(أرتج) عَلَيْهِ استغلق عَلَيْهِ الْكَلَام
(أرتج) عَلَيْهِ استغلق عَلَيْهِ الْكَلَام
رتج: الرَّتَجُ والرِّتاجُ: البابُ العظيم؛ وقيل: هو الباب المُغْلَقُ.
وقد أَرْتَجَ البابَ إِذا أَغلقه إِغلاقاً وثيقاً؛ وأَنشد:
أَلم تَرَني عاهَدْتُ رَبِّي، وإِنَّني
لَبَيْنَ رِتَاجٍ مُقْفَلٍ ومَقَامِ
وقال العجاج:
أَو تَجْعَلِ البَيْتَ رِتاجاً مُرْتَجَا
ومنه رِتاجُ الكعبة؛ قال الشاعر:
إِذا أَحْلَفُوني في عُلَيَّةَ، أُجْنِحَتْ
يَمِيني إِلى شَطْرِ الرِّتاجِ المُضَبَّبِ
وقيل: الرِّتاجُ البابُ المُغْلَقُ وعليه بابٌ صغير. وفي الحديث: إِن
أَبواب السماء تُفتح ولا تُرْتَجُ أَي لا تُغْلق؛ وفيه أَمرنا رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، بإِرْتاجِ الباب أَي إِغلاقه. وفي الحديث: جَعَلَ
مالَه في رِتاجِ الكعبة أَي فيها فكنى عنها بالباب، لأَن منه يُدخل إِليها؛
وجمع الرِّتاجِ رُتُجٌ. وفي حديث مجاهد عن بني إِسرائيل: كانَتِ الجَرادُ
تأْكل مسامير رُتُجِهِمْ أَي أَبْوابهِم. وفي حديث قُسٍّ: وأَرضٌ ذاتُ
رِتاجٍ.
والمَرَاتِجُ: الطُّرقُ الضيِّقة؛ وقول جَنْدَلِ بنِ المُثَنَّى:
فَرَّجَ عَنْها حَلَقَ الرَّتائِجِ
إِنما شبه ما تعلق من الرحم على الولد بالرِّتاجِ الذي هو الباب.
ورَتَجَهُ وأَرْتَجَــهُ: أَوْثَقَ إِغلاقَه، وأَبى الأَصمعي إِلاَّ
أَرْتَجَــه. ابن الأَعرابي: يقال لأَنْفِ البابِ: الرِّتاجُ، وَلِدَرَوَنْدِهِ:
النِّجافُ. ولِمِتْراسِهِ: القُنَّاحُ. والمِرْتاجُ: المِغْلاقُ.
وأُرْتِجَ على القارئ، على ما لم يُسَمَّ فاعله، إِذا لم يقدر على
القراءة، كأَنه أُطْبِقَ عليه كما يُرْتَجُ البابُ؛ وكذلك ارْتُتِجَ عليه،
ولا تقل
(* قوله «ولا تقل إلخ» عن بعضهم أَن له وجهاً، وأَن معناه: وقع في
رجة، وهي الاختلاط. كذا بهامش النهاية ويؤيده عبارة التهذيب بعد.)
ارْتُجَّ عليه، بالتشديد. وفي حديث ابن عمر: أَنه صلى بهم المغرب فقال: ولا
الضالين، ثم أُرْتِجَ عليه أَي اسْتُغْلِقَتْ عليه القراءةُ. وفي التهذيب:
أُرْتِجَ عليه وارْتُجَّ، ورَتِجَ في منطقه رَتَجاً: مأْخوذ من الرِّتاجِ،
وهو الباب. وأَرْتَجْــتُ البابَ: أَغْلَقْتُه. وأُرْتِجَ عليه:
اسْتُغْلِقَ عليه الكلام، وأَصله بالكسر، من ذلك. وأَرْتَجَــتِ النَّاقةُ، وهي
مُرْتِجٌ، إِذا قَبِلَتْ ماءَ الفحل فَأَغْلَقَتْ رَحِمَها عليه؛ أَنشد
سيبويه:
يَحْدُو ثمانيُ مُولَعاً بِلِقَاحِها،
حتى هَمَمْنَ بِزَيْغَةِ الإِرْتاجِ
وأَرْتَجَــتِ الأَتانُ إِذا حَمَلَتْ، فهي مُرْتِجٌ؛ قال ذو الرمة:
كَأَنَّا نشُدُّ المَيْسَ فَوْقَ مَرَاتِجٍ
من الحُقْبِ، أَسْفَى حَزْنُها وسُهُولُها
(* قوله «كأنا نشد الميس إلخ» الذي في الأساس: كأنا نشد الرحل فوق إلخ
وكأنهما روايتان إذ الميس هو الرحل كما في شرح القاموس.)
وناقةٌ رِتاجُ الصَّلا إِذا كانت وثِيقَةً وَثِيجَةً؛ قال ذو الرمة:
رِتاجُ الصَّلا، مَكْنوزَةُ الحَاذِ يَسْتَوِي،
على مِثْلِ خَلْقاءِ الصَّفاةِ، شَلِيلُها
قال الأَزهري: يقال للحامل مُرْتِجٌ لأَنها إِذا عَقَدَتْ على ماء
الفحل، انْسَدَّ فَمُ الرَّحِم فلم يدخله، فكأَنها أَغلقته على مائه.
وأَرْتَجَــتِ الدَّجَاجَةُ إِذا امْتَلأَ بَطْنها بيضاً وأَمْكَنَتِ
البَيْضَةَ كذلك.
والرِّتاجَةُ: كلُّ شِعْبٍ ضَيِّقٍ كأَنه أُغلق من ضيقه؛ قال أَبو زبيد
الطائي:
كأَنَّهُمْ صادَفُوا دوني به لَحِماً،
ضافَ الرِّتاجَةَ في رَحْلٍ تَباذِيرِ
وسَيْر رَتِجٌ: سَرِيعٌ؛ قال ساعدةُ بنُ جُؤْيَّةَ يصف سحاباً:
فَاسْأَدَ اللَّيْلَ إِرْقاصاً وزَفْزَفَةً،
وغَارَةً وَوَسِيجاً غَمْلَجاً رَتِجَا
أَبو عمرو: تَرَجَ إِذا اسْتتر، ورَتِجَ إِذا أَغْلَقَ
(* قوله «ترج
إِذا استتر» بابه كتب. «ورتج إذا أغلق إلخ» بابه فرح، كما في القاموس.)
كلاماً أَو غيره. الفراء: بَعِلَ الرجلُ ورَتِجَ ورَجِيَ وغَزِلَ، كل هذا
إِذا أَراد الكلام فــأُرْتِجَ عليه. ويقال: أُرْتِجَ على فلان إِذا أَراد
قولاً أَو شعراً، فلم يصل إِلى تمامه.
ويقال: في كلامه رَتَجٌ أَي تتعتع. والرَّتَجُ: استغلاق القراءة على
القارئ. يقال: أُرْتِجَ عليه وارْتُجَّ عليه، واسْتُبْهِمَ عليه.
التهذيب: قال شمر: من ركب البحر إِذا أَرْتَجَ، فقد برئت منه الذمة،
وقال: هكذا قيده بخطه. قال: ويقال: أَرْتَجَ البحرُ إِذا هاج؛ وقال
الغِتْريفيُّ: أَرْتَجَ البحرُ إِذا كثر ماؤُه فَعَمَّ كلَّ شيء. قال، وقال
أَخوه: السنة تُرْتِجُ إِذا أَطْبَقَتْ بالجدْب، ولم يجد الرجل مخرجاً، وكذلك
إرْتاجُ البحر لا يجد صاحبه منه مخرجاً؛ وإِرْتاجُ الثلج: دوامُه
وإِطباقُه؛ وإِرتاجُ الباب، منه. قال: والخِصْبُ إِذا عمَّ الأَرض فلم يغادر
منها شيئاً، فقد أَرْتَجَ؛ وأَنشد:
في ظُلْمَة من بَعِيدِ القَعْرِ مُرْتاجِ
وفي الحديث ذكر راتج، بكسر التاء، وهو أُطُمٌ من آطام المدينة كثير
الذِّكر في الحديث والمغازي.
صفق: الصَّفْق: الضرب الذي يسمع له صوت، وكذلك التَّصْفِيقُ. ويقال:
صَفَّقَ بيديه وصفَّح سواء. وفي الحديث: التسبيحُ للرجال والتَّصْفِيقُ
للنساء؛ المعنى إِذا ناب المصلي شيء في صلاته فأَراد تنبيه مَنْ بحذائه
صَفَّقَت المرأَة بيديها وسبَّح الرجل بلسانه. وصفَقَ رأْسَه يَصفِقه صفْقاً:
ضربه، وصَفَقَ عينه كذلك أَي ردَّها وغمَّضها. وصفَقه بالسيف إِذا ضربه؛
قال الراجز:
كأَنها بَصْرِية صوافق
واصْطَفَقَ
القومُ: اضطربوا. وتصافَقُوا: تبايعوا. وصَفَقَ يَده بالبيعة والبيع
وعلى يده صَفْقاً: ضرب بيده على يده، وذلك عند وجوب البيع، والاسم منها
الصَّفْقُ والصِّفِقَّى؛ حكاه سيبويه اسْماً؛ قال السيرافي: يجوز أَن يكون من
صَفْقِ الكفِّ على الأُخرى، وهو التَّصْفاقُ يذهب به إِلى التكثير؛ قال
سيبويه: هذا باب ما يكثر فيه المصدر من فَعَلْت فتُلْحِق الزوائد
وتَبْنيه بناء آخر، كما أَنك قلت في فَعَلت فَعَّلت حين كثَّرت الفعل ثم ذكرت
المصادر التي جاءت على التَّفْعال كالتَّصْفاقِ وأَخواتها، قال: وليس هو
مصدر فَعَلْت ولكن لما أَردت التكثير بنيت المصدر على هذا كما بنيت فَعَلت
على فَعَّلت، وتَصافَقَ القومُ عند البَيعة.
ويقال: رَبِحَت صَفْقَتُك، للشِّراء، وصَفْقةٌ رابحةٌ وصَفْقةٌ خاسِرةٌ.
وصَفَقْت له بالبيع والبيعة صَفْقاً أَي ضربت يدي على يده. وفي حديث ابن
مسعود: صَفْقَتانِ
في صَفْقةٍ رِباً؛ أَراد بَيْعتانِ في بيعة، وهو مثل حديث بيعتين في
بيعة وهو مذكور في موضعه، وهو على وجهين: أَحدهما أَن يقول البائع للمشتري
بِعْتُك عبدي هذا بمائة درهم على أَن تشتري مني هذا الثوبَ بعشرة دراهم،
والوجه الثاني أَن يقول بِعْتُك هذا الثوبَ بعشرين درْهَماً على أَن
تَبِيعني سِلعة بعينها بكذا وكذا درهماً، وإِنما قيل للبيعة صفقة لأَنهم
كانوا إِذا تبايَعوا تَصافَقُوا بالأَيدي. ويقال: إِنه لَمُبارَكُ الصَّفْقةِ
أَي لا يشتري شيئاً إِلاَّ رَبِحَ فيه؛ وققد اشتريت اليوم صَفْقةً
صالحة. والصَّفْقةُ
تكون للبائع والمشتري. وفي حديث أَبي هريرة: أَلْهاهُم الصَّفْقُ
بالأَسواق أَي التبايُعُ. وفي الحديث: إِن أَكْبَرَ
الكبائِر أَن تقاتِلَ أَهلَ صَفْقَتِكَ؛ هو أَن يُعْطِيَ الرجلَ عهدَه
وميثاقَه ثم يقاتله، لأَن المتعاهدين يضع أَحدهما يده في يد الآخر كما
يفعل المتبايعان، وهي المرَّة من التَّصْفِيق باليدين. ومنه حديث ابن عمر:
أَعْطاه صَفْقَة يدِه وثمرةَ قَلَبه. والتَّصْفِيقُ باليد: التصويت بها.
وفي الحديث: أَنه نهى عن الصَّفْقِ والصفير؛ كأَنه أَراد معنى قوله
تعالى: وما كان صَلاتُهم عند البيت إِلاَّ مُكاءً وتَصْدِيةً؛ كانوا
يُصَفِّقونَ ويُصفِّرونَ ليَشْغَلوا النبي، صلى الله عليه وسلم، والمسلمين في
القراءة والصلاة، ويجوز أَن يكون أَراد الصَّفْقَ على وجه اللهو واللعب.
وأَصْفَقَتْ يدُه بكذا أَي صادَقَتْه ووافَقَتْه؛ قال النمر بن تولب يصف
جزّاراً:
حتى إِذا طُرِحَ النَّصِيبُ، وأَصْفَقَتْ
يدُه بِجِلْدةِ ضَرْعِها وحُوارِها
وأَنشد أَبو عمرو:
يَنْضَحْنَ ماءَ البَدَنِ المُسَرّى،
نَضْحَ الأَداوَى الصَّفَقَ المُصْفَرّا
أَي كأَنّ عَرَقَها الصَّفَقُ
المُسَرّى المنضوحُ. يقال: هو يُسَرِّي العَرَقَ عن نفسه؛ وقال أَبو
كبير الهذلي:
أَحَلا وإِن يُصْفَقْ لأَهل حَظِيرة،
فيها المُجَهْجهُ والمنَارةُ تُرزِمُ
إِن يُصْفَق أَي يُقْدَر ويُتاح. يقال: أُصْفِقَ لي أَي أُتِيحَ لي؛
يقول: إِن قُدِرَ لأَهل حَظِيرة متَحَرِّزين الأَسد كان المقدور كائناً،
وأَراد بالمنارة تَوَقُّد عيني الأَسد كالنار، أَراد وذو المنارة يُرْزِمُ.
وصَفَق الطائرُ بجناحيه يَصْفِقُ وصَفَّق: ضرب بهما. وانْصَفَقَ
الثوبُ: ضربَتْه الريح فَنَاسَ
. الليث: يقال الثوب المعلق تُصَفِّقه الريح كل مُصَفَّق فيَنْصَفِقُ؛
وأَنشد:
وأُخْرَى تُصَفِّقُها كلُّ رِيحٍ
سَرِيعٍ، لدَى الجَوْرِ، إِرْغانُها
والصَّفْقةُ: الاجتماعُ عى الشيء. وأَصْفَقُوا على الأَمر: اجتمعوا
عليه، وأَصْفَقُوا على الرجلِ كذلك؛ قال زهير:
رأَيت بني آلِ امرِئِ القَيْس أَصْفَقُوا
علينا، وقالوا: إِنَّنا نَحْنُ أَكثرُ
وفي حديث عائشة، رضوان الله عليها: فأَصْفَقَتْ له نِسْوانُ
مكة أَي اجتمعت إِليه، وروي فانْصَفَقَتْ له. وفي حديث جابر: فنَزَعْنا
في الحَوْضِ حتى أَصْفَقْناه أَي جَمَعْناه فيه الماء؛ هكذا جاء في
رواية والمحفوظ أَفْهَقْناه أَي ملأْناه. وأَصْفَقُوا له: حَشَدُوا.
وصَفَقَتْ علينا صافِقةٌ من الناس أَي قومٌ. وانْصَفَقوا عليه يميناً
وشمالاً: أَقبلوا. وأَصْفَقُوا على كذا أَي أَطبقوا عليه؛ قال يزيد بن
الطَّثَرِيّة:
أَثِيبي أَخا ضارُورة أَصْفَقَ العِدى
عليه، وقَلَّتْ في الصَّديقِ أَواصِرُهْ
ويقال: اصْفِقْهُم عنك أَي اصْرِفْهُم عنك؛ وقال رؤبة:
فما اشْتَلاها صَفْقَةً في المُنْصَفَق،
حتى تردَّى أَربعٌ في المُنْعَفَق
وانصَفَقُوا: رجعوا. ويقال: صَفَق ماشيتَه يَصْفِقُها صَفْقاً إِذا
صرفها. والصَّفْقُ والصَّفَقُ: الجانبُ والناحية؛ قال:
لا يَكْدَحُ الناسُ لهنَّ صَفْقا
وجاء أَهل ذلك الصَّفَق أَي أَهل ذلك الجانب. وصَفْقُ الجبلِ: صَفْحُه
وناحِيَتُه؛ قال أَبو صَعْترةَ البَوْلاني:
وما نُطْفَةٌ في رأْسِ نيقٍ تمنَّعتْ
بعَنْقاءَ من صَعْب، حَمَتْها صُفُوقُها
وصَفَقَ عينَه أَي ردَّها وغمضها.
وصافَقَت الناقةُ: نامت على جانب مرة وعلى جانب أُخرى، فاعَلَتْ من
الصفْق الذي هو الجانب. وتَصَفَّقَ الرجلُ: تقلَّب وتردد من جانب إِلى جانب؛
قال القطامي:
وأَبَيْنَ شَيْمَتَهُنَّ أَولَ مَرّةٍ،
وأَبَى تَقَلُّبُ دهرِك المُتَصَفِّقَ
وتَصَفَّقَتِ الناقة إِذا انقلبت ظهراً لبطن عن المخاض. وتَصَفَّقَ
فلان للأَمر أَي تعرض له؛ قال رؤبة:
لَمّا رأَيْتُ الشَّعرَّ قد تَأَلَّقا،
وفِتْنَةً تَرْمي بِمَنْ تَصَفَّقَا،
هَنَّا وهَنَّا عن قِذافٍ أَخْلَقا
قال شمر: تصفَّق أَي تعرَّض وتردَّد. والمُصَافِقُ من الإِبل: الذي ينام
على جنبه مرة وعلى الآخر مرة، وإِذا مخَضَت الناقة صافَقَت؛ قال الشاعر
يصف الدجاجة وبيضها:
وحامِلة حَياًًّ، ولَيْسَتْ بِحيَّةٍ
إِذا مخَضَتْ يوماً به لم تُصَافِق
وصَفْقَا العُنُقِ: ناحيتاه. وصفقا الفرس: خدّاه. وصَفْقُ الجبل: وجهه
في أَعلاه. وهو فوق الحضيض.
وصَفَّقَ الشرابَ: مزجَه، فهو مُصَفَّقٌ. وصَفَقَه وصَفَّقَه
وأَصْفَقَه: حوَّله من إِناء إِلى إِناء لِيَصْفُو؛ قال حسان:
يَسْقُونَ مَن وَرَدَ البَريصَ عَلَيْهِمُ،
بَرَدَى يُصَفَّقُ بالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ
وقال الأَعشى:
وشَمول تَحْسَبُ العَيْنُ، إِذا
صُفِّقَتْ، وَرْدَتَها نَوْرَ الذُّبَحْ
الفراء: صَفَقْتُ القدحَ وصَفَّقْتُه وأَصْفَقْتُه إِذا مَلأْته.
والتَّصْفِيقُ: تحويلُ الشراب من دَنٍّ إِلى دَنٍّ في قول الأَصمعي؛
وأَنشد:إِذا صُفِّقَتْ بَعْدَ إِزْبادِها
وصَفَقَت الريحُ الماءَ: ضرَبَتْه فصَفَّتْه، والرِّيحُ تَصْفِقُ
الأَشجارَ فتَصْطَفِقُ أَي تضطرب. وصَفَّقَت الرِّيحُ الشيء إِذا قَلَبَتْه
يميناً وشمالاً وردَّدَتْه. يقال: صَفَقَتْه الريحُ وصَفَّقَتْه. وصَفَّقَت
الريحُ السحابَ إِذا صَرَمَتْه واختلفت عليه؛ قال ابن مقبل:
وكأَنما اعْتَنَقَتْ صَبِيرَ غَمامةٍ،
بُعْدَى تُصَفِّقُه الرِّياحُ زُلالِ
قال ابن بري: وهذا البيت في آخر كتاب سيبويه من باب الإِدغام بنصب
زُلال، وهو غلط لأَن القصيدة مخفوضة الروي. وفي حديث أَبي هريرة: إِذا
اصْطَفَقَ الآفاقُ بالبيَاضِ أَي اضطرب وانْتَشَر الضَّوءُ، وهو افْتَعَل من
الصَّفْق، كما تقول اضطرب المجلس بالقوم.
وصِفاقُ البطنِ: الجلدةُ الباطنة التي تلي السواد سوادَ البطن وهو حيث
ينقب البيطار من الدابة؛ قال زهير:
أَمين صَفاة لم يُخَرَّق صِفاقه
بِمِنْقَبِه، ولم تُقَطَّعْ أَباجِلُهْ
والجمع صُفُقٌ، لا يُكسَّر على غير ذلك؛ قال زهير:
حتى يَؤُوبَ بها عُوجاً مُعَطَّلةً،
تَشْكُو الدَّوابرَ والأَنْساءَ والصُّفُقا
وبعض يقول: جلد البطن كله صِفاقٌ. ابن شميل: الصِّفاقُ ما بين الجلد
والمُصْرانِ، ومَراقُّ البطن: صفاقٌ أَجمع ما تحت الجلد نمه إِلى سواد
البطن، قال: ومَراقُّ البطن كل ما لم ينحن عليه عظم. وقال الأَصمعي:
الصِّفاقُ الجلد الأَسْفل الذي دون الجلد الذي يُسْلخ، فإِذا سلخ المَسْك بقي ذلك
مُمْسِكَ البطن، وهو الذي إِذا انْشَقَّ كان منه الفَتْقُِ. وقال أَبو
عمرو: الصِّفاقُ ما حول السرّة حيث يَنْقُبُ البَيْطارُ؛ وقال بشر:
مُذَكَّرة كأَنّ الرَّحْلَ منها،
على ذي عانةٍ، وافي الصِّفاقِ
وافي الصفاق أَراد أَن ضلوعَه طِوالٌ. وقال الأَصمعي في كتاب الفرس:
الصِّفاقُ الجلد الأَسفل الذي تحت الجلد الذي عليه الشعر؛ وأَنشد
للجعدي:لُطِمْنَ بِتُرْسٍ شَديدِ الصِّفا
ق من خَشَبِ الجَوْزِ لم يُثْقَب
يقول: ذلك الموضع منه كأَنه تُرْس وهو شديد الصِّفاق. وفي حديث عمر:
أَنه سئل عن امرأَة أَخذَت بأُنْثَيَيْ زَوْجِها فَخَرَقَتِ الجِلْدَ ولم
تَخْرِقِ الصِّفاقَ، فقضى بنصف ثلث الدية؛ الصِّفاقُ: جِلدة رقيقة تحت
الجلد الأَعلى وفوق اللحم.
والصَّفَقُ: الأَدِيمُ الجديد يُصَبُّ عليه الماء فيخرج منه ماء أَصفر
واسم ذلك الماء الصَّفْقُ
والصَّفَقُ. والصَّفَقُ، بالتحريك: الماء الذي يُصَبُّ في القربة
الجديدة فيحرك فيها فيصفرّ؛ قال ابن بري: شاهده قول أَبي محمد الفقعسي:
يَنْضَحْنَ ماءَ البَدَنِ ا لمُسَرَّى،
نَضْحَ البَدِيعِ الصَّفَقَ المُصْفَرّا
والمُسَرّى: المُسْتَسِرُّ في البدن. ويقال: وردنا ماءَ كأَنَّه صَفَقٌ،
وهو أَول ما يُصَبُّ في القربة الجديدة فيخرج الماء أَصفر؛ وصَفَّق
القربة: فعل بها ذلك. وقال أَبو حنيفة: الصَّفَقُ رِيحُ الدباغ وطعمه.
وصَفَقَ الكأْسَ وأَصْفَقَها: ملأَها؛ عن اللحياني. وصَفَقَ البابَ
يَصْفِقْه صَفْقاً وأَصْفَقَه، كلاهما: أَغْلَقَه وردّه مثل بَلَقْتُه
وأَبْلَقْتُه؛ قال عدي بن زيد:
متَّكِئاً تُصْفَقُ أَبْوابُه،
يسْعَى عليه العبْدُ بالكُوبِ
قال أَبو منصور: وهما بمعنى الفتح. وقال النضر: سَفَقْت الباب
وصَفَقْته، قال: وقال أَبو الدقيش صَفَقْت البابَ أَصْفِقُه صَفْقاً إِذا فتحته؛
وتركت بابَه مَصْفوقاً أَي مفتوحاً، قال: والناس يقولون صَفَقْت البَاب
وأَصْفَقْته أَي رَدَدْته، قال: وقال أَبو الخطاب يقال هذا كله. وباب
مَبْلوقٌ أَي مفتوح. وروى أَبو تراب عن بعض الأَعراب: أَصْفَقْتُ البابَ
وأَصْمَقْته بمعنى أَغْلَقْته، وقال غيره: هي الإِجافةُ دون الإغْلاق.
الأَصمعي: صَفَقْت الباب أَصْفِقُه صَفْقاً، ولم يذكر أَصْفَقْته. ومِصْراعا
الباب: صَفْقاه. والصَّفْقُ: الرَّدُّ والصَّرْفُ، وقد صَفَقْته
فانْصَفَقَ.وفي كتاب معاوية إِلى ملك الروم: لأَنْزِعَنَّكَ من المُلْكِ نَزْعَ
الأَصْفَقانِيّة؛ هم الخَولُ بلغة اليمن. يقال: صَفَقَهم من بلد إِلى بلد
أَي أَخرجهم منه قَهْراً وذُلاً. وصَفَقَهم عن كذا أَي صرَفَهم.
والتَّصْفيق: أَن يكون نوى نِيَّة عزم عليها ثم ردّ نيّته؛ ومنه قوله:
وزَللِ النِّيَّةِ والتَّصْفِيقِ
وفي النوادر: والصَّفُوق الحجاب الممتنع من الجِبال، والصُّفُقُ
الجمع. والخَريقُ من الوادي: شاطئُه، والجمع خُرُقٌ. وناقة خَرِيقٌ:
غزيرة.
وثوب صَفِيق: مَتِين بيّن الصَّفاقة، وقد صَفُقَ صَقاقةً: كثُف نسجه،
وأَصْفَقَه الحائك. وثوب صَفِيق وسَفِيق: جيّدُ النسج. والصَّفِيقُ:
الجَلْدُ. والصَّفُوق: الصَّعُود المُنْكرة، وجمعها صَفائِقُ وصُفُقٌ.
وصافَقَ بين قميصين: لَبِس أَحدَهما فوق الآخر. والدِّيكُ الصَّفّاقُ:
الذي يضرب بجناحيه إِذا صوّت.
وصَفَقَ ماشِيَته صَفْقاً: صرَفها. وصَفَقَ الرجلُ صَفْقاً: ذهب. وفي
حديث لقمان بن عاد أَنه قال: خذِي منّي أَخِي ذا العِفاقِ صَفّاقاً
أَفّاقاً؛ قال الأَصمعي: الصَّفّاق الذي يَصْفِقُ
على الأَمر العظيم، والأَفّاق الذي يتصرف ويضرِب إِلى الآفاق؛ قال أَبو
منصور: روى هذا ابن قتيبة عن أَبي سفيان عن الأَصمعي، قال: والذي أَراه
في تفسير الأَفّاق الصّفّاقِ غيرُ ما حكاه، إِنَّما الصَّفّاق الكثير
الأَسفار والتصرّف في التجارات، والصَّفْقُ والأَفْقُ قريبان من السَّواء،
وكذلك الصَّفّاقُ والأَفّاقُ معناهما متقارب، وقيل: الأَفّاقُ من أُفُقِ
الأَرض أَي ناحيتها. وانْصَفَقَ القومُ إِذا انصرفوا. وصَفَقَ القومُ في
البلاد إِذا أَبْعَدُوا في طلب المرعى؛ وبه فسر ابن الأَعرابي قول أَبي
محمد الحَذلِمِيّ:
إِنّ لها في العامِ ذي الفُتُوقِ،
وزَلَلِ النِّيَّةِ والتَّصْفِيقِ،
رِعْيةَ مَوْلىً ناصِحٍ شَفيقِ
وتَصفِيقُ الإِبل: أَن تحوْلَها مِن مرعى قد رَعَتْه إِلى مكان فيه
مَرْعىً.
وأَصْفَقَ الغَنَمَ إِصْفاقاً: حلبها في اليوم مرّة؛ قال:
أَوْدَى بنو غَنْمٍ بأَلْبانِ العُصُمْ
بالمُصْفقاتِ ورَضوعاتِ البَهَمْ
وأَنشد ابن الأَعرابي:
وقالوا: عليكم عاصِماً يُعْتَصَمْ به،
رُوَيْدَك حتى يُصْفِقَ البَهْمَ عاصِمُ
أَراد أَنه لا خير عنده وأَنه مشغول بغنمه؛ والأِصْفاق: أَن يحلُبَها
مرّة واحدة في اليوم والليلة. وفي الصحاح: أَصْفَقْتُ الغنمَ إِذا لم
تَحْلُبْها في اليوم إِلا مرة. والصافِقةُ: الداهيةُ؛ قال أَبو الرُّبَيْس
التَّغْلبِي:
قِفِي تُخْبِرينا، أَو تَعُلِّي تَحِيّةً
لنا، أَو تُشِيبي قَبْلَ إحْدَى الصَّوافق
والصَّفائِقُ: صَوارِفُ الخطوب وحوادثها، الواحدة صَفيقة؛ وقال كثيِّر:
وأَنْتِ المُنَى، يا أُمَّ عَمْروا، لو انَّنا
نَنالُك، أَو تُدْنِي نَواكِ الصَّفائِقُ
وهي الصَّوافِقُ أَيضاً؛ قال أَبو ذؤيب:
أَخ لكَ مَأْمون السَّجِيّاتِ خِضْرِم،
إِذا صَفَقَتْه في الحُروب الصَّوافِقُ
وصَفَقْتُ العود إِذا حرّكت أَوْتارَه فاصْطَفَقَ. واصْطَفَقَت
المَزاهِرُ إِذا أَجابَ بعضها بعضاً؛ قال ابن الطَّثَرِيّة:
ويوم كظِلِّ الرُّمْحِ قَصَّرَ طُولَه
دَمُ الزِّقِّ عنّا، واصْطفاقُ المَزاهِرِ
قال ابن بري: نسب الجوهري هذا البيت ليزيد بن الطَّثريّة، وصوابه
لِشُبْرُمة بن الطفيل.
بهم: البَهِيمةُ كلُّ ذاتِ أَربَعِ قَوائم من دَوابّ البرِّ والماء،
والجمع بَهائم. والبَهْمةُ: الصغيرُ من أَولاد الغَنَم الضأْن والمَعَز
والبَقَر من الوحش وغيرها، الذكَرُ والأُنْثى في ذلك سواء، وقل: هو بَهْمةٌ
إذا شبَّ، والجمع بَهْمٌ وبَهَمٌ وبِهامٌ، وبِهاماتٌ
جمع الجمعِ. وقال ثعلب في نَوادِره: البَهْمُ صِغارُ المعَز؛ وبه فسِّر
قول الشاعر:
عَداني أَنْ أَزُورَك أَنَّ بَهْمي
عَجايا كلُّها إلا قليلا
أَبو عبيد: يقال لأَوْلاد الغنَم ساعة تَضَعها من الضأْن والمَعَز
جميعاً، ذكراً كان أَو أُنثى، سَخْلة، وجمعها سِخال، ثم هي البَهْمَة الذكَرُ
والأُنْثى. ابن السكيت: يقال هُم يُبَهِّمون البَهْمَ إذا حَرَمُوه عن
أُمَّهاتِه فَرَعَوْه وحدَه، وإذا اجتَمَعَت البِهامُ والسِّخالُ قلت لها
جميعاً بِهامٌ، قال: وبَهِيمٌ
هي الإبْهامُ للإصْبَع. قال: ولا يقال البِهامُ، والأبْهم كالأَعْجم.
واسْتُبْهِم عليه: اسْتُعْجِم فلم يَقْدِرْ على الكلام. وقال نفطويه:
البَهْمةُ مُسْتَبْهِمَةٌ عن الكلام أَي مُنْغَلِق ذلك عنها. وقال الزجاج في
قوله عز وجل: أُحِلَّتْ لكم بَهِيمة الأَنْعامِ؛ وإنما قيل لها بَهِيمةُ
الأَنْعامِ لأَنَّ كلَّ حَيٍّ لا يَميِّز، فهو بَهِيمة لأَنه أُبْهِم عن
أَن يميِّز. ويقال: أُبْهِم عن الكلام.
وطريقٌ مُبْهَمٌ إذا كان خَفِيّا لا يَسْتَبين. ويقال: ضرَبه فوقع
مُبْهَماً أَي مَغْشيّاً عليه لا يَنْطِق ولا يميِّز. ووقع في بُهْمةٍ لا
يتَّجه لها أَي خُطَّة شديدة. واستَبْهَم عليهم الأَمرُ: لم يدْرُوا كيف
يأْتون له. واسْتَبْهَم عليه الأَمر أَي استَغْلَق، وتَبَهَّم أَيضاً إذا
أُرْتِجَ عليه؛ وروى ثعلب أَن ابن الأَعرابي أَنشده:
أَعْيَيْتَني كلَّ العَيا
ءِ، فلا أَغَرَّ ولا بَهِيم
قال: يُضْرَب مثلاً للأَمر إذا أَشكل لم تَتَّضِحْ جِهتَه واستقامَتُه
ومعرِفته؛ وأَنشد في مثله:
تَفَرَّقَتِ المَخاضُ على يسارٍ،
فما يَدْرِي أَيُخْثِرُ أَم يُذِيبُ
وأَمرٌ مُبْهَمِ: لا مَأْتَى له. واسْتَبْهَم الأَمْرُ إذا اسْتَغْلَق،
فهو مُسْتَبْهِم. وفي حديث عليّ: كان إذا نَزَل به إحْدى المُبْهَمات
كَشَفَها؛ يُريدُ مسألةً مُعضِلةً مُشْكِلة شاقَّة، سمِّيت مُبْهَمة لأَنها
أُبْهِمت عن البيان فلم يُجْعل عليها دليل، ومنه قيل لِما لا يَنْطِق
بَهِيمة.
وفي حديث قُسٍّ: تَجْلُو دُجُنَّاتِ
(* قوله «تجلو دجنات» هكذا في الأصل
والنهاية بالتاء، وفي مادة دجن من النهاية: يجلو دجنات بالياء).
الدَّياجي والبُهَم؛ البُهَم: جمع بُهْمَة، بالضم، وهي مُشكلات الأُمور. وكلام
مُبْهَم: لا يعرَف له وَجْه يؤتى منه، مأخوذ من قولهم حائط مُبْهَم إذا لم
يكن فيه بابٌ. ابن السكيت: أَبْهَمَ عليّ الأَمْرَ إذا لم يَجعل له
وجهاً أَعرِفُه. وإبْهامُ الأَمر: أَن يَشْتَبه فلا يعرَف وجهُه، وقد
أَبْهَمه. وحائط مُبْهَم: لا باب فيه. وبابٌ مُبْهَم: مُغلَق لا يُهْتَدى لفتحِه
إذا أُغْلِق. وأبْهَمْت البابَ: أَغلَقْته وسَدَدْته. وليلٌ بَهيم: لا
ضَوء فيه إلى الصَّباح. وروي عن عبد الله بن مسعود في قوله عز وجل: إن
المُنافِقين في الدَّرْك الأسْفَل من النار، قال: في تَوابيت من حديدٍ
مُبْهَمةٍ عليهم؛ قال ابن الأَنباري: المُبْهَة التي لا أَقْفالَ عليها. يقال:
أَمرٌ مُبْهَم إذا كان مُلْتَبِساً لا يُعْرَف معناه ولا بابه.
غيره: البَهْمُ جمع بَهْمَةٍ وهي أَولادُ الضأْن. والبَهْمة: اسم
للمذكّر والمؤنث، والسِّخالُ أَولادُ المَعْزَى، فإذا اجتمع البهامُ والسِّخالُ
قلت لهما جميعاً بهامٌ وبَهْمٌ أَيضاً؛ وأَنشد الأَصمعي:
لو أَنَّني كنتُ، من عادٍ ومِن إرَمٍ،
غَذِيَّ بَهْمٍ ولُقْماناً وذا جَدَنِ
لأَنَّ الغَذِيَّ السَّخلة؛ قال ابن بري: قول الجوهري لأَن الغَذِيَّ
السَّخْلة وَهَم، قال: وإِنما غَذِيُّ بَهْمٍ أَحدُ أَمْلاك حِمْير كان
يُغَذّى بلُحوم البَهْم، قال وعليه قول سلمى بن ربيعة الضبّيّ:
أَهلَك طَسْماً، وبَعْدَهم
غَذِيَّ بَهْمٍ وذا جَدَنِ
قال: ويدل على ذلك أَنه عطف لُقْماناً على غَذِيَّ بَهْمٍ، وكذلك في بيت
سلمى الضبيّ، قال: والبيت الذي أَنشده الأَصمعي لأفْنون التغلبي؛ وبعده:
لَمَا وَفَوْا بأَخِيهم من مُهَوّلةٍ
أَخا السُّكون، ولا جاروا عن السَّنَنِ
وقد جَعل لَبيد أَولادَ البقر بِهاماً بقوله:
والعينُ ساكنةٌ على أَطلائِها
عُوذاً، تأَجَّل بالفَضاء بِهامُها
ويقال: هُم يُبَهِّمُون البَهْمَ تَبْهِيماً إذا أَفرَدُوه عن أُمَّهاته
فَرَعَوْه وحْدَه.
الأَخفش: البُهْمَى لا تُصْرَف. وكلُّ ذي أَربع من دوابِّ البحر والبرّ
يسمَّى بَهِيمة.
وفي حديث الإيمان والقَدَر: وترى الحُفاةَ العُراة رِعاءَ الإِبل
والبَهْم يَتطاوَلون في البُنْيان؛ قال الخطابي: أَراد بِرِعاءِ الإبِل
والبَهْم الأَعْرابَ وأَصحابَ البَوادي الذين يَنْتَجِعون مواقعَ الغَيْث ولا
تَسْتَقِرُّ بهم الدار، يعني أن البلاد تفتَح فيسكنونها ويَتطاوَلون في
البُنْيان، وجاء في رواية: رُعاة الإبل البُهُم، بضم الباء والهاء، على نعت
الرُّعاة وهم السُّودُ؛ قال الخطابي: البُهُم، بالضم، جمع البَهِيم وهو
المجهول الذي لا يُعْرَف. وفي حديث الصلاة: أَنَّ بَهْمَةً مرّت بين يديه
وهو يصلِّي، والحديث الآخر: أَنه قال للراعي ما ولَّدت؟ قال: بَهْمة،
قال: اذْبَحْ مكانَها شاةً؛ قا ابن الأَثير: فهذا يدل على أَن البَهْمة اسم
للأُنثى لأَنه إنما سأله ليعلَم أذَكَراً ولَّد أَمْ أُنْثى، وإلاَّ فقد
كان يَعْلم أَنه إنما ولَّد أَحدَهما.
والمُبْهَم والأبْهَمُ: المُصْمَت؛ قال:
فَهَزَمتْ ظَهْر السِّلامِ الأَبْهَم
أَي الذي لا صَدْع فيه؛ وأَما قوله:
لكافرٍ تاهَ ضَلالاً أَبْهَمُه
فقيل في تفسيره: أَبْهَمُه قلبُه، قال: وأَراه أَراد أَنَّ قلب الكافر
مُصْمَت لا يَتَخَلَّله وعْظ ولا إنْذار. والبُهْمةُ، بالضم الشجاع،
وقيل: هو الفارس الذي لا يُدْرَى من أَين يُؤتى له من شدَّة بأْسِه، والجمع
بُهَم؛ وفي التهذيب: لا يَدْرِي مُقاتِله من أَين يَدخل عليه، وقيل: هم
جماعة الفُرْسان، ويقال للجيش بُهْمةٌ، ومنه قولهم فلان فارِس بُهْمةٍ
وليثُ غابةٍ؛ قال مُتَمِّم بن نُوَيْرة:
وللِشرْب فابْكِي مالِكاً، ولِبُهْةٍ
شديدٍ نَواحِيها على مَن تَشَجَّعا
وهُم الكُماة، قيل لهم بُهْمةٌ لأَنه لا يُهْتَدى لِقِتالهم؛ وقال غيره:
البُهْمةُ السوادُ أَيضاً، وفي نوادر الأَعراب: رجل بُهْمَةٌ إذا كان لا
يُثْنَى عن شيء أَراده؛ قال ابن جني: البُهْمةُ في الأَصل مصدر وُصف به،
يدل على ذلك قولهم: هو فارسُ بُهْمةٍ كما قال تعالى: وأَشْهِدُوا ذَوَيْ
عَدْلٍ منكم، فجاء على الأَصل ثم وصف به فقيل رجل عَدْل، ولا فِعْل له،
ولا يُوصف النساءُ بالبُهْمةِ.
والبَهِيمُ: ما كان لَوناً واحداً لا يُخالِطه غيره سَواداً كان أَو
بياضاً، ويقال للَّيالي الثلاث التي لا يَطْلُع فيها القمر بُهَمٌ، وهي جمع
بُهْمةٍ. والمُبْهَم من المُحرَّمات: ما لا يحلُّ بوجْهٍ ولا سبب كتحريم
الأُمِّ والأُخْت وما أَشبَهه. وسئل ابن عباس عن قوله عز وجل: وحَلائلُ
أَبنائِكم الذين من أَصلابِكم، ولم يُبَيّن أَدَخَل بها الإبنُ أَمْ لا،
فقال ابن عباس: أَبْهِموا ما أَبْهَمَ الله؛ قال الأَزهري: رأَيت كثيراً
من أَهل العلم يذهَبون بهذا إلى إبهام الأَمر واستِبهامِه، وهو إشْكالُه
وهو غلَطٌ. قال: وكثير من ذَوي المعرفة لا يميِّزون بين المُبْهَم وغير
المُبْهَم تمييزاً مُقْنِعاً، قال: وأَنا أُبيّنه بعَوْن الله عز وجل،
فقوله عز وجل: حُرِّمت عليكم أُمَّهاتُكم وبنَاتُكم وأَخواتُكم وعَمّاتُم
وخالاتُكم وبَناتُ الأخِ وبناتُ الأُخْتِ، هذا كله يُسمَّى التحريمَ
المُبْهَم لأَنه لا يحلُّ بوجه من الوجوه ولا سبب من الأَسباب، كالبَهِيم من
أَلوان الخيل الذي لا شِيَةَ فيه تُخالِف مُعْظم لونِه، قال: ولمَّا سئل ابن
عباس عن قوله وأُمهاتُ نِسائِكم ولم يُبيِّن الله الدُّخولَ بهنَّ أَجاب
فقال: هذا من مُبْهَم التحريم الذي لا وجه فيه غير التحريم، سواء
دَخَلْتم بالنساء أَو لم تَدْخُلوا بهن، فأُمَّهات نِسائكم حُرِّمْنَ عليكم من
جميع الجهات، وأَما قوله: ورَبائبُكم اللاتي في حُجوركم من نِسائكم
اللاتي دََخَلْتم بهنّ، فالرَّبائبُ ههنا لسْنَ من المُبْهمات لأَنَّ وجهين
مُبيَّنَين أُحْلِلْن في أَحدِهما وحُرِّمْن في الآخر، فإذا دُخِل
بأُمَّهات الرَّبائب حَرُمت الرَّبائبُ، وإن لم يُدخل بأُمَّهات الربائب لم
يَحْرُمن، فهذا تفسيرُ المُبْهَم الذي أَراد ابنُ عباس، فافهمه؛ قال ابن
الأَثير: وهذا التفسير من الأَزهري إنما هو للرَّبائب والأُمَّهات لا
للحَلائل، وهو في أَول الحديث إنما جَعل سؤال ابنِ عباس عن الحَلائل لا عن
الرّبائب. ولَونٌ بهيم: لا يُخالطه غيرُه. وفي الحديث: في خيل دهْمٍ بُهْمٍ؛
وقيل: البَهِيمُ الأَسودُ. والبَهِيمُ من الخيل: الذي لا شِيةَ فيه، الذكَر
والأُنثى في ذلك سواء، والجمع بُهُم مثل رغِيفٍ ورُغُف. ويقال: هذا فرس
جواد وبَهِيمٌ
وهذه فرس جواد وبَهِيمٌ، بغير هاء، وهو الذي لا يُخالط لونَه شيء سِوى
مُعْظَم لونِه. الجوهري: وهذا فرس بَهِيمٌ
أَي مُصْمَتٌ. وفي حديث عياش ابن أَبي ربيعة: والأسود البَهيمُ كأَنه من
ساسَمٍ كأَنه المُصْمَتُ
(* قوله «كأنه المصمت» الذي في النهاية: أي
المصمت). الذي لا يُخالِطُ لونَه لون غيرُه. والبَهيمُ من النِّعاج:
السَّوداءُ التي لا بياض فيها، والجمع من ذلك بُهْمٌ وبُهُمٌ فأما قوله في
الحديث: يُحْشَر الناسُ يوم القيامة حُفاةً عُراةً غُرْلاً بُهْماً أَي ليس
معهم شيء، ويقال: أَصِحَّاءَ؛ قال أَبو عمرو البُهْمُ واحدها بَهيم وهو
الذي لا يخالِط لَونَه لونٌ سِواه من سَوادٍ كان أَو غيره؛ قال أَبو عبيد:
فمعناه عندي أَنه أَراد بقوله بُهْماً يقولُ: ليس فيهم شيءٌ من الأَعراض
والعاهات التي تكون في الدنيا من العَمى والعَوَر والعَرَج والجُذام
والبَرَص وغير ذلك من صُنوف الأَمراض والبَلاءِ، ولكنها أَجسادٌ مُبْهَمَة
مُصَحَّحَة لِخُلود الأَبد، وقال غيره: لِخُلود الأَبَدِ في الجنة أَو
النار، ذكره ابن الأثير في النهاية؛ قال محمد بن المكرم: الذي ذكره الأَزهري
وغيره أَجْسادٌ مُصَحَّحة لخُلود الأَبد، وقول ابن الأَثير في الجنة أَو
في النار فيه نَظَر، وذلك أَن الخلود في الجنة إنما هو للنَّعيم المحْضِ،
فصحَّة أَجْْسادِهم من أَجل التَّنَعُّم، وأَما الخلود في النار فإنما هو
للعذاب والتأسُّف والحَسرة، وزيادةُ عذابِهم بعاهات الأَجسام أَتمُّ في
عُقوبتهم، نسأَل الله العافية من ذلك بكرمه. وقال بعضهم: رُوي في تمام
الحديث: قيل وما البُهْم؟ قال: ليس معهم شيء من أَعراض الدنيا ولا من
متاعِها، قال: وهذا يخالف الأَول من حيث المعنى. وصَوْتٌ بَهِيم: لا تَرْجيع
فيه.
والإبْهامُ من الأَصابع: العُظْمى، معروفة مؤنثة؛ قال ابن سيده: وقد
تكون في اليَدِ والقدَم، وحكى اللحياني أنها تذكَّر وتؤنَّثُ؛ قال:
إذا رأَوْني، أَطال الله غَيْظَهُمُ،
عَضُّوا من الغَيظِ أَطرافَ الأَباهيمِ
وأَما قول الفرزدق:
فقد شَهدَت قَيْسٌ فما كان نَصْرُها
قُتَيبةَ، إلاَّ عَضَّها بالأَباهِمِ
فإنما أَراد الأَباهِيم غير أَنه حذف لأَنَّ القصِيدةَ ليست مُرْدَفَة،
وهي قصيدة معروفة. قال الأَزهري: وقيل للإصْبَع إِبْهامٌ
لأَنها تُبْهِم الكفّ أَي تُطْبِقُ عليها. قال: وبَهِيم هي الإبْهام
للإصبع، قال: ولا يقال البِهامُ. وقال في موضع آخر: الإبْهام الإصْبَع
الكُبْرى التي تلي المُسَبِّحةَ، والجمع الأَباهِيم، ولها مَفْصِلان.
الجوهري: وبُهْمى نَبْت، وفي المحكم: والبُهْمى نَبْت؛ قال أَبو حنيفة:
هي خير أَحْرار البُقُولِ رَطْباً ويابساً وهي تَنْبُت أَوَّل شيء
بارِضاً، وحين تخرج من الأَرض تَنْبت كما يَنْبُت الحَبُّ، ثم يبلُغ بها
النَّبْت إلى أَن تصير مثل الحَبّ، ويخرج لها إذا يَبِسَتْ شَوْك مثل شوك
السُّنْبُل، وإذا وَقَع في أُنوف الغَنَم والإِبل أَنِفَت عنه حتى يَنْزِعه
الناسُ
من أَفواهها وأُنوفِها، فإذا عَظُمَت البُهْمى ويَبِسَتْ كانت كَلأً
يَرْعاه الناس حتى يُصِيبه المطَر من عامٍ مُقْبِل، ويَنْبت من تحتِه حبُّه
الذي سقَط من سُنْبُله؛ وقال الليث: البُهْى نَبْت تَجِد به الغنَم
وَجْداً شديداً ما دام أَخضر، فإذا يَبِس هَرّ شَوْكُه وامتَنَع، ويقولون
للواحد بُهْمى، والجمع بُهْمى؛ قال سيبويه: البُهْمى تكون واحدة وجمعاً
وأَلفها للتأنيث؛ وقال قومٌ: أَلفها للإلْحاق، والواحدة بُهْماةٌ؛ وقال
المبرد: هذا لا يعرف ولا تكون أَلف فُعْلى، بالضم، لغير التأنيث؛ وأَنشد ابن
السكيت:
رَعَتْ بارِضَ البُهْمى جَمِيماً وبُسْرةً،
وصَمْعاءَ حتى آنَفَتْها نِصالُها
والعرب تقول: البُهْمى عُقْر الدارِ وعُقارُ الدارِ؛ يُريدون أَنه من
خِيار المَرْتَع في جَناب الدَّار؛ وقال بعض الرُّواة: البُهْمى ترتفِع نحو
الشِّبْر ونَباتُها أَلْطَف من نَبات البُرِّ، وهي أَنْجَعُ المَرْعَى
في الحافرِ ما لم تُسْفِ، واحدتُها بُهْماة؛ قال ابن سيده: هذا قولُ أَهل
اللغة، وعندي أَنّ مَن قالُ بُهماةٌ فالأَلف مُلْحِقة له بِجُخْدَب، فإذا
نزع الهاء أَحال إعْتِقاده الأَول عما كان عليه، وجعل الأَلف للتأنيث
فيما بعد فيجعلها للإلْحاق مع تاء التأنيث ويجعلها للتأنيث إذا فقد
الهاء.وأَبْهَمَتِ الأَرض، فهي مبْهِمة: أَنْبَتَت البُهْمَى وكثُر بُهْماها،
قال: كذلك حكاه أَبو حنيفة وهذا على النسب. وبَهَّم فلان بموضع كذا إذا
أَقام به ولم يَبْرَحْهُ.
والبهائم: إسم أَرض، وفي التهذيب: البَهائم أَجْبُل بالحِمَى على لَون
واحد؛ قال الراعي:
بَكَى خَشْرَمٌ لمَّا رأَى ذا مَعارِكٍ
أَتى دونه، والهَضْبَ هَضْبَ البَهائِم
والأَسماءُ المُبْهَمة عند النحويين: أَسماء الإشارات نحو قولك هذا
وهؤلاء وذاك وأُولئك، قال الأَزهري:
الحُروف المُبْهَمة التي لا اشتقاقَ لها ولا يُعْرف لها أُصول مثل الذي
والذين وما ومَن وعن
(* قوله «ومن وعن» كذا في الأصل والتهذيب ونسخة من
شرح القاموس غير المطبوع، وفي شرح القاموس المطبوع: ومن نحن). وما
أَشبهها، والله أَعلم.
دربس: الدِّرْباسُ: الكلب العقور؛ قال الشاعر:
أَعْدَدْتُ دِرْواساً لدِرْباسِ الحُمُتْ
وقالوا: الدُّرابِسُ الضخم الشديد من الإِبل ومن الرجال؛ وأَنشد:
لو كنتَ أَمسيتَ طَليحاً ناعِسا،
لم تُلْفِ ذا راوِيَةٍ دُرابِسا
وتَدَرْبَسَ أَي تقدَّم؛ قال الشاعر:
إِذا القومُ قالوا: مَنْ فَتًى لمُهِمَّةٍ؟
تَدَرْبَسَ باقي الرَّيْقِ فَخْمُ المَناكِبِ
تجر: تَجَرَ يَتْجُرُ تَجْراً وتِجَارَةً؛ باع وشرى، وكذلك اتَّجَرَ وهو
افْتَعَل، وقد غلب على الخَمَّار قال الأَعشى:
ولَقَدْ شَهِدْتُ التَّاجِرَ آلْـ
أُمَّانَ، مَوْرُوداً شَرَابُهْ
وفي الحديث: مَنْ يَتَّجِرُ على هذا فيصلي معه. قال ابن الأَثير: هكذا
يرويه بعضهم وهو يفتعل من التجارة لأَنه يشتري بعمله الثواب ولا يكون من
الأَجر على هذه الرواية لأَن الهمزة لا تدغم في التاء وإِنما يقال فيه
يأْتَجِرُ. الجوهري: والعرب تسمي بائع الخمر تاجراً؛ قال الأَسود بن
يَعْفُرَ:
ولَقَدْ أَروحُ على التِّجَارِ مُرَجَّلاً،
مَذِلاً بِمالي، لَيِّناً أَجْيادي
أَي مائلاً عُنُقي من السُّكْرِ. ورجلٌ تاجِرٌ، والجمع تِجارٌ، بالكسر
والتخفيف، وتُجَّارٌ وتَجْرٌ مثل صاحب وصَحْبٍ؛ فأَما قوله:
إِذ ذُقْتَ فاها قلتَ: طَعمُ مُدامَةٍ
مُعَتَّقَةٍ، مما يجيء به التُّجُرْ
فقد يكون جمع تِجَارٍ، على أَن سيبويه لا يَطْرُدُ جمع الجمع؛ ونظيره
عند بعضهم قراءة من قرأَ: فَرُهُنٌ مقبوضة؛ قال: هو جمع رهانٍ الذي هو
جَمْعُ رَهْنٍ وحمله أَبو عليُّ على أَنه جمع رَهْن كَسَحْل وسُحُلٍ، وإِنما
ذلك لما ذهب إِليه سيبويه من التحجير على جمع الجمع إِلا فيما لا بدّ
منه، وقد يجوز أَن يكون التُّجُرُ في البيت من باب:
أَنا ابنُ ماويَّةَ إِذْ جَدَّ النَّقُرْ
على نقل الحركة، وقد يجوز أَن يكون التُّجُرُ جمع تاجر كشارف وشُرُفٍ
وبازل وبُزُلٍ، إِلا أَنه لم يسمع إِلا في هذا البيت. وفي الحديث: أَن
التُّجَّار يُبعثون يوم القيامة فُجَّاراً إِلا من اتقى الله وبَرَّ وصَدَقَ؛
قال ابن الأَثير: سماهم فجاراً لما في البيع والشراء من الأَيمان
الكاذبة والغبن والتدليس والربا الذي لا يتحاشاه أَكثرهم أَو لا يفطنون له،
ولهذا قال في تمامه: إِلاَّ من اتقى الله وبرّ وصدق؛ وقيل: أَصل التاجر
عندهم الخمَّار يخصونه به من بين التجار؛ ومنه حديث أَبي ذر: كنا نتحدث أَن
التاجر فاجر؛ والتَّجْرُ: اسمٌ للجمع، وقيل: هو جمع؛ وقول الأَخطل:
كَأَنَّ فَأْرَةَ مِسْكٍ غارَ تاجِرُها،
حَتَّى اشْتَراها بِأَغْلَى بَيْعِهِ التَّجِرُ
قال ابن سيده: أُراه على التشبيه كَطَهِرٍ في قول الآخر:
خَرَجْت مُبَرَّأً طَهِرَ الثِّيابِ
وأَرضَ مَتْجَرَةٌ: يُتَّجَرُ إِليها؛ وفي الصحاح: يتجر فيها. وناقة
تاجر: نافقة في التجارة والسوق؛ قال النابغة:
عِفَاءٌ قِلاصٍ طار عنها تَواجِر
وهذا كما قالوا في ضدها كاسدة. التهذيب: العرب تقول ناقة تاجرة إِذا
كانت تَنْفُقُ إِذا عُرِضَتْ على البيع لنجابتها، ونوق تواجر؛ وأَنشد
الأَصمعي:
مَجَالِحٌ في سِرِّها التَّواجِرُ
ويقال: ناقةٌ تاجِرَةٌ وأُخرى كاسدة. ابن الأَعرابي: تقول العرب إِنه
لتاجر بذلك الأَمر أَي حاذق؛ وأَنشد:
لَيْسَتْ لِقَوْمِي بالكَتِيفِ تِجارَةٌ،
لكِنَّ قَوْمِي بالطِّعانِ تِجَارُ
ويقال: رَبِحَ فلانٌ في تِجارَتِهِ إِذا أَفْضَلَ، وأَرْبَحَ إِذا صادف
سُوقاً ذاتَ رِبْحٍ.
كبر: الكَبير في صفة الله تعالى: العظيم الجليل والمُتَكَبِّر الذي
تَكَبَّر عن ظلم عباده، والكِبْرِياء عَظَمَة الله، جاءتْ على فِعْلِياء؛ قال
ابن الأَثير: في أَسماء الله تعالى المتكبر والكبير أَي العظيم ذو
الكبرياء، وقيل: المتعالي عن صفات الخلق، وقيل: المتكبر على عُتاةِ خَلْقه،
والتاء فيه للتفرّد والتَّخَصُّصِ لا تاء التَّعاطِي والتَّكَلُّف.
والكِبْرِياء: العَظَمة والملك، وقيل: هي عبارة عن كمال الذات وكمال
الوجود ولا يوصف بها إلا الله تعالى، وقد تكرر ذكرهما في الحديث، وهما من
الكِبْرِ، بالكسر، وهو العظمة.
ويقال كَبُرَ بالضم يَكْبُرُ أَي عَظُمَ، فهو كبير. ابن سيده: الكِبَرُ
نقيض الصِّغَرِ، كَبُرَ كِبَراً وكُبْراً فهو كبير وكُبَار وكُبَّار،
بالتشديد إذا أَفرط، والأُنثى بالهاء، والجمع كِبارٌ وكُبَّارونَ. واستعمل
أَبو حنيفة الكِبَرَ في البُسْر ونحوه من التمر، ويقال: علاه المَكْبَِرُ،
والاسم الكَبْرَةُ، بالفتح، وكَبُرَ بالضم يَكْبُر أَي عظم. وقال مجاهد
في قوله تعالى: قال كَبِيرُهم أَلم تعلموا أَن أَباكم؛ أَي أَعْلَمُهم
لأَنه كان رئيسهم وأَما أَكبرهم في السِّنِّ فَرُوبِيلُ والرئيسُ كان
شَمْعُونَ؛ قال الكسائي في روايته: كَبيرهم يَهُوذا. وقوله تعالى: إنه لكبيركم
الذي علَّمكم السِّحْرَ؛ أَي مُعَلِّمكم ورئيسكم. والصبي بالحجاز إِذا
جاء من عند مُعَلِّمه قال: جئت من عند كَبيري. واسْتَكْبَر الشيءَ: رآه
كبيراً وعَظُمَ عنده؛ عن ابن جني. والمَكْبُوراء: الكِبَارُ. ويقال: سادُوك
كابِراً عن كابِرٍ أَي كبيراً عن كبير، ووَرِثُوا المَجْدَ كابِراً عن
كابِرٍ، وأَكْبَرَ أَكْبَرَ. وفي حديث الأَقْرَعِ والأَبْرَصِ: ورِثْتُه
كابِراً عن كابِرٍ أَي ورثته عن آبائي وأَجدادي كبيراً عن كبير في العز
والشرف. التهذيب: ويقال ورثوا المجد كابراً عن كابر أَي عظيماً وكبيراً عن
كبير. وأَكْبَرْتُ الشيءَ أَي استعظمته. الليث: المُلوك الأَكابِرُ جماعة
الأَكْبَرِ ولا تجوز النَّكِرَةُ فلا تقول مُلوك أَكابِرُ ولا رجالٌ
أَكابِرُ لأَنه ليس بنعت إِنما هو تعجب. وكَبَّرَ الأَمْرَ: جعله كبيراً،
واسْتَكْبَرَه: رآه كبيراً؛ وأَما قوله تعالى: فلما رَأَيْنَه
أَكْبَرْنَه؛فأَكثر المفسرين يقولون: أَعظَمْنَه. وروي عن مجاهد أَنه قال: أَكبرنه
حِضْنَ وليس ذلك بالمعروف في اللغة؛ وأَنشد بعضهم:
نَأْتي النساءَ على أَطْهارِهِنّ، ولا
نأْتي النساءَ إِذا أَكْبَرْنَ إِكْباراً
قال أَبو منصور: وإِن صحت هذه اللفظة في اللغة بمعنى الحيض فلها
مَخْرَجٌ حَسَنٌ، وذلك أَن المرأَة أَوَّلَ ما تحيض فقد خرجت من حَدِّ الصِّغَرِ
إِلى حد الكِبَر، فقيل لها: أَكْبَرَتْ أَي حاضت فدخلت في حد الكِبَر
المُوجِبِ عليها الأَمْرَ والنهي. وروي عن أَبي الهيثم أَنه قال: سأَلت
رجلاً من طَيِّء فقلت: يا أَخا طيء، أَلك زوجة؟ قال: لا والله ما تزوّجت وقد
وُعِدْتُ في ابنة عم لي، قلت: وما سِنُّها؟ قال: قد أَكْبَرَتْ أَو
كَبِرَت، قلت: ما أَكْبَرَتْ؟ قال: حاضت. قال أَبو منصور: فلغة الطائي تصحح
أَن إِكْبارَ المرأَة أَول حيضها إِلا أَن هاء الكناية في قوله تعالى
أَكْبَرْنَهُ تنفي هذا المعنى، فالصحيح أَنهن لما رأَين يوسف راعَهُنَّ
جَمالُه فأَعظمنه. وروى الأَزهري بسنده عن ابن عباس في قوله تعالى: فلما
رأَينه أَكبرنه، قال: حِضْنَ؛ قال أَبو منصور: فإِن صحت الرواية عن ابن عباس
سلمنا له وجعلنا الهاء في قوله أَكبرنه هاء وقفة لا هاء كناية، والله
أَعلم بما أَراد. واسْتِكْبارُ الكفار: أَن لا يقولوا لا إِله إِلاَّ اللهُ؛
ومنه قوله: إِنهم كانوا إِذا قيل لهم لا إِله إِلا الله يستكبرون؛ وهذا
هو الكِبْرُ الذي قال النبي، صلى الله عليه وسلم: إِن من كان في قلبه
مِثْقالُ ذَرَّة من كِبْرٍ لم يدخل الجنة، قال: يعني به الشرك، والله أَعلم،
لا أَن يتكبر الإِنسان على مخلوق مثله وهو مؤمن بريه. والاستكبار:
الامتناع عن قبول الحق مُعاندة وتَكَبُّراً. ابن بُزُرْجٍ: يقال هذه الجارية من
كُبْرَى بناتِ فلان ومن صُغْرَى بناته، يريدون من صِغارِ بناته، ويقولون
من وُسْطى بنات فلان يريدون من أَوساط بنات فلان، فأَما قولهم: الله
أَكبر، فإِن بعضهم يجعله بمعنى كَبِير، وحمله سيبويه على الحذف أَي أَكبر من
كل شيء، كما تقول: أَنت أَفضلُ، تريد: من غيرك.
وكَبَّرَ: قال: الله أَكبر. والتكبير: التعظيم. وفي حديث الأَذان: الله
أَكبر. التهذيب: وأَما قول المصلي الله أَكبر وكذلك قول المؤذن ففيه
قولان: أَحدهما أَن معناه الله كبير فوضع أَفعل موضع فَعِيل كقوله تعالى: وهو
أَهْوَنُ عليه؛ أَي هو هَيِّنٌ عليه؛ ومثله قول مَعْنِ بن أَوس:
لَعَمْرُكَ ما أَدْرِي وإِني لأَوْجَلُ
معناه إِني وَجِل، والقول الآخر ان فيه ضميراً، المعنى الله أَكْبَرُ
كَبيرٍ، وكذلك الله الأَعَزُّ أَي أَعَزُّ عَزيز؛ قال الفرزدق:
إِن الذي سَمَكَ السماءَ بَنَى لنا
بيتاً، دَعائِمُه أَعَزُّ وأَطْوَلُ
أَي عزيزة طويلة، وقيل: معناه الله أَكبر من كل شيء أَي أَعظم، فحذف
لوضوح معناه، وأَكبر خبر، والأَخبار لا ينكر حذفها، وقيل: معناه الله أَكبر
من أن يُعْرف كُنْه كبريائه وعظمته، وإِنما قُدِّرَ له ذلك وأُوّلَ لأَن
أَفعل فعل يلزمه الأَلف واللام أَو الإِضافة كالأَكْبَر وأَكْبَر
القَوْمِ، والراء في أَكبر في الأَذان والصلاة ساكنة لا تضم للوقف، فإِذا وُصِلَ
بكلام ضُمَّ. وفي الحديث: كان إِذا افتتح الصلاة قال: الله أَكبر
كبيراً، كبيراً منصوب بإِضمار فعل كأَنه قال أُكَبِّرُ كَبيراً، وقيل: هو منصوب
على القطع من اسم الله. وروى الأَزهري عن ابن جُبَيْر ابن مُطْعِم عن
أَبيه: أَنه رأَى النبي، صلى الله عليه وسلم، يصلي قال: فكَبَّرَ وقال:
الله أَكبر كبيراً، ثلاث مرات، ثم ذكر الحديث بطوله؛ قال أَبو منصور: نصب
كبيراً لأَنه أَقامه مقام المصدر لأَن معنى قوله الله أَكْبَرُ أَُكَبِّرُ
اللهَ كَبيراً بمعنى تَكْبِيراً، يدل على ذلك ما روي عن الحسن: أَن نبي
الله، صلى الله عليه وسلم، كان إِذا قام إِلى صلاته من الليل قال: لا إِله
إِلا الله، الله أَكبر كبيراً، ثلاث مرات، فقوله كبيراً بمعنى تكبيراً
فأَقام الاسم مقام المصدر الحقيقي، وقوله: الحمد لله كثيراً أَي أَحْمَدُ
الله حَمْداً كثيراً.
والكِبَرُ: في السن؛ وكَبِرَ الرجلُ والدابةُ يَكْبَرُ كِبَراً
ومَكْبِراً، بكسر الباء، فهو كبير: طعن في السن؛ وقد عَلَتْه كَبْرَةٌ ومَكْبُرة
ومَكْبِرَة ومَكْبَرٌ وعلاه الكِبَرُ إِذا أَسَنَّ. والكِبَرُ: مصدر
الكبِيرِ في السِّنِّ من الناس والدواب. ويقال للسيف والنَّصْلِ العتيقِ الذي
قَدُمَ: عَلَتْهُ كَبْرَة؛ ومنه قوله:
سَلاجِمُ يَثْرِبَ اللاتي عَلَتْها،
بِيَثْرِبَ، كَبْرَةُ بعد المُرونِ
ابن سيده: ويقال للنصل العتيق الذي قد علاه صَدَأٌ فأَفسده: علته
كَبْرَةٌ. وحكى ابن الأَعرابي: ما كَبَرَني
(* قوله« ما كبرني إلخ» بابه نصر
كما في القاموس.) إِلا بسنة أَي ما زاد عَلَيَّ إِلا ذلك. الكسائي: هو
عِجْزَةُ وَلَدِ أَبويه آخِرُهم وكذلك كِبْرَةُ ولد أَبويه أَي أَكبرهم. وفي
الصحاح: كِبْرَةُ ولد أَبويه إِذا كان آخرهم، يستوي فيه الواحد والجمع،
والمذكر والمؤنث في ذلك سواء، فإِذا كان أَقعدَهم في النسب قيل: هو
أَكْبَرُ قومه وإِكْبِرَّةُ قومه، بوزن إِفْعِلَّة، والمرأَة في ذلك كالرجل.
قال أَبو منصور: معنى قول الكسائي وكذلك كِبْرَةُ ولد أَبويه ليس معناه
أَنه مثل عِجْزَة أَي أَنه آخرهم، ولكن معناه أَن لفظه كلفظه، وأَنه للمذكر
والمؤنث سواء، وكِبْرَة ضِدُّ عِجْزَة لأَن كِبْرة بمعنى الأَكْبَر
كالصِّغْرَة بمعنى الأَصْغَر، فافهم. وروى الإِيادي عن شمر قال: هذا كبْرَة
ولد أَبويه للذكر والأُنثى، وهو آخر ولد الرجل، ثم قال: كِبْرَة ولد أَبيه
بمعنى عِجْزة. وفي المؤلف للكسائي: فلان عِجْزَةُ ولَدِ أَبيه آخرهم،
وكذلك كِبْرَة ولد أَبيه، قال الأَزهري: ذهب شمر إِلى أَن كِبْرَة معناه
عِجْزَة وإِنما جعله الكسائي مثله في اللفظ لا في المعنى. أَبو زيد: يقال هو
صِغْرَةُ ولد أَبيه وكِبْرَتُهم أَي أَكبرهم، وفلان كِبْرَةُ القوم
وصِغْرَةُ القوم إِذا كان أَصْغَرَهم وأَكبرهم. الصحاح: وقولهم هو كُبْرُ
قومه، بالضم، أَي هو أَقْعَدُهم في النسب. وفي الحديث: الوَلاءُ للكُبْرِ،
وهو أَن يموت الرجل ويترك ابناً وابن ابن، فالولاء للابن دون ابن الابن.
وقال ابن الأَثير في قوله الولاء للكُبْر أَي أَكْبَرِ ذرية الرجل مثل أَن
يموت عن ابنين فيرثان الولاء، ثم يموت احد الابنين عن أَولاد فلا يرثون
نصيب أَبيهما من الولاء، وإِنما يكون لعمهم وهو الابن الآخر. يقال: فلان
كُبْر قومه بالضم إِذا كان أَقعدَهم في النسب، وهو أَن ينتسب إِلى جده
الأَكبر بآباء أَقل عدداً من باقي عشيرته. وفي حديث العباس: إِنه كان
كُبْرَ قومه لأَنه لم يبق من بني هاشم أَقرب منه إِليه في حياته. وفي حديث
القسامة: الكُبْرَ الكُبْرَ أَي لِيَبْدَإِ الأَكْبَرُ بالكلام أَو قَدِّموا
الأَكْبَر إِرْشاداً إِلى الأَدب في تقديم الأَسَنِّ، ويروى: كَبِّر
الكُبْرَ أَي قَدِّمِ الأَكبر. وفي الحديث: أَن رجلاً مات ولم يكن له وارث
فقال: ادْفعوا ماله إِلى أَكْبَرِ خُزاعة أَي كبيرهم وهو أَقربهم إِلى
الجد الأَعلى. وفي حديث الدفن: ويجعل الأَكْبَرُ مما يلي القبلة أَي
الأَفضل، فإِن استووا فالأَسن. وفي حديث ابن الزبير وهدمه الكعبة: فلما أَبرَزَ
عن رَبَضه دعا بكُبْرِه فنظروا إِليه أَي بمشايخه وكُبَرائه، والكُبْرُ
ههنا: جمع الأَكْبَرِ كأَحْمَر وحُمْر. وفلان إِكْبِرَّة قومه، بالكسر
والراء مشددة، أَي كُبْرُ قومه، ويستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث. ابن
سيده: وكُبْرُ وَلَدِ الرجل أَكْبَرُهم من الذكور، ومنه قولهم: الولاء
للكُبْر. وكِبْرَتُهم وإِكبِرَّتُهم: ككُبرهم. الأَزهري: ويقال فلان كُبُرُّ
ولد أَبيه وكُبُرَّةُ ولد أَبيه، الراء مشددة، هكذا قيده أَبو اليثم بخطه.
وكُبْرُ القوم وإِكْبِرَّتُهم: أَقعدهم بالنسب، والمرأَة في ذلك كالرجل،
وقال كراع: لا يوجد في الكلام على إِفْعِلٍّ إِكْبِرٌّ.
وكَبُرَ الأَمْرُ كِبَراً وكَبارَةً: عَظُمَ. وكلُّ ما جَسُمَ، فقد
كَبُرَ. وفي التنزيل العزيز: قُلْ كُونُوا حجارَةً أَو حديداً أَو خلقاً مما
يَكْبُر في صدوركم؛ معناه كونوا أَشد ما يكون في أَنفسكم فإِني أُمِيتكم
وأُبْلِيكم. وقوله عز وجل: وإِن كانت لَكَبيرةً إِلا على الذين هَدَى
اللهُ؛ يعني وإِن كان اتباعُ هذه القبلة يعني قبلة بيت المقدس إِلاَّ
فَعْلَة كبيرة؛ المعنى أَنها كبيرة على غير المخلصين، فأَما من أَخلص فليست
بكبيرة عليه. التهذيب: إِذا أَردت عِظَمَ الشيء قلت: كَبُرَ يَكْبُرُ
كِبَراً، كما لو قلت: عَظُمَ يَعظُم عِظَماً. وتقول: كَبُرَ الأَمْرُ يَكْبُر
كَبارَةً. وكُِبْرُ الشيء أَيضاً: معظمه. ابن سيده: والكِبْرُ معظم الشيء،
بالكسر، وقوله تعالى: والذي تولى كِبْرَه منهم له عذاب عظيم؛ قال ثعلب:
يعني معظم الإِفك؛ قال الفراء: اجتمع القراء على كسر الكاف وقرأَها
حُمَيْدٌ الأَعرج وحده كُبْرَه، وهو وجه جيد في النحو لأن العرب تقول: فلان
تولى عُظْمَ الأَمر، يريدون أَكثره؛ وقال ابن اليزيدي: أَظنها لغة؛ قال
أَبو منصور: قاسَ الفراء الكُبْرَ على العُظْمِ وكلام العرب على غيره. ابن
السكيت: كِبْرُ الشيء مُعْظَمُه، بالكسر؛ وأَنشد قول قَيْسِ بن
الخَطِيمِ:تَنامُ عن كِبْرِ شأْنِها، فإِذا
قامَتْ رُوَيْداً، تَكادُ تَنْغَرِفُ
وورد ذلك في حديث الإِفك: وهو الذي تَوَلَّى كِبْرَه أَي معظمه، وقيل:
الكِبر الإِثم وهو من الكبيرة كالخِطْءِ من الخَطيئة. وفي الحديث أَيضاً:
إِن حسان كان ممن كَبَّر عليها. ومن أَمثالهم: كِبْرُ سِياسَةِ الناس في
المال. قال: والكِبْرُ من التَّكَبُّرِ أَيضاً، فأَما الكُبْرُ، بالضم،
فهو أَكْبَرُ ولد الرجل. ابن سيده: والكِبْرُ الإِثم الكبير وما وعد الله
عليه النار. والكِبْرَةُ: كالكِبْرِ، التأْنيث على المبالغة.
وفي التنزيل العزيز: الذين يَجْتَنِبُون كبائرَ الإِثم والفَواحشَ.وفي
الأَحاديث ذكر الكبائر في غير موضع، واحدتها كبيرة، وهي الفَعْلةُ
القبيحةُ من الذنوب المَنْهِيِّ عنها شرعاً، العظيم أَمرها كالقتل والزنا
والفرار من الزحف وغير ذلك، وهي من الصفات الغالبة. وفي الحديث عن ابن عباس:
أَن رجلاً سأَله عن الكبائر: أَسَبْعٌ هي ففقال: هي من السبعمائة أَقْرَبُ
إِلا أَنه لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إِصرار. وروى مَسْرُوقٌ قال:
سُئِلَ عبد الله عن الكبائر فقال: ما بين فاتحة النساء إِلى رأْس
الثلثين.
ويقال: رجل كَبِير وكُبارٌ وكُبَّارٌ؛ قال الله عز وجل: ومَكَرُوا
مَكْراً كُبَّاراً. وقوله في الحديث في عذاب القبر: إِنهما ليعذبان وما
يُعَذَّبان في كَبير أَي ليس في أَمر كان يَكْبُر عليهما ويشق فعله لو أَراداه،
لا أَنه في نفسه غير كبير، وكيف لا يكون كبيراً وهما يعذبان فيهف وفي
الحديث: لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة خردل من كِبر؛ قال ابن
الأَثير: يعني كِبْرَ الكفر والشرك كقوله تعالى: إِن الذين يستكبرون عن عبادتي
سيدخلون جهنم داخرين؛ أَلا تَرى أَنه قابله في نقيضه بالإِيمان فقال: ولا
يَدْخُلُ النارَ من في قلبه مثل ذلك من الإِيمان؛ أَراد دخول تأْبيد؛
وقيل: إِذا دَخَلَ الجنةَ نُزِعَ ما في قلبه من الكِبر كقوله تعالى: ونزعنا
ما في صدورهم من غِلٍّ؛ ومنه الحديث: ولكنّ الكِبْرَ مَن بَطِرَ الحَقَّ؛
هذا على الحذف، أَي ولكنّ ذا الكبر مَن بَطِرَ، أَو ولكنَّ الكِبْرَ
كِبْرُ من بَطِر، كقوله تعالى: ولكنَّ البِرَّ من اتقى. وفي الحديث: أَعُوذ
بك من سُوءِ الكِبر؛ يروى بسكون الباء وفتحها، فالسكون من هذا المعنى،
والفتح بمعنى الهَرَم والخَرَفِ. والكِبْرُ: الرفعة في الشرف. ابن
الأَنباري: الكِبْرِياء الملك في قوله تعالى: وتكون لكما الكبرياء في الأَرض؛ أَي
الملك. ابن سيده: الكِبْر، بالكسر، والكبرياء العظمة والتجبر؛ قال كراع:
ولا نظير له إِلا السِّيمِياءُ العَلامةُ، والجِرْبِياءُ الريحُ التي
بين الصَّبا والجَنُوب، قال: فأَما الكِيمياء فكلمة أَحسبها أَعجمية. وقد
تَكَبَّر واستكْبَر وتَكابَر وقيل تَكَبَّرَ: من الكِبْر، وتَكابَر: من
السِّنّ. والتكَبُّر والاستِكبار: التَّعظّم. وقوله تعالى: سأَصْرِفُ عن
آياتيَ الذين يَتَكَبَّرون في الأَرض بغير الحق؛ قال الزجاج: أَي أَجْعَلُ
جزاءَهم الإِضلال عن هداية آياتي؛ قال: ومعى يتكبرون أَي أَنهم يَرَوْنَ
أَنهم أَفضل الخلق وأَن لهم من الحق ما ليس لغيرهم، وهذه الصفة لا تكون
إِلا لله خاصة لأَن الله، سبحانه وتعالى، هو الذي له القدرة والفضل الذي
ليس لأَحد مثله، وذلك الذي يستحق أَن يقال له المُتَكَبِّر، وليس لأَحد
أَن يتكبر لأَن الناس في الحقوق سواء، فليس لأَحد ما ليس لغيره فالله
المتكبر، وأَعْلَم اللهُ أَن هؤلاء يتكبرون في الأَرض بغير الحق أَي هؤلاء هذه
صفتهم؛ وروي عن ابن العباس أَنه قال في قوله يتكبرون في الأَرض بغير
الحق: من الكِبَر لا من الكِبْرِ أَي يتفضلون ويَرَوْنَ أَنهم أَفضل الخلق.
وقوله تعالى: لَخَلْقُ السموات والأَرض أَكبر من خلق الناس؛ أَي أَعجب.
أَبو عمرو: الكابِرُ السيدُ، والكابِرُ الجَدُّ الأَكْبَرُ. والإِكْبِرُ
والأَكْبَرُ: شيء كأَنه خبيص يابس فيه بعض اللين ليس بشمع ولا عسل وليس
بشديد الحلاوة ولا عذب، تجيء النحل به كما تجيء بالشمع.
والكُبْرى: تأْنيث الأَكْبَر والجمع الكُبَرُ، وجمع الأَكْبَرِ
الأَكابِرُ والأَكْبَرُون، قال: ولا يقال كُبْرٌْ لأَن ههذ البنية جعلت للصفة
خاصة مثل الأَحمر والأَسود، وأَنت لا تصف بأَكبر كما تصف بأَحمر، لا تقول
هذا رجل أَكبر حتى تصله بمن أَو تدخل عليه الأَلف واللام. وفي الحديث:
يَوْم الحَجِّ الأَكْبَرِ، قيل: هو يوم النحر، وقيل: يوم عرفة، وإِنما سمي
الحج الأَكبر لأَنهم يسمون العمرة الحج الأَصغر. وفي حديث أَبي هريرة:
سَجَدَ أَحدُ الأَكْبَرَيْنِ في: إِذا السماءُ انشَقَّتْ؛ أَراد الشيخين أَبا
بكر وعمر. وفي حديث مازِنٍ: بُعِثَ نبيّ من مُضَر بدين الله الكُبَر،
جمع الكبرى؛ ومنه قوله تعالى: إِنها لإِحدى الكُبَرِ، وفي الكلام مضاف
محذوف تقديره بشرائع دين الله الكُبَرِ. وقوله في الحديث: لا تُكابِرُوا
الصلاةَ بمثلها من التسبيح في مقام واحد كأَنه أَراد لا تغالبوها أَي خففوا
في التسبيح بعد التسليم، وقيل: لا يكن التسبيح الذي في الصلاة أَكثر منها
ولتكن الصلاة زائدة عليه. شمر: يقال أَتاني فلان أَكْبَرَ النهار وشَبابَ
النهار أَي حين ارتفع النهار، قال الأَعشى:
ساعةً أَكْبَرَ النهارُ، كما شدَّ
مُحِيلٌ لَبُونَه إِعْتاما
يقول: قتلناهم أَول النهار في ساعة قَدْرَ ما يَشُدّ المُحِيلُ أَخْلافَ
إِبله لئلا يَرْضَعَها الفُصْلانُ. وأَكْبَر الصبيُّ أَي تَغَوَّطَ، وهو
كناية.
والكِبْرِيتُ: معروف، وقولهم أَعَزُّ من الكبريت الأَحمر، إِنما هو
كقولهم: أَعَزُّ من بَيْضِ الأَنُوقِ. ويقال: ذَهَبٌ كِبْرِيتٌ أَي خالص؛ قال
رُؤْبَةُ ابنُ العَجَّاج بن رؤبة:
هل يَنْفَعَنّي كذبٌ سِخْتِيتُ،
أَو فِضَّةٌ أَو ذَهَبٌ كِبْرِيتُ؟
والكَبَرُ: الأَصَفُ، فارسي معرب. والكَبَرُ: نبات له شوك. والكَبَرُ:
طبل له وجه واحد. وفي حديث عبد الله بن زيد صاحب الأَذان: أَنه أَخَذَ
عوداً في منامه ليتخذ منه كَبَراً؛ رواه شمر في كتابه قال: الكبر بفتحتين
الطبلُ فيما بَلَغَنا، وقيل: هو الطبل ذو الرأْسين، وقيل: الطبل الذي له
وجه واحد. وفي حديث عطاء: سئل عن التعويذ يعلق على الحائط، فقال: إِن كان
في كَبَرٍ فلا بأْس أَي في طبل صغير، وفي رواية: إِن كان في قَصَبَةٍ،
وجمعه كِبارٌ مثل جَمَلٍ وجِمالٍ.
والأَكابِرُ: إَحياء من بكر بن وائل، وهم شَيْبانُ وعامر وطلحة من بني
تَيْم الله بن ثعلبة بن عُكابَة أَصابتهم سنة فانْتَجَعُوا بلادَ تَميم
وضَبَّةَ ونزلوا على بَدْرِ بن حمراء الضبي فأَجارهم ووفى لهم، فقال بَدْرٌ
في ذلك:
وَفَيْتُ وفاءً لم يَرَ الناسُ مِثْلَهُ
بتِعشارَ، إِذ تَحْبو إِليَّ الأَكابِرُ
والكُِبْرُ في الرِّفْعةِ والشَّرَف؛ قال المَرَّارُ:
ولِيَ الأَعْظَمُ من سُلاَّفِها،
ولِيَ الهامَةُ فيها والكُبُرْ
وذُو كِبار: رجل. وإِكْبِرَةُ وأَكْبَرَةُ: من بلاد بني أَسد؛ قال
المَرَّارُ الفَقْعَسيّ:
فما شَهِدَتْ كَوادِسُ إِذْ رَحَلْنا،
ولا عَتَبَتْ بأَكْبَرَةَ الوُعُولُ
بكم: البَكَمُ: الخرَسُ مع عِيٍّ وبَلَهٍ، وقيل: هو الخرَس ما كان، وقال
ثعلب: البَكَمُ أَنْ يُولَدَ الإنسانُ لا يَنْطِق ولا يَسْمَع ولا
يُبْصِر، بَكِمَ بَكَماً وبَكامةً، وهو أَبْكَمُ وبَكِيمٌ أَي أَخْرَس بَيِّن
الخَرَس. وقوله تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عْمْيٌ؛ قال أَبو إِسحق: قيل معناه
أَنهم بمنزلة من وُلد أَخْرَس، قال: وقيل البُكْمُ هنا المَسْلُوبُو
الأَفئدة. قال الأَزهري: بَيْن الأَخْرسِ والأبْكَمِ فَرقٌ في كلام العرَب:
فالأَخْرسُ خُلِقَ ولا نُطْقَ له كالبَهيمة العَجْماء، والأَبْكَم الذي
للسانه نُطْقٌ وهو لا يعْقِل ألجوابَ ولا يُحْسِن وَجْه الكلام. وفي حديث
الإيمان: الصُّمّ البُكْمُ؛ قال ابن الأَثير: البُكُم جمع الأَبْكَم وهو
الذي خُلِقَ أَخْرَس، وأَراد بهم الرَّعاعَ والجُهَّالَ لأَنهم لا ينتفعون
بالسَّمْع ولا بالنُّطْق كبيرَ منْفعةٍ فكأَنهم قد سُلِبُوهُما؛ ومنه
الحديث: سَتكونُ فِتنةٌ صَمَّاءُ بَكْماءُ عَمْياءُ؛ أَراد أَنها لا تَسْمَع
ولا تُبْصِر ولا تَنْطِق فهي لذهاب حَواسِّها لا تُدْرِك شيئاً ولا
تُقلِع ولا تَرْتَفِع، وقيل: شَبَّههَا لاخُتِلاطِها وقَتْل البريء فيها
والسَّقِيم بالأَصَمّ الأَخْرس الأَعمى الذي لا يَهْتَدِي إلى شيء، فهو
يَخْبِطُ خَبْطَ عَشْواء. التهذيب في قوله تعالى في صِفَة الكُفَّار: صُمٌّ
بُكْمٌ عُمْيٌ؛ وكانوا يَسْمَعون ويَنْطِقُون ويُبْصرون ولكنهم لا يعُون ما
أَنزل الله ولا يتكلَّمون بما أُمروا به، فهم بمنزِلة الصُّمِّ البُكْمِ
العُمْي. والبَكِيمُ: الأَبْكَمُ، والجمع أَبْكامٌ؛ وأَنشد الجوهري:
فَلَيْتَ لِساني كانَ نِصْفَيْنِ: منهما
بَكِيمٌ ونِصفٌ عند مَجْرَى الكَواكِب
وبَكُمَ: انقَطع عن الكلام جَهْلاً أَو تَعَمُّداً. الليث: ويقال للرجل
إذا امتنَع من الكلام جَهْلاً أو تَعمُّداً: بَكُمَ عن الكلام. أَبو زيد
في النوادر: رجلٌ أَبْكَم وهو العَييُّ المُفْحَم، وقال في موضع آخر:
الأَبْكَم الأَقْطَع اللسان، وهو العَييُّ بالجَواب الذي لا يُحسِن وجه
الكلام. ابن الأَعرابي: الأَبْكَمُ الذي لا يَعْقِل الجَواب، وجمع الأَبْكَم
بُكْمٌ وبُكْمان، وجمع الأَصَمِّ صُمٌّ وصُمَّانٌ.
درب: الدَّرْبُ: مَعروف. قالوا: الدَّرْبُ بابُ السِّكَّة الواسِعُ؛ وفي التهذيب: الواسِعة، وهو أَيضاً البابُ الأَكبَر، والمعنى واحدٌ، والجمع دِرابٌ. أَنشد سيبويه:
مِثْل الكِلابِ، تَهِرُّ عند دِرابِها، * ورِمَتْ لهَازِمُها مِنَ الخِزْبازِ
وكلُّ مَدْخلٍ إِلى الرُّومِ: دَرْبٌ من دُرُوبِها. وقيل: هو بفتح الراءِ، للنافِذِ منه، وبالسكون لغيرِ النَّافِذِ. وأَصل الدَّرْبِ: المضِيقُ في الجِبالِ؛ ومنه قَولُهُم: أَدْرَب القومُ إِذا دَخَلُوا أَرضَ العَدُوِّ من بلادِ الرُّوم. وفي حديث جَعْفرِ بنِ عمرو: وأَدْرَبْنا أَي دَخَلْنا الدَّرْبَ. والدَّرْبُ: الـمَوْضِعُ الذي يُجْعلُ فيه التَّمْرُ لِيَقِبَّ.
ودَرِبَ بالأَمـْرِ دَرَباً ودُرْبَةً، وتَدَرَّبَ: ضَرِيَ؛ ودَرَّبَه به وعليه وفيه: ضَرَّاهُ.
والـمُدَرَّبُ من الرِّجالِ: الـمُنَجَّذُ. والـمُدَرَّبُ: الـمُجَرَّبُ. وكلُّ ما في معناه مـما جاءَ على بِناءِ مُفَعَّلٍ، فالكسر والفتح فيه جائزٌ في عَيْنِه، كالـمُجَرَّبِ والـمُجَرَّسِ ونحوه، إِلاَّ الـمُدَرَّبَ. وشيخٌ مُدَرَّبٌ أَي مُجَرَّبٌ. والـمُدَرَّب أَيضاً: الذي قد أَصابَتْه البَلايا، ودَرَّبَتْه الشَّدائِد، حتى قَوِيَ ومَرِنَ عليها؛ عن اللحياني، وهو من ذلك.
والدُّرَّابَة: الدُّرْبَة والعادة؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
والحِلْمُ دُرَّابةٌ، أَو قُلْتَ مَكْرُمةٌ، * ما لم يُواجِهْكَ يوماً فيه تَشْمِيرُ
والتَّدْريبُ: الصَّبْرُ في الحَرْبِ وقْتَ الفِرارِ، ويقال: دَرِبَ.
وفي الحديث عن أَبي بكر، رضي اللّه عنه: لا تَزالون تَهْزِمونَ الرُّومَ، فإِذا صاروا إِلى التَّدْريبِ، وقَفَتِ الحَرْبُ؛ أَراد الصَّبْر في الحربِ وقتَ الفِرارِ؛ قال: وأَصلُه من الدُّرْبة: التَّجْرِبةِ، ويجوز أَن يكون من الدُّروبِ، وهي الطُّرُقُ، كالتَّبْويبِ من الأَبْوابِ؛ يعني أَن المسالِكَ تَضِيقُ، فَتَقِفُ الحَرْبُ.
وفي حديث عمران بن حصين: وكانتْ ناقة مُدَرَّبةً أَي مُخَرَّجةً
مُؤَدَّبةً، قد أَلِفَتِ الرُّكُوبَ والسَّيرَ أَي عُوِّدَتِ الـمَشْيَ في الدُّروبِ، فصارَتْ تَأْلَفُها وتَعْرِفُها ولا تَنْفِرُ.
والدُّرْبةُ: الضَّراوة. والدُّرْبةُ: عادةٌ وجُرْأَةٌ على الحَرْبِ وكلِّ أَمرٍ.
وقد دَرِبَ بالشيءِ يَدْرَبُ، ودَرْدَبَ به إِذا اعتادَه وضَرِيَ به.
تقول: ما زِلْتُ أَعْفُو عن فلانٍ، حتى اتَّخذَها دُرْبةً؛ قال كعب بن
زهير:
وفي الحِلْمِ إِدْهانٌ، وفي العَفْوٍ دُرْبةٌ، * وفي الصِّدقِ منْجاةٌ من الشَّرِّ، فاصْدُقِ
قال أَبو زيد: دَرِبَ دَرَباً، ولَهِجَ لَهجاً، وضَرِيَ ضَرًى إِذا
اعْتادَ الشيءَ وأُولِعَ به.
والدَّارِبُ: الحاذِقُ بصناعتِه.
والدَّارِبةُ: العاقِلة. والدَّارِبةُ أَيضاً: الطَّبَّالة. وأَدْرَب إِذا صَوّت بالطَّبْل.
ومن أَجناسِ البَقَر: الدِّرابُ، مـما رَقَّتْ أَظْلافُه، وكانت له
أَسْنِمَةٌ، ورَقَّتْ جُلُودُه، واحدُها دَرْبانِيٌّ؛ وأَما العِرابُ: فما
سَكَنَتْ سَرَواتُه، وغَلُظَت أَظلافُه وجُلودُه، واحدُها عَرَبِيٌّ؛
وأَما الفِراشُ: فما جاءَ بين العِرابِ والدِّرَابِ، وتكون لها أَسْنِمَةٌ
صغارٌ، وتَسْتَرْخي أَعيابُها، الواحِدُ فَريشٌ.
ودَرَّبْتُ البازِيَّ على الصيد أَي ضَرَّيْته. ودَرَّبَ الجارحة:
ضَرَّاها على الصيد. وعُقابٌ دارِبٌ ودَرِبة: كذلك.
وجَمَلٌ دَرُوبٌ ذَلولٌ: وهو من الدُّرْبة.
قال اللحياني: بَكْرٌ دَرَبوتٌ وتَرَبُوت أَي مُذَلَّلٌ؛ وكذلك ناقةٌ
دَرَبُوتٌ، وهي التي إِذا أَخَذْتَ بِمشْفَرِها، ونَهَزْتَ عينها،
تَبِعَتْكَ. وقال سيبويه: ناقةٌ تَرَبُوتٌ: خِيارٌ فارِهةٌ، تاؤُه بَدَلٌ من دال دَرَبُوتٍ. وقال الأَصمعيّ: كل ذَلُول تَرَبُوتٌ من الأَرض وغيرها، التاءُ في كلّ ذلك بدلٌ من الدَّالِ، ومن أَخَذَه من التُّرْبِ أَي إِنه في الذِّلَّة كالتُّرْب، فتاؤُه وضع غير مُبدلة.
وتَدَرَّبَ الرجلُ: تَهَدّأَ.
ودَرَابْ جِردَ: بَلَدٌ من بلادِ فارِسَ، النَّسَبُ إِليه دَرَاوَرْدِيٌّ، وهو من شاذّ النَّسَب.
ابن الأَعرابي: دَرْبَى فلانٌ فلاناً يُدَرْبِيه إِذا أَلقاه؛ وأَنشد:
اعْلَوَّطَا عَمْراً، ليُشْبِياهُ * في كلِّ سوءٍ، ويُدَرْبِياهُ
يُشْبِياهُ ويُدَرْبياه أَي يُلْقِيانه. ذكرها الأَزهري في الثلاثي هنا،
وفي الرُّباعي في دَرْبى.
الأَزهري في كتاب الليث: الدَّرَبُ داءٌ في الـمَعِدة. قال: وهذا عندي غلط، وصوابه الذَّرَبُ، داءٌ في الـمَعِدة، وسيأْتي ذكره في كتاب الذال المعجمة.
غلق: غَلَقَ الباب وأَغْلَقه وغَلَّقه؛ الأُولى عن ابن دريد عزاها إلى
أَبي زيد وهي نادرة، فهو مُغْلَق، وفي التنزيل: وغَلَّقَت الأبواب؛ قال
سيبويه: غَلَّقت الأبواب للتكثير، وقد يقال أَغْلَقت يراد بها التكثير،
قال: وهو عربيّ جيد. وباب غُلُق: مُغْلَقٌ، وهو فُعُل بمعنى مَفْعول مثل
قارُورَة، وباب فُتُح أَي واسع ضخم وجِذْع قُطُل، والاسم الغَلْقُ؛ ومنه قول
الشاعر:
وباب إذا ما مالَ للغَلْقِ يَصْرِف
ويقال: هذا من غَلَقْتُ الباب غَلْقاً، وهي لغة رديئة متروكة؛ قال أَبو
الأسود الدؤلي:
ولا أَقولُ لقِدْرِ القوم قد غَلِيَتْ،
ولا أَقولُ لباب الدَّار مَغْلوقُ
وقال الفرزدق:
ما زِلْتُ أَفتح أَبواباً وأُغْلِقها،
حتى أَتَيْتُ أَبا عَمْرو بنَ عَمَّارِ
قال أَبو حاتم السجستاني: يريد أَبا عمرو بن العلاء. وغَلِقَ البابُ
وانْغَلقَ واسْتَغْلق إذا عسر فتحه. والمِغْلاقُ: المِرْتاجُ. والغَلَقُ:
المِغْلاقُ، بالتحريك، وهو ما يُغْلَقُ به الباب ويفتح، والجمع أَغْلاق؛
قال سيبويه: لم يجاوزوا به هذا البناء؛ واستعاره الفرزدق فقال:
فبِتْنَ بجانِبَيَّ مُصَرَّعاتٍ،
وبِتُّ أَفُضّ أَغْلاقََ الخِتامِ
قال الفارسي: أَراد خِتام الأَغْلاقِ فقَلَب. وفي حديث قتل أَبي رافع:
ثم عَلَّقَ الأَغالِيقَ على وَدٍّ؛ هي المفاتيح، واحدها إغْلِيقٌ،
والغَلاقُ والمِغْلاق والمُغْلوق: كالغَلَق. واسْتَغْلَقَ عليه الكلام أَي
ارْتُتِجَ عليه. وكلام غَلِقٌ أي مشكل. وفي الحديث: لا طلاق ولا عَتاق في
إغْلاقٍ أَي في إكراه، ومعنى الإغْلاقِ الإكراه، لأن المُغْلَق مكرَهٌ عليه
في أَمره ومضيَّق عليه في تصرفه كأَنه يُغْلَقُ عليه الباب ويحبس ويضيّق
عليه حتى يطلِّق. وإغْلاقُ القاتل: إسلامه إلى وليّ المقتول فيَحْكم في
دمه ما شاء. يقال: أُغْلِق فلان بجَرِيرِتِه؛ وقال الفرزدق:
أَسارى حديدٍ أُغْلِقَتْ بدِمائها
والاسم منه الغَلاقُ؛ وقال عدي بن زيد:
وتقول العُداةُ: أَوْدَى عَدِيٌّ،
وبَنُوهُ قد أَيْقَنُوا بالغَلاقِ
ابن الأعرابي: أَغْلَقَ زيدٌ عمراً على شيء يفعله إذا أَكرهه عليه.
والمِغْلَقُ والمِغْلاق: السهم السابع من قِداح المَيْسِر. والمَغالِقُ:
الأَزْلام، وكل سهم في الميسِر مِغْلَق؛ قال لبيد:
وجَزُور أَيْسارٍ دَعَوْتُ، لحتْفِها،
بمَغالِقٍ متشابِهٍ أَجْرامُها
(* في معلقة لبيد: أجسامها بدل أجرامها: وفي رواية التبريزي: أعلامها أي
علاماتها).
والمَغالقُ: قِداح الميْسر؛ قال الأسود بن يَعْفُر:
إذا قحطت والزَّاجِرِين المَغالِقَا
الليث: المِغْلَقُ السهم السابع في مُضَعَّفِ المَيْسِر، وسمي مِغْلَقاً
لأنه يَسْتَغْلِقُ ما يبقى من آخر الميَسِر، ويُجْمَع مَغالِقَ، وأنشد
بيت لبيد:
وجَزُور أَيْسارٍ دعوت لحتفها
قال أَبو منصور: غلط الليث في تفسير قوله بمَغالق، والمَغالقُ من نُعُوت
قِداح المَيْسر التي يكون لها الفوز، وليست المَغالِقُ من أَسمائها، وهي
التي تُغْلِقُ الخَطَر فتوجبه للقامر الفائز كما يُغْلَقُ الرهنُ
لمستحقه؛ ومنه قول عمرو بن قَمِيئة:
بأَيديهمُ مَقْرُومةٌ ومَغالِق،
يعود بأَرْزاقِ العيالِ مَنِيحُها
ورجل غَلِقٌ: سيء الخلق. قال الليث: يقال احْتَدَّ فلان فَغَلِقَ في
حِدَّتِهِ أي نشب؛ وروى أَبو العباس أن ابن الأَعرابي أَنشده:
وقد جَعَلَ الرِّكُّ الضعيفُ يُسِيلُني
إليك، ويُشْريك القليلُ فتَغْلَقُ
قال: الرِّكُّ المطر الضعيف؛ يقول: إذا أَتاك عني شيء قليل غضبت وأنا
كذلك فمتى نَتَّفق؟ ومنه قوله: أنت تَئِق وأنا مَئِق فكيف نتفق؟ قال أَبو
منصور: معنى قوله يُسِيلني إليك أي يُغضبني فيغريني بك، ويُشْرِيكَ أي
يغضبك فتَغْلق أي تغضب وتحتدّ عليّ. ويقال: أُغْلِقَ فلان فَغَلِقَ غَلَقاً
إذا أُغضب فغضب واحتدّ. قال أبو بكر: الغَلِقُ الكثير الغضب؛ قال عمرو بن
شأْس:
فأَغْلَقُ مِنْ دونِ امْرِئٍ، إن أَجَرْتُهُ،
فلا تُبْتَغَى عوراتهُ غَلَقَ البَعْلِ
أي أَغضب غضباً شديداً. قال: والغَلِقُ الضيّق الخُلُق العسر الرضا.
وغَلِقَ في حِدَّته غَلَقاً: نشب، وكذلك الغِلِقُ في غير الأَناسي.
والغَلَقُ في الرهن: ضد الفك، فإذا فَكَّ الراهنُ الرهنَ فقد أَطلقه من وثاقه عند
مُرْتَهنه. وقد أَغْلَقْتُ الرهن فَغَلِقَ أي أوجبته فوجب للمرتهن؛ ومنه
الحديث: ورجل ارتبط فرساً ليُغالِقَ عليها أي ليراهن، وكأنه كره
الرِّهان في الخيل إذ كان على رسم الجاهلية. قال سيبويه: وغَلِقَ الرَّهْنُ في
يد المرتهن يَغْلق غَلَقاً وغُلُوقاً، فهو غَلِقٌ، استحقه المرتهن، وذلك
إذا لم يُفْتَكّ في الوقت المشروط. وفي الحديث: لا يغْلَق الرهن بما فيه؛
قال زهير يذكر امرأَة:
وفارَقَتْكَ برَهْنٍ لا فكاكَ لَهُ،
يوم الوَدَاع، فأَمْسَى الرَّهْنُ قد غَلِقا
يعني أنها ارتهنت قلبه ورهنت به؛ وأَنشد شمر:
هل من نَجازٍ لمَوْعودٍ بَخِلْت به؟
أو للرَّهين الذي اسْتَغْلَقْت من فادي؟
وأنشد ابن الأعرابي لأوس بن حجر:
على العُمْرِ، واصطادَتْ فؤاداً كأنه
أَبو غَلِقٍ، في ليلتين، مؤجَّل
وفسره فقال: أَبو غَلِقٍ أي صاحب رهن غَلِقَ، أَجله ليلتان أن يُفَكّ،
وغَلِقَ أي ذهب. ويقال: غَلِقَ الرهنُّ يَغْلَقُ غُلُوقاً إذا لم يوجد له
تخلص وبقي في يد المرتهن لا يقدر راهنه على تخليصه، والمعنى أنه لا
يستحقه المرتهن إذا لم يَسْتَفِكَّه صاحبُه. وكان هذا من فعل الجاهلية أن
الراهن إذا لم يُؤدِّ ما عليه في الوقت المعين مَلَكَ المرتهنُ الرَّهْنَ،
فأَبطله الإسلام. وقوم مَغَاليقُ: يَغْلَقُ الرهن على أَيديهم. وقال ابن
الأَعرابي في حديث داحسٍ والغبراء: إن قيساً أتى حذيفة بن بدرٍ فقال له
حذيفة: ما غَدَا بك؟ قال: غَدَوْتُ لأواضِعَك الرِّهانَ؛ أراد بالواضعة
إبطال الرِّهان أي أَضعه وتَضعه، فقال حذيفة: بل غدوتَ لتُغْلِقَهُ أي لتوجبه
وتؤكده. وأَغْلَقْتُ الرهن أي أَوجبته فَغَلِقَ للمرتهن أي وجب له. وقال
أبو عبيد: غَلِقَ الرهنُ إذا استحقه المرتهن غَلَقاً. وروي عن النبي،
صلى الله عليه وسلم: لا يغْلَقُ الرهن أي لا يستحقه المرتهن إذا لم يَرُدَّ
الراهن ما رهنه فيه، وكان هذا من فعل الجاهلية فأَبطله النبي، صلى الله
عليه وسلم، بقوله: لا يغْلَقُ الرهنُ. أَبو عمرو: الغَلَقُ الضَّجَر.
ومكان غَلِقٌ وضَجِرٌ أي ضيق، والضَّجْرُ الاسم، والضَّجَرُ المصدر.
والغَلَقُ: الهلاك؛ ومعنى لا يَغْلَق الرهنُ أي لا يهلك. وفي كتاب عمر إلى أبي
موسى: إياك والغَلَقَ؛ قال المبرد: الغلق ضيق الصدر وقلة الصبر. وأَغْلَقَ
عليه الأمرُ إذا لم يَنْفسح. وغَلِقَ الأسيرُ والجاني، فهو غَلِقٌ: لم
يُفْدَ؛ قال أَبو دَهْبَلٍ:
ما زِلْتَ في الغَفْرِ للذنوب وإطْـ
لاقٍ لِعَانٍ، بجُرْمِه، غَلِق
شمر: يقال لكل شيء نَشِبَ في شيء فلزمه قد غَلِقَ، غَلِقَ في الباطل،
وغَلِقَ في البيع، وغَلَق بيعه فاسْتَغْلَقَ
(* قوله «وغلق بيعه فاستغلق»
هكذا هو بهذا الضبط في الأصل).
واسْتَغْلَق الرجلُ إذا أُرْتِجَ عليه فلم يتكلم. وقال ابن شميل:
اسْتَغْلَقَني فلان في بَيْعي إذا لم يجعل لي خياراً في ردِّه، قال:
واسْتَغْلَقتُ على بيعته؛ وأَنشد شمر للفرزدق:
وعَرَّد عن بَنِيهِ الكَسْبَ منه،
ولو كانوا أُولي غَلَقٍ سِغَابا
أُولي غَلَقٍ أي قد غَلِقُوا في الفقر والجوع. جمل غَلْق وغَلْقَةٌ إذا
هزل وكبر. النوادر: شيْخٌ غَلْقٌ وجمل غَلْقٌ، وهو الكبير الأعْجَفُ.
وغَلِقَ ظهرُ البعير غَلَقاً، فهو غَلِقٌ: انتقض دَبَرهُ تحت الأَدَاةِ
وكثُر غَلَقاً لا يبرأُ. ويقال: إن بعيرك لغَلِقُ الظهر، وقد غَلِقَ ظهرهُ
غَلَقاً، وهو أَن ترى ظهره أَجْمَعَ جُلُْبَتَين آثار دبَرٍ قد برأَت فأَنت
تنظر إلى صفحتيه تَبْرُقان. ابن شميل: الغَلَقُ شرُّ دَبَر البعير لا
يقدر أن تُعادَى الأَداةُ عنه أي ترفع عنه حتى يكون مرتفعاً، وقد عادَيْت
عنه الأَداةَ: وهو أن تجوب عنه القَتَب والحِلْس. وفي حديث جابر: شفاعة
النبي، صلى الله عليه وسلم، لمن أوثَقَ نفسَه وأَغْلَقَ ظهرَه. وغَلِقَ
ظهرُ البعير إذا دَبِرَ، وأَغْلَقَهُ صاحبه إذا أَثقل حمله حتى يَدْبَرَ؛
شبه الذنوب التي أَثقلت ظهر الإنسان بذلك. وغَلِقَت النخلة غَلَقاً، فهي
غَلِقةٌ: دوَّدَتْ أُصول سَعَفها وانقطع حَمْلُها.
والغِلْقةُ والغَلْقةُ: شجرة يَعْطِنُ بها أَهلُ الطائف وقال أَبو
حنيفة: الغَلْقة شجرة لا تطاق حِدَّة يَتَوَقَّعُ جانيها علي عينيه من بخارها
أو مائها، وهي التي تُمَرَّطُ بها الجلود فلا تترك عليها شعرة ولا لحمة
إلاَّ حلقته؛ قال المرار:
جَرِبْنَ فلا يُهْنَأْنَ إلاَّ بِغَلْقَةٍ
عَطِينٍ، وأَبوالِ النِّساءِ القَواعِدِ
وأورد الأزهري هذا البيت ونسبه لمزَزَّدّ. ابن السكيت: إهَابٌ مَغْلُوق
إذا جعلت فيه الغَلْقَة حين يُعْطَنُ، وهي شجرة تَعْطِنُ بها أهل الطائف،
وقال مرة: هي عشبة تجفَّف وتطحن ثم تُضْرَبُ بالماء وتنقع فيها الجلود
فتمرّط، وربما خلطت بها شجرة تسمى الشَّرْجَبان، يقال منه أَديم مَغْلوق.
وقال مرة: الغَلْقةُ، بالفتح، عن البكري وغيره، والغِلْقَةُ، بالكسر، عن
أَعرابي من ربيعة، كلاهما: شجرة تشبه العِظْلِمَ مُرَّة جدّاً ولا
يأْكلها شيء، والحبشة يطبخونها ثم يطلون بمائها السلاح فلا يصيب شيئاً إلا
قتله.وغَلاَّق: اسم رجل من بني تميم. وغَلاَّق: قبيلة أَو حيّ؛ أنشد ابن
الأَعرابي:
إذا تَجَلَّيْتَ غَلاَّقاً لِتَعْرِقَها،
لاحَتْ من اللُّؤْمِ في أَعْناقها الكُتبُ
إنِّي وأَتْيَ ابنِ غَلاَّقٍ لِيَقْرِيَني،
كغابط الكلب يَبْغي النِّقْيَ في الذَّنَبِ
ويروى: يبغي الطِّرْقَ، ويروى: يرجو الطِّرْق.
رجج: الرَّجاجُ، بالفتح: المهازيل من الناس والإِبل والغنم؛ قال
القُلاخُ بنُ حَزْنٍ:
قد بَكَرَتْ مَحْوَةُ بالعَجَاجِ،
فَدَمَّرَتْ بَقِيَّةَ الرَّجاجِ
مَحوَة: اسم علم لريح الجَنُوب. والعجاج: الغبار. ودَمَّرَت: أَهلكت.
ونعجة رَجَاجَةٌ: مهزولة. والإِبل رَجْراجٌ، وناس رَجْراجٌ: ضُعَفَاء لا
عقول لهم. الأَزهري في أَثناء كلامه على هملج؛ وأَنشد:
أَعطى خَليلي نَعْجَةً هِمْلاجَا
رَجَاجَةً، إِنَّ لها رَجَاجَا
قال: الرَّجاجة الضعيفة التي لا نِقْيَ لها؛ ورجال رَجَاجٌ: ضعفاء.
التهذيب: الرَّجاجُ الضُّعَفاءُ من الناس والإِبل؛ وأَنشد:
أَقْبَلْنَ، مِنْ نِيرٍ ومِنْ سُواجِ،
بالقَوْمِ قد مَلُّوا من الإِدْلاجِ،
يَمْشُونَ أَفْواجاً إِلى أَفْوَاجِ،
مَشْيَ الفَرَارِيجِ مع الدَّجَاجِ،
فَهُمْ رَجَاجٌ وعلى رَجَاجِ
أَي ضعفوا من السير وضعفت رواحلهم.
ورِجْرِجَةُ الناس: الذين لا خير فيهم. والرِّجْرِجةُ: شِرارُ الناس.
وفي حديث الحسن
(* قوله «وفي حديث الحسن» أَي لما خرج يزيد ونصب رايات
سوداً، وقال: أدعوكم إلى سنة عمر بن عبد العزيز. فقال الحسن في كلام له: نصب
قصباً علق عليها خرقاً ثم اتبعه رجرجة من الناس، رعاع هباء. والرجرجة،
بكسر الراءين: بقية الحوض كدرة خاثرة تترجرج. شبه بها الرذال من الأتباع في
أنهم لا يغنون عن المتبوع شيئاً كما لا تغني هي عن الشارب؛ وشبههم أيضاً
بالهباء، وهو ما يسطع مما تحت سنابك الخيل. وهبا الغبار يهبو وأهبى
الفرس، كذا بهامش النهاية.) أَنه ذكر يزيد بن المهلب، فقال: نَصَبَ قَصَباً
عَلَّقَ فيها خِرَقاً، فاتَّبَعَهُ رِجْرِجةٌ من الناس؛ شمر: يعني رُذال
الناس ورِعاعهم الذين لا عقول لهم؛ يقال: رِجْراجَة من الناس ورِجْرجَةٌ.
الكلابيّ: الرِّجْرِجَةُ من القوم: الذين لا عقل لهم. وفي حديث عمر بن
عبد العزيز: الناس رَجاجٌ بعد هذا الشيخ، يعني مَيْمُونَ ابنَ مِهْرانَ؛ هم
رِعاعُ الناس وجُهَّالُهم. ويقال للأَحمق: إِن قبلبك لكثيرُ
الرَّجْرَجَةِ؛ وفلانٌ كثير الرَجْرِجَةِ أَي كثير البُزاق. والرَّجْرِجَةُ: الجماعة
الكثيرة في الحرب. والرَّجاجَةُ: عِرِّيسَةُ الأَسد.
ورَجَّةُ القوم: اختلاط أَصواتهم، ورَجَّةُ الرَّعد: صوته.
والرَّجُّ: التحريك؛ رَجَّهُ يَرُجُّهُ رَجّاً: حَرَّكَهُ وزَلْزَلَه
فارْتَجَّ، ورَجْرَجَهُ فَتَرَجْرَجَ. والرَّجُّ: تحريكك شيئاً كحائط إِذا
حركته، ومنه الرَّجْرَجَةُ، قال الله تعالى: إِذا رُجَّتِ الأَرضُ
رَجًّا؛ معنى رُجَّتْ: حُرِّكَتْ حركة شديدة وزُلْزِلَتْ. والرَجْرَجَةُ:
الاضطراب.
وارْتَجَّ البحر وغيره: اضطرب؛ وفي الحديث: من ركب البحر حين يَرْتَجُّ
فقد برئت منه الذمة، يعني إِذا اضطربت أَمواجه؛ وهو افْتَعَلَ من
الرَّجِّ، وهو الحركة الشديدة؛ ومنه: إِذا رُجَّتِ الأَرضُ رَجًّا. وروي
أَرْتَجَ من الإِرتاج الإِغْلاق، فإِن كان محفوظاً، فمعناه أَغلق عن أَن يركب،
وذلك عند كثرة أَمواجه؛ ومنه حديث النفخ في الصور: فَتَرْتَجُّ الأَرض
بأَهلها أَي تضطرب؛ ومنه حديث ابن المسيب: لما قبض رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، ارْتَجَّتْ مكةُ بِصَوْتٍ عالٍ. وفي ترجمة رخخ: رَخَّه شَدَخَه؛
قال ابن مقبل:
فَلَبَّدَهُ مَسُّ القِطارِ، ورَخَّه
نِعاجٌ رَوافٍ، قَبْلَ أَن يَتَشَدَّدا
قال: ويروى ورَجَّه، بالجيم؛ ومنه حديث عليٍّ، عليه السلام: وأَما شيطان
الرَّدْهَةِ فقد لقِيتُه بِصعْقةٍ سمِعتُ لها وَجْبَةَ قَلْبِه ورَجَّةَ
صدره؛ وحديث ابن الزبير: جاء فَرَجَّ البابَ رَجّاً شديداً أَي زعزعه
وحركه. وقيل لابنةِ الخُسِّ: بمَ تعرفين لِقاحَ ناقتك؟ قالت: أَرى العَيْنَ
هاجَ، والسَّنَامَ راجَ، وتَمْشي وتَفَاجَ. وقال ابن دريد: وأُراها
تَفَاجُّ ولا تبول مكان قوله وتمشي وتَفاج؛ قالت: هاجَ فذكَّرَتِ العَيْنَ
حملاً لها على الطرْف أَو العضو، وقد يجوز أَن تكون احتملت ذلك للسجع.
والرَّجَجُ: الاضطراب. وناقة رَجَّاءُ: مضطربة السَّنامِ؛ وقيل: عظيمة
السَّنامِ.
وكَتِيبَةٌ رَجْراجَة: تَمَخَّضُ في سيرها ولا تكاد تسير لكثرتها؛ قال
الأَعشى:
ورَجْراجَةٍ، تَغْشَى النَّواظِرَ، فَخْمَةٍ،
وكُومٍ، على أَكْنَافِهِنَّ الرَّحائِلُ
وامرأَة رَجْراجَةُ: مُرْتَجَّةُ الكَفَلِ يَتَرَجْرَجُ كفلها ولحمها.
وتَرَجْرَجَ الشيءُ إِذا جاء وذهب.
وثَرِيدَةٌ رِجْراجَةٌ: مُلَيَّنَةٌ مُكْتَنِزَةٌ.
والرِّجْرِجُ: ما ارْتَجَّ من شيء. التهذيب: الارْتِجاجُ مطاوعة
الرَّجِّ.
والرِّجْرِجُ والرِّجْرِجَةُ، بالكسر: بقية الماء في الحوض؛ قال
هِمْيانُ بنُ قُحافَةَ:
فَأَسْأَرَتْ في الحَوْضِ حِضْجاً حاضِجَا،
قَدْ عادَ من أَنْفاسِها رَجَارِجَا
الصحاح: والرِّجْرِجَةُ، بالكسر، بقيةُ الماء، في الحوض،الكَدِرَةُ
المختلطةُ بالطين. وفي حديث ابن مسعود: لا تقوم الساعة إِلا على شِرارِ الناس
كرِجْرِجَة الماء الخبيت؛ الرِّجرِجة، بكسر الراءين: بقية الماء الكدر
في الحوض المختلطة بالطين ولا ينتفع بها؛ قال أَبو عبيد: الحديث يروى
كرِجْراجَةٍ، والمعروف في الكلام رِجْرِجَة؛ والرَّجْراجَةُ: المرأَة التي
يَتَرَجْرَجُ كفلها. وكَتِيبة رَجْراجَة: تموج من كثرتها؛ قال ابن الأَثير:
فكأَنه، إِن صحت الرواية، قصد الرِّجْرِجة، فجاء بوصفها لأَنها طينة
رقيقة تترجرج؛ وفي حديث عبد الله بن مسعود: لا تقوم الساعة إِلا على شرار
الناس كرِجْراجَةِ الماء التي لا تُطْعِمُ
(* قوله «التي لا تطعم» من اطعم
أي لا طعم لها. وقوله «الذي لا يطعم» هو يفتعل من الطعم، كيطرد من الطرد
أي لا يكون لها طعم، أَفاده في النهاية.) ؛ قال ابن سيده: حكاه أَبو
عبيد، وإِنما المعروف الرِّجْرِجَةُ؛ قال: ولم أَسمع بالرِّجْراجَةِ في هذا
المعنى إِلاَّ في هذا الحديث؛ وفي رواية: كرِجْرِجَةِ الماء الخبيث الذي
لا يَطَّعِمُ. قال أَبو عبيد: أَما كلام العرب فرِجْرِجَةٌ، وهي بقية
الماء في الحوض الكدرة المختلطة بالطين، لا يمكن شربها ولا ينتفع بها، وإِنما
تقول العرب الرَّجْراجَةُ للكتيبة التي تموج من كثرتها؛ ومنه قيل:
امرأَة رَجْراجَة يتحرك جسدها، وليس هذا من الرِّجْرِجة في شيء.
والرِّجْرِجَةُ: الماء الذي قد خالطه اللُّعابُ. والرِّجرِجُ أَيضاً:
اللُّعابُ؛ قال ابن مقبل يصف بقرة أَكل السبع ولدها:
كادَ اللُّعاعُ مِنَ الحَوْذانِ يَسْحَطُها،
ورِجْرِجٌ بَيْنَ لَحْيَيْها خَنَاطِيلُ
وهذا البيت أَورده الجوهري
(* قوله «وهذا البيت أورده الجوهري إلخ» وضبط
الرجرج في البيت، بكسر الراءين بالقلم، في نسخة من الصحاح، كما ضبط كذلك
في أصل اللسان، ولكن في القاموس الرجرج كفلفل أي بضم الراءين، نبت. ولعل
الضبطين سمعا.) شاهداً على قوله: والرِّجْرِجُ أَيضاً نبت، وأَنشده.
ومعنى يَسْحَطُها: يذبحها ويقتلها، أَي لما رأَت الذئب أَكل ولدها، غصت بما
لا يغص بمثله لشدة حزنها. والخناطيل: القطع المتفرّقة، أَي لا تسيغ أَكل
الحَوْذانِ واللُّعاعِ مع نعومته. والرِّجْرِجُ: ماءُ القَريسِ.
والرَّجْرَجُ: نعت الشيء الذي يَتَرَجْرَجُ؛ وأَنشد:
وكَسَتِ المِرْطَ قَطاةً رَجْرَجا
والرِّجْرِجُ: الثريد المُلَبَّقُ.
والرَّجْراجُ: شيء من الأَدوية.
الأَصمعي وغيره: رَجْرَجْتُ الماءَ ورَدَمْتُه أَي نَبَثْتُه. وارْتَجَّ
الكلامُ: التبس؛ ذكره ابن سيده في هذه الترجمة، قال: وأَرض مُرْتَجَّةُ
كثيرة النبات.
كرض: الكَرِيضُ: ضرْب من الأَقِط وصنعته الكِراضُ، وهو جُبْن يَتحَلَّبُ
عنه ماؤه فَيَمْصُلُ كقوله:
من كَرِيضٍ مُنَمِّس
وقد كَرَضُوا كِراضاً؛ حكاه العين. قال أَبو منصور: أَخطأَ الليث في
الكَرِيضِ وصحَّفه والصواب الكَرِيصُ، بالصاد غير المعجمة، مسموعٌ من العرب،
وروي عن الفرّاء قال: الكَرِيصُ والكَرِيزُ، بالزاي، الأَقط؛ وهكذا
أَنشده:
وشاخَسَ فاه الدَّهْر حتى كأَنه
مُنَمِّسُ ثِيرانِ الكَرِيصِ الضَّوائن
وثِيرانُ الكَرِيصِ؛ جمع ثَوْر: الأَقِط. والضوائن: البِيضُ من قِطَعِ
الأَقِط، قال: والضاد فيه تصحيف مُنْكَر لا شك فيه.
والكِراضُ: ماء الفحل. وكَرَضَت الناقةُ تَكْرِضُ كَرْضاً وكُرُوضاً:
قَبِلَت ماء الفحل بعدما ضرَبَها ثم أَلْقَتْه، واسم ذلك الماء الكِراضُ.
والكِراضُ في لغة طيِّء: الخِداجُ. والكِراضُ: حَلَقُ الرَّحِم، واحدها
كِرْضٌ، وقال أَبو عبيدة: واحدتها كُرْضةٌ، بالضم، وقيل: الكِراضُ جمع لا
واحد له؛ وقولُ الطِّرمَّاحِ:
سَوْفَ تُدْنِيكَ من لَمِيسَ سَبَنْتا
ةٌ أَمارَتْ بالبَوْلِ ماءَ الكِراضِ
أَضْمَرَتْه عشرينَ يَوْماً، ونِيلَتْ،
حِينَ نِيلَتْ، يَعارَةً في عِراضِ
يجوز أَن يكون أَراد بالكِراضِ حَلَقَ الرَّحِم، ويجوز أَن يريد به
الماء فيكونَ من إِضافة الشيء إِلى نفسه؛ قال الأَصمعي: ولم أَسمع ذلك إِلا
في شعر الطرماح، قال ابن بري: الكِراضُ في شعر الطرماح ماءُ الفحل، قال:
فيكون على هذا القول من باب إِضافة الشيء إِلى نفسه مثل عِرْقِ النِّسا
وحبّ الحَصِيدِ، قال: والأَجودُ ما قاله الأَصمعي من أَنه حلَق الرحم
ليَسْلَمَ من إِضافة الشيء إِلى نفسه، وصَفَ هذه الناقةَ بالقوة لأَنها إِذا
لم تَحْمِل كان أَقوى لها، أَلا تراه يقول أَمارت بالبول ماء الكراض بعد
أَن أَضمرته عشرين يوماً؟ واليَعارةُ: أَن يُقادَ الفحلُ إِلى الناقةِ عند
الضِّرابِ مُعارَضةً إِن اشْتَهَت ضرَبَها وإِلا فلا؛ وذلك لكَرَمِها؛
قال الراعي:
قلائصَ لا يُلقَحْنَ إِلا يَعارةً
عِراضاً، ولا يُشْرَيْنَ إِلا غَوالِيا
الأَزهري: قال أَبو الهيثم خالَفَ الطرماحُ الأُمَويَّ في الكِراضِ فجعل
الطرماحُ الكِراضَ الفحلَ وجعله الأُمَويُّ ماء الفَحْل، وقال ابن
الأَعرابي: الكِراضُ ماءُ الفحل في رحم الناقة، وقال الجوهري: الكِراضُ ماءُ
الفحل تَلْفِظُه الناقةُ من رَحِمِها بعدما قَبِلَتْه، وقد كَرَضَتِ
الناقةُ إِذا لَفَظَتْه. وقال الأَصمعي: الكِراضُ حلَقُ الرَّحِمِ؛
وأَنشد:حيثُ تُجِنُّ الحَلَقَ الكِراضا
قال الأَزهري: الصواب في الكِراضِ ما قاله الأُموي وابن الأعْرابي، وهو
ماء الفَحْل إِذا أَرْتَجَــتْ عليه رَحِمُ الطَّروقةِ. أَبو الهيثم: العرب
تدْعُو الفُرْضةَ التي في أَعْلى القَوْسِ كرُضةً، وجمعها كِراضٌ، وهي
الفُرْضة التي تكون في طَرفِ أَعلى القَوْسِ يُلْقَى فيها عَقْدُ
الوَتَرِ.
ربت: رَبَتَ الصبيَّ، ورَبَّتَه: رَبَّاه. ورَبَّتَه يُرَبِّتُه
تَرْبيتاً: رَبَّاه تَرْبيةً؛ قال الراجز:
سَمَّيتها، إِذ وُلِدَتْ، تَمُوتُ،
والقَبرُ صِهْرٌ ضامِنٌ زِمِّيتُ،
ليس لمن ضُمِّنَه تَرْبيتُ