من قرى اليمن من أعمال البعدانية.
من قرى اليمن من أعمال البعدانية.
عنفق: العَنْفَقُ: خفة الشيء وقلته. والعَنْفَقةُ: ما بين الشفة السفلى
والذَّقَن منه لخفة شعرها، وقيل: العَنْفَقة ما بين الذَّقَن وطرف الشفة
السفلى، كان عليها شعر أَو لم يكن، وقيل: العَنْفَقَةُ ما نبت على الشفة
السفلى من الشعر؛ قال:
أَعْرِفُ منكم جُدُلَ العَواتِقِ،
وشَعَرَ الأَقْفاء والعَنَافِقِ
قال الأَزهري: هي شعرات من مقدّمة الشفة السفلى. ورجل بادي العَنْفَقَةِ
إذا عري موضعُها من الشعر. وفي الحديث: أَنه كان في عَنْفَقَتِه شعراتٌ
بِيض.
علا: عُلْو كلّ شيء وعِلْوه وعَلْوُه وعُلاوَتُه وعالِيه وعالِيَتُه:
أَرْفَعُه، يَتَعَدَّى إليه الفعلُ بحَرْف وبغير حَرْف كقولك قَعَدْتُ
عُلْوه وفي عُلْوِه. قال ابن السكيت: سِفْلُ الدار وعِلْوُها وسُفْلُها
وعُلْوُها ، وعلا الشيءُ عُلُوًّا فهو عَليٌّ، وعَلِيَ وتَعَلَّى؛ وقال بعض
الرُّجَّاز:
وإنْ تَقُلْ: يا لَيْتَه اسْتَبلاَّ
مِن مَرَضٍ أَحْرَضَه وبَلاَّ،
تَقُلْ لأَنْفَيْهِ ولا تَعَلَّى
وفي حديث ابن عباس: فإذا هو يَتَعَلَّى عنِّي أَي يَتَرَفَّع عليَّ.
وعَلاه عُلُوّاً واسْتَعْلاه واعْلَوْلاه، وعَلا به وأَعْلاهُ وعَلاَّهُ
وعالاه وعالَى به؛ قال:
كالثِّقْلِ إذ عالَى به المُعَلِّي
ويقال: عَلا فلانٌ الجَبَلَ إذا رَقِيَه يَعْلُوه عُلُوّاً، وعَلا فلان
فلاناً إذا قَهَرَه. والعَليُّ: الرَّفيعُ. وتَعالَى: تَرَفَّع؛ وقول أبي
ذؤيب:
عَلَوْناهُمُ بالمَشْرَفيِّ، وعُرِّيَتْ
نِصالُ السُّيوفِ تَعْتَلي بالأَماثِلِ
تَعْتَلي: تَعْتَمِد، وعدّاه بالباء لأَنه في معنى تَذهَب بهم. وأَخذَه
من عَلِ ومن عَلُ؛ قال سيبويه: حَرَّكوه كما حَرَّكوا أَوَّلُ حين قالوا
ابْدَأْ بهذا أَوَّلُ، وقالوا: من عَلا وعَلْوُ ، ومن عالٍ ومُعالٍ؛ قال
أَعْشى باهِلَة:
إنِّي أَتَتْني لِسانٌ لا أُسَرُّ بها،
مِنْ عَلْوُ لا عَجَبٌ منها، ولا سَخَرُ
ويُرْوَى: من عَلْوِ وعَلْوَ أَي أَتاني خَبرٌ من أَعْلى؛ وأَنشد يعقوب
لدُكَيْن بنِ رجاءٍ في أَتيتُه من عالٍ:
يُنْجِيِه، مِنْ مثلِ حَمامِ الأَغْلالْ،
وَقْعُ يَدٍ عَجْلى ورِجْلٍ شِمْلالْ،
ظَمأَى النَّسَامِنْ تَحْتُ رَيَّا منْ عالْ
يعني فرساً؛ وقال ذو الرمَّة في مِن مُعال:
فَرَّجَ عنه حَلَقَ الأَغلالِ
جَذْبُ العُرىَ وجِرْيةُ الجِبالِ،
ونَغَضانُ الرَّحْلِ من مُعالِ
أَراد فَرَّج عن جَنِين الناقة حَلَقَ الأَغْلالِ، يعني حَلَق الرحِمِ،
سَيرُنا، وقيل: رَمَى به من عَلِ الجبَل أَي من فَوْقِه؛ وقول العجلي:
أَقَبُّ من تَحْتُ عَرِيضٌ مِن عَلِي
إنما هو محذوف المضاف إليه لأَنه معرفة وفي موضِع المبنِيِّ على الضمّ ،
أَلا تراه قابَل به ما هذه حالُه وهو قوله: مِنْ تَحْتُ، وينبغي أَن
تُكْتَب عَلي في هذا الموضِع بالياء، وهو فَعِلٌ في معنى فاعِلٍ، أَي
أَقَبُّ من تحتِه، عريضٌ من عالِيه: بمعنى أَعْلاه. والعا والسافلُ: بمنزلة
الأَعْلى والأَسْفل؛ قال:
ما هو إلا المَوتُ يَغْلي غالِيهْ
مُخْتَلِطاً سافِلُه بعالِيهْ،
لا بُدَّ يوماً أَنَّني مُلاقِيه
وقولهم: جئتُ من عَلُ أَي من أَعْلى كذا. قال ابن السكيت: يقال أَتَيْته
مِنْ عَلُ، بضم اللام، وأَتَيته من عَلُو ، بضم اللام وسكون الواو،
وأَتيته مِن علي بياء ساكنة، وأَتيته من عَلْوُ، بسكون اللام وضم الواو، ومن
عَلْوَ ومن عَلْوِ. قال الجوهري: ويقال أَتيتُه من عَلِ الدارِ، بكسر
اللام، أَي من عالٍ؛ قال امرؤ القيس:
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ معاً،
كجلمودِ صَخْرٍ حَطَّه السَّيلُ من عَلِ
وأَتيتُه من عَلا؛ قال أَبو النجم:
باتَتْ تَنُوشُ الحَوْضَ نَوْشاً مِن عَلا،
نَوْشاً به تَقْطَعُ أَجْوازَ الفَلا
وأَتَيْتُه من عَلُ، بضم اللامِ؛ أَنشد يعقوب لعَدِيّ ابن زيد:
في كِناسٍ ظاهِرٍ يَسْتُرُه،
من عَلُ الشَّفَّان، هُدَّابُ الفَنَنْ
وأَما قول أَوس:
فَمَلَّكَ باللِّيطِ الذي تحتَ قِشْرِها،
كغِرْقئِ بَيْضٍ كَنَّه القَيْضُ مِنْ عَلُو
فإن الواو زائدة، وهي لإطلاقِ القافية ولا يجوزُ مثلُه في الكلام. وقال
الفراء في قوله تعالى: عالِيَهُم ثيابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ؛ قرئ عالِيَهُم
بفتح الياء، وعالِيهِم بسكونها ، قال: فمَن فتَحها جَعَلها كالصفة فوقَهم،
قال: والعرب تقول قَوْمُك داخِلَ الدارِ، فيَنْصِبون داخلَ لأنه محَلٌ،
فعالِيَهُم من ذلك، وقال الزجاج: لا نعرف عالِيَ في الظروف، قال: ولعلَّ
الفراء سمع بِعا في الظروف، قال: ولو كان ظرفاً لم يَجُزْ إسكان الياء،
ولكنه نَصَبه على الحال من شيئين: أَحدُهما من الهاء والميم في قوله
تعالى: يَطُوفُ عليهم، ثم قال: عالِيَهُمْ ثيابُ سندس؛ أي في حالِ عُلُوِّ
الثياب إياهم، قال ويجوز أن يكون حالاً من الوِلْدان، قال: والنصب في هذا
بَيِّنٌ، قال: ومن قرأَ عالِيِهم فرفْعُه بالابتداء والخبر ثياب سندس،
قال: وقد قرئ عالِيَتَهُمْ، بالنصب، وعالِيَتُهم، بالرفع والقراءة بهما لا
تجوز لخلافهما المصحف، وقرئ: عَلَيْهم ثيابُ سندس، وتفسير نصب عالِيَتَهُم
ورفعها كتفسير عالِيَهُم وعالِيهم.
والمُسْتَعْلي من الحروف سبعة وهي: الخاءُ والغين والقاف والضاد والصاد
والطاء والظاء، وما عدا هذه الحروفَ فمنخفِض، ومعنى الاستعْلاء أَن
تَتَصَعَّد في الحَنَك الأَعلى ، فأَربعةٌ منها مع استعلائها إطْباقٌ، وأَما
الخاء والغينُ والقاف فلا إطباق مع استعلائها.
والعَلاءُ: الرِّفْعَة. والعلاءُ: اسم سُمِّيَ بذلك، وهو معرفة بالوضع
دون اللام، وإنما أُقِرَّت اللامُ بعد النَّقل وكونه علَماً مراعاةً لمذهب
الوصف فيها قبلَ النَّقْلِ، ويدلُّ على تَعَرُّفِه بالوضع قولُهُم أَبو
عمرو بنُ العَلاء، فطَرْحُهم التنوينَ من عَمْرو إنما هو لأَنَّ ابناً
مضافٌ إلى العَلَم، فجرَى مَجْرَى قولِك أَبو عمرِو بنُ بكر، ولو كان
العَلاء مُعَرَّفاً باللامِ لوجب ثبوت التنوين كما تُثْبته مع ما تعرَّف
باللام، نحو جاءَني أَبو عمرٍ وابن الغُلامِ وأَبو زيدٍ ابنُ الرجلِ، وقد ذهَب
عَلاءً وعَلْواً.
وعَلا النهارُ واعْتَلى واسْتَعْلى: ارْتَفَعَ. والعُلُوُّ: العَظَمة
والتَّجَبُّر. وقال الحسن البصري ومسلم البَطِين في قوله تعالى: تِلْكَ
الدارُ الآخِرةُ نجْعَلها للذين لا يريدون عُلُوّاً في الأَرض ولا فَساداً؛
قال: العُلُو التكبُّر في الأَرض، وقال الحسن: الفَسادُ المَعاصي، وقال
مسلم: الفَسادُ أَخذ المال بغير حق، وقال تعالى: إن فِرْعَوْنَ عَلا في
الأرض؛ جاء في التفسير أَن معناه طَغَى في الأَرض. يقال: عَلا فلانٌ في
الأرض إذا اسْتَكْبَرَ وطَغَى. وقوله تعالى: ولَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كبيراً؛
معناه لَتَبْغُنّ ولَتَتَعَظَّمُنّ. ويقال لكل مُتَجَبِّر: قد عَلا
وتَعَظَّمَ . واللهُ عز وجل هو العَليّ المُتعالي العا الأَعْلَى ذُو العُلا
والعَلاء والمَعا ، تَعالى عَمَّا يقول الظالمون عُلُوّاً كبيراً، هو
الأَعْلى سبحانه بمعنى العا ، وتفسير تَعالَى جلَّ ونَبَا عن كلِّ ثناءٍ فهو
أَعظم وأَجلُّ وأَعْلى مما يُثنى عليه لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ قال
الأزهري: وتفسير هذه الصفات سبحانه يَقْرُب بعضُها من بعض، فالعَلِيُّ
الشريف فَعِيل من عَلا يَعْلُو، وهو بمعنى العالِي، وهو الذي ليس فوقه
شيء. ويقال: هو الذي عَلا الخلقَ فَقَهَرهم بقدرته. وأَما المُتعا: فهو
الذي جَلَّ عن إفْكِ المُفْتَرِين وتَنَزَّه عن وَساوس المتحيِّرين، وقد
يكون المُتعا بمعنى العا . والأَعْلى: هو الله الذي هو أَعْلى من كل عالٍ
واسمه الأَعْلى أَي صفته أَعْلى الصفات، والعَلاءُ: الشرفُ، وذو العُلا:
صاحب الصفات العُلا، والعُلا: جمع العُلْيا أَي جمع الصفة العُليا والكلمة
العلْيا، ويكون العُلى جمع الاسم الأَعْلى، وصفةُ الله العُلْيا شهادةُ أَنْ
لا إله إلا الله، فهذه أَعلى الصفات، ولا يوصف بها غير الله وحده لا شريك
له، ولم يزل الله عَلِيّاً عالياً متعالياً، تعالى اللهُ عن إِلحاد المُلْحدِين،
وهو العَليُّ العظيم. وعَلا في الجبَل والمَكان وعلى الدابَّةِ وكلِّ
شيء وعَلاهُ عُلُوّاً واسْتَعْلاه واعْتلاه مثلُه، وتَعلَّى أَي عَلا في
مُهْلة. وعَلِيَ ، بالكسر، في المَكارِم والرِّفْعة والشَّرَف يَعْلَى
عَلاءً، ويقال أَيضاً: عَلا، بالفتح، يَعْلى؛ قال رؤبة فَجَمَع بين
اللغتين:لَمَّا عَلا كَعْبُك * عَلِيتُ،
دَفْعك دَأْداني وقد جَوِيتُ
(* قوله دأداني وقد جويت» هكذا في الأصل.)
قال ابن سيده: كذا أَنشده يعقوب وأَبو عبيد: عَلا كَعْبُك ؛ ووجهه عندي
عَلا كَعْبُكَ بي أَي أَعْلاني ، لان الهمزة والباء يَتَعاقبان، وحكى
اللحياني عَلا في هذا المعنى.
ويقال: فلان تَعْلو عنه العَينُ بمعنى تَنْبو عنه العَين، وإذا نَبا
الشيءُ عن الشيء ولم يَلْصَقْ به فقد عَلا عنه. وفي الحديث: تَعْلو عنهُ
العين أَي تَنْبو عنه ولا تَلْصَق به؛ ومنه حديث النجاشي: وكانوا بِهِمْ
أَعْلى عَيْناً أَي أَبصَرَ بهم وأَعْلَم بحالِهِم. وفي حديث قيلة: لا
يزالُ كعْبُكِ؛ عالِياً أَي لا تزالِين شريفة مرتَفِعة على من يعادِيكِ. وفي
حديث حمنَةَ بنت جَحْشٍ: كانت تَجْلِسُ في المِرْكَنِ ثم تَخْرُج وهي
عالية الدَّمِ أَي يَعْلُو دَمُها الماءَ. واعْلُ على الوِسادة أَي اقْعُد
عليها، وأَعْلِ عنها أَي انْزِلْ عنها؛ أَنشد أَبو بكر الإياديّ لامرَأة من
العرب عُنِّنَ عَنْها زوجُها:
فَقَدْتُك مِنْ بَعْلٍ، عَلامَ تَدُكُّني
بصَدْرِكَ؟ لا تُغْني فَتِيلاً ولا تُعْلي
أَي لا تَنْزِل وأَنت عاجزٌ عن الإِيلاجِ. وعالِ عنِّي وأَعْلِ عَنِّي:
تَنَحَّ. وعالِ عَنَّا أَي اطْلُبْ حاجَتك عندَ غيرنا فإِنَّا نَحْن لا
نَقْدِرُ لك عليها، كأَنك تقول تَنَحَّ عنَّا إِلى مَن سِوانا. وفي حديث
ابن مسعود: فلما وضَعْتُ رِجْلي على مُذَمَّر أَبي جَهْل قال أَعْلِ
عَنِّجْ أَي تَنَحَّ عني، وأَراد بِعَنِّجْ عني، وهي لغة قوم يقلبون الياء في
الوَقْف جيماً.وعالِ عليَّ أَي احْمِلْ؛ وقول أُميَّة بن أَبي الصَّلْت:
سَلَعٌ مَّا، ومْثْلُه عُشَرٌ مَّا
عائِلٌ مَّا ، وعالَتِ البَيْقُورا
أَي أَنَّ السَّنَة الجَدْبة أَثْقَلَت البَقَر بما حُمِّلَتْ من
السَّلَع والعُشَر. ورجل عالي الكَعْبِ: شريفٌ ثابتُ الشَرف عالي الذِّكْر. وفي
حديث أُحدٍ: قال أَبو سيفان لمَّا انْهزَم المسلمون وظَهروا عليهم:
اعْلُ هُبَلُ، فقال عُمَر، رضي الله عنه: اللهُ أَعْلى وأَجَلّ، فقال لعُمَر:
أَنْعَمَتْ، فَعالِ عنها؛ كان الرجلُ من قريشٍ إِذا أَراد ابْتِداءَ أَمْرٍ
عمَد إِلى سَهْمَيْن فكَتَب على أَحدِهما نَعَمْ، وعلى الآخر لا، ثم
يتَقَدَّم إِلى الصَّنَم ويُجِيلُ سِهامَه، فإِن خَرج سَهْمُ نَعَمْ أَقْدَم،
وإِن خَرَج سَهْم لا امْتَنَع، وكان أَبو سيفان لَمَّا أَراد الخُروجَ إِلى
أُحدٍ اسْتَفْتى هُبَلَ فخَرَج له سَهْمُ الإِنْعامِ، فذلك قوله لعُمَر،
رضي الله عنه: أَنْعَمَتْ فَعالِ أَي تَجافَ عَنْها ولا تَذْكُرْها
بسُوءٍ، يعني آلهَتَهم. وفي حديثٍ: اليَدُ العُلْيا خَيْرٌ من اليَدِ
السُّفْلى، العُلْيا المَتَعَفِّفة والسُّفْلى السائلة؛ روي ذلك عن ابن عمر، رضي
الله عنهما، ورُوِيَ عنه أَنها المُنْفِقة، وقيل: العُلْيا المُعْطِيَة
والسُّفْلى الآخِذة، وقيل:السُّفْلى المانِعة.
والمَعْلاة: كَسْبُ الشَّرَف؛ قال الأَزهري: المَعْلاة مَكْسَبُ
الشَّرَف، وجمعها المَعالي. قال ابن بري: ويقال في واحدة المَعالي مَعْلُوَة.
ورَجُلٌ عَليٌّ أَي شريف، وجمعه عِلْيةٌ. يقال: فلان مِنْ عِلْية الناس أَي
من أَشرافهم وجِلَّتِهم لا من سِفْلَتهم، أَبدلوا من الواو ياءً لضعف
حَجْز اللام الساكنة، ومثله صبيٌّ وصبِيْة، وهو جمع رجُل عَليٍّ أَي شَريف
رَفيعٍ. وفلانٌ من عِلِّيَّةِ قَوْمِه
(* قوله« من علية قومه إلخ» هو بتشديد اللام والياء في الأصل.)
وعِلِيِّهم وعُلِيِّهِم أَي في الشَّرَفِ والكَثْرة. قال ابن بري: ويقال رَجلٌ
عَليٌّ أَي صُلْبٌ؛ قال الشاعر:
وكلّ عَليٍّ قُصَّ أَسْفَل ذَيْلِه،
فشَمَّرَ عَنْ ساقٍ وأَوْظِفَةٍ عُجْرِ
ويقال: فَرَسٌ عَلِيٌّ.
والعِلِّيَّة والعُلِّيَّة جميعاً: الغُرفة على بناء حُرِّية، قال: وهي
في التصريف فُعُّولةٌ، والجمع العَلاليُّ؛ قال الجوهري: هي فُعِّيلة مثلُ
مُرِّيقةٍ، وأَصلُه عُلِّيْوَة، فأُبْدِلَت الواوُ ياءً وأُدغمت لأَنَّ
هذه الواو إِذا سَكَن ما قبلها صَحَّت، كما يُنْسب إِلى الدَّلْوِ
دَلْوِيٌّ، قال: وبعضهم يقول هي العِلِّيَّة، بالكسر، على فِعِّيلة، وبعضهم
يَجْعَلُها من المُضاعف، قال: وليس في الكلام فُعِّيلة. وقال الأَصمعي:
العِلِّيُّ جمع الغُرَفِ، واحدتها عِلِّيَّة؛ قال العجاج:
وبِيعَة لِسُورها عِلِيٌّ
وقال أَبو حاتم: العَلاليُّ من البيوت واحدتها عِلِّيَّة، قال: ووزن
عِلِّيَّة فِعِّيلة، العين شديدة. قال الأَزهري: وعِلِّيَّة أَكثر من
عُلِّيَّة. وفي حديث عمر رضي الله عنه: فارْتَقَى عُلِّيَّة، هو من ذلك، بضم
العين وكسرها.
وعَلا به وأَعْلاهُ وعَلاَّه: جَعَلَه عالياً.
والعالية: أَعْلى القَناةِ، وأَسْفَلُها السافِلةُ، وجمعها العَوالي،
وقيل: العالية القَناة المستقيمة، وقيل: هو النصفُ الذي يَلي السِّنانَ،
وقيل: عالِية الرُّمْح رأْسُه؛ وبه فَسَّرَ السُّكَّري قول أَبي ذُؤيْب:
أَقَبَّا الكُشُوحِ أَبْيَضانِ كِلاهما،
كعالِية الخَطِّيِّ واري الأَزانِدِ
أَي كلُّ واحدٍ منهما كرأْسِ الرُّمْح في مُضِيِّه. وفي حديث ابن عمر:
أَخذت بعالِيهِ رُمْحٍ، قال: وهي ما يَلي السِّنانَ من القَناةِ. وعَوالي
الرماح: أَسِنَّتُها، واحدتُها عاليةٌ؛ ومنه قول الخَنْساءِ حين
خَطَبَهَا دُرَيْدُ بن الصِّمَّة: أَتَرَوْنَني تارِكةً بَني عَمِّي كأَنهم
عَوالي الرِّماح ومُرْتَثَّةً شَيْخَ بني جُشَم؛ شَبَّهَتْهم بعَوالي الرِّماح
لطَراءة شَبابهم وبريق سَحْنائهم وحُسْن وجوههم، وقيل: عالية الرُّمْحِ
ما دَخَل في السِّنانِ إِلى ثُلُثِه، والعالِيةُ: ما فوق أَرض نَجْدٍ إِلى
أَرض تِهامَةَ وإِلى ما وراء مكة، وهي الحجاز وما وَالاها، وفي الحديث ذكر
العالِية والعَوالي في غير موضع من الحديث، وهي أَماكِنُ بأَعْلى أَراضي
المدينة وأَدْناها من المدينة على أَربعةِ أَمْيالٍ، وأَبعَدُها من جهة
نَجْدٍ ثمانية، والنسب إِليها عاليٌّ على القياس، وعُلْوِيٌّ نادر على
غير قياس؛ وأَنشد ثعلب:
أَأَنْ هَبَّ عُلْوِيٌّ يُعَلِّل فِتْيَةً،
بنخلة وَهْناً، فاض منك المَدامعُ
وفي حديث ابن عمر، رضي الله عنهما: وجاء أَعرابيٌّ عُلْويٌّ جافٍ. وعالوا:
أَتَوُا العالِيَة. قال الأَزهري: عالِية الحجاز أَعلاها بلداً
وأَشرفُها موضعاً،وهي بلاد واسعة، وإِذا نَسَبُوا إِليها قيل عُلْوِيٌّ، والأُنثى
عُلْوِيَّة. ويقال: عالى الرجلُ وأَعْلى إِذا أَتى عالِية الحجاز
ونَجْدٍ؛ قال بشر بن أَبي خازم:
مُعالِيَة لا هَمَّ إِلاَّ مُحَجَّرٌ،
وحَرَّة لَيلى السَّهْلُ منها فَلُوبُها
وحَرَّة لَيْلى وحَرَّة شَوْران وحَرَّة بني سُلَيم في عالِية الحجاز،
وعلى السطحَ عَلْياً وعِلْياً،
(* قوله«وعلياً» هكذا في الأصل والمحكم
بكسر العين وسكون اللام، وكذلك في قراءة ابن مسعود، وفي القاموس وشرحه:
والعلي بكسرتين وشد الياء العلو ومنه قراءة ابن مسعود ظلماً وعلياً اهـ. يعني
بكسر العين واللام وتشديد الياء). وفي حرف ابن مسعود، رضي الله عنه:
ظُلْماً وعِلْياً؛ كل هذا عن اللحياني.
وعلى: حرف جَرٍّ، ومعناه اسْتِعْلاء الشيءِ، تقول: هذا على ظهر الجبل
وعلى رأْسه، ويكون أَيضاً أَن يَطْوي مُسْتَعْلِياً كقولك: مَرَّ الماءُ
عليه وأَمْررْت يدي عليه، وأَما مَرَرْت على فلان فَجَرى هذا كالمثل.
وعلينا أَميرٌ: كقولك عليه مالٌ لأَنه شيء اعْتَلاهُ، وهذا كالمثَل كما
يَثْبُت الشيءُ على المكان كذلك يَثْبُت هذا عليه، فقد يَتَّسِع هذا في الكلام،
ولا يريد سيبويه بقوله عليه مال لأَنه شيء اعْتَلاه أَنَّ اعْتَلاه من
لفظ على، إِنما أَراد أَنها في معناها وليست من لفظها، وكيف يظن بسيبويه
ذلك وعَلى من ع ل ي واعْتَلاه من ع ل و؟وقد تأْتي على بمعنى في؛ قال أَبو
كبير الهُذَلي:
ولَقَدْ سَرَيْتُ على الظَّلامِ بِمِغْشَمٍ
جَلْدٍ من الفِتْيانِ، غَيْرِ مُهَبَّل
أَي في الظلام. ويجيء عَلى في الكلام وهو اسم، ولا يكون إِلا ظرفاً،
ويَدُلُّك على أَنه اسم قول بعض العرب نَهَضَ من عَلَيْه؛ قال مزاحم
العُقَيْلي:
غَدَتْ مِنْ عَلَيْهِ بَعْدَما تَمَّ ظِمْؤُها،
تَصِلُّ وعَنْ قَيْضٍ بزِيزاء مَجْهَل
وهو بمعنى عِنْد؛ وهذا البيت معناه غَدَتْ مِنْ عِنْدِهِ. وقوله في
الحديث: فإِذا انْقَطَعَ مَنْ عَلَيها رَجع إِليه الإِيمانُ أَي منْ فَوْقها،
وقيل منْ عندها. وقالوا: رَمَيْتُ عَلى القوس ورَمَيْت عنها، ولا يقال
رَمَيْتُ بها؛ قال:
أَرْمِي عَلَبْها وهي فَرْعٌ أَجْمَع
وفي الحديث: مَنْ صامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عليه جَهَنَّم؛ قال ابن
الأَثير: حَمَل بعضهم هذا الحديث على ظاهِره وجعله عُقوبةً لصائم الدَّهْرِ،
كأَنه كَرِه صومَ الدَّهْرِ، ويشهد لذلك منعُه عبدَ الله بنَ عَمْرو عن
صومِ الدهرِ وكَراهيتُه له، وفيه بُعدٌ لأَنَّ صومَ الدَّهر بالجُمْلة
قُرْبة، وقد صامه جماعة من الصحابة، رضي الله عنهم، والتابِعين، رحمهم الله، فما
يَسْتَحِقُّ فاعلُه تضييقَ جهَنَّم عليه؛ وذهب آخرون إِلى أَن على هنا
بمعنى عن أَي ضُيِّقت عَنْه فلا يدخُلُها، وعن وعلى يَتداخلان؛ ومنه حديث
أَبي سيفان: لولا أَن يأْثُروا عليَّ الكَذِبَ لكَذَبْتُ أَي يَروُوا عنِّي.
وقالوا: ثَبَتَ عليه مالٌ أَي كثر، وكذلك يقال: عَلَيْه مالٌ، يريدون
ذلك المعنى، ولا يقال له مالٌ إِلا من العين كما لا يقال عليه مالٌ إِلاَّ
من غير العَين؛ قال ابن جني: وقد يستعمل عَلى في الأَفعال الشاقة
المستثقلة، تقول: قد سِرْنا عَشْراً وبَقِيَتْ عَلَيْنا ليلتان، وقد حَفِظْتُ
القرآن وبَقِيَت عليَّ منه سورتان، وقد صُمْنا عِشْرين من الشهر وبَقِيَتْ
علينا عشر، كذلك يقال في الاعتداد على الإِنسان بذنوبه وقُبح أَفعاله،
وإنما اطَّرَدَتْ على في هذه الأَفعال من حيث كانت على في الأَصل
للاسْتِعْلاءِ والتَّفَرُّع، فلما كانت هذه الأَحوال كُلَفاً، ومَشاقً تَخْفِضُ
الإِنسانَ وتَضَعُه وتَعْلُوه وتَتَفَرَّعُه حتى يَخْنَع لها ويَخْضع لما
يَتَسَدَّاه منها، كان ذلك من مواضع على، أَلا تراهم يقولون هذا لك وهذا
عَلَيْك، فتستعمل اللامَ فيما تُؤْثِره وعَلى فيما تكرهه؟ وقالت
الخنساء:سأَحْمِلُ نَفْسي عَلى آلةٍ،
فإِمّا عَليْها وإِمَّا لَها
وعَلَيْكَ: من أَسماء الفعل المُغْرى به، تقول عَلَيْك زيداً أَي خُذْه،
وعَلَيكَ بزيد كذلك؛ قال الجوهري: لما كثر استعماله صار بمنزلة هَلُمَّ،
وإِن كان أَصله الارتفاع، وفسر ثعلب معنى قوله عَلَيْكَ بزيد فقال: لم
يجيء بالفعل وجاء بالصفة فصارت كالكناية عن الفعل، فكأَنك إِذا قلت
عَلَيْك بزيد قلت افْعَلْ بزيد مثل ما تكني عن ضربت فتقول فعلتُ به. وفي
الحديث: عليكم بكذا أَي افْعَلُوه، وهو اسمٌ للفعل بمعنى خذ، يقال: عَلَيْك
زيداً وعليك بزيدٍ أَي خذه. قال ابن جني: ليس زيداً من قولك عَلَيْك زيداً
منصوباً بخُذ الذي دلت عليه عَليْك، إِنما هو منصوبٌ بنفسِ عَليْك من حيث
كان اسماً لفعلٍ متعدٍّ. قال الأَزهري: عَلى لها معانٍ والقُرَّاء كلهم
يُفَخِّمونها لأَنها حرف أَداة. قال أَبو العباس في قوله تعالى: عَلى رجل
منكم؛ جاء في التفسير: مَعَ رجل منكم، كما تقول جاءني الخَيْرُ على وجهك
ومع وجهك. وفي حديث زكاة الفِطْر: على كلِّ حُرٍّ وعبدٍ صاعٌ، قال: على
بمعنى مع لأَن العبد لا تجب عليه الفطرة وإِنما تجب على سيّده. قال ابن
كيسان: عَلَيك ودونكَ وعندك إِذا جُعِلْنَ أَخباراً فعن الأَسماء، كقولك:
عليك ثوبٌ وعندَك مالٌ ودونك مالٌ، ويُجْعَلْنَ إِغْراءً فتُجْرى مُجْرى
الفعل فيَنْصِبْنَ الأَسماء، كقولك: عليكَ زيداً ودونَك وعندك خالداً أَي
الزَمْه وخُذُه، وأَما الصفاتُ سواهُنَّ فيرفعن إِذا جُعِلَت أَخباراً
ولا يغْري بها. ويقولون: عَلَيْه دَيْن، ورأَيته على أَوْفازٍ كأَنه يريد
النُّهُوض. وتَجِيء على
بمعنى عن؛ قال الله عز وجل: إِذا اكْتالُوا على الناسِ يَسْتَوْفُون؛
معناه إِذا اكتالوا عَنْهُم. قال الجوهري: عَلى لها ثلاثةُ مواضعَ؛ قال
المبرّد: هي لفظة مشتَرَكة للاسم والفعل والحرف لا أَن الاسم هو الحرف أَو
الفعل، ولكن يَتَّفِق الاسمُ والحرف في اللفظ، أَلا تَرى أَنك تقول على زيدٍ
ثوبٌ، فعلى هذه حرفٌ، وتقول عَلا زيداً ثوبٌ، فعلا هذه فعلٌ من عَلا
يَعْلُو؛ قال طرَفة:
وتَساقى القَوْمُ كأْساً مُرَّةً،
وعَلا الخَيْلَ دِماءٌ كالشَّقِرْ
ويروى: على الخيل، قال سيبويه: أَلف عَلا زيداً ثوبٌ منقلبةٌ من واو،
إِلا أَنها تقلب مع المضمر ياءً، تقول عليكَ، وبعضُ العرب يتركها على
حالها؛ قال الراجز:
أَيّ قَلُوصِ راكبٍ تَراها،
فاشْدُدْ بمَثْنَيْ حَقَبٍ حَقْواها
نادِيَةً ونادِياً أَباها،
طارُوا عَلاهُنَّ فَطِرْ عَلاها
ويقال: هي بلغة بلحرث بن كعب؛ قال ابن بري: أَنشده أَبو زيد:
ناجِيةً وناجِياً أَباها
قال: وكذلك أَنشده الجوهري في ترجمة نجا. وقال أَبو حاتم: سأَلت أَبا
عبيدة عن هذا الشعر فقال لي: انْقُطْ عليه، هذا من قول المفضل. وعلى: حرف
خافض، وقد تكون اسماً يدخل عليه حرف؛ قال يزيد بن الطَّثَرِيَّة:
غَدَتْ مِنْ عَلِيْه تَنْقُضُ الطَّلَّ، بعدَما
رأَتْ حاجِبَ الشمسِ اسْتَوَى فَتَرَفَّعَا
أَي غدت من فوقه لأَن حرف الجرّ لا يدخل على حرف الجرّ، وقولهم: كانَ
كذا على عهد فلان أَي في عهده، وقد يوضع موضع من كقوله تعالى: إِذا
اكْتالُوا على الناسِ يَسْتَوْفُون؛ أَي من الناس. وتقول: عَليَّ زيداً وعَليَّ
بزيد؛ معناه أَعْطِني زيداً؛ قال ابن بري: وتكون علَى بمعنى الباء؛ قال
أَبو ذؤيب:
وكأَنَّهنّ ربَابةٌ، وكأَنه
يَسَرٌ يَفِيضُ علَى القِداحِ ويَصْدَعُ
أَي بالقِداحِ. وعلَى: صفةٌ من الصِّفاتِ، وللعَرَب فيها لغتانِ: كُنْت
على السَّطْح وكنت أَعْلَى السَّطْح؛ قال الزجاج في قوله عليهم وإِليهم:
الأَصل عَلاهُم وإِلاهُم كما تقول إِلى زَيْد وعَلَى زَيدٍ، إِلا أَنَّ
الأَلف غُيِّرَت مع المضمر فأُبْدلت ياءً لتَفْصِل بينَ الأَلف التي في آخر
المُتَمَكِّنة وبَيْنَ الأَلف في آخر غير المتمكنة التي الإِضافة لازمة
لها، أَلا تَرَى أَنّ عَلَى وَلَدي وإِلى لا تَنْفَرِدُ من الإِضافة؟
ولذلك قالت العرب في كِلا في حال النصب والجر: رأَيْتُ كِلَيْهما وكِلَيْكُما
ومررت بكِلَيْهما، ففَصَلت بين الإِضافة إِلى المُظْهرِ والمُضْمر لما
كانت كِلا لا تَنْفَرِد ولا تكون كلاماً إِلا بالإِضافة.
والعِلاوَة: أَعْلَى الرَّأْسِ، وقيل: أَعْلَى العُنُق. يقال: ضربت
عِلاوَتَه أَي رأْسه وعُنُقه. والعِلاوة أَيضاً: رأْسُ الإِنسانِ ما دامَ في
عُنُقهِ. والعِلاوة: ما يُحْمَل على البعير وغيره، وهو ما وُضِع بين
العِدْلَيْنِ، وقيل: عِلاوَة كلِّ شيءٍ ما زاد عليه. يقال: أَعطاه أَلفاً
وديناراً عِلاوةً، وأَعطاه أَلفين وخمسمائةٍ عِلاوةً، وجمع العِلاوة عَلاوَى
مثل هِراوَة وهَرَاوَى. وفي حديث معاوية: قال للبيد الشاعِر كم عَطاؤك؟
فقال: أَلفان وخمسمائة، فقال: ما بالُ العِلاوَةِ بينَ الفَوْدَيْنِ؟
العِلاوَة: ما عُوليَ فوقَ الحِمْلِ وزِيدَ عليه، والفَودانِ: العِدْلانِ.
ويقال: عَلِّ عَلاواكَ على الأَحْمال وعالِها. والعِلاوَةُ: كلُّ ما
عَلَّيْتَ به على البعير بعد تمامِ الوِقْرِ أَو عَلَّقْته عليه نحو السِّقاءِ
والسَّفُّودِ، والجمع العَلاوَى مثلُ إِداوَة وأَداوَى.
والعَلْياءُ: رأْسُ الجَبَل، وفي التهذيب: رأْسُ كلّ جَبَلٍ مشرفٍ،
وقيل: كلُّ ما عَلا من الشيءِ؛ قال زهير:
تَبَصَّرْ خَلِيلي، هَلْ تَرَى من ظَعائِنٍ
تَحَمَّلْنَ بالعَلْياءِ، من فوقِ جُرْثُم؟
والعَلْياءُ: السماءُ اسمٌ لها، وليس بصفةٍ، وأَصله الواو إِلا أَنه
شَذَّ. والسَّموات العُلَى: جمع السماء العُلْيا، والثَّنايا العلْيا
والثَّنايا السُّفْلى. يقال للجماعة: عُلْيَا وسُفْلَى، لتأْنيث الجماعة؛ ومنه
قوله تعالى: لِنُرِيَكَ من آياتنا الكُبْرَى، ولم يقل الكُبَر، وهو
بمنزلة الأَسماء الحُسْنَى، وبمنزلة قوله تعالى: وليَ فيها مآرِبُ أُخرى.
والعَلْياءُ: كل مكانٍ مُشْرِفٍ؛ وفي شعر العباس يمدَح النّبي،صلى الله عليه
وسلم:
حتى احْتَوَى بيتُك المُهَيْمِنُ مِنْ
خِنْدِفَ عَلْيَاءَ، تَحتَها النُّطُقُ
قال: عَلياء اسمُ المكان المرتَفعِ كاليفاعِ، وليست بتأْنيثِ الأَعْلَى
لأَنها جاءت منكرَّة، وفَعْلاءُ أَفْعَل يلزَمها التعريف. والعلْيا: اسمٌ
للمكان العالي، وللفَعْلة العالية على المَثَل، صارت الواو فيها ياءً
لأَن فَعلَى إِذا كانت اسماً من ذوات الواو أُبْدِلَت واوُه ياءً، كما
أَبدلوا الواوَ مكان الياء في فُعْلى إِذا كانت اسماً فأَدْخَلوها عليها في
فعْلَى لتتكافآ في التغير؛ قال ابن سيده: هذا قول سيبويه.
ويقال: نزل فلان بعالِيَة الوادِي وسافِلَته، فعالِيَتُه حيث يَنْحَدِرُ
الماءُ منه، وسافِلتُه حيث يَنْصَبُّ إِليه. وعَلا حاجتَه واسْتَعْلاها:
ظَهَر عليها، وعَلا قِرْنَه واسْتَعْلاهُ كذلك. ورجل عَلُوٌّ للرجال على
مثال عَدُوّ؛ عن ابن الأَعرابي، ولم يستثنها يعقوب في الأَشياء التي
حصرها كَحَسُوّ وفَسُوّ، وكل من قَهَر رجلاً أَو عَدُوّاً فإِنه يقال عَلاه
واعْتَلاه واسْتَعْلاه، واسْتعْلى عليه، واسْتَعْلَى على الناس: غَلَبَهم
وقَهَرَهُم وعَلاهُم. قال الله عز وجل: وقد أَفْلَح اليومَ مَن اسْتَعْلى؛
قال الليث: الفرسُ إِذا بَلَغَ الغاية في الرِّهانِ يقال قد اسْتَعْلَى
على الغاية. وعَلَوْت الرجل: غَلَبْته، وعَلَوته بالسيف: ضَرَبْته.
والعُلْو: ارْتِفاعُ أَصل البناءِ. وقالوا في النداءِ:
تَعالَ أَي اعل، ولا يُسْتَعْمَلُ في غير الأَمر.
والتَّعالي: الارْتِفاعُ. قال الأَزهري: تقول العرب في النداء للرجل
تَعالَ، بفتح اللام، وللاثنين تَعالَيا، وللرجال تَعالَوْا، وللمرأَة
تَعالَي، وللنساء تَعالَيْنَ، ولا يُبالُون أَين يكون المدعوّ في مكان أَعْلى
من مكان الداعي أَو مكان دونه، ولا يجوز أَن يقال منه تعالَيْت ولا يُنْهى
عنه. وتقول: تَعالَيْت وإِلى أَي شيء أَتَعالَى. وعَلا بالأَمْرِ:
اضْطَلَع به واسْتَقَلَّ؛ قال كعب بن سعد الغَنَوي يُخاطِبُ ابنَه عليّ بن
كعب، وقيل هو لعليّ بن عديٍّ الغَنَوي المعروف بابن العرير:
(* قوله«العرير» هو هكذا في الأصل.)
اعْمِدْ لِما تَعْلُو فما لكَ، بالذِي
لا تَسْتَطِيع مِنَ الأُمورِ، يَدانِ
هكذا أَورده الجوهري؛ قال ابن بري: صوابه فاعْمِد بالفاءِ لأَنّ قبله:
وإذا رأيتَ المرْءَ يَشْعَبُ أَمْرَه
شَعْبَ العَصا، ويَلِجُّ في العِصيان
يقول: إِذا رأيت المَرْءَ يَسعَى في فَسادِ حاله ويَلِجُّ في عِصْيانِك
،مُخالَفَة أَمْرِك فيما يُفْسدُ حاله فدَعْه واعْمِدْ لِما تَسْتَقِلُّ
به من الأَمْر وتَضْطَلِعُ به، إِذ لا قُوَّة لك على مَنْ لا يُوافِقُك.
وعَلا الفَرَسَ: رَكِبَه. وأَعْلَى عنه: نَزَلَ. وعَلَّى المَتاعَ عن
الدابَّة: أَنْزَله، ولا يقال أَعْلاهُ في هذا المَعْنى إِلاَّ
مُسْتَكْرَهاً. وعالَوْا نَعِيَّهُ: أَظْهَروهُ؛ عن ابن الأَعرابي، قال: ولا يقال
أَعْلَوْه ولا عَلَّوه. ابن الأَعرابي: تَعَلَّى فلانٌ إِذا هَجَمَ على قوم
بغير إِذن، وكذلك دَمَقَ ودَمَرَ. ويقال: عالَيْتُه على الحمار
وعَلَّيْتُه عليه؛ وأَنشد ابن السكيت:
عالَيْتُ أَنْساعي وجِلبَ الكُورِ
عَلَى سَراةِ رائحِ مَمْطُورِ
وقال:
فَإِلاَّ تَجلَّلْها يُعالُوك فَوْقَها،
وكَيْفَ تُوَقَّى ظَهْرَ ما أَنتَ راكِبُه؟
أَي يُعْلُوك فوقها؛ وقال رؤبة:
وإِنْ هَوَى العاثِرُ قُلْنا: دَعْدَعا
لَهُ، وعالَيْنا بتَنْعِيشٍ لَعا
أَبو سعيد: عَلَوْتُ على فلان الرِّيحَ أَي كنت في عُلاوَتِها. ويقال:
لا تَعْلُ الريحَ على الصَّيْدِ فَيراحَ رِيحَكَ ويَنْفِرَ.
ويقال: كُنْ في عُلاوةِ الرِّيحِ وسُفالَتِها، فعُلاوَتُها أَن تكون فوق
الصيدِ، وسُفالَتُها أَن تكون تحتَ الصيدِ لئَلاَّ يَجِدَ الوَحْش
رائِحَتَك.
ويقال: أَتَيْتُ الناقةَ من قِبَل مُسْتَعْلاها أَي من قِبَل
إِنْسِيِّها.
والمُعَلَّى، بفتح اللام: القِدْحُ السابِعُ في المَيْسِر، وهو
أَفْضَلُها، إِذا فازَ حازَ سبعةَ أَنْصباء من الجَزُور؛ وقال اللحياني: وله سبعة
فُروض وله غُنْمُ سبعة أنصباء إِن فاز، وعليه غُرْمُ سبعة أَنصباء إِن
لم يَفُزْ.
والعَلاةُ: الصَّخْرة، وقيل: صَخْرة يُجْعَلُ لها إِطار من الأَخْثاء
ومن اللَّبِنِ والرماد ثم يطبخ فيها الأَقِطُ، وتجمع علاً؛ وأَنشد أَبو
عبيد:
وقالُوا: عَلَيْكُمْ عاصِماً نَسْتَغِثْ به،
رُوَيْدَكَ حَتَّى يَصْفِقَ البَهْمَ عاصمُ
وحَتَّى تَرَى أَن العَلاةَ تَمُدُّها
جُخادِيَّةٌ، والرائحاتُ الرَّوائِمُ
يريد: أَن تلك العَلاة يَزيدُ فيها جُخادِيَّة، وهي قِرْبةٌ مَلأَى
لَبَناً أَو غِرارةٌ مَلأَى تَمْراً أَو حِنْطَةً، يُصَبُّ منها في العَلاة
للتأْقيط، فذلكَ مَدُّها فيها. قال الجوهري: والعَلاةُ حَجَرٌ يُجْعَل
عليه الأَقِطُ؛ قال مبَشِّر بن هُذَيل الشمجي:
لا يَنْفَعُ الشاوِيَّ فيها شاتُه،
وَلا حِمارَاه ولا عَلاتُه
والعَلاة: الزُّبْرة التي يَضْرِب عليها الحدَّاد الحديدَ. والعلاة:
السَّنْدان. وفي حديث عَطاءٍ في مَهْبَطِ آدَمَ: هَبَطَ بالعَلاةِ، وهي
السَّنْدانُ، والجمع العَلا. ويقال للناقة: عَلاةٌ، تُشَبَّه بها في
صَلابَتِها، يقال: ناقَةٌ عَلاةُ الخَلْقِ؛ قال الشاعر:
ومَتْلَفٍ، بينَ مَوْماةٍ، بمَهْلَكَةٍ
جاوَزْتُها بعَلاةِ الخَلْقِ علْيان
أَي طَوِيلَة جَسِيمة. وذكر ابن بري عن الفراء أَنه قال: ناقة عِلْيان،
بكسر العين، وذكر أَبو علي أَنه يقال: رجل عِلْيان وعِلِّيان، وأَصلُ
الياءِ واوٌ انقلبت ياءً كما قالوا صبية وصِبْيان؛ وعليه قول الأَجلح:
تَقْدُمُها كلُّ عَلاةٍ عِلْيان
ويقال: رجلٌ عَلْيانُ مثلُ عَطْشانَ، وكذلك المرأَة، يستَوي فيه
المذكَّر والمؤنّث. وفي التنزيل: وأَنْزَلْنا الحديدَ فيه بأْس شديد؛ قيل في
تفسيره: أَنْزَل العَلاةَ والمَرّ.
وعلَّى الحَبْلَ: أَعادَه إِلى مَوْضِعِه من البَكَرة يُعَلِّيه، ويقالُ
للرجُل الذي يَرُدُّ حَبْلَ المُسْتَقي بالبَكَرة إِلى موضعه منها إِذا
مَرِسَ المُعَلِّي والرِّشاء المُعَلَّى. وقال أَبو عمرو: التَّعْلِية
أَن يَنْتَأَ بعضُ الطَّيِّ أَسفَل البئر فينزل رجل في البئر يُعلِّي
الدَّلوَ عن الحجر الناتِئ؛ وأَنشد لعديّ:
كَهُوِيِّ الدَّلْوِ نَزَّاها المُعَلْ
أَراد المُعَلِّي وقال:
لَوْ أَنَّ سَلْمى أَبْصَرَتْ مَطَلِّي
تَمْتَحُ، أَو تَدْلِجُ، أَو تُعَلِّى
وقيل: المُعَلِّي الذي يرفَعُ الدَّلْوَ مملوءة إِلى فوق يُعين
المُسْتَقيَ بذلك.
وعُلْوان الكتاب: سِمَتُه كعُنْوانِه، وقد عَلَّيْتُه، هذا أَقيس.
ويقال: عَلْوَنْته عَلْوَنةً وعُلْواناً وعنْوَنْتُه عَنْوَنَةً وعُنْواناً.
قال أَبو زيد: عُلْوانُ كل شيء ما عَلا منه، وهو العُنْوانُ؛ وأَنشد:
وحاجةٍ دُونَ أُخرى قد سَمَحْتُ بها،
جَعَلْتُها للَّذي أَخْفَيْتُ عُنْوانا
أَي أَظْهَرْتُ حاجةً وكتمت أُخرى وهي التي أُريغُ فصارت هذه عُنْواناً
لما أَرَدْتُ. قال الأَزهري: العرب تبدل اللام من النون في حروف كثيرة
مثل لعَلَّك ولَعَنَّك، وعَتَلَه إِلى السِّجن وعَتَنَه، وكأَنَّ عُلْوان
الكتاب اللام فيه مبدَلة من النون، وقد مَضى تفسيره.
ورجل عِلْيانٌ وعِلِّيانٌ: ضَخْم طويل، والأُنثى بالهاء. وناقة عِلْيان:
طويلَة جسِيمة؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَنشد من خَوَّارةٍ عِلْيان،
مَضْبُورة الكاهِلِ كالبُنْيان
وقال اللحياني: ناقة عَلاةٌ وعَلِيَّة وعِلِّيان مُرْتَفِعة السير لا
تُرى أَبداً إِلاَّ أَمام الرِّكاب. والعِلْيان: الطويل من الضِّباع، وقيل:
الذَّكَر من الضِّباعِ، قال الأَزهري: هذا تصحيف وإِنما يقال لذكر
الضباع عِثْيَان، بالثاء، فصحَّفه الليث وجعل بدل الثاء لاماً، وقد تقدم ذكره.
وبَعِيرٌ عِلْيانٌ: ضَخْمٌ؛ وقال اللحياني: هو القديم الضخم. وصوت
عِلْيانٌ: جَهِيرٌ؛ عنه أَيضاً، والياء في كلِّ ذلك منقلِبة عن واو لقرب
الكسْرة وخفاء اللامِ بمشابَهَتِها النون مع السكون.
والعَلايَه: موضِعٌ؛ قال أَبو ذؤيب:
فَما أُمُّ خِشْفٍ، بالعَلايةِ، فاردٌ
تَنُوشُ البَرير، حَيْثُ نال اهْتِصارها
قال ابن جني: الياء في العَلاية بدل عن واو، وذلك أَنَّا لا نعرف في
الكلام تصريف ع ل ي، إنما هو ع ل و، فكأَنه في الأَصل علاوة، إِلاَّ أَنه
غُيِّر إِلى الياء من حيث كان عَلَماً، والأَعلام مما يكثرُ فيها التغيير
والخلاف كمَوْهَب وحَيْوَة ومَحْبَب، وقد قالوا الشِّكاية، فهذه نظير
العَلاية، إِلاَّ أَن هذا ليس بعَلَمٍ.
وفي الحديث ذكْر العُلا، بالضَّمِّ والقَصْر: هو مَوْضِعٌ من ناحِيةِ
وادي القُرى نزلَه سيِّدُنا رسول الله،صلى الله عليه وسلم، في طَرِيقِه إِلى
تَبُوكَ وبه مَسْجِد.
واعْتَلى الشيء: قَوِيَ عليه وعَلاه؛ قال:
إِني، إِذا ما لم تَصِلْني خلَّتي وتَباعَدَتْ مِني، اعْتَلَيْتُ
بِعادَها
أَي عَلَوْتُ بعادَها ببعاد أَشدَّ منه؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي
لبعض ولد بلال بن جرير:
لَعَمْرُكَ إِني يَوْمَ فَيْدَ لمُعْتَلٍ
بما ساء أَعْدائي، على كَثْرَة الزَّجْر
فسره فقال: مُعْتَلٍ عالٍ قادرٌ قاهرٌ. والعَلِيُّ: الصُّلْب الشديدُ
القَويُّ.
وعالِيَةُ تميمٍ: هم بَنُو عَمْرو بن تميم، وهم بَنُو الهُجَيم
والعَنْبَر ومازنٍ. وعُلْيا مُضَر: أَعْلاها، وهم قُرَيْش وقَيْس.
والعَلِيَّة من الإِبل والمُعْتَلِيَةُ والمُسْتَعْلِية: القويَّة على
حِمْلِها. وللناقة حالِبانِ: أَحدُهما يُمْسِك العُلْبَة من الجانب
الأَيمن، والآخر يَحْلُب من الجانب الأَيسر، فالذي يَحْلُبُ يُسمَّى
المُعَلِّيَ والمُسْتَعْليَ، والذي يُمْسِك يُسَمَّى البائِنَ؛ قال الأَزهري:
المُسْتَعْلي هو الذي يقوم على يَسار الحَلُوبة، والبائن الذي يقوم على
يمينها، والمُسْتَعْلي يأْخذ العُلْبة بيَده اليُسْرى ويَحْلُب باليمنى؛ وقال
الكميت في المُسْتَعْلي والبائن:
يُبَشِّرُ مُسْتَعْلِياً بائِنٌ،
من الحالِبَيْنِ، بأَنْ لا غِرارا
والمُسْتَعْلي: الذي يَحْلُبها من شِقِّها الأَيْسر، والبائن من
الأَيمن. قال الجوهري: المُعَلِّي، بكسر اللام، الذي يأْتي الحَلُوبة من قِبَل
يَمِينها. والعَلاة أَيضاً: شبيه بالعُلْبة يُجْعَل حَوالَيْها الخِثْي
،يُحْلَب بها. وناقة عَلاةٌ: عالِيةٌ مُشْرِفة؛ قال:
حَرْف عَلَنْداة عَلاة ضَمْعَج
ويقال: عَلِيَّة حَلِيَّة أَي حُلْوة المَنْظَر والسير عَلِيَّة فائقة.
والعَلاةُ: فرسُ عمرو بن جَبَلة، صفة غالِبة.
وعُولِيَ السمن والشَّحْم في كل ذي سمن: صُنِعَ حتى ارتفع في الصَّنْعة؛
عن اللحياني؛ وأَنشد غيره قول طَرَفة:
لها عَضُدانِ عُوليَ النَّحْضُ فيهما،
كأَنهما بابا مُنِيفٍ مُمرَّدِ
وحكى اللحياني عن العامِريَّة: كان لي أَخٌ هَنِيُّ
(* قوله« هني إلخ»
هكذا في الأصل المعتمد، وفي بعض الاصول: هييّ.) عَلِيّ أَي يَتَأَنَّثُ
للنساء. وعلِيٌّ: اسم، فإِمَّا أَن يكون من القُوَّة، وإِما أَن يكون من
عَلا يَعْلُو. وعِلِّيُّون: جماعة عِلِّيٍّ في السماء السابعة إليه
يُصْعَدُ بأَرواح المؤمنين. وقوله تعالى: كلا إِنَّ كتابَ الأَبرارِ لَفي
عِلِّيِّين أَي في أَعلى الأَمكنة. يقول القائل: كيف جُمِعَتْ عِلِّيُّون
بالنون وهذا من جمع الرجال؟ قال: والعرب إِذا جَمَعَتْ جَمْعاً لا يذهبون فيه
إِلى أَن له بناءً من واحدٍ واثنين، وقالوا في المذكر والمؤنث بالنون: من
ذلك عِلِّيُّون، وهو شيءٌ فوق شيءٍ غير معروف واحده ولا اثناه. قال:
وسمِعْتُ العربَ تقول أَطْعمنا مَرَقةَ مَرَقِينَ؛ تريد اللُّحْمان إِذا
طُبِخَتْ بماءٍ واحدٍ؛ وأَنشد:
قد رَوِيَتْ إِلاَّ دُهَيْدِهِينا
قُلَيِّصاتٍ وأُبَيْكِرِينا
فجمع بالنون لأنه أَراد العَدَد الذي لا يُحَدُّ آخره؛ وكذلك قول
الشاعر:فأَصْبَحَتِ المَذاهِبُ قد أَذاعَتْ * بها الإعْصارُ، بَعْدَ الْوابِلِينا
أَراد المَطَر بعد المَطَر غير محدود، وكذلك عِلِّيُّون ارتفاعٌ بعد
ارتفاعٍ. قال أبو إسحق في قوله جل وعز: لفي عِلِّيِّين؛ أَي في أَعلى
الأَمكنة، وما أَدراك ما عِلِّيُّون، قال: وإعراب هذا الاسم كإعرابِ الجَمْع
لأَنه على لفظِ الجَمْعِ كما تَقُول هذه قِنِّسْرُون ورأَيت قِنَّسْرينَ،
وعِلِّيُّون السماءُ السابعة؛ قال الأَزهري: ومنه قولُ النبي،صلى الله
عليه وسلم: إِنَّ أَهل الجنة ليَتَراءَوْن أَهلَ عِلِّيِّن كما تَراءَوْنَ
الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ في أُفُق السماء؛ قال ابن الأَثير: عِلِّيُّون
اسم للسماء السابعة، وقيل: هو اسم لدِيوانِ الملائكة الحَفَظَة يُرفع إليه
أَعمال الصالحين من العِبادِ، وقيل: أَرادَ أَعْلى الأَمكنة وأَشرف
المراتب وأَقربها من الله في الدارِ الآخرة، ويُعْرَب بالحروفِ والحركات
كقِنِّسْرين وأَشباهِها، على أَنه جمعٌ أَو واحد؛ قال أَبو سعيد: هذه كلمة
معروفةٌ عند العرب أَن يقولوا لأَهل الشَّرَف في الدنيا والثَّرْوَة والغِنى
أَهل عِلِّيِّين، فإذا كانوا مَتَّضِعين قالوا سِفْلِيُّون.
والعِلِّيُّون في كلام العرب: الذين يَنزلون أَعا َ البلاد، فإذا كانوا ينزلون
أَسافِلهَا فهم سِفْلِيُّون.
ويقال: هذه الكلمة تَسْتَعْلي لساني إذا كانت تَعْتَرُّه وتَجْري عليه
كثيراً.
وتقول العرب: ذهب الرجل عَلاءً وعُلْواً ولم يذهب سُفْلاً إذا ارْتَفع.
وتَعَلَّتِ المرأَةُ: طهرت من نِفاسِها. وفي حديث سُبَيْعة: أَنها لما
تَعَلَّتْ من نِفاسها أَي خرجت من نفاسها وسَلِمَت، وقيل: تَشَوَّفَتْ
لخُطَّابها، ويروى: تعالت أَي ارْتَفَعَت وظهرت، قال: ويجوز أَن يكون من
قولهم تَعَلَّى الرجلُ من عِلَّتِه إذا برأَ؛ ومنه قول الشاعر:
ولا ذات بَعْلٍ من نفاس تَعَلَّتِ
وتَعَلَّى المريضُ من عِلَّتِه: أَفاق منها.
ويَعْلى: اسمٌ؛ فأَما قوله:
قدْ عَجِبَتْ مِني ومن يُعَيـْلِيا،
لَمّا رأَتْني خلقاً مُعْلَوْلِيا
فإنه أَراد من يُعَيْلي فردّه إلى أَصله بأَن حَرَّك الياءَ ضرورة،
وأَصل الياءَات الحركة، وإنما لم يُنَوَّن لأَنه لا ينصرف. قال الجوهري:
ويُعَيْلي مُصَغَّر اسم رجل، قال ابن بري: صوابه يُعَيْلٍ، وإذا نُسِبَ
الرجلُ إلى عليِّ بن أَبي طالب، رضي الله عنه، قالوا عَلَوِيٌّ، وإذا نسبوا إلى
بني عَليٍّ وهم قبيلة من كنانة قالوا هؤُلاء العَلِيُّون؛ وروي عن ابن
الأَعرابي في قوله:
بَنُو عَلِيٍّ كلُّهم سواء
قال: بَنُو عَلِيٍّ من بني العَبَلات من بني أُمَيَّة الأَصغر، كان
وَلِيَ من بعد طَلْحة الطَّلَحات لأن أُمّهم عَبْلة بنت حادل
(* قوله«حادل»
هكذا في الأصل.) من البراجم، وهي أُمّ ولد بن أُمية الأصْغر. وعَلْوان
ومُعَلّىً: اسمان، والنسب إلى مُعَلًّى مُعَلّوِيٌّ. وتِعْلى: اسم امْرَأَة
(* قوله «وتعلى اسم امرأة» هكذا في الأصل والتكملة، وفي القاموس: يعلى،
بكسر الياء.)
وأَخَذَ ما عَلْوةً أَي عَنْوَة؛ حكاها اللحياني عن الرُّؤاسي.وحكى
أَيضاً أَنه يقال للكثير المال: اعْل به أَي ابْقَ بعده، قال ابن سيده:
وعندي أنه دعاء له بالبَقاء؛ وقول طُفَيل الغَنَوي:
ونَحْنُ مَنَعْنا، يَوْمَ حَرْسٍ، نِساءَكُمْ
غَداةَ دَعانا عامِرٌ غَيْرَ مُعْتَلِ
إنما أَراد مُؤْتَلي فحوّل الهمزة عيْناً. يقال: فلانٌ غير مُؤْتَلٍ في
الأَمْر وغير مُعْتَلٍ أَي غير مُقَصِّر. والمعتلي: فرس عقبة بن مُدْلجٍ.
والمُعَلِّي أَيضاً:
(* قوله « والمعلي أيضاً إلخ » هكذا في الأصل
والصحاح، وكتب عليه في التكملة فقال: وقال الجوهري والمعلي بكسر اللام الذي
يأتي الحلوبة من قبل يمينها، والمعلي أيضاً فرس الاشعر الشاعر، وفرس الأشعر
المعلى بفتح اللام.) اسم فَرَسِ الأَشْعرِ الشاعر. وعَلْوَى: اسم فَرَس
سُلَيكٍ . وعَلْوَى: اسم فرس خُفَاف بن نُدْبة، وهي التي يقول فيها:
وَقَفْتُ له عَلْوَى، وقد خامَ صُحْبَتِي،
لأَبْنيَ مَجْداً، أَو لأَثْأَرَ هالِكا
وقيل: عَلْوَى فَرَس خُفافِ بن عُمَيْر. قال الأَزهري: وعَلْوى اسم فرس
كانت من سَوابق خَيْل العَرَب.
ضزز: الضَّزَزُ: لُزُوقُ الحنك الأَعلى بالأَسفل إِذا تكلم الرجل تكاد
أَضراسه العُليا تَمَسُّ السفلى فيتكلم وفُوهُ مُنْضَمٌّ، وقيل: هو ضِيق
الشِّدق والفم في دِقَّةٍ من ملتقَى طَرَفَي اللَّحْيين لا يكاد فمه
ينفتح، وقيل: هو أَن يتكلم كأَنه عاضّ بأَضراسه لا يفتح فاه، وقيل: هو أَن تقع
الأَضراس العُليا على السفلى فيتكلم وفُوهُ منضم، وقيل: هو تقارب ما بين
الأَسنان؛ رواه ثعلب، والفعل ضَزَّ يَضَزُّ ضَزَزاً وهو أَضَزُّ
والأُنثى ضَزَّاء. التهذيب: الأَضَزّ الضَّيِّق الفَمِ جِدّاً، مصدره الضَّزَزُ
وهو الذي إِذا تكلم لم يستطع أَن يُفَرِّج بين حنكيه خلقة خلق عليها، وهي
من صلابة الرأْس فما يقال؛ وأَنشد لرؤبة بن العجاج:
دَعْنِي فقد يُقْرَعُ للأَضَزِّ
صَكِّي حِجاجَيْ رأْسِه وبَهْزِي
ابن الأَعرابي: في لَحْيِهِ ضَزَزٌ وكَزَزٌ وهو ضِيق الشِّدْق وأَن
تلتقي الأَضراس العليا بالسفلى إِذا تكلم لم يَبِنْ كلامه.والضُّزَّاز: الذين
تقرُب أَلْحِيْهِمْ فيضيق عليهم مخرج الكلام حتى يستعينوا عليه بالضاد؛
وقول الشاعر أَنشده ابن الأَعرابي:
نَجِيبةُ مَوْلًى ضَزَّها القَتَّ والنَّوَى
بيَثْرِبَ، حتى نِيُّها مُتَظاهِر
أَي حشاها قَتّاً ونَوًى، مأْخوذ من الضَّزَزِ الذي هو تقارب ما بين
الأَسنان. وضَزَّها: أَكثر لها من الجماع؛ عن ابن الأَعرابي. أَبو عمرو:
رَكَبٌ أَضَزُّ شديد ضيِّق؛ وأَنشد:
يا رُبَّ بَيْضاء تَكُزُّ كَزًّا
بالفَخِذَيْن ركَباً أَضَزَّا
وبئر فيها ضَزَزٌ أَي ضِيق؛ وأَنشد:
وفَحَّت الأَفْعَى حِذاءَ لِحْيَتي،
ونَشِبَت كَفِّيَ في الجَالِ الأَضَزُّ
أَي الضيِّق، يريد جالَ البئر. وأَضَزَّ الفرسُ على فَأْسِ اللجام أَي
أَزَمَ عليه مثل أَضَرَّ.
زند: الزَّنْدُ والزَّنْدَةُ: خشبتان يستقدح بهما، فالسفلى زَنْدَةٌ
والأَعلى زَنْدٌ؛ ابن سيده: الزَّنْدُ العود الأَعلى الذي يقتدح به النار،
والجمع أَزْنُدٌ وأَزْنادٌ وزُنودٌ وزِنادٌ، وأَزانِدُ جمع الجمع؛ قال
أَبو ذؤيب:
أَقَبَّا الكُشُوح أَبيضانِ، كلاهما
كَعَالِيَةِ الخَطِّيِّ، وارى الأَزانِدِ
والزَّنْدَةُ: العود الأَسفل الذي فيه الفُرْضَة، وهي الأُنثى، وإِذا
اجتمعا قيل زَندان ولم يقل زندتان. والزِّناد: كالزَّنْدِ؛ عن كراع. وإِنه
لواري الزَّنْدِ ووَرِيُّه: يكون ذلك في الكرَم وغيره من الخصال
المحمودة؛ قال ابن سيده: وقول الشاعر:
يا قاتَلَ اللهُ صبياناً نباتُهُمُ
أُمُّ الهُنَيْدِيِّ من زَنْدٍ لها واري
عن رحمها وإِنما هو على المثل. وتقول لمن أَنجدك وأَعانك: ورَتْ بِكَ
زِنادي. وملأَ سقاءه حتى صار مثل الزَّنْدِ أَي امتلأَ.
وزَنَدَ السِّقَاءَ والإِناءَ زَنْداً وزَنَّدَهُما: ملأَهما، وكذلك
الحوض.
وزَنَدَتِ الناقةُ زَنْداً، وذلك أَن تخرج رحمها عند الولادة. والزَّندُ
أَيضاً: حجر تلف عليه خرق ويحشى به حياءُ الناقة وفيه خيط، فإِذا أَخذها
لذلك كرب جروه فأَخرجوه فتظن أَنها ولدت، وذلك إِذا أَرادوا أَن
يَظْأَرُوها على ولد غيرها، فإِذا فعل ذلك بها عطفت. أَبو عبيدة: يقال
للدُّرْجَةِ التي تدس في حياء الناقة الزَّنْدُ والبَداهُ. ابن شميل: زندت الناقة
إِذا كان في حيائها قَرَنٌ فثقبوا حياءها من كل ناحية، ثم جعلوا في تلك
الثقب سيوراً وعقدوها عقداً شديداً فذلك التزنيد؛ وقال أَوس:
أَبَني لُبَيْنَى، إِنَّ أُمَّكُمُ
دَحَقَتْ، فَخَرَّقَ ثَفْرَها الزَّنْدُ
وثوب مُزَنَّدٌ: قليل العَرْضِ. وأَصل التزنيد: أَن تخلّ أَشاعر الناقة
بأَخلة صغار ثم تشد بشعر، وذلك إِذا اندحقت رحمها بعد الولادة؛ عن ابن
دريد بالنون والباء. وثوب مُزَنَّدٌ: مضيق. ورجل مُزَنَّدٌ إِذا كان بخيلاً
ممسكاً. ورجل مُزنَّد: لئيم، وقيل: هو الدَّعِيُّ. وعطاءٌ مُزَنَّدٌ:
قليل.
وزَنَّدَ على أَهله: شَدَّ عليهم.
ابن الأَعرابي: زَنَدَ الرجلُ إِذا كذب، وزَنَدَ إِذا بخل، وزَنَدَ إِذا
عاقب فوق ما لَهُ. أَبو عمرو: ما يُزْنِدُك أَحد على فضل زِند، ولا
يُزْنِدُك ولا يُزَنِّدُك أَيضاً، بالتشديد، أَي لا يَزِيدُك.
ويقال: تَزَنَّد فلان إِذا ضاق صدره.
ورجل مُزَنَّدٌ: سريع الغضب. والمُزَنَّدُ: الضيق البخيل. والتَّزَنُّد:
التَّحَزُّق والتَّغَضُّب؛ قال عدي:
إِذا أَنتَ فاكَهْتَ الرجال فلا تَلَعْ،
وقُلْ مِثلَ ما قالوا، ولا تَتَزَنَّدِ
وقد روي بالياء وسيأْتي ذكره. والزَّنْدان: طرفا عظمي الساعدين مذكران.
غيره: والزندان عظما الساعد أَحدهما أَدق من الآخر، فطرف الزند الذي يلي
الإِبهام هو الكوع، وطرف الزند الذي يلي الخنصر كرسوع، والرسغ مجتمع
الزندين ومن عندهما تقطع يد السارق. والزند: موصل طرف الذراع في الكف وهما
زندان: الكوع والكرسوع.
وزِنادٌ: اسم.
وفي حديث صالح بن عبد الله بن الزبير: أَنه كان يعمل زَنَداً بمكة؛
الزنَد، بفتح النون، المُسَنَّاةُ من خشب وحجارة يضم بعضها إِلى بعض؛ قال ابن
الأَثير: وقد أَثبته الزمخشري بالسكون وشبهها بِزَنْدِ الساعد، ويروى
بالراء والباء، وقد تقدم. وفي الحديث ذكر زَنْدَوَرْدَ، هو بسكون النون
وفتح النون والراء: ناحية في أَواخر العراق، ولها ذكر كبير في الفتوح.
شغا: الشَّغا: اخْتِلافُ الأَسْنانِ، وقيل: اختلاف نِبْتَة الأَسْنان
بالطُّول والقِصَر والدُّخُول والخُروج. وشَغَتْ سِنُّه شُغُوّاً وشَغِيَتْ
شَغىً ورجلٌ أَشْغى وامرأَة شَغواءُ وشغْياءُ مُعاقَبَةٌ، حجازيَّة،
والجمع شُغْوٌ. والسِّنُّ الشّاغِيَةُ: هي الزائِدَةُ على الأَسنان، وهي
المُخالفة لنِبْتَة غيرها من الأَسْنان، وقد شَغِيَ يَشْغى شَغاً، مقصورٌ.
قال ابن بري: الشَّغا اختِلاف نِبْتَة الأَسْنانِ وليسَ الزِّيادَة كما
ذكرَه الجوهري. وفي حديث عُمَر: أَنَّ رجلاً من تميم شَكا إليه الحاجة
فَمارَهُ فقال: بعدَ حَوْلٍ لأُلِمَّنَّ بعُمَر، وكان شاغِيَ السِّنِّ فقال:
ما أُرى عُمَر إلاَّ سيَعرفُني، فعالَجَها حتى قلعَها؛ الشَّاغِيةُ من
الأَسنان: التي تخالِفُ نِبْتَتُها نِبْتَة أَخَواتِها، وقيل: هو خروج
الثَّنيَّتَيْن، وقيل: هو الذي تقع أَسنانُه العُليا تحتَ رؤوس السُّفْلى،
قال ابن الأَثير: والأَوَّل أَصحّ، ويروى: شاغِنَ، بالنون،وهو تصحيف. وفي
حديث عثمان: جِيء إليه بعامِر ابن قيْسٍ
(* قوله «بعامر بن قيس» في بعض
نسخ التهذيب: بعامر بن عبد قيس). فرأَى شيخاً أَشْغى؛ ومنه حديث كعب:
تكونُ فتْنَةٌ ينهَضُ فيها رجلٌ من قريش أَشْغى، وفي رواية: له سِنٌّ
شاغِيةٌ.
والشَّغْواءُ: العُقابُ، قيل لها ذلك لفَضْلٍ في منقارها الأَعلى على
الأَسفل، وقيل: سُمِّيت بذلك لتَعَقُّفٍ في مِنْقارها؛ قال الشاعر:
شَغْواءُ تُوطِنُ بين الشِّيقِ والنِّيق
وقال أَبو كاهل اليشكُري يشبّه ناقَتَه بالعُقاب:
كأَنَّ رِجْلي على شَغْواءَ حادِرَةٍ
ظَمْياءَ، قد بُلَّ مِنْ طَلٍّ خَوافِيها
سميت بذلك لانعطاف منقارها الأَعلى.
والتَّشْغِيَةُ: تَقطِيرُ البَوْل، والاسمُ الشَّغى. الأَزهري:
الشَّغْية أَن يقْطُر البَوْلُ قليلاً قليلاً. وفي حديث عمر: أَنَّه ضرَبَ
امرأَةً حتى أَشاغَتْ ببَوْلها، هكذا يروى وإنما هو أَشْغَتْ. والإشْغاءُ: أَن
يقْطُر البَوْلُ قليلاً قليلاً. وأَشْغَى فلانٌ رأْيَه إذا فرَّقَه؛
وقال:
أَبْلِغْ عَلِيّاً، أَطال اللهُ ذُلَّهُمُ
أَنَّ البُكَيْرَ الذي أَشْغَوْا به هَمَلُ
وبُكَيْرٌ: اسم رجل قَتلُوه، هَمَلٌ: غير صحيح.
سفل: السُّفْلُ والسِّفْلُ والسُّفُولُ والسَّفال والسُّفالة، بالضم.
نقيضُ العُلْوِ والعِلْوِ والعُلُوِّ والعَلاءِ والعُلاوة. والسُّفْلى:
نقيضُ العُلْيا. والسُّفْلُ: نقيض العُلْوِ في التَّسَفُّل والتَّعَلِّي.
والسافِلةُ: نقيض العالِية في الرُّمْح والنهر وغيره. والسَّافِلُ: نقيض
العالي. والسِّفْلة: نقيضُ العِلْية. والسَّفَالُ: نقيض العَلاء. قال ابن
سيده: والأَسْفَل نَقِيض الأَعْلى، يكون اسماً وظرفاً. ويقال: أَمرهم في
سَفَال وفي عَلاء. والسُّفُولُ: مصدر وهو نقيض العُلُوِّ، والسِّفْل نقيض
العِلْوِ في البناء. وفي التنزيل العزيز: والرَّكْبُ أَسْفَلَ منكم، قرئ
بالنصب لأَنه ظرف، ويقرأ أَسْفَلُ منكم، بالرفع، أَي أَشدُّ تَسَفُّلاً
منكم. والسَّفَالة، بالفتح: النَّذَالة، قد سَفُلَ، بالضم. وقوله عز وجل:
ثم رَدَدْناه أَسْفَلَ سافِلِين؛ قيل: معناه إِلى الهَرَم، وقيل إِلى
التَّلَف، وقيل رَدَدْناه إِلى أَرْذل العُمُر كأَنه قال رددناه أَسْفَلَ
مَنْ سَفَل وأَسْفَلَ سافِلٍ، وقيل إِلى الضلال، لأَن كل مولود يولد على
الفِطْرة فمن كفر وَضَلَّ فهو المردود إِلى أَسفل السافلين، كما قال عز
وجل: إِن الإِنسان لفي خُسْر إِلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات؛ وجمعها
أَسافِلُ؛ قال أَبو ذؤيب:
بأَطْيَبَ مِن فيها إِذا جِئْتُ طارِقاً،
وأَشْهَى إِذا نامت كِلابُ الأَسافِل
أَراد أَسافل الأَودية يسكنها الرُّعَاة، وهم آخر من ينام لِتَشاغُلِهم
بالرَّبْط والحَلْب، وقد سَفَلَ وسَفُلَ يَسْفُل فيهما سَفَالاً
وسُفُولاً وتَسَفَّلَ. وسَفِلة الناس وسِفْلَتُهم: أَسافِلهُم وغَوْغاؤهم، قال
ابن السكيت: هم السَّفِلة لأَرذال الناس، وهم من عِلْيَة القوم، ومن العرب
من يُخَفِّف فيقول: هم السِّفْلة. وفلان من سِفْلة القوم إِذا كان من
أَراذِلهم، فَيَنْقُل كسرة الفاء إِلى السين. الجوهري: السَّفِلة السُّقَاط
من الناس، يقال: هو من السَّفِلة، ولا يقال هو سَفِلة لأَنها جمع،
والعامة تقول رجل سَفِلة من قوم سَفِلٍ، قال ابن الأَثير: وليس بعربي. وفي حديث
صلاة العيد: فقالت امرأَة من سَفِلة النِّساء، بفتح السين وكسر الفاء،
وهي السُّقَاط، قال ابن بري: حكى ابن خالويه أَنه يقال السِّفِلة،
بكسرهما، وحكي عن أَبي عمر أَن المراد بها أَسْفَل السُّفْل، قال: وكذا قال
الوزير، يقال لأَسفل السُّفُل سَفِلة. وسأَل رجل التِّرْمِذي فقال له: قالت
لي امرأَتي يا سَفِلة فقلت لها: إِن كُنْتُ سَفِلة فأَنت طالق فقال له:
ما صَنْعَتُك؟ قال: سَمَّاكٌ، أَعَزَّك اللهُ قال: سَفِلةٌ، والله قال:
فظاهر هذه الحكاية أَنه يجوز أَن يقال للواحد سَفِلة. وأَسافِلُ الإِبل:
صغارُها؛ وأَنشد أَبو عبيد:
تَوَاكَلَها الأَزْمانُ، حتى أَجَأْنَها
إِلى جَلَدٍ منها قليلِ الأَسافِل
أَي قليل الأَولاد. والسافِلَة: المَقْعَدة والدُّبُرُ. والسَّفِلة،
بكسر الفاء: قوائم البعير. ابن سيده: وسَفِلةُ البعير قوائمُه لأَنها أَسفل.
وسافلةُ الرُّمح: نصفه الذي يلي الزُّجَّ. وقَعَد في سُفَالة الريح
وعُلاوتها وقَعَدَ سُفَالَتَها وعُلاوَتها. فالعُلاوةُ من حيث تَهُبُّ،
والسُّفالة ما كان بإِزاء ذلك، وقيل: سُفَالة كل شيء وعُلاوتُه أَسْفَلُه
وأَعْلاه، وقيل: كُنْ في عُلاوةِ الرِّيح وسُفَالة الريح، فأَما عُلاوتُها
فأَن تكون فوق الصيد، وأَما سُفَالتها فأَن تكون تحت الصيد لا تستقبل
الريح.والتَّسْفِيل: التصويب. والتَّسَفُّل: التَّصوُّب.
رثم: الرَّثَمُ والرُّثْمةُ: بياض في طرف أَنف الفرس، وقيل: هو في
جَحْفَلَةِ الفرس العليا، وقيل: هو كل بياض قل أَو كثر إِذا أَصاب
الجَحْفَلة العليا إِلى أَن يبلغ المَرْسِنَ، وقيل: هو البياض في الأَنف؛ وقد
رَثِمَ رَثَماً، فهو رَثِمٌ وأَرْثَمُ، والأُنثى رَثْماء. قال أَبو عبيدة في
شيات الفرس: إِذا كان بجَحْفَلَةِ
الفرس العليا بياض فهو أَرْثَمُ، وإِن كان بالسُّفلى بياض فهو أَلْمظُ،
وهي الرُّثْمَةُ واللُّمظَةُ، الجوهري: وقد ارْثَمَّ الفرس ارْثِماماً
صار أَرْثَمَ. وفي الحديث: خير الخيل الأَرْثَمُ
الأَقْرَحُ؛ الأَرَْثَمُ الذي أَنفه أَبيض وشفته العليا. ونعجة رَثْماء:
سوداء الأَرْنَبَة وسائرها أَبيض. ورَثَمَ
أَنفه وفاه يَرْثِمُهُ رَثْماً، فهو مَرْثُومُ ورَثيم إِذا كسره حتى
تَقَطَّرَ
منه الدم، وكذلك رَتَمَه، بالتاء. وكل ما لُطِخَ بدم أَو كسر فهو
رَثِيم. الليث: تقول العرب رَثَمْتُ فاه رَثْماً، والرَّثْمُ تَخْديش وشق من
طرف الأَنف حتى يخرج الدم فيقطر. وفي حديث أَبي ذر: بيانك عن الأَرْثَمِ
صدقة؛ قال ابن الأَثير: هو الذي لا يُصَحِّح كلامه ولا يُبَيِّنُهُ لآفةٍ
في لسانه، وأَصله من رَثيم الحَصى، وهو ما دُقَّ منه بالأَخْفاف أَو من
رَثَمْتُ أَنفه إِذا كسرته فكأَنّ فمه قد كسر فلا يُفْصِحُ في كلامه، وقد
ذكر في رَتَمَ بالتاء. ورَثَمَتِ المرأَة أَنفها بالطيب: لطَخَتْهُ
وطَلَتْهُ، وهو على التشبيه. والمِرْثَمُ: الأَنف في بعض اللغات من ذلك.
ورَثِمَ مَنْسِمُ البعير: دَمِيَ. التهذيب: والرَّثْمُ كسر من طرف مَنْسِمِ
البعير؛ قال ذو الرُّمَّةِ يصف امرأَة:
تَثْني النِّقابَ على عِرْنِينِ أَرْنَبَة
شَمَّاء، مارِنُها بالمِسْكِ مَرْثوم
قال الأَصمعي: الرَّثْم أَصله الكسر، فشبه أَنفها مُلَغَّماً بالطيب
بأَنف مكسور ملطخ بالدم، كأَنه جعل المسك في المارِنِ شَبيهاً بالدم في
الأَنف المَرْثوم. وخُفّ مَرْثُوم مثل مَلْثُوم إِذا أَصابته حجارة فَدَمِيَ؛
وقال لبيد في المَنْسِمِ:
بِرَثِيمٍ مَعِرٍ دامي الأَظَلّ
مَنْسِمٌ رَثِيم: أَدْمَتْهُ
الحجارة. وحَصىً رَثِيمٌ ورَثْمٌ إِذا انكسر؛ قال الطَّرماح:
رَثِيم الحَصى من مَلْكِها المُتَوَضِّحِ
قال أَبو منصور: وكل كسر ثَرْمٌ ورَتْمٌ ورَثْم؛ وقال الشاعر:
لأَصْبَحَ رَثْماً دُقاقَ الحَصى،
مكان النبيِّ من الكاثِب
(* راجع البيت في مادة رتم).
والرَّثِيمةُ: الفأْرة.
يدي: اليَدُ: الكَفُّ، وقال أَبو إِسحق: اليَدُ من أَطْراف الأَصابع
إِلى الكف، وهي أُنثى محذوفة اللام، وزنها فَعْلٌ يَدْيٌ، فحذفت الياء
تخفيفاً فاعْتَقَبت حركة اللام على الدال، والنسَبُ إِليه على مذهب سيبويه
يَدَوِيٌّ، والأَخفش يخالفه فيقول: يَدِيٌّ كَنَدِيٍّ، والجمع أَيْدٍ، على
ما يغلب في جمع فَعْلٍ في أَدْنى العَدَد. الجوهريّ: اليَدُ أَصلها يَدْيٌ
على فَعْل، ساكنة العين، لأَن جمعها أَيْدٍ ويُدِيٌّ، وهذا جمع فَعْلٍ
مثل فَلْسٍ وأَفْلُسٍ وفُلُوسٍ، ولا يجمع فَعَلٌ على أَفْعُل إِلا في حروف
يسيرة معدودة مثل زَمَنٍ وأَزْمُنٍ وجَبَلٍ وأَجْبُلٍ وعصاً وأَعْصٍ،
وقد جمعت الأَيْدي في الشعر على أَيادٍ؛ قال جندل بن المثنى
الطُّهَوِيّ:كأَنه، بالصَّحْصَحانِ الأَنْجَلِ،
قُطْنٌ سُخامٌ بأَيادي غُزَّلِ
وهو جمع الجمع مثل أَكْرُعٍ وأَكارِعَ؛قال ابن بري: ومثله قول الآخر:
فأَمَّا واحداً فكفاكَ مِثْلي،
فمَنْ لِيَدٍ تُطاوِحُها الأَيادِي؟
(* قوله «واحداً» هو بالنصب في الأصل هنا وفي مادة طوح من المحكم، والذي
وقع في اللسان في طوح: واحد، بالرفع.)
وقال ابن سيده: أَيادٍ جمع الجمع؛ وأَنشد أَبو الخطاب:
ساءها ما تَأَمَّلَتْ في أَيادِيـ
ـنا وإِشناقَها إِلى الأَعْناقِ
(* قوله« واشناقها» ضبط في الأصل بالنصب على أن الواو للمعية، وقع في
شنق مضبوطاً بالرفع.) وقال ابن جني: أَكثر ما تستعمل الأَيادي في النِّعم
لا في الأَعْضاء. أَبو الهيثم: اليَدُ اسم على حرفين، وما كان من الأَسامي
على حرفين وقد حذف منه حرف فلا يُردّ إِلا في التصغير أَو فى التثنية
أَو الجمع، وربما لم يُردَّ في التثنية، ويثنى على لفظ الواحد. وقال بعضهم:
واحد الأَيادي يَداً كما ترى مثل عَصاً ورَحاً ومَناً، ثم ثَنَّوْا
فقالوا يَدَيانِ ورَحَيانِ ومَنَوانِ؛ وأَنشد:
يَدَيان بَيْضاوانِ عنْدَ مُحَلِّمٍ
قدْ يَمْنَعانِك بَيْنُهمْ أَن تُهْضَما
ويروى: عند مُحَرِّق؛ قال ابن بري: صوابه كما أَنشده السيرافي وغيره:
قد يَمْنَعانِك أَن تُضامَ وتُضْهَدا
قال أَبو الهيثم: وتجمع اليَدُ يَدِيّاً مثل عَبْدٍ وعَبيدٍ، وتجمع
أَيْدِياً ثم تجمع الأَيْدي على أَيْدِينَ، ثم تجمع الأَيْدي أَيادِيَ؛
وأَنشد:
يَبْحَثْنَ بالأَرْجُلِ والأَيْدِينا
بَحْثَ المُضِلاَّت لما يَبْغِينا
وتصغر اليَدُ يُدَيَّةً؛ وأَما قوله أَنشده سيبويه لمضَرِّس ابن رِبْعِي
الأَسدي:
فطِرْتُ بِمُنْصُلي في يَعْمَلاتٍ،
دَوامي الأَيْدِ يَخْبِطْنَ السَّرِيحا
فإِنه احتاج إِلى حذف الياء فحذفها وكأَنه توهّم التنكير في هذا فشبه
لام المعرفة بالتنوين من حيث كانت هذه الأَشياء من خواص الأَسماء، فحذفت
الياء لأَجل اللام كما تحذفها لأَجل التنوين؛ ومثله قول الآخر:
لا صُلْحَ يَيْني، فاعْلَمُوه، ولا
بَيْنَكُمُ ما حَمَلَتْ عاتِقِي
سَيْفِي، وما كُنَّا بنَجْدٍ، وما
قَرْقَرَ قُمْرُ الوادِ بالشَّاهِقِ
قال الجوهري: وهذه لغة لبعض العرب يحذفون الياء من الأَصل مع الأَلف
واللام فيقولون في المُهْتَدِي المُهْتَدِ، كما يحذفونها مع الإِضافة في مثل
قول خفاف بن ندبة:
كنَواحِ رِيشِ حَمامةٍ نَجْدِيَّةٍ،
ومَسَحْتُ باللِّثَتَيْنِ عَصْفَ الإِثْمِدِ
أَراد كنواحي، فحذف الياء لَمَّا أَضاف كما كان يحذفها مع التنوين،
والذاهب منها الياء لأَن تصغيرها يُدَيَّةٌ، بالتشديد، لاجتماع الياءين؛ قال
ابن بري: وأَنشد سيبويه بيت خفاف: ومَسَحْتِ، بكسر التاء، قال: والصحيح
أَن حذف الياء في البيت لضرورة الشعر لا غير، قال: وكذلك ذكره سيبويه، قال
ابن بري: والدليل على أَنَّ لام يَدٍ ياء قولهم يَدَيْتُ إِليه يَداً،
فأَما يُدَيَّةٌ فلا حجة فيها لأَنها لو كانت في الأَصل واواً لجاء
تصغيرها يُدَيَّةً كما تقول في غَرِيَّة غُرَيَّةً، وبعضهم يقول لذي
الثُّدَيَّةِ ذو اليُدَيَّةِ، وهو المقتول بنَهْرَوانَ.
وذو اليَدَيْن: رجل من الصحابة يقال سمي بذلك لأَنه كان يَعمل بيديه
جميعاً، وهو الذي قال للنبي، صلى الله عليه وسلم، أَقَصُرَتِ الصلاةُ أَم
نَسِيتَ؟ ورجل مَيْدِيٌّ أَي مقطوع اليد من أَصلها. واليُداء: وجع اليد.
اليزيدي: يَدِيَ فلان من يَدِه أَي ذَهَبَتْ يدُه ويَبِسَتْ. يقال: ما له
يَدِيَ من يَده، وهو دعاء عليه، كما يقال تَرِبَتْ يَداه؛ قال ابن بري:
ومنه قول الكميت:
فأَيٌّ ما يَكُنْ يَكُ، وَهْوَ مِنَّا
بأَيْدٍ ما وبَطْنَ ولا يَدِينا
(*قوله« فأي» الذي في الاساس: فأياً، بالنصب.)
وبَطْنَ: ضَعُفْنَ ويَدِينَ: شَلِلْنَ. ابن سيده: يَدَيْتُه ضربت يدَه
فهو مَيْدِيٌّ. ويُدِيَ: شَكا يَدَه، على ما يَطَّرِد في هذا النحو.
الجوهريّ: يَدَيْتُ الرجل أَصَبْتُ يَده فهو مَيْدِيٌّ، فإِن أَردت أَنك اتخذت
عنده يَداً قلت أَيْدَيْت عنده يداً، فأَنا مُودٍ، وهو مُودًى إِليه،
ويَدَيْتُ لغة؛ قال بعض بني أَسد:
يَدَيْتُ على ابنِ حَسْحاسِ بنِ وَهّبٍ،
بأَسْفَلِ ذِي الجِذاةِ، يَدَ الكَريمِ
قال شمر: يَدَيْتُ اتخذت عنده يَداً؛ وأَنشد لابن أَحمر:
يَدٌ ما قد يَدَيْتُ على سُكَينٍ
وعَبْدِ اللهِ، إِذْ نَهِشَ الكُفُوفُ
قال: يَدَيْت اتخذت عنده يَداً. وتقول إِذا وقَع الظَّبْيُ في
الحِبالةِ: أَمَيْدِيٌّ أَم مَرْجُولٌ أَي أَوْقَعَتْ يدهُ في الحِبالةِ أَم
رِجْلُه؟ ابن سيده: وأَما ما روي من أَنَّ الصدقة تقع في يَد الله فتأَويله
أَنه يَتَقبَّلُ الصَّدَقة ويُضاعِفُ عليها أَي يزيد: وقالوا: قَطَعَ اللهُ
أَدَيْه، يريدون يَدَيه، أَبدلوا الهمزة من الياء، قال: ولا نعلمها
أُبدلت منها على هذه الصورة إِلا في هذه الكلمة، وقد يجوز أَن يكون ذلك لغة
لقلة إِبدال مثل هذا. وحكى ابن جني عن أَبي عليّ: قَطَعَ الله أَدَه،
يريدُون يَدَه، قال: وليس بشيء.قال ابن سيده: واليَدا لغة في اليَدِ، جاء
متمماً على فَعَلٍ؛ عن أَبي زيد؛ وأَنشد:
يا رُبَّ سارٍ سارَ ما تَوَسَّدا
إِلاَّ ذِراعَ العَنْسِ، أَو كفَّ اليَدا
وقال آخر:
قد أَقْسَمُوا لا يَمْنَحُونَكَ نَفْعَةً
حتى تَمُدَّ إِليهمُ كَفَّ اليَدا
قال ابن بري: ويروى لا يمنحونك بَيْعةً، قال: ووجه ذلك أَنه ردّ لام
الكلمة إِليها لضرورة الشعر كما ردّ الآخرلام دم إِليه عند الضرورة، وذلك في
قوله:
فإِذا هِي بِعِظامٍ ودَمَا
وامرأَةٌ يَدِيَّةٌ أَي صنَاعٌ، وما أَيْدَى فلانةَ، ورجل يَدِيٌّ.
ويَدُ القَوْسِ: أَعلاها على التشبيه كما سمَّوا أَسْفَلَها رِجْلاً، وقيل:
يَدُها أَعْلاها وأَسْفَلُها، وقيل: يَدُها ما عَلا عن كَبِدِها، وقال
أَبو حنيفة: يَدُ القَوْسِ السِّيةُ اليُمْنى؛ يرويه عن أَبي زياد الكلابي.
ويَدُ السيفِ: مَقْبِضُه على التمثيل: ويَدُ الرَّحَى: العُود الذي
يَقْبِض عليه الطَّاحِنُ. واليَدُ: النِّعْمةُ والإِحْسانُ تَصْطَنِعُه
والمِنَّةُ والصَّنِيعَةُ، وإِنما سميت يداً لأَنها إِنما تكون بالإِعْطاء
والإِعْطاءُ إِنالةٌ باليد، والجمع أَيدٍ، وأَيادٍ جمع الجمع، كما تقدم في
العُضْوِ، ويُدِيٌّ ويَدِيٌّ في النعمة خاصّة؛ قال الأَعشى:
فَلَنْ أَذْكُرَ النُّعْمانَ إِلاَّ بصالِحٍ،
فإِنَّ له عندي يُدِيّاً وأَنْعُما
ويروى: يَدِيّاً، وهي رواية أَبي عبيد فهو على هذه الرواية اسم للجمع،
ويروى: إِلا بنِعْمةٍ. وقال الجوهري في قوله يَدِيّاً وأَنْعُما: إِنما
فتح الياء كراهة لتوالي الكسرات، قال: ولك أَن تضمها، وتجمع أَيضاً على
أَيْدٍ؛ قال بشر بن أَبي خازم:
تَكُنْ لك في قَوْمِي يَدٌ يَشْكُونها،
وأَيْدِي النَّدَى في الصالحين قُرُوضُ
قال ابن بري في قوله:
فلَنْ أَذْكُرَ النعمان إِلا بصالح
البيت لضَمْرةَ بن ضَمْرَةَ النَّهْشَلي؛ وبعده:
تَرَكْتَ بَني ماء السماء وفِعْلَهُم،
وأَشْبَهْتَ تَيْساً بالحِجازِ مُزَنَّما
قال ابن بري: ويَدِيٌّ جمع يَدٍ، وهو فَعِيلٌ مثل كلْب وكَلِيب وعَبْد
وعَبيد، قال: ولو كان يَدِيٌّ في قول الشاعر يَدِيّاً فُعُولاً في الأصل
لجاز فيه الضم والكسر، قال: وذلك غير مسموع فيه. ويَدَيْتُ إِليه يَداً
وأَيْدَيْتُها: صَنَعْتها. وأَيْدَيْتُ عنده يداً في الإِحسان أَي
أَنْعَمْت عليه. ويقال: إِنَّ فلاناً لذو مال يَيْدِي به ويَبُوع به أَي يَبْسُط
يَدَه وباعه. ويادَيْتُ فلاناً: جازَيْتُه يداً بيد، وأَعطيته مُياداةً
أَي من يدِي إِلى يده.الأَصمعي: أَعطيته مالاً عن ظهر يد، يعني تفضلاً ليس
من بيع ولا قَرْض ولا مُكافأَة. الليث: اليَدُ النِّعْمةُ السابغةُ.
ويَدُ الفأْسِ ونحوِها: مَقْبِضُها. ويَدُ القَوْسِ: سِيَتُها. ويدُ
الدَّهْر: مَدُّ زمانه. ويدُ الرِّيحِ: سُلْطانُها؛ قال لبيد:
نِطافٌ أَمرُها بِيَدِ الشَّمال
لَمَّا مَلَكَتِ الريحُ تصريف السَّحاب جُعل لها سُلطان عليه. ويقال:
هذه الصنعة في يَدِ فلان أَي في مِلْكِه، ولا يقال في يَدَيْ فلان.
الجوهري: هذا الشيء في يَدِي أَي في مِلْكي. ويَدُ الطائر: جَناحُه. وخَلَعَ
يدَه عن الطاعة: مثل نزَعَ يدَه، وأَنشد:
ولا نازِعٌ مِن كلِّ ما رابَني يَدا
قال سيبويه: وقالوا بايَعْتُه يَداً بيَدٍ، وهي من الأَسماء الموضوعة
مَوْضِعَ المَصادِر كأَنك قلت نَقْداً، ولا ينفرد لأَنك إِنما تريد أَخذَ
مني وأَعْطاني بالتعجيل، قال: ولا يجوز الرفع لأَنك لا تخبر أَنك
بايَعْتَه ويدُك في يَدِه. واليَدُ: القُوَّةُ. وأَيَّدَه الله أَي قَوَّاه. وما
لي بفلان يَدانِ أَي طاقةٌ. وفي التنزيل العزيز: والسَّماءَ بَنَيْناها
بأَيْدٍ؛ قال ابن بري:
ومنه قول كعب بن سعد الغَنَويِّ:
فاعمِدْ لِما يَعْلُو، فما لكَ بالذي
لا تستَطِيعُ من الأُمورِ يَدانِ
وفي التنزيل العزيز: مما عملت أَيدينا، وفيه: بما كسَبَتْ أَيدِيكم.
وقول سيدنا رسول الله،صلى الله عليه وسلم: المُسْلِمُونَ تتَكافَأُ دماؤُهم
ويَسْعَى بذِمَّتهم أَدْناهم وهم يَدٌ على مَن سِواهم أَي كَلِمَتُهم
واحدة، فبعضُهم يُقوِّي بَعْضاً، والجمع أَيْدٍ، قال أَبو عبيد: معنى قوله
يَدٌ على مَن سواهم أَي هم مجتمعون على أَعدائِهم وأَمرُهم واحد، لا
يَسَعُهم التَّخاذُل بل يُعاوِنُ بعضُهم بعضاً، وكَلِمَتُهم ونُصْرَتُهم
واحدةٌ على جميع المِلَلِ والأَدْيانِ المُحاربةِ لهم، يتَعاوَنون على جميعهم
ولا يَخْذُل بعضُهم بعضاً، كأَنه جعل أَيْدِيَهم يَداً واحدةً وفِعْلَهم
فِعْلاً واحداً. وفي الحديث: عليكم بالجماعةِ فإِنَّ يدَ اللهِ على
الفُسْطاطِ؛ الفُسْطاطُ: المِصْرُ الجامِعُ، ويَدُ اللهِ كناية عن الحِفظ
والدِّفاع عن أَهل المصر، كأَنهم خُصُّوا بواقِيةِ اللهِ تعالى وحُسْنِ
دِفاعِه؛ ومنه الحديث الآخر: يَدُ اللهِ على الجَماعةِ أَي أَنَّ الجماعة
المُتَّفِقةَ من أَهل الإِسلام في كَنَفِ اللهِ، ووِقايَتُه فَوْقَهم، وهم
بَعِيد من الأَذَى والخوْف فأَقِيموا بين ظَهْر انَيهِمْ. وقوله في
الحديث: اليَدُ العُلْيا خَيْرٌ من اليَدِ السُّفْلى؛ العُلْيا المُعْطِيةُ،
وقيل: المُتَعَفِّفَةُ، والسُّفْلى السائلةُ، وقيل: المانِعةُ. وقوله، صلى
الله عليه وسلم، لنسائه: أَسْرَعُكُنَّ لُحوقاً بي أَطْوَلُكُنَّ يَداً؛
كَنَى بطُولِ اليد عن العَطاء والصَّدَقةِ. يقال: فلان طَوِيلُ اليَدِ
وطويلُ الباعِ إِذا كان سَمْحاً جَواداً. وكانت زينب تُحِبُّ الصَّدقة وهي
ماتت قَبْلَهنَّ. وحديث قَبِيصةَ: ما رأَيتُ أَعْطَى للجَزِيل عن ظَهْرِ
يَدٍ من طَلْحَة أَي عن إِنْعامٍ ابتداء من غيرِ مكافأََةٍ. وفي التنزيل
العزيز: أُولي الأَيدي والأَبْصار؛ قيل: معناه أُولي القُوَّة والعقول.
والعرب تقول: ما لي به يَدٌ أَي ما لي به قُوَّة، وما لي به يَدانِ، وما
لهم بذلك أَيْدٍ أَي قُوَّةٌ، ولهم أَيْدٍ وأَبْصار وهم أُولُو الأَيْدي
والأَبْصار. واليَدُ: الغِنَى والقُدْرةُ، تقول: لي عليه يَدٌ أَي قُدْرة.
ابن الأَعرابي: اليَدُ النِّعْمةُ، واليَدُ القُوَّةُ، واليَدُ
القُدْرة، واليَدُ المِلْكُ، واليَدُ السُلْطانُ، واليَدُ الطاعةُ، واليَدُ
الجَماعةُ، واليَدُ الأَكْلُ؛ يقال: ضَعْ يدَكَ أَي كُلْ، واليَدُ النَّدَمُ،
ومنه يقال: سُقِط في يده إِذا نَدِمَ، وأُسْقِطَ أَي نَدِمَ. وفي التنزيل
العزيز: ولما سُقِطَ في أَيديهم؛ أَي نَدِمُوا، واليَدُ الغِياثُ،
واليَدُ مَنْعُ الظُّلْمِ، واليَدُ الاسْتِسلامُ، واليدُ الكَفالةُ في
الرَّهْن؛ ويقال للمعاتِب: هذه يدي لكَ. ومن أَمثالهم: لِيَدٍ ما أَخَذتْ؛
المعنى من أَخذ شيئاً فهو له. وقولهم: يدي لكَ رَهْنٌ بكذا أَي ضَمِنْتُ ذلك
وكَفَلْتُ به. وقال ابن شميل: له عليَّ يَدٌ، ولا يقولون له عندي يدٌ؛
وأَنشد:
له عليَ أَيادٍ لَسْتُ أَكْفُرُها،
وإِنما الكُفْرُ أَنْ لا تُشْكَرَ النِّعَمُ
قال ابن بزرج: العرب تشدد القوافي وإِن كانت من غير المضاعف ما كان من
الياء وغيره؛ وأَنشد:
فجازُوهمْ بما فَعَلُوا إِلَيْكُمْ،
مُجازاةَ القُرُومِ يَداً بيَدِّ
تَعالَوْا يا حَنِيفَ بَني لُجَيْمٍ،
إِلَى مَنْ فَلَّ حَدَّكُمُ وَحَدِّي
وقال ابن هانئ: من أَمثالهم:
أَطاعَ يَداً بالقَوْدِ فهو ذَلُولُ
إِذا انْقادَ واستسلمَ. وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال في
مناجاته ربه وهذه يدي لك أَي اسْتَسْلَمَتُ إِليك وانْقَدْت لك، كما يقال
في خلافِه: نزَعَ يدَه من الطاعة؛ ومنه حديث عثمان، رضي الله تعالى عنه:
هذه يَدي لعَمَّار أَي أَنا مُسْتَسْلِمٌ له مُنْقادٌ فليَحْتَكِمْ عليَّ
بما شاء. وفي حديث علي، رضي الله عنه: مرَّ قومٌ من الشُّراة بقوم من
أَصحابه وهم يَدْعُون عليهم فقالوا بِكُم اليَدانِ أَي حاقَ بكم ما
تَدْعُون به وتَبْسطُون أَيْدِيَكم. تقول العرب: كانت به اليَدانِ أَي فَعَلَ
اللهُ به ما يقولُه لي، وكذلك قولهم: رَماني من طُولِ الطَّوِيِّ وأَحاقَ
اللهُ به مَكْرَه ورجَع عليه رَمْيُه، وفي حديثه الآخر: لما بلغه موت
الأَشتر قال لليَدَيْنِ وللفَمِ؛ هذه كلمة تقال للرجل إِذا دُعِيَ عليه
بالسُّوء، معناه كَبَّه الله لوجهه أَي خَرَّ إِلى الأَرض على يدَيه وفِيهِ؛
وقول ذي الرمة:
أَلا طَرَقَتْ مَيٌّ هَيُوماً بذِكْرِها،
وأَيْدِي الثُّرَيّا جُنَّحٌ في المَغارِب
استعارةٌ واتساع، وذلك أَنَّ اليَدَ إِذا مالَتْ نحو الشيء ودَنَتْ
إِليه دَلَّتْ على قُرْبها منه ودُنوِّها نحوَه، وإِنما أَراد قرب الثريا من
المَغْربِ لأُفُولها فجعل لها أَيْدِياً جُنَّحاً نحوها؛ قال لبيد:
حتى إِذا أَلْقَتْ يَداً في كافِرٍ،
وأَجَنَّ عَوْراتِ الثُّغُورِ ظَلامُها
يعني بدأَت الشمس في المَغِيب، فجعل للشمس يَداً إِلى المَغِيب لما
أَراد أَن يَصِفَها بالغُروب؛ وأَصل هذه الاستعارة لثعلبة بن صُعَيْر المازني
في قوله:
فتَذَكَّرا ثَقَلاً رَثِيداً بَعْدَما
أَلْقَتْ ذُكاءُ يَمِينها في كافِرِ
وكذلك أَراد لبيد أَن يُصرِّح بذكر اليمين فلم يمكنه. وقوله تعالى: وقال
الذين كفروا لَنْ نُؤْمِنَ بهذا القرآن ولا بالذي بين يَدَيْهِ؛ قال
الزجاج: أَراد بالذي بين يديه الكُتُبَ المُتَقَدِّمة، يعنون لا نُؤمن بما
أَتى به محمد،صلى الله عليه وسلم، ولا بما أَتَى به غيرُه من الأَنبياء،
عليهم الصلاة والسلام. وقوله تعالى: إِنْ هُو إِلاّ نَذِيرٌ لكم بَيْنَ
يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ؛ قال الزجاج: يُنْذِرُكُم أَنَّكم إِنْ عَصَيْتُم
لَقِيتُم عذاباً شديداً. وفي التنزيل العزيز: فَرَدُّوا أَيْدِيَهم في
أَفْواهِهم: قال أَبو عبيدة: تركوا ما أُمِرُوا به ولم يُسْلِمُوا؛ وقال
الفراء: كانوا يُكَذِّبونهم ويردّون القول بأَيديهم إِلى أَفْواهِ الرسل،
وهذا يروى عن مجاهد، وروي عن ابن مسعود أَنه قال في قوله عز وجل: فَرَدُّوا
أَيْدِيَهم في أَفْواهِهم؛ عَضُّوا على أَطْرافِ أَصابعهم؛ قال
أَبومنصور: وهذا من أَحسن ما قيل فيه، أَراد أَنهم عَضُّوا أَيْدِيَهم حَنَقاً
وغَيْظاً؛ وهذا كما قال الشاعر:
يَرُدُّونَ في فِيهِ عَشْرَ الحَسُود
يعني أَنهم يَغِيظُون الحَسُودَ حتى يَعَضَّ على أَصابِعه؛ونحو ذلك قال
الهذلي:
قَدَ افْنَى أَنامِلَه أَزْمُه،
فأَمْسَى يَعَضُّ عَليَّ الوَظِيفا
يقول: أَكل أَصابِعَه حتى أَفْناها بالعَضِّ فصارَ يَعَضُ وَظِيفَ
الذراع. قال أَبو منصور: واعتبار هذا بقوله عز وجل: وإِذا خَلَوْا عَضُّوا
عليكم الأَنامِلَ من الغَيْظِ. وقله في حديث يأْجُوجَ ومأْجُوجَ: قد
أَخْرَجْتُ عِباداً لِي لا يَدانِ لأَحَدٍ بِقِتالِهمْ أَي لا قُدْرَةَ ولا
طاقَة. يقال: ما لي بهذا الأَمر يَدٌ ولا يَدانِ لأَن المُباشَرةَ والدِّفاعَ
إِنما يكونان باليَدِ، فكأَنَّ يَدَيْهِ مَعْدُومَتانِ لعجزه عن
دَفْعِه. ابن سيده: وقولهم لا يَدَيْنِ لك بها، معناه لا قُوّة لك بها، لم يحكه
سيبويه إِلا مُثنى؛ ومعنى التثنية هنا الجمع والتكثير كقول الفرزدق:
فكُلُّ رَفِيقَي كُلّ رَحْلٍ
قال: ولا يجوز أَن تكون الجارحة هنا لأَن الباء لا تتعلق إِلا بفعل أَو
مصدر. ويقال: اليَدُ لفلان على فلان أَي الأَمْرُ النافِذُ والقَهْرُ
والغَلَبةُ، كما تقول: الرِّيحُ لفلان. وقوله عز وجل: حتى يُعْطُوا
الجِزْيةَ عن يَدٍ؛ قيل: معناه عن ذُلٍّ وعن اعْتِرافٍ للمسلمين بأَن أَيْدِيَهم
فوق أَيْدِيهم، وقيل: عن يَدٍ أَي عن إِنْعام عليهم بذلك لأَنَّ قَبول
الجِزْية وتَرْكَ أَنْفُسهم عليهم نِعمةٌ عليهم ويَدٌ من المعروف جَزِيلة،
وقيل: عن يَدٍ أَي عن قَهْرٍ وذُلٍّ واسْتِسْلام، كما تقول: اليَدُ في
هذا لفلان أَي الأَمرُ النافِذُ لفُلان. وروي عن عثمان البزي عن يَدٍ قال:
نَقْداً عن ظهر يد ليس بنسِيئه. وقال أَبو عبيدة: كلُّ مَن أَطاعَ لمن
قهره فأَعطاها عن غير طيبةِ نَفْسٍ فقد أَعطاها عن يَدٍ، وقال الكلبي عن
يَدٍ قال: يمشون بها، وقال أَبو عبيد: لا يَجِيئون بها رُكباناً ولا
يُرْسِلُون بها. وفي حديث سَلْمانَ: وأَعْطُوا الجِزْيةَ عن يَدٍ، إِنْ أُرِيد
باليدِ يَدُ المُعْطِي فالمعنى عن يَدٍ مُواتِيةٍ مُطِيعة غير
مُمْتَنِعة، لأَن من أَبى وامتنع لم يُعطِ يَدَه، وإِن أُريد بها يَدُ الآخذ
فالمعنى عن يَد قاهرة مستولية أَو عن إِنعام عليهم، لأَنَّ قبول الجِزْيةِ
منهم وترك أَرْواحِهم لهم نِعْمةٌ عليهم. وقوله تعالى: فجعلناها نَكالاً لما
بين يَدَيْها وما خَلْفَها؛ ها هذه تَعُود على هذه الأُمَّة التي
مُسِخَت، ويجوز أَن تكون الفَعْلة، ومعنى لما بين يديها يحتمل شيئين: يحتمل أَن
يكون لما بين يَدَيْها للأُمم التي بَرَأَها وما خَلْفها للأُمم التي
تكون بعدها، ويحتمل أَن يكون لِما بين يديها لما سَلَفَ من ذنوبها، وهذا
قول الزجاج. وقول الشيطان: ثم لآتِيَنَّهم من بينِ أَيْديهِم ومن خلفهم؛
أَي لأُغُوِيَنَّهم حتى يُكَذِّبوا بما تَقَدَّمَ ويكذِّبوا بأَمر البعث،
وقيل: معنى الآية لآتِيَنَّهم من جميع الجِهات في الضَّلال، وقيل: مِن
بينِ أَيْدِيهِم أَي لأُضِلَّنَّهم في جميع ما تقدَّم ولأُضِلَّنَّهم في
جميع ما يُتَوقَّع؛ وقال الفراء: جعلناها يعني المسخة جُعِلت نَكالاً لِما
مَضَى من الذُّنوب ولما تَعْمَل بَعْدَها. ويقال: بين يديك كذا لكل شيء
أَمامَك؛ قال الله عز وجل: مِن بينِ أَيْدِيهِم ومِن خَلْفِهم. ويقال:
إِنَّ بين يَدَيِ الساعة أَهْوالاً أَي قُدَّامَها. وهذا ما قَدَّمَتْ يَداكَ
وهو تأْكيد، كما يقال هذا ما جَنَتْ يَداك أَي جَنَيْته أَنت إلا أَنك
تُؤَكِّد بها. ويقال: يَثُور الرَّهَجُ بين يَدي المطر، ويَهِيجُ
السِّباب بين يدي القِتال. ويقال: يَدِيَ فلان مِن يَدِه إِذا شَلَّتْ. وقوله عز
وجل: يَدُ اللهِ فوق أَيْديهم؛ قال الزجاج: يحتمل ثلاثة أَوجه: جاء
الوجهان في التفسير فأَحدهما يَدُ اللهِ في الوَفاء فوقَ أَيْديهم، والآخر
يَدُ اللهِ في الثواب فوق أَيْديهم، والثالث، والله أَعلم، يَدُ اللهِ في
المِنّةِ عليهم في الهِدايةِ فَوق أَيْديهم في الطاعة. وقال ابن عرفة في
قوله عز وجل: ولا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتِرِينَه بين أَيديهن
وأَرْجُلِهِنَّ؛ أَي من جميع الجهات. قال: والأَفعال تُنْسَب إِلى الجَوارِح،
قال: وسميت جَوارح لأَنها تَكْتسب. والعرب تقول لمن عمل شيئاً يُوبَّخ به:
يَداك أَوْ كَتا وفُوكَ نَفَخَ؛ قال الزجاج: يقال للرجل إِذا وُبِّخَ ذلك
بما كَسَبَتْ يَداكَ، وإِن كانت اليَدان لم تَجْنِيا شيئاً لأَنه يقال
لكل من عَمِلَ عملاً كسَبَتْ يَداه لأَن اليَدَيْنِ الأَصل في التصرف؛ قال
الله تعالى: ذلك بما كَسَبَتْ أَيْديكم؛ وكذلك قال الله تعالى: تَبَّتْ
يدَا أَبي لَهَبٍ وتَبَّ. قال أَبو منصور: قوله ولا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ
يَفْتَرِينَه بين أَيديهن وأَرجلهن، أَراد بالبُهْتان ولداً تحمله من غير
زوجها فتقول هو من زوجها، وكنى بما بين يديها ورجليها عن الولد لأَن
فرجها بين الرجلين وبطنها الذي تحمل فيه بين اليدين. الأَصمعي: يَدُ الثوب
ما فَضَل منه إِذا تَعَطَّفْت والْتَحَفْتَ. يقال: ثوب قَصيرُ اليَدِ
يَقْصُر عن أَن يُلْتَحَفَ به. وثوبٌ يَدِيٌّ وأَدِيٌّ: واسع؛ وأَنشد
العجاج:بالدَّارِ إِذْ ثَوْبُ الصِّبا يَدِيُّ،
وإِذْ زَمانُ الناسِ دَغْفَلِيُّ
وقَمِيصٌ قصير اليدين أَي قصير الكمين. وتقول: لا أَفعله يَدَ الدَّهْر
أَي أَبداً. قال ابن بري: قال التَّوَّزِيُّ ثوب يَدِيٌّ واسع الكُمّ
وضَيِّقُه، من الأَضداد؛ وأَنشد:
عَيْشٌ يَدِيٌّ ضَيِّقٌ ودَغْفَلِي
ويقال: لا آتِيه يَدَ الدَّهْر أَي الدَّهْرَ؛ هذا قول أَبي عبيد؛ وقال
ابن الأَعرابي: معناه لا آتيه الدهْرَ كله؛ قال الأَعشى:
رَواحُ العَشِيِّ وَسَيْرُ الغُدُوّ،
يَدا الدَّهْرِ، حتى تُلاقي الخِيارا
(* قوله «رواح العشي إلخ» ضبطت الحاء من رواح في الأصل بما ترى.)
الخِيار: المختارُ، يقع للواحد والجمع. يقال: رجل خِيارٌ وقومٌ خِيارٌ،
وكذلك: لا آتيهِ يَدَ المُسْنَدِ أَي الدهرَ كله، وقد تقدَّم أَن
المُسْنَدَ الدَّهْرُ. ويدُ الرجل: جماعةُ قومه وأَنصارُه؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
أَعْطى فأَعْطاني يَداً ودارا،
وباحَةً خَوَّلَها عَقارا
الباحةُ هما: النخل الكثير. وأَعطَيْتُه مالاً عن ظهر يَدٍ: يعني
تفضُّلاً ليس من بيع ولا قَرْضٍ ولا مُكافأَةٍ. ورجل يَدِيٌّ وأَدِيٌّ: رفيقٌ.
ويَدِيَ الرجُلُ، فهو يَدٍ: ضعُفَ؛ قال الكميت:
بأَيْدٍ ما وبَطْنَ وما يَدِينا
ابن السكيت: ابتعت الغنم اليْدَيْنِ، وفي الصحاح: باليَدَيْنِ أَي
بثمنين مُخْتَلِفَيْنِ بعضُها بثمن وبعضُها بثمن آخر. وقال الفراء: باعَ فلان
غنَمه اليدانِ
(* قوله« باع فلان غنمه اليدان» رسم في الأصل اليدان
بالألف تبعاً للتهذيب.) ، وهو أَن يُسلِمها بيد ويأْخُذَ ثمنها بيد. ولَقِيتُه
أَوَّلَ ذات يَدَيْنِ أَي أَوَّلَ شيء. وحكى اللحياني: أَمّا أَوَّلَ
ذات يَدَيْنِ فإِني أَحمدُ اللهَ. وذهب القومُ أَيدي سَبا أَي متفرّقين في
كل وجه، وذهبوا أَيادِيَ سَبا، وهما اسمان جُعلا واحداً، وقيل: اليَدُ
الطَّريقُ ههنا. يقال: أَخذ فلان يَدَ بَحْرٍ إِذا أَخذ طريق البحر. وفي
حديث الهجرة: فأَخَذَ بهم يَدَ البحر أَي طريق الساحل، وأَهلُ سبا لما
مُزِّقوا في الأَرض كلَّ مُمَزَّقٍ أَخذوا طُرُقاً شتَّى، فصاروا أَمثالاً
لمن يتفرقون آخذين طُرُقاً مختلفة. رأَيت حاشية بخط الشيخ رضيّ الدين
الشاطبي، رحمه الله، قال: قال أَبو العلاء المَعري قالت العرب افْتَرَقوا
أَيادِيَ سبا فلم يهمزوا لأَنهم جعلوه مع ما قبله بمنزلة الشيء الواحد،
وأَكثرهم لا ينوّن سبا في هذا الموضع وبعضهم ينوِّن؛ قال ذو الرمة:
فَيَا لَكِ مِنْ دارٍ تَحَمَّلَ أَهلُها
أَيادِي سَباً عنها، وطالَ انْتِقالُها
والمعنى أَن نِعَمَ سبا افترقت في كل أَوْبٍ، فقيل: تفرَّقوا أَيادِيَ
سبا أي في كل وجه. قال ابن بري: قولهم أَيادِي سبا يُراد به نِعَمُهم.
واليَدُ: النِّعْمة لأَنَّ نِعَمَهُم وأَموالَهم تفرَّقَتْ بتفرقهم، وقيل:
اليَدُ هنا كناية عن الفِرْقة. يقال: أَتاني يَدٌ من الناس وعينٌ من
الناس، فمعناه تفرَّقوا تفرُّقَ جَماعاتِ سَبا، وقيل: إِن أَهل سبا كانت يدُهم
واحدة، فلما فَرَّقهم الله صارت يدُهم أَياديَ، قال: وقيل اليدُ هنا
الطريق؛ يقال: أَخذ فلان يدَ بحر أَي طريق بَحرٍ، لأَن أَهل سبا لمَّا
مَزَّقَهم الله أَخَذوا طُرُقاً شتَّى. وفي الحديث: اجْعَلِ الفُسَّاقَ يَداً
يَداً ورِجْلاً رجْلاً فإِنهم إِذا اجتمعوا وَسْوَسَ الشيطانُ بينهم في
الشر؛ قال ابن الأَثير: أَي فَرِّقْ بينهم، ومنه قولهم: تَفَرَّقوا
أَيْدِي سَبا أَي تفرَّقوا في البلاد. ويقال: جاءَ فلان بما أَدت يَدٌ إِلى
يَدٍ، عنذ تأْكيد الإِخْفاق، وهو الخَيْبةُ. ويقال للرجل يُدْعى عليه
بالسوء: لليَدَيْنِ وللفَمِ أَي يَسْقُط على يَدَيْهِ وفَمِه.
يدي: اليَدُ: الكَفُّ، وقال أَبو إِسحق: اليَدُ من أَطْراف الأَصابع
إِلى الكف، وهي أُنثى محذوفة اللام، وزنها فَعْلٌ يَدْيٌ، فحذفت الياء
تخفيفاً فاعْتَقَبت حركة اللام على الدال، والنسَبُ إِليه على مذهب سيبويه
يَدَوِيٌّ، والأَخفش يخالفه فيقول: يَدِيٌّ كَنَدِيٍّ، والجمع أَيْدٍ، على
ما يغلب في جمع فَعْلٍ في أَدْنى العَدَد. الجوهريّ: اليَدُ أَصلها يَدْيٌ
على فَعْل، ساكنة العين، لأَن جمعها أَيْدٍ ويُدِيٌّ، وهذا جمع فَعْلٍ
مثل فَلْسٍ وأَفْلُسٍ وفُلُوسٍ، ولا يجمع فَعَلٌ على أَفْعُل إِلا في حروف
يسيرة معدودة مثل زَمَنٍ وأَزْمُنٍ وجَبَلٍ وأَجْبُلٍ وعصاً وأَعْصٍ،
وقد جمعت الأَيْدي في الشعر على أَيادٍ؛ قال جندل بن المثنى
الطُّهَوِيّ:كأَنه، بالصَّحْصَحانِ الأَنْجَلِ،
قُطْنٌ سُخامٌ بأَيادي غُزَّلِ
وهو جمع الجمع مثل أَكْرُعٍ وأَكارِعَ؛قال ابن بري: ومثله قول الآخر:
فأَمَّا واحداً فكفاكَ مِثْلي،
فمَنْ لِيَدٍ تُطاوِحُها الأَيادِي؟
(* قوله «واحداً» هو بالنصب في الأصل هنا وفي مادة طوح من المحكم، والذي
وقع في اللسان في طوح: واحد، بالرفع.)
وقال ابن سيده: أَيادٍ جمع الجمع؛ وأَنشد أَبو الخطاب:
ساءها ما تَأَمَّلَتْ في أَيادِيـ
ـنا وإِشناقَها إِلى الأَعْناقِ
(* قوله« واشناقها» ضبط في الأصل بالنصب على أن الواو للمعية، وقع في
شنق مضبوطاً بالرفع.) وقال ابن جني: أَكثر ما تستعمل الأَيادي في النِّعم
لا في الأَعْضاء. أَبو الهيثم: اليَدُ اسم على حرفين، وما كان من الأَسامي
على حرفين وقد حذف منه حرف فلا يُردّ إِلا في التصغير أَو فى التثنية
أَو الجمع، وربما لم يُردَّ في التثنية، ويثنى على لفظ الواحد. وقال بعضهم:
واحد الأَيادي يَداً كما ترى مثل عَصاً ورَحاً ومَناً، ثم ثَنَّوْا
فقالوا يَدَيانِ ورَحَيانِ ومَنَوانِ؛ وأَنشد:
يَدَيان بَيْضاوانِ عنْدَ مُحَلِّمٍ
قدْ يَمْنَعانِك بَيْنُهمْ أَن تُهْضَما
ويروى: عند مُحَرِّق؛ قال ابن بري: صوابه كما أَنشده السيرافي وغيره:
قد يَمْنَعانِك أَن تُضامَ وتُضْهَدا
قال أَبو الهيثم: وتجمع اليَدُ يَدِيّاً مثل عَبْدٍ وعَبيدٍ، وتجمع
أَيْدِياً ثم تجمع الأَيْدي على أَيْدِينَ، ثم تجمع الأَيْدي أَيادِيَ؛
وأَنشد:
يَبْحَثْنَ بالأَرْجُلِ والأَيْدِينا
بَحْثَ المُضِلاَّت لما يَبْغِينا
وتصغر اليَدُ يُدَيَّةً؛ وأَما قوله أَنشده سيبويه لمضَرِّس ابن رِبْعِي
الأَسدي:
فطِرْتُ بِمُنْصُلي في يَعْمَلاتٍ،
دَوامي الأَيْدِ يَخْبِطْنَ السَّرِيحا
فإِنه احتاج إِلى حذف الياء فحذفها وكأَنه توهّم التنكير في هذا فشبه
لام المعرفة بالتنوين من حيث كانت هذه الأَشياء من خواص الأَسماء، فحذفت
الياء لأَجل اللام كما تحذفها لأَجل التنوين؛ ومثله قول الآخر:
لا صُلْحَ يَيْني، فاعْلَمُوه، ولا
بَيْنَكُمُ ما حَمَلَتْ عاتِقِي
سَيْفِي، وما كُنَّا بنَجْدٍ، وما
قَرْقَرَ قُمْرُ الوادِ بالشَّاهِقِ
قال الجوهري: وهذه لغة لبعض العرب يحذفون الياء من الأَصل مع الأَلف
واللام فيقولون في المُهْتَدِي المُهْتَدِ، كما يحذفونها مع الإِضافة في مثل
قول خفاف بن ندبة:
كنَواحِ رِيشِ حَمامةٍ نَجْدِيَّةٍ،
ومَسَحْتُ باللِّثَتَيْنِ عَصْفَ الإِثْمِدِ
أَراد كنواحي، فحذف الياء لَمَّا أَضاف كما كان يحذفها مع التنوين،
والذاهب منها الياء لأَن تصغيرها يُدَيَّةٌ، بالتشديد، لاجتماع الياءين؛ قال
ابن بري: وأَنشد سيبويه بيت خفاف: ومَسَحْتِ، بكسر التاء، قال: والصحيح
أَن حذف الياء في البيت لضرورة الشعر لا غير، قال: وكذلك ذكره سيبويه، قال
ابن بري: والدليل على أَنَّ لام يَدٍ ياء قولهم يَدَيْتُ إِليه يَداً،
فأَما يُدَيَّةٌ فلا حجة فيها لأَنها لو كانت في الأَصل واواً لجاء
تصغيرها يُدَيَّةً كما تقول في غَرِيَّة غُرَيَّةً، وبعضهم يقول لذي
الثُّدَيَّةِ ذو اليُدَيَّةِ، وهو المقتول بنَهْرَوانَ.
وذو اليَدَيْن: رجل من الصحابة يقال سمي بذلك لأَنه كان يَعمل بيديه
جميعاً، وهو الذي قال للنبي، صلى الله عليه وسلم، أَقَصُرَتِ الصلاةُ أَم
نَسِيتَ؟ ورجل مَيْدِيٌّ أَي مقطوع اليد من أَصلها. واليُداء: وجع اليد.
اليزيدي: يَدِيَ فلان من يَدِه أَي ذَهَبَتْ يدُه ويَبِسَتْ. يقال: ما له
يَدِيَ من يَده، وهو دعاء عليه، كما يقال تَرِبَتْ يَداه؛ قال ابن بري:
ومنه قول الكميت:
فأَيٌّ ما يَكُنْ يَكُ، وَهْوَ مِنَّا
بأَيْدٍ ما وبَطْنَ ولا يَدِينا
(*قوله« فأي» الذي في الاساس: فأياً، بالنصب.)
وبَطْنَ: ضَعُفْنَ ويَدِينَ: شَلِلْنَ. ابن سيده: يَدَيْتُه ضربت يدَه
فهو مَيْدِيٌّ. ويُدِيَ: شَكا يَدَه، على ما يَطَّرِد في هذا النحو.
الجوهريّ: يَدَيْتُ الرجل أَصَبْتُ يَده فهو مَيْدِيٌّ، فإِن أَردت أَنك اتخذت
عنده يَداً قلت أَيْدَيْت عنده يداً، فأَنا مُودٍ، وهو مُودًى إِليه،
ويَدَيْتُ لغة؛ قال بعض بني أَسد:
يَدَيْتُ على ابنِ حَسْحاسِ بنِ وَهّبٍ،
بأَسْفَلِ ذِي الجِذاةِ، يَدَ الكَريمِ
قال شمر: يَدَيْتُ اتخذت عنده يَداً؛ وأَنشد لابن أَحمر:
يَدٌ ما قد يَدَيْتُ على سُكَينٍ
وعَبْدِ اللهِ، إِذْ نَهِشَ الكُفُوفُ
قال: يَدَيْت اتخذت عنده يَداً. وتقول إِذا وقَع الظَّبْيُ في
الحِبالةِ: أَمَيْدِيٌّ أَم مَرْجُولٌ أَي أَوْقَعَتْ يدهُ في الحِبالةِ أَم
رِجْلُه؟ ابن سيده: وأَما ما روي من أَنَّ الصدقة تقع في يَد الله فتأَويله
أَنه يَتَقبَّلُ الصَّدَقة ويُضاعِفُ عليها أَي يزيد: وقالوا: قَطَعَ اللهُ
أَدَيْه، يريدون يَدَيه، أَبدلوا الهمزة من الياء، قال: ولا نعلمها
أُبدلت منها على هذه الصورة إِلا في هذه الكلمة، وقد يجوز أَن يكون ذلك لغة
لقلة إِبدال مثل هذا. وحكى ابن جني عن أَبي عليّ: قَطَعَ الله أَدَه،
يريدُون يَدَه، قال: وليس بشيء.قال ابن سيده: واليَدا لغة في اليَدِ، جاء
متمماً على فَعَلٍ؛ عن أَبي زيد؛ وأَنشد:
يا رُبَّ سارٍ سارَ ما تَوَسَّدا
إِلاَّ ذِراعَ العَنْسِ، أَو كفَّ اليَدا
وقال آخر:
قد أَقْسَمُوا لا يَمْنَحُونَكَ نَفْعَةً
حتى تَمُدَّ إِليهمُ كَفَّ اليَدا
قال ابن بري: ويروى لا يمنحونك بَيْعةً، قال: ووجه ذلك أَنه ردّ لام
الكلمة إِليها لضرورة الشعر كما ردّ الآخرلام دم إِليه عند الضرورة، وذلك في
قوله:
فإِذا هِي بِعِظامٍ ودَمَا
وامرأَةٌ يَدِيَّةٌ أَي صنَاعٌ، وما أَيْدَى فلانةَ، ورجل يَدِيٌّ.
ويَدُ القَوْسِ: أَعلاها على التشبيه كما سمَّوا أَسْفَلَها رِجْلاً، وقيل:
يَدُها أَعْلاها وأَسْفَلُها، وقيل: يَدُها ما عَلا عن كَبِدِها، وقال
أَبو حنيفة: يَدُ القَوْسِ السِّيةُ اليُمْنى؛ يرويه عن أَبي زياد الكلابي.
ويَدُ السيفِ: مَقْبِضُه على التمثيل: ويَدُ الرَّحَى: العُود الذي
يَقْبِض عليه الطَّاحِنُ. واليَدُ: النِّعْمةُ والإِحْسانُ تَصْطَنِعُه
والمِنَّةُ والصَّنِيعَةُ، وإِنما سميت يداً لأَنها إِنما تكون بالإِعْطاء
والإِعْطاءُ إِنالةٌ باليد، والجمع أَيدٍ، وأَيادٍ جمع الجمع، كما تقدم في
العُضْوِ، ويُدِيٌّ ويَدِيٌّ في النعمة خاصّة؛ قال الأَعشى:
فَلَنْ أَذْكُرَ النُّعْمانَ إِلاَّ بصالِحٍ،
فإِنَّ له عندي يُدِيّاً وأَنْعُما
ويروى: يَدِيّاً، وهي رواية أَبي عبيد فهو على هذه الرواية اسم للجمع،
ويروى: إِلا بنِعْمةٍ. وقال الجوهري في قوله يَدِيّاً وأَنْعُما: إِنما
فتح الياء كراهة لتوالي الكسرات، قال: ولك أَن تضمها، وتجمع أَيضاً على
أَيْدٍ؛ قال بشر بن أَبي خازم:
تَكُنْ لك في قَوْمِي يَدٌ يَشْكُونها،
وأَيْدِي النَّدَى في الصالحين قُرُوضُ
قال ابن بري في قوله:
فلَنْ أَذْكُرَ النعمان إِلا بصالح
البيت لضَمْرةَ بن ضَمْرَةَ النَّهْشَلي؛ وبعده:
تَرَكْتَ بَني ماء السماء وفِعْلَهُم،
وأَشْبَهْتَ تَيْساً بالحِجازِ مُزَنَّما
قال ابن بري: ويَدِيٌّ جمع يَدٍ، وهو فَعِيلٌ مثل كلْب وكَلِيب وعَبْد
وعَبيد، قال: ولو كان يَدِيٌّ في قول الشاعر يَدِيّاً فُعُولاً في الأصل
لجاز فيه الضم والكسر، قال: وذلك غير مسموع فيه. ويَدَيْتُ إِليه يَداً
وأَيْدَيْتُها: صَنَعْتها. وأَيْدَيْتُ عنده يداً في الإِحسان أَي
أَنْعَمْت عليه. ويقال: إِنَّ فلاناً لذو مال يَيْدِي به ويَبُوع به أَي يَبْسُط
يَدَه وباعه. ويادَيْتُ فلاناً: جازَيْتُه يداً بيد، وأَعطيته مُياداةً
أَي من يدِي إِلى يده.الأَصمعي: أَعطيته مالاً عن ظهر يد، يعني تفضلاً ليس
من بيع ولا قَرْض ولا مُكافأَة. الليث: اليَدُ النِّعْمةُ السابغةُ.
ويَدُ الفأْسِ ونحوِها: مَقْبِضُها. ويَدُ القَوْسِ: سِيَتُها. ويدُ
الدَّهْر: مَدُّ زمانه. ويدُ الرِّيحِ: سُلْطانُها؛ قال لبيد:
نِطافٌ أَمرُها بِيَدِ الشَّمال
لَمَّا مَلَكَتِ الريحُ تصريف السَّحاب جُعل لها سُلطان عليه. ويقال:
هذه الصنعة في يَدِ فلان أَي في مِلْكِه، ولا يقال في يَدَيْ فلان.
الجوهري: هذا الشيء في يَدِي أَي في مِلْكي. ويَدُ الطائر: جَناحُه. وخَلَعَ
يدَه عن الطاعة: مثل نزَعَ يدَه، وأَنشد:
ولا نازِعٌ مِن كلِّ ما رابَني يَدا
قال سيبويه: وقالوا بايَعْتُه يَداً بيَدٍ، وهي من الأَسماء الموضوعة
مَوْضِعَ المَصادِر كأَنك قلت نَقْداً، ولا ينفرد لأَنك إِنما تريد أَخذَ
مني وأَعْطاني بالتعجيل، قال: ولا يجوز الرفع لأَنك لا تخبر أَنك
بايَعْتَه ويدُك في يَدِه. واليَدُ: القُوَّةُ. وأَيَّدَه الله أَي قَوَّاه. وما
لي بفلان يَدانِ أَي طاقةٌ. وفي التنزيل العزيز: والسَّماءَ بَنَيْناها
بأَيْدٍ؛ قال ابن بري:
ومنه قول كعب بن سعد الغَنَويِّ:
فاعمِدْ لِما يَعْلُو، فما لكَ بالذي
لا تستَطِيعُ من الأُمورِ يَدانِ
وفي التنزيل العزيز: مما عملت أَيدينا، وفيه: بما كسَبَتْ أَيدِيكم.
وقول سيدنا رسول الله،صلى الله عليه وسلم: المُسْلِمُونَ تتَكافَأُ دماؤُهم
ويَسْعَى بذِمَّتهم أَدْناهم وهم يَدٌ على مَن سِواهم أَي كَلِمَتُهم
واحدة، فبعضُهم يُقوِّي بَعْضاً، والجمع أَيْدٍ، قال أَبو عبيد: معنى قوله
يَدٌ على مَن سواهم أَي هم مجتمعون على أَعدائِهم وأَمرُهم واحد، لا
يَسَعُهم التَّخاذُل بل يُعاوِنُ بعضُهم بعضاً، وكَلِمَتُهم ونُصْرَتُهم
واحدةٌ على جميع المِلَلِ والأَدْيانِ المُحاربةِ لهم، يتَعاوَنون على جميعهم
ولا يَخْذُل بعضُهم بعضاً، كأَنه جعل أَيْدِيَهم يَداً واحدةً وفِعْلَهم
فِعْلاً واحداً. وفي الحديث: عليكم بالجماعةِ فإِنَّ يدَ اللهِ على
الفُسْطاطِ؛ الفُسْطاطُ: المِصْرُ الجامِعُ، ويَدُ اللهِ كناية عن الحِفظ
والدِّفاع عن أَهل المصر، كأَنهم خُصُّوا بواقِيةِ اللهِ تعالى وحُسْنِ
دِفاعِه؛ ومنه الحديث الآخر: يَدُ اللهِ على الجَماعةِ أَي أَنَّ الجماعة
المُتَّفِقةَ من أَهل الإِسلام في كَنَفِ اللهِ، ووِقايَتُه فَوْقَهم، وهم
بَعِيد من الأَذَى والخوْف فأَقِيموا بين ظَهْر انَيهِمْ. وقوله في
الحديث: اليَدُ العُلْيا خَيْرٌ من اليَدِ السُّفْلى؛ العُلْيا المُعْطِيةُ،
وقيل: المُتَعَفِّفَةُ، والسُّفْلى السائلةُ، وقيل: المانِعةُ. وقوله، صلى
الله عليه وسلم، لنسائه: أَسْرَعُكُنَّ لُحوقاً بي أَطْوَلُكُنَّ يَداً؛
كَنَى بطُولِ اليد عن العَطاء والصَّدَقةِ. يقال: فلان طَوِيلُ اليَدِ
وطويلُ الباعِ إِذا كان سَمْحاً جَواداً. وكانت زينب تُحِبُّ الصَّدقة وهي
ماتت قَبْلَهنَّ. وحديث قَبِيصةَ: ما رأَيتُ أَعْطَى للجَزِيل عن ظَهْرِ
يَدٍ من طَلْحَة أَي عن إِنْعامٍ ابتداء من غيرِ مكافأََةٍ. وفي التنزيل
العزيز: أُولي الأَيدي والأَبْصار؛ قيل: معناه أُولي القُوَّة والعقول.
والعرب تقول: ما لي به يَدٌ أَي ما لي به قُوَّة، وما لي به يَدانِ، وما
لهم بذلك أَيْدٍ أَي قُوَّةٌ، ولهم أَيْدٍ وأَبْصار وهم أُولُو الأَيْدي
والأَبْصار. واليَدُ: الغِنَى والقُدْرةُ، تقول: لي عليه يَدٌ أَي قُدْرة.
ابن الأَعرابي: اليَدُ النِّعْمةُ، واليَدُ القُوَّةُ، واليَدُ
القُدْرة، واليَدُ المِلْكُ، واليَدُ السُلْطانُ، واليَدُ الطاعةُ، واليَدُ
الجَماعةُ، واليَدُ الأَكْلُ؛ يقال: ضَعْ يدَكَ أَي كُلْ، واليَدُ النَّدَمُ،
ومنه يقال: سُقِط في يده إِذا نَدِمَ، وأُسْقِطَ أَي نَدِمَ. وفي التنزيل
العزيز: ولما سُقِطَ في أَيديهم؛ أَي نَدِمُوا، واليَدُ الغِياثُ،
واليَدُ مَنْعُ الظُّلْمِ، واليَدُ الاسْتِسلامُ، واليدُ الكَفالةُ في
الرَّهْن؛ ويقال للمعاتِب: هذه يدي لكَ. ومن أَمثالهم: لِيَدٍ ما أَخَذتْ؛
المعنى من أَخذ شيئاً فهو له. وقولهم: يدي لكَ رَهْنٌ بكذا أَي ضَمِنْتُ ذلك
وكَفَلْتُ به. وقال ابن شميل: له عليَّ يَدٌ، ولا يقولون له عندي يدٌ؛
وأَنشد:
له عليَ أَيادٍ لَسْتُ أَكْفُرُها،
وإِنما الكُفْرُ أَنْ لا تُشْكَرَ النِّعَمُ
قال ابن بزرج: العرب تشدد القوافي وإِن كانت من غير المضاعف ما كان من
الياء وغيره؛ وأَنشد:
فجازُوهمْ بما فَعَلُوا إِلَيْكُمْ،
مُجازاةَ القُرُومِ يَداً بيَدِّ
تَعالَوْا يا حَنِيفَ بَني لُجَيْمٍ،
إِلَى مَنْ فَلَّ حَدَّكُمُ وَحَدِّي
وقال ابن هانئ: من أَمثالهم:
أَطاعَ يَداً بالقَوْدِ فهو ذَلُولُ
إِذا انْقادَ واستسلمَ. وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال في
مناجاته ربه وهذه يدي لك أَي اسْتَسْلَمَتُ إِليك وانْقَدْت لك، كما يقال
في خلافِه: نزَعَ يدَه من الطاعة؛ ومنه حديث عثمان، رضي الله تعالى عنه:
هذه يَدي لعَمَّار أَي أَنا مُسْتَسْلِمٌ له مُنْقادٌ فليَحْتَكِمْ عليَّ
بما شاء. وفي حديث علي، رضي الله عنه: مرَّ قومٌ من الشُّراة بقوم من
أَصحابه وهم يَدْعُون عليهم فقالوا بِكُم اليَدانِ أَي حاقَ بكم ما
تَدْعُون به وتَبْسطُون أَيْدِيَكم. تقول العرب: كانت به اليَدانِ أَي فَعَلَ
اللهُ به ما يقولُه لي، وكذلك قولهم: رَماني من طُولِ الطَّوِيِّ وأَحاقَ
اللهُ به مَكْرَه ورجَع عليه رَمْيُه، وفي حديثه الآخر: لما بلغه موت
الأَشتر قال لليَدَيْنِ وللفَمِ؛ هذه كلمة تقال للرجل إِذا دُعِيَ عليه
بالسُّوء، معناه كَبَّه الله لوجهه أَي خَرَّ إِلى الأَرض على يدَيه وفِيهِ؛
وقول ذي الرمة:
أَلا طَرَقَتْ مَيٌّ هَيُوماً بذِكْرِها،
وأَيْدِي الثُّرَيّا جُنَّحٌ في المَغارِب
استعارةٌ واتساع، وذلك أَنَّ اليَدَ إِذا مالَتْ نحو الشيء ودَنَتْ
إِليه دَلَّتْ على قُرْبها منه ودُنوِّها نحوَه، وإِنما أَراد قرب الثريا من
المَغْربِ لأُفُولها فجعل لها أَيْدِياً جُنَّحاً نحوها؛ قال لبيد:
حتى إِذا أَلْقَتْ يَداً في كافِرٍ،
وأَجَنَّ عَوْراتِ الثُّغُورِ ظَلامُها
يعني بدأَت الشمس في المَغِيب، فجعل للشمس يَداً إِلى المَغِيب لما
أَراد أَن يَصِفَها بالغُروب؛ وأَصل هذه الاستعارة لثعلبة بن صُعَيْر المازني
في قوله:
فتَذَكَّرا ثَقَلاً رَثِيداً بَعْدَما
أَلْقَتْ ذُكاءُ يَمِينها في كافِرِ
وكذلك أَراد لبيد أَن يُصرِّح بذكر اليمين فلم يمكنه. وقوله تعالى: وقال
الذين كفروا لَنْ نُؤْمِنَ بهذا القرآن ولا بالذي بين يَدَيْهِ؛ قال
الزجاج: أَراد بالذي بين يديه الكُتُبَ المُتَقَدِّمة، يعنون لا نُؤمن بما
أَتى به محمد،صلى الله عليه وسلم، ولا بما أَتَى به غيرُه من الأَنبياء،
عليهم الصلاة والسلام. وقوله تعالى: إِنْ هُو إِلاّ نَذِيرٌ لكم بَيْنَ
يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ؛ قال الزجاج: يُنْذِرُكُم أَنَّكم إِنْ عَصَيْتُم
لَقِيتُم عذاباً شديداً. وفي التنزيل العزيز: فَرَدُّوا أَيْدِيَهم في
أَفْواهِهم: قال أَبو عبيدة: تركوا ما أُمِرُوا به ولم يُسْلِمُوا؛ وقال
الفراء: كانوا يُكَذِّبونهم ويردّون القول بأَيديهم إِلى أَفْواهِ الرسل،
وهذا يروى عن مجاهد، وروي عن ابن مسعود أَنه قال في قوله عز وجل: فَرَدُّوا
أَيْدِيَهم في أَفْواهِهم؛ عَضُّوا على أَطْرافِ أَصابعهم؛ قال
أَبومنصور: وهذا من أَحسن ما قيل فيه، أَراد أَنهم عَضُّوا أَيْدِيَهم حَنَقاً
وغَيْظاً؛ وهذا كما قال الشاعر:
يَرُدُّونَ في فِيهِ عَشْرَ الحَسُود
يعني أَنهم يَغِيظُون الحَسُودَ حتى يَعَضَّ على أَصابِعه؛ونحو ذلك قال
الهذلي:
قَدَ افْنَى أَنامِلَه أَزْمُه،
فأَمْسَى يَعَضُّ عَليَّ الوَظِيفا
يقول: أَكل أَصابِعَه حتى أَفْناها بالعَضِّ فصارَ يَعَضُ وَظِيفَ
الذراع. قال أَبو منصور: واعتبار هذا بقوله عز وجل: وإِذا خَلَوْا عَضُّوا
عليكم الأَنامِلَ من الغَيْظِ. وقله في حديث يأْجُوجَ ومأْجُوجَ: قد
أَخْرَجْتُ عِباداً لِي لا يَدانِ لأَحَدٍ بِقِتالِهمْ أَي لا قُدْرَةَ ولا
طاقَة. يقال: ما لي بهذا الأَمر يَدٌ ولا يَدانِ لأَن المُباشَرةَ والدِّفاعَ
إِنما يكونان باليَدِ، فكأَنَّ يَدَيْهِ مَعْدُومَتانِ لعجزه عن
دَفْعِه. ابن سيده: وقولهم لا يَدَيْنِ لك بها، معناه لا قُوّة لك بها، لم يحكه
سيبويه إِلا مُثنى؛ ومعنى التثنية هنا الجمع والتكثير كقول الفرزدق:
فكُلُّ رَفِيقَي كُلّ رَحْلٍ
قال: ولا يجوز أَن تكون الجارحة هنا لأَن الباء لا تتعلق إِلا بفعل أَو
مصدر. ويقال: اليَدُ لفلان على فلان أَي الأَمْرُ النافِذُ والقَهْرُ
والغَلَبةُ، كما تقول: الرِّيحُ لفلان. وقوله عز وجل: حتى يُعْطُوا
الجِزْيةَ عن يَدٍ؛ قيل: معناه عن ذُلٍّ وعن اعْتِرافٍ للمسلمين بأَن أَيْدِيَهم
فوق أَيْدِيهم، وقيل: عن يَدٍ أَي عن إِنْعام عليهم بذلك لأَنَّ قَبول
الجِزْية وتَرْكَ أَنْفُسهم عليهم نِعمةٌ عليهم ويَدٌ من المعروف جَزِيلة،
وقيل: عن يَدٍ أَي عن قَهْرٍ وذُلٍّ واسْتِسْلام، كما تقول: اليَدُ في
هذا لفلان أَي الأَمرُ النافِذُ لفُلان. وروي عن عثمان البزي عن يَدٍ قال:
نَقْداً عن ظهر يد ليس بنسِيئه. وقال أَبو عبيدة: كلُّ مَن أَطاعَ لمن
قهره فأَعطاها عن غير طيبةِ نَفْسٍ فقد أَعطاها عن يَدٍ، وقال الكلبي عن
يَدٍ قال: يمشون بها، وقال أَبو عبيد: لا يَجِيئون بها رُكباناً ولا
يُرْسِلُون بها. وفي حديث سَلْمانَ: وأَعْطُوا الجِزْيةَ عن يَدٍ، إِنْ أُرِيد
باليدِ يَدُ المُعْطِي فالمعنى عن يَدٍ مُواتِيةٍ مُطِيعة غير
مُمْتَنِعة، لأَن من أَبى وامتنع لم يُعطِ يَدَه، وإِن أُريد بها يَدُ الآخذ
فالمعنى عن يَد قاهرة مستولية أَو عن إِنعام عليهم، لأَنَّ قبول الجِزْيةِ
منهم وترك أَرْواحِهم لهم نِعْمةٌ عليهم. وقوله تعالى: فجعلناها نَكالاً لما
بين يَدَيْها وما خَلْفَها؛ ها هذه تَعُود على هذه الأُمَّة التي
مُسِخَت، ويجوز أَن تكون الفَعْلة، ومعنى لما بين يديها يحتمل شيئين: يحتمل أَن
يكون لما بين يَدَيْها للأُمم التي بَرَأَها وما خَلْفها للأُمم التي
تكون بعدها، ويحتمل أَن يكون لِما بين يديها لما سَلَفَ من ذنوبها، وهذا
قول الزجاج. وقول الشيطان: ثم لآتِيَنَّهم من بينِ أَيْديهِم ومن خلفهم؛
أَي لأُغُوِيَنَّهم حتى يُكَذِّبوا بما تَقَدَّمَ ويكذِّبوا بأَمر البعث،
وقيل: معنى الآية لآتِيَنَّهم من جميع الجِهات في الضَّلال، وقيل: مِن
بينِ أَيْدِيهِم أَي لأُضِلَّنَّهم في جميع ما تقدَّم ولأُضِلَّنَّهم في
جميع ما يُتَوقَّع؛ وقال الفراء: جعلناها يعني المسخة جُعِلت نَكالاً لِما
مَضَى من الذُّنوب ولما تَعْمَل بَعْدَها. ويقال: بين يديك كذا لكل شيء
أَمامَك؛ قال الله عز وجل: مِن بينِ أَيْدِيهِم ومِن خَلْفِهم. ويقال:
إِنَّ بين يَدَيِ الساعة أَهْوالاً أَي قُدَّامَها. وهذا ما قَدَّمَتْ يَداكَ
وهو تأْكيد، كما يقال هذا ما جَنَتْ يَداك أَي جَنَيْته أَنت إلا أَنك
تُؤَكِّد بها. ويقال: يَثُور الرَّهَجُ بين يَدي المطر، ويَهِيجُ
السِّباب بين يدي القِتال. ويقال: يَدِيَ فلان مِن يَدِه إِذا شَلَّتْ. وقوله عز
وجل: يَدُ اللهِ فوق أَيْديهم؛ قال الزجاج: يحتمل ثلاثة أَوجه: جاء
الوجهان في التفسير فأَحدهما يَدُ اللهِ في الوَفاء فوقَ أَيْديهم، والآخر
يَدُ اللهِ في الثواب فوق أَيْديهم، والثالث، والله أَعلم، يَدُ اللهِ في
المِنّةِ عليهم في الهِدايةِ فَوق أَيْديهم في الطاعة. وقال ابن عرفة في
قوله عز وجل: ولا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتِرِينَه بين أَيديهن
وأَرْجُلِهِنَّ؛ أَي من جميع الجهات. قال: والأَفعال تُنْسَب إِلى الجَوارِح،
قال: وسميت جَوارح لأَنها تَكْتسب. والعرب تقول لمن عمل شيئاً يُوبَّخ به:
يَداك أَوْ كَتا وفُوكَ نَفَخَ؛ قال الزجاج: يقال للرجل إِذا وُبِّخَ ذلك
بما كَسَبَتْ يَداكَ، وإِن كانت اليَدان لم تَجْنِيا شيئاً لأَنه يقال
لكل من عَمِلَ عملاً كسَبَتْ يَداه لأَن اليَدَيْنِ الأَصل في التصرف؛ قال
الله تعالى: ذلك بما كَسَبَتْ أَيْديكم؛ وكذلك قال الله تعالى: تَبَّتْ
يدَا أَبي لَهَبٍ وتَبَّ. قال أَبو منصور: قوله ولا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ
يَفْتَرِينَه بين أَيديهن وأَرجلهن، أَراد بالبُهْتان ولداً تحمله من غير
زوجها فتقول هو من زوجها، وكنى بما بين يديها ورجليها عن الولد لأَن
فرجها بين الرجلين وبطنها الذي تحمل فيه بين اليدين. الأَصمعي: يَدُ الثوب
ما فَضَل منه إِذا تَعَطَّفْت والْتَحَفْتَ. يقال: ثوب قَصيرُ اليَدِ
يَقْصُر عن أَن يُلْتَحَفَ به. وثوبٌ يَدِيٌّ وأَدِيٌّ: واسع؛ وأَنشد
العجاج:بالدَّارِ إِذْ ثَوْبُ الصِّبا يَدِيُّ،
وإِذْ زَمانُ الناسِ دَغْفَلِيُّ
وقَمِيصٌ قصير اليدين أَي قصير الكمين. وتقول: لا أَفعله يَدَ الدَّهْر
أَي أَبداً. قال ابن بري: قال التَّوَّزِيُّ ثوب يَدِيٌّ واسع الكُمّ
وضَيِّقُه، من الأَضداد؛ وأَنشد:
عَيْشٌ يَدِيٌّ ضَيِّقٌ ودَغْفَلِي
ويقال: لا آتِيه يَدَ الدَّهْر أَي الدَّهْرَ؛ هذا قول أَبي عبيد؛ وقال
ابن الأَعرابي: معناه لا آتيه الدهْرَ كله؛ قال الأَعشى:
رَواحُ العَشِيِّ وَسَيْرُ الغُدُوّ،
يَدا الدَّهْرِ، حتى تُلاقي الخِيارا
(* قوله «رواح العشي إلخ» ضبطت الحاء من رواح في الأصل بما ترى.)
الخِيار: المختارُ، يقع للواحد والجمع. يقال: رجل خِيارٌ وقومٌ خِيارٌ،
وكذلك: لا آتيهِ يَدَ المُسْنَدِ أَي الدهرَ كله، وقد تقدَّم أَن
المُسْنَدَ الدَّهْرُ. ويدُ الرجل: جماعةُ قومه وأَنصارُه؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
أَعْطى فأَعْطاني يَداً ودارا،
وباحَةً خَوَّلَها عَقارا
الباحةُ هما: النخل الكثير. وأَعطَيْتُه مالاً عن ظهر يَدٍ: يعني
تفضُّلاً ليس من بيع ولا قَرْضٍ ولا مُكافأَةٍ. ورجل يَدِيٌّ وأَدِيٌّ: رفيقٌ.
ويَدِيَ الرجُلُ، فهو يَدٍ: ضعُفَ؛ قال الكميت:
بأَيْدٍ ما وبَطْنَ وما يَدِينا
ابن السكيت: ابتعت الغنم اليْدَيْنِ، وفي الصحاح: باليَدَيْنِ أَي
بثمنين مُخْتَلِفَيْنِ بعضُها بثمن وبعضُها بثمن آخر. وقال الفراء: باعَ فلان
غنَمه اليدانِ
(* قوله« باع فلان غنمه اليدان» رسم في الأصل اليدان
بالألف تبعاً للتهذيب.) ، وهو أَن يُسلِمها بيد ويأْخُذَ ثمنها بيد. ولَقِيتُه
أَوَّلَ ذات يَدَيْنِ أَي أَوَّلَ شيء. وحكى اللحياني: أَمّا أَوَّلَ
ذات يَدَيْنِ فإِني أَحمدُ اللهَ. وذهب القومُ أَيدي سَبا أَي متفرّقين في
كل وجه، وذهبوا أَيادِيَ سَبا، وهما اسمان جُعلا واحداً، وقيل: اليَدُ
الطَّريقُ ههنا. يقال: أَخذ فلان يَدَ بَحْرٍ إِذا أَخذ طريق البحر. وفي
حديث الهجرة: فأَخَذَ بهم يَدَ البحر أَي طريق الساحل، وأَهلُ سبا لما
مُزِّقوا في الأَرض كلَّ مُمَزَّقٍ أَخذوا طُرُقاً شتَّى، فصاروا أَمثالاً
لمن يتفرقون آخذين طُرُقاً مختلفة. رأَيت حاشية بخط الشيخ رضيّ الدين
الشاطبي، رحمه الله، قال: قال أَبو العلاء المَعري قالت العرب افْتَرَقوا
أَيادِيَ سبا فلم يهمزوا لأَنهم جعلوه مع ما قبله بمنزلة الشيء الواحد،
وأَكثرهم لا ينوّن سبا في هذا الموضع وبعضهم ينوِّن؛ قال ذو الرمة:
فَيَا لَكِ مِنْ دارٍ تَحَمَّلَ أَهلُها
أَيادِي سَباً عنها، وطالَ انْتِقالُها
والمعنى أَن نِعَمَ سبا افترقت في كل أَوْبٍ، فقيل: تفرَّقوا أَيادِيَ
سبا أي في كل وجه. قال ابن بري: قولهم أَيادِي سبا يُراد به نِعَمُهم.
واليَدُ: النِّعْمة لأَنَّ نِعَمَهُم وأَموالَهم تفرَّقَتْ بتفرقهم، وقيل:
اليَدُ هنا كناية عن الفِرْقة. يقال: أَتاني يَدٌ من الناس وعينٌ من
الناس، فمعناه تفرَّقوا تفرُّقَ جَماعاتِ سَبا، وقيل: إِن أَهل سبا كانت يدُهم
واحدة، فلما فَرَّقهم الله صارت يدُهم أَياديَ، قال: وقيل اليدُ هنا
الطريق؛ يقال: أَخذ فلان يدَ بحر أَي طريق بَحرٍ، لأَن أَهل سبا لمَّا
مَزَّقَهم الله أَخَذوا طُرُقاً شتَّى. وفي الحديث: اجْعَلِ الفُسَّاقَ يَداً
يَداً ورِجْلاً رجْلاً فإِنهم إِذا اجتمعوا وَسْوَسَ الشيطانُ بينهم في
الشر؛ قال ابن الأَثير: أَي فَرِّقْ بينهم، ومنه قولهم: تَفَرَّقوا
أَيْدِي سَبا أَي تفرَّقوا في البلاد. ويقال: جاءَ فلان بما أَدت يَدٌ إِلى
يَدٍ، عنذ تأْكيد الإِخْفاق، وهو الخَيْبةُ. ويقال للرجل يُدْعى عليه
بالسوء: لليَدَيْنِ وللفَمِ أَي يَسْقُط على يَدَيْهِ وفَمِه.