Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=89587#6e3993
(الهــيفك) من النِّسَاء الحمقاء
فكك: الليث: يقال فَكَكْتُ الشيء فانْفَكَّ بمنزلة الكتاب المختوم
تَفُكُّ خاتَمه كما تَفُكُّ الحَنَكيْنِ تَفْصِل بينهما. وفَكَكْتُ الشيء:
خَلَّصْته. وكل مشتبكين فصلتهما فقد فَكَكْتَهما، وكذلك التَّفْكِيك. ابن
سيده: فَكَّ الشيءَ يفُكُّــه فَكّاً فانْفَكَّ فصله. وفَكَّ الرهنَ يَفُكُّــه
فَكّاً وافْتَكَّه: بمعنى خَلَّصه. وفَكاكُ الرهن وفِكاكُه، بالكسر: ما
فُكَّ به. الأَصمعي: الفَكُّ أَن تَفُكَّ الخَلْخال والرَّقَبة. وفَكَّ
يدَه فَكّاً إذا أزال المَفْصِلَ، يقال: أَصابه فَكَكٌ؛ قال رؤبة:
هاجَكَ من أَرْوَى كَمُنْهاضِ الفَكَكْ
وفَكُّ الرقبة: تخليصُها من إسار الرِّق. وفَكُّ الرهن وفَكاكُه: تخليصه
من غَلَق الرهن. ويقال: هَلُمَّ فَكاكَ وفِكاكَ رَهْنِك. وكل شيء
أَطلقته فقد فَكَكْتَه. وفلان يسعى في فِكاكِ رَقبته، وانْفَكَّت رقبته من
الرق، وفَكَّ الرقبةَ يفُكُّــها فَكّاً: أَعتقها، وهو من ذلك لأَنها فصلت من
الرق. وفي الحديث: أَعْتِق النَّسَمَة وفُكَّ الرقبة، تفسيره في الحديث:
أَن عتق النسمة أَن ينفرد بعتقها، وفَكّ الرقبةِ: أَن يُعِينَ في عتقها،
وأَصل الفَك الفصلُ بين الشيئين وتخليص بعضهما من بعض. وفَكَّ الأَسيرَ
فَكّاً وفَكاكَةً: فصله من الأَسْر. والفِكاكُ والفَكاكُ: ما فُكَّ به. وفي
الحديث: عُودُوا المريض وفُكُّوا العانيَ أَي أَطْلقُوا الأَسير، ويجوز
أَن يريد به العتق. وفَكَكْتُ يدَه فَكّاً، وفَكَّ يدَه: فتحها عما فيها.
والفَكُّ في اليد: دون الكسر. وسقط فلان فانْفَكَّتْ قدمُه أَو إِصبعه
إذا انفرجت وزالت. والفَكَكُ: انفساخ القَدَم، وأَنشد قول رؤبة: كمنهاض
الفكك؛ قال الأَصمعي: إنما هو الفَكُّ من قولك فَكه يَفُكُّــه فَكّاً،
فأَظهر التضعيف ضرورة. وفي الحديث: أَنه ركب فرساً فصَرَعه على جِذْم نخلةٍ
فانْفَكَّتْ قَدَمُه؛ الانْفِكاكُ: ضرب من الوَهْنِ والخَلْع، وهو أَن
يَنْفَكَّ بعضُ أَجزائها عن بعض. والفَكَكُ، وفي المحكم: والفَكُّ انفراجُ
المَنْكِب عن مفصله استرخاء وضعفاً؛ وأَنشد الليث:
أَبَدُّ يَمْشِي مِشْيَةَ الأَفَكِّ
ويقال: في فلان فَكَّة أَي استرخاء في رأيه؛ قال أَبو قَيْسِ بنُ
الأَسْلَتِ:
الحَزْمُ والقُوَّةُ خيرٌ من الـ
إشْفاقِ والفَكَّةِ والهاعِ
ورجل أَفَكُّ المَنْكِب وفيه فَكَّة أَي استرخاء وضعف في رأيه.
والأَفَكُّ: الذي انفرج منكبه عن مفصله ضعفاً واسترخاء، تقول منه: ما كنتَ
أَفَكَّ ولقد فَكِكْتَ تَفَكُّ فَكَكاً. والفَكَّة أيضاً: الحُمْق مع استرخاء.
ورجل فاكٌّ: أَحمق بالغ الحُمْق، ويُتْبَع فيقال: فاكٌّ تاكٌّ، والجمع
فِكَكَة وفِكاكٌ؛ عن ابن الأعَرابي. وقد فَكُكْتَ وفَكِكْتَ وقد حَمُقْتَ
وفَكُكْتَ، وبعضهم يقول فَكِكْتَ، ويقال: ما كنت فاكّاً ولقد فَكِكْتَ،
بالكسر، تَفَكُّ فَكَّةً. وفلان يتَفَكَّكُ إذا لم يكن به تماسك من
حُمْقٍ.وقال النضر: الفاكُّ المُعْيي هُزالاً. ناقة فاكَّة وجمل فاكّ،
والفاكُّ: الهَرِمُ من الإبل والناس، فَكَّ يَفُكّ فَكّاً وفُكُوكاً. وشيخ فاكّ
إذا انفرج لَحْياه من الهَرَم. ويقال للشيخ الكبير: قد فَكَّ وفَرَّجَ،
يريدُ فَرَّجَ لَحْيَيْهِ، وذلك في الكبر إذا هَرِم. وفكَكْتُ الصبيَّ:
جعلت الدواء في فيه. وحكى يعقوب: شيخ فاكٌّ وتاكّ، جعله بدلاً ولم يجعله
إتباعاً؛ قال: وقال الحُصَيْني: أَحمق فاكُّ وهاكّ، وهو الذ ي يتكلم بما
يَدْري وخطؤه أكثر من صوابه، وهو فَكَّاكٌ هَكَّاك. والفَكُّ: اللَّحْيُ.
والفَكَّان: اللِّحْيانِ، وقيل: مجتمع اللحيين عند الصُّدغ من أَعلى وأَسفل
يكون من الإنسان والدابة. قال أَكْثَمُ بن صَيْفِيّ: مَقْتَلُ الرجل بين
فَكَّيْهِ، يعني لسانه. وفي التهذيب: الفَكَّان ملتقى الشِّدْقين من
الجانبين. والفَكُّ: مجتمع الخَطْم. والأَفَكُّ: هو مَجْمع الخَطْم، وهو
مَجْمع الفَكَّيْنِ على تقدير أَفعل. وفي النوادر: أَفَكَّ الظبيُ من
الحبالة إذا وقع فيها تم انفلت، ومثله: أَفْسَحَ الظبيُ من الحبالة. والفَكَكُ:
انكسار الفَكِّ أَو زواله. ورجل أَفَكُّ: مكسور الفَكِّ، وانكسر أَحدُ
فَكّيْهِ أي لَحْييه؛ وأَنشد:
كأَنَّ بَيْنَ فَكِّها والفَكِّ
فَأرَةَ مِسْكٍ، ذُبِحَتْ في سُكِّ
والفَكَّةُ: نجوم مستديرة بحِيال بنات نَعْش خلف السماك الرَّامِح
تسميها الصبيان قصعة المساكين، وسميت قَصْعة المساكين لأَن في جانبها
ثُلْمَةً، وكذلك تلك الكواكب المجتمعة في جانب منها فضاء. ويقال: ناقة
مُتَفَكِّكةٌ إذا أَقْرَبَتْ فاسترخى صَلَواها وعَظُم ضَرْعُها ودنا نِتاجها، شبهت
بالشيء يُفَكّ فَيَتَفَكَّك أَي يَتَزايل وينفرج، وكذلك ناقة مُفِكَّة قد
أَفَكَّتْ، وناقة مُفْكِهَةٌ ومُفْكِةٌ بمعناها، قال: وذهب بعضهم
بتَفَكُّكِ الناقة إلى شدة ضَبعَتها؛ وروى الأَصمعي:
أَرْغَثَتْهُمْ ضَرْعَها الدنـ
ـيا، وقامَتْ تَتَفَكَّكْ
انفِشاحَ النَّابِ للسَّقـ
ـب، متى ما يَدْنُ تحْشِك
أَبو عبيد: المُتَفَكِّكةُ من الخيل الوَدِيقُ التي لا تمتنع عن الفحل.
وما انْفَكَّ فلان قائماً أَي ما زال قائماً. وقوله عز وجل: لم يَكُنِ
الذين كفروا من أَهل الكتاب والمشركين مُنْفَكِّينَ حتى تأتيهم البيِّنةُ؛
قال الزجاج: المشركين في موضع نسق على أَهل الكتاب، المعنى لم يكن الذين
كفروا من أَهل الكتاب ومن المشركين، وقوله مُنْفَكِّين حتى تأتيهم البينة
أَي لم يكونوا مُنْفَكِّين حتى تأتيهم البينة أَي لم يكونوا
مُنْفَكِّينَ من كفرهم أَي منتهين عن كفرهم، وهو قول مجاهد، وقال الأَخفش:
مُنْفَكِّينَ زائلين عن كفرهم، وقال مجاهد: لم يكونوا ليؤمنوا حتى تبيَّن لهم
الحقُّ، وقال أَبو عبد الله نفطويه: معنى قوله مُنْفَكِّين يقول لم يكونوا
مفارقين الدنيا حتى أتتهم البينة التي أُبِينَتْ لهم في التوارة من صفة
محمد، صلى الله عليه وسلم، ونبوّته؛ وتأتيهم لفظه لفظ المضارع ومعناه
الماضي، وأَكد ذلك فقال تعالى: وما تَفَرَّق الذين أُوتوا الكتاب إلا من بعد ما
جاءتهم البينة، ومعناه أَن فِرَقَ أَهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا
مُقرِّين قبل مَبْعَث محمد، صلى الله عليه وسلم، أَنه مَبعوث، وكانوا
مجتمعين على ذلك، فلما بُعث تفرقوا فِرْقتين كل فرقة تنكره، وقيل: معنى وما
تفرّق الذين أُوتُوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة أَنه لم يكن
بينهم اختلاف في أمده، فلما بعث آمن به بعضهم وجحد الباقون وحَرَّفُوا في
أَمره، فلما بُعثَ آمن به بعضهم وجَحَد الباقون وحَرَّفُوا وبَدَّلوا ما
في كتابهم من صفته ونبوّته؛ قال الفراء: قد يكون الانْفِكاكُ على جهة
يَزالُ، ويكون على الانْفِكاكُ الذي نعرفه، فإذا كان على جهة يَزالُ فلا بدَّ
لها من فِعْلٍ وأَن يكون معناها جَحْداً، فتقول ما انْفَكَكْتُ أَذكركَ،
تريد ما زِلْتُ أَذكرك، وإذا كانت على غير جهة يَزالُ قلت قد
انْفَكَكْتُ منك وانْفَكَّ الشيءُّ من الشيء، فتكون بلا جَحْدٍ وبلا فِعْل؛ قال ذو
الرمة:
قَلائِص لا تَنْفَكُّ إلا مُناخَةً
على الخَسْفِ، أَو نَرْمِي بها بلداً قَفْرا
فلم يدخل فيها إلاّ: إلاّ، وهو ينوي به التمام، وخلافَ يَزال لأَنك لا
تقول ما زِلْت إلا قائماً. وأَنشد الجوهري هذا البيت حَرَاجِيج ما
تَنْفكُّ؛ وقال: يريد ما تَنْفكّ مناخه فزاد إلا، قال ابن بري: الصواب أَن يكون
خبر تَنْفَكُّ قوله على الخَسْف، وتكون إلا مُناخةً نصباً على الحال،
تقديره ما تَنْفَكُّ على الخسف والإِهانة إلا في حال الإناخة فإنها تستريح؛
قال الأَزهري: وقول الله تعالى مُنْفَكِّين ليس من باب ما انْفَكَّ وما
زَالَ، إنما هو من انْفِكاك الشيء من الشيء إذا انفصل عنه وفارقه، كما
فسره ابن عرفة، والله أَعلم. وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي قال: فُكَّ
فلانٌأَي خُلّص وأُريح من الشيء، ومنه قوله مُنْفَكِّين، قال: معناه لم
يكونوا مستريحين حتى جاءهم البيان مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلما
جاءهم ما عَرَفوا كفروا به.
فكر: الفَكْرُ والفِكْرُ: إِعمال الخاطر في الشيء؛ قال سيبويه: ولا يجمع
الفِكْرُ ولا العِلْمُ ولا النظرُ، قال: وقد حكى ابن دريد في جمعه
أَفكاراً. والفِكْرة: كالفِكْر وقد فَكَر في الشيء
(* قوله« وقد فكر في الشيء
إلخ» بابه ضرب كما في المصباح) وأَفْكَرَ فيه وتَفَكَّرَ بمعنىً. ورجل
فِكِّير، مثال فِسِّيق، وفَيْكَر: كثير الفِكْر؛ الأَخيرة عن كراع.
الليث: التَّفَكُّر اسم التَّفْكِير. ومن العرب من يقول: الفِكْرُ
الفِكْرَة، والفِكْرى على فِعْلى اسم، وهي قليلة. الجوهري: التَّفَكُّر
التأَمل، والاسم الفِكْرُ والفِكْرَة، والمصدر الفَكْر، بالفتح. قال يعقوب:
يقال: ليس لي في هذا الأَمرِ فكْرٌ أَي ليس لي فيه حاجة، قال: والفتح فيه
أَفصح من الكسر.
طلفح: الطَّلَنْفَحُ: الخالي الجَوْف، ويقال: المُعْيي التَّعِبُ؛ وقال
رجل من بني الحِرْمازِ:
ونُصْبِحُ بالغَداةِ أَتَرَّ شيءٍ،
ونُمْسِي بالعَشِيِّ طَلَنْفَحِينا
وفي حديث عبد الله: إِذا ضَنُّوا عليك بالمُطَلْفَحَة فكُلْ رغــيفَكَ أَي
إِذا بخل الأُمراء عليك بالرُّقاقة التي هي من طعام المُتْرَفِين
والأَغنياء، فاقْنَعْ برغــيفك. يقال: طَلْفَحَ الخُبْزَ وفَلْطَحَه إِذا
رَقَّقَه وبَسَطه، وقال بعض المتأَخرين: أَراد بالمُطَلْفحَة الدراهمَ، والأَوّل
أَشبه لأَنه قابله بالرغيف.
ثقف: ثَقِفَ الشيءَ ثَقْفاً وثِقافاً وثُقُوفةً: حَذَقَه. ورجل ثَقْفٌ
(* قوله «رجل ثقف» كضخم كما في الصحاح، وضبط في القاموس بالكسر كحبر.)
وثَقِفٌ وثَقُفٌ: حاذِقٌ فَهِم، وأَتبعوه فقالوا ثَقْفٌ لَقْفٌ. وقال أَبو
زيادٍ: رجل ثَقْفٌ لَقفٌ رامٍ راوٍ. اللحياني: رجل ثَقْفٌ لَقْفٌ وثَقِفٌ
لَقِفٌ وثَقِيفٌ لَقِيف بَيِّنُ الثَّقافةِ واللَّقافة. ابن السكيت: رجل
ثَقْفٌ لَقْفٌ إذا كان ضابِطاً لما يَحْوِيه قائماً به. ويقال: ثَقِفَ
الشيءَ وهو سُرعةُ التعلم. ابن دريد: ثَقِفْتُ الشيءَ حَذَقْتُه،
وثَقِفْتُه إذا ظَفِرْتَ به. قال اللّه تعالى: فإِمَّا تَثْقَفَنَّهم في الحرب.
وثَقُفَ الرجلُ ثَقافةً أي صار حاذِقاً خفيفاً مثل ضَخُم، فهو ضَخْمٌ، ومنه
الـمُثاقَفةُ. وثَقِفَ أَيضاً ثَقَفاً مثل تَعِبَ تَعَباً أَي صار
حاذِقاً فَطِناً، فهو ثَقِفٌ وثَقُفٌ مثل حَذِرٍ وحَذُرٍ ونَدِسٍ ونَدُسٍ؛ ففي
حديث الهِجْرةِ: وهو غلام لَقِنٌ ثَقِفٌ أَي ذو فِطْنةٍ وذَكاء، والمراد
أَنه ثابت المعرفة بما يُحتاجُ إليه. وفي حديث أُم حَكِيم بنت عبد
المطلب: إني حَصانٌ فما أُكَلَّم، وثَقافٌ فما أُعَلَّم.
وثَقُفَ الخَلُّ ثَقافةً وثَقِفَ، فهو ثَقِيفٌ وثِقِّيفٌ، بالتشديد،
الأَخيرة على النسب: حَذَقَ وحَمُضَ جِدًّا مثل بَصَلٍ حِرِّيفِ، قال: وليس
بحَسَنٍ. وثَقِف الرجلَ: ظَفِرَ به. وثَقِفْتُه ثَقْفاً مِثالُ بلِعْتُه
بَلْعاً أَي صادَفْتُه؛ وقال:
فإمّا تَثْقَفُوني فاقْتُلُوني،
فإن أَثْقَفْ فَسَوْفَ تَرَوْنَ بالي
وثَقِفْنا فلاناً في موضع كذا أَي أَخَذْناه، ومصدره الثِّقْفُ. وفي
التنزيل العزيز: واقْتُلوهم حيثُ ثَقِفْتُموهم.
والثَّقاف والثِّقافةُ: العمل بالسيف؛ قال:
وكأَنَّ لَمْعَ بُرُوقِها،
في الجَوِّ، أَسْيافُ الـمُثاقِفْ
وفي الحديث: إذا مَلَكَ اثْنا عَشَرَ من بني عمرو ابن كعب كان الثَّقَف
(* قوله «كان الثقف» ضبط في الأصل بفتح القاف وفي النهاية بكسرها.)
والثِّقافُ إلى أَن تقوم الساعة، يعني الخِصامَ والجِلادَ. والثِّقافُ: حديدة
تكون مع القَوَّاسِ والرَّمّاحِ يُقَوِّمُ بها الشيءَ الـمُعْوَجَّ. وقال
أَبو حنيفة: الثِّقافُ خشبة قَوية قدر الذِّراع في طرَفها خَرق يتسع
للقَوْسِ وتُدْخَلُ فيه على شُحُوبتها ويُغْمَزُ منها حيث يُبْتَغَى أَن
يُغْمَزَ حتى تصير إلى ما يراد منها، ولا يُفعل ذلك بالقِسِيّ ولا بالرماح
إلا مَد هُونةً مـمْلُولةً أَو مَضْهوبةً على النار مُلوّحة، والعَدَدُ
أَثْقِفةٌ، والجمع ثُقُفٌ، والثِّقافُ: ما تُسَوَّى به الرِّماحُ؛ ومنه قول
عمرو:
إذا عَضَّ الثِّقافُ با اشْمَأَزَّتْ،
تَشُجُّ قَفا الـمُثَقِّفِ والجَبِينا
وتَثْقِيفُها: تَسْوِيَتُها. وفي المثل: دَرْدَبَ لـمَّا عَضَّه
الثِّقافُ؛ قال: الثِّقاف خشبة تسوَّى بها الرماح. وفي حديث عائشة تَصِفُ
أَباها، رضي اللّه عنهما: وأَقامَ أَوَدَه بِثِقافِه؛ الثِّقافُ ما تُقَوَّمُ
به الرِّماحُ، تريد أَنه سَوَّى عَوَج المسلمين.
وثَقِيفٌ: حَيٌّ من قَيْس، وقيل أَبو حَيٍّ من هَوازِنَ، واسمه قَسِيٌّ،
قال: وقد يكون ثقيف اسماً للقبيلة، والأَول أَكثر. قال سيبويه: أَما
قولهم هذه ثَقِيف فعلى إرادة الجماعة، وإنما قال ذلك لغلبة التذكير عليه،
وهو مـما لا يقال فيه من بني فلان، وكذلك كل ما لا يقال من بني فلان
التذكير فيه أَغلب كما ذكر في مَعَدّ وقُرَيْشٍ، قال سيبويه: النَّسَبُ إلى
ثَقِيف ثَقَفِيٌّ على غير قياس.
ردي: الرَّدى: الهلاكُ. رَدِيَ، بالكسر، يَرْدى رَدىً: هَلَكَ، فهو
رَدٍ. والرَّدِي: الهالِكُ، وأَرْداهُ اللهُ. وأَرْدَيْتُه أَي أَهلكتُه.
ورجلٌ رَدٍ: للهالك. وامرأَة رَدِيَةٌ، على فَعلةٍ. وفي التنزيل العزيز: إنْ
كِدْتَ لتُرْدِينِ؛ قال الزجاج: معناه لتُهْلِكُني، وفيه: واتَّبَعَ
هَواهُ فتَرْدى. وفي حديث ابن الأَكوع: فأَرْدَوْا فرَسَين فأَخَذْتُهما؛ هو
من الرَّدى الهلاكِ أَي أَتْعَبُوهُما حتى أَسْقَطوهُما وخَلَّفُوهُما،
والرواية المشهورة فأَرْذَوْا، بالذال المعجمة، أَي تركُوهما لضَعْفِهما
وهُزالهما. ورَدي في الهُوَّةِ رَدًى وتَرَدَّى: تَهِوَّر. وأَرْداهُ
الله ورَدَّاه فَتَرَدّى: قلبَه فانْقَلب. وفي التنزيل العزيز: وما يُغْني
عنه مالُه إذا تَرَدََّى؛ قيل: إذا مات، وقيل: إذا ترَدّى في النار من
قوله تعالى: والمُتَرَدِّيةُ والنَّطِيحَة؛ وهي التي تَقَع من جَبَلٍ أَو
تَطِيحُ في بِئْرٍ أَو تسقُطُ من موضِعٍ مُشْرفٍ فتموتُ. وقال الليث:
التّرَدِّي هو التَّهَوُّر في مَهْواةٍ. وقال أَبو زيد: رَدِيَ فلانٌ في
القَلِيب يَرْدى وتردّى من الجبل تَرَدِّياً. ويقال: رَدى في البئر وتَرَدَّى
إذا سَقَط في بئرٍ أَو نهرٍ من جبَلٍ، لُغتان. وفي الحديث أَنه قال في
بَعيرٍ ترَدَّى في بئر: ذَكِّه من حيث قدَرْت؛ تردَّى أَي سقَطَ كأَنه
تفَعَّل من الرَّدى الهَلاكِ أَي اذْبَحْه في أَيِّ موضع أَمْكَن من بدَنِهِ
إذا لم تتمكن من نحره. وفي حديث ابن مسعود: من نَصَر قوْمَه على غير
الحقِّ فهو كالبعير الذي رَدى فهو يُنْزَعُ بذَنَبه؛ أَرادَ أَنه وقَع في
الإثم وهَلَك كالبعِير إذا تَرَدَّى في البِئر وأُريد أَن يُنْزَعَ بذَنَبه
فلا يُقْدَرَ على خلاصه، وفي حديثه الآخر: إنَّ الرجلَ ليَتَكَلَّم
بالكَلِمَة من سَخَطِ الله تُرْدِيه بُعْدَ ما بين السماء والأََرضِ أََي
توقعُهُ في مَهْلَكة.
والرِّداءُ: الذي يُلْبَسُ، وتثنيتُه رِداءَانِ، وإن شِئتَ رِداوانِ
لأَن كل اسمٍ ممدودٍ فلا تَخْلُو همْزَتُه، إمّا أَن تكون أَصلِيَّة
فتَتْرُكها في التثنية على ما هي عليه ولا تَقْلِبها فتقول جَزَاءانِ
وخَطاءَانِ، قال ابن بري: صوابه أَن يقولَ قُرّاءَانِ ووُضَّاءَانِ مما آخِرُه
همزةٌ أَصليَّة وقبلَها أَلِفٌ زائدة، قال الجوهري: وإما أَن تكونَ للتأْنيث
فتَقْلِبها في التَّثنية واواً لا غيرُ، تقول صفراوان وسَوْداوانِ، وإما
أَن تكونَ مُنقَلبة من واوٍ أَو ياءٍ مثل كساءٍ ورداءٍ أَو مُلحِقَةً مثلُ
عِلْباءٍ وحِرْباءٍ مُلْحِْقَةٌ بسِرْداحٍ وشِمْلالٍ، فأَنتَ فيها
بالخيار إن شئت قلبَتْها واواً مثل التأْنيثِ فقلت كِساوانِ وعِلْباوانِ
ورِداوانِ، وإن شئت تركتَها همزةً مثل الأصلية، وهو أَجْوَد، فقلت كِساءَانِ
وعِلْباءَانِ ورِداءَان، والجمع أَكْسِية. والرِّداءُ: من المَلاحِفِ؛
وقول طَرَفة:
ووَجْه، كأَنّ الشَّمْسَ حَلّتْ رِداءَها
عليه، نَقِيّ اللّونِ لم يتَخَدَّدِ
(* وفي رواية أخرى: ألقَت رداءها).
فإنه جعل للشمس رداء، وهو جَوْهر لأَنه أَبلغ من النُّور الذي هو
العَرَض، والجمع أَرْدِيَةٌ، وهو الرداء كقولهم الإزارُ والإزارة، وقد تَرَدّى
به وارْتَدَى بمعنًى أي لبِسَ الرِّداءَ. وإنه لحَسَنُ الرِّدْيَةِ أَي
الارْتِداء. والرِّدْيَة: كالرِّكبةِ من الرُّكوبِ والجِلْسَةِ من
الجُلُوسِ، تقول: هو حسن الرِّدْيَة. ورَدَّيْتُه أَنا تَرْدِيةً. والرِّداءُ:
الغِطاءُ الكبير. ورجلٌ غَمْرُ الرِّداءِ: واسِعُ المعروف وإن كان رِداؤُه
صغيراً؛ قال كثير:
غَمْرُ الرِّداءِ، إذا تبَسَّمَ ضاحِكاً
غَلِقَتْ لضِحْكَتِه رِقابُ المالِ
وعَيْشٌ غَمْرُ الرِّداءِ: واسِعٌ خَصِيبٌ. والرِّداءُ: السَّيْفُ؛ قال
ابن سيده: أُراهُ على التشبيه بالرِّداءِ من المَلابِسِ؛ قال مُتَمِّم:
لقد كَفَّنَ المِنْهالُ، تحتَ رِدائِه،
فتًى غيرَ مِبْطانِ العَشِيَّاتِ أَرْوعا
وكان المِنْهالُ قتلَ أَخاهُ مالِكاً، وكان الرجلُ إذا قَتَل رجُلاً
مشهوراً وضع سيفَه عليه ليُعرفَ قاتِلُه؛ وأَنشد ابن بري للفرزدق:
فِدًى لسُيوفٍ من تميم وَفَى بِها
رِدائي، وجَلَّتْ عن وجُوهِ الأَهاتِم
وأَنشد آخر:
يُنازِعُني رِدائي عَبْدُ عَمْرٍو،
رُوَيْداً يا أَخا سَعْدِ بنِ بَكْرِ
وقد ترَدَّى به وارْتَدَى؛ أَنشد ثعلب:
إذا كشَفَ اليومُ العَمَاسُ عن اسْتِه،
فلا يَرْتَدي مِثْلي ولا يتَعَمَّمُ
كَنَى بالارتداء عن تقَلُّد السيفِ، والتَّعَمُّمِ عن حملِ البَيْضة أَو
المِغْفَر؛ وقال ثعلب: معناهما أَلْبَسُ ثيابَ الحرب ولا أَتَجَمَّل.
والرَّداءُ: القَوْسُ؛ عن الفارسي. وفي الحديث: نِعْمَ الرِّداءُ القَوْسُ
لأَنها تُحْمَلُ مَوْضِعَ الرِّداءِ من العاتِقِ. والرِّداءُ: العقلُ.
والرِّداءُ: الجهلُ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
رفَعْتُ رِداءَ الجهلِ عَنِّي ولم يكن
يُقَصِّرُ عنِّي، قَبْلَ ذاكَ، رداءُ
وقال مرّة: الرِّداء كلُّ ما زَيَّنَك حتى دارُكَ وابْنُكَ، فعلى هذا
يكونُ الرِّداء ما زانَ وما شانَ. ابن الأَعرابي: يقال أَبوكَ رداؤُكَ
ودارُكَ رداؤُكَ وبُنَيُّكَ رداؤُكَ، وكلُّ ما زَيَّنَكَ فهو رداؤُكَ.
ورِداءُ الشَّبابِ: حُسْنُه وغَضارَتُه ونَعْمَتُه؛ وقال رؤْبة:
حتى إذا الدَّهْرُ اسْتَجَدَّ سِيما
من البِلى يَسْتَوْهِبُ الوَسِيما
رداءَهُ والبِشْرَِ والنَّعِيما
يَسْتوْهِبُ الدّهرُ الوَسِيمَ أَي الوجهَ الوَسيم رداءَهُ، وهو
نَعْمَتُه، واسْتَجدّ سِيما أَي أَثَراً من البِلى؛ وكذلك قول طرفة:
ووَجْه، كأَنّ الشَّمسَ حَلَّتْ رِداءَها
عليه، نَقيّ اللَّونِ لم يَتَخَدَّدِ
أَي أَلقت حسنها ونُورَها على هذا الوجه، من التحلية، فصار نُورُها
زينةً له كالحَلْيِ. والمَرَادي: الأَرْدِيةُ واحِدَتُها مِرْداةٌ؛ قال:
لا يَرْتَدي مَراديَ الحَريرِ،
ولا يُرَى بشِدّةِ الأَمِيرِ،
إلاَّ لِحَلْبِ الشَّاةِ والبَعِيرِ
وقال ثعلب: لا واحد لها. والرِّداءُ: الدَّينُ. قال ثعلب: وقول حكيم
العرَب من سَرّه النَّساءُ ولا نَساءَ، فلْيُباكِرِ الغَداءَ والعَشاءَ،
وليخفِّفِ الرِّداء، وليُحْذِ الحِذاء، وليُقِلَّ غِشيانَ النِّساء؛
الرِّداءُ: هنا الدَينُ؛ قال ثعلب: أَرادَ لو زاد شيء في العافية لزاد هذا ولا
يكون. التهذيب: وروي عن علي، كرّم الله وجهه، أَنه قال: مَنْ أَرادَ
البقاء ولا بَقاء، فلْيُباكِرِ الغَداء، وليُخَفِّف الرَّداء، وليُقِلِّ
غِشْيانَ النِّساءِ؛ قالوا له: وما تَخْفِيفُ الرِّداء في البَقاءِ؟ فقال:
قِلَّة الدَّيْنِ. قال أَبو منصور: وسُمِّي الدَّيْنُ رِداءً لأن الرداء
يقَع على المَنْكِبين والكَتِفَينِ ومُجْتَمَعِ العُنُقِ، والدَّيْنُ
أَمانةٌ، والعرب تقول في ضمان الدين هذا لك في عُنُقي ولازِمٌ رَقَبَتي، فقيل
للدَّينِ رِداءٌ لأَنه لَزِمَ عُنُقَ الذي هو عليه كالرِّداءِ الذي
يَلْزَم المَنْكِبين إذا تُرُدِّيَ به؛ ومنه قيل للسَّيفِ رِداءٌ لأَن
مُتَقلِّدَه بحَمائِله مُتَرَدٍّ به؛ وقالت خنساء:
وداهِيةٍ جَرَّها جارِمٌ،
جعَلْتَ رداءَكَ فيها خِمارا
أَي عَلَوتَ بسَــيْفِك فيها رقابَ أَعْدائِكَ كالخِمارِ الذي يتَجَلَّلُ
الرأْسَ، وقَنَّعْتَ الأَبْطالَ فيها بســيفِك. وفي حديث قُسٍّ: ترَدَّوْا
بالصَّماصِمِ أَي صَيَّرُوا السُّوُف بمنزلة الأَرْدِية. ويقال للوِشاحِ
رداءٌ. وقد ترَدَّت الجارية إذا توَشَّحَت؛ وقال الأَعشى:
وتَبْرُد بَرْدَ رِداءِ العَرُو
سِ، بالصَّيفِ، رَقْرَقتَ فيه العَبيرا
يعني به رِشاحَها المُخَلَّقَ بالخَلُوق. وامرأَة هَيْفاءُ المُرَدَّى
أَي ضامِرَةُ موضعِ الوِشاحِ. والرداءُ: الشباب؛ وقال الشاعر:
وهَذَا وِدَائِي عِنْدَهُ يَسْتَعِيرُهُ
الأَصمعي: إذا عَدَا الفَرَسُ فرَجَم الأَرْضَ رَجْماً قيل رَدَى،
بالفتح، يَرْدِي رَدْياً ورَدياناً. وفي الصحاح: رَدَى يَرْدِي رَدْياً
ورَدَياناً. وفي الصحاح: رَدَى يَرْدِي رَدْياً ورَدَياناً إذا رَجَم الأَرضَ
رَجْماً بين العَدْو والمَشْي الشديد؛ وفي حديث عاتكة:
بجَأْوَاءَ تَرْدِي حافَتَيه المَقَانِبُ
أَي تَعْدُو. قال الأَصمعي: قلت لِمُنْتَجِعِ بنِ نَبهان ما الرَّدَيان؟
قال: عَدْوُ الحِمارِ بَيْنَ آرِيِّهِ ومُتَمَعَّكِه. ورَدَت الخَيْلُ
رَدْياً ورَدَياناً: رَجَمَت الأَرضَ بحَوافِرِها في سَيْرِها وعَدْوِها،
وأَرْدَاها هُو، وقيل: الرَّدَيانُ التَّقْريبُ، وقيل: الرَّدَيانُ
عَدْوُ الفَرَس. ورَدَى الغُرابُ يَرْدِي: حَجَلَ. والجَواري يَرْدِينَ
رَدْياً إذا رَفَعْنَ رِجْلاً ومَشَيْن على رِجْلٍ أُخْرَى يَلْعَبْنَ. ورَدَى
الغُلامُ إذا رَفَع إحدَى رِجْلَيْه وقَفَزَ بالأُخرى. ورَدَيتُ فلاناً
بحَجَرٍ أرْدِيهِ رَدْياً إذا رَمَيْته؛ قال ابن حِلِّزَةَ:
وكأنَّ المَنونَ تَرْدِي بِنَا أعْـ
صَم صمٍّ يَنْجَابُ عَنْه العَمَاءُ
وَرَدَيْتُه بالحِجارَةِ أَرْدِيهِ رَدْياً: رَمَيْته. وفي حديث ابن
الأَكوع: فَرَدَيْتُهُم بالحجارة أَي رَمَيْتُهُم بها. يقال: رَدَى يَرْدِي
رَدْياً إذا رَمَى. والمِرْدَى والمِرْدَاةُ: الحَجَرُ وأَكثر ما يقال في
الحَجَرِ الثَّقِيلِ. وفي حديث أُحد: قال أَبو سفيان من رَداهُ أَي منْ
رَماهُ. ورَدَيْتُه: صَدَمْته. ورَدَيْت الحَجَرَ بِصَخْرَة أَو
بِمعْوَلٍ إذا ضَرَبته بها لتَكسِره. ورَدَيْت الشيءَ بالحَجَرِ: كَسَرْته.
والمِرْداةُ: الصَّخْرة تَرْدِي بهَا، والحَجَر تَرْمِي به، وجَمْعُها
المَرادِي؛ ومنه قولهم في المَثَل: عند جُحْرِ كُلِّ ضَبٍّ مِرْداتُهُ؛ يضرب
مثلاً للشيءِ العَتِيدِ ليس دونَه شيءٌ، وذلك أَن الضبَّ ليس يَنْدَلُّ على
جُحْرِه، إذا خَرَج منه فعاد إليه، إلاّ بحَجَرٍ يَجعَلُه علامَةً
لجُحْرِه فيَهْتَدِي بِها إليهِ، وتُشَبَّهُ بِهَا النّاقَةُ في الصَّلابَةِ
فيقالُ مِرْداةٌ. وقال الفراء: الصَّخْرة يقالُ لَها رَدَاةٌ، وجمعها
رَدَياتٌ؛ وقال ابن مقبل:
وقَافِية، مثل حَدِّ الرَّدا
ةِ، لَمْ تَتّرِكْ لِمُجِيبٍ مَقالا
وقال طُفَيل:
رَدَاةٌ تَدَلَّتْ من صُخُورِ يَلَمْلَم
ويَلَمْلَمُ: جَبَلٌ. والمِرْداةُ: الحَجَر الذي لا يَكَادُ الرَّجُلُ
الضابِطُ يَرْفَعه بيدِهِ يُرْدَعى به الحجرُ، والمكانُ الغَليظُ
يَحْفِرونَهُ فيَضْرِبُونَه فيُلَيِّنُونَهُ، ويُرْدَى به جُحْرُ الضَّبِّ إذا
كان في قَلْعَةٍ فَيُلَيِّنُ القَلْعَة ويَهْدِمُها، والرَّدْيُ إنَّما هو
رَفْعٌ بها ورَمْيٌ بها. الجوهري: المِرْدَى حَجَرٌ يرمى به، ومنه قيل
للرجل الشجاع: إنه لَمِرْدَى حُروبٍ، وهُمْ مَرادِي الحُرُوبِ، وكذلك
المِرْداةُ. والمِرْداةُ: صَخْرَةٌ تُكْسَرُ بها الحِجَارَة. الجوهري:
والرَّداةُ الصَّخرَةُ، والجمعُ الرَّدَى؛ وقال:
فَحْلُ مَخَاضٍ كالرِّدَى المُنْقَضِّ
والمَرَادِي: القَوائِمُ من الإبِلِ والفِيَلة على التَّشْبِيه. قال
الليث: تُسَمَّى قوائِمُ الإبِلِ مَرادِيَ لثِقَلِها وشِدَّةِ وَطْئِها نعتٌ
لها خاصَّة، وكذلك مَرادِي الفِيل. والمَرادِي: المَرامِي. وفلان
مِرْدَى خُصومَةٍ وحَرْبٍ: صَبُورٌ عليهما. ورادَيْتُ عن القَوْمِ مُراداةً إذا
رامَيْت بالحِجارةِ. والمُرْدِيُّ: خَشَبة تُدْفَعُ بها السفينة تكونُ
في يدِ المَلاَّحِ، والجمعُ المَرادي. قال ابن بري: والمَرْدَى مَفْعَلٌ
من الرَّدَى وهو الهَِلاكُ.
ورادَى الرجلَ: داراهُ وراوَدَهُ، وراوَدْتُه على الأَمرِ وراديْتُه
مقلوب منه. قال ابن سيده: رادَيْته على الأَمْرراوَدْته كأَنه مَقْلُوبٌ؛
قال طُفَيْل يَنْعَت فَرَسَه:
يُرادَى على فأْسِ اللِّجام، كأَنما
يُرادَى به مِرْقاةُ جِذْعٍ مُشَذَّبِ
أَبو عمرو: رادَيْت الرجل وداجَيْته ودالَيْته وفانَيْته بمعنًى واحِدٍ.
والرَّدَى: الزيادة. يقال: ما بَلَغَت رَدَى عَطائِكَ أَي زيادَتُك في
العَطِيَّة. ويُعْجِبُني رَدَى قولِك أَي زيادةُ قَوْلك؛ وقال كثير:
له عَهْدُ ودٍّ لم يُكَدَّرْ، يَزينُه
رَدَى قَوْلِ معروفٍ حديثٍ ومُزْمِنِ
أَي يَزينُ عَهْدَ وِدِّهِ زيادةُ قولِ معروفٍ منه؛ وقال آخر:
تَضمَّنَها بَناتُ الفَحْلِ عنهم
فأَعْطَوْها، وقد بَلَغوا رَداها
ويقال: رَدَى على المائَةِ يَرْدِي وأَرْدَى يُرْدِي أَي زادَ. ورَدَيْت
على الشيء وأَرْدَيْت: زِدْتُ. وأَرْدَى على الخَمسينَ والثمانينَ:
زادَ؛ وقال أَوس:
وأسْمَرَ خَطِّيّاً، كأَنَّ كُعوبَهُ
نَوَى القَسْبِ، قد أَرْدَى ذراعاً على العَشْرِ
وقال الليث: لغة العرب أَرْدَأَ على الخمسين زاد. ورَدَتْ غَنَمي
وأَرْدَتْ: زادت؛ عن الفرّاء؛ وأَما قول كثير عزة:
له عَهْدُ ودٍّ لم يُكَدَّرْ، يَزينُه
رَدَى قَوْلِ معروفٍ حديثٍ ومُزْمِنِ
فقيل في تفسيره: رَدَى زيادة؛ قال ابن سيده: وأُراه بَنَى منه مَصْدَراً
على فَعِلَ كالضحك والحمق، أَو اسماً على فعَل فوضَعه موضِعَ المصدر،
قال ابن سيده: وإنما قضينا على ما لم تَظْهر فيه الياءُ من هذا الباب
بالياء لأَنها لامٌ مع وجود ردي ظاهرة وعدم ردو. ويقال: ما أَدرِي أَين رَدَى
أَي أَين ذَهَبَ. ابن بري: والمِرداء، بالمدِّ، موضع؛ قال الراجز:
هَلاَّ سأَلتُم، يَوْمَ مِرداءِ هَجَرْ،
إذْ قابَلَتْ بَكْرٌ، وإذْ فَرَّتْ مُضَرْ
وقال آخر:
فَلَيْتَكَ حالَ البحرُ دونَكَ كلُّه،
ومَنْ بالمَرادِي من فَصيحٍ وأَعْجَمِ
قال الأَصمعي: المَرادِي جمع مِرْداءٍ، بكسر الميم، وهي رمال منبطحة
ليست بمُشْرِفة.
رقب: في أَسماءِ اللّه تعالى: الرَّقِـيبُ: وهو الحافظُ الذي لا يَغيبُ عنه شيءٌ؛ فَعِـيلٌ بمعنى فاعل.
وفي الحديث: ارْقُبُوا مُحَمَّداً في أَهل بيته أَي احفَظُوه فيهم. وفي
الحديث: ما مِن نَبـيٍّ إِلاَّ أُعْطِـيَ سبعةَ نُجَباءَ رُقَباءَ أَي حَفَظَة يكونون معه. والرَّقيبُ: الـحَفِـيظُ.
ورَقَبَه يَرْقُبُه رِقْبةً ورِقْباناً، بالكسر فيهما، ورُقُوباً، وترَقَّبَه، وارْتَقَبَه: انْتَظَرَه ورَصَدَه.
والتَّرَقُّبُ: الانتظار، وكذلك الارْتِقابُ. وقوله تعالى: ولم تَرْقُبْ
قَوْلي؛ معناه لم تَنتَظِرْ قولي. والتَّرَقُّبُ: تَنَظُّرُ وتَوَقُّعُ شيءٍ.
ورَقِـيبُ الجَيْشِ: طَلِـيعَتُهم. ورَقِـيبُ الرجُلِ: خَلَفُه من ولدِه
أَو عَشِـيرتِه. والرَّقِـيبُ: الـمُنْتَظِرُ. وارْتَقَبَ: أَشْرَفَ وعَلا.
والـمَرْقَبُ والـمَرْقَبةُ: الموضعُ الـمُشْرِفُ، يَرْتَفِعُ عليه الرَّقِـيبُ، وما أَوْفَيْتَ عليه من عَلَمٍ أَو رابِـيةٍ لتَنْظُر من بُعْدٍ.وارْتَقَبَ المكانُ: عَلا وأَشْرَف؛ قال:
بالجِدِّ حيثُ ارْتَقَبَتْ مَعْزاؤُه
أَي أَشْرَفَتْ؛ الجِدُّ هنا: الجَدَدُ من الأَرض.
شمر: الـمَرْقَبة هي الـمَنْظَرةُ في رأْسِ جبلٍ أَو حِصْنٍ، وجَمْعه
مَراقِبُ. وقال أَبو عمرو: الـمَراقِبُ: ما ارتَفَعَ من الأَرض؛ وأَنشد:
ومَرْقَبةٍ كالزُّجِّ، أَشْرَفْتُ رأْسَها، * أُقَلِّبُ طَرْفي في فَضاءِ عَريضِ
ورَقَبَ الشيءَ يَرْقُبُه، وراقَبَه مُراقَبةً ورِقاباً: حَرَسَه، حكاه
ابن الأَعرابي، وأَنشد:
يُراقِبُ النَّجْمَ رِقابَ الـحُوتِ
يَصِفُ رَفِـيقاً له، يقول: يَرْتَقِبُ النَّجْمَ حِرْصاً على الرَّحِـيلِ كحِرْصِ الـحُوتِ على الماءِ؛ ينظر النَّجْمَ حِرْصاً على طُلوعِه،
حتى يَطْلُع فيَرْتَحِلَ.
والرِّقْبةُ: التَّحَفُّظُ والفَرَقُ.
ورَقِـيبُ القومِ: حارِسُهم، وهو الذي يُشْرِفُ على مَرْقَبةٍ
ليَحْرُسَهم. والرَّقِـيبُ: الحارِسُ الحافِظُ. والرَّقَّابةُ: الرجُل الوَغْدُ،
الذي يَرْقُب للقوم رَحْلَهم، إِذا غابُوا. والرَّقِـيبُ: الـمُوَكَّل
بالضَّريبِ. ورَقِـيبُ القِداحِ: الأَمِـينُ على الضَّريبِ؛ وقيل: هو
أَمِـينُ أَصحابِ الـمَيْسِرِ؛ قال كعب بن زهير:
لها خَلْفَ أَذْنابِها أَزْمَلٌ، * مكانَ الرَّقِـيبِ من الياسِرِينا
وقيل: هو الرجُلُ الذي يَقُومُ خَلْفَ الـحُرْضَة في الـمَيْسِرِ،
ومعناه كلِّه سواءٌ، والجمعُ رُقَباءُ. التهذيب، ويقال: الرَّقِـيبُ اسمُ
السَّهْمِ الثالِثِ من قِدَاحِ الـمَيْسِرِ؛ وأَنشد:
كَـمَقَاعِدِ الرُّقَباءِ للضُّـ * ـرَباءِ، أَيْديهِمْ نَواهِدْ
قال اللحياني: وفيه ثلاثةُ فُروضٍ، وله غُنْمُ ثلاثةِ أَنْصِـباء إِن
فَازَ، وعليه غُرْمُ ثلاثةِ أَنْصِـباءَ إِن لم يَفُزْ. وفي حديث حَفْرِ
زَمْزَم: فغارَ سَهْمُ اللّهِ ذي الرَّقِـيبِ؛ الرَّقِـيبُ: الثالِثُ من
سِهام الميسر. والرَّقِـيبُ: النَّجْمُ الذي في الـمَشْرِق، يُراقِبُ
الغارِبَ. ومنازِلُ القمرِ، كل واحدٍ منها رَقِـيبٌ لِصاحِـبِه، كُـلَّما
طَلَع منها واحِدٌ سقَطَ آخر، مثل الثُّرَيَّا، رَقِـيبُها الإِكلِـيلُ إِذا
طَلَعَتِ الثُّرَيَّا عِشاءً غَابَ الإِكليلُ وإِذا طَلَع الإِكليلُ عِشاءً غابَت الثُّرَيَّا. ورَقِـيبُ النَّجْمِ: الذي يَغِـيبُ بِطُلُوعِه، مثل الثُّرَيَّا رَقِـيبُها الإِكليلُ؛ وأَنشد الفراء:
أَحَقّاً، عبادَ اللّهِ، أَنْ لَسْتُ لاقِـياً * بُثَيْنَةَ، أَو يَلْقَى الثُّرَيَّا رَقِـيبُها؟
وقال المنذري: سمعت أَبا الهيثم يقول: الإِكليلُ رَأْسُ العَقْرَبِ.
ويقال: إِنَّ رَقِـيبَ الثُرَيَّا من الأَنْواءِ الإِكليلُ، لأَنه لا يَطْلُع أَبداً حتى تَغِـيبَ؛ كما أَنَّ الغَفْرَ رَقِـيبُ الشَّرَطَيْنِ، لا يَطْلُع الغَفْرُ
حتى يَغِـيبَ الشَّرَطانِ؛ وكما أَن الزُّبانيَيْن رَقِـيبُ البُطَيْنِ، لا يَطْلُع أَحدُهما إلا بِسُقُوطِ صاحِـبِه وغَيْبُوبَتِه، فلا يَلْقَى أَحدُهما صاحبَه؛ وكذلك الشَّوْلَةُ رَقِـيبُ الـهَقْعَةِ، والنَّعائِمُ رَقِـيبُ الـهَنْعَةِ، والبَلْدَة رَقِـيبُ الذِّرَاعِ. وإِنما قيلَ للعَيُّوق: رَقِـيبُ الثُّرَيَّا، تَشْبِـيهاً برَقِـيبِ الـمَيْسِرِ؛ ولذلك قال أَبو ذؤيب:
فوَرَدْنَ، والعَيُّوقُ مَقْعَد رابـئِ الضُّـ * ـرَباءِ، خَلْفَ النَّجْمِ، لا يَتَتَلَّع
النَّجْمُ ههنا: الثُّرَيَّا، اسمٌ عَلَم غالِبٌ. والرَّقِـيب: نَجْمٌ من نُجومِ الـمَطَرِ، يُراقبُ نَجْماً آخَر.
وراقبَ اللّهَ تعالى في أَمرِهِ أَي خافَه.
وابنُ الرَّقِـيبِ: فَرَسُ الزِّبْرقانِ بن بَدْرٍ، كأَنه كان يُراقِبُ
الخَيْلَ أَن تَسْبِقَه.
والرُّقْبى: أَن يُعْطِـيَ الإِنسانُ لإِنسانٍ داراً أَو أَرْضاً، فأَيـُّهما ماتَ، رَجَعَ ذلك المالُ إِلى وَرَثَتِهِ؛ وهي من الـمُراقَبَة، سُمِّيَتْ بذلك لأَن كلَّ واحدٍ منهما يُراقِبُ مَوْتَ صاحبِه. وقيل: الرُّقْبَـى: أَن تَجْعَلَ الـمَنْزِلَ لفُلانٍ يَسْكُنُه، فإِن ماتَ، سكَنه فلانٌ، فكلُّ واحدٍ منهما يَرْقُب مَوْتَ صاحبِه.
وقد أَرْقَبه الرُّقْبَـى، وقال اللحياني: أَرْقَبَه الدارَ: جَعَلَها لَه رُقْبَـى، ولِعَقبِه بعده بمنزلةِ الوقفِ. وفي الصحاح: أَرْقَبْتُه داراً أَو أَرضاً إِذا أَعطيتَه إِياها فكانت للباقي مِنْكُما؛ وقُلْتَ: إِن مُتُّ قَبْلَك، فهي لك، وإِن مُتَّ قَبْلِـي، فهي لِـي؛ والاسمُ الرُّقْبى. وفي حديث النبي، صلى اللّه عليه وسلم، في العُمْرَى والرُّقْبَـى: انها لمن أُعْمِرَها، ولمن أُرْقِـبَها، ولوَرَثَتِهِما من بعدِهِما. قال أَبو عبيد: حدثني ابنُ عُلَيَّة، عن حَجَّاج، أَنه سأَل أَبا الزُّبَيْرِ عن الرُّقْبَـى، فقال: هو أَن يقول الرجل للرجل، وقد وَهَبَ له داراً: إِنْ مُتَّ قَبْلِـي رَجَعَتْ إِليَّ، وإِن مُتُّ قَبْلَك فهي لك. قال أَبو عبيد: وأَصلُ الرُّقْبَـى من الـمُراقَبَة، كأَنَّ كلَّ واحدٍ منهما، إِنما يَرْقُبُ موت صاحِـبِه؛ أَلا ترى أَنه يقول: إِنْ مُتَّ قَبْلي رَجَعَتْ إِليَّ، وإِنْ مُتُّ قَبْلَك فهي لك؟ فهذا يُنْبِـئك عن الـمُراقَبة. قال: والذي كانوا يُريدون من هذا أَن يكون الرَّجُلُ يُريدُ أَنْ يَتَفَضَّل على صاحِـبِه بالشيءِ، فَيَسْتَمْتِـعَ به ما دامَ حَيّاً، فإِذا ماتَ الموهوبُ له، لم يَصِلْ إِلى وَرَثَتِهِ منه شيءٌ، فجاءَتْ سُنَّةُ النَّبِـيِّ، صلى اللّه عليه وسلّم، بنَقْضِ ذلك، أَنه مَنْ مَلَك شيئاً حَيَاتَه، فهُو لوَرَثَتِهِ من
بَعْدِه. قال ابن الأَثير: وهي فُعْلى من الـمُراقَبَةِ. والفُقهاءُ فيها مُختَلِفون: منهم مَنْ يَجْعَلُها تَمْلِـيكاً، ومنهم مَنْ يَجْعَلُها كالعارِيَّة؛ قال: وجاء في هذا الباب آثارٌ كثيرةٌ، وهي أَصْلٌ لكُلِّ مَنْ وَهَبَ هِـبَةً، واشترط فيها شرطاً أَنَّ الـهِبَة جائزةٌ، وأَنَّ الشرط باطِلٌ.
ويقال: أَرْقَبْتُ فلاناً داراً، وأَعْمَرْتُه داراً إِذا أَعْطَيْته إِيَّاها بهذا الشرط، فهو مُرْقَب، وأَنا مُرْقِبٌ.
ويقال: وَرِثَ فلانٌ مالاً عن رِقْبَةٍ أَي عن كلالةٍ، لم يَرِثْهُ عن
آبائِه؛ وَوَرِثَ مَجْداً عن رِقْبَةٍ إِذا لم يكن آباؤُهُ أَمْجاداً؛ قال
الكميت:
كان السَّدَى والنَّدى مَجْداً ومَكْرُمَةً، * تلك الـمَكارِمُ لم يُورَثْنَ عن رِقَبِ
أَي وَرِثَها عن دُنًى فدُنًى من آبائِهِ، ولم يَرِثْهَا من وراءُ وَراءُ.
والـمُراقَبَة، في عَرُوضِ الـمُضارِعِ والـمُقْتَضَبِ، أَن يكون
الجُزْءُ مَرَّةً مَفاعِـيلُ ومرَّة مفاعِلُنْ؛ سمي بذلك لأَن آخرَ السَّببِ
الذي في آخِرِ الجزءِ، وهو النُّونُ من مَفاعِـيلُن، لا يثبت مع آخِر
السَّببِ الذي قَبْلَه، وهو الياءُ في مَفاعِـيلُن، وليست بمعاقَبَةٍ، لأَنَّ
الـمُراقَبَة لا يَثْبُت فيها الجزآن الـمُتراقِـبانِ، وإِنما هو من
الـمُراقَبَة الـمُتَقَدّمة الذِّكْر، والـمُعاقَبة يَجْتمعُ فيها الـمُتعاقِـبانِ.
التهذيب، الليث: الـمُراقَبَة في آخِرِ الشِّعْرِ عند التَّجْزِئَة بين
حَرْفَيْنِ، وهو أَن يَسْقُط أَحدهما، ويَثْبُتَ الآخَرُ، ولا يَسْقُطانِ
مَعاً، ولا يَثْبُتان جَمِـيعاً، وهو في مَفَاعِيلُن التي للـمُضارع لا يجوز أَن يتمَّ، إِنما هو مَفاعِـيلُ أَو مَفاعِلُنْ.
والرَّقِـيبُ: ضَرْبٌ من الـحَيَّاتِ، كأَنه يَرْقُب مَن يَعَضُّ؛ وفي
التهذيب: ضَرْبٌ من الـحَيَّاتِ خَبيث، والجمعُ رُقُبٌ ورقِـيباتٌ.
والرَّقِـيب والرَّقُوبُ مِنَ النِّساءِ: التي تُراقِبُ بَعْلَها لِـيَمُوت، فَتَرِثَه.
والرَّقُوبُ مِنَ الإِبِل: التي لا تَدْنُو إِلى الحوضِ من الزِّحامِ،
وذلك لكَرَمِها، سُميت بذلك، لأَنها تَرْقبُ الإِبِلَ، فإِذا فَرَغْنَ مِنْ
شُرْبِهنّ، شَربَت هي. والرَّقُوبُ من الإِبل والنِّساءِ: التي لا
يَبْقَى لها وَلَدٌ؛ قال عبيد:
لأَنها شَيْخَةٌ رَقُوبُ
وقيل: هي التي ماتَ وَلَدُها، وكذلك الرجُل؛ قال الشاعر:
فلم يَرَ خَلْقٌ قَبْلَنا مثلَ أُمـِّنا، * ولا كَأَبِـينا عاشَ، وهو رَقُوبُ
وفي الحديث أَنه قال: ما تَعُدُّون الرَّقُوبَ فيكم؟ قالوا: الذي لا
يَبْقى لَه وَلَد؛ قال: بل الرَّقُوبُ الذي لم يُقَدِّم من وَلَدِهِ شيئاً.
قال أَبو عبيد: وكذلك معناه في كلامِهِم، إِنما هو عَلى فَقْدِ
الأَوْلادِ؛ قال صخر الغيّ:
فَمَا إِنْ وَجْدُ مِقْلاتٍ، رَقُوبٍ * بوَاحِدِها، إِذا يَغْزُو، تُضِـيفُ
قال أَبو عبيد: فكان مَذْهَبُه عندهم على مَصائِب الدنيا، فَجَعَلها رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، على فَقْدِهِم في الآخرة؛ وليس هذا بخلافِ ذلك في المعنى، ولكنه تحويلُ الموضع إِلى غيرِه، نحو حديثه الآخر: إِنَّ الـمَحْرُوبَ مَنْ حُرِبَ دينَه؛ وليس هذا أَن يكونَ من سُلِبَ مالَه، ليس بمحْروبٍ. قال ابن الأَثير:
الرَّقُوبُ في اللغة: الرجل والمرأَة إِذا لم يَعِشْ لهما ولد، لأَنه
يَرْقُب مَوْتَه ويَرْصُدُه خَوفاً عليه، فنَقَلَه النبيُّ، صلى اللّه عليه
وسلم، إِلى الذي لم يُقَدِّم من الولد شيئاً أَي يموتُ قبله تعريفاً،
لأَن الأَجرَ والثوابَ لمن قَدَّم شيئاً من الولد، وأَن الاعتِدادَ به
أَعظم، والنَّفْعَ به أَكثر، وأَنَّ فقدَهم، وإِن كان في الدنيا عظيماً،
فإِنَّ فَقْدَ الأَجرِ والثوابِ على الصبرِ، والتسليم للقضاءِ في الآخرة، أَعظم، وأَنَّ المسلم وَلَدُه في الحقيقة من قَدَّمه واحْتَسَبَه، ومن لم يُرزَق ذلك، فهو كالذي لا وَلدَ له؛ ولم يقله، صلى اللّه عليه وسلم، إِبطالاً لتفسيره اللغوي، إِنما هو كقولِه: إِنما الـمَحْروبُ مَن حُرِبَ دينَه، ليس على أَن من أُخِذَ مالُه غيرُ مَحْروبٍ.
والرَّقَبَةُ: العُنُقُ؛ وقيل: أَعلاها؛ وقيل: مُؤَخَّر أَصْلِ العُنُقِ، والجمعُ رَقَبٌ ورَقَباتٌ، ورِقابٌ وأَرْقُبٌ، الأَخيرة على طَرْح
الزائِدِ؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
تَرِدْ بنا، في سَمَلٍ لم يَنْضُبِ * منها، عِرَضْناتٌ، عِظامُ الأَرْقُبِ
وجعلَه أَبو ذُؤَيْب للنحلِ، فقال:
تَظَلُّ، على الثَّمْراءِ، منها جَوارِسٌ، * مَراضيعُ، صُهْبُ الريشِ، زُغْبٌ رِقابُها
والرَّقَب: غِلَظُ الرَّقَبة، رَقِبَ رَقَباً.
وهو أَرْقَب: بَيِّنَ الرَّقَب أَي غليظُ الرَّقَبة، ورَقَبانيٌّ أَيضاً على غير قياسٍ. والأَرْقَبُ والرَّقَبانيُّ: الغليظُ الرَّقَبَة؛ قال سيبويه: هو من نادِرِ مَعْدُولِ النَّسَب، والعَربُ تُلَقِّبُ العَجَمَ بِرِقابِ الـمَزاوِد لأَنهم حُمْرٌ.
ويقال للأَمَةِ الرَّقَبانِـيَّةِ: رَقْباءُ لا تُنْعَتُ به الـحُرَّة.
وقال ابن دريد: يقال رجلٌ رَقَبانٌ ورَقَبانيٌّ أَيضاً، ولا يقال للمرأَة رَقَبانِـيَّة.
والـمُرَقَّبُ: الجلدُ الذي سُلِـخَ من قِبَلِ رَأْسِه ورَقَبتِه؛ قال سيبويه: وإِنْ سَمَّيْتَ بِرَقَبة، لم تُضِفْ إِليه إِلاَّ على القياسِ.
ورَقَبَه: طَرَحَ الـحَبْلَ في رَقَبَتِه.
والرَّقَبةُ: المملوك. وأَعْتَقَ رَقَبةً أَي نَسَمَةً. وفَكَّ رقَبةً: أَطْلَق أَسيراً، سُمِّيت الجملة باسمِ العُضْوِ لشرفِها. التهذيب: وقوله
تعالى في آية الصدقات: والـمُؤَلَّفةِ قلوبُهم وفي الرقابِ؛ قال أَهل التفسير في الرقابِ إِنهم الـمُكاتَبون، ولا يُبْتَدَأُ منه مملوك فيُعْتَقَ. وفي حديث قَسْم الصَّدَقاتِ: وفي الرِّقابِ، يريدُ الـمُكاتَبين من العبيد، يُعْطَوْنَ نَصِـيباً من الزكاةِ، يَفُكــون بهِ رِقابَهم، ويَدفعونه إِلى مَوالِـيهم.
الليث يقال: أَعتق اللّهُ رَقَبَتَه، ولا يقال: أَعْتَقَ اللّه عُنُقَه. وفي
الحديث: كأَنما أَعْتَقَ رَقَبةً. قال ابن الأَثير: وقد تكَرَّرَتِ
الأَحاديث في ذكر الرَّقَبة، وعِتْقِها وتحريرِها وفَكِّها، وهي في الأَصل العُنُق، فجُعِلَتْ كِنايةً عن جميع ذاتِ الإِنسانِ، تَسْمية للشيءِ ببعضِه، فإِذا قال: أَعْتِقْ رَقَبةً، فكأَنه قال: أَعْتِقْ عبداً أَو أَمَة؛ ومنه قولُهم: دَيْنُه في رَقَبَتِه. وفي حديث ابنِ سِـيرين: لَنا رِقابُ الأَرضِ، أَي نَفْس الأَرضِ، يعني ما كان من أَرضِ الخَراجِ فهو للمسلمين، ليس لأَصحابهِ الذين كانوا فيه قَبْلَ الإِسلامِ شيءٌ، لأَنها فُتِحَتْ عَنْوَةً. وفي حديث بِلالٍ: والرَّكائِب الـمُناخَة، لكَ رِقابُهُنَّ وما عليهِنَّ أَي ذَواتُهنَّ وأَحمالُهنّ. وفي حديث الخَيْلِ: ثم لمْ يَنْسَ حَقَّ اللّه في رِقابِها وظُهورِها؛ أَراد بحَقِّ رِقابِها الإِحْسانَ إِليها، وبحَقِّ ظُهورِها الـحَمْلَ عليها.
وذُو الرُّقَيْبة: أَحدُ شُعراءِ العرب، وهو لَقَب مالِكٍ القُشَيْرِيِّ، لأَنه كان أَوْقَصَ، وهو الذي أَسَرَ حاجبَ بن زُرارة يَوْمَ جَبَلَة. والأَشْعَرُ الرَّقَبانيُّ: لَقَبُ رجلٍ من فُرْسانِ العَرَب. وفي حديث
عُيَينة بنِ حِصْنٍ ذِكْرُ ذي الرَّقِـيبة وهو، بفتح الراءِ وكسرِ
القافِ، جَبَل بخَيْبَر.
حرف: الحَرْفُ من حُروف الهِجاء: معروف واحد حروف التهجي. والحَرْفُ:
الأَداة التي تسمى الرابِطةَ لأَنها تَرْبُطُ الاسمَ بالاسم والفعلَ بالفعل
كعن وعلى ونحوهما، قال الأَزهري: كلُّ كلمة بُنِيَتْ أَداةً عارية في
الكلام لِتَفْرِقَة المعاني واسمُها حَرْفٌ، وإن كان بناؤها بحرف أَو فوق
ذلك مثل حتى وهل وبَلْ ولعلّ، وكلُّ كلمة تقرأُ على الوجوه من القرآن تسمى
حَرْفاً، تقول: هذا في حَرْف ابن مسعود أَي في قراءة ابن مسعود. ابن
سيده: والحَرْفُ القِراءة التي تقرأُ على أَوجُه، وما جاء في الحديث من
قوله، عليه السلام: نزل القرآن على سبعة أَحْرُف كلُّها شافٍ كافٍ، أَراد
بالحرْفِ اللُّغَةَ. قال أَبو عبيد وأَبو العباس. نزل على سبع لُغات من لغات
العرب، قال: وليس معناه أَن يكون في الحرف الواحد سبعة أَوجُه هذا لم
يسمع به، قال: ولكن يقول هذه اللغات متفرّقة في القرآن، فبعضه بلغة
قُرَيْشٍ، وبعضه بلغة أَهل اليمن، وبعضه بلغة هوازِنَ، وبعضه بلغة هُذَيْل،
وكذلك سائر اللغات ومعانيها في هذا كله واحد، وقال غيره: وليس معناه أَن يكون
في الحرف الواحد سبعةُ أَوجه، على أَنه قد جاء في القرآن ما قد قُرِئ
بسبعة وعشرة نحو: ملك يوم الدين وعبد الطاغوت، ومـما يبين ذلك قول ابن
مسعود: إني قد سمعت القراءة فوجدتهم متقاربين فاقرأُوا كما عُلِّمْتمْ إنما
هو كقول أَحدكم هَلمّ وتعالَ وأَقْبِلْ. قال ابن الأَثير: وفيه أَقوال
غير ذلك، هذا أَحسنها. والحَرْفُ في الأَصل: الطَّرَفُ والجانِبُ، وبه سمي
الحَرْفُ من حروف الهِجاء.
وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَنه سئل عن قوله نزل القرآن على سبعة
أَحرف فقال: ما هي إلا لغات. قال الأَزهري: فأَبو العباس النحْويّ وهو واحد
عصْره قد ارتضى ما ذهب إليه أَبو عبيد واستصوَبه، قال: وهذه السبعة أَحرف
التي معناها اللغات غير خارجة من الذي كتب في مصاحف المسلمين التي اجتمع
عليها السلَف المرضيُّون والخَلَف المتبعون، فمن قرأَ بحرف ولا يُخالِفُ
المصحف بزيادة أَو نقصان أَو تقديم مؤخّرٍ أَو تأْخير مقدم، وقد قرأَ به
إمام من أَئمة القُرّاء المشتهرين في الأَمصار، فقد قرأَ بحرف من الحروف
السبعة التي نزل القرآن بها، ومن قرأَ بحرف شاذّ يخالف المصحف وخالف في
ذلك جمهور القرّاء المعروفين، فهو غير مصيب، وهذا مذهب أَهل العلم الذين
هم القُدوة ومذهب الراسخين في علم القرآن قديماً وحديثاً، وإلى هذا
أَوْمأَ أَبو العباس النحوي وأَبو بكر بن الأَنباري في كتاب له أَلفه في اتباع
ما في المصحف الإمام، ووافقه على ذلك أَبو بكر بن مجاهد مُقْرِئ أَهل
العراق وغيره من الأَثبات المتْقِنِين، قال: ولا يجوز عندي غير ما قالوا،
واللّه تعالى يوفقنا للاتباع ويجنبنا الابتداع. وحَرْفا الرأْس: شِقاه.
وحرف السفينة والجبل: جانبهما، والجمع أَحْرُفٌ وحُرُوفٌ وحِرَفةٌ. شمر:
الحَرْفُ من الجبل ما نَتَأَ في جَنْبِه منه كهَيْئة الدُّكانِ الصغير أَو
نحوه. قال: والحَرْفُ أَيضاً في أَعْلاه تَرى له حَرْفاً دقيقاً
مُشفِياً على سَواء ظهره. الجوهري: حرْفُ كل شيء طَرفُه وشفِيرُه وحَدُّه، ومنه
حَرْفُ الجبل وهو أَعْلاه الـمُحدَّدُ.
وفي حديث ابن عباس: أَهلُ الكتاب لا يأْتون النِّساء إلا على حَرْفٍ أَي
على جانب. والحَرْفُ من الإبل: النَّجِيبة الماضِيةُ التي أَنـْضَتها
الأَسفار، شبهت بحرف السيف في مضائها ونجائها ودِقَّتها، وقيل: هي
الضّامِرةُ الصُّلْبَةُ، شبهت بحرف الجبل في شِدَّتها وصَلابتها؛ قال ذو
الرمة:جُمالِيَّةٌ حَرْفٌ سِنادٌ، يَشُلُّها
وظِيفٌ أَزَجُّ الخَطْوِ رَيّانُ سَهْوَقُ
فلو كان الحَرْفُ مهزولاً لم يصفها بأَنها جُمالية سِناد ولا أَنَّ
وظِيفَها رَيّانُ، وهذا البيت يَنْقُضُ تفسير من قال ناقة حرف أَي مهزولة،
شبهت بحرف كتابة لدقّتها وهُزالها؛ وروي عن ابن عمر أَنه قال: الحرْف
الناقة الضامرة، وقال الأَصمعي: الحرْفُ الناقة المهزولة؛ قال الأَزهري: قال
أَبو العباس في تفسير قول كعب بن زهير:
حَرْفٌ أَخُوها أَبوها من مُهَجَّنةٍ،
وعَمُّها خالُها قَوْداء شِمْلِيلُ
قال: يصف الناقة بالحرف لأَنها ضامِرٌ، وتُشَبَّهُ بالحرْف من حروف
المعجم وهو الأَلف لدِقَّتِها، وتشبّه بحرف الجبل إذا وصفت بالعِظَمِ.
وأَحْرَفْتُ ناقتي إذا هَزَلْتَها؛ قال ابن الأَعرابي: ولا يقال جملٌ حَرْف
إنما تُخَصّ به الناقةُ؛ وقال خالد بن زهير:
مَتَى ما تَشأْ أَحْمِلْكَ، والرَّأْسُ مائِلٌ،
على صَعْبةٍ حَرْفٍ، وشِيكٍ طُمُورُها
كَنَى بالصعبةِ الحرْفِ عن الدَّاهِيةِ الشديدة، وإن لم يكن هنالك
مركوب. وحرْفُ الشيء: ناحِيَتُه. وفلان على حَرْف من أَمْره أَي ناحيةٍ منه
كأَنه ينتظر ويتوقَّعُ، فإن رأَى من ناحية ما يُحِبُّ وإلا مال إلى غيرها.
وقال ابن سيده: فلان على حَرْف من أَمره أَي ناحية منه إذا رأَى شيئاً لا
يعجبه عدل عنه. وفي التنزيل العزيز: ومن الناس من يَعْبُدُ اللّه على
حَرْف؛ أَي إذا لم يرَ ما يحب انقلب على وجهه، قيل: هو أَن يعبده على
السرَّاء دون الضرَّاء. وقال الزجاج: على حَرْف أَي على شَكّ، قال: وحقيقته
أَنه يعبد اللّه على حرف أَي على طريقة في الدين لا يدخُل فيه دُخُولَ
متمكّن، فإن أَصابه خير اطمأَنّ به أَي إن أَصابه خِصْبٌ وكثُرَ مالُه
وماشِيَتُه اطْمَأَنَّ بما أَصابه ورضِيَ بدينه، وإن أَصابته فِتْنَةٌ
اخْتِبارٌ بِجَدْبٍ وقِلَّة مالٍ انقلب على وجهه أَي رجع عن دينه إلى الكفر
وعِبادة الأَوْثان. وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم قال: أَما تسميتهم الحرْف
حرْفاً فحرف كل شيء ناحيته كحرف الجبل والنهر والسيف وغيره. قال الأَزهري:
كأَن الخير والخِصْب ناحية والضرّ والشرّ والمكروه ناحية أُخرى، فهما
حرفان وعلى العبد أَن يعبد خالقه على حالتي السرّاء والضرَّاء، ومن عبد
اللّه على السرَّاء وحدها دون أَن يعبده على الضرَّاء يَبْتَلِيه اللّه بها
فقد عبده على حرف، ومن عبده كيفما تَصَرَّفَتْ به الحالُ فقد عبده عبادة
عَبْدٍ مُقِرّ بأَنَّ له خالقاً يُصَرِّفُه كيف يَشاء، وأَنه إن
امـْتَحَنَه بالَّلأْواء أَو أَنـْعَم عليه بالسرَّاء، فهو في ذلك عادل أَو متفضل
غير ظالم ولا متعدّ له الخير، وبيده الخير ولا خِيرةَ للعبد عليه. وقال
ابن عرفة: من يعبد اللّه على حرف أَي على غير طمأْنينة على أَمر أَي لا
يدخل في الدين دخول متمكن.
وحَرَفَ عن الشيء يَحْرِفُ حَرْفاً وانْحَرَفَ وتَحَرَّفَ واحْرَوْرَفَ:
عَدَلَ . الأَزهري. وإذا مالَ الإنسانُ عن شيء يقال تَحَرَّف وانحرف
واحرورف؛ وأَنشد العجاج في صفة ثور حَفَرَ كِناساً فقال:
وإنْ أَصابَ عُدَواء احْرَوْرَفا
عنها، وولاَّها ظُلُوفاً ظُلَّفا
أَي إِن أَصابَ مَوانِع. وعُدَواءُ الشي: مَوانِعُه. وتَحْرِيفُ القلم:
قَطُّه مُحَرَّفاً. وقَلمٌ مُحَرَّفٌ: عُدِلَ بأَحد حَرفَيْه عن الآخر؛
قال:
تَخالُ أُذْنَيْهِ، إذا تَشَوَّفا،
خافِيةً أَو قَلَماً مُحَرَّفا
وتَحْرِيفُ الكَلِم عن مواضِعِه: تغييره. والتحريف في القرآن والكلمة:
تغيير الحرفِ عن معناه والكلمة عن معناها وهي قريبة الشبه كما كانت اليهود
تُغَيِّرُ مَعانَي التوراة بالأَشباه، فوصَفَهم اللّه بفعلهم فقال
تعالى: يُحَرِّفُون الكَلِمَ عن مواضعه. وقوله في حديث أَبي هريرة: آمَنْتُ
بمُحَرِّفِ القلوب؛ هو الـمُزِيلُ أَي مُـمِيلُها ومُزيغُها وهو اللّه
تعالى، وقال بعضهم: الـمُحَرِّكَ. وفي حديث ابن مسعود: لا يأْتون النساء إلا
على حرف أَي على جَنْب. والـمُحَرَّفُ: الذي ذَهَب مالُه. والـمُحارَفُ:
الذي لا يُصيبُ خيراً من وجْهٍ تَوَجَّه له، والمصدر الحِرافُ.
والحُرْفُ: الحِرْمان. الأَزهري: ويقال للمحزوم الذي قُتِّرَ عليه رزقُه مُحارَفٌ.
وجاء في تفسير قوله: والذين في أَموالهم حَقٌّ مَعْلوم للسائل
والـمَحْرُوم، أَن السائل هو الذي يسأَل الناس، والمحروم هو الـمُحارَفُ الذي ليس
له في الإسلام سَهْم، وهو مُحارَفٌ. وروى الأَزهري عن الشافعي أَنه قال:
كلُّ من اسْتَغنَى بِكَسْبه فليس له أَن يسأَل الصدقةَ، وإذا كان لا
يبلُغُ كسبُه ما يُقِيمُه وعيالَه، فهو الذي ذكره المفسِّرون أَنه المحروم
الـمُحارَف الذي يَحْتَرِفُ بيدَيه، قد حُرِم سَهْمَه من الغنيمة لا
يَغْزُو مع المسلمين، فَبَقِيَ محْروماً يُعْطى من الصدقة ما يَسُدُّ
حِرْمانَه، والاسم منه الحُرْفة، بالضم، وأَما الحِرفةُ فهو اسم من الاحتِرافِ وهو
الاكْتِسابُ؛ يقال: هو يَحْرِفُ لعِيالِه ويحترف ويَقْرِشُ ويَقْتَرِشُ
بمعنى يكتسب من ههنا وههنا، وقيل: الـمُحارفُ، بفتح الراء، هو المحروم
المحدود الذي إذا طَلَب فلا يُرْزَق أَو يكون لا يَسْعَى في الكسب. وفي
الصحاح: رجل مُحارَف، بفتح الراء، أَي محدود محروم وهو خلاف قولك مُبارَكٌ؛
قال الراجز:
مُحارَفٌ بالشاء والأَباعِرِ،
مُبارَكٌ بالقَلَعِيِّ الباتِرِ
وقد حُورِفَ كَسْبُ فلان إذا شُدِّد عليه في مُعاملَته وضُيِّقَ في
مَعاشِه كأَنه مِيلَ بِرِزْقه عنه، من الانْحِرافِ عن الشيء وهو الميل عنه.
وفي حديث ابن مسعود: موتُ المؤمن بعَرَقِ الجبين تَبْقَى عليه البقِيّةُ
من الذُّنوبِ فَيُحارَفُ بها عند الموت أَي يُشَدَّد عليه لتُمَحَّصَ
ذنوبه، وُضِعَ وَضْعَ الـمُجازاةِ والـمُكافأَة، والمعنى أَن الشدَّة التي
تَعْرِض له حتى يَعْرَقَ لها جَِبينُه عند السِّياقِ تكون جزاء وكفارةً لما
بقي عليه من الذنوب، أَو هو من الـمُحارَفةِ وهو التشْديدُ في الـمَعاش.
وفي التهذيب: فيُحارَفُ بها عند الموت أَي يُقايَسُ بها فتكون كفارة
لذنوبه، ومعنى عَرَقِ الجبين شدَّةُ السّياق. والحُرْفُ: الاسم من قولك رجل
مُحارَفٌ أَي مَنْقُوصُ الحَظِّ لا ينمو له مال، وكذلك الحِرْفةُ،
بالكسر. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: لَحِرْفةُ أَحدِهم أَشَدُّ عليَّ من
عَيْلَتِه أَي إغْناءُ الفَقِير وكفايةُ أَمْرِه أَيْسَرُ عليَّ من إصْلاحِ
الفاسدِ، وقيل: أَراد لَعَدم حِرْفةِ أَحدِهم والاغْتِمامُ لذلك أَشَدُّ
عليَّ من فَقْرِه. والـمُحْتَرِفُ: الصانِعُ. وفلان حَريفي أَي مُعامِلي.
اللحياني: وحُرِفَ في ماله حَرْفةً ذهَب منه شيء، وحَرَفْتُ الشيء عن
وجْهه حَرْفاً. ويقال: ما لي عن هذا الأَمْرِ مَحْرِفٌ وما لي عنه مَصْرِفٌ
بمعنى واحد أَي مُتَنَحًّى؛ ومنه قول أَبي كبير الهذلي:
أَزُهَيْرُ، هَلْ عن شَيْبةٍ من مَحْرِفِ،
أَمْ لا خُلُودَ لِباذِلٍ مُتَكَلِّفِ؟
والـمُحْرِفُ: الذي نَما مالُه وصَلَحَ، والاسم الحِرْفةُ. وأَحْرَفَ
الرجلُ إحرافاً فهو مُحْرِفٌ إذا نَما مالُه وصَلَحَ. يقال: جاء فلان
بالحِلْقِ والإحْراف إذا جاء بالمال الكثير.
والحِرْفةُ: الصِّناعةُ. وحِرفةُ الرجلِ: ضَيْعَتُه أَو صَنْعَتُه.
وحَرَفَ لأَهْلِه واحْتَرَف: كسَب وطلَب واحْتالَ، وقيل: الاحْتِرافُ
الاكْتِسابُ، أَيّاً كان. الأَزهري: وأَحْرَفَ إذا اسْتَغْنى بعد فقر. وأَحْرَفَ
الرجلُ إذا كَدَّ على عِياله. وفي حديث عائشة: لما اسْتُخْلِفَ أَبو
بكر، رضي اللّه عنهما، قال: لقد عَلِم قومي أَن حِرْفَتي لم تكن تَعْجِز عن
مؤونة أَهلي وشُغِلْتُ بأَمر المسلمين فسيأْكل آلُ أَبي بكر من هذا
ويَحْتَرِفُ للمسلمين فيه؛ الحِرْفةُ: الصِّناعةُ وجِهةُ الكَسْب؛ وحَرِيفُ
الرجل: مُعامِلُه في حِرْفَتِه، وأَراد باحترافِه للمسلمين نَظَره في
أُمورهم وتَثْميرَ مَكاسِبهمْ وأَرْزاقِهم؛ ومنه الحديث: إني لأَرى الرجل
يُعْجِبُني فأَقول: هل له حِرْفة؟ فإن قالوا: لا، سَقَطَ من عيني؛ وقيل: معنى
الحديث الأَوَّل هو أَن يكون من الحُرْفة والحِرْفة، بالضم والكسر، ومنه
قولهم: حِرْفة الأَدَبِ، بالكسر. ويقال: لا تُحارِفْ أَخاكَ بالسوء أَي
تُجازِه بسوء صنِيعِه تُقايِسْه وأَحْسِنْ إذا أَساء واصْفَحْ عنه. ابن
الأَعرابي: أَحْرَفَ الرجلُ إذا جازى على خَيْر أَو شرّ، قال: ومنه
الخَبرُ: إن العبد لَيُحارَفُ عن عمله الخير أَو الشرّ أَي يُجازى. وقولهم في
الحديث: سَلِّطْ عليهم مَوْتَ طاعُونٍ دَفِيفٍ يُحَرِّفُ القُلوبَ أَي
يُمِيلها ويَجْعَلُها على حرْفٍ أَي جانب وطَرَفٍ، ويروى يَحُوفُ، بالواو،
وسنذكره؛ ومنه الحديث: ووصف سُفيانُ بكفه فَحَرَفَها أَي أَمالَها،
والحديث الآخر: وقال بيده فحرّفها كأَنه يريد القتل ووصف بها قطْع السيفِ
بحَدِّه. وحَرَفَ عَيْنَه: كَحَلها؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
بِزَرْقاوَيْنِ لم تُحْرَفْ، ولَـمَّا
يُصِبْها عائِرٌ بشَفير ماقِ
أَراد لم تُحْرَفا فأَقام الواحد مُقام الاثْنين كما قال أَبو ذُؤَيب:
نامَ الخَلِيُّ، وبتُّ الليلَ مُشْتَجِراً،
كأَنَّ عيْنَيَّ فيها الصَّابُ مَذْبوحُ
والمِحْرَفُ والمِحْرافُ: الـمِيلُ الذي تقاسُ به الجِراحات.
والـمِحْرَفُ والمِحْرافُ أَيضاً: المِسْبارُ الذي يُقاسُ به الجُرح؛ قال القطامي
يذكر جِراحةً:
إذا الطَّبيبُ بمِحْرافَيْه عالَجَها،
زادَتْ على النَّقْرِ أَو تَحْريكها ضَجَما
ويروى على النَّفْرِ، والنَّفْرُ الوَرَمُ، ويقال: خروج الدّم؛ وقال
الهذلي:
فإنْ يَكُ عَتَّابٌ أَصابَ بسَهْمِه
حَشاه، فَعَنَّاه الجَوى والـمَحارِفُ
والمُحارَفةُ: مُقايَسَةُ الجُرْحِ بالمِحْرافِ، وهو المِيل الذي
تُسْبَرُ به الجِراحاتُ؛ وأَنشد:
كما زَلَّ عن رأْسِ الشَّجِيجِ المحارفُ
وجمعه مَحارِفُ ومَحاريفُ؛ قال الجَعْدي:
ودَعَوْتَ لَهْفَك بعد فاقِرةٍ،
تُبْدي مَحارِفُها عن العَظْمِ
وحارَفَه: فاخَرَه؛ قال ساعِدةُ بن جُؤَيَّة:
فإنْ تَكُ قَسْرٌ أَعْقَبَتْ من جُنَيْدِبٍ،
فقد عَلِمُوا في الغَزْوِ كيْفَ نُحارِفُ
والحُرْفُ: حَبُّ الرَّشادِ، واحدته حُرْفةٌ. الأَزهري: الحُرْفُ جَبٌّ
كالخَرْدَلِ. وقال أَبو حنيفة: الحُرف، بالضم، هو الذي تسميه العامّة
حبَّ الرَّشاد.
والحُرْفُ والحُرافُ: حَيّةٌ مُظْلِمُ اللَّوْنِ يَضْرِبُ إلى السَّواد
إذا أَخذ الإنسانَ لم يبق فيه دم إلا خرج.
والحَرافةُ: طَعْم يُحْرِقُ اللِّسانَ والفَمَ. وبصل حِرِّيفٌ: يُحْرِقُ
الفم وله حَرارةٌ، وقيل: كل طعام يُحْرِقُ فم آكله بحَرارة مَذاقِه
حِرِّيف، بالتشديد، للذي يَلْذَعُ اللسانَ بحَرافَتِه، وكذلك بصل حِرّيف،
قال: ولا يقال حَرِّيف.
نطق: نَطَقَ الناطِقُ يَنْطِقُ نُطْقاً: تكلم. والمَنطِق: الكلام.
والمِنْطِيق: البليغ؛ أَنشد ثعلب:
والنَّوْمُ ينتزِعُ العَصا من ربِّها،
ويَلوكُ، ثِنْيَ لسانه، المِنْطِيق
وقد أَنْطَقَه الله واسْتَنْطقه أَي كلَّمه وناطَقَه. وكتاب ناطِقٌ
بيِّن، على المثل: كأَنه يَنْطِق؛ قال لبيد:
أو مُذْهَبٌ جُدَدٌ على أَلواحه،
أَلنَّاطِقُ المَبْرُوزُ والمَخْتومُ
وكلام كل شيء: مَنْطِقُه؛ ومنه قوله تعالى: عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطير؛
قال ابن سيده: وقد يستعمل المَنطِق في غير الإنسان كقوله تعالى: عُلِّمْنا
مَنْطِقَ الطير؛ وأَنشد سيبويه:
لم يَمْنع الشُّرْبَ منها، غَيْرَ أَن نطقت
حمامة في غُصُونٍ ذاتِ أَوْقالِ
لما أضاف غيراً إلى أن بناها معها وموضعها الرفع. وحكى يعقوب: أَن
أَعرابيّاً ضَرطَ فتَشَوَّر فأَشار بإبهامه نحو استه، وقال: إنها خَلْف
نَطَقَت خَلْفاً، يعني بالنطق الضرط.
وتَناطَق الرجلان: تَقاوَلا؛ وناطَقَ كلُّ واحد منهما صاحبه: قاوَلَه؛
وقوله أَنشده ابن الأعرابي:
كأَن صَوْتَ حَلْيَها المُناطِقِ
تَهزُّج الرِّياح بالعَشارِقِ
أراد تحرك حليها كأنه يناطق بعضه بعضاً بصوته. وقولهم: ما له صامِت ولا
ناطِقٌ؛ فالناطِقُ الحيوان والصامِتُ ما سواه، وقيل: الصامِتُ الذهب
والفضة والجوهر، والناطِقُ الحيوان من الرقيق وغيره، سمي ناطِقاً لصوته.
وصوتُ كلِّ شيء: مَنْطِقه ونطقه.
والمِنْطَقُ والمِنْطقةُ والنِّطاقُ: كل ما شد به وسطه. غيره:
والمِنْطَقة معروفة اسم لها خاصة، تقول منه: نطَّقْتُ الرجل تَنْطِيقاً فتَنَطَّق
أي شدَّها في وسطه، ومنه قولهم: جبل أَشَمُّ مُنَطَّقٌ لأن السحاب لا
يبلغ أَعلاه وجاء فلان منُتْطِقاً فرسه إذا جَنَبَهُ ولم يركبه، قال خداش بن
زهير:
وأَبرَحُ ما أَدامَ الله قَوْمي،
على الأَعداء، مُنْتَطِقاً مُجِيدا
يقول: لا أَزال أَجْنُب فرسي جواداً، ويقال: إنه أَراد قولاً يُسْتجاد
في الثناء على قومي، وأَراد لا أَبرح، فحذف لا، وفي شعره رَهْطي بدل قومي،
وهو الصحيح لقوله مُنْتَطِقاً بالإفراد، وقد انْتَطق بالنِّطاق
والمِنْطَقة وتَنعطَّق وتَمَنْطَقَ؛ الأَخيرة عن اللحياني. والنِّطاق: شبه إزارٍ
فيه تِكَّةٌ كانت المرأَة تَنتَطِق به. وفي حديث أُم إسمعيل: أَوَّلُ ما
اتخذ النساءُ المِنْطَقَ من قِبَلِ أُم إسمعيل اتخذت مِنْطَقاً؛ هو
النِّطاق وجمعه مناطق، وهو أَن تلبس المرأة ثوبها، ثم تشد وسطها بشيء وترفع
وسط ثوبها وترسله على الأسفل عند مُعاناةِ الأَشغال، لئلا تَعْثُر في
ذَيْلها، وفي المحكم: النَّطاق شقَّة أو ثوب تلبسه المرأَة ثم تشد وسطها بحبل،
ثم ترسل الأعلى على الأسفل إلى الركبة، فالأَسفل يَنْجَرّ على الأَرض،
وليس لها حُجْزَة ولا نَيْفَق ولا ساقانِ، والجمع نُطُق . وقد انْتَطَقت
وتَنَطَّقت إذا شدت نِطاقها على وسطها؛ وأَنشد ابن الأعرابي:
تَغْتال عُرْضَ النُّقْبَةِ المُذالَهْ،
ولم تَنَطَّقْها على غِلالَهْ،
وانْتَطق الرجل أَي لبس المِنْطَق وهو كل ما شددت به وسطك. وقالت عائشة
في نساء الأَنصار: فعَمَدْن إلى حُجَزِ أو حُجوز مناطِقهنّ فَشَقَقْنَها
وسَوَّيْنَ منها خُمُراً واخْتَمَرْنَ بها حين أَنزل الله تعالى:
ولْيَضْرِبْنَ بخُمُرهنّ على جيوبهن؛ المَناطِق واحدها مِنْطق، وهو النِّطاق.
يقال: مِنْطَق ونِطاق بمعنى واحد، كما يقال مِئْزر وإزار ومِلحف ولِحاف
ومِسْردَ وسِراد، وكان يقال لأسماء بنت أبي بكر، رضي الله عنهما، ذات
النطاقَيْنِ لأنها كانت تُطارِق نِطاقاً على نِطاق، وقيل: إنه كان لها نِطاقان
تلبس أحدهما وتحمل في الآخر الزاد إلى سيدنا رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، وأبي بكر، رضي الله عنه، وهما في الغار؛ قال: وهذا أصح القولين،
وقيل: إنها شقَّت نِطاقها نصفين فاستعملت أَحدهما وجعلت الآخر شداداً
لزادهما. وروي عن عائشة، رضي الله عنها: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما خرج
مع أبي بكر مهاجرَيْنِ صنعنا لهما سُفْرة في جِراب فقطعت أَسماء بنت أبي
بكر، رضي الله عنهما، من نِطاقها وأَوْكَت به الجراب، فلذلك كانت تسمى
ذات النطاقين، واستعاره علي، عليه السلام، في غير ذلك فقال: من يَطُلْ
أَيْرُ أَبيه يَنْتَطِقْ به أَي من كثر بنو أَبيه يتقوى بهم؛ قال ابن بري:
ومنه قول الشاعر:
فلو شاء رَبِّي كان أَيْرُ أَبِيكمُ
طويلاً، كأَيْرِ الحَرثِ بنَ سَدُوسِ
وقال شمر في قول جرير:
والتَّغْلَبيون، بئس الفَحْلُ فَحْلُهُمُ
قِدْماً وأُمُّهُمُ زَلاَّءُ مِنْطِيقُ
تحت المَناطق أَشباه مصلَّبة،
مثل الدُّوِيِّ بها الأَقلامُ واللِّيقُ
قال شمر: مِنْطيق تأْتزر بحَشِيَّة تعظِّم بها عجيزتها، وقال بعضهم:
النِّطاق والإزار الذي يثنى؛ والمِنْطَقُ: ما جعل فيه من خيط أَو غيره؛
وأَنشد:
تَنْبُو المَناطقُ عن جُنُوبهِمُ،
وأَسِنَّةُ الخَطِّيِّ ما تَنْبُو
وصف قوماً بعظم البطون والجُنوب والرخاوة. ويقال: تَنَطَّقَ بالمِنْطقة
وانْتَطق بها؛ ومنه بيت خِداش بن زهير:
على الأعداء مُنْتطقاً مُجِيدا
وقد ذكر آنفاً.
والمُنَطَّقةُ من المعز: البيضاءُ موضِع النِّطاق. ونَطَّق الماءُ
الأَكَمَةَ والشجرة: نَصَفَها، واسم ذلك الماء النِّطاق على التشبيه بالنِّطاق
المقدم ذكره، واستعارة عليّ، عليه السلام، للإسلام، وذلك أَنه قيل له:
لَمَ لا تَخْضِبُ فإن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد خَضَب؟ فقال: كان
ذلك والإسلامُ قُلٌّ، فأَما الآن فقد اتسع نِطاقُ الإسلام فامْرَأً وما
اختار. التهذيب: إذا بلغ الماء النِّصْف من الشجرة والأكَمَة يقال قد
نَطَّقَها؛ وفي حديث العباس يمدح النبي، صلى الله عليه وسلم:
حتى احْتَوى بَيْتُكَ المُهَيْمِنُ من
خِنْدِفَ عَلْياءَ، تحتها النُّطُقُ
النُّطُق: جمعِ نطاقٍ وهي أَعراضٌ من جِبال بعضها فوق بعض أَي نواحٍ
وأَوساط منها شبهت بالنُّطُق التي يشد بها أوساط الناس، ضربه مثلاً له في
ارتفاعه وتوسطه في عشيرته، وجعلهم تحته بمنزلة أوساط الجبال، وأَراد ببيته
شرفه، والمُهَيْمِنُ نعته أَي حتى احتوى شرفك الشاهد على فضلك أعلى مكان
من نسبِ خِنْدِفَ. وذات النِّطاقِ أَيضاً: اسم أَكَمةٍ لهم. ابن سيده:
ونُطُق الماء طرائقه، أَراه على التشبيه بذلك؛ قال زهير:
يُحِيلُ في جَدْوَل تَحْبُو ضفادعُهُ،
حَبْوَ الجَواري تَرى في مائة نُطُقا
والنَّاطِقةُ: الخاصرة.
رجع: رَجَع يَرْجِع رَجْعاً ورُجُوعاً ورُجْعَى ورُجْعاناً ومَرْجِعاً
ومَرْجِعةً: انصرف. وفي التنزيل: إِن إِلى ربك الرُّجْعى، أَي الرُّجوعَ
والمَرجِعَ، مصدر على فُعْلى؛ وفيه: إِلى الله مَرْجِعُكم جميعاً، أَي
رُجُوعكم؛ حكاه سيبويه فيما جاء من المصادر التي من فَعَلَ يَفْعِل على
مَفْعِل، بالكسر، ولا يجوز أَن يكون ههنا اسمَ المكان لأَنه قد تعدَّى بإِلى،
وانتصبت عنه الحالُ، واسم المكان لا يتعدَّى بحرف ولا تنتصب عنه الحال
إِلا أَنّ جُملة الباب في فَعَلَ يَفْعِل أَن يكون المصدر على مَفْعَل،
بفتح العين. وراجَع الشيءَ ورَجع إِليه؛ عن ابن جني، ورَجَعْته أَرْجِعه
رَجْعاً ومَرْجِعاً ومَرْجَعاً وأَرْجَعْتُه، في لغة هذيل، قال: وحكى أَبو
زيد عن الضََّّبِّيين أَنهم قرؤُوا: أَفلا يرون أَن لا يُرْجِع إِليهم
قولاً، وقوله عز وجل: قال رب ارْجِعُونِ لعلّي أَعمل صالحاً؛ يعني العبد
إِذا بعث يوم القيامة وأَبصر وعرف ما كان ينكره في الدنيا يقول لربه:
ارْجِعونِ أَي رُدُّوني إِلى الدنيا، وقوله ارجعون واقع ههنا ويكون لازماً
كقوله تعالى: ولما رَجَع موسى إِلى قومه؛ ومصدره لازماً الرُّجُوعُ، ومصدره
واقعاً الرَّجْع. يقال: رَجَعْته رَجْعاً فرجَع رُجُوعاً يستوي فيه لفظ
اللازم والواقع.
وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: من كان له مال يُبَلِّغه حَجَّ بيتِ
الله أَو تَجِب عليه فيه زكاة فلم يفعل سأَل الرَّجعةَ عند الموت أَي
سأَل أَن يُرَدّ إِلى الدنيا ليُحْسن العمل ويَسْتَدْرِك ما فات.
والرَّجْعةُ: مذهب قوم من العرب في الجاهلية معروف عندهم، ومذهب طائفة من فِرَق
المسلمين من أَُولي البِدَع والأَهْواء، يقولون: إِن الميت يَرْجِعُ إِلى
الدنيا ويكون فيها حيّاً كما كان، ومن جملتهم طائفة من الرَّافضة يقولون:
إِنَّ عليّ بن أَبي طالب، كرم الله وجهه، مُسْتتِر في السحاب فلا يخرج مع
من خرج من ولده حتى ينادِيَ مُنادٍ من السماء: اخرج مع فلان، قال: ويشهد
لهذا المذهب السوء قوله تعالى: حتى إِذا جاء أَحدَهم الموتُ قال رب
ارجعون لعلي أَعمل صالحاً فيما تركت؛ يريد الكفار. وقوله تعالى: لعلّهم
يَعْرِفونها إِذا انقلبوا إِلى أَهلهم لعلهم يرجعون، قال: لعلهم يرجعون أَي
يَرُدُّون البِضاعةَ لأَنها ثمن ما اكتالوا وأَنهم لا يأْخذون شيئاً إِلا
بثمنه، وقيل: يرجعون إِلينا إِذا عَلِموا أَنّ ما كِيلَ لهم من الطعام
ثمنه يعني رُدّ إِليهم ثمنه، ويدل على هذا القول قوله: ولما رجعوا إِلى
أَبيهم قالوا يا أَبانا ما نَبْغي هذه بِضاعتنا. وفي الحديث: أَنه نَفَّل في
البَدْأَة الرُّبع وفي الرَّجْعة الثلث؛ أَراد بالرَّجعة عَوْدَ طائفةٍ
من الغُزاة إِلى الغَزْو بعد قُفُولهم فَيُنَفِّلهم الثلث من الغنيمة
لأَنّ نهوضهم بعد القفول أَشق والخطر فيه أَعظم. والرَّجْعة: المرة من
الرجوع. وفي حديث السّحُور: فإِنه يُؤذِّن بليل ليَرْجِعَ قائمَكم ويُوقِظَ
نائمكم؛ القائم: هو الذي يصلي صلاة الليل. ورُجُوعُه عَوْدُه إِلى نومه أَو
قُعُوده عن صلاته إِذا سمع الأَذان، ورَجع فعل قاصر ومتَعَد، تقول:
رَجَعَ زيد ورَجَعْته أَنا، وهو ههنا متعد ليُزاوج يُوقِظ، وقوله تعالى: إِنه
على رَجْعه لقادر؛ قيل: إِنه على رَجْع الماء إِلى الإِحْليل، وقيل إِلى
الصُّلْب، وقيل إِلى صلب الرجل وتَرِيبةِ المرأَة، وقيل على إِعادته
حيّاً بعد موته وبلاه لأَنه المبدئ المُعيد سبحانه وتعالى، وقيل على بَعْث
الإِنسان يوم القيامة، وهذا يُقوّيه: يوم تُبْلى السّرائر؛ أَي قادر على
بعثه يوم القيامة، والله سبحانه أَعلم بما أَراد.
ويقال: أَرجع اللهُ همَّه سُروراً أَي أَبدل همه سروراً. وحكى سيبويه:
رَجَّعه وأَرْجَعه ناقته باعها منه ثم أَعطاه إِياها ليرجع عليها؛ هذه عن
اللحياني. وتَراجَع القومُ: رَجعُوا إِلى مَحَلِّهم.
ورجّع الرجلُ وتَرجَّع: رَدَّدَ صوته في قراءة أَو أَذان أَو غِناء أَو
زَمْر أَو غير ذلك مما يترنم به. والترْجيع في الأَذان: أَن يكرر قوله
أَشهد أَن لا إِله إِلاَّ الله، أَشهد أَن محمداً رسول الله. وتَرْجيعُ
الصوت: تَرْدِيده في الحَلق كقراءة أَصحاب الأَلحان. وفي صفة قراءته، صلى
الله عليه وسلم، يوم الفتح: أَنه كان يُرَجِّع؛ الترجِيعُ: ترديد القراءة،
ومنه ترجيع الأَذان، وقيل: هو تَقارُب ضُروب الحركات في الصوت، وقد حكى
عبد الله بن مُغَفَّل ترجيعه بمد الصوت في القراءة نحو آء آء آء. قال ابن
الأَثير: وهذا إِنما حصل منه، والله أَعلم، يوم الفتح لأَنه كان راكباً
فجعلت الناقة تُحرِّكه وتُنَزِّيه فحدَثَ الترجِيعُ في صوته. وفي حديث
آخر: غير أَنه كان لا يُرَجِّع، ووجهه أَنه لم يكن حينئذ راكباً فلم يَحْدُث
في قراءته الترجيع. ورجَّع البعيرُ في شِقْشِقَته: هَدَر. ورجَّعت
الناقةُ في حَنِينِها: قَطَّعَته، ورجَّع الحمَام في غِنائه واسترجع كذلك.
ورجّعت القَوْسُ: صوَّتت؛ عن أَبي حنيفة. ورجَّع النقْشَ والوَشْم والكتابة:
ردَّد خُطُوطها، وترْجيعها أَن يُعاد عليها السواد مرة بعد أُخرى. يقال:
رجَّع النقْشَ والوَشْم ردَّد خُطوطَهما. ورَجْعُ الواشِمة: خَطُّها؛
ومنه قول لبيد:
أَو رَجْع واشِمةٍ أُسِفَّ نَؤُورها
كِفَفاً، تعرَّضَ فَوْقهُنَّ وِشامُها
وقال الشاعر:
كتَرْجيعِ وَشْمٍ في يَدَيْ حارِثِيّةٍ،
يَمانِية الأَسْدافِ، باقٍ نَؤُورُها
وقول زهير:
مَراجِيعُ وَشْمٍ في نَواشِرِ مِعْصَمِ
هو جمع المَرْجُوع وهو الذي أُعِيد سواده. ورَجَع إِليه: كَرَّ. ورَجَعَ
عليه وارْتَجَع: كرَجَعَ. وارْتَجَع على الغَرِيم والمُتَّهم: طالبه.
وارتجع إِلي الأَمرَ: رَدَّه إِليّ؛ أَنشد ثعلب:
أَمُرْتَجِعٌ لي مِثْلَ أَيامِ حَمّةٍ،
وأَيامِ ذي قارٍ عَليَّ الرَّواجِعُ؟
وارْتَجَعَ المرأَةَ وراجَعها مُراجعة ورِجاعاً: رَجَعها إِلى نفسه بعد
الطلاق، والاسم الرِّجْعة والرَّجْعةُ. يقال: طلَّق فلان فلانة طلاقاً
يملك فيه الرَّجْعة والرِّجْعةَ، والفتح أَفصح؛ وأَما قول ذي الرمة يصف
نساء تَجَلَّلْنَ بجَلابيبهن:
كأَنَّ الرِّقاقَ المُلْحَماتِ ارْتَجَعْنَها
على حَنْوَةِ القُرْيانِ ذاتِ الهَمَائِم
أَراد أَنهن ردَدْنها على وجُوه ناضِرة ناعِمة كالرِّياض.
والرُّجْعَى والرَّجِيعُ من الدوابّ، وقيل من الدواب ومن الإِبل: ما
رَجَعْتَه من سفر إِلى سفر وهو الكالُّ، والأُنثى رَجِيعٌ ورَجِيعة؛ قال
جرير:
إِذا بَلَّغَت رَحْلي رَجِيعٌ، أَمَلَّها
نُزُوليَ بالموماةِ، ثم ارْتِحالِيا
وقال ذو الرمة يصف ناقة:
رجِيعة أَسْفارٍ، كأَنَّ زِمامَها
شُجاعٌ لدى يُسْرَى الذِّراعَينِ مُطْرِق
وجمعُهما معاً رَجائع؛ قال معن بن أَوْس المُزَني:
على حينَ ما بي مِنْ رِياضٍ لصَعْبةٍ،
وبَرَّحَ بي أَنْقاضُهُن الرَّجائعُ
كنَى بذلك عن النساء أَي أَنهن لا يُواصِلْنه لِكِبَره، واستشهد
الأَزهري بعجز هذا البيت وقال: قال ابن السكيت: الرَّجِيعةُ بعير ارْتَجعْتَه
أَي اشترَيْتَه من أَجْلاب الناس ليس من البلد الذي هو به، وهي الرَّجائع؛
وأَنشد:
وبَرَّحَ بي أَنقاضُهن الرَّجائع
وراجَعت الناقة رِجاعاً إِذا كانت في ضرب من السير فرَجعت إِلى سَير
سِواه؛ قال البَعِيث يصف ناقته:
وطُول ارْتِماء البِيدِ بالبِيدِ تَعْتَلي
بها ناقتي، تَخْتَبُّ ثُمَّ تُراجِعُ
وسَفَر رَجيعٌ: مَرْجُوع فيه مراراً؛ عن ابن الأَعرابي. ويقال للإِياب
من السفَر: سفَر رَجِيع؛ قال القُحَيْف:
وأَسْقِي فِتْيةً ومُنَفَّهاتٍ،
أَضَرَّ بِنِقْيِها سَفَرٌ رَجِيعُ
وفلان رِجْعُ سفَر ورَجِيعُ سفَر. ويقال: جعلها الله سَفْرة مُرْجِعةً.
والمُرْجِعةُ: التي لها ثَوابٌ وعاقبة حَسَنة.
والرَّجْع: الغِرْس يكون في بطن المرأَة يخرج على رأْس الصبي.
والرِّجاع: ما وقع على أَنف البعير من خِطامه. ويقال: رَجَعَ فلان على
أَنف بعيره إِذا انفسخ خَطْمُه فرَدَّه عليه، ثم يسمى الخِطامُ رِجاعاً.
وراجَعه الكلامَ مُراجَعةً ورِجاعاً: حاوَرَه إِيَّاه. وما أَرْجَعَ
إِليه كلاماً أَي ما أَجابَه. وقوله تعالى: يَرْجِعُ بعضُهم إِلى بعض القول؛
أَي يَتَلاوَمُونَ. والمُراجَعَة: المُعاوَدَةُ. والرَّجِيعُ من الكلام:
المَرْدُودُ إِلى صاحبه.
والرَّجْعُ والرَّجِيعُ: النَّجْوُ والرَّوْثُ وذو البَطن لأَنه رَجَع
عن حاله التي كان عليها. وقد أَرْجَعَ الرجلُ. وهذا رَجِيعُ السَّبُع
ورَجْعُه أَيضاً يعني نَجْوَه. وفي الحديث: أَنه نهى أَن يُسْتَنْجَى
بِرَجِيعٍ أَو عَظْم؛ الرَّجِيعُ يكون الرَّوْثَ والعَذِرةَ جَميعاً، وإِنما سمي
رَجِيعاً لأَنه رَجَع عن حاله الأُولى بعد أَن كان طعاماً أَو علَفاً
أَو غير ذلك. وأَرْجَع من الرَّجِيع إِذا أَنْجَى. والرَّجِيعُ: الجِرَّةُ
لِرَجْعِه لها إِلى الأَكل؛ قال حميد بن ثَوْر الهِلالي يَصِف إِبلاً
تُرَدِّد جِرَّتها:
رَدَدْنَ رَجِيعَ الفَرْثِ حتى كأَنه
حَصى إِثْمِدٍ، بين الصَّلاءِ، سَحِيقُ
وبه فسر ابن الأَعرابي قول الراجز:
بَمْشِينَ بالأَحْمال مَشْيَ الغِيلانْ،
فاسْتَقْبَلَتْ ليلةَ خِمْسٍ حَنّانْ،
تَعْتَلُّ فيه بِرَجِيعِ العِيدانْ
وكلُّ شيءٍ مُرَدَّدٍ من قول أَو فعل، فهو رَجِيع؛ لأَن معناه مَرْجُوع
أَي مردود، ومنها سموا الجِرَّة رَجِيعاً؛ قال الأَعشى:
وفَلاةٍ كأَنَّها ظَهْر تُرْسٍ،
ليس إِلاّ الرَّجِيعَ فيها عَلاقُ
يقول لا تَجِد الإِبل فيها عُلَقاً إِلاَّ ما تُرَدِّدُه من جِرَّتها.
الكسائي: أَرْجَعَتِ الإِبلُ إِذا هُزِلَت ثم سَمِنت. وفي التهذيب: قال
الكسائي إِذا هُزِلَت الناقة قيل أَرْجَعت. وأَرجَعَت الناقة، فهي مُرْجِع:
حَسُنت بعد الهُزال. وتقول: أَرْجَعْتُك ناقة إِرْجاعاً أَي
أَعطيْتُكَها لتَرْجِع عليها كما تقول أَسْقَيْتُك إِهاباً. والرَّجيعُ: الشِّواء
يُسَخَّن ثانية؛ عن الأَصمعي، وقيل: كلُّ ما رُدِّد فهو رَجِيع، وكلُّ طعام
بَرَد فأُعِيد إِلى النار فهو رَجِيع. وحبْل رَجِيع: نُقض ثم أُعِيد
فَتْلُه، وقيل: كلُّ ما ثَنَيْتَه فهو رَجِيع. ورَجِيعُ القول: المكروه.
وتَرَجَّع الرجل عند المُصِيبة واسْتَرْجَع: قال إِنّا لله وإِنا إِليه
راجعون. وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: أَنه حين نُعي له قُثَم
استرجع أَي قال إِنا لله وإِنا إِليه راجعون، وكذلك الترجيع؛ قال جرير:
ورَجَّعْت من عِرْفانِ دار، كأَنَّها
بَقِيّةُ وَشْمٍ في مُتُون الأَشاجِعِ
(* في ديوان جرير: من عِرفانِ رَبْع كأنّه، مكانَ: من عِرفانِ دارٍ
كأنّها.)
واسْتَرْجَعْت منه الشيءَ إِذا أَخذْت منه ما دَفَعْته إِليه،
والرَّجْع: رَدّ الدابة يديها في السير ونَحْوُه خطوها. والرَّجْع: الخطو.
وتَرْجِيعُ الدابة يدَيْها في السير: رَجْعُها؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي:
يَعْدُو به نَهْشُ المُشاشِ، كأَنّه
صَدَعٌ سَلِيمٌ رَجْعُه لا يَظْلَعُ
(* قوله «نهش المشاش» تقدم ضبطه في مادتي مشش ونهش: نهش ككتف.)
نَهْشُ المُشاشِ: خَفيفُ القوائم، وصفَه بالمصدر، وأَراد نَهِش القوائم
أَو مَنْهُوش القوائم. وفي حديث ابن مسعود، رضي الله عنه: أَنه قال
للجَلاَّد: اضْرِب وارجِعْ يدك؛ قيل: معناه أَن لا يرفع يده إِذا أَراد الضرب
كأَنه كان قد رفَع يده عند الضرب فقال: ارْجِعْها إِلى موضعها. ورَجْعُ
الجَوابِ ورَجْع الرَّشْقِ في الرَّمْي: ما يَرُدُّ عليه.
والرَّواجِعُ: الرِّياح المُخْتلِفَةُ لمَجِيئها وذَهابها.
والرَّجْعُ والرُّجْعَى والرُّجْعان والمَرْجُوعَةُ والمَرْجُوعُ: جواب
الرسالة؛ قال يصف الدار:
سأَلْتُها عن ذاك فاسْتَعْجَمَتْ،
لم تَدْرِ ما مَرْجُوعةُ السَّائلِ
ورُجْعان الكتاب: جَوابه. يقال: رجَع إِليَّ الجوابُ يَرْجِعُ رَجْعاً
ورُجْعاناً. وتقول: أَرسلت إِليك فما جاءني رُجْعَى رِسالتي أَي
مَرْجُوعها، وقولهم: هل جاء رُجْعةُ كتابك ورُجْعانُه أَي جوابه، ويجوز رَجْعة،
بالفتح. ويقال: ما كان من مَرْجُوعِ أَمر فلان عليك أَي من مَردُوده
وجَوابه. ورجَع إِلى فلان من مَرْجوعِه كذا: يعني رَدّه الجواب. وليس لهذا
البيع مَرْجُوع أَي لا يُرْجَع فيه. ومتاع مُرْجِعٌ: له مَرْجُوع. ويقال:
أَرْجَع الله بَيْعة فلان كما يقال أَرْبَح الله بَيْعَته. ويقال: هذا
أَرْجَعُ في يَدِي من هذا أَي أَنْفَع، قال ابن الفرج: سمعت بعض بني سليم
يقول: قد رجَع كلامي في الرجل ونَجَع فيه بمعنى واحد. قال: ورَجَع في الدابّة
العَلَفُ ونَجَع إِذا تَبيّن أَثَرُه. ويقال: الشيخ يَمْرض يومين فلا
يَرْجِع شَهراً أَي لا يَثُوب إِليه جسمه وقوّته شهراً. وفي النوادر: يقال
طَعام يُسْتَرْجَعُ عنه، وتَفْسِير هذا في رِعْي المال وطَعام الناس ما
نَفَع منه واسْتُمْرِئَ فسَمِنُوا عنه.
وقال اللحياني: ارْتَجَع فلان مالاً وهو أَن يبيع إِبله المُسِنة
والصغار ثم يشتري الفَتِيّة والبِكار، وقيل: هو أَن يبيع الذكور ويشتري
الإِناث؛ وعمَّ مرة به فقال: هو أَن يبيع الشيء ثم يشتري مكانه ما يُخَيَّل
إِليه أَنه أَفْتى وأَصلح.
وجاء فلان بِرِجْعةٍ حَسَنةٍ أَي بشيء صالح اشتراه مكان شيء طالح، أَو
مَكان شيء قد كان دونه، وباع إِبله فارْتَجع منها رِجْعة صالحة ورَجْعةً:
رَدّها. والرِّجْعةُ والرَّجْعة: إِبل تشتريها الأَعراب ليست من نتاجهم
وليست عليها سِماتُهم. وارْتَجَعها: اشتراها؛ أَنشد ثعلب:
لا تَرْتَجِعْ شارفاً تَبْغِي فَواضِلَها،
بدَفِّها من عُرى الأَنْساعِ تَنْدِيبُ
وقد يجوز أَن يكون هذا من قولهم: باع إِبله فارتجع منها رِجْعة صالحة،
بالكسر، إِذا صرف أَثْمانها فيما تَعود عليه بالعائدة الصالحة، وكذلك
الرِّجْعة في الصدقة، وفي الحديث: أَنه رأَى في إِبل الصدقة ناقة كَوْماء
فسأَل عنها المُصَدِّق فقال: إِني ارْتَجَعْتها بإِبل، فسكت؛ الارْتِجاعُ:
أَن يَقدُم الرجل المصر بإِبله فيبيعها ثم يشتري بثمنها مثلها أَو غيرها،
فتلك الرِّجعة، بالكسر؛ قال أَبو عبيد: وكذلك هو في الصدقة إِذا وجب على
رَبّ المال سِنّ من الإِبل فأَخذ المُصَدِّقُ مكانها سنّاً أُخرى فوقها
أَو دونها، فتلك التي أَخَذ رِجْعةٌ لأَنه ارتجعها من التي وجبت له؛ ومنه
حديث معاوية: شكت بنو تَغْلِبَ إِليه السنة فقال: كيف تَشْكُون الحاجةَ
مع اجْتِلاب المِهارة وارْتجاعِ البِكارة؟ أَي تَجْلُبون أَولاد الخيل
فتَبِيعُونها وترجعون بأَثمانها؛ البكارة للقِنْية يعني الإِبل؛ قال الكميت
يصف الأَثافي:
جُرْدٌ جِلادٌ مُعَطَّفاتٌ على الـ
أَوْرَقِ، لا رِجْعةٌ ولا جَلَبُ
قال: وإِن ردَّ أَثمانها إِلى منزله من غير أَن يشتري بها شيئاً فليست
برِجْعة. وفي حديث الزكاة: فإِنهما يَتراجَعانِ بينهما بالسَّويّة؛
التَّراجُع بين الخليطين أَن يكون لأَحَدهما مثلاً أَربعون بقرة وللآخر ثلاثون،
ومالُهما مُشتَرَك، فيأْخذ العامل عن الأَربعين مُسنة، وعن الثلاثين
تَبيعاً، فيرجع باذِلُ المسنة بثلاثة أَسْباعها على خَليطه، وباذلُ
التَّبِيع بأَربعة أَسْباعِه على خَلِيطه، لأَن كل واحد من السنَّين واجب على
الشُّيوعِ كأَن المال ملك واحد، وفي قوله بالسوية دليل على أَن الساعي إِذا
ظلم أَحدهما فأَخذ منه زيادة على فرْضه فإِنه لا يرجع بها على شريكه،
وإِنما يَغْرم له قيمة ما يخصه من الواجب عليه دون الزيادة؛ ومن أَنواع
التراجع أَن يكون بين رجلين أَربعون شاة لكل واحد عشرون، ثم كل واحد منهما
يعرف عين ماله فيأْخذ العاملُ من غنم أَحدهما شاة فيرجع على شريكه بقيمة
نصف شاة، وفيه دليل على أَن الخُلْطة تصح مع تمييز أَعيان الأَموال عند من
يقول به. والرِّجَع أَيضاً: أَن يبيع الذكور ويشتري الإِناث كأَنه مصدر
وإِن لم يصح تَغْييرُه، وقيل: هو أَن يبيع الهَرْمى ويشتري البِكارة؛ قال
ابن بري: وجمع رِجْعةٍ رِجَعٌ، وقيل لحَيّ من العرب: بمَ كثرت أَموالكم؟
فقالوا: أَوصانا أَبونا بالنُّجَع والرُّجَع، وقال ثعلب: بالرِّجَع
والنِّجَع، وفسره بأَنه بَيْع الهَرْمى وشراء البِكارة الفَتِيَّة، وقد فسر
بأَنه بيع الذكور وشراء الإِناث، وكلاهما مما يَنْمي عليه المال. وأَرجع
إِبلاً: شَراها وباعَها على هذه الحالة.
والرّاجعةُ: الناقة تباع ويشترى بثمنها مثلها، فالثانية راجعة ورَجِيعة،
قال علي بن حمزة: الرَّجيعة أَن يباع الذكور ويشترى بثمنه الأُنثى،
فالأُنثى هي الرَّجيعة، وقد ارتجعتها وترَجَّعْتها ورَجَعْتها. وحكى
اللحياني:جاءت رِجْعةُ الضِّياع، ولم يفسره، وعندي أَنه ما تَعُود به على صاحبها
من غلَّة.
وأَرْجَع يده إِلى سيفه ليستَلّه أَو إِلى كِنانته ليأْخذَ سهماً:
أَهْوى بها إِليها؛ قال أَبو ذؤيب:
فبَدا له أَقْرابُ هذا رائغاً
عنه، فعَيَّثَ في الكِنانةِ يُرْجِعُ
وقال اللحياني: أَرْجَع الرجلُ يديه إِذا رَدّهما إِلى خلفه ليتناوَل
شيئاً، فعمّ به. ويقال: سيف نَجِيحُ الرَّجْعِ إِذا كان ماضِياً في
الضَّريبة؛ قال لبيد يصف السيف:
بأَخْلَقَ مَحْمودٍ نَجِيحٍ رَجِيعُه
وفي الحديث: رَجْعةُ الطلاق في غير موضع، تفتح راؤه وتكسر، على المرة
والحالة، وهو ارْتِجاع الزوجة المطلَّقة غير البائنة إِلى النكاح من غير
استئناف عقد.
والرَّاجِعُ من النساء: التي مات عنها زوجها ورجعت إِلى أَهلها، وأَمّا
المطلقة فهي المردودة. قال الأَزهري: والمُراجِعُ من النساء التي يموت
زوجها أَو يطلقها فتَرجِع إِلى أَهلها، ويقال لها أَيضاً راجع. ويقال
للمريض إِذا ثابَتْ إِليه نفْسه بعد نُهوك من العِلَّة: راجع. ورجل راجع إِذا
رجعت إِليه نفسه بعد شدَّة ضَنىً.
ومَرْجِعُ الكتف ورَجْعها: أَسْفَلُها، وهو ما يلي الإِبط منها من جهة
مَنْبِضِ القلب؛ قال رؤبة:
ونَطْعَن الأَعْناق والمَراجِعا
يقال: طعَنه في مَرْجِع كتفيه. ورَجَع الكلب في قَيْئه: عاد فيه.
وهو يُؤمِن بالرِّجْعة، وقالها الأَزهري بالفتح، أَي بأَنّ الميت يَرْجع
إِلى الدنيا بعد الموت قبل يوم القيامة. وراجَع الرجلُ: رجَع إِلى خير
أَو شر. وتَراجعَ الشيء إِلى خلف.
والرِّجاعُ: رُجوع الطير بعد قِطاعها. ورَجَعَت الطير رُجوعاً ورِجاعاً:
قَطعت من المواضع الحارَّة إِلى البارِدة. وأَتانٌ راجِعٌ وناقة راجِع
إِذا كانت تَشُول بذنبها وتجمع قُطْرَيْها وتُوَزِّع ببولها فتظن أَنّ بها
حَمْلاً ثم تُخْلِف. ورجَعت الناقةُ تَرْجع رِجاعاً ورُجوعاً، وهي
راجِع: لَقِحت ثم أَخْلَفت لأَنها رجَعت عما رُجِيَ منها، ونوق رَواجِعُ،
وقيل: إِذا ضربها الفَحل ولم تَلْقَح، وقيل: هي إِذا أَلقت ولدها لغير تمام،
وقيل: إِذا نالت ماء الفحل، وقيل: هو أَن تطرحه ماء. الأَصمعي: إِذا
ضُربت الناقة مراراً فلم تَلْقَح فهي مُمارِنٌ، فإِن ظهر لهم أَنها قد لَقِحت
ثم لم يكن بها حَمل فهي راجِع ومُخْلِفة. وقال أَبو زيد: إِذا أَلقت
الناقة حملها قبل أَن يَستبِين خلقه قيل رَجَعَت تَرْجِعُ رِجاعاً؛ وأَنشد
أَبو الهيثم للقُطامي يصف نجِيبة لنَجِيبَتَين
(* قوله: نجيبة لنجيبتين،
هكذا في الأصل.):
ومن عيْرانةٍ عَقَدَتْ عليها
لَقاحاً ثم ما كَسَرَتْ رِجاعا
قال: أَراد أَن الناقة عقدَت عليها لَقاحاً ثم رمت بماء الفحل وكسرت
ذنبها بعدما شالَت به؛ وقول المرّار يَصِف إِبلاً:
مَتابيعُ بُسْطٌ مُتْئِماتٌ رَواجِعٌ،
كما رَجَعَتْ في لَيْلها أُمّ حائلِ
بُسْطٌ: مُخَلاَّةٌ على أَولادها بُسِطَت عليها لا تُقْبَض عنها.
مُتْئمات: معها ابن مَخاض. وحُوار رَواجِعُ: رجعت على أَولادها. ويقال: رواجِعُ
نُزَّعٌ. أُم حائل: أُمُّ ولدِها الأُنثى.
والرَّجِيعُ: نباتُ الربيع. والرَّجْعُ والرجيعُ والراجعةُ: الغدير
يتردَّد فيه الماء؛ قال المتنخل الهُذلي يصف السيف:
أَبيض كالرَّجْع رَسوبٌ، إِذا
ما ثاخَ في مُحْتَفَلٍ يَخْتَلي
وقال أَبو حنيفة: هي ما ارْتَدّ فيه السَّيْل ثم نَفَذَ، والجمع رُجْعان
ورِجاع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وعارَضَ أَطْرافَ الصَّبا وكأَنه
رِجاعُ غَدِيرٍ، هَزَّه الريحُ، رائِعُ
وقال غيره: الرِّجاع جمع ولكنه نعته بالواحد الذي هو رائع لأَنه على لفظ
الواحد كما قال الفرزدق:
إِذا القُنْبُضاتُ السُّودُ طَوَّفْنَ بالضُّحى،
رَقَدْنَ عليهِن السِّجالُ المُسَدَّفُ
(* قوله «السجال المسدف» كذا بالأصل هنا، والذي في غير موضع وكذا
الصحاح: الحجال المسجف.)
وإِنما قال رِجاعُ غدير ليَفْصِله من الرِّجاع الذي هو غير الغدير، إِذ
الرجاع من الأَسماء المشتركة؛ قال الآخر:
ولو أَنّي أَشاء، لكُنْتُ منها
مَكانَ الفَرْقَدَيْن من النُّجومِ
فقال من النجوم ليُخَلِّص معنى الفَرقدين لأَن الفرقدين من الأَسماء
المشتركة؛ أَلا ترى أَنَّ ابن أَحمر لما قال:
يُهِلُّ بالفَرقدِ رُكْبانُها،
كما يُهِلُّ الرَّاكِبُ المُعْتَمِرْ
ولم يُخَلِّص الفَرْقَد ههنا اختلفوا فيه فقال قوم: إِنه الفَرْقَد
الفَلَكي، وقال آخرون: إِنما هو فرقد البقرة وهو ولدها. وقد يكون الرِّجاعُ
الغَدير الواحد كما قالوا فيه الإِخاذ، وأَضافه إِلى نفسه ليُبَيِّنه
أَيضاً بذلك لأَن الرِّجاع كان واحداً أَو جمعاً، فهو من الأَسماء المشتركة،
وقيل: الرَّجْع مَحْبِس الماء وأَما الغدير فليس بمحبس للماء إِنما هو
القِطعة من الماء يُغادِرها السَّيْلُ أَي يتركها. والرَّجْع: المطر لأَنه
يرجع مرة بعد مرة. وفي التنزيل: والسماء ذاتِ الرَّجْع، ويقال: ذات
النفْع، والأَرض ذات الصَّدْع؛ قال ثعلب: تَرْجع بالمطر سنة بعد سنة، وقال
اللحياني: لأَنها ترجع بالغيث فلم يذكر سنة بعد سنة، وقال الفراء: تبتدئ
بالمطر ثم ترجع به كل عام، وقال غيره: ذاتِ الرجع ذات المطر لأَنه يجيء
ويرجع ويتكرّر.
والراجِعةُ: الناشِغةُ من نَواشِغ الوادي. والرُّجْعان: أَعالي التِّلاع
قبل أَن يجتمع ماء التَّلْعة، وقيل: هي مثل الحُجْرانِ، والرَّجْع عامة
الماء، وقيل: ماء لهذيل غلب عليه. وفي الحديث ذكر غَزوة الرَّجيعِ؛ هو
ماء لهُذَيْل. قال أَبو عبيدة: الرَّجْع في كلام العرب الماء، وأَنشد قول
المُتَنَخِّل: أَبيض كالرَّجْع، وقد تقدم: الأَزهري: قرأْت بخط أَبي
الهيثم حكاه عن الأَسدي قال: يقولون للرعد رَجْع. والرَّجِيعُ: العَرَق، سمي
رَجيعاً لأَنه كان ماء فعاد عرَقاً؛ وقال لبيد:
كَساهُنَّ الهَواجِرُ كلَّ يَوْمٍ
رَجِيعاً، في المَغَابنِ، كالعَصِيمِ
أَراد العَرَقَ الأَصفر شبَّهه بعصيم الحِنَّاء وهو أَثره. ورَجِيعُ:
اسم ناقة جرير؛ قال:
إِذا بلَّغتْ رَحْلي رَجِيعُ، أَمَلَّها
نُزُوليَ بالمَوْماةِ ثم ارْتحاليا
(* ورد هذا البيت سابقاً في هذه المادة، وقد صُرفت فيه رجيع فنُوّنت،
أما هنا فقد منعت من الصرف.)
ورَجْعٌ ومَرْجَعةُ: اسمان.
فكه: الفاكهةُ: معروفةٌ وأَجْناسُها الفَواكهُ، وقد اختلف فيها فقال
بعض العلماء: كل شيء قد سُمِّيَ من الثِّمار في القُرآن نحو العِنَب
والرُّمّان فإنا لا نُسَمِّيه فاكهةً، قال: ولو حَلَفَ أَن لا يأْكل فاكهة
فأَكل عنباً ورُمّاناً لم يَحْنَثْ ولم يكنْ حانثاً. وقال آخرون: كلُّ
الثِّمار فاكهةٌ، وإنما كرر في القرآن في قوله تعالى: فيهما فاكهةٌ ونخلٌ
ورُمّانٌ؛ لتَفْضِيل النخلِ والرُّمَّان على سائر الفواكه دُونَهما، ومثله
قوله تعالى: وإذْ أَخَذْنا من النَّبِيِّين مِيثاقَهم ومِنْكَ ومن نوحٍ
وإبراهيمَ وموسَى وعيسى بن مريم؛ فكرر هؤلاء للتفضيل على النَّبِيِّين
ولم يَخْرُجوا منهم.
قال الأَزهري: وما علمت أَحداً من العرب قال إنَّ النخيلَ والكُرومَ
ثِمارُها ليست من الفاكهة، وإنما شذ قول النعمان بن ثابت في هذه المسأَلة عن
أَقاويل جماعة فقهاء الأَمصار لقلة علمه بكلام العرب وعلمِ اللغة
وتأْويلِ القُرآن العربي المُبين، والعرب تَذْكُر الأَشياء جملة ثم تَخُصُّ
منها شيئاً بالتسمية تنبيهاً على فَضْلٍ فيه. قال الله تعالى: مَنْ كانَ
عَدُوّاً لله وملائكتهِ ورُسُلِه وجِبْريلَ ومِيكالَ؛ فمن قال إن
جِبْريلَ ومِيكالَ ليسا من الملائكة لإفْرادِ الله عزَّ وجل إياهما بالتسمية
بعد ذِكْر الملائكة جُمْلةً فهو كافر، لأَن الله تعالى نص على ذلك
وبَيَّنه، وكذلك مَنْ قال إن ثمرَ النخلِ والرُّمانِ ليس فاكهة لإفراد الله
تعالى إياهما بالتسمية بعد ذكر الفاكهة جُمْلة فهو جاهل، وهو خلافُ المعقول
وخلافُ لغة العرب. ورجلٌ فَكهٌ: يأْكل الفاكِهةَ، وفاكِهٌ: عنده فاكهة،
وكلاهُما على النَّسَب. أَبو معاذ النحوي: الفاكه الذي كَثُرَتْ
فاكِهتُه، والفَكِهُ: الذي يَنالُ من أَعراضِ الناسِ، والفاكهانِيُّ: الذي
يَبِيعُ الفاكهةَ. قال سيبويه: ولا يقال لبائع الفاكهة فَكَّاه، كما قالوا
لَبّان ونَبّال، لأَن هذا الضرب إنما هو سماعي لا اطِّراديّ. وفَكَّهَ
القومَ بالفاكِهة: أَتاهم بها. والفاكهة أَيضاً: الحَلْواءُ على التشبيه.
وفَكَّهَهُم بمُلَح الكلام: أَطْرَفَهُم، والاسمُ الفكِيهةُ والفُكاهةُ،
بالضم، والمصدر المتوهم فيه الفعل الفَكاهةُ. الجوهري: الفَكاهةُ، بالفتح،
مصدرُ فَكِهَ الرجلُ، بالكسر، فهو فَكِهٌ إذا كان طَيِّبَ النَّفْس
مَزّاحاً، والفاكهُ المزّاحُ. وفي حديث أَنس: كان النبي، صلى الله عليه
وسلم، من أَفْكَهِ الناس مع صَبِيٍّ؛ الفاكهُ: المازحُ. وفي حديث زيد بن
ثابت: أَنه كان من أَفْكَهِ الناسِ إذا خلا مع أَهله؛ ومنه الحديث: أَربعٌ
ليس غِيبَتُهن بغيبةٍ، منهم المُتَفَكِّهون بالأُمَّهات؛ هم الذين
يَشْتُمُونَهُنَّ مُمازِحِين. والفُكاهةُ، بالضم: المِزاحُ، وقيل: الفاكهُ ذو
الفُكاهة كالتامر واللاَّبن. والتَّفاكُهُ: التَّمازُحُ. وفاكَهْتُ
القومَ مُفاكَهةً بمُلَحِ الكلامِ والمِزاحِ، والمُفاكهَةُ: المُمازحَةُ. وفي
المثل: لا تُفاكِه أَمَهْ ولا تَبُلْ على أَكَمَهْ. والفَكِهُ:
الطَّيِّبُ النفس، وقد فَكِهَ فَكَهاً. أَبو زيد: رجل فَكِهٌ وفاكِهٌ وفَيْكَهان،
وهو الطيب النفس المزَّاحُ؛ وأَنشد:
إذا فَيْكهانٌ ذو مُلاءٍ ولِمَّةٍ،
قليل الأَذَى، فيما يُرَى الناسُ، مُسْلِمُ
وفاكَهْتُ: مازَحْتُ. ويقال للمرأَة: فَكِهةٌ، وللنساء فَكِهات.
وتَفَكَّهْتُ بالشيء: تَمَتَّعْتُ به. ويقال: تركت القومَ يتَفَكَّهُون بفلانٍ
أَي يَغْتابونه ويتَناولونَ منه. والفَكِهُ: الذي يُحَدِّث أَصحابَه
ويُضْحِكُهم. وفَكِهَ مِنْ كذا وكذا وتفَكَّه: عَجِبَ. تقول: تفَكَّهْنا من
كذا وكذا أي تعَجَّبْنا؛ ومنه قوله عز وجل: فظَلْتُمْ تَفَكَّهُون؛ أَي
تتَعجَّبُونَ مما نَزَلَ بكم في زَرْعِكم. وقوله عز وجل: فاكِهين بما
آتاهُم رَبُّهم؛ أَي ناعمين مُعْجبينَ بما هم فيه، ومن قرأَ فَكِهينَ
يقول فَرِحِين. والفاكِهُ: الناعم في قوله تعالى: في شُغُل فاكِهونَ.
والفَكِهُ: المُعْجب. وحكى ابن الأَعرابي: لو سَمِعْتَ حديث فلان لما فَكِهْتَ
له أَي لما أَعجبك. وقوله تعالى: في شُغُلٍ فاكهون؛ أَي مُتعجِّبون
ناعِمون بما هم فيه. الفراء في قوله تعالى في صفة أَهل الجنة: في شُغُلٍ
فاكهون، بالأَلف، ويقرأُ فَكِهُون، وهي بمنزلة حَذِرُون وحاذِرُون؛ قال
أَبو منصور: لما قرئ بالحرفين في صفة أَهل الجنة علم أَن معناهما
واحد.أَبو عبيد: تقول العرب للرجل إذا كان يَتَفَكَّه بالطعام أَو
بالفاكهةِ أَو بأَعْراضِ الناس إن فلاناً لَفَكِهٌ بكذا وكذا؛ وأَنشد:
فَكِهٌ إلى جَنْبِ الخِوانِ، إذا غَدتْ
نَكْباء تَقْطَعُ ثابتَ الأَطْنابِ
والفَكِهُ: الأَشِرُ البَطِرُ. والفاكِهُ: من التَّفَكُّهِ. وقرئ:
ونَعْمةٍ كانوا فيها فَكِهينَ، أَي أَشِرينَ، وفاكهينَ أَي ناعمين. التهذيب:
أََهل التفسير يختارون ما كان في وصف أَهل الجنة فاكِهين، وما في وصف أهل
النار فَكهينَ أَي أَشِرينَ بَطِرين. قال الفراء في قوله تعالى: إنَّ
المُتَّقِينَ في جنّات ونَعيمٍ فاكهينَ؛ قال: مُعْجبين بما آتاهم ربهم؛
وقال الزجاج: قرئ فَكِهينَ وفاكِهينَ جميعاً، والنصب على الحال، ومعنى
فاكِهينَ بما آتاهم ربهم أَي مُعْجبين.
والتَّفَكُّهُ: التنَدُّمُ. وفي التنزيل: فظَلْتُم تَفكَّهون؛ معناه
تَنَدَّمُون، وكذلك تَفَكَّنُون، وهي لغة لِعُكْل. اللحياني: أَزْدُ
شَنُوءَة يقولون يتَفكَّهُون، وتميمٌ تقولُ يتَفَكَّنُون أَي يتندَّمُون. ابن
الأَعرابي: تفَكَّهْتُ وتفَكَّنْتُ أَي تندَّمْت. وأَفْكَهَتِ الناقة
إذا رأَيت في لبنها خُثورةً شِبْهَ اللِّبَإِ. والمُفْكِه من الإبلِ: التي
يُهَراق لَبَنُها عند النِّتاج قبل أَن تَضَعَ، والفعل كالفعل.
وأَفْكَهَت الناقةُ إذا دَرَّتْ عند أَكل الربيع قبل أَن تَضَع، فهي مُفْكِةٌ. قال
شمر: ناقة مُفْكِهةٌ ومُفْكِةٌ، وذلك إذا أَقْرَبَتْ فاسْتَرْخَى
صَلَواها وعَظُمَ ضَرْعُها ودنا نِتاجها؛ قال الأَحْوص:
بَنِي عَمِّنا، لا تَبْعَثُوا الحَرْبَ، إنني
أَرى الحربَ أَمْسَتْ مُفْكِهاً قد أَصَنَّتِ
قال شمر: أَصَنَّت استَرْخى صَلَواها ودنا نِتاجُها؛ وأَنشد:
مُفْكِهة أَدْنَتْ على رأْسِ الوَلَدْ،
قد أَقْرَبَتْ نَتْجاً، وحانَ أَنْ تَلِدْ
أي حانَ وِلادُها. قال: وقوم يجعلون المُفْكِهة مُقْرِباً من الإبل
والخيل والحُمُر والشاء، وبعضُهم يجعلها حين استبان حملها، وقوم يجعلون
المُفْكِهةَ والدافِعَ سَواء.
وفاكهٌ: اسم. والفاكهُ: ابنُ المُغِيرة المَخْزُوميّ عمّ خالد بن
الوليد. وفُكَيْهةُ: اسم امرأَة، يجوز أَن يكون تصغير فَكِهةٍ التي هي
الطَّيِّبةُ النَّفْس الضَّحوكُ، وأَن يكون تصغيرَ فاكهةٍ مُرَخَّماً؛ أَنشد
سيبويه:
تقولُ إذا استَهْلَكْتُ مالاً لِلَذَّة
فُكَيْهةُ: هَشَّيْءٌ بكَفَّيْكَ لائِقُ؟
يريد: هلْ شيءٌ.