمر معاشه ويعبد الله حتى يأتيه الموت. استعار الطّيران للعدو والجامع وهو قطع المسافة بسرعة داخل في مفهومهما. وأيضا باعتبار الجامع إمّا عامّية وهي المبتذلة لظهور الجامع فيها نحو: رأيت أسدا يرمي، أو خاصيّة وهي الغريبة أي البعيدة عن العامة. والغرابة قد تحصل في نفس الشّبه كما في قول يزيد بن مسلمة يصف فرسا بأنّه مؤدّب وأنّه إذا نزل عنه صاحبه وألقى عنانه في قربوس سرجه أي مقدّم سرجه وقف على مكانه حتى يعود إليه. قال الشاعر:
واذا احتبى قربوسه بعنانه علك الشكيم إلى انصراف الزائر علك أي مضغ والشكيم اللّجام، وأراد بالزائر نفسه، فاستعار الاحتباء وهو أن يجمع الرجل ظهره وساقيه بثوب أو غيره لوقوع العنان في قربوس السّرج، فصارت الاستعارة غريبة لغرابة التشبيه. وقد تحصل الغرابة بتصرّف في العامّية نحو قوله:
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا وسالت بأعناق المطيّ الأباطح والأباطح جمع أبطح وهو مسيل الماء فيه دقاق الحصى، أي أخذت المطايا في سرعة المضي. استعار سيلان السيول الواقعة في الأباطح لسير الإبل سيرا سريعا في غاية السرعة المشتملة على لين وسلاسة، والتشبيه فيها ظاهر عامي، وهو السرعة لكن قد تصرف فيه بما أفاده اللطف والغرابة، إذ أسند سالت إلى الأباطح دون المطيّ وأعناقها حتى أفاد أنه امتلأت الأباطح من الإبل، وأدخل الأعناق في السير حيث جعلت الأباطح سائلة مع الأعناق، فجعل الأعناق سائرة إشارة إلى أنّ سرعة سير الإبل وبطؤه إنما يظهران غالبا في الأعناق.
الثالث باعتبار الثلاثة، أي المستعار منه والمستعار له والجامع إلى خمسة أقسام:
الأول استعارة محسوس لمحسوس بوجه محسوس نحو: وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً فالمستعار منه هو النار، والمستعار له هو الشيب، والوجه أي الجامع هو الانبساط الذي هو في النار أقوى، والجميع حسّي، والقرينة هو الاشتعال الذي هو من خواص النار، وهو أبلغ مما لو قيل: اشتعل شيب الرأس لإفادته عموم الشيب لجميع الرأس.
والثاني استعارة محسوس لمحسوس بوجه عقلي، نحو: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فالمستعار منه السّلخ الذي هو كشط الجلد عن نحو الشاة، والمستعار له كشف الضوء عن مكان الليل وهما حسّيان، والجامع ما يعقل من ترتّب أمر على آخر، كترتّب ظهور اللحم على الكسط وترتّب ظهور الظلمة على كشف الضوء عن مكان الليل، والترتّب أمر عقلي؛ قال ابن أبي الإصبع: هي ألطف من الأولى.
والثالث استعارة معقول لمعقول بوجه عقلي؛ قال ابن ابي الإصبع: هي ألطف الاستعارات نحو: مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا فإن المستعار منه الرقاد أي النوم والمستعار له الموت والجامع عدم ظهور الفعل، والكلّ عقلي.
الرابع استعارة محسوس لمعقول بوجه عقلي نحو: مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ استعير المسّ وهو صفة في الأجسام وهو محسوس لمقاساة الشّدّة، والجامع اللحوق، وهما عقليان.
الخامس استعارة معقول لمحسوس والجامع عقلي نحو: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ المستعار منه التكبّر وهو عقلي والمستعار له كثرة الماء وهو حسّي، والجامع الاستعلاء وهو عقلي أيضا. هذا هو الموافق لما ذكره السكاكي، وزاد الخطيب قسما سادسا وهو استعارة محسوس لمحسوس والجامع مختلف بعضه حسّي وبعضه عقلي، كقولك رأيت شمسا وأنت تريد إنسانا كالشمس في حسن الطلعة ونباهة الشأن، فحسن الطلعة حسّي ونباهة الشأن عقلية ومعنى الحسّي والعقلي قد مرّ في التشبيه الرابع باعتبار اللفظ إلى قسمين لأن اللفظ المستعار إن كان اسم جنس فاستعارة أصلية كأسد وقتل للشجاع والضرب الشديد، وإلّا فاستعارة تبعية كالفعل والمشتقّات وسائر الحروف.
والمراد باسم الجنس ما دلّ على نفس الذّات الصالحة لأن تصدق على كثيرين من غير اعتبار وصف من الأوصاف، والمراد بالذات ما يستقلّ بالمفهومية. وقولنا من غير اعتبار وصف أي من غير اعتبار وصف متعلّق بهذا الذات فلا يتوهّم الإشكال بأنّ الفعل وصف وهو ملحوظ فدخل علم الجنس في حدّ اسم الجنس، وخرج العلم الشخصي والصفات وأسماء الزمان والمكان والآلة. ثم المراد باسم الجنس أعمّ من الحقيقي، والحكمي أي المتأوّل باسم الجنس نحو حاتم فإن الاستعارة فيه أصلية، وفيه نظر لأن الحاتم مأوّل بالمتناهي في الجود فيكون متأوّلا بصفة، وقد استعير من مفهوم المتناهي في الجود لمن له كمال جود فيكون ملحقا بالتبعية دون الأصلية. وأجيب بأنّ مفهوم الحاتم وإن تضمّن نوع وصفية لكنه لم يصر به كليّا بل اشتهر ذاته المشخصة بوصف من الأوصاف خارج عن مدلوله كاشتهار الأجناس بأوصافها الخارجة عن مفهوماتها بخلاف الأسماء المشتقّة فإن المعاني المصدرية المعتبرة فيها داخلة في مفهوماتها الأصلية فلذلك كانت الأعلام المشتهرة بنوع وصفية ملحقة بأسماء الأجناس دون الصفات.
والحاصل أنّ اسم الجنس يدلّ على ذات صالحة للموصوفية مشتهرة بمعنى يصلح أن يكون وجه الشبه، وكذا العلم إذا اشتهر بمعنى، فالاستعارة فيهما أصلية والأفعال والحروف لا تصلح للموصوفية وكذا المشتقات.
وإنما كانت استعارة الفعل وما يشتق منه والحرف تبعية لأنّ الفعل والمشتقات موضوعة بوضعين: وضع المادة والهيئة فإذا كان في استعاراتها لا تتغير معاني الهيئات فلا وجه لاستعارة الهيئة، فالاستعارة فيها إنما هي باعتبار موادّها، فيستعار مصدرها ليستعار موادّها تبعية استعارة المصدر، وكذا إذا استعير الفعل باعتبار الزمان كما يعبر عن المستقبل بالماضي تكون تبعية لتشبيه الضّرب في المستقبل مثلا بالضرب في الماضي في تحقق الوقوع، فيستعار له ضرب، فاستعارة الهيئة ليست بتبعية استعارة المصدر، بل اللفظ بتمامه مستعار بتبعية استعارة الجزء، وكذا الحروف، فإن الاستعارة فيها تجري أولا في متعلق معناها وهو هاهنا ما يعبّر عنها به عند تفسير معانيها، كقولنا: من معناه الابتداء وإلى معناه الانتهاء نحو: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً شبّه ترتّب العداوة والحزن على الالتقاط بترتّب علته الغائية عليه، ثم استعير في المشبه اللّام الموضوعة للمشبّه به فيكون الاستعارة في اللّام تبعا للاستعارة في المجرور.
ثم اعلم أنّ الاستعارة في الفعل على قسمين: أحدهما أن يشبّه الضرب الشديد مثلا بالقتل ويستعار له اسمه ثم يشتق منه قتل بمعنى ضرب ضربا شديدا، والثاني أن يشبّه الضرب في المستقبل بالضرب في الماضي مثلا في تحقق الوقوع فيستعمل فيه ضرب فيكون المعنى المصدري أعني الضرب موجودا في كلّ من المشبّه والمشبّه به، لكنه قيّد في كل واحد منهما بقيد مغاير للآخر فصحّ التشبيه لذلك، كذا أفاده المحقق الشريف. لكن ذكر العلامة عضد الملة والدين في الفوائد الغياثية أنّ الفعل يدلّ على النسبة ويستدعي حدثا وزمانا، والاستعارة متصوّرة في كلّ واحد من الثلاثة، ففي النسبة كهزم الأمير الجند، وفي الزمان كنادى أصحاب الجنّة، وفي الحدث نحو فبشّرهم بعذاب أليم، انتهى؛ وذلك لأن الفعل قد يوضع للنسبة الإنشائية نحو اضرب وهي مشتهرة بصفات تصلح لأن يشبه بها كالوجوب، وقد يوضع للنسبة الإخبارية وهي مشتهرة بالمطابقة واللامطابقة، ويستعار الفعل من أحدهما للآخر كاستعارة رحمه الله لا رحمه، واستعارة فليتبوّأ في قوله عليه السلام «من تبوّأ عليّ الكذب فليتبوّأ مقعده على النار» للنسبة الاستقبالية الخبرية فإنه بمعنى يتبوّأ مقعده من النار، صرّح به في شرح الحديث، وردّه صاحب الــأطول بأنّ النسبة جزء معنى الفعل فلا يستعار عنها، بخلاف المصدر فإنه لا يستعار من معناه الفعل بل يستعار من معناه نفس المصدر ويشتق منه الفعل، ولا يمكن مثله في النسبة، فالحقّ عدم جريانها في النسبة كما قاله السيد السّند.

فائدة:
قال الفاضل الچلپي: القوم إنما تعرّضوا للاستعارة التبعية المصرّحة، والظاهر تحقق الاستعارة التبعية المكنيّة كما في قولك: أعجبني الضارب دم زيد، ولعلهم لم يتعرضوا لها لعدم وجدانهم إياها في كلام البلغاء.

فائدة:
لم يقسموا المجاز المرسل إلى الأصلي والتبعي على قياس الاستعارة لكن ربما يشعر بذلك كلامهم. قال في المفتاح: ومن أمثلة المجاز قوله تعالى: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ استعمل قرأت مكان أردت القراءة لكون القراءة مسبّبة من إرادتها استعمالا مجازيا، يعني استعمال المشتقّ بتبعية المشتقّ منه، كذا في شرح بعض رسائل الاستعارة.
الخامس باعتبار المقارنة بما يلائم شيئا من الطرفين وعدمها إلى ثلاثة أقسام: أحدها المطلقة وهي ما لم يقترن بصفة ولا تفريع مما يلائم المستعار له أو المستعار منه، نحو عندي أسد، والمراد بالاقتران بما يلائم الاقتران بما يلائم مما سوى القرينة، وإلّا فالقرينة مما يلائم المستعار له، فلا يوجد استعارة مطلقة، والمراد بالصفة المعنويّة لا النعت النحوي، والمراد بالتفريع ما يكون إيراده فرع الاستعارة سواء ذكر على صورة التفريع وهو تصديره بالفاء أو لا، وثانيها المجرّدة وهي ما قرن بما يلائم المستعار له، وينبغي أن يقيّد ما يلائم المستعار له بأن لا يكون فيه تبعيد الكلام عن الاستعارة وتزييف لدعوى الاتحاد إذ ذكروا أنّ في التجريد كثرة المبالغة في التشبيه كقوله تعالى: فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ فإنّ الإذاقة تجريد اللباس المستعار لشدائد الجوع والخوف بعلاقة العموم لجميع البدن عموم اللباس، ولذا اختاره على طعم الجوع الذي هو أنسب بالإذاقة. وإنما كانت الإذاقة من ملائمات المستعار له مع أنه ليس الجوع والخوف من المطعومات لأنه شاعت الإذاقة في البلايا والشدائد وجرت مجرى الحقيقة في إصابتها، فيقولون ذاق فلان البؤس والضرّ، وأذاقه العذاب، شبّه ما يدرك من أثر الضرّ والألم بما يدرك من طعم المرّ والبشع، واختار التجريد على الترشيح، ولم يقل فكساها الله لباس الجوع والخوف لأن الإدراك بالذوق يستلزم الإدراك باللمس من غير عكس، فكان في الإذاقة إشعار بشدة الإصابة ليست في الكسوة. وثالثها المرشّحة وتسمّى الترشيحية أيضا وهي ما قرن بما يلائم المستعار منه نحو:
أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ فإنه استعار الاشتراء للاستبدال والاختيار، ثم فرّع عليها ما يلائم الاشتراء من فوت الرّبح واعتبار التجارة. ثم أنهم لم يلتفتوا إلى ما يقرن بما يلائم المستعار له في الاستعارة بالكناية مع أنه أيضا ترشيح لأنه ليس هناك لفظ يسمّى استعارة، بل تشبيه محض، وكلامهم في الاستعارة المرشّحة التي هي قسم من المجاز لا في ترشيح يشتمل ترشيح الاستعارة والتشبيه المضمر في النفس. وأما عدم التفات السكّاكي فيوهم ما ليس عنده وهو أنّ المرشّحة من أقسام الاستعارة المصرّحة، إذ التحقيق أنّ الاستعارة بالكناية إذا زيد فيها على المكنيّة ما يلائمها تصير مرشّحة عنده، كذا في الاطول.

فائدة:
قال أبو القاسم: تقسيمهم الاستعارة المصرّحة إلى المجردة والمرشحة يشعر بأنّ الترشيح والتجريد إنما يجريان في الاستعارة المصرّح بها دون المكنيّ عنها، والصواب أنّ ما زاد في المكنية على قرينتها أعني إثبات لازم واحد يعدّ ترشيحا لها؛ ثم التجريد والترشيح إنما يكونا بعد تمام الاستعارة، فلا يعدّ قرينة المصرح بها تجريدا ولا قرينة المكني عنها ترشيحا، انتهى.

فائدة:
قال صاحب الــأطول: إذا اجتمع ملائمان للمستعار له فهل يتعيّن أحد للقرينة أو الاختيار إلى السامع يجعل أيهما شاء قرينة والآخر تجريدا؟ قال بعض الأفاضل: ما هو أقوى دلالة على الإرادة للقرينة والآخر للتجريد. ونحن نقول أيهما سبق في الدلالة على المراد قرينة والآخر تجريد، كيف لا والقرينة ما نصب للدّلالة على المراد، وقد سبق أحد الأمرين في الدلالة، فلا معنى لنصب اللاحق، والاوجه أنّ كلّا من الملائمين المجتمعين إن صلح قرينة فقرينة، ومع ذلك الاستعارة مجرّدة، ولا تقابل بين المجرّدة ومتعددة القرينة، بل كل متعددة القرينة مجرّدة.

فائدة:
قد يجتمع التجريد والترشيح كقول زهير:
لدى أسد شاكي السلاح مقذّف له لبد أظفاره لم تقلّم ووجه اجتماعهما صرف دعوى الاتحاد إلى المشبّه المقارن بالصفة والتفريع والمشبّه به حتى يستدعى الدعوى ثبوت الملائم للمشبه به أيضا.

فائدة:
الترشيح أبلغ من التجريد والإطلاق ومن جمع الترشيح والتجريد لاشتماله على تحقيق المبالغة في ظهور العينية التي هي توجب كمال المبالغة في التشبيه، فيكون أكثر مبالغة وأتمّ مناسبة بالاستعارة، وكذا الإطلاق أبلغ من التجريد. ومبنى الترشيحية على أن المستعار له عين المستعار منه لا شيء شبيه به.

فائدة:
في شرح بعض رسائل الاستعارة الترشيح يجوز أن يكون باقيا على حقيقته تابعا في الذّكر للتعبير عن الشيء بلفظ الاستعارة ولا يقصد به إلّا تقويتها، كأنّه نقل لفظ المشبه به مع رديفه إلى المشبّه، ويجوز أن يكون مستعارا من ملائم المستعار منه لملائم المستعار له، ويكون ترشيح الاستعارة بمجرد أنه عبّر عن ملائم المستعار له بلفظ موضوع لملائم المستعار منه. هذا ولا يخفى أنّ هذا لا يخصّ بكون لفظ ملائم المستعار منه مستعارا، بل يتحقّق الترشيح بذلك التعبير على وجه الاستعارة كان أو على وجه المجاز المرسل، إمّا للملائم المذكور أو للقدر المشترك بين المشبّه والمشبّه به، وأنّه يحتمل مثل ذلك في التجريد أيضا، ويحتمل تلك الوجوه قوله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ حيث استعير الحبل للعهد في أن يكون وسيلة لربط شيء لشيء، وذكر الاعتصام وهو التمسك بالحبل ترشيحا إما باقيا على معناه للوثوق بالعهد أو مجازا مرسلا في الوثوق بالعهد، لعلاقة الإطلاق والتقييد فيكون مجازا مرسلا بمرتبتين، أو في الوثوق، كأنه قيل ثقوا بعهد الله، وحينئذ كلّ من الترشيح والاستعارة ترشيح للآخر.
السادس باعتبار أمر آخر إلى أربعة أقسام:
تصريحية ومكنية وتحقيقية وتخييلية. فالتصريحية وتسمّى بالمصرّحة أيضا هي التي ذكر فيها المشبّه به. والمكنية ما يقابلها وتسمّى الاستعارة بالكناية أيضا. اعلم أنه اتفقت كلمة القوم على أنه إذا لم يذكر من أركان تشبيه شيء بشيء سوى المشبّه وذكر معه ما يخصّ المشبّه به كان هناك استعارة بالكناية واستعارة تخييلية، كقولنا:
أظفار المنيّة أي الموت نشبت بفلان، لكن اضطربت أقوالهم في تشخيص المعنيين اللذين يطلق عليهما هذان اللفظان. ومحصّل ذلك يرجع إلى ثلاثة أقوال: أحدها ما ذهب إليه القدماء وهو أنّ المستعار بالكناية لفظ المشبه به المستعار للمشبه في النفس المرموز إليه بذكر لازمه من غير تقدير في نظم الكلام، وذكر اللازم قرينة على قصده من غرض وإثبات ذلك اللازم للمشبّه استعارة تخييلية. ففي المثال المذكور الاستعارة بالكناية السبع المستعار للمنيّة الذي لم يذكر اعتمادا على أنّ إضافة الأظفار إلى المنيّة تدل على أن السبع مستعار لها.
والاستعارة التخييلية إثبات الأظفار للمنية، فحينئذ وجه تسميتها بالمكنية وبالاستعارة بالكناية ظاهر لأنها استعارة بالمعنى المصطلح ومتلبسة بالكناية بالمعنى اللغوي، أي الخفاء، وكذا تسميتها بالتخييلية لاستلزامها استعارة لازم المشبه به للمشبّه، وتخييل أنّ المشبّه من جنس المشبّه به. وثانيها ما ذهب إليه السكّاكي صريحا حيث قال: الاستعارة بالكناية لفظ المشبّه المستعمل في المشبّه به ادعاء أي بادعاء أنه عينه بقرينة استعارة لفظ هو من لوازم المشبّه به بصورة متوهّمة متخيّلة شبيهة به أثبتت للمشبّه، فالمراد بالمنيّة عنده هو السبع بادعاء السبعية لها وإنكار أن تكون شيئا غير السبع بقرينة إضافة الأظفار التي من خواص السبع إليها. ولا خفاء في أن تسميتها بالاستعارة بالكناية أو المكنية غير ظاهر حينئذ، وفي جعله إياها قسما من الاستعارة التي هي قسم من المجاز، وجعل إضافة الأظفار قرينة الاستعارة نظرا لأنّ لفظ المشبه فيها هو المستعمل في ما وضع له تحقيقا، والاستعارة ليست كذلك. واختار السكّاكي ردّ التبعية إلى المكني عنها بجعل قرينتها استعارة بالكناية وجعلها أي التبعية قرينة لها، على عكس ما ذكره القوم في مثل نطقت الحال من أنّ نطقت استعارة لدلّت والحال قرينة لها. هذا ولكن في كون ذلك مختار السكاكي نظرا لأنه قال في آخر بحث الاستعارة التبعية:
هذا ما أمكن من تلخيص كلام الأصحاب في هذا الفصل، ولو أنهم جعلوا قسم الاستعارة التبعية من قسم الاستعارة بالكناية بأن قلبوا، فجعلوا في قولهم نطقت الحال هكذا الحال التي ذكرها عندهم قرينة الاستعارة بالتصريح استعارة بالكناية عن المتكلّم بواسطة المبالغة في التشبيه على مقتضى المقام، وجعلوا نسبة النطق إليه قرينة الاستعارة، كما تراهم في قولهم: وإذا المنيّة انشبت أظفارها، يجعلون المنيّة استعارة بالكناية عن السبع ويجعلون إثبات الأظفار لها قرينة الاستعارة لكان أقرب إلى الضبط فتدبر، انتهى كلامه. وهو صريح في أنه ردّ التبعية إلى المكْنية على قاعدة القوم، فحينئذ لا حاجة له إلى استعارة قرينة المكنية لشيء حتى تبقى التبعية مع ذلك بحالها، ولا يتقلّل الأقسام بهذا أيضا.
فإن قلت لم يجعل السلف المكنية المشبّه المستعمل في المشبّه به كما اعتبره في هذا الرّدّ، فكيف يتأتى لك توجيه كلامه بأنّ ردّه على قاعدة السلف من غير أن يكون مختارا له؟

قلت: لا شبهة فيما ذكرنا والعهدة عليه في قوله، كما تراهم في قولهم: وإذا المنية أنشبت أظفارها، يجعلون المنية استعارة بالكناية، ولا يضرّنا فيما ذكرنا من توجيه كلامه.
وأما التخييلية عند السكاكي فما سيأتي.
وثالثها ما ذهب إليه الخطيب وهي التشبيه المضمر في النفس الذي لم يذكر شيء من أركانه سوى المشبّه ودل عليه أي على ذلك التشبيه بأن يثبت للمشبه أمر مختصّ بالمشبه به من غير أن يكون هناك أمر متحقق حسّا وعقلا يجري عليه اسم ذلك الأمر، ويسمّى إثبات ذلك الأمر استعارة تخييلية، والمراد بالتشبيه التشبيه اللغوي لا الاصطلاحي، فلا يردّ أن ذكر المشبّه به واجب البتة في التشبيه، وإنما قيل: ودلّ عليه الخ ليشتمل زيدا في جواب من يشبه الأسد؛ وعلى هذا التسمية بالاستعارة غير ظاهر وإن كان كونها كناية غير مخفي. وبالجملة ففي المكنية ثلاثة أقوال، وفي التخييلية قولان: أحدهما قول السكاكي كما يجيء، والآخر قول غيره. وعلى هذا المذهب الثالث كلّ من لفظي الأظفار والمنيّة في المثال المذكور حقيقتان مستعملتان في المعنى الموضوع له، وليس في الكلام مجاز لغوي، وإنما المجاز هو إثبات شيء لشيء ليس هو له، وعلى هذا هو عقلي كإثبات الإنبات للربيع. والاستعارة بالكناية والتخييلية أمران معنويان، وهما فعلا المتكلم، ويتلازمان في الكلام لأن التخييلية يجب أن تكون قرينة للمكنية البتة، وهي يجب أن تكون قرينة للتخيلية البتة.

فائدة:
قال صاحب الــأطول: ومن غرائب السوانح وعجائب اللوائح أن الاستعارة بالكناية فيما بين الاستعارات معلومة مبنية على التشبيه المقلوب لكمال المبالغة في التشبيه، فهو أبلغ من المصرّحة، فكما أنّ قولنا السبع كالمنيّة تشبيه مقلوب يعود الغرض منه إلى المشبّه به، كذلك أنشبت المنية أظفارها استعارة مقلوبة استعير بعد تشبيه السبع بالمنية المنية للسبع الادعائي، وأريد بالمنية معناها بعد جعلها سبعا تنبيها على أنّ المنيّة بلغت في الاغتيال مرتبة ينبغي أن يستعار للسبع عنها اسمها دون العكس، فالمنية وضعت موضع السبع، لكن هذا على ما جرى عليه السكاكي.
والتحقيقية هي ما يكون المشبّه متحققا حسّا أو عقلا نحو: رأيت أسدا يرمي، فإنّ الأسد مستعار للرجل الشجاع وهو أمر متحقق حسّا، ونحو: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ أي الدين الحقّ وهو أمر متحقق عقلا لا حسّا. أما التخييلية فعند غير السكّاكي ما مرّ، وأما عند السكّاكي فهي استعارة لا تحقّق لمعناها حسّا ولا عقلا، بل معناها صورة وهمية محضة.
ولما كان عدم تحقّق المعنى لا حسّا ولا عقلا شاملا لما لم يتعلّق به توهّم أيضا أضرب عنه بقوله بل معناها إلخ، والمراد بالصورة ذو الصورة فإن الصورة جاءت بهذا المعنى أيضا.
والمراد بالوهمية ما يخترعه المتخيلة بأعمال الوهم إياه فإن للإنسان قوة لها تركيب المتفرّقات وتفريق المركّبات إذا استعملها العقل تسمّى مفكرة وإذا استعملها الوهم تسمّى متخيّلة. ولما كان حصول هذا المعنى المستعار له بأعمال الوهم سمّيت استعارة تخييلية، ومن لم يعرفه قال المناسب حينئذ أن تسمّى توهمية، وعدّ التسمية بتخييلية من أمارات تعسّف السكّاكي وتفسيره، وإنما وصف الوهمية بقوله محضة أي لا يشوبها شيء من التحقق الحسّي والعقليّ للفرق بينه وبين اعتبار السلف، فإن أظفار المنية عندهم أمر متحقق شابه توهّم الثبوت للمنية، وهناك اختلاط توهّم وتحقق بخلاف ما اعتبره فإنه أمر وهميّ محض لا تحقّق له لا باعتبار ذاته ولا باعتبار ثبوته، فتعريفه هذا صادق على لفظ مستعمل في صورة وهمية محضة من غير أن تجعل قرينة الاستعارة، بخلاف تفسير السلف والخطيب فإنها لا تنفك عندهم عن الاستعارة بالكناية. وقد صرّح به حيث مثّل للتخييلية بأظفار المنية الشبيهة بالسبع أهلكت فلانا، والسلف والخطيب إمّا أن ينكروا المثال ويجعلوه مصنوعا أو يجعلوا الأظفار ترشيحا لتشبيه لا استعارة تخييلية. وردّ ما ذكره بأنه يقتضي أن يكون الترشيح استعارة تخييلية للزوم مثل ما ذكره فيه مع أنّ الترشيح ليس من المجاز والاستعارة، وأجيب بأن الأمر الذي هو من خواصّ المشبّه به لمّا قرن في التخييلية بالمشبّه كالمنيّة مثلا حملناه على المجاز وجعلناه عبارة عن أمر متوهّم يمكن إثباته للمشبّه، وفي الترشيح لمّا قرن بلفظ المشبّه به لم يحتج إلى ذلك لأنه جعل المشبّه به هو هذا المعنى مع لوازمه. فإذا قلنا: رأيت أسدا يفترس أقرانه ورأيت بحرا يتلاطم أمواجه، فالمشبه به هو الأسد الموصوف بالافتراس الحقيقي والبحر الموصوف بالتلاطم الحقيقي، بخلاف أظفار المنيّة فإنها مجاز عن الصورة الوهمية ليصحّ إضافتها إلى الوهمية ليصح إضافتها إلى المنيّة.
ومحصّله أنّ حفظ ظاهر إثبات لوازم المشبه به للمشبه يدعو إلى جعل الدالّ على اللازم استعارة لما يصحّ إثباته للمشبّه ولا يحتاج إلى تجوّز في ذلك الإثبات، وليس هذا الداعي في الترشيح لأنه أثبت للمشبّه به فلا وجه لجعله مجازا، ولا يلزم عدم خروج الترشيح عن الاستعارة وعدم زيادته عليها لأنه فرّق بين المقيد والمجموع والمشبّه به هو الموصوف والصفة خارجة عنه لا المجموع المركب منهما، وأيضا معنى زيادته أن الاستعارة تامة بدونه.
ويردّ على هذا أنّ الترشيح كما يكون في المصرّحة يكون في المكنية أيضا ففي المكنية لم يقرن المشبّه به فلا تفرقة هناك، ويمكن أن يفرّق بأن التخييلية لو حملت على حقيقتها لا يثبت الحكم المقصود في الكلام للمكني عنها كما عرفت بخلاف المصرّحة فإن قولنا جاءني أسد له لبد، لو أثبت فيه اللبد الحقيقي للأسد المستعمل في الرجل الشجاع مجازا لم يمنع عن إثبات المجيء للأسد، فإن مآله جاءني رجل شجاع لما شبّهه به لبد، لكنه لا يتم في قوله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً فإنه لو أريد الأمر بالاعتصام الحقيقي لفات ما قصد بيانه للعهد، فلا بدّ من جعل الاعتصام استعارة لما يثبت العهد.

فائدة:
التصريحية تعمّ التحقيقية والتخييلية، والكلّ مجاز لغوي ومتباين، هذا عند السكّاكي.
والمكنية داخلة في التحقيقية عند السلف لأنّ اللفظ المستعار المضمر في النفس وهو محقق المعنى. والتصريحية عند الخطيب ترادف التحقيقية وتباين التخييلية لأنها عنده ليست لفظا، فلا تكون محقق المعنى، وكذا تباين المكنية لأنها عنده نفس التشبيه المضمر في النفس فلا تكون محقق المعنى.

فائدة:
في تحقيق قرينة الاستعارة بالكناية ذهب السلف سوى صاحب الكشاف إلى أنّ الأمر الذي أثبت للمشبه من خواصّ المشبه به مستعمل في معناه الحقيقي، وإنما المجاز في الإثبات ويحكمون بعدم انفكاك المكني عنده عنها، وإليه ذهب الخطيب أيضا، وجوّز صاحب الكشاف كون قرينتها استعارة تحقيقية وكذا السكاكي، ووجه الفرق بين ما يجعل قرينة للمكنية ويجعل نفسه تخييلا أو استعارة تحقيقية أو إثباته تخييلا وبين ما يجعل زائدا عليها وترشيحا قوّة الاختصاص بالمشبه به، فأيّهما أقوى اختصاصا وتعلّقا به فهو القرينة وما سواه ترشيح، وكذا الحال بين القرينة والترشيح في الاستعارة المصرّحة، والأظهر أنّ ما يحضر السامع أولا فهو القرينة وما سواه ترشيح، ذلك أن تجعل الجميع قرينة في مقام شدة الاهتمام بالإيضاح، هكذا في شرح بعض رسائل الاستعارة.

فائدة:
في الإتقان أنكر قوم الاستعارة بناء على إنكارهم المجاز، وقوم إطلاقها في القرآن لأن فيها إيهاما للحاجة، ولأنه لم يرد في ذلك إذن الشارع، وعليه القاضي عبد الوهاب المالكي، انتهى. خاتمة
إذا جرى في الكلام لفظة ذات قرينة دالّة على تشبيه شيء بمعناه فهو على وجهين:
أحدهما أن لا يكون المشبّه مذكورا ولا مقدّرا كقولك: لقيت في الحمام أسدا أي رجلا شجاعا، ولا خلاف في أنّ هذا استعارة لا تشبيه. وثانيهما أن يكون المشبّه مذكورا أو مقدّرا وحينئذ فاسم المشبّه به إن كان خبرا عن المشبّه أو في حكم الخبر كخبر باب كان وإنّ والمفعول الثاني لباب علمت والحال والنعت، فالأصح أنه يسمّى تشبيها لا استعارة، لأن اسم المشبّه به إذا وقع هذه المواقع كان الكلام مصوغا لإثبات معناه لما أجري عليه أو نفيه عنه، فإذا قلت زيد أسد فصوغ الكلام لاثبات الأسدية لزيد وهو ممتنع حقيقة، فيحمل على أنه لإثبات شبه من الأسد له، فيكون الإتيان بالأسد لإثبات التشبيه فيكون خليقا بأن يسمّى تشبيها لأن المشبه به إنما جيء به لإفادة التشبيه بخلاف نحو لقيت أسدا، فإنّ الإتيان بالمشبه به ليس لإثبات معناه لشيء بل صوغ الكلام لإثبات الفعل واقعا على الأسد، فلا يكون لإثبات التشبيه، فيكون قصد التشبيه مكنونا في الضمير لا يعرف إلّا بعد نظر وتأمّل.
هذا خلاصة كلام الشيخ في أسرار البلاغة، وعليه جميع المحققين. ومن الناس من ذهب إلى أن الثاني أيضا أعني زيد أسد استعارة لإجرائه على المشبّه مع حذف كلمة التشبيه، والخلاف لفظي مبني على جعل الاستعارة اسما لذكر المشبّه به مع خلوّ الكلام عن المشبّه على وجه ينبئ عن التشبيه أو اسما لذكر المشبّه به لإجرائه على المشبّه مع حذف كلمة التشبيه.
ثم إنه نقل عن أسرار البلاغة أنّ إطلاق الاستعارة في زيد الأسد لا يحسن لأنه يحسن دخول أدوات التشبيه من تغيير بصورة الكلام، فيقال: زيد كالأسد، بخلاف ما إذا كان المشبّه به نكرة نحو زيد أسد، فإنه لا يحسن زيد كأسد، وإلّا لكان من قبيل قياس حال زيد إلى المجهول وهو أسد ما؛ ولهذا يحسن كأنّ زيدا أسد لأن المراد بالخبر العموم فالتشبيه بالنوع لا بفرد، فليس كالتشبيه بالمجهول، وإنما يحسن دخول الكاف بتغيير صورته وجعله معرفة بأن يقال زيد كالأسد، فإطلاق اسم الاستعارة هاهنا لا يبعد، ويقرب الإطلاق مزيد قرب أن يكون النكرة موصوفة بصفة لا تلائم المشبه به نحو فلان بدر يسكن الأرض فإن تقدير أداة التشبيه فيه يحتاج إلى كثرة التغيير، كأن يقال هو كالبدر إلّا أنه يسكن الأرض، وقد يكون في الصلات والصفات التي تجيء في هذا القبيل ما يحول تقدير أداة التشبيه فيه فيشتد استحقاقه لاسم الاستعارة ويزيد قربه منها، كقوله أسد دم الأسد الهزبر خضابه، فإنه لا سبيل إلى أن يقال المعنى إنه كالأسد للتناقض لأن تشبيه بجنس السبع المعروف دليل على أنه دونه أو مثله، وجعل دم الهزبر الذي هو أقوى الجنس خضاب يده دليل على أنه فوقه فليس الكلام مصوغا لإثبات التشبيه بينهما، بل لإثبات تلك الصفة، فالكلام فيه مبني على أنّ كون الممدوح أسدا أمر تقرّر وثبت، وإنما العمل في إثبات الصفة الغريبة. فمحصول هذا النوع من الكلام أنك تدعي حدوث شيء هو من الجنس المذكور إلّا أنه اختص بصفة عجيبة لم يتوهّم جوازها، فلم يكن لتقدير التشبيه فيه معنى. ولقد ضعّف هذا الكلام صاحب الــأطول والمطول وقالا الحقّ أن امثال زيد أسد تشبيه مطلقا، هذا إذا كان اسم المشبّه به خبرا عن اسم المشبّه أو في حكم الخبر وإن لم يكن كذلك نحو لقيت من زيد أسدا ولقيني منه أسد فلا يسمّى استعارة بالاتفاق، لأنه لم يجر اسم المشبه به على المشبه لا باستعماله فيه كما في لقيت أسدا ولا بإثبات معناه له كما في زيد أسد على اختلاف المذهبين، ولا يسمّى تشبيها أيضا لأن الإتيان باسم المشبّه به ليس لإثبات التشبيه إذ لم يقصد الدلالة على المشاركة، وإنما التشبيه مكنون في الضمير، لا يظهر إلّا بعد تأمّل خلافا للسكّاكي فإنه يسمّي مثل ذلك تشبيها، وهذا النزاع أيضا لفظي راجع إلى تفسير التشبيه؛ فمن أطلق الدلالة المذكورة في تعريف التشبيه عن كونها لا على وجه التجريد والاستعارة وعن كونها على وجه التصريح سمّاه تشبيها، ومن قيّده لا. قال صاحب الــأطول ونحن نقول في لقيت من زيد أسدا تجريد أسد من زيد بجعل زيد أسدا وهذا الجعل يتضمّن تشبيه زيد بالأسد حتى صار أسدا بالغا غاية الجنس حتى تجرّد عنه أسد، لكن هذا التشبيه مكنون في الضمير خفيّ لأن دعوى أسديته مفروغ عنها منزلة منزلة أمر متقرّر لا يشوبه شائبة خفاء، ولا يجعل السكّاكي هذا من التشبيه المصطلح، وكذلك يتضمّن التشبيه تجريد الأسد الحقيقي عنه إذ لا يخفى أن المجرد عنه لا يكون إلّا شبه أسد، فينصرف الكلام إلى تجريد الشّبه فهو في إفادة التشبيه بحكم ردّ العقل إلى التشبيه بمنزلة حمل الأسد على المشبّه فهو الذي سمّاه السكّاكي تشبيها، ولا ينبغي أن ينازع فيه معه؛ وكيف لا وهو أيضا في تقدير المشبّه والأداة كأنه قيل لقيت من زيد رجلا كالأسد، ولا تفاوت في ذلك بينه وبين زيد أسد، انتهى. وهاهنا أبحاث تركناها خوفا من الإطناب.

التّرشيح

التّرشيح:
[في الانكليزية] Metaphor ،metonymy ،simile
[ في الفرنسية] Metophore ،metonymie ،comparaison
عند أهل البيان من أهل الفرس يطلق على قسم من الاستعارة كما مرّ. ومن أهل العرب يطلق على معان منها ترشيح التشبيه وهو ذكر ما يلائم المشبّه به كذكر الإنشاب في قولهم أظفار المنية الشبيهة بالسبع أنشبت فلانا. والتخييل وهو إثبات ما يلازم المشبّه به للمشبه كإثبات الأظفار اللازمة للسبع للمنية المشبّه. ومنها ترشيح المجاز اللغوي وهو ذكر ما يلائم المعنى الحقيقي نحو أطولــكنّ في قوله عليه السلام (أسرعكن لحوقا بي أطولــكن يدا) فإنّه ترشيح للمجاز أعني اليد المستعملة في النعمة. ومنها ترشيح المجاز العقلي وهو ذكر ما يلائم ما هو له نحو:
وإذا المنية أنشبت أظفارها لأصبت كلّ تميمة لا تنفع فإنّ ذكر الإنشاب ترشيح لإثبات الأظفار للمنية على مذهب صاحب التلخيص. ومنها ترشيح الاستعارة المصرّحة وهو ذكر ما يلائم المستعار منه ويجب اقترانه بلفظ المشبّه به، وذكر بيانه في ذكر الاستعارة المرشّحة، وكذا ترشيح الاستعارة بالكناية إذ هو أيضا ذكر ما يلائم المستعار منه. فالإنشاب في قولهم إذا المنية أنشبت أظفارها ترشيح للاستعارة بالكناية.
فإن قلت كما أنّ الأظفار من لوازم المشبّه به وهو السبع فكذا الإنشاب، فما وجه جعل إثبات الأول تخييلا وإثبات الثاني ترشيحا؟ قلت إذا اجتمع لازمان للمشبّه به في الكلام فأيهما أقوى اختصاصا وتعلّقا به فإثباته تخييل، وأيهما دونه فإثباته ترشيح. ولا شك أنّ الأظفار أقوى اختصاصا وتعلّقا بالسبع من الإنشاب فيكون إثباته تخييلا وإثبات الإنشاب ترشيحا، هكذا يستفاد مما ذكر أبو القاسم في حاشية المطول في فصل تحقيق الاستعارة بالكناية.
والحقّ في الجواب أنّ الإنشاب ليس لازما للسبع لأنّ لازم الشيء ما يمتنع انفكاكه عنه، والإنشاب يجوز انفكاكه عن السبع لأن الإنشاب فعل من أفعال السبع يمكن أن يفارق عن بعض أفراده وإن كان لازما عادة بالنظر إلى جنس السبع، بخلاف الأظفار كما لا يخفى.
ويؤيد هذا ما ذكر الچلپي في حاشية المطول في خطبة التلخيص في قوله وبه يكشف عن وجوه الإعجاز في نظم القرآن أستارها وهو أنّ الترشيح أن يذكر شيء يلائم المشبّه به إن كان في الكلام تشبيه أو المستعار منه إن كان فيه استعارة أو المعنى الحقيقي إن كان مجازا مرسلا كما في قوله عليه السلام أسرعكن لحوقا بي أطولــكن يدا، فإنّ أطولــكن ترشيح لليد وهي مجاز عن النعمة. والظاهر من شرح الشريف للمفتاح أنّ الترشيح إنما يكون للمجاز اللغوي لا العقلي انتهى. وفي بعض الرسائل المستعار منه عند السّكّاكي في الاستعارة بالكناية هو المشبّه الذي يعبّر عنه غير السكّاكي بالمستعار له انتهى. وأمّا عند غيره فالمستعار منه في الاستعارة بالكناية هو المشبّه به. والمفهوم من الــأطول أنّ الترشيح في الاستعارة بالكناية هو ذكر ما يلائم المستعار له حيث قال ما يقارن بما يلائم المستعار له في الاستعارة بالكناية ترشيح أيضا. ومنها ترشيح الإيهام.

مَجِيء «مِن» الجارة بعد «أفعل التفضيل» المقرون بـ «أل»

مَجِيء «مِن» الجارة بعد «أفعل التفضيل» المقرون بـ «أل»
الأمثلة: 1 - أَنْت الــأَطْوَل من عمرو 2 - إِنَّها الصحيفة الأَكْثَر توزيعًا من غيرها 3 - الأَحْسَن من هذا مكافأته 4 - الأَعْجَب من ذلك أنه يدّعي الأمانة 5 - سَافر أخي الأَكْبَر منّي 6 - هُوَ الأَفْضَل من كل أسرته
الرأي: مرفوضة عند الأكثرين
السبب: لمجيء «مِن» الجارة بعد أفعل التفضيل المقرون بـ «أل».

الصواب والرتبة:
1 - أنت أطول من عمرو [فصيحة]-أنت الــأطول [فصيحة]-أنت الــأطول من عمرو [صحيحة]
2 - إِنَّها الصحيفة الأكثر توزيعًا [فصيحة]-إِنَّها صحيفة أكثر توزيعًا من غيرها [فصيحة]-إِنَّها الصحيفة الأكثر توزيعًا من غيرها [صحيحة]
3 - أَحْسَن من هذا مكافأته [فصيحة]-الأَحْسَن مكافأته [فصيحة]-الأَحْسَن من هذا مكافأته [صحيحة]
4 - أعجب من ذلك أنه يدّعي الأمانة [فصيحة]-الأعجب أنه يدّعي الأمانة [فصيحة]-الأعجب من ذلك أنّه يدّعي الأمانة [صحيحة]
5 - سافر أخي الأكبر [فصيحة]-سافر أخي الأكبر منِّي [صحيحة]
6 - هو أَفْضَل من كلّ أسرته [فصيحة]-هو الأَفْضَل [فصيحة]-هو الأَفْضَل من كل أسرته [صحيحة]
التعليق: القاعدة في أفعل التفضيل المقرون بـ «أل» عدم مجيء «من» ولا المفضل عليه بعده. ولكن جاء على خلاف ذلك قول الأعشى:
ولست بالأكثر منهم حصى
كما يمكن تخريج العبارات المرفوضة على أن «أل» فيها موصولة، والتقدير في المثال الأول: أنت الذي هو أطول من عمرو.

الدّلالة

الدّلالة:
[في الانكليزية] Semantic
[ في الفرنسية] Semantique
بالفتح هي على ما اصطلح عليه أهل الميزان والأصول والعربية والمناظرة أن يكون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر هكذا ذكر الچلپي في حاشية الخيالي في بحث خبر الرسول، والشيء الأوّل يسمّى دالا والشيء الآخر يسمّى مدلولا. والمراد بالشيئين ما يعمّ اللفظ وغيره فتتصور أربع صور. الأولى كون كلّ من الدّال والمدلول لفظا كأسماء الأفعال الموضوعة لألفاظ الأفعال على رأي. والثانية كون الدّال لفظا والمدلول غير لفظ كزيد الدّال على الشخص الإنساني. والثالثة عكس الثانية كالخطوط الدّالة على الألفاظ. والرابعة كون كلّ منهما غير لفظ كالعقود الدّالة على الأعداد.
والمراد بالعلمين الإدراك المطلق الشامل للتصوّر والتصديق اليقيني وغيره فتتصور أربع صور أخرى. الأولى أن يلزم من تصوّر الدال تصوّر المدلول. الثانية أن يلزم من التصديق به التصديق بالمدلول. الثالثة أن يلزم من تصوّره التصديق بالمدلول. الرابعة عكس الثالثة.
والمراد بالشيء الآخر ما يغاير الشيء الأول بالذات كما في الأمثلة السابقة أو بالاعتبار كما في النار والدّخان، فإنّ كلا منهما دال على الآخر ومدلول له. واللزوم إن أريد به اللزوم في الجملة يصير هذا التعريف تعريفا على مذهب أهل العربية والأصول فإنّهم يكتفون باللزوم في الجملة، ولا يعتبرون اللزوم الكلّي فيرجع محصّل التعريف عندهم إلى أنّ الدّلالة كون الشيء بحالة يلزم أي يحصل من العلم به العلم بشيء آخر ولو في وقت. وما قيل إنّ الدلالة عندهم كون الشيء بحيث يعلم منه شيء آخر، فالمراد منه كونه بحيث يحصل من العلم به العلم بشيء آخر في الجملة لأنّه المتبادر من علم شيء من شيء عرفا، فلا يتوجّه أنّه لا يصدق على دلالة أصلا، إذ لا يحصل العلم بالمدلول من نفس الدال، بل من العلم به. وإن أريد به اللزوم الكلّي بمعنى امتناع انفكاك العلم بالشيء الثاني من العلم بالشيء الأول في جميع أوقات تحقّق العلم بالشيء الأول وعلى جميع الأوضاع الممكنة الاجتماع معه يصير تعريفا على مذهب أهل الميزان، إذ المعتبر عندهم هو الدلالة الكلّية الدائمة والمعتبر فيه اللزوم بالمعنى المذكور.
وبالجملة أهل الميزان والأصول وغيرهم متفقون في هذا التفسير وإن اختلفوا في معناه، وهذا مراد الفاضل الچلپي.

فإن قيل: قوله يلزم صفة لقوله حالة وليس فيه عائد يعود إلى الحالة مع أنّ الصفة إذا كانت جملة يلزم فيها من عائد إلى الموصوف، والقول بالتقدير تكلّف. قلنا: العائد لا يجب أن يكون ضميرا بل كون الجملة مفسّرة للموصوف يكفي عائدا إذ المقصود هو الربط وبه يحصل ذلك.
وأورد على تعريف المنطقيين أنّه لا يكاد يوجد دال يستلزم العلم به العلم بشيء آخر بل هو مخيّل في نفسه. وأجيب بأنّ المراد اللزوم بعد العلم بالعلاقة أي بوجه الدلالة أعني الوضع واقتضاء الطبع والعليّة والمعلولية، أو بوجه القرينة كما في دلالة اللفظ على المعنى المجازي، إلّا أنّه ترك ذكر هذا القيد لشهرة الأمر فيما بينهم، ولكون هذا القيد معتبرا عندهم. قال صاحب الــأطول: الصحيح عندهم أن يقال الدلالة كون الشيء بحيث يلزم من العلم به العلم بشيء آخر عند العلم بالعلاقة، وحينئذ لا بدّ من حمل العلم على الالتفات والتوجّه قصدا حتى لا يلزم تحصيل الحاصل وفهم المفهوم فيما إذا كان المدلول معلوما عند العلم بالدال. ولا يرد أنّ بعض المدلولات قد يكون ملتفتا إليه عند الالتفات إلى الدال، فلا يتحقّق اللزوم الكلّي في الالتفات أيضا وإلّا لزم التفات الملتفت، لأنّا لا نسلّم ذلك لامتناع الالتفات إلى شيئين في زمان واحد. وهاهنا أبحاث تركناها مخافة الإطناب، فإن شئت الوقوف عليها فارجع إلى كتب المنطق.
التقسيم
الدلالة تنقسم أولا إلى اللفظية وغير اللفظية، لأنّ الدال إن كان لفظا فالدلالة لفظية، وإن كان غير اللفظ فالدلالة غير لفظية. وكل واحدة من اللفظية وغير اللفظية تنقسم إلى عقلية وطبيعية ووضعية. وحصر غير اللفظية في الوضعية والعقلية على ما وقع من السّيد السّند ليس على ما ينبغي، كيف وأمثلة الطبعية الغير اللفظية كدلالة قوّة حركة النبض على قوة المزاج وضعفها على ضعفه، وأمثالها كنار على علم هذا هو المشهور. ويمكن تقسيم الدلالة أولا إلى الطبيعية والعقلية والوضعية، ثم يقسم كل منهما إلى اللفظية وغير اللفظية، هكذا ذكر الصادق الحلوائي في حاشية الطيبي. فالدلالة العقلية هي دلالة يجد العقل بين الدال والمدلول علاقة ذاتية ينتقل لأجلها منه إليه. والمراد بالعلاقة الذاتية استلزام تحقّق الدال في نفس الأمر تحقّق المدلول فيها مطلقا سواء كان استلزام المعلول للعلة كاستلزام الدّخان للنار أو العكس كاستلزام النار للحرارة أو استلزام أحد المعلولين للآخر كاستلزام الدخان الحرارة، فإنّ كليهما معلولان للنار. وتطلق العقلية أيضا على الدلالة الالتزامية وعلى التضمنية أيضا كما سيجيء. والدلالة الطبيعية دلالة يجد العقل بين الدال والمدلول علاقة طبيعية ينتقل لأجلها منه إليه. والمراد من العلاقة الطبيعية إحداث طبيعة من الطبائع سواء كانت طبيعة اللافظ أو طبيعة المعنى أو طبيعة غيرها عروض الدّال عند عروض المدلول كدلالة أح أح على السعال وأصوات البهائم عند دعاء بعضها بعضا، وصوت استغاثة العصفور عند القبض عليه، فإنّ الطبيعة تنبعث بإحداث تلك الدوال عند عروض تلك المعاني، فالرابطة بين الدّال والمدلول هاهنا هو الطبع، هكذا في الحاشية الجلالية وحاشية لأبي الفتح. وفي شرح المطالع الدلالة الطبيعية اللفظية هي ما يكون بحسب مقتضى الطبع. قال السّيد الشريف في حاشيته أراد به طبع اللافظ فإنّه يقتضي تلفظه بذلك اللفظ عند عروض المعنى له. ويحتمل أن يراد به طبع معنى اللفظ لأنّه يقتضي التلفظ به. وأن يراد به طبع السامع فإنّ طبعه يتأدّى إلى فهم ذلك المعنى عند سماع اللفظ لا لأجل العلم بالوضع.
قال المولوي عبد الحكيم الطبع والطبيعة والطّباع بالكسر في اللغة السّجيّة التي جبل عليها الإنسان. وفي الاصطلاح يطلق على مبدأ الآثار المختصّة بالشيء سواء كان بشعور أو لا؛ وعلى الحقيقة فإن أريد طبع اللافظ فالمراد به المعنى الأوّل فإن صورته النوعية أو نفسه يقتضي التلفّظ به عند عروض المعنى. وإن أريد طبع معنى اللفظ أي مدلوله فالمراد به المعنى الثاني. وإن أريد طبع السامع فالمراد به مبدأ الإدراك أي النفس الناطقة أو العقل انتهى.
ثم اعلم أنّه لا يقدح في الدلالة الطبيعية وجود دلالة عقلية مستندة إلى علاقة عقلية لجواز اجتماع الدلالتين باعتبار العلاقتين، بل ربّما يجتمع الدلالات الثلاث باعتبار العلاقات الثلاث كما إذا وضع لفظ أح أح للسعال، بل نقول كل علاقة طبيعية تستلزم علاقة عقلية، لأنّ إحداث الطبيعة عروض الدال عند عروض المدلول إنّما يكون علاقة للدلالة الطبيعية باعتبار استلزم تحقّق الدّال تحقّق المدلول على وجه خاص، لكن الدلالة المستندة إلى استلزام الدّال للمدلول بحسب نفس الأمر مطلقا مع قطع النظر عن خصوص المادة دلالة عقلية والدلالة المستندة إلى الاستلزام المخصوص بحسب مادة الطبيعة طبيعية فلا إشكال. نعم يتّجه على ما ذكروه في العلاقة الطبيعية من إحداث الطبيعية عروض الدّال عند عروض المدلول أنّه إنما يدلّ على استلزام المدلول للدّال وهو غير كاف في الدلالة عندهم، لجواز أن يكون اللازم أعمّ، بل لا بدّ من استلزام الدال للمدلول وإلّا لكان مطلق لفظ أح أح مثلا دالا على السعال أينما وقع وكيف وقع وهو باطل، بل الدّال عليه هو ذلك اللفظ بشرط وقوعه على وجه مخصوص يستلزم السعال. اللهم إلّا أن يقال المراد عند عروض المدلول فقط أي حصول الدال الذي هو على وجه إحداث الطبيعة عند حصول المدلول فقط. وحاصله استلزام الدّال للمدلول بطريق مخصوص وفيه بعد لا يخفى.
قيل حصر الدلالة الطبيعية في اللفظية كما اختاره السّيد الشّريف منقوض بدلالة الحمرة على الخجل والصفرة على الوجل وحركة النبض على المزاج المخصوص منها. قال المولوي عبد الحكيم ولعلّ السّيد الشريف أراد أن تحقّقها للّفظ قطعي، فإنّ لفظة أح لا تصدر عن الوجع، وكذا الأصوات الصادرة عن الحيوانات عند دعاء بعضها بعضا لا تصدر عن الحالات العارضة لها، بل إنّما تصدر عن طبيعتها بخلاف ما عدا اللفظ فإنّه يجوز أن تكون تلك العوارض منبعثة عن الطبيعة بواسطة الكيفيات النفسانية والمزاج المخصوص فتكون الدلالة طبيعية ويجوز أن تكون آثار النفس تلك الكيفيات والمزاج المخصوص فلا يكون للطبيعة مدخل في تلك الدلالة فتكون عقلية.
قال الصادق الحلوائي في حاشية الطيبي وقد يقال الظاهر أنّ تسمية الدّال بمدخلية الطبع طبعية على قياس أخويها لا طبيعية. ويجاب بأنّ الطّبع مخفف الطبيعة، فروعي في النسبة حال الأصل.
والدلالة الوضعية دلالة يجد العقل بين الدّال والمدلول علاقة الوضع ينتقل لأجلها منه إليه. والحاصل أنّها دلالة يكون للوضع مدخل فيها على ما ذكروا فتكون دلالة التضمّن والالتزام وضعية، وكذا دلالة المركّب ضرورة أنّ لأوضاع مفرداته دخلا في دلالته، ودلالة اللفظ على المعنى المجازي داخلة في الوضعية لأنها مطابقة عند أهل العربية، لأنّ اللفظ مع القرينة موضوع للمعنى المجازي بالوضع النوعي كما صرّحوا به. وأمّا عند المنطقيين فإن تحقّق اللزوم بينهما بحيث يمتنع الانفكاك فهي مطابقة وإلّا فلا دلالة على ما صرّح به السّيد الشريف في حاشية شرح المطالع. والمبحوث عنها في العلوم هي الدلالة الوضعية اللفظية، وهي عند أهل العربية والأصول كون اللفظ بحيث إذا أطلق فهم المعنى منه للعلم بالوضع. وعند المنطقيين كونه بحيث كلّما أطلق فهم المعنى للعلم بالوضع.
وتعريفها بفهم المعنى من اللفظ عند إطلاقه بالنسبة إلى من هو عالم بالوضع ليس كما ينبغي لأنّ الفهم صفة السامع والدلالة صفة اللفظ فلا يصدق التعريف على دلالة ما.
وأجيب بأنّا لا نسلّم أنّه ليس صفة اللفظ، فإنّ معنى فهم السامع المعنى من اللفظ انفهمامه منه هو معنى كون اللفظ بحيث يفهم منه المعنى.
غاية ما في الباب أنّ الدلالة مفردة يصحّ أن يشتقّ منه صفة تحمل على اللفظ كالدال. وفهم المعنى من اللفظ وانفهمامه منه مركّب لا يمكن اشتقاقه منه إلّا برابط مثل أن يقال اللفظ منفهم منه المعنى. ألا ترى إلى صحة قولنا اللفظ متّصف بانفهام المعنى منه كما أنّه متّصف بالدلالة نعم كون اللفظ بحيث يفهم منه المعنى أوضح في المقصود، فاختياره أحسن وأولى.
وأجيب أيضا بأنّ هاهنا أمورا أربعة الأول اللفظ. والثاني المعنى. والثالث الوضع وهو إضافة بينهما أي جعل اللفظ بإزاء المعنى عل معنى أنّ المخترع قال إذا أطلق هذا اللفظ فافهموا هذا المعنى. والرابع إضافة ثانية بينهما عارضة لهما بعد عروض الإضافة الأولى وهي الدلالة. فإذا نسبت إلى اللفظ قيل إنّه دال على معنى كون اللفظ بحيث يفهم منه المعنى العالم بالوضع عند إطلاقه، وإذا نسبت إلى المعنى قيل إنّه مدلول هذا اللفظ بمعنى كون المعنى منفهما عند إطلاقه، وكلا المعنيين لازمان لهذه الإضافة فأمكن تعريفها بأيّهما كان. بقي أنّ الدلالة ليست كون اللفظ بحيث يفهم منه المعنى عند الإطلاق، بل كونه بحيث يفهم منه المعنى العالم بالوضع عند حضور اللفظ عنده سواء كان بسماعه أو بمشاهدة الخطّ الدال عليه أن يتذكّره. فالصحيح الأخصر أن يقال هي فهم العالم بالوضع المعنى من اللفظ.
تقسيم
الدلالة الوضعية في الــأطول مطلق الدلالة الوضعية إمّا على تمام ما وضع له وتسمّى دلالة المطابقة بالإضافة وبالدلالة المطابقية بالتوصيف أيضا كدلالة الإنسان على مجموع الحيوان الناطق. وإمّا على جزئه أي جزء ما وضع له وتسمّى دلالة التضمّن بالإضافة وبالدلالة التضمّنية بالتوصيف أيضا كدلالة الإنسان على الحيوان أو الناطق. وإمّا على خارج عنه أي عمّا وضع له وتسمّى دلالة الالتزام والدلالة الالتزامية أيضا كدلالة الإنسان على الضاحك، إلّا أنّهم خصّوا هذا التقسيم بدلالة اللفظ الموضوع لأنّ الدلالة الوضعية الغير اللفظية على الجزء أو الخارج في مقام الإفادة غير مقصودة في العادة لأنّه لا يستعمل الخط ولا العقد ولا الإشارة في جزء المعنى ولا لازمه، وكذا دلالة الخط على أجزاء الخط موضوعة بإزاء جزء ما وضع له الكل لا محالة. ولفظ التمام إنّما ذكر لأنّ العادة أن يذكر التمام في مقابلة الجزء حتى كأنّه لا تحسن المقابلة بدونه. وهذه الأسماء على اصطلاح أهل الميزان.
وأمّا أهل البيان فيسمون الأولى أي ما هو على تمام ما وضع له دلالة وضعية لأنّ منشأه الوضع فقط ويسمّون الأخريين دلالة عقلية.
فالدلالة العقلية عندهم هي الدلالة على غير ما وضع اللفظ له وإنّما سمّيتا بها لأنّه انضمّ فيهما إلى الوضع أمران عقليان، وهما توقّف فهم الكلّ على الجزء وامتناع انفكاك فهم الملزوم عن اللازم. فالدلالة الوضعية لها معنيان، أحدهما أعمّ مطلقا من المعنى الآخر والدلالة العقلية لها معنيان متباينان.
وصاحب مختصر الأصول قد خالف التقسيم المشهور فقسّم الدلالة اللفظية الوضعية إلى قسمين: لفظية وهي أن ينتقل الذهن من اللفظ إلى المعنى وهي دلالة واحدة، لكن ربّما تضمّن المعنى الواحد جزءين فيفهم منه الجزءان، وهو بعينه فهم الكلّ، فالدلالة على الكلّ لا تغاير الدلالة على الجزءين ذاتا، بل بالاعتبار والإضافة، فهي بالنسبة إلى كمال معناها تسمّى دلالة مطابقية وإلى جزئه تسمّى دلالة تضمنية وغير لفظية وتسمّى عقلية بأن ينتقل الذهن من اللفظ إلى معناه ومن معناه إلى معنى آخر، وهذا يسمّى دلالة التزام. وإن شئت توضيح هذا فارجع إلى العضدي وحواشيه.
ثم قال صاحب الــأطول ويرد على التقسيم أنّ اللفظ قد يراد به نفسه كما يقال زيد علم، وحينئذ يصدق على دلالته على نفسه دلالة اللفظ على تمام ما وضع له، وعلى دلالته على جزئه دلالته على جزء ما وضع له، وعلى دلالته على لازمه دلالته على خارجه عنه مع أنّها لا تسمّى مطابقة ولا تضمنا ولا التزاما.
والجواب أنّ من قال بوضع اللفظ لنفسه جعل ذلك الوضع ضمنيا، والمتبادر من إطلاقه الوضع القصدي، ومن لم يقل بدلالة اللفظ على نفسه ولا باستعماله [فيه] ووضعه له وهو التحقيق، وإن كان الأكثرون على خلافه فلا إشكال [على قوله]. وهاهنا سؤال مشهور وهو أنّ تعريف كلّ من الدلالات الثلاث ينتقض بالآخر إذ يجوز أن يكون اللفظ مشتركا بين الكلّ والجزء وبين الملزوم واللازم.
وأجيب أنّ قيد الحيثية معتبر أي من حيث إنّه تمام ما وضع له أو جزؤه أو لازمه. وهذا وإن يدفع الخلل في الحدّ لكنّه يختلّ به ما اشتهر فيما بينهم أنّ تقسيم الدلالة الوضعية إلى الأقسام الثلاث تقسيم عقلي، يجزم العقل بمجرّد ملاحظة مفهوم القسمة بالانحصار ولا يجوز قسما آخر. كيف ودلالة اللفظ الموضوع لمجموع المتضايفين على أحدهما بواسطة أنّه لازم جزء آخر ليست دلالة على الجزء من حيث إنّه جزء، بل من حيث إنّه لازم جزء آخر، فلا يكون تضمنا ولا التزاما لأنّه ليس بخارج، فخرجت القسمة عن أن تكون عقلية بل عن الصحّة لانتفاء الحصر [والضبط بوجه ما] ويختل أيضا [بيان] اشتراط اللزوم الذهني لأنّ اعتبار اللزوم في مفهومه يجعل هذا الاشتراط لغوا محضا.

فإن قلت: المعتبر في مفهومه مطلق اللزوم والبيان لاشتراط اللزوم الذهني. قلت: يجب أن يعتبر في المفهوم اللزوم الذهني لأنّ مطلق اللزوم لا يصلح أن يكون سببا لدلالة اللفظ على الخارج، وإلّا لكان اللازم الخارجي مدلولا. قال ونحن نقول دلالة اللفظ باعتبار كل وضع للفظ على انفراده، أمّا على تمام ما وضع له أو على جزئه أو على الخارج عنه إذ المعنى الوضعي باعتبار الوضع الواحد لا يمكن أن يكون إلّا أحدها. فالحصر عقلي والتعريفات تامّة والاشتراط مفيد، فهذا مراد القوم في مقام التقسيم، ولم يتنبّه المتأخّرون فظنّوا التعريفات مختلّة فأصلحوها بزيادة قيود وأخلّوا إخلالا كثيرا.
فائدة:
المنطقيون اشترطوا في دلالة الالتزام اللزوم الذهني المفسّر بكون المسمّى بحيث يستلزم الخارج بالنسبة إلى جميع الأذهان وبالنسبة إلى جميع الأزمان لاشتراطهم اللزوم الكلّي في الدلالة كما سبق. وأهل العربية والأصول وكثير من متأخري المنطقيين والإمام الرازي لم يشترطوا ذلك. فالمعتبر عندهم مطلق اللزوم ذهنيا كان أو خارجيا لاكتفائهم باللزوم في الجملة في الدلالة.
فائدة:
دلالة الالتزام مهجورة في العلوم.
والتحقيق أنّ اللفظ إذا استعمل في المدلول الالتزامي فإن لم يكن هناك قرينة صارفة عن [إرادة] المدلول المطابقي دالّة على المراد لم يصح إذ السابق إلى الفهم هو المدلول المطابقي. أمّا إذا قامت قرينة معيّنة للمراد فلا خفاء في جوازه. غايته التجوّز لكنه مستفيض شائع في العلوم حتى إنّ أئمة المنطقيين صرّحوا بتجويزه في التعريفات. نعم إنها مهجورة في جواب ما هو اصطلاحا بمعنى أنّه لا يجوز أن يذكر فيه ما يدلّ على المسئول عنه أو على أجزائه بالالتزام، كما لا يجوز ذكر ما دلالته على المسئول عنه بالتضمّن لاحتمال انتقال الذهن إلى غيره أو غير أجزائه فلا تتعيّن الماهية المطلوبة وأجزاؤها، بل الواجب أن يذكر ما يدلّ على المسئول عنه مطابقة وعلى أجزائه إمّا بالمطابقة أو التضمن. فالالتزام مهجور كلّا وبعضا، والمطابقة معتبرة كلّا وبعضا، والتضمّن مهجور كلّا معتبر بعضا كذا في شرح المطالع.
فائدة: قيل الدلالة لا تتوقّف على الإرادة لأنّا قاطعون بأنّا إذا سمعنا اللفظ وكنّا عالمين بالوضع نتعقّل معناه سواء أراده اللافظ أولا، ولا نعني بالدلالة سوى هذا. والحق التوقّف لأنّ دلالة اللفظ الوضعية، إنّما هي بتذكّر الوضع، وبعد تذكّر الوضع يصير المعنى مفهوما لتوقّف التذكّر عليه فلا معنى لفهمه إلّا فهمه من حيث إنّه مراد المتكلّم والتفات النفس إليه بهذا الوجه. نعم الإرادة التي هي شرط أعمّ من الإرادة بحسب نفس الأمر، ومن الإرادة بحسب الظاهر، فظهر أنّ الدلالة تتوقّف على الإرادة مطلقا مطابقة كانت أو تضمنا أو التزاما، وجعل المطابقة مخصوصة به تصرّف من القاصر بسوء فهمه كذا في الــأطول.
وبالجملة فأهل العربية يشترطون القصد في الدلالة فما يفهم من غير قصد من المتكلّم لا يكون مدلولا للفظ عندهم، فإنّ الدلالة عندهم هي فهم المراد لا فهم المعنى مطلقا، بخلاف المنطقيين، فإنّها عندهم فهم المعنى مطلقا سواء أراده المتكلّم أولا. وقيل ليس المراد أنّ القصد معتبر عندهم في أصل الدلالة حتى يتوجّه أنّ الدلالة ليست إلّا فهم المعنى من اللفظ، بل إنّها غير معتبرة إذا لم يقارن القصد، فكأنّه لا يكون مدلولا عندهم.
فعلى هذا يصير النزاع لفظيّا في اعتبار الإرادة في الدلالة وعدم اعتبارها، هكذا في حواشى المختصر في بيان مرجع البلاغة في المقدّمة.

التّشبيه

التّشبيه:
[في الانكليزية] Simile
[ في الفرنسية] Comparaison
لغة الدلالة على مشاركة أمر لأمر آخر.
وظاهر هذا شامل لنحو قولنا قاتل زيد عمروا، وجاءني زيد وعمرو وما أشبه ذلك، مع أنها ليست من التشبيه. وأجيب بأنّ المدلول المطابقي في هذه الأمثلة: ثبوت المسند لكل من الأمرين ويلزمه مشاركتهما في المسند. فالمتكلّم إن قصد المعنى المطابقي فلم يدل على المشاركة، إذ المتبادر من إسناد الأفعال إلى ذوي الاختيار ما صدر بالقصد فلم يندرج في التفسير المذكور، وإن قصد المعنى الالتزامي فقد دلّ على المشاركة فهو داخل في التشبيه. وما وقع في عبارة أئمة التصريف أنّ باب فاعل وتفاعل للمشاركة والتشارك فمسامحة، والمراد أنّه يلزمهما.
فمنشأ الاعتراض إما ظاهر عبارة أئمة التصريف أو عدم الفرق بين ثبوت حكم لشيء وبين مشاركة أحدهما لآخر، أو الغفلة عن اعتبار القصد فيما يسند إلى ذوي الاختيار. والتحقيق أنّ هذه الأمثلة على تقدير قصد المشاركة فيهما تدلّ على التشابه، وفرق بين التشابه والتشبيه كما ستعرف.
وعند أهل البيان هو الدلالة على مشاركة أمر لأمر آخر في معنى لا على وجه الاستعارة التحقيقية والاستعارة بالكناية والتجريد. وكثيرا ما يطلق في اصطلاحهم على الكلام الدّال على المشاركة المذكورة أيضا. فالأمر الأول هو المشبّه على صيغة اسم المفعول والثاني هو المشبّه به، والمعنى هو وجه التشبيه، والمتكلّم هو المشبّه على صيغة اسم الفاعل. قيل وينبغي أن يزاد فيه قولنا بالكاف ونحوه ليخرج عنه نحو قاتل زيد عمروا وجاءني زيد وعمرو. وفيه أنّه ليس تشبيها كما عرفت، فدخل في هذا التفسير ما يسمّى تشبيها بلا خلاف وهو ما ذكرت فيه أداة التشبيه نحو: زيد كالأسد أو كالأسد بحذف زيد لقيام قرينة. وما يسمّى تشبيها على القول المختار وهو ما حذفت فيه أداة التشبيه وجعل المشبّه به خبرا عن المشبّه أو في حكم الخبر سواء كان مع ذكر المشبّه أو مع حذفه، فالأول كقولنا زيد أسد والثاني كقوله تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ أي هم صمّ بكم عمي، فإن المحققين على أنّه يسمّى تشبيها بليغا لا استعارة.
ثم إنّ هذا التعريف عرف به الخطيب على ما هو مذهبه فإنّ مذهبه أنّ الاستعارة مشتركة لفظا بين الاستعارة التحقيقية والاستعارة بالكناية. ولذا لم يقل لا على وجه الاستعارة مع كونه أخصر، إذ لا يصح إرادة المعنيين من المشترك في إطلاق واحد ولم يذكر الاستعارة التخييلية لأنها عنده، وكذا عند السلف إثبات لوازم المشبّه به للمشبّه بطريق المجاز العقلي، وليست فيه دلالة على مشاركة أمر لأمر فهي خارجة بقوله الدلالة على مشاركة أمر لأمر، بل لم يدخل في التفسير حتى يحتاج إلى إخراجه بقيد. وأمّا على مذهب السّكّاكي وهو أنّ الاستعارة مشتركة معنى بين الكلّ والتخييلية استعارة اللفظ لمفهوم شبه المحقق فيجب الاكتفاء بقوله ما لم يكن على وجه الاستعارة، لأن في التقييد تطويلا وكذا عند السلف فإنّ لفظ الاستعارة عندهم مشترك معنى بين التحقيقية والمكنية. وقوله والتجريد أي لا على وجه التجريد ليخرج تشبيه يتضمنه التجريد وهو التجريد الذي لم يكن تجريد الشيء عن نفسه لأنه حينئذ لا تشبيه نحو لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ فإنّه لا نزاع أن دار الانتزاع دار الخلد من جهنّم وهي عين دار الخلد لا مشبّه به، بخلاف لقيت من زيد أسدا فإنّه لتجريد أسد من زيد وأسد مشبّه به لزيد لا عينه، ففيه تشبيه مضمر في النفس. فمن احترز به عن نحو قولهم لهم فيها دار الخلد فلم يجرد عقله عن غواشي الوهم، وكأن حبالة الوهم فيه تعريف التجريد بالانتزاع من أمر ذي صفة الخ. ثم إنّهم زعموا أنّ إخراج التجريد من التشبيه مخالفة من الخطيب مع المفتاح حيث صرّح بجعل التجريد من التشبيه. وفيه ما ستعرفه في خاتمة لفظ الاستعارة.
فائدة.
إذا أريد الجمع بين شيئين في أمر مركّبا كان أو مفردا حسيّا كان أو عقليا واحدا كان أو متعددا، فالأحسن أن يسمّى تشابها لا تشبيها ويجوز التشبيه أيضا، وذلك تارة يكون في المتساويين في وجه الشّبه، وتارة يكون في المتفاوتين من غير قصد إفادة التفاوت. قال الشاعر:
رقّ الزجاج ورقّت الخمر فتشابها وتشاكل الأمر فكأنّه خمر ولا قدح. وكأنّها قدح ولا خمر
فائدة
أركان التشبيه أربعة. طرفاه يعني المشبّه والمشبّه به وأداته كالكاف وكأنّ ومثل وشبه ونحوها ووجهه وهو ما يشتركان فيه تحقيقا أو تخييلا، أي وجه التشبيه ما يشترك الطرفان فيه بحكم التشبيه فيؤول المعنى إلى ما دلّ على اشتراكهما فيه، فلا يرد نحو ما أشبهه بالأسد للجبان لأنّ الشجاعة ليست مشتركة بينهما مع أنّها وجه التشبيه للدلالة على مشاركتهما فيها ولا يلزم أن يكون من وجوه التشبيه في زيد كالأسد الوجود والجسمية والحيوانية. ويتجه أنه يلزم أن يكون الطرفان قبل الدلالة على الاشتراك فيه طرفين إلّا أن يتجوّز، وأخرج التعريف مخرج من قتل قتيلا. وفي قولنا تحقيقا أو تخييلا إشارة إلى أنّ وجه الشبه لا يجب أن يكون من أوصاف الشيء في نفسه من غير اعتبار معتبر. والمراد بالتخييل هو أن لا يوجد في أحد الطّرفين أو كليهما إلّا على سبيل التخييل والتأويل.
فائدة:
الغرض من التشبيه في الأغلب يعود إلى المشبّه لبيان إمكان وجوده أو لبيان حاله بأنّه على أيّ وصف من الأوصاف كما في تشبيه ثوب بآخر في السّواد، أو لبيان مقدار حاله كما في تشبيه الثوب بالغراب في شدّة السواد، أو لبيان تقريرها أي تقرير حال المشبّه في نفس السامع وتقوية شأنه كما في تشبيه من لا يحصل من سعيه على طائل بمن يرقم على الماء. وهذه الأغراض الأربعة تقتضي أنّ يكون وجه الشّبه في المشبّه به أتمّ وهو به أشهر، أو لبيان تزيينه في عين السامع كما في تشبيه وجه أسود بمقلة الظبي، أو لبيان تشويهه أي تقبيحه كما في تشبيه وجه مجدور بسلحة- البراز- جامدة قد نقرتها الديكة، أو لبيان استطرافه أي عدّ المشبّه طريفا حديثا كما في تشبيه فحم فيه جمر. قال الشاعر:
كأنما الفحم والجمار به بحر من المسك موجه الذهب أي لإبراز المشبّه في صورة الممتنع عادة.
وله أي للاستطراف وجه آخر غير الإبراز في صورة الممتنع عادة وهو أن يكون المشبّه به نادر الحضور في الذهن، إمّا مطلقا كما في المثال المذكور وإمّا عند حضور المشبّه كما في قوله في البنفسج:
ولازورديّة تزهو بزرقتها بين الرياض على حمر اليواقيت كأنّها فوق قامات ضعفن بها أوائل النار في أطراف كبريت فإنّ صورة اتصال النّار بأطراف الكبريت لا تندر كندرة بحر من المسك موجه الذهب، لكن تندر عند حضور صورة البنفسج. وقد يعود الغرض إلى المشبّه به وهو ضربان: الضرب الأول إيهام أنّه أتمّ في وجه التشبيه من المشبّه وذلك في التشبيه المقلوب، وهو أن يجعل الناقص في وجه الشّبه مشبّها به قصدا إلى ادّعاء أنه زائد في وجه الشّبه كقوله:
بدأ الصّباح كأنّ غرّته وجه الخليفة حين يمتدح فإنّه قصد إيهام أنّ وجه الخليفة أتمّ من الصباح في الوضوح والضياء.

قال في الــأطول: ولا يخفى أنّه يجوز أن يكون التشبيه المقلوب مبنيا على تسليم أنّه أتم من المشبّه إذا كان بينك وبين مخاطبك نزاع في ذلك وأنت جاريت معه، وأنه يصحّ التشبيه المقلوب في تشبيه التزيين والتشويه والاستطراف لا دعاء أنّ الزينة في المشبّه به أتم أو القبح أكثر، أو ادّعاء أنّ المشبّه أندر وأخفى. ولا يظهر اختصاصه بصورة الحاق الناقص بالكامل.
والضرب الثاني بيان الاهتمام به أي بالمشبه به كتشبيه الجائع وجها كالبدر في الإشراق والاستدارة بالرغيف، ويسمّى هذا النوع من الغرض إظهار المطلوب.

قال في الــأطول: ويمكن تربيع قسمة الغرض ويجعل ثالث الأقسام أن يعود الغرض إلى ثالث وهو تحصيل العناق أي الاتصال بين صورتين متباعدتين غاية التباعد، فإنّه أمر مستطرف مرغوب للطباع جدا. ورابعها أن يعود الغرض إلى المشبّه والمشبّه به جميعا، وهو جعلهما مستطرفين بجميعهما لأنّ كلا من المتباعدين مستطرف إذا تعانقا.
[التقسيم]
التقسيم الأول
وللتشبيه تقسيمات باعتبارات. الأول باعتبار الطرفين إلى أربعة أقسام لأنّهما إمّا حسّيان نحو كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ أو عقليان نحو ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً. كذا مثّل في البرهان، وكأنه ظنّ أنّ التشبيه واقع في القسوة وهو غير ظاهر بل هو واقع بين القلوب والحجارة، فمثاله العلم والحياة. أو مختلفان بأن يكون المشبّه عقليا والمشبّه به حسّيا كالمنيّة والسبع أو بالعكس مثل العطر وخلق رجل كريم، ولم يقع هذا القسم في القرآن، بل قيل إنّ تشبيه المحسوس بالمعقول غير جائز لأنّ العلوم العقلية مستفادة من الحواس ومنتهية إليها. ولذا قيل من فقد حسّا فقد علما، يعنى العلم المستفاد من ذلك الحسّ. وإذا كان المحسوس أصلا للمعقول فتشبيهه به يكون جعلا للفرع أصلا والأصل فرعا، وهو غير جائز.
والمراد بالحسيّ المدرك هو أو مادته بالحسّ أي بإحدى الحواس الخمس الظاهرة، فدخل فيه الخيالي، وبالعقلي ما عدا ذلك وهو ما لا يكون هو ولا مادته مدركا بإحدى الحواس الظاهرة فدخل فيه الوهمي الذي لا يكون للحسّ مدخل فيه لكونه غير منتزع منه، بخلاف الخيالي فإنّه منتزع منه، وكذا دخل الوجدانيات كاللذة والألم. وأيضا التشبيه باعتبار الطرفين إمّا تشبيه مفرد بمفرد ويسمّى بالتشبيه المفرق والمفردان إمّا مقيدان بأن يكون للمقيد بهما مدخل في التشبيه كقولهم لمن لا يحصل من سعيه على طائل هو كالراقم على الماء، فإنّ المشبّه به هو الراقم المقيّد بكون رقمه على الماء لأنّ وجه الشبه فيه التسوية بين الفعل وعدمه وهو موقوف على اعتبار هذين القيدين. ثم إنّ القيد يشتمل الصلة والمفعول ولا يخصّ بالإضافة والوصف كما هو المشهور. ومن القيود الحال أو غير مقيدين كتشبيه الخد بالورد أو مختلفان في التقييد وعدمه كقوله والشمس كالمرآة في كفّ الأشل. فإن المشبّه وهو الشمس غير مقيد والمشبّه به وهو المرآة مقيّد بكونها في كفّ الأشل وعكسه، أي تشبيه المرآة في كفّ الأشل بالشمس فيما يكون المشبّه مقيدا والمشبّه به غير مقيد. وإما تشبيه مركّب بمركّب وحينئذ يجب أن يكون كلّ من المشبّه والمشبّه به هيئة حاصلة من عدة أمور وهو قد يكون بحيث يحسن تشبيه كل جزء من أجزاء أحد الطرفين بما يقابله من الطرف الآخر كقوله:
كأن أجرام النجوم لوامعا درر نثرن على بساط أزرق فإنّ تشبيه النجوم بالدّرر وتشبيه السماء ببساط أزرق تشبيه حسن، وقد لا يكون بهذه الحيثية كقوله:
فكأنما المريخ والمشتري قدامه في شامخ الرفعة منصرف بالليل عن دعوة قد أسرجت قدّامه شمعة فإنه لا يصح تشبيه المريخ بالمنصرف بالليل عن دعوة. وقد يكون بحيث لا يمكن أن يعتبر لكل جزء من أجزاء الطرفين ما يقابله من الطرف الآخر إلّا بعد تكلّف، نحو مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً. الآية فإنّ الصحيح أنّ هذين التشبيهين من التشبيهات المركّبة التي لا يتكلّف لواحد واحد شيء يقدر تشبيهه به فإن جعلتها من المفرقة فلا بد من تكلّف وهو أن يقال في الأول شبّه المنافق بالمستوقد نارا وإظهاره الإيمان بالإضاءة وانقطاع انتفاعه بانطفاء النار، وفي الثاني شبّه دين الإسلام بالصيّب وما يتعلّق به من شبه الكفر بالظلمات وما فيه من الوعد والوعيد بالبرق والرعد، وما يصيب الكفرة من الإفزاع والبلايا والفتن من جهة أهل الإسلام بالصواعق. وإمّا تشبيه مفرد بمركّب كتشبيه الشاة الجبلي بحمار أبتر مشقوق الشفة والحوافر نابت على رأسه شجرتا غضا.
والفرق بين المفرد المقيّد وبين المركّب يحتاج إلى تأمّل، فإنّ المشبّه به في قولنا هو كالراقم على الماء إنّما هو الراقم بشرط أن يكون رقمه على الماء، وفي الشاة الجبلي هو المجموع المركّب من الأمور المتعددة بل الهيئة الحاصلة منها. وإمّا تشبيه مركّب بمفرد. وأيضا التشبيه باعتبار الطرفين إن تعدد طرفاه فإمّا ملفوف وهو أن يؤتى على طريق العطف أو غيره بالمشبّهات أو لا، ثمّ بالمشبّه بها [كذلك،] أو بالعكس كقولنا كالشمس والقمر زيد وعمرو، وقولنا كالقمرين زيد وعمرو إذا أريد تشبيه أحدهما بالشمس والآخر بالقمر، أو مفروق وهو أن يؤتى بمشبّه ومشبّه به ثم آخر وآخر كقوله: النشر مسك والوجوه دنانير. ولا يخفى أنّ الملفوف والمفروق لا يخصّ بالطرف بل يجري في الوجه أيضا. وإن تعدّد طرفه الأول يعني المشبّه يسمى تشبيه التسوية لأنه سوّى بين المشبهين كقوله.
صدغ الحبيب وحالي كلاهما كالليالي. ثغوره في صفاء ودمعي كاللآلئ وإن تعدّد طرفه الثاني أعني المشبه به فتشبيه الجمع لأنّه يجمع للمشبّه وجوه تشبيه أو يجمع له أمور مشبهات كقوله:
كإنّما تبسم عن لؤلؤ. منضّد أو برد أو أقاح وقيل شعر آخر مشتملا على عدة تشبيهات وهو:
نفسي الفداء لثغر راق مبسمه وزانه شنب ناهيك من شنب.
يفتر عن لؤلؤ رطب وعن برد وعن أقاح وعن طلع وعن حبب هكذا في مقامات الحريري
التقسيم الثاني
باعتبار الأداة إلى مؤكد وهو ما حذفت أداته نحو زيد أسد ومرسل وهو بخلافه. وفي جعل زيد في جواب من قال من يشبه الشمس تشبيها مؤكدا نظر، لأن حذف الأداة على هذا الوجه لا يشعر بأنّ المشبّه عين المشبّه به.
فالوجه أن يفرّق بين الحذف والتقدير ويجعل الحذف كناية عن الترك بالكلية بحيث لا تكون مقدّرة في نظم الكلام. ويجعل الكلام خلوا عنها مشعرا بأنّ المشبّه عين المشبّه به في الواقع بحسب الظاهر. فعلى هذا قوله تعالى وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ إذا كان تقديره مثل مرّ السّحاب بالقرينة، فتشبيه مرسل، وبدعوى أن مرور الجبال عين مرّ السحاب تشبيه مؤكّد فاعرفه، فإنّه من المواهب. فالمرسل ما قصد أداته لفظا أو تقديرا لعدم تقييده بالتأكيد المستفاد من إجراء المشبّه به على المشبه. فإن قلت إنّ زيدا كالأسد مشتمل على تأكيد التشبيه فكيف يجعل مرسلا؟ قلت اعتبر في المؤكد والمرسل التأكيد بالنظر إلى نفس أركان التشبيه مع قطع النظر عما هو خارج عما يفيد التشبيه.
التقسيم الثالث
باعتبار الوجه. فالوجه إمّا غير خارج عن حقيقة الطرفين سواء كان نفس الحقيقة أو نوعا أو جنسا أو فصلا، وسواء كان حسيا مدركا بالحس أو عقليا، وإمّا خارج عن حقيقتهما.
ولا يخفى أنّ تشبيه الإنسان بالفرس في الحيوانية لا في الحيوان كما هو دأب أرباب اللسان. وكون الشيء حيوانا ليس جنسا فكأنّه أريد بالوجه الداخل ما يوجد بالنظر إلى الداخل. ثم الخارج لا بدّ أن يكون صفة، أي معنى قائما بالطرفين لأنّ الخارج الذي ليس كذلك غير صالح لكونه وجه شبه. والصفة إمّا حقيقية أي موجودة في الطرفين لا بالقياس إلى الشيء سواء كانت حسّية أي مدركة بالحسّ أو عقلية وإمّا إضافية. وأيضا باعتبار الوجه وجه التشبيه إمّا واحد وهو ما لا جزء له، وإمّا بمنزلة الواحد لكونه مركبا من متعدّد، إمّا تركيبا حقيقيا بأن يكون وجه التشبيه حقيقة ملتئمة من متعدّد، أو تركيبا اعتباريا بأن يكون هيئة منتزعة انتزعها العقل من متعدّد، وإمّا متعدّد بأن يقصد [فيه] بالتشبيه تشريك الطرفين في كلّ واحد من متعدّد، بخلاف المركّب من وجه الشبه، فإنّ القصد فيه إلى تشريكهما في مجموع الأمور أو في الهيئة المنتزعة عنها. هذا ثمّ الظاهر أن يخصّ التركيب في هذا العرف بالمركّب الاعتباري ويجعل المركب الحقيقي داخلا في الواحد إذ ليس المراد بتركيب المشبّه أو المشبّه به أن يكون حقيقته مركبة من أجزاء مختلفة، ضرورة أنّ الطرفين في قولنا زيد كالأسد مفردان لا مركبان، وكذا في وجه الشّبه ضرورة أنّ وجه الشبه في قولنا: زيد كعمرو في الإنسانيّة واحد لا منزّل منزلة الواحد، بل المراد بالتركيب أن تقصد إلى عدة أشياء مختلفة أو إلى عدة أوصاف لشيء واحد فتنتزع منها هيئة وتجعلها مشبّها ومشبّها به، أو وجه تشبيه. ولذلك ترى صاحب المفتاح يصرّح في تشبيه المركّب بالمركّب بأنّ كلّا من المشبّه والمشبّه به هيئة منتزعة.
اعلم أنّه لا يخفى أنّ هذا التقسيم يجري في الطرفين، فإنّ المشبّه أو المشبّه به قد يكون واحدا وقد يكون بمنزلة الواحد وقد يكون متعددا. فالقول بأنّ تعدّد الطرف يوجب تعدّد التشبيه عرفا دون تعدّد وجه الشّبه لو تمّ لتمّ وجه التخصيص.
واعلم أيضا أنّ كلّا من الواحد وما هو بمنزلته إمّا حسّي أو عقلي، والمتعدّد إمّا حسّي أو عقلي أو مختلف، أي بعضه حسّي وبعضه عقلي، والحسّي وكذا المختلف طرفاه حسّيان لا غير، والعقلي أعمّ. وبالجملة فوجه الشبه إمّا واحد أو مركّب أو متعدّد، وكل من الأولين إمّا حسّي أو عقلي، والأخير إمّا حسّي أو عقلي أو مختلف، فصارت سبعة أقسام، وكل منه إمّا طرفاه حسّيان أو عقليان وإمّا المشبّه حسّي والمشبّه به عقلي أو بالعكس، فتصير ثمانية وعشرين، لكن بوجوب كون طرفي الحسّي حسّيين يسقط اثنا عشر ويبقى ستة عشر. هذا ما قالوا. والحق أن يقسم ما هو بمنزلة الواحد أيضا ثلاثيا، كتقسيم المتعدّد. فعلى هذا يبلغ الأقسام إلى اثنين وثلاثين والباقي بعد الإسقاط سبعة عشر، كما يشهد به التأمّل هكذا في الــأطول. وأيضا باعتبار الوجه إمّا تمثيل أو غير تمثيل، والتمثيل تشبيه وجه منتزع من متعدّد وغير التمثيل بخلافه.
وأيضا باعتبار الوجه إمّا مفصّل أو مجمل، فالمفصّل ما ذكر وجهه وهو على قسمين: أحدهما أن يكون المذكور حقيقة وجه الشبه نحو زيد كالأسد في الشجاعة. وثانيهما أن يكون المذكور أمرا مستلزما له كقولهم الكلام الفصيح هو كالعسل في الحلاوة، فإنّ الجامع فيه هو لازم الحلاوة وهو ميل الطّبع لأنه المشترك بين الكلام والعسل. والمجمل ما لم يذكر وجهه فمنه ظاهر يفهم وجهه كلّ أحد ممن له مدخل في ذلك نحو زيد كالأسد، ومنه خفي لا يدرك وجهه إلّا الخاصة سواء أدركه بالبداهة أو بالتأمّل، كقولك هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها، أي هم متناسبون في الشرف كالحلقة المفرغة متناسبة في الأجزاء صورة. ولا يخفى أنّ المراد بالخفي الخفي في حدّ ذاته، فلا يخرجه عن الخفاء عروض ما يوجب ظهوره كما في هذا المثال. فإنّ وصف الحلقة بالمفرغة يظهر وجه الشّبه فلا اختصاص لهذا التقسيم بالمجمل، بل يجري في المفصل أيضا كأنّهم خصّوا به للتنبيه على أنّه مع خفاء التشبيه فيه يحذف الوجه. وأيضا من المجمل ما لم يذكر فيه وصف أحد الطرفين أي وصف يذكر له من حيث أنّه طرف وهو وصف يشعر بوجه الشّبه، فلا يخرج منه زيد الفاضل أسد لأنّ زيدا لا يثبت له الفضل من حيث أنّه كالأسد. ومنه ما ذكر فيه وصف المشبّه به فقط كقولك هم كالحلقة المفرغة إلخ، فإنّ وصف الحلقة بالمفرغة مشعر بوجه الشّبه. ومنه ما ذكر فيه وصف المشبّه فقط وكأنّهم لم يذكروا هذا القسم لعدم الظّفر به في كلامهم. ومنه ما ذكر فيه وصفهما أي وصف المشبّه والمشبّه به كليهما نحو فلان كثير المواهب أعرضت عنه أو لم تعرض كالغيث فإنّه يصيبك جئته أو لم تجئ. وهذان الوصفان مشعران بوجه الشّبه أي الإفاضة [في] حالتي الطلب وعدمه وحالتي الإقبال والإعراض.
اعلم أنّه لا يخفى جريان هذا التقسيم في المفصل وكأنّهم لم يتعرّضوا له لأنه لم يوجد إذ لا معنى لإيراد ما يشعر بالوجه مع ذكره، أو لأنّ ذكره في المجمل لدفع توهّم أنه ليس التقسيم مجملا مع ما يشعر بالوجه، ولا داعي لذكره في المفصل. وأيضا باعتبار الوجه إمّا قريب مبتذل وهو التشبيه الذي ينتقل فيه من المشبّه إلى المشبّه به من غير تدقيق نظر لظهور وجهه في بادئ الرأي. ولا ينتقض التعريف بتشبيه يكون المشبّه به لازما ذهنيا للمشبّه مع خفاء وجهه، لأنّه ليس انتقالا لظهور وجهه في بادئ الرأي. وقولنا لظهور وجهه قيد للتعريف. وتحقيقه أن يكون [المشبّه] بحيث إذا نظر العقل فيه ظهر المفهوم الكلّي الذي يشترك بينه وبين المشبّه به من غير تدقيق نظر، والتفت النفس إلى المشبّه به من غير توقف.
ولم يكتف بما ظهر وجهه في بادئ الرأي لأنه يتبادر منه الظهور بعد التشبيه وإحضار الطرفين وهو لا يكفي في الابتذال، بل لا بدّ أن يكون الانتقال من المشبّه إلى المشبّه به لظهور وجهه بمجرد ملاحظة المشبّه كتشبيه الشمس بالمرآة المجلوّة في الاستدارة والاستنارة، فإنّ وجه الشبه فيه لكونه تفصيليا ظاهر. وإمّا غريب بعيد وهو ما لا ينتقل فيه من المشبّه إلى المشبّه به لظهور وجهه في بادئ الرأي، سواء انتقل فيه من المشبّه إلى المشبّه به من بادئ الرأي لكون المشبّه به لازما ذهنيا، لا لظهور وجهه، أولا ينتقل منه إليه كذلك أصلا كقوله والشمس كالمرآة في كفّ الأشل. وكلما كان تركيب وجه التشبيه خياليا كان أو عقليا من أمور أكثر كان التشبيه أبعد لكون تفاصيله أكثر كقوله تعالى إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ الآية. وقد يتصرف في التشبيه القريب بما يجعله غريبا نحو قول الشاعر
عزماته مثل النجوم ثواقبا لو لم يكن للثاقبات أفول أي غروب. وهذا التشبيه يسمّى بالتشبيه المشروط، وهو التشبيه الذي يقيّد فيه المشبّه أو المشبّه به أو كلاهما بشرط وجودي أو عدمي أو مختلف يدلّ عليه بصريح اللفظ كما في البيت السابق، أو بسياق الكلام نحو هو بدر يسكن الأرض، فإنّه في قوة ولو كان البدر يسكن الأرض، وهذه القبّة فلك ساكن أي لو كان الفلك ساكنا.
التقسيم الرابع
باعتبار الغرض فالتشبيه بهذا الاعتبار إمّا مقبول وهو الوافي بإفادة الغرض كأن يكون المشبّه به أعرف الطرفين بوجه الشّبه في بيان الحال أو أتمّهما فيه، أي في وجه الشبه في إلحاق الناقص بالكامل، أو كأن يكون مسلّم الحكم فيه، أي في وجه الشبه معروفا عند المخاطب في بيان الإمكان أو التزيين أو التشويه، وإمّا مردود وهو بخلافه، أي ما يكون قاصرا عن إفادة الغرض وقد سبق في بيان الغرض. ثم التسمية بالمقبول والمردود بالنظر إلى وجه الشّبه فقط مجرد اصطلاح، وإلّا فكلما انتفى شرط من شرائط التشبيه باعتبار الوجه أو الطرف فمردود، لكن بعد الاصطلاح على جعل فائت شرط الوجه أو الطرف مقبولا لإفادة الغرض لا يقال الوفاء بالغرض لا يوجد بدون اجتماع شرائط التشبيه مطلقا. هذا كله خلاصة ما في الــأطول والمطول.
فائدة:
القاعدة في المدح تشبيه الادنى بالأعلى وفي الذم تشبيه الأعلى بالأدنى لأن المدح مقام الأعلى والأدنى طارئ عليه [والذم بالعكس،] فيقال في المدح فصّ كالياقوت وفي الذمّ ياقوت كالزجاج، وكذا في السلب، ومنه قوله تعالى يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ أي في النزول لا في العلوّ، وقوله تعالى أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ أي في سوء الحال، أي لا نجعلهم كذلك. نعم أورد على ذلك مثل نوره كمشكاة فإنّه شبّه فيه الأعلى بالأدنى لا في مقام السلب، وأجيب بأنه للتقريب إلى أذهان المخاطبين، إذ لا أعلى من نوره، فيشبّه به كذا في الاتقان. أقول هكذا أورد في تشبيه الصلاة على نبينا وآله صلى الله عليه وعليهم وسلّم بالصلاة على إبراهيم وآله بأن الصلاة على نبينا أكمل وأعلى لقوله تعالى إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ولقوله تعالى هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ الآية. ولأنّ نبينا عليه الصلاة والسلام سيد المرسلين بالإجماع لا خلاف فيه لأحد من المؤمنين، فالصلاة عليه أشرف وأكمل وأعلى بلا ريب فيلزم تشبيه الأعلى بغير الأعلى. وأجيب عن ذلك بوجوه:
أوّلها أنّ إبراهيم على نبيّنا وعليه الصلاة والسلام دعا لنبينا حيث قال رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ الآية وقال النبي صلى الله عليه وسلم (أنا دعوة إبراهيم) الحديث، فلما وجب للخليل على الحبيب حق دعائه قضى الله تعالى عنه حقّه بأن أجرى ذكره على ألسنة أمته إلى يوم القيمة. وثانيها أنّ إبراهيم سأل ربه بقوله وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ يعني ابق لي ثناء حسنا في أمة محمد عليه الصلاة والسلام، فأجابه الله تعالى إليه وقرن ذكره بذكر حبيبه إبقاء للثناء الحسن عليه في أمته. وثالثها أنّ إبراهيم أبو الملّة لقوله تعالى مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ الآية ولقوله تعالى قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً الآية، وغيرها من الآيات. ونبينا عليه السلام كان أبا الرحمة لقوله تعالى النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ الآية فلمّا وجب لكل واحد منهما عليهما السلام حقّ الأبوة وحقّ الرحمة قرن بين ذكريهما في باب الصلاة والثناء. ورابعها أنّ إبراهيم كان منادي الشريعة في الحجّ وكان نبينا عليه السلام منادي الدين لقوله تعالى رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ الآية، فجمع بينهما في الصلاة. وخامسها أنّ الشّهرة والظهور في المشبّه به كاف للتشبيه، ولا يشترط كون المشبّه به أكمل وأتمّ في وجه التشبيه. وكان أهل مكّة يدينون ملة إبراهيم على زعمهم وكان أكثرهم من أولاد إسماعيل وإسماعيل بن إبراهيم، وكان إبراهيم مشهورا عندهم وكذلك عند اليهود والنصارى لأنهم من أولاد إسحاق وهو ابن إبراهيم أيضا، فكلّهم ينسبون إلى إبراهيم عليهم السلام. وسادسها بعد تسليم الاشتراط المذكور يكفي أن يكون المشبّه به أتم وأكمل ممن سبق أو من غيره، ولا يشترط كونه أتمّ من المشبّه كما في قوله تعالى اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الآية. هكذا في التفسير الكبير وشرح المشكاة ومدارج النبوة.

اعلم أنّه في جامع الصنائع يقول: إنّ التشبيه ينقسم إلى قسمين: الأول: مرعي، يعني أنّ المشبّه والمشبّه به كلاهما من الأعيان، أي الموجودات كما في تشبيه السالفة بالليل والشفة بالسكر. والثاني: غير مرعي: وهو أن يكون المشبّه به ليس من الموجودات، ولكن من الممكن أن يكون كما في تشبيه العمود المدبّب الرأس «ويشعل في الحرب» بالجبل وكانون النار «المصنوع من النحاس» كأنّه بحر من الذهب.

ثم إنّ التشبيه على أنواع: أحدها: التشبيه المطلق، وهو الذي ذكرت فيه أداة التّشبيه وهي في اللسان العربي: الكاف، وكأنّ، ومثل، ونحو ذلك وفي الفارسية: چون «مثل» «ومانند» «مثل» و «گوئي» «كأنك تقول» وما أشبه ذلك. مثال التشبيه المطلق:
عيناك قاهرة كالنار وجودك جار كالماء وطبعك صاف كالنسيم وحلمك ثابت كالطين (الأرض) الثاني: تشبيه مشروط بأنّ يكون شيء يشبه شيئا آخر ومتوقّف على شرط مثاله: إنّي اسمّي قامتك الجميلة سروا ولكن بشرط أن يكون للسّرو غنج ودلال. حينما تخطرون في الحديقة لا يبلغ الورد إلى مستوى رائحتكم ولكن السّرو يستطيع مصارعة قامتكم لو كان غير مقيّد.

الثالث: التشبيه بالعكس: وهو أن يشبّه شيء بشيء في وصف.
ثم يعود فيشبّه المشبّه به في صفة بالمشبّه مثاله:
لقد أضاء سطح الأرض من لمعان الحديد في حوافر خيله حتى بدت كالفلك.
وصار الفلك من غبار جيشه كالأرض مملوءا بالعجاج. مثال آخر:
كرة الأرض من بهاء طلعتك تسامي الفلك في سمّوه والفلك الدوار من غبار حصانك اتخذ الأرض شعارا الرابع: تشبيه الإضمار وهو إيراد شيئين يمكن التشبيه بهما دون ذكر التشبيه، ثم ذكر ألفاظ تجعل السامع يظنّ أنّ المراد هو شيء آخر. وهنا يقع الإيهام والغموض بأنّ المراد هو التشبيه.

ومثاله: إن تحركي سالفك فسأملأ الدنيا هياجا.

أجل: فالمجنون يزيد هيجانه إذا حرّك أحد قيوده.

الخامس: التشبيه بالكناية. أي أن يشبّه شيء بشيء دون ذكر اسمه صراحة، يعني يكنّى عن المشبّه به ولا ذكر للمشبّه أو المشبّه به في الكلام، ولكنه يفهم من السّياق، ومثاله: نزلت من النرجس (قطرات) من اللؤلؤ وسقّت الورد وهزّت العنّاب بحبات من البرد الذي يبهج النفس (الروح).

السادس: تشبيه التفضيل وهو أن يشبّه شيئا بآخر ثم يرجع عن ذلك فيشبّه المشبّه به بالمشبّه مع تفضيل المشبّه ومثاله: أنت كالقمر ولكن أي قمر إنّه متكلّم. أنت كالسّرو ولكن سرو مغناج.

السابع: تشبيه التّسوية: أن يشبّه شيء بشيء آخر يساويه في الصفة انتهى. ويقول في مجمع الصنائع: إنّ تشبيه التسوية حسب ما هو مشهور هو أن يعمد الشاعر إلى صفة من صفاته صفة مماثلة من أوصاف محبوبه فيشبههما بشيء آخر. وأمّا الطريق غير المشهور فهو أن يشبّه الشاعر شيئين بشيء واحد. ومثال هذين النوعين في بيت من الشعر العربي وهما: صدغ الحبيب وحالي كلاهما كالليالي ثغوره في صفاء ودمعي كاللآلي والتشبيه عند أهل التصوّف عبارة عن صورة الجمال، لأنّ الجمال الإلهي له معان وهي الأسماء والأوصاف الإلهية، وله صورة وهي تجليّات تلك المعاني فيما يقع عليه من المحسوس أو المعقول. فالمحسوس كما في قوله عليه السلام «رأيت ربي صورة شاب أمرد». والمعقول كقوله تعالى «أنا عند ظنّ عبدي بي فليظن بي ما شاء» وهذه الصورة هي المراد بالتشبيه، وهو في ظهوره بصور جماله باق على ما استحقه من تنزيه. فكما أعطيت الجناب الإلهي حقّه من التنزيه فكذلك أعطه من التشبيه الإلهي حقّه.
واعلم أنّ التشبيه في حقّ الله تعالى حكم بخلاف التنزيه، فإنه في حقّه أمر عيني ولا يدركه إلّا الكمّل. وأمّا من سوههم من العارفين فإنما يدرك ما قلنا إيمانا وتقليدا لما تقضيه صور حسنه وجماله، إذ كل صورة من صور الموجودات هي صورة حسنه، فإن شهدت الصورة على الوجه التشبيهي ولم تشهد شيئا من التنزيه فقد أشهدك الحق حسنه من وجه واحد، وإن أشهدك الصورة التشبيهية وتعلّقت فيها التنزيه الإلهي فقد أشهدك الحقّ جماله وجماله من وجهي التشبيه والتنزيه فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ. واعلم أنّ للحق تشبيهين: تشبيه ذاتي وهو ما عليك من صور الموجودات المحسوسة أو ما يشبه المحسوسة في الخيال، وتشبيه وصفي وهو ما عليه صور المعاني الأسمائية المنتزعة عما يشبه المحسوس.
وهذه الصورة تتعقل في الذهن ولا تتكيف في الحسّ، فمتى تكيفت التحقت بالتشبيه الذاتي، لأن التكيّف من كمال التشبيه والكمال بالذات أولى فبقي التشبيه الوصفي، وهو ما لا يمكن التكيّف فيه بنوع من الأنواع ولا حين يضرب المثل. ألا ترى الحقّ سبحانه كيف ضرب المثل عن نوره بالمشكاة والمصباح والزجاجة وكأنّ الإنسان صورة هذا التشبيه الذاتي، لأن المراد بالمشكاة صدره والزجاجة قلبه وبالمصباح سرّه وبالشجرة المباركة الإيمان بالغيب، وهو ظهور الحقّ في صورة الخلق، لأن معنى الحق غيب في صورة شهادة الخلق، والإيمان به هو الإيمان بالغيب. والمراد بالزيتونية الحقيقة المطلقة التي لا تقول بأنها من كلّ الوجوه حقّ، ولا بأنها من كل الوجوه خلق، فكانت الشجرة الإيمانية لا شرقية، فنذهب إلى التنزيه المطلق بحيث ينفى التشبيه، ولا غربية فنقول بالتشبيه المطلق حتى ينفى التنزيه، فهي تعصر بين قشر التشبيه ولبّ التنزيه، وحينئذ يكاد زيتها يضيئ الذي هو يغيبها فترتفع ظلمة الزيت بنوره ولو لم تمسسه نار المعاينة الذي هو نور عياني، وهو نور التشبيه على نور الإيمان، وهو نور التنزيه يهدي الله لنوره من يشاء. فكان هذا التشبيه ذاتيا، وهو وإن كان ظاهرا بنوع من ضرب المثل فذلك المثل أحد صور حسنه.
فكلّ مثل ظهر فيه الممثّل به فإنّ المثل أحد صور الممثّل به لظهوره به، كذا في الإنسان الكامل.

الأمر

الأمر: اقتضاء فعل غير كف، مدلول عليه بغير لفظ كف، ولا يعبر به علو ولا استعلاء على الأصح.
الأمْر: هو في لغة العرب عبارة عن استعمال صِيَغِ الأمر على سبيل الاستعلاء وعرَّفوه: بأنه كلام تامٌّ دال على طلب الفعل على سبيل الاستعلاء، وعند الصوفية: عالم الأمر يطلق على عالمٍ وجد بلا مادَّة الشريعة، وعالمُ الخلق ما وُجد بمدةٍ ومادةٍ.
الأمر:
[في الانكليزية] Apostrophe ،supernatural world
[ في الفرنسية] Apostrophe ،le monde surnaturel
بفتح الألف وسكون الميم في لغة العرب عبارة عن استعمال صيغ الأمر كنزال وأنزل ولينزل وصه على سبيل الاستعلاء، كذا ذكره السيّد السّند في حاشية المطول ناقلا عن المفتاح. وعند المتصوّفة يطلق على عالم وجد بلا مدة ومادة كما في كشف اللغات حيث قال:
أمر بالفتح «كار وفرمان» بالفارسية، وفي اصطلاح المتصوّفة: الأمر: هو عالم بدون مادّة ولا مدّة مثل: عقول ونفوس. وهذا ما يدعونه عالم الأمر وعالم الملكوت وعالم الغيب. وقيل عالم الأمر ما لا يدخل تحت المساحة والمقدار ويجيء في لفظ العالم. وأمّا عند أهل العربية فالنحاة منهم على أنه ما يطلب به الفعل من الفاعل المخاطب بحذف حرف المضارعة سواء طلب على وجه الاستعلاء أو لا على ما قال الرضي. والصرفيون منهم على أنه يشتمل الأمر بغير اللام وباللام، صرّح بذلك في الــأطول.
ويؤيده ما قال المولوي عصام الدين في حاشية الفوائد الضيائية: الأمر في ألسنة الصرفيين يشتمل الأمر باللام وهو الاصطلاح المشتهر بين المحصّلين. وقال في تعريف المعرب النحوي لا يسمّي ما هو باللام أمرا بل مضارعا مجزوما والأمر باصطلاحه ما هو بغير اللام. لكن في المطول ما يخالفه حيث قال: والقسمان الأوّلان أي الصيغة المقترنة باللام وغير المقترنة بها سمّاهما النحويون أمرا [قال في الــأطول:
وسمّاها الصرفيون] سواء استعملا في حقيقة الأمر أو في غيرها حتى أن لفظ اغفر فيّ:
اللهم اغفر لي أمر عندهم. ووجه التسمية غلبة استعمالهما في حقيقة الأمر أعني طلب الفعل على سبيل الاستعلاء انتهى.
أما أسماء الأفعال التي هي بمعنى الأمر فليست بأمر عند الفريقين، لأن الأمر عندهم من أقسام الفعل. وأهل المعاني على أن صيغ الأمر ثلاثة أقسام: المقترنة باللام الجازمة وغير المقترنة بها. والاسم الدّال على طلب الفعل من أسماء الأفعال. وعرّفوه بأنه كلام تام دالّ على طلب الفعل على سبيل الاستعلاء وضعا على ما في الــأطول، وهكذا عند الأصوليين والمتكلّمين والمنطقيين، إلّا أنه قد يطلق الأمر عند جمهور الأصوليين على الفعل أيضا مجازا كما ستعرف.
فالكلام جنس. والتامّ صفة كاشفة. وقوله دال على طلب الفعل احتراز عمّا لا يدلّ على الطلب أصلا، وعمّا يدلّ عليه لكن لا يدل على طلب الفعل، بل على طلب الكفّ كالنهي.
وقوله على سبيل الاستعلاء احتراز عن الدعاء والالتماس. وقوله وضعا احتراز عن نحو أطلب منك الفعل فإنه ليس بأمر إذ لم توضع صيغة اطلب أي صيغة المضارع المتكلم للطلب، فإنّ المراد بالوضع الوضع النوعي لا الشخصي.
قيل يخرج عن الحدّ كفّ نفسك عن كذا.
وأجيب بأن الحيثية معتبرة فإن الحيثية كثيرا ما تحذف سيّما في التعريفات للشهرة على ما ستعرف في لفظ الأصل فإن الكفّ له اعتباران.
أحدهما من حيث ذاته وأنه فعل في نفسه وبهذا الاعتبار هو مطلوب قولك: كفّ عن الزنا مثلا.
والثاني من حيث أنه كفّ عن فعل وحال من أحواله وآلة لملاحظته، وبهذا الاعتبار هو مطلوب لا تزن مثلا. فإذا قيل طلب فعل من حيث أنه فعل دخل فيه كفّ عن الزنا وخرج لا تزن.
ثم اعلم أنّ اشتراط الاستعلاء هو مذهب البعض كأبي الحسن ومن تبعه. والمراد بالاستعلاء طلب العلوّ وعدّ الطالب نفسه عاليا، سواء كان في نفسه عاليا أو لا. ورأى الأشعري إهمال هذا الشرط. والمعتزلة يشترطون العلوّ.
وإنّما قلنا والمراد بالاستعلاء كذا لأن لفظ الاستعلاء بهذا المعنى من مصنوعات المصنفين، وإلّا ففي الصحاح استعلى الرجل أي علا واستعلاه أي علاه. فظاهر التعريف يوافق مذهب المعتزلة، هكذا ذكر صاحب الــأطول.
وإنما اشترط الاستعلاء لأن من هو أعلى رتبة من الغير لو قال له على سبيل التضرّع افعل، لا يقال إنه امره. ولو قال من هو أدنى رتبة لمن هو أعلى منه افعل على سبيل الأمر يقال إنه أمره، ولهذا يصفونه بالجهل والحمق. فعلم أن ملاك الأمر هو الاستعلاء. وقوله تعالى حكاية عن فرعون: فَماذا تَأْمُرُونَ مجاز عن تشيرون للقطع بأن الطلب على سبيل التضرّع أو التساوي لا يسمّى أمرا لا لغة ولا اصطلاحا.
واعلم أنّه لا نزاع في أنّ الأمر كما يطلق على نفس الصيغة كذلك يطلق على التكلّم بالصيغة، وطلب الفعل على سبيل الاستعلاء.
وبالاعتبار الثاني وهو كون الأمر بمعنى المصدر يشتق منه الفعل وغيره مثل أمر يأمر والآمر والمأمور وغير ذلك كذا في التلويح. فهذا التعريف باعتبار الإطلاق الأول. وأما ما قيل من أن الأمر هو قول القائل استعلاء افعل فيمكن تطبيقه على كلا الاعتبارين، فإن القول يطلق بمعنى المقول وبمعنى المصدر. قيل المراد بقوله افعل ما اشتق من مصدره اشتقاق افعل من الفعل. وفيه أنه يخرج من التعريف حينئذ نحو ليفعل ونزال. وقيل المراد من افعل كل ما يدل على طلب الفعل من لغة العرب، ولا فساد في اختصاص التعريف بلغة العرب، لأنّ مقصود الأصوليين مراد الألفاظ العربية لمعرفة أحكام الشرع المستفاد من الكتاب والسنة لا غيرها، فدخل في الحدّ نحو ليفعل ونزال.
وقيل افعل كناية عن كل ما يدل على طلب الفعل من صيغ الأمر على أيّ لغة تكون وعلى أيّ وزن تكون. ويرد على طرد هذا التعريف أنّ صيغة افعل على سبيل الاستعلاء قد تكون للتهديد والتعجيز ونحو ذلك، فإنها ترد لخمسة عشر معنى وليست بأمر. ويقول العبد الضعيف في جوابه: إن هذا إنما يرد لو فسّر افعل بما اشتق من مصدره اشتقاق افعل من الفعل. وأما على التفسيرين الآخرين فلا يرد شيء. ويردّ على عكس هذا التعريف قول الأدنى للأعلى افعل تبليغا أو حكاية عن الآمر المستعلي، فإنه أمر وليس على طريق الاستعلاء من القائل. قيل مثله لا يعدّ في العرف مقول هذا القائل الأدنى بل مقول المبلّغ عنه وفيه استعلاء من جهته. أو قيل الأمر اقتضاء فعل غير كفّ على سبيل الاستعلاء، سواء كان في صيغة سمّاها أهل العربية أمرا أو نهيا أو لا، إذ الاعتبار للمعنى دون الصيغة، فاترك وكفّ ونحوهما نهي نظرا إلى المعنى وإن كان أمرا صيغة، ولا تكف ولا تترك ونحوهما أمر لا نهي انتهى. ولا يخفى أنه اصطلاح ولا مشاحة فيه.
اعلم أنّ من أثبت الكلام النفسي عرّف الأمر على ما هو النفسي من الطلب والاقتضاء وما يجري مجراهما، والنفسي هو الذي لا يختلف بالأوضاع واللغات. وإنما عرف به ليعلم أن اللفظي هو ما يدل عليه من أي لغة كانت.
ولذا قيل إنّ الأمر بالحقيقة هو ذلك الاقتضاء، والصيغة سمّيت به مجازا لدلالتها عليه كذا قيل. فالتعريفان الأولان يحتملان الأمر اللفظي والنفسي. وكذا ما قيل إنه طلب فعل غير كفّ على جهة الاستعلاء، فإنّ الطلب كما يطلق على المعنى المصدري كذلك يطلق على الكلام الدال على الطلب كما يجيء. وما قيل إنه اقتضاء فعل الخ تعريف للأمر النفسي.
اعلم أنه قد ذكر أصحابنا في الأمر وجوّها مزيفة وكذا المعتزلة. أما أصحابنا فقال القاضي: الأمر هو القول المقتضي طاعة المأمور بفعل المأمور به وارتضاه الجمهور، واعترض عليه بأنه مشتمل على الدّور، فإنّ المأمور الواقع في الحدّ مرتين مشتق من الأمر فيتوقف معرفته على معرفة الأمر وأيضا الطاعة موافقة للأمر. وأجيب بأنّا إذا عرّفنا الأمر بوجه ما ككونه كلاما كفانا ذلك في أن يعلم المخاطب به وهو المأمور وما يتضمّنه وهو المأمور به وفعل مضمونه وهو طاعة. والحاصل أن المأمور والمأمور به والطاعة لا تتوقف معرفتها على معرفة الأمر بحقيقته، بل على معرفته بوجه ما فلا دور. وقيل هو الخبر بالثواب عن الفعل تارة والعقاب على الترك تارة. ويرد عليه أنه يستلزم الثواب والعقاب حذرا عن الخلف في خبر الصادق وليس كذلك. أما الثواب فلجواز إحباط العمل بالرّدة، وأما العقاب فلجواز العفو والشفاعة. فالأولى أن يقال إنه الخبر باستحقاق الثواب على الفعل والعقاب على الترك. ويرد عليهما أنّ الخبر يستلزم إمّا الصدق أو الكذب والأمر من قبيل الإنشاء المباين للخبر فكيف يجعل أحد المتباينين جنسا للآخر. أمّا المعتزلة فلمّا أنكروا الكلام النفسي وكان الطلب نوعا منه لم يمكنهم تحديده به، فتارة حدّدوه باعتبار اللفظ فقالوا:
هو قول القائل لمن دونه افعل. ويرد عليه الإيرادان السابقان المذكوران في التعريف الثاني مع إيراد آخر وهو أن افعل إذا صدر عن الأدنى على سبيل الاستعلاء لا يكون أمرا. وأجيب بمنع كونه أمرا عندهم لغة وإن سمّي به عرفا.
والمراد بالقول هو اللفظ لأنهم لم يقولوا بالكلام النفسي. وقال قوم هو صيغة افعل مجرّدة عن القرائن الصارفة عن الأمر وفيه أنه تعريف للأمر بالأمر فيشتمل الدّور. وأجيب بأن الأمر المأخوذ في التعريف بمعنى الطلب. وتارة باعتبار ما يقترن بالصيغة من الإرادة. فقال قوم صيغة افعل بإرادات ثلاث: إرادة وجود اللفظ وإرادة دلالتها على الأمر وإرادة الامتثال.
واحترز بالأولى عن النائم إذ يصدر عنه صيغة افعل من غير إرادة وجود اللفظ وبالثانية عن التهديد والتخيير ونحو ذلك، وبالثالثة عن الصيغة التي تصدر عن المبلّغ والحاكي فإنه لا يريد الامتثال. ويرد عليه أن فيه تعريف الشيء بنفسه. وأجيب بأن المراد بالأمر الثاني هو الطلب. وغايته أنه استعمل اللفظ المشترك تعويلا على القرينة. وتارة باعتبار نفس الإرادة فقال قوم الأمر إرادة الفعل. وفيه أنه لو كان الأمر هو الإرادة لوقعت المأمورات كلها لأن الإرادة تخصّص المقدور بحال حدوثه، وإذا لم يوجد لم يحدث، فلا يتصوّر تخصيصه بحال حدوثه. قيل مبنى هذا على أن الإرادة من الله والعبد معنى واحد وأن إرادته فعل العبد يستلزم وقوعه، وهذا لا يطابق أصول المعتزلة وتمام تحقيقه في الكلام.
فائدة:
لفظ الأمر حقيقة في الصيغة بالاتفاق مجاز في الفعل عند الجمهور، وحقيقة عند البعض حتى يكون مشتركا. فقد ذهب أبو الحسين البصري إلى أن لفظ الأمر مشترك بين القول المخصوص والشيء والفعل والصفة والشأن لتردّد الذهن عند إطلاقه إلى هذه الأمور، وردّ بالمنع، بل يتبادر الذهن إلى القول المخصوص. وقيل هو حقيقة في القدر المشترك بين القول والفعل أعني هو مشترك معنوي ومتواطئ بينهما، وهو مفهوم أحدهما دفعا للاشتراك والمجاز. وبعضهم على أنه الفعل أعم من أن يكون باللسان أو بغيره.
ثم اختلفوا في أن صيغة الأمر لماذا وضعت. فقال الجمهور إنها حقيقة في الوجوب فقط. وقال أبو هاشم إنها حقيقة في الندب فقط. وقيل في الطلب وهو القدر المشترك بين الوجوب والندب. وقيل مشتركة بين الوجوب والندب اشتراكا لفظيّا. وقال الأشعري والقاضي بالتوقّف فيهما أي لا ندري أهو للوجوب أو الندب، وقيل مشتركة بين معان ثلاثة الوجوب والندب والإباحة. وقيل للقدر المشترك بين الثلاثة وهو الإذن. وقالت الشيعة هي مشتركة بين الوجوب والندب والإباحة والتهديد.
فائدة:
ضد الأمر النهي أي كلام دالّ على طلب الكفّ من الفعل على سبيل الاستعلاء وضعا، أو هو قول القائل استعلاء لا تفعل، أو هو القول المقتضي طاعة المنهي بترك المنهي عنه، أو قول القائل لمن دونه لا تفعل مجرّدة عن القرائن الصارفة عن النهي، أو صيغة لا تفعل بإرادات ثلاث: وجود اللفظ ودلالته والامتثال، وعلى هذا القياس. وفوائد القيود والاعتراضات والأجوبة ما مرّت في لفظ الأمر، هذا كله خلاصة ما في العضدي وحاشيته للتفتازاني والتلويح والچلپي والمطول والــأطول. وفي تعريفات السيد الجرجاني الأمر بالمعروف هو الإرشاد إلى المراشد المنجية والنهي عن المنكر الزجر عمّا لا يلائم في الشريعة. وقيل الأمر بالمعروف الدلالة على الخير والنهي عن المنكر المنع عن الشر. وقيل الأمر بالمعروف أمر بما يوافق الكتاب والسنة، والنهي عن المنكر نهي عمّا يميل إليه النفس والشهوة. وقيل الأمر بالمعروف إشارة إلى ما يرضي الله تعالى من أفعال العبد وأقواله والنهي عن المنكر تقبيح ما ينفر عنه الشريعة والعفة، وهو ما لا يجوز في دين الله تعالى انتهى.

الْفَصْل

(الْفَصْل) الْمسَافَة بَين الشَّيْئَيْنِ والحاجز بَين الشَّيْئَيْنِ وملتقى كل عظمين فِي الْجَسَد وَالْفرع يُقَال للنسب أصُول وفصول وَوَاحِد فُصُول السّنة الشمسية وَهِي الرّبيع والصيف والخريف والشتاء وَأحد أَجزَاء الْكتاب مِمَّا ينْدَرج تَحت الْبَاب وَأحد أَقسَام التمثيلية يُقَال تمثيلية ذَات أَرْبَعَة فُصُول وَأحد أَقسَام الْمدرسَة وَيُسمى الصَّفّ أَيْضا (محدثة) وَمن القَوْل مَا كَانَ حَقًا قَاطعا وَيَوْم الْفَصْل يَوْم الْقِيَامَة وَفصل الْخطاب مَا كَانَ الحكم فِيهِ قَاطعا لَا راد لَهُ
الْفَصْل: وَفِي (الصراح) الْفَصْل هُوَ جُزْء من أَرْبَعَة أَجزَاء من السّنة، وَلَا يخفى أَن أَصْحَاب التنجيم قسموا السّنة إِلَى أَرْبَعَة فُصُول، وَبَيَانه فِي الْإِجْمَال أَنه فِي مُعظم المعمورة يكون الْحمل والثور والجوزاء بروج الرّبيع يَعْنِي أَنه عِنْدَمَا تكون الشَّمْس فِي هَذِه البروج يكون فصل الرّبيع، وَأما السرطان والأسد والسنبلة (الْعَذْرَاء) فَهِيَ بروج الصَّيف، وَالْمِيزَان وَالْعَقْرَب والقوس بروج الخريف، والجدي والدلو والحوت بروج الشتَاء. وَفِي بعض الْإِمْكَان يسمون بروج الرّبيع والصيف الشمالية، وبروج الخريف والشتاء الجنوبية، وعندما تكون الشَّمْس فِي برج الْحمل أَو الْمِيزَان يتساوى اللَّيْل وَالنَّهَار فِي كل الْآفَاق. أَي يكون اللَّيْل اثْنَتَا عشر سَاعَة وَالنَّهَار اثْنَتَا عشر سَاعَة. وَفِي بَاقِي أَيَّام السّنة، فعندما تكون الشَّمْس فِي البروج الشمالية يكون النَّهَار أطول من اللَّيْل.
وَاعْلَم أَنه من أول الْحمل حَتَّى أول السرطان يزْدَاد طول النَّهَار وَيقصر اللَّيْل، إِذا فَإِن أطول نهارات السّنة وأقصر لياليها فِي أول السرطان وَمن أول السرطان حَتَّى أول الْمِيزَان يبْدَأ النَّهَار بِالْقصرِ وَيطول اللَّيْل حَتَّى يعودان للتساوي فِي أول الْمِيزَان وَمن هُنَاكَ حَتَّى أول الجدي يكون اللَّيْل أطول من النَّهَار، إِذا فَإِن أطول لَيْلَة وأقصر نَهَار فِي السّنة يكونَانِ فِي أول الجدي وَمن هُنَاكَ حَتَّى أول الْحمل يعود اللَّيْل إِلَى النُّقْصَان وَالنَّهَار إِلَى الزِّيَادَة حَتَّى يعاودان التَّسَاوِي فِي أول الْحمل.
الْفَصْل: فِي اللُّغَة (جدا كردن) وَهُوَ كثيرا مَا يَقع فِي الْكتب وَيكون مستعارا للألفاظ والنقوش تَنْبِيها على مُغَايرَة مَا بعده لما قبله وَهُوَ فِي الأَصْل مصدر بِمَعْنى الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول وَيكون مَبْنِيا على السّكُون لِأَنَّهُ يَقع غير مركب أَو مَرْفُوعا على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي هَذَا فصل مفصول عَن الْكَلَام السَّابِق وَيجوز أَن يَقع مُبْتَدأ ومضافا إِلَى مَا بعده بِحَسب صَلَاحِية الْمقَام. وَعند المنطقيين كلي مقول على الشَّيْء جِنْسا كَانَ أَو نوعا فِي جَوَاب السُّؤَال بِأَيّ شَيْء هُوَ فِي جوهره فَإِن ميز شَيْئا عَن مشاركيه فِي الْجِنْس الْقَرِيب ففصل قريب كالناطق للْإنْسَان والحساس للحيوان وَإِن ميزه عَن مشاركيه فِي الْجِنْس الْبعيد ففصل بعيد كالحساس للْإنْسَان.
وَاعْلَم أَن قَوْلهم فِي جوهره ظرف مُسْتَقر فِي مَوضِع الْحَال عَن هُوَ إِمَّا بِلَا تَأْوِيل على مَذْهَب من جوز الْحَال عَن الْخَبَر فَالْمَعْنى أَي شَيْء هُوَ مُعْتَبرا أَو ملاحظا فِي ذَاته أَي مَعَ قطع النّظر عَن عوارضه وَإِمَّا بالتأويل على مَذْهَب من قَالَ إِن الْحَال يبين هَيْئَة الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول بِهِ لَا غير فَالْمَعْنى أَي شَيْء يميزه مُعْتَبرا أَو ملاحظا فِي ذَاته فَإِن قلت وجود الْفَصْل يسْتَلْزم الْمحَال إِذْ لَا بُد للفصل من فصل آخر وهلم جرا فَيلْزم التسلسل لِأَن الْفَصْل كالناطق لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون أَعم من محمولات نَوعه كالإنسان أَو أخص مِنْهَا لَا جَائِز أَن يكون أعمها إِذْ من جُمْلَتهَا الْحَيَوَان مثلا الَّذِي هُوَ جنس الْإِنْسَان وَفصل النَّوْع لَا يكون أَعم من جنسه بل يكون مُخَصّصا ومقوما لَهُ فَبَقيَ أَن يكون أخص من تِلْكَ المحمولات فَيكون حِينَئِذٍ متميزا عَن المشاركات بفصله فَإِذن لَا بُد لكل فصل فصل قُلْنَا الْفَصْل مَفْهُوم من المفهومات وَلَا نسلم أَن يكون كل مَفْهُوم ممتازا عَمَّا سواهُ بفصله لم لَا يجوز أَن يكون بعض المفهومات بسيطا والبسيط لَا يكون لَهُ جنس وَلَا فصل لِأَن كلا مِنْهُمَا جُزْء والبسيط لَا جُزْء لَهُ.
وَاعْلَم أَن القَاضِي محب الله افتخر باعتراضه فِي السّلم بقوله وَالثَّانِي سنح لي وَهُوَ أَن الْكُلِّي إِلَى آخِره. وَتَقْرِير الِاعْتِرَاض أَن قَوْلهم لَا يكون لشَيْء وَاحِد فصلان قريبان بَاطِل لِأَن الْكُلِّي قد يكون لَهُ فصلان قريبان كالحيوان فَإِنَّهُ كَمَا يصدق على وَاحِد من أَفْرَاده كالفرس مثلا بِصدق وَاحِد كَذَلِك يصدق على كثيرين من أَفْرَاده كالإنسان وَالْفرس مَعًا بِصدق وَاحِد فَحِينَئِذٍ مَجْمُوع الْإِنْسَان وَالْفرس حَيَوَان فَلهُ حِينَئِذٍ فصلان قريبان النَّاطِق والصاهل أَقُول صدق الْحَيَوَان على كثيرين من أَفْرَاده بِصدق وَاحِد مَمْنُوع (نعم) أَنه يصدق عَلَيْهَا على سَبِيل الْبَدَلِيَّة وَهُوَ لَا يضرنا لِأَن الْحَيَوَان حِينَئِذٍ لَيْسَ بِشَيْء وَاحِد بل شَيْئَانِ وَإِنَّمَا الْمحَال أَن يكون لشَيْء وَاحِد فصلان قريبان لَا مُطلقًا.
وَيُؤَيِّدهُ مَا وجدنَا بعد تَحْرِير هَذَا الْجَواب فِي الْحَاشِيَة الْقَدِيمَة لجلال الْعلمَاء الدواني رَحمَه الله أَن كل مَفْهُوم كَمَا يصدق على وَاحِد من أَفْرَاده يصدق على الْكثير مِنْهَا كالإنسان مثلا كَمَا يصدق على كل وَاحِد من زيد وَعَمْرو وَبكر يصدق على جَمِيعهم وكالواحد يصدق على كل وَاحِد وعَلى الْجَمِيع أَيْضا إِلَّا أَنه يصدق على الْوَاحِد بِقَيْد الْوحدَة وعَلى الكثيرين بِقَيْد الْكَثْرَة. وَالْمُطلق صَادِق عَلَيْهِمَا على السوَاء فَيصدق على كل وَاحِد من زيد وَعَمْرو وَغَيره إِنَّه إِنْسَان وَاحِد وعَلى جمعهم أنَاس كَثِيرَة. فَإِن قيل مَا ذكره جلال الْعلمَاء يسْتَلْزم الْمحَال لاستلزامه صدق الْعلَّة على الْمَعْلُول وَهُوَ محَال لِأَن بَينهمَا مباينة كُلية. وَوجه الاستلزام أَن الْعلَّة مَفْهُوم من المفهومات فَيلْزم على مَا ذكرْتُمْ أَن تصدق على الْمَعْلُول الْمركب من الْعلَّة المادية والصورية كَمَا تصدق على الْعلَّة المادية فَقَط قُلْنَا الْمَجْمُوع الَّذِي يصدق عَلَيْهِ الْمَعْلُول لَا تصدق عَلَيْهِ الْعلَّة وَالَّذِي تصدق عَلَيْهِ الْعلَّة لَا يصدق عَلَيْهِ الْمَعْلُول فَمَا هُوَ محَال لَيْسَ بِلَازِم وَمَا هُوَ لَازم لَيْسَ بمحال.
وتوضيحه أَن الْمَعْلُول إِنَّمَا يصدق على الْمَجْمُوع من حَيْثُ إِنَّه وَاحِد وَالْعلَّة إِنَّمَا تصدق على مَجْمُوع الْآحَاد بِلَا اعْتِبَار الْوحدَة وَالْفرق بَينهمَا كالفرق بَين الْفرق والقدم. وَالْحَاصِل أَن الْمَجْمُوع مَعَ اعْتِبَار الْوحدَة بِالدُّخُولِ أَو الْعرُوض مَعْلُول وَبلا اعْتِبَارهَا عِلّة فَإِن قيل لم لَا يجوز أَن يكون لشَيْء وَاحِد فصلان قريبان. قُلْنَا إِن الْفَصْل عِلّة لتقوم الْجِنْس وتحصله كَمَا فصلنا فِي تَحْقِيق الْجِنْس أَمر مُبْهَم فَلَو كَانَ لشَيْء وَاحِد فصلان قريبان فِي مرتبَة وَاحِدَة لزم توارد الْعِلَل المستقلة على مَعْلُول وَاحِد وَهُوَ محَال. وَأَيْضًا يلْزم الِاسْتِغْنَاء عَن الذاتي لاكتفاء أَحدهمَا فِي التَّقْوِيم. فَإِن قلت إِن للحيوان فصلين قريبين الحساس والمتحرك بالإرادة قلت قد مر هَذَا السُّؤَال وَجَوَابه فِي (الْحَيَوَان) فللإنسان أَن يرجع إِلَى الْحَيَوَان حَتَّى يحصل لَهُ تَقْرِيره الوافي وَجَوَابه الشافي.

الإطناب

الإطناب:
[في الانكليزية] Prolixity
[ في الفرنسية] Prolixite

بالنون قال أهل البلاغة: الإطناب والإيجاز من أعظم أنواع البلاغة، حتى نقل عن البعض أنه قال البلاغة هي الإيجاز والإطناب.

قال صاحب الكشاف: كما أنه يجب على البليغ في مظان الإجمال أن يجمل ويوجز فكذلك الواجب عليه في موارد التفصيل أن يفصل، كما إذا كان الكلام مع المحبوب فيؤتى بكلام طويل لأن كثرة الكلام توجب طول الصحبة معه، وكثرة الالتفات منه، كما قال الله تعالى حكاية عن قول موسى عليه السلام في جواب قوله تعالى وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى، قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى، كذا في الجرجاني.
واختلف هل بين الإيجاز والإطناب واسطة وهي المساواة أو لا وهي داخلة في قسم الإيجاز؟
فالسكّاكي وجماعة على الأول، لكنهم جعلوا المساواة غير محمودة ولا مذمومة لأنهم فسّروها بالمتعارف من كلام أوساط الناس الذين ليسوا في رتبة البلاغة، وفسّروا الإيجاز بأداء المقصود بأقل من المتعارف، والإطناب بأدائه بأكثر منه.

وابن الأثير وجماعة على الثاني فقالوا:
الإيجاز التعبير عن المراد بلفظ غير زائد والإطناب بلفظ ازيد.
وقال القزويني الأقرب أن يقال إن المقبول من طرق التعبير عن المراد تأدية أصله إمّا بلفظ مساو لأصل المراد، أو ناقص عنه واف، أو زائد عليه لفائدة، والأول المساواة، والثاني الإيجاز، والثالث الإطناب. واحترز بقوله واف عن الإخلال، وبقوله لفائدة عن الحشو والتطويل فعنده تثبت المساواة واسطة وأنها من قسم المقبول، كذا في الإتقان. لكن قال الچلپي في حاشية المطول إنّ الإطناب في اصطلاح السكّاكي يعم المساواة فتعريفه بأداء المقصود بأكثر منه لا يلائم مذهبه انتهى. قال صاحب الــأطول: أمّا أنّ هذا التعميم المذكور اصطلاح السكّاكي فغير ثابت انتهى؛ فقول صاحب الإتقان أولى. ثم قال صاحب الــأطول:
المساواة عند السكّاكي هي متعارف الأوساط الذين يكتفون بأداء أصل المعنى على ما ينبغي، أي كلامهم في مجرى عرفهم في تأدية المعاني وربما يشتمل متعارفهم على الحذف ومع ذلك لا يسمّى اختصارا وإيجازا لأنه متعارفهم فإن عرفهم في طلب الإقبال يا زيد وهو مشتمل على الحذف وفي التحذير إياك والأسد وامرأ ونفسه وحمدا وسقيا، وهي لا تحمد في باب البلاغة من الأوساط ولا تحمد أيضا من البليغ معهم، لأنه لا يقصد معهم بكلامه مزية سوى التجريد عن المزايا، وبذلك يرتقي عن أصوات الحيوانات، ولا تذم أيضا لا منهم ولا من البليغ. وأمّا التكلّم بمتعارفهم إذا عرى عن المزية فلا يحمد من البليغ معهم ويذم منه مع البليغ، وإذا اشتمل على المزايا التي هم غافلون عنها كما في إيّاك والأسد فمعهم لا يحمد من البليغ ولا يذمّ ومع البليغ يحمد لأن البليغ قصد به مزايا تتعلّق بالإيجازات التي فيها، فالإيجاز عنده أداء المقصود بأقل من المتعارف، والإطناب أداؤه بأكثر منه، لكن يرد على السكّاكي أمران: أحدهما أنهم جعلوا نحو: نعم الرجل زيد من الإطناب ولا عبارة للأوساط غيره. وثانيهما أنه لم يحفظ تعريف الإيجاز عن دخول الإخلال وتعريف الإطناب عن دخول الحشو والتطويل، ولذا عدل عنه القزويني وقال الأقرب الخ.

وفيما ذكر القزويني أيضا أنظار: الأول أنه إن أراد بالمقبول المقبول مطلقا سواء كان من البليغ أو من الأوساط فالزائد والناقص غير مقبولين من الأوساط لأنهما خروج عن طريقهم لا لداع، وإن أراد المقبول من البليغ فليس المساوي والناقص الوافيان مقبولين مطلقا، بل إذا كانا لداع. والثاني إنّ قولنا جاءني إنسان وقولنا جاءني حيوان ناطق كلاهما مساو بأنه أصل المراد بلفظ مساو فينبغي أن لا يكون أحدهما إطنابا والآخر إيجازا. وبالجملة لا يشتمل تعريف الإيجاز إيجاز القصر. والثالث إن قولنا حمدا لك ونظائره مساواة بتعريف السكّاكي وإيجاز بتعريف القزويني، فنزاعه مع السكّاكي في نقل اصطلاح القوم في مثله لا يسمع بدون سند قوي. ولو قيل المراد المساوي بحسب الأوساط فتعريفه يؤول إلى ما ذكره السكّاكي.
والرابع الإيجاز والإطناب والمساواة مختصّة بالكلام البليغ كما عرف، فلا يتمّ تعريف الإيجاز والإطناب ما لم يقيّد بالبلاغة لجواز أن يكون الناقص الوافي غير فصيح، وكذا الزائد لفائدة انتهى ما قال صاحب الــأطول.

اعلم أنه قال السكّاكي: قد يوصف الكلام بالاختصار لكونه أقل من عبارة المتعارف كما سبق، وقد يوصف به لكونه أقل من العبارة اللائقة بالمقام بحسب مقتضى الظاهر نحو:
قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً فإنه إطناب بالنسبة إلى المتعارف، وهو قولنا يا ربي شخت، لكنه إيجاز بالنسبة إلى ما يقتضيه المقام لأنه مقام بيان انقراض الشباب ونزول المشيب، فينبغي أن يبسط الكلام فيه غاية البسط، فعلم أنّ للإيجاز معنيين: أحدهما كون الكلام أقل من عبارة المتعارف والثاني كونه أقل مما هو مقتضى ظاهر المقام، وأنه لا فرق بين الإيجاز والاختصار وإن توهّمه البعض كما ورد في لفظ الإجازة. ثم إنّ بين الإيجازين عموما من وجه لتصادقهما فيما هو أقلّ من عبارة المتعارف، ويقتضي المقام جميعا كما إذا قيل ربّ شخت بحذف حرف النداء وياء الإضافة، وصدق الأوّل بدون الثاني كما في قوله إذا قال: الخميس نعم بحذف المبتدأ فإنه أقل من المتعارف، وهو هذا نعم، وليس أقل من مقتضى المقام لأنّ المقام لضيقه يقتضي حذف المسند إليه وصدق الثاني بدون الأول كما في قوله تعالى: رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ويمكن اعتبار هذين المعنيين في الإطناب أيضا.
والنسبة بين الإطنابين أيضا عموم من وجه لأنّ الإطناب بالمعنى الأول دون الثاني يوجد في قوله تعالى: رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً، وبالمعنى الثاني دون الأول يوجد في ما إذا قيل: هذا نعم بذكر المبتدأ بناء على مناسبة خفية مع ذلك المقام، ويوجد بالمعنيين فيما إذا زيد في هذا المثال نظرا إلى ما ذكر من المناسبة الخفية، فقيل مثلا: هذا نعم فاغتنموه؛ وكذا بين الإيجاز بالمعنى الثاني وبين الإطناب بالمعنى الأول عموم من وجه لوجودهما في قوله تعالى: رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ووجود الإطناب بالمعنى الأول دون الإيجاز بالمعنى الثاني فيما إذا قال هذا نعم فسوقوه إذا طابق المقام على ما مرّ، وبالعكس فيما إذا قال يا ربي قد شخت، وكذا بين الإيجاز بالمعنى الأول والإطناب بالمعنى الثاني لوجودهما في غزال فاصطادوه إذا طابق المقام عند كون الأمر بالاصطياد مقصودا أصليا للمتكلّم، فإن متعارف الأوساط هذا غزال فاصطادوه. ومقتضى ظاهر المقام غزال ووجود الإيجاز بالمعنى الأول دون الإطناب بالمعنى الثاني في قوله قد شخت، وبالعكس في قوله هذا نعم عند مناسبة خفية.
واعلم أيضا أنه كما يوصف الكلام بالإيجاز والإطناب باعتبار كونه ناقصا عمّا يساوي أصل المراد أو زائدا عليه وهو الأكثر كذلك قد يوصف الكلام بهما باعتبار كثرة حروفه وقلتها بالنسبة إلى كلام آخر مساو له، أي لذلك الكلام، في أصل المعنى. وإنما قيد المعنى بالأصل لعدم إمكان المساواة في تمام المراد فإن للإيجاز مقاما ليس للإطناب، وبالعكس، ولا يوصف بالمساواة بهذا الاعتبار إذ ليس المساواة بهذا الاعتبار مما يدعو إليه المقام بخلاف الإيجاز والإطناب، هكذا يستفاد من الــأطول والمطول وأبي القاسم.
واعلم أيضا أنّ البعض على أن الإطناب بمعنى الإسهاب. والحق أنه أخصّ من الإسهاب، فإن الإسهاب التطويل لفائدة أو لا لفائدة كما ذكره التنوخي وغيره.
التقسيم

الإطناب قسمان: إطناب بسط وإطناب زيادة. فالأول الإطناب بتكثير الجمل كقوله تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الآية في سورة البقرة أطنب فيها أبلغ إطناب لكون الخطاب مع الثقلين وفي كل عصر وحين للعالم منهم والجاهل، والمؤمن منهم والكافر والمنافق. والثاني يكون بأنواع: الأول دخول حرف فأكثر من حروف التأكيد. والثاني الأحرف الزائدة. والثالث التأكيد. والرابع التكرير.
والخامس الصفة. والسادس البدل. والسابع عطف البيان. والثامن عطف أحد المترادفين على الآخر. والتاسع عطف الخاصّ على العام وعكسه. والعاشر الإيضاح بعد الإبهام.
والحادي عشر التفسير. والثاني عشر وضع الظاهر موضع المضمر. والثالث عشر الإيغال.
والرابع عشر التّذييل. والخامس عشر الطّرد والعكس. والسادس عشر التّكميل المسمّى بالاحتراس أيضا. والسابع عشر التّتميم. والثامن عشر الاستقصاء. والتاسع عشر الاعتراض.
والعشرون التعليل وفائدته التقرير، فإنّ النفوس أبعث على قبول الأحكام المعلّلة من غيرها، كذا في الإتقان وتفصيل كل في موضعه.
الإطناب: أداء المقصود بأكثر من العبارة المتعارفة، من أطنب الرجل إذا بالغ في قوله بمدح أو ذم. 
(الإطناب) (فِي علم الْمعَانِي) أَن يزِيد اللَّفْظ على الْمَعْنى لفائدة وَهُوَ يُقَابل الإيجاز وتتوسطهما الْمُسَاوَاة

المجاز اللغوي

المجاز اللغوي: الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له بالتحقيق في اصطلاح التخاطب به مع قرينة مانعة عن إرادته أي عن إرادة معناها في ذلك الاصطلاح.
المجاز اللغوي:
[في الانكليزية] Metonymy
[ في الفرنسية] Metonymie
ويسمّى مجازا في المفرد أيضا وهو اللفظ المستعمل في لازم ما وضع له في وضع به التخاطب مع قرينة عدم إرادته أي ما وضع له.
واللازم لما وضع له هو الذي يكون بينه وبين ما وضع له علاقة معتبر نوعها عندهم فلا بد من ملاحظة العلاقة المعتبرة، فخرج الغلط مطلقا، أي سواء لم تكن هناك علاقة أو كانت ولكن لم يلاحظها المستعمل. وقولنا في وضع به التخاطب احتراز عن اللفظ المستعمل في لازم ما وضع له هو موضوع له في وضع به التخاطب، فإنّه حقيقة مع أنّه يصدق عليه الكلمة المستعملة في لازم ما وضع له. وكثير مما يتعلّق بهذا التعريف يرشدك إليه ما مرّ في تعريف الحقيقة اللغوية فلا نعيدها. وقولنا مع قرينة عدم إرادته احتراز عن الكناية، وهذا إنّما يصحّ على مذهب من يقول بدخول الكناية في الحقيقة أو بكونها واسطة بين الحقيقة والمجاز كما ذهب إليه صاحب التلخيص. وأمّا عند من يقول بكونها مجازا فلا بدّ من ترك هذا القيد. وهاهنا تقسيمات. الأول المجاز اللغوي قسمان مفرد ومركّب، فالمجاز المفرد هو الكلمة المستعملة فيما وضعت له الخ. والمجاز المركّب هو المركّب المستعمل في لازم ما وضع له الخ هكذا يستفاد من الــأطول. وهو يشتمل الاستعارة وغيرها، ويؤيّده ما وقع في بعض الرسائل:
المجاز المركّب هو المركّب المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له، فإن كانت علاقة غير المشابهة فلا يسمّى استعارة وإلّا يسمّى استعارة تمثيلية انتهى. وقال شارحه ما حاصله إنّ المجاز المركّب يختصّ بالتمثيلية، والخبر المستعمل في الإنشاء والمستعمل في لازم فائدة الخبر، والإنشاء المستعمل في الخبر ولا يشتمل المجاز المركّب ما تجوز في أحد ألفاظ فيه. فالمراد أنّ المجاز المركّب هو اللفظ المركّب المستعمل من حيث هو مركّب أي بهيئته التركيبية وصورته المجموعية في غير ما وضع له الخ. فلا يرد أنّ ما تجوز في أحد ألفاظ فيه يصدق عليه حدّ المجاز المركّب لأنّه إذا استعمل جزء من أجزاء المركّب في غير ما وضع له فقد استعمل مجموعه في غير ما وضع له، لأنّ الموضوع له للمجموع مجموع أمور وضع له الأجزاء، ولا يرد أيضا أنّ التجوّز في الهيئة التركيبية لم يدخل في شيء من الأقسام لأنّ الهيئة ليست لفظا.
وإنّما قال فلا يسمّى استعارة ولم يقل يسمّى مجازا مرسلا لعدم تصريح القوم بذلك انتهى.
وقال الخطيب في التلخيص المجاز المركّب هو اللفظ المستعمل فيما شبّه بمعناه الأصلي تشبيه التمثيل للمبالغة في التشبيه انتهى. فبقيد المركّب خرج المجاز المفرد. والمراد بالمعنى الأصلي المطابقي، وبهذا تمّ تعريف المجاز المركّب، إلّا أنّه أراد التنبيه على أنّ التشبيه الذي يبتني عليه المجاز المركّب لا يكون إلّا تمثيلا.
وتوضيح أنّه لا يكون تشبيه صورة منتزعة من عدة أمور إلى مثلها إلّا في وجه منتزع من عدة أمور كما اتفقت عليه كلمتهم، وإن كان هذا في نفسه غير تام. ولم يكتف بقوله تمثيلا لأنّ التمثيل مشترك بين التمثيل وبين هذه الاستعارة، فاحترز عن استعمال اللفظ المشترك في التعريف. ولم يحترز بقوله تشبيه التمثيل عن الاستعارة المفردة كما زعم المحقّق التفتازاني لأنّه يغني عن اعتبار التركيب في التعريف. ثم إنّه قد اشتمل التعريف على العلّة الفاعلية وهي المتكلّم [المستعمل] والصّورية وهي الاستعمال لأنّ الاستعارة معه بالفعل والمادية وهي التشبيه لأنّها معه بالقوة فأراد إتمام الاشتمال على العلل فصرّح بالغائية بقوله للمبالغة في التشبيه. واعترض المحقّق التفتازاني على هذا التعريف بأنّه غير جامع لخروج مجازات مركّبة ليست علاقتها التشبيه كالأخبار المستعملة في التحسّر والتحزّن أو الدّعاء ونحو ذلك. وتحقيق ذلك أنّ الواضع كما وضع المفردات لمعانيها بحسب الشخص كذلك وضع المركّبات لمعانيها التركيبية بحسب النوع. مثلا هيئة التركيب في نحو زيد قائم موضوعة للأخبار بإثبات القيام لزيد، فإذا استعمل ذلك المركّب في غير ما وضع له فلا بدّ حينئذ من العلاقة بين المعنيين. فإن كانت المشابهة فاستعارة وإلّا فغير استعارة، فحصر المجاز المركّب في الاستعارة.
وتعريفه بما ذكر عدول عن الصواب، ولا يبعد أن يقال ما سوى الاستعارة التمثيلية من المجازات المركّبة مجازات بالعروض، والمجازات بالأصالة أجزاؤها الداخلة في المجاز المفرد، مثلا هيئة المركّب الخبري والإنشائي موضوعة لنوع من النسبة فتجوّز فيها بنقلها إلى النوع الآخر فيصير المركّب مجازا بتبعية ذلك التجوّز. فلو عدّ اللفظ الذي صار مجازا للتجوّز في جزئه قسما على حدة من المجاز لكان جاءني أسد وقوله تعالى وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ وأمثالهما مجازات مركّبة ولم يقل به أحد.
بخلاف الاستعارة التمثيلية فإنّها من حيث إنها استعارة لا تجوّز في شيء من أجزائها، بل هي على ما كانت عليه قبل الاستعارة من كونها حقائق أو مجازات أو مختلفات، بل المجموع نقل إلى غير معناه من غير تصرّف في شيء من أجزائه. فالمجاز المركّب اللفظ المستعمل من حيث المجموع فيما شبّه بمعناه الأصلي ولا شيء مما ليست علاقته التشبيه كذلك. بقي أنّ قولنا حفظت التوراة لمن حفظها استعمل في لازم معناه من حيث المجموع وليس باستعارة إذ لا تجوّز في شيء من أجزائه إلّا أن يتكلّف، ويقال حفظت لم يستعمل في لازم معناه بل أفيد اللازم على سبيل التعريض، فهو من قبيل (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) في حقّ من يؤذي المسلمين، فإنّه يفاد به أنّ هذا الشخص ليس بمسلم، لكن من عرض الكلام وفيه بحث فتأمّل. ثم إنّه يشكل استعارة المركّب المشتمل على النسبة وهي غير مستقلّة لأنّه ينبغي أن لا يجري فيه الاستعارة بالأصالة كما في الحرف فهل هي كالاستعارة التبعية أو لا، وبعد كونه تبعية اعتبرت الاستعارة في أي شيء أو لا، هذا كله خلاصة ما في الــأطول.
مع توضيح أمثال المجاز المركّب كقولنا إني أراك تقدّم رجلا وتؤخّر أخرى للمتردّد في أمر ما أي أنّك متردّد في الإقدام عليه والإحجام عنه، فقد شبّه صورة تردّده في أمر بصورة تردّد من قام ليذهب في أمر، فتارة يريد الذهاب فيقدّم رجلا وتارة لا يريد فيؤخّر أخرى، فاستعمل الكلام الدّال على هذه الصورة في تلك الصورة. ووجه الشّبه وهو الإقدام تارة والإحجام أخرى منتزع من عدة أمور كما ترى.
وقيل قولنا إني أراك تقدّم رجلا وتؤخّر أخرى مسبّب عن التردّد، فيحتمل أن يكون التجوّز باعتباره فتحقّق المركّب المرسل في المجموع من غير تصرّف في الأجزاء فظهر أنّ الحقّ عدم انحصار المجاز المركّب في الاستعارة التمثيلية.
فائدة:

قال الخطيب: المجاز المركّب يسمّى بالتمثيل على سبيل الاستعارة. أمّا كونه تمثيلا فلاستلزامه التمثيل. وأمّا كونه على سبيل الاستعارة فلأنّه استعارة لأنّ فيه ذكر المشبّه به وترك المشبّه بالكلّية. وقد يسمّى بالتمثيل مطلقا أي من غير تقييد بقولنا على سبيل الاستعارة، ويمتاز عن التشبيه بأن يقال له تشبيه تمثيل أو تشبيه تمثيلي ولا يطلق التمثيل مطلقا على التشبيه ويسمّى مثلا أيضا. الثاني المجاز اللغوي سواء كان مفردا أو مركّبا قسمان: مرسل إن كانت العلاقة فيه غير المشابهة كاليد في النعمة، واستعارة إن كانت العلاقة فيه المشابهة. الثالث المجاز اللغوي وكذا الحقيقة اللغوية، أمّا لغوي أو شرعي أو عرفي خاص أو عام كذا في المطول. وفي الــأطول أنّ المقسم الحقيقة والمجاز المفرد وبه صرّح الخطيب في الإيضاح. أمّا في الحقيقة فلأنّ واضعها إن كان واضع اللغة فهي حقيقة لغوية، وإن كان الشارع فشرعية وإلّا فعرفية عامّة أو خاصّة، وبالجملة ينسب إلى الواضع. وأمّا المجاز فلأنّ الوضع الذي به وقع التخاطب وكان اللفظ مستعملا في غير ما وضع له في ذلك الوضع إن كان وضع اللغة فالمجاز لغوي وإن كان وضع الشرعي فشرعي وإلّا فعرفي عام أو خاص، وفسّر الخاص بما يتعيّن ناقله عن المعنى اللغوي كالنحوي والصرفي والكلامي. والشرع وإن كان داخلا فيه لكنه أخرج منه لشرافته. والعام بما لا يتعيّن ناقله. وفيه أنّ النحوي مثلا يشتمل العرب وغيرها كما أنّ العرب يشتمل النحوي وغيره، فجعل أحدهما متعيّنا والآخر غير متعيّن لا توجيه له. ويمكن أن يقال المتعيّن ما يكون واضعا للفظ للاستعمال في تحصيل أمر مخصوص، والنحوي إنّما يضع اللفظ ليستعمله في تحصيل النحو. بخلاف اللغوي فإنّ نظره في وضع اللفظ ليس على استعماله لتحصيل أمر مخصوص هكذا في الــأطول. ثم العرف قد غلب عند الإطلاق على العرف العام. والعرف الخاص يسمّى اصطلاحا. فلفظ الأسد إذا استعمله المخاطب بعرف اللغة في السبع المخصوص يكون حقيقة لغوية، وفي الرجل الشجاع يكون مجازا لغويا. ولفظ الصلاة إذا استعمله الشارع في العبادة المخصوصة يكون حقيقة شرعية وفي الدعاء يكون مجازا شرعيا.
ولفظ الفعل إذا استعمله النحوي في مقابل الاسم والحرف يكون حقيقة اصطلاحية وفي الحدث يكون مجازا اصطلاحيا. ولفظ الدّابّة إذا استعمل في العرف العام في ذوات الأربع يكون حقيقة عرفية وفي كلّ ما يدبّ على الأرض مجازا عرفيا.

تنبيه:
المجاز اللغوي يطلق بالاشتراك على معنيين أحدهما اللفظ المستعمل في لازم ما وضع له الخ على ما عرفت، وثانيهما الأخصّ منه المقابل للشرعي والعرفي كما عرفت أيضا قبيل هذا.

الإسناد

الإسناد
انظر: الأسانيد.
الإسناد: نسبة أحد الجزأين إلى الآخر هبه أفاد المخاطب ما يصح السكوت عليه أم لا.
الإسناد:
[في الانكليزية] Attribution ،cross reference
[ في الفرنسية] Attribution ،renvoi
عند أهل النظر والمحدّثين ستعرف في لفظ السند. وعند أهل العربية يطلق على معنيين:
أحدهما نسبة إحدى الكلمتين إلى الأخرى أي ضمّها إليها وتعلّقها [بها] فالمنسوب يسمّى مسندا والمنسوب إليه مسندا إليه، وهذا فيما سوى المركبات التقييدية شائع. وأما فيها فالمستفاد من إطلاقاتهم أن المنسوب يسمّى مضافا أو صفة؛ والمنسوب إليه يسمّى مضافا إليه أو موصوفا.
قال المولوي عبد الحكيم في حاشية حاشية الفوائد الضيائية ما حاصله: إن الشائع في عرفهم أن النسبة عبارة عن الثبوت والانتفاء، وهي صفة مدلول الكلمة، فإضافتها إلى الكلمة إمّا بحذف المضاف أي نسبة مدلول إحدى الكلمتين إلى مدلول الأخرى أو بحمل النسبة على المعنى اللغوي. فعلى الأول يكون إطلاق المسند والمسند إليه على الالفاظ مجازا تسمية للدالّ بوصف المدلول، وعلى الثاني حقيقة. ثم المراد بالاسناد والنسبة والضم الحاصل بالمصدر المبني للمفعول وهي الحالة التي بين الكلمتين أو مدلولهما ولذا عبّر عنه الرّضي بالرابط بين الكلمتين، والمراد بالكلمة هاهنا أعم من الحقيقية ملفوظة كانت أو مقدرة، ومن الحكمية. والكلمة الحكمية ما يصحّ وقوع المفرد موقعه فدخل فيه إسناد الجمل التي لها محل من الإعراب، وكذا الإسناد الشرطي إذ الإسناد في الشرطية عندهم في الجزاء، والشرط قيد له. نعم يخرج الإسناد الشرطي على ما حققه السيّد السّند والمنطقيون من أن مدلول الشرطية تعليق حصول الجزاء بحصول الشرط، لا الإخبار بوقوع الجزاء وقت وقوع الشرط، إذ ليس المسند إليه والمسند فيهما كلمة حقيقة وهو ظاهر، ولا حكما إذ المقصود حينئذ تعليق الحكم بالحكم فتكون النسبة في كلّ واحد منهما ملحوظة تفصيلا، لا بدّ فيها من ملاحظة المسند إليه والمسند قصدا لا إجمالا، فلا يصح التعبير عنهما بالمفرد، انتهى. فالموافق لمذهبهم هو أن يقال: الإسناد ضمّ كلمة أو ما يجري مجراها إلى الأخرى، أو ضمّ إحدى الجملتين إلى الأخرى.
تنبيه
قال صاحب الــأطول في بحث المسند في قوله: وأما تقييد الفعل بالشرط الخ، الكلام التّام هو الجزاء والشرط قيد له إما لمسنده نحو إن جئتني أكرمك، أي اكرمك على تقدير مجيئك، وإمّا لمجموعه نحو: إن كان زيد أبا عمرو فأنا أخ له، فإنّ التقييد ليس للفعل ولا لشبهه بل للنسبة. وهذا هو المنطبق بجعل الإسناد إليه من خواص الاسم ولحصر الكلام في المركّب من اسمين أو فعل واسم فقد رجع الشرطيات عندهم إلى الحمليات إلّا أنه يخالف ما ذهب إليه الميزانيون من أنّ كلّا من الشرط والجزاء خرج عن التمام بدخول أداة الشرط على الجملتين، والجزاء محكوم به والشرط محكوم عليه والنسبة المحكوم بها بينهما ليس من نسبتي الشرط [والجزاء]. قال السيّد السّند ليس كون الشرط قيدا للجزاء إلّا ما ذكره السكّاكي.

وفي كلام النحاة برمّتهم حيث قالوا: كلم المجازاة تدل على سببية الأول ومسبّبية الثاني إشارة إلى أنّ المقصود هو الارتباط بين الشرط والجزاء، فينبغي أن تحفظ هذه الإشارة وتجعل مذهب عامتهم ما يوافق الميزانيين، وكيف لا ولو كان الحكم في الجزاء لكان كثير من الشرطيات المقبولة في العرف كواذب، وهو ما لا يتحقق شرطه فيكون قولك إن جئتني أكرمك كاذبا إذا لم يجيء المخاطب مع أنه لا يكذبه العرف، وذلك لأن انتفاء قيد الحكم يوجب كذبه. وفيه أنه لا يخص كلام السكّاكي لأن حصر الكلام في القسمين المذكورين يقتضيه اقتضاء بيّنا وجعل الإسناد إليه من خواص الاسم ظاهر فيه، ولا يلزم كذب القضايا المذكورة لأنه يجوز أن يكون المراد بالجزاء في قولك إن جئتني أكرمك، أني بحيث أكرمك على تقدير مجيئك. وفي قولك إن كان زيد حمارا فهو حيوان أنه كائن بحيث يكون حيوانا على تقدير الحمارية. وفي قولك إن كان الآن طلوع الشمس كان النهار موجودا أنه يكون النهار بحيث يتصف بالوجود على تقدير طلوع الشمس الآن وعلى هذا القياس. وإشارة قولهم كلم المجازاة تدلّ الخ إلى أنّ المقصود هو الارتباط بينهما غير سديدة، بل هو كقولهم: في للظرفية، أي لظرفية مجرورها لغيره وله نظائر لا تحصى، ولم يقصد بشيء أن المقصود الارتباط بينهما.
فإن قلت إذا دار الأمر بين ما قاله الميزانيون وبين ما قاله النحاة فهل يعتبر كل منهما مسلكا لأهل البلاغة أو يجعل الراجح مسلكا وأيّهما أرجح؟
قلت الأرجح تقليل المسلك تسهيلا على أهل الخطاب والاصطلاح، ولعلّ الأرجح ما اختاره النحاة لئلا يخرج الجزاء عن مقتضاه كما خرج الشرط، إذ مقتضى التركيب أن يكون كلاما تاما، وأيضا هو أقرب إلى الضبط إذ فيه تقليل أقسام الكلام، ولو اعتبره الميزانيون لاستغنوا عن كثير من مباحث القضايا والأقيسة فكن حافظا لهذه المباحث الشريفة.
التقسيم
الإسناد بهذا المعنى إمّا أصلي ويسمّى بالتام أيضا وإمّا غير أصلي ويسمّى بغير التّام أيضا. فالإسناد الأصلي هو أن يكون اللفظ موضوعا له ويكون هو مفهوما منه بالذات لا بالعرض، وغير الأصلي بخلافه. فقولنا ضرب زيد مثلا موضوع لإفادة نسبة الضرب إلى زيد وهي المفهومة منه بالذات والتعرّض للطرفين إنما هو لضرورة توقّف النسبة عليهما. وقولنا غلام زيد موضوع لإفادة الذات والتعرّض للنسبة إنما هو للتبعية، وكذا الحال في إسناد المركبات التوصيفية وإسناد الصفات إلى فاعلها فإنها موضوعة لذات باعتبار النسبة، والمفهوم منها بالذات هو الذات باعتبار النسبة، والنسبة إنما تفهم بالعرض. ولا شك أن اللفظ إنما وضع لإفادة ما يفهم منه بالذات لا ما يفهم منه بالعرض، وتلوح لك حقيقة ذلك بالتأمّل في المركّبات التامّة إنشائية كانت أو خبرية، وفي غيرها من المركبات التقييدية وما في معناها.
هذا خلاصة ما حققه السيّد الشريف في حاشية العضدي في تعريف الجملة في مبادئ اللغة.
ومن الاسناد الغير الأصلي إسناد المصدر إلى فاعله ولذا لا يكون المصدر مع فاعله كلاما ولا جملة كما يجيء في لفظ الكلام. ومنه إسناد اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبّهة واسم التفضيل والظرف أيضا على ما قالوا.
والإسناد الأصلي هو إسناد الفعل أو ما هو فعل في صورة الاسم كالصفة الواقعة بعد حرف النفي أو الاستفهام، كذا في الــأطول في باب المسند إليه في بحث التقوى.
اعلم أنّ المراد بالإسناد الواقع في حدّ الفاعل هو هذا المعنى صرّح به في غاية التحقيق حيث قال: المراد بالإسناد في حدّ الفاعل أعم من أن يكون أصليا أو لا، مقصودا لذاته أو لا. وثانيهما الإسناد الأصلي فالإسناد الغير الأصلي على هذا لا يسمّى إسنادا. وعرّف بأنه نسبة إحدى الكلمتين حقيقة أو حكما إلى الأخرى بحيث تفيد المخاطب فائدة تامة، أي من شأنه أن يقصد به إفادة المخاطب فائدة يصحّ السكوت عليها، أي لو سكت المتكلّم لم يكن لأهل العرف مجال تخطئته. ونسبته إلى القصور في باب الإفادة وإن كان بعد محتاجا إلى شيء كالمفعول به والزمان والمكان ونحوها، فدخل في الحدّ إسناد الجملة الواقعة خبرا أو صفة أو صلة ونحوها؛ فإن تلك الجمل بسبب وقوعها موقع المفرد وإن كانت غير مفيدة فائدة تامة، لكن من شأنها أن يقصد بها الإفادة إذا لم تكن واقعة في مواقع المفرد. وكذا دخل إسناد الجملة التي علم مضمونها المخاطب، كقولنا:
السماء فوقنا، فإنها وإن لم تكن مفيدة باعتبار العلم بمضمونها، لكنّها مفيدة عند عدم العلم به. فالإسناد الأصلي على نوعين: أحدهما ما هو مقصود لذاته بأن يلتفت إلى النسبة قصدا بأن يلاحظ المسند والمسند إليه مفصّلا، كما في قولنا: زيد قائم، وأ قائم الزيدان. وثانيهما ما هو غير مقصود لذاته بأن لا يلتفت إلى النسبة قصدا بل إلى مجموع المسند والمسند إليه من حيث هو مجموع كإسناد جملة قائمة مقام المفرد، والواقعة صلة، ونحو ذلك. ويتضح ذلك في لفظ القضية. فبقيد الإفادة خرج الاسناد الغير الأصلي. ولما كانت الإفادة غير مقيدة بشيء يشتمل الحدّ الاسناد الخبري وهو النسبة الحاكية عن نسبة خارجية. والإسناد الانشائي وهو ما لا يكون كذلك. وعرّف الإسناد الخبري بأنه ضمّ كلمة أو ما يجري مجراها كالمركّبات التقييدية وما في معناها إلى الأخرى بحيث يفيد أن مفهوم إحداهما ثابت لمفهوم الأخرى أو منفي عنه، فإنّ مفاد الخبر هو الوقوع واللاوقوع لا الحكم بهما، وهذا أوفق بإطلاق المسند والمسند إليه على اللفظ على ما هو اصطلاحهم، فهو أولى من تعريف المفتاح بأنه الحكم بمفهوم لمفهوم بأنه ثابت له أو منفي عنه؛ لكن صاحب المفتاح أراد التنبيه على أنّ هذا الاطلاق على ضرب من المسامحة وتنزيل الدالّ منزلة المدلول لشدّة الاتصال بينهما.
وتعريفه المنطبق على مذهب الميزانيين هو أنه ضمّ كلمة أو ما يجري مجراها إلى الأخرى، أو ضم إحدى الجملتين بحيث يفيد الحكم بأن مفهوم إحداهما ثابت لمفهوم الأخرى، أو عنده، أو مناف لمفهوم الأخرى، أو ينفي ذلك كذا في الــأطول.

فائدة:
قيل في نحو: زيد عرف، ثلاثة أسانيد مترتبة في التقديم والتأخير، أولها إسناد عرف إلى زيد بطريق القصد وامتناع إسناد الفعل إلى المبتدأ قبل عود الضمير ممنوع. وثانيها إسناده إلى ضمير زيد. وثالثها إسناده إلى زيد بطريق الالتزام بواسطة أن عود الضمير إلى زيد يستدعي صرف الإسناد إليه مرة ثانية. أما وجه تقديم الأول على الثاني فلأنّ الإسناد نسبة لا تتحقق قبل تحقق الطرفين وبعد تحققهما لا تتوقف على شيء آخر. ولا شك أن ضمير الفاعل إنما يكون بعد الفعل والمبتدأ قبله. فكلّ ما يتحقق الفعل أسند إلى زيد لتحقق الطرفين.
ثم إذا تحقّق الضمير انعقد بينهما الحكم. وأما وجه تقديم الثاني على الثالث فظاهر كذا في المطول في آخر باب المسند.

فائدة:
المسند فعلي وسببي فالمسند الفعلي كما ذكر في المفتاح ما يكون مفهومه محكوما بثبوته للمسند إليه أو بالانتفاء عنه بخلاف السببي، فإن: زيد ضرب حكم فيه بثبوت الضرب لزيد، وزيد ما ضرب حكم فيه بنفي الضرب عنه، بخلاف زيد ضرب أبوه فإنه لم يحكم فيه بثبوت ضرب أبوه لزيد بل بثبوت أمر يدلّك عليه ذلك المذكور، وهو كائن بحيث ضرب أبوه؛ فالمسند السببي سمّي مسندا لأنه دال على المسند الحقيقي، والمسند السببي ما أسند فيه شيء إلى ما هو متعلّق المسند إليه، وصار ذلك سببا لإسناد أمر حاصل بالقياس إليه إلى المسند إليه، نحو: زيد أبوه منطلق، فإن أبوه منطلق أسند فيه شيء إلى متعلق زيد، وصار ذلك سببا لإسناد كون زيد بحيث ينطلق أبوه إليه. وعلى هذا يلزم أن يكون منطلق أبوه في: زيد منطلق أبوه مسندا سببيا، ولا يكون نحو: زيد مررت به، وزيد كسرت سرج فرس غلامه فعليا ولا سببيا. هذا هو مختار صاحب الاطول. وذكر الفاضل في شرح المفتاح أن المسند في: زيد منطلق أبوه فعلي بخلافه في: زيد أبوه منطلق؛ فإنّ في المثال الأول اسم الفاعل مع فاعله ليس بجملة، فالمحكوم به في زيد منطلق أبوه هو المفرد، بخلاف زيد أبوه منطلق، وهذا خبط ظاهر لأن اللازم مما ذكر أن لا يكون منطلق مع أبوه جملة، ولم يلزم منه أن يكون المسند هو منطلق وحده. وقال صاحب التلخيص: والمراد بالسببي نحو زيد أبوه منطلق، وقال في المطول لم يفسّر المصنف له لإشكاله وتعسّر ضبطه، وكان الأولى أن يمثل بالجملة الفعلية أيضا نحو: زيد انطلق أبوه. ويمكن أن يفسر بأنه جملة علقت على المبتدأ بعائد بشرط أن لا يكون ذلك العائد مسندا إليه في تلك الجملة، فخرج نحو: زيد منطلق أبوه، لأنه مفرد، ونحو: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ لأن تعليقها على المبتدأ ليس بعائد، ونحو: زيد قائم، وزيد هو قائم، لأن العائد مسند إليه، ودخل فيه نحو:
زيد أبوه قائم، وزيد ما قام أبوه، وزيد مررت به، وزيد ضرب عمرا في داره، وزيد كسرت سرج فرس غلامه، وزيد ضربته، ونحو قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا لأنّ المبتدأ أعم من أن يكون قبل دخول العوامل أو بعدها، والعائد أعم من الضمير وغيره. فعلى هذا، المسند السببي هو مجموع الجملة التي وقعت خبر مبتدأ. وهاهنا بحث طويل الذيل وتحقيق شريف لصاحب الــأطول تركناه حذرا من الاطناب.
اعلم أنّ الاسناد في الحديث أن يقول المحدّث: حدّثنا فلان عن فلان عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، وهو يسمّى بعلم أصول الحديث أيضا وقد سبق في المقدمة.

طَوَلَ 

(طَوَلَ) الطَّاءُ وَالْوَاوُ وَاللَّامُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى فَضْلٍ وَامْتِدَادٍ فِي الشَّيْءِ. مِنْ ذَلِكَ: طَالَ الشَّيْءُ يَطُولُ طُولًا. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى ثَعْلَبٌ: الطُّولُ: خِلَافُ الْعَرْضِ. وَيُقَالُ: طَاوَلْتُ فُلَانًا فَطُلْتُهُ، إِذَا كُنْتَ أَطْوَلَ مِنْهُ. وَطَالَ فُلَانًا فُلَانٌ، أَيْ إِنَّهُ أَطْوَلُ مِنْهُ. قَالَ:

إِنَّ الْفَرَزْدَقَ صَخْرَةٌ مَلْمُومَةٌ ... طَالَتْ فَلَيْسَ تَنَالُهَا الْأَوْعَالَا

وَهَذَا قِيَاسٌ مُطَّرِدٌ فِي كُلِّ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَيُقَالُ لِلْحَبْلِ: الطِّوَلُ ; لِطُولِهِ وَامْتِدَادِهِ. قَالَ طَرَفَةُ:

لَعَمْرُكَ إِنَّ الْمَوْتَ مَا أَخْطَأَ الْفَتَى ... لَكَالطِّوَلِ الْمُرْخَى وَثِنْيَاهُ فِي الْيَدِ

وَيَقُولُونَ: لَا أُكَلِّمُهُ طَوَالَ الدَّهْرِ. وَيُقَالُ: جَمَلٌ أَطْوَلُ، إِذَا طَالَتْ شَفَتُهُ الْعُلْيَا. وَطَاوَلَنِي فُلَانٌ فَطُلْتُهُ، أَيْ كُنْتُ أَطْوَلَ مِنْهُ. وَالطُّوَالُ: الطَّوِيلُ. وَالطِّوَالُ: جَمْعُ الطَّوِيلِ. وَحَكَى بَعْضُهُمْ: قَلَانِسُ طِيَالٌ، بِالْيَاءِ. وَأَمْرٌ غَيْرُ طَائِلٍ، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَنَاءٌ. يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ. قَالَ:

وَقَدْ كَلَّفُونِي خُطَّةً غَيْرَ طَائِلِ

وَتَطَاوَلْتُ فِي قِيَامِي، إِذَا مَدَدْتَ رِجْلَيْكَ لِتَنْظُرَ. وَطَوِّلْ فَرَسَكَ، أَيْ أَرْخِ طَوِيلَتَهُ فِي مَرْعَاهُ. وَاسْتَطَالُوا عَلَيْهِمْ، إِذَا قَتَلُوا مِنْهُمْ أَكْثَرَ مِمَّا قَتَلُوا.

المجاز العقلي

المجاز العقلي:
[في الانكليزية] Metaphor
[ في الفرنسية] Metaphore
ويسمّى أيضا مجازا حكميا ومجازا في الإسناد وإسنادا مجازيا ومجاز الإسناد ومجازا في الإثبات والمجاز في التركيب، والمجاز في الجملة على ما قال الخطيب هو إسناد الفعل أو معناه إلى ملابس له غير ما هو له بتأوّل أي غير الملابس الذي ذلك الفعل أو معناه، يعني غير الفاعل فيما بني للفاعل وغير المفعول به فيما بني للمفعول. ولا يخفى أنّ غير ما هو له يتبادر منه غير ما هو له في نفس الأمر. وبقوله يتأوّل يصير أعمّ من غير ما هو له في نفس الأمر ومن غير ما هو له في اعتقاد المتكلّم في الواقع أو في الظاهر، ويتقيد باعتقاد المتكلّم في الظاهر فهو بمنزلة أن يقال غير ما هو له في اعتقاد المتكلّم في الظاهر. فخرج بقيد التأوّل ما يطابق الاعتقاد فقط كقول الجاهل أنبت الربيع البقل.
وخرج الكواذب مطلقا. وخرج قول المعتزلي المخفي مذهبه خلق الله الأفعال كلّها. والتأوّل طلب ما يئول إليه الشيء، والمراد به هاهنا نصب القرينة الصارفة للإسناد عن أن يكون إلى ما جعل له إلى ما هو حقيقة الأمر لا بمعنى أن يفهم لأجلها الإسناد إلى ما هو له بعينه، فإنّه قلّما يحضر السامع بما هو له، بل بمعنى أن يفهم ما هو حقيقة، مثلا يفهم من صام نهاري أنّه وقع الصوم البالغ فيه في النهار أو صام صائم في النهار جدا حتى خيّل أنّ النهار صائم. وفي بنى الأمير المدينة أنه صار الأمير سببا بحيث خيّل إليك أنّه بان. ولا ينتقض التعريف بمثل إنّما هي إقبال لأنّه ليس داخلا في التعريف عنده بل هو واسطة كما مرّ. وأمّا الكتاب الحكيم والأسلوب الحكيم والضّلال البعيد والعذاب الأليم فإن أريد بها وصف الشيء بوصف صاحبه فليس بمجاز ولو أريد بها وصف الشيء لكونه ملابس ما هو له في التلبّس بالمسند لكونه مكانا للمسند أو سببا له فيكون المآل الحكيم في كتابه وأسلوبه والأليم في عذابه والبعيد في ضلاله كان مجازا داخلا في التعريف. ومقتضى تعريفات القوم أن لا يكون مكر الليل وإنبات الربيع وجري الأنهار وأجريت النهر مجازات، وقد شاع إطلاق المجاز العقلي عليها، فإمّا أن يجعل الإطلاق على سبيل التشبيه وإمّا أن يتكلّف في التعريف، وصناعة التعريف تأبى الثاني.

تنبيه:
اعلم أنّ للفعل وما في معناه ملابسات بالفتح أي متعلّقات ومعمولات تلابس الفاعل والمفعول به والمفعول المطلق والزمان والمكان والمفعول له والمفعول معه والحال والتمييز ونحوها، فإسناد الفعل إلى الفاعل الحقيقي إذا كان مبنيا له حقيقة وإلى غيره مجاز، وإسناده إلى المفعول به الحقيقي إذا كان مبنيا له حقيقة وإلى غيره للملابسة مجاز. والإسناد للملابسة أن تكون الملابسة الداعية إلى وضع الملابس موضع ما هو له مشاركة مع ما هو له في كونهما ملابسين للفعل. وفائدة قيد للملابسة إخراج الإسناد إلى غير ما هو له من غير ذلك الداعي عن أن يكون مجازا فإنّه غلط وتحريف يخرج به الكلام عن الاستقامة فلا يلتفت إليه، فلا بدّ من اعتبار هذا في تعريف المجاز بأن يقال: المراد إسناد الفعل أو معناه إلى ملابس له من حيث هو ملابس له ليكون التعريف مانعا. واعلم أيضا أنّ إسناد الفعل المعلوم إلى المفعول معه وله والحال والتمييز والمستثنى جائز لكونه إسنادا إلى الفاعل. وإسناد الفعل المجهول إلى المصدر والزمان والمكان جائز.
ولا يجوز إسناده إلى المفعول معه والمفعول له بتقدير اللام والمفعول الثاني من باب علمت والثالث من باب أعلمت. ولبعض المتأخّرين هاهنا بحث شريف وهو أنّه كيف يكون جلس الدار وسير سير شديد وسير الليل مجازا، وليس لنا مجلوس ومسير ينزل الدار والسير الشديد ويلحق به. وأمّا الأفعال المتعدّية فينبغي أن يفصل ويقال [له] ضرب الدار إن قصد به كونها مضروبة فمجاز وإن قصد كونها مضروبا فيها فحقيقة، وكذا في ضرب ضرب شديد وضرب التأديب. هذا وقال صاحب الــأطول:
ونحن نقول كون إسناد الفعل المبني للمفعول إلى غير المفعول به مجازا مبني على أنّ وضع ذلك الفعل لإفادة إيقاعه على ما أسند إليه، فحينئذ إذا صحّ جلس الدار يشبه تعلّق الظرفية بتعلّق المفعول [به] ووضعه مقامه وإبرازه في صورته تنبيها على قوته، فإنّ أقوى تعلّقات الفعل بعد التعلّق بالفاعل تعلّقه بالمفعول به.
ولا يجب أن يكون هناك مفعول به محقّق بل يكفي توهّمه وتخيّله، فضرب الدار لا معنى له إلّا جعله مضروبا ولا يتأتّى فيه تفصيل. نعم يشكل الأمر في نحو ضرب في الدار وضرب للتأديب فإنّه لا يظهر جعل الدار مضروبة مع وجود في بل يتعيّن جعلها مضروبا فيها، ولا يظهر جعل التأديب إلّا مضروبا له فلا تجوّز فيهما بل هما حقيقتان، هذا إذا جعل نحو في الدار ظرفا ونحو للتأديب مفعولا له كما هو مذهب ابن الحاجب. وأمّا لو جعل مفعولا به بواسطة حرف الجرّ كما هو المشهور بين الجمهور فلا إشكال، هذا كله خلاصة ما في الــأطول.

التقسيم:
المجاز العقلي أربعة أنواع لأنّ طرفيها إمّا حقيقيان نحو أنبت الربيع البقل أو مجازيان نحو فما ربحت تجارتهم أي ما ربحوا فيها، وإطلاق الربح في التجارة هاهنا مجاز، أو أحد طرفيه حقيقي فقط. أمّا الأول أو الثاني كقوله تعالى:
أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً أي برهانا، وقوله تعالى: فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ فاسم الأم لهاوية مجاز أي كما أنّ الأم كافلة لولدها وملجأ له كذلك النار للكفار كافلة ومأوى. وبالجملة فالمجاز العقلي لا يخرج الظرف عما هو عليه من الحقيقة والمجاز، ولا خفاء في وقوعه في القرآن كما عرفت وإن أنكره البعض. ثم هو غير مختصّ بالخبر بل يجري في الإنشاء أيضا نحو يا هامان ابن لي صرحا كذا في الــأطول والاتقان. وهذا التقسيم يجري في الحقيقة العقلية أيضا كما صرّح السّيّد السّند في حاشية المطول.
فائدة:
لا بدّ في المجاز العقلي من الصرف عن الظاهر بتأويل إمّا في المعنى أو في اللفظ، أمّا المسند أو المسند إليه أو في الهيئة التركيبية الدالة على الإسناد. الأول أن لا مجاز في المعنى بحسب الوضع أصلا لا في المفرد ولا في المركّب بل بحسب العقل بأن أسند الفعل إلى غير ما يقتضي العقل إسناده إليه تشبيها له بالفاعل الحقيقي، وهذا التشبيه ليس هو التشبيه الذي يفاد بالكاف ونحوها، بل هي عبارة عن جهة راعوها في إعطاء الربيع حكم القادر المختار كما قالوا: شبّه كلمة ما بليس فرفع بها الاسم ونصب الخبر، فلا يتوهّم أن يكون هناك حينئذ مجاز وضعي علاقته المشابهة بل عقلي، وهذا قول الشيخ عبد القاهر والإمام الرازي وجميع علماء البيان. الثاني أنّ المسند مجاز عن المعنى الذي يصحّ إسناده إلى المسند إليه المذكور وهو قول الشيخ ابن الحاجب. الثالث أنّ المسند إليه استعارة بالكناية عما يصحّ الإسناد إليه حقيقة وإسناد الإنبات إليه قرينة لهذه الاستعارة وهو قول السّكاكي. الرابع أنّه لا مجاز في شيء من المفردات بل في التركيب فإنّه شبّه التلبّس الغير الفاعلي بالتلبّس الفاعلي فاستعمل فيه اللفظ الموضوع لإفادة التلبّس الفاعلي، فيكون استعارة تمثيلية كما في أراك تقدّم رجلا وتؤخّر أخرى، وهذا ليس قولا لعبد القاهر ولا لغيره من علماء البيان وليس ببعيد.
وقد سها عضد الملّة والدين هاهنا فجعل المذهب الأول منسوبا إلى الإمام الرازي والرابع منسوبا إلى عبد القاهر. ثم الحقّ أنّ الكلّ تصرّفات عقلية ولا حجر فيها، فالكلّ ممكن والنظر إلى قصد المتكلّم، هكذا حقّق المحقّق التفتازاني في حاشية العضدي، فإن شئت الزيادة فارجع إليه.
فائدة:
اختلف في الحقيقة والمجاز العقليين، فقال الخطيب: المسمّى بهما على ما ذكر صاحب المفتاح هو الكلام وهو الموافق بظاهر كلام عبد القاهر في مواضع من دلائل الإعجاز.
وقول جار الله وغيره أنّه الإسناد وهو ظاهر، ولذا اخترناه في تعريف الحقيقة والمجاز إذ نسبة الإسناد إلى العقل لذاته، ونسبة الكلام إليه بواسطته فهو أحقّ بالتسمية بالعقلي. ووجه نسبة الإسناد إلى العقل أنّ كون الإسناد في أنبت الله البقل إلى ما هو له، وفي أنبت الربيع البقل إلى غير ما هو له مما يدرك بالعقل من دون مدخلية اللغة لأنّ هذا الإسناد ممّا يتحقّق في نفس المتكلّم قبل التعبير وهو إسناد إلى ما هو له أو إلى غير ما هو له قبل التعبير ولا يجعله التعبير شيئا منهما، فالإسناد ثابت في محلّه أو متجاوز إيّاه بعمل العقل. بخلاف المجاز اللغوي مثلا فإنّه تجاوز محلّه لأنّ الواضع جعل محلّه غير هذا المعنى، ولهذا يصير أنبت الربيع البقل من الموحّد مجازا وعن الدّهري حقيقة لتفاوت عمل عقلهما لا لتفاوت الوضع عندهما كذا في الــأطول. وإن شئت التعريف على مذهب صاحب المفتاح فقل الحقيقة العقلية مركّب أسند فيه الفعل أو معناه إلى ما هو له عند المتكلّم في الظاهر. والمجاز العقلي مركّب أسند فيه الفعل أو معناه إلى غير ما هو له عند المتكلّم بتأوّل. وبالنظر إلى هذا ذكر في التلويح أنّ الحقيقة العقلية جملة أسند فيها الفعل إلى ما هو فاعل عند المتكلّم، والمجاز العقلي جملة أسند فيها الفعل إلى غير ما هو فاعل عند المتكلّم لملابسة بين الفعل وذلك الغير.
المجاز العقلي: ويسمى مجازا حكميا، ومجازا في الإثبات، واسنادا مجازيا: وهو إسناد الفعل أو معناه إلى ملابس له غير ما هو له أي غير الملابس الذي ذلك الفعل أو معناه له يعني غير الفاعل فيما بني للفاعل، وغير المفعول فيما بني للمفعول.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.