Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: أجنح

الرَّجُلُ

الرَّجُلُ، بضم الجيمِ وسكونِه: م، وإنما هو إذا احْتَلَمَ وشَبَّ، أو هو رَجُلٌ ساعةَ يُولَدُ، تصغيرُه: رُجَيْلٌ ورُوَيْجِلٌ، والكثيرُ الجِماعِ، والراجِلُ، والكامِلُ، ج: رِجالٌ ورِجالاتٌ ورَجْلَةٌ ورِجَلَةٌ، كعِنَبَةٍ، ومَرْجَلٌ وأراجِلُ، وهي رَجْلَةٌ.
وتَرَجَّلَتْ: صارتْ كالرَّجُلِ. ورَجُلٌ بَيِّنُ الرُّجولِيَّةِ والرُّجْلَةِ والرُّجْلِيَّةِ، بضمهنَّ، والرَّجولِيَّةِ، بالفتح.
وهو أرْجَلُ الرَّجُلَيْنِ: أشَدُّهُما.
وامرأةٌ مُرْجِلٌ، كمُحْسِنٍ: مُذْكِرٌ.
وبُرْدٌ مُرَجَّلٌ، كمُعَظَّمٍ: فيه صُوَرُ الرجالِ.
والرِجْلُ، بالكسر: القَدَمُ، أو من أصْلِ الفَخِذِ إلى القَدَمِ، ج: أرْجُلٌ.
ورجُلٌ أرْجَلُ: عظيمُ الرِجْلِ.
ورَجِلَ، كفرِحَ، فهو راجِلٌ ورَجُلٌ ورَجِلٌ ورَجِيلٌ ورَجْلٌ ورَجْلانُ: إذا لم يكنْ له ظَهْرٌ يَرْكَبُه، ج: رِجالٌ ورَجَّالَةٌ ورُجَّالٌ ورُجالَى ورَجالَى ورَجْلَى ورُجْلانٌ، بالضم، ورَجْلَةٌ ورِجْلَةٌ وأرْجِلَةٌ وأراجِلُ وأراجِيلُ.
والرَّجْلَةُ، ويُكْسَرُ: شِدَّةُ المَشْيِ، أو بالضم: القُوَّةُ على المَشْيِ.
وحَرَّةٌ رَجْلَى، كَسَكْرَى، ويُمَدُّ: خَشِنَةٌ يُتَرَجَّلُ فيها، ط أو مُسْتَويَةٌ ط، كثيرةُ الحِجارةِ.
وتَرَجَّلَ: رَكِبَ رِجْلَيْهِ،
وـ الزَّنْدَ: وَضَعَهُ تحتَ رِجْلَيْهِ،
كارْتَجَلَهُ،
وـ النهارُ: ارْتَفَعَ.
ورَجَلَ الشاةَ وارْتَجَلَهَا: عَقَلَها بِرجْلَيْهِ، أو عَلَّقَها بِرِجْلِهَا.
والمُرَجَّلُ، كمُعَظَّمٍ: المُعْلَمُ، والزِقُّ يُسْلَخُ من رِجلٍ واحدةٍ، والزِقُّ المَلْآنُ خَمْراً،
وـ من الجَرادِ: الذي تُرَى آثارُ أجْنِحَــتِهِ في الأرضِ.
والرُّجْلَةُ، بالضم،
والتَّرْجيلُ: بياضٌ في إحْدَى رِجْلَيِ الدابة، رَجِلَ، كفرِحَ، والنَّعْتُ: أرْجَلُ ورَجْلاءُ.
ورَجَلَتِ المرأةُ ولَدَهَا: وضَعَتْه بِحَيثُ خَرَجَتْ رِجْلاهُ قَبْلَ رأسِهِ.
ورِجْلُ الغُرابِ: نَبْتٌ، وذُكِرَ في: غ ر ب، وضَرْبٌ من صَرِّ الإِبِلِ لا يَقْدِرُ الفَصيلُ أن يَرْضَعَ معه ولا يَنْحَلُّ.
ورجُلٌ راجِلٌ ورَجيلٌ: مَشَّاءٌ، ج: كسَكْرَى وسُكارَى. وكأَميرٍ: الرجُلُ الصُّلْبُ.
وهو قائِمٌ على رِجْلٍ: إذا حَزَبَهُ أمْرٌ فقامَ له.
ورِجْلُ القَوْسِ: سِيَتُها السُّفْلَى،
وـ من البَحْرِ: خَليجُهُ،
وـ من السَّهْمِ: حَرْفَاهُ.
ورِجْلُ الطائِرِ: مِيسمٌ.
ورِجْلُ الجَرادِ: نَبْتٌ كالبَقْلَةِ اليَمانِيَّةِ.
وارْتَجَلَ الكَلاَمَ: تَكَلَّمَ به من غير أن يُهَيِّئَهُ،
وـ برأيِه: انْفَرَدَ،
وـ الفَرَسُ: راوَحَ بينَ العَنَقِ والهَمْلَجَةِ.
وتَرَجَّلَ البِئْرَ، وفيها: نَزَلَ،
وـ النهارُ: ارْتَفَعَ،
وـ فلانٌ: مَشَى راجِلاً.
وشَعَرٌ رَجْلٌ، وكجَبَلٍ وكَتِفٍ: بينَ السُّبوطَةِ والجُعودَةِ، وقد رَجِلَ، كفرِحَ، ورَجَّلْتُهُ تَرْجيلاً، ورَجُلٌ رَجْلُ الشَّعَرِ ورَجِلُهُ ورَجَلُهُ، ج: أرْجَالٌ ورَجالَى.
ومَكانٌ رَجيلٌ: بَعيدُ الطَّريقَيْنِ.
وفَرَسٌ رَجيلٌ: مَوْطوءٌ رَكوبٌ لا يَعْرَقُ.
وكلامٌ رَجيلٌ: مُرْتَجَلٌ.
والرَّجَلُ، مُحَرَّكةً: أن يُتْرَكَ الفَصيلُ يَرْضَعُ أُمَّهُ ما شاءَ.
ورَجَلَهَا: أرْسَلَهُ مَعَهَا،
كأَرْجَلَهَا،
وـ البَهْمُ أُمَّهُ: رَضَعَهَا، وبَهْمَةٌ رَجَلٌ ورَجِلٌ.
وارْتَجِلْ رَجَلَكَ: عليكَ شأنَكَ فالزَمْهُ.
والرِّجْلُ، بالكسر: الطائِفَةُ من الشيءِ، ونِصْفُ الراويَةِ من الخَمْرِ والزَّيْتِ، والقِطْعَةُ العَظيمَةُ من الجَرادِ، جَمْعٌ على غَيْرِ لَفْظِ الواحِدِ كالعانَةِ والخَيْطِ والصِّوارِ،
ج. أرْجالٌ، والسَّراويلُ الطاقُ، والسَّهْمُ في الشيءِ، والرَّجُلُ النَّؤُومُ، والقِرْطاسُ الأَبْيَضُ، والبُؤْسُ والفَقْرُ، والقاذورَةُ مِنَّا، والجَيْشُ، والتَّقَدُّمُ، ج: أرْجَالٌ.
والمُرْتَجِلُ: مَنْ يَقَعُ بِرِجْلٍ من جَرادٍ فَيَشْوي منها، ومَنْ يُمْسِكُ الزَّنْدَ بِيَدَيْهِ ورِجْلَيْهِ.
وكان ذلك على رِجْلِ فُلانٍ: في حَياتِهِ، وعلى عَهْدِهِ.
والرِّجْلَةُ، بالكسر: مَنْبِتُ العَرْفَجِ في رَوْضَةٍ واحِدَةٍ، ومَسِيلُ الماءِ من الحَرَّةِ إلى السَّهْلَةِ، ج: كعِنَبٍ، وضَرْبٌ من الحَمْضِ والعَرْفَجِ، ومنه: "أحْمَقُ من رِجْلَةٍ"، والعامَّةُ تقولُ: من رِجْلِهِ.
ورِجْلَةُ التَّيْسِ: ع بين الكوفَةِ والشامِ.
ورِجْلَةُ أَحْجَارٍ: ع بالشامِ.
ورِجْلَتا بَقَرٍ: ع بأسْفَلِ حَزْنِ بَني يَرْبوعٍ. وذو الرِّجْلِ: لُقْمانُ بنُ تَوْبَةَ، شاعِرٌ. وكمنْبَرٍ: المُشْطُ، والقِدْرُ من الحِجَارَةِ والنُّحاسِ، مُذَكَّرٌ.
وارْتَجَلَ: طَبَخَ فيه.
والتَّراجيلُ: الكَرَفْسُ.
والمُمَرْجَلُ: ثيابٌ فيها صُوَرُ المَراجِلِ. وكشَدَّاد: ابنُ عُنْفُوَةَ، قَدمَ في وَفْد بَني حَنيفَةَ، ثم ارْتَدَّ فَتَبعَ مُسَيْلِمَة، قَتَلَهُ زَيْدُ بنُ الخَطَّابِ يَوْمَ اليَمامَةِ، ووَهِمَ من ضَبَطَهُ بالحاءِ، وابنُ هِندٍ: شاعِرٌ. وككِتابٍ: أبو الرِّجالِ سالِمُ بنُ عطاءٍ: تابِعِيٌّ، ومُحَدِّثٌ رَوَى عن أُمِّهِ عَمْرَةَ. وعُبَيْدُ بنُ رِجالٍ: شَيْخٌ للطَّبَرانِيِّ.
وأرْجَلَهُ: أمهَلَهُ، أو جَعَلَهُ راجِلاً،
وإذا وَلَدَتِ الغَنَمُ بعضُها بعدَ بعضٍ قيلَ: ولَّدْتُها الرُّجَيْلاءَ، كالغُمَيْصاءِ.
والراجِلَةُ: كَبْشُ الراعي الذي يَحْمِلُ عليه مَتاعَهُ. وكَمقْعَدٍ ومِنْبَرٍ: بُرْدٌ يَمَنِيٌّ.
والرَّجْلُ: النَّزْوُ.
والرُّجَيْلاءُ والرَّجَلِيُّونَ، محرَّكةً: قَوْمٌ كانوا يَعْدُونَ على أرْجُلِهِم، الواحدُ: رَجَلِيٌّ، وهُمْ سُلَيْكُ المَقانِبِ، والمُنْتَشِرُ بنُ وَهْبٍ الباهِليُّ، وأوْفَى بنُ مَطَرٍ المازِنِيُّ.
ويقالُ: أمْرُكَ ما ارْتَجَلْتَ، أي: ما اسْتَبْدَدْتَ فيه برَأيِكَ. وسَمَّوْا: رِجْلاً ورِجْلَةَ، بكسرهما.
والرَّجْلاءُ: ماءٌ لبني سَعيدِ بنِ قُرْطٍ.
وكعِنبٍ: ع باليمامةِ.
والتَّرْجِيلُ: التَّقْوِيَةُ.
وفرسٌ رَجَلٌ، محرَّكةً: مُرْسَلٌ على الخَيْلِ، وكذا خَيْلٌ رَجَلٌ.
وناقةٌ راجِلٌ على ولَدِها: ليستْ بمَصْرورةٍ. وذو الرُّجَيْلَةِ، كجُهَيْنَةَ: ثلاثةٌ: عامِرُ بنُ مالِكٍ التَّغْلَبِيُّ، وكعْبُ بنُ عامِرٍ النَّهْدِيُّ، وعامِرُ بنُ زيدِ مَنَاةَ.
والأراجِيلُ: الصَّيَّادونَ.

نَبَطَ

نَبَطَ الماءُ يَنْبِطُ ويَنْبُطُ نَبْطاً ونُبوطاً: نَبَع،
وـ البئرَ: اسْتَخْرَجَ ماءَها.
ونَبْطٌ: وادٍ بناحيةِ المدينةِ قُرْبَ حَوْراءَ التي بها مَعْدِنُ البِرامِ.
والنَّبْطاءُ: ة لعبدِ القيسِ بالبَحْرَيْن، وهَضْبَةٌ لبني نُمَيْرٍ بالشُّرَيْف من أرضِ نجدٍ.
وكإثمِدٍ: ع ببلادِ كَلْبِ بنِ وَبْرَةَ،
وة بهَمَذانَ،
وبهاءٍ: ع.
وفرسٌ أنْبَطُ، بَيِّنُ النَّبَطِ، محركةً،
وشاةٌ نَبطاءُ: بَيْضاءُ الشاكِلَةِ.
والنَّبَطُ، محركةً: أوَّلُ ما يَظْهَرُ من ماءِ البئرِ،
كالنُّبْطَةِ، بالضم،
وأنْبَطَ الحافِرُ: انتهى إليها، وغَوْرُ المَرْءِ، وجِيلٌ يَنْزِلونَ بالبَطائِح بين العِراقَينِ،
كالنَّبيطِ والأَنْباطِ، وهو نَبَطِيُّ، محركةً، ونُباطيُّ، مُثَلَّثَةً، ونَبَاطٍ، كثَمانٍ.
وتَنَبَّطَ: تَشَبَّهَ بِهِم، أو تَنَسَّبَ إليهم،
وـ الكلامَ: اسْتَخْرَجَهُ. ونُبَيْطٌ، كزُبيرٍ: ابنُ شُرَيْطٍ، صحابيٌّ.
ونَبَطَ الرَّكِيَّةَ وأنْبَطَها واسْتَنْبَطَها وتَنَبَّطَها: أماهَها.
وكلُّ ما أُظْهِرَ بعدَ خَفاءٍ فقد أُنْبِطَ واسْتُنْبِطَ، مَجْهولَيْنِ.
والنُّبَيْطاءُ، كحُمَيْراءَ: جبلٌ بطريقِ مكةَ.
ووَعْساءُ النُّبَيْطِ: ع.
والإِنْباطُ: التَّأثيرُ.
واسْتَنْبَطَ الفَقيهُ: اسْتَخْرَجَ الفِقْهَ الباطِنَ بفَهْمِه واجْتهادِه.
(نَبَطَ)
- فِيهِ «مَن غَدا مِن بَيْته يَنْبِطُ عِلْما فَرَشَت لَهُ الملائكةُ أجْنِحَــتَها» أَيْ يُظْهِرُه ويُفْشيه فِي النَّاسِ. وأصْله مِنْ نَبَطَ الماءُ يَنْبِطُ
، إِذَا نَبَع. وأَنْبَطَ الحَفَّار: بَلغَ الْماءَ فِي الْبِئر.
والِاسْتِنْبَاطُ: الإسْتِخْرَاج.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ورَجُل ارْتَبَطَ فَرَساً لِيَسْتَنْبِطَهَا» أَيْ يَطْلب نَسْلَها ونِتَاجَها.
وَفِي رِوَايَةٍ «يَسْتَبْطِنُها» أَيْ يَطْلب مَا فِي بَطْنها.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ، وَقَدْ سُئِل عَنْ رجُل فَقَالَ: «ذَاكَ قَرِيبُ الثَّرى، بَعِيدُ النَّبَطِ» النَّبَطُ والنَّبِيطُ: الْماء الَّذِي يَخْرُج مِنْ قَعْرِ الْبِئْرِ إِذَا حُفِرَت، يُريد أنَّه دَانِي المَوْعد، بَعيد الإنْجاز.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «تَمَعْدَدُوا وَلَا تَسْتَنْبِطُوا» أَيْ تَشَبَّهُوا بِمَعَدٍّ، وَلَا تَشَبَّهُوا بِالنَّبَطِ. النَّبَطُ والنَّبِيطُ: جيلٌ مَعْرُوف، كَانُوا يَنْزِلون بالبَطائِح بَيْن العِرَاقين.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «لاَ تَنَبَّطُوا فِي المَدائن» أَيْ لاَ تَشَبَّهُوا بالنَّبَط، فِي سُكْنَاهَا واتِّخاذِ العَقَارِ والمِلك.
(س) وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «نحْن مَعاشِرَ قريشٍ مِنَ النَّبَطِ، مِن أَهْلِ كُوثَى» قِيلَ: لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وُلِدَ بِهَا. وَكَانَ النَّبَط 
سُكَّانَها.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ عَمْرو بْنِ معديكرب «سَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ سَعْد بْنِ أَبِي وَقَّاص، فَقَالَ:
أعْرَابيّ فِي حِبْوته، نَبَطِىٌّ فِي جِبْوَتِهِ» أَرَادَ أنَّه فِي جِبَاية الخَراج وعِمَارة الأرَضين كالنَّبَط، حِذْقاً بِهَا ومَهَارَةً فِيهَا، لأنَّهم كَانُوا سُكَّانَ العِرَاق وأربابَها.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ أَبِي أوْفى «كنَّا نُسْلِفُ نَبِيطَ 
أهلِ الشَّام» وَفِي رِوَايَةٍ «أَنْبَاطاً مِن أنْباط الشَّامِ» .
وَفِي حَدِيثِ الشَّعْبي «أَنَّ رجُلا قَالَ لِآخَرَ: يَا نَبَطِيُّ، فَقَالَ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ، كُلُّنَا نَبَطٌ» يُرِيدُ الجِوَارَ والدَّار، دُونَ الوِلادَةِ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «وَدَّ الشُّراة المُحَكِّمَة أَنَّ النَّبْطَ قَدْ أتَى عَلَيْنَا كُلِّنا» قَالَ ثَعْلَبٌ:
النَّبْطُ: الْمَوْتُ.

لَذَعَ

(لَذَعَ)
(س) فِيهِ «خَيْرُ مَا تَدَاوَيْتُم بِهِ كَذَا وكَذَا، أَوْ لَذْعَةٌ بِنَارٍ تُصِيب ألَماً» اللَّذْع: الخَفيف مِنْ إحْراق النَّارِ، يُريدُ الْكَيّ.
(س) وَفِي حَدِيثِ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى «أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ» قَالَ: بَسْطُ أجْنحَــتِهِنَّ وتَلَذُّعُهُنَّ» لَذَع الطَّائر جَنَاحَيْه، إِذَا رَفْرَف فحرّكَهُما بَعْد تَسْكيِنهما.
لَذَعَ الحُبُّ قَلْبَهُ، كمنَعَ: آلَمهُ،
وـ النارُ الشيءَ: لَفَحَتْهُ،
وـ بعيرَهُ لَذْعَةً أو لَذْعَتَيْنِ: وسَمَهُ بطَرَفِ المِيسمِ رَكْزَةً أو رَكْزَتَيْنِ.
ومَذَّاعٌ لَذَّاعٌ، كشَدّادٍ: مِخْلافٌ للوَعْدِ.
واللَّوْذَعُ واللَّوْذَعِيُّ: الخفيفُ الذَّكِيُّ، الظريفُ الذَّهِنُ، الحديدُ الفُؤادِ، واللَّسِنُ الفصيحُ، كأَنه يَلْذَعُ بالنارِ من ذَكائِهِ.
والْتَذَعَ: احْتَرَقَ وجَعاً.
وتَلَذَّعَ: الْتَفَتَ يميناً وشِمالاً، وسارَ سَيْراً حَسَناً في سُرْعَةٍ.

سنسن

(سنسن) : السِّنْسِنُ: العَطَشُ.
سنسن: سِنْسِن: نتوء في العظم (بوشر)، وفي معجم المنصوري: سناسن وهي حروف ناتئة عن فقار الظهر مطلقاً. وعند الأطباء خاصة فقار الظهر الوسطى، لن فقار الأطراف تسمى أجنحــة.

صَفُفَ

(صَفُفَ)
(س) فِيهِ «نَهْى عَنْ صُفَفِ النُّمُور» هِيَ جَمْعُ صُفَّة، وَهِيَ للسَّرج بمَنْزلة المَيْثَرَة مِنَ الرَّحْل. وَهَذَا كحديثِه الآخَر» نَهْى عَنْ رُكُوبِ جُلُودِ النُّمُورِ» .
(س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أصْبَحْتُ لَا أمْلِك صُفَّةً وَلَا لُفَّة» الصُّفَّة:
مَا يُجعل عَلَى الرَّاحَة مِنَ الْحُبُوبِ. واللُّفَّة: اللُّقْمة.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ «كَانَ يَتَزَود صَفِيف الوَحْشِ وَهُوَ مُحَرمُ» أَيْ قَدِيدها. يُقَالُ:
صَفَفْتُ اللحمَ أَصِفُّهُ صَفّاً، إِذَا تركتَه فِي الشَّمْسِ حَتَّى يَجِفَّ.
(هـ) وَفِيهِ ذِكْرُ «أهلِ الصُّفَّة» هُمْ فُقَرَاء المُهاجرين، وَمَنْ لَمْ يَكُن لَهُ مِنْهم مَنْزل يَسْكُنه فكَانُوا يَأوُون إِلَى مَوضِع مُظَلَّل فِي مَسْجد المَدِينة يسكُنُونه.
وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ الخَوف «أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُصَافَّ العدوِّ بعُسْفان» أي مُقَاِبَلُهم. يُقَالُ: صَفَّ الجيشَ يَصُفُّهُ صَفّاً، وصَافَّهُ فَهُوَ مُصَافّ، إِذَا رَتْبَ صُفُوفَه فِي مُقَابِل صُفُوفِ الْعَدُوِّ. والمَصَافّ- بِالْفَتْحِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ- جَمْعُ مَصَفّ، وَهُوَ مَوْضِعُ الحَرْب الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الصُّفُوف. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِي حَدِيثِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ «كَأَنَّهُمَا حِزْقان مِنْ طَيْر صَوَافَّ» أَيْ بَاسِطَاتٍ أجْنِحَــتَهَا فِي الطَّيَران. والصَّوَافُّ: جَمْعُ صَافَّة.

طَوَبَ

(طَوَبَ)
(هـ) فِيهِ «إِنَّ الإسْلامَ بَدَأَ غَرِيبًا وسَيعود [غَرِيبًا] كَمَا بَدَأ، فطُوبَى للغُرَباء» طُوبَى: اسمُ الجنَّة. وَقِيلَ هِيَ شَجَرةٌ فِيهَا، وأصلُها: فُعْلى، مِنَ الطِّيبِ، فَلَمَّا ضُمَّت الطاءُ انْقَلَبَتِ الْيَاءُ وَاواً. وَقَدْ تَكَرَّرَتْ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِيهِ «طُوبَى للشَّام لأنَّ الملَائكةَ باسِطَةٌ أجْنِحَــتَها عَلَيْهَا» الْمُرَادُ بِهَا هَاهُنَا فُعْلَى مِنَ الطِّيب، لَا الْجَنَّةُ وَلَا الشَّجَرة.

بزو

بزو
عن الفارسية من بزوي بمعنى الحقير.
(بزو) : الإِبْزاءُ: الإِرْضاعُ، وهذا بَزِيِّي: أَي رَضِيعِي.
بزو: بَزْوة: أدرة، قروة (فوك، الكالا، وهي عنده بَزوة بالباء الفارسية).
بَزْوِي: آدر: ذو قروة (فوك، الكالا).

بزو


بَزَا(n. ac. بَزْو)
a. Raised his head; perked.
b. see IV
أَبْزَوَa. ['Ala], Vanquished, overcome.
بَازٍ
a. [ بَازِي] (pl.
بَوَازٍ
بِيْزَان), Kind of hawk or falcon.
بَزَوَنْك
a. Cuckold.
(ب ز و) : (رَجُلٌ أَبْزَى) أَخْرَجَ صَدْرَهُ وَدَخَلَ ظَهْرُهُ وَبِهِ سُمِّيَ وَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى الْخُزَاعِيِّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا صَحَابِيٌّ رَاوِي حَدِيثِ التَّيَمُّمِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ عَنْ عَمَّارٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
بزو
بازٍ [مفرد]: ج أبؤز وأبواز وبُئُوز وبُزاة وبَوازٍ وبِيزان:
 (حن) بازٌ، جنس من الصقور الصغيرة أو المتوسطة الحجم، من فصيلة العُقاب النَّسريَّة، تميل أجنحــتها إلى القِصر، وتميل أرجلها وأذنابها إلى الطّول، ولها مهارة فائقة في الصيد، ومن أنواعها: الباشِق، والبَيْدق. 
ب ز و : بَزَا يَبْزُو إذَا غَلَبَ وَمِنْهُ اشْتِقَاقٌ الْبَازِي وِزَانُ الْقَاضِي فَيُعْرَبُ إعْرَابَ الْمَنْقُوصِ وَالْجَمْعُ بُزَاةٌ مِثْلُ: قَاضٍ وَقُضَاةٍ وَالْبَازُ وِزَانُ الْبَابِ لُغَةٌ فَتُعْرَبُ الزَّايُ بِالْحَرَكَاتِ الثَّلَاثِ وَيُجْمَعُ عَلَى أَبْوَازٍ مِثْلُ: بَابٍ وَأَبْوَابٍ وَبِيزَانٌ أَيْضًا مِثْلُ: نَارٍ وَنِيرَانٍ وَعَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ فَأَصْلُهُ بَوْزٌ قَالَ الزَّجَّاجُ وَالْبَازُ مُذَكَّرٌ لَا خِلَافَ فِيهِ. 
بزو
أخَذْت منه بَزْوَكذا: أي عِدْلَه. والبَزْوُ: الغلَبَةُ. والبازي يَبْزُو في تَطَاوُيه وأنْسِه: أي يَعْلُو. والأبْزَى: الذي في ظَهْرِهِ انْحِنَاءٌ عِنْدَ العَجُزِ، يُقال: هو أبْزى وأبْزَخُ، وعَجُوْز بَزْوَاءُ، وقد بَزِيَتْ بَزى؛ وتَبَازَتْ أيضاً. والأبْزى: الأكْبَدُ الضخْمُ الوَسَط. وأبْزَى بِقِرْنِه: غَلَبَه. وأبْزَى عنه: تَأخرَ. والتبَازِي: لسَعَةُ الخَطْوِ. والتبَخْتُرُ أيضاً. وأبْزَيْتُ به: أي بَطَشْتُ به وقَهَرْتُه. واسْتَبْزَى فلانٌ برأيِه: اسْتَبَد به. ورَجُلٌ مُسْتَبْزٍ ومُبْزٍ: أي قَوِي.
وأبْزَيْتُه عن كذا: دَفَعْتَه. والبازِيَةُ: ما ارْتَفَعَ من الأرْضِ. والبَزْوَاءُ: الأرْضُ الغَلِيْظَةُ. والأبْزِيُّ: الشدِيْدُ. وبَازَأتُ الرجُلَ مُبَازَأةً: إذا ذُكِرَتْ مَحَاسِنُه فَعَارَضْتَه بِذِكْرِ مَحَاسِنِكَ. والبَزَوَانُ: الوَثْبُ والتقَلُّبُ.
[ب ز و] بَزْوُ الشَّيء: عِدْلُه. والبَازِي: ضَرْبٌ من الصُّقُورِ، والجَِمْعُ بَوَازٍ وبُزاةٌ. وبَزَا يَبْزُو: تَطاولَ وتَأَنَّسَ، وَلِذلك قَالَ ابنُ جِنِّي: إنَّ البَازَ فَلَعٌ مِنْهُ. والبَزَاءُ: انحِناءُ الظَّهْرِ عِنْدَ العَجُزِ، وقِيلَ: هو إشْرافُ وَسَط الظَّهْرِ على الاسْتِ، وقِيلَ: هو خُروجُ الصَّدْرِ ودُخولُ الظَّهْرِ، وقِيلَ: هُو أَنْ يَتَأَخَّرَ العَجُزُ ويَخْرُجِ. بَزِيَ، وبَزَا يَبْزُو، وهو أَبْزَى، والأُنْثَى بَزْواءُ، قال كُثَيِّرٌ: (رَأَتْنِي كأَشْلاءِ اللِّجِامِ وبَعلُها ... من الحَيِّ أَبْزَى مُنْحَنٍ مُتَبَاطِنُ)

وتَبَازَي: اسْتَعمَلَ البَزازَ، قَالَ عَبدُ الرَّحْمنِ بنُ حَسَّان:

(سَائِلاَ مَيَّةَ هَلْ نَبَّهتُها ... آخِرَ اللَّيْلِ بِعَرْدٍ ذِي عَجَرْ)

(فَتَبَازَتْ فَتَبَازَخْتُ لَها ... جِلْسَةَ الجَازِرِ يَسْتَنْجِي الوَتَرْ)

وأَبْزَى الرجلُ: رَفَعَ مُؤَخَّرَه. والتَّبَازِي: سَعَةُ الخَطْوِ. وتَبَازَي الرَّجُلُ: تَكَثَّرَ بِما لَيسَ عِنْدَه. وبَزَاه بَزْواً، وأًَبْزَي بِه: قَهَرَه، وبَطَشَ بِه، قال:

(جَارِي ومَوْلاَيَ لا يُبْزَى حَرِيمُهُما ... وصَاحِبِي من دَوَاعِي الشَّرِّ مُصْطَحَبُ)

... وبَزْوانُ: اسمُ رَجُلٍ. والبَزْواءُ: اسمُ أَرْضِ، قَالَ كُثَيَّرُ عَزَّةَ:

(لا بَأْسَ بالَبْزْؤاء أَرْضاً لَوَا نَّها ... تَطَهَّرُ من آثَارِهم فَتَطِيبُ)
باب الزاي والباء و (وا يء) معهما ب ز و، ز ب ي، ز ي ب، زء ب، ء ز ب، ء ب ز مستعملات

بزو: أَخَذْتُ منه بَزْوَ كذا وكذا، أي: عِدْلَ كذا وكذا. والبازي يبزو في تَطاوُلِهِ وتَأَنُّسِهِ. ورجلٌ أَبْزَى، أي: في ظَهْره انحناء عند العَجُز في أصْلِ القَطَن ، ورُبَّما قيل: هو أَبْزَى أَبْزَخُ كالعجوز البَزْواء البَزْخاء [التّي] إذا مشت [ف] كأنها راكعة، وقد بَزِيت تَبزَى بَزىً. والتّبازي في المشي كأنّه سَعَةُ الخطو، قال :

وتَبازَيْت كما يَمشي الأَشَقّ وأَبْزَيْتُ بفُلانٍ، إذا بَطَشْت به وقَهَرْته.

زبي: الزُّبْيةُ: حفرة يتزبى الرجل فيها للصّيد، وتُحْتَفَرُ للذِّئب فيُصْطادُ فيها. [وقوله: بَلَغَ السَّيل الزُّبَى: يُضرَبُ مَثَلا للأمر يَتَفاقَم ويجاوز الحدّ حتّى لا يُتَلافَى] . والزّابيان: نهرانِ في أسفل الفُرات ، ورُبّما سمّوهما مع ما حوالَيْهما من [الأنهار] : الزّوابي، [وأمّا العامّة] فيحذفون الياء ويقولون: الزّاب، كما يقولون للبازي: باز.

زيب: الأَزْيَبُ: ريحٌ من الرِّياح، بلغة هذيل أراها: الجَنوب،

وفي الحديث: إنّ لله ريحاً يُقال لها: الأَزْيَبُ .

والأَزْيَبُ: الرّجلُ المتقاربُ الخَطْوِ.

زاب: الزَّأْبُ: أن تَزْأَب شيئاً، فتحتمله بمرة واحدة. وازْدأبَ الشّيءَ إذا احتمله، والازْدِئابُ: الاحتمال شبه الاحتضان، وزَأَبْتُ القِرْبةَ، أي: حملتها، وزَعَبْتُ لغة.

أزب: الإزْبُ: الذّي تَدِقُ مَفاصِله يكون [ضئيلاً] ، فلا تكون زيادته في ألواحه وعظامه، ولكنْ في بَطنِهِ وسَفْلَتِهِ، كأنّه ضاويٌّ مُحْثَل.

أبز: يُقالُ: فُلانٌ يَأْبِزُ في عَدْوِهِ، أي: يَسْتَريحُ ساعة ويَمضي ساعة.

بزو

1 بَزَا, aor. ـْ i. q. تَطَاوَلَ [app. as meaning He stretched out his neck, looking at a thing far off]; and تَأَنَّسَ [here meaning the same, or he looked, raising his head; said of a hawk, or falcon]: (Az, ISd, K:) and hence IJ says that ↓ بَازٌ is [originally] of the measure فَلْعٌ from this verb: (TA: [and it is said in the K that بَازٍ

seems to be hence derived:]) for [or تطاول may here be used in another sense; for, accord. to Fei,] بَزَا, aor. as above, signifies he overcame, or subdued; and hence is derived ↓ بَازٍ. (Msb.) Yousay also, بَزَا عَلَيْهِ, aor. as above, meaning تطاول [i. e., thus followed by عليه, He held up his head with an assumption of superiority over him; behaved haughtily towards him; exalted himself above him; or overpowered, subdued, or oppressed, him]. (S.) And بُزِىَ بِالقَوْمِ The people, or company of men, were overcome, or subdued. (TA.) And بَزَاهُ, aor. as above, (K,) inf. n. بَزْوٌ, (TA,) He overcame, or subdued, him; and laid violent hands upon him, or assaulted him; as also ↓ ابزى

بِهِ: (K:) or this last signifies he overcame him, and subdued him: (S:) and بَزَاهُ, he wronged him; or treated him wrongfully, or injuriously: and ↓ ابزاهُ may signify the same; or this may mean he induced him to become أَبْزَى, q. v.: (Ham p.

502:) and accord. to Aboo-Riyásh, ↓ ابزى signifies he pressed heavily upon his adversary, or imposed on him that which he was unable to do, or to bear, in order to treat him wrongfully, or injuriously. (Ham pp. 104 and 105.) [It is said that] بَزَوَانٌ [an inf. n. of which the verb, if it have one, is بَزَا,] signifies the act of Leaping; syn. وَثْبٌ. (S: [but I think it not improbable that this may have been taken from a mistranscription of نَزَوَانٌ, an inf. n. of نَزَا.]) A2: بَزِىَ, (K,) aor. ـَ (Ham p. 502;) and بَزَا, aor. ـُ (K;) inf. n. بَزًا (S, * K, * TA) and بَزْوٌ, (TA,) He (a man, TA) had what is termed بَزًا; (K;) i. e., prominence of the breast and depression of the back: (S, K, and Ham ubi suprà:) or depression of the back and prominence of the belly: or, as some say, prominence of the breast and depression of the lower part of the belly: (Ham ubi suprà:) or depression of the breast and prominence of the lower part of the belly: (Ham p. 105:) or a bending in the back next the posteriors: (K, TA:) or a projecting of the middle of the back over the posteriors: or a backward bulging of the posteriors: (K:) or he was as though his posteriors projected over the hinder part of the thighs: or he had the breast bulging forward and the posteriors backward, so that he appeared unable to straighten his back. (T, TA.) [See also 4.] The epithet is أَبْزَى: fem. بَزْوَآءُ. (S, K.) 4 ابزى: see 1, in three places.

A2: Also, (S, K,) inf. n. إِبْزَآءٌ, (A 'Obeyd, S,) He (a man, A 'Obeyd, S) elevated his posteriors; (A 'Obeyd, S, K;) as also ↓ تبازى: (S, K:) or the latter signifies he acted in such a manner in his walk as to cause it to be imagined that he was أَبْزَى; (Ham p. 105;) or he moved his posteriors in walking, like as does a woman; or he bent, or bowed, himself to others. (TA.) Accord. to IAar, البزاء [probably a mistranscription for الإِبْزَآءُ] signifies الصلف [i. e. الصَّلَفُ, app. meaning An extravagant affecting of elegance of carriage, such as is common with women]. (TA.) 6 تبازى: see 4. b2: Also He stepped wide. (K.) b3: And He made a vain, or false, boast of abundance, or riches; or a boast of more than he possessed; or invested himself with that which did not belong to him. (K.) بَزْوٌ The equal, equivalent, or like, of a thing. (S, K.) You say, أَخَذْتُ مِنْهُ بَزْوَ كَذَا [I took from him, or of it, the equal, equivalent, or like, of such a thing]. (S.) بَازٍ (S, Msb, K) and بَازٌ [mentioned in art. بوز] (Msb, TA, and so in some copies of the K in this art.) and بَازٌ [mentioned in art. بأز] and ↓ بَازِىٌّ (TA) [A name given to several varieties of the hawk, or falcon;] a species of صَقْر, (K,) that preys, or hunts or catches game; (S;) the proudest and fiercest of birds of prey, found in the country of the Turks: it is said that this name is only given to the female, and that the male is of another kind, a kite, or a white falcon (شَاهِين), and hence the varieties of form &c. in different individuals of the species: that of which the prevailing colour is white is the best, and the fullest in body, and the boldest, and the easiest to train: this variety (the أَشْهَب) is found only in the country of the Turks, and Armenia, and the country of the Khazar: (Kzw:) [see also بَاشَقٌ:] respecting the derivation, see 1, in two places: the pl. (of بَازٍ, S, ISd, Msb) is بُزَاةٌ (S, ISd, Msb, K) and بَوَازٍ; (ISd, K;) and (of بَازٌ, Msb) بِيزَانٌ (Msb, K) and أَبْوَازٌ, (Msb,) the former a pl. of mult., and the latter a pl. of pauc., (TA,) or the former is originally بُزْيَانٌ [and therefore a pl. of بَازٍ]; (IKtt, TA in art. ميد;) and (of بَأْزٌ, K in art. بأز,) أَبْؤُزٌ [a pl. of pauc.] and بُؤُوزٌ (K in this art. and in art. بأز) and بِئْزَانٌ. (K in the latter art.) بَازِىٌّ: see بَازٍ.

أَبْزَى, applied to a man, (S, Mgh,) Having what is termed بَزًا; (S, K;) i. e., prominence of the breast and depression of the back, (S, Mgh, K, and Ham p. 105,) or of the part between the shoulder-blades: (Ham ubi suprà:) &c.: [see 1, latter part:] fem. بَزْوَآءُ: (S, K:) the masc. is sometimes coupled with أَبْزَخُ; and the fem., with بَزْخَآءُ, applied to an old woman who, when she walks, is as though she were bowing down her head and body: and the fem. is said by some to signify sticking out her posteriors to be seen of men. (TA.) هُوَ مُبْزٍ بِهٰذَا الأَمْرِ He is strong, or able, to perform this affair; a prudent, or sound, manager thereof. (S.)
بزو
: (و ( {بَزْوُ الشَّيءِ: عِدْلُهُ) . يقالُ: أَخَذْتُ بَزْوَ كَذَا وَكَذَا، أَي عِدْلَ ذلِكَ ونَحْو ذَلِكَ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.
(} والبازُ {والبازِيُّ) . قالَ ابنُ بَرِّي: قالَ الوزِيرُ:} بازٍ {وبازٌ وبَأْزٌ} وبازِيٌّ، على حَدِّ كرسيَ: (ضَرْبٌ من الصُّقُورِ) الَّتِي تَصِيدُ.
قالَ شيْخُنا: الأَوَّل مَوْضِعُه الزَّاي وَقد تقدَّمَ.
قالَ ابنُ سِيدَه: (ج {بَوازٍ} وبُزاةٌ.
(و) زادَ غيرُهُ: ( {أَبْؤُزٌ} وبُؤُوزٌ {وبيزانٌ) .
قالَ شيخُنا: هَذِه جُموعٌ} لبازٍ ومحلُّها فِي الزّاي، وأمَّا {بَوازٍ على فَواعِلٍ، فَهُوَ جَمْعٌ لباز على فاعلٍ وَلَا يصحُّ كَوْنه جَمْعاً لبأز لأنَّه فعل، والمصنِّفُ كَثيراً مَا يخلِطُ فِي ذلِكَ لعَدَمِ إلْمامِهِ بالتَّصْريفِ.
قُلْتُ: قد تَقَدَّمَ ذلِكَ للمصنِّف فِي الزَّاي. قالَ:} الباز {البازيُّ جَمْعُه} أَبْوازٌ {وبيزانٌ وجَمْعُ البازِيِّ} بُزاةٌ. وقالَ فِي البَأْزِ، بالهَمْز، جَمْعه أَبْؤُزٌ وبُؤُوزٌ وبئزانُ، عَن ابنِ جنِّي، وذَهَبَ إِلَى أَنَّ هَمْزَتَه مُبْدَلَةٌ مِن ألفٍ لقُرْبِها مِنْهَا، واسْتَمَرَّ البَدَل فِي أَبْؤُز وبئزان كَمَا اسْتَمرَّ فِي أَعْياد.
وقالَ فِي المُحْتَسب: حَدَّثنا أَبو عليَ قالَ: أَبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَيْن: يقالُ {باز وثلاثَةُ} أَبْوازٍ، فَإِذا كَثُرَتْ فَهِيَ {البيْزَان وَقَالُوا: بازٍ} وبَوازٌ {وبُزاةٌ،} فبازٍ {وبُزاةٌ كغَازٍ وغُزَاةٍ، وَهُوَ مَقْلوبُ الأَصْلِ الأوَّل، انتَهَى.
فقَوْلُ شيخِنا لَا يَخْلو عَن نَظَرٍ وتَأَمُّلٍ.
(كأَنَّهُ من} بَزا {يَبْزُو إِذا تَطَاوَلَ) ، وَهُوَ المَفْهُومُ مِن سِياقِ الجوْهرِيِّ.
زادَ الأزْهرِيُّ وابنُ سِيدَه: (وتأَنَّسَ) . ولذلِكَ قالَ ابنُ جنِّي: إنَّ البازَ فَلْعٌ مِنْهُ.
(و) بَزا (الرَّجُلَ) } يَبْزُوه {بَزْواً: (قَهَرَهُ وبَطَشَ بِهِ) .
قالَ ابنُ خَالَوَيْه: وَمِنْه سُمِّي البازِيّ؛ ونَقَلَهُ الأزْهرِيُّ عَن المُؤَرِّج؛ وقالَ الجعْدِيُّ:
فَمَا} بَزَيْتْ من عُصْبَةٍ عامِريَّةٍ
شَهِدْنا لَهَا حتَّى تَفُوزَ وتَغْلِباأَي مَا غَلَبَتْ؛ ( {كأَبْزَى بِهِ) ؛ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، قالَ: وَمِنْه هُوَ} مُبْزٍ بِهَذَا الأَمْرِ، أَي قَوِيٌّ عَلَيْهِ ضابِطٌ لَهُ؛ قالَ الشاعِرُ:
جارِي ومَوْلايَ لَا! يُبْزَى حَرِيمُهُما
وصاحِبي من دَواهِي الشَّرِّ مُصْطَحِب ُوقالَ أَبو طالِبٍ يُعاتِبُ قُرَيْشاً فِي أَمْر النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويَمْدحُه:
كَذَبْتُم وحَقّ اللَّهِ يُبْزَى محمدٌ
وَلما نُطاعِنْ دُونه ونُناضِل قالَ شَمِرٌ: مَعْناه يُقْهَر ويُسْتَذَلُّ؛ قالَ: وَهَذَا مِن بابِ ضَرَرْتُه وأَضْرَرْتُ بِهِ، وأَرَادَ لَا يُبْزَى فحذَفَ لَا مِن جَوابِ القَسَم وَهِي مُرادَة، أَي لَا يُقْهَر وَلم نُقاتِل عَنهُ ونُدافِع. ( {والبَزاءُ: انْحناءٌ فِي الظَّهْرِ عندَ العَجْزِ) فِي أَصْلِ القَطَنِ، (أَو إشْرافُ وَسَطَ الظَّهْرِ على الإِسْتِ؛ أَو خُروجُ الصَّدْرِ ودُخولُ الظَّهْرِ) ؛ وَعَلِيهِ اقْتَصَرَ الجَوْهرِيُّ.
(أَو أَن يَتَأَخَّرَ العَجُزَ ويَخْرُجَ.
(بَزِيَ) الرَّجُلُ، (كرَضِيَ) ، يَبْزَى، (} وبَزَا، كدَعَا، {يَبْزُو) } بَزَا {وبزوا.
(فَهُوَ} أَبْزَى وَهِي {بَزْواءُ) ؛ قالَ كثِّيرٌ:
رَأَتْني كأَشْلاءِ اللِّحامِ وبَعْلُها
من الحَيِّ أَبْزَى مُنْحَتٍ مُتَباطِن ُوأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي للرَّاجزِ:
أَقْعَس أَبْزَى فِي اسْتِه تأْخِيرُ ورُبَّما قيلَ: هُوَ أَبْزَى أَبْزَخ كالعَجُوزِ البَزْواءِ والبَزْخاء للَّتِي إِذا مَشَتْ كأَنَّها راكِعَةٌ؛ قالَ الشاعِرُ:
بَزْوَاءُ مُقْبِلةً بَزْخاءُ مُدْبِرَةً
كأَنَّ فَقْحَتَها زِقٌّ بِهِ قارُوقيلَ:} البَزْواءُ مِن النِّساءِ الَّتِي تُخْرِجُ عَجيزتَها ليَراها الناسُ.
وَفِي التَّهذِيبِ: أمَّا {البَزَاءُ فكأَنَّ العَجُز خَرَجَ حَتَّى أَشْرَفَ على مُؤَخَّرِ الفَخْذَيْن. وقالَ فِي مَوْضِع آخر:} والبَزَاء أَنْ يَسْتَقْدِمَ الظَّهْرُ ويَسْتَأْخِرَ العَجُزُ فتَراهُ لَا يَقْدِر أَنْ يقيمَ ظَهْرَه.
( {وتَبازَى: رَفَعَ عَجُزَهُ) ؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ.
وقيلَ: حَرَّكَ عَجُزَهُ فِي المَشْي؛ وَمِنْه حدِيثُ عبدِ الرحمنِ بنِ جُبَيْر: (لَا} تُبَازِ! كتَبازِي المرْأَةِ) ؛ وقيلَ: مَعْناه لَا تَنْحَنِ لكلِّ أَحَدٍ؛ وقالَ عبدُ الرحمنِ بنُ حَسَّان: سائِلاً مَيَّةَ هَل نَبَّهْتُها
آخِرَ الليلِ بعَرْدٍ ذِي عُجَرْ {فتَبَازَت فتَبازَخْتُ لَهَا
جِلْسَةَ الجازِرِ يَسْتَنْجِي الوَتَر} ْتَبَازَتْ أَي رَفَعَتْ مُؤَخَّرَها؛ ( {كأَبْزَى) ؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ؛ وأَنْشَدَ اللَّيْثُ:
لَو كانَ عَيناكَ كسَيْلِ الرِّواية
إِذا} لأَبْزَيت بمَنْ {أَبْزَى بِيَه ْوقالَ أَبو عبيدٍ:} الإِبْزاءُ أَنْ يَرْفَعَ الرَّجُل مُؤَخَّرَه.
(و) {تَبازَى: (وَسَّعَ الخَطْوَ.
(و) أَيْضاً: (تَكَثَّرَ بِمَا لَيْسَ عندَهُ.
(} وبَزْوانُ) : اسمُ (رجُلٍ) ؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ.
( {والبَزْواءُ: أَرضٌ بَيْنَ الحَرَمَيْنِ) بينَ غَيْقةَ والجارِ شَديدَةُ الحَرِّ، قالَ كثيِّرُ عَزَّة:
لَا بَأْسَ} بالبَزْواءِ أَرضاً لَو انَّها
تُطَهَّرُ من آثارِهم فتَطِيبُ وقالَ آخَرُ:
لَوْلَا الأَماصِيحُ وحَبُّ العِشْرِقِ
لَمُتَّ بالبَزْواء مَوْتَ الخِرْنِقِوقالَ آخَرُ:
لَا يَقْطَعُ {البَزْواءَ، إلاَّ المِقحَدُ
أَو ناقةٌ سَنامُها مُسَرْهَدُقالَ شيْخُنا: ولعلَّه الصَّوابُ، وَإِن ضَبَطَهُ بعضُ الرَّحَّالِين فقالَ: هِيَ البَزْوةُ، وقاعُ} البَزْوَةِ، وَهُوَ مَنْزلُ الحاجِّ بينَ بَدْرٍ ورَابغ لَا ماءَ بِهِ.
قُلْتُ: وذَكَرَ الشيخُ شمسُ الدِّيْن بنُ الظَّهيرِ الطَّرابُلُسيّ فِي مناسِكِه: ثمَّ يحملُ المَاءَ مِن بَدْرٍ إِلَى رابغ وبَيْنهما خَمْسُ مَراحِلَ، الأُوْلى قاعُ البَزْوةِ إِلَى أَسْفَلَ عقَبَة وادِي السَّوِيقِ.
( {والإِبْزاءُ: الارْضاعُ.
(وَهَذَا بَزِيِّي) : أَي (رَضِيعِي.
(وعبدُ الرَّحْمنِ بنُ} أَبْزَى: تابِعِيٌّ) كُوفيٌّ رَوَى عَن أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَعنهُ ابْنُه سعيدُ بنُ عبدِ الرَّحمنِ.
(وإبراهيمُ بنُ) محمدِ بنِ ( {بازٍ) الأَنْدَلُسِيُّ: (مُحدِّثٌ) مِن أَصْحابِ سَحْنون، تقدَّمَ ذِكْرُه فِي الزَّاي.
(وعِياضُ بنُ} بَزْوانَ) ، كَذَا فِي النسخِ والصَّوابُ عباسُ ابنُ بَزْوانَ المَوْصِلِيُّ، وَهُوَ (مُحَدِّثٌ م) ؛ كَمَا فِي التّبْصيرِ.
(وفُضَيْلُ بنُ بَزْوانَ) ؛ ظاهِرُ سِياقِه أنَّه بالفتْحِ والصَّوابُ بالتحْرِيكِ كَمَا قيَّدَه الحافِظُ؛ وَهُوَ (زاهِدٌ قَتَلَهُ الحجَّاجُ) ، حَكَى عَنهُ مَيْمونُ بنُ مهْرَان.
وممَّا يُسْتَدركُ عَلَيْهِ:
{البَزَاءُ: الصَّلَفُ؛ عَن ابنِ الأعْرابيِّ.
} وبُزِيَ بالقَوْمِ، كعُنِيَ: غُلِبُوا.
{والبَزَوانُ، بالتَّحْريكِ: الوَثْبُ، كَمَا فِي الصِّحاحِ.
وقالَ ابنُ خَالَوَيْه:} البُزَةُ: الفَأْرُ.
وأَيْضاً: الذّكَرُ.
وأَحمدُ بنُ عبدِ السيِّد بنِ شَعْبان بنِ بَزْوانَ الشاعِرُ الفاضِلُ مِن أُمراءِ الكَامِلِ، يُعْرَفُ بالصَّلاحِ الإِرْبلي لَهُ أَخْبارٌ.
وأَبو الحَسَن بنُ أَبي بكْرِ بنِ بَزْوانَ: حَدَّثَ بالمَوْصِلِ؛ ذَكَرَه مَنْصورُ بنُ سَليمِ.
وعَزيزَةُ بنْتُ عُثْمان بنِ طرخانِ بنِ بَزْوان: كَتَبَ عَنْهَا الدِّمياطيّ فِي مُعْجمهِ.
وبَنُو {البازِي: مِن قَبائِلِ عكَ باليَمَنِ، مِنْهُم: شيْخُنا المُقْرِىءُ الصَّالحُ إسْماعيلُ بنُ محمدِ} البازِيُّ الحَنَفيُّ إمامُ جامِعِ الأَشاعِرَةِ بزبيدٍ.

زَعْنَفَ

(زَعْنَفَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ «إيَّاكم وَهَذِهِ الزَّعَانِيفَ الَّذِينَ رَغِبُوا عَنِ النَّاسِ وفارَقُوا الجَماعَة» هِيَ الفِرَق المُخْتلفَة. وأصلُها أطرَافُ الْأَدِيمِ والأكارعُ. وَقِيلَ أجنِحَــة السَّمك، واحدتُها زِعْنِفَةٌ، وجَمعُها زَعَانِفُ، والياءُ فِي الزَّعَانِيفِ للإشْباع، وأكثرُ مَا تَجِىء فِي الشِّعر، شبَّه مَنْ خَرج عَنِ الجَماَعة بِهَا.

الزَِّعْنِفَةُ

الزَِّعْنِفَةُ، بالكسرِ والفتحِ: القَصيرُ، والقَصيرَةُ، وطائِفَةٌ من كُلِّ شيءٍ، وطَرَفُ الأَديمِ كاليَدَيْنِ والرِجْلَيْنِ، والرَّذْلُ، والقِطْعَةُ من القَبيلَةِ تَشِذُّ وتَنْفَرِدُ، أو القَبيلَةُ القَليلَةُ تَنْضَمُّ إلى غَيْرِها، والقِطْعَةُ من الثَّوْبِ، أو أسْفَلُهُ المُتَخَرِّقُ، والداهِيَةُ،
ج: زَعانِفُ: وهي أجْنِحَــةُ السَّمَكِ، وكُلُّ جَماعَةٍ لَيْسَ أصْلُهُم واحِداً، وما تَحَرَّكَ من أسافِلِ القَميصِ.
وزَعْنَفَ العَروسَ: زَيَّنَها.

صلصل

(صلصل) : الصَّلْصالَةُ: أَرْضٌ ليسَ بها أَحَدلإ.
صلصل: {صلصال}: طين يابس لم يطبخ إذا نقرته طن، أي صوت.

صلصل


صَلْصَلَ
a. Resounded, re-echoed, reverberated, rang (
metal &.).
صَلْصَاْلa. Potter's clay, loam. —

صَلْصَلَةa. Reverberation.

صُلْصُلa. Ring-dove.
b. Forelock ( of a horse ).
c. Drinking-vessel.
(صلصل)
الشَّيْء صَوت صَوتا فِيهِ تَرْجِيع يُقَال صلصل الجرس وصلصل الحلى وصلصل الرَّعْد وَفُلَان تهدد وأوعد وبكلامه أخرجه متحذلقا
(صلصل) في صفة الوَحْى: "كأنه صَلْصَلَةٌ على صَفْوان"
الصَّلْصَلَةُ: صوتُ الحَديد إذا حُرِّك، وصَلَّ الحَديِدُ وصَلْصَل؛ إذا تداخل صَوتُه. وَالصَّلْصَلَةُ: أَشَدُّ من الصَّلِيل. وفي رواية: كجَرِّ السِّلْسِلَةِ على الصَّفْوان: 
[صلصل] نه: في صفة الوحي كأنه "صلصلة" على صفوان، هو صوت حديد حرك أشد من الصليل، صل الحديد وصلصل. ن: هو بفتح الصادين الصوت المتدارك الذي يسمع ولا يثبت أول ما يقرع سمعه حتى يفهم بعد، وحكمته أن يتفرغ لسمعه قلبه ويخلو عن صوت غيره. ك: مثل "صلصلة" الجرس، مصدر أوحال، وهو صوت الملك بالوحي أو صوت أجنحــته؛ وكان أشده عليه ليترتب على المشقة زيادة الزلفى.
صلصل: جعله صلصالا، وتصلصل: صار صلصالا (فوك) وانظر: صرصر.
صَلّصَلَة وجمعها صَلاصِل: هزيم الرعد. (عباد 2: 111) ورنين الجرس (عبد الواحد ص214) ودقات الناقوس. (المقدمة: 166): والجمع صلاصل: هذا النوع من الحيات ذوات الأجراس التي يصدر عنها صوت حاد عند احتكاكها أو حفيفها (صفة مصر 13: 495). وفي السعدية (نشيد 150): صلصل مقابل سلسل. صِلْصال وجمعه صلاصل: طين جاف، غضار، (فوك) وانظر: صرْصار.
صلصل
صلصلَ يصلصل، صلصلةً، فهو مُصَلْصِل
• صلصل الجرسُ: رنّ، صوَّت صوتًا فيه ترجيع "صَلْصل الرَّعدُ- صلصلتِ الآلاتُ النُّحاسيَّة".
• صلصل فلانٌ: هدَّد وتوعَّد. 

تصلصلَ يتصلصل، تَصَلْصُلاً، فهو مُتصَلْصِل
• تصلصلَ الشَّيءُ: صلصلَ؛ صوّت صوتًا فيه ترجيع "تصلصلتِ السُّيوفُ". 

صَلْصال [مفرد]:
1 - طين يابس لم تصبه النّار، أو طين مخلوط برمل " {خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} ".
2 - (جو) صخر طينيّ يحتوي على مادّة لاحمة هي السِّليكا، يتميّز بشدّة لزوجته عند البلل. 

رفرف

رفرف


رَفْرَفَ
a. Spread out or flapped its wings (bird).
b. Resounded.

رَفْرَاْفa. Bird resembling a sparrow.

رَفْرَف
(pl.
رَفَاْرِفُ)
a. Skirt, tail; fold, drapery, &c.
b. Coverlet, pillow, cushion; bed.
c. Set of shelves: a kind of sideboard.
(رفرف) - والرَّفرَفُ في القُرآن، قال ابنُ عَبَّاس، رضِى الله عَنْهُما: رِياضُ الجَنَّة.
وقال الحَسَن: مَرافِقُ خُضْر، وقيل: هو الوَسَائِد، وقيل: أَصلُه من رَفَّ النَّبتُ إذا صار غَضًّا. وقيل: الرَّفرفُ: ما كان من الدِّيبَاج وغَيره رَقِيقاً حَسَن الصَّنْعَةِ.
- في الحَدِيث: "رَفْرَفَتِ الرَّحمةُ فوقَ رأسِه"
يقال: رَفرفَ الطائِرُ بجَناحَيْه، وهو أن يَبْسُطَها جاثِماً على شىء ليَقَع عليه، أو يَحُوم عليه ولا يَبْرح.
- ومنه حَديثُ أُمِّ السَّائِب، رضي الله عنها: "أَنَّه مَرَّ بها وهي تُرفْرِف من الحُمَّى" .
: أي ترتَعدِ، من قولهم: رَفَّ الحاجِبُ، إذا اختَلَج، وَرَوَاه بعَضُهم: "تُزَفْزف" بالزَّاى المنقوطة.
[رفرف] نه: في ح وفاته صلى الله عليه وسلم: فرفع "الرفرف" فرأينا وجهه أنه ورقة، هو البساط والستر، أراد شيئًا كان يحجب بينه وبينهم، وكل ما فضل من شيء فثنى وعطف فهو رفرف. ومنه في قوله "لقد رأى من ايت ربه" رأى "رفرفا" أخضر سد الأفق، أي بساطا، وقيل: فراشا، وقيل: هو جمع رفرفة وجمع الجمع رفارف، وقرئ "متكئين على رفارف" والمراد به في ح المعراج البساط، وقيل: الرفرف في الأصل ما كان من الديباج وغيره رقيقًا حسن الصنعة ثم اتسع فيه. ك: أو يراد أجنحــة جبرئيل بسطها كما يبسط الثياب. نه وفيه: "رفرفت" الرحمة فوق رأسه، من رفرف الطائر بجناحيه إذا بسطهما للسقوط على شيء يحوم عليه ليقع فوقه. ومنه: مر بها وهي "ترفرف" من الحمى فقال: ما لك "ترفرفين" أي ترتعد، ويروى بالزاي. ط: المفتوحة وهي الارتعاد من البرد. ج: في حلة من "رفرف" الرفارف والرفرف السحاب. غ: الرفرف الفسطاط والمحابس ورفرف الدرع ما فضل من ذيلهان واليكة ما تهدل من أغصانها.
رفرف
رفرفَ/ رفرفَ بـ يُرفرف، رَفْرَفَةً، فهو مُرَفرِف، والمفعول مُرَفْرَف به
• رفرف العلمُ: تحرّك واضطرب "*رفرفَ القلبُ بجنبي كالذَّبيح*".
• رفرف الطَّائرُ/ رفرف الطَّائرُ بجناحيه: بسَط جناحيه وحرَّكهما. 

رَفْراف [مفرد]: ج رَفاريفُ:
1 - جَناحُ الطائر "خَفَضَ الطائرُ رَفْرافه" ° الباب الرَّفراف: بابٌ ذو ضلفتين متحركتين دائمًا يَسهُل الدخول والخروج منه- ثغر رفراف: متلألئ.
2 - نوعٌ من العصافير إذا رأى ظِلَّه في الماء انقضَّ عليه ليخطفه ويسمى: خاطف ظِلِّه. 

رَفْرَف1 [مفرد]: ج رَفارِفُ:
1 - ما يُمَدُّ خارج البيت للوقاية من حَرِّ الشمس.
2 - رفّ، لوحٌ خشبيّ أو معدنيّ يوضع جَنْبَ الجدار أو داخل الخزانة توضع عليه الأشياء الصغيرة.
3 - وسادة يُتَّكأ عليها " {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفَارِفَ خُضْرٍ} [ق] ".
• رَفْرَف السَّيَّارة: الجناح الذي فوق عجلتها. 

رَفْرَف2 [جمع]: مف رَفْرَفة:
1 - وسائد يُتَّكَأ عليها " {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ} ".
2 - نوع من الثِّياب عريض، يُتَّخذ من الديباج وغيره حسن الصنعة " {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ} ". 
رفرف: رفرف: طار ثانية (ألكالا). ولابد أن يكون لهذا الفعل معنى خاصاً حين يطلق على المشعبذ (المقري 2: 179).
رفرف: اختلج (هلو).
رفرف عينهّ: غطى عينه (بوشر).
ترفرف، ترفرف الطائر: رسم دوائر في الهواء (باين سميث 1443).
رَفْرَف: إكليل من أغصان الأزهار، انظر معجم الإدريسي (ص370).
رَفْراف: طنف، سقف صغير بارز (بوشر، محيط المحيط).
رفروف، وتجمع على رفاريف: عصابة تغطي العينين (بوشر).
رفرافة: أطعمة لذيذة تهيأ قبل دخول شهر رمضان (ميهرن ص28).
تَرَفْرَف: رفرفة سريعة، خفق الجناح بسرعة وقوة (بوشر).

فغو

فغو


فَغَا(n. ac. فَغْو)
a. Became divulged, disclosed; spread, was rumoured
about.
b. Became dry; faded, withered, shrivelled.
ف غ و " سيّد رياحين أهل الجنة الفاغية " هي نور الحناء، وقيل: نور الريحان ونور كلّ شيء: فغوه وفاغيته. قال أوس بن حجر:

لازال ريحان وفغو ناضر ... يجري عليك بمسبل هطال

ووجدت للطّيب فغوةً. وأفغى الريحان: نوّر.
فغو: فغو: حناء. (بوشر) وانظر مادة فاغيه.
فغوة: بقم، خشب أحمر. (الكالا). فاغية: كل نورة طيبة الرائحة تسمى فاغية وقد خصت بالنبات الذي اسمه العلمي: Lawsonia enermis ( ابن البيطار 1: 338، 2: 244) عند بوشر هو troene وقد ترجمه أيضا بقوله شجر الحنا. وقد خلطوا بالفعل بين troene وبين Lawsonia enermis. ( انظر دودونيس 1206).
مغفو: الدهن الذي يغمر فيه زهر Lawsonia enermis ( الحناء) يسمى دهن الحناء أو الدهن المغفو. (ابن البيطار 1: 338).
(ف غ و)

الفغو، والفغوة، والفاغية: الرَّائِحَة الطّيبَة، الْأَخِيرَة عَن ثَعْلَب.

والفغوة: الزهرة.

والفغو، والفاغية: ورد كل مَا كَانَ من الشّجر لَهُ ريح طيبَة، لَا تكون لغير ذَلِك.

وَقيل: الفاغية: نور الْحِنَّاء خَاصَّة، وَهِي طيبَة الريخ تخرج أَمْثَال العناقيد، وينفتح فِيهَا نور صغَار فيجتني ويربب بهَا الدّهن.

ودهن مغفو: مُطيب بهَا.

وفغا الشّجر فغوا، وافغى: تفتح نوره قبل أَن يُثمر.

والفغواء: اسْم أَو لقب. قَالَ عنترة:

فَهَلا وفى الفغواء عَمْرو بن جَابر ... بِذِمَّتِهِ وَابْن اللقيطة عصيد 
فغو and فغى 1 فَغَا, (K, TA,) inf. n. فَغْوٌ, (TA,) It (a thing)

became revealed, disclosed, or divulged; syn. فَشَا. (K, TA.)

b2: And Its odour became perceptible, or perceived: occurring in a trad. in this sense, said of saffron: or, as some relate it, the verb in that instance is ↓ افغى, which means it flowered, or blossomed. (TA.)

b3: And, said of seed-produce (زَرْع), It dried, became dry, or dried up. (K.)

A2: فَغِىَ, aor. ـْ inf. n. فَغًا, said of dates (تَمْر), i. q. حشف, [app. a mistranscription, unless there be such as حَشِفَ, which seems to be not improbable, as one says تَمْرٌ حَشِفَ, and حَشَفٌ also; but it can hardly be doubted that the meaning is, They became bad, such as are termed حَشِفٌ or حَشَفٌ, or, which is nearly the same, such as are termed فَغًا]: so says Aboo-'Alee El-Kálee. (TA.)

4 افغى It (a plant, S, [app., accord. to the K, the plant حِنَّآء,]) put forth its فَاغَية [i. e. flower, or blossom]. (S, K.) See also 1.

b2: افغت النَّخْلَةُ

The palm-tree became in a bad, or corrupt, state [with respect to its fruit, as is implied in the S: i. e. bore dates such as are termed غَفًا]. (S, K.)

b3: And [hence, app.,] افغى (said of a man, TA) He became poor after being rich: and He became ugly after being handsome: and He rebelled after being obedient: (K, TA:) all from IAar: as though his state became bad, or corrupt, like as do unripe dates. (TA.)

b4: And, said of a man, He kept constantly to the eating of فَغًا, (K, TA.)

i. e. unripe dates in an altered state. (TA.)

A2: And افغى فُلَانًا He angered such a one. (K, TA.)

One says, مَاالَّذِى أَفْغَاكَ [What is it that angered thee? or, hath angered thee?]. (TA.)

فَغْوٌ: see فَاغِيَةٌ.

فَغًا [or فَغًى] i. q. غَفًا [or غَفًى] in its several meanings (K, TA) that have been mentioned [in art. غفو and غفى]: and among these it has that of The bad of anything. (TA.) And The [refuse termed] حُثَالَة [q. v.] of wheat. (TA.) And A dust that comes upon unripe dates, spoiling them, and rendering them [in the skin] like the wings of the [locusts, or the like, called] جَنَادِب [pl. of جُنْدَب]. (TA.) And Unripe dates [themselves] (S, TA) such as are bad and مُغْبَرّ [i. e. of a hue like dust]; (S;) or such as are مُتَغَيِّر [i. e. altered for the worse]. (TA.)

b2: And فَغَا الإِبِلِ The small, or young, of camels. (TA.)

A2: And accord. to the K, الفَغَا signifies العلبة والجفنةوَمَيَلٌ فِي

الفَمِ; but this is a mistake; correctly it signifies مَيَلٌ فِى الفَمِ وَالعُلْبَةِ وَالجَفْنَةِ, meaning فِى العُلْبَةِ

وَالجَفْنَةِ [i. e. A distortion in the mouth, and in the kinds of bowl called عُلْبَة and جَفْنَة], as expl.

by ISd: Kr says that it signifies a certain malady, which ISd thinks to be a distortion in the mouth, an explanation given by IAar. (TA.)

فَغْوَةُ الطِّيبِ The odour of perfume; like فَغْمَتُهُ: (TA in art. فغم:) or the state of spreading of the odour of perfume. (TA in the present art.)

فَاغِيَةٌ and ↓ فَغْوٌ The flower of the حِنَّآء [i. e. Lawsonia inermis, or Egyptian privet]; (Fr, S, K;) as also فَاعِيَةٌ: (K in art. فعو or فعى:) or both signify the flower, or blossom, of anything [i. e. of any plant, or, app., of any fragrant plant: see Ham p. 713]: or, as is said in a trad., the فاغية is the prince, or chief, of the sweet-smelling

plants of Paradise: Sh says that ↓ الفَغْوُ signifies نَوْر ورَائِحَة طَيِّبَة [a flower, or blossom; and a sweet odour: but I think that we should read نَوْرٌ ذُو رَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ a sort of flower, or blossom, having a sweet odour]: and IAar says that the فاغية is the best and the most fragrant of sweetsmelling plants: (TA:) or it is the flower produced by a branch of the حِنَّآء that has been planted inverted, and which is sweeter than [that of] the [common] حِنَّآء. (K.)
فغو
: (و) كَذَا فِي النسخِ، ومثْلُه فِي كتابِ أَبي عليَ القالِي. ويَأْتي عَن ابنِ سِيدَه أَنَّه يائيٌّ، والحَقُّ أَنَّه واوِيٌّ يائيٌّ.
(} الفَغَا) بتقْدِيمِ الفاءِ على الغَيْنِ مِثْل (الغَفَا) ، بتقْدِيمَ الغَيْن على الفاءِ، (فِي مَعانِيهِ) الَّتِي ذُكِرَتْ، فَمن ذلكَ الرَّدِيءُ من كلِّ شيءٍ أَنْشَدَ الأصْمعي: إِذا فِئةٌ قُدِّمت للقِتَا
لِ فَرَّ الفَغَا وصَلِينا بهاومن ذلكَ حُثالَةُ الطَّعامِ وغُبارٌ يَعْلُو البُسْرَ فيفسِدُه ويُصَيّرهُ مِثْل أَجْنِحــةِ الجَنادِبِ.
(و) الفَغَا: (العُلْبَةُ والجَفْنَةُ) ؛) هَكَذَا فِي النُّسخِ وَهُوَ غَلَطٌ، (و) الصَّوابُ الَّذِي لَا محيدَ عَنهُ الفَغَا: (مَيَلٌ فِي الفمِ) والعُلْبَةِ والجَفْنَةِ، أَي فِي العُلْبَةِ والجَفْنَةِ، كَمَا هُوَ نصُّ ابنِ سِيدَه.
وقالَ كراعٌ: الفَغَا داءٌ.
قالَ ابنُ سِيدَه: وأُراهُ المَيَل فِي الفَمِ. وقوْلُه: مَيَلٌ فِي الفَمِ، هُوَ قولُ ابنِ الأَعْرابي؛ نقلَهُ أَبو عليَ القالِي فِي المَقْصُورِ والممْدُودِ.
قالَ ابنُ سِيدَه: وإنَّما قَضَيْنا على هَذَا كُلِّه بالياءِ لأنَّها لامٌ واللامُ يَاء أَكْثَرَ مِنْهَا واواً.
( {والفَغْوُ} والفاغِيَةُ: نَوْرُ الحِنَّاءِ) ؛) كَذَا فِي الصِّحاحِ، وَهُوَ قولُ الفرَّاء. 0
وَقيل: نَوْرُ كلِّ شيءٍ {فَغْوُه} وفاغِيَتُه. وَفِي الحَدِيث: (سَيِّدُ رَيْحانِ أَهْلِ الجنَّةِ {الفاغِيَةُ) .
وقالَ شمِرٌ:} الفَغْوُ نَوْرٌ رائِحَتَهُ طيِّبَةٌ.
وقالَ ابنُ الْأَعرَابِي: الفاغِيَةُ أَحْسَنُ الرَّياحِين وأَطْيبُها رائِحَةً.
(أَو يُغْرَسُ غُصْنُ الحِنَّاءِ مَقْلوباً فيُثْمِرُ زَهْراً أَطْيَبَ من الحِنَّاءِ فذَلِكَ الفاغِيَةُ.
( {وأَفْغَى) النَّباتُ: (خَرَجَتْ} فاغِيَتُهُ) ؛) كَمَا فِي الصِّحاح.
(و) {أَفْغَى (زَيْدٌ: دامَ على أَكْلِ الفَغَا) ، وَهُوَ البُسْرُ المُتَغَيِّرُ.
(و) } أَفْغَتِ (النَّخْلَةُ: فَسَدَتْ) ؛) نقلَهُ الجَوْهرِي.
(و) أَفْغَى الرَّجلُ: (افْتَقَرَ بَعْدَ غِنًى.
(و) أَيْضاً: (سَمُجَ بَعدَ حُسْنٍ) (و) أَيْضاً: (عَصَى بعدَ طاعَةٍ) ؛) كلُّ ذلكَ عَن ابنِ الأعْرابي، كأَنَّه فسَدَ حالُهُ كفَسادِ البُسْرِ.
(و) أَفْغَى (فُلاناً: أَغْضَبَهُ) وأَوْرَمَهُ. يقالُ: مَا الَّذِي {أَفْغاكَ.
(وعَلْقَمَةُ بنُ} الفَغْواءِ) الْخُزَاعِيّ، (أَو) هُوَ (ابنُ أَبي الفَغْواءِ: صَحابيٌّ) سَكَنَ المدِينَةَ، قيلَ: كانَ دَلِيلَ المُسْلِمين إِلَى تَبُوك.
( {وفَغَا الشَّيءُ) } فَغْواً: (فَشَا) وظَهَرَتْ رائِحَتُه؛ وَمِنْه حديثُ الحَسَنِ: وسُئِلَ عَن السَّلَف فِي الزَّعْفرانِ فَقَالَ: إِذا {فَغَا؛ ويُرْوَى إِذا أَفْغَى، أَي نَوَّرَ.
(و) فَغَا (الزَّرْعُ يَبِسَ) .
(وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
(فَغَا التمْرُ} يَفْغِي {فَغاً إِذا حشفَ؛ عَن أبي عليَ القالِي.
(} والفَغْوَةُ: انْتِشارُ رَائِحةِ الطِّيبِ.
(وفَغَا الإبِلِ: حَشْوُها.

رَتَجَ 

(رَتَجَ) الرَّاءُ وَالتَّاءُ وَالْجِيمُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى إِغْلَاقٍ وَضِيقٍ. مِنْ ذَلِكَ أُرْتِجَ عَلَى فُلَانٍ فِي مَنْطِقِهِ، وَذَلِكَ إِذَا انْغَلَقَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ. وَهُوَ مِنْ أَرْتَجْتُ الْبَابَ، أَيْ أَغْلَقْتُهُ. يُقَالُ رَتِجَ الرَّجُلُ فِي مَنْطِقِهِ رَتَجًا. وَالرِّتَاجُ: الْبَابُ الْغُلُقُ، كَذَا قَالَ الْخَلِيلُ. وَرُوِيَ فِي الْحَدِيثِ: «مَنْ جَعَلَ مَالَهُ فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ "،» قَالُوا: هُوَ الْبَابُ، وَلَمْ يُرِدِ الْبَابَ بِعَيْنِهِ، لَكِنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ جَعَلَ مَالَهُ هَدْيًا لِلْكَعْبَةِ، يُرِيدُ النَّذْرَ. [قَالَ] :

إِذَا أَحْلَفُونِي فِي عُلَيَّةَ أُجْنِحَــتْ ... يَمِينِي إِلَى شَطْرِ الرِّتَاجِ الْمُضَبَّبِ

قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: أَرْتَجَتِ النَّاقَةُ، إِذَا أَغْلَقَتْ رَحِمَهَا عَلَى الْمَاءِ. وَأَرْتَجَتِ الدَّجَاجَةُ، إِذَا امْتَلَأَ بَطْنُهَا بَيْضًا. وَيُقَالُ إِنَّ الْمَرَاتِجَ الطُّرُقُ الضَّيِّقَةُ. وَالرَّتَائِجُ: الصُّخُورُ الْمُتَرَاصِفَةُ. 

أَمَّ 

(أَمَّ) وَأَمَّا الْهَمْزَةُ وَالْمِيمُ فَأَصْلٌ وَاحِدٌ، يَتَفَرَّعُ مِنْهُ أَرْبَعُ أَبْوَابٍ، وَهِيَ الْأَصْلُ وَالْمَرْجِعُ وَالْجَمَاعَةُ وَالدِّينُ، وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ مُتَقَارِبَةٌ، وَبَعْدَ ذَلِكَ أُصُولٌ ثَلَاثَةٌ، وَهِيَ الْقَامَةُ وَالْحِينُ وَالْقَصْدُ، قَالَ الْخَلِيلُ: الْأُمُّ: الْوَاحِدُ، وَالْجَمْعُ أُمَّهَاتٌ، وَرُبَّمَا قَالُوا: أُمٌّ وَأُمَّاتٌ. قَالَ شَاعِرٌ، وَجَمَعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ: إِذَا الْأُمَّهَاتُ قَبَحْنَ الْوُجُوهَ ... فَرَجْتَ الظَّلَامَ بِأُمَّاتِكَا

وَقَالَ الرَّاعِي:

أَمَّاتُهُنَّ وَطَرْقُهُنَّ فَحِيلَا

وَتَقُولُ الْعَرَبُ: " لَا أُمَّ لَهُ " فِي الْمَدْحِ وَالذَّمِّ جَمِيعًا. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَا كُنْتِ أُمًّا وَلَقَدْ أَمَمْتِ أُمُومَةً. وَفُلَانَةٌ تَؤُمُّ فُلَانًا، أَيْ: تَغْذُوهُ، أَيْ: تَكُونُ لَهُ أُمًّا تَغْذُوهُ وَتُرَبِّيهِ. قَالَ:

نَؤُمُّهُمُ وَنَأْبُوهُمْ جَمِيعًا ... كَمَا قُدَّ السُّيُورُ مِنَ الْأَدِيمِ

أَيْ: نَكُونُ لَهُمْ أُمَّهَاتٍ وَآبَاءً. وَأَنْشَدَ:

اطْلُبْ أَبَا نَخْلَةَ مِنْ يَأْبُوكَا ... فَكُلُّهُمْ يَنْفِيكَ عَنْ أَبِيكَا

وَتَقُولُ: أُمٌّ وَأُمَّةٌ، بِالْهَاءِ. قَالَ:

تَقَبَّلْتَهَا مِنْ أُمَّةٍ لَكَ طَالَمَا ... تُنُوزِعَ فِي الْأَسْوَاقِ عَنْهَا خِمَارُهَا

قَالَ الْخَلِيلُ: كُلُّ شَيْءٍ يُضَمُّ إِلَيْهِ مَا سِوَاهُ مِمَّا يَلِيهِ فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي ذَلِكَ الشَّيْءَ أُمًّا. وَمِنْ ذَلِكَ أُمُّ الرَّأْسِ وَهُوَ الدِّمَاغُ. تَقُولُ: أَمَمْتُ فُلَانًا بِالسَّيْفِ وَالْعَصَا أَمًّا: إِذَا ضَرَبْتَهُ ضَرْبَةً تَصِلُ إِلَى الدِّمَاغِ. وَالْأَمِيمُ: الْمَأْمُومُ، وَهِيَ أَيْضًا الْحِجَارَةُ الَّتِي تُشْدَخُ بِهَا الرُّؤُوسُ; قَالَ:

بِالْمَنْجَنِيقَاتِ وَبِالْأَمَائِمِ وَالشَّجَّةُ الْآمَّةُ: الَّتِي تَبْلُغُ أُمَّ الدِّمَاغِ، وَهِيَ الْمَأْمُومَةُ أَيْضًا. قَالَ:

يَحُجُّ مَأْمُومَةً فِي قَعْرِهَا لَجَفٌ ... فَاسْتُ الطَّبِيبِ قَذَاهَا كَالْمَغَارِيدِ

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: بَعِيرٌ مَأْمُومٌ: إِذَا أُخْرِجَتْ مِنْ ظَهْرِهِ عِظَامٌ فَذَهَبَتْ قَمْعَتُهُ. قَالَ:

لَيْسَ بِمَأْمُومٍ وَلَا أَجَبِّ

قَالَ الْخَلِيلُ: أُمُّ التَّنَائِفِ: أَشَدُّهَا وَأَبْعَدُهَا. وَأُمُّ الْقُرَى: مَكَّةُ; وَكُلُّ مَدِينَةٍ هِيَ أُمُّ مَا حَوْلَهَا مِنَ الْقُرَى، وَكَذَلِكَ أُمُّ رُحْمٍ. وَأُمُّ الْقُرْآنِ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ. وَأُمُّ الْكِتَابِ: مَا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ. وَأُمُّ الرُّمْحِ: لِوَاؤُهُ وَمَا لُفَّ عَلَيْهِ. قَالَ:

وَسَلَبْنَ الرُّمْحَ فِيهِ أُمُّهُ ... مِنْ يَدِ الْعَاصِي وَمَا طَالَ الطِّوَلْ

وَتَقُولُ الْعَرَبُ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي يُنْزَلُ عَلَيْهَا: أُمُّ مَثْوًى، وَلِلرَّجُلِ أَبُو مَثْوًى. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: أُمُّ مِرْزَمٍ: الشَّمَالُ، قَالَ:

إِذَا هُوَ أَمْسَى بِالْحَلَاءَةِ شَاتِيًا ... تُقَشِّرُ أَعْلَى أَنْفِهِ أُمُّ مِرْزَمِ وَأُمُّ كَلْبَةٍ: الْحُمَّى. فَفِيهِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْدِ الْخَيلِ: «أَبْرَحَ فَتًى إِنْ نَجَا مِنْ أُمِّ كَلْبَةٍ» . وَكَذَلِكَ أُمُّ مِلْدَمٍ. وَأُمُّ النُّجُومِ: السَّمَاءُ. قَالَ تَأَبَّطَ شَرًّا:

يَرَى الْوَحْشَةَ الْأُنْسَ الْأَنِيسَ وَيَهْتَدِي ... بِحَيْثُ اهْتَدَتْ أُمُّ النُّجُومِ الشَّوَابِكِ

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بْنُ السُّنِّىِّ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُسَبِّحٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: أُمُّ النُّجُومِ: الْمَجَرَّةُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ السَّمَاءِ بُقْعَةٌ أَكْثَرَ عَدَدَ كَوَاكِبَ مِنْهَا، قَالَ تَأَبَّطَ شَرًّا، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْبَيْتَ. وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

بِشُعْثٍ يَشُجُّونَ الْفَلَا فِي رُؤُوسِهِ ... إِذَا حَوَّلَتْ أُمُّ النُّجُومِ الشَّوَابِكِ

" حَوَّلَتْ " يُرِيدُ أَنَّهَا تَنْحَرِفُ. وَأُمُّ كِفَاتٍ: الْأَرْضُ. وَأُمُّ الْقُرَادِ، فِي مُؤَخَّرِ الرُّسْغِ فَوْقَ الْخُفِّ، وَهِيَ الَّتِي تَجْتَمِعُ فِيهَا الْقِرْدَانُ كاَلسُّكُرُّجَّةِ. قَالَ أَبُو النَّجْمِ:

لِلْأَرْضِ مِنْ أُمِّ الْقُرَادِ الْأَطْحَلِ وَأُمُّ الصَّدَى هِيَ أُمُّ الدِّمَاغِ. وَأُمُّ عُوَيْفٍ: دُوَيْبَّةٌ مُنَقَّطَةٌ، إِذَا رَأَتِ الْإِنْسَانَ قَامَتْ عَلَى ذَنَبِهَا وَنَشَرَتْ أَجْنِحَــتَهَا، يُضْرَبُ بِهَا الْمَثَلُ فِي الْجُبْنِ. قَالَ:

يَا أُمَّ عَوْفٍ نَشِّرِي بُردَيْكْ ... إِنَّ الْأَمِيرَ وَاقِفٌ عَلَيْكْ

وَيُقَالُ: هِيَ الْجَرَادَةُ. وَأُمُّ حُمارِسٍ دُوَيْبَّةٌ سَوْدَاءُ كَثِيرَةُ الْقَوَائِمِ.

وَأُمُّ صَبُّورٍ: الْأَمْرُ الْمُلْتَبِسُ، وَيُقَالُ: هِيَ الْهَضَبَةُ الَّتِي لَيْسَ لَهَا مَنْفَذٌ. وَأُمُّ غَيْلَانَ: شَجَرَةٌ كَثِيرَةُ الشَّوْكِ. وَأُمُّ اللُّهَيْمِ: الْمَنِيَّةُ. وَأُمُّ حُبَيْنٍ: دَابَّةٌ. وَأُمُّ الطَّرِيقِ: مُعْظَمُهُ. وَأُمُّ وَحْشٍ: الْمَفَازَةُ، وَكَذَلِكَ أُمُّ الظِّبَاءِ. قَالَ:

وَهَانَتْ عَلَى أُمِّ الظِّبَاءِ بِحَاجَتِي ... إِذَا أَرْسَلَتْ تُرْبًا عَلَيْهِ سَحُوقُ

وَأُمُّ صَبَّارٍ: الْحَرَّةُ. قَالَ النَّابِغَةُ:

تُدَافِعُ النَّاسَ عَنَّا حِينَ نَرْكَبُهَا ... مِنَ الْمَظَالِمِ تُدْعَى أُمَّ صَبَّارِ

وَأُمُّ عَامِرٍ، وَأُمُّ الطَّرِيقِ: الضَّبُعُ. قَالَ يَعْقُوبُ: أُمُّ أَوْعَالٍ: هَضْبَةٌ بِعَيْنِهَا. قَالَ:

وَأُمُّ أَوْعَالٍ كَهَا أَوْ أَقْرَبَا وَأُمُّ الْكَفِّ: الْيَدُ. قَالَ:

لَيْسَ لَهُ فِي أُمِّ كَفٍّ إِصْبَعُ

وَأُمُّ الْبَيْضِ: النَّعَامَةُ. قَالَ أَبُو دُؤَادٍ:

وَأَتَانَا يَسْعَى تَفَرُّشَ أُمِّ الْ ... بَيْضِ. . .

وَأُمُّ عَامِرٍ: الْمَفَازَةُ. وَأُمُّ كُلَيْبٍ: شُجَيْرَةٌ لَهَا نَوْرٌ أَصْفَرُ. وَأُمُّ عِرْيَطٍ: الْعَقْرَبُ. وَأُمُّ النَّدَامَةِ: الْعَجَلَةُ. وَأُمُّ قَشْعَمٍ، وَأُمُّ خَشَّافٍ، وَأُمُّ الرَّقُوبِ، وَأُمُّ الرَّقِمِ، وَأُمُّ أَرَيْقَ، وَأُمُّ رُبَيْقٍ، وَأُمُّ جُنْدَبٍ، وَأُمُّ الْبَلِيلِ، وَأُمُّ الرُّبَيْسِ، وَأُمُّ حَبَوْكَرَى، وَأُمُّ أَدْرَصٍ، وَأُمُّ نَآدٍ، كُلُّهَا كُنَى الدَّاهِيَةِ. وَأُمُّ فَرْوَةٍ: النَّعْجَةُ. وَأُمُّ سُوَيدٍ وَأُمُّ عِزْمٍ: سَافِلَةُ الْإِنْسَانِ. وَأُمُّ جَابِرٍ: إِيَادٌ. وَأُمُّ شَمْلَةٍ: الشَّمَالُ الْبَارِدَةُ. وَأُمُّ غِرْسٍ: الرَّكِيَّةُ. وَأُمُّ خُرْمَانَ: طَرِيقٌ. وَأُمُّ الْهَشِيمَةِ: شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ يَابِسِ الشَّجَرِ. قَالَ الْفَرَزْدَقُ يَصِفُ قِدْرًا:

إِذَا أُطْعِمَتْ أُمَّ الْهَشِيمَةِ أَرْزَمَتْ ... كَمَا أَرْزَمَتْ أُمُّ الْحِوَارِ الْمُجَلَّدِ

وَأُمُّ الطَّعَامِ: الْبَطْنُ. قَالَ:

رَبَّيْتُهُ وَهْوَ مِثْلُ الْفَرْخِ أَعْظَمُهُ ... أُمُّ الطَّعَامِ تَرَى فِي جِلْدِهِ زَغَبَا

قَالَ الْخَلِيلُ: الْأُمَّةُ: الدِّينُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} [الزخرف: 22] . وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ: لَا أُمَّةَ لَهُ، أَيْ: لَا دِينَ لَهُ. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ: «يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ» .

وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ كَانَ عَلَى دِينٍ حَقٍّ مُخَالِفٍ لِسَائِرِ الْأَدْيَانِ فَهُوَ أُمَّةٌ. وَكُلُّ قَوْمٍ نُسِبُوا إِلَى شَيْءٍ وَأُضِيفُوا إِلَيْهِ فَهُمْ أُمَّةٌ، وَكُلُّ جِيلٍ مِنَ النَّاسِ أُمَّةٌ عَلَى حِدَةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ: «لَوْلَا أَنَّ هَذِهِ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ لَأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا، وَلَكِنِ اقْتُلُوا مِنْهَا كُلَّ أَسْوَدَ بَهِيمٍ» . فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [البقرة: 213] ، فَقِيلَ: كَانُوا كُفَّارًا فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ. وَقِيلَ: بَلْ كَانَ جَمِيعُ مَنْ مَعَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي السَّفِينَةِ مُؤْمِنًا ثُمَّ تَفَرَّقُوا. وَقِيلَ: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} [النحل: 120] ، أَيْ: إِمَامًا يُهْتَدَى بِهِ، وَهُوَ سَبَبُ الِاجْتِمَاعِ. وَقَدْ تَكُونُ الْأُمَّةُ جَمَاعَةَ الْعُلَمَاءِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} [آل عمران: 104] ، وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْأُمَّةُ: الْقَامَةُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: إِنَّ فُلَانًا لَطَوِيلُ الْأُمَّةِ، وَهُمْ طِوَالُ الْأُمَمِ، قَالَ الْأَعْشَى:

وَإِنَّ مُعَاوِيَةَ الْأَكْرَمِينَ ... حِسَانُ الْوُجُوهِ طِوَالُ الْأُمَمْ

قَالَ الْكِسَائِيُّ: أُمَّةُ الرَّجُلِ بَدَنُهُ وَوَجْهُهُ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْأُمَّةُ: الطَّاعَةُ وَالرَّجُلُ الْعَالِمُ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: إِنَّهُ لَحَسَنُ أُمَّةِ الْوَجْهِ، يَغْزُونَ السُّنَّةَ. وَلَا أُمَّةَ لِبَنِي فُلَانٍ، أَيْ: لَيْسَ لَهُمْ وَجْهٌ يَقْصِدُونَ إِلَيْهِ لَكِنَّهُمْ يَخْبِطُونَ خَبْطَ عَشْوَاءَ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَا أَحْسَنَ أُمَّتَهُ، أَيْ: خَلْقَهُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْأُمِّيُّ فِي اللُّغَةِ: الْمَنْسُوبُ إِلَى مَا عَلَيْهِ جِبِلَّةُ النَّاسِ لَا يَكْتُبُ، فَهُوَ [فِي] أَنَّهُ لَا يَكْتُبُ عَلَى مَا وُلِدَ عَلَيْهِ. قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُ النَّابِغَةِ:

وَهَلْ يَأْثَمَنْ ذُو أُمَّةٍ وَهْوَ طَائِعُ

فَمَنْ رَفَعَهُ أَرَادَ سُنَّةَ مَلِكَةٍ، وَمَنْ جَعَلَهُ مَكْسُورًا جَعَلَهُ دِينًا مِنَ الِائْتِمَامِ، كَقَوْلِكَ: ائْتَمَّ بِفُلَانٍ إِمَّةً. وَالْأُمَّةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف: 45] ، أَيْ بَعْدَ حِينٍ. وَالْإِمَامُ: كُلُّ مَنِ اقْتُدِيَ بِهِ وَقُدِّمَ فِي الْأُمُورِ. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِمَامُ الْأَئِمَّةِ، وَالْخَلِيفَةُ إِمَامُ الرَّعِيَّةِ، وَالْقُرْآنُ إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ الْخَلِيلُ: الْإِمَّةُ: النِّعْمَةُ. قَالَ الْأَعْشَى: وَأَصَابَ غَزْوُكَ إَمَّةً فَأَزَالَهَا

قَالَ: وَيُقَالُ لِلْخَيْطِ الَّذِي يُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ: إِمَامٌ. قَالَ الْخَلِيلُ: الْأَمَامُ: الْقُدَّامُ، يَقُولُ: صَدْرُكَ أَمَامُكَ، رَفَعَ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ اسْمًا، وَيَقُولُ: أَخُوكَ أَمَامَكَ، نُصِبَ لِأَنَّهُ فِي حَالِ الصِّفَةِ يَعْنِي بِهِ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُ لَبِيدٍ:

فَغَدَتْ كِلَا الْفَرْجَيْنِ تَحْسَبُ أَنَّهُ ... مَوْلَى الْمَخَافَةِ خَلْفُهَا وَأَمَامُهَا

فَإِنَّهُ رَدَّ الْخَلْفَ وَالْأَمَامَ عَلَى الْفَرْجَيْنِ، كَقَوْلِكَ: كِلَا جَانِبَيْكَ مَوْلَى الْمَخَافَةِ يَمِينُكَ وَشِمَالُكَ، أَيْ: صَاحِبُهَا وَوَلِيُّهَا، قَالَ أَبُو زَيْدٍ: امْضِ يَمَامِي، فِي مَعْنَى: امْضِ أَمَامِي. وَيُقَالُ: يَمَامِي وَيَمَامَتِي. قَالَ:

فَقُلْ جَابَتِي لَبَّيْكَ وَاسْمَعْ يَمَامَتِي

وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: "

أَمَامَهَا لَقِيَتْ أَمَةٌ عَمَلَهَا

" أَيْ: حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ وَجَدَتْ عَمَلًا. وَيَقُولُونَ: " أَمَامَكَ تَرَى أَثَرَكَ "، أَيْ: تَرَى مَا قَدَّمْتَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَمِنْ أَمْثَالِهِمْ:

رُوَيْدَ تَبَيَّنْ مَا أَمَامَةُ مِنْ هِنْدِ يَقُولُ: تَثَبَّتْ فِي الْأَمْرِ وَلَا تَعْجَلْ يَتَبَيَّنْ لَكَ. قَالَ الْخَلِيلُ: الْأَمَمُ: الشَّيْءُ الْيَسِيرُ الْحَقِيرُ، تَقُولُ: فَعَلْتُ شَيْئًا مَا هُوَ بِأَمَمٍ وَلَا دُونٍ. وَالْأَمَمُ: الشَّيْءُ الْقَرِيبُ الْمُتَنَاوَلُ. قَالَ:

كُوفِيَّةٌ نَازِحٌ مَحَلَّتُهَا ... لَا أَمَمٌ دَارُهَا وَلَا صَقَبُ

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: أَمَمٌ، أَيْ: [صَغِيرٌ، وَ] عَظِيمٌ، مِنَ الْأَضْدَادِ. وَقَالَ ابْنُ قَمِيئَةَ فِي الصَّغِيرِ:

يَا لَهْفَ نَفْسِي عَلَى الشَّبَابِ وَلَمْ ... أَفْقِدْ بِهِ إِذْ فَقَدْتُهُ أَمَمَا

قَالَ الْخَلِيلُ: الْأَمَمُ: الْقَصْدُ. قَالَ يُونُسُ: هَذَا أَمْرٌ مَأْمُومٌ: يَأْخُذُ بِهِ النَّاسُ. قَالَ أَبُو عَمْرٍو: رَجُلٌ مِئَمٌّ، أَيْ: يَؤُمُّ الْبِلَادَ بِغَيْرِ دَلِيلٍ. قَالَ:

احْذَرْنَ جَوَّابَ الْفَلَا مِئَمَّا

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} [المائدة: 2] ، جَمْعُ " آمٍّ " يَؤُمُّونَ بَيْتَ اللَّهِ، أَيْ: يَقْصِدُونَهُ. قَالَ الْخَلِيلُ: التَّيَمُّمُ يَجْرِي مَجْرَى التَّوَخِّي، يُقَالُ لَهُ: تَيَمَّمْ أَمْرًا حَسَنًا وَتَيَمَّمُوا أَطْيَبَ مَا عِنْدَكُمْ تَصَدَّقُوا بِهِ. وَالتَّيَمُّمُ بِالصَّعِيدِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى، أَيْ: تَوَخَّوْا أَطْيَبَهُ وَأَنْظَفَهُ وَتَعَمَّدُوهُ. فَصَارَ التَّيَمُّمُ فِي أَفْوَاهِ الْعَامَّةِ فِعْلًا لِلتَّمَسُّحِ بِالصَّعِيدِ، حَتَّى يَقُولُوا قَدْ تَيَمَّمَ فُلَانٌ بِالتُّرَابِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] ، أَيْ: تَعَمَّدُوا. قَالَ: تَكُ خَيْلِي قَدْ أُصِيبَ صَمِيمُهَا ... فَعَمْدًا عَلَى عَيْنٍ تَيَمَّمْتُ مَالِكَا

وَتَقُولُ: يَمَّمْتُ فُلَانًا بِسَهْمِي وَرُمْحِي، أَيْ: تَوَخَّيْتُهُ دُونَ مَنْ سِوَاهُ، قَالَ:

يَمَّمْتُهُ الرُّمْحَ شَزْرًا ثُمَّ قُلْتُ لَهُ ... هَذِهِ الْمُرُوَّةُ لَا لِعْبُ الزَّحَالِيقِ

وَمَنْ قَالَ فِي هَذَا الْمَعْنَى: أَمَّمْتُهُ، فَقَدْ أَخْطَأَ لِأَنَّهُ قَالَ " شَزْرلَا يَكُونُ الشَّزْرُ إِلَّا مِنْ نَاحِيَةٍ، وَهُوَ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ أَمَامَهُ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: الْأُمَامَةُ الثَّمَانُونَ مِنَ الْإِبِلِ. قَالَ:

فَمَنَّ وَأَعْطَانِي الْجَزِيلَ وَزَادَنِي ... أُمَامَةَ يَحْدُوهَا إِلَيَّ حُدَاتُهَا

وَالْأُمُّ: الرَّئِيسُ، يُقَالُ: هُوَ أُمُّهُمْ. قَالَ الشَّنْفَرَى:

وَأُمُّ عِيَالٍ قَدْ شَهِدْتُ تَقُوتُهُمْ ... إِذَا أَطْعَمَتْهُمْ أَحْتَرَتْ وَأَقَلَّتِ

أَرَادَ بِأُمِّ الْعِيَالِ رَئِيسَهُمُ الَّذِي كَانَ يَقُومُ بِأَمْرِهِمْ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ تَأَبَّطَ شَرًّا.

(أَنَّ) وَأَمَّا الْهَمْزَةُ وَالنُّونُ مُضَاعَفَةٌ فَأَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ صَوْتٌ بِتَوَجُّعٍ. قَالَ الْخَلِيلُ: تَقُولُ: أَنَّ الرَّجُلُ يَئِنُّ أَنِينًا وَأَنَّةً وَأَنًّا، وَذَلِكَ صَوْتُهُ بِتَوَجُّعٍ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: تَشْكُو الْخِشَاشَ وَمَجْرَى النِّسْعَتَيْنِ كَمَا ... أَنَّ الْمَرِيضُ إِلَى عُوَّادِهِ الْوَصِبُ

وَيُقَالُ: رَجُلٌ أَنَّانٌ، أَيْ: كَثِيرُ الْأَنِينِ. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ: الْقَوْسُ تَئِنُّ أَنِينًا: إِذَا لَانَ صَوْتُهَا وَامْتَدَّ، قَالَ الشَّاعِرُ:

تَئِنُّ حِينَ تَجْذِبُ الْمَخْطُومَا ... أَنِينَ عَبْرَى أَسْلَمَتْ حَمِيمَا

قَالَ يَعْقُوبُ: الْأَنَّانَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي يَمُوتُ عَنْهَا زَوْجُهَا وَتَتَزَوَّجُ ثَانِيًا، فَكُلَّمَا رَأَتْهُ رَنَّتْ وَقَالَتْ: رَحِمَ اللَّهُ فُلَانًا.

وَأَمَّا (الْهَمْزَةُ وَالْهَاءُ) فَلَيْسَ بِأَصْلٍ وَاحِدٍ، لِأَنَّ حِكَايَاتِ الْأَصْوَاتِ لَيْسَتْ أُصُولًا يُقَاسُ عَلَيْهَا، لَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ: أَهَّ أَهَّةً وَآهَةً. قَالَ مُثَقِّبٌ:

: إِذَا مَا قُمْتُ أَرْحُلُهَا بِلَيْلٍ ... تَأَوَّهُ آهَةَ الرَّجُلِ الْحَزِينِ

القَمْلُ

القَمْلُ: م، وإذا وُضِعَتْ قَمْلَةُ رأسٍ في ثَقْبِ فُولَةٍ، وسُقِيتْ صاحِبَ حُمَّى الرِّبْعِ، نَفَعَتْ، مُجَرَّبٌ، واحِدَتُهُ بهاءٍ،
كالقَمالِ، كسَحابٍ.
وقَمْلُ قُرَيشٍ: حَبُّ الصَّنَوْبَرِ.
وقَمْلَةُ النِسْرِ: دُوَيبَّةٌ.
وقَمِلَ رأسُه، كفَرِحَ: كَثُرَ قَمْلُهُ،
وـ العَرْفَجُ: اسْوَدَّ شيئاً، وصارَ فيه كالقَمْلِ،
وـ القَوْمُ: كَثُروا،
وـ الرَّجُلُ: سَمِنَ بَعْدَ الهُزالِ،
وـ بَطْنُهُ: ضَخُمَ.
وغُلٌّ قَمِلٌ، وأصْلُهُ أنَّهُم كاوا يَغُلُّون الأسيرَ، وعليه الشَّعَرُ قَيَقْمَلُ.
وأقْمَلَ الرِمْثُ: تَفَطَّرَ بالنَّباتِ، وقد بَدا ورَقُه صِغاراً.
وامْرَأةٌ قَمَلِيَّةٌ، كجَبَلِيَّةٍ وكفَرِحَةٍ وكسُكَّرَةٍ: قَصيرَةٌ جِدّاً.
والقَمَلِيُّ، مُحرَّكةً: القَصيرُ الصَّغيرُ الشانِ، والبَدَوِيُّ صارَ سَوَادِيّاً.
والقُمَّلُ، كسُكَّرٍ: صِغارُ الذَّرِّ، والدَّبَا الذي لا أجْنِحَــةَ له، أو شيءٌ صَغيرٌ بجَنَاحٍ أحْمَرَ، وشيءٌ يُشْبِهُ الحَلَمَ، لا يأكُلُ أكْلَ الجَرادِ، خَبيثُ الرائحَةِ، أو دَوابٌّ صِغارٌ كالقِرْدانِ، واحِدَتها: بهاءٍ، أو قَمْلُ الناسِ. وهذا القَوْلُ مَرْدُودٌ.
وقَمَلَى، كجَمَزَى ع.
وقَمَلانُ، مُحرَّكةً: د باليَمنِ.
وقَمُولَةُ: د بالصَّعيدِ، منه: أحمدُ بنُ محمدٍ، مُصَنِّفُ "البَحْرِ المحيطِ في شَرْحِ الوَسيط".
والمِقْمَلُ، كمِنْبَرٍ: منِ اسْتَغْنَى بعدَ فَقْرٍ.
والتَّقَمُّل: أدْنَى السمَنِ إذا بَدا،
والقَيْمولِيَا: صَفائِحُ كالرُّخامِ، بيضٌ بَرَّاقَةٌ، تَنْفَعُ من حَرْقِ النارِ، خاصَّةً بالماءِ والخَلِّ.

القرآن

القرآن:
[في الانكليزية] The Koran
[ في الفرنسية] Le Coran
بالضم اختلف فيه. فقيل هو اسم علم غير مشتقّ خاصّ بكلام الله فهو غير مهموز وبه قرأ ابن كثير وهو مروي عن الشافعي. وقيل هو مشتقّ من قرنت الشيء بالشيء سمّي به لقران السور والآيات والحروف فيه. وقال الفرّاء هو مشتقّ من القرائن وعلى كلّ تقدير فهو بلا همزة ونونه أصلية. وقال الزجاج هذا سهو والصحيح أنّ ترك الهمزة فيه من باب التخفيف، ونقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها. واختلف القائلون بأنّه مهموز، فقيل هو مصدر لقرأت سمّي به الكتاب المقروء من باب تسميته بالمصدر. وقيل هو وصف على فعلان مشتق من القرء بمعنى الجمع كذا في الاتقان. قال أهل السّنّة والجماعة: القرآن ويسمّى بالكتاب أيضا كلام الله تعالى غير مخلوق وهو مكتوب في مصاحفنا محفوظ في قلوبنا مقروء بألسنتنا مسموع بآذاننا غير حالّ فيها أي مع ذلك ليس حالّا في المصاحف ولا في القلوب والألسنة والآذان، لأنّ كلام الله ليس من جنس الحروف والأصوات لأنّها حادثة، وكلام الله صفة أزلية قديمة منافية للسكوت الذي هو ترك التكلّم مع القدرة عليه والآفة التي هي عدم مطاوعة الآلات بل هو معنى قديم قائم بذات الله تعالى يلفظ ويسمع بالنّظم الدّال عليه ويحفظ بالنظم المخيل ويكتب بنقوش وأشكال موضوعة للحروف الدالة عليه، كما يقال النار جوهر محرق يذكر باللفظ ويكتب بالقلم ولا يلزم منه كون حقيقة النار صوتا وحرفا. وتحقيقه أنّ للشيء وجودا في الأذهان ووجودا في الكتابة. فالكتابة تدلّ على العبارة وهي على ما في الأذهان وهو على ما في الأعيان، فحيث يوصف القرآن بما هو من لوازم القديم كقولنا القرآن غير مخلوق فالمراد حقيقته الموجودة في الخارج، وحيث يوصف بما هو من لوازم المخلوقات يراد به الألفاظ المنطوقة المسموعة كقولك قرأت نصف القرآن أو المخيلة كقولك حفظت القرآن أو الأشكال كقولك يحرم للمحدث مسّ القرآن. ثم الكلام القديم الذي هو صفة لله تعالى يجوز أن يسمع وهو مذهب الأشعري ومنعه الأستاذ أبو إسحاق الأسفرايني، وهو اختيار الشيخ أبي منصور رحمه الله تعالى. فمعنى قوله: حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ يسمع ما يدلّ عليه كما يقال سمعت علم فلان. فموسى صلوات الله عليه سمع صوتا دالّا على كلام الله، لكن لمّا كان بلا واسطة الكتاب والملك خصّ باسم الكليم. وقيل خصّ به لما سمعه من جميع الجهات على خلاف المعتاد. وأمّا من يجوّز سماعه فهو يقول خصّ به لأنّه سمع كلامه الأزلي بلا حرف وصوت كما يرى ذاته تعالى في الآخرة بلا كمّ ولا كيف.
فإن قيل لو كان كلام الله حقيقة في المعنى القديم مجازا في النّظم المؤلّف يصحّ نفيه عنه بأن يقال ليس النّظم كلام الله والإجماع على خلافه، وأيضا المعجز هو كلام الله حقيقة مع القطع بأنّ الإعجاز إنّما يتصوّر في النظم.
قلنا التحقيق أنّ كلام الله تعالى مشترك بين الكلام النفسي القديم ومعنى الإضافة كونه صفة له تعالى وبين اللفظي الحادث، ومعنى الإضافة حينئذ أنّه مخلوق له تعالى ليس من تأليفات المخلوقين، فلا يصحّ النفي أصلا ولا يكون الإعجاز إلّا في كلام الله تعالى. وما وقع في عبارة بعض المشايخ من أنّه مجاز فليس معناه أنّه غير موضوع للنظم بل إنّ الكلام في التحقيق وبالذات اسم للمعنى القائم بالنفس وتسمية اللفظ به وضعه لذاك إنّما هو باعتبار دلالته على المعنى، فلا نزاع لهم في الوضع والتسمية باعتبار معنى مجازي يكون حقيقة أيضا، كما يكون باعتبار معنى حقيقي. ويؤيّد هذا ما وقع في شرح التجريد من أنّه لا نزاع في إطلاق اسم القرآن وكلام الله بطريق الاشتراك على المعنى القائم بالنفس القديم وعلى المؤلّف الحادث وهو المتعارف عند العامة والقراء والأصوليين والفقهاء وإليه يرجع الخواص التي هي من صفات الحادث. وإطلاق هذين اللفظين عليه ليس بمجرد أنّه دالّ على كلامه القديم حتى لو كان مخترع هذه الألفاظ غير الله تعالى لكان الإطلاق بحاله، بل لأنّ له اختصاصا به تعالى وهو أنّه اخترعه بأن أوجد أولا الأشكال في اللوح المحفوظ لقوله بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ والأصوات في لسان الملك لقوله: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ. ثم اختلفوا، فقيل القرآن وكلام الله اسمان لهذا المؤلّف المخصوص القائم بأوّل لسان اخترعه الله تعالى فيه، حتى إنّ ما يقرأه كلّ أحد سواه بلسان يكون مثله لا عينه. والأصحّ أنّه اسم له لا من حيث تعيّن المحلّ فيكون واحدا بالنوع ويكون ما يقرأه القارئ أيّ قارئ كان نفسه لا مثله، وهكذا الحكم في كلّ متغيّر وكتاب ينسب إلى مؤلّفه. وعلى التقديرين فقد يجعل اسما للمجموع بحيث لا يصدق على البعض وقد يجعل اسما بمعنى كلّ صادق على المجموع وعلى كلّ بعض من أبعاضه.
وبالجملة فما يقال إنّ المكتوب في كلّ مصحف والمقروء بكل لسان كلام الله، فباعتبار الوحدة النوعية. وما يقال إنّه حكاية عن كلام الله ومماثل له وإنّما الكلام هو المخترع في لسان الملك فباعتبار الوحدة الشخصية. وما يقال إنّ كلام الله ليس قائما بلسان أو قلب ولا حالّا في مصحف فيراد به الكلام الحقيقي النفسي. ومنعوا من القول بحلول اللفظي أيضا رعاية للتأدّب واحترازا عن ذهاب الوهم إلى الحقيقي النفسي، على أنّ إطلاق اسم المدلول على الدّال وكذا إجراء صفات الدّال على المدلول شائع ذائع مثل: سمعت هذا المعنى من فلان انتهى كلامه. وقال صاحب المواقف إنّ المعنى من قول مشايخنا كلام الله تعالى معنى قديم ليس المراد به مدلول اللفظ بل الأمر القائم بالغير فيكون الكلام النفسي عندهم أمرا شاملا للفظ والمعنى جميعا قائما بذاته تعالى وهو مكتوب في المصاحف مقروء بالألسنة محفوظ في الصدور، وهو غير القراءة والكتابة والحفظ الحادثة. وما يقال من أنّ الحروف والألفاظ مترتّبة متعاقبة فجوابه أنّ ذلك الترتّب إنما هو في التلفّظ بسبب عدم مساعدة الآلة، فالتلفّظ حادث والأدلة الدالة على الحدوث يجب حملها على حدوثه دون حدوث الملفوظ جمعا بين الأدلة انتهى. قيل عليه القول بأنّ ترتّب الحروف إنّما هو في التلفّظ دون الملفوظ، فالتلفّظ حادث دون الملفوظ أمر خارج عن العقل وما ذلك إلّا مثل أن يتصوّر حركة تكون أجزاؤها مجتمعة في الوجود لا يكون لبعضها تقدّم على بعض، ويندفع بما قيل إنّ المراد بالملفوظ هو اللفظ القائم به تعالى وبالتلفّظ اللفظ القائم بنا عبّر عنه بالتلفّظ، فرقا بينهما وإشعارا بأنّ اللفظ الحادث كالنسبة المصدرية لكونه غير قارّ، ولولا هذا الاعتبار لكان القول بقدم الملفوظ دون التلفّظ تناقضا، وبه يندفع من أنّ حمل المعنى على الأمر القائم بالغير بعيد جدا لأنّ الأدلة إنّما تدلّ على حدوث ماهية القرآن لا حدوث التلفّظ لأنّه ليس بقرآن، وذلك لأنّ اللفظ يعدّ واحدا في المحال كلها وتباينه إنّما هو بتباين الهيئات. فاللفظ القائم بنا وبه تعالى واحد حقيقة، والأول حادث والثاني قديم.
فإن قيل يفهم من هذا التوجيه أنّه لا ترتّب في اللفظ القائم بذاته تعالى فيلزم عدم الفرق بين لمع وعلم. قيل ترتّب الكلمات وتقدّم بعضها على بعض لا يقتضي الحدوث لأنّ التقدّم ربما لا يكون زمانيا كالحروف المنطبعة في شمعة دفعة من الطابع عليه، وقد يمثل أيضا بوجود الألفاظ في نفس الحافظ فإنّ جميعها مع الترتيب المخصوص مجتمعة الوجود فيها وليس وجود بعضها مشروطا بانقضاء البعض وانعدامه عن نفسه. والفرق بأنّ وجود الحرف على هذا الوجه في ذاته تعالى بالوجود العيني وفي نفس الحافظ بالظلّي لا يضرّ إذ الغرض منه مجرّد التصوير والتفهيم لا إثباته بطريق التمثيل، فحينئذ يكون الحاصل أنّ الترتيب المقتضي للحدوث إنّما هو في التلفّظ أي اللفظ القائم بنا، هذا غاية توجيه المقام فافهم.
فائدة:
في بيان كيفية الإنزال قال في الاتقان وفيه مسائل. الأولى قال الله تعالى شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ وقال إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. اختلف في كيفية إنزاله من اللوح المحفوظ على ثلاثة أقوال. الأول وهو الأصح الأشهر أنّه نزل إلى سماء الدنيا ليلة القدر جملة واحدة ثم نزل بعد ذلك منجّما في عشرين سنة أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين على حسب الخلاف في مدة إقامته صلى الله عليه وآله وسلم بمكة بعد البعثة.
الثاني أنّه نزل إلى سماء الدنيا في عشرين ليلة القدر أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين، في كلّ ليلة ما يقدر الله إنزاله في كلّ سنة، ثم نزل بعد ذلك منجّما في جميع السنة، وهذا القول ذكره الرازي بطريق الاحتمال ثم توقّف. هل هذا أولى أو الأول؟ قال ابن كثير وهذا الذي جعله احتمالا نقله القرطبى عن مقاتل بن حيان، وحكى الإجماع على أنّه نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزّة في سماء الدنيا. الثالث أنّه ابتدأ انزاله في ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك منجّما في أوقات مختلفة من سائر الأوقات، وبه قال الشعبي. قال ابن حجر والأول هو الصحيح المعتمد. قال وحكى الماوردي قولا رابعا أنّه نزل من اللوح المحفوظ جملة واحدة وأنّ الحفظة نجّمته على جبرئيل في عشرين ليلة وأنّ جبرئيل نجّمه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في عشرين سنة، والمعتمد أنّ جبرئيل كان يعارضه في رمضان بما ينزل به عليه في طول السنة. قال أبو شامة:
نزوله جملة إلى سماء الدنيا قبل ظهور نبوّته ويحتمل أن يكون بعدها، قيل الظاهر هو الثاني. قيل السرّ في إنزاله جملة إلى سماء الدنيا تفخيم أمره وأمر من نزل عليه وذلك بإعلام سكان السموات السبع أنّ هذا آخر الكتب المنزّلة على خاتم الرسل أشرف الأمم قد قرّبناه إليهم لننزّله عليهم، ولولا أنّ الحكمة الإلهية اقتضت وصوله إليهم منجّما بحسب الوقائع لهبط به إلى الأرض جملة كسائر الكتب المنزّلة قبله، ولكن الله باين بينه وبينها فجعل له الأمرين إنزاله جملة ثم إنزاله مفرّقا تشريفا للمنزّل عليه. وقيل إنزاله منجّما لأنّ الوحي إذا كان يتجدّد في كلّ حادثة كان أقوى للقلب وأشدّ عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك إليه فيحدث له من السرور ما يقصر عنه العبارة. والثانية في كيفية الإنزال والوحي.
قال الأصفهاني اتفق أهل السّنة والجماعة على أنّ كلام الله منزّل واختلفوا في معنى الإنزال.
فمنهم من قال إظهار القراءة، ومنهم من قال إنّ الله تعالى ألهم كلامه جبرئيل وهو في السماء وهو عال من المكان وعلّمه قراءته ثم جبرئيل أدّاه إلى الأرض وهو يهبط في المكان. وفي التنزيل طريقان أحدهما أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم انخلع من الصورة البشرية إلى الصورة الملكية وأخذه من جبرئيل، ثانيهما أنّ الملك انخلع إلى البشرية حتى يأخذه الرسول منه، والأوّل أصعب الحالين. وقال القطب الرازي إنزال الكلام ليس مستعملا في المعنى اللغوي الحقيقي وهو تحريك الشيء من العلو إلى السفل بل هو مجاز. فمن قال بقدمه فإنزاله أن يوجد الكلمات والحروف الدّالّة على ذلك المعنى ويثبتها في اللوح المحفوظ، ومن قال بحدوثه وأنّه هو الألفاظ فإنزاله مجرّد إثباته في اللوح المحفوظ. ويمكن أن يكون المراد بإنزاله إثباته في سماء الدنيا بعد الإثبات في اللوح المحفوظ والمراد بإنزال الكتب على الرسل أن يتلقّفها الملك من الله تلقّفا روحانيا أو يحفظها من اللوح المحفوظ وينزل بها فيلقيها عليهم.

وقال غيره فيه ثلاثة أقوال: الأول أنّ المنزّل هو اللفظ والمعنى وأنّ جبرئيل حفظ القرآن من اللوح المحفوظ ونزل به، وذكر بعضهم أنّ أحرف القرآن في اللوح المحفوظ كلّ حرف منها بقدر جبل قاف، وأنّ تحت كلّ حرف منها معان لا يحيط بها إلّا الله. الثاني أنّ جبرئيل عليه السلام إنّما نزل بالمعاني خاصة وأنّه صلى الله عليه وآله وسلم علم تلك المعاني وعبّر عنها بلغة العرب لقوله تعالى نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ، الثالث أنّ جبرئيل ألقى عليه المعنى وأنّه عبّر بهذه الألفاظ بلغة العرب، وأنّ أهل السماء يقرءونه بالعربية ثم أنّه نزل به كذلك بعد ذلك. وقال الجويني كلام الله المنزّل قسمان. قسم قال الله تعالى لجبرئيل قل للنبي الذي أنت مرسل إليه إنّ الله يقول افعل كذا وكذا وأمر بكذا وكذا، ففهم جبرئيل ما قاله ربّه ثم نزل على ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال له ما قاله ربّه، ولم تكن العبارة تلك العبارة كما يقول الملك لمن يثق به قل لفلان يقول لك الملك اجتهد في الخدمة واجمع الجند للقتال، فإن قال الرسول يقول لك الملك لا تتهاون في خدمتي واجمع الجند وحثّهم على المقاتلة لا ينسب إلى كذب ولا تقصير في أداء الرسالة. وقسم آخر قال الله تعالى لجبرئيل اقرأه على النبي هذا الكتاب فنزل جبرئيل بكلمة الله من غير تغيير كما يكتب الملك كتابا ويسلّمه إلى أمين ويقول اقرأه على فلان فهو لا يغيّر منه كلمة ولا حرفا. قيل القرآن هو القسم الثاني والقسم الأول هو السّنّة. كما ورد أنّ جبرئيل كان ينزل بالسّنّة كما ينزل بالقرآن. ومن هاهنا جاز رواية السّنّة بالمعنى لأنّ جبرئيل أدّاه بالمعنى ولم تجز القراءة بالمعنى لأنّ جبرئيل أدّاه باللفظ. والسّرّ في ذلك أنّ المقصود منه التعبّد بلفظه والإعجاز به وأنّ تحت كلّ حرف منه معان لا يحاط بها كثرة فلا يقدر أحد أن يأتي بلفظ يقوم مقامه، والتخفيف على الأمة حيث جعل المنزّل إليهم على قسمين: قسم يروونه بلفظ الموحى به وقسم يروونه بالمعنى، ولو جعل كلّه مما يروى باللفظ لشقّ أو بالمعنى لم يؤمن من التبديل والتحريف. الثالثة للوحي كيفيات. الأولى أن يأتيه الملك في مثل صلصلة الجرس كما في الصحيح وفي مسند احمد (عن عبد الله بن عمر سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هل تحسّ بالوحي؟ فقال أسمع صلاصل ثم اسكت عند ذلك. فما من مرّة يوحى إليّ إلّا ظننت أنّ نفسي تقبض). قال الخطابي المراد أنّه صوت متداول يسمعه ولا يتبينه أوّل ما يسمعه حتى يفهمه بعد. وقيل هو صوت خفق أجنحــة الملك، والحكمة في تقدّمه أن يقرع سمعه الوحي فلا يبقي فيه مكانا لغيره. وفي الصحيح أنّ هذه الحالة أشدّ حالات الوحي عليه. وقيل إنّه إنّما كان ينزل هكذا إذا نزلت آية وعيد أو تهديد. الثانية أن ينفث في روعه الكلام نفثا كما قال صلى الله عليه وآله وسلم (إنّ روح القدس نفث في روعي) أخرجه الحاكم، وهذا قد يرجع إلى الحالة الأولى أو التي بعدها بأن يأتيه في إحدى الكيفيتين وينفث في روعه. الثالثة أن يأتيه في صورة رجل فيكلّمه كما في الصحيح (وأحيانا يتمثّل لي الملك رجلا فيكلّمني فأعي ما يقول) زاد أبو عوانة في صحيحة وهو أهونه عليّ. الرابعة أن يأتيه في النوم وعدّ من هذا قوم سورة الكوثر. الخامسة أن يكلّمه الله تعالى إمّا في اليقظة كما في ليلة الإسراء أو في النوم كما في حديث معاذ (أتاني ربّي فقال فيم يختصم الملأ الأعلى) الحديث انتهى ما في الإتقان.
وقال الصوفية القرآن عبارة عن الذات التي يضمحلّ فيها جميع الصفات فهي المجلى المسمّى بالأحدية أنزلها الحقّ تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليكون مشهد الأحدية من الأكوان. ومعنى هذا الإنزال أنّ الحقيقة الأحدية المتعالية في ذراها ظهرت بكمالها في جسده، فنزلت عن أوجها مع استحالة العروج والنزول عليها، لكنه صلى الله عليه وآله وسلم لما تحقّق بجسده جميع الحقائق الإلهية وكان مجلى الاسم الواحد بجسده، كما أنّه بهويته مجلى الأحدية وبذاته عين الذات، فلذلك قال صلى الله عليه وآله وسلم: (أنزل عليّ القرآن جملة واحدة) يعبّر عن تحقّقه بجميع ذلك تحقّقا ذاتيا كليا جسميا، وهذا هو المشار إليه بالقرآن الكريم لأنه أعطاه الجملة، وهذا هو الكرم التّام لأنّه ما ادّخر عنه شيئا بل أفاض عليه الكلّ كرما إلهيا ذاتيا. وأمّا القرآن الحكيم فهو تنزّل الحقائق الإلهية بعروج العبد إلى التحقّق بها في الذات شيئا فشيئا على مقتضى الحكمة الإلهية التي يترتّب الذات عليها فلا سبيل إلى غير ذلك، لأنّه لا يجوز من حيث الإمكان أن يتحقّق أحد بجميع الحقائق الإلهية بجهده من أوّل إيجاده، لكن من كانت فطرته مجبولة على الألوهة فإنّه يترقّى فيها ويتحقّق منها بما ينكشف له من ذلك شيئا بعد شيء مرتبا ترتيبا إلهيا. وقد أشار الحقّ إلى ذلك بقوله:
وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا، وهذا الحكم لا ينقطع ولا ينقضي، بل لا يزال العبد في ترقّ، وهكذا لا يزال الحقّ في تجلّ، إذ لا سبيل إلى استيفاء ما لا يتناهى لأنّ الحقّ في نفسه لا يتناهى. فإن قلت ما فائدة قوله: أنزل عليّ القرآن جملة واحدة؟ قلنا ذلك من وجهين: الوجه الواحد من حيث الحكم لأنّ العبد الكامل إذا تجلّى الحقّ له بذاته حكم بما شهده أنّه جملة الذات التي لا تتناهى وقد تنزّلت فيه من غير مفارقة لمحلها الذي هو المكانة. والوجه الثاني من حيث استيفاء بقيات البشرية واضمحلال الرسوم الخلقية بكمالها لظهور الحقائق الإلهية بآثارها في كلّ عضو من أعضاء الجسد. فالجملة متعلّقة بقوله على هذا الوجه الثاني، ومعناها ذهاب جملة النقائص الخلقية بالتحقّق بالحقائق الإلهية.
وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أنزل القرآن دفعة واحدة إلى سماء الدنيا) ثم أنزله الحقّ عليه آيات مقطّعة بعد ذلك، هذا معنى الحديث. فإنزال القرآن دفعة واحدة إلى سماء الدنيا إشارة إلى التحقّق الذاتي، ونزول الآيات مقطّعة إشارة إلى ظهور آثار الأسماء والصفات مع ترقّي العبد في التحقّق بالذات شيئا فشيئا. وقوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ، فالقرآن العظيم هاهنا عبارة عن الجملة الذاتية لا باعتبار النزول ولا باعتبار المكانة بل مطلق الأحدية الذاتية التي هي مطلق الهوية الجامعة لجميع المراتب والصفات والشئون والاعتبارات المعبّر عنها بساذج الذات مع جملة الكمالات.
ولذا قورن بلفظ العظيم لهذه العظمة، والسبع المثاني عبارة عمّا ظهر عليه في وجوده الجسدي من التحقّق بالسبع الصفات. وقوله تعالى الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ إشارة إلى أنّ العبد إذا تجلّى عليه الرحمن يجد في نفسه لذة رحمانية تكسبه تلك اللذة معرفة الذات فتتحقّق بحقائق الصفات، فما علّمه القرآن إلّا الرحمن وإلّا فلا سبيل إلى الوصول إلى الذات بدون تجلّي الرحمن الذي هو عبارة عن جملة الأسماء والصفات، إذ الحقّ تعالى لا يعلم إلّا من طريق أسمائه وصفاته فافهم، ولا يعقله إلّا العالمون، كذا في الانسان الكامل.
القرآن: عند أهل الفقه: اللفظ المنزل على محمد للإعجاز بسورة منه، المكتوب في المصاحف المنقول عنه نقلا متواترا.القرآن عند أهل الحق: العلم اللدني الإجمالي الجامع للحقائق كلها.
القرآن
هو العلم الخاص بهذا الكتاب الذى نزل على محمد، لم يشركه غيره من كتب الله في هذا الاسم، وقد اختار الكتاب العزيز له من الصفات ما يوضّح رسالته، والهدف الذى نزل من أجله، فهو هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (البقرة 97). هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ (البقرة 185). هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (آل عمران 138).
هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ (فصلت 44). يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (الأحقاف 30). أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (الكهف 1، 2). فرسالة القرآن الأساسية هداية الناس إلى الحق وطريق الصواب، وتبشير المهتدى وإنذار الضال، إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (الإسراء 9، 10).
وإذا كان الكتاب قد أنزل للهداية صحّ وصفه بأنه شفاء، أليس هو بلسما يبرئ أدواء القلوب، ودواء لعلل النفوس، وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (الإسراء 82). وصح وصفه بأنه كالمصباح، يخرج الناس من الظلمات إلى النور، كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (إبراهيم 1). وبأنه لم يدع سبيلا للإرشاد إلا بيّنه، وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ (النمل 89). ولما كان كتاب هداية كان واضحا في دلالته، بيّنا في إرشاده، هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ (العنكبوت 49). وكان خير ذكرى، يلجأ إليه المسترشد فيرشد، والضال فيجد عنده التوفيق والهداية، إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ (الأنعام 90). وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ (الزخرف 44). وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا (الإسراء 41). وهو ذكر مبارك، ناضج الثمر، جليل الأثر، وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ (الأنعام 92). وهو حق لا مرية فيه لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (فصلت 42). وهو قول فصل وَما هُوَ بِالْهَزْلِ (الطارق 14). وكتاب حكيم، وذكر مبين، قد أحكمت آياته، ثم فصلت.
أليس كتاب هذا شأنه وتلك صفاته جديرا بالاتّباع، خليقا بالاسترشاد والاقتداء، أو ليس في تلك الصفات ما يحرك النفس إلى الاستماع إليه، وتدبر آياته، والإنصات إلى عظاته، ولا سيما أنه كثيرا ما يقترن بذكر الحكمة، وفي الحكمة ما يغرى بحبها واتباعها، إذ يقول: كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (البقرة 151).
وردد القرآن كثيرا أنه نزل من الله بالحق، وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ (الإسراء 105). ويؤكد ذلك في قوله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (الإنسان 23). وينفى أن يكون وحى شيطان، أو أن يستطيع الشياطين الإيحاء بمثله، وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (الشعراء 192 - 194).
وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (الشعراء 210، 211). ويؤكد في صراحة أن الإنس والجن مجتمعين لا يستطيعون الإتيان بمثل القرآن، ولو ظاهر بعضهم بعضا، وإذا كان المجيء به مما ليس في طوق مخلوق فمن غير المعقول أن يفترى من دون الله، وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (يونس 37). ولما ادعى المعارضون أن محمدا تقوّله أو افتراه تحداهم القرآن أن يأتوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (الطور 34). ثم تحداهم أن ائتوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (هود 13). ثم نزل إلى سورة مثله، فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (القصص 50). ويتحدث القرآن في صراحة عما كان يمكن أن ينتظر محمدا من الجزاء الصارم لو أنه افترى أو تقوّل، فقال: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (الحاقة 44 - 47). أرأيت كيف يصوّر القرآن، كيف يلتزم محمد ما أوحى إليه، من غير أن يستطيع تعدى الحدود التى رسمت له، فى جلاء ووضوح، لأنه ليس سوى رسول عليه بلاغ ما عهد إليه أن يبلغه فى أمانة وصدق.
كما ردد كثيرا أنه بلسان عربىّ مبين، إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (يوسف 2).
وفي ترديد هذه الفكرة ودفع العجمة عن القرآن، ما يدفع العرب إلى التفكير في أمره وأن كونه بلسانهم ثمّ عجزهم عن المجيء بمثله، مع تحديهم صباح مساء، دليل على أنه ليس من عند محمد، ولا قدرة لمحمد على الإتيان بقرآن مثله، وهو بهذا الوصف يقرر عجزهم الدائم، وأنه لا وجه لهم في الانحراف عن جادة الطريق، وما يدعو إليه العقل السليم، والتفكير المستقيم.
وقرّر أنه كتاب متشابه مثان، ومعنى تشابهه أن بعضه يشبه بعضا في قوة نسجه، وعمق تأثيره، وإحكام بلاغته، فكل جزء مؤثر بألفاظه وأفكاره وأخيلته وتصويره، ومعنى أنه مثان أن ما فيه من معان يثنى في مواضع مختلفة، ومناسبات عديدة، فيكون لهذا التكرير أثره في الهداية والإرشاد، وهو بهذا التكرير يؤدى رسالته التى جاء من أجلها، ولذا كان بتشابهه وتكرير ما جاء به من عظات، مؤثرا أكبر الأثر في القلوب، حتى لتقشعرّ منه جلود أولئك الذين يتدبرونه، وتنفعل له قلوبهم، ثم لا يلبثون أن تطمئن أفئدتهم إلى هداه، وتهدأ نفوسهم إلى ذكر الله، اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (الزمر 23). ويعرف القرآن ما له من تأثير قوى بالغ حتى لتتأثر به صم الحجارة إذا أدركت معناه، لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ (الحشر 21).
ومع طول القرآن وتعدد مناحيه لا عوج فيه، ولا اضطراب في أفكاره ولا أخيلته، أو لا ترى أن أمّيا لا يستطيع تأليف كتاب على هذا القدر من الطول من غير أن يقع فيه الخلل والاختلاف والاضطراب، أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (النساء 82).
ومما أكده القرآن أنه مصدّق لما نزل قبله من التوراة والإنجيل، وإلى جانب ذلك، سجل القرآن ما قابله به أهل الكتاب والمشركون، من كفر به وإنكار له، أما بعض أهل الكتاب فقد مضوا يكابرون، منكرين أن يكون الله قد أنزل كتابا على إنسان، وما كان أسهل دحض هذه الفرية بما بين أيديهم من كتاب موسى، يبدون بعضه ويخفون الكثير منه، قال سبحانه: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (الأنعام 91). ولم يزد الكثير من أهل الكتاب نزول القرآن إلا تماديا فى الكفر وشدة في الطغيان، قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ
وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ
(المائدة 68). وقالوا إن محمّدا يتعلم القرآن من إنسان عليم بأخبار الماضين، وكان من السهل أيضا إبطال تلك الدعوى، فإن هذا الذى زعموه يعلمه ذو لسان أعجمى، وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (النحل 103). ثم زعموا أنه إفك اختلقه، وأعانه على إتمامه سواه ممن يعرفون أساطير الأولين ويتقنونها، وهنا يرد القرآن في هدوء بأن هذه الأسرار التى في القرآن، والتى ما كان يعلمها محمد ولا قومه، إنما أنزلها الذى يعلم أسرار السموات والأرض، وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (الفرقان 4 - 6). ونزلوا في المكابرة إلى أعمق درك، فزعموا مرة أن ليس ما في القرآن من أخبار سوى أضغاث أحلام، وحينا زعموا أنه قول شاعر، وأن القرآن لا يصلح أن يكون آية قاطعة كآيات الرسل السابقين، بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (الأنبياء 5). ولم يتحمل القرآن الرد على دعوى أضغاث الأحلام لتفاهتها، ووضوح بطلانها، ولكنه نفى أن يكون القرآن شعرا بوضوح الفرق بين القرآن والشعر، الذى لا يليق أن يصدر من محمد، وجعلوا القرآن سحرا من محمد، لا صلة لله به، وهنا يبين القرآن مدى مكابرتهم، فيقول: وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (الأنعام 7).
ومضى بعض الناس يذيع الأحاديث الباطلة ليضل عن سبيل الله، ويصم أذنيه عن سماع القرآن مستكبرا مستهزئا به، والقرآن يغضب لموقف هؤلاء شديد الغضب، وينذرهم كما استهزءوا، بعذاب يهينهم ويؤلمهم، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (لقمان 6، 7).
ومن عجب أن كثيرا من الكافرين كان لا يرضى عما في القرآن من أفكار التوحيد والعبادة، فكان يطلب من الرسول أن يأتى بقرآن غير هذا القرآن، فكان رد الرسول صريحا في أنه لا يستطيع أن يفعل شيئا من تلقاء نفسه، وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (يونس 15).
ومما اعترضوا به على القرآن أنه نزل منجّما، واقترحوا أن ينزل دفعة واحدة، ولكن القرآن ردّ على هذا الاقتراح، بأن نزوله على تلك الطريقة، فيه تثبيت لفؤاد الرسول، ليكون دائم الاتصال بربه، أو ليس في نزوله كذلك تثبيت لأفئدة المؤمنين أيضا إذ ينقلهم القرآن بتعاليمه مرحلة مرحلة إلى الدين الجديد، ويروى القرآن هذا الاعتراض، ويرد عليه في قوله سبحانه: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (الفرقان 32، 33).
ولقد تعبوا في صدّ تيار القرآن الجارف، ووقف أثره في النفوس فما استطاعوا ثم هداهم خيالهم الضّيق إلى طريقة يحولون بها بين القرآن وسامعيه تلك هى الصّخب عند سماع القرآن واللغو فيه، ولما كان في ذلك استقبال لا يليق بالقرآن قابله الله بتهديد عنيف، وإيعاد شديد، إذ يقول: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (فصلت 26 - 28). وذلك أقوى دليل على الإخفاق، وأنه لا حجة عندهم يستطيعون أن يهدموا بها حجة القرآن.
وحرّك القرآن فيهم غريزة الخوف إن كذبوا به، فسألهم ماذا تكون النتيجة إذا ثبت حقّا أنه من عند الله، وظلوا كافرين به، أيكون ثمّ من هو أضل منهم أو أظلم، يثير تلك الغريزة في قوله: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (فصلت 52). ويقف منهم موقف من بين الخير والشر، ثم تركهم لأنفسهم يفكرون، ألا يثير فيهم ذلك كثيرا من الخوف من أن ينالهم سوء إعراضهم بأوخم العواقب، إذ يقول: إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (الزمر 41). أما سورة الفرقان فيراد به هنا القرآن، كما أنه في مواضع أخرى يطلق على كتب الله، لأنها تفرق بين الحق والباطل، والصواب والخطأ.
ولعل بدء هذه السورة بقوله سبحانه: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (الفرقان 1). فيه دلالة على أنها تحوى إنذارا ووعيدا وتهديدا، وحقا لقد اتسمت هذه السورة بالرد المنذر على كثير من دعاوى المنكرين لأحقية القرآن ورسالة محمد ووحدانية الله، وقد بدأها بالحديث عن منزل القرآن، وتفرده بالملك وتعجبه من أن اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً (الفرقان 3). وبدأ بعد ذلك يعدد مفترياتهم على القرآن وتشكيكهم في رسالة محمد، ثم يتعمّق في السبب الذى دفعهم إلى إنكار القرآن ونبوة محمد، فيراه التكذيب باليوم الآخر، وكأنما غضبت جهنم لهذا التكذيب، حتى إنها إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً (الفرقان 12).
ويمضى في تصوير ما ينتظرهم في ذلك اليوم من مصير مؤلم موازنا بين ذلك، وبين جنة الخلد التى وعد المتقون، ثم يعود إلى أكاذيبهم، فيردّ على بعضها، ويبسط
بعضها الآخر، واضعا إلى جانب هذه الأكاذيب ما ينتظرها من عقوبة يوم الدين، وهنا يلجأ إلى التصوير المؤثر، يرسم به موقفهم في ذلك اليوم، علّه يردهم بذلك إلى الصواب، إذا ذكروا سوء المغبة؛ وتأمل قوة تصوير من ظلم نفسه بهجر القرآن وتكذيبه، فى قوله: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (الفرقان 27 - 30). ويعود مرة إلى شبهة من شبهاتهم في القرآن فيدحضها وينذرهم بشر مكان في جهنم، ويعدد لهم عواقب من كذب الرسل من قبلهم. ثم يأتى إلى إثم آخر من آثامهم باستهزائهم بالرسول الذى كاد يصرفهم عن آلهتهم، لولا أن صبروا عليها، وهنا يناقشهم في اتخاذ هذه الآلهة التى لا يصلح اتخاذها إلها إذا وزنت بالله الذى يعدد من صفاته ما يبين بوضوح وجلاء أنهم يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ (الفرقان 55). ويطيل القرآن في تعداد صفات الله وبيان مظاهر قدرته. وإذا كانت السورة قد مضت تنذر المنكرين وتعدّد آثامهم، فإنها قد أخذت تذكر كذلك صفات المؤمنين الصادقين، ليكونوا إلى جانبهم مثالا واضحا للفرق بين الصالح والطّالح، ولتكون الموازنة بينهما مدعاة إلى تثبيت النموذجين في النفس، وختمت السورة بالإنذار بأن العذاب نازل بهم لا محالة، ما داموا قد كذبوا، فكانت السورة كلّها من المبدأ إلى المنتهى تتجه إلى الوعيد، ما دامت تناقش المنكرين في مفتريات تتعلق بالقرآن ومن نزل عليه القرآن، وقد رأينا كيف كان يقرن كل افتراء بما أعدّ له من العذاب.

المُوقُ

المُوقُ، بالضم: النَّمْلُ له أجْنِحَــةٌ، والغُبارُ، وماقُ العَينِ، وخُفٌّ غليظٌ يُلْبَسُ فَوْقَ الخُفِّ، ج: أمْواقٌ، والحُمْقُ في غَباوَةٍ، يقالُ: أحْمَقُ مائِقٌ، ج: مَوْقَى، كسَكْرَى.
وماقَ مَواقَةً ومُؤُوقاً ومُوقاً، بضمهما: حَمُقَ،
وـ البَيْعُ مَوْقاً، بالفتح: رَخُصَ،
وـ فلانٌ مَوْقاً ومُوقاً ومُؤُوقاً، بضمهما، ومَواقَةً: هَلَكَ،
كانْماقَ.
ومُوقانُ، بالضم: كُورَة بِإِرْمِينِيَةَ.
واسْتَماقَ: اسْتَحْمَقَ.

الحرشف

(الحرشف)
فلوس السّمك وَمَا يزين بِهِ السِّلَاح من فضَّة وَنَحْوهَا (على التَّشْبِيه) وصغار الطير وَالْحَيَوَان وَالْجَرَاد لم تنْبت أجنحــته وَمن النَّاس الشُّيُوخ أَو الضُّعَفَاء وَمن الْجَيْش المشاة وجنس نَبَات خشن من الفصيلة المركبة (وَانْظُر خرشوف) (ج) حراشف

(الحرشف) الأَرْض الغليظة

منارة الحوافِرِ

منارة الحوافِرِ:
وهي منارة عالية في رستاق همذان في ناحية يقال لها ونجر في قرية يقال لها أسفجين، قرأت خبرها في كتاب أحمد بن محمد بن إسحاق الهمذاني قال: كان سبب بنائها أن سابور بن أردشير الملك قال له منجموه:
إن ملكك هذا سيزول عنك وإنك ستشقى أعواما كثيرة حتى تبلغ إلى حدّ الفقر والمسكنة ثم يعود إليك الملك، قال: وما علامة عوده؟ قالوا: إذا أكلت خبزا من الذهب على مائدة من الحديد فذلك علامة رجوع ملكك، فاختر أن يكون ذلك في زمان شبيبتك أو في كبرك، قال: فاختار أن يكون في شبيبته وحدّ له في ذلك حدّا فلما بلغ الحدّ اعتزل ملكه وخرج ترفعه أرض وتخفضه أخرى إلى أن صار إلى هذه القرية فتنكّر وآجر نفسه من عظيم القرية وكان معه جراب فيه تاجه وثياب ملكه فأودعه عند الرجل الذي آجر نفسه عنده فكان يحرث له نهاره ويسقي زرعه ليلا فإذا فرغ من السقي طرد الوحش عن الزرع حتى يصبح، فبقي على ذلك سنة فرأى الرجل منه حذقا ونشاطا وأمانة في كل ما يأمره به فرغب فيه واسترجح عقل زوجته واستشارها أن يزوّجه إحدى بناته وكان له ثلاث بنات فرغبت لرغبته فزوّجه ابنته فلما حوّلها إليه كان سابور يعتزلها ولا يقربها، فلما أتى على ذلك شهر شكت إلى أبيها فاختلعها منه وبقي سابور يعمل عنده، فلما كان بعد حول آخر سأله أن يتزوّج ابنته الوسطى ووصف له جمالها وكمالها وعقلها فتزوّجها فلما حوّلها إليه كان سابور أيضا معتزلا لها ولا يقربها، فلما تمّ لها شهر سألها أبوها عن حالها مع زوجها فاختلعها منه، فلما كان حول آخر وهو الثالث سأله أن يزوّجه ابنته الصغرى ووصف له جمالها ومعرفتها وكمالها وعقلها وأنها خير أخواتها فتزوّجها، فلما حوّلها إليه كان سابور أيضا معتزلا لها ولا يقربها، فلما تمّ لها شهر سألها أبوها عن حالها مع زوجها فأخبرته أنها معه في أرغد عيش وأسرّه، فلما سمع سابور بوصفها لأبيها من غير معاملة له معها وحسن صبرها عليه وحسن خدمتها له رقّ لها قلبه وحنّ عليها ودنا منها ونام معها فعلقت منه وولدت له ابنا، فلما أتى على سابور أربع سنين أحبّ رجوع ملكه إليه، فاتفق أنه كان في القرية عرس اجتمع فيه رجالهم ونساؤهم، وكانت امرأة سابور تحمل إليه طعامه في كل يوم ففي ذلك اليوم اشتغلت عنه إلى بعد العصر لم تصلح له طعاما ولا حملت إليه شيئا، فلما كان بعد العصر ذكرته فبادرت إلى منزلها وطلبت شيئا تحمله إليه فلم تجد إلّا رغيفا واحدا من جاورس فحملته إليه فوجدته يسقي الزرع وبينها وبينه ساقية ماء فلما وصلت إليه لم تقدر على عبور الساقية فمدّ إليها سابور المرّ الذي كان يعمل به فجعلت الرغيف عليه فلما وضعه بين يديه كسره فوجده شديد الصّفرة ورآه على الحديد فذكر قول المنجمين وكانوا قد حدّوا له الوقت فتأمله فإذا هو قد انقضى فقال لامرأته: اعلمي أيتها المرأة أني سابور، وقصّ عليها قصته، ثم اغتسل في النهر وأخرج شعره من الرباط الذي كان قد ربطه عليه وقال لامرأته: قد تم أمري وزال شقائي، وصار إلى المنزل الذي كان يسكن فيه وأمرها بأن تخرج له الجراب الذي كان فيه تاجه وثياب ملكه، فأخرجته فلبس التاج والثياب، فلما رآه أبو الجارية خرّ ساجدا بين يديه وخاطبه بالملك، قال: وكان سابور قد عهد إلى وزرائه وعرفهم بما قد امتحن به من الشقاوة وذهاب الملك وأن مدة ذلك كذا وكذا سنة وبيّن لهم الموضع الذي يوافونه إليه عند انقضاء مدة شقائه وأعلمهم الساعة التي يقصدونه فيها فأخذ مقرعة كانت معه ودفعها إلى أبي الجارية وقال له: علّق هذه على باب القرية واصعد السور وانظر ماذا ترى، ففعل ذلك وصبر ساعة ونزل وقال: أيها الملك أرى خيلا كثيرة يتبع بعضها بعضا، فلم يكن بأسرع مما وافت الخيل أرسالا فكان الفارس إذا رأى مقرعة سابور نزل عن فرسه وسجد حتى اجتمع خلق من
أصحابه ووزرائه فجلس لهم ودخلوا عليه وحيوه بتحية الملوك، فلما كان بعد أيام جلس يحدث وزراءه فقال له بعضهم: سعدت أيها الملك! أخبرنا ما الذي أفدته في طول هذه المدة، فقال: ما استفدت إلّا بقرة واحدة، ثم أمرهم بإحضارها وقال: من أراد إكرامي فليكرمها، فأقبل الوزراء والأساورة يلقون عليها ما عليهم من الثياب والحلي والدراهم والدنانير حتى اجتمع ما لا يحصى كثرة، فقال لأبي المرأة: خذ جميع هذا المال لابنتك. وقال له وزير آخر:
أيها الملك المظفّر فما أشد شيء مرّ عليك وأصعبه؟
قال: طرد الوحش بالليل عن الزرع فإنها كانت تعييني وتسهرني وتبلغ مني فمن أراد سروري فليصطد لي منها ما قدر لأبني من حوافرها بنية يبقى ذكرها على ممر الدهر، فتفرق القوم في صيدها فصادوا منها ما لا يبلغه العدد فكان يأمر بقطع حوافرها أولا فأولا حتى اجتمع من ذلك تلّ عظيم فأحضر البنّائين وأمرهم أن يبنوا من ذلك منارة عظيمة يكون ارتفاعها خمسين ذراعا في استدارة ثلاثين ذراعا وأن يجعلوها مصمّتة بالكلس والحجارة ثم تركب الحوافر حولها منظمة من أسفلها إلى أعلاها مسمرة بالمسامير الحديد، ففعل ذلك فصارت كأنها منارة من حوافر، فلما فرغ صانعها من بنائها مر بها سابور يتأملها فاستحسنها فقال للذي بناها وهو على رأسها لم ينزل بعد: هل كنت تستطيع أن تبني أحسن منها؟ قال: نعم، قال: فهل بنيت لأحد مثلها؟ فقال: لا، قال: والله لأتركنّك بحيث لا يمكنك بناء خير منها لأحد بعدي! وأمر أن لا يمكّن من النزول، فقال: أيها الملك قد كنت أرجو منك الحباء والكرامة وإذ فاتني ذلك فلي قبل الملك حاجة ما عليك فيها مشقّة، قال: وما هي؟ قال: تأمر أن أعطى خشبا لأصنع لنفسي مكانا آوي إليه لا تمزقني النسور إذا متّ، قال: أعطوه ما يسأل، فأعطي خشبا وكان معه آلة النجارة فعمل لنفسه أجنحــة من خشب جعلها مثل الريش وضمّ بعضها إلى بعض، وكانت العمارة في قفر ليس بالقرب منه عمارة وإنما بنيت القرية بقربها بعد ذلك، فلما جاء الليل واشتدّ الهواء ربط تلك الــأجنحــة على نفسه وبسطها حتى دخل فيها الريح وألقى نفسه في الهواء فحملته الريح حتى ألقته إلى الأرض صحيحا ولم يخدش منه خدش ونجا بنفسه، قال: والمنارة قائمة في هذه المدّة إلى أيامنا هذه مشهورة المكان ولشعراء همذان فيها أشعار متداولة، قال عبيد الله الفقير إليه: أما غيبة سابور من الملك فمشهورة عند الفرس مذكورة في أخبارهم وقد أشرنا في سابور خواست ونيسابور إلى ذلك، والله أعلم بصحة ذلك من سقمه.

مَطْبَخُ كِسْرَى

مَطْبَخُ كِسْرَى:
ذكر مسعر بن المهلهل أبو دلف الشاعر في رسالة له اقتصّ أحوال البلاد التي شاهدها والعهدة عليه في هذه الحكاية قال: وسرت من قصر اللّصوص إلى موضع يعرف بمطبخ كسرى أربعة فراسخ، وهذا المطبخ بناء عظيم في صحراء لا شيء حوله من العمران، وكان أبرويز ينزل بقصر اللصوص وابنه شاه مردان ينزل بأسداباذ، وبين المطبخ وقصر اللصوص، كما ذكرنا، أربعة فراسخ، وبينه وبين أسدآباذ ثلاثة فراسخ، فإذا أراد الملك أن يتغدّى اصطفّ الغلمان سماطين من قصر اللصوص إلى موضع المطبخ فيناول بعضهم بعضا الغضائر وكذلك من أسدآباذ إلى المطبخ لابنه شاه مردان، وهذا بالكذب أشبه منه بالصدق لأنهم لو طاروا بالطعام على أجنحــة النّسور في هذه المسافة لبرد وتأخّر عن الوقت المطلوب إلا أن يكون أطعمة بوارد ويبكّر بحضورها ويكون القصد بها تأخير أنواع الطعام كلما أكل نوعا أحضر نوعا آخر.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.