Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: هزل

بري

(ب ر ي) : (الْبَوَارِي) جَمْعُ بَارِيٍّ وَهُوَ الْحَصِيرُ وَيُقَالُ لَهُ الْبُورِيَاءُ بِالْفَارِسِيَّةِ.

بري


بَرَى(n. ac. بَرْي)
a. Planed, shaved; pared; mended (pen).
b. Fatigued, jaded.

بَاْرَيَa. Vied, emulated, competed with.

تَبَاْرَيَa. see III
إِنْبَرَيَa. Was smoothed, cut, mended (pen).
b. [La], Opposed; presented himself.
إِبْتَرَيَa. see I (a)
بَاْرِيa. Creator.

بُرَاْيَةa. Clippings, parings; chips, shavings.

مِبْرَاء مِبْرَاة
a. Penknife.
ب ر ي

ما عندي قلم بري أي مبري، وأرفع براية القلم. قال المتنخل:

وصراء البراية عود نبيع ... كوقف العاج عاتكة اللياط

وبفيه البري وحمىً خيبرا، وشر ما يرى.

ومن المجاز: بريت الناقة بالسير، وبرآها السفر، وناقة ذات براية: بها بقية بعد بري السفر إياها. وإنك لذو براية: لمن فيه بقية بعد السفر. وفلان يباري الريح جوداً، وأعطته الدنيا برتها إذا تمكن منها وحظي بها.
ب ر ي : الْبُرَةُ مَحْذُوفَةُ اللَّامِ هِيَ حَلْقَةٌ تُجْعَلُ فِي أَنْفِ الْبَعِيرِ تَكُونُ مِنْ صُفْرٍ وَنَحْوِهِ وَالْخِشَاشُ مِنْ خَشَبٍ وَالْخِزَامَةُ مِنْ شَعْرٍ وَالْجَمْعُ
بُرُونَ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَأَبْرَيْتُ الْبَعِيرِ بِالْأَلِفِ جَعَلْتُ لَهُ بُرَّةً وَبَرَيْتُ الْقَلَمَ بَرْيًا مِنْ بَابِ رَمَى فَهُوَ مَبْرِيُّ وَبَرَوْتُهُ لُغَةٌ وَاسْمُ الْفِعْلِ الْبِرَايَةُ بِالْكَسْرِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ فِيهَا تَسَامُحٌ لِأَنَّهُمْ قَالُوا لَا يُسَمَّى قَلَمًا إلَّا بَعْدَ الْبِرَايَةِ وَقَبْلَهَا يُسَمَّى قَصَبَةً فَكَيْفَ يُقَالُ لِلْمَبْرِيِّ بَرَيْتُهُ لَكِنَّهُ سُمِّيَ بِاسْمِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ مَجَازًا مِثْلُ: عَصَرْتُ الْخَمْرَ.

وَبَرِئَ زَيْدٌ مِنْ دَيْنِهِ يَبْرَأُ مَهْمُوزٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ بَرَاءَةً سَقَطَ عَنْهُ طَلَبُهُ فَهُوَ بَرِيءٌ وَبَارِئٌ وَبَرَاءٌ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ وَأَبْرَأْتُهُ مِنْهُ وَبَرَّأْتُهُ مِنْ الْعَيْبِ بِالتَّشْدِيدِ جَعَلْتُهُ بَرِيئًا مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهُ مِثْلُ: سَلِمَ وَزْنًا وَمَعْنًى فَهُوَ بَرِيءٌ أَيْضًا.

وَبَرَأَ اللَّهُ تَعَالَى الْخَلِيقَةَ يَبْرَؤُهَا بِفَتْحَتَيْنِ خَلَقَهَا فَهُوَ الْبَارِئُ وَالْبَرِيَّةُ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ.

وَبَرَأَ مَنْ الْمَرَضِ يَبْرَأُ مِنْ بَابَيْ نَفَعَ وَتَعِبَ وَبَرُؤَ بُرْءًا مِنْ بَابِ قَرُبَ لُغَةٌ.

وَاسْتَبْرَأْتُ الْمَرْأَةَ طَلَبْتُ بَرَاءَتهَا مِنْ الْحَبَلِ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ اسْتَبْرَأْتُ الشَّيْءَ طَلَبْتُ آخِرَهُ لِقَطْعِ الشُّبْهَةِ.

وَاسْتَبْرَأَ مِنْ الْبَوْلِ الْأَصْلُ اسْتَبْرَأَ ذَكَرَهُ مِنْ بَقِيَّةِ بَوْلِهِ بِالنَّتْرِ وَالتَّحْرِيكِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِيهِ شَيْءٌ وَاسْتَبْرَأْتُ مِنْ الْبَوْلِ تَنَزَّهْت عَنْهُ.

وَالْبَرَى مِثْلُ: الْعَصَا التُّرَابُ وَبَارَيْتُهُ عَارَضْتُهُ فَأَتَيْتُ بِمِثْلِ فِعْلِهِ وَالْبَارِيَّةُ الْحَصِيرُ الْخَشِنُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَهِيَ فِي تَقْدِيرِ فَاعُولَةٍ وَفِيهَا لُغَاتٌ إثْبَاتُ الْهَاءِ وَحَذْفُهَا وَالْبَارِيَاءُ عَلَى فَاعِلَاءَ مُخَفَّفٌ مَمْدُودٌ وَهَذِهِ تُؤَنَّثُ فَيُقَالُ هِيَ الْبَارِيَاءُ كَمَا يُقَالُ هِيَ الْبَارِيَةُ بِوُجُودِ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ وَأَمَّا مَعَ حَذْفِ الْعَلَامَةِ فَمُذَكَّرٌ فَيُقَالُ هُوَ الْبَارِي وَقَالَ الْمُطَرِّزِي الْبَارِي الْحَصِيرُ وَيُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ الْبُورِيَاءُ. 
[ب ر ي] بَرَى العُودَ والقَلَمَ والقِدْحَ وغَيْرَها بَرْيًا نَحَتَه وابْتَرَاه كبَرَاه قالَ طَرَفَةُ

(مِنْ خُطوبٍ حَدَثَتْ أَمْثالُها ... تَبْتَرِي عُوَدَ القَوِيِّ المُسْتَمِرْ)

وقد انْبَرَى وسَهْمٌ بَرِيٌّ مَبْرِيٌّ وقِيلَ هو الكامِلُ البَرْيِ والبَرّاءَةُ والمِبْراةُ السِّكِّينُ يُبْرَى بها القَوْسُ عن أَبِي حَنِيفَةَ والبُراءُ النُّحاتَةُ قالَ أبو كَبِيرٍ

(ذَهَبَتْ بشَاشَتُه وأَصْبَحَ واضِحًا ... حَرِقَ المَفارِق كالبُراءِ الأَعْفَرِ) والُرايَةُ كالبُراءِ قالَ ابنُ جِنِّي هَمْزَةُ البُراءِ من الياءِ لقَوْلِهم في تأْنِيثِه البُرايَةُ وقَد كانَ قِياسُه إِذْ كانَ لَهُ مُذكَّرٌ أن يُهْمَزَ في حالِ تأنِيثِه فيُقالُ بُراءَةٌ أَلا تَراهُم لما جاءُوا بواحِدِ العَظَاءِ والعَباءِ عَلَى تذكِيرِه قالُوا عَظَاءَةٌ وعَباءَةٌ فهَمَزُوا لما بَنَوا المُؤَنَّثَ على مُذَكَّرِه وقد جاءَ نَحْوَ البُراءِ والبُرايَةِ غَيْرُ شيءٍ قالوا الشَّقاءُ والشَّقاوَةُ ولم يَقُولُوا الشَّقاءَةُ وقالُوا ناوِيَةٌ بَيِّنَةَ النَّواءِ والنَّوايَة ولم يَقُولوا النَّواءَة وكَذلك الرَّجاءُ والرَّجاوَةُ وفي هَذا ونَحْوِه دَلالةٌ على أَنَّ ضَرْبًا من المُؤَنَّثِ يُرْتَحَلُ غَيْرَ مُحْتَذًى به نَظِيرُه من المُذكَّرِ فجَرَت البُرايَةُ مَجْرَى التَّرْقُوَةِ وما لا نَظِيرَ له من المُذَكَّرِ في لَفْظٍ ولا وَزْنٍ وهُوَ من بُرايَتِهِم أي خُشارَتِهم وناقَةٌ ذاتُ بُرايَةٍ أي شَحْمٍ ولَحْمٍ وقِيلَ ذاتُ بُرايَةٍ أي بَقاءٍ على السَّيْرِ وبَعَيرٌ ذُو بُرايَةٍ أي باقٍ على السَّيْرِ فقَط قالَ اللِّحْيانِيُّ وقالَ بَعْضُهم بُرايَتُهُما بَقِيَّةُ بُدْنِهِما وقُوَّتهما وبَراهُ السَّفَرُ يَبْرِيه بَرْيًا هَزَلَــه عنه أيضا قالَ الأَعْشَى

(بأَدْماءَ حُرْجُوجٍ سَنامَها ... بسَيْرِي عَلَيْها بعدَما كانَ تامِكَا)

والبَرَى التُّرابُ يُقالُ في الدُّعاء على الإنْسانِ بفِيهِ البَرَى كما يُقالُ بفِيه التُّرابُ وفي الدعاء بفِيهِ البَرَى وحُمَّى خَبِيرًا وشَرُّ ما يُرَى فإِنَّه خَيْسَرَى لما يُؤْثِرُونَه من السَّجْعِ وقد تَقَدَّم وبَرَى له بَرْيًا وانْبَرَى عَرَضَ وبارَاهُ عارَضَهُ وتَبَرَّى مَعْرُوفَه وبمَعْرُوفِه اعْتَرَض لَه قال خَوّاتُ بنُ جُبَيْرٍ

(وأَهْلَةِ وُدٍّ قَدْ تَبَرَّيْتُ وُدَّهُم ... وأَبْلَيْتُهُم في الحَمْدِ جُهْدِي ونائِلِي)

والبارِي والبارِياءُ الحَصِيرُ المَنْسُوج وقِيلَ الطَّرِيقُ فارسِيٌّ مُعْرّب وبَرَى اسمُ مَوْضِع قال تأَبَّطَ شَرّا

(ولما سَمِعْتُ العُوص تَرْغُو تَنَفَّرَتْ ... عَصافِيرُ رأْسِي من بَرًى فعَوائِنَا)
بري
برَى يَبرِي، ابْرِ، بَرْيًا، فهو بارٍ، والمفعول مَبْرِيّ وبَرِيّ
• بَرَى القلمَ ونحوَه: سوّى طَرَفَه للكتابة، جعل طرفَه حادًّا ° أعطِ القوسَ باريها [مثل]: دَع الأمرَ إلى صاحبه، فوّضه إلى مَنْ يُحْسِنُه.
• برَى العودَ أو الحجرَ ونحوَهما: نحَته، أخذ منه شيئًا بالاستعمال أو بالحَكّ.
• بَرَى المرضُ أو الجوعُ الشَّخصَ: هَزَلــه وأوهنه وأذهب لحمَه "براه الحُبُّ/ الشَّوقُ/ السَّفر: أسقمه". 

انبرى/ انبرى لـ ينبَري، انْبَرِ، انبِراءً، فهو مُنبرٍ، والمفعول مُنبرًى له
• انبرى القلمُ: مُطاوع برَى: سُوِّي طَرَفُه للكتابة، جُعِلَ طَرفُه حادًّا، نُحِت.
• انبرى العودُ أو الحجرُ ونحوُهما: نُحت، أُخذ منه بالاستعمال أو بالحَكّ.
• انبرى لمُنافِسٍ: تعرّض له يناقشه، وقف في وَجْهه "انبرى عدد من علماء الإسلام للرّد على أعدائه/ للدِّفاع عن وطنهم". 

بارى يباري، بارِ، مُباراةً، فهو مُبارٍ، والمفعول مُبارًى
• بارى الفريقَ الزَّائرَ: (رض) نافسه ودخل معه في مُباراة ° يباري الرِّيحَ: جوادٌ كريم، سريع العَدْو.
• بارى الشَّاعِرَ في قصيدتِه: عارَضه فيها، فعل مثل فعله، ساجَلَه "لم يستطع أن يباريَ طه حسين في أسلوبه"? فلانٌ لا يُبارَى في علمٍ أو خُلُقٍ: لا يدانيه أحدٌ. 

تبارى/ تبارى في يتَبارَى، تَبارَ، تباريًا، فهو مُتبارٍ، والمفعول مُتبارًى فيه
• تبارى الفريقان: تَنافَسا ودَخلا معًا في مُسابَقة، نافس كلّ مُنهما الآخر.
• تبارى الطَّالبُ وصديقُه/ تبارى الطَّالبُ مع صديقه: تنافسا.
• تبارى الشَّاعِران في الأفكار ونحوِها: تَعارَضا، وفعل كلاهما مثل ما يفعل صاحبه. 

انْبِراء [مفرد]: مصدر انبرى/ انبرى لـ. 

بارٍ [مفرد]: اسم فاعل من برَى.
• الباري: تخفيف البارئ، وهو من أسماء الله الحسنى بمعنى الخالِق. 

بُراية [مفرد]: ما تساقط من كُلِّ ما بُرِيَ أو نُحِتَ "بُراية قلم رصاص/ حجرٍ منحوت". 

بَرّايَة [مفرد]: اسم آلة من برَى: أداة لبري الأقلام الرصاص ونحوها "أعدَّ الكاتبُ قلمَه وبرَّايتَه". 

بَرْي [مفرد]: مصدر برَى. 

بِري بِري [مفرد]: (طب) مرض ينشأ عن نقص فيتامين (ب) ويتميّز بالتهاب الأعصاب وضعف القلب. 

بَرِيّ [مفرد]: صفة ثابتة للمفعول من برَى. 

بَرِيَّة [مفرد]: ج بَرِيّات وبَرايا: (انظر: ب ر أ - بَرِيَّة). 

مُباراة [مفرد]: ج مُبارَيات:
1 - مصدر بارى.
2 - (رض) مُنافَسة بين فريقين أو فردَيْن في الرِّياضة البدنيَّة وغيرها وفق قواعد مصطلح عليها "شاهدت مباراة في كرة القدم- استمتعت بمباراة شعريّة" ° مباراة تصفية: مباراة تُجرى
 لاستبعاد المتبارين الأقلِّ مهارةً ممن سواهم- مباراة نهائيّة: مباراة أخيرة وحاسمة تُقام لتحديد الفائز الأوَّل.
• مباراة فرديَّة: مباراة فرديَّة تجري بين خَصْمَيْن في لعبة التِّنِس أو تنس الرِّيشة. 

مِبْرَاة [مفرد]: ج مَبارٍ: اسم آلة من برَى: بَرّايَة، أداة لبري الأقلامِ الرّصَاص ونحوِها "مِبْراة معدنيَّة". 

وول

وول

( {الأَوَّلُ) أَهْمَلَهُ الجَوْهَرِيّ والجَمَاعَةُ هُنا وَذَكَرُوه فِي " وأ ل "، و (هُنَا مَوْضِعُهُ، و) قَد (ذُكِرَ فِي وأل) ، وَحَيْثُ إِنَّهُ وَافَقَهُم فَلاَ مَعْنَى لِلْاسْتِدراك، وَكَأنَّهُ أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُهُم مِنْ أَنَّ أَصْلَهُ وَوَّل قُلِبَتْ الواوُ هَمْزَةً وَهُوَ أَفْعَلُ لِقَوْلِهِم: هَذَا أَوَّلُ مِنْكَ، لكِنَّهُ لاَ فِعْلَ لَهُ إِذْ لَيْسَ لَهُمْ فِعْلٌ فَاؤُهُ وَعَيْنُهُ واوٌ، وَمَا فِي الشّافِيَة أَنَّهُ مِن " وَوَلَ " بَيانٌ لِلْفِعْلِ المُقَدَّرِ، وَقِيْلَ: أَصْلُهُ} وَوَّل عَلَى فَوْعَل وَقِيلَ: أَوْأَل مِنْ أَلّ: إِذا نَجَا؛ وَقِيْلَ: أَأْوَلُ مِنْ آل، وَقِيْلَ: غَيْرُ ذلِكَ. (قَالَ النُّحَاةُ: {أَوائِلُ بِالهَمْز أَصْلُهُ أَواوِلُ لكِنَّه لَمّا اكْتَنَفَتْ الأَلِفَ واوانِ وَوَلِيَت الأَخِيْرَةُ) مِنْهُما (الطَّرَفَ فَضَعُفَتْ وَكَانَتِ الكَلِمَةُ جَمْعاً والجَمْعُ مُسْتَثْقَلٌ قُلِبَتِ الأَخِيْرَةُ) مِنْهُما (هَمْزَةً) ، هَذَا نَصّ الأَزْهَرِيّ فِي التَّهْذِيب. قَالَ: (وَقَدْ يَقْلِبُونَ فَيَقُولونَ} الأَوالِي) ، وَقَدْ مَرَّ البَحْثُ فِيهِ فِي "! وأل " 
[وو ل] الأَوَّلُ المُتَقَدِّمُ وهو نَقيضُ الآخرِ وقولُ أبي ذُؤَيْبٍ

(أَدَانَ وأَنْبَأَهُ الأَوَّلُونَ ... بأنَّ المُدَانَ مَلِيٌّ وَفيُّ)

الأوَّلُونَ الناسُ الأوَّلُونَ والمَشْيَخَةُ يقول قالوا له إن الذي بايعْتَهُ مَلِيٌّ وَفِيٌّ فَاطْمَئِنَّ والأُنْثَى الأُوْلَى ومنه الصَّلاَةُ الأُوْلَى ومَن قالَ صلاةُ الأُولَى فهو من إضافةِ الشيءِ إلى نفسِهِ أو عَلَى أنَّهُ أرادَ صلاةَ الساعةِ الأُوْلَى من الزَّوَالِ وقولُهُ تعالى {تبرج الجاهلية الأولى} الأحزاب 33 قال الزَّجَّاجُ قيل الجاهليَّةُ الأُوْلَى مَنْ كَانَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ إلى زَمَنِ نُوْحٍ وقيل مُنْذُ زَمَنِ نوحٍ إلى زمن إِدْرِيسَ وقيل مُنْذُ زَمَنِ عيسى إلى زَمَنِ النبي صلى الله عليه وسلم أَجْمَعِينَ وهذا أجْوَدُ الأَقْوالِ لأنهم الجاهِليَّةُ المعروفُونَ وهم أوَّلُ من أمَّةِ محمَّد صلى الله عليه وسلم وكانُوا يَتَّخِذُونَ البَغَايا يُغْلِلْنَ لهم وأمَّا قولُ عبيدِ بنِ الأَبْرَصِ

(فاتَّبعْنَا ذاتَ أُولانا الأُوْلَى الْمُوقِدي ... الحربَ ومُوفٍ بالحِبالِ)

فإنه أرادَ الأُوَلَ فَقَلَبَ وأرادَ ومنهم مُوفٍ بالحِبالِ أي العُهودِ فأمَّا ما أَنْشَدَهُ ابنُ جِنِّي من قولِ الأَسْوَدِ بنِ يَعْفُرَ

(فَأَلْحَقتُ أُخْرَاهُم طَرِيقَ أُلاهُمُ ... )

فإنه أرادَ أُولاهُم فَحَذَفَ استِخْفَافًا كما تُحْذَفُ الحَرَكَةُ لذلكَ في قولِه

(وَقَدْ بَدا هَنْكِ مِنَ المِئْزَرِ ... )

ونحوِه وهمُ الأوائلُ أَجْرَوهُ مُجْرَى الأسماءِ قال بعضُ النحويينَ أمَّا قولُهم أوائلُ بالهَمْزِ فأصلُهُ أَوَاوِلُ ولكن لمَّا اكتنفتِ الألِفَ وَاوَانِ وَوَلِيَتِ الآخِرَةُ منهما الطَرَفَ فَضَعُفَتْ وَكَانَتِ الكلمةُ جَمْعًا والجمعُ مُسْتَثْقَلٌ قُلِبَتِ الأخِيرةُ مِنهُمَا همزةً وقَلَبُوهُ فقالُوا الأَوَالِي أنشَدَ يَعْقُوبُ لِذِي الرُّمَّةِ

(تَكَادُ أَوَالِيها تُفَرِّي جُلُودَهَا ... ويَكْتِحِلُ التَّالي بُمورٍ وَحَاصِبِ)

أرادَ أَوَائِلَها والجمعُ الأُوَلُ ولَقِيتُه عامًا أَوَّلَ جَرَى مَجْرَى الاسمِ فجاءَ بغَيْرِ ألِفٍ وَلامٍ وحكى ابنُ الأَعْرابيِّ لَقِيتُه عامَ الأوَّلِ بإضافَةِ العامِ إلى الأوَّلِ ومنه قولُ أبي العارِمِ الكِلابِيِّ يذْكُرُ بَنيِه وامرَأَتَهُ فَأبْكُلُ لهم بَكِيلَةً فَأَكَلُوا ورَمَوا بأنفسِهم فكأنَّما ماتُوا عامَ الأوَّلِ وحكى اللِّحْيانِيُّ أَتَيْتُكَ عامَ الأَوَّلِ والعامَ الأَوَّلَ ومَضَى عامُ الأَوَّلِ على إِضَافةِ الشيءِ إلى نفسه والعامُ الأَوَّلُ وعامٌ أَوَّلٌ مَصْرُوفٌ وعامُ أوَّلَ وهو من إضافةِ الشيءِ إلى نفسِه أيضًا وحَكَى سيْبَوَيهِ ما لَقِيتُهُ مُذْ عامٌ أَوَّلَ نَصَبَهُ على الظَّرْفِ أرادَ مُذْ عامٌ وقعَ أوَّلَ وقولُه

(يا لَيْتَها كانَتْ لأَهْلي إِبِلاً ... )

(أَوْ هُزِلَــتْ في جَدْبِ عامٍ أَوَّلا ... )

يكُونُ على الوَصْفِ وعلى الظَّرْفِ كما قال تعالى {والركب أسفل منكم} الأنفال 42 قالَ سيبَوَيْهِ وإذا قُلتَ عامٌ أوَّلُ فإنما جازَ هذا الكلامُ لأنَّكَ تَعْلَمُ أنكَ تعني العامَ الذي يليهِ عامُك كما أنَّكَ إذا قُلْتَ أوَّلَ من أَمْسِ وبَعْدَ غدٍ فإنما تَعْنِي به الذي يليه أمسِ والذي يليه غَدٌ وأمَّا قولُهم ابدَأْ بهِ أَوَّلُ فإنما يريدون أوَّلَ من كذا ولكنه حُذِفَ لكَثرته في كَلاَمِهم وبُنِيَي على الحَرَكَةِ لأنه من المُتَمَكِّنِ الذي جُعِلَ في موضِعٍ بمنزلةِ غيرِ المُتَمَكِّنِ قال وقالوا ادخُلُوا الأوَّلَ فالأَوَّلَ وهي من المَعَارفِ الموضُوعَةِ موضِعَ الحالِ وهو شاذٌّ والرَّفْعُ جائزٌ على المعنى أي ليَدخُلِ الأوَّلُ فالأوَّلُ وحكى عن الخليلِ ما تَرَكَ لهُ أوَّلاً ولا آخِرًا أي قَدِيمًا ولا حديثاً جعلَهُ اسمًا فنكَّرَ وصَرَّفَ وحكى ثَعْلَبٌ هُنَّ الأَوَّلاتُ دُخُولاً والآخِراتُ خُرُوجًا واحدتُها الأَوَّلةُ والآخِرَةُ ثم قال لَيْسَ هذا أَصْلَ البابِ وإنَّما أصلُ البابِ الأوَّلُ والأُوْلَى كالأَطْوَلِ والطُّوْلَى وحكى اللِّحْيَانِيُّ أمّا أُوْلَى بأُوْلَى فإني أحَمُد اللهَ لم يَزِدْ على ذلِكَ وأَوَّلُ مَعْرِفَةٌ الأَحَدُ في التَّسمِيَةِ الأُوْلَى قال

(أُرَجِّي أنْ أَعِيشَ وإنَّ يَوْمي ... بَأَوَّلَ أَو بأَهْوَنَ أَوْ جُبَارِ)

أَهْوَنُ وجُبَارُ الاثنَانِ والثلاثَاءُ وَقَد تقدَّمَا

سخو

(سخو) سخاوة صَار جوادا كَرِيمًا فَهُوَ سخي (ج) أسخياء وَهِي سخية (ج) سخايا

سخو


سَخَا
سَخَىِ
سَخِي
سَخُوَ(n. ac.
سَخًى سَخَآء []
سَخَاوَة []
سُخُوّ []
سُخُوَّة [] )
a. Was generous, liberal, bountiful, munificent.

تَسَخَّوَتَسَاْخَوَa. see I
سَخَاْو
سَخَاْوَةa. Generosity, liberality, munificence.

سَخِيّ [] (pl.
سُخَوَآء []
أَسْخِيَآء [أَسْخِوَآءُ a. I]), Generous &c.
س خ و

رجل سخيّ وقوم أسخياء، وفيه سخاء، وقد سخا وسخو، وهو يتسخى على أصحابه ويتندى. وأسخيت الجمر تحت القدر وسخيته وسخوته إذا فرجته لتجعل فيه مذهباً للنار.

ومن المجاز: سخيت نفسي وبنفسي عن هذا الأمر إذا تركته ولم تنازعك إليه نفسك. قال الخليل بن أحمد:

سخى بنفسي أني لا أرى أحداً ... يموت هزلــاً ولا يبقى على حال
سخو وسخى
السَّخَاء: الجُودُ، سَخَا يَسْخُو سَخاءً وسَخاوَةً، وسَخِيَ يَسْخى، وقَوْمٌ سُخُوٌّ وِأسْخِياء وسُخَوَاء. وسَخَّيْتُ نفسي وبنَفْسِي عن هذا الشَّيْء: إذا تَرَكْتَه ولم تُنازِعْكَ نفسُك إليه. ويُقال: سَخا بذلك نَفْساً. وسَخا قلبي عليك: أي صَبَرْتُ عنك. وسَخَّيْتُ النارَ وأسْخَيْتُها تَسْخِيَةً: إذا فَرَّجْتَ عن قَلْب المُوْقَدِ لِتَحْضَأَ.
وسَخَوْتُ القِدْرَ وسَخَيْتُها: نَخَّيْتَ الجَمْرَ من تَحْتِها. والسَّخَاءُ: بَقْلَةٌ من نبات الرَّبيع، الواحدة سَخاءَةٌ. والسَّخَاوِيُّ: سَعَةُ المَفازَةِ وشِدَّةُ حَرِّها. والسَّخى - مَقْصُورٌ -: ظَلغٌ يكون من نَعْتِ البَعِير بالحِمْل الثَّقِيل، بَعِيرٌ سَخٍ، وقد سَخِيَ سَخىً. وقيل: هو في الكَتِفَيْن خاصَّةً فيُكْتَفُ منه البعيرُ. وبَعِيرٌ سَخِيٌ - على فَعِيلٍ -، وإبلٌ سَخايا وسَخاوى. وسَخْوٌ من كلامٍ: شَيْءٌ منه.
سخو
سخا/ سخا بـ يَسخُو، اسْْخُ، سَخاءً، فهو ساخٍ، والمفعول مَسْخوٌّ به
• سخا الشَّخصُ: صار جوادًا كريمًا "هو حليف السَّخاء".
• سخا بالشَّيءِ: جادَ به "سَخا بماله للمحتاجين والفقراء- من ليس يسخو بما تسخو الحياة بهِ ... فإنّه أحمق بالحرص ينتحِرُ". 

سخُوَ يَسخُو، اسْخُ، سَخاوَةً، فهو سَخِيّ
• سخُو الشَّخصُ: سخا، صار جوادًا كريمًا. 

سَخاء [مفرد]: مصدر سخا/ سخا بـ. 

سَخاوَة [مفرد]: مصدر سخُوَ. 

سَخِيّ [مفرد]:
1 - صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من سخُوَ.
2 - جواد، كريم، معطاء "هو سَخِيّ مع أصدقائه- السَّخِيُّ قَرِيبٌ مِنَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْجَنَّةِ قَرِيبٌ مِنَ النَّاسِ [حديث] ". 
سخو
: (ى (} السَّخِيُّ) ، كغَنِيَ: (الجَوادُ) الكَرِيمُ، (ج {أَسْخِياءُ} وسُخَواءُ) ، كنَصِيبٍ وأَنْصباءٍ وكَرِيم وكُرَماءُ.
(وَهِي {سَخِيَّةٌ، ج} سَخِيَّاتٌ {وسَخايا.
(و) قد (} سَخَى) الرَّجُلُ، (كسَعَى ودَعَا وسَرُوَ ورَضِيَ) ؛ لُغاتٌ أَرْبعَةٌ؛ {يَسْخَى} ويَسْخُو ( {سَخاءً) ، بالمدِّ، هُوَ مَصْدَرُ} يَسْخَى {ويَسْخُو مِن حَدِّ سَعَى ودَعَا، (} وسَخًى) ، مَقْصورٌ، ( {وسُخُوَّةً) ، بالضمِّ والتَّشْديدِ، وهُما مَصْدَرا} سَخِيَ كرَضِيَ، ( {وسُخُوّاً) ، كعُلُوَ مَصْدَر} سَخُوَ ككَرُمَ أَي جَادَ وتَكَرَّمَ، وقيلَ: {سَخا} يَسْخُو {سخاءً، بالمدِّ،} وسُخُوّاً، كعُلُوَ؛ {وسَخَا} سَخاءً، بالمدِّ، {وسُخُوَّةً، هَكَذَا فِي المُحْكَم.
واقْتَصَر صاحِبُ المِصْباحِ على الثلاثَةِ الأَواخِرِ، وأَجْرَى الصِّفات على أَفْعالِها فقالَ:} سَخَتْ نَفْسه، مِن بابِ دَعا، فَهُوَ {ساخٍ كدَاعٍ،} وسَخِيَ، من بابِ رَضِيَ، فَهُوَ {سَخٍ، كشَجٍ مَنْقوصٌ،} وسَخُوَ، ككَرُمَ، فَهُوَ {سَخِيٌّ، كغَنِيَ، لأنَّ فَعِيلاً مِن صفَاتِ فَعُلَ، ككَرِيمٍ من كَرُمَ، وذَكَرَ مِن مَصادِرِ هَذِه الأَخيرَةِ} سَخاوَةً، وَهُوَ على القِياسِ.
وذَكَرَه الجوهريُّ أَيْضاً فقالَ: {سَخُوَ الرَّجُلُ} يَسْخُو! سَخاوَةً، أَي صارَ سَخِيّاً، واقْتَصَرَ الجوهريُّ على هَذِه الثَّلاثَةِ أَيْضاً، فقالَ: {سَخا} يَسْخُو {وسَخِيَ} يَسْخَى مِثْله {وسَخُوَ} يَسْخُو، وأَنْشَدَ لعمْرو بنِ كُلْثوم:
إِذا مَا الماءُ خالَطَها {سَخِينا أَي جُدْنا بأَمْوالِنا، وقَوْلُ مَنْ قالَ:} سَخِينا، مِنَ {السُّخُونَةِ، نَصْبٌ على الحالِ، فليسَ بشيءٍ.
قُلْتُ: الأَوَّل قَوْلُ أَبي عَمْروٍ؛ وَالثَّانِي قَوْلُ الأَصْمعيّ.
وقالَ ابنُ بَرِّي عَن ابنِ القطَّاع: الصَّوابُ مَا أَنْكَرَه الجَوهرِيُّ.
وقالَ الصَّفدي فِي حاشِيَةِ الصِّحاحِ: قد أَشْبَعْت القَوْل فِيهِ فِي كتابي على النواهد على مَا فِي الصِّحاحِ مِنَ الشَّواهِدِ.
وَبِمَا ذَكَرْنا لكَ أنَّ سِياقَ المصنِّفِ مُشَوّشٌ غَيْر محيطٍ والمُسْتَمدُّ مِنْهُ لَا يَخْلو عَن تَخْبيطٍ.
(} وتَسَخَّى) الرَّجُلُ على أَصْحابِهِ: (تَكَلَّفَهُ) ، أَي {السَّخاء، نقلَهُ الجوْهرِيُّ.
(} وسَخا النَّارَ، كدَعا وسَعَى) ؛ هَكَذَا فِي النسخِ، واقْتَصَرَ الجوهرِيُّ على {سَخا كدَعا ورَضِيَ، وأمَّا كسَعَى فَهِيَ لُغَةٌ ثالِثَةٌ نقلَهَا الصَّاغانيُّ، وَبِهَذَا ظَهَرَ قُصُورُ المصنِّفِ؛ (} سَخْواً {وسَخْياً) ، فِيهِ لَفٌّ ونَشْرٌ مُرتَّبٌ.
قالَ الجوهريُّ:} سَخَوْتُ النارَ {أَسْخُو سَخْواً، وَفِيه لُغَةٌ أُخْرَى حَكَاهُما جَمِيعاً أَبو عَمْرو: سَخِيت النارَ} أَسْخاها {سَخْياً، مثْل لَبِثْتُ أَلْبَثُ لَبْثاً: (جَعَلَ لَهَا مَذْهباً تَحْتَ القِدْرِ) ؛ كَذَا فِي المُحْكَم.
وَفِي الصِّحاحِ والتَّهْذِيبِ: إِذا أَوْقد فاجْتمَعَ الجَمْرُ والرَّمادُ ففَرَّجَه، ثمَّ قالَ: ويقالُ} اسْخَ نارَكَ، أَي اجعَلْ لَهَا مَكَانا تُوقَدُ عَلَيْهِ؛ وأَنْشَدَ للمرَّارِ بنِ مُنْقذٍ يَهْجُو عبدَ اللَّهِ بن الزُّبَيْر يَذْكُر أَنَّ بِهِ نَهَماً وحِرْصاً على الطَّعامِ إِذا رَأَى العَجينَ يُلْقَى فِي النارِ ليَنْضُجَ صاحَ كصِياحِ الفَصِيلِ إِذا رَأَى العَلَف، فقالَ:
ويُرْزِم أَنْ يَرَى المَعْجُونَ يُلْقَى
{بسَخْيِ النارِ إرْزامَ الفِصِيل أَي} بمَسْخى النَّارِ فوضَعَ المَصْدرَ موضِعَ الاسْم؛ ويُرْوَى: {بسَخْو النارِ.
(و) } سَخا (القِدْرَ) {يَسْخُوها} سَخْواً: (جَعَلَ للنَّارِ تَحْتَها مَذْهَباً) ؛ نقلَهُ ابنُ سِيدَه، قالَ: وأَيْضاً نَحَّى الجَمْرَ من تَحْتِها.
(و) {سَخا (فلانٌ) } يَسْخُو {سَخْواً: (سَكَنَ من حَرَكتِهِ) ، عَن ابنِ سيدَه.
(} والسَّخاءَةُ) ، بالمدِّ: (بَقْلَةٌ) لَهَا ساقٌ كهَيْئةِ السُّنْبُلَةِ؛ يأْتي بَيانُها فِي صخي؛ (ج {سَخاءٌ) بحذْفِ الهاءِ.
(} وسَخِيَ البَعِيرُ، كرَضِيَ) ، {يُسْخَى (} سَخًى) ، مَقْصور، (فَهُوَ {سَخٍ) ، مثْلُ عَمٍ، حَكَاه يَعقوب كَمَا فِي الصِّحاحِ؛ (} وسَخِيٌّ) ، وَهَذَا نقلَهُ الصَّاغانيُّ وَهُوَ على خِلافِ القِياسِ، لأنَّ فَعِيلاً مِن صِفاتِ فَعُلَ بضمِّ العَيْن، وَلذَا اقْتَصَرَ الجوهريُّ على {سَخِ؛ (أَصَابَهُ ظَلَعٌ) .
قالَ الجوهرِيُّ:} السَّخَى، بالقَصْر: ظَلَعٌ يصيبُ البَعيرَ أَو الفَصِيلَ بأَنْ يَثِبَ بالحِمْلِ الثَّقِيلِ فتَعْترِضَ الرِّيحُ بينَ الجِلْد والكَتِفِ.
( {والسَّخاوِيَةُ: اللَّيِّنَةُ) التُّرابِ (والواسِعَةُ مِن الأرضِ) .
وَفِي الصَّحاحِ: أَرْضٌ سَخاوِيَّةٌ لَيِّنَةُ التُّرابِ، وَهِي مَنْسوبَةٌ، ومَكانٌ} سَخاوِيُّ، وبخطِّ أبي زَكرِيِّا: وَهِي مُسْتويَةٌ؛ (ج سَخاوِيّ) .
وقالَ أَبو عَمْرو:! السَّخاوِيُّ مِن الأرضِ الَّتِي لَا شيءَ فِيهَا، وَهِي سَخاوِيَّةٌ؛ وأَنْشَدَ للجَعْدِي:
سَخاوِيُّ يَطْفُو آلُها ثمَّ يَرْسُبُ وقالَ الأصْمعيُّ: السَّخاوِيُّ الأَرْضُ؛ وَهَكَذَا هُوَ نَصُّ أَبي عبيدٍ أَيْضاً، والصَّوابُ الأَرَضون؛ وأَنْشَدَ الأصْمعيُّ:
أَتاني وعِيدٌ والتَّنائِفُ بينَنا
{سَخاوِيُّها والغائِطُ المُتَصوِّب ُقيلَ:} سَخاوِيُّها سعَتُها.
( {كالسَّخْواءِ) ، وَهِي الواسِعَةُ السَّهْلَةُ، (ج} سَخاوَى {وسَخاوِي) ، كصَحارَى وصَحارِي؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ.
(} وسَخَى) ، مَقْصور: (كُورَةٌ بمِصْرَ) مِن أَعْمالِ الغربيَّةِ تَتْبَعَها قُرىً وكفور.
وقالَ نَصْر: مدينَةٌ مِن صعِيدِ مِصْرَ قَرِيبةٌ مِن الاسْكَنْدرِيَّة.
قُلْتُ: وهذ غَلَطٌ، والصَّوابُ أَسْفَل مِصْر.
ثمَّ قالَ: مِن فتوحِ خارجَةَ بنِ حذافَةَ، ولاَّه عَمْرُو بنُ العاصِ أَيَّام عُمَرَ، رضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا؛ (مِنْهَا) : الإِمامُ عَلَم الدِّيْن أَبو الحَسَنِ عليُّ بنُ محمدِ بنِ عبدِ الصَّمَد المِصْريُّ {السَّخاوِيُّ النَّحويُّ (المُقْرِىءُ المَشْهورُ) ، أَخَذَ القِراءَة عَن الشاطِبيّ ثمَّ انتَقَلَ إِلَى دِمَشْقَ، وَكَانَ للنَّاس فِيهِ اعْتِقادٌ عَظِيمٌ، تُوفي بهَا سَنَة 643 عَن تِسْعِين سَنَةٍ؛ قالَهُ ابنُ خَلِّكان.
والقياسُ فِي النِّسْبَةِ إِلَى} سَخَى {سَخَويٌّ، ولكنَّ الناسَ أَطْبقُوا على} سَخاوِيّ بالألِفِ؛ قالَهُ التقيُّ الشمني.
قالَ شيْخُنا: وَهُوَ، أَي العَلَم السَّخاويّ، أَوَّل مَنْ شَرَحَ الشاطبية، وَله شَرْح المُفَصّل للزَّمَخْشريّ، وسفر السَّعادَةِ وَغَيرهَا.
(وآخَرُونَ) ، فَمن المُتَقدِّمِين: زيادُ بنُ المعلَّى {السَّخويّ، تُوفي بهَا سَنَة 255؛ ذَكَرَه ابنُ يونُسَ فِي تارِيخِ مِصْر؛ ومِن المُتَأَخِّرين: الحافِظُ شمسُ الدِّيْن أَبو الخَيْر محمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ ابنِ محمدِ بنِ أَبي بكْرٍ} السّخاويُّ الشافِعِيُّ المَعْروفُ بابنِ الْبَارِد، ولدَ سَنَة 831، ومَسْموعاته ومَرْوِيَّاته وشيوخه فِي كَثْرةٍ، وَقد تَرْجَمَ نَفْسَه فِي كِتَابه الضَّوْء اللاَّمِع، وأَلَّفَ وأَجَادَ، وَهُوَ أَحَدُ مَنْ انْتَفَعْت بمُوءَلَّفاتِهٍ، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى وجَزاهُ عَن المُسْلمين خَيْراً، تُوفي بالمدينَةِ سنة 902 عَن إحْدى وثَمانِينَ سَنَة.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
{سَخَّى نَفْسَه عَنهُ،} وسَخَّى بنَفْسِه: تَرَكَه.
وإنَّه {لسخِيُّ النَّفْسِ عَنهُ.
} وسَخى القِدْرَ سَخْواً: نَحَّى الجَمْرَ من تَحْتِها.
{وسَخَى النَّارَ وضخاها: فَتَحَ عَيْنَها، وقيلَ: جَرَفَ جَمْرَها، والحاءُ لُغَةٌ فِيهِ، وَقد تقدَّمَ.
} ومَسْخَى النارِ: محلُّ سَخْيها، وَهُوَ المَوْضِعُ الَّذِي يُوسَّعُ تَحْتَ القِدْرِ ليتمكَّنَ مِن الوقودِ؛ وقيلَ: {السَّخاءُ بمعْنَى الجُودِ مَأْخوذٌ مِنْهُ، لأنَّ الصَّدْرَ يَتَّسِعُ للعطية.

ذَبَّ

ذَبَّ عنه: دَفَع، زمَنَعَ،
وـ فُلانٌ: اخْتَلَفَ فلم يَسْتَقِمْ في مكانٍ،
وـ الغَديرُ: جَفَّ في آخِرِ الحَرِّ،
وـ شَفَتُهُ تَذِبُّ ذَبَّاً وذَبَباً، مُحَرَّكَةً،
وذُبُوباً: جَفَّتْ عَطَشاً أو لغيرِهِ، كذَبَّبَ،
وـ جِسْمُهُ: هُزلَ،
وـ النَّبْتُ: ذَوَى،
وـ النهارُ: لم يَبْقَ منه إلاَّ بَقِيَّة،
وـ فُلانٌ: شَحَبَ لوْنُهُ.
وذَبَّبْنا لَيْلَتَنَا تَذْبيباً: أتْعَبْنَا في السَّيْرِ.
وراكِبٌ مُذَبِّبٌ، كَمُحَدِّثٍ: عَجِلٌ مُنْفَرِدٌ.
وظِمْءٌ مُذَبِّبٌ: طويلٌ، يُسارُ إلى الماءِ مِنْ بُعْدٍ فَيُعْجَلُ بالسَّيْرِ.
وبَعيرٌ ذابٌّ: لا يَتَقارُّ في مكانٍ.
ورجلٌ مِذَبٌّ، بالكسر، وكَشَدَّادٍ: دَفَّاعٌ عنِ الحَرِيمِ.
والذَّبُّ: الثَّوْرُ الوَحْشِيُّ، ويقالُ له:
ذّبُّ الرِّيادِ، والأَذَبُّ والذُّنْبُبُ، كَقُنْفُذٍ أيضاً.
وشَفَةٌ ذَبَّابَةٌ، كَرَيَّانَةٍ: ذَابِلَةٌ.
والذُّبابُ: م، والنَّحْلُ، الواحدةُ بِهاءٍ، ج: أذِبَّةٌ وذِبَّانٌ، بالكسرِ، وذُبُّ، بالضم.
وأرضٌ مَذَبَّةٌ ومَذْبُوبَةٌ: كَثِيرَتُهُ.
والمِذَبَّةُ، (بالكسرِ) : ما يُذَبُّ به.
والذُّبابُ أيضاً: نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ في جَوْفِ حَدَقَةِ الفَرَسِ،
وـ منَ السَّيْفِ: حَدُّهُ، أو طَرَفُهُ المُتَطَرّفُ،
وـ منَ الأُذُنِ: ما حَدَّ من طَرَفِهَا،
وـ منَ الحِنَّاءِ: بادِرَةُ نَوْرِهِ،
وـ منَ العَيْنِ: إنْسانُها، والجُنُونُ، ذُبَّ، بالضم، فهو مَذْبُوبٌ، والشُّؤْمُ، وجَبَلٌ بالمَدِينةِ، والشَّرُّ.
ورجُلٌ ذَبُّ الرِّيادِ: زَوَّارٌ لِلنّساءِ.
والأَذَبُّ: الطويلُ،
وـ منَ البَعيرِ: نابُهُ.
والذَّبِّيُّ: الجِلْوازُ.
والذَّبْذَبَةُ: تَرَدُّدُ الشيءِ المُعَلَّقِ في الهَواءِ، وحِمايَةُ الجِوارِ والأَهْلِ، وإيذاءُ الخَلْقِ، والتحريكُ، واللِّسانُ، والذَّكَرُ،
كالذَّبْذَبِ والذَّباذِبِ، وليس بِجَمْعٍ، والخُصْيَةُ، وأشياءُ تُعَلَّقُ بالهَوْدَجِ للِزّينةِ.
والذُّبابَةُ، كَثُمامَةٍ: البَقِيَّةُ مِنَ الدَّيْنِ،
وع بأَجَأٍ،
وع بِعَدَنِ أبْيَنَ.
ورجُلٌ مُذَبْذِبٌ، ويُفْتَحُ: مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أمْرَيْنِ.
وذَبْذَبٌ: رَكِيَّةٌ. وسَمَّوْا: ذُباباً، كَغُرَابٍ وشَدَّادٍ.

عَثْلَبٌ

عَثْلَبٌ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفتح اللام، وآخره باء موحدة: اسم ماء لغطفان، قال الشمّاخ:
وصدّت صدودا عن شريعة عثلب، ... ولا بني عياذ في الصدور جواسر
يقال: عثلبت جدار الحوض وغيره إذا كسرته وهدمته، وعثلبت زندا: أخذته لا أدري أيوري أم لا.
عَثْلَبٌ، كَجَعْفَرٍ: ماءٌ.
وعَثْلَبَ زَنْدَه: أخَذه من شَجَرٍ لاَ يَدْرِي أيُورِي أمْ لا،
وـ الطعامَ: رَمَّدَه في الرَّمادِ، أو طَحَنَه فَجَشَّه لضَرورةٍ عَرَضَتْ،
وـ الماءَ: جَرَعَه شديداً.
وأمْرٌ مُعَثْلِبٌ، بالكسر: غير مُحْكَمٍ.
ونُؤْيٌ مُعَثْلِب: مهْدُومٌ.
وشيخٌ مُعَثْلِبٌ: أدْبَرَ كِبَراً.
وتَعَثْلَبَ: ساءَتْ حالُه، وهُزِلَ.
والعَثْلَبَةُ: البَحْثَرَةُ.

مسى

مس

ى2 مَسَّاهُ بِكَذَا He came to him in the evening with such a thing. (TA, voce صَبَّحَ.) 4 أَمْسَى He entered upon the مَسَآء. (Msb.) b2: أَمْسَى as syn. with صَارَ: see an ex. voce نَشَطَ, in a verse of Himyán, and another voce عَسَى.

أَنَيْتُهُ لِمُسْىِ خَامِسَةٍ : see صُبْحٌ.

مَسَآءٌ Afternoon, counted from noon to sunset: (Az, IKoot, Mgh, Msb, TA:) or, accord. to some, to midnight: (TA:) contr. of صَبَاح: (S, K, Msb, &c.:) and evening, after sunset. (Mgh.) b2: أَتَيْتُهُ ذَا مَسَآءٍ [I came to him in the evening]. (IAar, TA, art. صبح.) See صَبَاحٌ. b3: أَتَيْتُةُ صَبَاحًا مَسَآءً: see صَبَاحٌ.

أَمْسِيَّةٌ : see أُصْبُوحَة.

مَمْسًى a name for the مَسَآء; and the time thereof; and the place thereof; like as مَصْبَحٌ is a name for the صَبَاح; and the time thereof; and the place thereof. (Marg. note in a copy of the S, in art. صبح.) مُسْتَمْسَكٌ A place, or thing, to lay hold of: see مَعَضٌّ.
(مسى) فلَان مسا وَفُلَانًا قَالَ لَهُ كَيفَ أمسيت أَو مساك الله بِالْخَيرِ
(مسى) فلَان مسيا سَاءَ خلقه بعد حسن وَصَارَ لَا يسمع إِلَى نصيحة غَيره وَلَا يقبل رَأْيه وَالشَّيْء مَسحه بِيَدِهِ وَيُقَال مسى الضَّرع مَسحه ليدر وَالسير رفق فِيهِ وَالْحر الْمَاشِيَة هزلــها وَالسيف وَغَيره استله
[مسى] ن: فيه: إلى مسى الثالثة، بضم ميم أرجح من كسرها. ك: "المساء": من الزوال إلى الغروب. ط: "أمسينا" و"أمسى" الملك، أي دخلنا في المساء وصرنا نحن وجميع الملك وجميع الحمد لله أي عرفنا ذلك فالتجأنا إليه وخصصناه بالعبادة وطلبنا الاستمرار منه واستعذنا مما يمنعه مما يكون في الليل والنهار قائلًا: أسألك من خير هذه الليلة، أي خير ما ينشأ فيها.
باب مش
مسى
المَسْيُ: لُغَة في المَسْوِ؛ وقد ذُكِرَ. وكذلك الامْتِسَاءُ. والمُسْيُ من المَسَاءِ: كالصُّبْحِ من الصبَاح. والمُمْسى: كالمُصْبَحِ. ومَسَّيْتُ فُلاناً: قُلْت له كَيْفَ أمْسَيْتَ. ومَسَّيْنا وأمْسَيْنا. وأتَيْتُه أُمْسِيةَ كُلِّ يَوْمٍ: أي مَسَاءه. وأتَانا لِمُسْيِ خامِسَةٍ ومِسْيِ خامِسَةٍ ومُسْيَ أمْسِ ومَسَاءَ أمْسِ. والتَمَاسي: الدَّوَاهي، لَقِيْتُ منه التَّمَاسِيَ: أي الدوَاهي.
والمَسْي: الخَدِيْعَةُ، يُقال: مَسَاهُ يَمْسِيْه. وامْتَسَى الرجُلُ: إذا عَطِشَ وأحْرَقَ أجْوَافَه العَطَشُ. ومَسَاهُ الحَرُّ يَمْسِيْه مَسْياً. 
ومَسَى اللهُ في بَطْنِ فُلانٍ بمَرَضٍ: أي أصَابَه به. وهو يَتَمَسّى ويَتَمَاسى: أي يَنْقَطِعُ. وامْتَسَيْتُ ما عِنْدَه: أخَذْته كله. ومَسَّيْت الشيء من الشَّيْءِ: اسْتَلَلْتُه وانْتَزَعْتُه. وامْسِ هذا المَتَاعَ. ومَسَيْتُ السيْرَ: أي رَفَقْتُ فيه.

الاقتباس

الاقتباس: أصله طلب القبس وهو الشعلة، ثم استعير لطلب العلم والهداية، ومنه {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} . وهو عرفا تضمين الكلام نثرا أو نظما شيئا من قرآن أو حديث لا على أنه منه.
الاقتباس: فِي اللُّغَة (نور جيدن) . وَفِي البديع هُوَ أَن يضمن الْكَلَام نظما أَو نثرا شَيْئا من الْقُرْآن أَو الحَدِيث لَا على طَريقَة أَن ذَلِك الشَّيْء من الْقُرْآن أَو الحَدِيث يَعْنِي على وَجه لَا يكون فِيهِ إِشْعَار بِأَنَّهُ مِنْهُ كَمَا يُقَال فِي أثْنَاء الْكَلَام قَالَ الله تَعَالَى كَذَا وَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَذَا وَنَحْو ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يكون اقتباسا كَقَوْل ابْن شَمْعُون فِي وعظه يَا قوم اصْبِرُوا عَن الْمُحرمَات. وَصَابِرُوا على المفترضات. وَرَابطُوا بالمراقبات. وَاتَّقوا الله فِي الخلوات. يرفع لكم الدَّرَجَات. وكقول الحريري قُلْنَا شَاهَت الْوُجُوه وقبح وَهُوَ لفظ الحَدِيث على مَا رُوِيَ أَنه لما اشْتَدَّ الْحَرْب يَوْم حنين أَخذ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كفا من الْحَصْبَاء فَرمى بِهِ وُجُوه الْمُشْركين وَقَالَ علية الصَّلَاة وَالسَّلَام شَاهَت الْوُجُوه وقبح أَي قبحت الْوُجُوه. وقبح على الْمَبْنِيّ على للْمَفْعُول أَي لعن من قبحه الله بِفَتْح الْعين أَي أبعده عَن الْخَيْر. والاقتباس على ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا مَا لم ينْقل فِيهِ المقتبس عَن مَعْنَاهُ الْأَصْلِيّوَالثَّانِي خِلَافه مِثَال الأول مَا تقدم وَمِثَال الثَّانِي كَقَوْل ابْن الرُّومِي:
(لَئِن أَخْطَأت فِي مدحك مَا أَخْطَأت فِي منعي ... لقد أنزلت حاجاتي بواد غير ذِي زرع)

مقتبس من قَوْله تَعَالَى {رب إِنِّي أسكنت من ذريتي بواد غير ذِي زرع عِنْد بَيْتك الْمحرم} لَكِن مَعْنَاهُ فِي الْقُرْآن وَاد لَا مَاء فِيهِ وَلَا نَبَات. وَقد نَقله ابْن الرُّومِي إِلَى جناب لَا خير فِيهِ وَلَا نفع (يَعْنِي درمدح توخطا نكرده ام اكربر تقديريكه خطا كرده ام ليكن توخطا نخواهي كرد در منع من ازحاجت زيرا كه آورده ام حاجت خود را در جنابى كه خير ونفع نداره) .
الاقتباس:
[في الانكليزية] Quotation from the Koran and hadith
[ في الفرنسية] Citation du Coran ou de hadith
بالباء الموحدة هو عند البلغاء أن يضمن الكلام نثرا كان أو نظما شيئا من القرآن أو الحديث لا على أنه منه، أي على وجه لا يكون فيه إشعار بأنه من القرآن أو الحديث وهذا احتراز عمّا يقال في أثناء الكلام قال الله تعالى كذا أو قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم كذا، وفي الحديث كذا. ونحو ذلك. وهو ضربان: أحدهما ما لم ينقل فيه المقتبس عن معناه الأصلي، فمن المنثور قول الحريري:
فلم يكن إلّا كلمح البصر وهو أقرب. ومن المنظوم قول الآخر:
إن كنت أزمعت على هجرنا من غير ما جرم فصبر جميل وإن تبدّلت بنا غيرنا فحسبنا الله ونعم الوكيل والثاني ما نقل فيه المقتبس عن معناه الأصلي كقول ابن الرومي:
لئن أخطأت في مدحك ما أخطأت في منعي لقد أنزلت حاجاتي بواد غير ذي زرع أراد بقوله بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ جنابا لا خير فيه ولا نفع، وأريد في القرآن بذلك مكّة إذ لا ماء فيه ولا نبات؛ ولا بأس في اللفظ المقتبس أن يقع تغيير يسير للوزن أو غيره كالتقفية كقول البعض:
قد كان ما خفت أن يكونا إنا إلى الله راجعونا وفي القرآن إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ.
كذا في المطول.
قال في الإتقان في نوع آداب تلاوة القرآن: قد اشتهر عن المالكية تحريم الاقتباس وتشديد النكير على فاعله. وأما أهل مذهبنا فلم يتعرض له المتقدمون ولا أكثر المتأخرين مع شيوع الاقتباس في أعصارهم واستعمال الشعراء له قديما وحديثا. وقد تعرض له جماعة من المتأخرين، فسئل عنه الشيخ عز الدين بن عبد السلام فأجازه، واستدل بما ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم من قوله في الصلاة وغيرها وجهت وجهي إلى آخره، وقوله: «اللهم فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا اقض عني ديني وأغنني من الفقر».
وهذا كله إنما يدل على جوازه في مقام المواعظ والثناء والدعاء وفي النثر ولا دلالة فيه على جوازه في الشعر وبينهما فرق لأن القاضي أبا بكر من المالكية صرح بأن تضمينه في الشعر مكروه وفي النثر جائز. وقال الشرف إسماعيل بن المقري اليمني صاحب مختصر الروضة في شرح بديعية: ما كان منه في الخطب والمواعظ ومدحه صلى الله عليه وآله وسلم وصحبه ولو في النظم فهو مقبول وغيره مردود.

وفي شرح بديعية ابن حجة: الاقتباس ثلاثة أقسام: مقبول وهو ما كان في الخطب والمواعظ والعهود. ومباح وهو ما كان في الغزل والرسائل والقصص. ومردود وهو على ضربين: أحدهما ما نسبه الله تعالى إلى نفسه ونعوذ بالله ممن ينقله إلى نفسه، كما نقل عن أحد بني مروان وأنه وقع على مطالعة فيها شكاية عماله إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم. والثاني تضمين آية في معنى هزل ونعوذ بالله من ذلك كقوله:
أوحى إلى عشاقه طرفه هيهات هيهات لما توعدون وردفه ينطق من خلفه لمثل هذا فليعمل العاملون انتهى.
قال قلت وهذا التقسيم حسن جدا.

ويقرب من الاقتباس شيئان: أحدهما قراءة القرآن يراد بها الكلام. قال النووي: في هذا إختلاف، فروي عن النخعي أنه كان يكره أن يتأوّل القرآن بشيء يعرض من أمر الدنيا.
وأخرج عن عمر بن الخطاب أنه قرأ في صلاة المغرب بمكة والتين والزيتون وطور سينين ثم رفع صوته، وقال: هذا البلد الأمين. وقال بعضهم: يكره ضرب الأمثال من القرآن صرّح به من أصحابنا العماد النتهي تلميذ البغوي.
الثاني التوجيه بالألفاظ القرآنية في الشعر وغيره وهو جائز بلا شك. قال الزركشي في البرهان:
لا يجوز تعدي أمثلة القرآن ولذلك أنكر على الحريري قوله فأدخلني بيتا أحرج من التابوت وأوهن من بيت العنكبوت انتهى.

بيع التلجئة

بيع التلجئة: البيع الذي يباشره المرء عن ضرورة ويصير كالمكره عليه.
بيع التلجئة: هو العقد الذي يباشره إنسان عن ضرورة ويصير كالمدفوع إليه، صورته: أن يقول الرجلُ لغيره أبيع داري منك بكذا في الظاهر ولا يكون بيعاً في الحقيقة ويُشهد على ذلك وهو نوعٌ من الــهزل.

ماش

(ماش)
كرمه موشا طلب مَا بَقِي فِيهِ بعد القطف
ماش: ماش (عامية): في م. المحيط (كلمة تستعملها العامة للنفي يقولون لمن قال ماذا معكم ماش. أي لا شيء معنا).
(ماش)
الشَّيْء بالشَّيْء مِيشَا خلطه يُقَال ماش اللَّبن الحلو بالحامض أَو الصُّوف بالوبر أَو الْجد بِالْــهَزْلِ أَو الْكَذِب بِالصّدقِ وَالْخَبَر أخبر بِبَعْضِه وكتم بعضه

علم المعاني

علم المعاني: علم يعرف به المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة.
علم المعاني
سبق في حرف الباء في علم البيان قال في مدينة العلوم:
هو تتبع خواص تراكيب الكلام ومعرفة تفاوت المقامات حتى يمكن من الاحتراز عن الخطأ في تطبيق الأولى على الثانية وذلك لأن للتراكيب خواص مناسبة لها يعرفها الأدباء إما بسيلقتهم أو بممارسة علم البلاغة وتلك الخواص بعضها ذوقية وبعضها استحسانية وبعضها توابع ولوزام المعاني الأصلية لكن لزوما معتبرا في عرف البلغاء وإلا لما اختص فهمها بصاحب الفطرة السليمة وكذا مقامات الكلام متفاوتة كمقام الشكر والشكاية والتهنية والتعزية والجد والــهزل وغير ذلك من المقامات وكيفية تطبيق الخواص على المقامات تستفاد من علم المعاني ومداره على الاستحسانات العرفية.
وموضوعه: التراكيب الخبرية والطلبية من حيث تطبيق خواصها على مقتضى الحال.
ومسائله: القواعد التي يتعرف منها أن أي مقام يقتضي أي خاصة من الخواص ومباديه المسائل النحوية واللغوية.
وبالجملة المسائل الأدبية كلها ودلائله استقراء تراكيب البلغاء.
والغرض منه: تطبيق الكلام على مقتضى الحال.
وغايته: الاقتدار على التطبيق المذكور وتمام تفصيل هذا المقام لا يسعه نطاق الكلام.
وأما الكتب المصنفة في علم المعاني فلما لم يفرز عن البيان والبديع ذكرناها هناك ولابن الهيثم الجزي كتاب في علم المعاني انتهى.
قال في كشاف اصطلاحات الفنون: علم المعاني: علم تعرف به أحوال اللفظ العربي التي يطابق بها اللفظ لمتقضى الحال هكذا ذكر الخطيب في التلخيص.
والمراد بأحوال اللفظ الأمور العارضة المتغيرة كما يقتضيه لفظ الحال من التقديم والتأخير والتعريف والتنكير وغير ذلك وأحوال الإسناد أيضا من أحوال اللفظ باعتبار أن كون الجملة مؤكدة أو غير مؤكدة اعتبار راجع إليها.
وموضوعه العلم ليس مطلق اللفظ العربي كما توهمه العبارة بل الكلام من حيث أنه يفيد زوائد المعاني فلو قال: أحوال الكلام العربي لكان أوفق وعرف صاحب المفتاح المعاني بأن تتبع خواص تراكيب الكلام في الإفادة وما يتصل بها من الاستحسان وغيره ليحترز بالوقف عليها عن الخطأ في تطبيق ما يقتضي الحال ذكره والتعريف الأول أخصر وأوضح كما لا يخفى وأيضا التعريف بالتتبع تعريف بالمبائن إذا لنتتبع ليس بعلم ولا صادق عليه وإن شئت التوضيح فارجع إلى المطول والأطول انتهى حاصله.

الغضب

الغضب: ثوران دم القلب وإرادةُ الانتقام قاله الراغب. وقال السيد: "تغير يحصل عند غليان دم القلب ليحصل منه التَشَفِّي للصدر"، ومن أبْغَضَ أحداً وأحبَّ الانتقام منه فهو غَضْبان. وجعله ابنُ القيّم الحنبلي على ثلاثة أقسام: أحدِها: أن يحصل له مبادئ الغضب بحيث لا يتغيّر عقله ويعلم ما يقول ويقصدُه، والثاني: أن يبلغ النهاية فلا يعلم ما يقول ولا يريده، الثالث: من توسَّطَ بين المرتبتين. وجعل ابنُ عابدين المرتبة المتوسطة إذا غلب الهذيان واختلاط الجد بالــهزل فلو نصفه مستقيماً فليس كذلك بل هو في المرتبة الأولى "رد المحتار".
الغضب:
[في الانكليزية] Anger ،fury ،wrath
[ في الفرنسية] Colere ،fureur
بفتح الغين والضاد المعجمة هو حركة للنفس مبدؤها إرادة الانتقام كذا في المطول في تقسيم التشبيه باعتبار الطرفين. وفي الچلپي وأبي القاسم هذا لا يلائم قوله لا يحركها الغضب في تفسير الحلم بكون النفس مطمئنة لا يحرّكها الغضب بسهولة ولا تضطرب عند إصابة المكروه. فإمّا أن يبنى الكلام على التسامح ويراد أنّه حالة توجب حركة النفس مبدأ تلك الحالة إرادة الانتقام. ولذا قيل التحقيق أنّه كيفية نفسانية تقتضي حركة الروح إلى خارج البدن طلبا للانتقام، أو يراد بقوله لا يحرّكها الغضب لا يحرّكها أسباب الغضب. وقد يقال على تقدير كون الغضب نفس الحركة المراد أنّ الحلم اطمئنان للنفس بحيث إذا حصلت فيها حركة هي الغضب لا تجعلها متحرّكة بحركة أخرى.
الغضب: تغير يحصل عند ثوران دم القلب لإرداة الانتقام.

القرآن

القرآن:
[في الانكليزية] The Koran
[ في الفرنسية] Le Coran
بالضم اختلف فيه. فقيل هو اسم علم غير مشتقّ خاصّ بكلام الله فهو غير مهموز وبه قرأ ابن كثير وهو مروي عن الشافعي. وقيل هو مشتقّ من قرنت الشيء بالشيء سمّي به لقران السور والآيات والحروف فيه. وقال الفرّاء هو مشتقّ من القرائن وعلى كلّ تقدير فهو بلا همزة ونونه أصلية. وقال الزجاج هذا سهو والصحيح أنّ ترك الهمزة فيه من باب التخفيف، ونقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها. واختلف القائلون بأنّه مهموز، فقيل هو مصدر لقرأت سمّي به الكتاب المقروء من باب تسميته بالمصدر. وقيل هو وصف على فعلان مشتق من القرء بمعنى الجمع كذا في الاتقان. قال أهل السّنّة والجماعة: القرآن ويسمّى بالكتاب أيضا كلام الله تعالى غير مخلوق وهو مكتوب في مصاحفنا محفوظ في قلوبنا مقروء بألسنتنا مسموع بآذاننا غير حالّ فيها أي مع ذلك ليس حالّا في المصاحف ولا في القلوب والألسنة والآذان، لأنّ كلام الله ليس من جنس الحروف والأصوات لأنّها حادثة، وكلام الله صفة أزلية قديمة منافية للسكوت الذي هو ترك التكلّم مع القدرة عليه والآفة التي هي عدم مطاوعة الآلات بل هو معنى قديم قائم بذات الله تعالى يلفظ ويسمع بالنّظم الدّال عليه ويحفظ بالنظم المخيل ويكتب بنقوش وأشكال موضوعة للحروف الدالة عليه، كما يقال النار جوهر محرق يذكر باللفظ ويكتب بالقلم ولا يلزم منه كون حقيقة النار صوتا وحرفا. وتحقيقه أنّ للشيء وجودا في الأذهان ووجودا في الكتابة. فالكتابة تدلّ على العبارة وهي على ما في الأذهان وهو على ما في الأعيان، فحيث يوصف القرآن بما هو من لوازم القديم كقولنا القرآن غير مخلوق فالمراد حقيقته الموجودة في الخارج، وحيث يوصف بما هو من لوازم المخلوقات يراد به الألفاظ المنطوقة المسموعة كقولك قرأت نصف القرآن أو المخيلة كقولك حفظت القرآن أو الأشكال كقولك يحرم للمحدث مسّ القرآن. ثم الكلام القديم الذي هو صفة لله تعالى يجوز أن يسمع وهو مذهب الأشعري ومنعه الأستاذ أبو إسحاق الأسفرايني، وهو اختيار الشيخ أبي منصور رحمه الله تعالى. فمعنى قوله: حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ يسمع ما يدلّ عليه كما يقال سمعت علم فلان. فموسى صلوات الله عليه سمع صوتا دالّا على كلام الله، لكن لمّا كان بلا واسطة الكتاب والملك خصّ باسم الكليم. وقيل خصّ به لما سمعه من جميع الجهات على خلاف المعتاد. وأمّا من يجوّز سماعه فهو يقول خصّ به لأنّه سمع كلامه الأزلي بلا حرف وصوت كما يرى ذاته تعالى في الآخرة بلا كمّ ولا كيف.
فإن قيل لو كان كلام الله حقيقة في المعنى القديم مجازا في النّظم المؤلّف يصحّ نفيه عنه بأن يقال ليس النّظم كلام الله والإجماع على خلافه، وأيضا المعجز هو كلام الله حقيقة مع القطع بأنّ الإعجاز إنّما يتصوّر في النظم.
قلنا التحقيق أنّ كلام الله تعالى مشترك بين الكلام النفسي القديم ومعنى الإضافة كونه صفة له تعالى وبين اللفظي الحادث، ومعنى الإضافة حينئذ أنّه مخلوق له تعالى ليس من تأليفات المخلوقين، فلا يصحّ النفي أصلا ولا يكون الإعجاز إلّا في كلام الله تعالى. وما وقع في عبارة بعض المشايخ من أنّه مجاز فليس معناه أنّه غير موضوع للنظم بل إنّ الكلام في التحقيق وبالذات اسم للمعنى القائم بالنفس وتسمية اللفظ به وضعه لذاك إنّما هو باعتبار دلالته على المعنى، فلا نزاع لهم في الوضع والتسمية باعتبار معنى مجازي يكون حقيقة أيضا، كما يكون باعتبار معنى حقيقي. ويؤيّد هذا ما وقع في شرح التجريد من أنّه لا نزاع في إطلاق اسم القرآن وكلام الله بطريق الاشتراك على المعنى القائم بالنفس القديم وعلى المؤلّف الحادث وهو المتعارف عند العامة والقراء والأصوليين والفقهاء وإليه يرجع الخواص التي هي من صفات الحادث. وإطلاق هذين اللفظين عليه ليس بمجرد أنّه دالّ على كلامه القديم حتى لو كان مخترع هذه الألفاظ غير الله تعالى لكان الإطلاق بحاله، بل لأنّ له اختصاصا به تعالى وهو أنّه اخترعه بأن أوجد أولا الأشكال في اللوح المحفوظ لقوله بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ والأصوات في لسان الملك لقوله: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ. ثم اختلفوا، فقيل القرآن وكلام الله اسمان لهذا المؤلّف المخصوص القائم بأوّل لسان اخترعه الله تعالى فيه، حتى إنّ ما يقرأه كلّ أحد سواه بلسان يكون مثله لا عينه. والأصحّ أنّه اسم له لا من حيث تعيّن المحلّ فيكون واحدا بالنوع ويكون ما يقرأه القارئ أيّ قارئ كان نفسه لا مثله، وهكذا الحكم في كلّ متغيّر وكتاب ينسب إلى مؤلّفه. وعلى التقديرين فقد يجعل اسما للمجموع بحيث لا يصدق على البعض وقد يجعل اسما بمعنى كلّ صادق على المجموع وعلى كلّ بعض من أبعاضه.
وبالجملة فما يقال إنّ المكتوب في كلّ مصحف والمقروء بكل لسان كلام الله، فباعتبار الوحدة النوعية. وما يقال إنّه حكاية عن كلام الله ومماثل له وإنّما الكلام هو المخترع في لسان الملك فباعتبار الوحدة الشخصية. وما يقال إنّ كلام الله ليس قائما بلسان أو قلب ولا حالّا في مصحف فيراد به الكلام الحقيقي النفسي. ومنعوا من القول بحلول اللفظي أيضا رعاية للتأدّب واحترازا عن ذهاب الوهم إلى الحقيقي النفسي، على أنّ إطلاق اسم المدلول على الدّال وكذا إجراء صفات الدّال على المدلول شائع ذائع مثل: سمعت هذا المعنى من فلان انتهى كلامه. وقال صاحب المواقف إنّ المعنى من قول مشايخنا كلام الله تعالى معنى قديم ليس المراد به مدلول اللفظ بل الأمر القائم بالغير فيكون الكلام النفسي عندهم أمرا شاملا للفظ والمعنى جميعا قائما بذاته تعالى وهو مكتوب في المصاحف مقروء بالألسنة محفوظ في الصدور، وهو غير القراءة والكتابة والحفظ الحادثة. وما يقال من أنّ الحروف والألفاظ مترتّبة متعاقبة فجوابه أنّ ذلك الترتّب إنما هو في التلفّظ بسبب عدم مساعدة الآلة، فالتلفّظ حادث والأدلة الدالة على الحدوث يجب حملها على حدوثه دون حدوث الملفوظ جمعا بين الأدلة انتهى. قيل عليه القول بأنّ ترتّب الحروف إنّما هو في التلفّظ دون الملفوظ، فالتلفّظ حادث دون الملفوظ أمر خارج عن العقل وما ذلك إلّا مثل أن يتصوّر حركة تكون أجزاؤها مجتمعة في الوجود لا يكون لبعضها تقدّم على بعض، ويندفع بما قيل إنّ المراد بالملفوظ هو اللفظ القائم به تعالى وبالتلفّظ اللفظ القائم بنا عبّر عنه بالتلفّظ، فرقا بينهما وإشعارا بأنّ اللفظ الحادث كالنسبة المصدرية لكونه غير قارّ، ولولا هذا الاعتبار لكان القول بقدم الملفوظ دون التلفّظ تناقضا، وبه يندفع من أنّ حمل المعنى على الأمر القائم بالغير بعيد جدا لأنّ الأدلة إنّما تدلّ على حدوث ماهية القرآن لا حدوث التلفّظ لأنّه ليس بقرآن، وذلك لأنّ اللفظ يعدّ واحدا في المحال كلها وتباينه إنّما هو بتباين الهيئات. فاللفظ القائم بنا وبه تعالى واحد حقيقة، والأول حادث والثاني قديم.
فإن قيل يفهم من هذا التوجيه أنّه لا ترتّب في اللفظ القائم بذاته تعالى فيلزم عدم الفرق بين لمع وعلم. قيل ترتّب الكلمات وتقدّم بعضها على بعض لا يقتضي الحدوث لأنّ التقدّم ربما لا يكون زمانيا كالحروف المنطبعة في شمعة دفعة من الطابع عليه، وقد يمثل أيضا بوجود الألفاظ في نفس الحافظ فإنّ جميعها مع الترتيب المخصوص مجتمعة الوجود فيها وليس وجود بعضها مشروطا بانقضاء البعض وانعدامه عن نفسه. والفرق بأنّ وجود الحرف على هذا الوجه في ذاته تعالى بالوجود العيني وفي نفس الحافظ بالظلّي لا يضرّ إذ الغرض منه مجرّد التصوير والتفهيم لا إثباته بطريق التمثيل، فحينئذ يكون الحاصل أنّ الترتيب المقتضي للحدوث إنّما هو في التلفّظ أي اللفظ القائم بنا، هذا غاية توجيه المقام فافهم.
فائدة:
في بيان كيفية الإنزال قال في الاتقان وفيه مسائل. الأولى قال الله تعالى شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ وقال إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. اختلف في كيفية إنزاله من اللوح المحفوظ على ثلاثة أقوال. الأول وهو الأصح الأشهر أنّه نزل إلى سماء الدنيا ليلة القدر جملة واحدة ثم نزل بعد ذلك منجّما في عشرين سنة أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين على حسب الخلاف في مدة إقامته صلى الله عليه وآله وسلم بمكة بعد البعثة.
الثاني أنّه نزل إلى سماء الدنيا في عشرين ليلة القدر أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين، في كلّ ليلة ما يقدر الله إنزاله في كلّ سنة، ثم نزل بعد ذلك منجّما في جميع السنة، وهذا القول ذكره الرازي بطريق الاحتمال ثم توقّف. هل هذا أولى أو الأول؟ قال ابن كثير وهذا الذي جعله احتمالا نقله القرطبى عن مقاتل بن حيان، وحكى الإجماع على أنّه نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزّة في سماء الدنيا. الثالث أنّه ابتدأ انزاله في ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك منجّما في أوقات مختلفة من سائر الأوقات، وبه قال الشعبي. قال ابن حجر والأول هو الصحيح المعتمد. قال وحكى الماوردي قولا رابعا أنّه نزل من اللوح المحفوظ جملة واحدة وأنّ الحفظة نجّمته على جبرئيل في عشرين ليلة وأنّ جبرئيل نجّمه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في عشرين سنة، والمعتمد أنّ جبرئيل كان يعارضه في رمضان بما ينزل به عليه في طول السنة. قال أبو شامة:
نزوله جملة إلى سماء الدنيا قبل ظهور نبوّته ويحتمل أن يكون بعدها، قيل الظاهر هو الثاني. قيل السرّ في إنزاله جملة إلى سماء الدنيا تفخيم أمره وأمر من نزل عليه وذلك بإعلام سكان السموات السبع أنّ هذا آخر الكتب المنزّلة على خاتم الرسل أشرف الأمم قد قرّبناه إليهم لننزّله عليهم، ولولا أنّ الحكمة الإلهية اقتضت وصوله إليهم منجّما بحسب الوقائع لهبط به إلى الأرض جملة كسائر الكتب المنزّلة قبله، ولكن الله باين بينه وبينها فجعل له الأمرين إنزاله جملة ثم إنزاله مفرّقا تشريفا للمنزّل عليه. وقيل إنزاله منجّما لأنّ الوحي إذا كان يتجدّد في كلّ حادثة كان أقوى للقلب وأشدّ عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك إليه فيحدث له من السرور ما يقصر عنه العبارة. والثانية في كيفية الإنزال والوحي.
قال الأصفهاني اتفق أهل السّنة والجماعة على أنّ كلام الله منزّل واختلفوا في معنى الإنزال.
فمنهم من قال إظهار القراءة، ومنهم من قال إنّ الله تعالى ألهم كلامه جبرئيل وهو في السماء وهو عال من المكان وعلّمه قراءته ثم جبرئيل أدّاه إلى الأرض وهو يهبط في المكان. وفي التنزيل طريقان أحدهما أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم انخلع من الصورة البشرية إلى الصورة الملكية وأخذه من جبرئيل، ثانيهما أنّ الملك انخلع إلى البشرية حتى يأخذه الرسول منه، والأوّل أصعب الحالين. وقال القطب الرازي إنزال الكلام ليس مستعملا في المعنى اللغوي الحقيقي وهو تحريك الشيء من العلو إلى السفل بل هو مجاز. فمن قال بقدمه فإنزاله أن يوجد الكلمات والحروف الدّالّة على ذلك المعنى ويثبتها في اللوح المحفوظ، ومن قال بحدوثه وأنّه هو الألفاظ فإنزاله مجرّد إثباته في اللوح المحفوظ. ويمكن أن يكون المراد بإنزاله إثباته في سماء الدنيا بعد الإثبات في اللوح المحفوظ والمراد بإنزال الكتب على الرسل أن يتلقّفها الملك من الله تلقّفا روحانيا أو يحفظها من اللوح المحفوظ وينزل بها فيلقيها عليهم.

وقال غيره فيه ثلاثة أقوال: الأول أنّ المنزّل هو اللفظ والمعنى وأنّ جبرئيل حفظ القرآن من اللوح المحفوظ ونزل به، وذكر بعضهم أنّ أحرف القرآن في اللوح المحفوظ كلّ حرف منها بقدر جبل قاف، وأنّ تحت كلّ حرف منها معان لا يحيط بها إلّا الله. الثاني أنّ جبرئيل عليه السلام إنّما نزل بالمعاني خاصة وأنّه صلى الله عليه وآله وسلم علم تلك المعاني وعبّر عنها بلغة العرب لقوله تعالى نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ، الثالث أنّ جبرئيل ألقى عليه المعنى وأنّه عبّر بهذه الألفاظ بلغة العرب، وأنّ أهل السماء يقرءونه بالعربية ثم أنّه نزل به كذلك بعد ذلك. وقال الجويني كلام الله المنزّل قسمان. قسم قال الله تعالى لجبرئيل قل للنبي الذي أنت مرسل إليه إنّ الله يقول افعل كذا وكذا وأمر بكذا وكذا، ففهم جبرئيل ما قاله ربّه ثم نزل على ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال له ما قاله ربّه، ولم تكن العبارة تلك العبارة كما يقول الملك لمن يثق به قل لفلان يقول لك الملك اجتهد في الخدمة واجمع الجند للقتال، فإن قال الرسول يقول لك الملك لا تتهاون في خدمتي واجمع الجند وحثّهم على المقاتلة لا ينسب إلى كذب ولا تقصير في أداء الرسالة. وقسم آخر قال الله تعالى لجبرئيل اقرأه على النبي هذا الكتاب فنزل جبرئيل بكلمة الله من غير تغيير كما يكتب الملك كتابا ويسلّمه إلى أمين ويقول اقرأه على فلان فهو لا يغيّر منه كلمة ولا حرفا. قيل القرآن هو القسم الثاني والقسم الأول هو السّنّة. كما ورد أنّ جبرئيل كان ينزل بالسّنّة كما ينزل بالقرآن. ومن هاهنا جاز رواية السّنّة بالمعنى لأنّ جبرئيل أدّاه بالمعنى ولم تجز القراءة بالمعنى لأنّ جبرئيل أدّاه باللفظ. والسّرّ في ذلك أنّ المقصود منه التعبّد بلفظه والإعجاز به وأنّ تحت كلّ حرف منه معان لا يحاط بها كثرة فلا يقدر أحد أن يأتي بلفظ يقوم مقامه، والتخفيف على الأمة حيث جعل المنزّل إليهم على قسمين: قسم يروونه بلفظ الموحى به وقسم يروونه بالمعنى، ولو جعل كلّه مما يروى باللفظ لشقّ أو بالمعنى لم يؤمن من التبديل والتحريف. الثالثة للوحي كيفيات. الأولى أن يأتيه الملك في مثل صلصلة الجرس كما في الصحيح وفي مسند احمد (عن عبد الله بن عمر سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هل تحسّ بالوحي؟ فقال أسمع صلاصل ثم اسكت عند ذلك. فما من مرّة يوحى إليّ إلّا ظننت أنّ نفسي تقبض). قال الخطابي المراد أنّه صوت متداول يسمعه ولا يتبينه أوّل ما يسمعه حتى يفهمه بعد. وقيل هو صوت خفق أجنحة الملك، والحكمة في تقدّمه أن يقرع سمعه الوحي فلا يبقي فيه مكانا لغيره. وفي الصحيح أنّ هذه الحالة أشدّ حالات الوحي عليه. وقيل إنّه إنّما كان ينزل هكذا إذا نزلت آية وعيد أو تهديد. الثانية أن ينفث في روعه الكلام نفثا كما قال صلى الله عليه وآله وسلم (إنّ روح القدس نفث في روعي) أخرجه الحاكم، وهذا قد يرجع إلى الحالة الأولى أو التي بعدها بأن يأتيه في إحدى الكيفيتين وينفث في روعه. الثالثة أن يأتيه في صورة رجل فيكلّمه كما في الصحيح (وأحيانا يتمثّل لي الملك رجلا فيكلّمني فأعي ما يقول) زاد أبو عوانة في صحيحة وهو أهونه عليّ. الرابعة أن يأتيه في النوم وعدّ من هذا قوم سورة الكوثر. الخامسة أن يكلّمه الله تعالى إمّا في اليقظة كما في ليلة الإسراء أو في النوم كما في حديث معاذ (أتاني ربّي فقال فيم يختصم الملأ الأعلى) الحديث انتهى ما في الإتقان.
وقال الصوفية القرآن عبارة عن الذات التي يضمحلّ فيها جميع الصفات فهي المجلى المسمّى بالأحدية أنزلها الحقّ تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليكون مشهد الأحدية من الأكوان. ومعنى هذا الإنزال أنّ الحقيقة الأحدية المتعالية في ذراها ظهرت بكمالها في جسده، فنزلت عن أوجها مع استحالة العروج والنزول عليها، لكنه صلى الله عليه وآله وسلم لما تحقّق بجسده جميع الحقائق الإلهية وكان مجلى الاسم الواحد بجسده، كما أنّه بهويته مجلى الأحدية وبذاته عين الذات، فلذلك قال صلى الله عليه وآله وسلم: (أنزل عليّ القرآن جملة واحدة) يعبّر عن تحقّقه بجميع ذلك تحقّقا ذاتيا كليا جسميا، وهذا هو المشار إليه بالقرآن الكريم لأنه أعطاه الجملة، وهذا هو الكرم التّام لأنّه ما ادّخر عنه شيئا بل أفاض عليه الكلّ كرما إلهيا ذاتيا. وأمّا القرآن الحكيم فهو تنزّل الحقائق الإلهية بعروج العبد إلى التحقّق بها في الذات شيئا فشيئا على مقتضى الحكمة الإلهية التي يترتّب الذات عليها فلا سبيل إلى غير ذلك، لأنّه لا يجوز من حيث الإمكان أن يتحقّق أحد بجميع الحقائق الإلهية بجهده من أوّل إيجاده، لكن من كانت فطرته مجبولة على الألوهة فإنّه يترقّى فيها ويتحقّق منها بما ينكشف له من ذلك شيئا بعد شيء مرتبا ترتيبا إلهيا. وقد أشار الحقّ إلى ذلك بقوله:
وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا، وهذا الحكم لا ينقطع ولا ينقضي، بل لا يزال العبد في ترقّ، وهكذا لا يزال الحقّ في تجلّ، إذ لا سبيل إلى استيفاء ما لا يتناهى لأنّ الحقّ في نفسه لا يتناهى. فإن قلت ما فائدة قوله: أنزل عليّ القرآن جملة واحدة؟ قلنا ذلك من وجهين: الوجه الواحد من حيث الحكم لأنّ العبد الكامل إذا تجلّى الحقّ له بذاته حكم بما شهده أنّه جملة الذات التي لا تتناهى وقد تنزّلت فيه من غير مفارقة لمحلها الذي هو المكانة. والوجه الثاني من حيث استيفاء بقيات البشرية واضمحلال الرسوم الخلقية بكمالها لظهور الحقائق الإلهية بآثارها في كلّ عضو من أعضاء الجسد. فالجملة متعلّقة بقوله على هذا الوجه الثاني، ومعناها ذهاب جملة النقائص الخلقية بالتحقّق بالحقائق الإلهية.
وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أنزل القرآن دفعة واحدة إلى سماء الدنيا) ثم أنزله الحقّ عليه آيات مقطّعة بعد ذلك، هذا معنى الحديث. فإنزال القرآن دفعة واحدة إلى سماء الدنيا إشارة إلى التحقّق الذاتي، ونزول الآيات مقطّعة إشارة إلى ظهور آثار الأسماء والصفات مع ترقّي العبد في التحقّق بالذات شيئا فشيئا. وقوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ، فالقرآن العظيم هاهنا عبارة عن الجملة الذاتية لا باعتبار النزول ولا باعتبار المكانة بل مطلق الأحدية الذاتية التي هي مطلق الهوية الجامعة لجميع المراتب والصفات والشئون والاعتبارات المعبّر عنها بساذج الذات مع جملة الكمالات.
ولذا قورن بلفظ العظيم لهذه العظمة، والسبع المثاني عبارة عمّا ظهر عليه في وجوده الجسدي من التحقّق بالسبع الصفات. وقوله تعالى الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ إشارة إلى أنّ العبد إذا تجلّى عليه الرحمن يجد في نفسه لذة رحمانية تكسبه تلك اللذة معرفة الذات فتتحقّق بحقائق الصفات، فما علّمه القرآن إلّا الرحمن وإلّا فلا سبيل إلى الوصول إلى الذات بدون تجلّي الرحمن الذي هو عبارة عن جملة الأسماء والصفات، إذ الحقّ تعالى لا يعلم إلّا من طريق أسمائه وصفاته فافهم، ولا يعقله إلّا العالمون، كذا في الانسان الكامل.
القرآن: عند أهل الفقه: اللفظ المنزل على محمد للإعجاز بسورة منه، المكتوب في المصاحف المنقول عنه نقلا متواترا.القرآن عند أهل الحق: العلم اللدني الإجمالي الجامع للحقائق كلها.
القرآن
هو العلم الخاص بهذا الكتاب الذى نزل على محمد، لم يشركه غيره من كتب الله في هذا الاسم، وقد اختار الكتاب العزيز له من الصفات ما يوضّح رسالته، والهدف الذى نزل من أجله، فهو هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (البقرة 97). هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ (البقرة 185). هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (آل عمران 138).
هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ (فصلت 44). يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (الأحقاف 30). أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (الكهف 1، 2). فرسالة القرآن الأساسية هداية الناس إلى الحق وطريق الصواب، وتبشير المهتدى وإنذار الضال، إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (الإسراء 9، 10).
وإذا كان الكتاب قد أنزل للهداية صحّ وصفه بأنه شفاء، أليس هو بلسما يبرئ أدواء القلوب، ودواء لعلل النفوس، وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (الإسراء 82). وصح وصفه بأنه كالمصباح، يخرج الناس من الظلمات إلى النور، كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (إبراهيم 1). وبأنه لم يدع سبيلا للإرشاد إلا بيّنه، وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ (النمل 89). ولما كان كتاب هداية كان واضحا في دلالته، بيّنا في إرشاده، هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ (العنكبوت 49). وكان خير ذكرى، يلجأ إليه المسترشد فيرشد، والضال فيجد عنده التوفيق والهداية، إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ (الأنعام 90). وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ (الزخرف 44). وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا (الإسراء 41). وهو ذكر مبارك، ناضج الثمر، جليل الأثر، وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ (الأنعام 92). وهو حق لا مرية فيه لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (فصلت 42). وهو قول فصل وَما هُوَ بِالْــهَزْلِ (الطارق 14). وكتاب حكيم، وذكر مبين، قد أحكمت آياته، ثم فصلت.
أليس كتاب هذا شأنه وتلك صفاته جديرا بالاتّباع، خليقا بالاسترشاد والاقتداء، أو ليس في تلك الصفات ما يحرك النفس إلى الاستماع إليه، وتدبر آياته، والإنصات إلى عظاته، ولا سيما أنه كثيرا ما يقترن بذكر الحكمة، وفي الحكمة ما يغرى بحبها واتباعها، إذ يقول: كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (البقرة 151).
وردد القرآن كثيرا أنه نزل من الله بالحق، وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ (الإسراء 105). ويؤكد ذلك في قوله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (الإنسان 23). وينفى أن يكون وحى شيطان، أو أن يستطيع الشياطين الإيحاء بمثله، وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (الشعراء 192 - 194).
وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (الشعراء 210، 211). ويؤكد في صراحة أن الإنس والجن مجتمعين لا يستطيعون الإتيان بمثل القرآن، ولو ظاهر بعضهم بعضا، وإذا كان المجيء به مما ليس في طوق مخلوق فمن غير المعقول أن يفترى من دون الله، وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (يونس 37). ولما ادعى المعارضون أن محمدا تقوّله أو افتراه تحداهم القرآن أن يأتوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (الطور 34). ثم تحداهم أن ائتوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (هود 13). ثم نزل إلى سورة مثله، فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (القصص 50). ويتحدث القرآن في صراحة عما كان يمكن أن ينتظر محمدا من الجزاء الصارم لو أنه افترى أو تقوّل، فقال: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (الحاقة 44 - 47). أرأيت كيف يصوّر القرآن، كيف يلتزم محمد ما أوحى إليه، من غير أن يستطيع تعدى الحدود التى رسمت له، فى جلاء ووضوح، لأنه ليس سوى رسول عليه بلاغ ما عهد إليه أن يبلغه فى أمانة وصدق.
كما ردد كثيرا أنه بلسان عربىّ مبين، إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (يوسف 2).
وفي ترديد هذه الفكرة ودفع العجمة عن القرآن، ما يدفع العرب إلى التفكير في أمره وأن كونه بلسانهم ثمّ عجزهم عن المجيء بمثله، مع تحديهم صباح مساء، دليل على أنه ليس من عند محمد، ولا قدرة لمحمد على الإتيان بقرآن مثله، وهو بهذا الوصف يقرر عجزهم الدائم، وأنه لا وجه لهم في الانحراف عن جادة الطريق، وما يدعو إليه العقل السليم، والتفكير المستقيم.
وقرّر أنه كتاب متشابه مثان، ومعنى تشابهه أن بعضه يشبه بعضا في قوة نسجه، وعمق تأثيره، وإحكام بلاغته، فكل جزء مؤثر بألفاظه وأفكاره وأخيلته وتصويره، ومعنى أنه مثان أن ما فيه من معان يثنى في مواضع مختلفة، ومناسبات عديدة، فيكون لهذا التكرير أثره في الهداية والإرشاد، وهو بهذا التكرير يؤدى رسالته التى جاء من أجلها، ولذا كان بتشابهه وتكرير ما جاء به من عظات، مؤثرا أكبر الأثر في القلوب، حتى لتقشعرّ منه جلود أولئك الذين يتدبرونه، وتنفعل له قلوبهم، ثم لا يلبثون أن تطمئن أفئدتهم إلى هداه، وتهدأ نفوسهم إلى ذكر الله، اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (الزمر 23). ويعرف القرآن ما له من تأثير قوى بالغ حتى لتتأثر به صم الحجارة إذا أدركت معناه، لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ (الحشر 21).
ومع طول القرآن وتعدد مناحيه لا عوج فيه، ولا اضطراب في أفكاره ولا أخيلته، أو لا ترى أن أمّيا لا يستطيع تأليف كتاب على هذا القدر من الطول من غير أن يقع فيه الخلل والاختلاف والاضطراب، أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (النساء 82).
ومما أكده القرآن أنه مصدّق لما نزل قبله من التوراة والإنجيل، وإلى جانب ذلك، سجل القرآن ما قابله به أهل الكتاب والمشركون، من كفر به وإنكار له، أما بعض أهل الكتاب فقد مضوا يكابرون، منكرين أن يكون الله قد أنزل كتابا على إنسان، وما كان أسهل دحض هذه الفرية بما بين أيديهم من كتاب موسى، يبدون بعضه ويخفون الكثير منه، قال سبحانه: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (الأنعام 91). ولم يزد الكثير من أهل الكتاب نزول القرآن إلا تماديا فى الكفر وشدة في الطغيان، قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ
وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ
(المائدة 68). وقالوا إن محمّدا يتعلم القرآن من إنسان عليم بأخبار الماضين، وكان من السهل أيضا إبطال تلك الدعوى، فإن هذا الذى زعموه يعلمه ذو لسان أعجمى، وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (النحل 103). ثم زعموا أنه إفك اختلقه، وأعانه على إتمامه سواه ممن يعرفون أساطير الأولين ويتقنونها، وهنا يرد القرآن في هدوء بأن هذه الأسرار التى في القرآن، والتى ما كان يعلمها محمد ولا قومه، إنما أنزلها الذى يعلم أسرار السموات والأرض، وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (الفرقان 4 - 6). ونزلوا في المكابرة إلى أعمق درك، فزعموا مرة أن ليس ما في القرآن من أخبار سوى أضغاث أحلام، وحينا زعموا أنه قول شاعر، وأن القرآن لا يصلح أن يكون آية قاطعة كآيات الرسل السابقين، بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (الأنبياء 5). ولم يتحمل القرآن الرد على دعوى أضغاث الأحلام لتفاهتها، ووضوح بطلانها، ولكنه نفى أن يكون القرآن شعرا بوضوح الفرق بين القرآن والشعر، الذى لا يليق أن يصدر من محمد، وجعلوا القرآن سحرا من محمد، لا صلة لله به، وهنا يبين القرآن مدى مكابرتهم، فيقول: وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (الأنعام 7).
ومضى بعض الناس يذيع الأحاديث الباطلة ليضل عن سبيل الله، ويصم أذنيه عن سماع القرآن مستكبرا مستهزئا به، والقرآن يغضب لموقف هؤلاء شديد الغضب، وينذرهم كما استهزءوا، بعذاب يهينهم ويؤلمهم، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (لقمان 6، 7).
ومن عجب أن كثيرا من الكافرين كان لا يرضى عما في القرآن من أفكار التوحيد والعبادة، فكان يطلب من الرسول أن يأتى بقرآن غير هذا القرآن، فكان رد الرسول صريحا في أنه لا يستطيع أن يفعل شيئا من تلقاء نفسه، وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (يونس 15).
ومما اعترضوا به على القرآن أنه نزل منجّما، واقترحوا أن ينزل دفعة واحدة، ولكن القرآن ردّ على هذا الاقتراح، بأن نزوله على تلك الطريقة، فيه تثبيت لفؤاد الرسول، ليكون دائم الاتصال بربه، أو ليس في نزوله كذلك تثبيت لأفئدة المؤمنين أيضا إذ ينقلهم القرآن بتعاليمه مرحلة مرحلة إلى الدين الجديد، ويروى القرآن هذا الاعتراض، ويرد عليه في قوله سبحانه: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (الفرقان 32، 33).
ولقد تعبوا في صدّ تيار القرآن الجارف، ووقف أثره في النفوس فما استطاعوا ثم هداهم خيالهم الضّيق إلى طريقة يحولون بها بين القرآن وسامعيه تلك هى الصّخب عند سماع القرآن واللغو فيه، ولما كان في ذلك استقبال لا يليق بالقرآن قابله الله بتهديد عنيف، وإيعاد شديد، إذ يقول: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (فصلت 26 - 28). وذلك أقوى دليل على الإخفاق، وأنه لا حجة عندهم يستطيعون أن يهدموا بها حجة القرآن.
وحرّك القرآن فيهم غريزة الخوف إن كذبوا به، فسألهم ماذا تكون النتيجة إذا ثبت حقّا أنه من عند الله، وظلوا كافرين به، أيكون ثمّ من هو أضل منهم أو أظلم، يثير تلك الغريزة في قوله: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (فصلت 52). ويقف منهم موقف من بين الخير والشر، ثم تركهم لأنفسهم يفكرون، ألا يثير فيهم ذلك كثيرا من الخوف من أن ينالهم سوء إعراضهم بأوخم العواقب، إذ يقول: إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (الزمر 41). أما سورة الفرقان فيراد به هنا القرآن، كما أنه في مواضع أخرى يطلق على كتب الله، لأنها تفرق بين الحق والباطل، والصواب والخطأ.
ولعل بدء هذه السورة بقوله سبحانه: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (الفرقان 1). فيه دلالة على أنها تحوى إنذارا ووعيدا وتهديدا، وحقا لقد اتسمت هذه السورة بالرد المنذر على كثير من دعاوى المنكرين لأحقية القرآن ورسالة محمد ووحدانية الله، وقد بدأها بالحديث عن منزل القرآن، وتفرده بالملك وتعجبه من أن اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً (الفرقان 3). وبدأ بعد ذلك يعدد مفترياتهم على القرآن وتشكيكهم في رسالة محمد، ثم يتعمّق في السبب الذى دفعهم إلى إنكار القرآن ونبوة محمد، فيراه التكذيب باليوم الآخر، وكأنما غضبت جهنم لهذا التكذيب، حتى إنها إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً (الفرقان 12).
ويمضى في تصوير ما ينتظرهم في ذلك اليوم من مصير مؤلم موازنا بين ذلك، وبين جنة الخلد التى وعد المتقون، ثم يعود إلى أكاذيبهم، فيردّ على بعضها، ويبسط
بعضها الآخر، واضعا إلى جانب هذه الأكاذيب ما ينتظرها من عقوبة يوم الدين، وهنا يلجأ إلى التصوير المؤثر، يرسم به موقفهم في ذلك اليوم، علّه يردهم بذلك إلى الصواب، إذا ذكروا سوء المغبة؛ وتأمل قوة تصوير من ظلم نفسه بهجر القرآن وتكذيبه، فى قوله: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (الفرقان 27 - 30). ويعود مرة إلى شبهة من شبهاتهم في القرآن فيدحضها وينذرهم بشر مكان في جهنم، ويعدد لهم عواقب من كذب الرسل من قبلهم. ثم يأتى إلى إثم آخر من آثامهم باستهزائهم بالرسول الذى كاد يصرفهم عن آلهتهم، لولا أن صبروا عليها، وهنا يناقشهم في اتخاذ هذه الآلهة التى لا يصلح اتخاذها إلها إذا وزنت بالله الذى يعدد من صفاته ما يبين بوضوح وجلاء أنهم يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ (الفرقان 55). ويطيل القرآن في تعداد صفات الله وبيان مظاهر قدرته. وإذا كانت السورة قد مضت تنذر المنكرين وتعدّد آثامهم، فإنها قد أخذت تذكر كذلك صفات المؤمنين الصادقين، ليكونوا إلى جانبهم مثالا واضحا للفرق بين الصالح والطّالح، ولتكون الموازنة بينهما مدعاة إلى تثبيت النموذجين في النفس، وختمت السورة بالإنذار بأن العذاب نازل بهم لا محالة، ما داموا قد كذبوا، فكانت السورة كلّها من المبدأ إلى المنتهى تتجه إلى الوعيد، ما دامت تناقش المنكرين في مفتريات تتعلق بالقرآن ومن نزل عليه القرآن، وقد رأينا كيف كان يقرن كل افتراء بما أعدّ له من العذاب.

الهبة

الهبة: لغة: التبرع. وشرعا: تمليك عين بلا عوض.
الهبة:
[في الانكليزية] Donation ،gift
[ في الفرنسية] Don ،legs
بالكسر في اللغة إعطاء الشيء بغير عوض عينا كان أو لا، أي مالا كان أو غيره. قال الله تعالى: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ. وعند الفقهاء تمليك عين بلا عوض أي بلا شرط عوض لا أنّ عدم العوض شرط فيه حتى ينتقض بالهبة بشرط العوض فتدبّر، ويشتمل بهذا الهديّة المراد بها إكرام المهدى والصّدقة المراد به وجه الله. وقيل الصّدقة ليست بهبة إذ لا يصحّ الرجوع فيها بخلاف الهبة. وفي لفظ التمليك إشارة بأنّها لا تقع إلّا من الحرّ المكلّف المالك للموهوب، فلا يقع من القنّ ونحوه ولا من المجنون والصغير وغير المالك. والمتبادر التمليك ولو هزلــا حالا فلا يتناول الوصية كما ظنّ على أنّه قد ذكر أنّها هبة معلّقة بالموت. وبقيد العين خرج الإجارة والعارية والمهايأة. وبقيد بلا عوض خرج البيع، هكذا يستفاد من الدرر وجامع الرموز والبرجندي.

تواضع

(تواضع) فلَان تذلل وتخاشع (مُطَاوع وَضعه) وَالْقَوْم على الْأَمر اتَّفقُوا عَلَيْهِ وَالْأَرْض انخفضت عَمَّا يَليهَا وَمَا بَيْننَا بعد
تواضع: أطاع (الكالا)، غير متواضع غير مطيع: (أصل الكلمة الفرنسية obeir أطاع - المترجم).
تواضع: بنجاح طفيف أو رديء (الأخطل في دي ساسي كرست 243:2):
فإن تكُ حرب ابني نزار تواضعت ... فقد أعذرتنا في كلابٍ وفي كعبِ
تواضع: القواعد المتفق عليها أي المتعارف عليها واسم المصدر منها هو ما يدعى بالنظام الاتفاقي systéme convention elle ( المقدمة 182:2)؛ بالتواضع: بالاتفاق par convention ( المقدمة 242:13).
تواضع: تصاغر، انحطّ methre bas ( تقويم 3:25 و 7:100 واقرأ أيضاً ابن العوام 430:2).
انوضع: فانوضع المدام: عُرضت كؤوس الخمر على الخوان (ألف ليلة برسل 295:9).
أتضع قدّام: انحط أمام، تذلل (بقطر).
إتّضع: تواضع (بقطر، المقري 14:510:1).
أتضع عن: تخلّف عن (الكامل 11:104).
وَضّع: حالة (المقدمة 8:306:1) الأوضاع من الفلك: أحوالها (بقطر): Position.
سائر أحداث: وأوضاع الجو. (مختلف الظواهر الجوية) (بقطر).
وضع: التركيب أو العمل، ونفقته، وتركيبه (بقطر).
أوضاع: قواعد الحكومة (المقري 12:133)؛ المبادئ والأصول: أوضاع الاحتساب (أوضاع المحاسبة التي ينبغي أن تراعى mohasib) ( المقري 7:135:1): أوضاع العربية: قواعد اللغة (المقري 1:137:1). أوضاع: أساليب (المقري 7:121:1 و10 و11): أوضاع القرى أسلوب بناء القرى (2:128 و4) الأوضاع في العمائم: أوضاع ارتدائها، (بقطر): الأساليب. كيفية التصرف؛ وكذلك الطريقة الاعتيادية (المقري 12:152). أما (الجيوش البربرية) فهي: منحرفة الطباع، خارجة عن الأوضاع. في تاريخ ما قبل الإسلام (لأبي الفداء 3:174) تفسر كلمة أوضاع بطقوس دينية: وهو مهملون في أديانهم ولهم أوثان وأوضاع مختلفة. وفي (مولر 2:106) أوضاع الأعذار هي الألعاب التي تعرض ابتهاجاً بختان أولاد الأمير.
أوضاع: Patrons: حامٍ، نصير، مدافع، ربّ مهنة، ولي الأمر (المقدمة 321:2).
وضع وحقيقة وضع: ميزة، خاصية. وهذا هو المعنى الحرفي لهذه الكلمة Propriété؛ وعكسها على غير وضع: خلافاً للأصول improprement ( بقطر).
علم وضع الكتابة: الإملاء، ضبط الكتابة orthographe؛ كتب على الوضع: كتب orthographier ( بقطر). وضَّع: إملاء أيضاً في عبارة وردت (لهاماكر ذكرها (فريتاج)
باعتبار إنها جاءت ضمن عنوان لكتاب شهير (لياقوت) اسمه المشترك والختلف صعقاً.
وضع: مؤلف (المقري 590:1): وصنف أوضاعاً وكتباً كثيرة تلقوها منه ونقولها عنه. وفي 8:433:2) يذكر المعجم اللاتيني كلمة edition في مقابل ترجمة ووضع.
وضع: كلمة mot ( المقدمة 9:279:3) (البربرية 4:7:2 و 3:8 و 1 و 3): الأوضاع تعني أيضاً صيغ الكلمات (الهيئات) (المقدمة 2:280:3).
وضع: جملة Proposition ( المعجم اللاتيني).
وضع: قرينة، حدس، تخمين، حكم بني على المظاهر (دي سلات المقدمة 233:1، رقم 1).
وضع: في الحديث عن ما لا قيمة له إلا نتيجة تحقق بعض الشروط conrention ويكون (الوضع) هنا ... في مقابل الطبع (المقدمة 366:2 و 7:257:3).
وضعي: (علم وضعي عكس العلم العقلي): العلم الذي يعتمد على السلطة (المقدمة 1:62:1 و 10:385:2).
وضعي: اتفاقي، اصطلاحي conventionnel أي لا يمكن أن يكون موجوداً بغير الاتفاق convention ( وهو عكس الطبيعي) (المقدمة 203:1 و 364:2 و 16:376 و 257:3).
وضع: حقير والجمع وضعاء (المقدمة 12:29:1). (وفي فوك): وضاع.
الوضعاء: باللاتينية tirones ( المعجم اللاتيني).
وضاعة: باللاتينية vilitas ( المعجم اللاتيني).
وضعية: في (محيط المحيط): (الوضعية عند الفقهاء بيع شخص ما ملكه بأقل مما قام عليه، أو هي بنقيصة من الثمن الأول ويسمى مواضعة وتواضعاً) (فان ديربرج 109).
وضاع: واضع الأحاديث غير الصحيحة (ياقوت 17:107:2 و 12:279:3، المقدمة 9:144:2 هاماكر فهرست 14:58 حيث يجب تغيير النص وفقاً لاقتراح هاماكر وضرب لذلك مثالاً جاء في 244).
الوضّاعون: (الديكتاتوريون) المتسلطون أصحاب الأمر والنهي باللاتينية dictators ( المعجم اللاتيني).
وضّاعة: السريع في عدوه، يقال سرعة علقمة (البيت 24:2) صيغة علاّمة؛ وتفسيرها: سريعة مسرع هاءه للمبالغة.
واضع: هذه الكلمة لا تعني scriptor libri كما يعتقد (فريتاج) في تعليقه على (هاماكر .. فتوح مصر، الواقدي 244) الواضعون للحديث تعني: الذين يضعون الأحاديث المختلقة وكان (لهاماكر) في ذلك كل الحق.
واضع: في (عبد الواحد 7:23): رأيته ببغداد في نسخة لأبي بكر بن دريد بخط كاكرع النمل في جوانبها علامات الوضاع هكذا هكذا ولم أفهم بوضوح معنى هذه الكلمة.
أوضعُ: أكثر اتضاعاً (الكامل 6:73).
تواضع: في (محيط المحيط): (الوضعية عند الفقهاء بيع شخص ما ملكه بأقل مما قام عليه أو هي بيع بنقيصة من الثمن الأول
ويسمى مواضعة وتواضعاً).
موضع: عمل له موضعاً أي مكاناً (فوك).
موضع: مكان، عبارة في مخطوط (فوك) غالباً.
موضع: المكان الذي نعثر فيه على كل شيء معين (أبو الفرج 3:246): فأقبل على طلب العلم في مواضعه.
موضع: الموطن الأصلي: (جي. جي. شولتنز): وعلم الفتى في موضعه جهل.
لولا موضع الآية: أي أَوَلَمْ تقع معجزة أو لم يم يكن هذا نتيجة وقوع معجزة (الثعالبي لطائف 10:93). موضع: باعث، سبب في (كليلة ودمنة، ص30): (وأمر تلميذه أن يكتب على لسان بيدبا مثل ما كان الملك شَرَطهُ في أن يجعله لهواً وحكمة. فذكر بيدبا إن الحكمة متى دخلها كلام النقلة أفسدها واستجهل حكمتها. فلم يزل وتلميذه يعملان الفكر فيما سأله الملك حتى فتق لهما العقل أن يكون كلامهما على لسان بهيمتين فوقع لهما موضع اللهو والــهزل بكلام البهائم وكانت الحكمة ما نطقا به).
موضع: رتبة، درجة التقدير التي يصلها الإنسان (الأغاني 2:39): أخطأنا عليك ولم تعرف موضعك فقال له هبك لم تعرف موضعي كان ينبغي لك أن .. الخ؛ عظمة (عبّاد 127:2، شولتنز 6:489:1).
موضع للسر: أي ذلك الذي يؤتمن عليه لأنه أمين قادر على الاحتفاظ به (بدرون 2:238): وأرجو أن تكون للسر موضعاً وللأمانة راعياً.
موضع: موضوع الكتابة (ابن خلكان 10:95:9): وعمل له رسالة بديعة وكان قد أخطأ في بعض هذا الموضع فأصلحه الشيخ كمال الدين.
موضع: اصطلاح موسيقي، لحن (عود) (ألف ليلة برسل 10:12):ولقد حضرت معه مرات وأوريته في العود مواضع و (فيه): وإني أريد أريك موضعاً في العود وتعلين به على كل الناس. و (فيه): وأراها موضعاً ما كانت تعرفه. و (فيه) أيضاً: ورجعت إلى الموضوع الذي أراه لها إبليس.
موضع: معنى (ابن خلكان 195:9): والردافة موضعان أحدهما ... الخ والموضع الثاني .. الخ (أي إن لكلمة ردافة معنيين .. الخ).
موضوع: أي موضوع العمل (بقطر) Fond.
موضوع: هو العمارة التي تقوم بقواعد البناء والمحمول هو المنشآت نفسها، بمقابل الموضع (معيار 6:23).
موضوع والجمع: موضوعات: موقع، وضع البناء أو المدينة (معجم الجغرافيا).
موضوع: نص (موعظة) (همبرت 156) والجمع في (محيط المحيط) موضوعات ومواضيع.
موضوع: مادة الإنشاء التي تعطى للتلاميذ (بقطر، همبرت 113).
موضوع والجمع موضوعات: مكتوب، كتاب؛ أنظر مفرد الكلمة في (عبّاد 2:183:2، والمقري 12:640:1؛ والجمع في المقري 13:591:1 و7:596 و4:869) و (المقدمة 5:104:3 وابن الخطيب 19): وله على بعض موضوعات أبيه شرح. وفي (139 منه): وأما تقاليده على أقوال يعترضها ومواضيع ينتقدها فكثير. وفي (106 منه): تواليف حسان وموضوعات مفيدة.
الموضوعات اللغوية: الكلمات التي توضع لكي تعبّر عن الأفكار (المقدمة 12:282:3 ومعها الملاحظات التي أشار إليها دي سلان).
موضوع: أنظر (دي سلان المقدمة 88:1 رقم 2) وما ذكره حول هذه الكلمة: objet حين يتعلق الأمر بموضوع علم من العلوم.
موضوع: صفة، مهنة، وظيفة (دي ساسي كرست 3:109:1): الحسبة التي موضوعها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وفي (4:55:2 منه): وموضوع الحجية أن متوليها ينصف الأمراء .. الخ.
وفي (5:178): موضوع أمير جاندار التسلُّم لباب السلطان .. الخ. وفي (مملوك 18:1:1): نظر الجهات موضوعه التحدث فيما يتحصل من التجار براً وبحراً.
خنزيرة موضوعة: لرعايتها لتحسين نسل الخنازير (الكالا).
مواضعة: اصطلاح قانوني حول المشتري حين يُجبر على البيع بخسارة (فان دربرج 109).

التقاء الساكنين

التقاء الساكنين: إِمَّا أَن يكون فِي الْوَقْف أَو فِي الدرج فَإِن كَانَ فِي الْوَقْف فيفتقر مُطلقًا أَي سَوَاء كَانَا صَحِيحَيْنِ أَو لَا أَولهمَا مُدَّة أَو لَا. وَإِن كَانَ فِي الدرج فإمَّا أَن يكون من الصُّور الَّتِي ذكرهَا الشَّيْخ ابْن الْحَاجِب رَحمَه الله فِي الشافية مِنْهَا أَن يكون أَولهمَا مُدَّة أَي لينًا وَالثَّانِي مدغما ويكونان فِي كلمة وَاحِدَة. وَإِنَّمَا فسرنا الْمَدّ باللين ليدْخل نَحْو خويصة فَإِن اللين أَعم من الْمَدّ وَبَاقِي الصُّور لَا نطول الْكَلَام بذكرها فاطلب مِنْهَا. أَو لَا يكون من تِلْكَ الصُّور فَإِن كَانَ مِنْهَا فمغفور مَعْفُو أَيْضا. وَإِن كَانَ فِي غَيرهَا فَأَما أَن يكون أول السَّاكِن مُدَّة أَو غير مُدَّة فَإِن كَانَ مُدَّة حذفت سَوَاء كَانَ الساكنان فِي كلمة أَو فِي كَلِمَتَيْنِ مستقلتين مثل يَخْشونَ وَيدعونَ وثرمين ويخشى الْقَوْم واغزوا الْجَيْش وارمي الْعرض. وَإِن لم يكن مُدَّة حرك نَحْو اذْهَبْ اذْهَبْ واخشوا الله واخشى الله. وَمَا فِي آخِره ألف إِذا اتَّصل بِهِ نون التَّأْكِيد فَإِن كَانَ من نَحْو هَل تخشى فتنقلب فِيهِ الْألف يَاء فَتَقول هَل تخشين وَإِن كَانَ من نَحْو اضربا فَتبقى الْألف وَيُقَال اضربان وَيقرب مِنْهُ اضربنان. وَنون التَّأْكِيد كلمة غير مُسْتَقلَّة فَافْهَم فَإِن قيل مَا وَجه مغْفرَة التقاء الساكنين فِي الْوَقْف وعفوه قلت الْوَقْف على الْحَرْف سَاد مسد حركته لِأَنَّهُ يُمكن جرسه وتوفر الصَّوْت عَلَيْهِ فَإنَّك إِذا وقفت على عَمْرو مثلا وجدت للراء من التكرر وتوفر الصَّوْت عَلَيْهِ مَا لَيْسَ لَهُ إِذا وصلته بِغَيْرِهِ وَمَتى أدرجتها زَالَ ذَلِك الصَّوْت لِأَن أخذك فِي حرف سوى الْمَذْكُور يشغلك عَن اتِّبَاع الْحَرْف الأول صَوتا فَبَان بِمَا ذكرنَا أَن الْحَرْف الْمَوْقُوف عَلَيْهِ أتم صَوتا وَأقوى جرسا من المدرج فسد ذَلِك مسد الْحَرَكَة فَجَاز اجتماعه مَعَ سَاكن قبله كَمَا فِي عَمْرو. وَلِأَن الْوَقْف مَحل تَخْفيف وَقطع فاغتفر فِيهِ ذَلِك وَإِن كَانَ فِي الدرج فَلَا يغْتَفر إِلَّا فِي صور ذكرهَا أَصْحَاب التصريف فَإِن قيل لم جَازَ التقاء الساكنين إِذا كَانَ أَولهمَا حرف مد وَالثَّانِي مدغما ويكونان فِي كلمة وَاحِدَة وَالْمرَاد بِالْمدِّ هَا هُنَا هُوَ اللين قلت لما فِي حُرُوف الْمَدّ واللين من الْمَدّ الَّذِي يتَوَصَّل بِهِ إِلَى النُّطْق بالساكن بعده مَعَ أَن المدغم مَعَ المدغم فِيهِ بِمَنْزِلَة حرف وَاحِد لِأَن اللِّسَان يرْتَفع عَنْهُمَا دفْعَة والمدغم فِيهِ متحرك فَيصير الثَّانِي من الساكنين كلا سَاكن فَلَا يتَحَقَّق التقاء الساكنين الخالصي السّكُون بِخِلَاف مَا إِذا كَانَا فِي كَلِمَتَيْنِ نَحْو قَالُوا ادارأنا فَإِنَّهُ بِحَذْف السَّاكِن الأول وَأَصله تدارءنا على زون تفاعلنا فأدغمت التَّاء فِي الدَّال وَجِيء بِهَمْزَة الْوَصْل لِئَلَّا يلْزم الِابْتِدَاء بالساكن. ثمَّ اعْلَم أَنه يجوز التقاء ثَلَاث سواكن إِذا اجْتمع هَذَانِ الْأَمْرَانِ أَعنِي الْوَقْف وَكَون الأول حرف مد وَالثَّانِي مدغما كدواب وَمثله يَقع فِي كَلَام الْعَجم كثيرا نَحْو (كوشت نيست) وَأما الْجمع بَين أَربع سواكن فممتنع فِي كل لُغَة وعَلى كل حَال فَافْهَم واحفظ.
التقاء الساكنين: لَا يخفى على أَرْبَاب الْفطْرَة والفكر وَأَصْحَاب الظّرْف والخبرة أَن نعمت خَان عالي قد أنْشد قِطْعَة شعرية هزلــية فِي كدخدائي كامكار خَان، أرخ فِيهَا لَهُ وَقَالَ:
(بِكُل حِكْمَة قلت إِن الخطابة أَصبَحت آلَة وسيعة ... )
(عِنْد أهل الْقلب وَقَول التَّارِيخ أصبح فرض عين ... )
(فَقَالَ عِنْدهَا عَجُوز الْعقل أَنَّك ادغمت حرف الْمَدّ ... )
(وَالَّذِي أجَاز ذَلِك فِي هَذَا الْمَكَان هُوَ التقاء الساكنين ... )
يَقُول الْفَاضِل النامي مير غُلَام عَليّ بلكرامي سلمه الله تَعَالَى فِي شرح هَذَا القَوْل أَن سنة كدخائي كامكار خَان وَالَّتِي يبينها المصراع التأريخي النامي هِيَ سنة 1099 وَأَنه فتح قلعة كولكنده حيدر آباد سنة 1098 وَهَذَا يُوضح كَذَلِك أَن زواج كدخدائي كامكار خَان من ابْنة السَّيِّد مظفر وَزِير أَبُو الْحسن وَالِي حيدر آباد حدث بعد سنة من الْفَتْح، وحروف الْمَدّ فِي اصْطِلَاح عُلَمَاء الصّرْف هِيَ الْألف وَالْوَاو وَالْيَاء، وَيَقُول المؤرخون الْعَرَب أَن الْهمزَة التالية للألف لَا تحسب لِأَن لَيْسَ لَهَا صُورَة من صور حُرُوف الهجاء.
وَلَا يخفى أَن بعض النقاد لمادة تَارِيخ الخطابة يعتبرون أَن مَوْضُوع التقاء الساكنين فِي بعض الْمَوَاضِع هُوَ من مسَائِل علم الصّرْف. وَأَن وُرُود اللَّفْظ فِي هَذَا المصراع هُوَ من هَذَا الْبَاب على مَا هُوَ مَشْهُور فِي هَذَا الْموقع. وَالصَّوَاب أَن هَذِه الْمَسْأَلَة يوردونها من جِهَة علمية وَكَذَلِكَ من جِهَة أُخْرَى تتَعَلَّق بِعلم آخر. وَهنا فِي الْبَحْث الْمُطلق لالتقاء الساكنين فِي علم الصّرْف يعتبرونه من أَعْرَاض جَوْهَر الْكَلِمَة والتقاء آخر الْكَلِمَة بِأول كلمة أُخْرَى فَإِنَّهُم يبحثونه فِي علم النَّحْو لذَلِك فَإِنَّهُ من هَذَا المنطلق هُوَ من أَعْرَاض آخر الْكَلِمَة (الْفَوَائِد الضيائية) أما الملا الجامي فَإِنَّهُ يشْرَح التقاء الساكنين فِي كَلَامه عَن نون التَّأْكِيد (التوكيد) .
وعَلى كل فَفِي أَي مَوضِع خَاص لالتقاء الساكنين هُوَ التقاء الختانين، ولدى النَّحْوِيين أَن التقاء الساكنين من كَلِمَتَيْنِ، والإتيان بِلَفْظ هُوَ الْأَفْضَل. وَيجب أَن نعلم أَن التقاء الساكنين عِنْدَمَا تلْحق نون التوكيد يَقع فِي اطار التَّثْنِيَة وواو الْجَمَاعَة (وَاو الْجمع) وَقد اعْتبر جَمِيع النحات أَن هَذِه النُّون هِيَ النُّون الثَّقِيلَة أما (يُونُس النَّحْوِيّ) فقد اعْتقد على خلافهم أَنَّهَا تجوز كَذَلِك فِي النُّون الْخَفِيفَة. إِذن، فِي مَوضِع خَاص وَفِي صُورَة التَّثْنِيَة يُمكن جمع (ألف داماد) الَّتِي هِيَ فَاعل الْفِعْل مَعَ (نون الْعَرُوس) الَّتِي هِيَ تَأْكِيد للْفِعْل. وَإِذا اعْتبرت (نون الْعَرُوس) ثَقيلَة بِاعْتِبَار التَّشْدِيد فَإِن الْمَقْصُود من مَذْهَب جُمْهُور النَّحْوِيين أَن هَذَا جَائِز. وَأما إِذا اعْتبرت النُّون خَفِيفَة بِاعْتِبَار التسكين من أجل تَحْرِير الْقَضِيَّة وعَلى الرغم من وُرُود الْقبُول وَالشّرط فَإِن المُرَاد من مَذْهَب (يُونُس) هُوَ جَوَاز التقاء الساكنين كحالة خَاصَّة. (انْتهى) .

الْعَوَارِض المكتسبة

الْعَوَارِض المكتسبة: هِيَ الَّتِي يكون لكسب العَبْد مدْخل فِيهَا بِمُبَاشَرَة الْأَسْبَاب وَهِي نَوْعَانِ أَحدهمَا مَا من المكتسب بِصِيغَة اسْم الْفَاعِل وَثَانِيهمَا مَا من غَيره، وَأما الَّذِي مِنْهُ فالجهل والسفه وَالسكر والــهزل وَالْخَطَأ وَالسّفر. وَأما الَّذِي من غَيره فالإكراه بِمَا فِيهِ الجاء وَبِمَا لَيْسَ فِيهِ الجاء وتفصيله فِي الْإِكْرَاه.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.