Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: هواء

التخلخل

التخلخل: ازدياد حجم من غير ضم شيء من خارج، وهو ضد التكاثف.
التخلخل: أَن يزِيد مِقْدَار الْجِسْم من غير أَن يَنْضَم إِلَيْهِ غَيره. وَقد يُطلق التخلخل على الانتفاش وَهُوَ أَن تتباعد الْأَجْزَاء ويداخلها جسم غَرِيب أَي مبائن مغائر كالقطن المنفوش المحلوج فَإِنَّهُ يدْخل فِيهِ الْجِسْم الْغَرِيب وَهُوَ الْــهَوَاء. وَقد يُطلق على رقة القوام.

التكاثف

التكاثف: انتقاض اللحم من غير انفصال والتكاثر التباري في كثرة الأكل.
التكاثف: أَن ينقص مِقْدَار الْجِسْم من غير أَن ينْفَصل عَنهُ جُزْء. وَقد يُطلق على الاندماج وَهُوَ أَن تتقارب الْأَجْزَاء بِحَيْثُ يخرج مَا بَينهَا من الْجِسْم الْغَرِيب كالقطن الملفوف بعد نقشه الْخَارِج عَنهُ الْــهَوَاء وَقد يُطلق على غلظ القوام.
التكاثف:
[في الانكليزية] Thickening
[ في الفرنسية] Epaississement

يطلق على معان: منها الاندماج ومنها غلظ القوام وسيأتي في لفظ القوم، وقد سبق في لفظ التخلخل. ومنها انتقاص حجم الجسم من غير أن ينفصل عنه جزء. فبقيد الانتقاص خرج التخلخل الحقيقي والنمو والسّن والزيادة الصناعية والورم إذ الجميع ازدياد. وبقيد من غير أن ينفصل عنه جزء خرج الذّبول والهزال والنقصان الصناعي، وفيه بحث لأنّ رفع الورم عن الأجزاء الزائدة إمّا أن يكون بانفصال جزء عنه أولا، فعلى الأول ينتقص حدّ الهزال وعلى الثاني حدّ التكاثف، كذا ذكر العلمي في حاشية هداية الحكمة.

الجسد

الجسد:
[في الانكليزية] Body
[ في الفرنسية] Corps ،chair
بفتح الجيم والسين المهملة في اللغة الجسم والأجساد الجمع. وفي البيضاوي الجسد جسم ذو لون، ولذلك لا يطلق على الماء والــهواء. ومنه الجساد للزعفران. وقيل جسم ذو تركيب لأنّ أصله جمع الشيء واشتداده انتهى كلامه. والجسد عند الصوفية يطلق غالبا على الصورة المثالية على ما في شرح الفصوص للمولوي عبد الرحمن الجامي في الفص الإسحاقي.
الجسد: كالجسم لكنه أخص. لأن الجسد لا يقال لغير الإنسان، ولأنه يقال لما له لون والجسم لما لا يبين له لون كالماء والــهواء، وباعتبار اللون قيل للزعفران جساد، وثوب مجسد مصبوغ. وقال في البارع: لا يقال الجسد إلا للحيوان العاقل وهو الإنسان والملائكة والجن، ولا يقال لغيره جسد إلا للزعفران وللدم إذا يبس. وقوله تعالى {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا} ، أي ذا جثة على التشبيه بالعاقل أو بالجسم. والجساد بالكسر الزعفران ونحوه من كل صبغ أحمر أو أصفر. ا. هـ. وقال بعض الحكماء: الجسد كل روح تمثل بتصرف الخيال المنفصل وظهر في جسم ناري كالجن، أو نوري كالأرواح الملكية والإنسانية حيث تعطى قوتهم الذاتية الخلع واللبس فلا يحصرهم حبس البرازخ.

الجو

(الجو) الفضاء بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {ألم يرَوا إِلَى الطير مسخرات فِي جو السَّمَاء} وَمَا اتَّسع من الأَرْض وانخفض
وجو كل شَيْء بَطْنه وداخله (ج) جواء وأجواء
الجو: ما بين السماء والأرضِ.
الجو: الْــهَوَاء وَقيل هُوَ مُعرب كو - وَفِي الصِّحَاح هُوَ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض. وكائنات الجو مَا يحدث من العناصر بِلَا مزاج كالسحاب والمطر والطل والثلج وَالْبرد والقزح وَغير ذَلِك مِمَّا يحدث من العناصر بِلَا مزاج فَإِن المزاج يَقْتَضِي التَّرْكِيب وَلَا تركيب فِي أَكْثَرهَا فَإِن قيل إِن الزلزلة وانفجار الْعُيُون تحدث فِي الأَرْض لَا فِي الجو مَعَ أَنهم عدوها من كائنات الجو قُلْنَا وَجه التَّسْمِيَة إِن أَكْثَرهَا يحدث فِي الجو أَي مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض أَو لِأَن الزلزلة وانفجار الْعُيُون تحدث بتأثير مَا فِي الجو.

الحرارة

الحرارة: كيفية شأنها تفريق المؤتلفات وجمع المتشكلات. والحرارة ضربان: حرارة عارضة في الــهواء من الأجسام المحمية كحرارة النار والشمس، وحرارة عارضة في البدن من الطبيعة كحرارة المحموم.
الحرارة:
[في الانكليزية] Heat
[ في الفرنسية] Chaleur
بالفتح بمعنى گرمى ضد البرودة بمعنى سردى وماهيتهما من البديهات، وما ذكر في حقيقتهما فهي من جملة الأحكام. وبعض الحكماء جعل البرودة عبارة عن عدم الحرارة عمّا من شأنه أن يكون حارا. وقيد من شأنه للاحتراز عن الفلك فإنّ عدم حرارته لا يسمّى برودة إذ ليس من شأنه أن يكون حارا، فعلى هذا التقابل بينهما تقابل العدم والملكة وهو باطل لأنّها محسوسة ولا شيء من العدم بمحسوس. واعترض عليه بأنّ الانفصال عدم الاتصال مع أنّه محسوس. وأجيب بأنّ المحسوس هو المنفصل وعوارضه كاللون، والانفصال يدرك بالوهم التابع للحسّ الظاهر لا بالحسّ الظاهر، فإنّ الحكم بأنّ العدم غير محسوس بالحواس الظاهرة بديهية، فالحق أنها كيفية موجودة مضادة للحرارة من شأنها أن تجمع المتشاكلات وغيرها. وهاهنا أبحاث.
الأول كما يقال الحار لما تحسّ حرارته بالفعل كالنار مثلا يقال أيضا لما لا تحسّ حرارته بالفعل، ولكن تحسّ بها بعد مماسّة البدن الحيواني والتأثر منه كالأدوية والأغذية الحارّة ويسمّى حارا بالقوة، وكذا البارد يطلق على البارد بالفعل والبارد بالقوة. ولهم في معرفة الحار والبارد بالقوة طريقان، التجربة والقياس من الاستدلال باللون والطعم والرائحة وسرعة الانفعال مع استواء القوام أو قوته.
والثاني الأشبه بالصواب أنّ الحرارة الغريزية أي الطبيعية الملائمة للحياة الموجودة في أبدان الحيوانات، ويسمّيها أفلاطون بالنار الإلهية والحرارة الكوكبية، والنارية أنواع متخالفة الماهية لاختلاف آثارها الدالة على اختلاف ملزوماتها في الحقيقة، فإنّه يفعل حرّ الشمس في عين الأغشى من المضرّة ما لا يفعل حرّ النار.
والحرارة الغريزية أشدّ الأشياء مقاومة للحرارة النارية التي ليست غريزية بل غريبة فإنّ الحرارة النارية إذا حاولت إبطال اعتدال المزاج الحيواني قاومتها الغريزية أشدّ مقاومة حتى أنّ السموم الحارة والباردة لا يدافعها إلّا الغريزية، وهذا مذهب أرسطو. وقال جالينوس الغريزية والنارية من نوع واحد. فالغريزية هي النارية واستفادت بالمزاج مزاجا معتدلا حصل به التيام، فإذا أرادت الحرارة أو البرودة تفريقها عسر عليها ذلك التفريق. والفرق بين الحار الغريزي والغريب أنّ أحدهما جزء المركب والآخر خارج عنه، مع كونهما متوافقين في الماهية.
الثالث قال ابن سينا الحرارة تفرّق المختلفات وتجمع المتماثلات والبرودة بالعكس، أي تجمّع بين المتشاكلات وغيرها أيضا لأنّ الحرارة فيها قوة مصعّدة فإذا أثرت في جسم مركب من أجزاء مختلفة في رقة القوام وغلظه ينفعل الجزء اللطيف الرقيق منه انفعالا أسرع من الكثيف الغليظ فيتبادر الألطف فالألطف إلى الصعود دون الكثيف، فإنّه لا ينفعل إلّا ببطء وربّما لم تفد الحرارة فيه خفة تقوي على تصعّده، فيلزم بهذا السبب تفريق المختلفات. ثم تلك الأجزاء تجتمع بالطبع إلى ما يجانسها، فإنّ الجنسية علّة الضم كما اشتهر، والحرارة معدّة للاجتماع الصادر عن طبائعها بعد زوال المانع الذي هو الالتئام، فنسب الاجتماع إليها كما نسبت الأفعال إلى معدّاتها، هذا إذا لم يكن الالتئام بين بسائط ذلك المركّب شديدا. وأما إذا اشتد وقوي التركيب لا تفرقها لوجود المانع، فإن كانت الأجزاء اللطيفة والكثيفة في الجسم متقاربة في الكمية كما في الذهب أفادته الحرارة سيلانا وذوبانا، وكلّما حاول اللطيف صعودا منعه الكثيف، فحدث بينهما تمانع وتجاذب، فيحدث من ذلك حركة دوران كما نشاهد في الذهب من حركته السريعة العجيبة في البوتقة. ولولا هذا العائق لفرّقه النار. وإن غلب اللطيف جدا فيصعد ويستصحب معه الكثيف لقلته كالنوشادر فإنّه إذا أشرفته النار تفرقه النار. وإن غلب الكثيف جدا لم يتأثر فلا يذوب ولا يلين كالطلق فإنّه يحتاج في تليينه إلى حيل. ولذا قيل من حل الطلق فقد استغنى عن الخلق.
تنبيه
الفعل الأوليّ للحرارة هو التصعيد، والجمع والتفريق لا زمان له. ولذا قال ابن سينا في كتاب الحدود إنّها كيفية فعلية أي تجعل محلها فاعلا لمثلها فيما يجاوره، فإنّ النار تسخن ما جاورها محركة لما تكون تلك الكيفية فيه إلى فوق لإحداثها الخفة، فيحدث عن هذا التحريك أن تفرق الحرارة المختلفات وتجمع التماثلات وتحدث تخلخلا من باب الكيف وتكاثفا من باب الوضع لتحليله الكثيف وتصعيده اللطيف. وفعلها في الماء إحالته إلى الــهواء لا تفريق بين أجزاء المتماثلات. وفعلها في البيض إحالتها في القوام لا جمع للأجزاء المختلفة فإنّ النار بحرارتها توجب غلظا في قوام الصفرة والبياض، وأمّا الانضمام بينهما فقد كان حاصلا قبل تأثير الحرارة فيهما.
الرابع الحركة تحدث الحرارة والتجربة تشهده، وأنكره أبو البركات مستدلا بأنه حينئذ يجب أن تسخّن الأفلاك سخونة شديدة، وتسخّن بمجاورتها العناصر الثلاثة، فتصير كلها بالتدريج نارا. والجواب أنّ مواد الأفلاك لا تقبل السخونة أصلا ولا بدّ في وجود الحرارة مع المقتضي الذي هو الحركة من وجود القابل، ولا تسخّن العناصر، فإنّ النار متحركة بمشايعة الفلك دون باقي العناصر، وليس سخونة النار توجب سخونة الباقي لأنّ برودة الطبقة الزمهريرية تقاومها، هذا كلّه خلاصة ما في شرح المواقف وشرح التجريد.

البَدِيعُ

البَدِيعُ: المُبْتَدِعُ والمُبْتَدَعُ، وحبْلٌ ابْتُدئَ فَتْلُهُ، ولم يكن حَبْلاً، فَنُكِثَ ثم غُزِلَ ثم أعيدَ فَتْلُهُ، والزِّقُّ الجَديدُ، ومنه الحديثُ: "إنَّ تهَامَةَ كبدِيعِ العَسَلِ"،
و=: الرَّجُلُ السمينُ، ج: بُدعٌ، وبِنَاءٌ عظيمٌ للمُتَوَكِّلِ بِسُرَّ من رَأى، وماءٌ عليه نَخِيلٌ قُرْبَ وادِي القُرَى، ويقالُ: يَدِيعٌ بالياءِ. وكَسَفِينَةٍ: ماءٌ بِحِسْمَى.
والبِدْعُ، بالكسر: الأَمْرُ الذي يكونُ أوَّلاً، والغُمْرُ من الرِّجالِ، والبَدَنُ المُمْتَلِئُ، والغايَةُ في كُلِّ شيءٍ، وذلك إذا كانَ عالِماً أو شُجاعاً أو شَرِيفاً، ج: أبدَاعٌ وبُدُعٌ كعُنُقٍ،
وهي بِدْعَةٌ، ج: كعِنَبٍ، وقد بَدُعَ، ككَرُمَ، بَدَاعَةُ وبُدُوعاً.
(والبِدْعَةُ) بالكسر: الحَدَثُ في الدين بعدَ الإِكْمَالِ، أو ما اسْتُحْدِثَ بعد النبيِّ، صلى الله عليه وسلم، من الأَــهْواءِ والأَعْمالِ، ج: كعِنَبٍ.
ومَبْدوعٌ: فَرَسُ الحَارِثِ بن ضِرارٍ الضَّبِّيِّ.
وبَدِعَ، كفَرِحَ: سَمِنَ،
وكمَنَعَه: أنشأهُ كابْتَدَعَهُ،
وـ الرَّكِيَّةَ: اسْتَنْبَطَهَا.
وأبْدَعَ: أبْدَأ،
وـ الشاعِرُ: أتَى بالبَدِيعِ،
وـ الراحِلَةُ: كَلَّتْ، وعَطِبَتْ، أو ظَلَعَتْ، أو لا يكونُ الإِبْداعُ إلاَّ بِظَلْعٍ،
وـ فلانٌ بفلانٍ: فَظَعَ به، وخَذَلَهُ، ولم يَقُمْ بحاجَتِه،
وـ حُجَّتُهُ: بَطَلَتْ،
وـ بِرُّهُ بِشُكْرِي، وقَصْدُه بوَصْفِي: إذا شَكَرَه على إحسانِهِ إليه مُعْتَرِفاً بأن شُكْرَه لا يَفِي بِإحْسانِهِ.
وأُبْدِعَ، بالضم: أُبْطِلَ،
وـ بفلانٍ: عَطِبَتْ رِكَابُهُ، وبَقِيَ مُنْقَطَعَاً به.
وبَدَّعَهُ تَبْدِيعاً: نَسَبَهُ إلى البِدْعَةِ.
واسْتَبْدَعَه: عَدَّه بَدِيعاً.
وتَبَدَّعَ: تَحَوَّلَ مُبْتَدِعاً.

النَّشُّ

النَّشُّ: السَّوْقُ الرَّفيقُ، والخَلْطُ، ونِصْفُ أوقِيَّةٍ عِشرونَ دِرْهَماً.
ودُهْنٌ مَنْشُوشٌ: مُربَّبٌ بالطِّيبِ.
ونَشَّ الغَدِيرُ يَنِشُّ نَشيشاً: أخَذَ ماؤُهُ في النُّضوبِ.
وسَبَخَةٌ نَشَّاشَةٌ: لا يَجِفُّ ثَراها، ولا يَنْبُتُ مَرْعاها.
والنَّشيشُ: صَوْتُ الماء وغيرِهِ إذا غَلَى. وككَتَّانٍ: وادٍ لِبَنِي نُمَيْرٍ كثيرُ الحَمْضِ، كانت به وقْعَةٌ بينَ بني عامِرٍ وأهْلِ اليمامَةِ. وأبو النَّشْنَاشِ: شاعرٌ.
ورجلٌ نَشْناشٌ ونَشْنَشِيُّ الذِّرَاعِ: خَفيفٌ في عَمَلِهِ ومراسِهِ.
وأرضٌ نَشنشَةٌ؟؟ ونَشْناشَةٌ: مِلْحَةٌ لا تُنْبِتُ.
والنِّشْنِشَةُ، بالكسر: الشِّنْشنَةُ، والحَجَرُ. و"نِشْنِشَةٌ من أخْشَنَ"، أي: حَجَرٌ من جَبَلٍ، وبالفتح: السَّلْخُ في سُرْعَةٍ، وصَوْتُ غَلَيَانِ القِدْرِ،
كالنَّشيشِ، والدَّفْعُ، والتحريك شديداً، والسَّوْقُ، والطَّرْدُ، والنكاحُ، وحَلُّ السَّراوِيلِ، وخَلْعُ الثَّوْبِ، ونَفْضُ ما في الوعاء.
ونَشْنَشَ الطائِرُ ريشَه بمِنْقَارِهِ: أهْوَى له إِــهواءً خَفيفاً، فَنَتَفَ منه وطَيَّرَهُ،
وـ اللَّحْمَ: أكَلَهُ بِعَجَلَةٍ وسُرْعَةٍ،
وـ الدِّرْعُ: صَوَّتَ.
وقولُ ابنِ عَبَّادٍ: انْتَشَّتِ الشجرةُ: طالَتْ، تصحيفٌ. صَوابُهُ: أنْتَشَتْ، كأكْرَمَتْ، وذُكِرَ في ن ت ش.

العقل

العقل: بالضم الديةُ أي المال الذي هو بدلُ النفس.
العقل: بالملكة، العلم بالضروريات، واستعداد النفس بذلك لاكتساب النظريات.
العقل:
[في الانكليزية] Wind ،reason ،intellect
[ في الفرنسية] Vent ،raison ،intellect
بالفتح وسكون القاف يطلق على معان منها إسقاط الخامس المتحرّك كذا في عنوان الشرف. وفي رسالة قطب الدين السرخسي العقل إسقاط الخامس بعد العصب انتهى، والمآل واحد إلّا أنّ الأول لقلة عمله أولى.
ويقول في منتخب اللغات العقل هو إسقاط التاء من مفاعلتن. وعلى هذا اصطلاح أهل العروض، ومنها الشكل المسمّى بالطريق في علم الرمل ومنها عنصر الــهواء. وأهل الرّمل يسمّون الريح عقلا، الريح الأولى يسمّونها العقل الأول، حتى إنهم يسمّون ريح العتبة الداخلة العقل السابع، حسب ترتيب وضع جدول الأنوار في الطالب والمطلوب كما مرّ. وهذا اصطلاح أهل الرّمل. ومنها التعقّل صرّح بذلك المولوي عبد الحكيم في حاشيته لشرح المواقف في تعريف النّظر، وهو إدراك شيء لم يعرضه العوارض الجزئية الملحقة بسبب المادة في الوجود الخارجي من الكم والكيف والأين والوضع وغير ذلك. وحاصله إدراك شيء كلّي أو جزئي مجرّد عن اللواحق الخارجية، وإن كان التجرّد حصل بالتجريد فإنّ المجرّدات كلّية كانت أو جزئية معقولة بلا احتياج إلى الانتزاع والتجريد، والماديات الكلّية أيضا معقولة لكنها محتاجة إلى الانتزاع والتجريد عن العوارض الخارجية المانعة من التعقّل. وأما الماديات الجزئية فلا تتعقّل، بل إن كانت صورا تدرك بالحواس وإن كانت معاني فبالوهم التابع للحسّ الظاهري، هكذا حقّق السّيد السّند في حواشي شرح حكمة العين. ومنها مطلق المدرك نفسا كان أو عقلا أو غيرهما كما يجيء في لفظ العلم. ومنها موجود ممكن ليس جسما ولا حالا فيه ولا جزءا منه، بل هو جوهر مجرّد في ذاته مستغن في فاعليته عن آلات جسمانية.
وبعبارة أخرى هو الجوهر المجرّد في ذاته وفعله أي لا يكون جسما ولا جسمانيا ولا يتوقّف أفعاله على تعلّقه بجسم. وبعبارة أخرى هو جوهر مجرّد غير متعلّق بالجسم تعلّق التدبير والتصرّف، وإن كان متعلّقا بالجسم على سبيل التأثير. فبقيد الجوهر خرج العرض والجسم.
وبقيد المجرّد خرج الهيولى والصورة. وبالقيد الأخير خرج النفس الناطقة. والعقل بهذا المعنى أثبته الحكماء. وقال المتكلّمون لم يثبت وجود المجرّد عندنا بدليل، فجاز أن يكون موجودا وأن لا يكون موجودا، سواء كان ممكنا أو ممتنعا. لكن قال الغزالي والرّاغب في النفس إنّه الجوهر المجرّد عن المادة. ومنهم من جزم امتناع الجوهر المجرّد. وفي العلمي حاشية شرح هداية الحكمة: هذا الجوهر يسمّيه الحكماء عقلا ويسمّيه أهل الشرع ملكا، وفي بعض حواشي شرح الهداية القول بأنّ العقول المجرّدة هي الملائكة تستّر بالإسلام لأنّ الملائكة في الإسلام أجسام لطيفة نورانية قادرة على أفعال شاقّة متشكّلة بأشكال مختلفة ولهم أجنحة وحواس. والعقول عندهم مجرّدة عن المادة، وكأنّ هذا تشبيه، يعني كما أنّ عندكم المؤثّر في العالم أجسام لطيفة فكذلك عندنا المؤثّر فيه عقول مجردة انتهى.
فائدة:

قال الحكماء: الصادر الأول من البارئ تعالى هو العقل الكلّ وله ثلاثة اعتبارات:
وجوده في نفسه ووجوبه بالغير وإمكانه لذاته، فيصدر عنه أي عن العقل الكلّ بكل اعتبار أمر فباعتبار وجوده يصدر عنه عقل ثان، وباعتبار وجوبه بالغير يصدر نفس، وباعتبار إمكانه يصدر جسم، وهو فلك الأفلاك. وإنّما قلنا إنّ صدورها عنه على هذا الوجه استنادا للأشرف إلى الجهة الأشرف والأخسّ إلى الأخسّ، فإنّه أحرى وأخلق. وكذلك يصدر من العقل الثاني عقل ثالث ونفس ثانية وفلك ثان، هكذا إلى العقل العاشر الذي هو في مرتبة التاسع من الأفلاك، أعني فلك القمر، ويسمّى هذا العقل بالعقل الفعّال، ويسمّى في لسان أهل الشرع بجبرئيل عليه السلام كما في شرح هداية الحكمة، وهو المؤثّر في هيولى العالم السّفلي المفيض للصّور والنفوس والأعراض على العناصر والمركّبات بسبب ما يحصل لها من الاستعدادات المسبّبة من الحركات الفلكية والاتصالات الكوكبية وأوضاعها. وفي الملخص إنهم خبطوا فتارة اعتبروا في الأول جهتين:
وجوده وجعلوه علّة التعقّل، وإمكانه وجعلوه علّة الفلك. ومنهم من اعتبر بدلهما تعلّقه بوجوده وإمكانه علّة تعقّل وفلك وتارة اعتبروا فيه كثرة من وجوه ثلاثة كما مرّ، وتارة من أربعة أوجه، فزادوا علمه بذلك الغير وجعلوا إمكانه علّة لهيولى الفلك، وعلمه علّة لصورته. وبالجملة فالحقّ أنّ العقول عاجزة عن درك نظام الموجودات على ما هي عليه في نفس الأمر.
فائدة:
قالوا العقول لها سبعة أحكام. الأول أنّها ليست حادثة لأنّ الحدوث يستدعي مادة.
الثاني ليست كائنة ولا فاسدة، إذ ذاك عبارة عن ترك صورة ولبس صورة أخرى، فلا يتصوّر ذلك إلّا في المركّب المشتمل على جهتي قبول وفعل. الثالث نوع كلّ عقل منحصر في شخصه إذ تشخّصه بماهيته، وإلّا لكان من المادة هذا خلف. الرابع ذاتها جامعة لكمالاتها أي ما يمكن أن يحصل لها فهو حاصل بالفعل دائما وما ليس حاصلا لها فهو غير ممكن. الخامس أنّها عاقلة لذواتها. السادس أنّها تعقل الكليات وكذا كلّ مجرّد فإنّه يعقل الكليات. السابع أنّها لا تعقل الجزئيات من حيث هي جزئية لأنّ تعقّل الجزئيات يحتاج إلى آلات جسمانية. وإن شئت أن يرتسم خبطهم في ذهنك فارجع إلى شرح المواقف.
فائدة:
قال الحكماء أول ما خلق الله تعالى العقل كما ورد به نصّ الحديث. قال بعضهم وجه الجمع بينه وبين الحديثين الآخرين (أول ما خلق الله القلم) و (أول ما خلق الله نوري) أنّ المعلول الأول من حيث إنّه مجرّد يعقل ذاته ومبدأه يسمّى عقلا، ومن حيث إنّه واسطة في صدور سائر الموجودات في نقوش العلوم يسمّى قلما، ومن حيث توسّطه في إفاضة أنوار النّبوّة كان نورا لسيّد الأنبياء عليه وعليهم السلام، كذا في شرح المواقف. قال في كشف اللغات:
العقل الأول في لسان الصوفية هو مرتبة الوحدة. ويقول في لطائف اللغات: العقل هو عبارة عن النّور المحمدي صلّى الله عليه وسلّم.. وفي الإنسان الكامل العقل الأول هو محلّ تشكيل العلم الإلهي في الوجود لأنّه العلم الأعلى ثم ينزل منه العلم إلى اللوح المحفوظ، فهو إجمال اللوح واللوح تفصيله، بل هو تفصيل علم الإجمال الإلهي واللوح محلّ تنزّله. ثم العقل الأول من الأسرار الإلهية ما لا يسعه اللوح كما أنّ اللوح من العلم الإلهي ما لا يكون العقل الأول محلا له، فالعلم الإلهي هو أمّ الكتاب والعقل الأول هو الإمام المبين واللوح هو الكتاب المبين، فاللوح مأموم بالقلم تابع له، والقلم الذي هو العقل الأول حاكم على اللوح مفصّل للقضايا المجملة في دواة العلم الإلهي المعبّر عنها بالنون. والفرق بين العقل الأول والعقل الكلّ وعقل المعاش أنّ العقل الأول بعد علم إلهي ظهر في أول تنزلاته التعيينية الخلقية.
وإن شئت قلت أول تفصيل الإجمال الإلهي.
ولذا قال عليه الصلاة والسلام (أنّ أول ما خلق الله تعالى العقل) فهو أقرب الحقائق الخلقية إلى الحقائق الإلهية، والعقل الكلّ هو القسطاس المستقيم وهو ميزان العدل في قبّة الروح للفصل. وبالجملة فالعقل الكلّ هو العاقلة أي المدركة النورية التي ظهر بها صور العلوم المودعة في العقل الأول. ثم إنّ عقل المعاش هو النور الموزون بالقانون الفكري فهو لا يدرك إلّا بآلة الفكر، ثم إدراكه بوجه من وجوه العقل الكلّ فقط لا طريق له إلى العقل الأوّل، لأنّ العقل الأوّل منزّه عن القيد بالقياس وعن الحصر بالقسطاس، بل هو محلّ صدور الوحي القدسي إلى نوع النفس، والعقل الكلّ هو الميزان العدل للأمر الفصلي، وهو منزّه عن الحصر بقانون دون غيره، بل وزنه للأشياء على معيار وليس لعقل المعاش إلّا معيار واحد وهو الفكر وكفّة واحدة وهي العادة وطرف واحد وهو المعلوم وشوكة واحدة وهو الطبيعة، بخلاف العقل الكلّ فإنّ له كفّتين الحكمة والقدرة، وطرفين الاقتضاءات الإلهية والقوابل الطبعية، وشوكتين الإرادة الإلهية والمقتضيات الخلقية، وله معاير شتّى. ولذا كان العقل الكلّ هو القسطاس المستقيم لأنّه لا يحيف ولا يظلم ولا يفوته شيء بخلاف عقل المعاش فإنّه قد يحيف ويفوته أشياء كثيرة لأنّه على كفة واحدة وطرف واحد.
فنسبة العقل الأول مثلا نسبة الشمس، ونسبة العقل الكلّ نسبة الماء الذي وقع فيه نور الشمس، ونسبة عقل المعاش نسبة شعاع ذلك الماء إذا بلغ على جدار، فالناظر في الماء يأخذ هيئة الشمس على صحته ويعرف نوره على حليته كما لو رأى الشمس لا يكاد يظهر الفرق بينهما، إلّا أنّ الناظر إلى الشمس يرفع رأسه إلى العلو والناظر إلى الماء ينكس رأسه إلى السفل، فكذلك الآخذ علمه من العقل الأول يرفع بنور قلبه إلى العلم الإلهي، والآخذ علمه من العقل الكلّ ينكس بنور قلبه إلى المحلّ الكتاب فيأخذ منه العلوم المتعلّقة بالأكوان وهو الحدّ الذي أودعه الله في اللوح المحفوظ، إمّا يأخذ بقوانين الحكمة وإمّا بمعيار القدرة على قانون وغير قانون، فهذا الاستقراء منه انتكاس لأنّه من اللوازم الخلقية الكلّية لا يكاد يخطئ إلّا فيما استأثر الله به بخلاف العقل الأول فإنّه يتلقّى من الحقّ بنفسه.
اعلم أنّ العقل الكلّ قد يستدرج به أهل الشقاوة فيقبح عليهم أهويتهم فيظفرون على أسرار القدرة من تحت سجف الأكوان كالطبائع والأفلاك والنور والضياء وأمثالها، فيذهبون إلى عبادة هذه الأشياء، وذلك بمكر الله لهم. والنكتة فيه أنّ الله سبحانه يتجلّى لهم في لباس هذه الأشياء فيدركها هؤلاء بالعقل فيقولون بأنّه هي الفعّالة والآلهة، لأنّ العقل الكلّ لا يتعدّى الكون، فلا يعرفون الله به لأنّ العقل لا يعرف إلّا بنور الإيمان، وإلّا فلا يمكن أن يعرفه العقل من نظيره وقياسه سواء كان العقل معاشا أو عقلا كلّا؛ على أنّه قد ذهب أئمتنا إلى أنّ العقل من أسباب المعرفة، وهذا من طريق التوسّع لإقامة الحجّة، وكذلك عقل المعاش فإنّه ليس له إلّا جهة واحدة وهي النظر والفكر. فصاحبه إذا أخذ في معرفة الله به فإنّه يخطئ، ولهذا إذا قلنا بأنّ الله لا يدرك بالعقل أردنا به عقل المعاش. ومتى قلنا إنّه يعرف بالعقل أردنا به عقل المعاش. ومتى قلنا إنّه يعرف بالعقل أردنا به العقل الأول.
اعلم أنّ علم العقول الأوّل والقلم الأعلى نور واحد فبنسبته إلى العبد يسمّى العقل الأول وبنسبته إلى الحق يسمّى القلم الأعلى. ثم إنّ العقل الأول المنسوب إلى محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم خلق الله جبرئيل عليه السلام منه في الأول فكان محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم أبا لجبرئيل وأصلا لجميع العالم. فاعلم إن كنت ممّن يعلم أنّه لهذا وقف عنه جبرئيل في إسرائه وتقدّم وحده، ويسمّى العقل الأول بالروح الأمين لأنّه خزانة علم الله وأمينه، ويسمّى بهذا الاسم جبرئيل من تسمية الفرع بأصله انتهى ما في الإنسان الكامل. ويقول في كشف اللغات:
العقل الأوّل والعقل الكلّي هو جبرائيل عليه السلام. وفي القاموس: إنّهم يسمّون العرش عقلا، وكذلك أصل وحقيقة الإنسان من حيث أنّه فيض وواسطة لظهور النفس الكلّية. وقد أطلقوا عليه أربعة أسماء: الأول: العقل. الثاني القلم الأول. الثالث الروح الأعظم. الرابع أمّ الكتاب.

وعلى وجه الحقيقة: إنّ آدم هو صورة العقل الكلّي وحواء هي صورة النّفس الكلّية، انتهى كلامه. ومنها النفس الناطقة باعتبار مراتبها في استكمالها علما وعملا وإطلاق العقل على النفس بدون هذا الاعتبار أيضا شائع كما في بديع الميزان من أنّ العقل جوهر مجرّد عن المادة لذاته، مقارن لها في فعله، وهو النفس الناطقة التي يشير إليها كلّ واحد بقوله أنا. منها نفس تلك المراتب. ومنها قواها في تلك المراتب. قال الحكماء بيان ذلك أنّ للنفس الناطقة جهتين: جهة إلى عالم الغيب وهي باعتبار هذه الجهة متأثّرة مستفيضة عمّا فوقها من المبادئ العالية وجهة إلى عالم الشهادة وهي باعتبار هذه الجهة مؤثّرة متصرّفة فيما تحتها من الأبدان، ولا بد لها بحسب كلّ جهة قوة ينتظم بها حالها هناك. فالقوة التي بها تتأثّر وتستفيض من المبادئ العالية لتكميل جوهرها من التعقّلات تسمّى قوة نظريّة وعقلا نظريا، والتي بها تؤثّر في البدن وتتصرّف فيه لتكميل جوهره تسمّى قوة عملية وعقلا عمليا، وإن كان ذلك أيضا عائدا إلى تكميل النفس من جهة أنّ البدن آلة لها في تحصيل العلم والعمل. ولكلّ من القوتين أربع مراتب. فمراتب القوة النظرية أولها العقل الهيولاني وهو الاستعداد المحض لإدراك المعقولات، وهو قوّة محضة خالية عن الفعل كما للأطفال، فإنّ لهم في حال الطفولية وابتداء الخلقة استعدادا محضا وإلّا امتنع اتصاف النفس بالعلوم. وكما يكون النفس في بعض الأوقات خالية عن مبادئ نظري من النظريات فهذه الحالة عقل هيولاني لذلك النفس بالاعتبار إلى هذا النظري، وليس هذا الاستعداد حاصلا لسائر الحيوانات. وإنّما نسب إلى الهيولى لأنّ النفس في هذه المرتبة تشبه الهيولى الأولى الخالية في حدّ ذاتها عن الصور كلّها وتسمّى النفس وكذا قوة النفس في هذه المرتبة بالعقل الهيولاني أيضا. وعلى هذا فقس سائر المراتب. وفي كون هذه المرتبة من مراتب القوة النظرية نظر لأنّ النفس ليس لها هاهنا تأثّر بل استعداد تأثّر، فينبغي أن تفسّر القوة النظرية بالتي يتأثّر بها النفس أو تستعد بها لذلك، ويمكن أن يقال استعداد الشيء من جملته. فمبنى هذا على المساهلة وإنّما بني على المساهلة تنبيها على أنّ المراد هو الاستعداد القريب من الفعل إذ لو كان مطلق الاستعداد لما انحصرت المراتب في الأربع إذ ليس لها باعتبار الاستعداد البعيد مرتبة أخرى فوق الهيولاني وهي المرتبة الحاصلة لها قبل تعلّق النفس بالبدن. وثانيتها العقل بالملكة وهو العلم بالضروريات واستعداد النفس بذلك لاكتساب النظريات منها، وهذا العلم حادث بعد ابتداء الفطرة، فله شرط حادث بالضرورة دفعا للترجيح بلا مرجّح في اختصاصه بزمان معيّن، وما هو إلّا الإحساس بالجزئيات والتنبيه لما بينها من المشاركات والمباينات، فإنّ النفس، إذا أحسّت بجزئيات كثيرة وارتسمت صورها في آلاتها الجسمانية ولاحظت نسبة بعضها إلى بعض استعدّت لأن تفيض عليها من المبدأ صور كلّية وأحكام تصديقية فيما بينها، فهذه علوم ضرورية، ولا نريد بها العلم بجميع الضروريات فإنّ الضروريات قد تفقد إمّا بفقد التصوّر كحسّ البصر للأكمه وقوة المجامعة للعنّين، أو بفقد شرط التصديق، فإنّ فاقد الحسّ فاقد للقضايا المستندة إلى ذلك الحسّ، وبالجملة فالمراد بالضروريات أوائل العلوم وبالنظريات ثوانيها سمّيت به لأنّ المراد بالملكة إمّا ما يقابل الحال، ولا شكّ أنّ استعداد الانتقال إلى المعقولات راسخ في هذه المرتبة، أو ما يقابل العدم كأنّه قد حصل للنفس فيها وجود الانتقال إليها بناء على قربه، كما سمّي العقل بالفعل عقلا بالفعل لأنّ قوته قريبة من الفعل جدا. قال شارح هداية الحكمة: العقل بالملكة إن كان في الغاية بأن يكون حصول كلّ نظري بالحدس من غير حاجة إلى فكر يسمّى قوة قدسية. وثالثتها العقل بالفعل وهو ملكة استنباط النظريات من الضروريات أي صيرورة الشخص بحيث متى شاء استحضر الضروريات ولا حظها واستنتج منها النظريات، وهذه الحالة إنّما تحصل إذا صار طريقة الاستنباط ملكة راسخة فيه. وقيل العقل بالفعل هو حصول النظريات وصيرورتها بعد استنتاجها من الضروريات بحيث استحضرها متى شاء بلا تجشّم كسب جديد، وذلك إنّما يحصل إذا لاحظ النظريات الحاصلة مرة بعد أخرى حتى يحصل له ملكة نفسانية يقوى بها على استحضارها متى أراد من غير فكر، وهذا هو المشهور في أكثر الكتب. وبالجملة العقل بالفعل على القول الأول ملكة الاستنباط والاستحصال وعلى القول الثاني ملكة الاستحضار. ورابعتها العقل المستفاد وهو أن يحصّل النظريات مشاهدة سمّيت به لاستفادتها من العقل الفعّال، وصاحب هداية الحكمة سمّاها عقلا مطلقا وسمّى معقولاتها عقلا مستفادا. وقال شارحها لا يخفى أنّ تسمية معقولات تلك المرتبة بالعقل المستفاد خلاف اصطلاح القوم.
اعلم أنّ العقل الهيولاني والعقل بالملكة استعدادان لاستحصال الكمال ابتداء والعقل بالفعل بالمعنى الثاني المشهور استعداد لاسترجاعه واسترداده فهو متأخّر في الحدوث عن العقل المستفاد لأنّ المدرك ما لم يشاهد مرات كثيرة لا يصير ملكة ومتقدّم عليه في البقاء لأنّ المشاهدة تزول بسرعة وتبقى ملكة الاستحضار مستمرة فيتوصّل بها إلى مشاهدته، فبالنظر إلى الاعتبار الثاني يجوز تقديم العقل بالفعل على العقل المستفاد، وبالنظر إلى الاعتبار الأول يجوز العكس، أمّا العقل بالفعل بالمعنى الأول فالظاهر أنّه مقدّم على العقل المستفاد. واعلم أيضا أنّ هذه المراتب تعتبر بالقياس إلى كلّ نظري على المشهور فيختلف الحال إذ قد تكون النفس بالنسبة إلى بعض النظريات في المرتبة الأولى وبالنسبة إلى بعضها في الثانية وإلى بعضها في الثالثة وإلى بعضها في الرابعة. فما قال صاحب المواقف من أنّ العقل المستفاد هو أن يصير النفس مشاهدة لجميع النظريات التي أدركتها بحيث لا يغيب عنها شيء لزمه أنّ لا يوجد العقل المستفاد لأحد في الدنيا بل في الآخرة. ومنهم من جوّز ذلك لنفوس نبوية لا يشغلها شأن عن شأن، وهم في جلابيب من أبدانهم قد نضوها وانخرطوا في سلك المجرّدات التي تشاهد معقولاتها دائما.
فائدة:
وجه الحصر في الأربع أنّ القوة النظرية إنّما هي لاستكمال الناطقة بالإدراكات إلّا أنّ البديهيات ليست كمالا معتدّا به يشاركه الحيوانات العجم لها فيها بل كمالها المعتدّ به الإدراكات الكسبية، ومراتب النفس في الاستكمال بهذا الكمال منحصرة في نفس الكمال واستعداده لأنّ الخارج عنهما لا يتعلّق بذلك الاستكمال، فالكمال هو العقل المستفاد أعني مشاهدة النظريات، والاستعداد إمّا قريب وهو العقل بالفعل أو بعيد وهو الهيولاني أو متوسّط وهو العقل بالملكة. وأمّا مراتب القوة العملية فأولها تهذيب الظاهر أي كون الشخص بحيث يصير استعمال الشرائع النبوية والاجتناب عما نكره عادة له، ولا يتصوّر منه خلافه عادة.
وثانيتها تهذيب الباطن من الملكات الرديئة ونفض آثار شواغله عن عالم الغيب. وثالثتها ما يحصل بعد الاتّصال بعالم الغيب وهو تجلّي النفس بالصور القدسية، فإنّ النفس إذ هذبت ظاهرها وباطنها عن رذائل الأعمال والأخلاق وقطعت عوائقها عن التوجّه إلى مركزها ومستقرها الأصلي الذي هو عالم الغيب بمقتضى طباعها إذ هي مجرّدة في حدّ ذاتها وعالم الغيب أيضا كذلك، وطبيعة المجرّد تقتضي عالمها كما أنّ طبيعة المادي تقتضي عالم المادّيات الذي هو عالم الشهادة اتصلت بعالم الغيب للجنسية اتصالا معنويا لا صوريا، فينعكس إليها بما ارتسمت فيه من النقوش العلمية، فتتجلّى النفس حينئذ بالصور الإدراكية القدسية، أي الخالصة عن شوائب الشكوك والأوهام، إذ الشكوك والشبهات إنّما تحصل من طرق الحواس، وفي هذه لا يحصل العلم من تلك الطرق. وفي بعض حواشي شرح المطالع بيانه أنّ حقائق الأشياء مسطورة في المبدأ المسمّى في لسان الشرع باللوح المحفوظ فإنّ الله تعالى كتب نسخة العالم من أوله إلى آخره في المبدأ ثم أخرجه إلى الوجود على وفق تلك النسخة، والعالم الذي خرج إلى الوجود بصورته تتأدّى منه صورة أخرى إلى الحواس والخيال ويأخذ منها الواهمة معاني، ثم يتأدّى من الخيال أثر إلى النفس فيحصل فيها حقائق الأشياء التي دخلت في الحسّ والخيال. فالحاصل في النفس موافق للعالم الحاصل في الخيال، وهو موافق للعالم الموجود في نفسه خارجا من خيال الإنسان ونفسه، والعالم الموجود موافق للنسخة الموجودة في المبدأ، فكأنّ للعالم أربع درجات في الوجود، وجود في المبدأ وهو سابق على وجوده الجسماني ويتبعه وجوده الجسماني الحقيقي ويتبع وجوده الحقيقي وجوده الخيالي ويتبع وجوده الخيالي وجوده العقلي، وبعض هذه الوجودات روحانية وبعضها جسمانية، والروحانية بعضها أشدّ روحانية من بعض. إذا عرفت هذا فنقول النفس يتصوّر أن يحصل فيها حقيقة العالم وصورته تارة من الحواس وتارة من المبدأ، فمهما ارتفع حجاب التعلّقات بينها وبين المبدأ حصل لها العلم من المبدأ فاستغنت عن الاقتباس من مداخل الحواس، وهناك لا مدخل للوهم التابع للحواس. ومهما أقبلت على الخيالات الحاصلة من المحسوسات كان ذلك حجابا لها من مطالع المبدأ، فهناك تتصوّر الواهمة وتعرض للنفس من الغلط ما يعرض، فإذا للنفس بابان، باب مفتوح إلى عالم الملكوت وهو اللوح المحفوظ وعالم الملائكة والمجرّدات، وباب مفتوح إلى الحواس الخمس المتمسّكة بعالم الشهادة والملك وهذا الباب مفتوح للمجرّد وغيره. والباب الأول لا يفتح إلّا للمتجرّدين من العلائق والعوائق. ورابعتها ما يتجلّى له عقيب اكتساب ملكة الاتصال والانفصال عن نفسه بالكلّية وهو ملاحظة جمال الله أي صفاته الثبوتية وجلاله أي صفاته السلبية، وقصر النظر على كماله في ذاته وصفاته وأفعاله حتى يرى كلّ قدرة مضمحلّة في جنب قدرته الكاملة وكلّ علم مستغرقا في علمه الشامل، بل يرى أنّ كلّ كمال ووجود إنّما هو فائض من جنابه تعالى شأنه. فان قيل بعد الاتصال بعالم الغيب ينبغي أن يحصل له الملاحظة المذكورة وحينئذ لا تكون مرتبة أخرى غير الثالثة بل هي مندرجة فيها. قلت المراد الملاحظة على وجه الاستغراق وقصر النظر على كماله بحيث لا يلتفت إلى غيره، فعلى هذا الغاية القصوى هي هذه المرتبة كما أنّ الغاية القصوى من مراتب النظري هو الثالثة أي العقل بالفعل.
اعلم أنّ المرتبتين الأخيرتين أثران للأوليين اللتين هما من مراتب العملية قطعا، فصحّ عدّهما من مراتب العملية وإن لم تكونا من قبيل تأثير النفس فيما تحتها. هذا كله هو المستفاد من شرح التجريد وشرح المواقف في مبحث العلم وشرح المطالع وحواشيه في الخطبة.
اعلم أنّ العقل الذي هو مناط التكاليف الشرعية اختلف أهل الشرع في تفسيره. فقال الأشعري هو العلم ببعض الضروريات الذي سمّيناه بالعقل بالملكة. وما قال القاضي هو العلم بوجوب الواجبات العقلية واستحالة المستحيلات وجواز الجائزات ومجاري العادات أي الضروريات التي يحكم بها بجريان العادة من أنّ الجبل لا ينقلب ذهبا، فلا يبعد أن يكون تفسيرا لما قال الأشعري، واحتجّ عليه بأنّ العقل ليس غير العلم وإلّا جاز تصوّر انفكاكهما وهو محال، إذ يمتنع أن يقال عاقل لا علم له أصلا وعالم لا عقل له أصلا، وليس العقل العلم بالنظريات لأنّه مشروط بالنظر والنظر مشروط بكمال العقل، فيكون العلم بالنظريات متأخرا عن العقل بمرتبتين، فلا يكون نفسه، فيكون العقل هو العلم بالضروريات وليس علما بكلها، فإنّ العاقل قد يفقد بعضها لفقد شرطه كما مرّ، فهو العلم ببعضها وهو المطلوب.
وجوابه أنّا لا نسلّم أنّه لو كان غير العقل جاز الانفكاك بينهما لجواز تلازمهما. وقال الإمام الرازي والظاهر أنّ العقل صفة غريزية يلزمها العلم بالضروريات عند سلامة الآلات وهي الحواس الظاهرة والباطنة. وإنّما اعتبر قيد سلامة الآلات لأنّ النائم لم يزل عقله عنه وإن لم يكن عالما حالة النوم لاختلال وقع في الآلات، وكذا الحال في اليقظان الذي لا يستحضر شيئا من العلوم الضرورية لدهش ورد عليه، فظهر أنّ العقل ليس العلم بالضروريات.
ولا شكّ أنّ العاقل إذا كان سالما عن الآفات المتعلّقة كان مدركا لبعض الضروريات قطعا.
فالعقل صفة غريزية يتبعها تلك العلوم، وهذا معنى ما قيل: قوة للنفس بها تتمكّن من إدراك الحقائق. ومحلّ تلك القوة قيل الرأس، وقيل القلب، وما قيل هو الأثر الفائض على النفس من العقل الفعال. والمعتزلة القائلون بأنّ الحسن والقبح للعقل فسّروه بما يعرف به حسن المستحسنات وقبح المستقبحات، ولا يبعد أن يقرب منه ما قيل هو قوة مميزة بين الأمور الحسنة والقبيحة. وقيل هو ملكة حاصلة بالتجارب يستنبط بها المصالح والأغراض.
وهذا معنى ما قيل هو ما يحصل به الوقوف على العواقب. وقيل هو هيئة محمودة للإنسان في حركاته وسكناته. وقيل هو نور يضيئ به طريق يبتدأ به من حيث ينتهي إليه درك الحواس، فيبدأ المطلوب للطالب فيدركه القلب بتأمّله وبتوفيق الله تعالى. ومعنى هذا أنّه قوة للنفس بها تنتقل من الضروريات إلى النظريات ويحتمل أن يراد به الأثر الفائض من العقل الفعّال كما ذكره الحكماء من أنّ العقل الفعّال هو الذي يؤثّر في النفس ويعدّها للإدراك، وحال نفوسنا بالنسبة إليه كحال أبصارنا بالنسبة إلى الشمس. فكما أنّ بإفاضة نور الشمس تدرك المحسوسات كذلك بإفاضة نوره تدرك المعقولات. فقوله نور أي قوة شبيهة بالنور في أنها يحصل به الإدراك ويضيئ أي يصير ذا ضوء أي بذلك النور طريق يبتدأ به أي بذلك الطريق، والمراد به أي بالطريق الأفكار وترتيب المبادئ الموصلة إلى المطلوب. ومعنى إضاءتها صيرورتها بحيث يهتدي القلب إليها ويتمكّن من ترتيبها وسلوكها توصلا إلى المطلوب. وقوله من حيث ينتهي إليه متعلّق بقوله يبتدأ، وضمير إليه عائد إلى حيث، أي من محلّ ينتهي إليه إدراك الحواس، فيبدأ أي يظهر المطلوب للقلب أي الروح المسمّى بالقوة العاقلة والنفس الناطقة فيدركه القلب بتأمّله أي التفاته إليه والتوجّه نحوه بتوفيق الله تعالى وإلهامه، لا بتأثير النفس أو توكيدها، فإنّ الأفكار معدات للنفس وفيضان المطلوب إنّما هو بإلهام الله سبحانه. فبداية درك الحواس هو ارتسام المحسوسات في إحدى الحواس الخمس الظاهرة، ونهاية دركها ارتسامها في الحواس الباطنة. ومن هاهنا بداية درك العقل، ونهاية درك العقل ظهور المطلوب كما عرف في الفكر بمعنى الحركتين، هذا كله خلاصة ما في شرح التجريد وشرح المواقف والتلويح.

وفي خلاصة السلوك قال أهل العلم:
العقل جوهر مضيء خلقه الله في الدماغ وجعل نوره في القلب، وقال أهل اللسان: العقل ما ينجّي صاحبه من ملامة الدنيا وندامة العقبى وقال حكيم: العقل حياة الروح والروح حياة الجسد. وقال حكيم ركّب الله في الملائكة العقل بلا شهوة وركّب في البهائم الشهوة بلا عقل، وفي ابن آدم كليهما. فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة ومن غلب شهوته عقله فهو شرّ من البهائم. وقال أهل المعرفة العاقل من اتّقى ربّه وحاسب نفسه وقيل من يبصر مواضع خطواته قبل أن يضعها. وقيل الذي ذهب دنياه لآخرته. وقيل الذي يتواضع لمن فوقه ولا يحتقر لمن دونه ويمسك الفضل من منطقه ويخالط الناس باختلافهم. وقيل الذي يترك الدنيا قبل أن تتركه ويعمّر القبر قبل أن يدخله وأرضى الله قبل أن يلقاه، وقيل إذا اجتمع للرجل العلم والعمل والأدب يسمّى عاقلا، وإذا علم ولم يعمل أو عمل بغير أدب أو عمل بأدب ولم يعلم لم يكن عاقلا.
العقل: المستفاد، أن يحضر عنده النظريات التي أدركها بحيث لا تغيب عنه.
العقل: بالفعل، أن تصير النظريات مخزونة عند القوة العاقلة بتكرار الاكتساب بحيث يحصل لها ملكة الاستحضار متى شاءت في غير تجشم كسب جديد.
العقل: الهيولاني، الاستعداد المحض لإدراك المعقولات، وهو قوة محضة خالية عن الفعل كما في الأطفال، وإنما نسب إلى الهيولى لأن النفس في هذه المرتبة تشبه الهيولى الأولى الخالية في حد ذاتها عن الصور كلها.

أَيد

(أَيد) : الإِيادُ: كثرةُ الإِبلِ. 
أَيد
: ( {آد} َيَئِيدُ {أَيْداً) ، إِذا (اشتَدَّ وقَوِيَ) ، عَن أَبي زيد. وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس يَصفُ نَخُيلاً:
فأَثَّتْ أَعالِيه} وآدَتْ أُصولُه
وَمَال بِقُنْيَانٍ من البِسْر أَحمَرَا
{آدَت أُصولُه: قَوِيَتْ.
(} والآدُ: الصُّلْبُ والقُوَّةُ، {كالأَيْدِ) . قَالَ العجّاج.
مِنْ أَنْ تَبدَّلْتُ} بآدِي {آدَا
لمْ يَكُ يَنْآدُ فأَمسَى} انْآدَا
وَفِي خُطبة عليّ كرَّمَ الله وَجهَه (وأَمَسكهَا منْ أَنْ تَمورَ {بأَيْدِهِ) أَي بقُوَّته. وَقَوله عزّ وجلّ: {7. 022 وَاذْكُر عَبدنَا دَاوُد ذَا} الأَيد} (ص: 17) أَي ذَا القُوّة. قَالَ الزّجّاج: كَانَت قُوّتُه على العِبَادَة أَتمَّ قوَّةٍ، كَانَ يَصوم يَوماً ويُفطِر يَوماً، وذالك أَشدُّ الصَّوْمِ، وَكَانَ يُصلِّي نِصفَ اللَّيْل. وَقيل: أَيْدُه: قُوّتُه على إِلاَنةِ الْحَدِيد بإِذن الله تعالَى وتَقويته إِيّاه.
( {وآيَدْتُة} مُؤَايدة {وأَيَّدْتُهُ} تَأَييداً فَهُوَ {مُؤْيَدٌ) كمُكْرَمٍ، (} ومُؤَيَّدٌ) ، كمُعظَّم: (قَوَّيْتُه) . وقُرِىء {7. 022 اذا آيدتك بِروح الْقُدس} (الْمَائِدَة: 110) أَي قَوَّيتُك. وَفِي حَدِيث حسّان بن ثابتٍ (إِن رُوحَ القُدُسِ لَا يزالُ {يَؤَيِّدُك) ، أَي يُقوِّيك ويَنصرُك.
(و) } الإِياد، (ككِتَابٍ: مَا {أُيِّدَ بِهِ من شيْءٍ) ، وَقَالَ اللّيث:} إِيادُ كلِّ شيْءٍ: مَا يقَوَّى بِهِ من جَانبَيْهِ، وهما {إِيادَاه (و) الإِيادُ (المَعْقِلُ، والسِّتْر، والكَنَف والــهَوَاءُ) ، وهاذه عَن أَبي زيدٍ (واللَّجَأُ) ، وَقد قيل إِن قَوْلهم} أَيَّدَه الله، مُشتقٌّ من ذالك. قَالَ ابْن سَيّده: وَلَيْسَ بالقَوِيّ. وكلُّ مَا يُحرَزُ بِهِ فَهُوَ {إِيَادٌ. (و) الإِيَادُ: (الجَبَلُ الحصِينُ) . وكلُّ شيْءٍ كَانَ واقياً لشيءٍ فَهُوَ أَيَادٌ. (و) الإِيَاد: (التُّرَابُ يُجعَلُ حَوْلَ الحَوْضِ والخِبَاءِ) يُقَوَّى بِهِ أَو يَمنَع ماءَ المطرِ. قَالَ ذُو الرُّمَّة يصف اللظَّلِيم:
دَفَعْنَاه عَن بِيضٍ حِسَانٍ بأَجْرَعٍ
حَوَىَ حَوْلَهَا من تُرْبِه} بإِيَادِ
يَعْنِي طَرَدْنَاه عَن بَيْضِه.
(و) الأَيَاد (من الرَّمْل: مَا أَشْرَفَ. و) {الإِيَادانِ: (مَيْمَنَةُ العَسْكَرِ ومَيْسَرتُه) . قَالَ العجّاج:
عَنْ ذِي} إِيَادَيْنِ لُهَامٍ لَو دَسَرْ
بِرُكْنِه أَرْكَانَ دَمُخٍ لَا نْقَعَرْ
هاكذا أَوردَه الجوهَرِيّ، قَالَ الصَّغاني والروايَة (عَن ذِي قدامِيسَ) . وَفِي هاهذه الأَرجوزة.
مِنْ ذِي إِيَادَيْن إِذا جَدَّ اعتَكَرْ
(و) إِيادٌ (حَيٌّ من مَعَدَ) . وهم اليومَ بِالْيمن، قَالَ ابْن دُريد: هما {إِيادانِ: إِيادُ بن نِزَارٍ،} وإِياد بن سُود بن الْحجر بن عَمّار بن عمْرٍ و. قَالَ أَبو دُواد {- الإِياديّ:
فِي فُتُوَ حَسَنٍ أَوْجُهُهمْ
من إِيادِ بن نِزارِ بن مضرْ
(و) الإِياد: (كَثْرةُ الإِبِلِ) ، وَهُوَ مَجاز.
(} والمُؤْيِدُ، كمُؤْمِنٍ: الأَمرُ العَظيمُ، والداهيةُ. ج {مَوَائدُ) . قَالَ طرَفَة:
تَقولُ وَقد تَرّ الوَظيفُ وساقُها
أَلسْتَ تَرَى أَن قد أَتيْتَ} بمُؤْيِدِ
وروى الأَصمعيّ (بمُؤْيَد) ، بِفَتْح الْيَاء قَالَ: وَهُوَ المشدَّد من كلِّ شيْءٍ. وأَنشد للمثقِّب العَبديّ.
يَبنِي تَجالِيدي وأَقتادَهَا
ناوٍ كرأْسِ الفَدَنِ المُؤْيَدِ
يُريد بالنَّاوِي سَنامَها وظَهْرَها. والفَدَن: القَصْر. وتَجاليدُه: جِسْمه.
( {وتأَيَّدَ) الشَّيْءُ: (تَقوَّى. و) قَول الشَّاعِر:
إِذا القوسُ وَتَّرَهَا} أَيِّدٌ
رَمَى فأَصابَ الكُلَى والذُّرَا
{الأَيِّدُ، (ككَيِّس: القَوِيُّ) ، يَقُول: إِذا الله تعالَى وَتَّرَ القَوسَ الَّتِي فِي السّحاب رَمَى كُلَى الإِبلِ وأَسنِمَتَها بالشَّحْم، يعنِي من النَّبات الّذي يكون من المَطَر.
(} وأَيْدٌ: ع قُربَ الْمَدِينَة) ، على ساكنها أَفضلُ الصَّلاة والسّلام، من بلادِ مُزَينةَ. وَضَبطه البَكريُّ بالرَّاءِ فِي آخِره بدل الدَّال، وَقَالَ: هُوَ ناحيةٌ من الْمَدِينَة يَخرجون إِليها للنُّزهة. وستأْتي الإِشارة إِليه إِن شاءَ الله تَعَالَى.

آل

آل
الجذر: أ و ل

مثال: اللهم صلِّ على محمد وآله
الرأي: ضعيفة عند بعضهم
السبب: لإضافة «الآل» إلى ضمير وهو يضاف إلى الاسم الظاهر.

الصواب والرتبة: -اللَّهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد [فصيحة]-اللَّهمَّ صلِّ على محمد وآله [فصيحة]
التعليق: لم تمنع المعاجم إضافة «آل» إلى الضمير، بل ورد في النهاية واللسان والتاج وغيرها نصوص متعددة أضيفت فيها «آل» إلى الضمير.
(آل)
انْظُر أول
(آل)
إِلَيْهِ أَولا وإيالا وأيلولة ومآلا رَجَعَ وَصَارَ يُقَال فلَان يَئُول إِلَى كرم وَعنهُ ارْتَدَّ وَيُقَال آل الشَّيْء رده وَالشَّيْء مَآلًا نقص وَيُقَال آلت الْمَاشِيَة ذهب لَحمهَا فضمرت وَاللَّبن وَنَحْوه أَولا وإيالا خثر وَغلظ وَاللَّبن أَولا صيره خاثرا غليظا وعَلى الْقَوْم أَولا وإيالا وإيالة ولي والرعية ساسهم يُقَال آل الرّعية يؤولها إيالة حَسَنَة ويروى أَن زيادا قَالَ فِي خطبَته وَقد ألنا وإيل علينا وَالْمَال أصلحه وساسه يُقَال هُوَ آيل مَال
آل
الآل: مقلوب من الأهل ، ويصغّر على أهيل إلا أنّه خصّ بالإضافة إلى الأعلام الناطقين دون النكرات، ودون الأزمنة والأمكنة، يقال: آل فلان، ولا يقال: آل رجل ولا آل زمان كذا، أو موضع كذا، ولا يقال: آل الخياط بل يضاف إلى الأشرف الأفضل، يقال: آل الله وآل السلطان.
والأهل يضاف إلى الكل، يقال: أهل الله وأهل الخياط، كما يقال: أهل زمن كذا وبلد كذا.
وقيل: هو في الأصل اسم الشخص، ويصغّر أُوَيْلًا، ويستعمل فيمن يختص بالإنسان اختصاصا ذاتيا إمّا بقرابة قريبة، أو بموالاة، قال الله عزّ وجل: وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ [آل عمران/ 33] ، وقال: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ [غافر/ 46] . قيل: وآل النبي عليه الصلاة والسلام أقاربه، وقيل: المختصون به من حيث العلم، وذلك أنّ أهل الدين ضربان:
- ضرب متخصص بالعلم المتقن والعمل المحكم فيقال لهم: آل النبي وأمته.
- وضرب يختصون بالعلم على سبيل التقليد، يقال لهم: أمة محمد عليه الصلاة والسلام، ولا يقال لهم آله، فكلّ آل للنبيّ أمته وليس كل أمة له آله.
وقيل لجعفر الصادق رضي الله عنه: الناس يقولون: المسلمون كلهم آل النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال:
كذبوا وصدقوا، فقيل له: ما معنى ذلك؟ فقال:
كذبوا في أنّ الأمّة كافتهم آله، وصدقوا في أنهم إذا قاموا بشرائط شريعته آله.
وقوله تعالى: رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ [غافر/ 28]
 أي: من المختصين به وبشريعته، وجعله منهم من حيث النسب أو المسكن، لا من حيث تقدير القوم أنه على شريعتهم. وقيل في جبرائيل وميكائيل: إنّ إيل اسم الله تعالى ، وهذا لا يصح بحسب كلام العرب، لأنه كان يقتضي أن يضاف إليه فيجرّ إيل، فيقال:
جبرإيل.

وآل الشخص: شخصه المتردد. قال الشاعر:
ولم يبق إلّا آل خيم منضّد
والآل أيضا: الحال التي يؤول إليها أمره، قال الشاعر:
سأحمل نفسي على آلة فإمّا عليها وإمّا لها
وقيل لما يبدو من السراب: آل، وذلك لشخص يبدو من حيث المنظر وإن كان كاذبا، أو لتردد هواء وتموّج فيكون من: آل يؤول.
وآلَ اللبن يَؤُولُ: إذا خثر ، كأنّه رجوع إلى نقصان، كقولهم في الشيء الناقص: راجع.
التأويل من الأول، أي: الرجوع إلى الأصل، ومنه: المَوْئِلُ للموضع الذي يرجع إليه، وذلك هو ردّ الشيء إلى الغاية المرادة منه، علما كان أو فعلا، ففي العلم نحو: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ [آل عمران/ 7] ، وفي الفعل كقول الشاعر:
وللنّوى قبل يوم البين تأويل
وقوله تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ [الأعراف/ 53] أي: بيانه الذي غايته المقصودة منه.
وقوله تعالى: ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء/ 59] قيل: أحسن معنى وترجمة، وقيل: أحسن ثوابا في الآخرة.
والأَوْلُ: السياسة التي تراعي مآلها، يقال:
أُلْنَا وإِيلَ علينا . وأَوَّل قال الخليل : تأسيسه من همزة وواو ولام، فيكون فعّل، وقد قيل: من واوين ولام، فيكون أفعل، والأول أفصح لقلّة وجود ما فاؤه وعينه حرف واحد، كددن، فعلى الأول يكون من: آل يؤول، وأصله: آول، فأدغمت المدة لكثرة الكلمة.
وهو في الأصل صفة لقولهم في مؤنّثه:
أَوْلَى، نحو: أخرى.
فالأوّل: هو الذي يترتّب عليه غيره، ويستعمل على أوجه:
أحدها: المتقدّم بالزمان كقولك: عبد الملك أولا ثم المنصور.
الثاني: المتقدّم بالرئاسة في الشيء، وكون غيره محتذيا به. نحو: الأمير أولا ثم الوزير.
الثالث: المتقدّم بالوضع والنسبة، كقولك للخارج من العراق: القادسية أولا ثم فيد، وتقول للخارج من مكة: فيد أوّلا ثم القادسية.
الرابع: المتقدّم بالنظام الصناعي، نحو أن يقال: الأساس أولا ثم البناء.
وإذا قيل في صفة الله: هو الأوّل فمعناه: أنه الذي لم يسبقه في الوجود شيء ، وإلى هذا يرجع قول من قال: هو الذي لا يحتاج إلى غيره، ومن قال: هو المستغني بنفسه. وقوله تعالى: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام/ 163] ، وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ [الأعراف/ 143] فمعناه: أنا المقتدى بي في الإسلام والإيمان، وقال تعالى: وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ [البقرة/ 41] أي: لا تكونوا ممّن يقتدى بكم في الكفر. ويستعمل «أوّل» ظرفا فيبنى على الضم، نحو جئتك أوّل، ويقال:
بمعنى قديم، نحو: جئتك أولا وآخرا، أي:
قديما وحديثا. وقوله تعالى: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى
[القيامة/ 34] كلمة تهديد وتخويف يخاطب بها من أشرف على هلاك فيحثّ بها على التحرز، أو يخاطب بها من نجا ذليلا منه فينهى عن مثله ثانيا، وأكثر ما يستعمل مكرّرا، وكأنه حثّ على تأمّل ما يؤول إليه أمره ليتنبّه للتحرز منه.

عَتَمَ

عَتَمَ عنه يَعْتِمُ: كَفُّ بعدَ المُضِيِّ فيه،
كَعَتَّمَ وأعْتَمَ، أو احْتَبَسَ عن فِعْلِ شيء يُريدُهُ،
وـ قِراهُ: أبْطأ،
كعَتَّمَ،
وـ اللَّيْلُ: مَرَّ منه قِطْعَةٌ،
كأَعْتَمَ فيهما،
وـ الشَّعَرَ: نَتَفَهُ،
وـ الإِبِلُ تَعْتِمُ وتَعْتُمُ
وأعْتَمَتْ واسْتَعْتَمَتْ: حُلِبَتْ عِشاءً.
والعَتَمَةُ، مُحَرَّكةً: ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَوَّلُ بعد غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ، أو وَقْتُ صَلاةِ العشاء الآخِرَةِ.
وأعْتَمَ وعَتَّمَ: سارَ فيها، أو أوْرَدَ وأصْدَرَ فيها، وبَقِيَّةُ اللَّبَنِ تُفيقُ بها النَّعَمُ تلك الساعَةَ، وظُلْمَةُ اللَّيْلِ، ورُجوعُ الإِبِلِ من المَرْعَى بعدَما تُمْسي.
وقَمْراء أرْبَعٍ: عَتَمَةُ رُبَعَ، أي: قَدْرَ ما يَحْتَبِسُ في عَشائِهِ.
وعَتَّمَ الطائِرُ تعْتِيماً: رَفْرَفَ على رأسِ الإِنسانِ ولم يُبْعِدْ.
وحَمَلَ عليه فما عَتَّمَ: ما نَكَصَ.
وما عَتَّمَ أن فَعَلَ: ما لَبثَ.
والنُّجومُ العاتِماتُ: التي تُظْلِمُ من غبْرَةٍ في الــهواء.
والعُتْمُ، بالضم وبضَمَّتَيْنِ: شَجَرُ الزَّيْتُونِ البَرِّيِّ.
والعَيْتُومُ: الجَمَلُ البَطيء، والرَّجُلُ الضَّخْمُ العَظيمُ.
وعُتْمٌ، بالضم: اسمٌ، وفَرَسٌ.
وكصَبورٍ: الناقَةُ لا تُدِرُّ إِلاَّ عَتَمَةً.
وجاءَنا ضَيْفٌ عاتِمٌ: بطيءٌ مُمْسٍ.
واسْتَعْتِموا نَعَمَكُمْ حتى تُفيقَ: أَخِّروا حَلْبَها حتى يَجْتَمِعَ لَبَنُها.
(عَتَمَ)
(هـ) فِيهِ «يَغْلِبَنَّكُم الأعْرَابُ عَلَى اسْم صَلاتِكم العِشاء، فإنَّ اسْمَها فِي كِتاب اللَّهِ العِشَاءُ، وَإِنَّمَا يُعْتَمُ بِحِلاَب الإبِل» قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: أرْبابُ النَّعَم فِي البَادِية يُرِيحُون الإبلَ ثُمَّ يُنِيخُونَها فِي مُرَاحها حَتَّى يُعْتِمُوا: أَيْ يَدْخُلُوا فِي عَتَمَةِ اللّيل وهي ظلمة. وكانَت الأعْرَاب يُسَمُّون صَلاةَ الْعِشَاءِ صَلَاةَ العَتَمَة، تَسْمِيةً بالوَقْت، فنَهاهُم عَنِ الاقْتداءِ بِهِمْ، واستحَبَّ لَهُمُ التّمسُّكَ بالاسْم النَّاطق بِهِ لسانُ الشَّرِيعة.
وَقِيلَ: أرَادَ لَا يَغُرّنَّكم فعلُهم هَذَا فتُؤخِّروا صلاتَكم، وَلَكِنْ صَلُّوها إِذَا حَان وقْتُها.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «واللِّقاحُ قَدْ رُوِّحَت وحُلِبَت عَتَمَتُهَا» أَيْ حُلبَت مَا كَانَتْ تُحْلَب وقتَ العَتَمَة، وَهُمْ يُسمُّون الحِلاَبَ عَتَمَة باسْم الوَقْت. وأَعْتَمَ: إِذَا دَخَل فِي العَتَمَة.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ العَتَمَة والإِعْتَام والتَّعْتِيم فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّ سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ غَرَس كَذَا وَكَذَا وَدِيةً وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُناولُه وَهُوَ يَغْرِسُ، فَمَا عَتَّمَتْ مِنْهَا وَدِيَّة» أَيْ مَا أبْطأَت أنْ عَلِقَت ، يُقَالُ: أَعْتَمَ الشيءَ وعَتَّمَهُ إِذَا أخَّره. وعَتَمَتِ الحاجةُ وأَعْتَمَتْ إِذَا تأخَّرت.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «نَهى عَنِ الحَرير إلاَّ هَكَذَا وَهَكَذَا، فَمَا عَتَّمَنَا [أَنَّهُ] يَعْنِي الأعْلام» أَيْ مَا أبْطَأْنا عَنْ مَعْرفة مَا عَنَى وأرَادَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي زَيْدٍ الغَافِقِيِّ «الأسْوِكَةُ ثلاثةٌ: أرَاكٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُن، فعَتَمٌ أَوْ بُطْم » العَتَم بِالتَّحْرِيكِ: الزيْتُون، وَقِيلَ: شَيْءٌ يُشْبِهُهُ.

عَزُبَ

(عَزُبَ)
[هـ] فِيهِ «مَنْ قَرأ القُرآن فِي أرْبعين لَيلةً فَقَدْ عَزَبَ» أَيْ بَعُد عَهْدُه بِمَا ابْتَدأَ مِنْهُ، وأبْطأَ فِي تِلَاوَتِهِ. وَقَدْ عَزَبَ يَعْزُبُ فَهُوَ عَازِب إِذَا أبْعَد.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أمَ مَعْبَد «والشَّاءُ عَازِب حِيَالٌ» أَيْ بَعيدَةُ المَرْعى لَا تأوِي إِلَى المَنْزِل فِي اللَّيل. والحِيَال: جمعُ حائِل وَهِيَ الَّتِي لَمْ تَحْمِلْ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ بَعَث بعْثاً فأصْبَحوا بأرضٍ عَزُوبَة بَجْرَاء» أَيْ بأرضٍ بَعِيدَةِ المَرْعَى قَليلتِه، والهاءُ فِيهَا لِلْمُبَالَغَةِ، مِثْلُهَا فِي فَرُوقَة ومَلُولَة.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّهُمْ كَانُوا فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسَمِع مُنَادياً فقال:
انطُرُوا تَجدُوه مُعْزِباً أَوْ مُكْلِئاً» المُعْزِب: طَالِبُ الكَلأ العَازِب، وَهُوَ البَعِيدُ الَّذِي لَمْ يُرْعَ.
وأَعْزَبَ القومُ: أصابُوا عَازِباً مِنَ الْكَلَأِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ «كانَ لَهُ غَنَم فأمَر عامرَ بْنَ فُهَيرة أَنْ يَعْزُبَ بِهَا» أَيْ يُبْعِد فِي المرْعَى. وَرُوِيَ «يُعَزِّبَ» بِالتَّشْدِيدِ: أَيْ يَذْهَبَ بِهَا إِلَى عَازِب مِنَ الكَلأ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي ذَرّ «كُنْتُ أَعْزُبُ عَنِ المَاءِ» أَيْ أُبْعِد.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَاتِكَةَ:
فهُنّ هَواءٌ والحُلُومُ عَوَازِب جَمْعُ عَازِب: أَيْ أَنَّهَا خَالية بَعِيدَةُ العُقُول.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الْأَكْوَعِ «لمَّا أَقَام بالرَّبَذَة قَالَ لَهُ الحجّاجُ: ارتدَدْتَ عَلَى عَقبَيك، تَعَزَّبْتَ؟ قَالَ: لاَ، ولَكن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِي فِي البَدْوِ» أرَاد: بَعُدْت عَنِ الجَماعاتِ والجُمُعات بسُكْنَى البَادِية. وَيُرْوَى بِالرَّاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَمَا يَتَراءَوْنَ الكَوْكَبَ العَازِب فِي الأُفُق» هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ: أَيِ البعيدَ. وَالْمَعْرُوفُ «الغَارِب» بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ، وَ «الْغَابِرُ» بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِيهِ ذِكْرُ العَزَب والعُزُوبَة، وَهُوَ البَعيد عَنِ النِّكَاحِ. وَرَجُلٌ عَزَبٌ وَامْرَأَةٌ عَزْبَاء، وَلَا يُقَالُ فِيهِ أَعْزَب.

فَرَرَ

(فَرَرَ)
(س) فِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لِعَدِيّ بْنِ حَاتِمٍ: مَا يُفِرُّك إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» أَفْرَرْته أُفِرَّه: فَعَلْتُ بِهِ مَا يَفِرُّ مِنْهُ ويَهْرُب: أَيْ مَا يَحْمِلك عَلَى الفِرَار إلَّا التَّوحيد.
وَكَثِيرٌ مِنَ المُحدِّثين يَقُولُونَهُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْفَاءِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَاتِكَةَ:
أَفَرَّ صِياحُ الْقَوْمِ عَزْم قلُوبِهِمْ ... فَهُنَّ هَوَاءٌ والحُلُومُ عَوَازِبُ
أَيْ حَمَلَها عَلَى الفِرَار، وجعَلها خاليَةً بَعِيدةً غائبةَ العُقُول.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ الْهِجْرَةِ «قَالَ سُرَاقة: هَذانِ فَرُّ قُرَيش، ألَا أرُدُّ عَلَى قُريش فَرَّها» يُقَالُ:
فَرَّ يَفِرُّ فَرّاً فَهُوَ فَارٌّ إِذَا هرَب. والفَرّ: مَصْدَرٌ وُضِع مَوْضِعَ الْفَاعِلِ، ويَقع عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ. يُقَالُ: رَجُلُ فَرٌّ، ورَجُلان فَرٌّ، ورِجال فَرٌّ. أَرَادَ بِهِ النبيَّ وَأَبَا بَكْرٍ لمَّا خَرَجَا مُهاجِريْن.
يَعْنِي هذانِ الفَرَّان.
(هـ) وَفِي صِفَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «ويَفْتَرُّ عَنْ مِثْل حَبِّ الغَمَام» أَيْ يَتَبَسَّمُ ويَكْشِرُ حَتَّى تَبْدُو أَسْنَانُهُ مِنْ غَيْرِ قَهْقَهة، وَهُوَ مِنْ فَرَرْتُ الدَّابة أَفُرُّها فَرّاً إِذَا كشَفْتَ شَفَتَها لتَعْرِف سنَّها. وافْتَرَّ يَفْتَرُّ: افْتَعل مِنْهُ، وَأَرَادَ بحَبّ الغمَام البَرَدَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «أَرَادَ أَنْ يَشْتَرَي بَدَنَة فَقَالَ: فُرَّها» .
(هـ) وَحَدِيثُ عُمَرَ «قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ يَبْلُغني عَنْكَ أشياءُ كَرِهْت أَنْ أَفُرَّك عَنْهَا» .
أَيْ أكْشِفك.
(س) وَمِنْهُ خُطْبَةُ الحَجاج «لَقَدْ فُرِرْت عَنْ ذَكاءٍ وتجْربَة» . 

فَسَا

فَسَا فَسْواً وفُسَاءً: أخْرَجَ رِيحاً من مَفْساهُ بلا صَوْتٍ،
وهو فَسَّاءٌ وفَسُوٌّ: كَثيرُه.
والفاسِياءُ والفاسِيَةُ: الخُنْفُساءُ.
وفَسَواتُ الضِباعِ: كَمْأَةٌ.
والفَسْوُ: لَقَبُ حَيٍّ من عبدِ القَيْسِ، نادَى زَيْدُ بنُ سَلامَةَ منهم على عارِ هذا اللَّقَبِ في عُكاظَ بِبُرْدَيْ حِبَرَةٍ، فاشتراهُ عبدُ الله بنُ بَيْدَرَةَ ابنِ مَهْوٍ، ولَبِسَ البُرْدَيْنِ.
وفَسا: د بفارِسَ، منه أبو عَلِيٍّ النَّحْوِيُّ الفَسَوِيُّ، ومنه الثيابُ الفَساسارِيَّةُ. وابنُ فَسْوَة: شاعرٌ.
والفَسَا: لغةٌ في الهَمْزِ.
(فَسَا)
(س) فِي حَدِيثِ شُرَيح «سُئل عَنِ الرَّجُلِ يُطَلِّق الْمَرْأَةَ ثُمَّ يَرْتَجِعها فيَكْتُمها رَجْعَتها حَتَّى تَنْقَضِي عِدّتها، فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ إلَّا فَسْوَة الضَّبُع» أَيْ لَا طَائِلَ لَهُ فِي ادِّعاء الرَّجْعة بَعْدَ انْقِضَاءِ العِدّة. وَإِنَّمَا خَصَّ الضَّبُع لحُمقِها وخُبْثها.
وَقِيلَ: هِيَ شجَرة تَحمِل الخَشْخاش، لَيْسَ فِي ثَمرها كبيرُ طَائِلٍ.
وَقَالَ صَاحِبُ «الْمِنْهَاجِ» فِي الطِب: هِيَ القَعْبَل، وَهُوَ نَبَاتٌ كَرِيه الرَّائِحَةِ، لَهُ رَأْسٌ يطيخ ويُؤكل باللَّبَن، وَإِذَا يَبِس خَرَجَ مِنْهُ مِثْل الوَرْس.
فَسَا:
بالفتح، والقصر، كلمة عجمية، وعندهم بسا، بالباء، وكذا يتلفظون بها وأصلها في كلامهم الشمال
من الرياح: مدينة بفارس أنزه مدينة بها فيما قيل، بينها وبين شيراز أربع مراحل، وهي في الإقليم الرابع، طولها سبع وسبعون درجة وربع، وعرضها ثلاث وثلاثون درجة وثلثان، قال الإصطخري:
وأما كورة دارابجرد فإن أكبر مدنها فسا، وهي مدينة مفترشة البناء واسعة الشوارع تقارب في الكبر شيراز وهي أصحّ هواء من شيراز وأوسع أبنية، وبناؤهم من طين وأكثر الخشب في أبنيتهم السّرو، وهي مدينة قديمة ولها حصن وخندق وربض وأسواقها في ربضها، وهي مدينة يجتمع فيها ما يكون في الصّرود والجروم من البلح والرّطب والجوز والأترج وغير ذلك، وباقي مدن دارابجرد متقاربة، وبين فسا وكازرون ثمانية فراسخ، ومن شيراز إلى فسا سبعة وعشرون فرسخا، وقال حمزة بن الحسن في كتاب الموازنة: المنسوب إلى مدينة فسا من كورة دارابجرد يسمّى بساسيريّ ولم يقولوا فسائيّ، وقولهم بساسير مثل قولهم گرم سير وسردسير، وكذلك النسبة إلى كسنا ناحية قرب نائين كسناسيري، وإليها ينسب أبو عليّ الفارسي الفسوي، وأبو يوسف يعقوب بن سفيان بن جوان الفسوي الفارسي الإمام، رحل إلى المشرق والمغرب وسمع فأكثر وصنّف مع الورع والنسك، روى عن عبد الله بن موسى وغيره، روى عنه أبو محمد بن درستويه النحوي، وتوفي سنة 277، قال ابن عساكر: أبو سفيان بن أبي معاوية الفارسي الفسوي قدم دمشق غير مرّة وسمع بها، روى عنه أبو عبد الرحمن الساوي في سننه وأبو بكر بن أبي داود وعبد الله بن جعفر بن درستويه وأبو محمد أحمد بن السري بن صالح بن أبان الشيرازي ومحمد بن يعقوب الصّفّار والحسن بن سفيان وأبو عوانة الأسفراييني وغيرهم، وكان يقول: كتبت عن ألف شيخ كلهم ثقات، قال الحافظ أبو القاسم:
أنبأنا ابن الأكفاني عن عبد العزيز الكناني أنبأنا أبو بكر عبد الله بن أحمد إجازة سمعت أبا بكر أحمد ابن عبدان يقول: لما قدم يعقوب بن الليث صاحب خراسان إلى فارس أخبر أنه هناك رجل يتكلم في عثمان بن عفّان، وأراد بالرجل يعقوب بن سفيان الفسوي فإنه كان يتشيع، فأمر بإشخاصه من فسا إلى شيراز، فلما قدم علم الوزير ما وقع في نفس يعقوب بن الليث فقال: أيها الأمير إن هذا الرجل قدم ولا يتكلم في أبي محمد عثمان بن عفان شيخنا وإنما يتكلم في عثمان بن عفان صاحب النبي، صلى الله عليه وسلم، فلما سمع قال: ما لي ولأصحاب النبي، صلّى الله عليه وسلّم، وإنما توهّمت أنه تكلم في عثمان بن عفان السجزي، ولم يتعرّض له.

فَهَقَ

(فَهَقَ)
(هـ) فِيهِ «إِنَّ أبْغَضَكم إليَّ الثّرْثارُون المُتَفَيْهِقُون» هُمُ الَّذِينَ يتوسَّعون فِي الْكَلَامِ ويَفْتَحون بِهِ أفواهم، مَأْخُوذٌ مِنَ الفَهْق، وَهُوَ الامتِلاء والاتِّساع. يُقَالُ: أَفْهَقْتُ الإناءَ ففَهِقَ يَفْهَقُ فَهْقاً.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّ رجُلا يُدْنَى مِنَ الْجَنَّةِ فتَنْفَهِقُ لَهُ» أَيْ تَنْفَتِحُ وتَتّسِع.
وَحَدِيثُ عَلِيٍّ «فِي هَوَاءٍ مُنْفَتق وجَوٍّ مُنْفَهِق» .
وَحَدِيثُ جَابِرٍ «فنَزَعْنا فِي الحَوْض حَتَّى أَفْهَقْنَاه» .

قَيَظَ

(قَيَظَ)
- وَفِيهِ «سِرْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في يومٍ قائِظ» أَيْ شَدِيدِ الحَرّ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ «أَنْ يكونَ الولَدُ غَيْظاً والمَطَر قَيْظاً» لِأَنَّ المَطَر إِنَّمَا يُراد للنَّبات وبَرْدِ الْــهَوَاءِ. والقَيْظ ضِدّ ذَلِكَ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «إِنَّمَا هِيَ أصْوُعٌ مَا يُقَيِّظْن بَنِيَّ» أَيْ مَا تَكْفيهم لقَيْظِهم، يَعْنِي زَمان شِدَّةِ الحرِّ. يُقَالُ: قَيَّظَني هَذَا الشَّيْءُ، وشَتَّاني، وصَيَّفَني.
وَفِيهِ ذِكْرُ «قَيْظ» بِفَتْحِ الْقَافِ: موضِعٌ بقُرْب مَكَّةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ مِنْ نَخْلة.

كَلَبَ

(كَلَبَ)
- فِيهِ «سيَخْرج فِي أُمَّتِي أقوامٌ تَتَجارى بِهِمُ الأهْوَاء كَمَا يَتجارى الكَلَبُ بصاحِبه» الكَلَب بِالتَّحْرِيكِ: دَاءٌ يَعْرِض لِلْإِنْسَانِ مِنْ عَضِّ الكَلْب الكَلِبِ، فيُصِيبُه شِبْه الجُنون، فَلَا يَعَضُّ أَحَدًا إِلَّا كَلِبَ، وتَعْرِض لَهُ أعْراضٌ رَدِيئة، ويَمْتَنِع مِنْ شُرْب الْمَاءِ حَتَّى يَمُوتَ عَطَشاً.
وأجَمَعت العَرب عَلَى أنَّ دَواءه قَطْرة مِنْ دَم مَلِك، تُخْلط بِمَاءٍ فيُسْقاه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «كتبَ إِلَى ابْن عبَّاس حِينَ أخَذَ مَالَ البَصْرة: فَلَمَّا رأيتَ الزَّمان عَلَى ابْنِ عَمَّك قَدْ كَلِبَ، والعَدُوَّ قَدْ حَرِب» كَلِب أَيِ اشْتدّ. يُقَالُ: كَلِب الدَّهُر عَلَى أهلِه: إِذَا ألَحَّ عَلَيْهِمْ واشْتدّ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَسَنِ «إِنَّ الدُّنْيَا لَّما فُتِحَت عَلَى أَهْلِهَا كَلِبوا فِيهَا أسْوَأَ الكَلَب وَأَنْتَ تَجَشَّأ مِنَ الشِّبَع بَشَماً، وجارُك قَدْ دَمِيَ فُوهُ مِنَ الجُوع كَلَبا» أَيْ حِرْصاً عَلَى شَيْءٍ يُصِيبه.
وَفِي حَدِيثِ الصَّيْد «إنَّ لِي كِلَاباً مُكَلَّبَةً فأفْتِني فِي صَيْدها» المُكَلَّبَةُ: المُسَلَّطة عَلَى الصيَّد، المُعَوّدة بالاصْطِياد، الَّتِي قَدْ ضَرِيَتْ بِهِ.
والمُكَلِّب، بِالْكَسْرِ: صاحِبُها وَالَّذِي يَصْطاد بِهَا. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ذِي الثُّدَيَّة «يَبْدُو فِي رأسِ ثَدْية شُعَيْراتٌ كَأَنَّهَا كُلْبَةُ كَلْب» يَعْنِي مَخالِبه. هَكَذَا قَالَ الْهَرَوِيُّ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: كَأَنَّهَا كُلْبَة كَلْب، أَوْ كُلْبَة سِنْور، وَهِيَ الشَّعْرُ النابِت فِي جانبَيِ أنْفِه. وَيُقَالُ لِلشَّعْرِ الَّذِي يَخْرِزُ بِهِ الإسْكاف: كُلْبة.
قَالَ: ومَن فَسَّرَها بالمخَالِب نَظَراً إِلَى مَجِيء الكَلالِيب فِي مَخالِب البازِي فَقَدْ أبْعَد.
وَفِي حَدِيثِ الرُّؤيا «وَإِذَا آخَرُ قائمٌ بكَلُّوبٍ مِنْ حَديد» الكَلُّوب، بالتشديد: حَديدة مُعْوَجَّة الرأس. (هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أُحُد «أَنَّ فَرَساً ذَبَّ بذَنَبه فَأَصَابَ كُلَّابَ سَيفٍ فاسْتَلَّه» الكُلَّابُ والكَلْب: الحَلْقَة أَوِ المِسْمار الَّذِي يَكُونُ فِي قَائِمِ السَّيف، تَكُونُ فِيهِ عِلاقَتُه.
وَفِي حَدِيثِ عَرْفَجة «إِنَّ أنْفَه أصِيب يَوْمَ الكُلَاب فاتَّخَذ أنْفاً مِنْ فِضَّة» الكُلَاب بِالضَّمِّ وَالتَّخْفِيفِ: اسْمُ ماءٍ، وَكَانَ بِهِ يومٌ مَعْرُوفٌ مِنْ أَيَّامِ العَرب بَيْنَ البَصْرة وَالْكُوفَةِ.

لَوَحَ

(لَوَحَ)
- فِي حَدِيثِ سَطِيح، فِي رِوَايَةِ :
يَلُوحُهُ فِي اللُّوْحِ بَوْغاءُ الدِّمَنْ
اللُّوحُ، بِالضَّمِّ: الــهَواء. ولَاحَهُ يَلُوحُهُ، ولَوَّحَهُ، إِذَا غَيَّرَ لَوْنَه.
وَفِي أَسْمَاءِ دَوابِّه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «أَنَّ اسْمَ فَرسِه مُلَاوِح» هُوَ الضامِر الَّذِي لَا يَسْمَن، وَالسَّرِيعُ العَطَش، وَالْعَظِيمُ الأَلْوَاح، وَهُوَ المِلْوَاح أَيْضًا.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ «أتَحْلِف عِنْدَ مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَأَلَاحَ مِنَ الْيَمِينِ» أَيْ أشْفَق وَخَافَ.

مَرَا

(مَرَا)
(هـ) فِيهِ «لَا تُمارُوا فِي الْقُرْآنِ، فَإِنَّ مِرَاءً فِيهِ كُفْرٌ» المِرَاءُ: الْجِدَالُ، والتَّمارِي والمُمَارَاةُ: المُجَادَلَةُ عَلَى مَذْهَبِ الشَّكِّ والرِّيبَة. ويقالُ لْلِمُناظَرَة: مُمَاراة، لِأَنَّ كلَّ واحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتَخْرجُ مَا عِنْدَ صاحِبِه ويَمْتَرِيه، كَمَا يَمْتَرِي الحالِبً اللَّبَنَ مِنَ الضَّرْعِ.
قَالَ أَبُو عُبيدٍ: لَيْسَ وجهُ الحديثِ عِنْدَنَا عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي التَّأْوِيلِ، ولكنَّه عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي اللَّفْظِ، وَهُوَ أَنْ يقولَ الرَّجُل عَلَى حَرْفٍ، فَيَقُولُ الآخَرُ: لَيْسَ هُوَ هَكَذَا، ولكنَّه عَلَى خِلافِه، وكِلاَهُمَا مُنْزَلٌ مَقْرُوءٌ بِهِ . فَإِذَا جَحَد كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِراءَة صَاحِبِهِ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يكونَ ذَلِكَ يُخْرِجُه إِلَى الْكُفْرِ، لِأَنَّهُ نَفَى حَرْفاً أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَى نَبِيّه.
وَالتَّنْكِيرُ فِي المِرَاءِ إِيذَانًا بِأَنَّ شَيْئًا مِنْهُ كُفْرٌ، فَضْلاً عَمَّا زَادَ عَلَيْهِ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا جَاءَ هَذَا فِي الجِدَال والمِرَاءِ فِي الْآيَاتِ الَّتِي فِيهَا ذِكر القَدَر، وَنَحْوِهِ مِنَ الْمَعَانِي، عَلَى مذْهبِ أهْل الْكَلَامِ، وأصحابِ الأهواءِ والآراءِ، دُونَ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الْأَحْكَامِ، وَأَبْوَابِ الحلالِ والحرامِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ جَرَى بَيْنَ الصَّحَابَةِ فَمَن بَعْدَهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَذَلِكَ فِيمَا يَكُونُ الغَرَضُ منهُ والباعثُ عليهِ ظهورَ الحقِّ لِيُتّبَعَ، دُونَ الغَلَبَةِ والتَّعْجِيز. وَاللَّهُ أعْلَم.
(هـ) وَفِيهِ «إمْرِ الدَّمَ بِمَا شئتَ» أَيِ اسْتَخْرجْهُ وأجْرِه بِمَا شئتَ. يُرِيدُ الذّبْحَ. وَهُوَ مَنْ مَرَى الضَّرْعَ يَمرِيهِ.
وَيُرْوَى «أُمِرِ الدَّمَ» مِنْ مارَ يَمُورُ، إِذَا جَرَى. واَمَارَهُ غيرُهُ.
قَالَ الخطَّابي: أصحابُ الْحَدِيثِ يَرْوُونَهُ مُشَدَّد الرَّاء، وَهُوَ غَلَطٌ. وَقَدْ جَاءَ فِي سَنَنِ أَبِي دَاوُدَ والنَّسائي «أَمْرِر» بِرَاءَيْنِ مُظْهَرَتَيْن. وَمَعْنَاهُ اجْعل الدَّم يَمُرُّ: أَيْ يَذْهَبُ، فَعَلَى هَذَا مَنْ رواهُ مُشَدَّد الرَّاء يَكُونُ قَدْ أَدْغَمَ، وَلَيْسَ بِغَلَطٍ. ومن الأوّل حديث عاتكة:
مروا بالسّيوف المرهقات دِمَاءَهُم
أَيِ اسْتَخْرَجُوها واسْتَدَرُّوهَا.
وَفِي حَدِيثِ نَضْلة بْنِ عَمْرو «أَنَّهُ لَقِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَرِيَّيْن» هُوَ تَثْنِيَةُ مَرِيّ، بوزْنِ صَبِيٍّ.
وَيُرْوَى «مَرِيَّتَيْن» تثنيةُ مَرِيَّةٍ. والمَرِيُّ والمَرِيَّةُ: النَّاقَةُ الغَزِيرَةُ الدَّرِّ، مِنَ المَرْيِ، وَهُوَ الْحَلبُ، وزنُها فَعِيل أَوْ فَعُولٌ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْأَحْنَفِ «وَسَاق مَعَهُ نَاقَةً مَرِيّاً» .
وَفِيهِ «قَالَ لَهُ عَدِيُّ بنُ حَاتم: إِذَا أَصَابَ أحَدُنَا صَيْدًا وَلَيْسَ مَعَهُ سِكِّين أنَذْبَحُ بالمَرْوَةِ وشِقَّة العَصَا؟» المَرْوَةُ: حَجَرٌ أبْيَضُ بَرَّاقٌ.
وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي يُقْدَحُ مِنْهَا النَّارُ.
ومَرْوَةُ المَسْعَى: الَّتِي تُذْكَرُ مَعَ الصَّفَا، وَهِيَ أَحَدُ رأسَيْه اللَّذَيْن يَنْتَهِي السَّعْي إِلَيْهِمَا سُميت بِذَلِكَ.
وَالْمُرَادُ فِي الذَّبْحِ جِنسُ الْأَحْجَارِ، لَا المَرْوَةُ نفسُها. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكرها فِي الْحَدِيثِ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «إِذَا رجُلٌ مِنْ خَلْفِي قَد وضعَ مَرْوَتَهُ عَلَى مَنْكِبي فَإِذَا هُوَ عليٌّ» .
وَفِيهِ «أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَقِيَهُ عِنْدَ أَحْجَارِ المِرَاءِ» قِيلَ: هِيَ بِكَسْرِ الْمِيمِ: قُباء، فَأَمَّا المُرَاءُ بِضَمِّ الْمِيمِ فَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ النَّخْل.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.