Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=87417#1b1321
(الــنساجة) حِرْفَة النساج
نسج: النَّسْجُ: ضَمُّ الشيء إِلى الشيء، هذا هو الأَصلُ. نَسَجه
يَنْسِجُه نَسْجاً فانْتَسَجَ ونَسَجت الريحُ الترابَ تَنْسِجُه نَسْجاً:
سَحَبَتْ بعضَه إِلى بعض. والريحُ تَنْسِج التراب إِذا نَسَجت المَوْرَ
والجَوْلَ على رُسومها
(* قوله «على رسومها» كذا بالأصل، وعبارة الأَساس: ومن
المجاز الريح تنسج رسم الدار، والتراب والرمل والماء إِذا ضربته فانتسجت
له طرائق كالحبك.). والريح تَنْسِجُ الماءَ إِذا ضَرَبَتْ مَتْنَه
فانْتَسَجَتْ له طرائِقُ كالحُبُكِ. ونَسَجَت الريحُ الرَّبْعَ إِذا تَعاوَرَتْه
رِيحانِ طولاً وعَرْضاً، لأَن الناسِجَ يَعترِضُ النسيجة فيُلْحِمُ ما
أَطالَ من السَّدَى. ونَسَجَت الريحُ الماءَ: ضَرَبَتْه فانْتَسَجت فيه
طَرائِقُ؛ قال زهير يصف وادياً:
مُكَلَّلٌ بعَمِيمِ النَّبْتِ، تَنْسِجُه
رِيحٌ خَريقٌ، لِضاحي مائِهِ حُبُك
ونَسَجت الريحُ الوَرقَ والهَشيمَ: جَمَعَتْ بعضَه إِلى بعض؛ قال حُميد
بن ثور:
وعادَ خُبَّازٌ يُسَقِّيه النَّدى
ذُراوَةً، تَنْسِجُه الهُوجُ الدُّرُجْ
والنَّسْج معروف، ونَسَجَ الحائِكُ الثوبَ يَنْسِجُه ويَنْسُجُه
نَسْجاً، مِن ذلك لأَنه ضَمَّ السَّدَى إِلى اللُّحْمة، وهو النَّسّاجُ،
وحِرْفَته الــنِّساجَة، وربما سُمِّي الدَّرَّاعُ نَسَّاجاً. وفي حديث جابر: فقام
في نِساجةٍ مُلْتَحِفاً بها؛ هي ضَرْبٌ من المَلاحِف مَنسوجة، كأَنها
سُمِّيت بالمصدر.
وقالوا في الرجل المحمود: هو نَسِيجُ وحْدِه؛ ومعناه أَن الثوبَ إِذا
كان كريماً لم يُنْسَجْ على مِنْوالِه غيرُه لِدِقَّتِه، وإِذا لم يكن
كريماً نَفِيساً دَقِيقاً عُمِلَ على مِنْوالِه سَدَى عِدَّةِ أَثوابٍ؛ وقال
ثعلب: نَسيجُ وَحْدِه الذي لا يُعْمَلُ على مثاله مِثْلُه؛ يُضْرَبُ
مثلاً لكل مَنْ بُولِغَ في مَدْحِه، وهو كقولك: فلان واحدُ عصرِه وقَرِيعُ
قَومِه، فنَسيجُ وَحْدِه أَي لا نظيرَ له في عِلم أَو غَيره، وأَصلُه في
الثوب لأَنَّ الثوبَ الرفيعَ لا يُنْسَجُ على مِنوالِه. وفي حديث عمر: مَنْ
يَدُلُّني على نَسيجِ وَحْدِه؟ يُريدُ رجلاً لا عَيْب فيه، وهو فَعِيلٌ
بمعنى مفعول، ولا يقال إِلاّ في المدح. وفي حديث عائشةَ أَنها ذكرت عمر
تَصِفُه، فقالت: كان واللهِ أَحْوَذِيّاً نَسِيجَ وَحْدِه؛ أَرادت: أَنه
كان مُنْقَطِعَ القَرِينِ.
والموضِعُ مَنْسِجٌ ومَنْسَجٌ. الأَزهري: مِنْسَجُ الثوب، بكسر الميم،
ومَنْسِجه حيث يُنْسَج، حكاه عن شمر. ابن سيده: والمِنْسَجُ والمِنْسِج،
بكسر الميم، كلُّه: الخشبة والأَداة المستعملة في الــنِّساجة التي يُمَدُّ
عليها الثوب للنَّسْج؛ وقيل: المِنْسجُ، بالكسر، لا غير: الحَفُّ خاصة.
ونَسَجَ الكذَّابُ الزُّورَ: لَفَّقَه. ونَسَج الشاعرُ الشِّعْر:
نَظَمَه. والشاعرُ يَنْسِجُ الشِّعْر، والكذَّابُ يَنْسِجُ الزُّورَ، ونَسَجَ
الغَيْثُ النباتَ، كلُّه على المَثَل. ونسَجَت الناقةُ في سيرِها
تَنْسِجُ، وهي نَسُوجٌ: أَسْرَعَتْ نَقْلَ قوائِمِها؛ وقيل: النَّسُوجُ من الإِبل
التي لا يَثْبُت حِملُها ولا قَتَبُها عليها إِنما هو مضطرِبٌ. وناقة
نَسُوجٌ وَسُوجٌ: تَنْسِج وتَسِجُ في سَيرها، وهو سُرعة نَقْلِها
قَوائمَها. ومِنْسَجُ الدابة، بكسر الميم وفتح السين، ومَنْسِجُه: أَسْفَلُ من
حارِكه، وقيل: هو ما بين العُرْف وموضع اللِّبْد؛ قال أَبو ذؤيب:
مُسْتَقْبِل الرِّيحِ يَجري فَوقَ مَنْسِجِه،
إِذا يُراعُ اقْشَعَرَّ الكَشْحُ والعَضُد
أَراد: اقْشَعَرَّ الكَشحُ والعَضُدُ منه. التهذيب: والمِنْسَجُ
المُنْتَبِرُ من كاثبة الدابة عند منتهى مَنْبِت العُرْف تحتَ القَرَبوس
المقَدَّم؛ وقيل: سُمِّي مِنْسَجَ الفَرَسِ لأَن عَصَبَ العُنُق يَجيء قِبَلَ
الظَّهْر، وعَصَبُ الظَّهْر يذهبُ قِبَلَ العُنُق فيَنْسِجُ على
الكَتِفَين. أَبو عبيد: المَنْسِجُ والحارِك ما شَخَص من فُروع الكَتِفَين إِلى
أَصل العُنُق إِلى مُسْتوى الظَّهر، والكاهِلُ خَلْف المَنْسِج. وفي الحديث:
بَعَث رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، زيدَ بنَ حارثة إِلة جُذامَ،
فأَوّلُ من لَقِيهم رجُلٌ على فَرَسٍ أَدْهَم كان ذَكرُه على مَنْسج فرَسِه؛
قال: المَنْسِجُ ما بين مَغْرِز العُنُق إِلى مُنْقَطَع الحارِك في
الصُّلْب؛ وقيل: المَنْسِجُ والحاركُ والكاهِلُ ما شَخَص من فروع الكتِفَين
إِلى أَصل العُنُق؛ وقيل: هو، بكسر الميم، للفَرَس بمنزلة الكاهِلِ من
الإِنسان، والحارِك من البعير. وفي الحديث: رجالٌ جاعِلو أَرماحِهِم على
مَناسِجِ خيولهم، هي جمع المَنْسِج.
ابن شميل: النَّسُوجُ من الإِبل التي تقدِّم جَهازَها إِلى كاهِلِها
لشدّة سَيرها.
ثعلب عن ابن الأَعرابي: النُّسُج السَّجَّادات.
حصف: الحَصافةُ: ثَخانةُ العَقْل. حَصُفَ، بالضم، حَصافةً إذا كان
جَيِّدَ الرأْيِ مُحْكَم العقل، وهو حَصِفٌ وحَصِيفٌ بَيِّنُ الحَصافةِ.
والحَصِيفُ: الرجل الـمُحْكَمُ العقل؛ قال:
حَدِيثُك في الشِّتاءِ حدِيثُ صَيْفٍ،
وشَتْوِيُّ الحَدِيثِ إذا تَصِيفُ
فَتَخْلِطُ فيه مِن هذا بهذا،
فَما أَدْرِي أَأَحْمَقُ أَمْ حَصِيفُ؟
فأَمّا حَصِفٌ فعلى النسَبِ، وأَما حَصِيفٌ فعلى الفِعْل. وفي كتاب عُمر
إلى أَبي عُبيدة، رضي اللّه عنهما: أَن لا يُمْضِيَ أَمـْرَ اللّهِ إلا
بَعِيدَ الغِرَّةِ حَصِيفَ العُقدة؛ الحَصِيفُ: الـمُحكمُ العقل،
وإحْصافُ الأَمـْرِ: إحْكامُه، ويريد بالعُقْدة ههنا الرأْيَ والتدْبير، وكل
مُحْكَم لا خَلَلَ فيه حَصِيفٌ. ومُحْصَفٌ: كثِيفٌ قويٌّ. وثوب حَصِيفٌ إذا
كان محكم النسج صَفِيقَه، وأَحْصَفَ الناسِج نسْجَه.
ورأْيٌ مُسْتَحْصِفٌ، وقد اسْتَحْصَفَ رأْيهُ إذا اسْتَحْكَم، وكذلك
الـمُسْتَحْصِدُ. واسْتَحْصَفَ الشيءُ: اسْتَحكَمَ. ويقال: اسْتَحْصَفَ
القومُ واسْتَحْصَدُوا إذا اجتمعوا؛ قال الأَعشى:
تأْوِي طَوائِفُها إلى مَحْصُوفةٍ
مَكْروهةٍ، يَخشَى الكُماةُ نِزالَها
قال الأَزهري: أَراد بالـمَحْصُوفة كَتِيبَةً مجْمُوعة وجعلها
مَحْصُوفةً من حُصِفتْ، فهي مَحْصُوفةٌ. قال الأَزهري: وفي النوادر حَصَبْتُه عن
كذا وأَحْصَبْتُه وحَصَفْتُه وأَحْصَفْتُه وحَصَيته وأَحْصَيتُه إذا
أَقْصَيْتَه. وإحْصافُ الأَمـْرِ: إحْكامُه. وإحْصاف الحبلِ: إحكامُ فَتْلِه.
والـمُحْصَفُ من الحِبالِ: الشَّدِيدُ الفَتْلِ، وقد اسْتَحْصَفَ.
والـمُسْتَحْصِفةُ: المرأَة الضَّيِّقةُ اليابسةُ، قيل: وهي التي تَيْبَسُ عند
الغِشْيانِ وذلك مـما يُسْتَحَبُّ. وفَرْجٌ مُسْتَحْصِفٌ أَي ضَيِّق.
واسْتَحَْصَفَ علينا الزمانُ: اشتدّ. واسْتَحْصَفَ القومُ: اجتمعوا.
والإحْصافُ: أَن يَعْدُوَ الرجلُ عَدْواً فيه تَقارُبٌ. وأَحْصَفَ
الفرسُ والرجلُ إذا عَدَا عَدْواً شديداً، وقال اللحياني: يكون ذلك في الفرس
وغيره مـما يعدو، وقيل: الإحْصافُ أَقْصَى الحُضْر؛ قال العجاج:
ذارٍ إذا لاقَى العَزازَ أَحْصَفَا،
وإن تَلَقَّى غَدَراً تَخَطْرَفا
والذَّرْوُ: الـمَرُّ الخَفِيفُ، والغَدَرُ: ما ارْتَفَعَ من الأَرض
وانْخَفَض، ويقال: الكثيرُ الحجارة. وفرس مِحْصَفٌ وناقة مِحْصافٌ؛ شاهِدُه
قول عبد اللّه بن سمعان التَّغْلَبيّ:
وسَرَيْتُ لا جَزِعاً ولا مُتَهَلِّعاً،
يَعْدُو برَحْلي جَسْرةٌ مِحْصافُ
والحَصَفُ: بَثْرٌ صِغار يقِيحُ ولا يَعْظُم وربما خرج في مَراقِّ
البَطْنِ أَيام الحرّ، وقد حَصِفَ جِلده، بالكسر، يَحْصَفُ حَصَفاً. وقال أَبو
عبيد: حَصِفَ يَحْصَفُ حَصَفاً وبَثِرَ وجهُه يَبْثَرُ بَثَراً. وقال
الجوهري: الحَصَفُ الجَرَبُ اليابس، والحصيفة الحيَّةُ؛ طائيّة.
بنن: البَنَّة: الريح الطيِّبة كرائحة التُّفّاح ونحوها، وجمعُها
بِنانٌ، تقول: أَجِدُ لهذا الثوب بَنَّةً
طيِّبة من عَرْف تفاح أَو سَفَرْجَل. قال سيبويه: جعلوه اسماً
للرائحة الطيبة كالخَمْطة. وفي الحديث: إن للمدينة بَنَّةً؛ البَنَّة:
الريح الطيِّبة، قال: وقد يُطلق على المكروهة. والبَنَّة: ريحُ مَرابِضِ
الغنم والظباء والبقر، وربما سميت مرابضُ الغنم بَنَّة؛ قال:
أَتاني عن أَبي أَنَسٍ وعيدٌ،
ومَعْصُوبٌ تَخُبُّ به الرِّكابُ
وعيدٌ تَخْدُجُ الأَرآمُ منه،
وتَكره بَنَّةَ الغَنمِ الذَّئابُ
ورواه ابن دريد: تُخْدِجُ أَي تَطْرَح أَولادَها نُقَّصاً. وقوله:
معصوبٌ كتابٌ أَي هو وعيد لا يكونُ أَبداً لأَن الأَرْآم لا تُخْدِجُ أَبداً،
والذئاب لا تكره بَنَّة الغنم أَبداً. الأَصمعي فيما روى عنه أَبو حاتم:
البَنَّة تقال في الرائحة الطيّبة وغير الطّيبة، والجمع بِنانٌ؛ قال ذو
الرمة يصف الثورَ الوحشيّ:
أَبَنَّ بها عوْدُ المَباءَةِ، طَيِّبٌ
نسيمَ البِنانِ في الكِناسِ المُظَلَّلِ
قوله: عَود المباءَة أَي ثَوْر قديم الكِناس، وإنما نَصَب النسيمَ
لَمَّا نَوَّنَ الطيِّبَ، وكان من حقه الإضافةُ فضارع قولَهم هو ضاربٌ زيداً،
ومنه قوله تعالى: أَلم نجعل الأَرضَ كِفاتاً أَحياء وأَمواتاً؛ أَي
كِفاتَ أَحياءٍ وأَمواتٍ، يقول: أَرِجَتْ ريحُ مباءتنا مما أَصاب أَبعارَه من
المطر. والبَنَّة أَيضاً: الرائحة المُنْتِنة، قال: والجمع من كل ذلك
بِنانٌ، قال ابن بري: وزعم أَبو عبيد أَن البَنَّة الرائحة الطيّبة فقط،
قال: وليس بصحيح بدليل قول عليّ، عليه السلام، للأَشْعث بن قَيْس حين خطَب
إليه ابْنَتَه: قُمْ لعنك الله حائكاً فَلَكَأَنِّي أَجِدُ منكَ بَنَّةَ
الغَزْلِ، وفي رواية قال له الأَشْعثُ بنُ قَيْس: ما أَحْسِبُكَ عَرَفْتني
يا أَمير المؤْمنين، قال: بلى وإني لأَجِدُ بَنَّة الغزل منك أَي ريح
الغزل، رماه بالحياكة، قيل: كان أَبو الأَشْعث يُولَع بالــنِّساجة.
والبِنُّ: الموضعُ المُنتِنُ الرائحة. الجوهري: البَنَّةُ الرائحة،
كريهةً كانت أَو طيبةً. وكِناسٌ مُبِنٌّ أَي ذو بَنَّةٍ، وهي رائحة بَعْر
الظِّباء. التهذيب: وروى شمر في كتابه أَن عمر، رضي الله عنه، سأَل رجلاً
قَدِمَ من الثَّغْر فقال: هل شَرِبَ الجَيْشُ في البُنيات الصغار
(* قوله «في البنيات الصغار» وقوله «البنيات ههنا الأقداح إلخ» هكذا بالتاء آخره في
الأصل ونسخة من النهاية. وأورد الحديث في مادة بني وفي نسخة منها بنون
آخره).؟ قال: لا، إن القوم لَيُؤْتَوْنَ بالإناء فيَتداولُونه حتى يشربوه
كلُّهم؛ قال بعضهم: البُنيات ههنا الأَقداحُ الصِّغار. والإبْنانُ:
اللُّزومُ. وأَبْنَنْتُ بالمكان إِبْناناً إذا أَقمْت به. ابن سيده: وبَنَّ
بالمكان يَبِنُّ بَنّاً وأَبَنَّ أَقام به؛ قال ذو الرمة:
أَبَنَّ بها عَوْدُ المباءةِ طَيِّبٌ
وأَبي الأَصمعي إلا أَبَنَّ. وأَبَنّتِ السحابةُ: دامَتْ ولزِمَتْ.
ويقال: رأَيت حيّاً مُبِنّاً بمكان كذا أَي مقيماً. والتبنينُ: التثبيت في
الأَمر. والبَنِينُ: المتثبِّت العاقل. وفي حديث شريح: قال له أَعرابيّ
وأَراد أَن يَعْجَل عليه بالحكومة. تَبَنَّن، أَي تثَبَّتْ، من قولهم
أَبَنَّ بالمكان إذا أَقام فيه؛ وقوله:
بَلَّ الذُّنابا عَبَساً مُبِنّاً
يجوز أَن يكون اللازمَ اللازق، ويجوز أَن يكون من البَنَّة التي هي
الرائحة المنتنة، فإما أَن يكون على الفعل، وإما أَن يكون على النسب.
والبَنان: الأَصابع: وقيل: أَطرافها، واحدتها بَناتةٌ؛ وأَنشد ابن بري لعباس بن
مرداس:
أَلا ليتَني قطَّعتُ منه بَنانَه،
ولاقَيْتُه يَقْظان في البيتِ حادِرا
وفي حديث جابر وقتْل أَبيه يومَ أُحُد: ما عَرَفْتُه إلا ببَنانه.
والبَنانُ في قوله تعالى: بَلَى قادرين على أَن نُسوّيَ بَنانه؛ يعني شَواهُ؛
قال الفارسي: نَجْعلُها كخُفّ البعير فلا ينتفع بها في صناعة؛ فأَما ما
أَنشده سيبويه من قوله:
قد جَعَلَت مَيٌّ، على الطِّرارِ،
خَمْسَ بنانٍ قانِئ الأَظفارِ
فإنه أَضاف إلى المفرد بحسب إضافة الجنس، يعني بالمفرد أَنه لم يكسَّر
عليه واحدُ الجمع، إنما هو كسِدْرة وسِدَر، وجمعُ القلة بناناتٌ. قال:
وربما استعاروا بناءَ أَكثر العدد لأَقله؛ وقال:
خَمْسَ بنانٍ قانئِ الأَظفار
يريد خمساً من البَنان. ويقال: بنانٌ مُخَضَّبٌ لأَن كل جمع بينه وبين
واحده الهاءُ فإِنه يُوَحِّد ويذكَّرُ. وقوله عز وجل: فاضربوا فوق
الأَعْناق واضربوا منهم كل بَنان؛ قال أَبو إسحق: البَنانُ ههنا جميعُ أَعضاء
البدن، وحكى الأَزهري عن الزجاج قال: واحدُ البنان بَنانة، قال: ومعناه
ههنا الأَصابعُ وغيرُها من جميع الأَعضاء، قال: وإنما اشتقاقُ البنان من
قولهم أَبَنَّ بالمكان، والبَنانُ به يُعْتَمل كلُّ ما يكون للإقامة
والحياة. الليث: البنان أَطرافُ الأَصابع من اليدين والرجلين، قال: والبَنان في
كتاب الله هو الشَّوى، وهي الأَيدي والأَرجُل، قال: والبنانة الإصْبَعُ
الواحدة؛ وأَنشد:
لا هُمَّ أَكْرَمْتَ بني كنانهْ، ليس لحيٍّ فوقَهم بَنانهْ
أَي ليس لأَحدٍ عليهم فضل قِيسَ إصبعٍ. أَبو الهيثم قال: البَنانة
الإصبعُ كلُّها، قال: وتقال للعُقدة العُليا من الإصبع؛ وأَنشد:
يُبَلِّغُنا منها البَنانُ المُطرَّفُ
والمُطرَّفُ: الذي طُرِّفَ بالحنّاء، قال: وكل مَفْصِل بَنانة.
وبُنانةُ، بالضم: اسمُ امرأَة كانت تحتَ سَعْد بن لُؤَيّ بن غالبِ بن فِهْرٍ،
ويُنسَبُ ولدُه إليها وهم رَهْط ثابت البُنانيّ. ابن سيده: وبُنانةُ حيٌّ من
العرب، وفي الحديث ذكرُ بُنانة، وهي بضم الباء وتخفيف النون الأُولى
مَحِلة من المَحالّ القديمة بالبَصرة. والبَنانة والبُنانة: الرَّوْضة
المُعْشِبة. أَبو عمرو: البَنْبَنة صوتُ الفُحْشِ والقَذَع. قال ابن
الأَعرابي: بَنْبَنَ الرجلُ إذا تكلَّم بكلام الفحش، وهي البَنْبنة؛ وأَنشد أَبو
عمرو لكثير المحاربيّ:
قد مَنَعَتْني البُرَّ وهي تَلْحانْ،
وهو كَثيرٌ عندَها هِلِمّانْ،
وهي تُخَنْذي بالمَقالِ البَنْبانْ
قال: البَنْبانْ الرديءِ من المنطق والبِنُّ: الطِّرْق من الشحم يقال
للدابة إِِِِِِِِِِِِِِِذا سَمِنتْ:ركِبَها طِرْقٌ على طِرْقٍ
(* قوله
«ركبها طرق على طرق» هكذا بالأصل، وفي التكملة بعد هذه العبارة: وبنّ على
بنّ وهي المناسبة للاستشهاد فلعلها ساقطة من الأصل) الفراء في قولهم
بَلْ بمعنى الاستدراك: تقول بَلْ واللّهِ لا آتيكَ وبَنْ واللّه، يجعلون
اللام فيها نوناً، قال: وهي لغة بني سعد ولغة كلب، قال: وسمعت الباهِلِيين
يقولون لا بَنْ بمعنى لا بَلْ، قال: ومن خَفيفِ هذا الباب بَنْ ولا بَنْ
لغةٌ في بَلْ ولا بَلْ، وقيل: هو على البدل؛ قال ابن سيده: بَلْ كلمة
استدراكٍ وإعلامٍ بالإضْراب عن الأَولِ، وقولهم: قام زيد بَلْ عَمْروٌ وبَنْ
عَمْروٌ، فإن النون بدلٌ من اللام، أَلا ترى إلى كثرة استعمال بَلْ
وقلَّة استعمال بَنْ والحُكْمُ على الأَكثر لا الأَقلِّ؟ قال: هذا هو الظاهر
من أَمره قال ابن جني: ولسْتُ أَدفعُ مع هذا أَن يكون بَنْ لغةً قائمة
بنفسها، قال: ومما ضوعف من فائِه ولامِه بَنْبان، غير مصروف، موضع؛ عن
ثعلب؛ وأَنشد شمر:
فصار َ ثنَاها في تميمٍ وغيرِهم،
عَشِيَّة يأْتيها بِبَنْبانَ عِيرُها
يعني ماءً لبني تميم يقال له بَنْبان؛ وفي ديار تميم ماءٌ يقال له
بَنْبان ذكره الحُطيئة فقال:
مُقِيمٌ على بَنْبانَ يَمْنَعُ ماءَه،
وماءَ وَسِيعٍ ماءَ عَطْشان َ مُرْمل ِ
يعني الزِّبْرِقان أَنه حَلأَه عن الماء.
دبج: الدَّبْجُ: النَّقْشُ والتزيين، فارسي معرب.
ودَبَجَ الأَرضَ المطرُ يَدْبُجُها دَبْجاً: رَوَّضَها. والدِّيباحُ:
ضَرْبٌ من الثياب، مشتق من ذلك، بالكسر والفتح، مُوَلَّدٌ، والجمع دَيابيجُ
ودبابيج. قال ابن جني: قولهم دبابيج يدل على أَن أَصله دِبَّاجٌ، وأَنهم
إِنما أَبدلوا الباء ياء استثقالاً لتضعيف الباء، وكذلك الدينار
والقيراط، وكذلك في التَّصْغير. وفي الحَديثِ ذكْرُ الدِّيباجِ، وهي الثياب
المتخذة من الابريسم، فارسي معرب، وقد تُفتح داله. وسمى ابن مسعود الحواميم
ديباج القرآن. الليث: الدِّيباج أَصوب من الدَّيْباج، وكذلك قال أَبو عبيد
في الدِّيباج والدِّيوان، وجمعهما دَبابِيجُ ودَواوينُ. وروي عن ابراهيم
النخعي أَنه كان له طَيْلَسانٌ مُدَبَّجٌ، قالوا: هو الذي زينت أطرافه
بالديباج.
وما بالدَّارِ دِبِّيجٌ، بالكسر والتشديد، أَي ما بها أَحد، وهو من ذلك،
لا يستعمل إِلا في النفي؛ قال ابن جني: هو فِعِّيل من لفظ الدِّيباج
ومعناه، وذلك أَن الناس هم الذين يَشُونَ الأَرضَ وبهم تَحْسُنُ وعلى
أَيديهم وبعمارتهم تَجْمُلُ. الفراء عن الدهرية: ما في الدار سَفْرٌ ولا
دِبِّيجٌ ولا دَبِّيجٌ، ولا دِبِّيٌّ ولا دَبِّيٌّ. قال: قال أَبو العباس:
والحاء أَفصح اللغتين؛ الجوهري: وسأَلت عنه في البادية جماعة من الأَعراب
فقالوا: ما في الدارِ دِبِّيٌّ، قال: وما زادوني على ذلك قال: ووجدت بخط
أَبي موسى الحامض: ما في الدارِ دِبِّيجٌ مُوَقَّعٌ، بالجيم، عن ثعلب. قال
أَبو منصور: والجيم في دبِّيج مبدلة من الياء في دِبِّيّ، كما قالوا
صِيصِيٌّ وصِيصِجٌّ ومُرِّيٌّ ومُرِّجٌّ، ومثله كثير.
والدِّيباجَتانِ: الخدان، ويقال هما اللِّيتَانِ؛ قال ابن مقبل يصف
البعير:
يَسْعَى بها بازِلٌ، دُرْمٌ مَرافِقُه،
يَجْري بِديباجَتَيْه الرَّشْحُ، مُرْتَدِعُ
الرشح: العرق. والمرتدع: الملتطخ أَخذه من الرَّدْعِ: وهذا البيت في
الصحاح:
يَخْدي بها كُلُّ مَوَّارٍ مَناكِبُه،
يَجْري بِديباجَتَيْهِ الرَّشْحُ، مُرْتَدِعُ
قال ابن بري: والمُرْتَدِعُ هنا الذي عَرِقَ عَرَقاً أَصفر، وأَصله من
الردع، والردع أَثر الخَلوق، والضمير في قوله بها: يعود على امرأَة ذكرها.
والبازل من الإِبل: الذي له تسع سنين، وذلك وقت تناهي شبابه وشدة
قوَّته. ورُوي فُتْلٌ مَرافِقُه؛ والفُتْلُ: التي فيها انفتال وتَباعُدٌ عن
زَوْرِها، وذلك محمود فيها. ودِيباجَةُ الوجه ودِيباجُهُ: حسن بشرته؛ أَنشد
ابن الأَعرابي للنجاشي:
هُمُ البِيضُ أَقْداماً ودِيباجُ أَوْجُهٍ،
كِرامٌ، إِذا اغْبَرَّتْ وُجُوهُ الأَشائِم
ورجل مُدَبَّجٌ: قبيح الوجه والهامة والخلقة. والمُدَبَّجُ: طائر من طير
الماء قبيح الهيئة. التهذيب: والمُدَبَّجُ ضرب من الهام وضرب من كير
الماء، يقال له: أَغْبَرُ مُدَبَّجٌ، منتفخ الريش قبيح الهامة يكون في الماء
مع النُّحَامِ.
ابن الأَعرابي: يقال للناقة إِذا كانت فَتِيَّةً شابة: هي القرطاس
والدِّيباج والدِّعْلِبَةُ والدِّعْبلُ والعَيْطموس.
وضن: وَضَنَ الشيءَ وَضْناً، فهو مَوْضُونٌ ووضِينٌ: ثنى بعضه على بعض
وضاعَفَهُ. ويقال: وَضَنَ فلانٌ الحَجر والآجُرَّ بعضه على بعض إِذا
أَشْرَجَه، فهو مَوْضونٌ. والوَضْنُ: نسْجُ السريرِ وأَشباهه بالجوهر والثياب،
وهو مَوْضونٌ. شمر: المَوْضُونةُ الدِّرْع المنسوجة. وقال بعضهم: دِرْعٌ
مَوْضونةٌ مُقارَبَةٌ في النسج، مثل مَرْضُونةِ، مُداخَلَةُ الحِلَقِ
بعضها في بعض. وقال رجل من العرب لامرأَته: ضِنِيه يعني متاعَ البيت أَي
قاربي بعضه من بعض، وقيل الوَضْنُ النَّضْدُ. وسرير مَوْضونٌ: مضاعَفُ
النسج. وفي التنزيل العزيز: على سُرُرٍ مَوْضونةٍ؛ المَوْضونةُ: المنسوجة
أَي منسوجة بالدُّرِّ والجوهر، بعضها مُداخَلٌ في بعض. ودرع مَوْضونةٌ:
مضاعفة النسج؛ قال الأَعشى:
ومن نَسْجِ داودَ مَوْضونَة،
يُساقُ بها الحَيُّ عِيراً فَعِيرا
والمَوْضونَةُ: الدِّرْعُ المنسوجة، ويقال: المنسوجة بالجواهر، تُوضَنُ
حِلَقُ
الدِّرْعِ بعضها في بعض مُضاعَفةً. والوَضْنَةُ: الكُرْسي المنسوج.
والوَضِينُ: بِطَانٌ عريض منسوج من سيور أَو شعر. التهذيب: إِنما سمت العرب
وَضِينَ الناقةِ وَضِيناً لأَنه منسوج؛ قال حُمَيد:
على مُصْلَخِمٍّ، ما يكاد جَسِيمُهُ
يَمُدُّ بِعِطْفَيْهِ الوَضِينَ المُسَمَّما
والمُسَمَّمُ: المزين بالسُّموم، وهي خَرَز. الجوهري: الوَضِينُ
للهَوْدج بمنزلة البِطانِ للقَتَب، والتَّصْدِير للرَّحْل، والحِزام للسَّرْج،
وهما كالنَّسْع إِلاَّ أَنهما من السيور إِذا نُسج نِساجةَ بعضها على بعض،
والجمع وُضُنٌ؛ وقال المُثَقِّب العَبديُّ:
تَقولُ إِذا دَرَأْتُ لها وَضِيني:
أَهذا دَأْبُهُ أَبداً ودِينِي؟
قال أَبو عبيدة: وَضِينٌ في موضع مَوْضونٍ مثل قَتِيلٍ في موضع
مَقْتولٍ، تقول منه: وَضَنْتُ النِّسْعَ أَضِنُهُ وَضْناً إِذا نسجته. وفي حديث
علي، عليه السلام: إِنَّكَ لَقَلِقُ الوَضِينِ؛ الوَضِين: بِطانٌ منسوج
بعضه على بعض يُشَدُّ به الرَّحْلُ على البعير، أَراد أَنه سريع الحركة،
يصفه بالخفة وقلة الثبات كالحزام إِذا كان رِخْواً. وقال ابن جَبَلَةَ: لا
يكون الوَضينُ إِلا من جِلْدٍ، وإِن لم يكن من جلد فهو غُرْضَةٌ، وقيل:
الوَضِينُ يصلح للرَّحْل والهَوْدَجِ، والبِطانُ للقَتَبِ خاصَّةَ. ابن
الأَعرابي: التَّوَضُّن التَّحَبُّبُ، والتَّوَضُّنُ التذلل؛ ابن بري:
أَنشد أَبو عبيدة شاهداً على أَن الوَضِينَ بمعنى المَوْضونِ قوله:
إِليك تَعْدُو قَلِقاً وَضِينُها،
مُعْتَرِضاً في بطنها جَنِينُها،
مخالفاً دينَ النَّصارى دِينُها
أَراد دينه لأَن الناقة لا دين لها، قال: وهذه الأَبيات يروى أَن ابن
عمر أَنشدها لما انْدَفَع من جَمْعٍ، ووردت في حديثه، أَراد أَنها قد هزلت
ودَقَّتْ للسير عليها؛ قال ابن الأَثير: أَخرجه الهروي والزمخشري عن ابن
عمر، وأَخرجه الطبراني في المعجم عن سالم عن أَبيه أَن رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، أَفاض من عَرَفاتٍ وهو يقول:
إليك تعدو قَلِقاً وَضِينُها
والمِيضَنَةُ: كالجُوَالِق تتخذ من خُوصٍ، والجمع مَوَاضين.
سيج: أَبو حنيفة: السِّياجُ الحظيرة من الشجر تجعل حول الكرم والبستان؛
وقد سَيَّجَ على الكرم. ويقال: حَظَرَ كَرْمَهُ بالسِّياجِ، وهو أَن
يُسَيِّجَ حائطه بالشَّوْكِ لئلا يَتَسَوَّرَ. والسِّياجُ: الطيلسان، على قول
من يجعل أَلفه منقلبة عن الياء، والله أَعلم.