الشَّمْس مَالَتْ للمغيب والسحاب الشَّمْس أحَاط بهَا خَفِيفا رَقِيقا
الشَّمْس مَالَتْ للمغيب والسحاب الشَّمْس أحَاط بهَا خَفِيفا رَقِيقا
نمس: النَّمَسُ، بالتحريك: فساد السَّمْن والغَالِية وكلِّ طِيبٍ ودُهْن
إِذا تغير وفسد فساداً لَزِجاً. ونَمِسَ الدهن، بالكسر، يَنْمَسُ
نَمَساً، فهو نَمِسٌ: تغير وفسد، وكذلك كل شيء طيِّب تغير؛ قال بعض
الأَغفال:وبِزُيَيْتٍ نَمِسٍ مُرَيْرِ
ونَمَّسَ الشعرُ: أَصابه دهن فتوسخ. والنَّمَسُ: ريح اللبَنِ والدَّسَم
كالنَّسَم. ويقال: نَمِسَ الوَدَكُ ونَسِمَ إِذا أَنْتَن، ونمَّسَ
الأَقِطُ، فهو مُنَمِّسٌ إِذا أَنتن؛ قال الطرماح:
مُنَمِّسُ ثِيرانِ الكَريصِ الضَّوائِن
والكريص: الأَقِطُ.
والنِّمْسُ: سَبُع من أَخبث السُّبُع
(* قوله «سبع» هكذا بالأصل مضبوطاً
ولم نجده مجموعاً إلا على سباع وأَسبع كرجال وأَفلس.). وقال ابن قتيبة:
النِّمْسُ دُوَيْبَّةٌ تقتل الثُّعْبان يتخذها الناظر إِذا اشتد خوفه من
الثعابين، لأَن هذه الدابة تتعرض للثعبان وتَتَضاءَلُ وتَسْتَدِقُّ حتى
كأَنها قطعة حبل، فإِذا انطوى عليها الثُّعْبان زَفَرَتْ وأَخذت بنَفَسِها
فانتفخ جوْفها فيتقطع الثعبان، وقد ينطوي عليها
(* قوله «ينطوي عليها» كذا
بالأَصل. ولعل الضمير للثعبان وهو يقع على الذكر والأنثى.) النِّمْسُ
فَظَعاً من شدة الزَّفْرَة؛ غيره: النِّمْس، بالكسر، دوَيْبَّة عريضة
كأَنها قطعة قَدِيدٍ تكون بأَرض مصر تقتل الثعبان.
والنَّامُوس: ما يُنَمِّسُ به الرجل من الاحْتِيالِ. والنامُوسُ:
المَكْرُ والخِداع. والتَّنْمِيسُ: التَّلْبيس. والنامِسُ والنامُوس: دوَيْبَّة
أَغْبَرُ كهيئة الذَّرَّة تلكع الناس. والنامُوسُ: قُتْرة الصائد التي
يَكْمُن فيها للصيد؛ قال أَوس بن حجر:
فَلاقَى عليها من صُباحٍ مُدَمِّراً
لِنامُوسِه من الصَّفِيح سَقائِفُ.
قال ابن سيده: وقد يهمز، قال: ولا أَدري ما وجه ذلك. والنامُوسُ: بيت
الراهب. ويقال للشَّرَكِ نامُوس لأَنه يُوارَى تحت الأَرض؛ وقال الراجز يصف
الركاب يعني الإِبل:
يَخْرُجْنَ من مُلْتَبِسٍ مُلَبَّسِ،
تَنْمِيسَ نامُوسِ القَطا المُنَمَّسِ
يقول: يخرجن من بلد مشتبه الأَعلام يشتبه على من يسلكه كما يشتبه على
القطا أَمر الشَّرَكِ الذي ينصب له. وفي حديث سعد: أَسَدٌ في نامُوسِه؛
الناموسُ: مَكْمَن الصياد فشبه به موضع الأَسد. والنَّامُوس: وِعاء العِلْم.
والنَّاموس: جبريل، صلى اللَّه على نبينا محمد وعليه وسلم، وأَهل الكتاب
يسمون جبريل، عليه السلام: الناموس. وفي حديث المَبْعَث: أَن خديجة،
رضوان اللَّه عليها، وصفت أَمر النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، لِوَرَقَة بن
نَوْفَل وهو ابن عمها، وكان نصرانيّاً قد قرأَ الكتب، فقال: إِن كان ما
تقولين حقّاً فإِنه ليَأْتِيه النامُوس الذي كان يأْتي موسى، عليه السلام،
وفي رواية: إِنه ليأْتيه النَّاموس الأَكبر. أَبو عبيد: النامُوس صاحب سر
الملِك أَو الرجل الذي يطلعه على سِرِّه وباطن أَمره ويخصه بما يستره عن
غيره. ابن سيجه: نامُوسُ الرجل صاحبُ سِرِّه، وقد نَمَسَ يَنْمِسُ
نَمْساً ونامَسَ صاحبَه مُنامَسَةً ونِماساً: سارَّه. وقيل: النامُوسُ
السِّرُّ، مثل به سيبويه وفسره السيرافي.
ونَمَسْتُ الرجلَ ونامَسْتُه إِذا سارَرْته؛ وقال الكميت:
فأَبْلِغْ يَزِيد، إِنْ عَرَضْتَ، ومُنْذراً
وعَمَّيْهِما، والمُسْتَسِرَّ المُنَامِسا
ونَمَسْتُ السِّرَّ أَنْمِسُه نَمْساً: كَتَمْتُه. والمُنَامِسُ: الداخل
في الناموس، وقيل: النامُوس صاحب سِرّ الخير، والجاسُوسُ صاحب سِرّ
الشر، وأَراد به وَرَقَةُ جبريلَ، عليه السلام، لأَن اللَّه تعالى خصه بالوحي
والغيب اللذين لا يطَّلع عليهما غيره. والنَّامُوسُ: الكذَّاب.
والنَّاموس: النمَّام وهو النمَّاس أَيضاً. قال ابن الأَعرابي: نَمَسَ بينهم
وأَنْمَسَ أَرَّشَ بينهم وآكل بينهم؛ وأَنشد:
وما كنتُ ذا نَيْرَبٍ فيهمُ،
ولا مُنْمِساً بينهم أُنْمِلُ
أَدِبُّ وذو النُّمْلَةِ المُدْغِلُ
أُؤَرِّشُ بينهمُ دائباً،
ولكِنَّنني رائبٌ صَدْعَهُمْ،
رَقُوءٌ لِما بينَهُمْ مُسْمِلُ
رَقُوءٌ: مُصْلِحٌ. رَقأْتُ بينهم، أَصلحت.
وانَّمَسَ في الشيء: دخل فيه. وانَّمَسَ فلان انِّماساً: انْغَلَّ في
سُتْرةٍ. الجوهري: انَّمَسَ الرجلُ، بتشديد النون، أَي استتر، وهو
انْفَعَلَ.
دكن: الدَّكْن والدَّكَن والدُّكْنة: لون الأَدْكن كلون الخَزِّ الذي
يضربُ إلى الغُبرة بين الحمرة والسواد، وفي الصحاح: يضرب إلى السواد، دَكِن
يَدْكَن دَكَناً وأَدْكَن وهو أَدْكَنُ؛ قال رؤبة يخاطب بلال بن أَبي
بُرْدة:
فالله يَجْزِيكَ جَزاءَ المُحْسِنِ،
عن الشرِيف والضعِيفِ الأَوْهَنِ
سَلمتَ عرضاً ثوبُه لم يَدْكَن،
وصافياً غَمْرَ الحِبا لم يَدْمَنِ
والشيءُ أَدْكَنُ؛ قال لبيد: أُغْلي السِّباءَ بكلّ أَدْكَنَ عاتِقٍ،
أَو جَوْنةٍ فُدِحَت وفُضّ خِتامُها
(* قوله «فدحت» بالحاء المهملة في
الأصل والصحاح، ولعلها بالخاء المعجمة أو الدال مبدلة من التاء المثناة من
فوق). يعني زِقّاً قد صَلَح وجاد في لونه ورائحته لعِتْقه. وفي حديث
فاطمة، رضوان الله عليها: أَنّها أَوْقَدت القِدْرَ حتى دَكِنَت ثِيابُها؛
دَكِن الثوبُ إذا اتسخ واغبرَّ لونُه يَدْكَنُ دَكَناً؛ ومنه حديث أُم
خالد في القميص: حتى دَكِن؛ وفي قصيدة مُدح بها سيدنا رسول الله
(* قوله
«مدح بها سيدنا إلخ» الذي في النهاية: مدح بها أصحاب النبي، صلى الله عليه
وسلم). صلى الله عليه وسلم:
عليٌّ له فضلانِ: فضلُ قرابةٍ،
وفضْلٌ بنَصْلِ السيف والسُّمُرِ الدُّكْلِ.
قال: الدُّكْل والدُّكْن واحد، يريدُ لونَ الرماح. ودَكَن المتاعَ
يَدْكُنه دَكْناً ودَكَّنه: نَضّد بعضَه على بعض؛ ومنه الدُّكان مشتق من ذلك؛
قال: وهو عند أَبي الحسن مشتق من الدَّكَّاء، وهي الأَرض المُنبسطة، وهو
مذكور في موضعه، والدُّكّان فُعّال، والفعل التَّدْكِين. الجوهري:
الدُّكَّان واحد الدكاكين، وهي الحوانيت، فارسي معرَّب. وفي حديث أَبي هريرة:
فبَنَيْنا له دُكَّاناً من طين يجلس عليه؛ الدُّكَّان: الدّكَّة
المبنِيَّة للجلوس عليها، قال: والنون مختلف فيها، فمنهم من يَجْعلُها أَصلاً،
ومنهم مَن يجعلها زائدة. ودَكَّن الدُّكَّانَ: عَمِله. وثريدة دَكْناء: وهي
التي عليها من الأَبزار، ما دَكَّنها من الفُلْفُل وغيره. والدُّكَيْناء،
ممدود: دُوَيْبَّة من أَحناش الأَرض. ودُكَيْن ودَوْكَن: اسمان.
ضرب: الضرب معروف، والضَّرْبُ مصدر ضَرَبْتُه؛ وضَرَبَه يَضْرِبُه ضَرْباً وضَرَّبَه.
ورجل ضارِبٌ وضَرُوبٌ وضَريبٌ وضَرِبٌ ومِضْرَبٌ، بكسر الميم: شديدُ الضَّرْب، أَو كثير الضَّرْب.
والضَّريبُ: الـمَضْروبُ.
والـمِضْرَبُ والـمِضْرابُ جميعاً: ما ضُرِبَ به.
وضَارَبَهُ أَي جالَدَه. وتَضاربا واضْطَرَبا بمَعـنًى. وضَرَبَ الوَتِدَ يَضْرِبُه ضَرْباً: دَقَّه حتى رَسَب في الأَرض. ووَتِدٌ ضَرِيبٌ:
مَضْرُوبٌ؛ هذه عن اللحياني.
وضَرُبَتْ يَدُه: جاد ضَرْبُها. وضَرَبَ الدِّرْهمَ يَضْرِبُه ضَرْباً:
طَبَعَه. وهذا دِرْهَمٌ ضَرْبُ الأَمير، ودِرْهَمٌ ضَرْبٌ؛ وَصَفُوه
بالـمَصْدَر، ووَضَعُوه موضعَ الصفة، كقولهم ماءٌ سَكْبٌ وغَوْرٌ. وإِن شئت نَصَبْتَ على نيَّة المصدر، وهو الأَكثر، لأَنه ليس من اسم ما قَبْلَه ولا هو هو. واضْطَرَبَ خاتَماً: سأَل أَن يُضْرَبَ له. وفي الحديث: أَنه، صلى اللّه عليه وسلم، اضْطَرَبَ خاتماً من ذَهَب أَي أَمَرَ أَن يُضْرَبَ له ويُصاغَ؛ وهو افْتَعَل من الضَّرْبِ: الصِّياغةِ، والطاءُ بدل من التاءِ. وفي الحديث: يَضْطَرِبُ بناءً في المسجد أَي يَنْصِـبه ويُقِـيمهُ على أَوتادٍ مَضْروبة في الأَرض. ورجلٌ ضَرِبٌ: جَيِّدُ الضَّرْب.
وضَرَبَت العَقْربُ تَضْرِبُ ضَرْباً: لَدَغَتْ.
وضَرَبَ العِرْقُ والقَلْبُ يَضْرِبُ ضَرْباً وضَرَباناً: نَبَضَ وخَفَقَ. وضَرَبَ الجُرْحُ ضَرَباناً وضَرَبه العِرْقُ ضَرَباناً إِذا آلَـمَهُ.
والضَّارِبُ: الـمُتَحَرِّك. والـمَوْجُ يَضْطَرِبُ أَي يَضْرِبُ بعضُه
بعضاً.
وتَضَرَّبَ الشيءُ واضْطَرَبَ: تَحَرَّكَ وماجَ. والاضطِرابُ: تَضَرُّبُ الولد في البَطْنِ.
ويقال: اضْطَرَبَ الـحَبْل بين القوم إِذا اخْتَلَفَت كَلِـمَتُهم.
واضْطَرَب أَمْره: اخْتَلَّ، وحديثٌ مُضْطَرِبُ السَّنَدِ، وأَمْرٌ مُضْطَرِبٌ.
والاضْطِرابُ: الحركةُ. والاضطِرابُ: طُولٌ مع رَخاوة. ورجلٌ مُضْطَرِبُ الخَلْقِ: طَويلٌ غير شديد الأَسْرِ. واضْطَرَبَ البرقُ في السحاب: تَحَرَّكَ.
والضَّريبُ: الرأْسُ؛ سمي بذلك لكثرة اضْطِرابه. وضَريبةُ السَّيْفِ ومَضْرَبُه ومَضْرِبُه ومَضْرَبَتُه ومَضْرِبَتُه: حَدُّه؛ حكى الأَخيرتين سيبويه، وقال: جعلوه اسماً كالـحَديدةِ، يعني أَنهما ليستا على الفعل.
وقيل: هو دُون الظُّبَةِ، وقيل: هو نحوٌ من شِبْرٍ في طَرَفِه.
والضَّريبةُ: ما ضَرَبْتَه بالسيفِ. والضَّريبة: الـمَضْروبُ بالسيف،
وإِنما دخلته الهاءُ، وإِن كان بمعنى مفعول، لأَنه صار في عِدادِ
الأَسماءِ، كالنَّطِـيحةِ والأَكِـيلَة. التهذيب: والضَّريبَة كلُّ شيءٍ ضربْتَه بسَيفِك من حيٍّ أَو مَيْتٍ. وأَنشد لجرير:
وإِذا هَزَزْتَ ضَريبةً قَطَّعْتَها، * فمَضَيْتَ لا كَزِماً، ولا مَبْهُورا(1)
(1 قوله لا كزماً بالزاي المنقوطة أي خائفاً.)
ابن سيده: وربما سُمِّي السيفُ نفسُه ضَريبةً.
وضُرِبَ بِـبَلِـيَّةٍ: رُمِـيَ بها، لأَن ذلك ضَرْبٌ.
وضُرِبَتِ الشاةُ بلَوْنِ كذا أَي خولِطَتْ. ولذلك قال اللغَويون:
الجَوْزاءُ من الغنم التي ضُرِبَ وَسَطُها ببَياضٍ، من أَعلاها إِلى
أَسفلها.وضَرَبَ في الأَرضِ يَضرِبُ ضَرْباً وضَرَباناً ومَضْرَباً، بالفتح، خَرَجَ فيها تاجِراً أَو غازِياً، وقيل: أَسْرَعَ، وقيل: ذَهَب فيها، وقيل: سارَ في ابْتِغاءِ الرزق.
يقال: إِن لي في أَلف درهم لـمَضْرَباً أَي ضَرْباً.
والطيرُ الضَّوارِبُ: التي تَطْلُبُ الرِّزْقَ.
وضَرَبْتُ في الأَرض أَبْتَغِـي الخَيْرَ من الرزق؛ قال اللّه، عز وجل: وإِذا ضَرَبْتُم في الأَرض؛ أَي سافرتم، وقوله تعالى: لا يسْـتَطِـيعُونَ ضَرْباً في الأَرض. يقال: ضَرَبَ في الأَرض إِذا سار فيها مسافراً فهو ضارِبٌ. والضَّرْبُ يقع على جميع الأَعمال، إِلا قليلاً.
ضَرَبَ في التجارة وفي الأَرض وفي سبيل اللّه وضارَبه في المال، من الـمُضارَبة: وهي القِراضُ.
والـمُضارَبةُ: أَن تعطي إِنساناً من مالك ما يَتَّجِرُ فيه على أَن
يكون الربحُ بينكما، أَو يكونَ له سهمٌ معلومٌ من الرّبْح. وكأَنه مأْخوذ من الضَّرْب في الأَرض لطلب الرزق. قال اللّه تعالى: وآخَرُونَ يَضْرِبون في الأَرضِ يَبْتَغونَ من فَضْلِ اللّهِ؛ قال: وعلى قياس هذا المعنى، يقال للعامل: ضارِبٌ، لأَنه هو الذي يَضْرِبُ في الأَرضِ. قال: وجائز أَن يكون كل واحد من رب المال ومن العامل يسمى مُضارباً، لأَنَّ كل واحد منهما يُضارِبُ صاحِـبَه، وكذلك الـمُقارِضُ. وقال النَّضْرُ: الـمُضارِبُ صاحبُ المال والذي يأْخذ المالَ؛ كلاهما مُضارِبٌ: هذا يُضارِبُه وذاك
يُضارِبُه. ويقال: فلان يَضْرِبُ الـمَجْدَ أَي يَكْسِـبُه ويَطْلُبُه؛ وقال الكميت:
رَحْبُ الفِناءِ، اضْطِرابُ الـمَجْدِ رَغْبَتُه، * والـمَجْدُ أَنْفَعُ مَضْرُوبٍ لـمُضْطَرِبِ
وفي حديث الزهري: لا تَصْلُح مُضارَبةُ مَن طُعْمَتُه حرام. قال:
الـمُضارَبة أَن تُعْطِـيَ مالاً لغيرك يَتَّجِرُ فيه فيكون له سهم معلومٌ من الربح؛ وهي مُفاعَلة من الضَّرْب في الأَرض والسَّيرِ فيها للتجارة.
وضَرَبَت الطيرُ: ذَهَبَتْ.
والضَّرْب: الإِسراع في السَّير. وفي الحديث: لا تُضْرَبُ أَكباد الإِبل إِلاَّ إِلى ثلاثة مساجدَ أَي لا تُرْكَبُ ولا يُسارُ عليها. يقال:
ضَرَبْتُ في الأَرض إِذا سافَرْتَ تَبْتَغِـي الرزقَ. والطَّيْرُ
الضَّوارِبُ: الـمُخْتَرِقاتُ في الأَرضِ، الطالِـباتُ أَرزاقَها.
وضَرَبَ في سبيل اللّه يَضْرِبُ ضَرْباً: نَهَضَ. وضَرَبَ بنَفْسه
الأَرضَ ضَرْباً: أَقام، فهو ضِدٌّ. وضَرَبَ البعيرُ في جَهازِه أَي نَفَرَ، فلم يَزَلْ يَلْتَبِـطُ ويَنْزُو حتى طَوَّحَ عنه كُلَّ ما عليه من أَداتِه
وحِمْلِه.
وضَرَبَتْ فيهم فلانةُ بعِرْقٍ ذي أَشَبٍ أَي التِـباسٍ أَي أَفْسَدَتْ
نَسَبَهُمْ بولادَتِها فيهم، وقيل: عَرَّقَتْ فيهم عِرقَ سَوْءٍ.
وفي حديث عليّ قال: إِذا كان كذا، وذكَرَ فِتْنةً، ضَرَبَ يَعْسُوبُ
الدِّين بذَنَبه؛ قال أَبو منصور: أَي أَسْرَع الذهابَ في الأَرض فراراً من الفتن؛ وقيل: أَسرع الذهابَ في الأَرض بأَتْباعه، ويُقالُ للأَتْباع: أَذْنابٌ.
قال أَبو زيد: جاءَ فلانٌ يَضْرِبُ ويُذَبِّبُ أَي يُسْرِع؛ وقال
الـمُسَيَّب:
فإِنَّ الذي كُنْتُمُ تَحْذَرُونْ، * أَتَتْنا عُيونٌ به تَضْرِبُ
قال وأَنشدني بعضهم:
ولكنْ يُجابُ الـمُسْتَغِيثُ وخَيْلُهم، * عليها كُماةٌ، بالـمَنِـيَّة، تَضْرِبُ
أَي تُسْرِعُ.
وضَرَبَ بيدِه إِلى كذا: أَهْوَى. وضَرَبَ على يَدِه: أَمْسَكَ. وضَرَبَ على يَدِه: كَفَّهُ عن الشيءِ. وضَرَبَ على يَدِ فُلانٍ إِذا حَجر عليه.
الليث: ضَرَبَ يَدَه إِلى عَمَلِ كذا، وضَرَبَ على يَدِ فُلانٍ إِذا
منعه من أَمرٍ أَخَذَ فيه، كقولك حَجَرَ عليه.
وفي حديث ابن عمر: فأَرَدْتُ أَن أَضْرِبَ على يَدِه أَي أَعْقِدَ معه
البيع، لأَن من عادة المتبايعين أَن يَضَعَ أَحدُهما يَدَه في يد الآخر، عند عَقْدِ التَّبايُع.
وفي الحديث: حتى ضَرَبَ الناسُ بعَطَنٍ أَي رَوِيَتْ إِبلُهم حَتى
بَرَكَتْ، وأَقامت مكانَها.
وضارَبْتُ الرجلَ مُضارَبةً وضِراباً وتضارَبَ القومُ واضْطَرَبُوا:
ضَرَبَ بعضُهم بعضاً. وضارَبَني فَضَرَبْتُه أَضْرُبُه: كنتُ أَشَدَّ
ضَرْباً منه.
وضَرَبَتِ الـمَخاضُ إِذا شالتْ بأَذْنابها، ثم ضَرَبَتْ بها فُروجَها
ومَشَت، فهي ضَوارِبُ.
وناقة ضاربٌ وضاربة: فضارِبٌ، على النَّسَب؛ وضاربةٌ، على الفِعْل.
وقيل: الضَّوارِبُ من الإِبل التي تمتنع بعد اللِّقاح، فتُعِزُّ أَنْفُسَها، فلا يُقْدَرُ على حَلْبها. أَبو زيد: ناقة ضاربٌ، وهي التي تكون ذَلُولاً، فإِذا لَقِحَتْ ضَرَبَتْ حالبَها من قُدَّامها؛ وأَنشد:
بأَبوال الـمَخاضِ الضَّوارِبِ
وقال أَبو عبيدة: أَراد جمع ناقةٍ ضارِب، رواه ابنُ هانئ.
وضَرَبَ الفحلُ الناقةَ يضْرِبُها ضِراباً: نكحها؛ قال سيبويه: ضَرَبها الفحْلُ ضِراباً كالنكاح، قال:
والقياس ضَرْباً، ولا يقولونه كما لا يقولون: نَكْحاً، وهو القياس.
وناقةٌ ضارِبٌ: ضَرَبها الفحلُ، على النَّسب. وناقةٌ تَضْرابٌ: كضارِبٍ؛ وقال اللحياني: هي التي ضُرِبَتْ، فلم يُدْرَ أَلاقِـحٌ هي أَم غير لاقح.وفي الحديث: أَنه نَهى عن ضِرابِ الجَمَل، هو نَزْوُه على الأُنثى، والمراد بالنهي: ما يؤْخذ عليه من الأُجرة، لا عن نفس الضِّرابِ، وتقديرُه: نَهى عن ثمن ضِرابِ الجمَل، كنهيه عن عَسِـيبِ الفَحْل أَي عن ثمنه.
يقال: ضَرَبَ الجَمَلُ الناقة يَضْرِبُها إِذا نَزا عليها؛ وأَضْرَبَ
فلانٌ ناقتَه أَي أَنْزَى الفَحْلَ عليها.
ومنه الحديثُ الآخَر: ضِرابُ الفَحْلِ من السُّحْتِ أَي إِنه حرام، وهذا عامٌّ في كل فحل.
والضَّارِبُ: الناقة التي تَضْرِبُ حالبَها. وأَتَتِ الناقةُ على
مَضْرِبها، بالكسر، أَي على زَمَنِ ضِرابها، والوقت الذي ضَرَبَها الفحلُ فيه. جعلوا الزمان كالمكان.
وقد أَضْرَبْتُ الفَحْلَ الناقةَ فضَرَبها، وأَضْرَبْتُها إِياه؛ الأَخيرةُ على السَّعة. وقد أَضْرَبَ الرجلُ الفحلَ الناقةَ، فضَرَبها ضِراباً.
وضَريبُ الـحَمْضِ: رَدِيئُه وما أُكِلَ خَيْرُه وبَقِـيَ شَرُّه وأُصولُه، ويقال: هو ما تَكَسَّر منه. والضَّريبُ: الصَّقِـيعُ والجَليدُ.وضُرِبَتِ الأَرضُ ضَرْباً وجُلِدَتْ وصُقِعَتْ: أَصابها الضَّريبُ، كما تقول طُلَّتْ من الطَّلِّ.
قال أَبو حنيفة: ضَرِبَ النباتُ ضَرَباً فهو ضَرِبٌ: ضَرَبَه البَرْدُ،
فأَضَرَّ به.
وأَضْرَبَتِ السَّمائمُ الماءَ إِذا أَنْشَفَتْه حتى تُسْقِـيَهُ الأَرضَ.
وأَضْرَبَ البَرْدُ والريحُ النَّباتَ، حتى ضَرِبَ ضَرَباً فهو ضَرِبٌ
إِذا اشتَدَّ عليه القُرُّ، وضَرَبَهُ البَرْدُ حتى يَبِسَ.
وضُرِبَتِ الأَرضُ، وأَضْرَبَها الضَّريبُ، وضُرِبَ البقلُ وجُلِدَ وصُقِعَ، وأَصْبَحَتِ الأَرضُ جَلِدَة وصَقِعَةً وضَرِبَـةً. ويقال للنبات: ضَرِبٌ ومَضْرب؛ وضَرِبَ البقلُ وجَلِدَ وصَقِعَ، وأَضْرَبَ الناسُ وأَجْلَدُوا وأَصْقَعُوا: كل هذا من الضَّريبِ والجَلِـيدِ والصَّقِـيعِ الذي يَقَعُ بالأَرض. وفي الحديث: ذاكرُ اللّه في الغافلين مثلُ الشَّجَرة الخَضْراءِ، وَسَطَ الشَّجَر الذي تَحاتَّ من الضَّريبِ، وهو الأَزيزُ أَي البَرْدُ والجَلِـيدُ.
أَبو زيد: الأَرضُ ضَرِبةٌ إِذا أَصابها الجَلِـيدُ فأَحْرَقَ نَباتَها، وقد ضَرِبَت الأَرضُ ضَرَباً، وأَضْرَبَها الضَّريب إِضْراباً. والضَّرَبُ، بالتحريك: العَسل الأَبيض الغليظ، يذكر ويؤَنث؛ قال أَبو ذُؤَيْب الـهُذَلي في تأْنيثه:
وما ضَرَبٌ بَيْضاءُ يَـأْوِي مَلِـيكُها * إِلى طُنُفٍ؛ أَعْيا، بِراقٍ ونازِلِ
وخَبَرُ ما في قوله:
بأَطْيَبَ مِن فيها، إِذا جِئْتَ طارِقاً، * وأَشْهَى، إِذا نامَتْ كلابُ الأَسافِل
يَـأْوي مَلِـيكُها أَي يَعْسُوبُها؛ ويَعْسوب النحل: أَميره؛ والطُّنُفُ: حَيَدٌ يَنْدُر من الجَبَل، قد أَعْيا بمن يَرْقَى ومن يَنْزِلُ. وقوله: كلابُ الأَسافل: يريد أَسافلَ الـحَيِّ، لأَن مَواشيَهم لا تَبِـيتُ معهم فرُعاتُها، وأَصحابُها لا ينامون إِلا آخِرَ من يَنامُ، لاشتغالهم
بحَلْبها.
وقيل: الضَّرَبُ عَسَلُ البَرِّ؛ قال الشَّمَّاخُ:
كأَنَّ عُيونَ النَّاظِرينَ يَشُوقُها، * بها ضَرَبٌ طابَتْ يَدا مَنْ يَشُورُها
والضَّرْبُ، بتسكين الراء: لغة فيه؛ حكاه أَبو حنيفة قال: وذاك قليل.
والضَّرَبَةُ: الضَّرَبُ؛ وقيل: هي الطائفة منه.
واسْتَضْرَبَ العسلُ: غَلُظَ وابْيَضَّ وصار ضَرَباً، كقولهم:
اسْتَنْوَقَ الجملُ، واسْتَتْيَسَ العَنْزُ، بمعنى التَّحَوُّلِ من حالٍ إِلى
حالٍ؛ وأَنشد:
.................. كأَنـَّما * رِيقَتُه مِسْكٌ، عليه ضَرَب
والضَّريبُ: الشَّهْدُ؛ وأَنشد بعضهم قولَ الجُمَيْح:
يَدِبُّ حُمَيَّا الكَـأْسِ فيهم، إِذا انْتَشَوا، * دَبِـيبَ الدُّجَى، وَسْطَ الضَّريبِ الـمُعَسَّلِ
وعسلٌ ضَريبٌ: مُسْتَضْرِبٌ. وفي حديث الحجاج: لأَجْزُرَنَّكَ جَزْرَ الضَّرَبِ؛ هو بفتح الراءِ: العسل الأَبيض الغليظ، ويروى بالصاد: وهو العسل الأَحمر. والضَّرْبُ: الـمَطَر الخفيف. الأَصمعي: الدِّيمَةُ مَطَر يَدُوم مع سُكُونٍ، والضَّرْبُ فوق ذلك قليلاً. والضَّرْبةُ: الدَّفْعَةُ من المطر وقد ضَرَبَتْهم السماءُ.
وأَضْرَبْتُ عن الشيءِ: كَفَفْتُ وأَعْرَضْتُ. وضَرَبَ عنه الذِّكْرَ وأَضْرَبَ عنه: صَرَفَه. وأَضْرَبَ عنه أَي أَعْرَض. وقولُه عز وجل: أَفَنَضْرِبُ عنكم الذِّكْرَ صَفْحاً؟ أَي نُهْمِلكم، فلا نُعَرِّفُكم ما يَجب عليكم، لأَنْ كنتم قوماً مُسْرِفين أَي لأَنْ أَسْرَفْتُمْ. والأَصل في قوله: ضَرَبْتُ عنه الذِّكْرَ، أَن الراكب إِذا رَكِبَ دابة فأَراد أَن يَصْرِفَه عن جِهَتِه، ضَرَبه بعَصاه، ليَعْدِلَه عن الجهة التي يُريدها، فوُضِعَ الضَّرْبُ موضعَ الصَّرْفِ والعَدْلِ. يقال: ضَرَبْتُ عنه وأَضْرَبْتُ. وقيل في قَولِهِ: أَفَنَضْرِبُ عنكم الذِّكر صَفْحاً: إِن معناه أَفَنَضْرِبُ القرآنَ عنكم، ولا نَدْعُوكم إِلى الإِيمان به صَفْحاً أَي مُعْرِضين عنكم. أَقامَ صَفْحاً وهو مصدر مقامَ صافِحين. وهذا تَقْريع لهم، وإِيجابٌ للحجة عليهم، وإِن كان لفظه لفظ استفهام.
ويقال: ضَرَبْتُ فلاناً عن فلان أَي كففته عنه، فأَضْرَبَ عنه إِضْراباً إِذا كَفَّ. وأَضْرَبَ فلانٌ عن الأَمر فهو مُضْرِبٌ إِذا كَفَّ؛ وأَنشد:
أَصْبَحْتُ عن طَلَبِ الـمَعِـيشةِ مُضْرِباً، * لَـمَّا وَثِقْتُ بأَنَّ مالَكَ مالِـي
ومثله: أَيَحْسَبُ الإِنسانُ أَن يُتْركَ سُـدًى؟ وأَضْرَبَ أَي أَطْرَقَ. تقول رأَيتُ حَيَّـةً مُضْرِباً إِذا كانت ساكنة لا تتحرّك.
والـمُضْرِبُ: الـمُقِـيمُ في البيت؛ وأَضْرَبَ الرجلُ في البيت: أَقام؛
(يتبع...)
(تابع... 1): ضرب: الضرب معروف، والضَّرْبُ مصدر ضَرَبْتُه؛ وضَرَبَه يَضْرِبُه... ...
قال ابن السكيت: سمعتها من جماعة من الأَعراب.
ويقال: أَضْرَبَ خُبْزُ الـمَلَّةِ، فهو مُضْرِبٌ إِذا نَضِجَ، وآنَ له أَنْ يُضْرَبَ بالعَصا، ويُنْفَضَ عنه رَمادُه وتُرابُه، وخُبْزٌ مُضْرِبٌ ومَضْرُوبٌ؛ قال ذو الرمة يصف خُبْزَةً:
ومَضْرُوبةٍ، في غيرِ ذَنْبٍ، بَريئةٍ، * كَسَرْتُ لأَصْحابي، على عَجَلٍ، كَسْرَا
وقد ضَرَبَ بالقِداحِ، والضَّريبُ والضَّارِبُ: الـمُوَكَّلُ بالقِداحِ،
وقيل: الذي يَضْرِبُ بها؛
قال سيبويه: هو فعيل بمعنى فاعل، قال: هو ضَريبُ قداحٍ؛ قال: ومثله قول طَريفِ بن مالك العَنْبَريّ:
أَوَكُـلَّما وَرَدَتْ عُكاظَ قَبيلةٌ، * بَعَثُوا إِليَّ عَريفَهم يَتَوَسَّمُ
إِنما يريد عارِفَهم. وجمع الضَّريب: ضُرَبَاءُ؛ قال أَبو ذُؤَيب:
فَوَرَدْنَ، والعَيُّوقُ مَقْعَدُ رابـئِ الــ * ــضُّرَباءِ، خَلْفَ النَّجْم لا يَتَتَلَّعُ
والضَّريب: القِدْحُ الثالث من قِداحِ الـمَيْسر. وذكر اللحياني أَسماءَ قِداحِ الـمَيْسر الأَول والثاني، ثم قال: والثالث الرقيب، وبعضُهم يُسميه الضَّريبَ، وفيه ثلاثة فروض وله غُنْم ثلاثةِ أَنْصباء إِن فاز، وعليه غُرْمُ ثلاثةِ أَنْصِـباء إِن لم يَفُزْ. وقال غيره: ضَريبُ القِداحِ: هو الـمُوَكَّل بها؛ وأَنشد للكميت:
وعَدَّ الرقيبُ خِصالَ الضَّريــ * ــب، لا عَنْ أَفانِـينَ وَكْساً قِمارَا
وضَرَبْتُ الشيءَ بالشيءِ وضَرَّبته: خَلَطْتُه. وضَرَبْتُ بينهم في
الشَّرِّ: خَلَطْتُ. والتَّضريبُ بين القوم: الإِغْراء.
والضَّريبة: الصوفُ أَو الشَّعَر يُنْفَش ثم يُدْرَجُ ويُشَدُّ بخيط
ليُغْزَل، فهي ضَرائب. والضريبة: الصوفُ يُضْرَبُ بالـمِطْرَقِ. غيره: الضَّريبةُ القِطْعة من القُطْنِ، وقيل من القطن والصوف.
وضَريبُ الشَّوْلِ: لَبَنٌ يُحْلَبُ بعضُه على بعض فهو الضريبُ. ابن سيده: الضَّريبُ من اللبن: الذي يُحْلَب من عِدَّةِ لِقاح في إِناء واحد، فيُضْرَبُ بعضُه ببعض، ولا يقال ضَريبٌ لأَقَلَّ من لبنِ ثلاثِ أَنْيُقٍ. قال بعض أَهل البادية: لا يكون ضَريباً إِلا من عِدَّة من الإِبل، فمنه ما يكون رَقيقاً ومنه ما يكون خائِراً؛ قال ابن أَحمر:
وما كنتُ أَخْشَى أَن تكونَ مَنِـيَّتِـي * ضَريبَ جِلادِ الشَّوْلِ، خَمْطاً وصافِـيا
أَي سَبَبُ منيتي فَحَذَف. وقيل: هو ضَريبٌ إِذا حُلِبَ عليه من الليل، ثم حُلِبَ عليه من الغَدِ، فضُرِبَ به. ابن الأَعرابي: الضَّريبُ: الشَّكْلُ في القَدِّ والخَلْقِ.
ويقال: فلانٌ ضَريبُ فلانٍ أَي نظيره، وضَريبُ الشيءِ مثلُه وشكله. ابن سيده: الضَّرْبُ الـمِثْل والشَّبيهُ، وجمعه ضُرُوبٌ. وهو الضَّريبُ، وجمعه ضُرَباء. وفي حديث ابن عبدالعزيز: إِذا ذَهَبَ هذا وضُرَباؤُه: هم الأَمْثالُ والنُّظَراء، واحدهم ضَريبٌ. والضَّرائبُ: الأَشْكالُ. وقوله عز وجل: كذلك يَضْرِبُ اللّهُ الحقَّ والباطلَ؛ أَي يُمَثِّلُ اللّهُ الحقَّ والباطلَ، حيث ضَرَبَ مثلاً للحق والباطل والكافر والمؤمن في هذه الآية. ومعنى قوله عز وجل: واضْرِبْ لهم مثلاً؛ أَي اذْكُرْ لهم و مَثِّلْ لهم.يقال: عندي من هذا الضَّرْبِ شيءٌ كثير أَي من هذا الـمِثالِ. وهذه الأَشياءُ على ضَرْبٍ واحدٍ أَي على مِثالٍ. قال ابن عرفة: ضَرْبُ الأَمْثال
اعتبارُ الشيء بغيرِه. وقوله تعالى: واضْرِبْ لهم مثلاً أَصحابَ
القَرْيةِ؛ قال أَبو إِسحق: معناه اذْكُرْ لهم مَثَـلاً.
ويقال: هذه الأَشياء على هذا الضَّرْب أَي على هذا الـمِثالِ، فمعنى اضْرِبْ لهم مَثَلاً: مَثِّلْ لهم مَثَـلاً؛ قال: ومَثَـلاً منصوب لأَنه مفعول به، ونَصَبَ قوله أَصحابَ القرية، لأَنه بدل من قوله مثلاً، كأَنه قال: اذْكُرْ لهم أَصحابَ القرية أَي خَبَر أَصحاب القرية.
والضَّرْبُ من بيت الشِّعْر: آخرُه، كقوله: «فَحَوْمَلِ» من قوله:
بسقْطِ اللِّوَى بين الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
والجمع: أَضْرُبٌ وضُرُوبٌ.
والضَّوارِبُ: كالرِّحابِ في الأَوْدية، واحدها ضارِب. وقيل: الضارِبُ المكان الـمُطمئِنّ من الأَرضِ به شَجَرٌ، والجمعُ كالجَمع، قال ذو الرمة:
قد اكْتَفَلَتْ بالـحَزْنِ، واعْوَجَّ دُونَها * ضَواربُ، من غَسَّانَ، مُعْوَجَّةٌ سَدْرَا(1)
(1 قوله «من غسان» الذي في المحكم من خفان بفتح فشدّ أيضاً ولعله روي بهما اذ هما موضعان كما في ياقوت وأنشده في ك ف ل تجتابه سدرا وأنشده في الأساس مجتابة سدراً.)
وقيل: الضارِبُ قِطْعة من الأَرض غليظة، تَسْـتَطِـيلُ في السَّهْل.
والضارِبُ: المكانُ ذو الشجر. والضَّارِبُ: الوادي الذي يكون فيه الشجر.
يقال: عليك بذلك الضَّارِبِ فأَنْزِلْه؛ وأَنشد:
لَعمرُكَ إِنَّ البيتَ بالضارِبِ الذي * رَأَيتَ، وإِنْ لم آتِه، لِـيَ شَائِقُ
والضاربُ: السابحُ في الماءِ؛ قال ذو الرمة:
لياليَ اللَّهْوِ تُطْبِـينِي فأَتْبَعُه، * كأَنـَّنِـي ضارِبٌ في غَمْرةٍ لَعِبُ
والضَّرْبُ: الرَّجل الخفيفُ اللحم؛ وقيل: النَّدْبُ الماضي الذي ليس برَهْل؛ قال طرفة:
أَنا الرجلُ الضَّرْبُ، الذي تَعْرِفُونَه، * خَشاشٌ كرأْسِ الـحَيَّةِ الـمُتَوَقِّدِ
وفي صفة موسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: أَنه ضَرْبٌ من الرجال؛ هو الخفيف اللحم، الـمَمْشُوقُ الـمُسْتَدِقُّ. وفي رواية: فإِذا رجلٌ مُضْطَرِبٌ رَجْلُ الرأْسِ، وهو مُفتَعلٌ من الضَّرْبِ، والطاء بدل من تاء الافتعال. وفي صفة الدجال: طُوَالٌ ضَرْبٌ من الرجال؛ وقول أَبي العِـيالِ:
صُلاةُ الـحَرْبِ لم تُخْشِعْـ * ـهُمُ، ومَصَالِتٌ ضُرُبُ
قال ابن جني: ضُرُبٌ جمع ضَرْبٍ، وقد يجوز أَن يكون جمع ضَرُوب.
وضَرَّبَ النَّجَّادُ الـمُضَرَّبةَ إِذا خاطَها.
والضَّريبة: الطبيعة والسَّجِـيَّة، وهذه ضَريبَتُه التي ضُرِبَ عليها وضُرِبَها. وضُرِبَ، عن اللحياني، لم يزد على ذلك شيئاً أَي طُبِـعَ. وفي الحديث: أَنَّ الـمُسْلِمَ الـمُسَدِّدَ لَـيُدْرِكُ دَرَجةَ الصُّوَّامِ، بحُسنِ ضَرِيبَتِه أَي سَجِـيَّته وطبيعته. تقول: فلانٌ كَريمُ الضَّرِيبة، ولَئيم الضَّرِيبةِ، وكذلك تقول في النَّحِـيتَةِ والسَّلِـيقةِ
والنَّحِـيزَة والتُّوسِ؟ والسُّوسِ والغَرِيزةِ والنِّحَاسِ والخِـيمِ. والضَّريبةُ: الخلِـيقةُ. يقال: خُلِقَ الناسُ على ضَرَائبَ شَتَّى.
ويقال: إِنه لكريمُ الضَّرائبِ. والضَّرْبُ: الصِّفَة. والضَّرْبُ: الصِّنْفُ من الأَشياءِ. ويقال: هذا من ضَرْبِ ذلك أَي من نحوه وصِنْفِه، والجمع ضُروبٌ؛ أَنشد ثعلب:
أَراكَ من الضَّرْبِ الذي يَجْمَعُ الـهَوَى، * وحَوْلَكَ نِسْوانٌ، لَـهُنَّ ضُرُوبُ
وكذلك الضَّرِيبُ.
وضَرَبَ اللّه مَثَلاً أَي وَصَفَ وبَيَّن، وقولهم: ضَرَبَ له المثلَ
بكذا، إِنما معناه بَيَّن له ضَرْباً من الأَمثال أَي صِنْفاً منها. وقد
تَكَرَّر في الحديث
ضَرْبُ الأَمْثالِ، وهو اعْتبارُ الشيء بغيره وتمثيلُه به. والضَّرْبُ: الـمِثالُ.
والضَّرِيبُ: النَّصِـيبُ. والضَّرِيبُ: البَطْنُ من الناس وغيرهم.
والضَّرِيبةُ: واحدةُ الضَّرائِبِ التي تُؤْخَذ في الأَرْصاد والجِزْية ونحوها؛ ومنه ضَريبة العَبْدِ: وهي غَلَّتُه. وفي حديث الـحَجَّامِ: كم ضَرِيبَتُكَ؟ الضَّرِيبة: ما يؤَدِّي العبدُ إِلى سيده من الخَراجِ الـمُقَرَّرِ عليه؛ وهي فَعِـيلة بمعنى مَفْعولة، وتُجْمَعُ على ضرائبَ. ومنه حديث الإِماءِ اللاَّتي كان عليهنَّ لـمَواليهنَّ ضَرائبُ. يقال: كم ضَرِيبةُ عبدك في كل شهر؟ والضَّرَائبُ: ضَرائِبُ الأَرَضِـينَ، وهي وظائِفُ الخَراجِ عليها.
وضَرَبَ على العَبدِ الإِتاوَةَ ضَرْباً: أَوْجَبَها عليه بالتأْجيل.
والاسم: الضَّرِيبةُ. وضَارَبَ فلانٌ لفُلانٍ في ماله إِذا اتجر فيه،
وقارَضَه.
وما يُعْرَفُ لفُلانٍ مَضرَبُ ومَضرِبُ عَسَلَةٍ، ولا يُعْرَفُ فيه
مَضْرَبُ ومَضرِبُ عَسَلةٍ أَي من النَّسبِ والمال. يقال ذلك إِذا لم يكن له نَسَبٌ مَعْروفٌ، ولا يُعْرَفُ إِعْراقُه في نَسَبه. ابن سيده: ما يُعْرَفُ له مَضْرِبُ عَسَلة أَي أَصْلٌ ولا قَوْمٌ ولا أَبٌ ولا
شَرَفٌ.والضارِبُ: الليلُ الذي ذَهَبَتْ ظُلْمته يميناً وشمالاً ومَـلأَتِ
الدنيا. وضَرَبَ الليلُ بأَرْواقِه: أَقْبَلَ؛ قال حُمَيد:
سَرَى مِثْلَ نَبْضِ العِرْقِ، والليلُ ضارِبٌ * بأَرْواقِه، والصُّبْحُ قد كادَ يَسْطَعُ
وقال:
يا ليتَ أُمَّ الغَمْرِ كانَتْ صاحِـبـي،
ورَابَعَتْني تَحْتَ ليلٍ ضارِبِ،
بسَاعِدٍ فَعْمٍ، وكَفٍّ خاضِبِ
والضَّارِبُ: الطَّويلُ من كُلِّ شيءٍ. ومنه قوله:
ورابعتني تحت ليل ضارب
وضَرَبَ الليلُ عليهم طال؛ قال:
ضَرَبَ الليلُ عليهمْ فَرَكَدْ
وقوله تعالى: فَضَرَبنا على آذانهم في الكَهْفِ سنينَ عَدَداً؛ قال
الزّجاج: مَنَعْناهم السَّمْعَ أَن يَسْمَعُوا، والمعنى: أَنَمْناهم ومَنَعْناهم أَن يَسْمَعُوا، لأَن النائم إِذا سمع انْـتَبه. والأَصل في ذلك: أَنَّ النائم لا يسمع إِذا نام. وفي الحديث: فَضَرَبَ اللّه على أَصْمِخَتهم
أَي نامُوا فلم يَنْتَبِهُوا، والصِّمَاخُ: ثَقْبُ الأُذُن. وفي الحديث:
فَضُرِبَ على آذانهم؛ هو كناية عن النوم؛ ومعناه: حُجِبَ الصَّوتُ والـحِسُّ أَنْ يَلِجَا آذانَهم فَيَنْتَبهوا، فكأَنها قد ضُرِبَ عليها حِجابٌ.
ومنه حديث أَبي ذر: ضُرِبَ على أَصْمِخَتهم، فما يَطُوفُ بالبيت أَحدٌ.
وقولهم: فَضَرَب الدهرُ ضَرَبانَه، كقولهم: فَقَضَى من القَضَاءِ، وضَرَبَ الدهْرُ من ضَرَبانِه أَنْ كان كذا وكذا. وقال أَبو عبيدة: ضَرَبَ الدهْرُ بَيْنَنا أَي بَعَّدَ ما بَيْنَنا؛ قال ذو الرمة:
فإِنْ تَضْرِبِ الأَيـَّامُ، يا مَيّ، بينَنا، * فلا ناشِرٌ سِرّاً، ولا مُتَغَيِّرُ
وفي الحديث: فضَرَبَ الدهرُ مِنْ ضَرَبانِه، ويروى: من ضَرْبِه أَي مَرَّ من مُروره وذَهَبَ بعضُه.
وجاءَ مُضْطَرِبَ العِنانِ أَي مُنْفَرِداً مُنْهَزِماً. وضَرَّبَتْ عينُه: غارَتْ كَحجَّلَتْ.
والضَّرِيبةُ: اسمُ رجلٍ من العرب.
والـمَضْرَبُ: العَظْمُ الذي فيه مُخٌّ؛ تقول للشاة إِذا كانت مَهْزُولةً: ما يُرِمُّ منها مَضْرَبٌ أَي إِذا كُسِرَ عظم من عظامها أَو قَصَبِها، لم يُصَبْ فيه مُخٌّ.
والـمِضْرابُ: الذي يُضْرَبُ به العُود.
وفي الحديث: الصُّداعُ ضَرَبانٌ في الصُّدْغَيْنِ.
ضَرَبَ العِرْقُ ضَرْباً وضَرَباناً إِذا تحرَّك بقوَّةٍ. وفي حديث
عائشة: عَتَبُوا على عثمانَ ضَرْبَةَ السَّوطِ والعصا أَي كان مَنْ قَبْلَه يَضْرِبُ في العقوبات بالدِّرَّة والنَّعْل، فخالفهم.
وفي الحديث: النهي عن ضَرْبةِ الغائِص هو أَن يقول الغائِصُ في البحر للتاجر: أَغُوصُ غَوْصَةً، فما أَخرجته فهو لك بكذا، فيتفقان على ذلك، ونَهَى عنه لأَنه غَرَر.
ابن الأَعرابي: الـمَضارِبُ الـحِـيَلُ في الـحُروب.
والتَّضْريبُ: تَحْريضٌ للشُّجاعِ في الحرب. يقال: ضَرَّبه وحَرَّضَه.
والـمِضْرَبُ: فُسْطاط الـمَلِك.
والبِساطُ مُضَرَّبٌ إِذا كان مَخِـيطاً. ويقال للرجل إِذا خافَ شيئاً،
فَخَرِق في الأَرض جُبْناً: قد ضَرَبَ بذَقَنِه الأَرضَ؛ قال الراعي
يصِفُ غِرباناً خافَتْ صَقْراً:
ضَوارِبُ بالأَذْقانِ من ذِي شَكِـيمةٍ، * إِذا ما هَوَى، كالنَّيْزَكِ الـمُتَوَقِّدِ
أَي من صَقْر ذي شكيمة، وهي شدّة نفسه.
ويقال: رأَيت ضَرْبَ نساءٍ أَي رأَيت نساءً؛ وقال الراعي:
وضَرْبَ نِساءٍ لو رآهنَّ ضارِبٌ، * له ظُلَّةٌ في قُلَّةٍ، ظَلَّ رانِـيا(1)
(1 قوله «وقال الراعي: وضرب نساء» كذا أنشده في التكملة بنصب ضرب وروي راهب بدل ضارب.)
قال أَبو زيد: يقال ضَرَبْتُ له الأَرضَ كلَّها أَي طَلَبْتُه في كل
الأَرض.
ويقال: ضَرَبَ فلانٌ الغائط إِذا مَضَى إِلى موضع يَقْضِـي فيه حاجتَه.
ويقال: فلانٌ أَعْزَبُ عَقْلاً من ضارِبٍ، يريدون هذا المعنى.
ابن الأَعرابي: ضَرْبُ الأَرضِ البولُ(2)
(2 قوله «ضرب الأرض البول إلخ» كذا بهذا الضبط في التهذيب.) والغائطُ في حُفَرها. وفي حديث الـمُغِيرة: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، انْطَلَقَ حتى تَوارَى عني، فضَرَبَ الخَلاَءَ ثم جاء يقال: ذَهَبَ يَضْرِبُ الغائطَ والخلاءَ والأَرْضَ إِذا ذهب
لقضاء الحاجة. ومنه الحديث: لا يَذْهَب الرَّجُلانِ يَضرِبانِ الغائطَ يَتَحَدَّثانِ.
غين: الغين: حرف تهج، وهو حرف مجهور مستعل، يكون أَصلاً لا بدلاً
ولا زائداً، والغين لغة في الغيم، وهو السحاب، وقيل: النون بدل من
الميمي؛ أَنشد يعقوب لرجل من بني تغلب يصف فرساً:
فِداءٌ خالَتِي وفداً صَدِيقي،
وأَهْلي كُلُّهم لبَني قُعَيْنِ
فأَنْتَ حَبَوْتَنِي بِعِنانِ طِرْفٍ،
شديدِ الشَّدّ ذي بَذْلٍ وصَوْنِ
كأَنِّي بين خافِيَتَيْ عُقابٍ،
تُرِيدُ حمامةً في يوم غَيْنِ.
أَي في يوم غيم؛ قال ابن بري: الذي أَنشده الجوهري:
أَصاب حمامة في يوم غين.
والذي رواه ابن جني وغيره: يريد حمامة، كما أَورده ابن سيده وغيره، قال:
وهو أَصح من رواية الجوهري أَصاب حمامة. وغانَتِ السماءُ غَيْناً
وغِينَتْ غَيْناً: طَبَّقَها الغَيمُ. وأَغانَ الغَينُ السماء أَي أَلْبَسها؛
قال رُؤبة:
أَمْسَى بِلالٌ كالربيعِ المُدْجِنِ،
أَمْطَرَ في أَكْنافِ غَيْنٍ مُغْيِنِ.
قال الأَزهري: أَراد بالغين السحاب، وهو الغيم، فأَخرجه على الأَصل.
والأَغْيَنُ: الأَخْضَرُ. وشجرة غَيْناءِ أَي خَضْراءِ كثيرة الورق ملتفة
الأَغصان ناعمة، وقد يقال ذلك في العُشْب، والجمع غِينٌ، وأَشجار غِينٌ؛
وأَنشد الفراء:
لَعِرْضٌ من الأَعْراضِ يُمْسِيَ حمامُه،
ويُضْحِي على أَفْنانِه الغِينِ يَهْتِفُ
والغِيْنةُ: الأَجَمَةُ. والغِينُ من الأَراك والسِّدْر: كثرته واجتماعه
وحسنه؛ عن كراع، والمعروف أَنه جمع شجرة غَيْناءِ، وكذلك حكي أَيضاً
الغِينة جمع شجرة غَيْناء؛ قال ابن سيده: وهذا غير معروف في اللغة ولا في
قياس العربية، إنما الغِينَةُ الأَجَمَةُ كما قلنا، أَلا ترى أَنك لا تقول
البِيضَةُ في جمع البَيْضاءِ ولا العِيسَةُ في جمع العَيْساء؟ فكذلك لا
يقال الغِينَةُ في جمع الغَيْناء، اللهم إِلا أَن يكون لتمكين التأْنيث
أَو يكون اسماً للجمع. والغَيْنة الشَّجْراءُ: مثل الغَيْضة الخضراء. وقال
أَبو العَمَيْثل: الغَيْنة الأَشجارُ الملتفة في الجبال وفي السَّهْل بلا
ماء، فإِذا كانت بماء فهي غَيْضة. والغَيْنُ: شجر ملتف؛ قال ابن سده:
ومما يَضَعُ به من ابن السكيت ومن اعتقاده أَن الغينَ هو جمع شجرة غَيْناء،
وأَن الشِّيَم جمع أَشْيَمَ وشَيْماء وزْنُه فِعْل، وذهب عنه أَنه
فُعْلٌ، غُومٌ وشُومٌ، ثم كسرت الفاء لتسلم الياء كما فعل ذلك في بِيضٍ.
وغِينَ على قلبه غَيْناً: تغَشَّتْه الشَّهْوةُ، وقيل: غِينَ على قلبه غُطِّيَ
عليه وأُلْبِسَ. وغِينَ على الرجل كذا أَي غُطِّيَ عليه. وفي الحديث:
إِنه ليُغانُ على قلبي حتى أَستغفر الله في اليوم سبعين مرة؛ الغَيْنُ:
الغَيْمُ، وقيل: الغَيْنُ شجر ملتف، أَراد ما يغشاه من السهو الذي لا يخلو
منه البشر، لأَن قلبه أَبداً كان مشغولاً
بالله تعالى، فإِن عَرَضَ له وَقْتاً مّا عارض بشري يَشْغَلُه من أُمور
الأُمّة والملَّة ومصالحهما عَدَّ ذلك ذنباً وتقصيراً، فيَفْزَعُ إلى
الاستغفار؛ قال أَبو عبيدة: يعني أَنه يتَغَشَّى القلبَ ما يُلْبِسُه؛ وكذلك
كل شيء يَغْشَى شيئاً حتى يُلْبِسَه فقد غِينَ عليه. وغانَتْ نفْسُه
تَغِينُ غَيْناً: غَثَتْ. والغَيْنُ: العطش، غانَ يَغِينُ. وغانتِ الإِبلُ:
مثلُ غامَتْ. والغِينة، بالكسر: الصديد، وقيل: ما سال من الميت، وقيل: ما
سال من الجيفة. والغَيْنةُ، بالفتح: اسم أَرض؛ قال الراعي:
ونَكَّبْنَ زُوراً عن مُحَيَّاةَ بعدما
بَدَا الأَثْلُ، أَثْلُ الغَيْنةِ المُتَجاوِرُ.
ويروى الغِينة
(* قوله «ويروى الغينة» أي بكسر الغين كما صرح به ياقوت).
الفراء: يقال هو آنَسُ من حُمَّى الغِينِ. والغِينُ: موضع لأَن أَهلها
يُحَمُّون كثيراً.
غرق: الغَرَقُ: الرُّسُوب في الماء. ويشبّه الذي ركبه الدَّيْن وغمرَتْه
البَلايا، يقال: رجل غَرِق وغَريق، وقد غَرِقَ غَرَقاً وهو غارِقٌ؛ قال
أَبو النجم:
فأَصبحُوا في الماء والخَنادِقِ،
من بين مَقْتول وطَافٍ غارِقِ
والجمع غَرْقى، وهو فعيل بمعنى مُفْعَل، أَغْرَقه الله إِغْراقاً، فهو
غَرِيقٌ، وكذلك مريض أَمْرضه الله فهو مريض وقوم مَرْضَى، والنَّزِيفُ:
السكران، وجمعه نَزْفَى، والنَّزِيفُ فَعِيل بمعنى مَفْعُول أَو مُفْعَل
لأَنه يقال نَزَفَتْه الخمرُ وأَنزفَتْه، ثم يُرَدُّ مُفْعَل أَو مفعول
إِلى فَعِيل فيُجْمَع فَعْلَى؛ وقيل: الغَرِقُ الراسب في الماء، والغَرِيقُ
الميت فيه، وقد أَغْرَقَهُ غيره وغَرَّقه، فهو مُغَرَّقٌ وغَرِيق. وفي
الحديث الحَرَقُ والغرق، وفيه: يأْتي على الناس زمان لا ينجو فيه إِلا من
دَعَا دُعاء الغَرِقِ؛ قال أَبو عدنان: الغَرِقُ، بكسر الراء، الذي قد
غلبه الماء ولمَّا يٍغْرَقْ، فإِذا غَرِقَ فهو الغَرِيق؛ قال الشاعر:
أَتْبَعْتُهُمْ مُقْلةً إِنْسانُها غَرِقٌ،
هل ما أَرى تاركٌ للعَينِ إِنْسانا؟
(* هذا البيت لجرير، ورواية ديوانه: هل ما ترى تارك؛ وفي رواية أخرى: هل
يا ترى تارك).
يقول: هذا الذي أَرى من البَيْن والبكاء غيرُ مُبْقٍ للعين إِنسانها،
ومعنى الحديث كأَنه أَراد إِلاَّ مَنْ أَخلص الدعاء لأَن من أَشفى على
الهلاك أَخلص في دعائه طلبَ النجاةِ؛ ومنه الحديث: اللهم إِني أَعوذ بك من
الغَرَق والحَرَق؛ الغَرَقُ، بفتح الراء: المصدر. وفي حديث وحشيّ: أَنه مات
غَرِقاً في الخمر أَي متناهياً في شربها والإِكثار منه، مستعار من
الغَرَقِ.
وفي حديث علي وذكر مسجد الكوفة في زاويته: فَار التَّنُّور وفيه هلك
يَغُوثُ ويَعُوقُ وهو الغارُوق؛ هو فاعول من الغَرق لأَن الغَرَق في زمان
نوح، عليه السلام، كان منه.
وفي حديث أَنس: وغُرَقاً فيه دُبَّاء؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في
رواية والمعروف ومَرَقاً، والغُرَق المَرَق.
وفي التنزيل: أَخَرَقْتَها لتُغْرِق أَهلها. والغرِقُ: الذي غلبه
الدَّيْن. ورجل غَرِقٌ في الدَّين والبَلْوَى وغَرِيق وقد غَرِقَ فيه، وهو مثل
بذلك. والمُغْرَقُ: الذي قد أَغرقه قوم فطردوه وهو هارب عَجْلان.
والتَّغْريق: القتل. والغَرَق في الأَصل: دخول الماء في سَمَّيِ الأَنف حتى
تمتلئ مَنافذُه فيَهلك، والشَّرَق في الفم حتى يُغَص به لكثرته. يقال:
غَرِقَ في الماء وشَرِقَ إِذا غمره الماء فملأَ مَنافذَه حتى يموت، ومن هذا
يقال غَرَّقَتِ القابلة الولد، وذلك إِذا لم تَرْفُقْ بالولد حتى تدخل
السّابِياءُ أَنفه فتقتله، وغَرَّقَتِ القابلة المولود فَِغَرِقَ: خَرُقت به
فانْفَتَقَتِ السابياءُ فانسد أَنفه وفمه وعيناه فمات؛ قال الأَعشى يعني
قيسَ بن مسعود الشيباني:
أَطَوْرَيْن في عامٍ غَزَاةً ورِحْلَةً،.
أَلا لَيْتَ قَيْساً غَرَّقَتْهُ القَوابِلُ
ويقال: إِن القابلة كانت تُغَرِّقُ المولود في ماء السَّلَى عام القحط،
ذكراً كان أَو أُنثى، حتى يموت، ثم جعل كلّ قتل تَغْريقاً؛ ومنه قول ذي
الرمة:
إِذا غَرَّقَتْ أَرْباضُها ثِنْيَ بَكْرَةٍ
بتَيْهاءَ، لم تُصْبِحْ رَؤُوماً سَلُوبُها
الأَرْباض: الحِبال، والبَكْرة: الناقة الفَتِيّة، وثِنْيُها: بطنها
الثاني، وإِنما لم تعطف على ولدها لما لحقها من التعب. التهذيب: والعُشَراءُ
من النُّوق إِذا شدَّ عليها الرَّحْلُ بالحبال ربما غُرِّقَ الجنين في
ماء السّابياء فتسقطه، وأَنشد قول ذي الرمة.
وأَغْرَقَ النبلَ وغَرَّقه: بلغ به غاية المدّ في القوس. وأَغْرَقَ
النازع في القَوْس أَي استوفى مدها. والاسْتِغْراقُ: الاستيعاب. وأَغْرَقَ في
الشيء: جاوز الحد وأَصله من نزع السهم. وفي التنزيل: والنَّازِعاتِ
غَرْقاً؛ قال الفراء: ذكر أَنها الملائكة وأَن النَّزْعَ نزعُ الأَنفس من
صدور الكفار، وهو قولك والنازعات إِغْراقاً كما يُغْرِقُ النازعُ في القوس؛
قال الأَزهري: الغَرْقُ اسم أُقيم مقام المصدر الحقيقي من أَغْرَقْتُ
إِغْراقاً. ابن شميل: يقال نَزَع في قوسه فأَغْرَقَ، قال: والإِغْراقُ الطرح
وهو أَن يباعد السهم من شدة النزع يقال إِنه لطَرُوح. أُسيد الغنوي:
الإِغْراق في النَّزْع أَن ينزع حتى يُشْرِبَ بالرِّصاف وينتهي إِلى كَبِدِ
القَوْس وربما قطع يد الرامي، قال: وشُرْبُ القوسِ الرِّصافَ أَن يأْتي
النزع على الرِّصاف كله إِلى الحديدة؛ يضرب مثلاً للغُلُوِّ والإِفراط.
واغْتَرَقَ الفرسُ الخيل: خالطها ثم سبقها، وفي حديث ابن الأَكوع: وأَنا
على رِجْلي فأَغْتَرِقُها. يقال: اغترق الفرس الخيل إِذا خالطها ثم
سبقها، ويروى بالعين المهملة، وهو مذكور في موضعه. واغْتِراقُ النَّفَس:
استيعابه في الزَّفِير؛ قال الليث: والفرس إِذا خالط الخيل ثم سبقها يقال
اغْتَرَقها؛ وأَنشد للبيد:
يُغْرِقُ الثَّعلبَ، في شِرَّتِهِ،
صائب الخَدْبة في غير فَشَلْ
قال أَبو منصور: لا أَدري بِمَ جَعَل قوله:
يُغْرِقُ الثعلبَ في شِرَّتِه
حجة لقوله اغْتَرقَ الخيلَ إِذا سبقها، ومعنى الإِغْراقِ غير معنى
الاغْتِرَاقِ، والاغْتِراقُ مثل الاسْتِغْراقِ. قال أَبو عبيدة: يقال للفرس
إِذا سبق ا لخيلَ قد اغْتَرَقَ حَلْبة الخيل المتقدمة؛ وقيل في قول لبيد:
يُغْرِقُ الثعلبَ في شِرَّتِه
قولان: أَحدهما أَنه يعني الفرس يسبق الثعلب بحُضْرِه في شِرَّتِه أَي
نشاطه فيُخَلِّفه، والثاني أَن الثعلب ههنا ثعلب الرمح في السِّنان،
فأَراد أَنه يَطْعُن به حتى يغيبه في المطعون لشدة حُضْره. ويقال: فلانة
تَغْتَرِقُ نظر الناس أَي تَشْغَلُهم بالنظر إِليها عن النظر إِلى غيرها
بحسنها؛ ومنه قول قيس بن الخَطِيم:
تَغْترقُ الطَّرْفَ، وهي لاهيةٌ،
كأَنما شَفَّ وَجْهَهَا نُزْفُ
قوله تغْتَرق الطَّرْف يعني امرأَة تَغْتَرِقُ وتَسْتَغْرِقُ واحد أَي
تستغرِق عُيون الناس بالنظَر إِليها، وهي لاهِية أَي غافلة، كأَنما شَفَّ
وجهها نُزْفٌ: معناه أَنها رَقِيقة المَحاسن وكأَن دمها ودم وجهِها
نُزِفَ، والمرأَة أَحسن ما تكون غِبَّ نفاسها لأَنه ذهب تهيُّج الدم فصارت
رقيقة المَحاسن، والطَّرْف ههنا: النظر لا العين؛ ويقال: طَرَف يَطْرف
طَرْفاً إِذا نظر، أَراد أَنها تستميل نظَر النُّظَّار إِليها بحسنها وهي غير
مُحتَفِلة ولا عامدة لذلك، ولكنها لاهية، وإِنما يفعل ذلك حسنُها. ويقال
للبعير إِذا أَجْفَرَ جَنْباه وضخُم بطنه فاستوعب الحِزام حتى ضاق عنها:
قد اغْتَرَقَ التَّصْدير والبِطَان واستغرقه.
والمُغْرِق من الإِبل: التي تُلْقي ولدَها لتمامٍ أَو لغيره فلا
تُظْأَرُ ولا تُحْلَب وليست مَرِيّة ولا خَلِفة.
واغْرَوْرَقَت عيناه بالدُّموع: امتلأتا، زاد التهذيب: ولم تَفِيضا،
وقال: كذلك قال ابن السكيت. وفي الحديث: فلما رآهم رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، احمرَّ وجهه واغْرَوْرَقَت عيناه أَي غَرِقتا بالدموع، وهو
افْعَوْعَلَت من الغَرَق.
والغُرْقة، بالضم: القليل من اللبن قدْر القدح، وقيل: هي الشَّرْبة من
اللبن، والجمع غُرَق؛ قال الشماخ يصف الإِبل:
تُضْحِ، وقد ضَمِنَتْ ضَرَّاتها غُرَقاً،
من ناصِع اللَّوْنِ، حُلْو الطَّعْم مَجْهود
ورواه ابن القطاع: حُلْو غير مجهود، والروايتان تصحان، والمجهود:
المشتهى من الطعام، والمَجْهود من اللبن: الذي أُخرجَ زُبده، والرواية الصحيحة:
تُصْبِحْْ وقد ضَمِنَتْ؛ وقبله:
إِنْ تُمْسِ في عُرْفُط صُلْعٍ جَماجِمهُ،
من الأَسَالِقِ عارِي الشَّوْكِ مَجْرُودِ
ويروى مَخْضُودِ، والأَسالِقُ: العُرْفط الذي ذهب ورقه، والصُّلْع: التي
أُكل رؤُوسها؛ يقول: هي على قلة رَعْيها وخُبْثِه غَزيرة اللبن. أَبو
عبيد: الغُرْقة مثل الشَّرْبة من اللبن وغيره من الأَشربة؛ ومنه الحديث:
فتكون أُصولُ السِّلْق غُرَقَه، وفي أُخرى: فصارَتْ عَرْقَه، وقد رواه
بعضهم بالفاء، أَي مما يُغْرَف.
وفي حديث ابن عباس: فعمل بالمعاصي حتى أَغْرَقَ أَعماله أَي أَضاع
أَعمالَه الصالحة بما ارتكب من المعاصي. وفي حديث عليّ: لقد أَغْرَقَ في
النَّزْع أَي بالغ في الأَمر وانتهى فيه، وأَصله من نَزْعِ القوس ومَدِّها، ثم
استعير لِمَن بالغ في كل شيء. وأَغْرَقَه الناس: كثروا عليه فغلَبوه،
وأَغْرَقَته السِّباع كذلك؛ عن ابن الأَعرابي.
والغِرْياق: طائر.
والغِرْقئُ: القشرة المُلْتزقة ببياض البيض. النضر: الغِرْقئُ البياض
الذي يؤكل. أَبو زيد: الغِرْقئُ القشرة القِيقيّةُ. وغرْقأَتِ البَيضة:
خرجت وعليها قشرة رقيقة، وغَرْقأَت الدُّجاجة: فعلت ذلك. وغَرْقَأَ
البيضة: أَزال غِرْقِئَها؛ قال ابن جني: ذهب أَبو إِسحق إِلى أَن همزة
الغِرْقئ زائدة ولم يعلل ذلك باشتقاق ولا غيره، قال: ولسْت أَرى للقضاء بزيادة
هذه الهمزة وجهاً من طريق القياس، وذلك أَنها ليس بأُولى فنقضي بزيادتها
ولا نَجِد فيها معنى غَرِق، اللهم إِلا أَن يقول إِنَّ الغِرْقئ يحتوي
على جميع ما يُخفِيه من البَيْضة ويَغْترقُه، قال: وهذا عندي فيه بعد، ولو
جاز اعتقاد مثله على ضَعْفه لجاز لك أَن تعتقد في همزة كِرْفِئَة أَنها
زائدة، وتذهب إِلى أَنها في معنى كَرَف الحمار إِذا رفع رأْسه لشَمِّ
البَوْل، وذلك لأَن السَّحاب أَبداً كما تراه مرتفع، وهذا مذهب ضعيف؛ قال
أَبو منصور: واتفقوا على همزة الغِرْقئ وأَن همزته ليست بأَصلية.
ولجامٌ مُغَرَّق بالفضة أَي مُحَلىًّ، وقيل: هو إِذا عَمَّتْه الحلية،
وقد غُرِّق.
غفق: الغَفْقُ: الضرب بالسوط والعصا والدِّرَّةِ، غَفَقَهُ يغْفِقُهُ
غَفْقاً: ضربه، والغفقة: المَرَّة منه، وقد جاء: عَفَقَهُ، بالعين المهملة؛
وروي عن إياس بن سلمة عن أَبيه قال: مَرَّ بي عمر بن الخطاب، رضي الله
عنه، وأنا قاعد في السوق وهو مارّ لحاجة له معه الدِّرَّةُ، فقال: هكذا يا
سَلَمةُ، عن الطريق فغَفَقَني بها غَفْقَةً فما أَصاب إلا طَرَفها
ثوبي، قال فأَمَطْتُ عن الطريق فسكت عني حتى إذا كان العامُ المُقْبل لقيني
في السوق فقال: يا سلمة أَردتَ الحجّ العام؟ فقلت: نعم، فأَخذ يدي فما
فارق يَدُه يَدي حتى أَدخلني بيته فأَخرج كيساً فيه ستمائة درهم فقال: يا
سلمة خذها واسْتَعِنْ بها على حَجِّك واعلم أنها من الغَفْقَةِ التي
غَفَقْتُك بها عامَ أَوَّل قلت: يا أَمير المؤمنين، والله ما ذَكَرْتُها حتى
ذَكَّرْتنيها، فقال عمر: أنا والله ما نسيتُها قال الأصمعي: غَفَقْتُه
بالسوط أَغْفِقُه ومَتَنْتُه بالسوط أَمْتُنه وهو أَشد من الغَفْق، وقوله
أَمَطْتُ عن الطريق أي تَنَحَّيت عنه. والغَفْقُ: الهجوم على الشيءِ
والأَوْب من الغَيْبة فجأَةً. والمَغْفِقُ: المَرْجِعُ؛ وأَنشد لرؤبة:
من بُعْد مَغْزايَ وبُعد المَغْفِقِ
والغَفْقُ: كثرة الشرب، غَفَقَ يَغْفِقُ غَفْقاً. وتَغَفَّقََ الشرابَ:
شربة ساعة بعد أُخرى، وقيل شربه يومه أَجْمَعَ. ابن الأعرابي: إذا
تَحَسَّى ما في إنائه فقد تَمَزَّزَه، وساعةً بعد ساعة فقد تَفَوَّقَهُ، فإذا
أَكثر الشراب فقد تَغَفَّق. وتَغَفَّقْت الشراب تَغَفُّقاً إذا شربته.
وظَلَّ يتَغَفَّقُ الشرابَ إذا شربه يومَه أَجمع، والغَفْقُ من صِفة
الوِرْدِ؛ قال رؤبة:
صاحب غاراتٍ من الوِرْدِ الغَفَقْ
وقيل: الغَفْقُ أَن تَرِدَ الإبلُ كل ساعة؛ قال الشاعر:
ترعى الغَضا من جانِبَيْ مُشَفَّقِ
غِبّاً، ومن يَرْعَ الحُمُوضَ يَغْقِقِ
وقال الفراء: شربت الإبل غَفْقاً وهي تَغْفِقُ إذا شربت مرةً بعد أُخرى
وهو الشرب الواسع.
والتَّغْفِيقُ: النوم وأنت تَسمْع حديث القوم.
ويقال: غَفَّقوا السَّلِيمَ تََغْفِيقاً إذا عالجوه وسَهَّدُوه؛ وقال
مليح:
وداوِيَّة مَلْساء تُمْسي سباعُها،
بها، مثلَ عُوَّادِ السَّلِيم المُغَفَّقِ
وجملة التَّغْفِيق نومٌ في أَرَق.
أبو عمرو: الغَيْفَقَةُ الإهراقُ، وكذلك الدَّغْرَقة.
أَبو عمرو: غَفَقَ وعَفَقَ إذا خرجت منه ريح. والمُنْغَفَقُ:
المُنْصَرَفُ، قال الأصعمي: المُنْعَطَفُ؛ وأنشد لرؤبة:
حتى تَرَدَّى أَربعٌ، في المُنْغَفَقْ،
بأَربعٍ يَنْزِعْنَ أَنفاسَ الرَّمَقْ
وغافِق: قبيلة.
هوب: الـهَوْبُ: الرجلُ الكثيرُ الكلام، وجمعه أَهْوابٌ. والـهَوْبُ: اسمُ النار. والـهَوْبُ: اشْتِعالُ النارِ
ووَهَجُها؛ يمانية. وهَوْبُ الشمسِ: وهَجُها، بلغتهم. وتركته بِهَوْبٍ دابِرٍ، وهُوبٍ دابِرٍ أَي بحيث لا يُدْرَى أَين هُوَ. والـهَوْبُ: البُعْدُ.
جنب: الجَنْبُ والجَنَبةُ والجانِبُ: شِقُّ الإِنْسانِ وغيره. تقول:
قعَدْتُ إِلى جَنْب فلان وإِلى جانِبه، بمعنى، والجمع جُنُوبٌ وجَوانِبُ وجَنائبُ، الأَخيرة نادرة. وفي حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه، في الرجل الذي أَصابَتْه الفاقةُ: فخرج إِلى البَرِّية، فدَعا، فإِذا الرَّحى تَطْحَنُ، والتَّنُّورُ مَمْلُوءٌ جُنوبَ شِواءٍ؛ هي جمع جَنْبٍ، يريد جَنْبَ الشاةِ أَي إِنه كان في التَّنُّور جُنوبٌ كثيرة لا جَنْبٌ واحد. وحكى اللحياني: إِنه لـمُنْتَفِخُ الجَوانِبِ. قال: وهو من الواحد الذي فُرِّقَ فجُعل جَمْعاً.
وجُنِب الرَّجُلُ: شَكا جانِبَه. وضَرَبَه فجنَبَه أَي كسَرَ جَنْبَه أَو أَصاب جَنْبَه.
ورجل جَنِيبٌ كأَنه يَمْشِي في جانِبٍ مُتَعَقِّفاً، عن ابن الأَعرابي،
وأَنشد:
رَبا الجُوعُ في أَوْنَيْهِ، حتَّى كأَنـَّه * جَنِيبٌ به، إِنَّ الجَنِيبَ جَنِيبُ
أَي جاعَ حتى كأَنـَّه يَمْشِي في جانِبٍ مُتَعَقِّفاً. وقالوا: الحَرُّ
جانِبَيْ سُهَيْلٍ أَي في ناحِيَتَيْه، وهو أَشَدُّ الحَرِّ.
وجانَبَه مُجانَبةً وجِناباً: صار إِلى جَنْبِه. وفي التنزيل العزيز:
أَنْ تقولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتا على ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللّهِ. قال
الفرَّاءُ: الجَنْبُ: القُرْبُ. وقوله: على ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللّهِ
أَي في قُرْبِ اللّهِ وجِوارِه.
والجَنْبُ: مُعْظَمُ الشيءِ وأَكثرهُ، ومنه قولهم: هذا قَليل في جَنْبِ
مَوَدّتِكَ. وقال ابن الأَعرابي في قوله في جنبِ اللّهِ: في قُرْبِ اللّهِ
منَ الجَنةِ. وقال الزجاج: معناه على ما فَرَّطْتُ في الطَّريقِ الذي هو طَريقُ اللّهِ الذي دعاني إِليه، وهو توحيدُ اللّهِ والإِقْرارُ بنُبوَّةِ
رسوله وهو محمدٌ، صلى اللّه عليه وسلم. وقولهم: اتَّقِ اللّهَ في جَنْبِ أَخِيك،
ولا تَقْدَحْ في ساقِه، معناه: لا تَقْتُلْه(1)
(1 قوله «لا تقتله» كذا في بعض نسخ المحكم بالقاف من القتل، وفي بعض آخر منه لا تغتله بالغين من الاغتيال.) ولا تَفْتِنْه، وهو على الـمَثَل. قال: وقد فُسِّر الجَنْبُ ههنا بالوَقِيعةِ والشَّتمِ. وأَنشد ابن الأَعرابي:
خَلِيليَّ كُفَّا، واذكُرا اللّهَ في جَنْبي
أَي في الوَقِيعة فيَّ. وقوله تعالى: والصاحِبِ بالجَنْبِ وابنِ
السَّبِيلِ، يعني الذي يَقْرُبُ منك ويكونُ إِلى جَنْبِك. وكذلك جارُ الجُنُبِ أَي اللاَّزِقُ بك إِلى جَنْبِك. وقيل: الصاحِبُ بالجَنْبِ صاحِبُك في السَّفَر، وابنُ السَّبِيل الضَّيفُ. قال سيبويه وقالوا: هُما خَطَّانِ جَنابَتَيْ أَنْفِها، يعني الخَطَّينِ اللَّذَين اكْتَنَفا جنْبَيْ أَنْفِ
الظَّبْيةِ. قال: كذا وقع في كتاب سيبويه. ووقع في الفرخ: جَنْبَيْ
أَنـْفِها.والـمُجَنِّبتانِ من الجَيْش: الـمَيْمَنةُ والـمَيْسَرَةُ.
والـمُجَنَّبةُ، بالفتح: الـمُقَدَّمةُ. وفي حديث أَبي هريرة، رضِي
اللّه عنه: أَنَّ النبيَّ، صلى اللّه عليه وسلم، بَعَثَ خالِدَ بنَ الوَلِيدِ
يومَ الفَتْح على الـمُجَنِّبةِ اليُمْنى، والزُّبَيرَ على الـمُجَنِّبةِ اليُسْرَى، واستعمل أَبا عُبَيْدةَ على البَياذِقةِ، وهُمُ الحُسَّرُ.وجَنَبَتا الوادي: ناحِيَتاهُ، وكذلك جانِباهُ.
ابن الأَعرابي يقال: أَرْسَلُوا مُجَنِّبَتَينِ أَي كَتيبَتَين أَخَذَتا ناحِيَتَي الطَّريقِ. والـمُجَنِّبةُ اليُمْنى: هي مَيْمَنةُ العسكر، والـمُجَنِّبةُ اليُسْرى: هي الـمَيْسَرةُ، وهما مُجَنِّبَتانِ، والنون مكسورة. وقيل: هي الكَتِيبةُ التي تأْخذ إِحْدَى ناحِيَتي الطَّريق. قال: والأَوَّل أَصح. والحُسَّرُ: الرَّجَّالةُ. ومنه الحَديث في الباقِياتِ الصَّالحاتِ: هُنَّ مُقَدِّماتٌ وهُنَّ مُجَنِّباتٌ وهُنَّ مُعَقِّباتٌ.
وجَنَبَ الفَرَسَ والأَسيرَ يَجْنُبُه جَنَباً. بالتحريك، فهو مَجْنُوبٌ
وجَنِيبٌ: قادَه إلى جَنْبِه. وخَيْلٌ جَنائبُ وجَنَبٌ، عن الفارسي. وقيل: مُجَنَّبةٌ. شُدِّدَ للكثرة.
وفَرَسٌ طَوعُ الجِنابِ، بكسر الجيم، وطَوْعُ الجَنَبِ، إِذا كان سَلِسَ
القِيادِ أَي إِذا جُنِبَ كان سَهْلاً مُنْقاداً. وقولُ مَرْوانَ(2)
(2 قوله «وقول مروان إلخ» أورده في المحكم بلصق قوله وخيل جنائب وجنب.) بن الحَكَم: ولا نَكُونُ في هذا جَنَباً لِمَنْ بَعْدَنا، لم يفسره ثعلب. قال: وأُراه من هذا، وهو اسم للجمع. وقوله:
جُنُوح، تُباريها ظِلالٌ، كأَنـَّها، * مَعَ الرَّكْبِ، حَفَّانُ النَّعامِ الـمُجَنَّب(3)
(3 قوله «جنوح» كذا في بعض نسخ المحكم، والذي في البعض الآخر منه جنوحاً بالنصب.)
الـمُجَنَّبُ: الـمَجْنُوبُ أَي الـمَقُودُ. ويقال جُنِبَ فلان وذلك إِذا
ما جُنِبَ إِلى دَابَّةٍ.
والجَنِيبَة: الدَّابَّةُ تُقادُ، واحدة الجَنائِبِ، وكلُّ طائِعٍ مُنْقادٍ جَنِيبٌ.
والأَجْنَبُ: الذي لا يَنْقادُ.
وجُنَّابُ الرَّجلِ: الذي يَسِير معه إِلى جَنْبِه.
وجَنِيبَتا البَعِير: ما حُمِلَ على جَنْبَيهِ. وجَنْبَتُه: طائِفةٌ من جَنْبِه.
والجَنْبةُ: جِلْدة من جَنْبِ البَعير يُعْمل منها عُلْبةٌ، وهي فوق
المِعْلَقِ من العِلابِ ودُونَ الحَوْأَبةِ. يقال: أَعْطِني جَنْبةً أَتَّخِذْ مِنْها عُلْبةً. وفي التهذيب: أَعْطِني جَنْبةً، فيُعْطِيه جِلْداً فيَتَّخِذُه عُلْبة.
والجَنَبُ، بالتحريك: الذي نُهِيَ عنه أَن يُجْنَبَ خَلْفَ الفَرَسِ
فَرَسٌ، فإِذا بَلَغَ قُرْبَ الغايةِ رُكِبَ. وفي حديث الزَّكاةِ والسِّباقِ:
لا جَلَبَ ولا جَنَبَ، وهذا في سِباقِ الخَيْل. والجَنَبُ في السباق،
بالتحريك: أَن يَجْنُبَ فَرَساً عُرْياً عند الرِّهانِ إِلى فَرَسِه الذي
يُسابِقُ عَلَيْهِ، فإِذا فَتَر الـمَرْكُوبُ تحَوَّلَ إِلى الـمَجْنُوبِ، وذلك إِذا خاف أَن يُسْبَقَ على الأَوَّلِ؛ وهو في الزكاة: أَن يَنزِل العامِلُ بأَقْصَى مواضع أَصحاب الصدقة ثم يأْمُرَ بالأَموال أَن تُجْنَبَ
إِليه أَي تُحْضَرَ فَنُهُوا عن ذلك. وقيل: هو أَن يُجْنِبَ رَبُّ المالِ
بمالِه أَي يُبْعِدَه عن موضِعه، حتى يَحْتاجَ العامِلُ إِلى الإِبْعاد في
اتِّباعِه وطَلَبِه. وفي حديث الحُدَيْبِيَةِ: كانَ اللّهُ قد قَطَعَ جَنْباً مِنَ المشْركين. أَراد بالجَنْبِ الأَمْرَ، أَو القِطْعةَ مِنَ الشيءِ.
يقال: ما فَعَلْتَ في جَنْبِ حاجَتي أَي في أَمْرِها. والجَنْبُ: القِطْعة من الشيءِ تكون مُعْظَمَه أَو شيئاً كَثِيراً منه.
وجَنَبَ الرَّجلَ: دَفَعَه.
ورَجل جانِبٌ وجُنُبٌ: غَرِيبٌ، والجمع أَجْنابٌ. وفي حديث مُجاهد في تفسير السيارة قال: هم أَجْنابُ الناس، يعني الغُرَباءَ، جمع جُنُبٍ، وهو الغَرِيبُ، وقد يفرد في الجميع ولا يؤَنث. وكذلك الجانِبُ والأَجْنَبيُّ والأَجْنَبُ. أَنشد ابن الأَعرابي:
هل في القَضِيَّةِ أَنْ إِذا اسْتَغْنَيْتُمُ * وأَمِنْتُمُ، فأَنا البعِيدُ الأَجْنَبُ
وفي الحديث: الجانِبُ الـمُسْتَغْزِرُ يُثابُ من هِبَتِه الجانبُ الغَرِيبُ أَي إِنَّ الغَرِيبَ الطالِبَ، إِذا أَهْدَى لك هَدِيَّةً ليَطْلُبَ أَكثرَ منها، فأَعْطِه في مُقابَلة هدِيَّتِه. ومعنى الـمُسْتَغْزِر: الذي يَطْلُب أَكثر مـما أَعْطَى.
ورجل أَجْنَبُ وأَجْنَبيٌّ وهو البعيد منك في القَرابةِ، والاسم
الجَنْبةُ والجَنابةُ. قال:
إِذا ما رَأَوْني مُقْبِلاً، عن جَنابةٍ، * يَقُولُونَ: مَن هذا، وقد عَرَفُوني
وقوله أَنشده ثعلب:
جَذْباً كَجذْبِ صاحِبِ الجَنابَهْ
فسره، فقال: يعني الأَجْنَبيَّ.
والجَنِيبُ: الغَرِيبُ. وجَنَبَ فلان في بني فلان يَجْنُبُ جَنابةً ويَجْنِبُ إِذا نَزَلَ فيهم غَرِيباً، فهو جانِبٌ، والجمع جُنَّابٌ، ومن ثَمَّ
قيل: رجلٌ جانِبٌ أَي غرِيبٌ، ورجل جُنُبٌ بمعنى غريب، والجمع أَجْنابٌ.
وفي حديث الضَّحَّاك أَنه قال لجارِية: هل من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ؟ قال:
على جانِبٍ الخَبَرُ أَي على الغَرِيبِ القادِمِ. ويقال: نِعْم القَوْمُ
هُمْ لجارِ الجَنابةِ أَي لِجارِ الغُرْبةِ.
والجَنابةُ: ضِدّ القَرابةِ، وقول عَلْقَمَة بن عَبَدةَ:
وفي كلِّ حيٍّ قد خَبَطْتَ بِنِعْمةٍ، * فَحُقَّ لشأْسٍ، مِن نَداكَ، ذَنُوبُ
فلا تَحْرِمَنِّي نائِلاً عن جَنابةٍ، * فإِني امْرُؤٌ، وَسْطَ القِبابِ،
غرِيبُ
عن جَنابةٍ أَي بُعْدٍ وغُربة. قاله يُخاطِبُ به الحَرِثَ ابنَ جَبَلةَ
يمدحه، وكان قد أَسَرَ أَخاه شَأْساً. معناه: لا تَحْرِمَنِّي بعدَ
غُرْبةٍ وبُعْدٍ عن دِياري. وعن،في قوله عن جنابةِ، بمعنى بَعْدَ، وأَراد بالنائلِ إِطْلاقَ أَخِيهِ شَأْسٍ من سِجْنِه، فأَطْلَقَ له أَخاه
شأْساً ومَن أُسِرَ معه من بني تميم.
وجَنَّبَ الشيءَ وتجَنَّبَه وجانَبَه وتجَانَبَه واجْتَنَبَهُ: بَعُد عنه.
وجَنَبَه الشيءَ وجَنَّبَه إِيَّاه وجَنَبَه يَجْنُبُه وأَجْنَبَه: نَحَّاهُ عنه. وفي التنزيل العزيز إِخباراً عن إِبراهيم، على نبيِّنا وعليه الصلاة والسلام: واجْنُبْني وبَنيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنام؛ أَي نَجِّني.
وقد قُرئَ: وأَجْنِبْني وبَنيَّ، بالقَطْع. ويقال: جَنَبْتُه الشَّرَّ وأَجْنَبْتُه وجَنَّبْتُه، بمعنى واحد، قاله الفرّاءُ والزجاج.
ويقال: لَجَّ فلان في جِنابٍ قَبيحٍ إِذا لَجَّ في مُجانَبَةِ أَهلِه.
ورجل جَنِبٌ: يَتَجنَّبُ قارِعةَ الطريق مَخافةَ الأَضْياف.
والجَنْبة، بسكون النون: الناحية. ورَجُل ذو جَنْبة أَي اعْتزالٍ عن
الناس مُتَجَنِّبٌ لهم. وقَعَدَ جَنْبَةً أَي ناحِيةً واعْتَزَل الناسَ.
ونزل فلان جَنْبةً أَي ناحِيةً. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: عليكم بالجَنْبةِ فإِنها عَفافٌ. قال الهروي: يقول اجْتَنِبُوا النساءَ والجُلُوسَ إِلَيْهنَّ، ولا تَقْرَبُوا ناحِيَتَهنَّ.
وفي حديث رقيقة: اسْتَكَفُّوا جَنابَيْه أَي حَوالَيْه، تثنية جَناب، وهي الناحِيةُ. وحديث الشعبي: أَجْدَبَ بِنا الجَنابُ. والجَنْبُ: الناحِيةُ. وأَنشد الأَخفش:
الناسُ جَنْبٌ والأَمِيرُ جَنْبُ
كأَنه عَدَلَه بجميع الناس. ورجل لَيِّنُ الجانِبِ والجَنْبِ أَي سَهْلُ
القُرْب. والجانِبُ: الناحِيةُ، وكذلك الجَنَبةُ. تقول: فلان لا يَطُورُ
بِجَنَبَتِنا. قال ابن بري: هكذا قال أَبو عبيدة وغيره بتحريك النون.
قال، وكذا رَوَوْه في الحديث: وعلى جَنَبَتَيِ الصِّراطِ أَبْوابٌ
مُفَتَّحةٌ. وقال عثمان بن جني: قد غَرِيَ الناسُ بقولهم أَنا في ذَراكَ وجَنَبَتِك بفتح النون. قال: والصواب إِسكانُ النون، واستشهد على ذلك بقول أَبي صَعْتَرةَ البُولانيِّ:
فما نُطْفةٌ مِنْ حَبِّ مُزْنٍ تقاذَفَتْ * به جَنْبَتا الجُوديِّ، والليلُ دامِسُ
وخبر ما في البيت الذي بعده، وهو:
بأَطْيَبَ مِنْ فِيها، وما ذُقْتُ طَعْمَها، * ولكِنَّني، فيما تَرَى العينُ، فارِسُ
أَي مُتَفَرِّسٌ. ومعناه: اسْتَدْلَلْتُ بِرِقَّته وصفَائِه على عُذوبَتِه وبَرْدِه. وتقول: مَرُّوا يَسِيرُونَ جَنابَيْه وجَنابَتَيْه وجَنْبَتَيْه أَي ناحِيَتَيْهِ.
والجانِبُ الـمُجْتَنَبُ: الـمَحْقُورُ.
وجارٌ جُنُبٌ: ذو جَنابةٍ مِن قوم آخَرِينَ لا قَرابةَ لهم، ويُضافُ
فيقال: جارُ الجُنُبِ. التهذيب: الجارُ الجُنُب هو الذي جاوَرَك، ونسبُه في قوم آخَرِينَ. والمُجانِبُ: الـمُباعِدُ. قال:
وإِني، لِما قد كان بَيْني وبيْنَها، * لـمُوفٍ، وإِنْ شَطَّ الـمَزارُ الـمُجانِبُ
وفرَسٌ مُجَنَّبٌ: بَعِيدُ ما بين الرِّجْلَين من غير فَحَجٍ، وهو مدح.
والتَّجْنِيبُ: انحِناءٌ وتَوْتِيرٌ في رِجْلِ الفَرَس، وهو مُسْتَحَبٌّ.
قال أَبو دُواد:
وفي اليَدَيْنِ، إِذا ما الماءُ أَسْهَلَها، ثَنْيٌ قَلِيلٌ، وفي الرِّجْلَينِ تَجْنِيبُ(1)
(1 قوله «أسهلها» في الصاغاني الرواية أسهله يصف فرساً. والماء أراد به العرق. وأسهله أي أساله. وثني أي يثني يديه.)
قال أَبو عبيدة: التَّجْنِيبُ: أَن يُنَحِّيَ يديه في الرَّفْعِ والوَضْعِ. وقال الأَصمعي: التَّجْنِيبُ، بالجيم، في الرجلين، والتحنيب، بالحاء
في الصلب واليدين.
وأَجْنَبَ الرجلُ: تَباعَدَ.
والجَنابةُ: الـمَنِيُّ. وفي التنزيل العزيز: وإِن كُنْتم جُنُباً فاطَّهَّروا. وقد أَجْنَبَ الرجلُ وجَنُبَ أَيضاً، بالضم، وجَنِبَ وتَجَنَّبَ.
قال ابن بري في أَماليه على قوله جَنُبَ، بالضم، قال: المعروف عند أَهل اللغة أَجْنَبَ وجَنِبَ بكسر النون، وأَجْنَبَ أَكثرُ من جَنِبَ. ومنه قول ابن عباس، رضي اللّه عنهما: الإِنسان لا يُجْنِبُ، والثوبُ لا يُجْنِبُ، والماءُ لا يُجْنِبُ، والأَرضُ لا تُجْنِبُ. وقد فسر ذلك الفقهاءُ وقالوا أَي لا يُجْنِبُ الإِنسانُ بمُماسَّةِ الجُنُبِ إِيَّاه، وكذلك الثوبُ إِذا لَبِسَه الجُنُب لم يَنْجُسْ، وكذلك الأَرضُ إِذا أَفْضَى إِليها الجُنُبُ لم تَنْجُسْ، وكذلك الماءُ إِذا غَمَس الجُنُبُ فيه يدَه لم يَنْجُسْ.
يقول: إِنَّ هذه الأَشياءَ لا يصير شيءٌ منها جُنُباً يحتاج إلى الغَسْلِ لمُلامَسةٍ الجُنُبِ إِيَّاها. قال الأَزهري: إِنما قيل له جُنُبٌ لأَنه نُهِيَ أَن يَقْرَبَ مواضعَ الصلاةِ ما لم يَتَطهَّرْ، فتَجَنَّبَها وأَجْنَبَ عنها أَي تَنَحَّى عنها؛ وقيل: لـمُجانَبَتِه الناسَ ما لم يَغْتَسِلْ.
والرجُل جُنُبٌ من الجَنابةِ، وكذلك الاثْنانِ والجميع والمؤَنَّث، كما يقال رجُلٌ رِضاً وقومٌ رِضاً، وإِنما هو على تأْويل ذَوِي جُنُبٍ، فالمصدر يَقُومُ مَقامَ ما أُضِيفَ إِليه. ومن العرب من يُثَنِّي ويجْمَعُ ويجْعَلُ المصدر بمنزلة اسم الفاعل. وحكى الجوهري: أَجْنَبَ وجَنُبَ، بالضم.
وقالوا: جُنُبانِ وأَجْنابٌ وجُنُبُونَ وجُنُباتٌ. قال سيبويه: كُسِّرَ
(يتبع...)
(تابع... 1): جنب: الجَنْبُ والجَنَبةُ والجانِبُ: شِقُّ الإِنْسانِ وغيره. تقول:... ...
على أَفْعالٍ كما كُسِّرَ بَطَلٌ عليه، حِينَ قالوا أَبْطالٌ، كما اتَّفَقا في الاسم عليه، يعني نحو جَبَلٍ وأَجْبالٍ وطُنُبٍ وأَطْنابٍ. ولم يقولوا جُنُبةً. وفي الحديث: لا تَدْخُلُ الملائكةُ بَيْتاً فيه جُنُبٌ. قال ابن الأَثير: الجُنُب الذي يَجِبُ عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المَنّي. وأَجْنَبَ يُجْنِبُ إِجْناباً، والاسم الجَنابةُ، وهي في الأَصْل البُعْدُ. وأَراد بالجُنُبِ في هذا الحديث: الذي يَترُك الاغْتِسالَ مِن الجَنابةِ عادةً، فيكونُ أَكثرَ أَوقاتِه جُنُباً، وهذا يدل على قِلّة دِينِه وخُبْثِ باطِنِه. وقيل: أَراد بالملائكة ههُنا غيرَ الحَفَظةِ. وقيل: أَراد لا تحْضُره الملائكةُ بخير. قال: وقد جاءَ في بعض الرِّوايات
كذلك.والجَنابُ، بالفتح، والجانِبُ: النّاحِيةُ والفِناءُ وما قَرُبَ مِن
مَحِلَّةِ القوْمِ، والجمع أَجْنِبةٌ. وفي الحديث: وعلى جَنَبَتي الصِّراطِ
داعٍ أَي جانِباهُ.
وجَنَبَةُ الوادي: جانِبُه وناحِيتُه، وهي بفتح النون. والجَنْبةُ،
بسكون النون: النّاحِيةُ، ويقال أَخْصَبَ جَنابُ القوم، بفتح الجيم، وهو ما حَوْلَهم، وفلان خَصِيبُ الجَنابِ وجَديبُ الجَنابِ، وفُلانٌ رَحْبُ الجَنابِ أَي الرَّحْل، وكُنا عنهم جَنابِينَ وجَناباً أَي
مُتَنَحِّينَ.والجَنِيبةُ: العَلِيقةُ، وهي الناقةُ يُعْطِيها الرّجُلُ القومَ
يَمتارُونَ عليها له. زاد المحكم: ويُعْطِيهم دَراهِمَ ليَمِيرُوه عليها. قال الحسن بن مُزَرِّدٍ:
قالَتْ لَه مائِلَةُ الذَّوائِبِ:
كَيْفَ أَخِي في العُقَبِ النَّوائِبِ؟ * أَخُوكَ ذُو شِقٍّ عَلى الرَّكائِبِ
رِخْوُ الحِبالِ، مائلُ الحَقائِبِ، * رِكابُه في الحَيِّ كالجَنائِبِ
يعني أَنها ضائعةٌ كالجَنائِب التي ليس لها رَبٌّ يَفْتَقِدُها. تقول:
إِنَّ أَخاكَ ليس بِمُصْلِحٍ لمالِه، فمالُهُ كَمالٍ غابَ عنْه رَبُّه وسَلَّمه لِمَن يَعْبَثُ فِيهِ؛ ورِكابُه التي هو مَعَها كأَنها جَنائِبُ في الضُّرِّ وسُوءِ الحالِ. وقوله رِخْوُ الحِبالِ أَي هو رِخْوُ الشَّدِّ لرَحْلِه فحقائبُه مائلةٌ لِرخاوةِ الشَّدِّ.
والجَنِيبةُ: صُوفُ الثَّنِيِّ عن كراع وحده. قال ابن سَيده: والذي حكاه يعقوب وغيره من أَهل اللغة: الخَبِيبةُ، ثم قال في موضع آخر: الخَبِيبةُ صُوفُ الثَّنِيِّ مثل الجَنِيبةِ، فثبت بهذا أَنهما لُغَتانِ صَحيحتانِ.
والعَقِيقةُ: صُوفُ الجَذَعِ، والجَنِيبةُ من الصُّوفِ أَفْضلُ من العَقِيقة وأَبْقَى وأَكثر.
والـمَجْنَبُ، بالفتح: الكَثِيرُ من الخَيرِ والشَّرِّ. وفي الصحاح:
الشيءُ الكثير. يقال: إِن عندنا لخيراً مَجْنَباً أَي كثيراً. وخَصَّ به أَبو عبيدة الكَثِير من الخَيرِ. قال الفارسي: وهو مِـمّا وَصفُوا به،
فقالوا: خَيرٌ مَجْنَبٌ. قال الفارسي: وهذا يقال بكسر الميم وفتحها. وأَنشد شمر لكثير:
وإِذْ لا ترَى في الناسِ شَيْئاً يَفُوقُها، * وفِيهنَّ حُسْنٌ، لو تَأَمَّلْتَ، مَجْنَبُ
قال شمر: ويقال في الشَّرِّ إِذا كَثُر، وأَنشد:
وكُفْراً ما يُعَوَّجُ مَجْنَبَا(1)
(1 قوله «وكفراً إلخ» كذا هو في التهذيب أيضاً.)
وطَعامٌ مَجْنَبٌ: كثير. والمِجْنَبُ: شَبَحَةٌ مِثْلُ الـمُشْطِ إِلاّ أَنها ليست لها أَسْنانٌ، وطَرَفُها الأَسفل مُرْهَفٌ يُرْفَعُ بها التُّرابُ على الأَعْضادِ والفِلْجانِ. وقد جَنَبَ الأَرْضَ بالمِجْنَبِ.والجَنَبُ: مصدر قولك جَنِبَ البعير، بالكسر، يَجْنَبُ جَنَباً إِذا ظَلَعَ من جَنْبِه. والجَنَبُ: أَن يَعطَشَ البعِيرُ عَطَشاً شديداً حتى تَلْصَقَ رِئَتُه بجَنْبِه من شدَّة العَطَشِ، وقد جَنِب جَنَباً. قال ابن السكيت قالت الأَعراب: هو أَن يَلْتَوِيَ من شِدّة العطش. قال ذوالرمة يصف حماراً:
وَثْبَ المُسَحَّجِ مِن عاناتِ مَعْقُلَةٍ، * كأَنـَّه مُسْتَبانُ الشَّكِّ، أَو جَنِبُ
والـمُسَحَّجُ: حِمارُ الوَحْشِ، والهاءُ في كأَنه تَعُود على حِمار
وحْشٍ تقدم ذكره. يقول: كأَنه من نَشاطِه ظالِعٌ، أَو جَنِبٌ، فهو يَمشي في شِقٍّ وذلك من النَّشاطِ. يُشَبِّه جملَه أَو ناقَتَه بهذا الحمار. وقال أَيضاً:
هاجَتْ به جُوَّعٌ، غُضْفٌ، مُخَصَّرةٌ، * شَوازِبٌ، لاحَها التَّغْرِيثُ والجَنَبُ
وقيل الجَنَبُ في الدابة: شِبْهُ الظَّلَعِ، وليس بِظَلَعٍ، يقال:
حِمارٌ جَنِبٌ. وجَنِبَ البعير: أَصابه وجعٌ في جَنْبِه من شِدَّةِ العَطَش.
والجَنِبُ: الذئْبُ لتَظالُعِه كَيْداً ومَكْراً من ذلك.
والجُنابُ: ذاتُ الجَنْبِ في أَيِّ الشِّقَّينِ كان، عن الهَجَرِيِّ.
وزعَم أَنه إِذا كان في الشِّقِّ الأَيْسَرِ أَذْهَبَ صاحِبَه. قال:
مَريضٍ، لا يَصِحُّ، ولا أُبالي، * كأَنَّ بشِقِّهِ وجَعَ الجُنابِ
وجُنِبَ، بالضم: أَصابه ذاتُ الجَنْبِ.
والـمَجْنُوبُ: الذي به ذاتُ الجَنْب، تقول منه: رَجُلٌ مَجْنُوب؛ وهي قَرْحَةٌ تُصِيبُ الإِنسانَ داخِلَ جَنْبِه، وهي عِلَّة صَعْبة تأْخُذُ في الجَنْب. وقال ابن شميل: ذاتُ الجَنْب هي الدُّبَيْلةُ، وهي على تَثْقُبُ البطن ورُبَّما كَنَوْا عنها فقالوا: ذاتُ الجَنْب. وفي الحديث:
الـمَجْنُوبُ في سَبِيلِ اللّهِ شَهِيدٌ. قيل: الـمَجْنُوبُ الذي به ذاتُ
الجَنْبِ. يقال: جُنِبَ فهو مَجْنُوب، وصُدِرَ فهو مَصْدُورٌ. ويقال: جَنِبَ جَنَباً إِذا اشْتَكَى جَنْبَه، فهو جَنِبٌ، كما يقال رَجُلٌ فَقِرٌ وظَهِرٌ إِذا اشْتَكَى ظَهْرَه وفَقارَه. وقيل: أَراد بالـمَجْنُوبِ الذي
يَشْتَكِي جَنْبَه مُطْلَقاً. وفي حديث الشُّهَداءِ: ذاتُ الجَنْب شَهادةٌ. وفي حديث آخر: ذُو الجَنْبِ شَهِيدٌ؛ هو الدُّبَيْلةُ والدُّمَّل الكبيرة
التي تَظْهَر في باطن الجَنْب وتَنْفَجِر إِلى داخل، وقَلَّما يَسْلَمُ
صاحِبُها. وذُو الجَنْبِ: الذي يَشْتَكي جَنْبَه بسبب الدُّبيلة، إِلاّ أَنَّ
ذو للمذكر وذات للمؤَنث، وصارت ذات الجنب علماً لها، وإِن كانت في الأَصل صفة مضافة.
والـمُجْنَب، بالضم، والمِجْنَبُ، بالكسر: التُّرْس، وليست واحدة منهما على الفعل. قال ساعدة بن جُؤَيَّةَ:
صَبَّ اللَّهِيفُ لَها السُّبُوبَ بِطَغْيةٍ، * تُنْبي العُقابَ، كما يُلَطُّ المِجْنَبُ
عَنَى باللَّهِيفِ المُشْتارَ. وسُبُوبُه: حِبالُه التي يَتَدلَّى بها إِلى العَسَلِ. والطَّغْيةُ: الصَّفاةُ الـمَلْساءُ. والجَنْبةُ: عامَّة الشَّجَر الذي يَتَرَبَّلُ في الصَّيْفِ.
وقال أَبو حنيفة: الجَنْبةُ ما كان في نِبْتَتِه بين البَقْل والشَّجر،
وهما مـما يبقى أَصله في الشتاءِ ويَبِيد فَرْعه. ويقال: مُطِرْنا
مَطَراً كَثُرتْ منه الجَنْبةُ. وفي التهذيب: نَبَتَتْ عنه الجَنْبةُ،
والجَنْبَةُ اسم لكل نَبْتٍ يَتَرَبَّلُ في الصَّيف. الأَزهري: الجَنْبةُ اسم
واحد لنُبُوتٍ كثيرة، وهي كلها عُرْوةٌ، سُميت جَنْبةً لأَنها صَغُرت عن الشجر الكبار وارْتَفَعَتْ عن التي أَرُومَة لها في الأَرض؛ فمِنَ الجَنْبةِ النَّصِيُّ والصِّلِّيانُ والحَماطُ والـمَكْرُ والجَدْرُ والدَّهْماءُ
صَغُرت عن الشجر ونَبُلَتْ عن البُقُول. قال: وهذا كله مسموع من العرب.
وفي حديث الحجاج: أَكَلَ ما أَشْرَفَ من الجَنْبَةِ؛ الجَنْبَةُ، بفتح
الجيم وسكون النون: رَطْبُ الصِّلِّيانِ من النبات، وقيل: هو ما فَوْقَ البَقْلِ ودُون الشجر. وقيل: هو كلُّ نبْت يُورِقُ في الصَّيف من غير مطر.والجَنُوبُ: ريح تُخالِفُ الشَّمالَ تأْتي عن يمِين القِبْلة. وقال ثعلب: الجَنُوبُ مِن الرِّياحِ: ما اسْتَقْبَلَكَ عن شِمالك إِذا وقَفْت في القِبْلةِ.
وقال ابن الأَعرابي: مَهَبُّ الجَنُوب مِن مَطْلَعِ سُهَيلٍ إِلى مَطْلَعِ الثُرَيَّا. الأَصمعي: مَجِيءُ الجَنُوبِ ما بين مَطْلَعِ سُهَيْلٍ إِلى مَطْلَعِ الشمس في الشتاءِ. وقال عُمارةُ: مَهَبُّ الجَنُوبِ ما بين مَطلع سُهَيْل إِلى مَغْرِبه. وقال الأَصمعي: إِذا جاءَت الجَنُوبُ جاءَ معها
خَيْرٌ وتَلْقِيح، وإِذا جاءَت الشَّمالُ نَشَّفَتْ. وتقول العرب للاثنين،
إِذا كانا مُتصافِيَيْنِ: رِيحُهما جَنُوبٌ، وإِذا تفرَّقا قيل: شَمَلَتْرِيحُهما، ولذلك قال الشاعر:
لَعَمْري، لَئِنْ رِيحُ الـمَودَّةِ أَصبَحَتْ * شَمالاً، لقد بُدِّلْتُ، وهي جَنُوبُ
وقول أَبي وجزة:
مَجْنُوبةُ الأُنْسِ، مَشْمُولٌ مَواعِدُها، * مِن الهِجانِ، ذواتِ الشَّطْبِ والقَصَبِ
يعني: أَن أُنسَها على مَحَبَّتِه، فإِن التَمَس منها إِنْجازَ مَوْعِدٍ
لم يَجِدْ شيئاً. وقال ابن الأَعرابي: يريد أَنها تَذْهَب مَواعِدُها مع
الجَنُوبِ ويَذْهَبُ أُنـْسُها مع الشَّمالِ.
وتقول: جَنَبَتِ الرِّيحُ إِذا تَحَوَّلَتْ جَنُوباً. وسَحابةٌ مَجْنُوبةٌ إِذا هَبَّتْ بها الجَنُوب.
التهذيب: والجَنُوبُ من الرياحِ حارَّةٌ، وهي تَهُبُّ في كلِّ وَقْتٍ،
ومَهَبُّها ما بين مَهَبَّي الصَّبا والدَّبُورِ مِمَّا يَلي مَطْلَعَ سُهَيْلٍ. وجَمْعُ الجَنُوبِ: أَجْنُبٌ. وفي الصحاح: الجَنُوبُ الريح التي تُقابِلُ الشَّمال. وحُكي عن ابن الأَعرابي أَيضاً أَنه قال: الجَنُوب في كل
موضع حارَّة إِلا بنجْدٍ فإِنها باردة، وبيتُ كثير عَزَّةَ حُجَّة له:
جَنُوبٌ، تُسامِي أَوْجُهَ القَوْمِ، مَسُّها * لَذِيذٌ، ومَسْراها، من الأَرضِ، طَيِّبُ
وهي تكون اسماً وصفة عند سيبويه، وأَنشد:
رَيحُ الجَنُوبِ مع الشَّمالِ، وتارةً * رِهَمُ الرَّبِيعِ، وصائبُ التَّهْتانِ
وهَبَّتْ جَنُوباً: دليل على الصفة عند أَبي عثمان.
قال الفارسي: ليس بدليل، أَلا ترى إِلى قول سيبويه: إِنه قد يكون حالاً ما لا يكون صفة كالقَفِيز والدِّرهم. والجمع: جَنائبُ. وقد جَنَبَتِ الرِّيحُ تَجْنُبُ جُنُوباً، وأَجْنَبَتْ أَيضاً، وجُنِبَ القومُ: أَصابَتْهم
الجَنُوبُ أَي أَصابَتْهم في أَمـْوالِهِمْ. قال ساعدة بن جُؤَيَّةَ:
سادٍ، تَجَرَّمَ في البَضِيعِ ثَمانِياً، * يُلْوَى بِعَيْقاتِ البِحارِ، ويُجْنَبُ
أَي أَصابَتْه الجَنُوبُ.
وأَجْنَبُوا: دَخلوا في الجَنُوبِ.
وجُنِبُوا: أَصابَهُم الجَنُوبُ، فهم مَجْنُوبُونَ، وكذلك القول في
الصَّبا والدَّبُورِ والشَّمالِ.
وجَنَبَ إِلى لِقائِه وجَنِبَ: قَلِقَ، الكسر عن ثعلب، والفتح عن ابن
الأَعرابي. تقول: جَنِبْتُ إِلى لِقائكَ، وغَرِضْتُ إِلى لِقائكَ جَنَباً
وغَرَضاً أَي قَلِقْتُ لشدَّة الشَّوْقِ إِليك. وقوله في الحديث: بِعِ
الجَمْعَ بالدَّراهم ثم ابْتَعْ به جَنِيباً، هو نوع جَيِّد مَعْروف من أَنواع التمر، وقد تكرَّر في الحديث.
وجَنَّبَ القومُ، فهم مُجَنِّبُونَ، إِذا قلَّتْ أَلبانُ إِبلهم؛ وقيل: إِذا لم يكن في إِبلهم لَبَنٌ. وجَنَّبَ الرَّجلُ إِذا لم يكن في إِبله ولا غنمه دَرٌّ: وجَنَّبَ الناسُ: انْقَطَعَتْ أَلبانُهم، وهو عام تَجْنِيب. قال الجُمَيْحُ بنُ مُنْقِذ يذكر امرأَته:
لَـمَّا رَأَتْ إِبِلي قَلَّتْ حَلُوبَتُها، * وكُلُّ عامٍ عَلَيها عامُ تَجْنِيبِ
يقُول: كلُّ عامٍ يَمُرُّ بها، فهو عامُ تَجْنِيبٍ. قال أَبو زيد: جَنَّبَتِ الإِبلُ إِذا لم تُنْتَجْ منها إِلا الناقةُ والناقَتانِ. وجَنَّبها هو، بشدِّ النون أَيضاً. وفي حديث الحَرِثِ بن عَوْف: إِن الإِبل جَنَّبَتْ قِبَلَنا العامَ أَي لم تَلْقَحْ، فيكون لها أَلبان. وجنَّب إِبلَه وغَنَمه: لم يُرْسِلْ فيها فحلاً.
والجَأْنـَبُ، بالهمز: الرجل القَصِيرُ الجافي الخِلْقةِ.
وخَلْقٌ جَأْنَبٌ إِذا كان قَبِيحاً كَزّاً. وقال امرؤُ القيس:
ولا ذاتُ خَلْقٍ، إِنْ تَأَمَّلْتَ، جَأْنَبِ
والجَنَبُ: القَصِيرُ؛ وبه فُسِّرَ بيت أَبي العيال:
فَتًى، ما غادَرَ الأَقْوامُ، * لا نِكْسٌ ولا جَنَبُ
وجَنِبَتِ الدَّلْوُ تَجْنَبُ جَنَباً إِذا انْقَطَعَتْ منها وذَمَةٌ أَو وَذَمَتانِ. فمالَتْ.
والجَناباءُ والجُنابى: لُعْبةٌ للصِّبْيانِ يَتَجانَبُ الغُلامانِ فَيَعْتَصِمُ كُلُّ واحِدٍ من الآخر.
وجَنُوبُ: اسم امرأَة. قال القَتَّالُ الكِلابِيُّ:
أَباكِيَةٌ، بَعْدي، جَنُوبُ، صَبابةً، * عَليَّ، وأُخْتاها، بماءِ عُيُونِ؟
وجَنْبٌ: بَطْن من العرب ليس بأَبٍ ولا حَيٍّ، ولكنه لَقَبٌ، أَو هو
حَيٌّ من اليمن. قال مُهَلْهِلٌ:
زَوَّجَها فَقْدُها الأَراقِمَ في * جَنْبٍ، وكانَ الحِباءُ من أَدَمِ
وقيل: هي قَبِيلةٌ من قَبائِل اليَمَن.
والجَنابُ: موضع.
والمِجْنَبُ: أَقْصَى أَرضِ العَجَم إِلى أَرض العَرَبِ، وأَدنى أَرضِ
العَرَب إِلى أَرض العجم. قال الكميت:
وشَجْو لِنَفْسِيَ، لم أَنـْسَه، * بِمُعْتَرَك الطَّفِّ والمِجْنَبِ
ومُعْتَرَكُ الطَّفِّ: هو الموضع الذي قُتِلَ فيه الحُسَين بن عليّ، رضي اللّه عنهما.
التهذيب: والجِنابُ، بكسر الجيم: أَرض معروفة بِنَجْد. وفي حديث ذي المِعْشارِ: وأَهلِ جِنابِ الهَضْبِ هو، بالكسر، اسم موضع.
جمر: الجَمْر: النار المتقدة، واحدته جَمْرَةٌ. فإِذا بَرَدَ فهو
فَحْمٌ.والمِجْمَرُ والمِجْمَرَةُ: التي يوضع فيها الجَمْرُ مع الدُّخْنَةِ وقد
اجْتَمَرَ بها. وفي التهذيب: المِجْمَرُ قد تؤنث، وهي التي تُدَخَّنْ
بها الثيابُ. قال الأَزهري: من أَنثه ذهب به إِلى النار، ومن ذكَّره عنى به
الموضع؛ وأَنشد ابن السكيت:
لا يَصْطَلي النَّارَ إِلا مِجْمَراً أَرِجا
أَراد إِلا عُوداً أَرِجاً على النار. ومنه قول النبي، صلى الله عليه
وسلم: ومَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ وبَخُورُهُمُ العُودُ الهِنْدِيُّ غَيْرَ
مُطَرًّى. وقال أَبو حنيفة: المِجْمَرُ نفس العود. واسْتَجْمَرَ
بالمِجْمَرِ إِذا تبخر بالعود. الجوهري: المِجْمَرَةُ واحدةُ المَجَامِرِ، يقال:
أَجْمَرْتُ النار مِجْمَراً إِذا هَيَّأْتَ الجَمْرَ؛ قال: وينشد هذا
البيت بالوجهين مُجْمِراً ومِجْمَراً وهو لحميد بن ثور الهلالي يصف امرأَة
ملازمة للطيب:
لا تَصْطَلي النَّارَ إلاَّ مُجْمِراً أَرِجاً،
قدْ كَسَّرَت مِنْ يَلَنْجُوجٍ لَه وَقَصَا
واليلنجوج: العود. والوَقَصُ: كِسَارُ العيدان. وفي الحديث: إِذا
أَجْمَرْتُمْ الميت فَجَمِّرُوه ثلاثاً؛ أَي إِذا بخرتموه بالطيب. ويقال: ثوب
مُجْمَرٌ ومُجَمَّرٌ. وأَجْمَرْتُ الثوبَ وَجَمَّرْتُه إِذا بخرته بالطيب،
والذي يتولى ذلك مُجْمِرٌ ومُجَمِّرٌ؛ ومنه نُعَيْمٌ المُجْمِرُ الذي
كان يلي إِجْمَارَ مسجد رسولُ الله،صلى الله عليه وسلم، والمَجَامِر: جمع
مِجْمَرٍ ومُجْمِرٍ، فبالكسر هو الذي يوضع فيه النار والبخور، وبالضم الذي
يتبخر به وأُعِدَّ له الجَمْرُ؛ قال: وهو المراد في الحديث الذي ذكر فيه
بَخُورُهم الأَلُوَّةُ، وهو العود.
وثوب مُجَمَّرٌ: مُكَبًّى إِذا دُخِّنَ عليه، والجامِرُ الذي يلي ذلك،
من غير فعل إِنما هو على النسب؛ قال:
وَرِيحُ يَلَنْجُوجٍ يُذَكيِّهِ جَامِرُهْ
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُجَمِّروا
(* قوله: «وفي حديث عمر لا
تجمروا» عبارة النهاية: لا تجمروا الجيش فتفتنوهم؛ تجمير الجيش جمعهم في
الثغور وحبسهم عن العود إِلى أَهليهم) وجَمَّرَ ثَوْبَهُ إِذا بخره.
والجَمْرَةُ: القبيلة لا تتضم إِلى أَحد؛ وقيل: هي القبيلة تقاتل جماعةَ
قَبائلَ، وقيل: هي القبيلة يكون فيها ثلثمائة فارس أَو نحوها.
والجَمْرَةُ: أَلف فارس، يقال: جَمْرَة كالجَمْرَةِ. وكل قبيل انضموا فصاروا يداً
واحدة ولم يُحَالِفوا غيرهم، فهم جَمْرَةٌ. الليث: الجَمْرَةُ كل قوم
يصبرون لقتال من قاتلهم لا يحالفون أَحداً ولا ينضمون إِلى أَحد، تكون
القبيلة نفسها جَمْرَة تصبر لقراع القبائل كما صبرت عَبْسٌ لقبائل قيس. وفي
الحديث عن عمر: أَنه سأَل الحُطَيْئَةَ عن عَبْسٍ ومقاومتها قبائل قيس
فقال: يا أَمير المؤمنين كنا أَلف فارس كأَننا ذَهَبَةٌ حمراء لا
نَسْتَجْمِرُ ولا نحالف أَي لا نسأَل غيرنا أَن يجتمعوا إِلينا لاستغنائنا عنهم.
والجَمْرَةُ: اجتماع القبيلة الواحدة على من ناوأَها من سائر القبائل؛ ومن
هذا قيل لمواضع الجِمَارِ التي ترمى بِمِنًى جَمَراتٌ لأَن كلَّ مَجْمَعِ
حَصًى منها جَمْرَةٌ وهي ثلاث جَمَراتٍ. وقال عَمْرُو بن بَحْرٍ: يقال
لعَبْسٍ وضَبَّةَ ونُمير الجَمَرات؛ وأَنشد لأَبي حَيَّةَ النُّمَيري:
لَنَا جَمَراتٌ ليس في الأَرض مِثْلُها؛
كِرامٌ، وقد جُرِّبْنَ كُلَّ التَّجَارِبِ:
نُمَيْرٌ وعبْسٌ يُتَّقَى نَفَيَانُها،
وضَبَّةُ قَوْمٌ بَأْسُهُمْ غَيْرُ كاذِبِ
(* قوله: «يتقى نفيانها» النفيان ما تنفيه الريح في أصول الشجر من
التراب ونحوه، ويشبه به ما يتطرف من معظم الجيش كما في الصحاح).
وجَمَرَات العرب: بنو الحرث بن كعب وبنو نُمير ابن عامر وبنو عبس؛ وكان
أَبو عبيدة يقول: هي أَربع جمرات، ويزيد فيها بني ضبة بن أُدٍّ، وكان
يقول: ضبة أَشبه بالجمرة من بني نمير، ثم قال: فَطَفِئتْ منهم جمرتان وبقيت
واحدة، طَفِئتْ بنو الحرث لمحالفتهم نَهْداً، وطفئت بنو عبس لانتقالهم
إِلى بني عامر بن صَعْصَعَةَ يوم جَبَلَةَ، وقيل: جَمَراتُ مَعَدٍّ ضَبَّةُ
وعبس والحرثُ ويَرْبُوع، سموا بذلك لجمعهم. أَبو عبيدة: جمرات العرب
ثلاث: بنو ضبة بن أُد وبنو الحرث بن كعب وبنو نمير بن عامر، وطفئت منهم
جمرتان: طفئت ضبة لأَنها حالفت الرِّبابَ، وطفئت بن الحرث لأَنها حالفت
مَذْحِجَ، وبقيت نُمير لم تُطْفَأْ لأَنها لم تُخالِفْ. ويقال: الجمرات عبس
والحرث وضبة، وهم إِخوة لأُم، وذلك أَن امرأَة من اليمن رأَت في المنام
أَنه يخرج من فرجها ثلاث جمرات، فتزوجها كعب بن عبد المَدَانِ فولدت له
الحرث بن كعب ابن عبد المدان وهم أَشراف اليمن، ثم تزوّجها بَغِيضُ ابن
رَيْثٍ فولدت له عَبْساً وهم فُرْسَان العرب، ثم تزوّجها أُدّ فولدت له ضبة،
فجمرتان في مضر وجمرة في اليمن. وفي حديث عمر: لأُلْحِقَنَّ كُلُّ قوم
بِجَمْرَتهِم أَي بجماعتهم التي هم منها.
وأَجْمَرُوا على الأَمر وتَجَمَّرُوا: تَجَمَّعُوا عليه وانضموا.
وجَمَّرَهُمُ الأَمر: أَحوجهم إِلى ذلك. وجَمَّرَ الشَّيءَ: جَمَعَهُ. وفي حديث
أَبي إِدريس: دخلت المسجد والناسُ أَجْمَرُ ما كانوا أَي أَجمع ما
كانوا. وجَمَّرَتِ المرأَةُ شعرها وأَجْمَرَتْهُ: جمعته وعقدته في قفاها ولم
ترسله. وفي التهذيب: إِذا ضَفَرَتْهُ جَمائِرَ، واحدتُها جَمِيرَةٌ، وهي
الضفائر والضَّمائِرُ والجَمَائِرُ. وتَجْمِيرُ المرأَة شعرها: ضَفْرُه.
والجَميرَةُ: الخُصْلَةُ من الشعر: وفي الحديث عن النخعي: الضَّافِرُ
والمُلَبِّدُ والمُجْمِرُ عليهم الحَلْقُ؛ أَي الذي يَضْفِرُ رأْسه وهو محرم
يجب عليه حلقه، ورواه الزمخشري بالتشديد وقال: هو الذي يجمع شَعْرَهُ
ويَعْقِدُهُ في قفاه. وفي حديث عائشة: أَجْمَرْتُ رأْسي إِجْماراً أَي
جمعته وضفرته؛ يقال: أَجْمَرَ شعرَه إِذا جعله ذُؤابَةً، والذؤابَةُ:
الجَمِيرَةُ لأَنها جُمِّرَتْ أَي جمعت. وجَمِيرُ الشَّعَرِ: ما جُمِّرَ منه؛
أَنشد ابن الأَعرابي:
كَأَنَّ جَمِيرَ قُصَّتِها، إِذا ما
حَمِسْنَا، والوقَايَةُ بالخِناق
والجَمِيرُ: مُجْتَمَعُ القوم. وجَمَّرَ الجُنْدَ: أَبقاهم في ثَغْرِ
العدوّ ولم يُقْفِلْهم، وقد نهي عن ذلك. وتَجْمِيرُ الجُنْد: أَن يحبسهم في
أَرض العدوّ ولا يُقْفِلَهُمْ من الثَّغْرِ. وتَجَمَّرُوا هُمْ أَي
تحبسوا؛ ومنه التَّجْمِيرُ في الشَعَرِ. الأَصمعي وغيره: جَمَّرَ الأَميرُ
الجيشَ إِذا أَطال حبسهم بالثغر ولم يأْذن لهم في القَفْلِ إِلى أَهليهم،
وهو التَّجْمِيرُ؛ وروى الربيع أَن الشافعي أَنشده:
وجَمَّرْتَنَا تَجْمِيرَ كِسْرى جُنُودَهُ،
ومَنَّيْتَنا حتى نَسينَا الأَمَانِيا
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُجَمِّرُوا الجيش فَتَفْتِنُوهم؛
تَجْمِيرُ الجيش: جَمْعُهم في الثُّغور وجَبْسُهم عن العود إِلى أَهليهم؛ ومنه
حديث الهُرْمُزانِ: أَن كِسْرى جَمَّرَ بُعُوثَ فارِسَ. وجاء القومُ
جُمارَى وجُماراً أَي بأَجمعهم؛ حكى الأَخيرة ثعلب؛ وقال: الجَمَارُ
المجتمعون؛ وأَنشد بيت الأَعشى:
فَمَنْ مُبْلِغٌ وائِلاً قَوْمَنَا،
وأَعْني بذلك بَكْراً جَمارَا؟.
الأَصمعي: جَمَّرَ بنو فلان إِذا اجتمعوا وصاروا أَلْباً واحداً. وبنو
فلان جَمْرَةٌ إِذا كانوا أَهل مَنَعَةٍ وشدّة. وتَجَمَّرتِ القبائلُ إِذا
تَجَمَّعَتْ؛ وأَنشد:
إِذا الجَمارُ جَعَلَتْ تَجَمَّرُ
وخُفٌّ مُجْمِرٌ: صُلْبٌ شديد مجتمع، وقيل: هو الذي نَكَبَتْهُ الحجارة
وصَلُبَ. أَبو عمرو: حافِرٌ مُجْمِرٌ وقَاحٌ صُلْبٌ. والمُفِجُّ:
المُقَبَّبُ من الحوافر، وهو محمود.
والجَمَراتُ والجِمارُ: الحَصياتُ التي يرمى بها في مكة، واحدتها
جَمْرَةٌ. والمُجَمَّرُ: موضع رمي الجمار هنالك؛ قال حذيفة بن أَنس
الهُذَليُّ:لأَدْركُهْم شُعْثَ النَّواصي، كَأَنَّهُمْ
سَوابِقُ حُجَّاجٍ تُوافي المُجَمَّرا
وسئل أَبو العباس عن الجِمارِ بِمِنًى فقال: أَصْلُها من جَمَرْتُه
ودَهَرْتُه إِذا نَحَّيْتَهُ. والجَمْرَةُ: واحدةُ جَمَراتِ المناسك وهي ثلاث
جَمَرات يُرْمَيْنَ بالجِمارِ. والجَمْرَةُ: الحصاة. والتَّجْمِيرُ:
رمْيُ الجِمارِ. وأَما موضعُ الجِمارِ بِمِنًى فسمي جَمْرَةً لأَنها تُرْمي
بالجِمارِ، وقيل: لأَنها مَجْمَعُ الحصى التي ترمي بها من الجَمْرَة، وهي
اجتماع القبيلة على من ناوأَها، وقيل: سميت به من قولهم أَجْمَرَ إِذا
أَسرع؛ ومنه الحديث: إِن آدم رمى بمنى فأَجْمرَ إِبليسُ بين يديه.
والاسْتِجْمارُ: الاستنجاء بالحجارة، كأَنه منه. وفي حديث النبي، صلى
الله عليه وسلم: إِذا توضأْتَ فانْثُرْ، وإِذا استجمرت فأَوْتِرْ؛ أَبو
زيد: الاستنجاء بالحجارة، وقيل: هو الاستنجاء، واستجمر واستنجى واحد إِذا
تمسح بالجمار، وهي الأَحجار الصغار، ومنه سميت جمار الحج للحصى التي ترمى
بها.
ويقال للخارص: قد أَجْمَرَ النخلَ إِذا خَرَصَها.
والجُمَّارُ: معروف، شحم النخل، واحدته جُمَّارَةٌ.
وجُمَّارَةُ النخل: شحمته التي في قِمَّةِ رأْسه تُقْطَعُ قمَّتُه ثم
تُكْشَطُ عن جُمَّارَةٍ في جوفها بيضاء كأَنها قطعةُ سَنَامٍ ضَخْمَةٌ، وهي
رَخْصَةٌ تؤكل بالعسل، والكافورُ يخرج من الجُمَّارَة بين مَشَقِّ
السَّعَفَتَيْنِ وهي الكُفُِرَّى، والجمعُ جمَّارٌ أَيضاً. والجَامُورُ:
كالجُمَّارِ. وجَمَرَ النخلة: قطع جُمَّارَها أَو جامُورَها. وفي الحديث:
كأَني أَنظر إِلى ساقه في غَرْزه كأَنها جُمَّارَةٌ؛ الجُمَّارَةُ: قلب
النخلة وشحمتها، شبه ساقه ببياضها،؛ وفي حديث آخر: أَتى بِجُمَّارٍ؛ هُوَ جمعُ
جُمَّارة.
والجَمْرَةُ: الظُّلْمة الشديدة. وابنُ جَمِير: الظُّلمة. وقيل: لظُلمة
ليلة
(* قوله: «لظلمة ليلة إلخ» هكذا بالأصل ولعله ظلمة آخر ليلة إلخ كما
يعلم مما يأتي). في الشهر. وابْنَا جَمِيرٍ: الليلتانِ يَسْتَسِرُّ
فيهما القَمَرُ. وأَجْمَرَتِ الليلةُ: اسْتَسَرَّ فيها الهلالُ. وابْنُ
جَمِيرٍ: هلالُ تلك الليلة: قال كعب بن زهير في صفة ذئب:
وإِنْ أَطافَ، ولم يَظْفَرْ بِطائِلةٍ
في ظُلْمة ابنِ جَمِيرٍ، سَاوَرَ الفُطُمَا
يقول: إِذا لم يصب شاةً ضَخْمَةً أَخذ فقَطِيمَةً.
والفُطُمُ: السِّخَالُ التي فُطِمَتْ، واحدتها فطيمة. وحكي عن ثعلب:
ابنُ جُمَيْرٍ، على لفظ التصغير، في كل ذلك. قال: يقال جاءنا فَحْمَةَ بْنَ
جُمَيْرٍ؛ وأَنشد:
عَنْدَ دَيْجُورِ فَحْمَةِ بْنِ جُمَيْرٍ
طَرَقَتْنا، واللَّيْلُ دَاجٍ بَهِيمُ
وقيل: ظُلْمَةُ بْنُ جَميرٍ آخرُ الشهر كأَنه سَمَّوْهُ ظلمة ثم نسبوه
إِلى جَمِير، والعرب تقول: لا أَفعل ذلك ما جَمَرَ ابْنُ جَمير؛ عن
اللحياني. وفي التهذيب: لا أَفعل ذاك ما أَجْمَرَ ابْنُ جَمِيرٍ وما أَسْمَرَ
ابْنُ سَمِير؛ الجوهري: وابنا جمير الليل والنهار، سميا بذلك للاجتماع كما
سميا ابْنَيْ سَمِير لأَنه يُسْمَرُ فيهما. قال: والجَمِيرُ الليل
المظلم، وابنُ جَمِيرٍ: الليل المظلم؛ وأَنشد لعمرو بن أَحمر الباهلي:
نَهارُهُمُ ظَمْآنُ ضَاحٍ، ولَيْلُهُمْ،
وإِن كَانَ بَدْراً، ظُلْمَةُ ابْنِ جَمِيرِ
ويروىي:
نهارُهُمُ ليلٌ بَهِيمٌ ولَيْلُهُمْ
ابْنُ جَمِيرٍ: الليلة التي لا يطلع فيها القمر في أُولاها ولا في
أُخراها؛ قال أَبو عمر الزاهد: هو آخر ليلة من الشهر؛ وقال:
وكأَنّي في فَحْمَةِ ابنِ جَمِيرٍ
في نِقابِ الأُسَامَةِ السِّرْداحِ
قال: السرداح القوي الشديد التام. نقاب: جلد. والأُسامة: الأَسد. وقال
ثعلب: ابْنُ جَمِير الهلالُ. ابن الأَعرابي: يقال للقمر في آخر الشهر
ابْنُ جَمِيرٍ لأَن الشمس تَجْمُرُه أَي تواريه.
وأَجْمَرَ الرجلُ والبعيرُ: أَسرع وعدا، ولا تقل أَجمز، بالزاي؛ قال
لبيد:
وإِذا حَرَّكْتُ غَرْزي أَجْمَرَتْ،
أَوْ قِرابي عَدْوَ جَوْنٍ قَدْ أَبَلْ
وأَجْمَرْنا الخيل أَي ضَمَّرْناها وجمعناها.
وبنو جَمْرَةَ: حَيُّ من العرب. ابن الكلبي: الجِمارُ طُهَيَّةُ
وبَلْعَدَوِيَّة وهو من بني يربوع بن حنظلة. والجامُور: القَبْرُ. وجامُورُ
السفينة: معروف. والجامُور: الرأْس تشبيهاً بجامور السفينة؛ قال كراع: إِنما
تسميه بذلك العامة.
وفلان لا يعرف الجَمْرَةَ من التمرة. ويقال: كان ذلك عند سقوط
الجَمْرَةِ. والمُجَيْمِرُ: موضع، وقيل: اسم جبل، وقول ابن الأَنباري:
ورُكوبُ الخَيْلِ تَعْدُو المَرَطَى،
قد عَلاَها نَجَدُ فيه اجْمِرار
قال: رواه يعقوب بالحاء، أَي اختلط عرقها بالدم الذي أَصابها في الحرب،
ورواه أَبو جعفر اجمرار، بالجيم، لأَنه يصف تجعد عرقها وتجمعه. الأَصمعي:
عدَّ فلان إِبله جَماراً إِذا عدها ضربة واحدة؛ ومنه قول ابن أَحمر:
وظَلَّ رعاؤُها يَلْقَونَ منها،
إِذا عُدَّتْ، نَظَائِر أَو جَمَارَا
والنظائر: أَن تعد مثنى مثنى، والجَمارُ: أَن تُعَدَّ جماعةً؛ ثعلب عن
ابن الأَعرابي عن المفضل في قوله:
أَلم تَرَ أَنَّني لاقَيْتُ، يَومْاً،
مَعائِرَ فيهمُ رَجُلاً جَمَارا
فَقِيرَ اللْيلِ تَلْقاه غنِيّاً،
إِذا ما آنَسَ الليلُ النهارَا
هذا مقدّم أُريد به
(* هكذا في الأَصل). وفلان غني الليل إِذا كانت له
إِبل سود ترعى بالليل.
كلب: الكَلْبُ: كُلُّ سَبُعٍ عَقُورٍ. وفي الحديث: أَمَا تخافُ أَن
يأْكُلَكَ كَلْبُ اللّهِ؟ فجاءَ الأَسدُ ليلاً فاقْتَلَعَ هامَتَه من بين
أَصحابه. والكَلْب، معروفٌ، واحدُ الكِلابِ؛ قال ابن سيده: وقد غَلَبَ الكلبُ على هذا النوع النابح، وربما وُصِفَ به، يقال: امرأَةٌ كَلْبة؛ والجمع أَكْلُبٌ، وأَكالِبُ جمع الجمع، والكثير كِلابٌ؛ وفي الصحاح: الأَكالِبُ جمع أَكْلُبٍ. وكِلابٌ: اسمُ رجل، سمي بذلك، ثم غَلَبَ على الحيّ والقبيلة؛ قال:
وإِنّ كِلاباً هذه عَشْرُ أَبطُنٍ، * وأَنتَ بَريءٌ من قَبائِلها العَشْرِ
قال ابن سيده: أَي إِنَّ بُطُونَ كِلابٍ عَشْرُ أَبطُنٍ. قال سيبويه:
كِلابٌ اسم للواحد، والنسبُ إِليه كِلابيٌّ، يعني أَنه لو لم يكن كِلابٌ اسماً للواحد، وكان جمعاً، لَقِـيلَ في الإِضافة إِليه كَلْبـيٌّ، وقالوا في جمع كِلابٍ: كِلاباتٌ؛ قال:
أَحَبُّ كَلْبٍ في كِلاباتِ الناسْ، * إِليَّ نَبْحاً، كَلْبُ أُمِّ العباسْ
قال سيبويه: وقالوا ثلاثةُ كلابٍ، على قولهم ثلاثةٌ من الكِلابِ؛ قال: وقد يجوز أَن يكونوا أَرادوا ثلاثة أَكْلُبٍ، فاسْتَغْنَوْا ببناءِ أَكثر العَدَدِ عن أَقلّه. والكَلِيبُ والكالِبُ: جماعةُ الكِلابِ، فالكَليبُ
كالعبيدِ، وهو جمع عزيز؛ وقال يصف مَفازة:
كأَنَّ تَجاوُبَ أَصْدائها * مُكاءُ الـمُكَلِّبِ، يَدْعُو الكَلِـيبَا
والكالِبُ: كالجامِلِ والباقِر. ورجل كالِبٌ وكَلاَّبٌ: صاحبُ كِلابٍ،
مثل تامرٍ ولابِنٍ؛ قال رَكَّاضٌ الدُّبَيْريُّ:
سَدَا بيَدَيْهِ، ثم أَجَّ بسَيْرِه، * كأَجِّ الظَّليمِ من قَنيصٍ وكالِبِ
وقيل: سائِسُ كِلابٍ. ومُكَلِّبٌ: مُضَرٍّ للكِلابِ على الصَّيْدِ، مُعَلِّمٌ لها؛ وقد يكونُ التَّكْليبُ واقعاً على الفَهْدِ وسِـباعِ الطَّيْرِ. وفي التنزيل العزيز: وما عَلَّمتم من الجَوارِحِ مُكَلِّبِـين؛ فقد دخَل في هذا: الفَهْدُ، والبازي، والصَّقْرُ، والشاهينُ، وجميعُ أَنواعِ
الجَوارح.
والكَلاَّبُ: صاحبُ الكِلاب. والـمُكَلِّبُ: الذي يُعَلِّم الكِلابَ أَخْذ الصيدِ. وفي حديث الصيد: إِنَّ لي كِلاباً مُكَلَّبةً، فأَفْتِني في صَيدها. الـمُكَلَّبةُ: الـمُسَلَّطة على الصيد، الـمُعَوَّدة بالاصطياد، التي قد ضَرِيَتْ به. والـمُكَلِّبُ، بالكسر: صاحِـبُها، والذي يصطادُ بها. وذو الكَلْبِ: رجلٌ؛ سُمي بذلك لأَنه كان له كلب لا يُفارقه. والكَلْبةُ: أُنْثى الكِلابِ، وجمعها كَلْباتٌ، ولا تُكَسَّرُ.
وفي المثل: الكِلابُ على البقر، تَرْفَعُها وتَنْصِـبُها أَي أَرسِلْها
على بَقَر الوَحْش؛ ومعناه: خَلِّ امْرَأً وصِناعَتَه.
وأُمُّ كَلْبةَ: الـحُمَّى، أُضِـيفَتْ إِلى أُنثى الكِلابِ.
وأَرض مَكْلَبة: كثيرةُ الكِلابِ.
وكَلِبَ الكَلْبُ، واسْتَكْلَبَ: ضَرِيَ، وتَعَوَّدَ أَكْلَ الناس.
وكَلِبَ الكَلْبُ كَلَباً، فهو كَلِبٌ: أَكَلَ لَـحْمَ الإِنسان، فأَخذه لذلك
سُعارٌ وداءٌ شِـبْهُ الجُنون.
وقيل: الكَلَبُ جُنُونُ الكِلابِ؛ وفي الصحاح: الكَلَبُ شبيهٌ
بالجُنُونِ، ولم يَخُصَّ الكِلاب.
الليث: الكَلْبُ الكَلِبُ: الذي يَكْلَبُ في أَكْلِ لُحومِ الناس، فيَـأْخُذُه شِـبْهُ جُنُونٍ، فإِذا عَقَر إِنساناً، كَلِبَ الـمَعْقُورُ، وأَصابه داءُ الكَلَبِ، يَعْوِي عُوَاءَ الكَلْبِ، ويُمَزِّقُ ثيابَه عن نفسه، ويَعْقِرُ من أَصاب، ثم يصير أَمْرُه إِلى أَن يأْخذه العُطاشُ، فيموتَ من شِدَّةِ العَطَش، ولا يَشْرَبُ. والكَلَبُ: صِـياحُ الذي قد عَضَّه الكَلْبُ الكَلِبُ. قال: وقال الـمُفَضَّل أَصْلُ هذا أَنَّ داءً يقع على الزرع، فلا يَنْحَلُّ حتى تَطْلُع عليه الشمسُ، فيَذُوبَ، فإِن أَكَلَ منه المالُ قبل ذلك مات. قال: ومنه ما رُوي عن النبي، صلى اللّه عليه
وسلم، أَنه نَهَى عن سَوْم الليل أَي عن رَعْيِه، وربما نَدَّ بعيرٌ فأَكَلَ من ذلك الزرع، قبل طلوع الشمس، فإِذا أَكله مات، فيأْتي كَلْبٌ فيأْكلُ من لحمه، فيَكْلَبُ، فإِنْ عَضَّ إِنساناً، كَلِبَ الـمَعْضُوضُ، فإِذا سَمِعَ نُباحَ كَلْبٍ أَجابه. وفي الحديث: سَيَخْرُجُ في أُمَّتي أَقوامٌ تَتَجارَى بهم الأَهْواءُ، كما يَتَجارَى الكَلَبُ بصاحبه؛ الكَلَبُ، بالتحريك: داءٌ يَعْرِضُ للإِنسان، مِن عَضَّ الكَلْب الكَلِب، فيُصيبُه شِبْهُ الجُنُونِ، فلا يَعَضُّ أَحَداً إِلا كَلِبَ، ويَعْرِضُ له أَعْراضٌ رَديئَة، ويَمْتَنِـعُ من شُرْب الماءِ حتى يموت عَطَشاً؛ وأَجمعت العربُ على أَن دَواءَه قَطْرَةٌ من دَمِ مَلِكٍ يُخْلَطُ بماءٍ فيُسْقاه؛ يقال منه: كَلِبَ الرجلُ كَلَباً: عَضَّه الكَلْبُ الكَلِبُ، فأَصابه مثلُ ذلك. ورَجُلٌ كَلِبٌ مِن رجالٍ كَلِـبِـينَ، وكَلِـيبٌ من قَوْم كَلْبَـى؛وقولُ الكُمَيْت:
أَحْلامُكُمْ، لِسَقَامِ الجَهْل، شَافِـيَةٌ، * كما دِماؤُكُمُ يُشْفَى بها الكَلَبُ
قال اللحياني: إِن الرجلَ الكَلِبَ يَعضُّ إِنساناً، فيأْتون رجلاً
شريفاً، فيَقْطُرُ لهم من دَمِ أُصْبُعِه، فَيَسْقُونَ الكَلِبَ فيبرأُ.
والكَلابُ: ذَهابُ العَقْلِ (1)
(1 قوله «والكلاب ذهاب العقل» بوزن سحاب وقد كلب كعني كما في القاموس.) من الكَلَب، وقد كُلِبَ. وكَلِـبَتِ الإِبلُ كَلَباً: أَصابَها مثلُ الجُنون الذي يَحْدُثُ عن الكَلَب. وأَكْلَبَ القومُ: كَلِـبَتْ إِبلُهم؛ قال النابغة الجَعْدِيُّ:
وقَوْمٍ يَهِـينُونَ أَعْراضَهُمْ، * كَوَيْتُهُمُ كَيَّةَ الـمُكْلِبِ
والكَلَبُ: العَطَشُ، وهو من ذلك، لأَن صاحب الكَلَبِ يَعْطَشُ، فإِذا
رأَى الماءَ فَزِعَ منه. وكَلِبَ عليه كَلَباً: غَضِبَ فأَشْبَهَ الرجلَ
الكَلِبَ. وكَلِبَ: سَفِهَ فأَشبه الكَلِبَ. ودَفَعْتُ عنك كَلَبَ فلان أَي شَرَّه وأَذاه. وكَلَبَ الرجل يَكْلِبُ، واسْتَكْلَبَ إِذا كان في قَفْرٍ، (2)
(2 قوله «وكلب الرجل إذا كان في قفر إلخ» من باب ضرب كما في القاموس.)
فيَنْبَحُ لتسمعه الكِلابُ فتَنْبَحَ فيَسْتَدِلُّ بها؛ قال:
ونَبْحُ الكِلابِ لـمُسْتَكْلِبٍ
والكَلْبُ: ضَرْبٌ من السَّمَك، على شَكْلِ الكَلْبِ. والكَلْبُ من النجوم: بحِذاءِ الدَّلْو من أَسْفَلَ، وعلى طريقته نجمٌ آخر يقال له الراعي.
والكَلْبانِ: نجمان صغيران كالـمُلْتَزِقَيْن بين الثُّرَيَّا والدَّبَرانِ.وكِلابُ الشتاءِ: نُجومٌ، أَوَّلَه، وهي: الذراعُ والنَّثْرَةُ
والطَّرْفُ والجَبْهة؛ وكُلُّ هذه النجومِ، إِنما سميت بذلك على التشبيه بالكِلابِ.
وكَلْبُ الفرس: الخَطُّ الذي في وَسَطِ ظَهْرِه،
تقول: اسْتَوَى على كَلْبِ فَرَسه. ودَهْرٌ كَلِبٌ: مُلِـحٌّ على أَهله بما يَسُوءُهم، مُشْتَقٌّ من الكَلْبِ الكَلِبِ؛ قال الشاعر:
ما لي أَرى الناسَ، لا أَبَ لَـهُمُ! * قَدْ أَكَلُوا لَـحْمَ نابِـحٍ كَلِبِ
وكُلْبَةُ الزَّمان: شِدَّةُ حاله وضِـيقُه، من ذلك. والكُلْبةُ، مِثلُ
الجُلْبةِ. والكُلْبة: شِدَّةُ البرْد، وفي المحكم شِدَّةُ الشتاءِ،
وجَهْدُه، منه أَيضاً؛ أَنشد يعقوب:
أَنْجَمَتْ قِرَّةُ الشِّتاءِ، وكانَتْ * قد أَقامَتْ بكُلْبةٍ وقِطارِ
وكذلك الكَلَبُ، بالتحريك، وقد كَلِبَ الشتاءُ، بالكسر. والكَلَبُ:
أَنْفُ الشِّتاءِ وحِدَّتُه؛ وبَقِـيَتْ علينا كُلْبةٌ من الشتاءِ؛ وكَلَبةٌ
أَي بَقِـيَّةُ شِدَّةٍ، وهو من ذلك. وقال أَبو حنيفة: الكُلْبةُ كُلُّ
شِدَّةٍ من قِبَلِ القَحْط والسُّلْطان وغيره. وهو في كُلْبة من العَيْش
أَي ضِـيقٍ. وقال النَّضْرُ: الناسُ في كُلْبةٍ أَي في قَحْطٍ وشِدَّة من
الزمان. أَبو زيد: كُلْبةُ الشِّتَاءِ وهُلْبَتُه: شِدَّتُه. وقال الكسائي: أَصابتهم كُلْبةٌ من الزمان، في شِدَّةِ حالهم، وعَيْشِهم، وهُلْبةٌ
من الزمان؛ قال: ويقال هُلْبة وجُلْبة من الـحَرِّ والقُرِّ. وعامٌ كلِبٌ:
جَدْبٌ، وكُلُّه من الكَلَب.
والـمُكالَبةُ: الـمُشارَّة وكذلك التَّكَالُبُ؛ يقال: هم يَتَكَالبُونَ على كذا أَي يَتَواثَبُون عليه.
وكالَبَ الرجلَ مُكالَبةً وكِلاباً: ضايَقَه كمُضايَقَة الكِلاب بَعْضِها بَعْضاً، عند الـمُهارشة؛ وقولُ تَـأَبـَّطَ شَرّاً:
إِذا الـحَرْبُ أَوْلَتْكَ الكَلِـيبَ، فَوَلِّها * كَلِـيبَكَ واعْلَم أَنها سَوْفَ تَنْجَلِـي
قيل في تفسيره قولان: أَحدهما أَنه أَراد بالكَلِـيب الـمُكالِبَ الذي
تَقَدَّم، والقولُ الآخرُ أَن الكَلِـيبَ مصدر كَلِـبَتِ الـحَرْبُ،والأَوَّل أَقْوَى.
وكَلِبَ على الشيءِ كَلَباً: حَرَصَ عليه حِرْصَ الكَلْبِ، واشْتَدَّ
حِرْصُه. وقال الـحَسَنُ: إِنَّ الدنيا لما فُتِحَتْ على أَهلها، كَلِـبُوا
عليها أَشَدَّ الكَلَبِ، وعَدَا بعضُهم على بعض بالسَّيْفِ؛ وفي
النهاية: كَلِـبُوا عليها أَسْوَأَ الكَلَبِ، وأَنْتَ تَجَشَّـأُ من الشِّبَع
بَشَماً، وجارُك قد دَمِـيَ فُوه من الجوع كَلَباً أَي حِرصاً على شيءٍ يُصِـيبه. وفي حديث عليّ، كَتَبَ إِلى ابن عباس حين أَخَذَ من مال البَصْرَة: فلما رأَيتَ الزمانَ على ابن عمك قد كَلِبَ، والعدوّ قد حَرِبَ؛ كَلِبَ أَي اشْتَدَّ. يقال: كَلِبَ الدَّهْرُ على أَهله إِذا أَلَحَّ عليهم، واشْتَدَّ.
وتَكالَبَ الناسُ على الأَمر: حَرَصُوا عليه حتى كأَنهم كِلابٌ.
والـمُكالِبُ: الجَرِيءُ، يَمانية؛ وذلك لأَنه يُلازِمُ كمُلازمَة الكِلابِ لما تَطْمَعُ فيه. وكَلِبَ الشَّوْكُ إِذا شُقَّ ورَقُه، فَعَلِقَ كَعَلَقِ
الكِلابِ. والكَلْبَةُ والكَلِبَةُ من الشِّرْسِ: وهو صغار شجر الشَّوْكِ،
وهي تُشْبِه الشُّكَاعَى، وهي من الذكور، وقيل: هي شَجَرة شاكَةٌ من العِضاهِ، لها جِراءٌ، وكل ذلك تَشْبِـيهٌ بالكَلْب. وقد كَلِـبَتْ إِذا
انْجَرَدَ ورَقُها، واقْشَعَرَّتْ، فَعَلِقَت الثيابَ وآذَتْ مَن مَرَّ بها،
كما يَفْعَلُ الكَلْبُ. وقال أَبو حنيفة: قال أَبو الدُّقَيْش كَلِبَ الشجرُ، فهو كَلِبٌ إِذا لم يَجِدْ رِيَّهُ، فَخَشُنَ من غير أَن تَذْهَبَ نُدُوَّتُه، فعَلِقَ
ثَوْبَ مَن مَرَّ به كالكَلْب.
وأَرض كَلِـبةٌ إِذا لم يَجِدْ نباتُها رِيّاً، فَيَبِسَ. وأَرضٌ كَلِـبَةُ الشَّجر إِذا لم يُصِـبْها الربيعُ. أَبو خَيْرة: أَرضٌ كَلِـبةٌ أَي غَلِـيظةٌ قُفٌّ، لا يكون فيها شجر ولا كَـلأٌ، ولا تكونُ جَبَلاً، وقال أَبو الدُّقَيْشِ: أَرضٌ كَلِـبَةُ الشَّجر أَي خَشِنَةٌ يابسةٌ، لم يُصِـبْها الربيعُ بَعْدُ، ولم تَلِنْ. والكَلِـبةُ من الشجر أَيضاً: الشَّوْكةُ العارِيةُ من الأَغْصان، وذلك لتعلقها بمن يَمُرُّ بها، كما تَفْعل الكِلابُ. ويقال للشجرة العارِدة الأَغْصانِ (1)
(1 قوله «العاردة الأغصان» كذا بالأصل والتهذيب بدال مهملة بعد الراء، والذي في التكملة: العارية بالمثناة التحتية بعد الراء.) والشَّوْكِ اليابسِ الـمُقْشَعِرَّةِ: كَلِـبةٌ.
وكَفُّ الكَلْبِ: عُشْبة مُنْتَشرة تَنْبُتُ بالقِـيعانِ وبلاد نَجْدٍ، يقال لها ذلك إِذا يَبِسَتْ، تُشَبَّه بكَفِّ الكَلْبِ الـحَيوانيِّ، وما دامتْ خَضْراء، فهي الكَفْنةُ. وأُمُّ كَلْبٍ: شُجَيْرَةٌ شاكةٌ؛ تَنْبُتُ في غَلْظِ الأَرض وجبالها، صفراءُ الورقِ، خَشْناء، فإِذا حُرِّكَتْ، سَطَعَتْ بأَنْتَنِ رائحةٍ وأَخْبَثها؛ سُميت بذلك لمكانِ الشَّوْكِ، أَو لأَنها تُنْتِنُ كالكلب إِذا أَصابه الـمَطَرُ.
والكَلُّوبُ: الـمِنْشالُ، وكذلك الكُلاَّبُ، والجمع الكَلالِـيبُ، ويسمى الـمِهْمازُ، وهو الـحَديدةُ التي على خُفِّ الرَّائِضِ، كُلاَّباً؛ قال جَنْدَلُ بن الراعي يَهْجو ابنَ الرِّقاعِ؛ وقيل هو لأَبيه الراعي:
خُنادِفٌ لاحِقٌ، بالرأْسِ، مَنْكِـبُه، * كأَنه كَوْدَنٌ يُوشَى بكُلاَّبِ
وكَلَبه: ضَرَبه بالكُلاَّبِ؛ قال الكُمَيْتُ:
ووَلَّى بأجْرِيّا ولافٍ، كأَنه * على الشَّرَفِ الأَقْصَى يُساطُ ويُكلَبُ
والكُلاَّبُ والكَلُّوبُ: السَّفُّودُ، لأَنه يَعْلَقُ الشِّواءَ ويَتَخَلَّله، هذه عن اللحياني. والكَلُّوبُ والكُلاَّبُ: حديدةٌ معطوفة، كالخُطَّافِ. التهذيب: الكُلاَّبُ والكَلُّوبُ خَشَبةٌ في رأْسها عُقَّافَةٌ منها، أَو من حديدٍ. فأَمـَّا الكَلْبَتانِ: فالآلةُ التي تكون مع الـحَدَّادين. وفي حديث الرؤيا: وإِذا آخَرُ قائمٌ بكَلُّوبِ حديدٍ؛ الكَلُّوبُ، بالتشديد: حديدةٌ مُعْوَجَّةُ الرأْس. وكَلاليب البازي: مَخالِـبُه، كلُّ ذلك على التَّشْبيه بمَخالِبِ الكِلابِ والسِّباعِ. وكلاليبُ الشجر: شَوْكُه كذلك.
وكالَبَتِ الإِبلُ: رَعَتْ كلالِـيبَ الشجر، وقد تكون الـمُكالَبةُ
ارتِعاءَ الخَشِنِ اليابسِ، وهو منه؛ قال:
إِذا لم يكن إِلا القَتادُ، تَنَزَّعَتْ * مَناجِلُها أَصْلَ القَتادِ الـمُكالَب
والكلْبُ: الشَّعِـيرةُ. والكلْبُ: الـمِسْمارُ الذي في قائم السيف،
وفيه الذُّؤابة لِتُعَلِّقَه بها؛ وقيل كَلْبُ السيف: ذُؤَابتُه. وفي حديث
أُحُدٍ: أَنَّ فَرَساً ذبَّ بذَنبه، فأَصابَ كُلاَّبَ سَيْفٍ، فاسْتَلَّه.
الكُلاَّبُ والكَلْبُ: الـحَلْقَةُ أَو الـمِسمار الذي يكون في قائم السيف، تكون فيه عِلاقَتُه. والكَلْبُ: حديدةٌ عَقْفاءُ تكونُ في طَرَفِ الرَّحْل تُعَلَّق فيها الـمَزادُ والأَداوَى؛ قال يصف سِقاء:
وأَشْعَثَ مَنْجُوبٍ شَسِـيفٍ، رَمَتْ به، * على الماءِ، إِحْدَى اليَعْمَلاتِ العَرامِسُ
فأَصْبَحَ فوقَ الماءِ رَيَّانَ، بَعْدَما * أَطالَ به الكَلْبُ السُّرَى، وهو ناعِسُ
والكُلاَّبُ: كالكَلْبِ، وكلُّ ما أُوثِقَ به شيءٌ،
فهو كَلْبٌ، لأَنه يَعْقِلُه كما يَعْقِلُ الكَلْبُ مَنْ عَلِقَه.
والكَلْبتانِ: التي تكونُ مع الـحَدَّاد يأْخُذُ بها الحديد الـمُحْمَى، يقال: حديدةٌ ذاتُ كَلْبَتَيْن، وحديدتانِ ذواتا كلبتين، وحدائدُ ذواتُ
كَلْبتين، في الجمع، وكلُّ ما سُمِّي باثنين فكذلك.
(يتبع...)
(تابع... 1): كلب: الكَلْبُ: كُلُّ سَبُعٍ عَقُورٍ. وفي الحديث: أَمَا تخافُ أَن... ...
والكَلْبُ: سَير أَحمر يُجْعَلُ بين طَرَفَي الأَديم. والكُلْبَةُ: الخُصْلة من اللِّيفِ، أَو الطاقةُ منه، تُسْتَعْمَل كما يُسْتَعْمَلُ الإِشْفَى الذي في رأْسه جُحْر، ثم يُجْعَلُ السيرُ فيه؛ كذلك الكُلْبةُ يُجْعَلُ الخَيْطُ أَو السَّيْرُ فيها، وهي مَثْنِـيَّةٌ، فتُدخَلُ في مَوْضع الخَرْزِ، ويُدْخِلُ الخارزُ يَدَه في الإِداوةِ، ثم يَمُدُّه. وكَلَبَتِ الخارِزةُ السير تَكْلُبُه كلْباً: قَصُرَ عنها السيرُ، فثَنَتْ سَيراً يَدْخُلُ فيه رأْسُ القصير حتى يَخْرُج منه؛ قال دُكَينُ بنُ رجاءٍ الفُقَيْميُّ يصف فرساً:
كأَنَّ غَرَّ مَتْنِهِ، إِذْ نَجْنُبُهْ، * سَيرُ صَناعٍ في خَرِيزٍ تَكْلُبُهْ
واستشهد الجوهري بهذا على قوله: الكَلْبُ سَير يُجْعَلُ بين طَرَفَي الأَديمِ إِذا خُرِزا؛ تقول منه: كَلَبْتُ الـمَزادَةَ، وغَرُّ مَتْنِه ما
تَثَنَّى من جِلده. ابن دريد: الكَلْبُ أَنْ يَقْصُرَ السيرُ على الخارزة،
فتُدْخِلَ في الثَّقْبِ سيراً مَثْنِـيّاً، ثم تَرُدَّ رأْسَ السَّير الناقص فيه، ثم تُخْرِجَهُ وأَنشد رَجَزَ دُكَينٍ أَيضاً. ابن الأَعرابي: الكَلْبُ خَرْزُ السَّير بَينَ سَيرَينِ.
كلَبْتُه أَكْلُبه كَلْباً، واكْتَلَبَ الرجلُ: استَعمَلَ هذه الكُلْبَةَ، هذه وحدها عن اللحياني؛ قال: والكُلْبَةُ: السَّير وراءَ الطاقةِ من اللِّيفِ، يُستَعمَل كما يُسْتَعْمَلُ الإِشْفَى الذي في رأْسه جُحْرٌ، يُدْخَلُ السَّيرُ أَو الخَيْطُ في الكُلْبة، وهي مَثْنِـيَّة، فَيَدْخُلُ في موضع الخَرْز، ويُدْخِلُ الخارِزُ يدَه في الإِداوة، ثم يَمُدُّ السَّيرَ أَو الخيط. والخارِزُ يقال له: مُكْتَلِبٌ.
ابن الأَعرابي: والكَلْبُ مِسمارٌ يكون في روافِدِ السَّقْبِ، تُجْعَلُ
عليه الصُّفْنةُ، وهي السُّفْرة التي تُجْمَعُ بالخَيْط. قال: والكَلْبُ
أَوَّلُ زيادةِ الماء في الوادي. والكَلْبُ: مِسْمارٌ على رأْسِ
الرَّحْل، يُعَلِّقُ عليه الراكبُ السَّطِـيحةَ. والكَلْبُ: مسْمارُ مَقْبضِ
السيف، ومعه آخرُ، يقال له: العجوزُ.
وكَلَبَ البعيرَ يَكْلُبه كَلْباً: جمعَ بين جَريرِه وزِمامِه بخَيطٍ في
البُرَةِ. والكَلَبُ: الأَكْلُ الكثير بلا شِبَعٍ. والكَلَبُ: وقُوعُ
الـحَبْلِ بين القَعْوِ والبَكَرَة، وهو المرْسُ، والـحَضْبُ، والكَلْب
القِدُّ. ورَجلٌ مُكَلَّبٌ: مَشدودٌ بالقِدِّ، وأَسِيرٌ مُكَلَّبٌ؛ قال طُفَيْل
الغَنَوِيُّ:
فباءَ بِقَتْلانا من القوم مِثْلُهم، * وما لا يُعَدُّ من أَسِـيرٍ مُكَلَّبِ(1)
(1 قوله «فباء بقتلانا إلخ» كذا أنشده في التهذيب. والذي في الصحاح أباء بقتلانا من القوم ضعفهم، وكل صحيح المعنى، فلعلهما روايتان.)
وقيل: هو مقلوب عن مُكَبَّلٍ. ويقال: كَلِبَ عليه القِدُّ إِذا أُسِرَ
به، فَيَبِسَ وعَضَّه. وأَسيرٌ مُكَلَّبٌ ومُكَبَّلٌ أَي مُقَيَّدٌ.
وأَسيرٌ مُكَلَّبٌ: مَـأْسُورٌ بالقِدِّ.
وفي حديث ذي الثُّدَيَّةِ: يَبْدو في رأْسِ يَدَيهِ شُعَيراتٌ، كأَنها
كُلْبَةُ كَلْبٍ، يعني مَخالِـبَه. قال ابن الأَثير: هكذا قال الهروي،
وقال الزمخشري: كأَنها كُلْبةُ كَلْبٍ، أَو كُلْبةُ سِنَّوْرٍ، وهي
الشَّعَرُ النابتُ في جانِبَيْ خَطْمِه.
ويقال للشَّعَر الذي يَخْرُزُ به الإِسْكافُ: كُلْبةٌ. قال: ومن
فَسَّرها بالـمَخالب، نظراً إِلى مَجيءِ الكَلالِـيبِ في مَخالِبِ البازِي، فقد أَبْعَد.
ولِسانُ الكَلْبِ: اسمُ سَيْفٍ كان لأَوْسِ بن حارثةَ ابنَ لأْمٍ
الطائي؛ وفيه يقول:
فإِنَّ لِسانَ الكَلْبِ مانِـعُ حَوْزَتي، * إِذا حَشَدَتْ مَعْنٌ وأَفناء بُحْتُرِ
ورأْسُ الكَلْبِ: اسمُ جبل معروف. وفي الصحاح: ورأْسُ كَلْبٍ: جَبَلٌ.
والكَلْبُ: طَرَفُ الأَكَمةِ. والكُلْبةُ: حانوتُ الخَمَّارِ، عن أَبي
حنيفة.
وكَلْبٌ وبنُو كَلْبٍ وبنُو أَكْلُبٍ وبنو كَلْبةَ: كلُّها قبائلُ.
وكَلْبٌ: حَيٌّ من قُضاعة. وكِلابٌ: في قريش، وهو كِلابُ بنُ مُرَّةَ.
وكِلابٌ: في هَوازِنَ، وهو كِلابُ بن ربيعةَ بن عامر بن صَعْصَعة. وقولُهم: أَعزُّ من كُلَيْبِ وائلٍ، هو كُلَيْبُ ابن ربيعة من بني تَغلِبَ بنِ وائل. وأَما كُلَيْبٌ، رَهْطُ جريرٍ الشاعر، فهو كُلَيْبُ بن يَرْبُوع بن حَنْظَلة. والكَلْبُ: جَبَل باليمامة؛ قال الأَعشى:
إِذْ يَرْفَعُ الآل رأْس الكَلْبِ فارْتَفَعا
هكذا ذكره ابن سيده. والكَلْبُ: جبل باليمامة، واستشهد عليه بهذا البيت: رأْس الكَلْب. والكَلْباتُ: هَضَباتٌ معروفة هنالك.
والكُلابُ، بضم الكاف وتخفيف اللام: اسم ماء، كانت عنده وقعة العَرَب؛ قال السَّفَّاح بن خالد التَّغْلَبـيُّ:
إِنَّ الكُلابَ ماؤُنا فَخَلُّوهْ، * وساجِراً، واللّه، لَنْ تَحُلُّوهْ
وساجرٌ: اسم ماء يجتمع من السيل. وقالوا: الكُلابُ الأَوَّلُ، والكُلابُ الثاني، وهما يومان مشهوران للعرب؛ ومنه حديث عَرْفَجَة: أَنَّ أَنْفَه أُصيبَ يومَ الكُلابِ، فاتَّخَذ أَنْفاً من فِضَّةٍ؛ قال أَبو عبيد: كُلابٌ الأَوَّلُ، وكُلابٌ الثاني يومان، كانا بين مُلوكِ كنْدة وبني تَمِـيم. قال: والكُلابُ موضع، أَو ماء، معروف، وبين الدَّهْناء واليمامة موضع يقال له الكُلابُ أَيضاً. والكَلْبُ: فرسُ عامر بن الطُّفَيْل. والكَلَبُ: القِـيادةُ، والكَلْتَبانُ: القَوَّادُ؛ منه، حكاهما ابن الأَعرابي، يرفعهما إِلى الأَصمعي، ولم يذكر سيبويه في الأَمثلة فَعْتَلاناً. قال ابن سيده: وأَمْثَلُ ما يُصَرَّفُ إِليه ذلك، أَن يكون الكَلَبُ ثلاثياً، والكَلْتَبانُ رُباعيّاً، كَزَرِمَ وازْرَأَمَّ، وضَفَدَ واضْفَادَّ. وكلْبٌ وكُلَيْبٌ وكِلابٌ: قبائل معروفة.
كشط: كشَطَ الغِطاءَ عن الشيء والجِلدَ عن الجَزُور والجُلَّ عن ظهر
الفرس يَكْشِطُه كَشْطاً: قَلَعه ونَزَعه وكشَفه عنه، واسم ذلك الشيء
الكِشاطُ، والقَشْطُ لغة فيه. قيسٌ تقول: كشَطْتُ، وتميم تقول: قَشَطْتُ،
بالقاف؛ قال ابن سيده: وليست الكاف في هذا بدلاً من القاف لأَنهما لغتان
لأَقوام مختلفين. وكشَطْتُ البعير كَشْطاً: نَزَعْت جِلده، ولا يقال سَلَخت
لأَن العرب لا تقول في البعير إِلا كشطْتُه أَو جَلَّدْتُه. وكَشَط فلان عن
فرسه الجُلَّ وقَشَطَه ونَضاه بمعنى واحد. وقال يعقوب: قريش تقول كشط،
وتميم وأَسد يقولون قشط. وفي التنزيل العزيز: وإِذا السماء كُشِطَتْ؛ قال
الفراء: يعني نُزِعت فَطُوِيَتْ، وفي قراءة عبد اللّه قُشِطَتْ، بالقاف،
والمعنى واحد. والعرب تقول: الكافُور والقافُور والكُسْط والقُسْط، وإِذا
تقارَب الحرفان في المَخْرج تعاقبا في اللغات. وقال الزجاج: معنى كُشِطت
وقُشِطت قُلِعَتْ كما يُقْلَعُ السَّقْفُ. وقال الليث: الكَشْطُ رفعُك
شيئاً عن شيء قد غطّاه وغَشِيَه من فوقه كما يُكْشَط الجلد عن السنام وعن
المسلوخة، وإِذا كُشط الجِلد عن الجَزُور سمي الجلد كِشاطاً بعدما
يُكْشط، ثم ربما غُطِّيَ عليها به فيقول القائل ارفع عنها كِشاطَها لأَنظر إِلى
لحمها، يقال هذا في الجَزُور خاصّة. قال: والكَشَطةُ أَرْبابُ الجُزور
المَكْشُوطةِ؛ وانْتَهى أَعرابيّ إِلى قوم قد سَلَخُوا جزوراً وقد
غَطَّوْها بِكِشاطِها فقال: مَن الكَشَطةُ؟ وهو يريد أَن يَسْتَوْهِبَهم، فقال
بعض القوم: وِعاء المَرامي ومُثابِت الأَقْران وأَدْنى الجَزاء من
الصَّدَقةِ، يعني فيما يُجْزي من الصدقةِ، فقال الأَعرابي: يا كِنانةُ ويا أَسدُ
ويا بَكْر، أَطعِمُونا من لحم الجَزور؛ وفي المحكم: وقف رجل على كنانةَ
وأَسَد ابني خُزَيْمة وهما يَكْشِطان عن بعير لهما فقال لرجل قائمٍ: ما
جِلاء الكاشِطَيْنِ؟ فقال: خابئةُ المَصادِعِ وهَصَّارُ الأَقْران، يعني
بخائبة المصادع الكِنانة وبَهصَّار الأَقران الأَسد، فقال: يا أَسد ويا
كِنانةُ أَطْعِماني من هذا اللحم، أَراد بقوله ما جِلاؤهما ما اسْماهما،
ورواه بعضهم: خابئة مَصادِعَ ورأْسٌ بلا شعر، وكذا روي يا صُلَيع مكان يا
أَسد، وصُلَيْعٌ تصغير أَصْلَعَ مُرخّماً.
وانكَشَط رَوْعُه أَي ذهب. وفي حديث الاستسقاء: فَتَكَشَّطَ السحاب أَي
تقطَّع وتَفَرَّق. والكَشْطُ والقَشْطُ سواء في الرَّفْعِ والإِزالة
والقَلْع والكشف.
كفف: كفّ الشيءَ يكُفُّه كَفّاً: جمعه. وفي حديث الحسن: أَنَّ رجلاً
كانت به جِراحة فسأَله: كيف يتوضأُ؟ فقال: كُفَّه بخِرْقة أَي اجمَعها حوله.
والكفُّ: اليد، أُنثى. وفي التهذيب: والكف كفّ اليد، والعرب تقول: هذه
كفّ واحدة؛ قال ابن بري: وأَنشد الفراء:
أُوفِّيكما ما بلَّ حَلْقيَ رِيقتي،
وما حَمَلَت كَفَّايَ أَنْمُليَ العَشْرا
قال: وقال بشر بن أَبي خازم:
له كَفَّانِ: كَفٌّ كَفُّ ضُرٍّ،
وكَفُّ فَواضِلٍ خَضِلٌ نَداها
وقال زهير:
حتى إذا ما هَوَتْ كَفُّ الولِيدِ لها،
طارَتْ، وفي يدِه من ريشَِها بِتَك
قال: وقال الأَعشى:
يَداكَ يَدا صِدْقٍ: فكفٌّ مُفِيدةٌ،
وأُخرى، إذا ما ضُنَّ بالمال، تُنْفِق
وقال أَيضاً:
غَرَّاءُ تُبْهِجُ زَوْلَه،
والكفُّ زَيَّنها خَضابه
قال: وقال الكميت:
جَمَعْت نِزاراً، وهي شَتَّى شُعوبها،
كما جَمَعَت كَفٌّ إليها الأَباخِسا
وقال ذو الإصبع:
زَمان به للّهِ كَفٌّ كَريمةٌ
علينا، ونُعْماه بِهِنَّ تَسِير
وقالت الخنساء:
فما بَلَغَتْ كَفُّ امْرِئٍ مُتَناوِلٍ
بها المَجْدَ، إلا حيث ما نِلتَ أَطْولُ
وما بَلَغَ المُهْدُون نَحْوَكَ مِدْحَةً،
وإنْ أَطْنَبُوا، إلا وما فيكَ أَفضَلُ
ويروى:
وما بلغ المهدون في القول مدحة
فأَما قول الأَعشى:
أَرَى رجُلاً منهم أَسِيفاً، كأَنما
يضمُّ إلى كَشْحَيْه كَفّاً مُخَضَّبا
فإنه أَراد الساعد فذكَّر، وقيل: إنما أَراد العُضو، وقيل: هو حال من
ضمير يضمّ أَو من هاء كشحيه، والجمع أَكُفٌّ. قال سيبويه: لم يجاوزوا هذا
المثال، وحكى غيره كُفوف؛ قال أَبو عمارةَ بن أَبي طرفَة الهُذلي يدعو
اللّه عز وجل:
فصِلْ جَناحِي بأَبي لَطِيفِ،
حتى يَكُفَّ الزَّحْفَ بالزُّحوفِ
بكلِّ لَينٍ صارِمٍ رهِيفِ،
وذابِلٍ يَلَذّ بالكُفُوفِ
أَبو لطيف يعني أَخاً له أَصغر منه؛ وأَنشد ابن بري لابن أَحمر:
يَداً ما قد يَدَيْتُ على سُكَيْنٍ
وعبدِ اللّه، إذ نُهِشَ الكُفُوفُ
وأَنشد لليلى الأَخْيَلِيّة:
بقَوْلٍ كَتَحْبير اليماني ونائلٍ،
إذا قُلِبَتْ دون العَطاء كُفوفُ
قال ابن بري: وقد جاء في جمع كفٍّ أَكْفاف؛ وأَنشد علي بن حمزة:
يُمسون مما أَضْمَرُوا في بُطُونهم
مُقَطَّعَةً أَكْفافُ أَيديهمُ اليُمْن
وفي حديث الصدقة: كأَنما يَضَعُها في كفِّ الرحمن؛ قال ابن الأَثير: هو
كناية عن محل القَبول والإثابة وإلا فلا كفّ للرحمن ولا جارِحةَ، تعالى
اللّه عما يقول المُشَبِّهون عُلُوّاً كبيراً. وفي حديث عمر، رضي اللّه
عنه: إن اللّه إن شاء أَدخل خلْقه الجنة بكفّ واحدة، فقال النبي، صلى اللّه
عليه وسلم: صدق عمر. وقد تكرر ذكر الكف والحفْنة واليد في الحديث
وكلُّها تمثيل من غير تشبيه، وللصقر وغيره من جوارح الطير كّفانِ في رِجْليه،
وللسبع كفّان في يديه لأَنه يَكُفُّ بهما على ما أَخذ. والكفُّ الخَضيب:
نجم. وكفُ الكلب: عُشْبة من الأَحرار، وسيأْتي ذكرها.
واسْتَكفَّ عينَه: وضع كفّه عليها في الشمس ينظر هل يرى شيئاً؛ قال ابن
مقبل يصف قِدْحاً له:
خَرُوجٌ من الغُمَّى، إذا صُكَّ صَكّةً
بدا، والعُيونُ المُسْتَكِفَّةُ تَلْمَحُ
الكسائي: اسْتَكْفَفْت الشيء واسْتَشْرَفْته، كلاهما: أَن تضع يدك على
حاجبك كالذي يَسْتَظِل من الشمس حتى يَستبين الشيء. يقال: اسْتَكفَّت عينه
إذا نظرت تحت الكفّ. الجوهري: اسْتَكفَفْت الشيء اسْتَوْضَحْته، وهو أَن
تضع يدك على حاجبك كالذي يَستظل من الشمس تنظر إلى الشيء هل تراه. وقال
الفراء: استكفّ القومُ حول الشيء أَي أَحاطــوا به ينظرون إليه؛ ومنه قول
ابن مقبل:
إذا رَمَقَتْه من مَعَدٍّ عِمارةٌ
بدا، والعُيونُ المستكفَّة تلمح
واستكفّ السائل: بَسط كفَّه. وتكَفَّفَ الشيءَ: طلبه بكفِّه وتكَفَّفَه.
وفي الحديث: أَن رجلاً رأَى في المنام كأَن ظُلَّة تَنْطِف عَسلاً
وسمناً وكأَنَّ الناس يتَكفَّفُونه؛ التفسير للهروي في الغريبين والاسم منها
الكفَف. وفي الحديث: لأَن تَدَعَ ورَثتَك أَغنياء خير من أَن تَدعهم عالةً
يتَكفَّفون الناس؛ معناه يسأَلون الناس بأَكُفِّهم يمدُّونها إليهم.
ويقال: تكفَّف واستكفَّ إذا أَخذ الشي بكفِّه؛ قال الكميت:
ولا تُطْمِعوا فيها يداً مُسْتَكِفّةً
لغيركُمُ، لو تَسْتَطِيعُ انْتِشالَها
الجوهري: واستكفَّ وتكفَّفَ بمعنى وهو أَن يمد كفَّه يسأَل الناس. يقال:
فلان يَتكَفَّف الناس، وفي الحديث: يتصدَّق بجميع ماله ثم يَقْعُد
يستكِفُّ الناسَ. ابن الأَثير: يقال استكفَّ وتكَفَّفَ إذا أَخذ ببطن كفه أَو
سأَل كفّاً من الطعام أَو ما يكُفُّ الجوع.
وقولهم: لقيته كَفَّةَ كَفَّةَ، بفتح الكاف، أَي كفاحاً، وذلك إذا
استقْبلته مُواجهة، وهما اسمان جُعلا واحداً وبنيا على الفتح مثل خمسة عشر.
وفي حديث الزبير: فتلقّاه رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، كفّةَ كَفّةَ
أَي مُواجهة كأَنَّ كل واحد منهما قد كفَّ صاحبه عن مجاوزته إلى غيره أَي
مَنَعَه. والكَفّة: المرة من الكفّ. ابن سيده: ولَقِيتُه كفَّةَ كفَّةَ
وكفَّةَ كفَّةٍ على الإضافة أَي فُجاءة مواجهة؛ قال سيبويه: والدليل على
أَن الآخر مجرور أَنَّ يونس زعم أَن رؤبة كان يقول لقيته كفّةً لِكفّةً
أَو كفّةً عن كفّةٍ، إنما جعل هذا هكذا في الظرف والحال لأَن أَصل هذا
الكلام أَن يكون ظرفاً أَو حالاً.
وكفَّ الرجلَ عن الأَمر يكُفُّه كَفّاً وكفْكَفَه فكفَّ واكتفَّ
وتكفَّف؛ الليث: كَفَفْت فلاناً عن السوء فكفّ يكُفّ كَفّاً، سواء لفظُ اللازم
والمُجاوز. ابن الأَعرابي: كَفْكَفَ إذا رَفَق بغرِيمه أَو ردَّ عنه من
يؤذيه. الجوهري: كَفَفْت الرجل عن الشيء فكفّ، يتعدّى ولا يتعدى، والمصدر
واحد. وكفْكَفْت الرجل: مثل كفَفْته؛ ومنه قول أَبي زبيد:
أَلم تَرَني سَكَّنْتُ لأْياً كِلابَكُم،
وكَفْكَفْتُ عنكم أَكْلُبي، وهي عُقَّر؟
واستكفَّ الرجلُ الرجلَ: من الكفِّ عن الشيء. وتكَفَّف دمعُه: ارتدّ،
وكَفْكَفَه هو؛ قال أَبو منصور: وأَصله عندي من وكَفَ يَكِفُ، وهذا كقولك
لا تعِظيني وتَعظْعَظي. وقالوا: خَضْخضتُ الشيءَ في الماء وأَصله من
خُضْت. والمكفوف: الضَّرير، والجمع المكافِيفُ. وقد كُفَّ بصرُه وكَفَّ بصرُه
كَفّاً: ذهَب. ورجل مَكْفوف أَي أَعمى، وقد كُفَّ. وقال ابن الأَعرابي:
كَفَّ بصرُه وكُفَّ. والكَفْكفة: كفُّك الشيء أَي ردُّك الشيء عن الشيء،
وكفْكَفْت دمْع العين. وبعير كافٌّ: أُكلت أَسنانه وقَصُرَت من الكِبَر
حتى تكاد تذهب، والأُنثى بغير هاء، وقد كُفَّت أَسنانها، فإذا ارتفع عن ذلك
فهو ماجٌّ. وقد كَفَّت الناقة تَكُفُّ كُفوفاً.
والكَفُّ في العَرُوض: حذف السابع من الجزء نحو حذفك النون من مفاعيلن
حتى يصير مفاعيلُ ومن فاعلاتن حتى يصير فاعلات، وكذلك كلُّ ما حُذف سابعه
على التشبيه بكُفّة القميص التي تكون في طرف ذيله، قال ابن سيده: هذا قول
ابن إسحق. والمَكفوف في عِلل العروض مفاعيلُ كان أَصله مفاعيلن، فلما
ذهبت النون قال الخليل هو مكفوف.
وكِفافُ الثوب: نَواحِيه. ويُكَفُّ الدِّخْريصُ إذا كُفَّ بعد خِياطة
مرة. وكَفَفْت الثوبَ أَي خِطْت حاشيته، وهي الخِياطةُ الثانية بعد
الشَّلِّ. وعَيْبةٌ مَكْفوفة أَي مُشْرَجةٌ مَشْدودة. وفي كتاب النبي، صلى اللّه
عليه وسلم، بالحديْبِية لأَهل مكة: وإنَّ بيننا وبينكم عَيبةً مكفوفةً؛
أَراد بالمكفوفة التي أُشْرِجَت على ما فيها وقُفِلت وضَربها مثلاً
للصدور أَنها نَقِيَّة من الغِلِّ والغِشّ فيما كتبوا واتَّفَقُوا عليه من
الصُّلْح والهُدْنة، والعرب تشبه الصدور التي فيها القلوب بالعِياب التي
تُشْرَج على حُرِّ الثياب وفاخِر المتاع، فجعل النبي، صلى اللّه عليه وسلم،
العِياب المُشْرجة على ما فيها مثلاً للقلوب طُوِيَت على ما تعاقدوا؛
ومنه قول الشاعر:
وكادَت عِيابُ الوُدِّ بيني وبينكم،
وإن قيل أَبْناءُ العُمومةِ، تَصْفَرُ
فجعل الصُّدور عِياباً للوُدِّ. وقال أَبو سعيد في قوله: وإنَّ بيننا
وبينكم عَيبةً مكفوفة: معناه أَن يكون الشر بينهم مكفوفاً كما تُكَفُّ
العَيبة إذا أُشْرِجَت على ما فيها من مَتاع، كذلك الذُّحُول التي كانت بينهم
قد اصطلحوا على أَن لا يَنْشُروها وأَن يَتكافُّوا عنها، كأَنهم قد
جعلوها في وِعاء وأَشرجوا عليها. الجوهري: كُفّةُ القَمِيص، بالضم، ما استدار
حول الذَّيل، وكان الأَصمعي يقول: كلُّ ما استطال فهو كُفة، بالضم، نحو
كفة الثوب وهي حاشيته، وكُفَّةِ الرمل، وجمعه كِفافٌ، وكلُّ ما استدار
فهو كِفّة، بالكسر، نحو كِفَّة الميزان وكِفَّة الصائد، وهي حِبالته،
وكِفَّةِ اللِّثةِ، وهو ما انحدرَ منها. قال: ويقال أَيضاً كَفّة الميزان،
بالفتح، والجمع كِفَفٌ؛ قال ابن بري: شاهد كِفَّةِ الحابِل قول الشاعر:
كأَنَّ فِجاجَ الأَرضِ، وهي عَرِيضةٌ
على الخائفِ المَطْلوبِ، كِفّةُ حابِلِ
وفي حديث عطاء: الكِفَّةُ والشَّبكةُ أَمرهما واحد؛الكُفَّة، بالكسر:
حِبالة الصائد. والكِفَفُ في الوَشْم: داراتٌ تكون فيه. وكِفافُ الشيء:
حِتارُه. ابن سيده: والكِفة، بالكسر، كل شيء مستدير كدارة الوشم وعُود
الدُّفّ وحبالة الصيْد، والجمع كِفَفٌ وكِفافٌ. قال: وكفة الميزان الكسر فيها
أَشهر، وقد حكي فيها الفتح وأَباها بعضهم. والكُفة: كل شيء مستطيل ككُفة
الرمل والثوب والشجر وكُفّة اللِّثةِ، وهي ما سال منها على الضِّرس. وفي
التهذيب: وكِفَّة اللثة ما انحدر منها على أُصول الثغْر، وأَمّا كُفَّةُ
الرمْل والقميص فطُرّتهما وما حولهما. وكُفة كل شيء، بالضم: حاشيته
وطرَّته. وفي حديث عليّ، كرَّم اللّه وجهه، يصف السحاب: والتَمع بَرْقُه في
كُفَفِه أَي في حواشيه؛ وفي حديثه الآخر: إذا غَشِيكم الليلُ فاجعلوا
الرِّماح كُفّة أَي في حواشي العسكر وأَطرافه. وفي حديث الحسن: قال له رجل
إنَّ برِجْلي شُقاقاً، فقال: اكفُفه بخِرْقة أَي اعْصُبْه بها واجعلها حوله.
وكُفة الثوب: طُرَّته التي لا هُدب فيها، وجمع كل ذلك كُفَف وكِفافٌ.
وقد كَفَّ الثوبَ يكُفه كَفّاً: تركه بلا هُدب. والكِفافُ من الثوب: موضع
الكف. وفي الحديث: لا أَلبس القميص المُكَفَّف بالحرير أَي الذي عُمِل على
ذَيْله وأَكمامه وجَيْبه كِفاف من حرير، وكلُّ مَضَمِّ شيء كِفافُه،
ومنه كِفافُ الأُذن والظفُر والدبر، وكِفّة الصائد، مكسور أَيضاً.
والكِفَّة: حبالة الصائد، بالكسر. والكِفَّةُ: ما يُصاد به الظِّباء يجعل كالطوْق.
وكُفَفُ السحاب وكِفافُه: نواحيه. وكُفَّة السحاب: ناحيته. وكِفافُ
السحاب: أَسافله، والجمع أَكِفَّةٌ. والكِفافُ: الحوقة والوَتَرَةُ.
واسْتكَفُّوه: صاروا حَواليْه. والمستكِفّ: المستدير كالكِفّة.
والكَفَفُ: كالكِفَفِ، وخصَّ بعضهم به الوَشم. واستكفَّت الحيَّة إذا ترَحَّتْ
كالكِفَّةِ. واستكَفَّ به الناسُ إذا عَصبوا به. وفي الحديث: المنفِقُ على
الخيل كالمسْتَكِفّ بالصدقة أَي الباسطِ يدَه يُعطِيها، من قولهم استكفَّ
به الناسُ إذا أَحدَقوا به، واستكَفُّوا حوله ينظرون إليه، وهو من كِفاف
الثوب، وهي طُرَّته وحَواشِيه وأَطرافُه، أَو من الكِفّة، بالكسر، وهو
ما استدار ككفة الميزان. وفي حديث رُقَيْقَة: فاستكفُّوا جَنابَيْ عبدِ
المطلب أَي أَحاطــوا به واجتمعوا حوله. وقوله في الحديث: أُمرتُ أَن لا
أَكُفَّ شَعراً ولا ثوباً، يعني في الصلاة يحتمل أَن يكون بمعنى المنع، قال
ابن الأَثير: أَي لا أَمنَعهما من الاسترسال حال السجود ليَقَعا على
الأَرض، قال: ويحتمل أَن يكون بمعنى الجمع أَي لا يجمعهما ولا يضمهما. وفي
الحديث: المؤمن أَخو المؤمن يَكُفُّ عليه ضَيْعَته أَي يجمع عليه مَعِيشتَه
ويَضُمُّها إليه؛ ومنه الحديث: يَكُفُّ ماء وجهه أَي يصُونُه ويجمعه عن
بَذْلِ السؤال وأَصله المنع؛ ومنه حديث أُم سلمة: كُفِّي رأْسي أَي
اجمعِيه وضُمِّي أَطرافه، وفي رواية: كفِّي عن رأْسي أَي دَعيه واتركي
مَشْطَه.والكِفَفُ: النُّقَر التي فيها العيون؛ وقول حميد:
ظَلَلْنا إلى كَهْفٍ، وظلَّت رِحالُنا
إلى مُسْتَكِفَّاتٍ لهنَّ غُروبُ
قيل: أَراد بالمُسْتَكِفّات الأَعين لأَنها في كِفَفٍ، وقيل: أَراد
الإبل المجتمعة، وقيل: أَراد شجراً قد استكفَّ بعضُها إلى بعض، وقوله لهنَّ
غُروب أَي ظِلال.
والكافَّةُ: الجماعة، وقيل: الجماعة من الناس. يقال: لَقِيتهم كافَّةً
أَي كلَّهم. وقال أبو إسحق في قوله تعالى: يا أَيها الذين آمنوا ادْخلُوا
في السلم كافَّةً، قال: كافة بمعنى الميع والإحاطة، فيجوز أَن يكون معناه
ادخلوا في السِّلْمِ كلِّه أَي في جميع شرائعه، ومعنى كافةً في اشتقاق
اللغة: ما يكفّ الشيء في آخره، من ذلك كُفَّة القميص وهي حاشيته، وكلُّ
مستطيل فحرفه كُفة، وكل مستدير كِفة نحو كِفة الميزان. قال: وسميت كُفَّة
الثوب لأَنها تمنعه أَن ينتشر، وأَصل الكَفّ المنع، ومن هذا قيل لطَرف
اليد كَفٌّ لأَنها يُكَفُّ بها عن سائر البدن، وهي الراحة مع الأَصابع، ومن
هذا قيل رجل مَكْفوف أَي قد كُفَّ بصرُه من أَن ينظر، فمعنى الآية
ابْلُغوا في الإسلام إلى حيث تنتهي شرائعه فَتُكَفُّوا من أَن تعدُو شرائعه
وادخلوا كلُّكم حتى يُكَفَّ عن عدد واحد لم يدخل فيه. وقال في قوله تعالى:
وقاتلوا المشركين كافة، منصوب على الحال وهو مصدر على فاعلة كالعافية
والعاقبة، وهو في موضع قاتلوا المشركين محيطين، قال: فلا يجوز أَن يثنى ولا
يجمع لا يقال قاتلوهم كافَّات ولا كافّين، كما أَنك إذا قلت قاتِلْهم
عامّة لم تثنِّ ولم تجمع، وكذلك خاصة وهذا مذهب النحويين؛ الجوهري: وأَما قول
ابن رواحة الأَنصاري:
فسِرْنا إليهم كافَةً في رِحالِهِمْ
جميعاً، علينا البَيْضُ لا نَتَخَشَّعُ
فإنما خففه ضرورة لأَنه لا يصح الجمع بين ساكِنين في حشو البيت؛ وكذلك
قول الآخر:
جَزى اللّهُ الروابَ جزاء سَوْءٍ،
وأَلْبَسَهُنّ من بَرَصٍ قَمِيصا
نقب: النَّقْبُ: الثَّقْبُ في أَيِّ شيءٍ كان، نَقَبه يَنْقُبه نَقْباً.
وشيءٌ نَقِـيبٌ: مَنْقُوب؛ قال أَبو ذؤَيب:
أَرِقْتُ لذِكْرِه، مِنْ غيرِ نَوْبٍ، * كَما يَهْتاجُ مَوْشِـيٌّ نَقِـيبُ
يعني بالـمَوْشِـيِّ يَراعةً. ونَقِبَ الجِلْدُ نَقَباً؛ واسم تلك النَّقْبة نَقْبٌ أَيضاً.
ونَقِبَ البعيرُ، بالكسر، إِذا رَقَّتْ أَخْفافُه.
وأَنْقَبَ الرجلُ إِذا نَقِبَ بعيرُه. وفي حديث عمر،
رضي اللّه عنه: أَتاه أَعرابيّ فقال: إِني على ناقة دَبْراءَ عَجْفاءَ نَقْباءَ، واسْتَحْمَله فظنه كاذباً، فلم يَحْمِلْه، فانطَلَقَ وهو يقول:
أَقْسَمَ باللّهِ أَبو حَفْصٍ عُمَرْ: * ما مَسَّها من نَقَبٍ ولا دَبَرْ
أَراد بالنَّقَبِ ههنا: رِقَّةَ الأَخْفافِ. نَقِبَ البعيرُ يَنْقَبُ، فهو نَقِبٌ.
وفي حديثه الآخر قال لامرأَةٍ حَاجَّةٍ: أَنْقَبْتِ وأَدْبَرْتِ أَي
نَقِبَ بعيرُك ودَبِرَ. وفي حديث علي، عليه السلام: ولْيَسْـتَأْنِ
بالنَّقِبِ والظَّالِـع أَي يَرْفُقْ بهما، ويجوز أَن يكون من الجَرَب.
وفي حديث أَبي موسى: فنَقِـبَتْ أَقْدامُنا أَي رَقَّتْ جُلودُها،
وتَنَفَّطَتْ من الـمَشْيِ. ونَقِبَ الخُفُّ الملبوسُ نَقَباً: تَخَرَّقَ، وقيل: حَفِـيَ. ونَقِبَ خُفُّ البعير نَقَباً إِذا حَفِـيَ حتى يَتَخَرَّقَ فِرْسِنُه، فهو نَقِبٌ؛ وأَنْقَبَ كذلك؛ قال كثير عزة:
وقد أَزْجُرُ العَرْجاءَ أَنْقَبُ خُفُّها، * مَناسِمُها لا يَسْتَبِلُّ رَثِـيمُها
أَراد: ومَناسِمُها، فحذف حرف العطف، كما قال: قَسَمَا الطَّارِفَ
التَّلِـيدَ؛ ويروى: أَنْقَبُ خُفِّها مَناسِمُها.
والـمَنْقَبُ من السُّرَّة: قُدَّامُها، حيث يُنْقَبُ البَطْنُ، وكذلك هو من الفرس؛ وقيل: الـمَنْقَبُ السُّرَّةُ نَفْسُها؛ قال النابغة الجعدي يصف الفرس:
كأَنَّ مَقَطَّ شَراسِـيفِه، * إِلى طَرَفِ القُنْبِ فالـمَنْقَبِ،
لُطِمْنَ بتُرْسٍ، شديد الصِّفَا * قِ، من خَشَبِ الجَوْز، لم يُثْقَبِ
والـمِنْقَبةُ: التي يَنْقُب بها البَيْطارُ، نادرٌ. والبَيْطارُ يَنْقُبُ في بَطْنِ الدابة بالـمِنْقَبِ في سُرَّته حتى يَسيل منه ماء أَصْفر؛ ومنه قول الشاعر:
كالسِّيدِ لم يَنْقُبِ البَيْطارُ سُرَّتَه، * ولم يَسِمْه، ولم يَلْمِسْ له عَصَبا
ونَقَبَ البَيْطارُ سُرَّة الدابة؛ وتلك الحديدةُ مِنْقَبٌ، بالكسر؛ والمكان مَنْقَبٌ، بالفتح؛ وأَنشد الجوهري لـمُرَّة بن مَحْكَانَ:
أَقَبّ لم يَنْقُبِ البَيْطارُ سُرَّتَه، * ولم يَدِجْهُ، ولم يَغْمِزْ له عَصَبا
وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: أَنه اشْتَكَى عَيْنَه، فكَرِهَ أَنْ
يَنْقُبَها؛ قال ابن الأَثير: نَقْبُ العَيْنِ هو الذي تُسَمِّيه الأَطباءُ القَدْح، وهو مُعالجةُ الماءِ الأَسْودِ الذي يَحْدُثُ في العين؛ وأَصله أَن يَنْقُر البَيْطارُ حافر الدابة ليَخْرُجَ منه ما دَخل فيه. والأَنْقابُ: الآذانُ، لا أَعْرِفُ لها واحداً؛ قال القَطامِـيُّ:
كانتْ خُدُودُ هِجانِهِنَّ مُمالةً * أَنْقابُهُنَّ، إِلى حُداءِ السُّوَّقِ
ويروى: أَنَقاً بِهنَّ أَي إِعْجاباً بِهنَّ.
التهذيب: إِن عليه نُقْبةً أَي أَثَراً. ونُقْبةُ كُلِّ شيءٍ: أَثَرُه وهَيْـأَتُهُ.
والنُّقْبُ والنُّقَبُ: القِطَعُ المتفرّقَةُ من الجَرَب، الواحدة نُقْبة؛ وقيل: هي أَوَّلُ ما يَبْدُو من الجَرَب؛ قال دُرَيْدُ بن الصِّمَّةِ:
مُتَبَذِّلاً، تَبدُو مَحاسِنُه، * يَضَعُ الـهِناءَ مواضِـعَ النُّقْبِ
وقيل: النُّقْبُ الجَرَبُ عامّةً؛ وبه فسر ثعلب قولَ أَبي محمدٍ،
الـحَذْلَـمِـيِّ:
وتَكْشِفُ النُّقْبةَ عن لِثامِها
يقول: تُبْرِئُ من الجَرَب. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قال: لا يُعْدي شيءٌ شيئاً؛ فقال أَعرابيٌّ: يا رسول اللّه، إِنَّ النُّقْبةَ تكون بِمِشْفَرِ البَعيرِ، أَو بذَنَبِه في الإِبل العظيمة،
فتَجْرَبُ كُلُّها؛ فقال النبي، صلى اللّه عليه وسلم: فما أَعْدى الأَوّلَ؟ قال الأَصمعي: النُّقْبةُ هي أَوَّل جَرَبٍ يَبْدُو؛ يقال للبعير: به نُقْبة، وجمعها نُقْبٌ، بسكون القاف، لأَنها تَنْقُبُ الجِلْد أَي تَخْرِقُه. قال أَبو عبيد: والنُّقْبةُ، في غير هذا، أَن تُـؤْخذَ القِطْعةُ من الثوب، قَدْرَ السَّراويلِ، فتُجْعل لها حُجْزةٌ مَخِـيطَةٌ، من غير
نَيْفَقٍ، وتُشَدّ كما تُشَدُّ حُجْزةُ السراويل، فإِذا كان لها نَيْفَقٌ
وساقانِ فهي سراويل، فإِذا لم يكن لها نَيْفَقٌ، ولا ساقانِ، ولا حُجْزة، فهو النِّطاقُ. ابن شميل: النُّقْبَةُ أَوَّلُ بَدْءِ الجَرَب، تَرَى
الرُّقْعَة مثل الكَفِّ بجَنْبِ البَعير، أَو وَرِكِه، أَو بِمِشْفَره، ثم
تَتَمَشَّى فيه، حتَّى تُشْرِيَه كله أَي تَمْلأَه؛ قال أَبو النجم يصف
فحلاً:
فاسْوَدَّ، من جُفْرتِه، إِبْطاها، * كما طَلى، النُّقْبةَ، طالِـياها
أَي اسْوَدَّ من العَرَق، حينَ سال، حتى كأَنه جَرِبَ ذلك الموضعُ،
فطُلِـيَ بالقَطِرانِ فاسْوَدَّ من العَرَق؛ والجُفْرةُ: الوَسَطُ.
والناقِـبةُ: قُرْحة تَخْرُجُ بالجَنْب. ابن سيده: النُّقْب قرْحة تَخْرج في الجَنْب، وتَهْجُمُ على الجوف، ورأْسُها من داخل.
ونَقَبَتْه النَّكْبةُ تَنْقُبه نَقْباً: أَصابته فبَلَغَتْ منه، كنَكَبَتْه.
والناقبةُ: داءٌ يأْخذ الإِنسانَ، من طُول الضَّجْعة. والنُّقْبة: الصَّدَأُ. وفي المحكم: والنُّقْبة صَدَأُ السيفِ والنَّصْلِ؛ قال لبيد:
جُنُوءَ الهالِكِـيِّ على يَدَيْهِ، * مُكِـبّاً، يَجْتَلي نُقَبَ النِّصالِ
ويروى: جُنُوحَ الهالِكِـيِّ.
والنَّقْبُ والنُّقْبُ: الطريقُ، وقيل: الطريقُ الضَّيِّقُ في الجَبل،
والجمع أَنْقابٌ، ونِقابٌ؛ أَنشد ثعلب لابن أَبي عاصية:
تَطَاوَلَ لَيْلي بالعراقِ، ولم يكن * عَليَّ، بأَنْقابِ الحجازِ، يَطُولُ
وفي التهذيب، في جمعه: نِقَبةٌ؛ قال: ومثله الجُرْفُ، وجَمْعُه
جِرَفَةٌ.والـمَنْقَبُ والـمَنْقَبةُ، كالنَّقْبِ؛ والـمَنْقَبُ، والنِّقابُ:
الطريق في الغَلْظِ؛ قال:
وتَراهُنَّ شُزَّباً كالسَّعالي، * يَتَطَلَّعْنَ من ثُغُورِ النِّقابِ
يكون جمعاً، ويكون واحداً.
والـمَنْقَبة: الطريق الضيق بين دارَيْنِ، لا يُسْتطاع سُلوكُه. وفي
الحديث: لا شُفْعةَ في فَحْل، ولا مَنْقَبةٍ؛ فسَّروا الـمَنْقبةَ بالحائط،
وسيأْتي ذكر الفحل؛ وفي رواية: لا شُفْعةَ في فِناءٍ، ولا طريقٍ، ولا مَنْقَبة؛ الـمَنْقَبةُ: هي الطريق بين الدارين، كأَنه نُقِبَ من هذه إِلى هذه؛ وقيل: هو الطريق التي تعلو أَنْشازَ الأَرض. وفي الحديث: إِنهم فَزِعُوا من الطاعون، فقال: أَرْجُو أَن لا يَطْلُع إِلينا نِقابَها؛ قال ابن الأَثير: هي جمع نَقْبٍ، وهو الطريق بين الجبلين؛ أَراد أَنه لا يَطْلُع إِلينا من طُرُق المدينة، فأَضْمَر عن غير مذكور؛ ومنه الحديث: على أَنْقابِ المدينةِ ملائكة، لا يَدْخُلُها الطاعُونُ، ولا الدجالُ؛ هو جمع قلة للنَّقْب.
والنَّقْبُ: أَن يجمع الفرسُ قوائمه في حُضْرِه ولا يَبْسُطَ يديه،
ويكون حُضْرُه وَثْباً.
والنَّقِـيبةُ النَّفْسُ؛ وقيل: الطَّبيعَة؛ وقيل: الخَليقةُ.
والنَّقِـيبةُ: يُمْنُ الفِعْل. ابن بُزُرْجَ: ما لهم نَقِـيبةٌ أَي نَفاذُ رَأْيٍ. ورجل مَيْمونُ النَّقِـيبة: مباركُ النَّفْسِ، مُظَفَّرٌ بما يُحاوِلُ؛
قال ابن السكيت: إِذا كان مَيْمونَ الأَمْرِ، يَنْجَحُ فيما حاوَل
ويَظْفَرُ؛ وقال ثعلب: إِذا كان مَيْمُون الـمَشُورة. وفي حديث مَجْدِيِّ بن عمرو: أَنه مَيْمُونُ النَّقِـيبة أَي مُنْجَحُ الفِعَال، مُظَفَّرُ
الـمَطالب. التهذيب في ترجمة عرك: يقال فلان مَيْمُونُ العَريكَة،
والنَّقِـيبة، والنَّقِـيمة، والطَّبِـيعَةِ؛ بمعنًى واحد.
والـمَنْقَبة: كَرَمُ الفِعْل؛ يقال: إِنه لكريمُ الـمَناقِبِ من النَّجَدَاتِ وغيرها؛ والـمَنْقَبةُ: ضِدُّ الـمَثْلَبَةِ. وقال الليث: النَّقِـيبةُ من النُّوقِ الـمُؤْتَزِرَةُ بضَرْعِها عِظَماً وحُسْناً، بَيِّنةُ النِّقابةِ؛ قال أَبو منصور: هذا تصحيف، إِنما هي الثَّقِـيبَةُ، وهي الغَزيرَةُ من النُّوق، بالثاءِ. وقال ابن سيده: ناقة نَقِـيبةٌ، عظيمةُ الضَّرْع. والنُّقْبةُ: ما أَحاطَ بالوجه من دَوائره. قال ثعلب: وقيل لامرأَة أَيُّ النساءِ أَبْغَضُ إِليك؟ قالت: الـحَديدَةُ الرُّكْبةِ، القَبيحةُ النُّقْبةِ، الحاضِرَةُ الكِذْبةِ؛ وقيل: النُّقْبة اللَّوْنُ والوَجْهُ؛ قال ذو الرمة يصف ثوراً:
ولاحَ أَزْهَرُ مَشْهُورٌ بنُقْبَتهِ، * كأَنـَّه، حِـينَ يَعْلُو عاقِراً، لَـهَبُ
قال ابن الأَعرابي: فلانٌ مَيْمُونُ النَّقِـيبة والنَّقِـيمة أَي اللَّوْنِ؛ ومنه سُمِّيَ نِقابُ المرأَةِ لأَنه يَسْتُر نِقابَها أَي لَوْنَها بلَوْنِ النِّقابِ. والنُّقْبةُ: خِرْقةٌ يجعل أَعلاها كالسراويل، وأَسْفَلُها كالإِزار؛ وقيل: النُّقْبةُ مثل النِّطَاقِ، إِلا أَنه مَخِـيطُ الـحُزَّة نَحْوُ السَّراويلِ؛ وقيل: هي سراويل بغير ساقَيْنِ. الجوهري: النُّقْبة ثَوْبٌ كالإِزار، يجعل له حُجْزة مَخِـيطةٌ من غير نَيْفَقٍ، ويُشَدُّ كما يُشَدُّ السراويل. ونَقَبَ الثوبَ يَنْقُبه: جعله نُقْبة. وفي الحديث: أَلْبَسَتْنا أُمُّنا نُقْبَتَها؛ هي السراويلُ التي تكون لها حُجْزةٌ، من غير نَيْفَقٍ، فإِذا كان لها نَيْفَقٌ، فهي سَراويلُ. وفي حديث ابن عمر: أَنَّ مَوْلاةَ امْرَأَةٍ اخْتَلَعَتْ من كل شيءٍ لها، وكلِّ ثوب عليها، حتى نُقْبَتِها، فلم يُنْكِرْ ذلك. والنِّقابُ: القِناع على مارِنِ الأَنْفِ، والجمع نُقُبٌ. وقد تَنَقَّبَتِ المرأَةُ، وانْتَقَبَتْ، وإِنها لَـحَسَنة النِّقْبة، بالكسر.
والنِّقابُ: نِقابُ المرأَة. التهذيب: والنِّقابُ على وُجُوهٍ؛ قال الفراء: إِذا أَدْنَتِ المرأَةُ نِقابَها إِلى عَيْنها، فتلك الوَصْوَصَةُ، فإِن
أَنْزَلَتْه دون ذلك إِلى الـمَحْجِرِ، فهو النِّقابُ، فإِن كان على طَرَفِ
الأَنْفِ، فهو اللِّفَامُ. وقال أَبو زيد: النِّقابُ على مارِنِ الأَنْفِ.
وفي حديث ابن سِـيرِين: النِّقاب مُحْدَثٌ؛ أَراد أَنَّ النساءَ ما
كُنَّ يَنْتَقِـبْنَ أَي يَخْتَمِرْن؛ قال أَبو عبيد: ليس هذا وجهَ الحديث،
ولكن النِّقابُ، عند العرب، هو الذي يبدو منه مَحْجِرُ العين، ومعناه أَنَّ إِبداءَهُنَّ الـمَحَاجِرَ مُحْدَثٌ، إِنما كان النِّقابُ لاحِقاً
بالعين، وكانت تَبْدُو إِحدى العينين، والأُخْرَى مستورة، والنِّقابُ لا يبدو منه إِلا العينان، وكان اسمه عندهم الوَصْوَصَةَ، والبُرْقُعَ، وكان من لباسِ النساءِ، ثم أَحْدَثْنَ النِّقابَ بعدُ؛ وقوله أَنشده سيبويه:
بأَعْيُنٍ منها مَلِـيحاتِ النُّقَبْ، * شَكْلِ التِّجارِ، وحَلالِ الـمُكْتَسَبْ
يروى: النُّقَبَ والنِّقَبَ؛ رَوَى الأُولى سيبويه، وروى الثانيةَ
الرِّياشِـيُّ؛ فَمَن قال النُّقَب، عَنَى
دوائرَ الوجه، ومَن قال النِّقَب، أَرادَ جمعَ نِقْبة، مِن الانتِقاب بالنِّقاب. والنِّقاب: العالم بالأُمور. ومن كلام الحجاج في مُناطَقَتِه
للشَّعْبِـيِّ: إِن كان ابنُ عباس لنِقَاباً، فما قال فيها؟ وفي رواية: إِن كان ابن عباس لمِنْقَباً. النِّقابُ، والـمِنْقَبُ، بالكسر والتخفيف: الرجل العالم بالأَشياءِ، الكثيرُ البَحْثِ عنها، والتَّنْقِـيبِ عليها أَي ما كان إِلا نِقاباً. قال أَبو عبيد: النِّقابُ هو الرجل العَلاَّمة؛ وقال غيره: هو الرَّجُل العالمُ بالأَشياءِ، الـمُبَحِّث عنها، الفَطِنُ الشَّديدُ
الدُّخُولِ فيها؛ قال أَوْسُ بن حَجَر يَمْدَحُ رجلاً:
نَجِـيحٌ جَوادٌ، أَخُو مَـأْقَطٍ، * نِقابٌ، يُحَدِّثُ بالغائِبِ
وهذا البيت ذكره الجوهري: كريم جواد؛ قال ابن بري: الرواية:
نَجِـيحٌ مَلِـيحٌ، أَخو مأْقِطٍ
قال: وإِنما غيره من غيره، لأَنه زعم أَن الملاحة التي هي حُسْن
الخَلْق، ليست بموضع للمدح في الرجال، إِذ كانت الـمَلاحة لا تجري مجرى الفضائل الحقيقية، وإِنما الـمَلِيحُ هنا هو الـمُسْتَشْفَى برأْيه، على ما حكي عن أَبي عمرو، قال ومنه قولهم: قريشٌ مِلْح الناسِ أَي يُسْتَشْفَى بهم.
وقال غيره: الـمَلِـيحُ في بيت أَوْسٍ، يُرادُ به الـمُسْتَطابُ مُجالَسَتُه.
ونَقَّبَ في الأَرض: ذَهَبَ. وفي التنزيل العزيز: فَنَقَّبُوا في البلاد
هل من مَحِـيصٍ؟ قال الفَرَّاء: قرأَه القُراء فَنَقَّبوا(1)
(1 قوله «قرأه الفراء إلخ» ذكر ثلاث قراءات: نقبوا بفتح القاف مشددة ومخففة وبكسرها مشددة، وفي التكملة رابعة وهي قراءة مقاتل بن سليمان فنقبوا بكسر القاف مخففة أي ساروا في الانقاب حتى لزمهم الوصف به.)، مُشَدَّداً؛ يقول: خَرَقُوا البلادَ فساروا فيها طَلَباً للـمَهْرَبِ، فهل كان لهم محيصٌ من الموت؟
قال: ومن قرأَ فَنَقِّبوا، بكسر القاف، فإِنه كالوعيد أَي اذْهَبُوا في
البلاد وجِـيئُوا؛ وقال الزجاج: فنَقِّـبُوا، طَوِّفُوا وفَتِّشُوا؛ قال:
وقرأَ الحسن فنَقَبُوا، بالتخفيف؛ قال امرؤ القيس:
وقد نَقَّبْتُ في الآفاقِ، حتى * رَضِـيتُ من السَّلامةِ بالإِيابِ
أَي ضَرَبْتُ في البلادِ، أَقْبَلْتُ وأَدْبَرْتُ.
ابن الأَعرابي: أَنْقَبَ الرجلُ إِذا سار في البلاد؛ وأَنْقَبَ إِذا صار
حاجِـباً؛ وأَنْقَبَ إِذا صار نَقِـيباً. ونَقَّبَ عن الأَخْبار وغيرها:
بَحَثَ؛ وقيل: نَقَّبَ عن الأَخْبار: أَخْبر بها. وفي الحديث: إِني لم
أُومَرْ أَنْ أُنَقِّبَ عن قلوب الناسِ أَي أُفَتِّشَ وأَكْشِفَ.
والنَّقِـيبُ: عَريفُ القوم، والجمعُ نُقَباءُ. والنَّقيب: العَريفُ، وهو شاهدُ القوم وضَمِـينُهم؛ ونَقَبَ عليهم يَنْقُبُ نِقابةً: عَرَف. وفي التنزيل العزيز: وبَعَثْنا منهم اثْنَيْ عَشر نَقِـيباً. قال أَبو إِسحق:
النَّقِـيبُ في اللغةِ كالأَمِـينِ والكَفِـيلِ.
(يتبع...)
(تابع... 1): نقب: النَّقْبُ: الثَّقْبُ في أَيِّ شيءٍ كان، نَقَبه يَنْقُبه نَقْباً.... ...
ويقال: نَقَبَ الرجلُ على القَومِ يَنْقُبُ نِقابةً، مثل كَتَبَ يَكْتُبُ كِتابةً، فهو نَقِـيبٌ؛ وما كان الرجلُ نَقِـيباً، ولقد نَقُبَ. قال الفراء: إِذا أَردتَ أَنه لم يكن نَقِـيباً ففَعَل، قلت: نَقُبَ، بالضم، نَقابة، بالفتح.
قال سيبويه: النقابة، بالكسر، الاسم، وبالفتح المصدر، مثل الوِلاية والوَلاية.
وفي حديث عُبادة بن الصامت: وكان من النُّقباءِ؛ جمع نَقِـيبٍ، وهو كالعَرِيف على القوم، الـمُقَدَّم عليهم، الذي يَتَعَرَّف أَخْبَارَهم،
ويُنَقِّبُ عن أَحوالهم أَي يُفَتِّشُ. وكان النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قد جَعلَ، ليلةَ العَقَبَةِ، كلَّ واحد من الجماعة الذين
<ص:770>111111
بايعوه بها نَقيباً على قومه وجماعته، ليأْخُذوا عليهم الإِسلامَ ويُعَرِّفُوهم شَرائطَه، وكانوا اثني عشر نَقيباً كلهم من الأَنصار، وكان عُبادة بن الصامت منهم.
وقيل: النَّقِـيبُ الرئيسُ الأَكْبَرُ.
وقولهم: في فلانٍ مَنَاقِب جميلةٌ أَي أَخْلاقٌ. وهو حَسَنُ
النَّقِـيبةِ أَي جميلُ الخليقة. وإِنما قيل للنَّقِـيب نَقيبٌ، لأَنه يعلم دخيلةَ أَمرِ القوم، ويعرف مَناقبهم، وهو الطريقُ إِلى معرفة أُمورهم. قال: وهذا الباب كلُّه أَصلُه التأْثِـيرُ الذي له عُمْقٌ ودُخُولٌ؛ ومن ذلك يقال: نَقَبْتُ الحائط أَي بَلغت في النَّقْب آخرَه. ويقال: كَلْبٌ نَقِـيبٌ، وهو أَن يَنْقُبَ حَنْجَرَةَ الكلبِ، أَو
غَلْصَمَتَه، ليَضْعُفَ صوتُه، ولا يَرْتَفِـع صوتُ نُباحِه، وإِنما يفعل ذلك البُخلاء من العرب، لئلا يَطْرُقَهم ضَيْفٌ، باستماع نُباح الكلاب. والنِّقَابُ: البطنُ. يقال في الـمَثل، في الاثنين يَتَشَابَهانِ: فَرْخَانِ في نِقابٍ.
والنَّقِـيبُ: الـمِزْمارُ. وناقَبْتُ فلاناً إِذا لَقِـيتَه فَجْـأَةً. ولَقِـيتُه نِقاباً أَي مُواجَهة؛ ومررت على طريق فَناقَبَني فيه فلانٌ نِقاباً أَي لَقِـيَني على غير ميعاد، ولا اعتماد.
وورَدَ الماءَ نِقاباً، مثل التِقاطاً إِذا ورَد عليه من غير أَن يَشْعُرَ به قبل ذلك؛ وقيل: ورد عليه من غير طلب. ونَقْبٌ: موضع؛ قال سُلَيْكُ بنُ السُّلَكَة:
وهُنَّ عِجَالٌ من نُباكٍ، ومن نَقْبِ