لَقِيْتُه أصَياناً - بمعنى اللام -: أي عِشَاءً.
: (لقِيتُه! أُصَيَّاناً) ، بِضَم الهَمْزَةِ، وفتحِ الصَّادِ المهْملَةِ وتَشْديدِ الياءِ التَّحْتيّة.
أَهْمَلَه الجوْهرِيُّ وصاحِبُ اللِّسانِ؛ (أَي أُصَيْلاناً) .
(وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
صنن: المُصِنُّ: الشامخ بأَنفه تكبراً أَو غضباً؛ قال:
قد أَخَذَتْني نَعْسَةٌ أُرْدُنُّ،
ومَوْهَبٌ مُبْزٍ بها مُصِنُّ.
ابن السكيت: المُصِنُّ الرافع رأْسه تكبراً؛ وأَنشد لمُدْرِكِ بن
حِصْنٍ:
يا كَرَوَاناً صُكَّ فاكْبَأَنَّا،
فَشَنَّ بالسَّلْحِ، فلما شَنّا
بلَّ الذُّنابي عَبَساً مُبِنَّا
أَإِبِلِي تأْكلُها مُصِنَّا،
خافِضَ سِنٍّ ومُشِيلاً سِنَّا؟
أَبو عمرو: أَتانا فلان مُصِنّاً بأَنفه إذا رفع أَنفه من العَظَمة.
وأَصَنَّ إذا شمخ بأَنفه تكبراً. ومنه قولهم: أَصَنَّــتِ الناقةُ إذا حملت
فاستكبرت على الفحل. الأَصمعي: فلان مُصِنٌّ غضباً أَي ممتلئ غضباً.
وأَصَنَّــتِ الناقةُ: مَخِضَتْ فوقع رجل الولد في صَلاها. التهذيب: وإذا تأَخر
ولد الناقة حتى يقع في الصَّلا فهو مُصِنٌّ، وهن مُصِنَّات ومَصَانُّ.
ابن شميل: المُصِنُّ من النُّوق التي يَدْفَعُ وَلَدُها بكُراعة وأَنفه في
دُبرها إذا نَشِبَ في بطنها ودَنا نَتاجُها. وقد أَصنَّــتْ إذا دفَع
ولدُها برأْسه في خَوْرانها. قال أَبو عبيدة: إذا دنا نَتاج الفرس وارْتَكَضَ
ولدها وتحرّك في صَلاها فهي حينئذ مُصِنَّة وقد أَصَنَّــتِ الفَرَسُ،
وربما وَقَعَ السَّقْيُ في بعض حركته حتى يُرَى سَوادُه من ظَبْيَتِها،
والسَّقْيُ طرف السَّابياء، قال: وقَلَّما تكون الفرس مُصِنَّة إذا كانت
مُذْكِراً تلد الذكور. وأَصَنَّــتِ المرأَةُ وهي مُصِنٌّ: عَجُزَتْ وفيها
بقية.والصَّنُّ، بالفتح: زَبِيلٌ كبير مثل السَّلَّةِ المُطْبَقَة يجعل فيها
الطعام والخُبْز. وفي الحديث: فأُتي بِعَرَقٍ، يعني الصِّنَّ. والصِّنُّ،
بالكسر: بول الوَبْرِ يُخَثَّرُ للأَدْوية، وهو مُنْتِنٌ جدّاً؛ قال
جرير:
تَطَلَّى، وهي سَيئَةُ المُعَرَّى،
بِصِنِّ الوَبْرِ تَحْسَبُه مَلابَا
وصِنٌّ: يومٌ من أَيام العجوز، وقيل: هو أَول أَيامها، وذكره الأَزهري
والجوهري مُعَرِّفاً فقالا: والصِّنُّ؛ وأَنشد:
فإِذا انْقَضَتْ أَيامُ شَهْلَتِنا:
صِنٌّ وصِنَّبْرٌ مع الوَبْرِ
ابن بري عن ابن خالويه قال: المُصِنُّ في كلام العرب سبعة أَشياء:
المُصِنُّ الحية إذا عَضَّ قَتَلَ مكانَه، تقول العرب رماه الله بالمُصِنّ
المُسْكِتِ، والمُصِنُّ المتكبر، والمُصِنُّ المُنْتِن، أَصَنَّ اللحمُ
أَنْتَنَ، والمُصِنُّ الذي له صُنان؛ قال جرير:
لا تُوعدُوني يا بَنِي المُصِنَّه. أَي المنتنة الريح من الصُّنانِ،
والمُصِنُّ الساكت، والمُصِنُّ الممتلئ غضباً، والمُصِنُّ الشامخ بأَنفه.
والصُّنَان: ريح الذَّفَر، وقيل: هي الريح الطيبة؛ قال:
يا رِيَّها، وقد بدا صُناني،
كأَنني جاني عَبَيْثَرانِ
وصَنَّ اللحمُ: كصَلَّ، إما لغة وإما بدل. وأَصَنَّ إذا سكت، فهو
مُصِنٌّ ساكت. وعن عطية بن قيس الكُلاعِي: أَن أَبا الدرداءِ كان يدخل الحمام
فيقول نعم البيتُ الحمامُ يَذْهَبُ بالصِّنَّة ويُذَكِّرُ النارَ؛ قال
أَبو منصور: أَراد بالصِّنَّة الصُّنان، وهو رائحة المَغَابِنِ ومَعاطِفِ
الجسم إذا فسد وتغير فعُولِجَ بالمَرْتَك وما أَشبهه. نُصَيْرٌ الرازي:
ويقال للتَّيْسِ إذا هاج قد أَصَنَّ، فهو مُصِنٌّ، وصُنانه ريحه عند
هِيَاجِه. والصُّنَانُ: ذَفَرُ الإِبِطِ. وأَصَنَّ الرجلُ: صار له صُنَان. ويقال
للبَغْلة إذا أَمسكتها في يدك فأَنتنت: قد أَصَنَّــتْ. ويقال للرجل
المُطِيخ المُخْفِي كلامه: مُصِنٌّ. والصِّنِّينُ: بلد: قال:
ليتَ شِعْرِي متى تَخُبُّ بيَ النا
قةُ بين العُذَيْبِ فالصِّنِّينِ؟
صنع: صَنَعَه يَصْنَعُه صُهْعاً، فهو مَصْنوعٌ وصُنْعٌ: عَمِلَه. وقوله
تعالى: صُنْعَ اللهِ الذي أَتْقَنَ كُلَّ شيء؛ قال أَبو إِسحق: القراءة
بالنصب ويجوز الرفع، فمن نصب فعلى المصدر لأَن قوله تعالى: وترى الجِبالَ
تَحْسَبُها جامِدةً وهي تَمُرُّ مَرَّ السّحابِ، دليل على الصَّنْعةِ كأَنه
قال صَنَعَ اللهُ ذلك صُنْعاً، ومن قرأَ صُنْعُ الله فعلى معنى ذلك صُنْعُ
الله.
واصْطَنَعَه: اتَّخَذه. وقوله تعالى: واصْطَنَعْتُك لنفسي، تأْويله
اخترتك لإِقامة حُجَّتي وجعلتك بيني وبين خَلْقِي حتى صِرْتَ في الخطاب عني
والتبليغ بالمنزلة التي أَكون أَنا بها لو خاطبتهم واحتججت عليهم؛ وقال
الأَزهري: أَي ربيتك لخاصة أَمري الذي أَردته في فرعون وجنوده. وفي حديث آدم:
قال لموسى، عليهما السلام: أَنت كليم الله الذي اصْطَنَعَك لنفسه؛ قال ابن
الأَثير: هذا تمثيل لما أَعطاه الله من منزلة التقْرِيبِ والتكريمِ.
والاصطِناع: افتِعالٌ من الصنِيعة وهي العَطِيّةُ والكرامة والإِحسان. وفي
الحديث: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: لا تُوقِدُوا بليل ناراً، ثم قال:
أَوْقِدوا واصْطَنِعُوا فإِنه لن يُدرِك قوم بعدكم مُدَّكم ولا صاعَكُم؛
قوله اصطَنِعوا أَي اتَّخِذوا صَنِيعاً يعني طَعاماً تُنْفِقُونه في سبيل
الله. ويقال: اططَنَعَ فلان خاتماً إِذا سأَل رجلاً أَن يَصْنَع له خاتماً.
وروى ابن عمر أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، اصطَنَعَ خاتماً من ذهب
كان يجعل فَصَّه في باطن كَفِّه إِذا لبسه فصنَعَ الناسُ ثم إِنه رَمى به،
أَي أَمَر أَن يُصْنَعَ له كما تقول اكتَتَبَ أَي أَمَر أَن يُكْتَبَ له،
والطاءُ بدل من تاء الافتعال لأَجل الصاد.
واسْتَصْنَعَ الشيءَ: دَعا إِلى صُنْعِه؛ وقول أَبي ذؤَيب:
إِذا ذَكَرَت قَتْلى بَكَوساءَ أَشْعَلَتْ،
كَواهِيةِ الأَخْرات رَثّ صُنُوعُها
قال بان سيده: صُنوعُها جمع لا أَعرف له واحداً. والصَّناعةُ: حِرْفةُ
الصانِع، وعَمَلُه الصَّنْعةُ. والصِّناعةُ: ما تَسْتَصْنِعُ من أَمْرٍ؛
ورجلٌ صَنَعُ اليدِ وصَنَاعُ اليدِ من قوم صَنَعَى الأَيْدِي وصُنُعٍ
وصُنْع، وأَما سيبويه فقال: لا يُكَسَّر صَنَعٌ، اسْتَغْنَوا عنه بالواو
والنون. ورجل صَنِيعُ اليدين وصِنْعُ اليدين، بكسر الصاد، أَي صانِعٌ حاذِقٌ،
وكذلك رجل صَنَعُ اليدين، بالتحريك؛ قال أَبو ذؤيب:
وعليهِما مَسْرُودتانِ قَضاهُما
داودُ، أَو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ
هذه رواية الأَصمعي ويروى: صَنَعَ السَّوابِغَ؛ وصِنْعُ اليدِ من قوم
صِنْعِي الأَيْدِي وأَصْنــاعِ الأَيْدِي، وحكى سيبويه الصِّنْعَ مُفْرداً.
وامرأَة صَناعُ اليدِ أَي حاذِقةٌ ماهِرة بعمل اليدين، وتُفْرَدُ في
المرأَة من نسوة صُنُعِ الأَيدي، وفي الصحاح: وامرأَة صَناعُ اليدين ولا يفرد
صَناعُ اليد في المذكر؛ قال ابن بري: والذي اختاره ثعلب رجل صَنَعُ اليد
وامرأَة صَناعُ اليد، فَيَجْعَلُ صَناعاً للمرأَة بمنزلة كَعابٍ ورَداحٍ
وحَصانٍ؛ وقال ابن شهاب الهذلي:
صَناعٌ بِإِشْفاها، حَصانٌ بِفَرْجِها،
جوادٌ بقُوتِ البَطْنِ، والعِرْقُ زاخِرُ
وجَمْعُ صَنَع عند سيبويه صَنَعُون لا غير، وكذلك صِنْعٌ؛ يقال: رجال
صِنْعُو اليد، وجمعُ صَناعٍ صُنُعٌ، وقال ابن درستويه: صَنَعٌ مصدرٌ وُصِفَ
به مثل دَنَفٍ وقَمَنٍ، والأَصل فيه عنده الكسر صَنِعٌ ليكون بمنزلة
دَنِفٍ وقَمِنٍ، وحكي أَنَّ فِعله صَنِع يَصْنَعُ صَنَعاً مثل بَطِرَ
بَطَراً، وحكى غيره أَنه يقال رجل صَنِيعٌ وامرأَة صنِيعةٌ بمعنى صَناع؛ وأَنشد
لحميد بن ثور:
أَطافَتْ به النِّسْوانُ بَيْنَ صَنِيعةٍ،
وبَيْنَ التي جاءتْ لِكَيْما تَعَلَّما
وهذا يدل أَنَّ اسم الفاعل من صَنَعَ يَصْنَعُ صَنِيعٌ لا صَنِعٌ لأَنه
لم يُسْمَعْ صَنِعٌ؛ هذا جميعُه كلا ابن بري. وفي المثل: لا تَعْدَمُ
صَناعٌ ثَلَّةً؛ الثَّلَّةُ: الصوف والشعر والوَبَر. وورد في الحديث: الأَمةُ
غيرُ الصَّناعِ. قال ابن جني: قولهم رجل صَنَع اليدِ وامرأَة صَناعُ
اليدِ دليل على مشابهة حرف المدّ قبل الطرَف لتاء التأْنيث، فأَغنت الأَلفُ
قبل الطرَف مَغْنَى التاء التي كانت تجب في صنَعة لو جاء على حكم نظيره نحو
حسَن وحسَنة؛ قال ابن السكيت: امرأَة صَناعٌ إِذا كانت رقِيقةَ اليدين
تُسَوِّي الأَشافي وتَخْرِزُ الدِّلاء وتَفْرِيها. وامرأَة صَناعٌ: حاذقةٌ
بالعمل: ورجل صَنَعٌ إِذا أُفْرِدَتْ فهي مفتوحة محركة، ورجل صِنْعُ
اليدِ وصِنْعُ اليدين، مكسور الصاد إِذا أُضيفت؛ قال الشاعر:
صِنْعُ اليَدَيْنِ بحيثُ يُكْوَى الأَصْيَدُ
وقال آخر:
أَنْبَلُ عَدْوانَ كلِّها صَنَعا
وفي حديث عمر: حين جُرِحَ قال لابن عباس انظر مَن قَتَلَني، فقال: غلامُ
المُغِيرةِ بنِ شُعْبةَ، قال: الصَّنَعُ؟ قال: نعم. يقال: رجل صَنَعٌ
وامرأَة صَناع إِذا كان لهما صَنْعة يَعْمَلانِها بأَيديهما ويَكْسِبانِ
بها. ويقال: امرأَتانِ صَناعانِ في التثنية؛ قال رؤبة:
إِمّا تَرَيْ دَهْرِي حَناني حَفْضا،
أَطْرَ الصَّناعَيْنِ العَرِيشَ القَعْضا
ونسوة صُنُعٌ مثل قَذالٍ وقُذُلٍ. قال الإِيادي: وسمعت شمراً يقول رجل
صَنْعٌ وقَومٌ صَنْعُونَ، بسكون النون. ورجل صَنَعُ اللسانِ ولِسانٌ
صَنَعٌ، يقال ذلك للشاعر ولكل بيِّن
(* قوله« بين» في القاموس وشرحه: يقال ذلك
للشاعر الفصيح ولكل بليغ بين) وهو على المثل؛ قال حسان بن ثابت:
أَهدَى لَهُم مِدَحي قَلْبٌ يُؤازِرُه،
فيما أَراد، لِسانٌ حائِكٌ صَنَعُ
وقال الراجز في صفة المرأَة:
وهْيَ صناعٌ باللِّسان واليَدِ
وأَصنَــعَ الرجلُ إِذا أَعانَ أَخْرَقَ.
والمَصْنَعةُ: الدَّعْوةُ يَتَّخِذُها الرجلُ ويَدْعُو إِخوانه إِليها؛
قال الراعي:
ومَصْنَعة هُنَيْدَ أَعَنْت فيها
قال الأَصمعي: يعني مَدْعاةً. وصَنْعةُ الفرَسِ: حُسْنُ القِيامِ عليه.
وصَنَعَ الفَرَسَ يَصْنَعُه صَنْعاً وصَنْعةً، وهو فرس صنِيعٌ: قام عليه.
وفرس صنِيعٌ للأُنثى، بغير هاء، وأرى اللحياني خص به الأُنثى من الخيل؛
وقال عدي بن زيد:
فَنَقَلْنا صَنْعَه حتى شَتا،
ناعِمَ البالِ لَجُوجاً في السَّنَنْ
وقوله تعالى: ولِتُصْنَعَ على عَيْني؛ قيل: معناه لِتُغَذَّى، قال
الأَزهري: معناه لتُرَبَّى بِمَرْأَى مِنّي. يقال: صَنَعَ فلان جاريته إِذا
رَبّاها، وصَنَع فرسه إِذا قام بِعَلَفِه وتَسْمِينه، وقال الليث: صَنع
فرسه، بالتخفيف، وصَنَّعَ جاريته، بالتشديد، لأَن تصنيع الجارية لا يكون
إِلا بأَشياء كثيرة وعلاج؛ قال الأَزهري: وغير الليث يُجِيز صنع جاريته
بالخفيف؛ ومنه قوله: ولتصنع على عيني.
وتَصَنَّعَتِ المرأَة إِذا صَنَعَتْ نَفْسها.
وقومٌ صَناعيةٌ أَي يَصْنَعُون المال ويُسَمِّنونه؛ قال عامر بن الطفيل:
سُودٌ صَناعِيةٌ إِذا ما أَوْرَدُوا،
صَدَرَتْ عَتُومُهُمُ، ولَمَّا تُحْلَب
الأَزهري: صَناعِيةٌ يصنعون المال ويُسَمِّنُون فُصْلانهم ولا يَسْقُون
أَلبان إِبلهم الأَضياف، وقد ذكرت الأَبيات كلها في ترجمة صلمع.
وفرَسٌ مُصانِعٌ: وهو الذي لا يُعْطِيك جميع ما عنده من السير له صَوْنٌ
يَصُونه فهو يُصانِعُكَ ببَذْله سَيْرَه.
والصنِيعُ: الثَّوْبُ الجَيِّدُ النقي؛ وقول نافع بن لقيط الفقعسي
أَنشده ابن الأَعرابي:
مُرُطٌ القِذاذِ، فَلَيْسَ فيه مَصْنَعٌ،
لا الرِّيشُ يَنفَعُه، ولا التَّعْقِيبُ
فسّره فقال: مَصْنَعٌ أَي ما فيه مُسْتَمْلَحٌ. والتَّصَنُّعُ: تكَلُّفُ
الصَّلاحِ وليس به. والتَّصَنُّعُ: تَكَلُّفُ حُسْنِ السَّمْتِ
وإِظْهارُه والتَّزَيُّنُ به والباطنُ مدخولٌ. والصِّنْعُ: الحَوْضُ، وقيل:
شِبْهُ الصِّهْرِيجِ يُتَّخَذُ للماء، وقيل: خشبة يُحْبَسُ بها الماء
وتُمْسِكُه حيناً، والجمع من كل ذلك أَصنــاعٌ. والصَّنَّاعةُ: كالصِّنْع التي هي
الخشبَة. والمَصْنَعةُ والمَصْنُعةُ: كالصِّنْعِ الذي هو الحَوْض أَو شبه
الصِّهْرِيجِ يُجْمَعُ فيه ماءُ المطر. والمَصانِعُ أَيضاً: ما يَصْنَعُه
الناسُ من الآبار والأَبْنِيةِ وغيرها؛ قال لبيد:
بَلِينا وما تَبْلى النُّجومُ الطَّوالِعُ،
وتَبْقى الدِّيارُ بَعْدَنا والمَصانِعُ
قال الأَزهري: ويقال للقُصور أَيضاً مَصانعُ؛ وأَما قول الشاعر أَنشده
ابن الأَعرابي:
لا أُحِبُّ المُثَدَّناتِ اللَّواتِي،
في المَصانِيعِ، لا يَنِينَ اطِّلاعا
فقد يجوز أَن يُعْنى بها جميع مَصْنعةٍ، وزاد الياء للضرورة كما قال:
نَفْيَ الدّراهِيمِ تَنْقادُ الصَّيارِيفِ
وقد يجوز أَن يكون جمع مَصْنُوعٍ ومَصْنوعةٍ كَمَشْؤومٍ ومَشائِيم
ومَكْسُور ومكاسِير. وفي التنزيل: وتَتَّخِذون مصانِعَ لعلكم تَخْلُدُون؛
المَصانِعُ في قول بعض المفسرين: الأَبنية، وقيل: هي أَحباسٌ تتخذ للماء،
واحدها مَصْنَعةٌ ومَصْنَعٌ، وقيل: هي ما أُخذ للماء. قال الأَزهري: سمعت
العرب تسمي أَحباسَ الماءِ الــأَصْنــاعَ والصُّنوعَ، واحدها صِنْعٌ؛ وروى أَبو
عبيد عن أَبي عمرو قال: الحِبْسُ مثل المَصْنَعةِ، والزَّلَفُ
المَصانِعُ، قال الأَصمعي: وهي مَساكاتٌ لماءِ السماء يَحْتَفِرُها الناسُ
فيَمْلَؤُها ماءُ السماء يشربونها.وقال الأَصمعي: العرب تُسَمِّي القُرى
مَصانِعَ، واحدتها مَصْنَعة؛ قال ابن مقبل:
أَصْواتُ نِسوانِ أَنْباطٍ بِمَصْنَعةٍ،
بجَّدْنَ لِلنَّوْحِ واجْتَبْنَ التَّبابِينا
والمَصْنعةُ والمَصانِعُ: الحُصون؛ قال ابن بري: شاهده قول البعيث:
بَنى زِيادٌ لذِكر الله مَصْنَعةً،
مِنَ الحجارةِ، لم تُرْفَعْ مِنَ الطِّينِ
وفي الحديث: مَنْ بَلَغَ الصِّنْعَ بِسَهْمٍ؛ الصِّنْعُ، بالكسر:
المَوْضِعُ يُتَّخَذُ للماء، وجمعه أَصْنــاعٌ، وقيل: أَراد بالصِّنْع ههنا
الحِصْنَ. والمَصانِعُ: مواضِعُ تُعْزَلُ للنحل مُنْتَبِذةً عن البيوت، واحدتها
مَصْنَعةٌ؛ حكاه أَبو حنيفة. والصُّنْعُ: الرِّزْق. والصُّنْعُ، بالضم:
مصدر قولك صَنَعَ إِليه معروفاً، تقول: صَنَعَ إِليه عُرْفاً صُنْعاً
واصْطَنَعه، كلاهما: قَدَّمه، وصَنَع به صَنِيعاً قَبيحاً أَي فَعَلَ.
والصَّنِيعةُ: ما اصْطُنِعَ من خير. والصَّنِيعةُ: ما أَعْطَيْتَه
وأَسْدَيْتَه من معروف أَو يد إِلى إِنسان تَصْطَنِعُه بها، وجمعها
الصَّنائِعُ؛ قال الشاعر:
إِنَّ الصَّنِيعةَ لا تَكونُ صَنِيعةً،
حتى يُصابَ بِها طَرِيقُ المَصْنَعِ
واصْطَنَعْتُ عند فلان صَنِيعةً، وفلان صَنيعةُ فلان وصَنِيعُ فلات إِذا
اصْطَنَعَه وأَدَّبَه وخَرَّجَه ورَبَّاه. وصانَعَه: داراه ولَيَّنَه
وداهَنَه. وفي حديث جابر: كالبَعِيرِ المَخْشُوشِ الذي يُصانِعُ قائدَهُ أَي
يداريه. والمُصانَعةُ: أَن تَصْنَعَ له شيئاً ليَصْنَعَ لك شيئاً آخر،
وهي مُفاعَلةٌ من الصُّنْعِ. وصانِعَ الوالي: رَشاه. والمُصانَعةُ:
الرَّشْوةُ. وفي لمثل: من صانَعَ بالمال لم يَحْتَشِمْ مِنْ طَلَب الحاجةِ.
وصانَعَه عن الشيء: خادَعه عنه. ويقال: صانَعْتُ فلاناً أَي رافَقْتُه.
والصِّنْعُ: السُّودُ
(* قوله« والصنع السود» كذا بالأصل، وعبارة القاموس مع
شرحه: والصنع، بالكسر، السفود، هكذا في سائر النسخ ومثله في العباب
والتكملة، ووقع في اللسان: والصنع السود، ثم قال: فليتأمل في العبارتين؛) قال
المرّارُ يصف الإِبل:
وجاءَتْ، ورُكْبانُها كالشُّرُوب،
وسائِقُها مِثْلُ صِنْعِ الشِّواء
يعني سُودَ الأَلوان، وقيل: الصِّنْعُ الشِّواءُ نَفْسُه؛ عن ابن
الأَعرابي. وكلُّ ما صُنِعَ فيه، فهو صِنْعٌ مثل السفرة أَو غيرها. وسيف
صَنِيعٌ: مُجَرَّبٌ مَجْلُوٌّ؛ قال عبد الرحمن بن الحكم بن أَبي العاصي يمدح
معاوية:
أَتَتْكَ العِيسُ تَنْفَحُ في بُراها،
تَكَشَّفُ عن مَناكِبها القُطُوعُ
بِأَبْيَضَ مِنْ أُميّة مَضْرَحِيٍّ،
كأَنَّ جَبِينَه سَيْفٌ صَنِيعُ
وسهم صَنِيعٌ كذلك، والجمع صُنُعٌ؛ قال صخر الغيّ:
وارْمُوهُمُ بالصُّنُعِ المَحْشُورَهْ
وصَنْعاءُ، ممدودة: ببلدة، وقيل: هي قَصَبةُ اليمن؛ فأَما قوله:
لا بُدَّ مِنْ صَنْعا وإِنْ طالَ السَّفَرْ
فإِنما قَصَرَ للضرورة، والإِضافة إِليه صَنْعائي، على غير قياس، كما
قالوا في النسبة إِلى حَرّانَ حَرْنانيٌّ، وإِلى مانا وعانا مَنَّانِيّ
وعَنَّانِيٌّ، والنون فيه بدل من الهمزة في صَنْعاء؛ حكاه سيبويه، قال ابن جني:
ومن حُذَّاقِ أَصحابنا من يذهب إِلى أَنَّ النون في صنعانيّ إِنما هي بدَل
من الواو التي تبدل من همزة التأْنيث في النسب، وأَن الأَصل صَنْعاوِيّ
وأَن النون هناك بدل من هذه الواو كما أَبدلت الواو من النون في قولك: من
وَّافِدِ، وإن وَّقَفْتَ وقفتُ، ونحو ذلك، قال: وكيف تصرّفتِ الحالُ فالنون
بدل من بدل من الهمزة، قال: وإِنما ذهب من ذهب إِلى هذا لأَنه لم ير
النون أُبْدِلَتْ من الهمزة في غير هذا، قال: وكان يحتج في قولهم إِن نون
فَعْلانَ بدل من همزة فَعْلاء فيقول: ليس غرضهم هنا البدل الذي هو نحو قولهم في
ذِئْبٍ ذيب، وفي جُؤْنةٍ، وإِنما يريدون أَن النون تُعاقِبُ في هذا الموضع
الهمزة كما تعاقب امُ المعرفة التنوينَ أَي لا تجتمع معه، فلما لم
تجامعه قيل إِنها بدل منه، وكذلك النون والهمزة. والــأَصْنــاعُ: موضع؛ قال عمرو
بن قَمِيئَة:
وضَعَتْ لَدَى الــأَصْنــاعِ ضاحِيةً،
فَهْيَ السّيوبُ وحُطَّتِ العِجَلُ
وقولهم: ما صَنَعْتَ وأَباك؟ تقديره مَعَ أَبيك لأَن مع والواو جميعاً
لما كانا للاشتراك والمصاحبة أُقيم أَحدهما مُقامَ الآخَر، وإِنما نصب
لقبح العطف على المضمر المرفوع من غير توكيد، فإِن وكدته رفعت وقلت: ما صنعت
أَنت وأَبوك؟ واما الذي في حديث سعد: لو أَنّ لأَحدكم وادِيَ مالٍ مرّ
على سبعة أَسهم صُنُعٍ لَكَلَّفَتْه نفْسُه أَن ينزل فيأْخذها؛ قال ابن
الأَثير: كذا قال صُنُع، قاله الحربي، وأَظنه صِيغةً أَي مستوية من عمل رجل
واحد. وفي الحديث: إِذا لم تَسْتَحْيِ فاصْنَعْ ما شئتَ؛ قال جرير: معناه
أَن يريد الرجل أَن يَعْمَلَ الخيرَ فَيَدَعَه حَياء من الناس كأَنه يخاف
مذهب الرياء، يقول فلا يَمْنَعَنك الحَياءُ من المُضِيّ لما أَردت؛ قال
أَبو عبيد: والذي ذهب إِليه جرير معنى صحيح في مذهبه ولكن الحديث لا تدل
سِياقتُه ولا لفظه على هذا التفسير، قال: ووجهه عندي أَنه أَراد بقوله
إِذا لم تَسْتَحْي فاصنع ما شئت إِنما هو من لم يَسْتَحِ صَنَعَ ما شاء على
جهة الذمّ لترك الحياء، ولم يرد بقوله فاصنع ما شئت أَن يأْمرع بذلك
أَمراً، ولكنه أَمرٌ معناه الخبر كقوله، صلى الله عليه وسلم: من كذب عليّ
مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَه من النار، والذي يراد من الحديث
أَنه حَثَّ على الحياء، وأَمرَ به وعابَ تَرْكَه؛ وقيل: هو على الوعيد
والتهديد اصنع ما شئت فإِن الله مجازيك، وكقوله تعالى: اعملوا ما شئتم، وذكر ذلك
كله مستوفى في موضعه؛ وأَنشد:
إِذا لَمْ تَخْشَ عاقِبةَ اللّيالي،
ولمْ تَسْتَحْي، فاصْنَعْ ما تشاءُ
وهو كقوله تعالى: فمن شاء فَلْيُؤْمِنْ ومن شاء فَلْيَكْفُرْ. وقال ابن
الأَثير في ترجمة ضيع: وفي الحديث تُعِينُ ضائِعاً أَي ذا ضياعٍ من قَفْر
أَو عِيالٍ أَو حال قَصَّر عن القيام بها، قال: ورواه بعضهم بالصاد
المهملة والنون، وقيل: إِنه هو الصواب، وقيل: هو في حديث بالمهملة وفي آخر
بالمعجمة، قال: وكلاهما صواب في المعنى.
صنم: الصَّنَمُ: معروفٌ واحدُ الــأَصْنــامِ، يقال: إنه معرَّب شَمَنْ، وهو
الوَثَن؛ قال ابن سيده: وهو يُنْحَتُ من خَشَبٍ ويُصَاغُ من فضة
ونُحاسٍ، والجمع أَصنــام، وقد تكرر في الحديث ذكرُ الصَّنَمِ والــأَصنــام، وهو ما
اتُّخِذَ إلهاً من دون الله، وقيل: هو ما كان له جسمٌ
أَو صورة، فإن لم يكن له جسم أَو صورة فهو وَثَن. وروى أَبو العباس عن
ابن الأَعرابي: الصَّنَمةُ والنَّصَمةُ الصُّورةُ التي تُعْبَد. وفي
التنزيل العزيز: واجْنُبْني وبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الــأَصنــام؛ قال ابن عرفة:
ما تخذوه من آلهةٍ فكان غيرَ صُورةٍ فهو وَثَنٌ، فإذا كان له صورة فهو
صَنَمٌ، وقيل: الفرق بين الوَثَن والصنمِ أَن الوَثَنَ ما كان له جُثَّة من
خشب أَو حجر أَو فضة يُنْحَت ويُعْبَد، والصنم الصورة بلا جثة، ومن العرب
من جعل الوَثَنَ المنصوبَ صنماً، وروي عن الحسن أَنه قال: لم يكن حيٌّ
من أَحْياءِ العرب إلا ولها صنمٌ يعبدونها يسمونها أُنثى بني فلان
(*
قوله: ولها صنم يعبدونها: لعلَّه أنث الضمير العائد إلى الحيّ لأنه في معنى
القبيلة. وأنث الضمير العائد إلى الصنم لأنه في معنى الصورة)؛ ومنه قول
الله عز وجل: إنْ يَدْعون مِنْ دونِه إلاَّ إناثاً؛ والإناث كل شيء ليس
فيه روح مثل الخَشبة والحجارة، قال: والصَّنَمةُ الداهيةُ؛ قال الأَزهري:
أَصلها صَلَمة. وبنو صُنَيْم: بطنٌ.
صنف: الصِّنْفُ والصَّنْفُ: النَّوْعُ والضَّرْبُ من الشيء. يقال:
صَنْفٌ وصِنْفٌ من المَتاع لغتان، والجمع أَصنــافٌ وصُنُوفٌ.
والتَّصْنِيفُ: تمييز الأَشياء بعضها من بعض. وصَنَّف الشيءَ: مَيَّز
بعضَه من بعض. وتَصْنِيفُ الشيء: جعْلُه أَصْنــافاً. والصِّنْفُ:
الصِّفَةُ.وصَنِفَةُ الإزارِ، بكسر النون: طُرَّتُه التي عليها الهُدْبُ، وقيل: هي
حاشيته، أَيَّةً كانت. الجوهري:صِنْفَةُ الإزارِ، بالكسر، طُرَّتُه، وهي
جانبه الذي لا هُدْبَ له، ويقال: هي حاشية الثوب، أَيَّ جانب كان. وفي
الحديث: فليَنْفُضْه بِصَنِفَةِ إزاره فإنه لا يدري ما خَلَفَه عليه.
وصَنِفَةُ الثوب: زاويته، والجمع صَنِفٌ، وللثوب أَربع صَنِفاتٍ،
وسُمِّي الإزارُ إزاراً لحفظه صاحِبَه وصِيانتِه جَسَده، أُخذَ من آزَرْتُه أَي
عاوَنْتُه، ويقال إزار وإزارةٌ. الليث: الصَّنِفةُ والصِّنْفةُ قِطعةٌ
من الثوب؛ وقول الجعدي:
على لا حِبٍ كحَصيرِ الصَّنا
عِ، سَوَّى لها الصِّنْفُ إرمالُها
قال شَمِرٌ: الصِّنْفُ والصِّنفَةُ الطرَفُ والزاوية من الثوب وغيره.
والصِّنْفةُ طائفة من القبيلة. الليث: الصِّنْف طائفَة من كل شيء، وكل ضرب
من الأَشياء صِنْفٌ على حِدَةٍ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
يُعاطِي القُورَ بالصَّنِفاتِ منه،
كما تُعْطِي رَواحِضَها السُّبُوبُ
فسره ثعلب فقال: إنما يصف سَراباً يُعاطِي بجوانبه الجبالَ كأَنه
يُفِيضُ عليها كما تُعطي السُّبُوبُ غَواسِلَها من بياض ونقاء، فالصَّنفاتُ على
هذا جوانب السراب، وإنما الصنفات في الحقيقة للمُلاء، فاستعاره للسَّراب
من حيث شُبِّه السرابُ بالمُلاء في الصفة والنَّقاء؛ قال:
تُقَطِّعُ غِيطاناً كأَنَّ مُتُونَها،
إذا أَظْهَرَتْ، تُكْسَى مُلاءً مُنَشَّرا
وروى سلمة أَنَّ الفراء أَنشده لابن أَحمر:
سَقْياً لحُلْوانَ ذِي الكُرومِ، وما
صُنِّفَ مِنْ تِينه ومن عِنَبِهْ
أَنشده الفراء صُنِّف، ورواه غيره صَنَّفَ؛ ويقال: صُنِّفَ مُيِّزَ،
وصَنَّفَ خرج ورَقُه، وصَنَّفَتِ العِضاهُ اخضرّت؛ قال ابن مقبل:
رآها فؤادِي أُمَّ خِشْفٍ خَلا لها،
بقُورِ الوِراقَينِ، السَّراءُ المُصَنِّف
قال أَبو حنيفة: صَنَّفَ الشجرُ إذا بدأ يُورِقُ فكان صنفين صنف قد
أَوْرَقَ وصنف لم يورِقْ، وليس هذا بقوي، وكذلك تَصَنَّفَ؛ قال مُلَيْح:
بها الجازِئاتُ العِينُ تُضْحِي وكَوْرُها
فِيالٌ، إذا الأَرْطَى لها تَتَصَنَّف
وظَلِيمٌ أَصْنَــفُ الساقين: مُتَقَشِّرُهُما؛ قال الأَعلم الهذلي:
هِزَفٌّ أَصنــفُ الساقَيْنِ هِقْلٌ،
يُبادِر بَيْضَه بَرْدُ الشَّمالِ
أَصْنَــفُ: متقشر. تَصَنَّفَتْ ساقُه إذا تَشَقَّقَتْ. وتَصَنَّفَتْ
شَفَتُه إِذا تَشَقَّقَتْ.
وعودٌ صَنْفِيٌّ، بالفتح: لضرب من عود الطيب ليس بجيد، قال الجوهري:
منسوب إلى موضع، وقيل: عُودٌ صَنْفِيٌّ، بالفتح، للبَخُورِ لا غيرُ.
فكه: الفاكهةُ: معروفةٌ وأَجْناسُها الفَواكهُ، وقد اختلف فيها فقال
بعض العلماء: كل شيء قد سُمِّيَ من الثِّمار في القُرآن نحو العِنَب
والرُّمّان فإنا لا نُسَمِّيه فاكهةً، قال: ولو حَلَفَ أَن لا يأْكل فاكهة
فأَكل عنباً ورُمّاناً لم يَحْنَثْ ولم يكنْ حانثاً. وقال آخرون: كلُّ
الثِّمار فاكهةٌ، وإنما كرر في القرآن في قوله تعالى: فيهما فاكهةٌ ونخلٌ
ورُمّانٌ؛ لتَفْضِيل النخلِ والرُّمَّان على سائر الفواكه دُونَهما، ومثله
قوله تعالى: وإذْ أَخَذْنا من النَّبِيِّين مِيثاقَهم ومِنْكَ ومن نوحٍ
وإبراهيمَ وموسَى وعيسى بن مريم؛ فكرر هؤلاء للتفضيل على النَّبِيِّين
ولم يَخْرُجوا منهم.
قال الأَزهري: وما علمت أَحداً من العرب قال إنَّ النخيلَ والكُرومَ
ثِمارُها ليست من الفاكهة، وإنما شذ قول النعمان بن ثابت في هذه المسأَلة عن
أَقاويل جماعة فقهاء الأَمصار لقلة علمه بكلام العرب وعلمِ اللغة
وتأْويلِ القُرآن العربي المُبين، والعرب تَذْكُر الأَشياء جملة ثم تَخُصُّ
منها شيئاً بالتسمية تنبيهاً على فَضْلٍ فيه. قال الله تعالى: مَنْ كانَ
عَدُوّاً لله وملائكتهِ ورُسُلِه وجِبْريلَ ومِيكالَ؛ فمن قال إن
جِبْريلَ ومِيكالَ ليسا من الملائكة لإفْرادِ الله عزَّ وجل إياهما بالتسمية
بعد ذِكْر الملائكة جُمْلةً فهو كافر، لأَن الله تعالى نص على ذلك
وبَيَّنه، وكذلك مَنْ قال إن ثمرَ النخلِ والرُّمانِ ليس فاكهة لإفراد الله
تعالى إياهما بالتسمية بعد ذكر الفاكهة جُمْلة فهو جاهل، وهو خلافُ المعقول
وخلافُ لغة العرب. ورجلٌ فَكهٌ: يأْكل الفاكِهةَ، وفاكِهٌ: عنده فاكهة،
وكلاهُما على النَّسَب. أَبو معاذ النحوي: الفاكه الذي كَثُرَتْ
فاكِهتُه، والفَكِهُ: الذي يَنالُ من أَعراضِ الناسِ، والفاكهانِيُّ: الذي
يَبِيعُ الفاكهةَ. قال سيبويه: ولا يقال لبائع الفاكهة فَكَّاه، كما قالوا
لَبّان ونَبّال، لأَن هذا الضرب إنما هو سماعي لا اطِّراديّ. وفَكَّهَ
القومَ بالفاكِهة: أَتاهم بها. والفاكهة أَيضاً: الحَلْواءُ على التشبيه.
وفَكَّهَهُم بمُلَح الكلام: أَطْرَفَهُم، والاسمُ الفكِيهةُ والفُكاهةُ،
بالضم، والمصدر المتوهم فيه الفعل الفَكاهةُ. الجوهري: الفَكاهةُ، بالفتح،
مصدرُ فَكِهَ الرجلُ، بالكسر، فهو فَكِهٌ إذا كان طَيِّبَ النَّفْس
مَزّاحاً، والفاكهُ المزّاحُ. وفي حديث أَنس: كان النبي، صلى الله عليه
وسلم، من أَفْكَهِ الناس مع صَبِيٍّ؛ الفاكهُ: المازحُ. وفي حديث زيد بن
ثابت: أَنه كان من أَفْكَهِ الناسِ إذا خلا مع أَهله؛ ومنه الحديث: أَربعٌ
ليس غِيبَتُهن بغيبةٍ، منهم المُتَفَكِّهون بالأُمَّهات؛ هم الذين
يَشْتُمُونَهُنَّ مُمازِحِين. والفُكاهةُ، بالضم: المِزاحُ، وقيل: الفاكهُ ذو
الفُكاهة كالتامر واللاَّبن. والتَّفاكُهُ: التَّمازُحُ. وفاكَهْتُ
القومَ مُفاكَهةً بمُلَحِ الكلامِ والمِزاحِ، والمُفاكهَةُ: المُمازحَةُ. وفي
المثل: لا تُفاكِه أَمَهْ ولا تَبُلْ على أَكَمَهْ. والفَكِهُ:
الطَّيِّبُ النفس، وقد فَكِهَ فَكَهاً. أَبو زيد: رجل فَكِهٌ وفاكِهٌ وفَيْكَهان،
وهو الطيب النفس المزَّاحُ؛ وأَنشد:
إذا فَيْكهانٌ ذو مُلاءٍ ولِمَّةٍ،
قليل الأَذَى، فيما يُرَى الناسُ، مُسْلِمُ
وفاكَهْتُ: مازَحْتُ. ويقال للمرأَة: فَكِهةٌ، وللنساء فَكِهات.
وتَفَكَّهْتُ بالشيء: تَمَتَّعْتُ به. ويقال: تركت القومَ يتَفَكَّهُون بفلانٍ
أَي يَغْتابونه ويتَناولونَ منه. والفَكِهُ: الذي يُحَدِّث أَصحابَه
ويُضْحِكُهم. وفَكِهَ مِنْ كذا وكذا وتفَكَّه: عَجِبَ. تقول: تفَكَّهْنا من
كذا وكذا أي تعَجَّبْنا؛ ومنه قوله عز وجل: فظَلْتُمْ تَفَكَّهُون؛ أَي
تتَعجَّبُونَ مما نَزَلَ بكم في زَرْعِكم. وقوله عز وجل: فاكِهين بما
آتاهُم رَبُّهم؛ أَي ناعمين مُعْجبينَ بما هم فيه، ومن قرأَ فَكِهينَ
يقول فَرِحِين. والفاكِهُ: الناعم في قوله تعالى: في شُغُل فاكِهونَ.
والفَكِهُ: المُعْجب. وحكى ابن الأَعرابي: لو سَمِعْتَ حديث فلان لما فَكِهْتَ
له أَي لما أَعجبك. وقوله تعالى: في شُغُلٍ فاكهون؛ أَي مُتعجِّبون
ناعِمون بما هم فيه. الفراء في قوله تعالى في صفة أَهل الجنة: في شُغُلٍ
فاكهون، بالأَلف، ويقرأُ فَكِهُون، وهي بمنزلة حَذِرُون وحاذِرُون؛ قال
أَبو منصور: لما قرئ بالحرفين في صفة أَهل الجنة علم أَن معناهما
واحد.أَبو عبيد: تقول العرب للرجل إذا كان يَتَفَكَّه بالطعام أَو
بالفاكهةِ أَو بأَعْراضِ الناس إن فلاناً لَفَكِهٌ بكذا وكذا؛ وأَنشد:
فَكِهٌ إلى جَنْبِ الخِوانِ، إذا غَدتْ
نَكْباء تَقْطَعُ ثابتَ الأَطْنابِ
والفَكِهُ: الأَشِرُ البَطِرُ. والفاكِهُ: من التَّفَكُّهِ. وقرئ:
ونَعْمةٍ كانوا فيها فَكِهينَ، أَي أَشِرينَ، وفاكهينَ أَي ناعمين. التهذيب:
أََهل التفسير يختارون ما كان في وصف أَهل الجنة فاكِهين، وما في وصف أهل
النار فَكهينَ أَي أَشِرينَ بَطِرين. قال الفراء في قوله تعالى: إنَّ
المُتَّقِينَ في جنّات ونَعيمٍ فاكهينَ؛ قال: مُعْجبين بما آتاهم ربهم؛
وقال الزجاج: قرئ فَكِهينَ وفاكِهينَ جميعاً، والنصب على الحال، ومعنى
فاكِهينَ بما آتاهم ربهم أَي مُعْجبين.
والتَّفَكُّهُ: التنَدُّمُ. وفي التنزيل: فظَلْتُم تَفكَّهون؛ معناه
تَنَدَّمُون، وكذلك تَفَكَّنُون، وهي لغة لِعُكْل. اللحياني: أَزْدُ
شَنُوءَة يقولون يتَفكَّهُون، وتميمٌ تقولُ يتَفَكَّنُون أَي يتندَّمُون. ابن
الأَعرابي: تفَكَّهْتُ وتفَكَّنْتُ أَي تندَّمْت. وأَفْكَهَتِ الناقة
إذا رأَيت في لبنها خُثورةً شِبْهَ اللِّبَإِ. والمُفْكِه من الإبلِ: التي
يُهَراق لَبَنُها عند النِّتاج قبل أَن تَضَعَ، والفعل كالفعل.
وأَفْكَهَت الناقةُ إذا دَرَّتْ عند أَكل الربيع قبل أَن تَضَع، فهي مُفْكِةٌ. قال
شمر: ناقة مُفْكِهةٌ ومُفْكِةٌ، وذلك إذا أَقْرَبَتْ فاسْتَرْخَى
صَلَواها وعَظُمَ ضَرْعُها ودنا نِتاجها؛ قال الأَحْوص:
بَنِي عَمِّنا، لا تَبْعَثُوا الحَرْبَ، إنني
أَرى الحربَ أَمْسَتْ مُفْكِهاً قد أَصَنَّــتِ
قال شمر: أَصَنَّــت استَرْخى صَلَواها ودنا نِتاجُها؛ وأَنشد:
مُفْكِهة أَدْنَتْ على رأْسِ الوَلَدْ،
قد أَقْرَبَتْ نَتْجاً، وحانَ أَنْ تَلِدْ
أي حانَ وِلادُها. قال: وقوم يجعلون المُفْكِهة مُقْرِباً من الإبل
والخيل والحُمُر والشاء، وبعضُهم يجعلها حين استبان حملها، وقوم يجعلون
المُفْكِهةَ والدافِعَ سَواء.
وفاكهٌ: اسم. والفاكهُ: ابنُ المُغِيرة المَخْزُوميّ عمّ خالد بن
الوليد. وفُكَيْهةُ: اسم امرأَة، يجوز أَن يكون تصغير فَكِهةٍ التي هي
الطَّيِّبةُ النَّفْس الضَّحوكُ، وأَن يكون تصغيرَ فاكهةٍ مُرَخَّماً؛ أَنشد
سيبويه:
تقولُ إذا استَهْلَكْتُ مالاً لِلَذَّة
فُكَيْهةُ: هَشَّيْءٌ بكَفَّيْكَ لائِقُ؟
يريد: هلْ شيءٌ.
صنب: الصِّنابُ: صِـباغٌ يُتَّخذُ من الخَرْدَلِ والزبيب. ومنه قيل للبِرذَوْنِ: صِنابيٌّ، شُبِّهَ لَونُه بذلك؛ قال جرير:
تُكَلِّفُني مَعِـيشةَ آلِ زيدٍ، * ومن لي بالصَّلائقِ والصِّنابِ
والـمِصْنَبُ: الـمُولَعُ بأَكلِ الصِّناب، وهو الخَرْدَلُ بالزبيب.
وفي الحديث: أَتاه أَعرابي بأَرْنَب قد شَواها، وجاءَ معها بصِنابها أَي بصِـباغِها، وهو الخَرْدَل المعمول بالزبيب، وهو صِـباغٌ يُؤْتَدَمُ به.
وفي حديث عمر: لو شئتُ لَدَعَوْتُ بصِلاءٍ وصِنابٍ. والصِّنابيُّ من الإِبل والدواب: الذي لونه من الـحُمْرة والصُّفْرة، مع كثرة الشَّعَر والوبر.
وقيل: الصِّنابيّ هو الكُمَيْتُ أَو الأَشْقَرُ إِذا خالط شُقْرَتَه شَعْرةٌ بيضاء؛ يُنسب إِلى الصِّنابِ. واللّه أَعلم.
نثر: الليث: النَّثْرُ نَثْرُكَ الشيءَ بيدك تَرْمي به متفرقاً مثلَ
نَثْرِ الجَوْزِ واللَّوْزِ والسُّكَّرِ، وكذلك نَثْرُ الحَبِّ إِذا بُذرَ،
وهو النِّثَارُ؛ وقد نَثَرَهُ يَنْثُرُهُ ويَنْثِرُهُ نَثراً ونِثاراً
ونَثَّرَه فانْتَثَرَ وتناثَرَ؛ والنُّثارةُ: ما تناثَرَ منه، وخص اللحياني
به ما يَنْتَثِرُ من المائدة فَيُؤكل فيرجى فيه الثوابُ. التهذيب:
والنُّثارُ فُتاتُ ما يَتَناثَرُ حَوالي الخِوانِ من الخبز ونحو ذلك من كل
شيء. الجوهري: النُّثارُ، بالضم، ما تناثر من الشيء. ودُرٌّ مُنَثَّرٌ:
شُدِّدَ للكثرة، وقيل: نُثارةُ الحِنْطة والشعيرِ ونحوهما ما انْتَثَرَ منه.
وشيءٌ نَثَرٌ: مُنْتَثِرٌ، وكذلك الجمع؛ قال:
حَدَّ النهارِ تُراعِي ثِيرَةً نَثَرا
ويقال: شَهِدتُ نِثارَ فلان؛ وقوله أَنشده ثعلب:
هِذْرِيانٌ هَذِرٌ هَذَّاءَةٌ،
مُوشِكُ السَّقْطةِ، ذُو لُبٍّ نَثِر
قال ابن سيده: لم يفسر نَثِراً، قال: وعندي أَنه مُتَناثِرٌ مُتساقطٌ لا
يَثْبُتْ. وفي حديث ابن مسعود وحذيفةَ في القراءة: هَذًّا كهَذِّ
الشِّعْرِ ونَثْراً كَنَثْرِ الدَّقَلِ أَي كما يَتساقَطُ الرُّطَبُ اليابِسُ
من العِذْقِ إِذا هُزَّ. وفي حديث أَبي ذر: يُوافِقُكُمُ العَدُوُّ حَلْبَ
شاةٍ نَثورٍ؛ هي الواسعة الإِحليلِ كأَنها تَنْثُرُ اللَّبنَ نَثْراً
وتَفْتَحُ سَبِيلَه، ووجأَه فَنَثَر أَمْعاءَهُ. وتَناثَرَ القوم: مَرِضُوا
فماتوا. والنَّثورُ: الكثِيرُ الولد، وكذلك المرأَة، وقد نَثَرَ ولداً
ونثر كلاماً: أَكثره، وقد نَثَرَتْ ذا بَطْنِها ونَثَرَتْ بَطْنَها. وفي
الحديث: فلما خلا سِنِّي ونَثَرْتُ له ذا بَطْني؛ أَرادت أَنها كانت
شابَّةً تَلِدُ الأَولادَ عنده. وقيل لامرأَةٍ: أَيُّ البُغاةِ أَبغضُ إِليكِف
فقالت: التي إِنْ غَدَتْ بَكَرَتْ، وإِن حَدَّثَتْ نَثَرَتْ.
ورجلٌ نَثِرٌ بَيِّنُ النَّثَرِ ومِنْثَرٌ، كِلاهُما: كثيرُ الكلام،
والأُنثى نَثِرَةٌ فقط.
والنَّثْرةُ: الخَيْشومُ وما والاه. وشاةٌ ناثِرٌ ونَثُورٌ: تَطْرَحُ من
أَنفها كالدُّود. والنَّثِيرُ للدّواب والإِبلِ: كالعُطاسِ للناس؛ زاد
الأَزهري: إِلا أَنه ليس بغالب له ولكنه شيءٌ يفعله هو بأَنفه؛ يقال:
نَثَرَ الحِمارُ وهو يَنْثِرُ نَثِيراً. الجوهري: والنَّثْرةُ للدواب شِبْهُ
العَطْسةِ، يقال: نَثَرَتِ الشاةُ إِذا طرحَتْ من أَنفها الأَذى. قال
الأَصمعي: النافر والناثِرُ لشاةُ تَسْعُلُ فَيَنْتَثرُ من أَنفها شيءٌ. وفي
حديث ابن عباس: الجرادُ نَثْرةُ الحوتِ أَي عَطْسَتُهُ؛ وحدثِ كعبٍ:
إِنما هو نَثْرَةُ حوتٍ، وقد نَثَرَ يَنْثِرُ نَثِيراً؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:فما أَنْجَرَتْ حتى أَهَبَّ بِسُدْفَةٍ
علاجِيمَ، عيرُ ابني صُباحٍ نَثِيرُها
واستَنْثَر الإِنسانُ: استَنْشَقَ الماء ثم استخرج ذلك بِنَفَسِ
الأَنفِ. والانْتِثارُ والاستِنْثارُ بمعنى: وهو نَثْرُ ما في الأَنف
بالنَّفَسِ. وفي الحديث: إِذا استَنْشَقْتَ فانْثُر، وفي التهذيب: فانْثِر، وقد
روي: فأَنْثِرْ، بقطع الأَلف، قال: ولا يعرفه أَهل اللغة، وقد وُجِدَ بخطه
في حاشية كتابه في الحديث: من توضأَ فَلْيَنْثِرْ، بكسر الثاء، يقال:
نَثَرَ الجوزَ والدُّرَّ يَنْثُرُ، بضم الثاء، ونَثَرَ من أَنفه يَنْثِرُ،
بكسر الثاء لا غير؛ قال: وهذا صحيح كذا حفظه علماء اللغة. ابن الأَعرابي:
النَّثْرَةُ طَرَفُ الأَنفِ، ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم، في
الطهارة: اسْتَنْثِرْ؛ قال: ومعناه اسْتَنْشِقْ وحَرِّكِ النَّثْرةَ. الفراء:
نَثَرَ الرجلُ وانْتَثَرَ واسْتَنْثَرَ إِذا حَرَّكَ النَّثْرَةَ في
الطهارة؛ قال أَبو منصور: وقد روي هذا الحرف عن أَبي عبيد أَنه قال في حديث
النبي، صلى الله عليه وسلم: إِذا توضأْت فأَنْثِرْ، من الإِنْثار، إِنما
يقال: نَثَرَ يَنْثِرُ وانْتَثَرَ يَنْتَثِرُ واسْتَنْثَرَ يَسْتَنْثِرُ.
وروى أَبو الزناد عن الأَعرج عن أَبي هريرة، رضي الله عنه، أَنه قال:
إِذا توضأَ أَحدُكم فليجعلِ الماءَ في أَنْفِه ثم لِيَنْثِرْ؛ قال
الأَزهري: هكذا رواه أَهل الضبط لأَلفاظ الحديث، قال: وهو الصحيح عندي، وقد فسر
قوله لِيَنْثِرْ واسْتَنْثِرْ على غير ما فسره الفراء وابن الأَعرابي، قال
بعض أَهل العلم: معنى الاستنثارِ والنَّثْر أَن يستنشق الماء ثم يستخرج
ما فيه من أَذى أَو مُخاط، قال: ومما يدل على هذا الحديث الآخر: أَن
النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يَستنشِق ثلاثاً في كل مرة يَسْتَنْثِرُ؛فجعل
الاستنثار غير الاستنشاق، يقال منه: نَثَر يَنْثِر، بكسر الثاء. وفي
الحديث: من توضأَ فَلْيَنْثِر، بكسر الثاء، لا غير. والإِنسان يستنثر إِذا
استنشق الماء ثم استخرج نَثِيرَه بنَفَس الأَنفِ. ابن الأَثير: نَثَرَ
يَنثِرُ، بالكسر، إِذا امتخط، واستَنْثَر استفعل منه: استنشق الماء ثم
استخرج ما في الأَنف، وقيل: هو من تحريك النَّثْرةِ، وهي طرَف الأَنف؛ قال:
ويروى فأَنْثِر بأَلف مقطوعة، قال: وأَهل اللغة لا يجيزونه والصواب بأَلف
الوصل. ونَثَر السُّكَّر يَنْثُره، بالضم، قال: وأَما قول ابن الأَعرابي
النَّثْرةُ طرف الأَنف فهو صحيح، وبه سمي النجْم الذي يقال له نَثْرةُ
الأَسد كأَنها جعلت طرَف أَنفه. والنثرة: فُرْجة ما بين الشاربين حِيالَ
وتَرةِ الأَنف، وكذلك هي من الأَسَدِ، وقيل: هي أَنف الأَسد. والنَّثْرةُ:
نَجْم من نُجوم الأَسَد ينزلها القمر؛ قال:
كادَ السِّماكُ بها أَو نَثْرةُ الأَسَدِ
التهذيب: النثْرة كوكب في السماء كأَنه لَطْخُ سَحابٍ حِيالَ كَوكبين،
تسميه العرب نثرة الأَسد وهي من منازل القمر، قال: وهي في علم النجوم من
بُرْجِ السرَطانِ. قال أَبو الهيثم: النثرة أَنف الأَسد ومنْخراه، وهي
ثلاثة كواكبَ خَفِيَّة متقاربة، والطرْفُ عينا الأَسَد كوكبان، الجبهة
أَمامَها* قوله« كوكبان، الجبهة امامها» كذا بالأصل. وعبارة القاموس: الطرف
كوكبان يقدمان الجبهة. وهي أَربعةُ كواكِبَ. الجوهري: النثرة كوكبان بينهما
مقدار شبر، وفيهما لَطْخ بياض كأَنه قِطْعة سحاب وهي أَنف الأَسد ينزلها
القمر. والعرب تقول: إِذا طَلَعَتِ النثْرةُ قَنأَتِ البُسْرةُ أَي
داخَلَ حُمْرَتها سَوادٌ، وطلوع النثرة على إِثْر طُلُوع الشِّعْرَى. وطعَنه
فأَنْثَره عن فرسه أَي أَلقاه على نَثْرَتِه؛ قال:
إِنّ عليها فارِساً كَعَشَرَهْ؛
إِذا رَأَى فارِسَ قَوْمٍ أَنْثَرَهْ
قال ثعلب: معناه طَعَنَه فأَخرج نَفَسَه من أَنفه، ويروى رئِيسَ.
الجوهري: ويقال طعنه فأَنْثَره أًي أَرعفه؛ وأَنشد الراجز:
إِذا رأَى فارس قوم أَنثره
والنثْرةُ: الدِّرْعُ السَّلِسةُ المَلْبَس، وقيل: هي الدرْعُ
الواسِعةُ. ونَثَر دِرْعَه عليه: صَبَّها، ويقال للدِّرعِ: نثْرةٌ
ونَثْلَةٌ.قال ابن جني: ينبغي أَن تكون الراء في النثرة بدلاً من اللام لقولهم
نَثَلَ عليه دِرْعَه ولم يقولوا نثرها، واللام أَعمّ تصرفاً، وهي الأَصل،
يعني أَن باب نَثَلَ أَكثر من باب نثر. وقال شمر في كتابه في السلاح:
النثرة والنثْلةُ اسم من أَسماء الدرْعِ، قال: وهي المَنْثُولةُ؛
وأَنشد:وضاعَفَ مِنْ فَوْقِها نَثْرَةً،
تَرُدُّ القَواضِبَ عنها فُلُولا
وقال ابن شميل: النَّثْلُ الأَدْراعُ، يقال نَثَلَها عليه ونَثَلَها عنه
أَي خَلَعها. ونَثَلَها عليه إِذا لَبِسَها. قال الجوهري: يقال نَثَر
دِرْعه عنه إِذا أَلقاها عنه، قال: ولا يقال نَثَلَها. وفي حديث أُم زرع:
ويَمِيسُ في حَِلَقِ النثْرةِ، قال: هي ما لَطُفَ من الدُّرُوع، أَي
يَتَبَخْتَرُ في حَِلَقِ الدِّرْعِ، وهو ما لطُف منها.
صنق: ابن الأَعرابي: الصُّنُقُ الــأَصِنَّــةُ في التهذيب، وفي المحكم:
الصَّنَقُ شِدَّة ذَفَرِ
الإِبْطِ والجسد، صَنِقَ صَنَقاً، فهو صَنِقٌ، وأَصْنَــقَه العرَقُ؛
وأَصْنَــقَ الرجلُ في ماله إِصْناقاً إِذا أَحسن القيام عليه. ورجل مِصْناقٌ
ومِيصابٌ إِذا لَزم مالَه وأَحسن القيام عليه.
والصَّنَقُ: الحلقة من الخشب تكون في طرف المرير، والجمع أَصْنــاقٌ؛ عن
أَبي حنيفة؛ وأَنشد:
أَمِرَّة اللِّيف وأَصْنــاق القَطَفْ
الأَمِرَّة: الحبالُ جمع مِرارٍ، والــأَصْنــاقُ
جمع الصَّنَق وهو الحلقة من الخشبة تكون في طرف المرير، والقَطَفُ:
ضرْبٌ من الشجر متين القضبان تتخذ منه الــأَصْنــاق.
وفي النوادر: يقال جمل صَنَقةٌ وصنخة وقَبصاة وقبصةٌ إِذا كان ضخماً
كبيراً. وصَنَقةٌ من الحِرار وصَمَقةٌ وصمغة: وهو ما غلظ.
زوج: الزَّوْجُ: خلاف الفَرْدِ. يقال: زَوْجٌ أَو فَرْدٌ، كما يقال:
خَساً أَو زَكاً، أَو شَفْعٌ أَو وِتْرٌ؛ قال أَبو وَجْزَة
السَّعْدِيُّ:ما زِلْنَ يَنْسُبْنَ، وَهْناً، كلَّ صادِقَةٍ،
باتَتْ تُباشِرُ عُرْماً غير أَزْوَاجِ
لأَن بَيْضَ القَطَا لا يكون إِلاَّ وِتْراً. وقال تعالى: وأَنبتنا فيها
من كل زوجٍ بَهيج؛ وكل واحد منهما أَيضاً يسمى زَوْجاً، ويقال: هما
زَوْجان للاثنين وهما زَوْجٌ، كما يقال: هما سِيَّانِ وهما سَواءٌ؛ ابن سيده:
الزَّوْجُ الفَرْدُ الذي له قَرِينٌ. والزوج: الاثنان. وعنده زَوْجَا
نِعالٍ وزوجا حمام؛ يعني ذكرين أَو أُنثيين، وقيل: يعني ذكراً وأُنثى. ولا
يقال: زوج حمام لأَن الزوج هنا هو الفرد، وقد أُولعت به العامة. قال أَبو
بكر: العامة تخطئ فتظن أَن الزوج اثنان، وليس ذلك من مذاهب العرب، إِذ
كانوا لا يتكلمون بالزَّوْجِ مُوَحَّداً في مثل قولهم زَوْجُ حَمامٍ،
ولكنهم يثنونه فيقولون: عندي زوجان من الحمام، يعنون ذكراً وأُنثى، وعندي
زوجان من الخفاف يعنون اليمين والشمال، ويوقعون الزوجين على الجنسين
المختلفين نحو الأَسود والأَبيض والحلو والحامض. قال ابن سيده: ويدل على أَن
الزوجين في كلام العرب اثنان قول الله عز وجل: وأَنه خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ
الذَّكَرَ والأُنثى؛ فكل واحد منهما كما ترى زوج، ذكراً كان أَو أُنثى.
وقال الله تعالى: فاسْلُكْ فيها من كلٍّ زَوْجَيْن اثنين. وكان الحسن يقول
في قوله عز وجل: ومن كل شيء خلقنا زوجين؛ قال: السماء زَوْج، والأَرض
زوج، والشتاء زوج، والصيف زوج، والليل زوج، والنهار زوج، ويجمع الزوج
أَزْوَاجاً وأَزَاوِيجَ؛ وقد ازْدَوَجَتِ الطير: افْتِعالٌ منه؛ وقوله تعالى:
ثمانيةَ أَزْوَاجٍ؛ أَراد ثمانية أَفراد، دل على ذلك؛ قال: ولا تقول
للواحد من الطير زَوْجٌ، كما تقول للاثنين زوجان، بل يقولون للذكر فرد
وللأُنثى فَرْدَةٌ؛ قال الطرماح:
خَرَجْنَ اثْنَتَيْنِ واثْنَتَيْنِ وفَرْدَةً،
ينادُونَ تَغْلِيساً سِمالَ المَدَاهِنِ
وتسمي العرب، في غير هذا، الاثنين زَكاً، والواحدَ خَساً؛ والافتعال من
هذا الباب: ازْدَوَجَ الطيرُ ازْدواجاً، فهي مُزْدوِجَةٌ. وفي حديث أَبي
ذر: أَنه سمع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: من أَنفق زَوْجَيْنِ
من ماله في سبيل الله ابْتَدَرَتْه حَجَبَة الجنة؛ قلت: وما زوجان من
ماله؟ قال: عبدان أَو فرَسان أَو بعيران من إِبله، وكان الحسن يقول: دينارين
ودرهمين وعبدين واثنين من كل شيءٍ. وقال ابن شميل: الزوج اثنان، كلُّ
اثنين زَوْجٌ؛ قال: واشتريت زَوْجَين من خفاف أَي أَربعة؛ قال الأَزهري:
وأَنكر النحويون ما قال، والزَّوجُ الفَرْدُ عندهم. ويقال للرجل والمرأَة:
الزوجان. قال الله تعالى: ثمانية أَزواج؛ يريد ثمانية أَفراد؛ وقال:
احْمِلْ فيها من كلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ؛ قال: وهذا هو الصواب. يقال
للمرأَة: إِنها لكثيرة الأَزْواج والزَّوَجَةِ؛ والأَصل في الزَّوْجِ
الصِّنْفُ والنَّوْعُ من كل شيء. وكل شيئين مقترنين، شكلين كانا أَو نقيضين، فهما
زوجان؛ وكلُّ واحد منهما زوج. يريد في الحديث: من أَنفق صنفين من ماله
في سبيل الله، وجعله الزمخشري من حديث أَبي ذر قال: وهو من كلام النبي،
صلى الله عليه وسلم، وروى مثله أَبو هريرة عنه.
وزوج المرأَة: بعلها. وزوج الرجل: امرأَته؛ ابن سيده: والرجل زوج
المرأَة، وهي زوجه وزوجته، وأَباها الأَصمعي بالهاء. وزعم الكسائي عن القاسم بن
مَعْنٍ أَنه سمع من أَزْدِشَنُوءَةَ بغير هاء، والكلام بالهاء، أَلا ترى
أَن القرآن جاء بالتذكير: اسكن أَنت وزوجك الجنة؟ هذا كلُّه قول
اللحياني. قال بعض النحويين: أَما الزوج فأَهل الحجاز يضعونه للمذكر والمؤَنث
وضعاً واحداً، تقول المرأَة: هذا زوجي، ويقول الرجل: هذه زوجي. قال الله عز
وجل: اسْكُنْ أَنتَ وزَوْجُك الجنةَ وأَمْسِكْ عليك زَوْجَكَ؛ وقال:
وإِن أَردتم استبدال زوجٍ مكان زوج؛ أَي امرأَة مكان امرأَة. ويقال أَيضاً:
هي زوجته؛ قال الشاعر:
يا صاحِ، بَلِّغ ذَوِي الزَّوْجاتِ كُلَّهُمُ:
أَنْ ليس وصْلٌ، إِذا انْحَلَّتْ عُرَى الذَّنَبِ
وبنو تميم يقولون: هي زوجته، وأَبى الأَصمعي فقال: زوج لا غير، واحتج
بقول الله عز وجل: اسكن أنت وزوجك الجنة؛ فقيل له: نعم، كذلك قال الله
تعالى، فهل قال عز وجل: لا يقال زوجة؟ وكانت من الأَصمعي في هذا شدَّة وعسر.
وزعم بعضهم أَنه إِنما ترك تفسير القرآن لأَن أَبا عبيدة سبقه بالمجاز
إِليه، وتظاهر أَيضاً بترك تفسير الحديث وذكر الأَنواء؛ وقال الفرزدق:
وإِنَّ الذي يَسعَى يُحَرِّشُ زَوْجَتِي،
كَسَاعٍ إِلى أُسْدِ الشَّرَى يَسْتَبِيلُها
وقال الجوهري أَيضاً: هي زوجته، واحتاج ببيت الفرزدق. وسئل ابن مسعود،
رضي الله عنه، عن الجمل من قوله تعالى: حتى يَلِجَ الجَمَلُ في سَمِّ
الخِياطِ؛ فقال: هو زوج الناقة؛ وجمع الزوج أَزواج وزِوَجَةٌ، قال الله
تعالى: يا أَيها النبي قل لأَزواجك. وقد تَزَوَّج امرأَة وزَوَّجَهُ إِياها
وبها، وأَبى بعضهم تعديتها بالباء. وفي التهذيب: وتقول العرب: زوَّجته
امرأَة. وتزوّجت امرأَة. وليس من كلامهم: تزوَّجت بامرأَة، ولا زوَّجْتُ منه
امرأَةً. قال: وقال الله تعالى: وزوَّجناهم بحور عين، أَي قرنَّاهم بهن،
من قوله تعالى: احْشُرُوا الذين ظلموا وأَزواجَهم، أَي وقُرَناءهم. وقال
الفراء: تَزوجت بامرأَة، لغة في أَزد شنوءة. وتَزَوَّجَ في بني فلان:
نَكَحَ فيهم.
وتَزَاوجَ القومُ وازْدَوَجُوا: تَزَوَّجَ بعضهم بعضاً؛ صحت في
ازْدَوَجُوا لكونها في معنى تَزاوجُوا.
وامرأَة مِزْوَاجٌ: كثيرة التزوّج والتزاوُج؛ قال: والمُزاوَجَةُ
والازْدِواجُ، بمعنى. وازْدَوَجَ الكلامُ وتَزَاوَجَ: أَشبه بعضه بعضاً في
السجع أَو الوزن، أَو كان لإِحدى القضيتين تعلق بالأُخرى. وزَوَّج الشيءَ
بالشيء، وزَوَّجه إِليه: قَرَنَهُ. وفي التنزيل: وزوّجناهم بحور عين؛ أَي
قرناهم؛ وأَنشد ثعلب:
ولا يَلْبَثُ الفِتْيانُ أَنْ يَتَفَرَّقُوا،
إِذا لم يُزَوَّجْ رُوحُ شَكْلٍ إِلى شَكْلِ
وقال الزجاج في قوله تعالى: احشروا الذين ظلموا وأَزواجهم؛ معناه:
ونظراءهم وضرباءهم. تقول: عندي من هذا أَزواج أَي أَمْثال؛ وكذلك زوجان من
الخفاف أَي كل واحد نظير صاحبه؛ وكذلك الزوج المرأَة، والزوج المرء، قد
تناسبا بعقد النكاح.وقوله تعالى: أَو يُزَوِّجُهم ذُكْرَاناً وإِناثاً؛ أَي
يَقْرُنُهم. وكل شيئين اقترن أَحدهما بالآخر: فهما زوجان. قال الفراء:
يجعل بعضهم بنين وبعضهم بنات، فذلك التزويج. قال أَبو منصور: أَراد بالتزويج
التصنيف؛ والزَّوْجُ: الصِّنْفُ. والذكر صنف، والأُنثى صنف. وكان
الأَصمعي لا يجيز أَن يقال لفرخين من الحمام وغيره: زوج، ولا للنعلين زوج،
ويقال في ذلك كله: زوجان لكل اثنين. التهذيب: وقول الشاعر:
عَجِبْتُ مِنَ امْرَاةٍ حَصَانٍ رَأَيْتُها،
لَها ولَدٌ من زَوْجِها، وَهْيَ عَاقِرُ
فَقُلْتُ لَها: بُجْراً، فقَالتْ مُجِيبَتِي:
أَتَعْجَبُ مِنْ هذا، ولي زَوْجٌ آخَرُ؟
أَرادت من زوج حمام لها، وهي عاقر؛ يعني للمرأَة زوج حمام آخر. وقال
أَبو حنيفة: هاج المُكَّاءُ للزَّواج؛ يَعني به السِّفادَ. والزَّوْجُ:
الصنف من كل شيء. وفي التنزيل: وأَنبتتْ من كل زوج بهيج؛ قيل: من كل لون أَو
ضرب حَسَنٍ من النبات. التهذيب: والزَّوْجُ اللَّوْنُ؛ قال الأَعشى:
وكلُّ زَوْجٍ من الدِّيباجِ، يَلْبَسُهُ
أَبو قُدَامَةَ، مَحْبُوًّا بذاكَ مَعَا
وقوله تعالى: وآخَرُ من شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ؛ قال: معناه أَلوان وأَنواع
من العذاب، ووضفه بالأَزواج، لأَنه عنى به الأَنواع من العذاب والــأصنــاف
منه. والزَّوْجُ: النَمَطُ، وقيل: الديباج. وقال لبيد:
من كلِّ مَحْفُوفٍ، يُظِلُّ عِصِيَّهُ
زَوْجٌ، عليه كِلَّةٌ وقِرامُها
قال: وقال بعضهم: الزوج هنا النمط يطرح على الهودج؛ ويشبه أَن يكون
سمِّي بذلك لاشتماله على ما تحته اشتمال الرجل على المرأَة، وهذا ليس
بقوي.والزَّاجُ: معروف؛ الليث: الزاج، يقال له: الشَّبُّ اليماني، وهو من
الأَدوية، وهو من أَخلاط الحِبْرِ، فارسي معرَّب.
برك: البَرَكة: النَّماء والزيادة. والتَّبْريك: الدعاء للإنسان أو غيره
بالبركة. يقال: بَرَّكْتُ عليه تَبْريكاً أي قلت له بارك الله عليك.
وبارك الله الشيءَ وبارك فيه وعليه: وضع فيه البَرَكَة. وطعام بَرِيك: كأنه
مُبارك. وقال الفراء في قوله رحمة الله وبركاته عليكم، قال: البركات
السعادة؛ قال أبو منصور: وكذلك قوله في التشهد: السلام عليك أيها النبي ورحمة
الله وبركاته، لأن من أسعده الله بما أسعد به النبي، صلى الله عليه
وسلم، فقد نال السعادة المباركة الدائمة. وفي حديث الصلاة على النبي، صلى
الله عليه وسلم: وبارِكْ على محمد وعلى آل محمد أي أَثْبِتْ له وأدم ما
أعطيته من التشريف والكرامة، وهو من بَرَكَ البعير إذا أناخ في موضع فلزمه؛
وتطلق البَرَكَةُ أيضاً على الزيادة، والأَصلُ الأَولُ. وفي حديث أم سليم:
فحنَّكه وبَرَّك عليه أي دعا له بالبركة. ويقال: باركَ الله لك وفيك
وعليك وتَبَارك الله أي بارك الله مثل قاتَلَ وتَقاتَلَ، إلا أن فاعلَ يتعدى
وتفاعلَ لا يتعدى. وتَبَرّكْتُ به أي تَيَمَّنْتُ به. وقوله تعالى: أن
بُورِكَ مَنْ في النار ومَنْ حولَها؛ التهذيب: النار نور الرحمن، والنور
هو الله تبارك وتعالى، ومَنْ حولها موسى والملائكة. وروي عن ابن عباس: أن
برك من في النار، قال الله تعالى: ومَنْ حولها الملائكة، الفراء: إنه في
حرف أُبَيٍّ أن بُورِكَت النارُ ومنْ حولها، قال: والعرب تقول باركَكَ
الله وبارَكَ فيك، قال الأَزهري: معنى بَرَكة الله عُلُوُّه على كل شيء؛
وقال أبو طالب بن عبد المطلب:
بُورِكَ المَيِّتُ الغريبُ، كما بُو
رك نَضْحُ الرُّمَّان والزيتون
وقال:
بارَك فيك اللهُ من ذي ألِّ
وفي التنزيل العزيز: وبارَكْنا عليه. وقوله: بارَكَ الله لنا في الموت؛
معناه بارك الله لنا فيما يؤدينا إليه الموت؛ وقول أبي فرعون:
رُبَّ عجوزٍ عِرْمس زَبُون،
سَرِيعة الرَّدِّ على المسكين
تحسب أنَّ بُورِكاً يكفيني،
إذا غَدَوتُ باسِطاً يَميني
جعل بُورِك اسماً وأعربه، ونحوٌ منه قولهم: من شُبٍّ إلى دُبٍّ؛ جعله
اسماً كدُرٍّ وبُرٍّ وأعربه. وقوله تعالى يعني القرآن: إنا أنزلناه في ليلة
مُباركةٍ، يعني ليلة القدر نزل فيها جُملةً إلى السماء الدنيا ثم نزل
على سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، شيئاً بعد شيء. وطعام بَرِيكٌ:
مبارك فيه. وما أبْرَكَهُ: جاء فعلُ التعجب على نية المفعول. وتباركَ
الله: تقدَّس وتنزه وتعالى وتعاظم، لا تكون هذه الصفة لغيره، أي تطَهَّرَ.
والقُدْس: الطهر. وسئل أبو العباس عن تفسير تبارَكَ اللهُ فقال: ارتفع.
والمُتبارِكُ: المرتفع. وقال الزجاج: تبارَكَ تفاعَلَ من البَرَكة، كذلك
يقول أهل اللغة. وروى ابن عباس: ومعنى البَرَكة الكثرة في كل خير، وقال في
موضع آخر: تَبارَكَ تعالى وتعاظم، وقال ابن الأَنباري: تبارَكَ الله أي
يُتَبَرَّكُ باسمه في كل أمر. وقال الليث في تفسير تبارَكَ الله: تمجيد
وتعظيم. وتبارَكَ بالشيء: تَفاءَل به. الزجاج في قوله تعالى: وهذا كتاب
أنزلناهُ مبارك، قال: المبارك ما يأتي من قِبَله الخير الكثير وهو من نعت
كتاب، ومن قال أنزلناه مباركاً جاز في غير القراءة. اللحياني: بارَكْتُ على
التجارة وغيرها أي واظبت عليها، وحكى بعضهم تباركتُ بالثعلب الذي تباركتَ
به.
وبَرَكَ البعير يَبْرُكُ بُروكاً أي استناخ، وأبرَكته أنا فبَرَكَ، وهو
قليل، والأكثر أنَخْتُه فاستناخ. وبَرَكَ: ألقى بَرْكَهُ بالأرض وهو
صدره، وبَرَكَتِ الإبل تَبْرُكُ بُروكاً وبَرَّكْتُ: قال الراعي:
وإن بَرَكَتُ منها عجاساءُ جلَّةٌ،
بمَحِّْنيَةٍ، أجلَى العِفاسَ وبَرْوَعا
وأبرَكَها هو، وكذلك النعامة إذا جَثَمَتْ على صدرها. والبَرْكُ: الإبل
الكثيرة؛ ومه قول متمم بن نُوَيْرَةَ:
إذا شارفٌ منهنَّ قامَتْ ورجعَّتْ
حَنِيناً، فأبكى شَجْوُها البَرْكَ أجمعا
والجمع البُرُوك، والبَرْكُ جمع باركٍ مثل تَجْرٍ وتاجر، والبَرْكُ:
جماعة الإبل الباركة، وقيل: هي إبل الجِواءِ كلُّها التي تروح عليها، بالغاً
ما بلغَتْ وإن كانت ألوفاً؛ قال أبو ذؤيب:
كأن ثِقالَ المُزنِ بين تُضارِعٍ
وشابَةَ بَرْكٌ، من جُذامَ، لَبِيجُ
لَبيجٌ: ضارب بنفسه؛ وقيل: البَرْك يقع على جميع ما برك من جميع الجِمال
والنُّوقِ على الماء أو الفَلاة من حر الشمس أو الشبع، الواحد بارِكٌ
والأُنثى باركة. التهذيب: الليث البَرْكُ الإبل البُرُوك اسم لجماعتها؛ قال
طرفة:
وبَرْكٍ هُجُودٍ قد أثارَتْ مَخافَتِي
بَوَاديَها، أمشي بعَضْبٍ مُجَرَّد
ويقال: فلان ليس له مَبْرَكُ جَمَلٍ. وكل شيء ثبت وأقام، فقد بَرَكَ.
وفي حديث علقمة: لا تَقْرَبْهم فإن على أبوابهم فِتَناً كَمبارِك الإبل؛ هو
الموضع الذي تبرك فيه، أراد أنها تُعْدِي كما أن الإبل الصحاح إذا أنيخت
في مَبارك الجَرْبَى جَرِبَتْ.
والبِرْكة: أن يَدِرّ لبَنُ الناقة وهي باركة فيقيمَها فيحلبها؛ قال
الكميت:
وحَلَبْتُ بِرْكتها اللَّبُو
ن، لَبون جُودِكَ غير ماضِرْ
ورجل مُبْتَرِكٌ: معتمِد على الشيء مُلِجٌّ؛ قال:
وعامُنا أعْجَبَنا مُقَدَّمُهُ،
يُدْعَى أبا السَّمْح وقِرْضابٌ سِمُهْ،
مُبْتَرِكٌ لكل عَظْمٍ يَلْحُمُهْ
ورجل بُرَكٌ: بارِكٌ على الشيء؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأنشد:
بُرَكٌ على جَنْبِ الإناء مُعَوَّدٌ
أكل البِدَانِ، فلَقْمُه مُتدارِكُ
الليث: البِرْكةُ ما وَلِيَ الأَرض من جلد بطن البعير وما يليه من
الصدر، واشتقاقه من مَبْرَك البعير، والبَرْكُ كَلْكل البعير وصدره الذي
يعدُوك. به الشيء تحته؛ يقال: حَكَّه ودكَّه وداكه بِبَرْكه؛ وأنشد في صفه
الحرب وشدتها:
فأقْعَصَتُهمْ وحَكَّتْ بَرْكَها بِهِمُ،
وأعْطَتِ النّهْبَ هَيَّانَ بن بَيَّانِ
والبَرْك والبِرْكةُ: الصدر، وقيل: هو ما ولي الأرض من جلد صدر البعير
إذا بَرَك، وقيل: البَرْك للإنسان والبِرْكة لِما سوى ذلك، وقيل: البَرْك
الواحد، والبِركة الجمع، ونظيره حَلْي وحِلْية، وقيل: البَرْكُ باطن
الصدر والبِركة ظاهره؛ والبِرْكة من الفرس الصدر؛ قال الأَعشى:
مُسْتَقْدِم البِرْكَة عَبْل الشَّوَى،
كَفْتٌ إذا عَضَّ بفَأسِ اللِّجام
الجوهري: البَرْكُ الصدر، فإذا أدخلت عليه الهاء كسرت وقلت بِرْكة؛ قال
الجعدي:
في مِرْفَقَيْهِ تَقاربٌ، ولَهُ
بِرْكَةُ زَوْرٍ كَجبأة الخَزَمِ
وقال يعقوب: البَرْكُ وسط الصدر؛ قال ابن الزِّبَعْرى:
حين حَكَّتْ بقُباءٍ بَرْكَها،
واسْتَحَرَّ القتل في عَبْدِ الأَشَلّ
وشاهد البِرْكة قول أبي دواد:
جُرْشُعاً أعْظَمُه جَفْرَتُه،
ناتِئُ البِرْكةِ في غير بَدَدْ
وقولهم: ما أحسن بِرْكَة هذه الناقة وهو اسم للبُروك، مثل الرِّكبة
والجِلْسة.
وابْتَرك الرجل أي ألقى بِرْكه. وفي حديث علي بن الحسين: ابْتَرَكَ
الناسُ في عثمان أي شتموه وتنقَّصوه. وفي حديث علي: ألقت السحابُ بَرْكَ
بَوانِيها؛ البَرْكُ الصدر، والبَوانِي أركان البِنْية. وابْتَرَكْتُه إذا
صرَعته وجعلته تحت بَرْكك. وابْتَرَك القوم في القتال: جَثَوْا على
الرُّكَب واقتتلوا ابتِراكاً، وهي البَرُوكاءُ والبُرَاكاءُ.
والبَراكاءُ: الثَّبات في الحرب والجِدّ، وأصله من البُروك؛ قال بشر بن
أبي خازم:
ولا يُنْجي من الغَمَراتِ إلاَّ
بَرَاكاءُ القتال، أو الفِرار
والبَراكاءُ: ساحة القتال. ويقال في الحرب: بَراكِ براكِ أي ابْرُكوا.
والبُرَاكِيَّة: ضرب من السفن.
والبُرَكُ والبارُوك: الكابُوس وهو النِّيدِلانُ، وقال الفرّاء:
بَرَّكانِيٌّ، ولا يقال بَرْنَكانيّ.
وبَرْك الشتاء: صدره؛ قال الكميت:
واحْتَلَّ برْكُ الشتاء مَنْزِلَه،
وبات شيخ العِيالِ يَصْطَلِبُ
قال: أراد وقت طلوع العقرب وهو اسم لعدَّة نجوم: منها الزُّبانَى
والإكْلِيلُ والقَلْبُ والشَّوْلة، وهو يطلع في شدة البرد، ويقال لها البُرُوك
والجُثُوم، يعني العقرب، واستعار البَرْكَ للشتاء أي حل صَدر الشتاء
ومعظمه في منزله، يصف شدة الزمان وجَدّبه لأن غالب الجدب إنما يكون في
الشتاء. وبارَكَ على الشيء: واظب. وأبْرَكَ في عَدْوه: أسرع مجتهداً، والاسم
البُروك؛ قال:
وهنَّ يَعْدُون بنا بُروكا
أي نجتهد في عدوها. ويقال: ابْتَرَكَ الرجل في عرض أخيه يُقَصِّبُه إذا
اجتهد في ذمه، وكذلك الابتِراك في العدو والاجتهاد فيه، ابْتَرَكَ أي
أسرع في العَدْو وجدَّ؛ قال زهير:
مَرّاً كِفاتاً، إذا ما الماءُ أسْهَعلَها،
حتى إذا ضُربت بالسوط تَبْتَرِكُ
وابْتِراكُ الفرس: أن يَنْتَحِي على أحد شقيه في عَدْوه. وابْتَرَكَ
الصَّيقَلُ: مال على المِدْوَسِ في أحد شقيه. وابتركت السحابة: اشتدّ
انهلالها. وابْتَرَكت السماء وأبركت: دام مطرها. وابْتَركَ السحابُ إذا ألَحّ
بالمطر. وابْتَرَكَ في عَرْض الحَبل: تَنَقّصه. ابن الأَعرابي: الخَبِيصُ
يقال له البُرُوك ليس الرُّبُوك. وقال رجل من الأَعراب لامرأته: هل لكِ
في البُرُوك؟ فأجابته: إن البُرُوك عمل الملوك؛ والاسم منه البَرِيكة،
وعمله البُرُوك، وأول من عمل الخَبِيص عثمان بن عفان، رضي الله عنه، وأهداها
إلى أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم، وأما الرَّبِيكة فالحَيْس؛ وروى
إبراهيم عن ابن الأَعرابي أنه أنشد لمالك بن الريب:
إنا وجدنا طَرَدَ الهَوَامِلِ،
والمشيَ في البِرْكةِ والمَراجِلِ
قال: البِرْكةُ جنس من برود اليمن، وكذلك المَرَاجل. والبُرْكة:
الحَمَالة ورجالها الذين يسعون فيها؛ قال:
لقد كان في لَيْلى عطاء لبُرْكةٍ،
أناخَتْ بكم تَرْجو الرغائب والرِّفْدا
ليلى هنا ثلثمائة من الإبل كما سموا المائة هِنْداً، ويقال للجماعة
يتحملون حَمالةً بُرْكَةٌ وجُمَّة؛ ويقال: أبرَكْتُ الناقة فَبَركَتْ
بُرُوكاً. والتَّبْراك: البُروك؛ قال جرير:
لقد قَرِحَتْ نَغَانِغُ ركبتيها
من التَّبْراك، ليس من الصَّلاةِ
وتِبْراك، بكسر التاء: موضع بحذاء تِعْشار؛ قال مرار بن مُنْقِذ:
أعَرَفْت الدَّارَ أم أنْكَرْتها،
بين تِبْراكٍ فشَسَّيْ عَبَقُرْ؟
والبِرْكةُ: كالحوض، والجمع البِرَكُ؛ يقال: سميت بذلك لإقامة الماء
فيها. ابن سيده: والبِرْكَةُ مستنقع الماء. والبِرْكةُ: شبه حوض يحفر في
الأَرض لا يجعل له أعضاد فوق صعيد الأرض، وهو البِرْكُ أيضاً؛ وأنشد:
وأنْتِ التي كَلَّفْتِني البِرْكَ شاتياً
وأوْردتِنيه، فانْظُرِي، أي مَوْرِدِ
ابن الأعرابي البِرْكةُ تَطْفَحُ مثل الزَّلَف، والزَّلَفُ وجه المرآة.
قال أبو منصور: ورأيت العرب يسمون الصَّهاريج التي سُوِّيت بالآخر
وضُرِّجَتْ بالنُّورة في طريق مكة ومناهلها بِرَكاً، واحدتها بِرْكةٌ، قال:
وربَّ بِرْكةٍ تكون ألف ذراع وأقل وأكثر، وأما الحِياض التي تسوّى لماء
السماء ولا تُطْوَى بالآجر فهي الــأَصْنــاع، واحدها صِنْع، والبِرْكةُ:
الحَلْبة من حَلَب الغداة؛ قال ابن سيده: وهي البَركَةُ، ولا أحقها، ويسمون
الشاة الحَلُوبة: بِرْكةً.
والبَروك من النساء: التي تتزوج ولها ولد كبير بالغ.
والبِراكُ: ضرب من السمك بحري سود المناقير.
والبُركة، بالضم: طائر من طير الماء أبيض، والجمع بُرَك وأبْراك
وبُرْكان، قال: وعندي أن أبْرَاكاً وبُرْكاناً جمع الجمع. والبُرَكُ أيضاً:
الضفادع؛ وقد فسر به بعضهم قول زهير يصف قطاة فَرَّتْ من صَقْر إلى ماء ظاهر
على وجه الأَرض:
حتى استغاثَتْ بماء لا رشاءَ لَهُ
من الأَباطِح، في حافاته البُرَكُ
والبِرْكانُ: ضرب من دِقِّ الشجر، واحدته بِرْكانة؛ قال الراعي:
حتى غدا حَرِضاً طَلَّى فَرائصُه،
يَرعى شقائقَ من عَلْقَى وبِرْكانِ
وقيل: هو ما كان من الحَمْض وسائر الشجر لا يطول ساقه. والبِرْكانُ: من
دِقّ النبت وهو الحمض؛ قال الأَخطل وأنشد بيت الراعي وذكر أن صدره:
حتى غدا حَرِضاً هَطْلى فرائصُه
والهطلى: واحده هِطْل، وهو الذي يمشي رُوَيداً. وواحد البِركان
بِرْكانَة، وقيل: البِرْكانُ نيت ينبت قليلاً بنجد في الرمل ظاهراً على الأَرض،
له عروق دِقاقٌ حسن النبات وهو من خير الحمض؛ قال:
بحيث الْتَقَى البِرْكانُ والحَاذُ والغَضَا
بِبِئْشَة، وارْفَضَّتْ تِلاعاً صدورُها
وفي رواية: وارْفَضَّتْ هَراعاً، وقيل: البِرْكانُ ضرب من شجر الرمل؛
وأنشد بيت الراعي:
حتى غدا حَرِضاً هَطْلى فَرائصُه
أبو زيد: البُورَقُ والبُورَكُ الذي يجعل في الطحين.
والبُرَيْكانِ: أخَوان من العرب، قال أبو عبيدة: أحدهما بارِكٌ والآخر
بُرَيْك، فغلب بُرَيْك إما للفظه، وإما لِسنّه، وإما لخفة اللفظ. وذو
بُرْكان: موضع؛ قال بشر بن أبي خازم:
تَرَاها إذا ما الآلُ خَبَّ كأنها
فَرِيد، بذي بُرْكان، طاوٍ مُلَمَّعُ
وبُرَك: من أسماء ذي الحجة؛ قال:
أعُلُّ على الهِنْديّ مَهْلاً وكَرَّةً،
لَدَى بُرَكٍ، حتى تَدُورَ الدوائرُ
وبِرْكٌ، مثال قِرْدٍ: اسم موضع بناحية اليمن؛ قال ابن بري: وبِرْكُ
الغُماد موضع باليمن. ويقال: الغِماد والغُماد، بالكسر والضم، وقيل: إن
الغِمادَ بَرَهُوت الذي جاء في الحديث أن أرواح الكافرين فيه، وحكى ابن
خالويه عن ابن دريد أن بِركَ الغِماد بقعة في جهنم، ويروى أن الأَنصار، رضي
الله عنهم، قالوا للنبي، صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إنا ما نقول لك
مثل ما قال قوم موسى لموسى، اذهَبْ أنت وربك فقاتِلا، بل بآبائنا
نَفْدِيكَ وأمّهاتِنا يارسول الله ولو دعوتنا إلى بَرْكِ الغِماد؛ وأنشد ابن
دريد لنفسه:
وإذا تَنَكَّرَتِ البِلا
ذُ، فأوْلِها كَنَفَ البعاد
واجعَلْ مُقامَك، أو مَقَرْ
رَكَ جانِبَيْ بَرْكِ الغِماد
كلِّ الذَّخائِرِ، غَيْرَ تَقْـ
ـوى ذي الجَلال، إلى نَفاد
وفي حديث الهجرة: لو أمرتها أن تبلغ بها بَرْك الغُماد، بفتح الباء
وكسرها، وتضم الغين وتكسر، وهو اسم موضع باليمن، وقيل: هو موضع وراء مكة بخمس
ليال.