الجذر: أ خ
مثال: أَيُّها الــأُخْوَة
الرأي: مرفوضة
السبب: لضم الهمزة.
الصواب والرتبة: -أَيّها الــأُخْوَة [فصيحة]-أَيّها الإِخْوَة [فصيحة]
التعليق: وردت الكلمة في المعاجم بكسر الهمزة وضمها.
أخا: الأَخُ من النسَب: معروف، وقد يكون الصديقَ والصاحِبَ، والأَخا،
مقصور، والأَخْوُ لغتان فيهِ حكاهما ابن الأَعرابي؛ وأَنشد لخُليجٍ
الأَعْيَويّ:
قد قلتُ يوماً، والرِّكابُ كأَنها
قَوارِبُ طَيْرٍ حان منها وُرُودُها
لأَخْوَيْنِ كانا خيرَ أَخْوَيْن شِيمةً،
وأَسرَعه في حاجة لي أُريدُها
حمَل أَسْرَعه على معنى خَيْرَ أَخْوَين وأَسرَعه كقوله:
شَرّ يَوْمَيْها وأَغْواهُ لها
وهذا نادرٌ. وأَما كراع فقال: أَخْو، بسكون الخاء، وتثنيته أَخَوان،
بفتح الخاء؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف هذا. قال ابن بري عند قوله تقول في
التثنية أَخَوان. قال: ويَجيء في الشعر أَخْوان، وأَنشد بيت خُلَيْج
أَيضاً: لأَخْوَيْن كانا خيرَ أَخْوَين. التهذيب: الأَخُ الواحد، والاثنان
أَخَوان، والجمع إِخْوان وإِخْوة. الجوهري: الأَخُ أَصله أَخَوٌ،
بالتحريك، لأَنه جُمِع على آخاءٍ مثل آباء، والذاهب منه واوٌ لأَنك تقول في
التثنية أَخَوان، وبعض العرب يقول أَخانِ، على النقْص، ويجمع أَيضاً على
إِخْوان مثل خَرَب وخِرْبان، وعلى إِخْوةٍ وأُخْوةٍ؛ عن الفراء. وقد يُتَّسَع
فيه فيُراد به الاثنان كقوله تعالى: فإِن كان له إِخْوةٌ؛ وهذا كقولك
إِنَّا فعلنا ونحن فعلنا وأَنتُما اثنان. قال ابن سيده: وحكى سيبويه لا
أَخا، فاعْلَمْ، لكَ، فقوله فاعْلم اعتراض بين المضاف والمضاف إِليه، كذا
الظاهر، وأَجاز أَبو علي أَن يكون لك خبراً ويكون أَخا مقصوراً تامّاً غير
مضاف كقولك لا عَصا لك، والجمع من كل ذلك أَخُونَ وآخاءٌ وإِخْوانٌ
وأُخْوان وإِخْوة وأُخوة، بالضم؛ هذا قول أَهل اللغة، فأَما سيبويه فالــأُخْوة،
بالضم، عنده اسم للجمع وليس بِجَمْع، لأَن فَعْلاً ليس مما يكسَّر على
فُعْلة، ويدل على أَن أَخاً فَعَلَ مفتوحة العين جمعهم إِيَّاها على
أَفْعال نحو آخاء؛ حكاه سيبويه عن يونس؛ وأَنشد أَبو علي:
وَجَدْتُم بَنيكُم دُونَنا، إِذْ نُسِبْتُمُ،
وأَيٌّ بَني الآخاء تَنْبُو مَناسِبُهْ؟
وحكى اللحياني في جمعه أُخُوَّة، قال: وعندي أَنه أُخُوّ على مثال
فُعُول، ثم لحقت الهاء لتأْنيث الجمع كالبُعُولةِ والفُحُولةِ. ولا يقال أَخو
وأَبو إِلاّ مُضافاً، تقول: هذا أَخُوك وأَبُوك ومررت بأَخِيك وأَبيك
ورأَيت أَخاكَ وأَباكَ، وكذلك حَموك وهَنُوك وفُوك وذو مال، فهذه الستة
الأَسماء لا تكون موحَّدة إِلاَّ مضافة، وإِعرابُها في الواو والياء والأَلِف
لأَن الواو فيها وإِن كانت من نفْس الكلمة ففيها دليل على الرفع، وفي
الياء دليل على الخفض، وفي الأَلف دليل على النصْب؛ قال ابن بري عند قوله
لا تكون موحَّدة إِلاّ مضافة وإِعرابُها في الواو والياء والأَلِف، قال:
ويجوز أَن لا تضاف وتُعْرب بالحرَكات نحو هذا أَبٌ وأَخٌ وحَمٌ وفَمٌ ما
خلا قولهم ذو مالٍ فإِنه لا يكون إِلاَّ مضافاً، وأَما قوله عز وجل: فإِن
كان له إِخْوةٌ فَلأُمِّه السُّدُسُ، فإِنَّ الجمع ههنا موضوع موضِع
الاثنين لأَن الاثنين يُوجِبان لها السدُس. والنسبةُ إِلى الأَخِ أَخَوِيّ،
وكذلك إِلى الأُخت لأَنك تقول أَخوات، وكان يونس يقول أُخْتِيّ، وليس
بقياس. وقوله عز وجلّ: وإِخْوانُهُم يَمُدُّونَهم في الغَيِّ؛ يعني بإِخوانهم
الشياطين لأَن الكفار إِخوانُ الشياطين. وقوله: فإِخْوانكم في الدين أَي
قد دَرَأَ عنهم إِيمانُهم وتوبتُِم إِثْمَ كُفْرهم ونَكْثِهم العُهودَ.
وقوله عز وجل: وإِلى عادٍ أَخاهم هُوداً؛ ونحوه قال الزجاج، قيل في
الأَنبياء أَخوهم وإِن كانوا كَفَرة، لأَنه إِنما يعني أَنه قد أَتاهم بشَر
مثلهم من وَلَد أَبيهم آدم، عليه السلام، وهو أَحَجُّ، وجائز أَن يكون
أَخاهم لأَنه من قومهم فيكون أَفْهَم لهم بأَنْ يأْخذوه عن رجُل منهم.
وقولهم: فلان أَخُو كُرْبةٍ وأَخُو لَزْبةٍ وما أَشبه ذلك أَي صاحبها. وقولهم:
إِخْوان العَزاء وإِخْوان العَمل وما أَشبه ذلك إِنما يريدون أَصحابه
ومُلازِمِيه، وقد يجوز أَن يَعْنوا به أَنهم إِخْوانه أَي إِخْوَتُه الذين
وُلِدُوا معه، وإِن لم يُولَد العَزاء ولا العمَل ولا غير ذلك من
الأَغْراض، غير أَنَّا لم نسمعهم يقولون إِخْوة العَزاء ولا إِخْوة العمَل ولا
غيرهما، إِنما هو إِخْوان، ولو قالوه لجَاز، وكل ذلك على المثَل؛ قال
لبيد:إِنَّما يَنْجَحُ إِخْوان العَمَلْ
يعني من دَأَبَ وتحرَّك ولم يُقِمْ؛ قال الراعي:
على الشَّوْقِ إِخْوان العَزاء هَيُوجُ
أَي الذين يَصْبِرُون فلا يَجْزَعون ولا يَخْشعون والذين هم أَشِقَّاء
العمَل والعَزاء. وقالوا: الرُّمْح أَخوك وربما خانَك. وأَكثرُ ما يستعمل
الإِخْوانُ في الأَصْدِقاء والإِخْوةُ في الوِلادة، وقد جمع بالواو
والنون، قال عَقِيلُ بن عُلَّفَة المُرِّيّ:
وكان بَنُو فَزارةَ شَرَّ قوم،
وكُنْتُ لهم كَشَرِّ بَني الأَخِينا
قال ابن بري: وصوابه:
وكانَ بَنُو فَزارة شرَّ عَمّ
قال: ومثله قول العبَّاس بن مِرْداس السلميّ:
فقُلْنا: أَسْلموا، إِنَّا أَخُوكُمْ،
فقد سَلِمَتْ من الإِحَنِ الصُّدورُ
التهذيب: هُمُ الإِخْوةُ إِذا كانوا لأَبٍ، وهم الإِخوان إِذا لم يكونوا
لأَب. قال أَبو حاتم: قال أَهلُ البَصْرة أَجمعون الإِخْوة في النسَب،
والإخْوان في الصداقة. تقول: قال رجل من إِخواني وأَصْدِقائي، فإِذا كان
أَخاه في النسَب قالوا إِخْوَتي، قال: وهذا غلَط، يقال للأَصْدِقاء وغير
الأَصْدِقاء إِخْوة وإِخْوان. قال الله عز وجل: إِنَّما المُؤْمنون
إِخْوةٌ، ولم يعنِ النسب، وقال: أَو بُيُوتِ إِخْوانِكم، وهذا في النسَب، وقال:
فإِخْوانُكم في الدين ومواليكمْ. والأُخْتُ: أُنثى الأَخِ، صِيغةٌ على
غير بناء المذكر، والتاء بدل من الواو، وزنها فَعَلَة فنقلوها إِلى فُعْل
وأَلحَقَتْها التاءُ المُبْدَلة من لامِها بوزن فُعْل، فقالوا أُخْت،
وليست التاء فيها بعلامة تأْنيث كما ظنَّ مَنْ لاخِبْرَة له بهذا الشأْن،
وذلك لسكون ما قبلها؛ هذا مذهب سيبويه، وهو الصحيح، وقد نصَّ عليه في باب
ما لا ينصرف فقال: لو سمَّيت بها رجلاً لصَرَفْتها مَعْرِفة، ولو كانت
للتأْنيث لما انصرف الاسم، على أَن سيبويه قد تسمَّح في بعض أَلفاظه في
الكتاب فقال هي علامة تأْنيث، وإِنما ذلك تجوُّز منه في اللفظ لأَنه أَرْسَله
غُفْلاً، وقد قيَّده في باب ما لا ينصرف، والأخْذُ بقوله المعلّل أَقْوى
من الأَخْذ بقوله الغُفْل المُرْسَل، ووجه تجوُّزه أَنه لمَّا كانت
التاء لا تبدَل من الواو فيها إِلا مع المؤنث صارت كأَنها علامة تأْنيث،
وأَعني بالصيغة فيها بناءها على فُعْل وأَصلها فَعَل، وإِبدال الواو فيها
لازم لأَنَّ هذا عمل اختص به المؤنث، والجمع أَخَوات. الليث: تاء الأُخْت
أَصلُها هاء التأْنيث. قال الخليل: تأْنيث الأَخِ أُخْت، وتاؤها هاء،
وأُخْتان وأَخَوات، قال: والأَخُ كان تأْسِيس أَصل بنائه على فَعَل بثلاث
متحرِّكات، وكذلك الأَب، فاستثقلوا ذلك وأَلْقَوُا الواو، وفيها ثلاثة
أَشياء: حَرْف وصَرْف وصَوْت، فربَّما أَلْقَوُا الواو والياء بصرفها
فأَبْقَوْا منها الصوْت فاعتَمد الصوْت على حركة ما قبله، فإِن كانت الحركة فتحة
صار الصوت منها أَلفاً لَيِّنة، وإِن كانت ضمَّة صار معها واواً ليِّنَة،
وإِن كانت كسرة صار معها ياء لَيِّنة، فاعتَمد صوْتُ واوِ الأَخِ على
فتحة الخاء فصار معها أَلِفاً لَيِّنة أَخا وكذلك أَبا، فأَما الأَلف
الليِّنة في موضع الفتح كقولك أَخا وكذلك أَبا كأَلف رَبا وغَزا ونحو ذلك،
وكذلك أَبا، ثم أَلْقَوا الأَلف استخفافاً لكثرة استعمالهم وبقيت الخاء على
حركتها فجَرَتْ على وُجوه النحو لقِصَر الاسم، فإِذا لم يُضِيفُوه
قَوَّوْهُ بالتنوين، وإِذا أَضافوا لم يَحْسُن التنوين في الإِضافة فَقَوَّوْهُ
بالمدِّ فقالوا أَخو وأَخي وأَخا، تقول أَخُوك أَخُو صِدْقٍ وأَخُوك أَخٌ
صالحٌ، فإِذا ثَنَّوْا قالوا أَخَوان وأَبَوان لأَن الاسم متحرِّك
الحَشْو، فلم تَصِرْ حركتُه خَلَفاً من الواو الساقِط كما صارت حركةُ الدالِ
من اليَدِ وحركة الميم من الدَّمِ فقالوا دَمان ويَدان؛ وقد جاء في الشعر
دَمَيان كقول الشاعر:
فلَوْ أَنَّا على حَجَرٍ ذُبِحْنا،
جَرى الدَّمَيان بالخَبَر اليَقِينِ
وإِنما قال الدَّمَيان على الدَّمَا كقولك دَمِيَ وَجْهُ فلان أَشَدَّ
الدَّما فحرَّك الحَشْو، وكذلك قالوا أَخَوان. وقال الليث: الأُخْت كان
حدُّها أَخَةً، فصار الإِعراب على الهاء والخاء في موضع رفْع، ولكنها
انفتحت بِحال هاء التأْنيث فاعتَمدتْ عليه لأَنها لا تعتمد إِلا على حَرْف
متحرِّك بالفتحة وأُسكنت الخاء فحوِّل صَرْفُها على الأَلف، وصارتِ الهاء
تاء كأَنها من أَصل الكلمة ووقعَ الإِعرابُ على التاء وأُلزمت الضمةُ التي
كانت في الخاء الأَلفَ، وكذلك نحوُ ذلك، فافْهَمْ. وقال بعضهم: الأَخُ
كان في الأَصل أَخْوٌ، فحذفت الواوُ لأَنَّها وقعَتْ طَرَفاً وحرِّكت
الخاءُ، وكذلك الأَبُ كان في الأَصل أَبْوٌ، وأمَّا الأُخْتُ فهي في الأَصل
أَخْوة، فحذِفت الواو كما حُذِفَتْ من الأَخِ، وجُعِلتِ الهاءُ تاءً
فنُقلَتْ ضمَّة الواو المحذوفة إِلى الأَلف فقيل أُخْت، والواوُ أُختُ
الضمَّة. وقال بعضُ النحويِّين: سُمِّي الأَخُ أَخاً لأَنَّ قَصْده قَصْد
أَخيه، وأَصله من وَخَى أَي قَصَد فقلبت الواو همزة. قال المبرّد: الأَبُ
والأَخُ ذَهَبَ منهما الواوُ، تقول في التثنية أَبَوانِ وأَخوانِ، ولم
يسَكِّنوا أَوائلهما لئلاَّ تدخُل أَلفُ الوَصْل وهي همزة على الهمزة التي في
أَوائلهما كما فعلوا في الابْنِ والاسْمِ اللَّذَيْنِ بُنِيا على سكون
أَوائلهما فَدَخَلَتْهما أَلفُ الوَصْل. الجوهري: وأُخْت بَيِّنة
الــأُخُوَّة، وإِنما قالوا أُخْت، بالضم، ليدلّ على أَن الذاهِبَ منه واوٌ، وصحَّ
ذلك فيها دون الأَخِ لأَجل التاء التي ثَبَتَتْ في الوَصْل والوَقف كالاسْم
الثلاثيّ. وقالوا: رَماه الله بلَيْلةٍ لا أُختَ لها، وهي ليلة يَموت.
وآخَى الرجلَ مُؤَاخاةً وإِخاءً ووخاءً. والعامَّة تقول وَاخاهُ، قال
ابن بري: حكى أَبو عبيد في الغَرِيب المصنَّف ورواه عن الزَّيْدِيِّين
آخَيْتَ وواخَيتَ وآسَيْتَ ووَاسَيْتَ وآكَلْتَ وواكَلْتَ، ووجه ذلك من جِهة
القِياس هو حَمْل الماضي على المُسْتقبل إِذ كانوا يقولون يُواخِي، بقلب
الهمزة واواً على التخفيف، وقيل: إِنَّ وَاخاهُ لغة ضعيفة، وقيل: هي بدل.
قال ابن سيده: وأَرَى الوِخاءَ عليها والاسم الــأُخُوَّة، تقول: بيني
وبينه أُخوَّة وإِخاءٌ، وتقول: آخَيْتُه على مثال فاعَلْته، قال: ولغة طيِّء
واخَيْته. وتقول: هذا رجل من آخائي بوزن أَفْعالي أَي من إِخواني. وما
كنتَ أَخاً ولقد تأَخَّيْت وآخَيْت وأَخَوْت تَأْخُو أُخُوَّة وتآخَيا،
على تفاعَلا، وتأَخَّيْت أَخاً أَي اتَّخَذْت أَخاً. وفي الحديث: أَن
النبي، صلى الله عليه وسلم، آخَى بين المُهاجرين والأَنصار أَي أَلَّف بينهم
بــأُخُوَّةِ الإِسلامِ والإِيمانِ. الليث: الإِخاءُ المُؤَاخاةُ
والتأَخِّي، والــأُخُوَّة قَرابة الأَخِ، والتأَخِّي اتّخاذُ الإِخْوان. وفي صفة
أَبي بكر: لو كنتُ مُتَّخِذاً خليلاً لاتَّخَذت أَبا بكر خليلاً، ولكن
خُوَّة الإِسلام؛ قال ابن الأَثير: كذا جاءَ في رواية، وهِي لغة في
الــأُخُوَّة. وأَخَوْت عشرةً أَي كنت لهم أَخاً. وتأَخَّى الرجلَ: اتَّخذه أَخاً
أَو دعاه أَخاً. ولا أَخا لَك بفلان أَي ليس لك بأَخٍ؛ قال النَّابغة:
وأَبْلغْ بني ذُبيان أَنْ لا أَخا لَهُمْ
بعبْسٍ، إِذا حَلُّوا الدِّماخَ فأَظْلَما
وقوله:
أَلا بَكَّرَ النَّاعِي بأَوْسِ بن خالدٍ،
أَخِي الشَّتْوَةِ الغَرَّاء والزَّمَن المَحْلِ
وقول الآخر:
أَلا هَلَك ابنُ قُرَّان الحَمِيدُ،
أَبو عمرو أَخُو الجُلَّى يَزِيدُ
قال ابن سيده: قد يجوز أَن يعنيا بالأَخ هنا الذي يَكْفِيهما ويُعِينُ
عليهما فيَعودُ إِلى معنى الصُّحْبة، وقد يكون أَنهما يَفْعَلان فيهما
الفِعْل الحسَن فَيُكْسِبانه الثناء والحَمْد فكأَنه لذلك أَخٌ لهما؛
وقوله:والخَمْرُ ليستْ من أَخيك ولـ
ـكنْ قد تَغُرُّ بآمِنِ الحِلْمِ
فَسَّره ابن الأَعرابي فقال: معناه أنَّها ليستْ بمحابيَتِك فتكفَّ عنك
بَأْسَها، ولكنَّها تَنْمِي في رأْسِك، قال: وعندي أَن أَخيك ههنا جمع
أَخ لأَنَّ التَّبعِيض يقتضي ذلك، قال: وقد يجوز أن يكون الأَخُ ههنا
واحداً يُعْنى به الجمعُ كما يَقَعُ الصديقُ على الواحد والجمع. قال تعالى:
ولا يسأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً يُبَصَّرونَهم؛ وقال:
دَعْها فما النَّحْوِيّ من صَدِيقِها
ويقال: تركتهُ بأَخِي الخيَر أي تركتهُ بِشَرٍّ. وحكى اللحياني عن أَبي
الدِّينار وأَبي زِىاد: القومُ بأَخِي الشَّرِّ أي بِشَرٍّ. وتأَخَّيْت
الشيء: مثل تحَرَّيْتُه. الأَصمعي في قوله: لا أُكَلِّمُه إلا أَخا
السِّرار أي مثل السِّرار. ويقال: لَقِي فلان أَخا الموت أَي مثل الموت؛
وأَنشد:لقَدْ عَلِقَتْ كَفِّي عَسِيباً بِكَزَّةٍ
صَلا آرِزٍ لاقَى أَخا الموتِ جاذِبُهْ
وقال امرؤ القيس:
عَشِيَّة جاوَزْنا حَماةَ، وسَيْرُنا
أَخُو الجَهْدِ لا يُلْوِي على مَن تَعذَّرا
أي سَيرنُا جاهِدٌ. والأَرْزُ: الضِّيقُ والاكْتِناز. يقال: دخَلْت
المسجد فكان مأْرَزاً أَي غاصّاً بأَهْلِه؛ هذا كله من ذوات الألف، ومن ذوات
الياء الأَخِيَة والأَخِيَّةُ، والآخِيَّة، بالمدّ والتشديد، واحدة
الأَواخي: عُودٌ يُعَرَّض في الحائط ويُدْفَن طَرَفاه فيه ويصير وسَطه
كالعُروة تُشدُّ إليه الدابَّة؛ وقال ابن السكيت: هو أن يُدْفَن طَرَفا قِطْعَة
من الحَبْل في الأَرض وفيه عُصَيَّة أو حُجَيْر ويظهر منه مثل عُرْوَةٍ
تُشدُّ إليه الدابة، وقيل: هو حَبْل يُدْفن في الأَرض ويَبْرُزُ طَرَفه
فيشَدُّ به. قال أَبو منصور: سمعت بعضَ العرب يقول للحبْل الذي يُدْفَن في
الأَرض مَثْنِيّاً ويَبْرُز طَرفاه الآخران شبه حلقة وتشدّ به الدابة
آخِيَةٌ. وقال أَعرابي لآخر: أَخِّ لي آخِيَّة أَربُط إليها مُهْرِي؛ وإنما
تُؤَخَّى الآخِيَّةُ في سُهولةِ الأَرَضِين لأنها أَرْفق بالخَيل من
الأَوتاد الناشزة عن الأَرض، وهي أَثبت في الأرض السَّهْلة من الوَتِد. ويقال
للأَخِيَّة: الإدْرَوْنُ، والجمع الأَدارِين. وفي الحديث عن أَبي سعيد
الخُدْرِي: مَثَلُ المؤمن والإيمان كمثَل الفَرس في آخِيَّتِه يحول ثم
يرجع إلى آخِيَّته، وإن المؤمن يَسْهو ثم يرجع إلى الإيمان؛ ومعنى الحديث
أَنه يبعُد عن رَبِّه بالذُّنوب، وأَصلُ إيمانه ثابت، والجمع أَخايَا
وأَواخِيُّ مشدّداً؛ والأَخايَا على غير قياس مثل خَطِيّة وخَطايا وعِلَّتُها
كعلَّتِها. قال أبو عبيد: الأَخِيَّة العُرْوة تُشَدُّ بها الدابة
مَثْنِيَّةً في الأرض. وفي الحديث: لا تَجْعَلوا ظهورَكم كأخايا الدوابِّ، يعني
في الصلاة، أي لا تُقَوِّسُوها في الصلاة حتى تصير كهذه العُرى. ولفُلان
عند الأمير آخِيَّةٌ ثابتة، والفعل أخَّيْت آخِيَّة تأْخِيةً. قال:
وتأَخَّيْتُ أنا اشتقاقُه من آخِيَّة العُود، وهي في تقدير الفعل فاعُولة،
قال: ويقال آخِيَةٌ، بالتخفيف، ويقال: آخى فلان في فُلان آخِيَة فكَفَرَها
إذا اصْطَنَعه وأَسدى إليه؛ وقال الكُمَيْت:
سَتَلْقَوْن ما آخِيّكُمْ في عَدُوِّكُم
عليكم، إذا ما الحَرْبُ ثارَ عَكُوبُها
ما: صِلَةٌ، ويجوز أن تكون ما بمعنى أيّ كأَنه قال سَتَلْقَوْن أيُّ شيء
آخِيُّكم في عَدوِّكم. وقد أَخَّيْتُ للدابَّة تَأْخِيَة وتَأَخَّيْتُ
الآخِيَّةَ. والأَخِيَّة لا غير: الطُّنُب. والأَخِيَّة أَيضاً: الحُرْمة
والذِّمَّة، تقول: لفلان أَواخِيُّ وأَسْبابٌ تُرْعى. وفي حديث عُمر:
أَنه قال للعباس أَنت أَخِيَّةُ آباءِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ أَراد
بالأَخِيَّةِ البَقِيَّةَ؛ يقال: له عندي أَخِيَّة أيب ماتَّةٌ
قَوِيَّةٌ ووَسِيلةٌ قَريبة، كأنه أراد: أَنت الذي يُسْتَنَدُ إليه من أَصْل رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، ويُتَمَسَّك به. وقوله في حديث ابن عُمر:
يتأَخَّى مُناخَ رسول الله أي يَتَحَرَّى ويَقْصِد، ويقال فيه بالواو أيضاً،
وهو الأَكثر.
وفي حديث السجود: الرجل يُؤخِّي والمرأَة تَحْتَفِزُ؛ أَخَّى الرجلُ إذا
جلس على قَدَمه اليُسرى ونَصَبَ اليُمْنى؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في
بعض كتب الغريب في حرف الهمزة، قال: والرواية المعروفة إنما هو الرجل
يُخَوِّي والمرأَة تَحْتَفِزُ. والتَّخْويةُ: أَن يُجافي بطنَه عن الأَرض
ويَرْفَعَها.
خلل: الخَلُّ: معروف؛ قال ابن سيده: الخَلُّ ما حَمُض من عَصير العنب
وغيره؛ قال ابن دريد: هو عربي صحيح. وفي الحديث: نِعْمَ الإِدامُ الخَلُّ،
واحدته خَلَّة، يُذهب بذلك إِلى الطائفة منه؛ قال اللحياني: قال أَبو
زياد جاؤوا بِخَلَّة لهم، قال: فلا أَدري أَعَنَى الطائفة من الخَلِّ أَم هي
لغة فيه كخَمْر وخَمْرة، ويقال للخَمْر أُمُّ الخَلّ؛ قال:
رَمَيْت بأُمِّ الخَلِّ حَبَّةَ قلبه،
فلم يَنْتَعِشْ منها ثَلاثَ ليال
والخَلَّة: الخَمْرُ عامَّةً، وقيل: الخَلُّ الخمرة الحامضة، وهو
القياس؛ قال أَبو ذؤيب:
عُقارٌ كماء النِّيءِ ليست بِخَمْطَة،
ولا خَلَّة يَكوي الشَّرُوبَ شِهابُها
ويروى: فجاء بها صفراء ليست؛ يقول: هي في لون ماء اللحم النِّيءِ، وليست
كالخَمْطَة التي لم تُدْرِك بعد، ولا كالخَلَّة التي جاوَزَت القَدْر
حتى كادت تصير خَلاًّ. اللحياني: يقال إِن الخَمْر ليست بخَمْطَة ولا
خَلَّة أَي ليست بحامضة، والخَمْطَة: التي قد أَخَذَت شيئاً من ريح كريح
النَّبِقِ والتُّفَّاح، وجاءنا بلبن خامطٍ منه، وقيل: الخَلَّة الخَمْرة
القَارِصة، وقيل: الخَلَّة الخَمْرة المتغيرة الطعم من غير حموضة، وجمعها
خَلٌّ؛ قال المتنخل الهذلي:
مُشَعْشَعة كعَيْنِ الدِّيك ليست،
إِذا دِيفَتْ، من الخَلِّ الخِماط
وخَلَّلَتِ الخَمْرُ وغيرُها من الأَشربة: فَسَدت وحَمُضَت. وخَلَّلَ
الخمرَ: جعلها خَلاًّ. وخَلَّل البُسْرَ: جعله في الشمس ثم نَضَحه بالخَلِّ
ثم جعله في جَرَّة. والخَلُّ: الذي يؤتدم به؛ سمي خَلاًّ لأَنه اخْتَلَّ
منه طَعْمُ الحَلاوة. والتَّخْليل: اتخاذ الخَلِّ. أَبو عبيد: والخَلُّ
والخَمْر الخير والشر. وفي المثل: ما فلان بخَلٍّ ولا خَمْرٍ أَي لا خير
فيه ولا شر عنده؛ قال النمر بن تولب يخاطب زوجته:
هلاَّ سأَلتِ بعادِياء وبيْتِه،
والخَلِّ والخمرِ الذي لم يُمْنَع
ويروى: التي لم تُمْنَع أَي التي قد أُحِلَّت؛ وبعد هذا البيت بأَبيات:
لا تَجْزَعي إِن مُنْفِساً أَهلكتُه،
وإِذا هَلَكْتُ، فعندَ ذلك فاجزَعي
وسئل الأَصمعي عن الخَلِّ والخَمْر في هذا الشعر فقال: الخَمْرُ الخير
والخَلُّ الشر. وقال أَبو عبيدة وغيره: الخَلُّ الخير والخمر الشر. وحكى
ثعلب: ما له خَلٌّ ولا خمر أَي ما له خير ولا شر.
والاختلال: اتخاذ الخَلِّ. الليث: الاخْتِلال من الخَلِّ من عصير العنب
والتمر؛ قال أَبو منصور: لم أَسمع لغيره أَنه يقال اخْتَلَّ العصيرُ إِذا
صار خَلاًّ، وكلامهم الجيِّد: خَلَّلَ شرابُ فلان إِذا فَسَد وصار
خَلاًّ. اللحياني: يقال شَرابُ فلان قد خَلَّل يُخَلِّل تَخْليلاً، قال: وكذلك
كل ما حَمُض من الأَشربة يقال له قد خَلَّل. والخَلاَّل: بائع الخَلِّ
وصانِعُه. وحكى ابن الأَعرابي: الخَلَّة الخُمْرة الحامضة، يعني بالخُمْرة
الخمير، فرُدَّ ذلك عليه، وقيل: إِنما هي الخَمْرة، بفتح الخاء، يعني
بذلك الخَمْر بعينها. والخَلُّ أَيضاً: الحَمْض؛ عن كراع؛ وأَنشد:
ليست من الخَلِّ ولا الخِمَاط
والخُلَّة: كل نَبْت حُلْو؛ قال ابن سيده: الخُلَّة من النبات ما كانت
فيه حلاوة من المَرْعى، وقيل: المرعى كله حَمْض وخُلَّة، فالحَمْض ما كانت
فيه ملوحة، والخُلَّة ما سوى ذلك؛ قال أَبو عبيد: ليس شيء من الشجر
العظام بحَمْض ولا خُلَّة، وقال اللحياني: الخُلَّة تكون من الشجر وغيره،
وقال ابن الأَعرابي: هو من الشجر خاصة؛ قال أَبو حنيفة: والعرب تسمي الأَرض
إِذا لم يكن بها حَمْض خُلَّةً وإِن لم يكن بها من النبات شيء يقولون:
عَلَوْنا أَرضاً خُلَّة وأَرضين خُلَلاً؛ وقال ابن شميل: الخُلَّة إِنما هي
الأَرض. يقال: أَرْضٌ خُلَّة. وخُلَلُ الأَرضِ: التي لا حَمْض بها، قال:
ولا يقال للشجر خُلَّة ولا يذكر؛ وهي الأَرض التي لا حَمْضَ بها، وربما
كان بها عِضاهٌ، وربما لم يكن، ولو أَتيت أَرضاً ليس بها شيء من الشجر
وهي جُرُز من الأَرض قلت: إِنها لَخُلَّة؛ وقال أَبو عمرو: الخُلَّة ما لم
يكن فيه مِلْح ولا حُموضة، والحَمْض ما كان فيه حَمَضٌ ومُلوحة؛ وقال
الكميت:
صادَفْنَ وَادِيَهُ المغبوطَ نازلُه،
لا مَرْتَعاً بَعُدَتْ، من حَمْضه، الخُلَل
والعرب تقول: الخُلَّة خُبْز الإِبل والحَمْض لحمها أَو فاكهتها أَو
خَبِيصها، وإنما تُحَوَّل إِلى الحَمْض إِذا مَلَّتِ الخُلَّة. وقوم
مُخِلُّون: إِذا كانوا يَرْعَوْن الخُلَّة.
وبَعيرٌ خُلِّيٌّ، وإِبِل خُلِّيَّة ومُخِلَّة ومُخْتَلَّة: تَرْعى
الخُلَّة. وفي المثل: إِنك مُخْتَلٌّ فتَحَمَّضْ أَي انْتَقِل من حال إِلى
حال. قال ابن دريد: هو مَثَل يقال للمُتَوَعِّد المتهدِّد؛ وقال أَبو عمرو
في قول الطرماح:
لا يَني يُحْمِضُ العَدُوَّ، وذو الخُلْـ
ـلَة يُشْفى صَداه بالإِحْماضِ
يقول: إِن لم يَرْضَوا بالخُلَّة أَطْعَموهم الحَمْض، ويقول: من جاء
مشتهياً قتالَنا شَفَيْنا شهوته بإِيقاعنا به كما تُشْفى الإِبل
المُخْتَلَّة بالحَمْض، والعرب تضرب الخُلَّة مثلاً للدَّعة والسَّعة، وتضرب
الحَمْضَ مثلاً للشَّر والحَرْب. وقال اللحياني: جاءت الإِبل مُخْتَلَّة أَي
أَكلت الخُلَّة واشتهت الحَمْضَ. وأَرض مُخِلَّة: كثيرة الخُلَّة ليس بها
حَمْض. وأَخَلَّ القومُ: رعت إِبلُهم الخُلَّة. وقالت بعض نساء الأَعراب
وهي تتمنى بَعْلاً: إِن ضَمَّ قَضْقَض، وإِن دَسَر أَغْمَض، وإِن أَخَلَّ
أَحْمَض؛ قالت لها أُمها: لقد فَرَرْتِ لي شِرَّة الشَّباب جَذَعة؛ تقول:
إِن أَخذ من قُبُل أَتبَع ذلك بأَن يأْخذ من دُبُر؛ وقول العجاج:
جاؤوا مُخِلِّين فلاقَوْا حَمْضا،
ورَهِبوا النَّقْض فلاقَوْا نَقْضا
أَي كان في قلوبهم حُبُّ القتال والشر فَلَقُوا مَنْ شَفاهم؛ وقال ابن
سيده: معناه أَنهم لاقَوْا أَشدَّ مما كانوا فيه؛ يُضْرب ذلك للرجل
يَتَوَعَّد ويَتَهَدَّد فيلقى من هو أَشد منه. ويقال: إبل حامضة وقد حَمَضَتْ
هي وأَحْمَضتها أَنا، ولا يقال إِبل خالَّة. وخَلَّ الإِبلَ يخُلُّها
خَلاًّ وأَخَلَّها: حَوَّلها إِلى الخُلَّة، وأَخْلَلتها أَي رَعَيْتها في
الخُلَّة. واخْتَلَّت الإِبلُ: احْتَبَسَتْ في الخُلَّة؛ قال أَبو منصور:
من أَطيب الخُلَّة عند العرب الحَلِيُّ والصِّلِّيان، ولا تكون الحُلَّة
إِلا من العُرْوة، وهو كل نَبْت له أَصل في الأَرض يبقى عِصْمةً للنَّعْم
إِذا أَجْدَبْت السنةُ وهي العُلْقة عند العرب. والعَرْفَج والحِلَّة: من
الخُلَّة أَيضاً. ابن سيده: الخُلَّة شجرة شاكة، وهي الخُلة التي ذكرتها
إِحدى المتخاصمتين إِلى ابنة الخُسِّ حين قالت: مَرْعى إِبل أَبي
الخُلَّة، فقالت لها ابنة الخُسِّ: سريعة الدِّرَّة والجِرَّة. وخُلَّة
العَرْفَج: مَنْبِتُه ومُجْتَمَعُه.
والخَلَل: مُنْفَرَج ما بين كل شيئين. وخَلَّل بينهما: فَرَّج، والجمع
الخِلال مثل جَبَل وجبال، وقرئ بهما قوله عز وجل: فترى الوَدْق يخرج من
خِلاله، وخَلَله. وخَلَلُ السحاب وخِلالُه: مخارج الماء منه، وفي التهذيب:
ثُقَبه وهي مخارج مَصَبّ القَطْر. قال ابن سيده في قوله: فترى الودق
يخرج من خِلاله، قال: قال اللحياني هذا هو المُجْتَمع عليه، قال: وقد روي عن
الضحاك أَنه قرأَ: فترى الوَدْق يخرج من خَلَلِه، وهي فُرَجٌ في السحاب
يخرج منها. التهذيب: الخَلَّة الخَصَاصةُ في الوَشِيع، وهي الفُرْجة في
الخُصِّ. وفي رأْي فلان خَلَل أَي فُرْجة. والخَلَل: الفُرْجة بين
الشيئين. والخَلَّة: الثُّقْبة الصغيرة، وقيل: هي الثُّقْبة ما كانت؛ وقوله يصف
فرساً:
أَحال عليه بالقَناةِ غُلامُنا،
فأَذْرِعْ به لِخَلَّة الشاة راقِعا
معناه أَن الفرس يعدو وبينه وبين الشاة خَلَّة فيُدْركها فكأَنه رَقَع
تلك الخَلَّة بشخصه، وقيل: يعدو وبين الشاتين خَلَّة فَيرْقَع ما بينهما
بنفسه.
وهو خَلَلَهم وخِلالَهم أَي بينهم. وخِلالُ الدار: ما حوالَيْ جُدُرها
وما بين بيوتها. وتَخَلَّلْتُ ديارهم: مَشَيت خِلالها. وتُخَلَّلتُ الرملَ
أَي مَضَيت فيه. وفي التنزيل العزيز: فجاسُوا خِلالَ الدِّيار. وقال
اللحياني: جَلَسْنا خِلالَ الحيِّ وخِلال دُور القوم أَي جلسنا بين البيوت
ووسط الدور، قال: وكذلك يقال سِرْنا خِلَلَ العدُوّ وخِلالهم أَي بينهم.
وفي التنزيل العزيز: ولأَوْضَعوا خِلالَكم يَبْغونكم الفتنةَ؛ قال الزجاج:
أَوْضَعْت في السير إِذا أَسرعت فيه؛ المعنى: ولأَسرعوا فيما يُخِلُّ
بكم، وقال أَبو الهيثم: أَراد ولأَوْضَعوا مَراكِبهم خِلالَكم يَبْغونكم
الفتنة، وجعل خِلالكم بمعنى وَسَطَكم. وقال ابن الأَعرابي: ولأَوْضَعوا
خِلالكم أَي لأَسرعوا في الهَرب خلالكم أَي ما تَفرق من الجماعات لِطَلب
الخَلَوة والفِرار. وتَخَلَّل القومَ: دخل بين خَلَلهم وخِلالهم؛ ومنه
تَخَلُّل الأَسنان. وتَخَلَّلَ الرُّطَبَ: طلبه خِلال السَّعَف بعد انقضاء
الصِّرام، واسم ذلك الرُّطَب الخُلالة؛ وقال أَبو حنيفة: هي ما يبقى في
أُصول السَّعَف من التمر الذي ينتثر، وتخليل اللحية والأَصابع في الوضوء،
فإِذا فعل ذلك قال: تَخَلَّلت. وخَلَّل فلان أَصابعَه بالماء: أَسال الماء
بينها في الوضوء، وكذلك خَلَّل لحيته إِذا توضأَ فأَدخل الماء بين شعرها
وأَوصل الماء إِلى بشرته بأَصابعه. وفي الحديث: خَلِّلُوا أَصابعَكم لا
تُخَلِّلها نار قليل بُقْياها، وفي رواية: خَلِّلوا بين الأَصابع لا
يُخَلِّل اللهُ بينها بالنار. وفي الحديث: رَحِم الله المتخلِّلين من أُمتي في
الوضوء والطعام؛ التخليل: تفريق شعر اللحية وأَصابع اليدين والرجلين في
الوضوء، وأَصله من إِدخال الشيء في خِلال الشيء، وهو وسَطُه.
وخَلَّ الشيءَ يَخُلُّه خَلاًّ، فهو مَخْلول وخَلِيل، وتَخَلَّله:
ثَقَبه ونَفَذَه، والخِلال: ما خَلَّه به، والجمع أَخِلَّة. والخِلال: العود
الذي يُتَخَلَّل به، وما خُلَّ به الثوب أَيضاً، والجمع الأَخِلَّة. وفي
الحديث: إِذا الخِلال نُبَايِع. والأَخِلَّة أَيضاً: الخَشَبات الصغار
اللواتي يُخَلُّ بها ما بين شِقَاق البيت. والخِلال: عود يجعل في لسان
الفَصِيل لئلا يَرْضَع ولا يقدر على المَصِّ؛ قال امرؤ القيس:
فَكَرَّ إِليه بمِبْراتِه،
كما خَلَّ ظَهْرَ اللسان المُجِرّ
وقد خَلَّه يَخُلُّه خَلاًّ، وقيل: خَلَّه شقَّ لسانه ثم جَعل فيه ذلك
العود. وفَصيل مخلول إِذا غُرز خِلال على أَنفه لئلا يَرْضَع أُمه، وذلك
أَنها تزجيه إِذا أَوجع ضَرْعَها الخِلال، وخَلَلْت لسانَه أَخُلُّه.
ويقال: خَلَّ ثوبَه بخِلال يَخُلُّه خلاًّ، فهو مخلول إِذا شَكَّه بالخِلال.
وخَلَّ الكِساءَ وغيرَه يَخُلُّه خَلاًّ: جَمَع أَطرافه بخِلال؛ وقوله
يصف بقراً:
سَمِعْن بموته فَظَهَرْنَ نَوْحاً
قِيَاماً، ما يُخَلُّ لهنَّ عُود
(* قوله «سمعن بموته إلخ» أورده في ترجمة نوح شاهداً على أَن النوح اسم
للنساء يجتمعن للنياحة وأَن الشاعر استعاره للبقر).
إنما أَراد: لا يُخَلُّ لهن ثوب بعود فأَوقع الخَلَّ على العود
اضطراراً؛ وقبل هذا البيت:
أَلا هلك امرؤ قامت عليه،
بجنب عُنَيْزَةَ، البَقَرُ الهُجودُ
قال ابن دريد: ويروى لا يُحَلُّ لهنَّ عود، قال: وهو خلاف المعنى الذي
أَراده الشاعر. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: كان له كساءٌ فَدَكِيٌّ
فإِذا ركب خَلَّه عليه أَي جمع بين طَرَفيه بخِلال من عود أَو حديد،
ومنه: خَلَلْته بالرمح إِذا طعنته به.
والخَلُّ: خَلُّك الكِساء على نفسك بالخِلال؛
وقال:
سأَلتك، إِذ خِبَاؤُك فوق تَلٍّ،
وأَنت تَخُلُّه بالخَلِّ، خَلاًّ
قال ابن بري: قوله بالخَلّ يريد الطريق في الرمل، وخَلاًّ، الأَخير:
الذي يُصْطَبَع به، يريد: سأَلتك خَلاًّ أَصْطَبِغ به وأَنت تُخُلُّ خِباءَك
في هذا الموضع من الرمل. الجوهري: الخَلُّ طريق في الرمل يذكر ويؤنث،
يقال حَيَّةُ خَلٍّ كما يقال أَفْعَى صَرِيمة. ابن سيده: الخَلُّ الطريق
النافذ بين الرمال المتراكمة؛ قال:
أَقْبَلْتُها الخَلَّ من شَوْرانَ مُصْعِدةً،
إِنِّي لأُزْرِي عليها، وهي تَنْطَلِقُ
قال: سمي خَلاًّ لأَنه يَتَخَلَّل أَي يَنْفُذ. وتَخَلَّل الشيءُ أَي
نَفَذ، وقيل: الخَلُّ الطريق بين الرملتين، وقيل: هو طريق في الرمل أَيّاً
كان؛ قال:
من خَلِّ ضَمْرٍ حين هابا ودجا
والجمع أَخُلٌّ وخِلال. والخَلَّة: الرملة اليتيمة المنفردة من الرمل.
وفي الحديث: يخرج الدجال خَلَّة بين الشام والعراق أَي في سبيل وطريق
بينهما، قيل للطريق والسبيل خَلَّة لأَن السبيل خَلَّ ما بين البلدين أَي
أَخَذَ مخيط ما بينهما، خِطْتُ اليوم خَيْطَة أَي سِرْت سَيْرة، ورواه بعضهم
بالحاء المهملة من الحُلول أَي سَمْتَ ذلك وقُبَالَته.
واخْتَلَّه بسهم: انْتَظَمه. واخْتَلَّه بالرمح: نَفَذه، يقال: طَعَنته
فاخْتَلَلْت فؤَداه بالرُّمح أَي انتظمته؛ قال الشاعر:
نَبَذَ الجُؤَارَ وضَلَّ هِدْيَةَ رَوْقِهِ،
لمَّا اخْتَلَلْتُ فُؤَادَه بالمِطْرَدِ
وتَخَلَّله به: طعنه طعنة إِثر أُخرى. وفي حديث بدر: وقتِل أُمَيَّة بن
خَلَف فَتَخَلَّلوه بالسيوف من تحتي أَي قتلوه بها طعناً حيث لم يقدروا
أَن يضربوه بها ضرباً.
وعسكر خالٌّ ومُتَخَلْخِل: غير مُتَضامّ كأَن فيه منافذ. والخَلَل:
الفساد والوَهْن في الأَمر وهو من ذلك كأَنه تُرك منه موضع لم يُبْرَم ولا
أُحْكِم. وفي رأَيه خَلَل أَي انتشار وتَفَرُّق. وفي حديث المقدام: ما هذا
بأَول ما أَخْلَلْتم بي أَي أَوهنتموني ولم تعينوني. والخَلَل في الأَمرِ
والحَرْبِ كالوَهْن والفساد. وأَمر مُخْتَلٌّ: واهن. وأَخَلَّ بالشيء:
أَجْحَف. وأَخَلَّ بالمكان وبمَرْكَزه وغيره: غاب عنه وتركه. وأَخَلَّ
الوالي بالثغور: قَلَّل الجُنْدَ بها. وأَخَلَّ به: لم يَفِ له. والخَلَل:
الرِّقَّة في الناس.
والخَلَّة: الحاجة والفقر، وقال اللحياني: به خَلَّة شديدة أَي خَصَاصة.
وحكي عن العرب: اللهم اسْدُدْ خَلَّتَه. ويقال في الدعاء للميت: اللهم
اسْدُدْ خَلَّته أَي الثُّلْمة التي ترك، وأَصله من التخلل بين الشيئين؛
قال ابن بري: ومنه قول سلمى بنت ربيعة:
زَعَمَتْ تُماضِرُ أَنني إِمَّا أَمُتْ،
يَسْدُدْ بُنَيُّوها الأَصاغرُ خَلَّتي
الأَصمعي: يقال للرجل إِذا مات له ميت: اللهم اخْلُفْ على أَهله بخير
واسْدُدْ خَلَّته؛ يريد الفُرْجة التي ترك بعده من الخَلَل الذي أَبقاه في
أُموره؛ وقال أَوس:
لِهُلْكِ فَضَالة لا يستوي الـ
فُقُودُ، ولا خَلَّةُ الذاهب
أَراد الثُّلْمة التي ترك، يقول: كان سَيِّداً فلما مات بَقِيَتْ
خَلَّته. وفي حديث عامر بن ربيعة: فوالله ما عدا أَن فَقَدْناها اخْتَلَلْناها
أَي احتجنا إِليها
(* قوله «أَي احتجنا إِليها» أَي فاصل الكلام اختللنا
إِليها فحذف الجار وأوصل الفعل كما في النهاية) وطلبناها. وفي المثل:
الخَلَّة تدعو إِلى السَّلَّة؛ السَّلَّة: السرقة. وخَلَّ الرجلُ: افتقر
وذهب مالُه، وكذلك أُخِلَّ به. وخَلَّ الرجلُ إِذا احتاج. ويقال: اقْسِمْ
هذا المال في الأَخَلِّ أَي في الأَفقر فالأَفقر. ويقال: فلان ذو خَلَّة
أَي محتاج. وفلان ذو خَلَّة أَي مُشْتَهٍ لأَمر من الأُمور؛ قاله ابن
الأَعرابي. وفي الحديث: اللهم سادّ الخَلَّة؛ الخَلَّة، بالفتح: الحاجة
والفقر، أَي جابرها. ورجل مُخَلٌّ ومُخْتَلٌّ وخَلِيل وأَخَلُّ: مُعْدِم فقير
محتاج؛ قال زهير:
وإِن أَتاه خَلِيلٌ يومَ مَسْغَبةٍ،
يقول: لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ
قال: يعني بالخَلِيل المحتاج الفقير المُخْتَلَّ الحال، والحَرِم
الممنوع، ويقال الحَرَام فيكون حَرِم وحِرْم مثل كَبِد وكِبْد؛ ومثله قول
أُمية:ودَفْع الضعيف وأَكل اليتيم،
ونَهْك الحُدود، فكلٌّ حَرِم
قال ابن دريد: وفي بعض صَدَقات السلف الأَخَلُّ الأَقرب أَي الأَحوج.
وحكى اللحياني: ما أَخَلَّك الله إِلى هذا أَي ما أَحوجك إِليه، وقال:
الْزَقْ بالأَخَلِّ فالأَخَلِّ أَي بالأَفقر فالأَفقر. واخْتَلَّ إِلى كذا:
احتاج إِليه. وفي حديث ابن مسعود: تَعَلَّموا العلم فإِن أَحدكم لا يَدْري
متى يُخْتَلُّ إِليه أَي متى يحتاج الناس إِلى ما عنده؛ وقوله أَنشده
ابن الأَعرابي:
وما ضَمَّ زيدٌ، من مُقيم بأَرضه،
أَخَلَّ إِليه من أَبيه، وأَفقرا
أَخَلُّ ههنا أَفْعَل من قولك خَلَّ الرجلُ إِلى كذا احتاج، لا من
أُخِلَّ لأَن التعجب إِنما هو من صيغة الفاعل لا من صيغة المفعول أَي أَشد
خَلَّة إِليه وأَفقر من أَبيه.
والخَلَّة: كالخَصْلة، وقال كراع: الخَلَّة الخصلة تكون في الرجل. وقال
ابن دريد: الخَلَّة الخصلة. يقال: في فلان خَلَّة حسنة، فكأَنه إِنما ذهب
بالخَلَّة إِلى الخصلة الحسنة خاصة، وقد يجوز أَن يكون مَثَّل بالحسنة
لمكان فضلها على السَّمِجة. وفي التهذيب: يقال فيه خَلَّة صالحة وخَلَّة
سيئة، والجمعِ خلال. ويقال: فلان كريم الخِلال ولئيم الخِلال، وهي
الخِصال. وخَلَّ في دعائه وخَلَّل، كلاهما: خَصَّص؛ قال:
قد عَمَّ في دعائه وخَلاًّ،
وخَطَّ كاتِباه واسْتَمَلاًّ
وقال:
كأَنَّك لم تَسمع، ولم تكُ شاهداً،
غداةَ دعا الداعي فعمَّ وخَلَّلا
وقال أُفْنون التَّغْلَبي:
أَبلغْ كِلاباً، وخَلِّلْ في سَراتهم:
أَنَّ الفؤاد انطوى منهم على دَخَن
قال ابن بري: والذي في شعره: أَبلغ حبيباً؛ وقال لَقِيط بن
يَعْمَر الإِيادي:
أَبلغ إِياداً، وخَلِّلْ في سَراتم:
أَني أَرى الرأْيَ، إِن لم أُعْصَ، قد نَصَعا
وقال أَوس:
فقَرَّبتُ حُرْجُوجاً ومَجَّدتُ مَعْشَراً
تَخَيَّرتهم فيما أَطوفُ وأَسأَلُ
بَني مالك أَعْني بسَعد بن مالك،
أَعُمُّ بخير صالحٍ وأُخَلِّل
قال ابن بري: صواب إِنشاده: بني مالك أَعْني فسعدَ ابن مالك، بالفاء
ونصب الدال. وخلَّل، بالتشديد، أَي خَصَّص؛ وأَنشد:
عَهِدْتُ بها الحَيَّ الجميع، فَأَصبحوا
أَتَوْا داعياً لله عَمَّ وخَلَّلا
وتَخَلَّل المطرُ إِذا خَصَّ ولم يكن عامّاً.
والخُلَّة: الصداقة المختصة التي ليس فيها خَلَل تكون في عَفاف الحُبِّ
ودَعارته، وجمعها خِلال، وهي الخَلالة والخِلالة والخُلولة والخُلالة؛
وقال النابغة الجعدي:
أَدُوم على العهد ما دام لي،
إِذا كَذَبَتْ خُلَّة المِخْلَب
وبَعْضُ الأَخِلاَّء، عند البَلا
ءِ والرُّزْء، أَرْوَغُ من ثَعْلَب
وكيف تَواصُلُ من أَصبحت
خِلالته كأَبي مَرْحَب؟
أَراد من أَصبحت خَلالته كخَلالة أَبي مَرْحَب.وأَبو مَرْحَب: كنية
الظِّل، ويقال: هو كنية عُرْقُوب الذي قيل عنه مواعيد عُرْقُوب. والخِلال
والمُخالَّة: المُصادَقة؛ وقد خالَّ الرجلَ والمرأَةَ مُخالَّة وخلالاً؛ قال
امرؤ القيس:
صَرَفْتُ الهَوى عنهنَّ من خَشْيَة الرَّدى،
ولستُ بِمَقْليِّ الخِلال ولا قالي
وقوله عز وجل: لا بيعٌ فيه ولا خُلَّة ولا شفاعة، قال الزجاج: يعني يوم
القيامة. والخُلَّة الصَّداقة، يقال: خالَلْت الرجلَ خِلالاً. وقوله
تعالى: مِن قَبْلِ أَن يأْتي يوم لا بَيْع فيه ولا خِلال؛ قيل: هو مصدر
خالَلْت، وقيل: هو جمع خُلَّة كجُلَّة وجِلال. والخِلُّ: الوُدُّ والصَّدِيق.
وقال اللحياني: إِنه لكريم الخِلِّ والخِلَّة، كلاهما بالكسر، أَي كريم
المُصادَقة والمُوادَّة والإِخاءِ؛ وأَما قول الهذلي:
إنَّ سَلْمى هي المُنى، لو تَراني،
حَبَّذا هي من خُلَّة، لو تُخالي
إِنما أَراد: لو تُخالِل فلم يستقم له ذلك فأَبدل من اللام الثانية ياء.
وفي الحديث: إِني أَبرأُ إِلى كل ذي خُلَّة من خُلَّته؛ الخُلَّة،
بالضم: الصداقة والمحبة التي تخلَّلت القلب فصارت خِلالَه أَي في باطنه.
والخَلِيل: الصَّدِيق، فَعِيل بمعنى مُفَاعِل، وقد يكون بمعنى مفعول،
قال: وإِنما قال ذلك لأَن خُلَّتَه كانت مقصورة على حب الله تعالى، فليس
فيها لغيره مُتَّسَع ولا شَرِكة من مَحابِّ الدنيا والآخرة، وهذه حال شريفة
لا ينالها أَحد بكسب ولا اجتهاد، فإِن الطباع غالبة، وإِنما يخص الله
بها من يشاء من عباده مثل سيد المرسلين، صلوات الله وسلامه عليهم أَجمعين؛
ومن جعل الخَلِيل مشتقّاً من الخَلَّة، وهي الحاجة والفقر، أَراد إِنني
أَبرأُ من الاعتماد والافتقار إِلى أَحد غير الله عز وجل، وفي رواية:
أَبرأُ إِلى كل خلّ من خلَّته، بفتح الخاء
(* قوله «بفتح الخاء إلخ» هكذا في
الأصل والنهاية، وكتب بهامشها على قوله بفتح الخاء: يعني من خلته)
وكسرها، وهما بمعنى الخُلَّة والخَليل؛ ومنه الحديث: لو كنتُ متخذاً خَلِيلاً
لاتَّخَذت أَبا بكر خَلِيلاً، والحديث الآخر: المرء بخَلِيله، أَو قال:
على دين خَليله، فليَنْظُر امرؤٌ مَنْ يُخالِل؛ ومنه قول كعب بن
زهير:
يا وَيْحَها خُلَّة لو أَنها صَدَقَتْ
موعودَها، أَو لو آنَّ النصح مقبول
والخُلَّة: الصديق، الذكر والأُنثى والواحد والجمع في ذلك سواء، لأَنه
في الأَصل مصدر قولك خَليل بَيِّن الخُلَّة والخُلولة؛ وقال أَوْفى بن
مَطَر المازني:
أَلا أَبلغا خُلَّتي جابراً:
بأَنَّ خَلِيلكَ لم يُقْتَل
تَخاطَأَتِ النَّبلُ أَحشاءه،
وأَخَّر يَوْمِي فلم يَعْجَل
قال ومثله:
أَلا أَبلغا خُلَّتي راشداً
وصِنْوِي قديما، إِذا ما تَصِل
وفي حديث حسن العهد: فيُهْديها في خُلَّتها أَي في أَهل ودِّها؛ وفي
الحديث الآخر: فيُفَرِّقها في خلائلها، جمع خَليلة، وقد جمع على خِلال مثل
قُلَّة وقِلال؛ وأَنشد ابن بري لامرئ القيس:
لعَمْرُك ما سَعْدٌ بخُلَّة آثم
أَي ما سَعْد مُخالٌّ رجلاً آثماً؛ قال: ويجوز أَن تكون الخُلَّة
الصَّداقة، ويكون تقديره ما خُلَّة سعد بخُلَّة رجل آثم، وقد ثَنَّى بعضهم
الخُلَّة. والخُلَّة: الزوجة، قال جِران العَوْد:
خُذا حَذَراً يا خُلَّتَيَّ، فإِنني
رأَيت جِران العَوْد قد كاد يَصْلُح
فَثَنَّى وأَوقعه على الزوجتين لأَن التزوج خُلَّة أَيضاً. التهذيب:
فلان خُلَّتي وفلانة خُلَّتي وخِلِّي سواء في المذكر والمؤنث. والخِلُّ:
الودّ والصديق. ابن سيده: الخِلُّ الصَّديق المختص، والجمع أَخلال؛ عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
أُولئك أَخْداني وأَخلالُ شِيمتي،
وأَخْدانُك اللائي تَزَيَّنَّ بالكَتَمْ
ويروى: يُزَيَّنَّ. ويقال: كان لي وِدًّا وخِلاًّ ووُدًّا وخُلاًّ؛ قال
اللحياني: كسر الخاء أَكثر، والأُنثى خِلٌّ أَيضاً؛ وروى بعضهم هذا البيت
هكذا:
تعرَّضَتْ لي بمكان خِلِّي
فخِلِّي هنا مرفوعة الموضع بتعرَّضَتْ، كأَنه قال: تَعَرَّضَتْ لي
خِلِّي بمكان خلْوٍ أَيو غير ذلك؛ ومن رواه بمكان حِلٍّ، فحِلّ ههنا من نعت
المكان كأَنه قال بمكان حلال. والخَلِيل: كالخِلِّ. وقولهم في إِبراهيم،
على نبينا وعليه الصلاة والسلام: خَلِيل الله؛ قال ابن دريد: الذي سمعت فيه
أَن معنى الخَلِيل الذي أَصْفى المودّة وأَصَحَّها، قال: ولا أَزيد فيها
شيئاً لأَنها في القرآن، يعني قوله: واتخذ الله إِبراهيم خَلِيلاً؛
والجمع أَخِلاّء وخُلاّن، والأُنثى خَلِيلة والجمع خَلِيلات. الزجاج:
الخَلِيل المُحِبُّ الذي ليس في محبته خَلَل. وقوله عز وجل: واتخذ الله إِبراهيم
خَلِيلاً؛ أَي أَحبه محبة تامَّة لا خَلَل فيها؛ قال: وجائز أَن يكون
معناه الفقير أَي اتخذه محتاجاً فقيراً إِلى ربه، قال: وقيل للصداقة خُلَّة
لأَن كل واحد منهما يَسُدُّ خَلَل صاحبه في المودّة والحاجة إِليه.
الجوهري: الخَلِيل الصديق، والأُنثى خَلِيلة؛ وقول ساعدة بن جُؤَيَّة:
بأَصدَقَ بأْساً من خَلِيل ثَمِينةٍ،
وأَمْضى إِذا ما أَفْلَط القائمَ اليَدُ
إِنما جعله خَلِيلها لأَنه قُتِل فيها كما قال الآخر:
لما ذَكَرْت أَخا العِمْقى تَأَوَّبَني
هَمِّي، وأَفرد ظهري الأَغلَبُ الشِّيحُ
وخَلِيل الرجل: قلبُه، عن أَبي العَمَيْثَل، وأَنشد:
ولقد رأَى عَمْرو سَوادَ خَلِيله،
من بين قائم سيفه والمِعْصَم
قال الأَزهري في خطبة كتابه: أُثبت لنا عن إِسحق ابن إِبراهيم الحنظلي
الفقيه أَنه قال: كان الليث بن المظفَّر رجلاً صالحاً ومات الخليل ولم
يَفْرُغ من كتابه، فأَحب الليث أَن يُنَفِّق الكتاب كُلَّه باسمه فسَمَّى
لسانه الخليل، قال: فإِذا رأَيت في الكلمات سأَلت الخليل بن أَحمد وأَخبرني
الخليل بن أَحمد، فإِنه يعني الخَلِيلَ نفسَه، وإِذا قال: قال الخليل
فإِنما يَعْني لسانَ نَفْسِه، قال: وإِنما وقع الاضطراب في الكتاب من قِبَل
خَلِيل الليث. ابن الأَعرابي: الخَلِيل الحبيب والخليل الصادق والخَلِيل
الناصح والخَلِيل الرفيق، والخَلِيل الأَنْفُ والخَلِيل السيف والخَلِيل
الرُّمْح والخَلِيل الفقير والخَليل الضعيف الجسم، وهو المخلول والخَلُّ
أَيضاً؛ قال لبيد:
لما رأَى صُبْحٌ سَوادَ خَلِيله،
من بين قائم سيفه والمِحْمَل
صُبْح: كان من ملوك الحبشة، وخَلِيلُه: كَبِدُه، ضُرِب ضَرْبة فرأَى
كَبِدَ نفسه ظَهِر؛ وقول الشاعر أَنشده أَبو العَمَيْثَل لأَعرابي:
إِذا رَيْدةٌ من حَيثُما نَفَحَت له،
أَتاه بِرَيَّاها خَلِيلٌ يُواصِلُه
فسَّره ثعلب فقال: الخَلِيل هنا الأَنف. التهذيب: الخَلُّ الرجل القليل
اللحم، وفي المحكم: الخَلُّ المهزول والسمين ضدّ يكون في الناس والإِبل.
وقال ابن دريد: الخَلُّ الخفيف الجسم؛ وأَنشد هذا البيت المنسوب إِلى
الشَّنْفَرى ابن أُخت تأَبَّطَ شَرًّا:
فاسْقِنيها، يا سَواد بنَ عمرو،
إِنَّ جِسْمِي بعد خالِيَ خَلُّ
الصحاح: بعد خالي لَخَلُّ، والأُنثى خَلَّة. خَلَّ لحمُه يَخِلُّ خَلاًّ
وخُلُولاً واخْتَلَّ أَي قَلَّ ونَحِف، وذلك في الهُزال خاصة. وفلان
مُخْتَلُّ الجسم أَي نحيف الجسم. والخَلُّ: الرجل النحيف المخْتَلُّ الجسم.
واخْتَلَّ جسمُه أَي هُزِل، وأَما ما جاء في الحديث: أَنه، عليه الصلاة
والسلام، أُتِي بفَصِيل مَخْلول أَو مَحْلول، فقيل هو الهزيل الذي قد
خَلَّ جسمُه، ويقال: أَصله أَنهم كانوا يَخُلُّون الفصيلَ لئلا يرتضع
فيُهْزَل لذلك؛ وفي التهذيب: وقيل هو الفَصِيل الذي خُلَّ أَنفُه لئلا يرضع أُمه
فتُهْزَل، قال: وأَما المهزول فلا يقال له مَخْلول لأَن المخلول هو
السمين ضدّ المهزول. والمهزول: هو الخَلُّ والمُخْتَلُّ، والأَصح في الحديث
أَنه المشقوق اللسان لئلا يرضع، ذكره ابن سيده. ويقال لابن المخاض خَلٌّ
لأَنه دقيق الجسم. ابن الأَعرابي: الخَلَّة ابنة مَخاض، وقيل: الخَلَّة
ابن المخاض، الذكر والأُنثى خَلَّة
(قوله «وقيل الخلة ابن المخاض الذكر والانثى خلة» هكذا في النسخ، وفي
القاموس: والخل، ابن المخاض، كالخلة، وهي بهاء أَيضاً). ويقال: أَتى
بقُرْصة كأَنه فِرْسِن خَلَّة، يعني السمينة. وقال ابن الأَعرابي: اللحم
المخلول هو المهزول.
والخَلِيل والمُخْتَل: كالخَلِّ؛ كلاهما عن اللحياني. والخَلُّ: الثوب
البالي إِذا رأَيت فيه طُرُقاً. وثوب خَلٌّ: بالٍ فيه طرائق. ويقال: ثوب
خَلْخال وهَلْهال إِذا كانت فيه رِقَّة. ابن سيده: الخَلُّ ابن المخاض،
والأُنثى خَلَّة. وقال اللحياني: الخَلَّة الأُنثى من الإِبل. والخَلُّ.
عِرْق في العنق متصل بالرأْس؛ أَنشد ابن دريد:
ثمَّ إِلى هادٍ شديد الخَلِّ،
وعُنُق في الجِذْع مُتْمَهِلِّ
والخِلَل: بقية الطعام بين الأَسنان، واحدته خِلَّة، وقيل: خِلَلة؛
الأَخيرة عن كراع، ويقال له أَيضاً الخِلال والخُلالة، وقد تَخَلَّله. ويقال:
فلان يأْكل خُلالته وخِلَله وخِلَلته أَي ما يخرجه من بين أَسنانه إِذا
تَخَلَّل، وهو مثل. ويقال: وجدت في فمي خِلَّة فَتَخَلَّلت. وقال ابن
بزرج: الخِلَل ما دخل بين الأَسنان من الطعام، والخِلال ما أَخرجته به؛
وأَنشد:
شاحِيَ فيه عن لسان كالوَرَل،
على ثَناياه من اللحم خِلَل
والخُلالة، بالضم: ما يقع من التخلل، وتَخَلَّل بالخِلال بعد الأَكل.
وفي الحديث: التَّخَلُّل من السُّنَّة، هو استعمال الخِلال لإِخراج ما بين
الأَسنان من الطعام. والمُخْتَلُّ: الشديد العطش.
والخَلال، بالفتح: البَلَح، واحدته خَلالة، بالفتح؛ قال شمر: وهي بِلُغة
أَهل البصرة. واخْتَلَّت النخلةُ: أَطلعت الخَلال، وأَخَلَّت أَيضاً
أَساءت الحَمْل؛ حكاه أَبو عبيد؛ قال الجوهري: وأَنا أَظنه من الخَلال كما
يقال أَبْلَح النخلُ وأَرْطَب. وفي حديث سنان بن
سلمة: إِنا نلتقط الخَلال، يعني البُسْر أَوَّل إِدراكه.
والخِلَّة: جفن السيف المُغَشَّى بالأَدَم؛ قال ابن دريد: الخِلَّة
بِطانة يُغَشَّى بها جَفْن السيف تنقش بالذهب وغيره، والجمع خِلَل وخِلال؛
قال ذو الرمة:
كأَنها خِلَلٌ مَوْشِيَّة قُشُب
وقال آخر:
لِمَيَّةَ موحِشاً طَلَل،
يلوحُ كأَنه خِلَل
وقال عَبِيد بن الأَبرص الأَزدي:
دار حَيٍّ مَضَى بهم سالفُ الدهـ
ر، فأَضْحَت ديارُهم كالخِلال
التهذيب: والخِلَل جفون السيوف، واحدتها خِلَّة. وقال النضر: الخِلَلُ
من داخل سَيْر الجَفْن تُرى من خارج، واحدتها خِلَّة، وهي نقش وزينة،
والعرب تسمي من يعمل جفون السيوف خَلاَّلاً. وفي كتاب الوزراء لابن قتيبة في
ترجمة أَبي سلمة حفص بن سليمان الخَلاَّل في الاختلاف في نسبه، فروى عن
ابن الأَعرابي أَنه منسوب إِلى خِلَل السيوف من ذلك؛ وأَما قوله:
إِن بَني سَلْمَى شيوخٌ جِلَّة،
بِيضُ الوجوه خُرُق الأَخِلَّه
قال ابن سيده: زعم ابن الأَعرابي أَن الأَخلة جمع خِلَّة أَعني جفن
السيف، قال: ولا أَدري كيف يكون الأَخِلَّة جمع خِلَّة، لأَن فِعْلة لا
تُكَسَّر على أَفْعِلة، هذا خطأٌ، قال: فأَما الذي أُوَجِّه أَنا عليه
الأَخِلَّة فأَن تُكَسَّر خِلَّة على خِلال كطِبَّة وطِباب، وهي الطريقة من
الرمل والسحاب، ثم تُكَسَّر خِلال على أَخِلَّة فيكون حينئذ أَخله جمع جمع؛
قال: وعسى أَن يكون الخِلال لغة في خِلَّة السيف فيكون أَخِلَّة جمعها
المأْلوف وقياسها المعروف، إِلا أَني لا أَعرف الخِلال لغة في الخِلَّة، وكل
جلدة منقوشة خِلَّة؛ ويقال: هي سيور تُلْبَس ظَهْر سِيَتَي القوس. ابن
سيده: الخِلَّة السير الذي يكون في ظهر سِيَة القوس.
وقوله في الحديث: إِن الله يُبْغِض البليغ من الرجال الذي يَتَخَلَّل
الكلام بلسانه كما تَتَخَلَّل الباقرةُ الكلأَ بلسانها؛ قال ابن الأَثير:
هو الذي يتشدَّق في الكلام ويُفَخِّم به لسانه ويَلُفُّه كما تَلُفُّ
البقرة الكلأَ بلسانها لَفًّا.
والخَلْخَل والخُلْخُل من الحُلِيِّ: معروف؛ قال الشاعر:
بَرَّاقة الجِيد صَمُوت الخَلْخَل
وقال:
ملأى البَرِيم متُأَق الخَلْخَلِّ
أَراد متْأَق الخَلْخَل، فشَدَّدَ للضرورة. والخَلْخالُ: كالخَلْخَل.
والخَلْخَل: لغة في الخَلْخال أَو مقصور منه، واحد خَلاخِيل النساء،
والمُخَلْخَل: موضع الخَلْخال من الساق. والخَلْخال: الذي تلبسه المرأَة.
وتَخَلْخَلَت المرأَةُ: لبست الخَلْخال. ورمل خَلْخال: فيه خشونة. والخَلْخال:
الرمْل الجَرِيش؛ قال:
من سالكات دُقَق الخَلْخال
(* قوله «من سالكات إلخ» سبق في ترجمة دقق وسهك:
بساهكات دقق وجلجال)
وخَلْخَل العظمَ: أَخذ ما عليه من اللحم.
وخَلِيلانُ: اسمٌ رواه أَبو الحسن؛ قال أَبو العباس: هو اسم مُغَنٍّ.
لكن: اللُّكْنَة: عُجْمة في اللسان وعِيٌّ. يقال: رجل أَلْكَنُ بيِّنُ
اللَّكَن. ابن سيده: الأَلْكَنُ الذي لا يُقِيمُ العربية من عجمة في
لسانه، لَكِنَ لَكَناً ولُكْنَة ولُكُونة. ويقال: به لُكْنة شديدة ولُكُونةٌ
ولُكْنُونة.
ولُكانٌ: اسم موضع؛ قال زهير:
ولا لُكانٌ إِلى وادي الغِمارِ، ولا
شَرْقيُّ سَلمى،. ولا فيْدٌ ولا رِهَمُ
(* قوله «إلى وادي الغمار» كذا
بالأصل ونسخة من المحكم، والذي في ياقوت: ولا وادي الغمار. وقوله «ولا
رهم» الذي في ياقوت: ولا رمم، وضبطه كعنب وسبب: اسم موضع، ولم نجد رهم
بالهاء اسم موضع).
قال ابن سيده: كذا رواه ثعلب، وخطَّأَ من روى فالآلُكانُ، قال: وكذلك
رواية الطُّوسيِّ أَيضاً. المُبرّد: الُّكْنَةُ أَن تَعْترِضَ على كلام
المتكلم اللغةُ الأَعجمية. يقال: فلان يَرْتَضِخُ لُكْنَةً روميةً أَو حبشية
أَو سِنْدِية أَو ما كانت من لغات العجم.
الفراء: للعرب في لَكِنَّ لغتان: بتشديد النون مفتوحة، وإسكانها خفيفة،
فمن شدَّدها نصب بها الأَسماء ولم يَلِها فَعَل ولا يَفْعَلُ، ومن خفف
نونها وأَسكنها لم يعملها في شيء اسم ولا فعل، وكان الذي يعمل في الاسم
الذي بعدها ما معه مما ينصبه أَو يرفعه أَو يخفضه، من ذلك قول الله: ولكنِ
الناسُ أَنفُسَهم يَظْلِمُونَ، ولكِنِ اللهُ رمى، ولكن الشياطينُ
كَفَرُوا؛ رُفِعَتْ هذه الأَحرفُ بالأَفاعيل التي بعدها، وأَما قوله: ما كان
محمدٌ أَبا أَحَد من رجالكم ولكن رسُولَ اللهِ؛ فإنك أَضمرت كان بعد ولكن
فنصبت بها، ولو رفعته على أَن تُضْمِرَ هو فتريد ولكن هو رسولُ الله كان
صواباً؛ ومثله: وما كان هذا القرآنُ أَن يُفْتَرى من دون الله ولكن
تَصْديقُ، وتصديقَ، فإذا أُلقِيَت من لكن الواوُ في أَولها آثرت العرب تخفيف
نونها، وإذا أَدخلوا الواو آثروا تشديدها، وإنما فعلوا ذلك لأَنها رجوع عما
أَصابَ أَول الكلام، فشبهت ببل إذ كانت رجوعاً مثلها، أَلا ترى أَنك تقول
لم يقم أَخوك بل أَبوك، ثم تقول لم يقم أَخوك لكن أَبوك فتراهما في معنى
واحد، والواو لا تصلح في بل، فإذا قالوا ولكن فأَدخلوا الواو تباعدت من
بل إذ لم تصلح في بل الواو، فآثروا فيها تشديد النون، وجعلوا الواو كأَنها
دخلت لعطف لا بمعنى بل، وإنما نصبت العرب بها إذا شددت نونها لأَن
أَصلها إن عبد الله قائم، زيدت على إنَّ لام وكاف فصارتا جميعاً حرفاً واحداً؛
قال الجوهري: بعض النحويين يقول أَصله إن واللام والكاف زوائد، قال: يدل
على ذلك أَن العرب تدخل اللام في خبرها؛ وأنشد الفراء:
ولَكِنَّني من حُبِّها لَعَمِيدُ
فلم يدخل اللام إلا أَن معناها إنَّ، ولا تجوز الإمالة في لكن وصورة
اللفظ بها لاكنّ، وكتبت في المصاحف بغير أَلف وأَلفها غير ممالة؛ قال
الكسائي: حرفان من الاستثناء لا يقعان أَكثر ما يقعان إلا مع الجحد وهما بل
ولكن، والعرب تجعلهما مثل واو النسق. ابن سيده: ولكن ولكنّ حرف يُثْبَتُ به
بعد النفي. قال ابن جني: القول في أَلف لكنّ ولكنْ أَن يكونا أَصلين لأَن
الكلمة حرفان ولا ينبغي أَن توجد الزيادة في الحروف، قال: فإن سميت
بهما. ونقلتهما إلى حكم الأَسماء حكمت بزيادة الأَلف، وكان وزن المثقلة
فاعِلاً ووزن المخففة فاعِلاً، وأَما قراءتهم: لكنَّا هو اللهُ هو ربي فأَصلها
لكن أَنا، فلما حذفت الهمزة للتخفيف وأُلقيت حركتها على نون لكن صار
التقدير لكننا، فلما اجتمع حرفان مثلان كره ذلك، كما كره شدد وجلل، فأَسكنوا
النون الأُولى وأَدغموها في الثانية فصارت لكنَّا، كما أَسكنوا الحرف
الأَول من شدد وجلل فأَدغموه في الثاني فقالوا جَلَّ وشَدَّ، فاعْتَدُّوا
بالحركة وإن كانت غير لازمة، وقيل في قوله: لَكنَّا هو اللهُ ربي، يقال:
أَصله لكنْ أَنا، فحذفت الأَلف فالتقت نونان فجاء التشديد لذلك؛ وقوله:
ولَسْتُ بآتيه ولا أَسْتَطِيعُه،
ولاكِ اسْقِني إن كان ماؤُكَ ذا فَضْلِ
إنما أَراد: ولكن اسقني، فحذفت النون للضرورة، وهو قبيح، وشبهها بما
يحذف من حروف اللين لالتقاء الساكنين للمشاكلة التي بين النون الساكنة وحرف
العلة. وقال ابن جني: حَذْفُ النون لالتقاء الساكنين البَتَّةَ؛ وهو مع
ذلك أَقبح من حذف نون من في قوله:
غيرُ الذي قد يقالُ مِ الكَذِبِ
من قِبَلِ أَن أَصل لكن المخففة لكنّ المشددة، فحذفت إحدى النونين
تخفيفاً، فإذا ذهبت تحذف النون الثانية أَيضاً أَجحفت بالكلمة؛ قال الجوهري:
لكن، خفيفةً وثقيلةً، حرفُ عطف للاستدراك والتحقيق يُوجَبُ بها بعد نفي،
إلا أَن الثقيلة تَعْمَلُ عَمَلَ إنّ تنصب الإسم وترفع الخبر، ويستدرك بها
بعد النفي والإبجاب، تقول: ما جاءني زيد لكنَّ عمراً قد جاء، وما تكلم
زيدٌ لكنَّ عمراً قد تكلم، والخفيفة لا تعمل لأَنها تقع على الأَسماء،
والأَفعال، وتقع أَيضاً بعد النفي إذا ابتدأَت بما بعدها، تقول: جاءني القوم
لكن عمرو لم يجئ، فترفع ولا يجوز أَن تقول لكن عمرو وتسكت حتى تاتي
بجملة تامة، فأَما إن كانت عاطفة اسماً مفرداً على اسم لم يجز أَن تقع إلا
بعد نفي، وتُلْزِم الثاني مثل إعراب الأَول، تقول: ما رأَيتُ زيداً لكنْ
عمراً، وما جاءني زيد لكنْ عمرو.
عون: العَوْنُ: الظَّهير على الأَمر، الواحد والاثنان والجمع والمؤنث
فيه سواء، وقد حكي في تكسيره أَعْوان، والعرب تقول إذا جاءَتْ السَّنة: جاء
معها أَعْوانها؛ يَعْنون بالسنة الجَدْبَ، وبالأَعوان الجراد والذِّئاب
والأَمراض، والعَوِينُ اسم للجمع. أَبو عمرو: العَوينُ الأَعْوانُ. قال
الفراء: ومثله طَسيسٌ جمع طَسٍّ. وتقول: أَعَنْتُه إعانة واسْتَعَنْتُه
واستَعَنْتُ به فأَعانَني، وإنِما أُعِلَّ اسْتَعانَ وإِن لم يكن تحته
ثلاثي معتل، أَعني أَنه لا يقال عانَ يَعُونُ كَقام يقوم لأَنه، وإن لم
يُنْطَق بثُلاثِيَّة، فإِنه في حكم المنطوق به، وعليه جاءَ أَعانَ يُعِين، وقد
شاع الإِعلال في هذا الأَصل، فلما اطرد الإِعلال في جميع ذلك دَلَّ أَن
ثلاثية وإن لم يكن مستعملاً فإِنه في حكم ذلك، والإسم العَوْن والمَعانة
والمَعُونة والمَعْوُنة والمَعُون؛ قال الأَزهري: والمَعُونة مَفْعُلة في
قياس من جعله من العَوْن؛ وقال ناسٌ: هي فَعُولة من الماعُون، والماعون
فاعول، وقال غيره من النحويين: المَعُونة مَفْعُلة من العَوْن مثل
المَغُوثة من الغَوْث، والمضوفة من أَضافَ إذا أَشفق، والمَشُورة من أَشارَ
يُشير، ومن العرب من يحذف الهاء فيقول مَعُونٌ، وهو شاذ لأَنه ليس في كلام
العرب مَفْعُل بغير هاء. قال الكسائي: لا يأْتي في المذكر مَفْعُلٌ، بضم
العين، إلاَّ حرفان جاءَا نادرين لا يقاس عليهما: المَعُون، والمَكْرُم؛
قال جميلٌ:
بُثَيْنَ الْزَمي لا، إنَّ لا إنْ لزِمْتِه،
على كَثْرة الواشِينَ، أَيُّ مَعُونِ
يقول: نِعْمَ العَوْنُ قولك لا في رَدِّ الوُشاة، وإن كثروا؛ وقال آخر:
ليَوْم مَجْدٍ أَو فِعالِ مَكْرُمِ
(* قوله «ليوم مجد إلخ» كذا بالأصل والمحكم، والذي في التهذيب: ليوم
هيجا). وقيل: مَعُونٌ جمع مَعونة، ومَكْرُم جمع مَكْرُمة؛ قاله الفراء.
وتعاوَنوا عليَّ واعْتَوَنوا: أَعان بعضهم بعضاً. سيبويه: صحَّت واوُ
اعْتَوَنوا لأَنها في معنى تعاوَنوا، فجعلوا ترك الإِعلال دليلاً
على أَنه في معنى ما لا بد من صحته، وهو تعاونوا؛ وقالوا: عاوَنْتُه
مُعاوَنة وعِواناً، صحت الواو في المصدر لصحتها في الفعل لوقوع الأَلف
قبلها. قال ابن بري: يقال اعْتَوَنوا واعْتانوا إذا عاوَنَ بعضهم بعضاً؛ قال
ذو الرمة:
فكيفَ لنا بالشُّرْبِ، إنْ لم يكنْ لنا
دَوانِيقُ عندَ الحانَوِيِّ، ولا نَقْدُ؟
أَنَعْتانُ أَمْ نَدَّانُ، أَم يَنْبَري لنا
فَتًى مثلُ نَصْلِ السَّيفِ، شِيمَتُه الحَمْدُ؟
وتَعاوَنَّا: أَعان بعضنا بعضاً. والمَعُونة: الإِعانَة. ورجل مِعْوانٌ:
حسن المَعُونة. وتقول: ما أَخلاني فلان من مَعاوِنه، وهو وجمع مَعُونة.
ورجل مِعْوان: كثير المَعُونة للناس. واسْتَعَنْتُ بفلان فأَعانَني
وعاونَني. وفي الدعاء: رَبِّ أَعنِّي ولا تُعِنْ عَليَّ. والمُتَعاوِنة من
النساء: التي طَعَنت في السِّنِّ ولا تكون إلا مع كثرة اللحم؛ قال الأَزهري:
امرأَة مُتَعاوِنة إذا اعتدل خَلْقُها فلم يَبْدُ حَجْمُها. والنحويون
يسمون الباء حرف الاستعانة، وذلك أَنك إذا قلت ضربت بالسيف وكتبت بالقلم
وبَرَيْتُ بالمُدْيَة، فكأَنك قلت استعنت بهذه الأَدوات على هذه الأَفعال.
قال الليث: كل شيء أَعانك فهو عَوْنٌ لك، كالصوم عَوْنٌ على العبادة،
والجمع الأَعْوانُ. والعَوانُ من البقر وغيرها: النَّصَفُ في سنِّها. وفي
التنزيل العزيز: لا فارضٌ ولا بِكْرٌ عَوانٌ بين ذلك؛ قال الفراء: انقطع
الكلام عند قوله ولا بكر، ثم استأْنف فقال عَوان بين ذلك، وقيل: العوان من
البقر والخيل التي نُتِجَتْ بعد بطنها البِكْرِ. أَبو زيد: عانَتِ
البقرة تَعُون عُؤُوناً إذا صارت عَواناً؛ والعَوان: النَّصَفُ التي بين
الفارِضِ، وهي المُسِنَّة، وبين البكر، وهي الصغيرة. ويقال: فرس عَوانٌ وخيل
عُونٌ، على فُعْلٍ، والأَصل عُوُن فكرهوا إلقاء ضمة على الواو فسكنوها،
وكذلك يقال رجل جَوادٌ وقوم جُود؛ وقال زهير:
تَحُلُّ سُهُولَها، فإِذا فَزَعْنا،
جَرَى منهنَّ بالآصال عُونُ.
فَزَعْنا: أَغَثْنا مُسْتَغيثاً؛ يقول: إذا أَغَثْنا ركبنا خيلاً، قال:
ومن زعم أَن العُونَ ههنا جمع العانَةِ بفقد أَبطل، وأَراد أَنهم
شُجْعان، فإِذا اسْتُغيث بهم ركبوا الخيل وأَغاثُوا. أَبو زيد: بَقَرة عَوانٌ
بين المُسِنَّةِ والشابة. ابن الأَعرابي: العَوَانُ من الحيوان السِّنُّ
بين السِّنَّيْنِ لا صغير ولا كبير. قال الجوهري: العَوَان النَّصَفُ في
سِنِّها من كل شيء. وفي المثل: لا تُعَلَّمُ العَوانُ الخِمْرَةَ؛ قال ابن
بري: أَي المُجَرِّبُ عارف بأَمره كما أَن المرأَة التي تزوجت تُحْسِنُ
القِناعَ بالخِمار. قال ابن سيده: العَوانُ من النساء التي قد كان لها
زوج، وقيل: هي الثيِّب، والجمع عُونٌ؛ قال:
نَواعِم بين أَبْكارٍ وعُونٍ،
طِوال مَشَكِّ أَعْقادِ الهَوادِي.
تقول منه: عَوَّنَتِ المِرأَةُ تَعْوِيناً إذا صارت عَواناً، وعانت
تَعُونُ عَوْناً. وحربٌ عَوان: قُوتِل فيها مرة
(* قوله: مرة، أي مرّةً بعد
الأخرى). كأَنهم جعلوا الأُولى بكراً، قال: وهو على المَثَل؛ قال:
حَرْباً عواناً لَقِحَتْ عن حُولَلٍ،
خَطَرتْ وكانت قبلها لم تَخْطُرِ
وحَرْبٌ عَوَان: كان قبلها حرب؛ وأَنشد ابن بري لأَبي جهل:
ما تَنْقِمُ الحربُ العَوانُ مِنِّي؟
بازِلُ عامين حَدِيثٌ سِنِّي،
لمِثْل هذا وَلَدَتْني أُمّي.
وفي حديث علي، كرم الله وجهه: كانت ضَرَباتُه مُبْتَكَراتٍ لا عُوناً؛
العُونُ: جمع العَوان، وهي التي وقعت مُخْتَلَسَةً فأَحْوَجَتْ إلى
المُراجَعة؛ ومنه الحرب العَوانُ أَي المُتَردّدة، والمرأَة العَوان وهي
الثيب، يعني أَن ضرباته كانت قاطعة ماضية لا تحتاج إلى المعاودة والتثنية.
ونخلة عَوانٌ: طويلة، أَزْدِيَّة. وقال أَبو حنيفة: العَوَانَةُ النخلة، في
لغة أَهل عُمانَ. قال ابن الأََعرابي: العَوانَة النخلة الطويلة، وبها
سمي الرجل، وهي المنفردة، ويقال لها القِرْواحُ والعُلْبَة. قال ابن بري:
والعَوَانة الباسِقَة من النخل، قال: والعَوَانة أَيضاً دودة تخرج من
الرمل فتدور أَشواطاً كثيرة. قال الأَصمعي: العَوانة دابة دون القُنْفُذ تكون
في وسط الرَّمْلة اليتيمة، وهي المنفردة من الرملات، فتظهر أَحياناً
وتدور كأَنها تَطْحَنُ ثم تغوص، قال: ويقال لهذه الدابة الطُّحَنُ، قال:
والعَوانة الدابة، سمي الرجل بها. وبِرْذَوْنٌ مُتَعاوِنٌ
ومُتَدارِك ومُتَلاحِك إذا لَحِقَتْ قُوَّتُه وسِنُّه. والعَانة: القطيع
من حُمُر الوحش. والعانة: الأَتان، والجمع منهما عُون، وقيل: وعانات.
ابن الأَعرابي: التَّعْوِينُ كثرةُ بَوْكِ الحمار لعانته. والتَّوْعِينُ:
السِّمَن. وعانة الإِنسان: إِسْبُه، الشعرُ النابتُ على فرجه، وقيل: هي
مَنْبِتُ الشعر هنالك. واسْتَعان الرجلُ: حَلَقَ عانَتَه؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
مِثْل البُرام غَدا في أُصْدَةٍ خَلَقٍ،
لم يَسْتَعِنْ، وحَوامي الموتِ تَغْشاهُ.
البُرام: القُرادُ، لم يَسْتَعِنْ أَي لم يَحْلِقْ عانته، وحَوامي
الموتِ: حوائِمُه فقلبه، وهي أَسباب الموت. وقال بعض العرب وقد عرَضَه رجل على
القَتْل: أَجِرْ لي سَراويلي فإِني لم أَسْتَعِنْ. وتَعَيَّنَ:
كاسْتَعان؛ قال ابن سيده: وأَصله الواو، فإِما أَن يكون تَعَيَّنَ تَفَيْعَلَ،
وإِما أَن يكون على المعاقبة كالصَّيَّاغ في الصَّوَّاغ، وهو أَضعف القولين
إذ لو كان ذلك لوجدنا تَعَوَّنَ، فعَدَمُنا إِياه يدل على أَن تَعَيَّنَ
تَفَيْعَل. الجوهري: العانَة شعرُ الركَبِ. قال أَبو الهيثم: العانة
مَنْبِت الشعر فوق القُبُل من المرأَة، وفوق الذكر من الرجل، والشَّعَر
النابتُ عليهما يقال له الشِّعْرَةُ والإِسْبُ؛ قال الأَزهري: وهذا هو
الصواب. وفلان على عانَة بَكْرِ بن وائل أَي جماعتهم وحُرْمَتِهم؛ هذه عن
اللحياني، وقيل: هو قائم بأَمرهم. والعانَةُ: الحَظُّ من الماء للأَرض، بلغة
عبد القيس. وعانَةُ: قرية من قُرى الجزيرة، وفي الصحاح: قرية على الفُرات،
وتصغير كل ذلك عُوَيْنة. وأَما قولهم فيها عاناتٌ فعلى قولهم رامَتانِ،
جَمَعُوا كما ثَنَّوْا. والعانِيَّة: الخَمْر، منسوبة إليها. الليث:
عاناتُ موضع بالجزيرة تنسب إليها الخمر العانِيَّة؛ قال زهير:
كأَنَّ رِيقَتَها بعد الكَرى اغْتَبَقَتْ
من خَمْرِ عانَةَ، لَمَّا يَعْدُ أَن عَتَقا.
وربما قالوا عاناتٌ
كما قالوا عرفة وعَرَفات، والقول في صرف عانات كالقول في عَرَفات
وأَذْرِعات؛ قال ابن بري: شاهد عانات قول الأَعشى:
تَخَيَّرَها أَخُو عاناتِ شَهْراً،
ورَجَّى خَيرَها عاماً فعاما.
قال: وذكر الهرويُّ أَنه يروى بيت امرئ القيس على ثلاثة أَوجه:
تَنَوَّرتُها من أَذرِعاتٍ بالتنوين، وأَذرعاتِ بغير تنوين، وأَذرعاتَ بفتح
التاء؛ قال: وذكر أَبو علي الفارسي أَنه لا يجوز فتح التاء عند سيبويه.
وعَوْنٌ وعُوَيْنٌ
وعَوانةُ: أَسماء. وعَوانة وعوائنُ: موضعان؛ قال تأبَّط شرّاً:
ولما سمعتُ العُوصَ تَدْعو، تنَفَّرَتْ
عصافيرُ رأْسي من برًى فعَوائنا.
ومَعانُ: موضع بالشام على قُرب مُوتة؛ قال عبد الله ابن رَواحة:
أَقامتْ ليلَتين على مَعانٍ،
وأَعْقَبَ بعد فَتَرتها جُمومُ.
سهم: السَّهْمُ: واحد السِّهام. والسَّهْمُ: النصيب. المحكم: السَّهْم
الحظُّ، والجمع سُهْمان وسُهْمة؛ الأَخيرة كــأُخْوة. وفي هذا الأَمر سُهْمة
أَي نصيب وحظّ من أَثَر كان لي فيه. وفي الحديث: كان للنبي، صلى الله
عليه وسلم، سَهْم من الغنِيمة شَهِد أَو غاب؛ السَّهْم في الأَصل: واحد
السِّهام التي يُضْرَب بها في المَيْسِر وهي القِداح ثم سُمِّيَ به ما يفوز
به الفالِجُ سَهْمُهُ، ثم كثر حتى سمي كل نصيب سَهْماً، وتجمع على
أَسْهُمٍ وسِهام وسُهمان، ومنه الحديث: ما أَدري ما السُّهْمانُ. وفي حديث عمر:
فلقد رأَيتُنا نَسْتَفِيءُ سُهْمانها، وحديث بُرَيْدَةَ: خرج سَهْمُك
أَي بالفَلْجِ والظَّفَرِ. والسَّهْم: القِدْح الذي يُقارَع به، والجمع
سِهام. واسْتَهَمَ الرجلان: تقارعا. وساهَمَ القومَ فسهَمَهُمْ سَهْماً:
قارعهم فَقَرَعَهُمْ. وساهَمْتُهُ أَي قارعته فَسَهَمْتُهُ أَسْهَمُه ،
بالفتح، وأَسْهَمَ بينهم أَي أَقْرَعَ. واسْتَهَمُوا أَي اقترعوا.
وتَساهَمُوا أَي تقارعوا. وفي التنزيل: فساهَمَ فكان من المُدْحَضِين؛ يقول: قارَعَ
أَهْلَ السفينة فَقُرِعَ. وقال النبي، صلى الله عليه وسلم، لرجلين
احْتَكما إِليه في مواريث قد دَرَسَت: اذهبا فَتَوخَّيا، ثم اسْتَهِما، ثم
ليأْخذ كلُّ واحد منكما ما تخرجه القسمةُ بالقُرْعةِ، ثم لِيُحْلِلْ كلُّ
واحد منكما صاحبَه فيما أَخَذ وهو لا يَسْتَيْقِنُ أَنه حقه؛ قال ابن
الأَثير: قوله اذهَبا فتَوَخَّيا ثم اسْتَهِما أَي اقْتَرِعا يعني ليظهر
سَهْمُ كلِّ واحدٍ منكما. وفي حديث ابن عمر: وقع في سَهْمِي جاريةٌ، يعني من
المَغْنَم. والسُّهْمَةُ: النصيب. والسَّهْمُ: واحد النَّبْلِ، وهو
مَرْكَبُ النَّصْلِ، والجمع أَسْهُمٌ وسِهامٌ. قال ابن شميل: السَّهْمُ نفس
النَّصْل، وقال: لو التَقَطْت نَصْلاً لقلت ما هذا السَّهْمُ معك، ولو
التقطت قِدْحاً لم تقل ما هذا السَّهْمُ معك، والنَّصْلُ السَّهْم العريض
الطويل يكون قريباً من فِتْرٍ والمِشْقَص على النصف من النَّصْل، ولا خير
فيه، يَلْعَبُ به الوِلْدانُ، وهو شر النَّبْلِ وأَحرضه؛ قال: والسَّهْمُ
ذو الغِرارَيْنِ والعَيْرِ، قال: والقُطْبَةُ لا تُعَدُّ سَهْماً،
والمِرِّيخُ الذي على رأْسه العظيمة يرمي بها أَهل البصرة بين الهَدَفَيْنِ،
والنَّضِيُّ متن القِدْح ما بين الفُوق والنَّصْل. والمُسَهَّمُ: البُرْدُ
المخطط؛ قال ابن بري: ومنه قول أَوْسٍ:
فإِنا رأَينا العِرْضَ أَحْوَجَ، ساعةً،
إِلى الصَّوْنِ، من رَيْطٍ يَمانٍ مُسَهَّمِ
وفي حديث جابر: أَنه كان يصلي في بُرْدٍ مُسَهَّمٍ أَي مُخَطَّطٍ فيه
وَشْيٌ كالسِّهامِ. وبُرْدٌ مُسَهَّمٌ: مخطط بصور على شكل السِّهام؛ وقال
اللحياني: إِنما ذلك لوَشْيٍ فيه؛ قال ذو الرُّمَّةِ يصف داراً:
كأَنَّها بعد أَحْوالٍ مَضَيْنَ لها،
بالأَشْيَمَيْنِ، يَمانٍ فيه تَسْهِيمُ
والسَّهْمُ: القِدْحُ الذي يُقارَعُ به. والسَّهْمُ: مقدار ست أَذرع في
معاملات الناس ومِساحاتِهم. والسَّهْمُ: حجر يجعل على باب البيت الذي
يبنى للأَسد ليُصاد فيه، فإِذا دخله وقع الحجر على الباب فسدَّه.
والسُّهْمَةُ، بالضم: القرابة؛ قال عَبِيدٌ:
قد يُوصَلُ النازِحُ النَّائي، وقد
يُقْطَعُ ذو السُّهْمَةِ القريبُ
وقال:
بَنى يَثْرَبيٍّ، حَصِّنوا أَيْنُقاتِكُم
وأَفْراسَكُمْ من ضَرْبِ أَحْمَرَ مُسْهَمِ
ولا أُلْفِيَنْ ذا الشَّفِّ يَطْلُبُ شِفَّهُ،
يُداوِيهِ منْكُمْ بالأَدِيم المُسَلَّمِ
أَراد بقوله أَيْنُقاتِكُمْ وأَفْراسكم نساءهم؛ يقول: لا تُنْكِحُوهُنّ
غير الأَكفاء، وقوله من ضَرْب أَحْمر مُسْهَمِ يعني سِفاد رجل من العجم،
وقوله بالأَديم المُسَلَّمِ أَي يَتَصَحَّحُ بكم. والسُّهام والسَّهامُ:
الضُّمْرُ وتَغَيُّر اللون وذُبولُ الشَّفَتين. سَهَمَ، بالفتح، يَسْهَمُ
سُهاماً وسُهوماً وسَهُمَ أَيضاً، بالضم، يَسْهُمُ سُهوماً فيهما
وسُهِمَ يُسْهَمُ، فهو مَسْهومٌ إِذا ضَمُرَ: قال العجَّاجُ:
فهي كرِعْدِيدِ الكَثِيبِ الأَهْيَمِ
ولم يَلُحْها حَزَنٌ على ابْنِمِ
ولا أَبٍ ولا أَخٍ فتَسْهُمِ
وفي الحديث: دخل عليَّ ساهِمَ الوَجْهِ أَي مُتَغَيِّره. يقال: سَهَمَ
لونُهُ يَسْهَمُ إِذا تَغير عن حالهِ لعارض. وفي حديث أُم سلمة: يا رسول
الله، ما لي أَراك ساهِمَ الوَجْهِ؟ وحديث ابن عباس في ذكر الخوارج:
مُسَهَّمةٌ وُجُوهُهُمْ؛ وقول عَنْترَة:
والخَيْلُ ساهِمَةُ الوُجُوهِ، كأَنَّما
يُسْقى فَوارِسُها نَقِيعَ الحَنْظَلِ
فسره ثعلب فقال: إِنما أَراد أَن أَصحاب الخيل تغيرت أَلوانُهم مما بهم
من الشدّة، أَلا تراه قال يُسْقَى فَوارِسُها نَقيعَ الحَنْظَلِ؟ فلو كان
السُّهام للخيل أَنْفُسِها لقال كأَنَّما تُسْقَى نَقيعَ الحَنْظَلِ.
وفرس ساهِمُ الوَجْه: محمول على كريهة الجَرْي، وقد سُهِمَ، وأَنشد بيت
عنترة: والخيل ساهِمَةُ الوجوهِ؛ وكذا الرجل إِذا حُمِلُ على كرِيهةٍ في
الحرب وقد سُهِمَ. وفرس مُسْهَمٌ إِذا كان هجيناً يُعْطَى دون سَهْمِ
العَتِيقِ من الغنيمة.
والسُّهومُ: العُبوس عُبوسُ الوجهِ من الهمِّ؛ قال:
إِن أَكُنْ مُوثَقاً لكِسرَى، أَسيراً
في هُمومٍ وكُرْبَةٍ وسُهومِ
رَهْنَ قَيْدٍ، فما وَجَدْتُ بلاءً
كإِسارِ الكريم عند اللَّئيمِ
والسُّهامُ: داء يأْخذ الإِبل؛ يقال: بعير مَسْهومٌ وبه سُهامٌ، وإِبل
مُسَهَّمَةٌ؛ قال أَبو نُخَيْلَةَ:
ولم يَقِظْ في النَّعَمِ المُسَّهَمِ
والسَّهام: وَهَجُ الصَّيْفِ وغَبَراتُهُ؛ قال ذو الرمة:
كأَنَّا على أَولاد أَحْقَبَ لاحَها،
ورَمْيُ السَّفَا أَنْفاسَها بسَهامِ
وسُهِمَ الرجلُ أَي أَصابه السَّهامُ. والسَّهامُ: لُعاب الشيطان؛ قال
بِشْرُ بن أَبي خازِمٍ:
وأَرْض تَعْزِفُ الجِنَّانُ فِيها،
فيافِيها يَطِيرُ بها السِّهامُ
ابن الأَعرابي: السُّهُمُ غَزْلُ عَيْنِ الشمس، والسُّهُمُ: الحرارة
الغالبةُ. والسَّهامُ، بالفتح: حَرُّ السَّمُومِ. وقد سُهِمَ الرجلُ، على ما
لم يُسَمَّ فاعلُه، إِذا أَصابته السَّمُومُ. والسَّهامُ: الريح
الحارَّة، واحدها وجمعها سواء؛ قال لبيد:
ورَمَى دَوابِرَها السَّفَا، وتَهَيَّجَتْ
رِيحُ المَصايِفِ سَوْمُها وسَهامُها
والسَّهُومُ: العُقابُ. وأَسْهَمَ الرجلُ، فهو مُسْهَمٌ، نادر، إِذا كثر
كلامه كأَسْهَبَ فهو مُسْهَبٌ، والميم بدل من الباء. والسُّهُمُ
والشُّهُمُ، بالسين والشين: الرجال العقلاء الحُكماءُ العُمَّالُ. ورجل مُسْهَمُ
العقلِ والجسمِ: كمُسْهَبٍ، وحكى يعقوب أَن ميمه بدل، وحكى اللحياني:
رجل مُسْهَمُ العقلِ كمُسْهَبٍ، قال: وهو على البدل أَيضاً، وكذلك مُسْهَمُ
الجسمِ إِذا ذهب جسمُه في الحُبِّ.
والساهِمَةُ: الناقة الضامرةُ؛ قال ذو الرُّمَّة:
أَخا تَنائِفَ أَغْفَى عند ساهِمَةٍ
بأَخْلَقِ الدفِّ، في تَصديره جُلَبُ
يقول: زار الخَيالُ أَخا تَنائِفَ نام عند ناقة ضامرة مهزولة بجنبها
قُروحٌ من آثار الحِبال، والأَخْلَقُ: الأَملس. وإِبل سَواهِمُ إِذا غيرها
السفر.
وسَهْمُ البيتِ: جائِزُهُ. وسَهْمٌ: قبيلة في قريش. وسَهْمٌ أَيضاً: في
باهِلَة. وسَهْمٌ وسُهَيمٌ: اسمان. وسَهامٌ: موضع؛ قال أُميَّةُ بن أَبي
عائِذٍ:
تَصَيَّفْتُ نَعْمانَ، واصَّيَفَتْ
جُنُوبَ سَهامٍ إِلى سُرْدَدِ
عمم: العَمُّ: أَخو الأَب. والجمع أَعْمام وعُمُوم وعُمُومة مثل
بُعُولة؛ قال سيبويه: أَدخلوا فيه الهاء لتحقيق التأْنيث، ونظيره الفُحُولة
والبُعُولة.
وحكى ابن الأعرابي في أَدنى العدد: أعمٌّ، وأَعْمُمُونَ، بإظهار
التضعيف: جمع الجمع، وكان الحكم أَعُمُّونَ لكن هكذا حكاه؛ وأَنشد:
تَرَوَّح بالعَشِيِّ بِكُلِّ خِرْقٍ
كَرِيم الأَعْمُمِينَ وكُلِّ خالِ
وقول أَبي ذؤيب:
وقُلْتُ: تَجَنَّبَنْ سُخْطَ ابنِ عَمٍّ،
ومَطْلَبَ شُلَّةٍ وهي الطَّرُوحُ
أراد: ابن عمك، يريد ابن عمه خالد بن زهير، ونَكَّره لأَن خَبَرهما قد
عُرِف، ورواه الأَخفش ابن عمرو؛ وقال: يعني ابن عويمر الذي يقول فيه
خالد:ألم تَتَنَقَّذْها مِنِ ابنِ عُوَيْمِرٍ،
وأنْتَ صَفِيُّ نَفْسِهِ وسَجِيرُها،
والأُنثى عَمَّةٌ، والمصدر العُمُومة. وما كُنْتَ عَمّاً ولقد عَمَمْتَ
عُمُومةً. ورجل مُعِمٌّ ومُعَمٌّ: كريم الأَعْمام. واسْتَعَمَّ الرجلَ
عَمّاً: اتَّخذه عَمّاً. وتَعَمَّمَه: دَعاه عَمّاً، ومثله تَخَوَّلَ
خالاً. والعرب تقول: رَجُلٌ مُعَمٌّ مُخْوَلٌ
(* قوله «رجل معم مخول» كذا ضبط في الأصول بفتح العين والواو منهما، وفي
القاموس انهما كمحسن ومكرم أي بكسر السين وفتح الراء) إذا كان كريم
الأعْمام والأخْوال كثيرَهم؛ قال امرؤ القيس:
بِجِيدٍ مُعَمٍّ في العَشِيرةِ مُخْوَلِ
قال الليث: ويقال فيه مِعَمٌّ مِخْوَلٌ، قال الأَزهري: ولم أسمعه لغير
الليث ولكن يقال: مِعَمٌّ مِلَمٌّ إذا كان يَعُمُّ الناسَ ببرِّه وفضله،
ويَلُمُّهم أي يصلح أمرهم ويجمعهم. وتَعَمَّمَتْه النساءُ: دَعَوْنَه
عَمّاً، كما تقول تَأَخَّاه وتَأَبَّاه وتَبَنَّاه؛ أنشد ابن الأَعرابي:
عَلامَ بَنَتْ أُخْتُ اليَرابِيعِ بَيْتَها
عَلَيَّ، وقالَتْ لي: بِلَيْلٍ تَعَمَّمِ؟
معناه أنها لما رأَت الشيبَ قالت لا تَأْتِنا خِلْماً ولكن ائتنا
عَمّاً. وهما ابنا عَمٍّ: تُفْرِدُ العَمَّ ولا تُثَنِّيه لأنك إنما تريد أن كل
واحد منهما مضاف إلى هذه القرابة، كما تقول في حد الكنية أبوَا زيد،
إنما تريد أَن كل واحد منهما مضاف إلى هذه الكنية، هذا كلام سيبويه. ويقال:
هما ابْنا عَمٍّ ولا يقال هما ابْنا خالٍ، ويقال: هما ابْنا خالة ولا
يقال ابْنا عَمَّةٍ، ويقال: هما ابْنا عَمٍّ لَحٍّ وهما ابْنا خالة لَحّاً،
ولا يقال هما ابْنا عَمَّةٍ لَحّاً ولا ابْنا خالٍ لَحّاً لأَنهما
مفترقان، قال: لأَنهما رجل وامرأَة؛ وأَنشد:
فإنَّكُما ابْنا خالةٍ فاذْهَبا مَعاً،
وإنيَ مِنْ نَزْعٍ سِوى ذاك طَيِّب
قال ابن بري: يقال ابْنا عَمٍّ لأَن كل واحد منهما يقول لصاحبه يا ابنَ
عَمِّي، وكذلك ابْنا خالةٍ لأَن كل واحد منهما يقول لصاحبه يا ابْنَ
خالتي، ولا يصح أَن يقال هما ابْنا خالٍ لأَن أَحدهما يقول لصاحبه يا ابْنَ
خالي والآخر يقول له يا ابْن عَمَّتي، فاختلفا، ولا يصح أَن يقال هما ابنا
عَمَّةٍ لأَن أحدهما يقول لصاحبه يا ابن عَمَّتي والآخر يقول له يا اينَ
خالي. وبيني وبين فلان عُمُومة كما يقال أُبُوَّةٌ وخُؤُولةٌ. وتقول: يا
ابْنَ عَمِّي ويا ابنَ عَمِّ ويا ابنَ عَمَّ، ثلاث لغات، ويا ابنَ عَمِ،
بالتخفيف؛ وقول أَبي النجم:
يا ابْنَةَ عَمَّا، لا تَلُومي واهْجَعِي،
لا تُسْمِعِيني مِنْكِ لَوْماً واسْمَعِي
أَراد عَمّاهُ بهاء النُّدْبة؛ وهكذا قال الجوهري عَمّاهُ؛ قال ابن بري:
صوابه عَمَّاهُ، بتسكين الهاء؛ وأَما الذي ورد في حديث عائشة، رضي الله
عنها: استأْذَنتِ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، في دخول أبي القُعَيْس
عليها فقال: ائْذَني له فإنَّه عَمُّجِ، فإنه يريد عَمُّك من الرضاعة،
فأَبدل كاف الخطاب جيماً، وهي لغة قوم من اليمن؛ قال الخطابي: إنما جاء هذا
من بعض النَّقَلة، فإن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان لا يتكلم إلاَّ
باللغة العالية؛ قال ابن الأثير: وليس كذلك فإنه قد تكلم بكثير من لغات
العرب منها قوله: لَيْسَ مِنَ امْبِرّ امْصِيامُ في امْسَفَرِ وغير ذلك.
والعِمامةُ: من لباس الرأْس معروفة، وربما كُنِيَ بها عن البَيْضة أَو
المِغْفَر، والجمع عَمائِمُ وعِمامٌ؛ الأخيرة عن اللحياني، قال: والعرب
تقول لَمّا وَضَعوا عِمامَهم عَرَفْناهم، فإما أن يكون جَمْع عِمامَة جمع
التكسير، وإما أن يكون من باب طَلْحةٍ وطَلْحٍ، وقد اعْتَمَّ بها
وتَعَمَّمَ بمعنى؛ وقوله أَنشده ثعلب:
إذا كَشَفَ اليَوْمُ العَماسُ عَنِ اسْتِهِ،
فلا يَرْتَدِي مِثْلي ولا يَتَعَمَّمُ
قيل: معناه أَلْبَسُ ثِيابَ الحرب ولا أَتجمل، وقيل: معناه ليس يَرْتَدي
أَحد بالسيف كارتدائي ولا يَعْتَمُّ بالبيضة كاعْتِمامي. وعَمَّمْتُه:
أَلبسته العِمامةَ، وهو حَسَنُ العِمَّةِ أي التَّعَمُّمِ؛ قال ذو
الرمة:واعْتَمَّ بالزَّبَدِ الجَعْدِ الخَراطِيمُ
وأَرْخَى عِمامتَه: أَمِنَ وتَرَفَّهَ لأن الرجل إنما يُرْخي عِمامَتَه
عند الرخاء؛ وأَنشد ثعلب:
أَلْقى عَصاهُ وأَرْخى من عِمامَته
وقال: ضَيْفٌ، فَقُلْتُ: الشَّيْبُ؟ قال: أَجَلْ
قال: أَراد وقلت الشيب هذا الذي حَلَّ. وعُمِّمَ الرجلُ: سُوِّدَ لأَن
تيجان العرب العَمائم، فكلما قيل في العجم تُوِّجَ من التاج قيل في العرب
عُمِّمَ؛ قال العجاج:
وَفيهمُ إذْ عُمِّمَ المُعَمَّمُ
والعرب تقول للرجل إذا سُوِّد: قد عُمِّمَ، وكانوا إذا سَوَّدُوا رجلاً
عَمَّمُوه عِمامةً حمراء؛ ومنه قول الشاعر:
رَأَيْتُكَ هَرَّيْتَ العِمامةَ بَعْدَما
رَأَيْتُكَ دَهْراً فاصِعاً لا تَعَصَّب
(* قوله «رأيتك» البيت قبله كما في الأساس:
أيا قوم هل أخبرتم أو سمعتم
بما احتال مذ ضمّ المواريث مصعب).
وكانت الفُرْسُ تُتَوِّجُ ملوكها فيقال له مُتَوَّج. وشاةٌ مُعَمَّمةٌ:
بيضاء الرأْس. وفرَسٌ مُعَمَّمٌ: أَبيض الهامَةِ دون العنق، وقيل: هو من
الخيل الذي ابيضَّتْ ناصيتُه كلها ثم انحدر البياض إلى مَنْبِت الناصية
وما حولها من القَوْنَس. ومن شِياتِ الخيل أَدْرَعُ مُعَمَّم: وهو الذي
يكون بياضه في هامته دون عنقه. والمُعَمَّمُ من الخيل وغيرها: الذي ابيضَّ
أُذناه ومنيت ناصيته وما حولها دون سائر جسده؛ وكذلك شاةٌ مُعَمَّمة: في
هامَتِها بياض.
والعامَّةُ: عِيدانٌ مشدودة تُرْكَبُ في البحر ويُعْبَرُ عليها،
وخَفَّفَ ابن الأعرابي الميم من هذا الحرف فقال: عامَةٌ مثل هامَة الرأْس وقامةَ
العَلَق وهو الصحيح.
والعَمِيمُ: الطويل من الرجال والنبات، ومنه حديث الرؤيا: فأَتينا على
رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ أي وافية النبات طويلته، وكلُّ ما اجتمع وكَثُرَ
عَمِيمٌ، والجمع عُمُمٌ؛ قال الجعدي يصف سفينة نوح، على نبينا وعليه الصلاة
والسلام:
يَرْفَعُ، بالقارِ والحَديدِ مِنَ الْـ
جَوْزِ، طِوالاً جُذُوعُها، عُمُما
والاسم من كل ذلك العَمَمُ. والعَمِيمُ يَبِيسُ البُهْمى. ويقال:
اعْتَمَّ النبتُ اعْتِماماً إذا التفَّ وطال. ونبت عَمِيمٌ؛ قال الأعشى:
مُؤَزَّرٌ بِعَمِيمِ النَّبْتِ مُكْتَهِلُ
واعْتَمَّ النبتُ: اكْتَهَلَ. ويقال للنبات إذا طال: قد اعْتَمَّ. وشيء
عَمِيمٌ أي تام، والجمع عُمُمٌ مثل سَرير وسُرُر. وجارية عَمِيمَةٌ
وعَمَّاءُ: طويلة تامةُ القَوامِ والخَلْقِ،، والذكر أَعَمُّ. ونخلة عَمِيمةٌ:
طويلة، والجمع عُمٌّ؛ قال سيبويه: أَلزموه التخفيف إذ كانوا يخففون غير
المعتل، ونظيرهُ بونٌ، وكان يجب عُمُم كَسُرُر لأنه لا يشبه الفعل.
ونخلةٌ عُمٌّ؛ عن اللحياني: إما أَن يكون فُعْلاً وهي أَقل، وإما أَن يكون
فُعُلاً أصلها عُمُمٌ، فسكنت الميم وأُدغمت، ونظيرها على هذا ناقة عُلُطٌ
وقوس فُرُجٌ وهو باب إلى السَّعَة. ويقال: نخلة عَمِيمٌ ونخل عُمٌّ إذا
كانت طِوالاً؛ قال:
عُمٌّ كَوارِعُ في خَلِيج مُحَلِّم
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه اختَصم إليه رجلان في نخل
غَرَسَه أحدهما في غير حقه من الأَرض، قال الراوي: فلقد رأَيت النخل يُضرب في
أُصولها بالفُؤُوس وإنَّها لَنَخْلٌ عُمٌّ؛ قال أَبو عبيد: العُمُّ
التامة في طولها والتفافها؛ وأَنشد للبيد يصف نخلاً:
سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصَّفا، وسَرِيُّهُ
عُمٌّ نَواعِمُ، بَيْنهنّ كُرُومُ
وفي الحديث: أَكْرِموا عَمَّتكَم النخلة؛ سماها عَمَّة للمشاكلة في أنها
إذا قطع رأْسها يَبِستْ كما إذا قطع رأْس الإنسان مات، وقيل: لأَن النخل
خلق من فَضْلةِ طينة آدم عليه السلام. ابن الأَعرابي: عُمَّ إذا
طُوِّلَ، وعَمَّ إذا طال. ونبْتٌ يَعْمومٌ: طويل؛ قال:
ولقَدْ رَعَيْتُ رِياضَهُنَّ يُوَيْفِعاً،
وعُصَيْرُ طَرَّ شُوَيرِبي يَعْمومُ
والعَمَمُ: عِظَم الخَلْق في الناس وغيرهم. والعَمَم: الجسم التامُّ.
يقال: إن جِسمه لعَمَمٌ وإنه لعَممُ الجسم. وجِسم عَمَم: تامٌّ. وأَمر
عَمَم: تامٌّ عامٌّ وهو من ذلك؛ قال عمرو ذو الكلب الهذلي:
يا ليتَ شِعْري عَنْك، والأمرُ عَمَمْ،
ما فَعَل اليومَ أُوَيْسٌ في الغَنَمْ؟
ومَنْكِب عَمَمٌ: طويل؛ قال عمرو بن شاس:
فإنَّ عِراراً إنْ يَكُنْ غَيرَ واضِحٍ،
فإني أُحِبُّ الجَوْنَ ذا المَنْكِب العَمَمْ
ويقال: اسْتَوى فلان على عَمَمِه وعُمُمِه؛ يريدون به تمام جسمه وشبابه
وماله؛ ومنه حديث عروة بن الزبير حين ذكر أُحَيحة بن الجُلاح وقول
أَخواله فيه: كُنَّا أَهلَ ثُمِّه ورُمِّه، حتى إذا استوى على عُمُمِّه، شدّد
للازدواج، أَراد على طوله واعتدال شبابه؛ يقال للنبت إذا طال: قد اعتَمَّ،
ويجوز عُمُمِه، بالتخفيف، وعَمَمِه، بالفتح والتخفيف، فأَما بالضم فهو
صفة بمعنى العَمِيم أو جمع عَمِيم كسَرير وسُرُر، والمعنى حتى إذا استوى
على قَدّه التامّ أَو على عظامه وأَعضائه التامة، وأما التشديدة فيه عند
من شدّده فإنها التي تزاد في الوقف نحو قولهم: هذا عمرّْ وفرجّْ، فأُجري
الوصل مجرى الوقف؛ قال ابن الأَثير: وفيه نظر، وأما من رواه بالفتح
والتخفيف فهو مصدر وصف به؛ ومنه قولهم: مَنْكِب عَمَمٌ؛ ومنه حديث لقمان:
يَهَبُ البقرة العَمِيمة أي التامة الخَلق. وعَمَّهُم الأَمرُ يَعُمُّهم
عُموماً: شَمِلهم، يقال: عَمَّهُمْ بالعطيَّة. والعامّةُ: خلاف الخاصَّة؛ قال
ثعلب: سميت بذلك لأَنها تَعُمُّ بالشر. والعَمَمُ: العامَّةُ اسم للجمع؛
قال رؤبة:
أنتَ رَبِيعُ الأَقرَبِينَ والعَمَمْ
ويقال: رجلٌ عُمِّيٌّ ورجل قُصْرِيٌّ، فالعُمِّيٌّ العامُّ،
والقُصْرِيٌّ الخاصُّ. وفي الحديث: كان إذا أَوى إلى منزله جَزَّأَ دخوله ثلاثة
أَجزاء: جزءاً لله، وجزءاً لأَهله، وجزءاً لنفسه، ثم جزءاً جزَّأَه بينه وبين
الناس فيردّ ذلك على العامة بالخاصّة، أَراد أَن العامة كانت لا تصل
إليه في هذا الوقت، فكانت الخاصَّة تخبر العامَّة بما سمعت منه، فكأَنه أوصل
الفوائد إلى العامّة بالخاصّة، وقيل: إن الباء بمعنى مِنْ، أَي يجعل وقت
العامّة بعد وقت الخاصّة وبدلاً منهم كقول الأَعشى:
على أَنها، إذْ رَأَتْني أُقا
دُ، قالتْ بما قد أَراهُ بَصِيرا
أَي هذا العَشا مكان ذاك الإبصار وبدل منه. وفي حديث عطاء: إذا
توَضَّأْت ولم تَعْمُمْ فتَيَمَّمْ أَي إذا لم يكن في الماء وضوء تامٌّ
فتَيمَّمْ، وأَصله من العُموم. ورجل مِعَمٌّ: يَعُمُّ القوم بخيره. وقال كراع: رجل
مُعِمٌّ يَعُمُّ الناس بمعروفه أَي يجمعهم، وكذلك مُلِمٌّ يَلُمُّهم أَي
يجمعهم، ولا يكاد يوجد فَعَلَ فهو مُفْعِل غيرهما. ويقال: قد عَمَّمْناك
أَمْرَنا أَي أَلزمناك، قال: والمُعَمَّم السيد الذي يُقلِّده القومُ
أُمُورَهم ويلجأُ إليه العَوامُّ؛ قال أَبو ذؤيب:
ومِنْ خَيرِ ما جَمَعَ النَّاشِئُ الـْ
ـمُعَمِّمُ خِيرٌ وزَنْدٌ وَرِي
والعَمَمُ من الرجال: الكافي الذي يَعُمُّهم بالخير؛ قال الكميت:
بَحْرٌ، جَريرُ بنُ شِقٍّ من أُرومَتهِ،
وخالدٌ من بَنِيهِ المِدْرَهُ العَمَمُ
ابن الأَعرابي: خَلْقٌ عَمَمٌ أَي تامٌّ، والعَمَمُ في الطول والتمام؛
قال أَبو النجم:
وقَصَب رُؤْد الشَّبابِ عَمَمه
الأَصمعي في سِنِّ البقر إذا استَجْمَعَتْ أَسنانُه قيل: قد اعتَمََّ
عَمَمٌ، فإذا أَسَنَّ فهو فارِضٌ، قال: وهو أَرْخٌ، والجمع آراخ، ثم
جَذَعٌ، ثم ثَنِيٌّ، ثم رَباعٌ، ثم سدَسٌ، ثم التَّمَمُ والتَّمَمةُ، وإذا
أَحالَ وفُصِلَ فهو دَبَبٌ، والأُنثى دَبَبةٌ، ثم شَبَبٌ والأُنثى
شَبَبةٌ.وعَمْعَمَ الرجلُ إذا كَثُرَ جيشُه بعد قِلَّة. ومن أَمثالهم: عَمَّ
ثُوَباءُ النَّاعِس؛ يضرب مثلاً للحَدَث يَحْدُث ببلدة ثم يتعداها إلى سائر
البلدان.
وفي الحديث: سألت ربي أَن لا يُهْلِكَ أُمتي بسَنةٍ بِعامَّةٍ أَي بقحط
عامٍّ يَعُمُّ جميعَهم، والباء في بِعامَّةٍ زائدة في قوله تعالى: ومن
يُرِدْ فيه بإلحادٍ بظُلْمٍ؛ ويجوز أَن لا تكون زائدة، وقد أَبدل عامَّة من
سنَةٍ بإعادة الجارِّ، ومنه قوله تعالى: قال الذين استكبروا للذين
استضعفوا لمن آمن منهم. وفي الحديث: بادِرُوا بالأَعمال سِتّاً: كذا وكذا
وخُوَيْصَّة أَحدِكم وأَمرَ العامَّةِ؛ أَراد بالعامّة القيامة لأَنها
تَعُمُّ الناسَ بالموت أَي بادروا بالأَعمال مَوْتَ أَحدكم والقيامةَ.
والعَمُّ: الجماعة، وقيل: الجماعة من الحَيّ؛ قال مُرَقِّش:
لا يُبْعِدِ اللهُ التَّلَبُّبَ والـ
ـغاراتِ، إذْ قال الخَميسُ نَعَمْ
والعَدْوَ بَينَ المجْلِسَيْنِ، إذا
آدَ العَشِيُّ وتَنادَى العَمْ
تَنادَوْا: تَجالَسوا في النادي، وهو المجلس؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
يُرِيغُ إليه العَمُّ حاجةَ واحِدٍ،
فَأُبْنا بحاجاتٍ ولَيْسَ بِذي مالِ
قال: العَمُ هنا الخَلق الكثير، أَراد الحجرَ الأَسود في ركن البيت،
يقول: الخلق إنما حاجتهم أَن يَحُجُّوا ثم إنهم آبوا مع ذلك بحاجات، وذلك
معنى قوله فأُبْنا بحاجات أَي بالحج؛ هذا قول ابن الأعرابي، والجمع
العَماعِم. قال الفارسي: ليس بجمع له ولكنه من باب سِبَطْرٍ ولأآلٍ. والأَعَمُّ:
الجماعة أَيضاً؛ حكاه الفارسي عن أَبي زيد قال: وليس في الكلام أَفْعَلُ
يدل على الجمع غير هذا إلا أَن يكون اسم جنس كالأَرْوَى والأَمَرِّ الذي
هو الأَمعاء؛ وأَنشد:
ثُمَّ رَماني لا أَكُونَنْ ذَبِيحةً،
وَقَدْ كَثُرَتْ بَيْنَ الأَعَمّ المَضائِضُ
قال أَبو الفتح: لم يأْت في الجمع المُكَسَّر شيء على أَفْعلَ معتلاًّ
ولا صحيحاً إلا الأَعَمّ فيما أَنشده أَبو زيد من قول الشاعر:
ثم رآني لا أكونن ذبيحة
البيت بخط الأَرزني رآني؛ قال ابن جني: ورواه الفراء بَيْنَ الأَعُمِّ،
جمع عَمٍّ بمنزلة صَكٍّ وأصُكٍّ وضَبٍّ وأَضُبٍّ. والعَمُّ: العُشُبُ؛
كُلُّهُ عن ثعلب؛ وأَنشد:
يَرُوحُ في العَمِّ ويَجْني الأُبْلُما
والعُمِّيَّةُ، مثال العُبِّيَّةِ: الكِبْرُ: وهو من عَمِيمهم أي
صَمِيمِهم. والعَماعِمُ: الجَماعات المتفرقون؛ قال لبيد:
لِكَيْلا يَكُونَ السَّنْدَرِيُّ نَدِيدَتي،
وأََجْعَلَ أَقْواماً عُمُوماً عماعِما
السَّندَرِيُّ: شاعر كان مع عَلْقمة بن عُلاثة، وكان لبيد مع عامر بن
الطفيل فَدُعِي لبيد إلى مهاجاته فأَبى، ومعنى قوله أي أََجعل أَقواماً
مجتمعين فرقاً؛ وهذا كما قال أَبو قيس بن الأَسلت:
ثُمَّ تَجَلَّتْ، ولَنا غايةٌ،
مِنْ بَيْنِ جَمْعٍ غَيْرِ جُمَّاعِ
وعَمَّمَ اللَّبنُ: أَرْغَى كأَن رَغْوَتَه شُبِّهت بالعِمامة. ويقال
للبن إذا أَرْغَى حين يُحْلَب: مُعَمِّمٌ
ومُعْتَمٌّ، وجاء بقَدَحٍ مُعَمِّمٍ. ومُعْتَمٌّ: اسم رجل؛ قال عروة:
أَيَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وزَيْدٌ، ولَمْ أُقِمْ
عَلى نَدَبٍ يَوْماً، ولي نَفْسُ مُخْطِرِ؟
قال ابن بري: مُعْتَمٌّ
وزيد قبيلتان، والمُخْطِرُ: المُعَرِّضُ نفسه للهلاك، يقول: أَتهلك
هاتان القبيلتان ولم أُخاطر بنفسي للحرب وأَنا أَصلح لذلك؟ وقوله تعالى:
عَمَّ يتساءلون؛ أَصله عَنْ ما يتساءلون، فأُدغمت النون في الميم لقرب
مخرجيهما وشددت، وحذفت الأَلف فرقاً بين الاستفهام والخبر في هذا الباب،
والخبرُ كقولك: عما أَمرتك به، المعنى عن الذي أمرتك به. وفي حديث جابر:
فَعَمَّ ذلك أَي لِمَ فَعَلْتَه وعن أَيِّ شيء كان، وأَصله عَنْ ما فسقطت أَلف
ما وأُدغمت النون في الميم كقوله تعالى: عَمَّ يتساءلون؛ وأَما قول ذي
الرمة:
بَرَاهُنَّ عمَّا هُنَّ إِمَّا بَوَادِئٌ
لِحاجٍ، وإمَّا راجِعاتٌ عَوَائِدُ
قال الفراء: ما صِلَةٌ والعين مبدلة من أَلف أَنْ، المعنى بَرَاهُنَّ
أَنْ هُنَّ إمَّا بوادئ، وهي لغة تميم، يقولون عَنْ هُنَّ؛ وأَما قول
الآخر يخاطب امرأة اسمها عَمَّى:
فَقِعْدَكِ، عَمَّى، اللهَ هَلاَّ نَعَيْتِهِ
إلى أَهْلِ حَيٍّ بالقَنافِذِ أَوْرَدُوا؟
عَمَّى: اسم امرأة، وأَراد يا عَمَّى، وقِعْدَكِ واللهَ يمينان؛ وقال
المسيَّب بن عَلَس يصف ناقة:
وَلَها، إذا لَحِقَتْ ثَمائِلُها،
جَوْزٌ أعَمُّ ومِشْفَرٌ خَفِقُ
مِشْفَرٌ خفِقٌ: أَهْدَلُ يضطرب، والجَوْزُ الأَعَمُّ: الغليظ التام،
والجَوْزُ: الوَسَطُ. والعَمُّ: موضع؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَقْسَمْتُ أُشْكِيك مِنْ أَيْنٍ وَمِنْ وَصَبٍ،
حَتَّى تَرَى مَعْشَراً بالعَمِّ أَزْوَالا
(* قوله «بالعم» كذا في الأصل تبعاً للمحكم، وأورده ياقوت قرية في عين
حلب وأنطاكية، وضبطها بكسر العين وكذا في التكملة).
وكذلك عَمَّان؛ قال مُلَيْح:
وَمِنْ دُونِ ذِكْرَاها الَّتي خَطَرَتْ لَنا
بِشَرْقِيِّ عَمَّانَ، الثَّرى فالمُعَرَّفُ
وكذلك عُمَان، بالتخفيف. والعَمُّ: مُرَّة بن مالك ابن حَنْظَلة، وهم
العَمِّيُّون. وعَمٌّ: اسم بلد. يقال: رجل عَمِّيٌّ؛ قال رَبْعان:
إذا كُنْتَ عَمِّيّاً فَكُنْ فَقْعَ قَرْقَرٍ،
وإلاَّ فَكُنْ، إنْ شِئْتَ، أَيْرَ حِمارِ
والنسبة إلى عَمٍّ عَمَوِيٌّ كأَنه منسوب إلى عَمىً؛ قاله الأخفش.
خرج: الخُروج: نقيض الدخول. خَرَجَ يَخْرُجُ خُرُوجاً ومَخْرَجاً، فهو
خارِجٌ وخَرُوجٌ وخَرَّاجٌ، وقد أَخْرَجَهُ وخَرَجَ به. الجوهري: قد يكون
المَخْرَجُ موضعَ الخُرُوجِ. يقال: خَرَجَ مَخْرَجاً حَسَناً، وهذا
مَخْرَجُه. وأَما المُخْرَجُ فقد يكون مصدرَ قولك أَخْرَجَه، والمفعولَ به
واسمَ المكان والوقت، تقول: أَخْرِجْني مُخْرَجَ صِدْقٍ، وهذا مُخْرَجُه،
لأَن الفعل إِذا جاوز الثلاثة فالميم منه مضمومة، مثل دَحْرَجَ، وهذا
مُدَحْرَجُنا، فَشُبِّهَ مُخْرَجٌ ببنات الأَربعة.
والاستخراجُ: كالاستنباط.
وفي حديث بَدْرٍ: فاخْتَرَجَ تَمَراتٍ من قِرْبةٍ أَي أَخْرَجَها، وهو
افْتَعَلَ منه.
والمُخارَجَةُ: المُناهَدَةُ بالأَصابع.
والتَّخارُجُ: التَّناهُدُ؛ فأَما قول الحسين بن مُطَيْرٍ:
ما أَنْسَ، لا أَنْسَ مِنْكُمْ نَظْرَةً شَغَفَتْ،
في يوم عيدٍ، ويومُ العيدِ مَخْرُوجُ
فإِنه أَراد مخروجٌ فيه، فحذف؛ كما قال في هذه القصيدة:
والعينُ هاجِعَةٌ والرُّوح مَعْرُوجُ
أَراد معروج به.
وقوله عز وجل: ذلك يَوْمُ الخُروجِ؛ أَي يوم يخرج الناس من الأَجداث.
وقال أَبو عبيدة: يومُ الخُروجِ من أَسماء يوم القيامة؛ واستشهدَ بقول
العجاج:
أَلَيسَ يَوْمٌ سُمِّيَ الخُرُوجا،
أَعْظَمَ يَوْمٍ رَجَّةً رَجُوجا؟
أَبو إِسحق في قوله تعالى: يوم الخروج أَي يوم يبعثون فيخرجون من
الأَرض. ومثله قوله تعالى: خُشَّعاً أَبصارُهُمُ يَخْرُجون من الأَجْداثِ. وفي
حديث سُوَيْدِ بن عَفَلَةَ: دخل عليَّ عليٌّ، رضي الله عنه، في يوم
الخُرُوج، فإِذا بين يديه فاتُورٌ عليه خُبْزُ السَّمْراء وصحفةٌ فيها
خَطِيفَةٌ. يَوْم الخُروجِ؛ يريد يوم العيد، ويقال له يوم الزينة ويوم المشرق.
وخُبْزُ السَّمْراءِ: الخُشْكارُ، كما قيل لِلُّبابِ الحُوَّارَى
لبياضه.واخْتَرَجَهُ واسْتَخْرجَهُ: طلب إِليه أَن منه أَن يَخْرُجَ. وناقَةٌ
مُخْتَرِجَةٌ إِذا خرجت على خِلْقَةِ الجَمَلِ البُخْتِيِّ. وفي حديث قصة:
أَن الناقة التي أَرسلها الله، عز وجل،آيةً لقوم صالح، عليه السلام، وهم
ثمود، كانت مُخْتَرَجة، قال: ومعنى المختَرَجة أَنها جُبلت على خلقة
الجمل، وهي أَكبر منه وأَعظم.
واسْتُخْرِجَتِ الأَرضُ: أُصْلِحَتْ للزراعة أَو الغِراسَةِ، وهو من ذلك
عن أَبي حنيفة. وخارجُ كلِّ شيءٍ: ظاهرُه. قال سيبويه: لا يُستعمل ظرفاً
إِلا بالحرف لأَنه مخصوص كاليد والرجل؛ وقول الفرزدق:
عَلى حِلْفَةٍ لا أَشْتُمُ الدَّهْرَ مُسْلِماً،
ولا خارِجاً مِن فِيِّ زُورُ كلامِ
أَراد: ولا يخرج خروجاً، فوضع الصفة موضع المصدر لأَنه حمله على عاهدت.
والخُروجُ: خُروجُ الأَديب والسائق ونحوهما يُخَرَّجُ فيَخْرُجُ.
وخَرَجَتْ خَوارجُ فلان إِذا ظهرتْ نَجابَتُهُ وتَوَجَّه لإِبرام
الأُمورِ وإِحكامها، وعَقَلَ عَقْلَ مِثْلِه بعد صباه.
والخارِجِيُّ: الذي يَخْرُجُ ويَشْرُفُ بنفسه من غير أَن يكون له قديم؛
قال كثير:
أَبا مَرْوانَ لَسْتَ بِخارِجيٍّ،
وليس قَديمُ مَجْدِكَ بانْتِحال
والخارِجِيَّةُ: خَيْل لا عِرْقَ لها في الجَوْدَة فَتُخَرَّجُ سوابقَ،
وهي مع ذلك جِيادٌ؛ قال طفيل:
وعارَضْتُها رَهْواً على مُتَتَابِعٍ،
شَديدِ القُصَيْرى، خارِجِيٍّ مُجَنَّبِ
وقيل: الخارِجِيُّ كل ما فاق جنسه ونظائره. قال أَبو عبيدة: من صفات
الخيل الخَرُوجُ، بفتح الخاء، وكذلك الأُنثى، بغير هاءٍ، والجمع الخُرُجُ،
وهو الذي يَطول عُنُقُهُ فَيَغْتالُ بطولها كلَّ عِنانٍ جُعِلَ في لجامه؛
وأَنشد:
كلّ قَبَّاءَ كالهِراوةِ عَجْلى،
وخَروجٍ تَغْتالُ كلَّ عِنانِ
الأَزهري: وأَما قول زهير يصف خيلاً:
وخَرَّجَها صَوارِخَ كلِّ يَوْمٍ،
فَقَدْ جَعَلَتْ عَرائِكُها تَلِينُ
فمعناه: أَن منها ما به طِرْقٌ، ومنها ما لا طِرْقَ به؛ وقال ابن
الأَعرابي: معنى خَرَّجَها أَدَّبها كما يُخَرِّجُ المعلم تلميذه.
وفلانٌ خَرِيجُ مالٍ وخِرِّيجُه، بالتشديد، مثل عِنِّينٍ، بمعنى مفعول
إِذا دَرَّبَهُ وعَلَّمَهُ. وقد خَرَّجَهُ في الأَدبِ فَتَخَرَّجَ.
والخَرْجُ والخُرُوجُ: أَوَّلُ ما يَنْشَأُ من السحاب. يقال: خَرَجَ
لَهُ خُرُوجٌ حَسَنٌ؛ وقيل: خُرُوجُ السَّحَاب اتِّساعُهُ وانْبِساطُه؛ قال
أَبو ذؤَيب:
إِذا هَمَّ بالإِقْلاعِ هَبَّتْ له الصَّبا،
فَعَاقَبَ نَشْءٌ بعْدها وخُرُوجُ
الأَخفش: يقال للماء الذي يخرج من السَّحاب: خَرْجٌ وخُرُوجٌ. الأَصمعي:
يقال أَوَّل ما يَنْشَأُ السحابُ، فهو نَشْءٌ. التهذيب: خَرَجَت السماء
خُروجاً إِذا أَصْحَتْ بعد إِغامَتِها؛ وقال هِمْيان يصف الإِبل
وورودها:فَصَبَّحَتْ جابِيَةً صُهارِجَا؛
تَحْسَبُه لَوْنَ السَّماءِ خارِجَا
يريد مُصْحِياً؛ والسحابةُ تُخْرِجُ السحابةَ كما تُخْرِجُ الظَّلْمَ.
والخَرُوجُ من الإِبل: المِعْناقُ المتقدمة. والخُرَاجُ: ورَمٌ يَخْرُجُ
بالبدن من ذاته، والجمع أَخْرِجَةٌ وخِرْجَانٌ. غيره: والخُرَاجُ ورَمُ
قَرْحٍ يخرج بداية أَو غيرها من الحيوان. الصحاح: والخُرَاجُ ما يَخْرُجُ
في البدن من القُرُوح.
والخَوَارِجُ: الحَرُورِيَّةُ؛ والخَارِجِيَّةُ: طائفة منهم لزمهم هذا
الاسمُ لخروجهم عن الناس. التهذيب: والخَوَارِجُ قومٌ من أَهل الأَهواء
لهم مَقالَةٌ على حِدَةٍ.
وفي حديث ابن عباس أَنه قال: يَتَخَارَجُ الشَّريكانِ وأَهلُ الميراث؛
قال أَبو عبيد: يقول إِذا كان المتاع بين ورثة لم يقتسموه أَو بين شركاء،
وهو في يد بعضهم دون بعض، فلا بأْس أَن يتبايعوه، وإِن لم يعرف كل واحد
نصيبه بعينه ولم يقبضه؛ قال: ولو أَراد رجل أَجنبي أَن يشتري نصيب بعضهم
لم يجز حتى يقبضه البائع قبل ذلك؛ قال أَبو منصور: وقد جاءَ هذا عن ابن
عباس مفسَّراً على غير ما ذكر أَبو عبيد. وحدَّث الزهري بسنده عن ابن عباس،
قال: لا بأْس أَن يَتَخَارَج القومُ في الشركة تكون بينهم فيأْخذ هذا
عشرة دنانير نقداً، ويأْخذ هذا عشرة دنانير دَيْناً. والتَّخارُجُ:
تَفاعُلٌ من الخُروج، كأَنه يَخْرُجُ كلُّ واحد من شركته عن ملكه إِلى صاحبه
بالبيع؛ قال: ورواه الثوري بسنده على ابن عباس في شريكين: لا بأْس أَن
يتخارجا؛ يعني العَيْنَ والدَّيْنَ؛ وقال عبد الرحمن بن مهدي: التخارج أَن
يأْخذ بعضهم الدار وبعضهم الأَرض؛ قال شمر: قلت لأَحمد: سئل سفيان عن أَخوين
ورثا صكّاً من أَبيهما، فذهبا إِلى الذي عليه الحق فتقاضياه؛ فقال: عندي
طعام، فاشتريا مني طعاماً بما لكما عليَّ، فقال أَحد الأَخوين: أَنا آخذ
نصيبي طعاماً؛ وقال الآخر: لا آخذ إِلاّ دراهم، فأَخذ أَحدهما منه عشرة
أَقفرة بخمسين درهماً بنصيبه؛ قال: جائز، ويتقاضاه الآخر، فإِن تَوَى ما
على الغريم، رجع الأَخ على أَخيه بنصف الدراهم التي أَخذ، ولا يرجع
بالطعام. قال أَحمد: لا يرجع عليه بشيء إِذا كان قد رضي به، والله
أَعلم.وتَخَارَجَ السَّفْرُ: أَخْرَجُوا نفقاتهم.
والخَرْجُ والخَرَاجُ، واحدٌ: وهو شيء يُخْرِجُه القومُ في السَّنَةِ
مِن مالهم بقَدَرٍ معلوم. وقال الزجاج: الخَرْجُ المصدر، والخَرَاجُ: اسمٌ
لما يُخْرَجُ. والخَرَاجُ: غَلَّةُ العبد والأَمة. والخَرْجُ والخَراج:
الإِتاوَةُ تُؤْخذ من أَموال الناس؛ الأَزهري: والخَرْجُ أَن يؤَدي إِليك
العبدُ خَرَاجَه أَي غلته، والرَّعِيَّةُ تُؤَدِّي الخَرْجَ إِلى
الوُلاةِ. وروي في الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: الخَرَاجُ
بالضمان؛ قال أَبو عبيد وغيره من أَهل العلم: معنى الخراج في هذا الحديث
غلة العبد يشتريه الرجلُ فيستغلُّه زماناً، ثم يَعْثُرُ منه على عَيْبٍ
دَلَّسَهُ البائعُ ولم يُطْلِعْهُ عليه، فله رَدُّ العبد على البائع
والرجوعُ عليه بجميع الثمن، والغَّلةُ التي استغلها المشتري من العبد طَيِّبَةٌ
له لأَنه كان في ضمانه، ولو هلك هلك من ماله. وفسر ابن الأَثير قوله:
الخراج بالضمان؛ قال: يريد بالخراج ما يحصل من غلة العين المبتاعة، عبداً
كان أَو أَمة أَو ملكاً، وذلك أَن يشتريه فيستغله زماناً، ثم يعثر فيه على
عيب قديم، فله رد العين المبيعة وأَخذ الثمن، ويكون للمشتري ما استغله
لأَن المبيع لو كان تلفَ في يده لكان من ضمانه، ولم يكن له على البائع شيء؛
وباء بالضمان متعلقة بمحذوف تقديره الخراج مستحق بالضمان أَي بسببه،
وهذا معنى قول شريح لرجلين احتكما إِليه في مثل هذا، فقال للمشتري: رُدَّ
الداءَ بدائه ولك الغلةُ بالضمان. معناه: رُدَّ ذا العيب بعيبه، وما حصل
في يدك من غلته فهو لك.
ويقال: خَارَجَ فلانٌ غلامَه إِذا اتفقا على ضريبة يَرُدُّها العبدُ على
سيده كلَّ شهر ويكون مُخَلًّى بينه وبين عمله، فيقال: عبدٌ مُخَارَجٌ.
ويُجْمَعُ الخَراجُ، الإِتَاوَةُ، على أَخْراجٍ وأَخَارِيجَ وأَخْرِجَةٍ.
وفي التنزيل: أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ. قال
الزجاج: الخَرَاجُ الفَيْءُ، والخَرْجُ الضَّريبَةُ والجزية؛ وقرئ: أَم
تسأَلهم خَرَاجاً. وقال الفراء. معناه: أَمْ تسأَلهم أَجراً على ما جئت
به، فأَجر ربك وثوابه خيرٌ. وأَما الخَرَاجُ الذي وظفه عمرُ بن الخطاب، رضي
الله عنه، على السواد وأَرضِ الفَيْء فإِن معناه الغلة أَيضاً، لأَنه
أَمر بِمَسَاحَةِ السَّوَادِ ودفعها إِلى الفلاحين الذين كانوا فيه على غلة
يؤدونها كل سنة، ولذلك سمي خَراجاً، ثم قيل بعد ذلك للبلاد التي افتتحت
صُلْحاً ووظف ما صولحوا عليه على أَراضيهم: خراجية لأَن تلك الوظيفة
أَشبهت الخراج الذي أُلزم به الفلاَّحون، وهو الغلة، لأَن جملة معنى الخراج
الغلة؛ وقيل للجزية التي ضربت على رقاب أَهل الذِّمَّة: خراج لأَنه كالغلة
الواجبة عليهم. ابن الأَعرابي: الخَرْجُ على الرؤوس، والخَرَاجُ على
الأَرضين. وفي حديث أَبي موسى: مثلُ الأُتْرُجَّةِ طَيِّبٌ رِيحُها، طَيِّبٌ
خَرَاجُها أَي طَعْمُ ثمرها، تشبيهاً بالخَرَاجِ الذي يقع على الأَرضين
وغيرها.
والخُرْجُ: من الأَوعية، معروفٌ، عربيٌّ، وهو هذا الوعاء، وهو جُوالِقٌ
ذو أَوْنَيْنِ، والجمع أَخْراجٌ وخِرَجَةٌ مثلُ جُحْرٍ وجِحَرَة.
وأَرْضٌ مُخَرَّجَةٌ أَي نَبْتُها في مكانٍ دون مكانٍ. وتَخْريجُ
الراعية المَرْتَعَ: أَن تأْكل بعضَه وتترك بعضه. وخَرَّجَت الإِبلُ المَرْعَى:
أَبقت بعضه وأَكلت بعضه.
والخَرَجُ، بالتحريك: لَوْنانِ سوادٌ وبياض؛ نعامة خَرْجَاءُ، وظَلِيمٌ
أَخْرَجُ بَيِّنُ الخَرَجِ، وكَبْشٌ أَخْرَجُ. واخْرَجَّتِ النعامةُ
اخْرِجاجاً، واخْرَاجَّتْ اخْرِيجاجاً أَي صارت خَرْجاءَ. أَبو عمرو:
الأَخْرَجُ من نَعْتِ الظَّلِيم في لونه؛ قال الليث: هو الذي لون سواده أَكثر من
بياضه كلون الرماد. التهذيب: أَخْرَجَ الرجلُ إِذا تزوج بِخِلاسِيَّةٍ.
وأَخْرَجَ إِذا اصْطادَ الخُرْجَ، وهي النعام؛ الذَّكَرُ أَخْرَجُ
والأُنثى خَرْجاءُ، واستعاره العجاج للثوب فقال:
إِنَّا، مُذْكِي الحُرُوبِ أَرَّجا،
ولَبِسَتْ، للْمَوتِ، ثَوباً أَخْرَجا
أَي لبست الحروب ثوباً فيه بياض وحمرة من لطخ الدم أَي شُهِّرَتْ
وعُرِفَتْ كشهرة الأَبلق؛ وهذا الرجز في الصحاح:
ولبست للموت جُلاًّ أَخرجها
وفسره فقال: لبست الحروب جُلاًّ فيه بياض وحمرة. وعامٌ فيه تَخْرِيجٌ
أَي خِصْبٌ وجَدْبٌ. وعامٌ أَخْرَجُ: فيه جَدْبٌ وخِصْبٌ؛ وكذلك أَرض
خَرْجَاءُ وفيها تَخرِيجٌ. وعامٌ فيه تَخْرِيجٌ إِذا أَنْبَتَ بعضُ المواضع
ولم يُنْبِتْ بَعْضٌ. وأَخْرَجَ: مَرَّ به عامٌ نصفُه خِصبٌ ونصفه جَدْبٌ؛
قال شمر: يقال مررت على أَرض مُخَرَّجة وفيها على ذلك أَرْتاعٌ.
والأَرتاع: أَماكن أَصابها مطر فأَنبتت البقل، وأَماكن لم يصبها مطر، فتلك
المُخَرَّجةُ. وقال بعضهم: تخريج الأَرض أَن يكون نبتها في مكان دون مكان، فترى
بياض الأَرض في خضرة النبات. الليث: يقال خَرَّجَ الغلامُ لَوْحَه
تخْريجاً إِذا كتبه فترك فيه مواضع لم يكتبها؛ والكتابٌ إِذا كُتب فترك منه
مواضع لم تكتب، فهو مُخَرَّجٌ. وخَرَّجَ فلانٌ عَمَله إِذا جعله ضروباً
يخالف بعضه بعضاً.
والخَرْجاءُ: قرية في طريق مكة، سمِّيَت بذلك لأَن في أَرضها سواداً
وبياضاً إِلى الحمرة.
والأَخْرَجَةُ: مرحلة معروفة، لونها ذلك.
والنجوم تُخَرِّجُ اللَّوْنَ
(* قوله «والنجوم تخرج اللون إلخ» كذا
بالأصل ومثله في شرح القاموس والنجوم تخرج لون الليل فيتلون إلخ بدليل الشاهد
المذكور.) فَتَلَوَّن بِلَوْنَيْنِ من سواده وبياضها؛ قال:
إِذا اللَّيْلُ غَشَّاها، وخَرَّج لَوْنَهُ
نُجُومٌ، كأَمْثالِ المصابيحِ، تَخْفِقُ
وجَبَلٌ أَخْرَجُ، كذلك. وقارَةٌ خَرْجَاءُ: ذاتُ لَوْنَيْنِ. ونَعْجَةٌ
خَرْجاءٌ: وهي السوداء البيضاءُ إِحدى الرجلين أَو كلتيهما والخاصرتين،
وسائرُهما أَسودُ. التهذيب: وشاةٌ خَرْجاءُ بيضاء المُؤَخَّرِ، نصفها
أَبيض والنصف الآخر لا يضرك ما كان لونه. ويقال: الأَخْرَجُ الأَسْوَدُ في
بياض، والسوادُ الغالبُ. والأَخْرَجُ من المِعْزَى: الذي نصفه أَبيض ونصفه
أَسود. الجوهري: الخَرْجاءُ من الشاء التي ابيضت رجلاها مع الخاصرتين؛
عن أَبي زيد. والأَخْرَجُ: جَبَلٌ معروف للونه، غلب ذلك عليه، واسمه
الأَحْوَلُ. وفرسٌ أَخْرَجُ: أَبيض البطن والجنبين إِلى منتهى الظهر ولم يصعد
إِليه، ولَوْنُ سائره ما كان. والأَخْرَجُ: المُكَّاءُ، لِلَوْنِهِ.
والأَخْرَجانِ: جبلان معروفان، وأَخْرَجَةُ: بئر احتفرت في أَصل
أَحدهما؛ التهذيب: وللعرب بئر احتفرت في أَصل جبلٍ أَخْرَجَ يسمونها أَخْرَجَةَ،
وبئر أُخرى احتفرت في أَصل جبل أَسْوَدَ يسمونها أَسْوَدَةَ، اشتقوا
لهما اسمين من نعت الجبلين. الفراءُ: أَخْرَجَةُ اسم ماءٍ وكذلك أَسْوَدَةُ؛
سميتا بجبلين، يقال لأَحدهما أَسْوَدُ وللآخر أَخْرَجُ.
ويقال: اخْترَجُوه، بمعنى استخرجُوه.
وخَرَاجِ والخَرَاجُ وخَرِيجٌ والتَّخْريجُ، كلُّه: لُعْبةٌ لفتيان
العرب. وقال أَبو حنيفة: الخَرِيجُ لعبة تسمى خَرَاجِ، يقال فيها: خَراجِ
خَرَاجِ مثل قَطامِ؛ وقول أَبي ذؤَيب الهذلي:
أَرِقْتُ له ذَاتَ العِشَاءِ، كأَنَّهُ
مَخَارِيقُ، يُدْعَى تَحْتَهُنَّ خَرِيجُ
والهاء في له تعود على برق ذكره قبل البيت، شبهه بالمخاريق وهي جمع
مِخْرَاقٍ، وهو المِنْديلُ يُلَفُّ ليُضْرَبَ به. وقوله: ذاتَ العِشاءِ أَراد
به الساعة التي فيها العِشاء، أَراد صوت اللاعبين؛ شبه الرعد به؛ قال
أَبو علي: لا يقال خَرِيجٌ، وإِنما المعروف خَراجِ، غير أَن أَبا ذؤيب
احتاج إِلى إِقامة القافية فأَبدل الياءَ مكان الأَلف. التهذيب: الخَرَاجُ
والخَرِيجُ مُخَارجة: لعبة لفتيان الأَعراب.؛ قال الفراء: خَرَاجِ اسم لعبة
لهم معروفة، وهو أَن يمسك أَحدهم شيئاً بيده، ويقول لسائرهم: أَخْرِجُوا
ما في يدي؛ قال ابن السكيت: لعب الصبيان خَرَاجِ، بكسر الجيم، بمنزلة
دَرَاكِ وقَطَامِ.
والخَرْجُ: وادٍ لا مَنفذ فيه، ودارَةُ الخَرْجِ هنالك.
وبَنُو الخَارِجِيَّةِ: بَطْنٌ من العرب ينسبون إِلى أُمّهم، والنسبة
إِليهم خارِجِيٌّ؛ قال ابن دريد: وأَحسبها من بني عمرو بن تميم.
وخارُوجٌ: ضرب من النَّخل.
قال الخليل بن أَحمد: الخُرُوجُ الأَلف التي بعد الصلة في القافية، كقول
لبيد:
عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّها فَمُقَامُها
فالقافية هي الميم، والهاء بعد الميم هي الصلة، لأَنها اتصلت بالقافية،
والأَلف التي بعد الهاء هي الخُرُوجُ؛ قال الأَخفَش: تلزم القافية بعد
الروي الخروج، ولا يكون إِلا بحرف اللين، وسبب ذلك أَن هاء الإِضمار لا
تخلو من ضم أَو كسر أَو فتح نحو: ضربه، ومررت به، ولقيتها، والحركات إِذا
أُشبعت لم يلحقها أَبداً إِلا حروف اللين، وليست الهاء حرف لين فيجوز أَن
تتبع حركة هاء الضمير؛ هذا أَحد قولي ابن جني، جعل الخروج هو الوصل، ثم
جعل الخروج غير الوصل، فقال: الفرق بين الخروج والوصل أَن الخروج أَشد
بروزاً عن حرف الروي واكتنافاً من الوصل لأَنه بعده، ولذلك سمي خروجاً لأَنه
برز وخرج عن حرف الروي، وكلما تراخى الحرف في القافية وجب له أَن يتمكن
في السكون واللين، لأَنه مقطع للوقف والاستراحة وفناء الصوت وحسور النفس،
وليست الهاء في لين الأَلف والياء والواو، لأَنهن مستطيلات ممتدات.
والإِخْرِيجُ: نَبْتٌ.
وخَرَاجِ: فَرَسُ جُرَيْبَةَ بن الأَشْيَمِ الأَسدي. والخَرْجُ: اسم
موضع باليمامة. والخَرْجُ: خِلافُ الدَّخْلِ.
ورجل خُرَجَةٌ وُلَجَةٌ مثال هُمَزة أَي كثير الخروج والولوج.
زيد بن كثوة: يقال فلانٌ خَرَّاجٌ وَلاّجٌ؛ يقال ذلك عند تأْكيد
الظَّرْفِ والاحتيال. وقيل: خَرّاجٌ وَلاّجٌ إِذا لم يسرع في أَمر لا يسهل له
الخروج منه إِذا أَراد ذلك.
وقولهم: أَسْرَعُ من نِكاحِ أُمِّ خارجَةَ، هي امرأَة من بَجِيلَةَ،
ولدت كثيراً في قبائلَ من العرب، كانوا يقولون لها: خِطْبٌ فتقول: نِكْحٌ
وخارجةُ ابنها، ولا يُعْلَمُ ممن هو؛ ويقال: هو خارجة بن بكر بن يَشْكُرَ
بن عَدْوانَ بن عمرو بن قيس عَيْلانَ.
وخَرْجاءُ: اسمُ رَكِيَّة بعينها.
وخَرْجٌ: اسم موضع بعينه.