Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=68664#f786e6
(أخطل) فِي كَلَامه خطل
خطل: الخَطَل: خفة وسرعة، خَطِلَ خَطَلاً فهو خَطِلٌ وأَخْطَل. والخاطل:
الأَحمق العَجِل، وهو أَيضاً السَّريع الطَّعنِ العَجِلُهُ؛ قال:
أَحْوَس في الهَيْجاء بالرُّمْح خَطِل
وفي التهذيب: يقال للأَحمق العَجِل خَطِلٌ، وللمقاتل السريع الطعن
خَطِل؛ وأَنشد:
أَحْوَس في الظَّلْماء بالرُّمح الخَطِل
فأَتى بالخَطِل بالأَلف واللام. وسهم خَطِلٌ: يَعْجَل فيذهب يميناً
وشمالاً لا يَقْصِد قَصْد الهَدَف؛ قال:
هذا لذاك وقَوْلُ المرءِ أَسْهُمُه،
منها المُصيبُ ومنها الطائش الخَطِل
والفعل من كل ذلك خَطِل خَطَلاً، وهو أَخْطَلُ؛ وقوله:
لما رأَيت الدهرَ جَمًّا خَبَلُه،
أَخْطَلَ، والدَّهْرُ كثيرٌ خَطَلُه
إِنما عنى أَنه لا يقصد في أَعماله ولا يعتدل في أَفعاله. ورجل خَطِلُ
اليدين وخَطِلٌ في المعروف: عَجِلٌ عند أَعْطاء النَّفَل. ويقال للجَوَاد
من الرجال: خَطِلُ اليدين بالمعروف أَي عَجِلٌ عند الإِعطاء. الجوهري:
رجل جَواد خَطِلٌ أَي سريع الإِعطاء. والخَطَل: الكلام الفاسد الكثير
المضطرب، خَطِلَ خَطَلاً، فهو أَخطل وخَطِل. أَبو عبيد: الهُراء المَنْطِق
الفاسد، ويقال الكثير، والخَطَل مثله؛ وقال ابن الأَعرابي في قوله
رؤْبة:ودَغْية من خَطِل مُغْدَوْدِن
الدَّغْية: الخُلُق الرديء، إِنه لذو دَغَوات
(* قوله «لذو دغوات» عبارة
الجوهري: إنه لذو دغوات ودغيات أي أخلاق رديئة) أَي أَخلاق رديئة؛ قال:
والخَطِل المضطرب. أَبو عمرو: خَطِلَ الرجلُ في كلامه، بالكسر، خَطَلاً
وأَخْطَل في كلامه بمعنى واحد أَي أَفْحَش. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه:
فركب بهم الزَّلَل وزَيَّن لهم الخَطَل؛ الخَطَل: المَنْطِقُ الفاسد.
وخَطَلُ المرأَةِ: فُحْشُها وريبتها. وامرأَة خَطَّالة: فَحَّاشة أَو ذات
ريبة. والخَطَلُ: الطول والاضطراب، يكون ذلك في الإِنسان والفرس والرمح
ونحو ذلك. رمح خَطِلٌ وأَخْطل: مضطرب. ولسان خَطِل ورجل أَخطل اللسان إِذا
كان مضطرب اللسان مُفَوَّهاً. ورجل خَطِل القوائم: طويلُها. وأُذُن
خَطْلاءُ بَيِّنة الخَطَل: طويلة مضطربة مسترخية. وشاة خَطْلاء: أَذْناءُ.
الليث: الخَطْلاء من الشاء العريضة الأُذنين جدًّا، أُذُناه خَطْلاوَانِ
كأَنهما نَعْلان. ويقال للمرأَة الجافية الخَلْق الطويلة اليدين: امرأَة
خَطْلاء، ونِسْوة خُطْل. وكلاب الصيد خُطْلٌ لاسترخاء آذانها، والفعل من كل
ذلك خَطِلَ خَطَلاً. وثَلَّة خُطْل: وهي الغنم المسترخية الآذان، ومنه سمي
الــأَخْطَل الشاعر، وقيل: إِنما سمي بذلك لطول لسانه، وقيل: هو من
الخَطَل في القول؛ وذلك أَنه قال لكعب بن جُعَيل:
لعَمْرُك إِنَّني، وابْنَيْ جُعَيْل
وأُمَّهُما، لإِسْتارٌ لئيمُ
فقال له كعب: إِنك لــأَخْطَل من الخَطَل في القول وهو الفُحْش، فسمي
الــأَخْطل؛ قال ابن سيده: وليس ذلك بشيء.
والخَطَل: التَّلَوِّي والتبختر، وقد خَطِل في مِشْيته. والخَطِل من
الثياب: ما خَشُن وغَلُظَ وجَفَا؛ وأَنشد:
أَعَدَّ أَخْطالاً له وترمقا
يعني الصَّيّاد. والخَطِل: طَرَف الفُسْطاط، وجمعه أَخطال. وثوب خَطِلٌ:
يَنْجَرُّ على الأَرض من طوله. والخَيْطَل: السِّنَّوْر؛ قال:
يُداري النَّهار بسَهْم له،
كما عالج الغُفَّةَ الخَيْطَلُ
(* قوله «يداري النهار إلخ» تقدم هذا البيت في ترجمة غفف: يدير النهار
بجشء له إلخ، والجشء، بالفتح: هو السهم).
ابن الأَعرابي: هي الهرُّ
(* قوله «هي الهرّ» هكذا في الأصل، والهرّ يقع
على الذكر والانثى).
والخَيْطَل: الخازِبَازُ. والخَيْطَل: الكلب. والخَيْطَل: من أَسماء
الداهية. والخَيْطَل: جماعة الجراد مثل الخَيْط؛ قال ابن سيده: وإِنما لم
أَحكم على لامها بالزيادة لأَن اللام قليلاً ما تزاد إِنما زيدت في
عَبْدَل، ولذلك قضينا أَن لام طَيسَل أَصل، وإِن كانوا قد قالوا طَيْس.
والخَيْطَل: العَطَّار.
نبح: النَّبْحُ: صوت الكلب؛ نَبَحَ الكلبُ والظبي والتيس والحية
يَنْبِحُ ويَنْبَحُ نَبْحاَ ونَبِيحاً ونُباحاً، بالضم، ونِباحاً، بالكسر،
ونُبُوحاَ وتَنْباحاً. التهذيب: والظبي يَنْبَحُ في بعض الأَصوات؛ وأَنشد
لأَبي دُواد:
وقُصْرَى شَنِج الأَنْسا
ءِ، نَبَّاحٍ من الشُّعْبِ
رواه الجاحظ نَبَّاح من الشَّعْبِ وفسره: يعني من جهة الشَّعْبِ،
وأَنشد:ويَنْبَحُ بينَ الشَّعْبِ نَبْحاً كأَنه
نُبَاحُ سَلُوقٍ، أَبْصَرتْ ما يَرِيبُها
وقال الظبي: إِذا أَسَنَّ ونبتت لقرونه شُعَبٌ نَبَحَ؛ قال أَبو منصور،
والصواب الشُّعْبُ جمع الأَشْعَبِ، وهو الذي انشعب قرناه. الأَزهري:
التيس عند السِّفاد يَنْبَحُ والحية تَنْبَحُ في بعض أَصواتها؛ وأَنشد:
يأْخُذُ فيه الحَيَّةَ النَّبُوحا
والنَّوابِحُ والنُّبُوحُ: جماعة النابح من الكلاب. أَبو خَيْرَةَ:
النُّباحُ صوت الأَسْود يَنْبَحُ نُبَاحَ الجِرْو. أَبو عمرو: النَّبْحاء
الصَّيَّاحة من الظِّباء. ابن الأَعرابي: النَّبَّاحُ الظبي الكثير
الصِّياح. والنَّبَّاحُ: الهُدْهُد الكثيرُ الفَرْقَرةِ. ويقول الرجلُ لصاحبه
إِذا قَضِيَ له عليه: وَكَلْتُكَ العامَ من كلب بتَنْباح؛ وكلب نابح
ونَبَّاح؛ قال:
ما لَكَ لا تَنْبَحُ يا كَلْبَ الدَّوْمْ
قد كنتَ نَبَّاحاً فما لَكَ اليَوْمْ؟
قال ابن سيده: هؤلاء قوم انتظروا قوماً فانتظروا نُِباحَ الكلب
ليُنْذِرَ بهم. وكلابٌ نَوابِحُ ونُبَّحٌ ونُبُوحٌ. وأَنْبَحَه: جعله يَنْبَحُ؛
قال عبدُ بن حَبيب الهُذَلي:
فأَنْبَحْنا الكلابَ فَوَرَّكَتْنا،
خِلالَ الدارِ، دامِيةَ العُجُوبِ
وأَنْبَحْتُ الكلبَ واسْتَنْبَحْتُه بمعنًى. واسْتَنْبَحَ الكلبَ إِذا
كان في مَضِلَّة فأَخرج صوته على مثل نُباح الكلب، ليسمعه الكلب فيتوهمه
كلباً فَيَنْبَح فيستدل بِنُّباحِه فيهتدي؛ قال:
قومٌ إِذا اسْتَنْبَحَ الأَقوامُ كَلْبَهُمُ،
قالوا لأُمِّهِمُ: بُولِي على النارِ
(* قوله «إِذا استنبح الأَقوام» كذا بالأصل، والمشهور الأَضياف.)
وكلب نَبَّاح ونَبَّاحِيٌّ: ضَخْمُ الصوت؛ عن اللحياني. ورجل مَنْبُوح:
يُضْرَبُ له مثل الكلب ويُشَبَّه به؛ ومنه حديث عَمَّار، رضي الله تعالى
عنه، فيمن تناول من عائشة، رضي الله عنها: اسْكُتْ مَقْبُوحاً مَشْقُوحاً
مَنْبُوحاً، حكاه الهروي في الغريبين. والمَنْبُوحُ: المَشْتُوم. يقال:
نَبَحَتْني كِلابُك أَي لَحِقَتْني شَتائِمُكَ، وأَصله من نُباح الكلب،
وهو صياحه.
التهذيب عن شمر: يقال نَبَحه الكلب ونَبَحَتْ عليه . . .
(* كذا بياض
بالأصل وراجع عبارة التهذيب.) ونابَحَه؛ قال امرؤُ القيس:
وما نَبَحَتْ كلابُك طارقاً مثلي
ويقال في مَثَلٍ: فلان لا يُعْوَى ولا يُنْبَحُ؛ يقول: من ضعفه لا
يُعْتَدُّ به ولا يكلم بخير ولا شر.
ورجل نَبَّاح: شديد الصوت، وقد حكيت بالجيم. وقد نَبَحَ نَبْحاً
ونَبِيحاً. ونَبَحَ الهُدْهُدُ يَنْبَحُ نُباحاً: أَسَنَّ فَغَلُظَ
صوته.والنبوحُ: أَصوات الحي؛ قال الجوهري: والنُّبُوحُ ضَجَّةُ الحيِّ
وأَصوات كلابهم؛ قال أَبو ذؤيب:
بأَطْيَبَ من مَقَبَّلِها إِذا ما
دَنا العَيُّوقُ، واكْتَتَمَ النُّبُوحُ
والنُّبُوح: الجماعة الكثيرة من الناس؛ قال الجوهري: ثم وضع موضع الكثرة
والعِزِّ؛ قال الــأَخطل:
إَنَّ العَرارةَ والنُّبُوحَ لدارِمٍ،
والعِزّ عند تَكامُلِ الأَحْسابِ
وهذا البيت أَورده ابن سيده؛ وغيره:
إِنَّ العَرارةَ والنُّبُوحَ لدارِمٍ،
والمُسْتَخِفّ أَخوهم الأَثْقالا
وقال ابن بري عن البيت الذي أَورده الجوهري إِنه للطِّرِمَّاح قال: وليس
للــأَخطل كما ذكره الجوهري، وصواب إِنشاده والنُّبُوح لطيئٍ؛ وقبله:
يا أَيُّها الرجلُ المُفاخِرُ طَيِّئاً،
أَغْرَبْتَ نَفْسَك أَيَّما إِغرابِ
قال: وأَما بيت الــأَخطل فهو ما أَورده ابن سيده، وبعده:
المانعينَ الماءَ حتى يَشْرَبوا
عَفَواتِه، ويُقَسِّموه سِجالا
مدح الأَطلُ بني دارم بكثرة عددهم وحملهم الأُمور الثقال التي يَعْجِزُ
غيرهم عن حملها؛ ويروى المستخف، بالرفع والنصب، فمن نصبه عطفه على اسم
إِن، وأَخوهم خبر إِن، والأَثقال مفعول بالمستخف، تقديره: إِنَّ المستخف
الأَثقال أَخوهم، ففصل بين الصلة والموصول بخبر إِن للضرورة، وقد يجوز أَن
ينتصب بإِضمار فعل دل عليه المستخف تقديره إِن الذي استخف الأَثقال
أَخوهم، ويجوز أَن يرتفع أَخوهم بالمستخف والأَثقال منصوبة به، ويكون العائد
على الأَلف واللام الضمير الذي أُضيف إِليه الأَخ، ويكون الخبر محذوفاً
تقديره إِن الذي استخف أَخوهم الأَثقال هم، فحذف الخبر لدلالة الكلام عليه،
وأَما من رفع المستخف فإِنه رفعه بالعطف على موضع إِنَّ، ويكون الكلام
في رفع الأَخ من الوجهين المذكورين كالكلام فيمن نصب المستخف.
والنَّبَّاح: صَدَفٌ بيض صغار، وفي التهذيب: مَناقِفُ يُجاءُ بها من مكة
تجعل في القلائد والوُشُح، ويُدْفَعُ بها العينُ، الواحدة نَبَّاحة.
والنَّوابح: موضع؛ قال مَعْنُ بن أَوس:
إِذا هيَ حَلَّتْ كَرْبَلاءَ فَلَعْلَعاً،
فَجَوْزَ العُذَيْبِ دونها، فالنَّوابِحا
عذر: العُذْر: الحجة التي يُعْتَذر بها؛ والجمع أَعذارٌ.
يقال: اعْتَذَر فلان اعْتِذاراً وعِذْرةً ومَعْذُرِة من دِيْنهِ
فعَذَرْته، وعذَرَ يَعْذُرِهُ فيما صنع عُذْراً وعِذْرةً وعُذْرَى ومَعْذُرِة،
والاسم المعِذَرة
(* قوله: «والاسم المعذرة» مثلث الذال كما في القاموس).
ولي في هذا الأَمر عُذْرٌ وعُذْرَى ومَعْذرةٌ أَي خروجٌ من الذنب؛ قال
الجَمُوح الظفري:
قالت أُمامةٌ لما جِئْتُ زائَرها:
هلاَّ رَمَيْتَ بَبَعْض الأَسْهُم السُّودِ؟
لله دَرُّكِ إِني قد رَمَيْتُهُمُ،
لولا حُدِدْتُ، ولا عُذْرَى لِمَحْدودِ
قال ابن بري: أَورد الجوهري نصف هذا البيت: إِني حُدِدْتُ، قال وصواب
إِنشاده: لولا؛ قال: والأَسْهُم السُّود قيل كناية عن الأَسْطر المكتوبة،
أَي هلاَّ كتبْتَ لي كتاباً، وقيل: أَرادت بالأَسْهُم السودِ نَظَرَ
مُقْلَتيه، فقال: قد رَمَيتُهم لولا حُدِدْتُ أَي مُنِعت. ويقال: هذا الشعر
لراشد بن عبد ربه وكان اسمه عاوِياً، فسماه النبي، صلى الله عليه وسلم،
راشداً؛ وقوله: لولا حددت هو على إِرادة أَن تقديره لولا أَن حُدِدْتُ
لأَنَّ لولا التي معناها امتناعُ الشيء لوجود غيره هي مخصوصة بالأَسماء، وقد
تقع بعدها الأَفعال على تقدير أَن، كقول الآخر:
أَلا زَعَمَتْ أَسْماءُ أَن لا أُحِبُّها،
فقلتُ: بَلى، لولا يُنازِعُني شَغْلي
ومثله كثير؛ وشاهدُ العِذْرةِ مثل الرِّكبةِ والجِلْسةِ قولُ النابغة:
ها إِنّ تا عِذْرة إِلاَّ تَكُنْ نَفَعَتْ،
فإِن صاحِبَها قد تاهَ في البَلَدِ
(* في ديوان النابغة:
ها إِنّ عِذْرةٌ إِلاَّ تكن تفعت * فإِنَّ صاحبها مشاركُ
النَّكَد).
وأَعْذَرَه كعذَرَه؛ قال الــأَخطل:
فبن تكُ حَرْبُ ابْنَيْ نِزارٍ تَوَاضَعَتْ،
فقد أَعْذَرَتْنا في طِلابكمُ العُذْر
وأَعْذَرَ إِعْذاراً وعُذْراً: أَبْدَى عُذْراً؛ عن اللحياني. والعرب
تقول: أَعْذَرَ فلانٌ أَي كان منه ما يُعْذَرُ به، والصحيح أَن العُذْرَ
الاسم، والإِعْذار المصدر، وفي المثل: أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ؛ ويكون
أَعْذَرَ بمعنى اعْتَذَر اعتذاراً يُعْذَرُ به وصار ذا عُذْرٍ منه؛ ومنه قول
لبيد يخاطب بنتيه ويقول: إِذا متُّ فنُوحاً وابْكِيا عليّ حَوْلاً:
فقُوما فقُولا بالذي قد عَلِمُتُما،
ولا تَخْمِشَا وَجْهاً ولا تَحْلِقا الشَّعَرْ
وقولا: هو المَرْءُ الذي لا خَلِيلَه
أَضاعَ، ولا خان الصديقَ، ولا غَدَرْ
إِلى الحولِ، ثم اسمُ السلامِ عليكما،
ومَنْ يَبْكِ حَوْلاً كامِلاً فقد اعْتَذَرْ
أَي أَتى بُعذْر، فجعل الاعْتِذارَ بمعنى الإِعْذارِ، والمُعْتَذِرُ
يكون مُحِقّاً ويكون غير مُحِقٍّ؛ قال الفراء: اعْتَذَرَ الرجل إِذا أَتى
بعُذْرٍ، واعْتَذَرَ إِذا لم يأْت بعُذْرٍ؛ وأَنشد:
ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر
أَي أَتى بعُذْرٍ. وقال الله تعالى: يَعْتَذِرون إِليكم إِذا رجعتُم
إِليهم، قل لا تَعْتَذِرُوا لن نُؤْمِنَ لكم قد نَبّأَنا الله من أَخباركم؛
قل لا تَعْتَذِرُوا يعني أَنه لا عُذْرَ لهم، والمعَاذِيرُ يَشُوبُها
الكذبُ. واعتذرَ رجلٌ إِلى عمر بن عبد العزيز فقال له: عَذَرْتُكَ غيرَ
مُعْتَذِرٍ؛ يقول: عَذَرْتُك دون أَن تَعْتَذِرَ لأَنّ المُعْتَذِرَ يكون
مُحِقّاً وغير محق؛ والمُعَذِّر أَيضاً: كذلك. واعْتَذَرَ منْ ذنبه
وتَعَذّر: تَنَصَّلَ؛ قال أَبو ذؤيب:
فإِنك منها والتعَذّر بعدما
لَجَجتَ، وشطَّتْ مِن فُطَيمةَ دارُها
وتعذّر: اعْتَذَرَ واحتجَّ لنفسه؛ قال الشاعر:
كأَنّ يَدَيْها، حين يُفْلَقُ ضَفْرُها،
يدا نَصَفٍ غَيْرِي تَعَذّرُ مِنْ جُرْمِ
وعَذَّرَ في الأَمر: قَصَّر بعد جُهْد. والتَّعْذِيرُ في الأَمر:
التقصيرُ فيه. وأَعْذَرَ: قَصَّر ولم يُبالِغ وهو يُرِي أَنه مُبالِغٌ.
وأَعْذَرَ فيه: بالَغَ. وفي الحديث: لقد أَعْذَرَ اللهُ إِلى مَنْ بَلَغ مِنَ
العُمْرِ ستّين سنة؛ أَي لم يُبْقِ فيه موضعاً للاعْتِذارِ، حيث أَمْهَلَه
طُولَ هذه المدة ولم يَعْتَذِر. يقال: أَعْذَرَ الرجل إِذا بَلَغ أَقْصى
الغايةِ في العُذْر. وفي حديث المِقْداد: لقد أَعْذَرَ اللهُ إِليك أَي
عَذَرَكَ وجَعَلَك موضعَ العُذْر، فأَسْقَط عنك الجهاد ورَخّصَ لك في تركه
لأَنه كان قد تَناهَى في السِّمَنِ وعَجَزَ عن القتال. وفي حديث ابن
عمر: إِذا وُضِعَت المائدةُ فلْيأْكلِ الرجلُ مما عنده ولا يَرْفَعْ يده
وإِن شَبِعَ ولْيُعذِرْ فإِن ذلك يُخَجَّلُ جَلِيسَه؛ الإِعْذارُ: المبالغة
في الأَمر، أَي ليُبالِغْ في الأَكل؛ مثل الحديث الآخر: إِنه كان إِذا
أَكَلَ مع قوم كانَ آخرَهم أَكْلاً؛ وقيل: إِنما هو وليُعَذِّرْ من التعذير
التَّقْصِير أَي ليُقَصِّرْ في الأَكل لِيَتَوفَّرَ على الباقين ولْيُرِ
أَنه بالغَ. وفي الحديث: جاءَنا بطعامٍ جَشْبٍ فكنا نُعَذِّرُ؛ أَي
نُقَصِّر ونُرِي أَننا مجتهدون. وعَذّرَ الرجل، فهو مُعَذّرُ إِذا اعْتَذَرَ
ولم يأْت بِعُذرٍ. وعَذَّرَ: لم يثبت له عُذْرٌ. وأَعْذَرَ: ثبت له
عُذْرٌ. وقوله عز وجل: وجاء المُعَذِّرُون من الأَعراب لِيُؤْذَنَ لهم،
بالتثقيل؛ هم الذين لا عُذْرَ لهم ولكن يتكلَّفُون عُذْراً. وقرئ: المُعْذِرون
بالتخفيف، وهم الذين لهم عُذْرٌ، قرأَها ابن عباس ساكنةَ العين وكان
يقول: والله لكذا أُنْزِلَت. وقال: لَعَنَ الله المُعَذِّرِينَ. قال
الأَزهري: ذهب ابن عباس إِلى أَن المُعْذِرينَ الذين لهم العُذْر؛
والمُعَذِّرِينَ، بالتشديد: الذين يَعَتذِرون بلا عُذْرٍ كأَنهم المُقَصِّرون الذين لا
عذر لهم، فكأَنَّ الأَمرَ عنده أَن المُعَذِّرَ، بالتشديد، هو
المُظْهِرُ للعُذْرِ اعتلالاً من غير حقيقة له في العُذْر وهو لا عُذْرَ له،
والمُعْذِر الذي له عُذْرٌ، والمُعَذِّرُ الذي ليس بمُحقٍّ على جهة المُفَعِّل
لأَنه المُمَرِّض والمُقَصِّر يَعْتَذِرُ بغير عُذْرٍ. قال الأَزهري:
وقرأَ يعقوب الحضرمي وحده: وجاء المُعْذِرُون، ساكنة العين، وقرأَ سائرُ
قُرّاء الأَمْصارِ: المُعَذِّرُون، بفتح العين وتشديد الذال، قال: فمن قرأَ
المُعَذِّرُون فهو في الأَصل المُعْتَذِرُون فأُدْغِمَت التاء في الذال
لِقُرْب المَخْرَجين، ومعنى المُعْتَذِرُون الذين يَعْتَذِرُون، كان لهم
عُذْرٌ أَو لم يكن، وهو ههنا شبيه بأَنْ يكون لَهم عُذْرٌ، ويجوز في كلام
العرب المُعِذِّرُون، بكسر العين، لأَن الأَصل المُعْتَذِرُون فأُسكنت
التاء وأُبدل منها ذال وأُدغمت في الذال ونُقِلَت حركتها إِلى العين فصار
الفتح في العين أَوْلى الأَشياء، ومَنْ كَسَرَ العين جَرّة لإِلتقاء
الساكنين، قال: ولم يُقْرَأْ بهذا، قال ويجوز أَن يكون المُعَذِّرُون الذين
يُعَذِّرُون يُوهِمُون أَنَّ لهم عُذْراً ولا عُذْرَ لهم. قال أَبو بكر:
ففي المُعَذِّرِينَ وجْهان: إِذا كان المُعَذِّرُون مِنْ عَذّرَ الرجل،
فهو مُعَذِّر، فهم لا عذر لهم، وإِذا كان المُعَذِّرُون أَصلهم
المُعْتَذِرُون فأُلْقِيَت فتحةُ التاء على العين وأُبْدِلَ منها دالٌ وأُدغمت في
الذال التي بعدها فلهم عذر؛ قال محمد بن سلام الجُمَحِي: سأَلت يونس عن
قوله: وجاء المعذرون، فقلت له: المُعْذِرُون، مخففة، كأَنها أَقْيَسُ لأَن
المُعْذِرَ الذي له عُذْرٌ، والمُعَذِّر الذي يَعْتَذِر ولا عُذْر له،
فقال يونس: قال أَبو عمرو بن العلاء كلا الفريقين كان مُسيِئاً جاء قوم
فَعذَّرُوا وجَلَّحَ آخرون فقعدوا. وقال أَبو الهيثم في قوله: وجاء
المُعَذِّرُون، قال: معناه المُعْتَذِرُون. يقال: عَذَّر يَعَذِّر عِذّاراً في
معنى اعتذر، ويجوز عِذَّرَ الرجل يَعِذِّر، فهو مُعِذِّر، واللغة الأُولى
أَجودهما. قال: ومثله هَدّى يَهَدِّي هِدّاءً إِذا اهْتَدَى وهِدَّى
يَهِدِّي؛ قال الله عز وجل: أَم مَنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَن يُهْدَى؛ ومثله
قراءة من قرأَ يَخُصِّمُون، بفتح الخاء، قال الأَزهري: ويكون المُعَذِّرُون
بمعنى المُقَصِّرِينَ على مُفَعِّليِن من التَّعْذير وهو التقصير.
يقال: قام فلان قيام تَعْذِيرٍ فيما اسْتَكْفَيْتُه إِذا لم يُبالغْ
وقَصَّرَ فيما اعْتُمِدَ عليه. وفي الحديث: أَن بني إِسرائيل كانوا إِذا
عُمِلَ فيهم بالمعاصي نَهاهُم أَحْبارُهم تَعْذِيراً فعمَّهم الله بالعِقاب،
وذلك إِذا لم يُبالِغُوا في نَهْيِهم عن المعاصي، وداهَنُوهم ولم
يُنْكِرُوا أَعْمالَهم بالمعاصي حَقَّ الإِنْكارِ، أَي نَهَوْهم نَهْياً
قَصَّروا فيه ولم يُبالغُوا؛ وضَعَ المصدرَ موضع اسم الفاعل حالاً، كقولهم: جاء
مَشْياً. ومنه حديث الدعاء: وتَعاطى ما نَهَيْتُ عنه تَعْذِيراً.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لن يَهْلِكَ الناسُ حتى
يُعذِرُوا من أَنفسهم؛ يقال: أَعْذَرَ من نفسه إِذا أَمْكَن منها، يعني
أَنهم لا يَهْلِكون حتى تكثر ذنوبهم وعيوبهم، فيُعْذِرُوا من أَنْفُسِهم
ويستوجبوا العقوبة ويكون لمن يُعَذِّبُهم عُذْرٌ، كأَنهم قاموا بعُذْرِه في
ذلك، ويروى بفتح الياء، من عَذَرْته، وهو بمعناه، وحقيقة عَذَرْت
مَحَوْتُ الإِساءَةَ وطَمَسْتها، وفيه لغتان؛ يقال أَعْذَرَ إِعذَاراً إِذا
كثرت عيوبُه وذنوبه وصار ذا عيب وفساد. قال الأَزهري: وكان بعضهم يقول:
عَذَر يَعْذِرُ بمعناه، ولم يَعْرفه الأَصمعي؛ ومنه قول الــأَخطل:
فإِن تَكُ حَرْبُ ابنَيْ نِزارٍ تواضَعَتْ،
فقد عَذَرَتْنا في كِلاب وفي كَعَبِ
(* هذا البيت مرويّ سابقاً في نفس الكلمة ؛ في صورة تختلف عما هو عليه
هنا، وما في هذه الصفحة يتفق وما في ديوان الــأخطل).
ويروى: أَعْذَرَتْنا أَي جعلت لنا عُذْراً فيما صنعناه؛ وهذا كالحديث
الآخر: لن يَهْلِك على الله إِلا هَالِكٌ؛ ومنه قول الناس: مَن يَعْذِرُني
من فلان؛ قال ذو الإِصْبَع العَدْوانيّ:
عِذِيرَ الحَيِّ مِن عَدْوَا
نَ، كانُوا حَيَّةَ الأَرضِ
بَغَى بَعْضٌ على بَعْضِ،
فلم يَرْعَوْا على بَعْضِ
فقد أَضْحَوْا أَحادِيثَ،
بِرَفْعِ القَولِ والخَفْضِ
يقول: هاتِ عُذْراً فيما فَعَل بعضُهم ببعض من التباعُد والتباغُض
والقتل ولم يَرْعَ بعضُهم على بعض، بعدما كانوا حيَّةَ الأَرض التي يَحْذَرُها
كلُّ أَحد، فقد صاروا أَحاديثَ للناس يرفعونها ويخفضونها، ومعنى
يخفضونها يُسِرّونها، وقيل: معناه هاتِ مَن يَعْذِرُني؛ ومنه قول علي بن أَبي
طالب، رضي الله عنه، وهو ينظر إِلى ابن مُلْجَم:
عَذِيرَك مِن خَلِيلك مِن مُرادِ
يقال: عَذِيرَك مِن فلان، بالنصب، أَي هاتِ مَن يَعْذِرُك، فَعِيل بمعنى
فاعل، يقال: عَذِيري مِن فُلان أَي مَن يَعْذِرني، ونصبُه على إِضمار
هَلُمَّ مَعْذِرَتَك إِيَّاي؛ ويقال: ما عندهم عَذِيرةٌ أَي لا يَعْذِرون،
وما عندهم غفيرةٌ أَي لا يَغْفِرُون.
والعَذِيرُ: النَّصِيرُ؛ يقال: مَن عَذِيرِي مِن فلان أَي مَن نَصِيرِي.
وعَذِيرُ الرجل: ما يَرُومُ وما يُحاوِلُ مما يُعْذَرُ عليه إِذا
فَعَلَه؛ قال العجاج يخاطب امرأَته:
جارِيَ لا تَسْتَنْكِري عَذِيرِي،
سَيْرِي، وإِشْفاقي على بَعِيرِي
يريد يا جارية فرخم، ويروى: سَعْيِي، وذلك أَنه عزم على السفر فكانَ
يرُمُّ رَحْل ناقته لسفره فقالت له امرأَته: ما هذا الذي ترُمُّ؟ فخاطبها
بهذا الشعر، أَي لا تُنْكِري ما أُحاوِلُ. والعَذِيرُ: الحال؛ وأَنشد:
لا تستنكري عذيري
وجمعه عُذُرٌ مثل سَرِيرٍ وسُرُرٍ، وإِنما خفف فقيل عُذْر؛ وقال حاتم:
أَماوِيَّ قد طال التجنُّبُ والهجْرُ،
وقد عَذَرَتْنِي في طِلابِكُمُ العُذْرُ
أَماوِيَّ إِن المال غادٍ ورائحٌ،
ويَبْقَى من المال الأَحاديثُ والذِّكْرُ
وقد عَلِمَ الأَقوامُ لو أَن حاتماً
أَرادَ ثَراءَ المالِ، كان له وَفْرُ
وفي الصحاح:
وقد عذرتني في طلابكم عذر
قال أَبو زيد: سمعت أَعرابيين تميميّاً وقيسيّاً يقولان: تَعَذَّرْت
إِلى الرجل تَعَذُّراً، في معنى اعْتَذَرْت اعْتِذاراً؛ قال الأَحْوَص بن
محمد الأَنصاري:
طَرِيد تَلافاهُ يَزِيدُ برَحْمَةٍ،
فلم يُلْفَ مِنْ نَعْمائهِ يَتَعَذَّرُ
أَي يَعْتَذر؛ يقول: أَنعم عليه نعمة لم يحتج إِلى أَن يَعْتذر منها،
ويجوز أَن يكون معنى قوله يَتَعَذَّر أَي يذهب عنها. وتَعَذَّر: تأَخَّر؛
قال امرؤ القيس:
بِسَيْر يَضِجُّ العَوْدُ منه، يَمُنّه
أَخُو الجَهْدِ، لا يَلْوِي على مَنْ تَعَذَّرا
والعَذِيرُ: العاذرُ. وعَذَرْته من فلان أَي لُمْت فلاناً ولم أَلُمْه؛
وعَذِيرَك إِيَّايَ منه أَي هَلُمَّ مَعْذِرَتك إِيَّايَّ، وقال خالد بن
جَنْبة: يقال أَما تُعذرني من هذا؟ بمعنى أَما تُنْصِفُني منه. يقال:
أَعْذِرْني من هذا أَي أَنْصِفْني منه. ويقال: لا يُعْذِرُك من هذا الرجل
أَحدٌ؛ معناه لا يُلْزِمُه الذنب فيما تضيف إِليه وتشكوه منه؛ ومنه قول
الناس: مَنْ يَعْذِرُني من فلان أَي من يقوم بعُذْرِي إِن أَنا جازيته
بسُوءِ صنيعه، ولا يُلْزِمُني لوْماً على ما يكون مني إِليه؛ ومنه حديث
الإِفك: فاسْتَعْذَرَ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، من عبدالله بن أُبَيّ
وقال وهو على المنبر: من يَعْذِرُني من رجل قد بلغني عنه كذا وكذا؟ فقال
سعد: أَنا أَعْذِرُك منه، أَي من يقوم بعُذري إِن كافأْته على سوء صنيعه
فلا يلومُني؟ وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، استعذرَ أَبا بكر
من عائشة، كان عَتَبَ عليها في شيء فقال لأَبي بكر: أَعْذِرْني منها إِن
أَدَّبْتُها؛ أَي قُمْ بعُذْري في ذلك. وفي حديث أَبي الدرداء: مَنْ
يَعْذِرُني من معاوية؟ أَنا أُخْبِرُه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
وهو يخبرني عن نفسه. ومنه حديث علي: مَنْ يَعْذرني من هؤلاء الضَّياطِرة؟
وأَعْذر فلان من نفسه أَي أَتى من قبَل نفسه. قال: وعَذّر يُعذّر نفسه أَي
أَتي من قبل نفسه؛ قال يونس: هي لغة العرب.
وتَعَذَّر عليه الأَمر: لم يستقم. وتَعَذَّر عليه الأَمر إِذا صعب
وتعسر. وفي الحديث: أَنه كان يتعَذَّر في مرضه؛ أَي يتمنّع ويتعسر.
وأَعْذَرَ وعَذَرَ: كَثُرت ذنوبه وعيوبه. وفي التنزيل: قالوا مَعْذِرةٌ
إِلى ربكم؛ نزلت في قوم من بني إِسرائيلَ وعَظُوا الذين اعتدَوْا في
السبت من اليهود، فقالت طائفة منهم: لِمَ تَعِظون قوماً اللهُ مْهْلِكهم؟
فقالوا، يعني الواعظين: مَعْذِرةٌ إِلى ربكم، فالمعنى أَنهم قالوا: الأَمرُ
بالمعروف واجبٌ علينا فعلينا موعظةُ هؤلاء ولعلهم يتقون، ويجوز النصب في
مَعْذِرة فيكون المعنى نَعْتَذِرُ مَعْذِرَةً بوَعْظِنا إِيَّاهم إِلى
ربنا؛ والمَعْذِرةُ: اسمٌ على مَفْعِلة من عَذَرَ يَعْذِر أُقِيم مُقام
الاعتذار؛ وقول زهير بن أَبي سلمى:
على رِسْلِكمْ إِنا سَنُعْدِي ورَاءكم،
فتمنعُكم أَرْماحُنا أَو سَنُعْذَر
قال ابن بري: هذا البيت أَورد الجوهري عجزه وأَنشد: ستمنعكم، وصوابه:
فتمنعكم، بالفاء، وهذا الشعر يخاطب به آلَ عكرمة، وهم سُلَيم وغَطفان
(*
قوله: «وهم سليم وغطفان» كذا بالأصل، والمناسب وهوازن بدل وغطفان كما يعلم
مما بعد) وسليم هو سليم بن منصور بن عكرمة، وهوازن بن منصور بن عكرمة بن
خَصَفة بن قَيْس عَيْلان، وغطفان هو غطفان بن سعد بن قيس عيلان، وكان بلغ
زهيراً أَن هوازن وبني سليم يريدون غَزْوَ غطفان، وفدكَّرهم ما بين
غطفان وبينهم من الرَّحِم، وأَنهم يجتمعون في النسب إِلى قيس؛ وقبل
البيت:خُذُوا حظَّكم يا آلَ عِكْرِمَ، واذْكُروا
أَواصِرَنا، والرِّحْمُ بالغيب يُذْكَرُ
فإِنَّا وإِيَّاكم إِلى ما نَسُومُكم
لَمِثْلانِ، بل أَنتم إِلى الصُّلْح أَفْقَرُ
معنى قوله على رِسْلِكم أَي على مَهْلِكم أَي أَمْهِلوا قليلاً. وقوله:
سَنُعْدِي وراءكم أَي سنعدي الخيل وراءكم. وقوله: أَو سنعذر أَي نأْتي
بالعُذْر في الذبَّ عنكم ونصنع ما نُعْذَر فيه. والأَوَاصِرُ: القرابات.
والعِذَارُ من اللجام: ما سال على خد الفرس، وفي التهذيب: وعِذَارُ اللجام
ما وقع منه على خَدي الدابة، وقيل: عذَارُ اللجام السَّيْرانِ اللذان
يجتمعان عند القَفا، والجمع عُذُرٌ. وعَذَرَه يَعْذِرُهُ عَذْراً وأَعْذَرَه
وعَذَّرَه: أَلْجَمه، وقيل: عَذَّره جعل له عِذَاراً؛ وقول أَبي ذؤيب:
فإِني إِذا ما خُلّةٌ رَثَّ وصلُها،
وجَدَّتْ لصَرْمٍ واستمرّ عِذارُها
لم يفسره الأَصمعي، ويجوز أَن يكون من عِذَار اللجام، وأَن يكون من
التَعَذُّر الذي هو الامتناع؛ وفرس قصيرُ العِذَار وقصيرُ العِنان. وفي
الحديث: الفَقْرُ أَزْيَنُ للمؤمن من عِذَارٍ حسَنٍ على خَدِّ فرس؛
العِذَارانِ من الفرس: كالعارِضَين من وجه الإِنسان، ثم سمي السير الذي يكون عليه
من اللجام عِذاراً باسم موضعه. وعَذَرْت الفرس بالعِذَار أَعْذِره
وأَعْذُره إِذا شَدَدْت عِذَارَه. والعِذَاران: جانبا اللحية لأَن ذلك موضع
العذار من الدابة؛ قال رؤبة:
حتى رَأَيْنَ الشَّيْبَ ذا التَّلَهْوُقِ
يَغْشَى عِذَارَي لحْيَتي ويَرْتَقي
وعِذَارُ الرجل: شعرُه النابت في موضع العِذَار. والعِذَارُ: استواء شعر
الغلام. يقال: ما أَحْسَنَ عِذَارَه أَي خطَّ لحيته. والعِذَارُ: الذي
يضُمّ حبلَ الخطام إِلى رأْس البعير والناقة. وأَعْذَرَ الناقة: جعل لها
عِذَاراً. والعِذَارُ والمُعَذَّر: المَقَذُّ، سمي بذلك لأَنه موضع
العِذَار من الدابة. وعَذَّرَ الغلامُ: نبت شعرُ عِذَاره يعني خدّه. وخَلَعَ
العِذَارَ أَي الحياء؛ وهذا مثل للشابّ المُنْهَمِك في غَيِّه، يقال:
أَلْقَى عنه جِلْبابَ الحياء كما خلَع الفرسُ العِذارَ فَجَمَعَ وطَمَّح. قال
الأَصمعي: خلَع فلان مُعَذَّرَه إِذا لم يُطِعْ مُرْشِداً، وأَراد
بالمُعَذَّر الرَّسن ذا العِذَارين، ويقال للمنهمك في الغيّ: خلَع عِذَارَه؛
ومنه كتاب عبد الملك إِلى الحجاج: اسْتَعْمَلْتُك على العراقين فاخْرُجْ
إِليهما كَمِيشَ الإِزار شديدَ العِذَارِ؛ يقال للرجل إِذا عزم على الأَمر:
هو شديد العِذَار، كما يقال في خلافه: فلان خَليع العذار كالفرس الذي لا
لجام عليه، فهو يَعِيرُ على وجهه لأَن اللجام يمسكه؛ ومنه قولهم: خَلَعَ
عِذارَه أَي خرج عن الطاعة وانهمك في الغي. والعِذَارُ: سِمةٌ في موضع
العِذَار؛ وقال أَبو علي في التذكرة: العِذَارُ سِمةٌ على القفا إِلى
الصُّدْغَين. والأَول أَعرف. وقال الأَحمر: من السمات العُذْرُ. وقد عُذِرَ
البعير، فهو مَعْذورٌ، والعُذْرةُ: سمة كالعِذار؛ وقول أَبي وجزة السعدي
واسمه يزيد بن أَبي عُبَيد يصف أَياماً له مضت وطِيبَها من خير واجتماع
على عيش صالح:
إِذِ الحَيُّ والحَوْمُ المُيَسِّرُ وَسْطَنا،
وإِذا نَحْنُ في حالٍ من العَيْشِ صالحِ
وذو حَلَقٍ تُقْضَى العَواذِيرُ بينَه،
يلُوحُ بأَخْطارٍ عِظَام اللَّقائِحِ
قال الأَصمعي: الحَوْم الإِبل الكثيرة. والمُيَسِّر: الذي قد جاء لبنُه.
وذو حَلَقٍ: يعني إِبلاً مِيسَمُها الحَلَقُ: يقال: إِبلٌ محَلَّقة إِذا
كان سِمَتُها الحَلَق. والأَخْطَارُ: جمع خِطْر، وهي الإِبل الكثيرة.
والعَواذِيرُ: جمع عاذُور، وهو أَن يكون بنو الأَب مِيسَمُهم واحداً، فإِذا
اقتسموا مالهم قال بعضهم لبعض: أَعْذِرْ عني، فيخُطّ في المِيسَم خطّاً
أَو غيره لتعرف بذلك سمة بعضهم من بعض. ويقال: عَذِّرْ عَينَ بَعِيرك أَي
سِمْه بغير سِمَه بعيري لتتعارف إِبلُنا. والعاذُورُ: سِمَةٌ كالخط،
والجمع العَواذِيرُ. والعُذْرةُ: العلامة. والعُذْر: العلامة. يقال: أَعْذِر
على نصيبك أَي أَعْلِمْ عليه. والعُذْرةُ: الناصية، وقيل: هي الخُصْلة
من الشعر وعُرْفُ الفرس وناصيته، والجمعُ عُذَر؛ وأَنشد لأَبي النجم:
مَشْيَ العَذارى الشُّعْثِ يَنْفُضْن العُذَرْ
وقال طرفة:
وهِضَبّات إِذا ابتلّ العُذَرْ
وقيل: عُذْر الفرس ما على المِنْسَج من الشعر، وقيل: العُذْرة الشعر
الذي على كاهل الفرس. والعُذَرُ: شعرات من القفا إِلى وسط العنق. والعِذار
من الأَرض: غِلَظٌ يعترض في فضاء واسع، وكذلك هو من الرمل، والجمع عُذْرٌ؛
وأَنشد ثعلب لذي الرمة:
ومِن عاقرٍ يَنْفِي الأَلاءَ سَراتُها،
عِذارَينِ من جَرْداءَ وعْثٍ خُصُورُها
أَي حَبْلين مستطيلين من الرمل، ويقال: طريقين؛ هذا يصف ناقة يقول: كم
جاوزت هذه الناقة من رملة عاقر لا تنبت شيئاً، ولذلك جعلها عاقراً
كالمرأَة العاقر. والأَلاءُ: شجر ينبت في الرمل وإِنما ينبت في جانبي الرملة،
وهما العِذَارانِ اللذان ذكرهما. وجَرْداء: مُنْجَرِدة من النبت الذي ترعاه
الإِبل. والوَعْثُ: السهل. وخُصورُها: جوانبها.
والعُذْرُ: جمع عِذار، وهو المستطيل من الأَرض. وعِذارُ العراق: ما
انْفَسَح عن الطَّفِّ. وعِذارا النصل: شَفْرَتاه. وعِذارا الحائطِ والوادي:
جانباه. ويقال: اتخذ فلان في كَرْمِهِ عِذاراً من الشجر أَي سِكّة مصطفة.
والعُذْرة: البَظْر؛ قال:
تَبْتَلُّ عُذْرتُها في كلّ هاجِرِةٍ،
كما تَنَزَّل بالصَّفْوانةِ الوَشَلُ
والعُذْرةُ: الخِتَانُ والعُذْرة: الجلدة يقطعها الخاتن. وعَذَرَ
الغلامَ والجارية يَعْذِرُهما عَذْراً وأَعْذَرَهما: خَنَنَهما؛ قال
الشاعر:في فتْيَةٍ جعلوا الصَّلِيبَ إِلَهَهُمْ،
حَاشايَ، إِنِّي مسلم مَعْذُورُ
والأَكثر خَفَضْتُ الجارية؛ وقال الراجز:
تَلْوِيَةَ الخَاتِن زُبَّ المَعْذُور
والعِذَار والإِعْذار والعَذِيرة والعَذِيرُ، كله: طعام الختان. وفي
الحديث: الوليمة في الإِعْذار حقٌّ؛ الإِعْذار: الختان. يقال: عَذَرته
وأَعْذَرته فهو معذور ومُعْذَرٌ، ثم قيل للطعام الذي يُطْعم في الختان
إِعْذار. وفي الحديث: كنا إِعْذارَ عامٍ واحد؛ أَي خُتِنّا في عام واحد، وكانوا
يُخْتَنُونِ لِسِنٍّ معلومة فيما بين عشر سنين وخمسَ عشرة. وفي الحديث:
وُلِدَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مَعْذوراً مَسْروراً؛ أَي مختوناً
مقطوع السرة. وأَعْذَرُوا للقوم: عَمِلوا ذلك الطعام لَهم وأَعَدّوه.
والإِعْذارُ والعِذارُ والعَذِيرةُ والعَذِيرُ: طعامُ المأْدُبة. وعَذَّرَ
الرجلُ: دعا إِليه. يقال: عَذَّرَ تَعْذِيراً للخِتَان ونحوه. أَبو زيد:
ما صُنِع عند الختان الإِعْذار، وقد أَعْذَرْت؛ وأَنشد:
كلّ الطعامِ تَشْتَهِي رَبِيعَهْ:
الخُرْس والإِعْذار والنَّقِيعَهْ
والعِذَار: طعام البِنَاء وأَن يستفيد الرجلُ شيئاً جديداً يتّخذ طعاماً
يدعو إِليه إِخوانه.
وقال اللحياني: العُذْرة قُلْفةُ الصبي ولم يَقُل إِن لك اسم لها قبل
القطع أَو بعده. والعُذْرة: البَكارةُ؛ قال ابن الأَثير: العُذْرة ما
لِلْبِكْر من الالتحام قبل الافتضاض. وجارية عَذْراء: بِكْرٌ لم يمسَّها رجل؛
قال ابن الأَعرابي وحده: سُمِّيت البكرُ عَذْراء لضِيقِها، من قولك
تَعَذَّرَ عليه الأَمرُ، وجمعها عَذارٍ وعَذارى وعَذْراوات وعَذارِي كما تقدم
في صَحارى. وفي الحديث في صفة الجنة: إِن الرجل لَيُفْضِي في الغَداةِ
الواحدة إِلى مائة عَذْراء؛ وفي حديث الاستسقاء:
أَتَيْناكَ والعَذْراءُ يَدْمَى لَبانُها
أَي يَدْمَى صدرُها من شدة الجَدْب؛ ومنه حديث النخعي في الرجل يقول
إِنه لم يَجد امرأَتَه عَذْراءَ قال: لا شيء عليه لأَن العُذْرةَ قد
تُذْهِبُها الحيضةُ والوثْبةُ وطولُ التَّعْنِيس. وفي حديث جابر: ما لَكَ
ولِلْعَذَارَى ولِعَابهنّ أَي مُلاعَبتِهنّ؛ ومنه حديث عمر:
مُعِيداً يَبْتَغِي سَقَطَ العَذارَى
وعُذْرةُ الجاريةِ: اقْتِضاضُها. والاعْتذارُ: الاقْتِضاضُ. ويقال: فلان
أَبو عُذْر فلانة إِذا كان افْتَرَعَها واقتضّها، وأَبو عُذْرَتها.
وقولهم: ما أَنت بذي عُذْرِ هذا الكلامِ أَي لسْتَ بأَوَّلِ من اقْتضّه. قال
اللحياني: للجارية عُذْرتانِ إِحداهما التي تكون بها بكراً والأُخرى
فِعْلُها؛ وقال الأَزهري عن اللحياني: لها عُذْرتانِ إِحداهما مَخْفِضُها،
وهو موضع الخفض من الجارية، والعُذْرةُ الثانية قضّتُها، سميت عُذْرةً
بالعَذْر، وهو القطع، لأَنها إِذا خُفِضت قطعت نَواتُها، وإِذا افْتُرِعَت
انقطع خاتمُ عُذْرتِها. والعاذُورُ: ما يُقْطع من مَخْفِض الجارية.
ابن الأَعرابي: وقولهم اعْتَذَرْت إِليه هو قَطْعُ ما في قلبه. ويقال:
اعْتَذَرَت المياهُ إِذا انقطعت. والاعْتِذارُ: قطعُ الرجلِ عن حاجته
وقطعُه عما أَمْسَك في قلبه. واعْتَذَرت المنازلُ إِذا دَرَسَت؛ ومررت بمنزل
مُعْتَذرٍ بالٍ؛ وقال لبيد:
شهور الصيف، واعْتَذَرَتْ نِطَاف الشيِّطَين مِن الشِّمال وتَعَذَرَّ
الرسم واعْتَذَر: تَغَيَّر؛ قال أَوس:
فبطن السُّلَيِّ فالسّجال تَعَذَّرَت،
فمَعْقُلة إِلى مَطارِ فوَاحِف
وقال ابن ميّادةَ واسمه الرَّمَّاحُ بن أَبرد
(* قوله: «ابن أَبرد» هكذا
في الأَصل) :
ما هاجَ قَلْبك من مَعَارِفِ دِمْنَةٍ،
بالبَرْقِ بين أَصَالِفٍ وفَدَافِدِ
لَعِبَتْ بها هُوجُ الرِّياح فأَصْبَحَتْ
قَفْراً تَعَذَّر، غَيْرَ أَوْرَقَ هَامِدِ
البَرْق: جمع برقة، وهي حجارة ورملٌ وطين مختلطة. والأَصالِفُ
والفَدافِدُ: الأَماكن الغليظة الصلبة؛ يقول: درست هذه الآثار غير الأَوْرَقِ
الهامِد، وهو الرماد؛ وهذه القصيدة يمدح بها عبد الواحد بن سليمان ابن عبد
الملك ويقول فيها:
مَنْ كان أَخْطَأَه الربيعُ، فإِنه
نُصِرَ الحجازُ بغَيْثِ عبد الواحدِ
سَبَقَتْ أَوائِلَه أَواخِرُه،
بمُشَرَّعِ عَذبٍ ونَبْتٍ واعِدِ
(* قوله: «سبقت أَوائله أواخره» هو هكذا في الأصل والشطر ناقص).
نُصِرَ أَي أُمْطِر. وأَرض منصورة: ممطورة. والمُشَرَّعُ: شريعة الماء.
ونَبْت واعِد أَي يُرْجى خيرُه، وكذلك أَرضٌ واعِدةٌ يُرْجى نباتُها؛
وقال ابن أَحمر الباهلي في الاعتذار بمعنى الدُّرُوس:
بانَ الشَّبابُ وأَفْنى ضِعْفَه العمُرُ،
لله دَرُّك أَيَّ العَيْشِ تَنْتَظِرُ؟
هل أَنتَ طالبُ شيءٍ لسْتَ مُدْرِكه؟
أَمْ هل لِقَلْبِك عن أُلاَّفِه وطَرُ؟
أَمْ كُنْتَ تَعْرِفُ آيات، فقد جَعَلَتْ
أَطْلالُ إِلْفِك بالوَدْكاءِ تَعْتَذِرُ؟
ضِعْفُ الشيء: مثلهُ؛ يقول: عِشْت عمرَ رجلين وأَفناه العمر. وقوله: أَم
هل لقلبك أَي هل لقلبك حاجة غير أُلاَّفِه أَي هل له وَطَرٌ غيرهم.
وقوله: أَم كنت تعرف آيات؛ الآيات: العلامات، وأَطْلالُ إِلْفك قد دَرَسَت،
وأُخِذ الاعْتِذارُ من الذنب من هذا لأَن مَن اعْتَذَرَ شابَ اعتذارَه
بكذِبٍ يُعَفِّي على ذنبه. والاعتِذارُ: مَحْوُ أَثر المَوْجِدة، من قولهم:
اعْتَذَرَت المنازلُ إِذا دَرَسَت. والمَعاذِرُ: جمع مَعْذِرة. ومن
أَمثالهم: المَعاذِرُ مكاذِبُ؛ قال الله عز وجل: بل الإِنسانُ على نفسه
بَصِيرةٌ ولو أَلْقى مَعاذِيرَه؛ قيل: المعاذير الحُجَجُ، أَي لو جادَلَ عنها
ولو أَدْلى بكل حجة يعتذر بها؛ وجاء في التفسير: المَعاذير السُّتور بلغة
اليمن، واحدها مِعْذارٌ، أَي ولو أَلقى مَعاذِيرَه. ويقال: تَعَذَّرُوا
عليه أَي فَرُّوا عنه وخذلوه. وقال أَبو مالك عمرو ابن كِرْكِرَة: يقال
ضربوه فأَعْذَروه أَي ضربوه فأَثْقَلُوه. وضُرِبَ فلانٌ فأُعْذِرَ أَي
أُشْرف به على الهلاك. ويقال: أَعْذَرَ فلان في ظَهْرِ فلان بالسيَاط
إِعْذاراً إِذا ضرَبه فأَثَّر فيه، وشَتَمه فبالغَ فيه حتى أَثَّر به في سبِّه؛
وقال الــأَخطل:
وقد أَعْذَرْن في وَضَحِ العِجَانِ
والعَذْراء: جامِعةٌ توضع في حَلْق الإِنسان لم توضع في عنق أَحد قبله،
وقيل: هو شيء من حديد يعذَّب به الإِنسانُ لاستخراج مال أَو لإِقرارٍ
بأَمر. قال الأَزهري: والعَذَارى هي الجوامع كالأَغْلال تُجْمَع بها الأَيدي
إِلى الأَعناق. والعَذْراء: الرملة التي لم تُوطَأْ. ورَمْلة عَذْراء:
لم يَرْكَبْها أَحدٌ لارتفاعها. ودُرَّة عَذْراءُ. لم تُثْقب. وأَصابعُ
العَذارَى: صِنْف من العِنَب أَسود طوال كأَنه البَلُّوط، يُشَبَّه بأَصابع
العَذارى المُخَضَّبَةِ. والعَذْراء: اسم مدينة النبي، صلى الله عليه
وسلم، أُراها سميت بذلك لأَنها لم تُنْكَ. والعَذْراءُ: برْجٌ من بروج
السماء. وقال النَّجَّامون: هي السُّنْبُلة، وقيل: هي الجَوْزاء. وعَذْراء:
قرية بالشام معروفة؛ وقيل: هي أَرض بناحية دمشق؛ قال ابن سيده: أُراها
سميت بذلك لأَنها لم تُنْكَ بمكروه ولا أُصِيبَ سُكّانُها بأَداة عدُوّ؛ قال
الــأَخطل:
ويامَنَّ عن نَجْدِ العُقابِ، وياسَرَتْ
بنَا العِيسُ عن عَذْراءَ دارِ بني الشَّجْب
والعُذْرةُ: نجْمٌ إِذا طلَع اشتد غَمُّ الحرّ، وهي تطلع بعد الشِّعْرى،
ولها وَقْدة ولا رِيحَ لها وتأْخذ بالنفَس، ثم يطلُع سُهَيلٌ بعدها،
وقيل: العُذْرة كواكبُ في آخر المَجَرَّة خمسة. والعُذْرةُ والعاذورُ: داءٌ
في الحلق؛ ورجل مَعْذورٌ: أَصابَه ذلك؛ قال جرير:
غَمَزَ ابنُ مُرَّةَ يا فَرَزْدَقُ كَيْنَها،
غَمْزَ الطَّبِيبِ نَغانِغَ المَعْذُورِ
الكَيْنُ: لحم الفرج. والعُذْرة: وجع الحلق من الدم، وذلك الموضع أَيضاً
يسمى عُذْرة، وهو قريب من اللَّهاةِ. وعُذِرَ، فهو مَعْذورٌ: هاجَ به
وجعُ الحلقِ. وفي الحديث: أَنه رأَى صبيّاً أُعْلِقَ عليه من العُذْرةِ؛ هو
وجع في الحلق يهيجُ من الدم، وقيل: هي قُرْحة تخرج في الحَزْم الذي بين
الحلق والأَنف يَعْرِض للصبيان عند طلوع العُذْرة، فتَعْمِد المرأَة إِلى
خِرْقةٍ فَتَفْتِلُها فتلاً شديداً، وتُدْخِلُها في أَنْفِه فتطعَن ذلك
الموضعَ، فينفجرُ منه دمٌ أَسْودُ ربما أَقْرحَه، وذلك الطعنُ يسمى
الدَّغْر. يقال: عَذَرَت المرأَةُ الصبيَّ إِذا غَمَزَت حلْقَه من العُذْرة،
إِن فعلت به ذلك، وكانوا بعد ذلك يُعَلِّقون عليه عِلاقاً كالعُوذة.
وقوله: عند طلوع العُذْرة؛ خي خمسةُ كواكبَ تحت الشِّعْرى العَبُور، وتسمى
العَذارى، وتطلع في وسط الحرّ، وقوله: من العُذْرة أَي من أَجْلِها.
والعاذِرُ: أَثرُ الجُرْح؛ قال ابن أَحمر:
أُزاحِمُهم بالباب إِذ يَدْفَعُونَني،
وبالظهرِ، مني من قَرَا الباب عاذِرُ
تقول منه: أَعْذَرَ به أَي ترك به عاذِراً، والعَذِيرُ مثله. ابن
الأَعرابي: العَذْر جَمْع العَاذِر، وهو الإِبداء:. يقال: قد ظهر عاذِره، وهو
دَبُوقاؤه.
وأَعْذَرَ الرجلُ: أَحْدَثَ.
والعاذِرُ والعَذِرةُ: الغائط الذي هو السَّلح. وفي حديث ابن عمر: أَنه
كره السُّلْت الذي يُزْرَعُ بالعَذِرة؛ يريد الغائطَ الذي يلقيه
الإِنسان. والعَذِرةُ: فناء الدار. وفي حديث عليٍّ: أَنه عاتَب قوماً فقال: ما
لكم لا تُنَظِّفُون عَذِراتِكم؟ أَي أَفْنِيَتكم. وفي الحديث: إِن الله
نظيف يُحِبّ النَّظافةَ فنظفوا عَذِراتكم ولا تَشَبَّهوا باليهود. وفي حديث
رُقَيقة: وهذه عِبِدَّاؤُك بعَذِراتِ حَرَمِك، وقيل: العَذِرةُ أَصلها
فِناءُ الدار، وإِيَّاها أَرادَ عليٌّ، رضي الله عنه، بقوله. قال أَبو
عبيد: وإِنما سميت عَذِراتُ الناس بهذا لأَنها كانت تُلْقَى بالأَفْنِية،
فكُنِيَ عنها باسم الفناء كما كُنِيَ بالغائط وهي الأَرض المطمئنة عنها؛
وقال الحطيئة يهجو قومه ويذكر الأَفنية:
لعَمْرِي لقد جَرَّبْتُكم، فوَجَدْتُكم
قِباحَ الوُجوهِ سَيِّئِي العَذِراتِ
أَراد: سيئين فحذف النون للإِضافة؛ ومدح في هذه القصيدة إِبِلَهُ فقال:
مَهارِيس يُرْوِي رِسْلُها ضَيْفَ أَهْلِها،
إِذا النارُ أَبْدَتْ أَوْجُهَ الخفِراتِ
فقال له عمر: بئس الرجل أَنت إبِلَكَ وتهجو قومَك وفي الحديث: اليهودُ
أَنْتَنُ خَلْقِ الله عَذِرةً؛ يجوز أَن يَعْنِيَ به الفِناءَ وأَن
يَعْنِيَ به ذا بطونِهم، والجمع عَذِرات؛ قال ابن سيده: وإِنما ذكّرتها لأَن
العذرة لا تكسر؛ وإِنه لَبَرِيءُ العَذِرة من ذلك على المثَل، كقولهم
بَرِيءُ الساحةِ. وأَعْذَرَت الدارُ أَي كَثُرَ فيها العَذِرةُ. وتعَذَّرَ من
العَذِرَة أَي تلَطَّخ. وعَذّره تَعْذيراً: لطَّخَه بالعَذِرَة.
والعَذِرة أَيضاً: المَجْلِسُ الذي يجلس فيه القوم. وعَذِرةُ الطعامِ: أَرْدَأُ
ما يخرج منه فيُرْمَى به؛ هذه عن اللحياني. وقال اللحياني: هي العَذِرة
والعَذِبة. والعُذْرُ: النُّجْحُ؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد لمسكين
الدارمي:
ومُخاصِم خاصَمْتُ في كَبَدٍ،
مثل الدِّهان، فكان لي العُذْرُ
أَي قاوَمْتُه في مزلّةٍ فثبتت قدمي ولم تَثْبُتْ قدمُه فكان النُّجْحُ
لي. ويقال في الحرب: لمن العُذْرُ؟ أَي النجح والغلبة.
الأَصمعي: لقيت منه غادُوراً أَي شّراً، وهو لغة في العاثُور أَو لثغة.
وترك المطرُ به عاذِراً أَي أَثراً. والعواذِيرُ: جمع العاذِرِ، وهو
الأَثر. وفي حديث علي، رضي الله عنه: لم يَبْقَ لهم عاذِرٌ أَي أَثر.
والعاذِرُ: العِرْقُ الذي يخرُج منه دمُ المستحاضة، واللام أَعرف
(* يريد ان
العاذل، باللام، الأَصمعي عرف من العاذر، بالراء). والعاذِرةُ: المرأَة
المستحاضة، فاعلة بمعنى مفعولة، من إِقامة العُذْر؛ ولو قال إِن العاذِرَ هو
العرف نفسه لأَنه يقوم بِعُذْرِ المرأَة لكان وجهاً، والمحفوظ العاذل،
باللام.
وقوله عز وجل: فالمُلْقِيات ذكْراً عُذْراً أَو نُذْراً؛ فسره ثعلب
فقال: العُذْرُ والنُّذْر واحد، قال اللحياني: وبعضهم يُثَقِّل، قال أَبو
جعفر: مَن ثَقَّل أَراد عُذْراً أَو نُذْراً، كما تقول رُسُل في رُسْل؛ وقال
الأَزهري في قوله عز وجل: عذراً أَو نذراً، فيه قولان: أَحدهما أَن يكون
معناه فالمُلْقِيات ذِكْراً للإِعْذار والإِنذار، والقول الثاني أَنهما
نُصِبَا على البدل من قوله ذِكْراً، وفيه وجه ثالث وهو أَن تنصِبَهما
بقوله ذكراً؛ المعنى فالملقيات إِن ذَكَرَتْ عذراً أَو نذراً، وهما اسمان
يقومان مقام الإِعْذار والإِنْذار، ويجوز تخفيفُهما وتثقيلُهما معاً.
ويقال للرجل إِذا عاتَبَك على أَمر قبل التقدُّم إِليك فيه: والله وما
استْتَعْذَرْتَ إِليَّ ما اسْتَنْذَرْت أَي لم تُقَدِّمْ إِليَّ
المَعْذِرةَ والإِنذارَ. والاستعذارُ: أَن تقول له أَعْذِرْني منك.
وحمارٌ عَذَوَّرٌ: واسعُ الجوف فحّاشٌ. والعَذَوَّرُ أَيضاً: الشسيء
الخلُق الشديد النفْس؛ قال الشاعر:
حُلْو حَلال الماء غير عَذَوّر
أَي ماؤه وحوضُه مباح. ومُلْكٌ عَذَوَّرٌ: واسع عريض، وقيل شديد؛ قال
كثير بن سعد:
أَرَى خَاليِ اللَّخْمِيَّ نُوحاً يَسُرُّني
كَرِيماً، إِذا ما ذَاحَ مُلْكاً عَذَوَّرا
ذَاحَ وحاذَ: جَمَعَ، وأَصل ذلك في الإِبل.
وعُذْرة: قبيلة من اليمن؛ وقول زينب بنت الطثرية ترثي أَخاها يزيد:
يُعِينُك مَظْلوماً ويُنْجِيك ظالماً،
وكلُّ الذي حَمَّلْتَه فهو حامِلُهْ
إِذا نَزلَ الأَضْيافُ كان عَذَوَّراً
على الحَيِّ، حتى تَسْتَقلَّ مَراجِلُه
قوله: وينجيك ظالماً أَي إِن ظَلَمْتَ فطُولِبْت بظُلْمِكَ حَماكَ
ومَنَعَ منك. والعَذوَّر: السيء الخلق، وإِنما جعلَتْه عَذوَّراً لشدة
تَهَمُّمِه بأَمر الأَضياف وحِرْصِه على تعجيل قِراهم حتى تستقل المراجل على
الأَثافيّ. والمَراجلُ: القدور، واحدها مِرْجَل.
عرر: العَرُّ والعُرُّ والعُرَّةُ: الجربُ، وقيل: العَرُّ، بالفتح،
الجرب، وبالضم، قُروحٌ بأَعناق الفُصلان. يقال: عُرَّت، فهي مَعْرُورة؛ قال
الشاعر:
ولانَ جِلْدُ الأَرضِ بعد عَرِّه
أَي جَرَبِه، ويروى غَرّه، وسيأْتي ذكره؛ وقيل: العُرُّ داءٌ يأْخذ
البعير فيتمعّط عنه وَبَرُه حتى يَبْدُوَ الجلدُ ويَبْرُقَ؛ وقد عَرَّت
الإِبلُ تَعُرُّ وتَعِرُّ عَرّاً، فهي عارّة، وعُرَّتْ. واستعَرَّهم الجربُ:
فَشَا فيهم. وجمل أَعَرُّ وعارٌ أَي جَرِبٌ. والعُرُّ، بالضم: قروح مثل
القُوَباء تخرج بالإِبل متفرقة في مشافرها وقوائمها يسيل منها مثلُ الماء
الأَصفر، فتُكْوَى الصِّحاحُ لئلا تُعْدِيها المِراضُ؛ تقول منه: عُرَّت
الإِبلُ، فهي مَعْرُورة؛ فهي مَعْرُورة؛ قال النابغة:
فحَمَّلْتَنِي ذَنْبَ امْرِئٍ وتَرَكْتَه،
كذِي العُرِّ يُكْوَى غيرُه، وهو راتِعْ
قال ابن دريد: من رواه بالفتح فقد غلط لأَن الجرَب لا يُكْوى منه؛
ويقال: به عُرَّةٌ، وهو ما اعْتَراه من الجنون؛ قال امرؤ القيس:
ويَخْضِدُ في الآرِيّ حتى كأَنما
به عُرَّةٌ، أَو طائِفٌ غيرُ مُعْقِب
ورجل أَعَرُّ بيّنُ العَرَرِ والعُرُورِ: أَجْرَبُ، وقيل: العَرَرُ
والعُرُورُ الجرَبُ نفسه كالعَرِّ؛ وقول أَبي ذؤيب:
خَلِيلي الذي دَلَّى لِغَيٍّ خَلِيلَتي
جِهاراً، فكلٌّ قد أَصابَ عُرُورَها
والمِعْرارُ من النخل: التي يصيبها مثل العَرّ وهو الجرب؛ حكاه أَبو
حنيفة عن التَّوَّزِيّ؛ واستعار العَرّ والجرب جميعاً للنخل وإِنما هما في
الإِبل. قال: وحكى التَّوَّزِيُّ إِذا ابتاع الرجل نخلاً اشترط على البائع
فقال: ليس لي مِقْمارٌ ولا مِئْخارٌ ولا مِبْسارٌ ولا مِعْرارٌ ولا
مِغْبارٌ؛ فالمِقْمارُ: البيضاءُ البُسْر التي يبقى بُسْرُها لا يُرْطِبُ،
والمِئْخارُ: التي تُؤَخِّرُ إِلى الشتاء، والمِغْبارُ: التي يَعْلُوها
غُبارٌ، والمِعْرار: ما تقدم ذكره.
وفي الحديث: أَن رجلاً سأَل آخر عن منزله فأَخْبَره أَنه ينزل بين
حَيّين من العرب فقال: نَزَلْتَ بين المَعَرّة والمَجَرّة؛ المَجرّةُ التي في
السماء البياضُ المعروف، والمَعَرَّة ما وراءَها من ناحية القطب الشمالي؛
سميت مَعَرّة لكثرة النجوم فيها، أَراد بين حيين عظيمين لكثرة النجوم.
وأَصل المَعَرَّة: موضع العَرّ وهو الجرَبُ ولهذا سَمَّوا السماءَ
الجَرْباءَ لكثرة النجوم فيها، تشبيهاً بالجَرَبِ في بدن الإِنسان.
وعارَّه مُعارّة وعِراراً: قاتَلَه وآذاه. أَبو عمرو: العِرارُ
القِتالُ، يقال: عارَرْتُه إِذا قاتلته. والعَرَّةُ والمَعُرَّةُ: الشدة، وقيل:
الشدة في الحرب.
والمَعَرَّةُ: الإِثم. وفي التنزيل: فتُصِيبَكم منهم مَعَرَّة بغير
عِلْم؛ قال ثعلب: هو من الجرب، أَي يصيبكم منهم أَمر تَكْرَهُونه في
الدِّيات، وقيل: المَعَرَّة الجنايةُ أَي جِنايَتُه كجناية العَرِّ وهو الجرب؛
وأَنشد:
قُلْ لِلْفوارِس من غُزَيّة إِنهم،
عند القتال، مَعَرّةُ الأَبْطالِ
وقال محمد بن إِسحق بن يسار: المَعَرَّةُ الغُرْم؛ يقول: لولا أَن
تصيبوا منهم مؤمناً بغير عِلْم فتَغْرموا دِيَته فأَما إِثمه فإِنه لم يخْشَه
عليهم. وقال شمر: المَعَرّةُ الأَذَى. ومَعَرَّةُ الجيشِ: أَن ينزلوا
بقوم فيأْكلوا من زُروعِهم شيئاً بغير عمل؛ وهذا الذي أَراده عمر، رضي الله
عنه، بقوله: اللهم إِني أَبْرَأُ إِليك من مَعَرّةِ الجَيْش، وقيل: هو
قتال الجيش دون إِذْن الأَمير. وأَما قوله تعالى: لولا رجالٌ مؤمنون ونساءٌ
مؤمنات لم تَعْلَمُوهم أَن تَطَأُهم فتصيبَكم منهم مَعَرَّةٌ بغير علم؛
فالمَعَرَّةُ التي كانت تُصِيب المؤمنين أَنهم لو كَبَسُوا أَهلَ مكة
وبين ظَهْرانَيْهم قومٌ مؤمنون لم يتميزوا من الكُفّار، لم يأْمنوا أَن
يَطَأُوا المؤمنين بغير عِلْمٍ فيقتلوهم، فتلزمهم دياتهم وتلحقهم سُبّةٌ
بأَنهم قتلوا مَنْ هو على دينهم إِذ كانوا مختلطين بهم. يقول الله تعالى: لو
تميزَ المؤمنون من الكُفّار لسَلّطْناكم عليهم وعذّبناهم عذاباً
أَلِيماً؛ فهذه المَعَرّةُ التي صانَ الله المؤمنين عنها هي غُرْم الديات
ومَسَبّة الكُفار إِياهم، وأَما مَعَرّةُ الجيشِ التي تبرّأَ منها عُمر، رضي
الله عنه، فهي وطْأَتُهم مَنْ مَرُّوا به من مسلم أَو معاهَدٍ، وإِصابتُهم
إِياهم في حَرِيمِهم وأَمْوالِهم وزُروعِهم بما لم يؤذن لهم فيه.
والمَعَرّة: كوكبٌ دون المَجَرَّة. والمَعَرّةُ: تلوُّنُ الوجه مِن الغضب؛ قال
أَبو منصور: جاء أَبو العباس بهذا الحرف مشدد الراء، فإِن كان من تَمَعّرَ
وجهُه فلا تشديد فيه، وإِن كان مَفْعَلة من العَرّ فالله أَعلم.
وحِمارٌ أَعَرُّ: سَمينُ الصدر والعُنُقِ، وقيل: إِذا كان السِّمَنُ في
صدره وعُنُقِه أَكثرَ منه في سائر خلقه. وعَرَّ الظليمُ يَعِرُّ عِراراً،
وعارَّ يُعارُّ مُعارَّةً وعِراراً، وهو صوته: صاحَ؛ قال لبيد:
تحَمَّلَ أَهُلها إِلاَّ عِرَاراً
وعَزْفاً بعد أَحْياء حِلال
وزمَرَت النعامةُ زِماراً، وفي الصحاح: زَمَرَ النعامُ يَزْمِرُ
زِماراً. والتَّعارُّ: السَّهَرُ والتقلُّبُ على الفراش لَيْلاً مع كلام، وهو من
ذلك. وفي حديث سلمان الفارسي: أَنه كان إِذا تعارَّ من الليل، قال:
سبحان رَبِّ النبيِّين، ولا يكون إِلا يَقَظَةً مع كلامٍ وصوتٍ، وقيل:
تَمَطَّى وأَنَّ. قال أَبو عبيد: وكان بعض أَهل اللغة يجعله مأْخُوذاً من
عِرارِ الظليم، وهو صوته، قال: ولا أَدري أَهو من ذلك أَم لا. والعَرُّ:
الغلامُ.والعَرّةُ: الجارية. والعَرارُ والعَرارة: المُعجَّلانِ عن وقت
الفطام. والمُعْتَرُّ: الفقير، وقيل: المتعَرِّضُ للمعروف من غير أَن يَسأَل.
ومنه حديث علي، رضوان الله عليه: فإِن فيهم قانِعاً ومُعْتَرّاً. عَراه
واعْتَراه وعرّه يعُرُّه عَرّاً واعْتَرَّه واعْتَرَّ به إِذا أَتاه فطلب
معروفه؛ قال ابن أَحمر:
تَرْعَى القَطاةُ الخِمْسَ قَفُّورَها،
ثم تَعُرُّ الماءَ فِيمَنْ يَعُرُّ
أَي تأْتي الماء وترده. القَفُّور: ما يوجد في القَفْر، ولم يُسْمَع
القَفّورُ في كلام العرب إِلا في شعر ابن أَحمر. وفي التنزيل: وأَطْعِمُوا
القانِعَ والمُعْتَرَّ. وفي الحديث: فأَكَلَ وأَطْعَمَ القانعَ
والمُعْتَرَّ. قال جماعة من أَهل اللغة: القانعُ الذي يسأْل، والمُعْتَرُّ الذي
يُطِيف بك يَطْلُب ما عندك، سأَلَك أَو سَكَتَ عن السؤال.
وفي حديث حاطب بن أَبي بَلْتَعة: أَنه لما كَتَب إِلى أَهل مكة كتاباً
يُنْذِرُهم فيه بِسَيْرِ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إِليهم
أَطْلَع اللهُ رسولَه على الكتاب، فلما عُوتِبَ فيه قال: كنت رجلاً عَريراً
في أَهل مكة فأَحْبَبْت أَن أَتقربَ إِليهم ليحُفَظُوني في عَيْلاتي
عندهم؛ أَراد بقوله عَريراً أَي غَريباً مُجاوِراً لهم دَخيلاً ولم أَكن من
صَميمهم ولا لي فيهم شُبْكَةُ رَحِمٍ. والعَرِيرُ، فَعِيل بمعنى فاعل،
وأَصله من قولك عَرَرْته عَرّاً، فأَنا عارٌّ، إِذا أَتيته تطلب معروفه،
واعْتَرَرْته بمعناه.
وفي حديث عمر، رضي الله تعالى عنه: أَن أَبا بكر، رضي الله عنه، أَعطاه
سَيْفاً مُحَلًّى فنزَعَ عُمَرُ الحِلْيةَ وأَتاه بها وقال: أَتيتك بهذا
لِمَا يَعْزُرُك من أُمور الناس؛ قال ابن الأَثير: الأَصل فيه يَعُرُّك،
ففَكّ الإِدغامَ، ولا يجيء مثل هذا الاتساعِ إِلا في الشعر، وقال أَبو
عبيد: لا أَحسبه محفوظاً ولكنه عندي: لما يَعْرُوك، بالواو، أَي لما
يَنُوبُك من أَمر الناس ويلزمك من حوائجهم؛ قال أَبو منصور: لو كان من العَرّ
لقال لما يعُرُّك. وفي حديث أَبي موسى: قال له عليّ، رضي الله عنه، وقد
جاء يعود ابنَه الحَسَنَ: ما عَرَّنا بك أَيّها الشَّيْخُ؟ أَي ما جاءنا
بك. ويقال في المثل: عُرَّ فَقْرَه بفِيه لعلّه يُلْهِيه؛ يقول: دَعْه
ونَفْسَه لا تُعِنْه لعل ذلك يَشْغَلُه عما يصنع. وقال ابن الأَعرابي: معناه
خَلِّه وغَيِّه إِذا لم يُطِعْكَ في الإِرشاد فلعله يقع في هَلَكة
تُلْهيه وتشغله عنك. والمَعْرورُ أَيضاً: المقرور، وهو أَيضاً الذي لا يستقرّ.
ورجل مَعْرورٌ: أَتاه ما لا قِوَام له معه. وعُرّاً الوادي: شاطِئاه.
والعُرُّ والعُرّةُ: ذَرْقُ الطير. والعُرّةُ أَيضاً: عَذِرةُ الناس
والبعرُ والسِّرْجِينُ؛ تقول منه: أَعَرَّت الدارُ. وعَرَّ الطيرُ يَعُرُّ
عَرَّةٍ: سَلَحَ. وفي الحديث إِيَّاكم ومُشارّةَ الناس فإِنها تُظْهِرُ
العُرّةَ، وهي القذَر وعَذِرة الناس، فاستعِير للمَساوِئِ والمَثالب. وفي
حديث سعد: أَنه كان يُدْمِلْ أَرْضَه بالعُرّة فيقول: مِكْتَلُ عُرّةٍ
مكُتَلُ بُرٍّ. قال الأَصمعي: العُرّةُ عَذِرةُ الناس، ويُدْمِلُها:
يُصْلِحها، وفي رواية: أَنه كان يَحْمِل مكيالَ عُرّةٍ إِلى أَرض له بمكة.
وعَرَّ أَرْضه يَعُرُّها أَي سَمَّدَها، والتَّعْرِيرُ مثله. ومنه حديث ابن
عمر: كان لا يَعُرُّ أَرْضَه أَي لا يُزَبِّلُها بالعُرَّة. وفي حديث جعفر
بن محمد، رضي الله عنهما: كُلْ سَبْعَ تَمَراتٍ من نَخْلةٍ غيرِ
مَعْرورةٍ أَي غير مُزَبَّلة بالعُرّة، ومنه قيل: عَرَّ فلانٌ قومَه بشرٍّ إِذا
لطّخهم؛ قال أَبو عبيد: وقد يكون عرّهم بشرٍّ من العَرّ وهو الجَربُ أَي
أَعْداهم شرُّه؛ وقال الــأَخطل:
ونَعْرُرْ بقوم عُرَّةً يكرهونها،
ونَحْيا جميعاً أَو نَمُوت فنُقْتَل
وفلانٌ عُرّةٌ وعارُورٌ وعارُورةٌ أَي قَذِرٌ. والعُرّةُ: الأُبْنةُ في
العَصا وجمعها عُرَرٌ.
وجَزورٌ عُراعِرٌ، بالضم، أَي سَمِينة. وعُرَّةُ السنام: الشحمةُ
العُليا، والعَرَرُ: صِغَرُ السنام، وقيل: قصرُه، وقيل: ذهابُه وهو من عيوب
الإِبل، جمل أَعرُّ وناقة عرّاء وعرّة؛ قال:
تَمَعُّكَ الأَعَرّ لاقَى العَرّاء
أَي تَمَعَّك كما يتمعك الأَعَرُّ، والأَعَرُّ يُحِبُّ التمعُّكَ لذهاب
سنامه يلتذّ بذلك؛ وقال أَبو ذؤيب:
وكانوا السَّنامَ اجتُثَّ أَمْسِ، فقومُهم
كعرّاءَ، بَعْدَ النَّيّ، راثَ رَبِيعُها
وعَرَّ إِذا نقص. وقد عَرَّ يَعَرُّ: نقص سنامُه.
وكَبْشٌ أَعَرُّ. لا أَلْية له، ونعجة عَرّاء. قال ابن السكيت:
الأَجَبُّ الذي لا سنام له من حادِثٍ، والأَعَرُّ الذي لا سنام له من
خلْقة.وفي كتاب التأْنيث والتذكير لابن السكيت: رجل عارُورةٌ إِذا كان
مشؤوماً، وجمل عارُورةٌ إِذا لم يكن له سنام، وفي هذا الباب رجل صارُورةٌ.
ويقال: لقيت منه شرّاً وعَرّاً وأَنت شرٌّ منه وأَعَرُّ، والمَعَرَّةُ: الأَمر
القبيح المكروه والأَذى، وهي مَفْعلة من العَرّ.
وعَرَّه بشرٍّ أَي ظلَمه وسبّه وأَخذ مالَه، فهو مَعْرُورٌ. وعَرَّه
بمكروه يعُرُّه عَرّاً: أَصابَه به، والاسم العُرَّة. وعَرَّه أَي ساءه؛ قال
العجاج:
ما آيبٌ سَرَّكَ إِلا سرَّني
نُصحاً، ولا عَرَّك إِلا عَرَّني
قال ابن بري: الرجز لرؤبة بن العجاج وليس للعجاج كما أَورده الجوهري؛
قاله يخاطب بلال بن أَبي بردة بدليل قوله:
أَمْسى بِلالٌ كالرَّبِيعِ المُدْجِنِ
أَمْطَرَ في أَكْنافِ غَيْمٍ مُغْيِنِ،
ورُبَّ وَجْهٍ من حراء مُنْحَنِ
وقال قيس بن زهير:
يا قَوْمَنا لا تَعُرُّونا بداهيَةٍ،
يا قومَنا، واذكُروا الآباءَ والقُدمَا
قال ابن الأَعرابي: عُرَّ فلانٌ إِذا لُقِّبَ بلقب يعُرُّه؛ وعَرَّه
يعُرُّهُ إِذا لَقَّبه بما يَشِينُه؛ وعَرَّهم يعُرُّهم: شانَهُم. وفلان
عُرّةُ أَهله أَي يَشِينُهم. وعَرَّ يعُرُّ إِذا صادَفَ نوبته في الماء
وغيره، والعُرَّى: المَعِيبةُ من النساء. ابن الأَعرابي: العَرَّةُ الخَلّةُ
القبيحة. وعُرّةُ الجربِ وعُرّةُ النساء: فَضيحَتُهنّ وسُوءُ عشْرتهنّ.
وعُرّةُ الرجال: شرُّهم. قال إِسحق: قلت لأَحمد سمعت سفيان ذكَر العُرّةَ
فقال: أَكْرَهُ بيعَه وشراءَه، فقال أَحمد: أَحْسَنَ؛ وقال ابن راهويه
كما قال، وإِن احتاج فاشتراه فهو أَهْون لأَنه يُمْنَحُ. وكلُّ شيءٍ باءَ
بشيءٍ، فهو له عَرَار؛ وأَنشدَ للأَعشى:
فقد كان لهم عَرار
وقيل: العَرارُ القَوَدُ. وعَرارِ، مثل قطام: اسم بقرة. وفي المثل:
باءَتْ عَرَارِ بِكَحْلَ، وهما بقرتان انتطحتا فماتتا جميعاً؛ باءت هذه بهذه؛
يُضْرَب هذا لكل مستويين؛ قال ابن عنقاء الفزاري فيمن أَجراهما:
باءَتْ عَرارٌ بكَحْلٍ والرِّفاق معاً،
فلا تَمَنَّوا أَمانيَّ الأَباطِيل
وفي التهذيب: وقال الآخر فيما لم يُجْرِهما:
باءَتْ عَرارِ بكَحْلَ فيما بيننا،
والحقُّ يَعْرفُه ذَوُو الأَلْباب
قال: وكَحْل وعَرارِ ثورٌ وبقرة كانا في سِبْطَينِ من بني إِسرائيل،
فعُقِر كَحْل وعُقِرت به عَرارِ فوقعت حرب بينهما حتى تَفانَوْا، فضُربا
مثلاً في التساوي.
وتزوّجَ في عَرارة نِساءٍ أَي في نساءٍ يَلِدْن الذكور، وفي شَرِيَّةِ
نساء يلدن الإِناث.
والعَرَارةُ: الشدة؛ قال الــأَخطل:
إِن العَرارةَ والنُّبُوحَ لِدارِمٍ،
والمُسْتَخِفُّ أَخُوهمُ الأَثْقالا
وهذا البيت أَورده الجوهري للــأَخطل وذكر عجزه:
والعِزُّ عند تكامُلِ الأَحْساب
قال ابن بري: صدر البيت للــأَخطل وعجزه للطرماح، فابن بيت الــأَخطل كما
أَوردناه أَولاً؛ وبيت الطرماح:
إِن العرارة والنبوح لِطَيِّءٍ،
والعز عند تكامل الأَحساب
وقبله:
يا أَيها الرجل المفاخر طيئاً،
أَعْزَبْت لُبَّك أَيَّما إِعْزاب
وفي حديث طاووس: إِذا اسْتَعَرَّ عليكم شيءٌ من الغَنم أَي نَدَّ
واسْتَعْصَى، من العَرارة وهي الشدة وسوء الخلق، والعَرَارةُ: الرِّفْعة
والسُودَدُ.
ورجل عُراعِرٌ: شريف؛ قال مهلهل:
خَلَعَ المُلوكَ، وسارَ تحت لِوائِه
شجرُ العُرا، وعُراعِرُ الأَقْوامِ
شجر العرا: الذي يبقى على الجدب، وقيل: هم سُوقة الناس. والعُراعِرُ
هنا: اسم للجمع، وقيل: هو للجنس، ويروى عَراعِر، بالفتح، جمع عُراعِر،
وعَراعِرُ القوم: ساداتُهم، مأْخوذ من عُرْعُرة الجبل، والعُراعِرُ: السيد،
والجمع عَراعِرُ، بالفتح؛ قال الكميت:
ما أَنْتَ مِنْ شَجَر العُرا،
عند الأُمورِ، ولا العَراعِرْ
وعُرْعُرة الجبل: غلظه ومعظمه وأَعلاه. وفي الحديث: كتب يحيى بن يعمر
إِلى الحجاج: إِنا نزلنا بعُرْعُرةِ الجبل والعدوُّ بحَضِيضِه؛ فعُرْعَرتُه
رأْسه، وحَضِيضُه أَسفلُه. وفي حديث عمر بن عبد العزيز أَنه قال:
أَجْمِلوا في الطَلب فلو أَن رِزْقَ أَحدِكم في عُرْعُرةِ جبلٍ أَو حَضِيض أَرض
لأَتاه قبل أَن يموت. وعُرْعُرةُ كل شيءٍ، بالضم: رأْسُه وأَعلاه.
وعَرْعَرةُ الإِنسان: جلدةُ رأْسِه. وعُرْعرةُ السنامِ: رأْسُه وأَعلاه
وغارِبُه، وكذلك عُرْعُرةُ الأَنف وعُرْعُرةُ الثورِ كذلك؛ والعراعِرُ: أَطراف
الأَسْمِنة في قول الكميت:
سَلَفي نَِزار، إِذْ تحوّ
لت المَناسمُ كالعَراعرْ
وعَرْعَرَ عينَه: فقأَها، وقيل: اقتلعها؛ عن اللحياني. وعَرْعَرَ صِمامَ
القارورة عَرْعرةً: استخرجه وحرّكه وفرّقه. قال ابن الأَعرابي:
عَرْعَرْت القارورةَ إِذا نزعت منها سِدادَها، ويقال إِذا سَدَدْتها، وسِدادُها
عُرعُرُها، وعَرَعَرَتُها وِكاؤها. وفي التهذيب: غَرْغَرَ رأْسَ القارورة،
بالغين المعجمة، والعَرْعَرةُ التحريك والزَّعْزعةُ، وقال يعني قارروةً
صفْراء من الطيب:
وصَفْراء في وَكْرَيْن عَرْعَرْتُ رأْسَها،
لأُبْلِي إِذا فارَقْتُ في صاحبِي عُذْرا
ويقال للجارية العَذْراء: عَرَّاء. والعَرْعَر: شجرٌ يقال له الساسَم،
ويقال له الشِّيزَى، ويقال: هو شجر يُعْمل به القَطِران، ويقال: هو شجر
عظيم جَبَليّ لا يزال أَخضرَ تسميه الفُرْسُ السَّرْوُ. وقال أَبو حنيفة:
للعَرْعَر ثمرٌ أَمثال النبق يبدو أَخضر ثم يَبْيَضُّ ثم يَسْوَدُّ حتى
يكون كالحُمَم ويحلُو فيؤكل، واحدته عَرْعَرةٌ، وبه سمي الرجل. والعَرَارُ:
بَهارُ البَرِّ، وهو نبت طيب الريح؛ قال ابن بري: وهو النرجس البَرِّي؛
قال الصمّة
بن عبدالله القشيري:
أَقولُ لصاحِبي والعِيسُ تَخْدِي
بنا بَيْنَ المُنِيفة فالضِّمَارِ
(* قوله: والعيس تخدي» في ياقوت: تهوي بدل تخدي):
تمَتَّعْ مِن شَمِيمِ عَرَارِ نَجْدٍ،
فما بَعْدَ العَشِيَّة مِن عَرارِ
أَلا يا حَبّذا نَفَحاتُ نَجْدٍ،
ورَيّا رَوْضه بعد القِطَار
شهورٌ يَنْقَضِينَ، وما شَعَرْنا
بأَنْصافٍ لَهُنَّ، ولا سَِرَار
واحدته عَرارة؛ قال الأَعشى:
بَيْضاء غُدْوَتها، وصَفْـ
ـراء العَشِيّة كالعَراره
معناه أَن المرأَة الناصعةَ البياض الرقيقةَ البشرة تَبْيَضّ بالغداة
ببياض الشمس، وتَصْفَرّ بالعشيّ باصفرارها. والعَرَارةُ: الحَنْوةُ التي
يَتَيَمّن بها الفُرْسُ؛ قال أَبو منصور: وأَرى أَن فرَس كَلْحَبةَ
اليَرْبوعي سميت عَرَارة بها، واسم كلحبة هُبَيرة بن عبد مناف؛ وهو القائل في
فرسه عرارة هذه:
تُسائِلُني بنو جُشَمَ بنِ بكْرٍ:
أَغَرّاءُ العَرارةُ أَمْ يَهِيمُ؟
كُمَيتٌ غيرُ مُحْلفةٍ، ولكن
كلَوْنِ الصِّرْفِ، عُلَّ به الأَدِيمُ
ومعنى قوله: تسائلني بنو جشم بن بكر أَي على جهة الاستخبار وعندهم منها
أَخبار، وذلك أَن بني جشم أَغارت على بَلِيٍّ وأَخذوا أَموالهم، وكان
الكَلْحَبةُ نازلاً عندهم فقاتَلَ هو وابنُه حتى رَدُّوا أَموال بَلِيٍّ
عليهم وقُتِلَ ابنُه، وقوله: كميت غير محلفة، الكميت المحلف هو الأَحَمُّ
والأَحْوى وهما يتشابهان في اللون حتى يَشُكّ فيهما البَصِيران، فيحلف
أَحدُهما أَنه كُمَيْتٌ أَحَمُّ، ويحلف الآخرُ أَنه كُمَيت أَحْوَى، فيقول
الكلحبة: فرسِي ليست من هذين اللونين ولكنها كلون الصِّرْف، وهو صبغ أَحمر
تصبغ به الجلود؛ قال ابن بري: وصواب إِنشاده أَغَرّاءُ العَرادةُ،
بالدال، وهو اسم فرسه، وقد ذكرت في فصل عرد، وأَنشد البيت أَيضاً، وهذا هو
الصحيح؛ وقيل: العَرَارةُ الجَرادةُ، وبها سميت الفرس؛ قال بشر:
عَرارةُ هَبْوة فيها اصْفِرارُ
ويقال: هو في عَرارة خيرٍ أَي في أَصل خير. والعَرَارةُ: سوءُ الخلق.
ويقال: رَكِبَ عُرْعُرَه إِذا ساءَ خُلُقه، كما يقال: رَكِبَ رَأْسَه؛ وقال
أَبو عمرو في قول الشاعر يذكر امرأَة:
ورَكِبَتْ صَوْمَها وعُرْعُرَها
أَي ساء خُلُقها، وقال غيره: معناه ركبت القَذِرَ من أَفْعالها. وأَراد
بعُرْعُرها عُرَّتَها، وكذلك الصوم عُرَّةُ النعام. ونخلة مِعْرارٌ أَي
محْشافٌ. الفراء: عَرَرْت بك حاجتي أَي أَنْزَلْتها. والعَرِيرُ في
الحديث: الغَرِيبُ؛ وقول الكميت:
وبَلْدة لا يَنالُ الذئْبُ أَفْرُخَها،
ولا وَحَى الوِلْدةِ الدَّاعِين عَرْعارِ
أَي ليس بها ذئب لبُعْدِها عن الناس. وعِرَار: اسم رجل، وهو عِرَار بن
عمرو بن شاس الأَسدي؛ قال فيه أَبوه:
وإِنَّ عِرَاراً إِن يكن غيرَ واضحٍ،
فإِني أُحِبُّ الجَوْنَ ذا المَنكِب العَمَمْ
وعُرَاعِر وعَرْعَرٌ والعَرَارةُ، كلها: مواضع؛ قال امرؤ القيس:
سَمَا لَكَ شَوْقٌ بعدما كان أَقْصرَا،
وحَلَّت سُلَيْمى بَطْنَ ظَبْيٍ فعَرْعَرَا
ويروى: بطن قَوٍّ؛ يخاطب نفسه يقول: سما شوقُك أَي ارتفع وذهب بك كلَّ
مذهب لِبُعْدِ مَن تُحِبُّه بعدما كان أَقصر عنك الشوق لقُرْب المُحِبّ
ودُنوِّه؛ وقال النابغة:
زيدُ بن زيد حاضِرٌ بعُراعِرٍ،
وعلى كُنَيْب مالِكُ بن حِمَار
ومنه مِلْحٌ عُراعِرِيّ. وعَرْعارِ: لُعْبة للصبيان، صِبْيانِ الأَعراب،
بني على الكسرة وهو معدول من عَرْعَرَة مثل قَرْقارٍ من قَرْقَرة.
والعَرْعَرة أَيضاً: لُعْبةٌ للصبيان؛ قال النابعة:
يَدْعُو ولِيدُهُم بها عَرْعارِ
لأَن الصبي إِذا لم يجد أَحداً رفَع صوتَه فقال: عَرْعارِ، فإِذا
سَمِعُوه خرجوا إِليه فلَعِبوا تلك اللُّعْبَةَ. قال ابن سيده: وهذا عند سيبويه
من بنات الأَربع، وهو عندي نادر، لأَن فَعالِ إِنما عدلت عن افْعل في
الثلاثي ومَكّنَ غيرُه عَرْعار في الاسمية. قالوا: سمعت عَرْعارَ الصبيان
أَي اختلاطَ أَصواتهم، وأَدخل أَبو عبيدة عليه الأَلف واللام فقال:
العَرْعارُ لُعْبةٌ للصبيان؛ وقال كراع: عَرْعارُ لعبة للصبيان فأَعْرَبه،
أَجراه مُجْرَى زينب وسُعاد.
زرم: الزَّرِمُ من السَّنانير والكلاب. ما يبقى جَعْرُه في دبره.
وزَرِمَ الكلب والسِّنَّوْرُ زَرَماً، فهو زَرِمٌ: بقي جَعْرُه في دبره، وبذلك
سمي السِّنَّوْرُ أَزْرَمَ. وزَرِمَ البيعُ إذا انقطع. وزَرَمَ الشيءَ
يَزْرِمُهُ زَرْماً. وأَزْرَمهُ وزَرَّمَه: قطعه؛ قال ساعدة بن
جُؤَيَّةَ:إني لأَهْواك حُبّاً غيرَ ما كَذِبٍ،
ولو نأَيْت سِوانا في النوَى حِجَجا
حُبَّ الضَّريكِ تِلادَ المال زَرَّمهُ
فَقْرٌ، ولم يَتَّخِذْ في الناس مُلْتَحَجا
أَراد: قطع عنه الخير. وزرِمَ دمعُهُ وبولُهُ وحِلْفَتُهُ وكلامه
وازْرَأَمَّ: انقطع. وكل ما انقطع فقد زَرِم. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله
عليه وسلم، أُتي بالحسن بن علي، عليهما السلام، فوُضعَ في حجْره فبال في
حجره فأُخِذَ فقال: لا تُزْرِمُوا ابني، ثم دعا بماء فصبه عليه؛ قال
الأَصمعي: الإزْرامُ القطع أَي لا تقطعوا عليه بوله. ومنه حديث الأَعرابي
الذي بال في المسجد: قال لا تُزْرِمُوه؛ يقال للرجل إذا قطع بوله: قد
أَزْرَمْتَ بولك. وأَزْرَمَهُ غيره أَي قطعه؛ قال عَدِيّ:
أَو كماء المَثْمود بعد جِمامٍ،
زَرِم الدَّمْعِ لا يَؤُوب نَزُورا
قال: فالزَّرِمُ القليل المنقطع. أَبو عمرو: الزَّرِمُ الناقة التي تقطع
بولها قليلاً قليلاً، يقال لها إذا فعلت ذلك: قد أَوزَغَتْ وأَوْشَقَتْ
وشلْشَلَتْ وأَنفصت وأَزْرَمَتْ. الجوهري: زَرِمَ البولُ، بالكسر، إذا
انقطع، وكذلك كل شيء ولَّى، وأَزْرَمَهُ غيره. وازْرَأَمَّ: غضب، فهو
مُزْرئِمٌّ؛ ذكره أَبو زيد في كتاب الهمز. والزَّرْم: الوِلاد. وقد زَرَمَتْ
به زَرْماً: ولدته؛ أَنشد ابن بري لأَبي الوَرْدِ الجعدي:
أَلا لَعَنَ اللهُ التي زَرَمَتْ به
فقد وَلَدَتْ ذا نُمْلَة وغَوائِلِ
والزَّرِيمُ: الذليل القليل الرَّهْطِ. ابن الأَعرابي: رجل زَرِمٌ
ذليل قليل الرهط؛ قال الــأَخطل:
لولا بَلاؤُكُمُ في غير واحدة،
إذاً لَقُمْتُ مقَام الخائِفِ الزَّرِمِ
الأَصمعي: الزَّرِمُ الزَّرِمُ المضيَّق عليه. ويقال للبخيل: زَرِمٌ،
وزَرَّمَه غيره، وأَنشد بيت ساعدة بن جؤية. الأَصمعي: المُزْرَئِمُّ
المُنْقَبِضُ، الزاي قبل الراء، وقد ازْرَأَمَّ ازْرِئْماماً؛ أَنشد ابن بري
للــأَخطَل:
تُمْذي إذا سُحِبَتْ من قَبْلِ أَدْرَعِها،
وتَزْرَئِمُّ إذا ما بَلَّها المَطَرُ
قال: وقال آخر في المُزْرَئِمِّ الساكت:
ألْفَيْتُهُ غَضْبان مُزْرَئِمَّا،
لا سَبِطَ الكَفِّ ولا خِضَمَّا
والزَّرِمُ: الذي لا يثبت في مكان؛ قال ساعدة بن جُؤيَّة:
مُوَكَّلٌ بشُدُوفِ الصَّوْمِ يرقُبُهُ،
من المَغارِبِ، مَخْطوفُ الحَشا زَرِمُ
والمُزْرَئِمُّ والزُّرَأْمِيمُ: المتقبض؛ الأَخيرة عن ثعلب. وقال أَبو
عبيد: والمُرْزَئِمُّ المُقْشَعِرُّ المجتمع، الراء قبل الزاي، قال:
الصواب المُزْرَئِمُّ، الزاي قبل الراء، قال: هكذا رواه ابن جَبلة وشك أَبو
زيد في المُقْشَعِرّ المجتمع أَنه مُزْرَئِمّ أَو مُرْزَئِمّ.
مني: المَنى، بالياءِ: القَدَر؛ قال الشاعر:
دَرَيْتُ ولا أَدْري مَنى الحَدَثانِ
مَناهُ الله يَمْنِيه: قدَّره. ويقال: مَنى اللهُ لك ما يسُرُّك أَي
قَدَّر الله لك ما يَسُرُّك؛ وقول صخر الغيّ:
لعَمرُ أَبي عمرو لقَدْ ساقَه المَنى
إِلى جَدَثٍ يُوزَى لهُ بالأَهاضِبِ
أَي ساقَه القَدَرُ. والمَنى والمَنِيَّةُ: الموت لأَنه قُدِّر علينا.
وقد مَنى الله له الموت يَمْني، ومُنِي له أَي قُدِّر؛ قال أَبو قِلابة
الهذلي:
ولا تَقُولَنْ لشيءٍ: سَوْفَ أَفْعَلُه،
حتى تُلاقِيَ ما يَمْني لك المَاني
وفي التهذيب:
حتى تبَيّنَ ما يَمْني لك الماني
أَي ما يُقَدِّر لك القادر؛ وأَورد الجوهري عجز بيت:
حتى تُلاقَي ما يَمْني لك الماني
وقال ابن بري فيه: الشعر لسُوَيْد بن عامرٍ المُصْطلِقي وهو:
لا تَأْمَنِ المَوتَ في حَلٍّ ولا حَرَمٍ،
إِنَّ المَنايا تُوافي كلَّ إِنْسانِ
واسْلُكْ طَريقَكَ فِيها غَيْرَ مُحْتَشِمٍ،
حتَّى تُلاقَي ما يَمْني لك الماني
وفي الحديث: أَن منشداً أَنشد النبي،صلى الله عليه وسلم:
لا تَأْمَنَنَّ، وإِنْ أَمْسَيْتَ في حَرَمٍ،
حتى تلاقَي ما يمني لك الماني
فالخَيْرُ والشَّرُّ مَقْرونانِ في قَرَنٍ،
بكُلِّ ذلِكَ يأْتِيكَ الجَدِيدانِ
فقال النبي،صلى الله عليه وسلم: لو أَدرك هذا الإِسلام؛ معناه حتى
تُلاقَي ما يُقدِّر لكَ المُقَدِّرُ وهو الله عز وجل. يقال: مَنى الله عليك
خيراً يَمْني مَنْياً، وبه سميت المَنِيَّةُ، وهي الموت، وجمعها المَنايا
لأَنها مُقدَّرة بوقت مخصوص؛ وقال آخر:
مَنَتْ لَكَ أَن تُلاقِيَني المَنايا
أُحادَ أُحادَ في الشَّهْر الحَلالِ
أَي قدَّرت لك الأَقْدارُ. وقال الشَّرفي بن القطامي: المَنايا
الأَحْداث، والحِمامُ الأَجَلُ، والحَتْفُ القَدَرُ، والمَنُونُ الزَّمانُ؛ قال
ابن بري: المَنيَّة قدَرُ الموت، أَلا ترى إِلى قول أَبي ذؤيب:
مَنايا يُقَرِّبْنَ الحُتُوفَ لأَهْلِها
جِهاراً، ويَسْتَمْتِعْنَ بالأَنَسِ الجُبْلِ
فجعل المنايا تُقرِّب الموت ولم يجعلها الموت.
وامْتَنَيْت الشيء: اخْتَلقْته.
ومُنِيتُ بكذا وكذا: ابْتُلِيت به. ومَناه اللهُ بحُبها يَمنِيه
ويَمْنُوه أَي ابْتلاه بحُبِّها مَنْياً ومَنْواً. ويقال: مُنِيَ ببَلِيَّة أَي
ابْتُلي بها كأَنما قُدِّرت له وقُدِّر لها. الجوهري: منَوْتُه ومَنَيْته
إِذا ابتليته، ومُنِينا له وُفِّقْنا. ودارِي مَنى دارِك أَي إِزاءَها
وقُبالَتها. وداري بمَنى دارِه أَي بحذائها؛ قال ابن بري: وأَنشد ابن
خالويه:
تَنَصَّيْتُ القِلاصَ إِلى حَكِيمٍ،
خَوارِجَ من تَبالَةَ أَو مَناها
فما رَجَعَتْ بخائبةٍ رِكابٌ،
حَكِيمُ بنُ المُسَيَّبِ مُنتَهاها
وفي الحديث: البيتُ المَعْمُور مَنى مكة أَي بِحذائها في السماء. وفي
حديث مجاهد: إِن الحرم حَرَمٌ مَناه مِن السمواتِ السبع والأَرَضِين السبع
أَي حِذاءه وقَصْدَه. والمَنى: القَصْدُ؛ وقول الــأَخطل:
أَمْسَتْ مَناها بأَرْضٍ ما يُبَلِّغُها،
بصاحِبِ الهَمِّ، إِلاَّ الجَسْرةُ الأُجُدُ
قيل: أَراد قَصْدَها وأَنَّث على قولك ذهَبت بعضُ أَصابعه، وإِن شئت
أَضمرت في أَمَسَتْ كما أَنشده سيبويه:
إِذا ما المَرْءُ كان أَبُوه عَبْسٌ،
فحَسْبُكَ ما تُريدُ إِلى الكَلامِ
وقد قيل: إِنَّ الــأَخطل أَرادَ مَنازِلها فحذف، وهو مذكور في موضعه؛
التهذيب: وأَما قول لبيد:
دَرَسَ المَنا بمُتالِعٍ فأَبانِ
قيل: إِنه أَراد بالمَنا المَنازِل فرخمها كما قال العجاج:
قَواطِناً مكةَ منْ وُرْقِ الحَما
أَراد الحَمام. قال الجوهري: قوله دَرَس المنا أَراد المنازل، ولكنه حذف
الكلمة اكْتِفاء بالصَّدْر، وهو ضرورة قبيحة.
والمَنِيُّ، مشَدّد: ماء الرجل، والمَذْي والوَدْي مخففان؛ وأَنشد ابن
بري للــأَخطل يهجو جريراً:
مَنِيُّ العَبْدِ، عَبْدِ أَبي سُواجٍ،
أَحَقُّ مِنَ المُدامةِ أَنْ تَعيبا
قال: وقد جاء أَيضاً مخففاً في الشعر؛ قال رُشَيْدُ ابن رُمَيْضٍ:
أَتَحْلِفُ لا تَذُوقُ لَنا طَعاماً،
وتَشْرَبُ مَنْيَ عَبْدِ أَبي سُواجِ؟
وجمعهُ مُنْيٌ؛ حكاه ابن جِني؛ وأَنشد:
أَسْلَمْتُموها فباتَتْ غيرَ طاهِرةٍ،
مُنّيُ الرِّجالِ على الفَخذَيْنِ كالمُومِ
وقد مَنَيْتُ مَنْياً وأَمْنَيْتُ. وفي التنزيل العزيز: مِنْ مَنِيٍّ
يُمْنَى؛ وقرئ بالتاء على النطفة وبالياء على المَنيِّ، يقال: مَنَى
الرَّجلُ وأَمْنى من المَنِيِّ بمعنًى، واسْتَمْنَى أَي اسْتَدْعَى خروج
المنيّ.
ومَنَى اللهُ الشيء: قَدَّرَه، وبه سميت مِنًى، ومِنًى بمكة، يصرف ولا
يصرف، سميت بذلك لما يُمْنَى فيها من الدماء أَي يُراق، وقال ثعلب: هو مِن
قولهم مَنَى الله عليه الموت أَي قدَّره لأَن الهَدْيَ يُنحر هنالك.
وامْتَنَى القوم وأَمْنَوْا أَتوا مِنى؛ قال ابن شميل: سمي مِنًى لأَن الكبش
مُنِيَ به أَي ذُبح، وقال ابن عيينة: أُخذ من المَنايا. يونس: امْتَنَى
القوم إِذا نزلوا مِنًى. ابن الأَعرابي: أَمْنَى القوم إِذا نزلوا مِنًى.
الجوهري: مِنًى، مقصور، موضع بمكة، قال: وهو مذكر، يصرف. ومِنًى: موضع
آخر بنجد؛ قيل إِياه عنى لبيد بقوله:
عَفَتِ الدِّيارُ محَلُّها فَمُقامُها
بمِنًى، تأَبَّدَ غَوْلُها فرِجامُها
والمُنَى، بضم الميم: جمع المُنية، وهو ما يَتَمَنَّى الرجل.
والمَنْوَةُ: الأُمْنِيَّةُ في بعض اللغات. قال ابن سيده: وأُراهم غيروا الآخِر
بالإِبدال كما غيروا الأَوَّل بالفتح. وكتب عبد الملك إِلى الحجاج: يا ابنَ
المُتَمَنِّيةِ، أَراد أُمَّه وهي الفُرَيْعَةُ بنت هَمَّام؛ وهي
القائلة:هَلْ مِنْ سَبِيلٍ إِلى خَمْرٍ فأَشْرَبَها،
أَمْ هَلْ سَبِيلٌ إِلى نَصْرِ بْنِ حَجَّاجِ؟
وكان نصر رجلاً جميلاً من بني سُلَيم يفتتن به النساء فحلق عمر رأْسه
ونفاه إِلى البصرة، فهذا كان تمنيها الذي سماها به عبد الملك، ومنه قول
عروة بن الزُّبير للحجاج: إِن شئت أَخبرتك من لا أُمَّ له يا ابنَ
المُتَمنِّية. والأُمْنِيّة: أُفْعولةٌ وجمعها الأَماني، وقال الليث: ربما طرحت
الأَلف فقيل منية على فعلة
(*قوله« فقيل منية على فعلة» كذا بالأصل وشرح القاموس، ولعله على فعولة
حتى يتأتى ردّ أَبي منصور عليه؛ قال أَبو منصور: وهذا لحن عند الفصحاء، إِنما يقال مُنْية على فُعْلة وجمعها مُنًى،
ويقال أُمْنِيّةٌ على أُفْعولة والجمع أَمانيُّ، مشدَّدة الياء، وأَمانٍ
مخففة، كما يقال أَثافٍ وأَثافيُّ وأَضاحٍ وأَضاحِيُّ لجمع الأُثْفِيّةِ
والأُضْحيَّة. أَبو العباس: أَحمد بن يحيى التَّمَنِّي حديث النفس بما يكون
وبما لا يكون، قال: والتمني السؤال للرب في الحوائج. وفي الحديث: إِذا
تَمَنَّى أَحدُكم فَلْيَسْتَكثِرْ فإِنَّما يسْأَل رَبَّه، وفي رواية:
فلْيُكْثِرْ؛ قال ابن الأَثير: التَّمَنِّي تَشَهِّي حُصُولِ الأَمر
المَرْغوب فيه وحديثُ النَّفْس بما يكون وما لا يكون، والمعنى إِذا سأَل اللهَ
حَوائجَه وفَضْله فلْيُكْثِرْ فإِن فضل الله كثير وخزائنه واسعة. أَبو
بكر: تَمَنَّيت الشيء أَي قَدَّرته وأَحْبَبْتُ أَن يصير إِليَّ مِن المَنى
وهو القدر. الجوهري: تقول تَمَنَّيْت الشيء ومَنَّيت غيري تَمْنِيةً.
وتَمَنَّى الشيءَ: أَراده، ومَنَّاه إِياه وبه، وهي المِنْيةُ والمُنْيةُ
والأُمْنِيَّةُ. وتَمَنَّى الكتابَ: قرأَه وكَتَبَه. وفي التنزيل العزيز:
إِلا إِذا تَمَنَّى أَلْقى الشيطانُ في أُمْنِيَّتِه؛ أَي قَرَأَ وتَلا
فأَلْقَى في تِلاوته ما ليس فيه؛ قال في مَرْثِيَّةِ عثمان، رضي الله
عنه:تَمَنَّى كتابَ اللهِ أَوَّلَ لَيْلِه،
وآخِرَه لاقَى حِمامَ المَقادِرِ
(* قوله« أول ليله وآخره» كذا بالأصل، والذي في نسخ النهاية: أول ليلة
وآخرها.)
والتَّمَنِّي: التِّلاوةُ. وتَمَنَّى إِذا تَلا القرآن؛ وقال آخر:
تَمَنَّى كِتابَ اللهِ آخِرَ لَيْلِه،
تَمَنِّيَ داودَ الزَّبُورَ على رِسْلِ
أَي تلا كتاب الله مُتَرَسِّلاً فيه كما تلا داودُ الزبور مترَسِّلاً
فيه. قال أَبو منصور: والتِّلاوةُ سميت أُمْنيّة لأَنَّ تالي القرآنِ إِذا
مَرَّ بآية رحمة تَمَنَّاها، وإِذا مرَّ بآية عذاب تَمَنَّى أَن
يُوقَّاه. وفي التنزيل العزيز: ومنهم أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُون الكتاب إِلا
أَمانيَّ؛ قال أَبو إِسحق: معناه الكتاب إِلا تِلاوة، وقيل: إَلاَّ
أَمانِيَّ إِلا أَكاذيبَ، والعربُ تقول: أَنت إِنما تَمْتَني هذا القولَ أَي
تَخْتَلِقُه، قال: ويجوز أَن يكون أَمانيَّ نُسِب إِلى أَنْ القائل إِذا قال
ما لا يعلمه فكأَنه إِنما يَتَمَنَّاه، وهذا مستَعمل في كلام الناس،
يقولون للذي يقول ما لا حقيقة له وهو يُحبه: هذا مُنًى وهذه أُمْنِيَّة. وفي
حديث الحسن: ليس الإِيمانُ بالتَّحَلِّي ولا بالتَّمَنِّي ولكن ما وَقَر
في القلب وصَدَّقَتْه الأَعْمال أَي ليس هو بالقول الذي تُظهره بلسانك
فقط، ولكن يجب أَن تَتْبَعَه معرِفةُ القلب، وقيل: هو من التَّمَنِّي
القراءة والتِّلاوة. يقال: تَمَنَّى إِذا قرأَ. والتَّمَنِّي: الكَذِب. وفلان
يَتَمَنَّى الأَحاديث أَي يَفْتَعِلها، وهو مقلوب من المَيْنِ، وهو
الكذب. وفي حديث عثمان، رضي الله عنه: ما تَغَنَّيْتُ ولا تَمَنَّيْتُ ولا
شَرِبت خَمراً في جاهلية ولا إِسلام، وفي رواية: ما تَمَنَّيْتُ منذ أَسلمت
أَي ما كَذَبْت. والتَّمنِّي: الكَذِب، تَفَعُّل مِن مَنَى يَمْني إِذا
قَدَّر لأَن الكاذب يُقدِّر في نفسه الحديث ثم يقوله، ويقال للأَحاديث
التي تُتَمَنَّى الأَمانيُّ، واحدتها أُمْنِيّةٌ؛ وفي قصيد كعب:
فلا يغُرَّنْكَ ما مَنَّتْ وما وعَدَتْ،
إِنَّ الأَمانِيَّ والأَحْلامَ تَضلِيلُ
وتَمَنَّى: كَذَبَ ووضَعَ حديثاً لا أَصل له. وتَمَنَّى الحَديث:
اخترعه. وقال رجل لابن دَأْبٍ وهو يُحدِّث: أَهذا شيء رَوَيْتَه أَم شيء
تَمَنَّيْته؟
معناه افْتَعَلْتَه واخْتَلَقْته ولا أَصل له. ويقول الرجل: والله ما
تَمَنَّيْت هذا الكلام ولا اخْتَلَقْته. وقال الجوهري: مُنْيةُ الناقة
الأَيام التي يُتعَرَّف فيها أَلاقِحٌ هي أَم لا، وهي ما بين ضِرابِ الفَحْل
إِياها وبين خمس عشرة ليلة، وهي الأَيام التي يُسْتَبْرَأُ فيها لَقاحُها
من حِيالها. ابن سيده: المُنْيةُ والمِنية أَيّام الناقة التي لم
يَسْتَبِنْ فيها لَقاحُها من حِيالها، ويقال للناقة في أَوَّل ما تُضرب: هي في
مُنْيَتها، وذلك ما لم يعلموا أَبها حمل أَم لا، ومُنْيَةُ البِكْر التي
لم تحمل قبل ذلك عشرُ ليال، ومنية الثِّنْي وهو البطن الثاني خمس عشرة
ليلة، قيل: وهي منتهى الأَيام، فإِذا مضت عُرف أَلاقِح هي أَم غير لاقح،
وقد استَمْنَيْتُها. قال ابن الأَعرابي: البِكْرُ من الإِبل تُسْتَمْنى بعد
أَربع عشرة وإحدى وعشرين، والمُسِنَّةُ بعد سبعة أَيام، قال:
والاسْتِمْناء أَن يأْتي صاحبها فيضرب بيده على صَلاها ويَنْقُرَ بها، فإِن
اكْتارَتْ بذنبها أَو عَقَدت رأْسها وجمعت بين قُطْرَيها عُلِم أَنها لاقح؛ وقال
في قول الشاعر:
قامَتْ تُريكَ لَقاحاً بعدَ سابِعةٍ،
والعَيْنُ شاحِبةٌ، والقَلْبُ مَسْتُورُ
قال: مستور إِذا لَقِحَت ذهَب نَشاطُها.
كأَنَّها بصَلاها، وهْي عاقِدةٌ،
كَوْرُ خِمارٍ على عَذْراءَ مَعْجُورُ
قال شمر: وقال ابن شميل مُنْيةُ القِلاصِ والجِلَّةِ سَواء عَشْرُ ليال:
وروي عن بعضهم أَنه قال: تُمْتَنى القِلاصُ لسبع ليال إِلا أَن تكون
قَلُوص عَسْراء الشَّوَلانِ طَويلة المُنية فتُمْتَنى عشراً وخمس عشرة،
والمُنية التي هي المُنْية سبع، وثلاث للقِلاص وللجِلَّةِ عَشْر لَيالٍ. وقال
أَبو الهيثم يردّ على من قال تُمْتَنى القِلاصُ لسبع: إنه خطأٌ، إِنما
هو تَمْتَني القِلاصُ، لا يجوز أَن يقال امْتَنَيْتُ الناقةَ أَمْتَنِيها،
فهي مُمْتَناةٌ، قال: وقرئ على نُصَير وأَنا حاضر. يقال: أَمْنَتِ
الناقةُ فهي تُمْني إِمْناء، فهي مُمْنِيةٌ ومُمْنٍ، وامْتَنَتْ، فهي
مُمْتَنِية إِذا كانت في مُنْيَتِها على أَن الفِعل لها دون راعِيها، وقد
امْتُنيَ للفحل؛ قال: وأَنشد في ذلك لذي الرمة يصف بيضة:
وبَيْضاء لا تَنْحاشُ مِنَّا، وأُمُّها
إِذا ما رأَتْنا زيِلَ مِنَّا زَويلُها
نَتُوجٍ، ولم تُقْرَفْ لِما يُمْتَنى له،
إِذا نُتِجَتْ ماتَتْ وحَيَّ سَلِيلُها
ورواه هو وغيره من الرواة: لما يُمْتَنى، بالياء، ولو كان كما روى شمر
لكانت الرواية لما تَمْتَني له، وقوله: لم تُقْرَفْ لم تُدانَ لِما
يُمْتَنى له أَي ينظر إِذا ضُربت أَلاقح أَم لا أَي لم تحمل الحمل الذي يمتنى
له؛ وأَنشد نصير لذي الرمة أَيضاً:
وحتى اسْتَبانَ الفَحْلُ بَعْدَ امْتِنائِها،
مِنَ الصَّيْف، ما اللاَّتي لَقِحْنَ وحُولها
فلم يقل بعد امْتِنائه فيكون الفعل له إِنما قال بعد امْتِنائها هي.
وقال ابن السكيت: قال الفراء مُنْية الناقة ومِنْية الناقة الأَيام التي
يُستبرأُ فيها لَقاحها من حِيالها، ويقال: الناقة في مُنْيتها. قال أَبو
عبيدة: المُنيةُ اضْطِراب الماء وامِّخاضه في الرَّحِم قبل أَن يتغير فيصير
مَشِيجاً، وقوله: لم تُقْرَف لما يُمْتَنى له يصف البيضة أَنها لم
تُقْرَف أَي لم تُجامَع لما يُمْتنى له فيُحتاج إِلى معرفة مُنْيتها؛ وقال
الجوهري: يقول هي حامل بالفرخ من غير أَن يقارفها فحل؛ قال ابن بري: الذي في
شعره:
نَتُوجٍ ولم تُقْرِف لما يُمْتَنى له
بكسر الراء، يقال: أَقْرَفَ الأَمرَ إِذا داناه أَي لم تُقْرِف هذه
البيضةُ لما له مُنيةٌ أَي هذه البيضةُ حَمَلت بالفَرْخ من جهة غير جهة حمل
الناقة، قال: والذي رواه الجوهري أَيضاً صحيح أَي لم تُقْرَف بفحل
يُمْتَنَى له أَي لم يُقارِفْها فحل.
والمُنُوَّةُ
(* قوله« والمنوة» ضبطت في غير موضع من الأصل بالضم، وقال
في شرح القاموس: هي بفتح الميم.): كالمُنْية، قلبت الياء واواً للضمة؛
وأَنشد أَبو حنيفة لثعلبة بن عبيد يصف النخل:
تَنادَوْا بِجِدٍّ، واشْمَعَلَّتْ رِعاؤها
لِعِشْرينَ يَوماً من مُنُوَّتِها تَمْضِي
فجعل المُنوَّة للنخل ذهاباً إِلى التشبيه لها بالإِبل، وأَراد لعشرين
يوماً من مُنوَّتها مَضَتْ فوضع تَفعل موضع فَعلت، وهو واسع؛ حكاه سيبويه
فقال: اعلم أَن أَفْعَلُ قد يقع موضع فَعَلْت؛ وأَنشد:
ولَقَدْ أَمُرُّ على اللئيم يَسُبُّني،
فَمَضَيْتُ ثُمَّت قلتُ لا يَعْنِيني
أَراد: ولقد مَرَرْتُ. قال ابن بري: مُنْية الحِجْر عشرون يوماً تعتبر
بالفعل، فإِن مَنَعت فقد وسَقَتْ. ومَنَيْت الرجل مَنْياً ومَنَوْتُه
مَنْواً أَي اختبرته، ومُنِيتُ به مَنْياً بُلِيت، ومُنِيتُ به مَنْواً
بُلِيت، ومانَيْتُه جازَيْتُه. ويقال: لأَمْنِينَّك مِناوَتَك أَي
لأَجْزِيَنَّك جزاءك. ومانَيْته مُماناة: كافأْته، غير مهموز. ومانَيْتُك: كافأْتك؛
وأَنشد ابن بري لسَبْرة بن عمرو:
نُماني بها أَكْفاءَنا ونُهينُها،
ونَشْرَبُ في أَثْمانِها ونُقامِرُ
وقال آخر:
أُماني به الأَكْفاء في كلِّ مَوْطِنٍ،
وأَقْضِي فُروضَ الصَّالِحينَ وأَقْتَري
ومانَيْتُه: لَزِمْته. ومانَيْتُه: انْتَظَرْتُه وطاوَلْتُه.
والمُماناة: المُطاولةُ. والمُماناةُ: الانْتِظار؛ وأَنشد يعقوب:
عُلِّقْتُها قَبْلَ انْضِباحِ لَوْني،
وجُبْتُ لَمَّاعاً بَعِيدَ البَوْنِ،
مِنْ أَجْلِها بفِتْيةٍ مانَوْني
أَي انتَظَرُوني حتى أُدْرِك بُغْيَتي. وقال ابن بري: هذا الرجز بمعنى
المُطاولة أَيضاً لا بمعنى الانتظار كما ذكر الجوهري؛ وأَنشد لغَيْلان بن
حُريث:
فإِنْ لا يَكُنْ فيها هُرارٌ، فإِنَّني
بسِلٍّ يُمانِيها إِلى الحَوْلِ خائفُ
والهُرار: داءٌ يأْخذ الإِبل تَسْلَح عنه؛ وأَنشد ابن بري لأَبي
صُخَيْرة:
إِيَّاكَ في أَمْركَ والمُهاواةْ،
وكَثْرةَ التَّسْويفِ والمُماناهْ
والمُهاواةُ: المُلاجَّةُ؛ قال ابن السكيت: أَنشدني أَبو عمرو:
صُلْبٍ عَصاه للمَطِيِّ مِنْهَمِ،
ليسَ يُماني عُقَبَ التَّجَسُّمِ
قال: يقال مانَيْتُك مُذُ اليومِ أَي انتظرتك. وقال سعيد: المُناوة
المُجازاة. يقال: لأَمْنُوَنَّكَ مِناوَتَك ولأَقْنُوَنَّك قِناوَتَكَ.
وتَمَنٍّ: بلد بين مكة والمدينة؛ قال كثير عزة:
كأَنَّ دُموعَ العَيْنِ، لما تَحَلَّلَتْ
مَخارِمَ بِيضاً مِنْ تَمَنٍّ جِمالُها،
قَبَلْنَ غُروباً مِنْ سُمَيْحَةَ أَتْرَعَتْ
بِهِنَّ السَّواني، فاسْتدارَ مَحالُها
والمُماناةُ: قِلَّة الغَيرةِ على الحُرَمِ. والمُماناةُ: المُداراةُ.
والمُماناةُ: المُعاقَبةُ في الرُّكوب. والمُماناةُ: المكافأَةُ. ويقال
للدَّيُّوث: المُماذِلُ والمُماني والمُماذِي.
والمَنا: الكَيْلُ أَو المِيزانُ الذي يُوزَنُ به، بفتح الميم مقصور
يكتب بالأَلف، والمِكيال الذي يَكِيلون به السَّمْن وغيره، وقد يكون من
الحديد أَوزاناً، وتثنيته مَنَوانِ ومَنَيانِ، والأَوَّل أَعلى؛ قال ابن
سيده: وأُرى الياء معاقبة لطلب الخفة، وهو أَفصح من المَنِّ، والجمع أَمْناء،
وبنو تميم يقولون هو مَنٌّ ومَنَّانِ وأَمْنانٌ، وهو مِنِّي بِمَنَى
مِيلٍ أَي بقَدْرِ مِيلٍ.
قال: ومَناةُ صخرة، وفي الصحاح: صنم كان لهُذَيْل وخُزاعَة بين مكة
والمدينة، يَعْبُدونها من دون الله، من قولك مَنَوتُ الشيء، وقيل: مَناةُ اسم
صَنَم كان لأَهل الجاهلية. وفي التنزيل العزيز: ومَناةَ الثَّالِثَةَ
الأُخرى؛ والهاء للتأْنيث ويُسكت عليها بالتاءِ، وهو لغة، والنسبة إِليها
مَنَوِيٌّ. وفي الحديث: أَنهم كانوا يُهِلُّون لمَناة؛ هو هذا الصنم
المذكور. وعبدُ مناةَ: ابن أُدِّ بن طابِخَة. وزيدُ مَناةَ: ابن تَميم بن
مُرٍّ، يمد ويقصر؛ قال هَوْبَر الحارِثي:
أَلا هل أَتَى التَّيْمَ بنَ عَبْدِ مَناءَةٍ
على الشِّنْءِ، فيما بَيْنَنا، ابنُ تَمِيمِ
قال ابن بري: قال الوزير من قال زيدُ مَناه بالهاء فقد أَخطأَ؛ قال: وقد
غلط الطائي في قوله:
إِحْدَى بَني بَكْرِ بنِ عَبْدِ مَناه،
بَينَ الكئيبِ الفَرْدِ فالأَمْواه
ومن احتجّ له قال: إِنما قال مَناةٍ ولم يرد التصريع.
ثرر: عَيْنٌ ثَرَّةٌ وثَرَّارَةٌ وثَرْثارَةٌ: غَزيرَة الماء، وقد ثَرَّتْ تَثُرُّ وتَثِرُّ ثَرارَةً، وكذلك السحابة. وسحابٌ ثَرٌّ أَي كثير
الماء. وعين ثَرَّةٌ: كثيرة الدموع؛ قال ابن سيده: ولم يسمع فيها ثَرْثارةٌ؛ أَنشد ابن دريد:
يا مَنْ لِعَيْنٍ ثَرَّةِ المَدامِعِ
يَحْفِشُها الوَجْدُ بِدَمْعٍ هامِعِ
يحفشها: يستخرج كل ما فيها. الجوهري: وعين ثَرَّةٌ، قال: وهي سحابة تأْتي من قِبَلِ قِبْلَةِ أَهل العراق؛ قال عنترة:
جادتْ عليها كُلُّ عَيْنٍ ثَرَّةٍ،
فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرارَةٍ كالدّرْهَمِ
وطعنة ثَرَّةٌ أَي واسعة، وقيل: ثَرَّةٌ كثيرة الدم، على التشبيه بالعين، وكذلك عين السحاب. قال: وكل نعت في حدّ المدغم إِذا كان على تقدير فَعَلَ فأَكثره على تقدير يَفْعِل، نحو طَبَّ يَطِبُّ وثَرَّ يَثِرُّ، وقد يختلف في نحو خَبَّ يَخُِبُّ (* وقوله: «وقد يختلف في نحو خب يخب» يقتضي أَنه لم يتخلف فيما قبله وليس كذلك). فهو خَِبُّ، قال: وكل شيء في باب التضعيف فعله من يفَعل مفتوح فهو، في فعيل، مكسور في كل شيء، نحو شَحَّ يَشِحُّ وضَنَّ يَضِنُّ، فهو شحيح وضنين، ومن العرب من يقول: شحَّ يَشُحُّ وضَنَّ يَضُنُّ؛ وما كان من أَفعل وفعلاء من ذوات التضعيف، فإِنَّ فَعِلْتُ منه مكسور العين ويفعل مفتوح، نحو أَصم وصماء وأَشم وشماء؛ تقول: صَمِمْتَ يا رجل تَصَمُّ، وجَمِمتَ يا كَبْشُ تَجَمُّ، وما كان على فَعلْت من ذوات التضعيف غير واقع، فإِن يفعل منه مكسور العين، نحو عَفَّ يَعِفُّ وخَفَّ يَخِفُّ، وما كان منه واقعاً نحو رَدَّ يَرُدُّ ومَدَّ يَمُدُّ، فإِن يفعل منه مضموم إِلاَّ أَحرفاً جاءت نادرة وهي: شَدَّة يَشُدُه ويَشِدُّه وعَلَّه يَعُلُّه ويَعلُّه ونَمَّ الحديثَ يَنُمُّه ويَنِمهُّ وهَرَّ الشيءَ إِذا كرهه يَهُرُّه ويَهِرُّه؛ قال: هذا كله قول الفرّاء وغيره من النحويين؛ ابن سيده: والمصدر الثَّرارَةُ والثُّرُورَةُ. وسحابة ثَرَّةٌ: كثيرة الماء. ومطر ثَرُّ: واسعُ القَطْر مُتَدارَكُه. ومطر ثَرُّ: بَيِّنُ الثَّرارَةِ. وشاة ثَرَّةٌ وثَرُورٌ: واسعة الإِحليل غزيرة اللبن إِذا حلبت، وكذلك الناقة، والجمع ثُرُرٌ وثِرارٌ، وقد ثَرَّتْ تثُرُّ وتَثِرُّ ثَرّاً وثُروراً وثُرورَةً وثَرارَةً. وإِحْليل ثَرُّ: واسع. وفي حديث خزيمة وذكر السنة: غاضتْ لها الدَّرَّةُ ونقصت لها الثَّرَّةُ؛ الثرة، بالفتح: كثرة اللبن. يقال: ناقة ثَرَّة واسعة الإِحليل، وهو مخرج اللبن من الضرع، قال: وقد تكسر الثاء. وبول ثَرُّ: غَزِيرٌ. وثَرَّ يَثِرُّ ويَثُرُّ إِذا اتسع، وثَرَّ يَثُرُّ إِذا بَلَّ سَويقاً أَو غيره. ورجل ثَرُّ وثَرثارٌ: مُتَشَدِّق كثير الكلام، والأُنثى ثَرَّةٌ وثَرْثارَةٌ. والثَّرْثارُ أَيضاً: الصَّيَّاحُ؛ عن اللحياني. والثَّرْثَرَةُ في الكلام: الكَثْرةُ والترديد، وفي الأَكل: الإِكثار في تخليط. تقول: رجل ثَرْثارٌ وامرأَة ثَرثارَةٌ وقوم ثَرْثارُونَ؛ وروي عن النبي،صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: أَبْغَضُكُمْ إِليَّ الثَّرْثارُون المُتَفَيْهِقُونَ؛ هم الذين يكثرون الكلام تَكَلُّفاً وخروجاً عن الحق. وبناحية الجزيرة عَيْنٌ غزيرة الماء يقال لها: الثَّرْثارُ. والثَّرْثارُ: نهر بعينه؛ قال
الــأَخطل:
لَعَمْري لقد لاقتْ سُلَيْمٌ وعامِرٌ،
على جانب الثَّرْثارِ، رَاغِيَةَ البَكْرِ
وثَرْثارٌ: واد معروف. وثَراثِرُ: موضع: قال الشماخ:
وأَحْمَى عليها ابنا زُمَيْعٍ وهَيْثَمٍ
مُشَاشَ المَراضِ، اعْتادها من ثَراثِر
والثَّرّثَرةْ: كثرة الأَكل والكلام في تخليط وترديد، وقد ثَرْثَر الرجُل، فهو ثَرْثارٌ مهْذارٌ. وثَرَّ الشيءَ من يده يَثُرُّه ثَرّاً وثَرْثَرَةً: بَدَّدَهُ. وحكى ابنُ دريد: ثَرْثَرَهُ بَدَّدَه، ولم يَخُصَّ اليدَ.
والإِثْرارَةُ: نبت يسمى الفارسية الزريك؛ عن أَبي حنيفة، وجمعها
إِثْرارٌ. وثَرَّرْت المكانَ مثل ثَرَّيْتُه أَي نَدَّيْتُه.
وثُرَيْرٌ، بضم الثاء وفتح الراء وسكون الياء: موضع من الحجاز كان به مال لابن الزبير له ذكر في حديثه.
شنق: الشَّنَقُ: طولُ الرأْس كأَنما يُمَدُّ صُعُداً؛ وأَنشد:
كأَنَّها كَبْداءُ تَنْزُو في الشَّنَقْ
(* قوله «كأنها كبداء تنزو إلخ» في شرح القاموس ما نصه: هكذا في اللسان
وهو لرؤبة يصف صائداً، والرواية: سوّى لها كبداء).
وشَنَقَ البَعيرَ يَشْنِقُه ويَشْنُقُه شَنْقاً وأَشْنَقَه إذا جذب
خطامه وكفَّه بزمامه وهو راكبه من قِبَل رأْسِه حتى يُلْزِقَ ذِفْراه بقادمة
الرحل، وقيل: شَنَقَه إذا مدّه بالزمام حتى يرفع رأْسه. وأَشْنَقَ
البعيرُ بنفسه: رَفع رأْسَه، يتعدى ولا يتعدى. قال ابن جني: شَنَقَ البعيرَ
وأَشْنَق هو جاءت فيه القضية معكوسة مخالفة للعادة، وذلك أَنك تجد فيها
فَعَلَ متعدياً وأَفْعَلَ غير متعد، قال: وعلة ذلك عندي أَنه جعل تعدِّي
فَعَلْت وجمود أَفْعَلْت كالعوض لِفَعَلْت من غلبة أَفْعَلْت لها على التعدي
نحو جلس وأَجلست، كما جعل قلب الياء واواً في البَقْوَى والرَّعْوَى
عوضاً للواو من كثرة دخول الياء عليها، وأُنْشِدَ طلحةُ قصيدة فما زال
شانِقاً راحلتَه حتى كتبت له، وهو التيمي ليس الخزاعي. وفي حديث علي، رضوان
الله عليه: إن أَشْنَقَ لها خَرَمَ أي إن بالع في إشْناقِها خَرَمَ
أَنْفَها. ويقال: شَنَقَ لها وأَشْنَقَ لها. وفي حديث جابر: فكان رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، أَوّلَ طالع فأَشْرَعَ ناقتَه فشَرِبَت وشَنَقَ لها. وفي
حديث عمر، رضي الله عنه: سأَله رجل مُحْرِمٌ فقال عَنَّت لي عِكْرِشةٌ
فشَنَقْتُها بحَبُوبة أَي رميتها حتى كَفَّت عن العدوِ.
والشِّناقُ حبل يجذب به رأْس البعير والناقةِ، والجمع أَشْنِقةٌ
وشُنُقٌ. وشَنَقَ البعيرَ والناقةَ يَشْنِقُه شَنْقاً: شدّهما بالشِّناق.
وشَنَقَ الخلِيّةَ يَشْنِقها شَنْقاً وشَنَّقها: وذلك أَن يَعمِد إلى عود
فيَبْرِيه ثم يأْخذ قُرْصاً من قِرَصةِ العسل فيُثْبت ذلك العودَ في أَسفل
القُرْص ثم يقيمه في عرْضِ الخلية فربما شَنَقَ في الخلية القُرْصَين
والثلاثة، وإنما يفعل هذا إذا أَرْضعت النحلُ أولادهَا، واسم ذلك الشيء
الشَّنِيقُ. وشَنَقَ رأْسَ الدابة: شدَّه إلى أَعلى شجرة أو وَتَدٍ مرتفع حتى
يمتد عنقها وينتصب. والشِّناقُ: الطويل؛ قال الراجز:
قد قَرنَوني بامْرِئٍ شِناقِ،
شَمَرْدلٍ يابسِ عَظْمِ السّاقِ
وفي حديث الحجاج ويزيد بن المهلب:
وفي الدِّرْع ضَخْم المَنْكِبَيْنِ شِناق
أي طويل. النضر: الشَّنَقُ الجيّد من الأوتار وهو السَّمْهَرِيّ الطويل.
والشَّنَقُ: طول الرأْس. ابن سيده: والشَّنَقُ الطولُ. عُنُقٌ أَشْنَقُ
وفرس أَشْنَقُ ومَشْنُوقٌ: طويل الرأْس، وكذلك البعير، والأُنثى شَنْقاء
وشِناق. التهذيب: ويقال للفرس الطويلِ شِناقٌ ومَشْنوقٌ؛ وأَنشد:
يَمَّمْتُه بأَسِيلِ الخَدِّ مُنْتَصبٍ،
خاظِي البَضِيع كمِثْل الجِذْع مَشْنوق
ابن شميل: ناقة شِناقٌ أَي طويلة سَطْعاء، وجمل شِناقٌ طويل في دِقّةٍ،
ورجلِ شِناقٌ وامرأَة شِناقٌ، لا يثنى ولا يجمع، ومثله ناقةٌ نِيافٌ وجمل
نِيافٌ، لا يثنى ولا يجمع. وشَنِقَ شَنَقاً وشَنَقَ: هَوِيَ شيئاً فبقي
كأَنه مُعلّقٌ. وقَلْبٌ شَنِقٌ: هيْمان. والقلب الشَّنِقُ المِشْناقُ:
الطامحُ إلى كل شيء؛ وأَنشد:
يا مَنْ لِقَلْبٍ شَنِقٍ مِشْناق
ورجل شَنِقٌ: مُعَلَّقُ القلب حذر؛ قال الــأَخطل:
وقد أَقولُ لِثُوْرٍ: هل ترى ظُعُناً،
يَحْدو بهنّ حِذارِي مُشْفِقٌ شَنِقُ؟
وشِناقُ القِربةِ: علاقتُها، وكل خيط علقت به شيئاً شِناقٌ. وأَشْنَقَ
القربة إشْناقاً: جعل لها شِناقاً وشدَّها به وعلقها، وهو خيط يشد به فم
القربة. وفي حديث ابن عباس: أَنه بات عند النبي، صلى الله عليه وسلم، في
بيت ميمونة، قال: فقام من الليل يصلي فحَلَّ شِناقَ القربة؛ قال أَبو
عبيدة: شِناقُ القربة هو الخيط والسير الذي تُعلّق به القربةُ على الوتد؛ قال
الأَزهري: وقيل في الشِّناق إنه الخيط الذي تُوكِئُ به فمَ القربة أَو
المزادة، قال: والحديث يدل على هذا لأن العِصامَ الذي تُعَلَّق به القربة
لا يُحَلّ إنما يُحَلُّ الوكاء ليصب الماء، فالشِّناقُ هو الوكاء، وإنما
حلّه النبي، صلى الله عليه وسلم، لمّا قام من الليل ليتطهر من ماء تلك
القربة. ويقال: شَنَقَ القربةَ وأَشْنَقَها إذا أَوكأَها وإذا علقها. أَبو
عمرو الشيباني: الشِّناقُ أن تُغَلَّ اليد إلى العُنُقِ؛ وقال عدي:
ساءَها ما بنا تَبَيَّنَ في الأَيْـ
ـدي، وإشْناقُها إلى الأَعْناقِ
وقال ابن الأَعرابي: الإشْناقُ أَن تَرْفَعَ يدَه بالغُلّ إلى عنقه.
أَبو سعيد: أَشْنَقْتُ الشيء وشَنَقْتُه إذا علَّقته؛ وقال الهذلي يصف قوساً
ونبلاً:
شَنَقْت بها مَعابِلَ مُرْهَفاتٍ،
مُسالاتِ الأَغِرَّة كالقِراطِ
قال: شَنَقْتُ جعلت الوتر في النبل، قال: والقِراطُ شُعْلة السِّراج.
والشِّناق والأَشْناقُ: ما بين الفريضتين من الإبل والغنم فما زاد على
العَشْر لا يؤخذ منه شيء حتى تتم الفريضة الثانية، واحدها شَنَقٌ، وخص بعضهم
بالأَشْناق الإبلَ. وفي الحديث: لا شِناقَ أَي لا يؤخذ من الشَّنَقِ حتى
يتمّ. والشِّناقُ أَيضاً: ما دون الدية، وقيل: الشَّنَقُ أَن تزيد الإبل
على المائة خمساً أو ستّاً في الحَمالة، قيل: كان الرجل من العرب إذا حمل
حَمالةً زاد أَصحابَها ليقطع أَلسنتهم ولِيُنْسَبَ إلى الوفاء.
وأَشْناقُ الدية: دياتُ جراحات دون التمام، وقيل: هي زيادة فيها واشتقاقها من
تعليقها بالدية العظمى، وقيل: الشَّنَقُ من الدية ما لا قود فيه كالخَدْش
ونحو ذلك، والجمع أشْناقٌ. والشَّنَقُ في الصدقة: ما بين الفريضتين.
والشَّنَقُ أَيضاً: ما دون الدية، وذلك أَن يسوق ذُو الحَمالةِ مائة من الإبل
وهي الدية كاملة، فإذا كانت معها ديات جراحات لا تبلغ الدية فتلك هي
الأَشْناقُ كأَنها متعلقة بالدية العظمى؛ ومنه قول الشاعر:
بأَشْناقِ الدِّياتِ إلى الكُمول
قال أَبو عبيد: الشِّناقُ ما بين الفريضتين. قال: وكذلك أَشْناقُ
الديات، ورَدّ ابن قتيبة عليه وقال: لم أَر أَشْناقَ الدياتِ من أَشناقِ
الفرائض في شيء لأنّ الديات ليس فيها شيء يزيد على حد من عددها أو جنس من
أجناسها. وأَشْناقُ الديات: اختلاف أَجناسها نحو بنات المخاض وبنات اللبون
والحقاق والجذاع، كلُّ جنس منها شَنَقّ؛ قال أَبو بكر: والصواب ما قال أَبو
عبيد لأَن الأَشْناقَ في الديات بمنزلة الأَشْناقِ في الصدقات، إذا كان
الشَّنَقُ في الصدقة ما زاد على الفريضة من الإبل. وقال ابن الأَعرابي
والأَصمعي والأثرم: كان السيد إذا أَعطى الدية زاد عليها خمساً من الإبل
ليبين بذلك فضله وكرمه، فالشَّنَقُ من الدية بمنزلة الشَّنَقِ في الفريضة
إذا كان فيها لغواً، كما أنه في الدية لغو ليس بواجب إنما تَكرُّمٌ من
المعطي. أَبو عمرو الشيباني: الشَّنَقُ في خَمْسٍ من الإبل شاة، وفي عشر
شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أَربع شياه، فالشاة شَنَقٌ
والشاتان شَنَقٌ والثلاث شياه شَنَقٌ والأربع شياه شَنَقٌ، وما فوق ذلك فهو
فريضة. وروي عن أحمد بن حنبل: أَن الشَّنَقَ ما دون الفريضة مطلقاً كما دون
الأَربعين من الغنم. وفي الكتاب الذي كتبه النبي، صلى الله عليه وسلم،
لوائل بن حُجْر: لا خِلاطَ ولا وِراطَ ولا شِناقَ؛ قال أَبو عبيد: قوله لا
شِناقَ فإن الشَّنَقَ ما بين الفريضتين وهو ما زاد من الإبل على الخمس إلى
العشر، وما زاد على العشر إلى خمس عشرة؛ يقول: لا يؤخذ من الشَّنَقِ حتى
يتم، وكذلك جميع الأشْناقِ؛ وقال الــأَخطل يمدح رجلاً:
قَرْم تُعَلَّقُ أَشْناقُ الدّيات به،
إذا المِئُونَ أُمِرَّتْ فَوْقَه حَملا
وروى شمر عن ابن الأعرابي في قوله:
قَرْم تُعَلَّقُ أَشْناقُ الدِّيات به
يقول: يحتمل الديات وافية كاملة زائدة. وقال غيرُ ابن الأَعرابي في ذلك:
إن أَشْناقَ الديات أَصنافُها، فدِيَةُ الخطإِ المحض مائةٌ من الإبل
تحملها العاقلةُ أَخْماساً: عشرون ابنة مخاض، وعشرون ابنة لبون، وعشرون ابن
لبون، وعشرون حِقَّةً، وعشرون جَذَعةً، وهي أَشْناقٌ أَيضاً كما وصَفْنا،
وهذا تفسير قول الــأخطل يمدح رئيساً يتحمل الديات وما دون الديات
فيُؤَدِّيها ليُصْلِحَ بين العشائر ويَحْقُنَ الدِّماء؛ والذي وقع في شعر
الــأَخطل: ضَخْمٍ تعلَّق، بالخفض على النعت لما قبله وهو:
وفارسٍ غير وَقَّافٍ برايتهِ،
يومَ الكرَيهة، حتى يَعْمَل الأَسَلا
والأَشْناقُ: جمع شَنَق وله معنيان: أَحدهما أَن يَزِيدَ مُعْطي
الحَمالةِ على المائة خَمْساً أو نحوها ليُعْلَم به وفاؤه وهو المراد في بيت
الــأخطل، والمعنى الآخر أَن يُرِيدَ بالأَشْناق الأُرُوشَ كلَّها على ما فسره
الجوهري؛ قال أَبو سعيد الضرير: قول أَبي عبيد الشَّنَقُ ما بين الخَمْس
إلى العشر مُحالٌ، إنما هو إلى تسع، فإذا بلغ العَشْرَ ففيها شاتان،
وكذلك قوله ما بين العشرة إلى خَمْس عَشْرةَ، وكان حقُّه أَن يقول إلى
أَرْبَعَ عَشْرة لأَنها إذا بلغت خَمْسَ عَشْرةَ ففيها ثلاثُ شِياه. قال أَبو
سعيد: وإنما سمي الشَّنَقُ شَنَقاً لأَنه لم يؤخذ منه شيء. وأَشْنَقَ إلى
ما يليه مما أُخذ منه أَي أضيف وجُمِعَ؛ قال: ومعنى قوله لا شِناقَ أَي
لا يُشْنِقُ الرجل غنمه وإبله إلى غنم غيره ليبطل عن نفسه ما يجب عليه من
الصدقة، وذلك أَن يكون لكل واحد منهما أَربعون شاة فيجب عليهما شاتان،
فإذا أَشْنَقَ أَحدُهما غنمَه إلى غنم الآخر فوجدها المُصَدِّقُ في يده
أَخَذَ منها شاة، قال: وقوله لا شِناقَ أي لا يُشْنِقُ الرجلُ غنمه أو إبله
إلى مال غيره ليبطل الصدقة، وقيل: لا تَشانَقُوا فتجمعوا بين متفرق،
قال: وهو مثل قوله ولا خِلاطَ؛ قال أَبو سعيد: وللعرب أَلفاظ في هذا الباب
لم يعرفها أَبو عبيد، يقولون إذا وجب على الرجل شاة في خمس من الإبل: قد
أَشْنَقَ الرجلُ أَي وجب عليه شَنَقٌ فلا يزال مُشْنِقاً إلى أن تبلغ إبله
خمساً وعشرين، فكل شيء يؤدِّيه فيها فهي أَشْناقٌ: أَربَعٌ من الغنم في
عشرين إلى أَربع وعشرين، فإذا بلغت خمساً وعشرين ففيها بنتُ مَخاضٍ
مُعَقَّلٍ أي مُؤَدّىً للعقال، فإذا بلغت إبلُه ستّاً وثلاثين إلى خمس
وأَربعين فقد أَفْرَضَ أي وجبت في إبله فريضة. قال الفراء: حكى الكسائي عن بعض
العرب: الشَّنَقُ إلى خمس وعشرين. قال والشَّنَقُ ما لم تجب فيه الفريضة؛
يريد ما بين خمس إلى خمس وعشرين. قال محمد بن المكرم، عفا الله عنه: قد
أَطلق أَبو سعيد الضريرُ لِسانَه في أَبي عبيد ونَدَّدَ به بما انْتَقَده
عليه بقوله أَوّلاً إن قوله الشَّنَقُ ما بين الخَمْسِ إلى العَشْرِ
مُحالٌ إنما هو إلى تسع، وكذلك قوله ما بين العَشْرِ إلى خَمْسَ عَشْرةَ كان
حقه أَن يقول إلى أَربعَ عشرة، ثم بقوله ثانياً إن للعرب أَلفاظاً لم
يعرفها أبو عبيد، وهذه مشاحَّةٌ في اللفظ واستخفافٌ بالعلماء، وأَبو عبيد،
رحمه الله، لم يَخْفَ عنه ذلك وإنما قصد ما بين الفريضتين فاحتاج إلى
تسميتها، ولا يصح له قول الفريضتين إلا إذا سماهما فيضطر أن يقول عشر أو خمس
عشرة، وهو إذا قال تسعاً أو أربع عشرة فليس هناك فريضتان، وليس هذا
الانتقاد بشيء، ألا ترى إلى ما حكاه الفراء عن الكسائي عن بعض العرب:
الشَّنَقُ إلى خمس وعشرين؟ وتفسيره بأنه يريد ما بين الخمس إلى خمس وعشرين، وكان
على زعم أبي سعيد يقول: الشَّنَقُ إلى أربع وعشرين، لأنها إذا بلغت خمساً
وعشرين ففيها بنت مخاض، ولم ينتقد هذا القول على الفراء ولا على الكسائي
ولا على العربي المنقول عنه، وما ذاك إلا لأنه قصد حَدَّ الفريضتين،
وهذا انْحِمال من أبي سعيد على أبي عبيد، والله أعلم. والأشْناقُ: الأُروشُ
أَرْش السِنُّ وأَرْشُ المُوضِحة والعينِ القائمة واليد الشلاَّء، لا
يزال يقال له أَرْشٌ حتى يكونَ تكملَة ديةٍ كاملة؛ قال الكميت:
كأَنّ الدِّياتِ، إذا عُلِّقَتْ
مِئُوها به، والشَّنَقُ الأَسْفَلُ
وهو ما كان دون الدِّية من المَعاقِل الصِّغارِ. قال الأَصمعي:
الشَّنَقُ ما دون الدية والفَضْلةُ تَفْضُل، يقول: فهذه الأَشْناقُ عليه مثل
العَلائِق على البعير لا يكترث بها، وإذا أُمِرَّت المئون فوقَه حَمَلها،
وأُمِرَّت: شُدَّت فوقه بمرارٍ، والمِرارُ الحَبْلُ. وقال غيره في تفسير بيت
الكميت: الشَّنَقُ شَنَقانِ: الشَّنَقُ الأَسْفَلُ والشَّنَقُ الأَعلى،
قالشَّنَقُ الأسفل شاةٌ تجب في خَمْس من الإبل، والشَّنَقُ الأعلى ابنةُ
مخاض تجب في خمس وعشرين من الإبل؛ وقال آخرون: الشَّنَقُ الأَسْفلُ في
الديات عشرون ابنة مخاضٍ، والشَّنَقُ الأعلى عشرون جذعةً، ولكلٍّ مقالٌ
لأنها كلَّها أَشْناقٌ؛ ومعنى البيت أنه يستَخِفُّ الحمالاتِ وإعطاءَ
الديات، فكأَنه إذا غَرِمَ دِياتٍ كثيرةً غَرِمَ عشرين بعيراً لاستخفافه
إيّاها. وقال رجل من العرب: مِنَّا مَنْ يُشْنِقُ أي بعطي الأَشْناقَ، وهي ما
بين الفريضتين من الإبل، فإذا كانت من البقر فهي الأَوْقاص، قال: ويكون
يُشْنِقُ يعطي الشُّنُقَ وهي الحبال، واحدها شِناقٌ، ويكون يُشْنِقُ يعطي
الشَّنَقَ وهو الأَرْش؛ وقال في موضع آخر: أَشْنق الرجلُ إذا أخذ
الشَّنَقَ يعني أَرْشَ الخَرْقِ في الثوب. ولحم مُشَنَّقٌ أي مقطّع مأْخوذ من
أشْناق الدية. والشِّناقُ: أن يكون على الرجل والرجلين أو الثلاثةِ أشْناقٌ
إذا تفرّقت أَموالهم، فيقول بعضهم لبعض: شانِقْني أي اخْلِطْ مالي
ومالَك، فإنه إن تفرّق وجب علينا شَنَقانِ، فإن اختلط خَفَّ علينا؛ فالشِّناقُ:
المشاركة في الشَّنَقِ والشَّنَقَينِ.
والمُشَنَّقُ: العجين الذي يُقطَّع ويعمل بالزيت. ابن الأعرابي: إذا
قُطِّع العجين كُتَلاً على الخِوانِ قبل أن يبسط فهو الفَرَزْدَق
والمُشَنَّقُ والعَجاجير.
ورجل شِنِّيقٌ: سَيءُ الخُلُق. وبنو شَنوقٍ: بطن. والشَّنِيق:
الدَّعِيّ؛ قال الشاعر:
أنا الدَّاخِلُ الباب الذي لا يَرومُه
دَنيٌّ، ولا يُدْعَى إليه شَنِيقُ
وفي قصة سليمان، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: احْشُروا الطيرَ إلا
الشَّنْقاءَ؛ هي التي تزُقُّ فِراخَها.
عثم: العَثْمُ: إساءَةُ الجَبْر حتى يبقى فيه أَوَدٌ كهيئة المَشَشِ.
عَثَمَ العظمُ يَعْثِمُ عَثْماً وعَثِمَ عَثَماً، فهو عَثِمٌ: ساء جَبْرُه
وبقي فيه أَوَدٌ فلم يَسْتَوِ. وعَثَمَ العظمُ المكسورُ إذا انجَبر على
غير استواء، وعَثَمْتُه أَنا، يتعدّى ولا يتعدّى. وعَثَمه يَعْثِمُه
عَثْماً وعَثَّمه، كلاهما: جَبَره، وخص بعضُهم به جَبْرَ اليد على غير استواء.
يقال: عَثَمَتْ يدُه تَعْثِمُ وعَثَمْتُها أنا إذا جَبرْتَها على غير
استواء. وقال الفراء: تَعْثُم، بضم الثاء، وتَعْثُل مثله؛ قال ابن جني: هذا
ونحوه من باب فَعَلَ وفعَلْتُه شاذٌّ عن القياس، وإن كان مطرداً في
الاستعمال، إلا أن له عندي وجهاً لأَجله جاز، وهو أَن كل فاعل غيرَ القديم
سبحانه فإنما الفِعْلُ فيه شيءٌ أُعِيرَه وأُعْطِيَه وأُقدِرَ عليه، فهو
وإن كان فاعِلاً فإنه لما كان مُعاناً مُقْدَراً صار كأَنَّ فعله لغيره،
ألا ترى إلى قوله سبحانه: وما رَمَيْتَ إذ رَمَيتَ ولكنَّ الله رَمى؟ قال:
وقد قال بعضُ الناس إن الفعلَ لله وإن العبدَ مُكْتَسِبٌ، قال: وإن كان
هذا خطأ عندنا فإنه قولٌ لقوم، فلما كان قولُهم عَثَم العظمُ وعَثَمْتُه
أنَّ غيره أعانه
(* قوله «أن غيره أعانه» هكذا في الأصل، ولعل في الكلام
سقطاً)، وإنْ جرى لفظُ الفعل له تجاوَزَتِ العربُ ذلك إلى أن أََظهرت هناك
فِعْلاً بلفظ الأَوَّلِ مُتَعدِّياً، لأنه كان فاعِلُه في وقت فعلِه
إياه، إنما هو مُشاءٌ إليه أَو مُعانٌ
عليه، فخَرج اللفظان لما ذكرنا خُروجاً واحداً، فاعْرِفْه، وربما استعمل
في السيف على التشبيه؛ قال:
فقد يُقْطَعُ السيفُ اليَماني وجَفْنُه
شَباريقَ أَعشارٍ عُثِمْنَ على كَسْرِ
قال ابن شميل: العَثْمُ في الكَسْر والجُرْحِ تَداني العَظمِ حتى هَمَّ
أَن يَجْبُر ولم يجْبُرْ بعدُ كما ينبغي. يقال: أَجَبَر عظمُ البعير؟
فيقال: لا، ولكنه عَثَم ولم يجْبُر. وقد عَثَم الجرحُ: وهو أَن يَكْنُبَ
ويَجْلُبَ ولم يَبرأْ بعدُ. وفي حديث النَّخَعي: في الأَعضاء إذا انجبرَتْ
على غير عَثْمٍ صُلحٌ، وإذا انجبرتْ على عَثْمٍ الدِّيةُ. يقال: عَثَمْت
يَدَه فعَثَمَتْ إذا جَبرتَها على غير استواء وبقي فيها شيءٌ لم
يَنحَكِمْ، ومثله من البناء رَجَعْتُه فرَجَع ووقَفْته فوَقَفَ، ورواه بعضهم
عَثَلَ، باللام، وهو بمعناه؛ وأَما قول عمرو بن الإطنابَةِ لأُحيحة بن
الجُلاحِ:
فِيمَ تَبْغِي ظُلْمَنا ولِمَه
في وُسوقٍ عَثْمةٍ قَنِمه؟
فإن ثعلباً قال: عَثْمة فاسدة وأَظن أَنها ناقصة مشتق من العَثْمِ، وهو
ما قدَّمْنا من أَن يجْبَر العَظمُ على غير استواء، وإن شئتَ قلتَ إن
أَصل العَثْمِ الذي هو جَبر العظمِ الفسادُ أَيضاً، لأَن ذلك النوعَ من
الجبْر فسادٌ في العظم ونقصانٌ عن قوّته التي كان عليها أَو عن شكله. ابن
الأَعرابي: العُثُم جمع عاثِمٍ وهم المُجَبِّرون، عَثَمَه إذا جَبَرَه. وحكى
ابن الأعرابي عن بعض العرب: إني لأَعثِمف شيئاً من الرَّجَز أَي
أَنتِفُ.والعَيْثومُ: الضخم الشديد من كل شيء. وجمل عَيْثُومٌ: ضَخم شديد؛
وأَنشد لعلقمة بن عَبْدة:
يَهْدي بها أَكلَفُ الخَدَّينِ مُخْتَبَرٌ،
من الجِمالِ، كثيرُ اللحمِ عَيْثُومُ
والعَيْثُوم: الفيلُ، وكذلك الأُنثى؛ قال الــأَخطل:
ومُلَحَّبٍ خَضِلِ النَّباتِ، كأَنما
وَطِئَتْ عليه، بخُفِّها، العَيْثومُ
مُلَحَّبٌ: مُجَرَّحٌ؛ وقال الشاعر:
وقد أَسِيرُ أَمامَ الحَيِّ تَحْمِلُني
والفَضْلَتَينِ كِنازُ اللحمِ عَيثُومُ
وجمعه عَياثِمُ. وقال الغَنويُّ: العَيْثوم الأُنثى من الفِيََلة؛
وأَنشد الــأَخطل:
ترَكُوا أُسامة في اللِّقاءِ، كأَنَّما
وَطِئَتْ عليه بخُفِّها العَيْثُومُ
والعَيْثُوم أَيضاً: الضَّبُعُ.
وبعير عَيْثَمٌ: ضخم طويل. وامرأة عَيثَمةٌ: طويلة. وبعير عَثَمْثَم:
قويّ
طويل في غِلَظ، وقيل: شديد عظيم، وكذلك الأَسد. وناقةٌ عَثَمْثمة: شديدة
عَلِيَّة، وقيل: شديدة عظيمة، والذكر عَثَمْثم. والعَثَمْثَم من الإبل:
الطويلُ في غِلظٍ، والجمع عَثَمْثمات؛ وفي حديث ابن الزبير: أَن نابغةَ
بني جَعدة امتدحه فقال يصف جملاً:
أَتاكَ أَبو لَيلى يَجُوبُ به الدُّجى،
دُجى الليلِ، جَوَّابُ الفَلاةِ عَثَمْثَمُ
هو الجمَل القويُّ الشديد. وبَغْل عَثَمْثم: قويّ. والعَثَمْثم:
الأَسدُ، ويقال ذلك من شدة وطئه؛ وقال:
خُبَعْثِنٌ مِشْيَتُه عَثَمْثَمُ
ومَنكِبٌ عَثَمْثمٌ: شديد؛ عن ابن الأعرابي؛ وأَنشد:
إلى ذراع مَنْكِبٍ عَثَمْثمِ
والعَيْثامُ: الدُّلبُ، واحدتُه عَيثامةٌ، وهي شجرة بيضاء تَطولُ
جدَّاً، وقيل: العَيْثامُ شجر.
أَبو عمرو: العُثْمانُ الجانُّ في أَبواب الحيّات، والعُثمان فَرْخ
الثُّعبان، وقيل: فَرْخ الحية ما كانت، وكنية الثُّعبان أَبو عثمان؛ حكاه علي
بن حمزة، وبه كُنِّيَ
(* قوله «وبه كني إلخ» هو في أصله المنقول منه
مرتب بقوله: فرخ الحية ما كانت، وما بينهما اعتراض؛ من كلام التهذيب).
الحَنَشُ أَبا عُثمان. فَرْخ الحُبارى.
وعُثمانُ والعَثَّامُ وعَثَّامةُ وعَثْمةُ: أَسماء؛ وقال سيبويه: لا
يُكَسَّر عُثمانُ لأَنك إن كَسَّرْته أَوجبت في تحقيره عُثَيْمِين، وإنما
تقول عُثمانون فتُسلِّم كما يجب له في التحقير عُثَيمان، وإنما وجب له في
التحقير ذلك لأَنا لم نسمعهم قالوا عَثامِينُ، فحملنا تحقيره على باب
غَضْبان لأَن أَكثر ما جاءَت في آخره الأَلف والنون إنما هو على باب غَضبان.
وعُثمانُ: قبيلة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
أَلقَتْ إليه، على جَهْدٍ، كَلاكِلَها
سَعدُ بنُ بَكْرٍ، ومن عُثمانَ من وَشَلا
وعَثَمتِ المرأَةُ المَزادةَ وأَعْثَمَتْها إذا خرَزَتْها خَرْزاً غير
مُحْكَمٍ؛ وفي المثل:
إلا أَكُنْ صَنَعاً فإني أَعْتَثِمْ
أَي إن لم أَكن حاذِقاً فإني أَعمل على قدر معرفتي ويقال: خُذْ هذا
فاعْتَثِمْ به أَي فاستَعِنْ به. وقال ابن الفرَج: سمعتُ جماعةً من قَيْس
يقولون: فلان يَعْثِمُ ويَعْثِنُ أَي يَجْتَهِدُ في الأَمر ويُعْمِل نفْسَه
فيه. ويقال: العُثمان فَرْخ الحُبارى.
سرق: سَرَق الشيء يسْرِقه سَرَقاً وسَرِقاً واستَرَقَه؛ الأَخيرة عن ابن
الأَعرابي؛ وأنشد:
بِعْتُكَها زانِيةً أو تَسْتَرِقْ،
إنَّ الخبيثَ للخبيثِ يَتَّفِقْ
اللام هنا بمعنى مع، والاسم السَّرِق والسَّرِقة، بكسر الراء فيهما،
وربما قالوا سَرَقَهُ مالاً، وفي المثل: سُرِقَ السارقُ فانتحَر. والسَّرَق:
مصدر فعل السارق، تقول: بَرِئْتُ إليك من الإباق والسَّرَق في بيع
العبد. ورجل سارِق من قوم سَرَقةٍ وسُرَّاقٍ، وسَرُوقٌ من قوم سُرُقٍ،
وسَرُوقةٌ، ولا جمع له إنما هو كصَرورة، وكلب سَروقٌ لا غير؛ قال:
ولا يَسْرِق الكلبُ السَّروقُ نِعالَها
ويروى السَّرُوِّ، فَعولٌ من السُّرى، وهي السَّرِقة.
وسَرَّقه: نسبه إلى السَّرَق، وقُرئ: إن ابنك سُرِّق.
واسْتَرق السمْعَ أي استَرَق مُستخفِياً. ويقال: هو يُسارِق النظَر
إليه إذا اهْتَبَل غَفلتَه لينظر إليه. وفي حديث عدِيّ: ما نَخاف على
مَطيَّتها السَّرَق؛ هو بمعنى السرقة وهو في الأَصل مصدر؛ ومنه الحديث:
تَسْتَرِق الجِنُّ السَّمْع؛ هو تفتعل من السَّرِقة أي أنها تسمعُه مختفِيةً كما
يفعل السارِق، وقد تكرر في الحديث فِعْلاً ومصدراً. قال ابن بري: وقد
جاء سَرِّق في معنى سَرَق؛ قال الفرزدق:
لا تَحْسَبَنَّ دَراهِماً سَرَّقْتَها
تَمْحُو مَخازيَكَ التي بعُمانِ
أي سَرَقْتها، قال: وهذا في المعنى كقولهم إن الرِّقِينَ تُغَطِّي أفْنَ
الأَفِينَ أي لا تحسَبْ كَسْبَك هذه الدراهم مما يُغَطِّي مخازيك.
والاسْتِراق: الخَتْل سِرّاً كالذي يستمع، والكَتَبةُ يَسْتَرِقُون من بعض
الحسابات. ابن عرفة في قوله تعالى: والسارِقُ والسارِقةُ، قال: السارق عند
العرب من جاء مُسْتَتِراً إلى حِرْزٍ فأخذ منه ما ليس له، فإن أخذ من ظاهر
فهو مُخْتَلِس ومُسْتَلِب ومُنْتَهِب ومُحْتَرِس، فإن مَنَعَ مما في
يديه فهو غاصب. وقوله تعالى: إنْ يَسْرِقْ فقد سَرَق أخٌ له من قَبْل، يعنون
يوسف، ويروى أنه كان أخذ في صِغَره صورة، كانت تُعْبَد لبعض من خالف
ملَّة الإسلام، مِنْ ذَهَبٍ على جهة الإنكار لئلا تُعَظَّم الصورةُ
وتُعْبَد. والمُسارَقة والاسْتِراق والتَّسَرُّق: اختلاس النظر والسمع؛ قال
القطامي:
يَخِلَتْ عليك، فما يجود بنائل
إلا اخْتِلاس حَدِيثِها المُتَسَرَّقِ
وقول تميم بن مقبل:
فأَما سُراقاتُ الهِجاءِ، فإنها
كلامٌ تَهاداه اللئامُ تَهادِيا
جعل السراقة فيه اسمَ ما سُرِق، كما قيل الخُلاصة والنُّقاية لما خُلِّص
ونُقِّيَ.
وسَرِقَ الشيءُ سَرَقاً: خَفِيَ. وسَرِقَت مفاصلُه وانْسَرَقتْ: ضَعُفت؛
قال الأَعشى يصف الظبْيَ:
فاتِرَ الطَّرْف في قُواه انْسِراقُ
والانْسِراق: أن يَخْنُس إنسان عن قوم ليذهب؛ قال وقيل في قول الأَعشى:
فهي تَتْلو رَخْصَ الظُّلوف ضَئيلاً
فاتِرَ الطَّرْف، في قُواه انْسِراق
إن الانْسِراقَ الفتور والضعف؛ وقال الأَعشى أيضاً:
فيهن مَحْروقُ النَّواصِف مَسْـ
ـروقُ البُغام وشادِنٌ أكْحل
أراد أن في بُغامه غُنّة فكأن صوته مسروق.
والسَّرَق: شِقاقُ الحرير، وقيل: هو أجوده، واحدته سَرَقة؛ قال الــأخطل:
يَرْفُلْن في سَرَقِ الفِرِنْدِ وقَزِّه،
يَسْحَبْنَ مِنْ هُدَّابِه أذْيالا
قال أبو عبيدة: هو بالفارسية أصله سَرَهْ أي جيد، فعربوه كما عرب بَرَقٌ
للْحَمَل وأصله بَرَه، ويَلْمَق لِلْقَباء وأصله يَلْمَه، وإسْتَبْرَق
للغليظ من الديباج وأصله اسْتَبْرَهْ، وقيل: أصله سِتَبْرَهْ أي جيد،
فعربوه كما عربوا بَرَق ويَلْمَق، وقيل: إنها البِيضُ من شُقَق الحرير؛ وأنشد
للعجاج:
ونَسَجَت لَوامِعُ الحَرُورِ،
من رَقْرَقانِ آلِها المسْجورِ،
سَبائِباً كسَرَق الحَرِيرِ
وفي الحديث عن ابن عمرو: أن سائلاً سأله عن بيع سَرَقِ الحرير قال: هلا
قلت شُقَق الحرير؛ قال أبو عبيد: سَرَقُ الحَرِير هي الشُّقَقُ إلا أنها
البِيضُ خاصة، وصَرَقُ الحرير بالصاد أيضاً؛ وأنشد ابن بري للــأَخطل:
كأن دَجائجاً، في الدار، رُقطاً
بَناتُ الرُّوم في سَرَقِ الحَرِير
وقال آخر:
يَرْفُلْنَ في سَرَقِ الحريرِ وقزِّه،
يَسْحَبْن من هُدّابه أذيالا
وفي حديث عائشة: قال لها رَأيْتُكِ يَحْمِلُكِ الملَكُ في سَرَقةٍ مِنْ
حَرير أي قِطْعة من جَيِّد الحرير، وجمعها سَرَق. وفي حديث ابن عمر:
رأيتُ كأنّ بيدي سَرَقةً من حرير. وفي حديث ابن عباس: إذا بِعْتُم السَّرَقَ
فلا تَشْتَروه أي إذا بِعْتُموه نَسِيئة، وإنما خص السَّرَق بالذكر لأنه
بلَغَه أن تُجّاراً يبيعونه نسيئة ثم يشترونه بدون الثمن، وهذا الحكم
مطَّرد في كل المَبِيعات، وهو الذي يسمى العِينَة. والسَّوارق: الجوامع،
واحدته سارقة؛ قال أبو الطَّمَحان:
ولم يَدْعُ داعٍ مثلكمِ لِعَظيمة،
إذا أزَمَت بالساعِدَيْنِ السَّوارِقُ
وقيل: السَّوارِق مَسامير في القيود؛ وبه فسر قول الراعي:
وأزْهَر سخَّى نَفْسَه عن بِلادِه
حَنايا حَديدٍ مُقْفَل وسَوارِقه
وسارِقٌ وسَرَّاق ومَسْروق وسُراقة، كلها: أسماء؛ أنشد سيبويه:
هذا سُراقَةُ للقُرآنِ يَدْرُسُه،
والمرءُ عند الرُّشا إن يَلْقَها ذِيبُ
ومَسْرُقان: موضع أيضاً
(* قوله «ومسرقان موضع أيضاً» هكذا في الأصل).
قال يزيد بن مُفَرِّغ الحِمْيَري وجمع بين الموضعين:
سَقَى هزِمُ الأَوساطِ مُنْبَجِسُ العُرَى
مَنازِلَها من مَسْرُقان وسُرَّقا
وسُراقة بن جعشم: من الصحابة، وفي التهذيب: وسُراقة بن مالك المُدْلِجي
أحد الصحابة. وسُرَّقُ: إحدى كُوَرِ الأَهوازِ وهن سبع. قال ابن بري:
وسُرَّق اسم موضع في العِراق؛ قال أنس بن زُنَيم يخاطب الحرث بن بَدْر
الغُداني حين ولاّه عبد الله بن زِياد سُرَّق:
أحارِ بن بَدْر، قد وَلِيتَ إمارةً،
فكُنْ جُرَذاً فيها تَخُون وتَسْرِقُ
ولا تَحْقِرَنْ، يا حارِ، شيئاً أصَبْتَه،
فحَظُّك من مُلْك العِراقين سُرَّقُ
فإنَّ جميعَ الناسِ إمّا مكذَّبٌ
يقول بما يَهْوَى، وإمّا مصدَّقُ
يقولون أقوالاً ولا يعلمونها،
وإن قيل: هاتوا حَقِّقوا، لم يُحَقِّقوا
قال ابن بري: ويقال لسارِق الشِّعْر سُراقة، ولسارق النظَر إلى الغِلمان
الشَّافِن.
ربل: الرَّبْلَةُ والرَّبَلَةُ، تسكن وتُحرّك، قال الأَصمعي والتحريك
أَفصح: كل لحمة غليظة، وقيل: هي ما حول الضَّرْع والحياء من باطن الفخذ،
وقيل: هي باطن الفخذ، وجمعها الرَّبَلات؛ وقال ثعلب: الرَّبَلات أُصُولُ
الأَفخاذ؛ قال:
كأَنَّ مجَامِعَ الرَّبَلات منها
فِئامٌ يَنْهَضُون إِلى فِئامِ
وقال المُسْتَوْغِر بن ربيعة يصف فرساً عَرِقت، وبهذا البيت سمي
المستوغر:
يَنِشُّ الماءُ في الرَّبَلاتِ منها،
نَشِيشَ الرَّضْفِ في اللَّبنِ الوَغِيرِ
قال: وامرأَة رَبِلة ورَبْلاء ضَخْمة الرَّبَلات، ولكل إِنسانٍ
رَبَلَتانِ. وامرأَة رَبْلاء رفْغاء أَي ضيّقة الأَرْفاغِ. والرَّبَالُ: كثرة
اللحم والشحم، وفي المحكم: الرَّبالَةُ كثرة اللحم. ورجل رَبِيل: كثير اللحم
ورَبِلُ اللحم، وأَنشد ابن بري للقطامي:
عَلى الفِراش الضَّجِيعُ الأَغْيَدُ الرَّبِلُ
وأَنشد أَيضاً للــأَخطل:
بحُرَّةٍ كأَتانِ الضَّحْلِ ضَمَّرَها،
بعد الرَّبالةِ، تَرْحالي وتَسْيارِي
وامرأَة رَبِلة ومُتَرَبِّلة: كثيرة اللحم والشحم. والرَّبِيلة:
السَّمَن والخَفْض والنَّعْمة؛ قال أَبو خِراش:
ولم يَكُ مَثْلُوجَ الفُؤادِ مُهَبَّجاً،
أَضاعَ الشَّبابَ في الرَّبِيلة والخَفْضِ
ويروى مُهَبَّلاً. والرَّبِيلة: المرأَة السمينة. وتَرَبَّلَت المرأَة:
كثر لحمها، ورَبَلَت أَيضاً كذلك. ورَبَل بنو فلان يَرْبُِلُون: كثر
عَدَدُهم ونَمَوْا. وقال ثعلب: رَبَل القومُ كَثُرُوا أَو كَثُر أَولادهم
وأَموالهم. وفي حديث بني إِسرائيل: فلما كَثُروا ورَبَلُوا أَي غَلُظوا،
ومنه تَربَّل جسمُه إِذا انتفخ ورَبا، قال: هذا قول الهروي.
والرَّبْل: ضروب من الشجر إِذا بَردَ الزمان عليها وأَدبر الصيف
تَقطَّرَت بورق أَخضر من غير مطر، يقال منه: تَرَبَّلت الأَرض. ابن سيده:
والرَّبْل ورق يتفطر في آخر القيظ بعد الهَيْج ببرد الليل من غير مطر، والجمع
رُبول؛ قال الكميت يصف فِراخ النعام:
أَوَيْنَ إِلى مُلاطِفةٍ خَضُودٍ،
لمَأْكَلِهِنّ أَطْرافَ الرُّبُول
يقول: أَوَيْنَ إِلى أُم مُلاطِفةٍ تُكَسّر لهن أَطراف الشجر ليأْكلن.
ورَبْلٌ أَرْبَلُ: كأَنهم أَرادوا المبالغة والإِجادة؛ قال الرّاجز:
أُحِبُّ أَنْ أَصْطادَ ضَبًّا سَحْبَلا،
ووَرَلاً يَرْتادُ رَبْلاً أَرْبَلا
(* قوله «احب إلخ» كذا في النسخ هنا والمحكم أيضاً، وسيأتي في رمل
وسحبل:احب أن اصطاد ضباً سحبلا
رعى الربيع والشتاء ارملا)
وقد تَرَبَّل الشحرُ؛ قال ذو الرمة:
مُكُوراً ونَدْراً من رُخامَى وخِطْرةٍ،
وما اهْتَزَّ مِن ثُدَّائِه المُتَرَبِّل
وخرجوا يَتَرَبَّلُون: يَرْعَوْن الرَّبْلَ. ورَبَلَت الأَرضُ
وأَرْبَلت: كثر رَبْلُها، وقيل: لا يزال بها رَبْل. وأَرض مِرْبال: كثيرة
الرَّبْل. ورَبَلَت المراعي: كثر عُشْبُها؛ وأَنشد الأَصمعي:
وذُو مُضاضٍ رَبَلَتْ منه الحُجَرْ،
حيث تَلاقَى واسِطٌ وذُو أَمَرْ
قال: الحُجَر داراتٌ في الرَّمْل، والمُضاض نَبْت. الفراء: الرِّيبال
النبات المُلتفّ الطويل. وترَبَّلت الأَرض: اخْضَرَّت بعد اليُبس عند
إِقبال الخريف. والرَّبْل: ما تَربَّل من النبات في القيظ وخرج من تحت اليبيس
منه نبات أَخضر.
والرَّبِيل: اللِّصُّ الذي يَغْزو القوم وحده. وفي حديث عمرو بن العاص،
رضي الله عنه، أَنه قال: انظروا لنا رجلاً يَتَجنَّب بنا الطَّريقَ،
فقالوا: ما نعلم إِلا فلاناً فإِنه كان رَبيلاً في الجاهلية؛ التفسير لطارق
بن شهاب حكاه الهروي في الغَرِيبين. ورآبِلةُ العرب: هم الخُبَثاء
المُتَلَصِّصُون على أَسْؤُقهم، وقال الخطابي: هكذا جاء به المحدِّث بالباء
الموحدة قبل الياء، قال: وأُراه الرَّيْبَل الحرف المعتل قبل الحرف الصحيح.
يقال: ذئب رِيبال ولِصٌّ رِيبال، وهو من الجُرأَة وارْتِصاد الشَّرّ، وقد
تقدّم. ورَبالٌ: اسم. وخرجوا يتربَّلون أَي يَتَصيَّدون. والرِّيبال،
بغير همز: الأَسد ومشتق منه، وقد تقدّم ذكره؛ قال أَبو منصور: هكذا سمعته
بغير همز، قال: ومن العرب من يهمزه، قال: وجمعه رآبلة. والرِّيبال، بغير
همز أَيضاً: الشيخ الضعيف. وفعل ذلك من رَأْبَلته وخُبْثه.
ردب: الإِرْدَبُّ: مِكْيالٌ ضَخْمٌ لأَهلِ مِصْر؛ قيل: يَضُمُّ أَربعةً
وعشرين صاعاً؛ قال الــأَخطل:
قَوْمٌ، إِذا اسْتَنْبَحَ الأَضْيافُ كَلْـبَهُمُ، * قالوا لأُمـِّهِم: بُولي على النَّارِ!
والخُبزُ كالعَنْبرِ الـهِنْدِيِّ عِنْدَهُمُ، * والقَمْحُ سَبْعُونَ إِرْدَبّاً بِدِينارِ!
قال الأَصمعي وغيره: البَيْتُ الأَوَّل من هذين البَيْتَيْنِ أَهْجَى
بيت قالته العَرَبُ، لأَنه جَمَع ضُرُوباً من الـهِجاءِ، لأَنه نَسَبَهم
إِلى البُخْل، لكونهم يُطْفِئُون نارَهم مَخافةَ الضِّيفان، وكونِهم
يَبْخَلُون بالماءِ فيُعَوِّضُونَ عنه البولَ، وكونِهم يَبْخَلُون بالـحَطَبِ
فنارُهُمْ ضَعِـيفَةٌ يُطْفِئُها بَوْلَة، وكونِ تلكَ البَوْلَة بَوْلَة عَجُوزٍ، وهي أَقلُّ مِن بَوْلَةِ الشابة؛ ووصَفَهم بامْتِهانِ أُمـِّهم، وذلك لِلُؤْمِهِم، وأَنهم لا خَدَمَ لَهم. قال الشيخ أَبو محمد بن بري:
قوله الإِرْدَبُّ مِكْيالٌ ضَخْمٌ لأَهْلِ مِصْر، ليس بصحيح، لأَنَّ
الإِرْدَبَّ لا يُكال به، وإِنما يُكالُ بالوَيْبَةِ، والإِرْدَبُّ بها سِتُّ وَيْباتٍ. وفي الحديث: مَنَعَتِ العِراقُ دِرْهَمَها وقَفِـيزَها، ومَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّها، وعُدْتُم من حَيْثُ بَدَأْتُمْ. الأَزهري: الإِرْدَبُّ مِكْيالٌ معروف لأَهْلِ مِصْرَ، يقال إِنه يَـأْخُذُ أَرْبَعَةً وعِشرِينَ صاعاً مِن الطَّعامِ بصاعِ النبـيِّ، صلى اللّه عليه وسلم؛ والقَنْقَل: نِصفُ الإِرْدَبّ. قال: والإِرْدَبُّ أَربعةٌ وستُّون مَنّاً بـمَنِّ بَلَدِنا. ويقال للبالُوعةِ من الخَزَف الواسِعَةِ: إِرْدَبَّة؛ شُبِّهَتْ بالإِرْدَبِّ المكيالِ، وجمع الإِرْدَبِّ: أَرادِبُّ.
والإِرْدَبُّ: القَناةُ التي يَجْري فيها الماءُ على وجهِ الأَرضِ.
والإِرْدَبَّةُ: القِرْمِـيدَةُ. وفي الصحاح: الإِرْدَبَّة القِرْمِـيدُ، وهو الآجُرُّ الكبيرُ.