إحدى صور الاسم موريس. يستخدم للذكور.
إحدى صور الاسم موريس. يستخدم للذكور.
ورس: الوَرْس: شيء أَصفر مثل اللطخ يخرج على الرِّمْثِ بين آخر الصيف
وأَوَّل الشتاء إِذا أَصاب الثوبَ لَوَّنَه. التهذيب: الوَرْس صِبْغ،
والتَّوْرِيس مثله. وقد أَوْرَس الرِّمْثُ، فهو مُورِسٌ، وأَوْرَس المكانُ،
فهو وارِسٌ، والقياس مُورِسٌ. وقال شمر: يقال أَحْنَطَ الرِّمْثُ، فهو
حانِطٌ ومُحْنِطٌ: ابْيَضَّ. الصحاح: الوَرْس نبت أَصفر يكون باليمن تتخذ منه
الغُمْرة للوجه، تقول منه: أَورَس المكان وأَوْرَس الرِّمْث أَي اصفَرَّ
ورقه بعد الإِدراك فصار عليه مثل المُلاء الصفر، فهو وارِس، ولا يقال
مُورِس، وهو من النوادر، ووَرَّست الثوب تَوْريساً: صبغته بالوَرْس،
ومِلْحفة وَرْسِيَّة: صبغت بالوَرْس. وفي الحديث: وعليه ملحفة وَرْسِيَّة؛
والوَرْسِية المصبوغة. وفي حديث الحسين، رضي اللَّه عنه: أَنه اسْتَسْقى
فأُخرج إِليه قَدَح وَرْسِيّ مُفَضَّض؛ هو المعمول من الخشب النُّضار الأَصفر
فشبه به لصفرته. قال أَبو حنيفة: الوَرْس ليس بِبَرِّي يزرع سنة فيجلس
عشر سنين أَي يقيم في الأَرض ولا يتعطل، قال: ونباته مثل نبات السمسم
فإِذا جف عند إِدراكه تفتقت خرائطه فيُنْفض، فيَنْتفض منه الوَرْس، قال: وزعم
بعض الرواة الثقات أَنه يقال مُورِس؛ وقد جاء في شعر ابن هَرْمَة قال:
وكأَنَّما خُضِبَتْ بحَمْضٍ مُورِس،
آباطُها من ذي قُرُونِ أَبايِلِ
وحكى أَبو حنيفة عن أَبي عمرو: وَرَسَ النبت وُرُوساً اخْضَرَّ؛ وأَنشد:
في وارِسٍ من النَّخِيل قد ذَفِر
ذَفِرَ، كَثر. قال ابن سيده: لم أَسمعه إِلا ههنا، قال: ولا فسره غير
أَبي حنيفة.
وثوب وَرِسٌ ووارِس ومُوَرِّسٌ ووَرِيس: مصبوغ بالوَرْس، وأَصْفَر
وارِسٌ أَي شديد الصفرة، بالغوا فيه كما قالوا أَصْفَر فاقِع، والوَرْسِيُّ من
الأَقداح النُّضار: من أَجودها، ومن الحمام ما كان أَحمر إِلى الصفرة.
ووَرِسَت الصخرةٌ إِذا ركبها الطُّحْلب حتى تخضَرَّ وتَمْلاسَّ؛ قال
امرؤ القيس:
ويَخْطُو على صُمٍّ صِلابٍ، كأَنها
حجارة غِيلٍ وارِساتٌ بطُحْلُب
جسد: الجسد: جسم الإِنسان ولا يقال لغيره من الأَجسام المغتذية، ولا
يقال لغير الإِنسان جسد من خلق الأَرض. والجَسَد: البدن، تقول منه:
تَجَسَّد، كما تقول من الجسم: تجسَّم. ابن سيده: وقد يقال للملائكة والجنّ جسد؛
غيره: وكل خلق لا يأْكل ولا يشرب من نحو الملائكة والجنّ مما يعقل، فهو
جسد. وكان عجل بني إِسرائيل جسداً يصيح لا يأْكل ولا يشرب وكذا طبيعة
الجنّ؛ قال عز وجل: فأَخرج لهم عجلاً جسداً له خوار؛ جسداً بدل من عجل لأَن
العجل هنا هو الجسد، وإِن شئت حملته على الحذف أَي ذا جسد، وقوله: له
خُوار، يجوز أَن تكون الهاء راجعة إِلى العجل وأَن تكون راجعة إِلى الجسد،
وجمعه أَجساد؛ وقال بعضهم في قوله عجلاً جسداً، قال: أَحمر من ذهب؛ وقال
أَبو إِسحق في تفسير الآية: الجسد هو الذي لا يعقل ولا يميز إِنما معنى
الجسد معنى الجثة. فقط. وقال في قوله: وما جعلناهم جسداً لا يأْكلون الطعام؛
قال: جسد واحد يُثْنَى على جماعة، قال: ومعناه وما جعلناهم ذوي أَجساد
إِلاَّ ليأْكلوا الطعام، وذلك أَنهم قالوا: ما لهذا الرسول يأْكل الطعام؟
فأُعلموا أَن الرسل أَجمعين يأْكلون الطعام وأَنهم يموتون. المبرد وثعلب:
العرب إِذا جاءت بين كلامين بجحدين كان الكلام إِخباراً، قالا: ومعنى
الآية إِنما جعلناهم جسداً ليأْكلوا الطعام، قالا: ومثله في الكلام ما سمعت
منك ولا أَقبل منك، معناه إِنما سمعت منك لأَقبل منك، قالا: وإِن كان
الجحد في أَول الكلام كان الكلام مجحوداً جحداً حقيقياً، قالا: وهو كقولك ما
زيد بخارج؛ قال الأَزهري: جعل الليث قول الله عز وجل: وما جعلناهم جسداً
لا يأْكلون الطعام كالملائكة، قال: وهو غلط ومعناه الإِخبار كما قال
النحويون أَي جعلناهم جسداً ليأْكلوا الطعام؛ قال: وهذا يدل على أَن ذوي
الأَجساد يأْكلون الطعام، وأَن الملائكة روحانيون لا يأْكلون الطعام وليسوا
جسداً، فإِن ذوي الأَجساد يأْكلون الطعام. وحكى اللحياني: إِنها لحسنة
الأَجساد، كأَنهم جعلوا كل جزء منها جسداً ثم جمعوه على هذا. والجاسد من كل
شيءٍ: ما اشتدّ ويبس. والجَسَدُ والجَسِدُ والجاسِدُ والجَسِيد: الدم
اليابس، وقد جَسِدَ؛ ومنه قيل للثوب: مُجَسَّدٌ إِذا صبغَ بالزعفران. ابن
الأَعرابي: يقال للزعفران الرَّيْهُقانُ والجاديُّ والجِساد؛ الليث:
الجِساد الزعفران ونحوه من الصبغ الأَحمر والأَصفر الشديد الصفرة؛
وأَنشد:جِسادَيْنِ من لَوْنَيْنِ، ورْسٍ وعَنْدَم
والثوب المُجَسَّد، وهو المشبع عصفراً أَو زعفراناً.
والمُجَسَّد: الأَحمر. ويقال: على فلان ثوب مشبع من الصبغ وعليه ثوب
مُفْدَم، فإِذا قام قياماً من الصبغ قيل: قد أُجسِدَ ثَوْبُ فلان إِجساداً
فهو مُجْسَد؛ وفي حديث أَبي ذر: إِنَّ امرأَته ليس عليها أَثر المجاسد؛
ابن الأَثير: هو جمع مُجسد، بضم الميم، وهو المصبوغ المشبع بالجَسَد وهو
الزعفران والعصفر.
والجسد والجساد: الزعفران أَو نحوه من الصبغ.
وثوب مُجْسَد ومُجَسَّد: مصبوغ بالزعفران، وقيل: هو الأَحمر. والمجسد:
ما أُشبع صبغه من الثياب، والجمع مجاسد؛ وأَما قول مليح الهذلي:
كأَنَّ ما فوقَها، مما عُلِينَ به،
دِماءُ أَجوافِ بُدْنٍ، لونُها جَسِد
أَراد مصبوغاً بالجساد؛ قال ابن سيده: هو عندي على النسب إِذ لا نعرف
لجَسِدٍ فعلاً. والمجاسد جمع مجسد، وهو القميص المشبع بالزعفران. الليث:
الجسد من الدماء ما قد يبس فهو جامد جاسد؛ وقال الطرماح يصف سهاماً
بنصالها:فِراغٌ عَواري اللِّيطِ، تُكْسَى ظُباتُها
سَبائبَ، منها جاسِدٌ ونَجِيعُ
قوله: فراغ هو جمع فريغ للعريض؛ يصف سهاماً وأَن نصالها عريضة. والليط:
القشر، وظباتها: أَطرافها. والسبائب: طرائق الدم. والنجيع: الدم نفسه.
والجاسد: اليابس. الجوهري: الجسد الدم؛ قال النابغة:
وما هُريقَ على الأَنْصابَ من جَسَد
والجسد: مصدر قولك جسِد به الدم يجسَد إِذا لصق به، فهو جاسد وجسِد؛
وأَنشد بيت الطرماح: «منها جاسد ونجيع» وأَنشد لآخر:
بساعديه جَسِدٌ مُوَرَّسُ،
من الدماء، مائع وَيَبِسُ
والمِجْسَد: الثوب الذي يلي جسد المرأَة فتعرق فيه.
ابن الأَعرابي: المجاسد جمع المِجسد، بكسر الميم، وهو القميص الذي يلي
البدن. الفرّاء: المِجْسَدُ والمُجْسَد واحد، وأَصله الضم لأَنه من أُجسد
أَي أُلزق بالجسد، إِلاَّ أَنهم استثقلوا الضم فكسروا الميم، كما قالوا
للمُطْرف مِطْرف، والمُصْحف مِصْحف.
والجُساد: وجع يأْخذ في البطن يسمى بيجيدق
(* لم نجد هذه اللفظة في
اللسان، ولعلها فارسية). وصوت مُجَسَّد: مرقوم على محسنة ونغم
(* قوله «مرقوم
على محسنة ونغم» عبارة القاموس وصوت مجسد كعظم مرقوم على نغمات ومحنة.
قال شارحه: هكذا في النسخ، وفي بعضها على محسنة ونغم وهو خطأ).
الجوهري: الجَلْسَد، بزيادة اللام، اسم صنم وقد ذكره غيره في الرباعي
وسنذكره.
حجر: الحَجَرُ: الصَّخْرَةُ، والجمع في القلة أَحجارٌ، وفي الكثرة
حِجارٌ وحجارَةٌ؛ وقال:
كأَنها من حِجارِ الغَيْلِ، أَلبسَها
مَضارِبُ الماء لَوْنَ الطُّحْلُبِ التَّرِبِ
وفي التنزيل: وقودها الناس والحجارة؛ أَلحقوا الهاء لتأْنيث الجمع كما
ذهب إِليه سيبويه في البُعُولة والفُحولة. الليث: الحَجَرُ جمعه
الحِجارَةُ وليس بقياس لأَن الحَجَرَ وما أَشبهه يجمع على أَحجار ولكن يجوز
الاستحسان في العربية كما أَنه يجوز في الفقه وتَرْكُ القياس له كما قال
الأَعشى يمدح قوماً:
لا نَاقِصِي حَسَبٍ ولا
أَيْدٍ، إِذا مُدَّت، قِصَارَهْ
قال: ومثله المِهارَةُ والبِكارَةُ لجمع المُهْرِ والبَكْرِ. وروي عن
أَبي الهيثم أَنه قال: العرب تدخل الهاء في كل جمع على فِعَال أَو فُعُولٍ،
وإِنما زادوا هذه الهاء فيها لأَنه إِذا سكت عليه اجتمع فيه عند السكت
ساكنان: أَحدهما الأَلف التي تَنْحَرُ آخِرَ حَرْفٍ في فِعال، والثاني
آخرُ فِعال المسكوتُ عليه، فقالوا: عِظامٌ وعَظامةٌ ونِفارٌ ونِفارةٌ،
وقالوا: فِحالَةٌ وحِبالَةٌ وذِكارَةٌ وذُكُورة وفُحولَةٌ وحُمُولَةٌ. قال
الأَزهري: وهذا هو العلة التي عللها النحويون، فأَما الاستحسان الذي شبهه
بالاستحسان في الفقه فإِنه باطل. الجوهري: حَجَرٌ وحِجارةٌ كقولك جَمَلٌ
وجِمالَةٌ وذَكَرٌَ وذِكارَةٌ؛ قال: وهو نادر. الفراء: العرب تقول الحَجَرُ
الأُحْجُرُّ على أُفْعُلٍّ؛ وأَنشد:
يَرْمِينِي الضَّعِيفُ بالأُحْجُرِّ
قال: ومثله هو أُكْبُرُّهم وفرس أُطْمُرُّ وأُتْرُجُّ، يشدّدون آخر
الحرف. ويقال: رُمِي فُلانٌ بِحَجَرِ الأَرض إِذا رمي بداهية من الرجال. وفي
حديث الأَحنف بن قيس أَنه قال لعلي حين سمَّى معاويةُ أَحَدَ
الحَكَمَيْنِ عَمْرَو بْنَ العاصِ: إِنك قد رُميت بِحَجر الأَرض فأَجعل معه ابن عباس
فإِنه لا يَعْقِدُ عُقْدَةً إِلاَّ حَلَّهَا؛ أَي بداهية عظيمة تثبت
ثبوتَ الحَجَرِ في الأَرض. وفي حديث الجَسَّاسَةِ والدَّجالِ: تبعه أَهل
الحَجَرِ وأَهل المَدَرِ؛ يريد أَهل البَوادِي الذين يسكنون مواضع الأَحجار
والرمال، وأَهلُ المَدَرِ أَهلُ البادِية. وفي الحديث: الولد للفراش
وللعاهِرِ الحَجَرُ؛ أَي الخَيْبَةُ؛ يعني أَن الولد لصاحب الفراش من السيد
أَو الزوج، وللزاني الخيبةُ والحرمان، كقولك ما لك عندي شيء غير التراب
وما يبدك غير الحَجَرِ؛ وذهب قوم إِلى أَنه كنى بالحجر عن الرَّجْمِ؛ قال
ابن الأَثير: وليس كذلك لأَنه ليس كل زان يُرْجَمُ. والحَجَر الأَسود،
كرمه الله: هو حَجَر البيت، حرسه الله، وربما أَفردوه فقالوا الحَجَر
إِعظاماً له؛ ومن ذلك قول عمر، رضي الله عنه: والله إِنك حَجَرٌ، ولولا أَني
رأَيتُ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، يفعل كذا ما فعلت؛ فأَما قول
الفرزدق:
وإِذا ذكَرْتَ أَبَاكَ أَو أَيَّامَهُ،
أَخْزاكَ حَيْثُ تُقَبَّلُ الأَحْجارُ
فإِنه جعل كل ناحية منه حَجَراً، أَلا ترى أَنك لو مَسِسْتَ كل ناحية
منه لجاز أَن تقول مسست الحجر؟ وقوله:
أَمَا كفاها انْتِياضُ الأَزْدِ حُرْمَتَها،
في عُقْرِ مَنْزِلها، إِذْ يُنْعَتُ الحَجَرُ؟.
فسره ثعلب فقال: يعني جبلاً لا يوصل إِليه. واسْتَحْجَرَ الطينُ: صار
حَجَراً، كما تقول: اسْتَنْوَق الجَمَلُ، لا يتكلمون بهما إِلاَّ مزيدين
ولهما نظائر. وأَرضٌ حَجِرَةٌ وحَجِيرَةٌ ومُتَحَجِّرة: كثيرة الحجارة،
وربما كنى بالحَجَر عن الرَّمْلِ؛ حكاه ابن الأَعرابي، وبذلك فسر قوله:
عَشِيَّةَ أَحْجارُ الكِناسِ رَمِيمُ
قال:
أَراد عشية رمل الكناس، ورمل الكناس: من بلاد عبدالله بن كلاب.
والحَجْرُ والحِجْرُ والحُجْرُ والمَحْجِرُ، كل ذلك: الحرامُ، والكسر أَفصح،
وقرئ بهن: وحَرْثٌ حجر؛ وقال حميد ابن ثور الهلالي:
فَهَمَمْت أَنْ أَغْشَى إِليها مَحْجِراً،
ولَمِثْلُها يُغْشَى إِليه المَحْجِرُ
يقول: لَمِثْلُها يؤتى إِليه الحرام. وروي الأَزهري عن الصَّيْداوِي
أَنه سمع عبويه يقول: المَحْجَر، بفتح الجيم، الحُرْمةُ؛ وأَنشد:
وهَمَمْتُ أَن أَغشى إِليها مَحْجَراً
ويقال: تَحَجَّرَ على ما وَسَّعه اللهُ أَي حرّمه وضَيَّقَهُ. وفي
الحديث: لقد تَحَجَّرْتَ واسعاً؛ أَي ضيقت ما وسعه الله وخصصت به نفسك دون
غيرك، وقد حَجَرَهُ وحَجَّرَهُ. وفي التنزيل: ويقولون حِجْراً مَحْجُوراً؛
أَي حراماً مُحَرَّماً. والحاجُور: كالمَحْجر؛ قال:
حتى دَعَوْنا بِأَرْحامٍ لنا سَلَفَتْ،
وقالَ قَائِلُهُمْ: إِنَّي بحاجُورِ
قال سيبويه:
ويقول الرجل للرجل أَتفعل كذا وكذا يا فلان؟ فيقول: حُِجْراً أَي ستراً
وبراءة من هذا الأَمر، وهو راجع إِلى معنى التحريم والحرمة. الليث: كان
الرجل في الجاهلية يلقى الرجل يخافه في الشهر الحرام فيقول: حُجْراً
مَحجُوراً أَي حرام محرم عليك في هذا الشهر فلا يبدؤه منه شر. قال: فإِذا كان
يوم القيامة ورأَى المشركون ملائكة العذاب قالوا: حِجْراً مَحْجُوراً،
وظنوا أَن ذلك ينفعهم كفعلهم في الدنيا؛ وأَنشد:
حتى دعونا بأَرحام لها سلفت،
وقال قائلهم: إِني بحاجور
يعني بِمَعاذ؛ يقول: أَنا متمسك بما يعيذني منك ويَحْجُرك عني؛ قال:
وعلى قياسه العاثُورُ وهو المَتْلَفُ. قال الأَزهري. أَما ما قاله الليث من
تفسير قوله تعالى: ويقولون حجراً محجوراً؛ إِنه من قول المشركين للملائكة
يوم القيامة، فإِن أَهل التفسير الذين يُعتمدون مثل ابن عباس وأَصحابه
فسروه على غير ما فسره الليث؛ قال ابن عباس: هذا كله من قول الملائكة،
فالوا للمشركين حجراً محجوراً أَي حُجِرَتْ عليكم البُشْرَى فلا تُبَشَّرُون
بخير. وروي عن أَبي حاتم في قوله: «ويقولون حجراً» تمّ الكلام. قال أَبو
الحسن: هذا من قول المجرمين فقال الله محجوراً عليهم أَن يعاذوا وأَن
يجاروا كما كانوا يعاذون في الدنيا ويجارون، فحجر الله عليهم ذلك يوم
القيامة؛ قال أَبو حاتم وقال أَحمد اللؤلؤي: بلغني عن ابن عباس أَنه قال: هذا
كله من قول الملائكة. قال الأَزهري: وهذا أَشبه بنظم القرآن المنزل بلسان
العرب، وأَحرى أَن يكون قوله حجراً محجوراً كلاماً واحداً لا كلامين مع
إِضمار كلام لا دليل عليه. وقال الفرّاء: حجراً محجوراً أَي حراماً
محرّماً، كما تقول: حَجَرَ التاجرُ على غلامه، وحَجَرَ الرجل على أَهله. وقرئت
حُجْراً مَحْجُوراً أَي حراماً محرّماً عليهم البُشْرَى. قال: وأَصل
الحُجْرِ في اللغة ما حَجَرْتَ عليه أَي منعته من أَن يوصل إِليه. وكل ما
مَنَعْتَ منه، فقد حَجَرْتَ عليه؛ وكذلك حَجْرُ الحُكَّامِ على الأَيتام:
مَنْعُهم؛ وكذلك الحُجْرَةُ التي ينزلها الناس، وهو ما حَوَّطُوا عليه.
والحَجْرُ، ساكنٌ: مَصْدَرُ حَجَر عليه القاضي يَحْجُر حَجْراً إِذا
منعه من التصرف في ماله. وفي حديث عائشة وابن الزبير: لقد هَمَمْتُ أَن
أَحْجُرَ عليها؛ هو من الحَجْر المَنْعِ، ومنه حَجْرُ القاضي على الصغير
والسفيه إِذا منعهما من التصرف في مالها. أَبو زيد في قوله وحَرْثٌ حِجْرٌ
حرامٌ ويقولون حِجْراً حراماً، قال: والحاء في الحرفين بالضمة والكسرة
لغتان. وحَجْرُ الإِنسان وحِجْرُه، بالفتح والكسر: حِضْنُه. وفي سورة النساء:
في حُجُوركم من نسائكم؛ واحدها حَجْرٌ، بفتح الحاء. يقال: حَجْرُ
المرأَة وحِجْرُها حِضْنُها، والجمع الحُجُورُ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها:
هي اليتيمة تكون في حَجْر وَلِيِّها، ويجوز من حِجْرِ الثوب وهو طرفه
المتقدم لأَن الإِنسان يرى ولده في حِجْرِه؛ والوليُّ: القائم بأَمر
اليتيم. والحجر، بالفتح والكسر: الثوب والحِضْنُ، والمصدر بالفتح لا غير. ابن
سيده: الحَجْرُ المنع، حَجَرَ عليه يَحْجُرُ حَجْراً وحُجْراً وحِجْراً
وحُجْراناً وحِجْراناً مَنَعَ منه. ولا حُجْرَ عنه أَي لا دَفْعَ ولا
مَنْعَ. والعرب تقول عند الأَمر تنكره: حُجْراً له، بالضم، أَي دفعاً، وهو
استعارة من الأَمر؛ ومنه قول الراجز:
قالتْ وفيها حَيْدَةٌ وذُعْرُ:
عَوْذٌ بِرَبِّي مِنْكُمُ وحُجْرُ
وأَنت في حِجْرَتِي أَي مَنَعَتِي. قال الأَزهري: يقال هم في حِجْرِ
فلانٍ أَي في كَنَفِه ومَنَعَتِه ومَنْعِهِ، كله واحد؛ قاله أَبو زيد،
وأَنشد لحسان ابن ثابت:
أُولئك قَوْمٌ، لو لَهُمْ قيلَ: أَنْفِدُوا
أَمِيرَكُمْ، أَلفَيْتُموهُم أُولي حَجْرِ
أَي أُولى مَنَعَةٍ. والحُجْرَةُ من البيوت: معروفة لمنعها المال،
والحَجارُ: حائطها، والجمع حُجْراتٌ وحُجُراتٌ وحُجَراتٌ، لغات كلها.
والحُجْرَةُ: حظيرة الإِبل، ومنه حُجْرَةُ الدار. تقول: احْتَجَرْتُ حُجْرَةً أَي
اتخذتها، والجمع حُجَرٌ مثل غُرْفَةٍ وغُرَفٍ. وحُجُرات، بضم الجيم. وفي
الحديث: أَنه احْتَجَر حُجَيْرَةً بِخَصَفَةٍ أَو حَصِير؛ الحجيرة:
تصغير الحُجْرَةِ، وهي الموضع المنفرد.
وفي الحديث: من نام على ظَهْرِ بَيْتٍ ليس عليه حِجارٌ فقد بَرِئَتْ منه
الذمة؛ الحجار جمع حِجْرٍ، بالكسر، أَو من الحُجْرَةِ وهي حَظِيرَةُ
الإِبل وحُجْرَةُ الدار، أَي أَنه يَحْجُر الإِنسان النائم ويمنعه من الوقوع
والسقوط. ويروى حِجاب، بالباء، وهو كل مانع من السقوط، ورواه الخطابي
حِجًى، بالياء، وسنذكره؛ ومعنى براءة الذمة منه لأَنه عَرَّض نفسه للهلاك
ولم يحترز لها. وفي حديث وائل بن حُجْرٍ: مَزاهِرُ وعُرْمانٌ ومِحْجَرٌ؛
مِحجر، بكسر الميم: قربة معروفة؛ قال ابن الأَثير: وقيل هي بالنون؛ قال:
وهي حظائر حول النخل، وقيل حدائق.
واستَحجَرَ القومُ واحْتَجَرُوا: اتخذوا حُجْرة. والحَجْرَةُ والحَجْرُ،
جميعاً: للناحية؛ الأَخيرة عن كراع. وقعد حَجْرَةً وحَجْراً أَي ناحية؛
وقوله أَنشده ثعلب:
سَقانا فلم نَهْجَا من الجُِوع نَقْرَةً
سَماراً، كإِبحط الذِّئْب سُودٌ حَواجِرُهْ
قال ابن سيده: لم يفسر ثعلب الحواجر. قال: وعندي أَنه جمع الحَجْرَةِ
التي هي الناحية على غير قياس، وله نظائر. وحُجْرَتا العسكر: جانباه من
الميمنة والميسرة؛ وقال:
إِذا اجْتَمَعُوا فَضَضْنَا حُجْرَتَيْهِمْ،
ونَجْمَعُهُمْ إِذا كانوا بَدَادِ
وفي الحديث: للنساء حَجْرتا الطريق؛ أَي ناحيتاه؛ وقول الطرماح يصف
الخمر:
فلما فُتَّ عنها الطِّينُ فاحَتْ،
وصَرَّحَ أَجْوَدُ الحُجْرانِ صافي
استعار الحُجْرانَ للخمر لأَنها جوهر سيال كالماء؛ قال ابن الأَثير: في
الحديث حديث علي، رضي الله عنه، الحكم لله:
ودَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراتِهِ
قال: هو مثل للعرب يضرب لمن ذهب من ماله شيء ثم ذهب بعده ما هو أَجلُّ
منه، وهو صدر بيت لامرئ القيس:
فَدَعْ عنكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراتِه،
ولكِنْ حَدِيثاً ما حَدِيثُ الرَّواحِلِ
أَي دع النهب الذي نهب من نواحيك وحدثني حديث الرواحل وهي الإِبل التي
ذهبتَ بها ما فعَلت. وفي النوادر: يقال أَمسى المالُ مُحْتَجِرَةً
بُطُونُهُ ونَجِرَةً؛ ومالٌ مَتَشدِّدٌ ومُحْتَجِّرٌ. ويقال: احْتَجَرَ البعيرُ
احْتِجاراً. والمُحْتَجِرُ من المال: كلُّ ما كَرِشَ ولم يَبْلُغْ نِصْفَ
البِطْنَة ولم يبلغ الشِّبَع كله، فإِذا بلغ نصف البطنة لم يُقَلْ،
فإِذا رجع بعد سوء حال وعَجَفٍ، فقد اجْرَوَّشَ؛ وناس مُجْروِّشُون.
والحُجُرُ: ما يحيط بالظُّفر من اللحم.
والمَحْجِرُ: الحديقة، مثال المجلس. والمَحاجِرُ: الحدائق؛ قال لبيد:
بَكَرَتْ به جُرَشِيَّةٌ مَقْطُورَةٌ،
تَرْوي المَحاجِرَ بازِلٌ عُلْكُومُ
قال ابن بري: أَراد بقوله جرشية ناقة منسوبة إِلى جُرَش، وهو موضع
باليمن. ومقطورة: مطلية بالقَطِران. وعُلْكُوم: ضخمة، والهاء في به تعود على
غَرْب تقدم ذكرها. الأَزهري: المِحْجَرُ المَرْعَى المنخفض، قال: وقيل
لبعضهم: أَيُّ الإِبل أَبقى على السَّنَةِ؟ فقال: ابنةُ لَبُونٍ، قيل:
لِمَهْ؟ قال: لأَنها تَرْعى مَحْجِراً وتترك وَسَطاً؛ قال وقال بعضهم:
المَحْجِرُ ههنا الناحية. وحَجْرَةُ القوم: ناحية دارهم؛ ومثل العرب: فلان يرعى
وَسطَاً: ويَرْبُضُ حَجْرَةً أَي ناحية. والحَجرَةُ: الناحية، ومنه قول
الحرث بن حلِّزَةَ:
عَنَناً باطلاً وظُلْماً، كما تُعْـ
ـتَرُ عن حَجْرَةِ الرَّبِيضِ الظِّباءُ
والجمع جَحْرٌ وحَجَراتٌ مثل جَمْرَةٍ وجَمْرٍ وجَمَراتٍ؛ قال ابن بري:
هذا مثل وهو أَن يكون الرجل وسط القوم إِذا كانوا في خير، وإِذا صاروا
إِلى شر تركهم وربض ناحية؛ قال: ويقال إِن هذتا المَثَلَ لَعَيْلانَ بن
مُضَرَ. وفي حديث أَبي الدرداء: رأَيت رجلاً من القوم يسير حَجْرَةً أَي
ناحية منفرداً، وهو بفتح الحاء وسكون الجيم. ومَحْجِرُ العين: ما دار بها
وبدا من البُرْقُعِ من جميع العين، وقيل: هو ما يظهر من نِقاب المرأَة
وعمامة الرجل إِذا اعْتَمَّ، وقيل: هو ما دار بالعين من العظم الذي في أَسفل
الجفن؛ كل ذلك بفتح الميم وكسرها وكسر الجيم وفتحها؛ وقول الأَخطل:
ويُصبِحُ كالخُفَّاشِ يَدْلُكُ عَيْنَهُ،
فَقُبِّحَ مِنْ وَجْهٍ لَئيمٍ ومِنْ حَجْرِ
فسره ابن الأَعرابي فقال: أَراد محجر العين. الأَزهري: المَحْجِرُ
العين. الجوهري: محجر العين ما يبدو من النقاب. الأَزهري: المَحْجِرُ من الوجه
حيث يقع عليه النقاب، قال: وما بدا لك من النقاب محجر وأَنشد:
وكَأَنَّ مَحْجِرَها سِراجُ المُوقِدِ
وحَجَّرَ القمرُ: استدار بخط دقيق من غير أَن يَغْلُظ، وكذلك إِذا صارت
حوله دارة في الغَيْم. وحَجَّرَ عينَ الدابة وحَوْلَها: حَلَّقَ لداء
يصيبها. والتحجير: أَن يَسِم حول عين البعير بِميسَمٍ مستدير. الأَزهري:
والحاجِرُ من مسايل المياه ومنابت العُشْب ما استدار به سَنَدٌ أَو نهر
مرتفع، والجمع حُجْرانٌ مثل حائر وحُوران وشابٍّ وشُبَّانٍ؛ قال رؤبة:
حتى إِذا ما هاجَ حُجْرانُ الدَّرَقْ
قال الأَزهري: ومن هذا قيل لهذا المنزل الذي في طريق مكة: حاجز. ابن
سيده: الحاجر ما يمسك الماء من شَفَة الوادي ويحيط به. الجوهري: الحاجر
والحاجور ما يمسك الماء من شفة الوادي، وهو فاعول من الحَجْرِ، وهو المنع.
ابن سيده: قال أَبو حنيفة: الحاجِرُ كَرْمٌ مِئْنَاثٌ وهو مُطْمئنٌّ له
حروف مُشْرِفَة تحبس عليه الماءَ، وبذلك سمي حاجراً، والجمع حُجْرانٌ.
والحاجِرُ: مَنْبِتُ الرِّمْتِ ومُجْتَمَعُه ومُسْتَدارُه. والحاجِرُ أَيضاً:
الجَِدْرُ الذي يُمسك الماء بين الديار لاستدارته أَيضاً؛ وقول الشاعر:
وجارة البيت لها حُجْرِيُّ
فمعناه لها خاصة. وفي حديث سعد بن معاذ: لما تحَجَّرَ جُرْحُه للبُرْءِ
انْفَجَر أَي اجتمع والتأَم وقرب بعضه من بعض.
والحِجْرُ، بالكسر: العقل واللب لإِمساكه وضعه وإِحاطته بالتمييز، وهو
مشتق من القبيلين. وفي التنزيل: هل في ذلك قَسَمٌ لذي حِجر؛ فأَما قول ذي
الرمة:
فَأَخْفَيْتُ ما بِي مِنْ صَدِيقي، وإِنَّهُ
لَذو نَسَب دانٍ إِليَّ وذو حِجْرِ
فقد قيل: الحِجْرُ ههنا العقل، وقيل: القرابة. والحِجْرُ: الفَرَسُ
الأُنثى، لم يدخلوا فيه الهاء لأَنه اسم لا يشركها فيه المذكر، والجمع
أَحْجارٌ وحُجُورَةٌ وحُجُورٌ. وأَحْجارُ الخيل: ما يتخذ منها للنسل، لا يفرد
لها واحد. قال الأَزهري: بلى يقال هذه حِجْرٌ من أَحْجار خَيْلي؛ يريد
بالجِحْرِ الفرسَ الأُنثى خاصة جعلوها كالمحرَّمة الرحِمِ إِلاَّ على
حِصانٍ كريم. قال وقال أَعرابي من بني مُضَرَّسٍ وأَشار إِلى فرس له أُنثى
فقال: هذه الحِجْرُ من جياد خيلنا. وحِجْرُ الإِنسان وحَجْرُه: ما بين يديه
من ثوبه. وحِجْرُ الرجل والمرأَة وحَجْرُهما: متاعهما، والفتح أَعلى.
ونَشَأَ فلان في حَجْرِ فلان وحِجْرِه أَي حفظه وسِتْرِه. والحِجْرُ: حِجْرُ
الكعبة. قال الأَزهري: الحِجْرُ حَطِيمُ مكة، كأَنه حُجْرَةٌ مما يلي
المَثْعَبَ من البيت. قال الجوهري: الحِجْرُ حِجْرُ الكعبة، وهو ما حواه
الحطيم المدار بالبيت جانبَ الشَّمالِ؛ وكُلُّ ما حْجَرْتَهُ من حائطٍ، فهو
حِجْرٌ. وفي الحديث ذِكْرُ الحِجْرِ في غير موضع، قال ابن الأَثير: هو
اسم الحائط المستدير إِلى جانب الكعبة الغربي. والحِجْرُ: ديار ثمود ناحية
الشام عند، وادي القُرَى، وهم قوم صالح النبي، صلى الله عليه وسلم، وجاء
ذكره في الحديث كثيراً. وفي التنزيل: ولقد كَذَّبَ أَصحاب الحِجْرِ
المرسلين؛ والحِجْرُ أَيضاً: موضعٌ سوى ذلك.
وحَجْرٌ: قَصَبَةُ اليمامَةِ، مفتوح الحاء، مذكر مصروف، ومنهم من يؤنث
ولا يصرف كامرأَة اسمها سهل، وقيل: هي سُوقُها؛ وفي الصحاح: والحَجْرُ
قَصَبَةُ اليمامة، بالتعريف. وفي الحديث: إِذا نشأَت حَجْرِيَّةً ثم
تَشاءَمَتْ فتلك عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ حجرية، بفتح الحاء وسكون الجيم. قال ابن
الأَثير: يجوز أَن تكون منسوبة إِلى الحَجْرِ قصبة اليمامة أَو إِلى حَجْرَةِ
القوم وهي ناحيتهم، والجمع حَجْرٌ كَجَمْرَةٍ وجَمْرٍ. وإِن كانت بكسر
الحاء فهي منسوبة إِلى أَرض ثمود الحِجْرِ؛ وقول الراعي ووصف صائداً:
تَوَخَّى، حيثُ قال القَلْبُ منه،
بِحَجْرِيٍّ تَرى فيه اضْطِمارَا
إِنما عنى نصلاً منسوباً إِلى حَجْرٍ. قال أَبو حنيفة: وحدائدُ حَجْرٍ
مُقدَّمة في الجَوْدَة؛ وقال رؤبة:
حتى إِذا تَوَقَّدَتْ من الزَّرَقْ
حَجْرِيَّةٌ، كالجَمْرِ من سَنِّ الدَّلَقْ وأَما قول زهير:
لِمَنِ الدّيارُ بِقُنَّة الحَجْرِ
فإِن أَبا عمرو لم يعرفه في الأَمكنة ولا يجوز أَن يكون قصبة اليمامة
ولا سُوقها لأَنها حينئذٍ معرفة، إِلاَّ أَن تكون الأَلف واللام زائدتين،
كما ذهب إِليه أَبو علي في قوله:
ولَقَد جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وعَسَاقِلاً،
واَقَدْ نَهِيْتُكَ عن بناتِ الأَوْبَرِ
وإِنما هي بنات أَوبر؛ وكما روي أَحمد بن يحيى من قوله:
يا ليتَ أُمَّ العَمْرِ كانتْ صاحِبي
وقول الشاعر:
اعْتَدْتُ للأَبْلَجِ ذي التَّمايُلِ،
حَجْرِيَّةً خِيَضَتْ بِسُمٍّ ماثِلِ
يعني: قوساً أَو نَبْلاً منسوبة إِلى حَجْرٍ هذه. والحَجَرانِ: الذهب
والفضة. ويقال للرجل إِذا كثر ماله وعدده: قد انتشرت حَجْرَتُه وقد
ارْتَعَجَ مالهُ وارْتَعَجَ عَدَدُه.
والحاجِرُ: منزل من منازل الحاج في البادية.
والحَجُّورة: لعبة يلعب بها الصبيان يخطُّون خطّاً مستديراً ويقف فيه
صبي وهنالك الصبيان معه.
والمَحْجَرُ، بالفتح: ما حول القرية؛ ومنه محاجِرُ أَقيال اليمن وهي
الأَحْماءُ، كان لكل واحد منهم حِمَّى لا يرعاه غيره. الأَزهري؛ مَحْجَرُ
القَيْلِ من أَقيال اليمن حَوْزَتُه وناحيته التي لا يدخل عليه فيها غيره.
وفي الحديث: أَنه كان له حصير يبسطه بالنهار ويَحْجُره بالليل، وفي
رواية: يَحْتَجِرُهُ أَي يجعله لنفسه دون غيره. قال ابن الأَثير: يقال
حَجَرْتُ الأَرضَ واحْتَجَرْتُها إِذا ضربت عليها مناراً تمنعها به عن
غيرك.ومُحَجَّرٌ، بالتشديد: اسم موضع بعينه. والأَصمعي يقوله بكسر الجيم
وغيره يفتح. قال ابن بري: لم يذكر الجوهري شاهداً على هذا المكان؛ قال: وفي
الحاشية بيت شاهد عليه لطفيل الغَنَوِيِّ:
فَذُوقُوا، كما ذُقْنا غَداةَ مُحَجَّرٍ،
من الغَيْظِ في أَكْبادِنا والتَّحَوُّبِ
وحكى ابن بري هنا حكاية لطيفة عن ابن خالويه قال: حدثني أَبو عمرو
الزاهد عن ثعلب عن عُمَرَ بنِ شَبَّةَ قال: قال الجارود، وهو القارئ (وما
يخدعون إِلاَّ أَنفسهم): غسلت ابناً للحجاج ثم انصرفت إِلى شيخ كان الحجاج
قتل ابنه فقلت له: مات ابن الحجاج فلو رأَيت جزعه عليه، فقال:
فذوقوا كما ذقنا غداة محجَّر
البيت. وحَجَّارٌ، بالتشديد: اسم رجل من بكر بن وائل. ابن سيده: وقد
سَمَّوْا حُجْراً وحَجْراً وحَجَّاراً وحَجَراً وحُجَيْراً. الجوهري: حَجَرٌ
اسم رجل، ومنه أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ الشاعر؛ وحُجْرٌ: اسم رجل وهو حُجْرٌ
الكِنْديُّ الذي يقال له آكل المُرَارِ؛ وحُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ الذي يقال
له الأَدْبَرُ، ويجوز حُجُرٌ مثل عُسْر وعُسُر؛ قال حسان بن ثابت:
مَنْ يَغُرُّ الدَّهْرُ أَو يأْمَنُهُ
مِنْ قَتيلٍ، بَعْدَ عَمْرٍ وحُجُرْ؟
يعني حُجُرَ بن النعمان بن الحرث بن أَبي شمر الغَسَّاني. والأَحجار:
بطون من بني تميم؛ قال ابن سيده: سموا بذلك لأَن أَسماءهم جَنْدَلٌ
وجَرْوَلٌ وصَخْر؛ وإِياهم عنى الشاعر بقوله:
وكُلّ أُنثى حَمَلَتْ أَحْجارا
يعني أُمه، وقيل: هي المنجنيق. وحَجُورٌ موضع معروف من بلاد بني سعد؛
قال الفرزدق:
لو كنتَ تَدْري ما بِرمْلِ مُقَيِّدٍ،
فَقُرى عُمانَ إِلى ذَوات حَجُورِ؟
وفي الحديث: أَنه كان يلقى جبريل، عليهما السلام، بأَحجار المِرَاءِ؛
قال مجاهد: هي قُبَاءٌ. وفي حديث الفتن: عند أَحجار الزَّيْتِ: هو موضع
بالمدينة. وفي الحديث في صفة الدجال: مطموس العين ليست بناتئة ولا حُجْراءَ؛
قال ابن الأَثير: قال الهروي إِن كانت هذه اللفظة محفوظة فمعناها ليست
بصُلْبَة مُتَحَجِّرَةٍ، قال: وقد رويت جَحْراءَ، بتقديم الجيم، ، وهو
مذكور في موضعه. والحَنْجَرَةُ والحُنْجُور: الحُلْقُوم، بزيادة النون.
بخر: البَخَرُ: الرائحة المتغيرة من الفم. قال أَبو حنيفة. البَخَرُ
النَّتْنُ يكون في الفم وغيره. بَخِرَ بَخَراً، وهو أَبْخَرُ وهي بَخْرَاءُ.
وأَبْخَرهُ الشيءُ: صَيَّرَه أَبْخَرَ. وبَخِرَ أَي نَتُنَ من بَخَرِ
الفَم الخبيث. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: إِياكم ونَوْمَةَ الغَداةِ
فإِنها مَبْخَرَةٌ مَجْفَرَةٌ مَجْعَرَةٌ؛ وجعله القتيبي من حديث علي، رضي
الله عنه، قوله مبخرة أَي مَظِنَّةٌ للبَخَرِ، وهو تغير ريح الفم. وفي حديث
المغيرة: إِيَّاكَ وكلَّ مَجْفَرَةٍ مَبْخَرَةٍ، يعني من النساء.
والبَخْرَاءُ والبَخْرَةُ: عُشْبَةٌ تشبه نباتَ الكُشْنَى ولها حب مثل
حبه سوداء، سميت بذلك لأَنها إِذا أُكِلت أَبْخَرَتِ الفَم؛ حكاها أَبو
حنيفة قال: وهي مَرْعًى وتعلِفُها المواشي فتسمنها ومنابتها القِيعانُ.
والبَخْراءُ: أَرض بالشام لنَتْنِها بعُفونة تُرْبِها. وبُخارُ الفَسْوِ:
رِيحُه؛ قال الفرزدق:
أَشارِبُ قَهْوَةٍ وحَلِيفُ زِيرٍ،
وصَرَّاءٌ، لِفَسْوَتِهِ بُخارُ
وكلُّ رائحة سطعت من نَتْنٍ أَو غيره: بَخَرٌ وبُخارٌ. والبَخْرُ،
مجزوم: فِعْلُ البُخارِ.
وبُخارُ القِدر: ما ارتفع منها؛ بَخَرَتْ تَبْخَرُ بَخْراً وبُخاراً،
وكذلك بُخارُ الدُّخان، وكلُّ دخان يسطع من ماءٍ حار، فهو بُخار، وكذلك من
النَّدَى. وبُخارُ الماء: ما يرتفع منه كالدخان. وفي حديث معاوية: أَنه
كتب إِلى ملك الروم: لأَجْعَلنَّ القُسْطَنْطِينِيَّةَ البَخْراءَ
حُمَمَةً سَوْداءَ؛ وصفها بذلك لبُخار البحر.
وتَبَخَّر بالطيب ونحوه: تَدَخَّنَ. والبَخُورُ، بالفتح: ما يتبخر به.
ويقال: يَخَّرَ علينا من بَخُور العُود أَي طَيَّبَ.
وبَناتُ بَخْرٍ وبَناتُ مَخْرٍ: سحابٌ يأْتين قبل الصيف منتصبةٌ رِقاقٌ
بيضٌ حسانٌ، وقد ورد بالحاء المهملة أَيضاً فقيل: بنات بحر، وقد تقدم.
والمَبْخُورُ: المَخْمُورُ.
ابن الأَعرابي: الباخِرُ ساقي الزرع؛ قال أَبو منصور: المعروف الماخِر،
فأَبدَل من الميم باءً، كقولك سَمَدَ رأْسَه وسَبَدَهُ، والله أَعلم.
بقع: البَقَعُ والبُقْعةُ: تَخالُفُ اللَّوْنِ. وفي حديث أَبي موسى:
فأَمر لنا بذَوْذٍ بُقْعِ الذُّرَى أَي بيض الأَسنمة جمع أَبْقع، وقيل:
الأَبقع ما خالَط بياضَه لونٌ آخر. وغُراب أَبقع: فيه سواد وبياض، ومنهم من
خص فقال: في صدره بياض. وفي الحديث: أَنه أَمر بقتل خمس من الدوابّ وعَدَّ
منها الغُرابَ الأَبْقَعَ، وكَلْب أَبْقَع كذلك. وفي حديث أَبي هريرة،
رضي الله عنه: يُوشِكُ أَن يَعْمَلَ عليكم بُقْعانُ أَهل الشام أَي
خدَمُهم وعَبِيدُهم وممالِيكُهم؛ شبَّههم لبَياضهم وحُمْرتهم أَو سوادهم بالشيء
الأَبْقَع يعني بذلك الرُّوم والسُّودان. وقال: البَقْعاء التي اختلطَ
بياضها وسوادها فلا يُدْرَى أَيُّهما أَكثر، وقيل: سُمُّوا بذلك لاختلاط
أَلوانهم فإِنَّ الغالب عليها البياضُ والصُّفرة؛ وقال أَبو عبيد: أَراد
البياض لأَنَّ خدم الشام إِنما هم الروم والصَّقالِية فسماهم بُقْعاناً
للبياض، ولهذا يقال للغراب أَبْقَعُ إِذا كان فيه بياض، وهو أَخْبَثُ ما
يكون من الغربان، فصار مثلاً لكل خَبِيث؛ وقال غير أَبي عبيد: أَراد
البياض والصفرة، وقيل لهم بُقعان لاختلاف أَلوانهم وتَناسُلِهم من جنسين؛ وقال
القُتَيْبي: البقعان الذين فيهم سواد وبياض، ولا يقال لمن كان أَبيض من
غير سواد يخالطه أَبْقع، فكيف يَجعل الرومَ بقعاناً وهم بَيض خُلَّص؟
قال: وأُرَى أَبا هريرة أَراد أَن العرب تَنْكِحُ إِماءَ الرُّوم فتُستعْمَل
عليكم أَولادُ الإِماء، وهم من بَني العرب وهم سُود ومن بني الروم وهم
بِيض، ولم تكن العرب قبل ذلك تَنكِح الرُّوم إِنما كان إِماؤُها سُوداناً،
والعرب تقول: أَتاني الأَسود والأَحمر؛ يريدون العرب والعجم، ولم يرد
أَنَّ أَولاد الإِماء من العرب بُقْع كبُقْعِ الغِربانِ، وأَراد أَنهم
أَخذوا من سواد الآباء وبياض الأُمَّهات. ابن الأَعرابي يقال للأَبرص الأَبقع
والأَسْلَع والأَقْشَر والأَصْلَخ والأَعْرَم والمُلَمَّعُ والأَذْمَلُ،
والجمع بُقْع.
والبَقَعُ في الطير والكلاب: بمنزلة البَلَقِ في الدوابّ؛ وقول الأَخطل:
كُلُوا الضَّبَّ وابنَ العَيْرِ، والباقِع الذي
يَبِيتُ يَعُسُّ الليلَ بينَ المَقابِرِ
قيل: الباقِعُ الضَّبُع، وقيل الغراب، وقيل كَلب أَبْقع، كلُّ ذلك قد
قيل، وقال ابن بري: الباقِعُ الظَّرِبانُ، وأَورد هذا البيتَ بيتَ الأَخطل،
وقالوا للضبع باقِع، ويقال للغراب أَبْقع، وجمعه بُقْعان لاختلاف لونه.
ويقال: تَشاتَما فتَقاذَفا بما أَبقى ابن بُقَيْعٍ، قال: وابن بُقَيْع
الكلب وما أَبقى من الجِيفة. والأَبقعُ: السَّرابُ لتلَوُّنه؛ قال:
وأَبْقَع قد أَرَغْتُ به لِصَحْبي
مَقِيلاً، والمَطايا في بُراها
وبَقَّع المطرُ في مواضع من الأَرض: لم يَشْمَلْها. وعام أَبْقَع:
بَقَّع فيه المطر. وفي الأَرض بُقَع من نَبْت أَي نُبَذٌ؛ حكاه أَبو حنيفة.
وأَرض بقِعة: فيها بُقَع من الجَراد. وأَرض بَقِعة: نبتها مُتَقطع. وسَنة
بَقْعاء أَي مُجْدِبة، ويقال فيها خِصْب وجَدْب.
وبُقِعَ الرجل: إِذا رُميَ بكلام قَبِيح أَو بُهْتان، وبُقِع بقَبِيح:
فُحِشَ عليه.
ويقال: عليه خُرْءُ بِقاع، وهو العَرَقُ يُصِيب الإِنسانَ فيَبْيَضُّ
على جلده شبه لُمَعٍ. أَبو زيد: أَصابه خُرء بَقاعِ وبِقاعٍ وبِقاعَ يا
فتى، مصروف وغير مصروف، وهو أَن يصيبه غبار وعرَقٌ فيبقى لُمَعٌ من ذلك على
جسده. قال: وأَرادوا ببقاع أَرضاً. وفي حديث أَبي هريرة رضي الله عنه:
أَنه رأَى رجلاً مُبَقَّع الرجلين وقد توَضّأَ؛ يريد به مواضع في رجليه لم
يُصِبها الماء فحالف لونُها لونَ ما أَصابه الماء. وفي حديث عائشة: إِني
لأَرى بُقَعَ الغسل في ثوبه؛ جمع بُقْعة. وإِذا انْتَضح الماء على بدن
المُسْتَقِي من الرَّكيَّةِ على العَلَقِ فابتَلَّ مواضعُ من جسده قيل: قد
بَقَّعَ، ومنه قيل للسُّقاة: بُقْعٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
كُفُوا سَنِتِين بالأَسْيافِ بُقْعاً،
على تِلْكَ الجِفارِ مِنَ النَّفِيِّ
السَّنِتُ: الذي أَصابته السنة، والنَّفِيُّ: الماء الذي يَنْتضِحُ
عليه.البَقْعةُ والبُقْعةُ، والضم أَعْلى: قِطْعة من الأَرض على غير هيئة
التي بجَنبها، والجمع بُقَع وبِقاع.
والبَقيعُ: موضع فيه أَرُوم شجر من ضُروب شَتَّى، وبه سمى بَقِيع
الغَرْقد، وقد ورد في الحديث، وهي مَقْبَرَةٌ بالمدينة، والغَرْقَدُ: شجر له
شوك كان ينبت هناك فذهب وبقي الاسم لازماً للموضع. والبَقِيعُ من الأَرض
المكان المتسع ولا يسمَّى بَقِيعاً إِلا وفيه شجر.
وما أَدري أَين سَقَعَ وبَقَعَ أَي أَين ذهب كأَنه قال إِلى أَي بُقْعة
من البقاع ذهب، لا يُستعمل إِلا في الجَحْد. وانْبَقَع فلان انْبِقاعاً
إِذا ذهب مُسْرِعاً وعَدا، قال ابن أَحمر:
كالثَّعْلَبِ الرَّائحِ المَمْطُورِ صُبْغَتُه،
شَلَّ الحَوامِلُ منه، كيف يَنْبَقِعُ؟
شلّ الحوامل منه دعاء عليه، أَي تَشَلُّ قوائمه.
وتَبِعَتْهم الداهية أَصابَتْهم. والباقِعة: الداهيةُ، والباقعة: الرجل
الداهية. ورجل باقِعةٌ: ذو دَهْيٍ. ويقال: ما فلان إِلاَّ باقِعةٌ من
البَواقِع؛ سمي باقعة لحُلوله بِقاعَ الأَرض وكثرة تَنْقِيبه في البلاد
ومعرفته بها، فشُبِّه الرجل البصير بالأُمور الكثيرُ البحث عنها المُجَرِّبُ
لها به، والهاء دخلت في نعت الرجل للمبالغة في صفته، قالوا: رجل داهيةٌ
وعَلاَّمة ونسَّابة. والباقعة: الطائر الحَذِرُ إِذا شرب الماء نظر
يَمْنَةً ويَسْرَة. قال ابن الأَنباري في قولهم فلان باقِعةٌ: معناه حَذِر
مُحتال حاذق. والباقِعة عند العرب: الطائر الحَذِر المُحْتال الذي يشرب الماء
من البقاع، والبقاع مواضع يَسْتَنْقِعُ فيها الماء، ولا يَرِدُ
المَشارِعَ والمِياهَ المَحْضُورة خوفاً من أَن يُحْتالَ عليه فيُصاد ثم شُبِّه
به كلُّ حَذِرٍ مُحْتال. وفي الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه
وسلم،قال لأَبي بكر، رضي الله عنه: لقد عَثَرْتَ من الأَعْرابِ على باقِعةٍ؛ هو
من ذلك؛ وذكر الهَروِيّ أَن عليًّا، رضي الله عنه، هو القائل ذلك لأَبي
بكر؛ ومنه الحديث: ففاتَحْتُه فإِذا هو باقِعةٌ أَي ذَكِيٌّ عارِفٌ لا
يَفُوتُه شيء. وجارية بُقَعةٌ: كقُبَعة.
والبَقْعاء من الأَرض: المَعزاء ذاتُ الحَصى الصِّغار. وهارِبةُ
البَقْعاء: بَطن من العرب. وبَقْعاء: موضع مَعرِفة، لا يدخلها الأَلف واللام،
وقيل: بَقْعاء اسم بلد، وفي التهذيب: بَقْعاء قرية من قرى اليمامة؛ ومنه
قوله:
ولكنِّي أَتانِي أَنَّ يَحْيَى
يُقالُ: عليه في بَقْعاء شَرُّ
وكان اتُّهِمَ بامرأَة تسكن هذه القرية. وبَقْعاء المَسالِح: موضع آخر
ذكره ابن مقبل في شعره. وفي الحديث ذكر بُقْعٍ، بضم الباء وسكون القاف:
اسم بئر بالمدينة وموضع بالشام من ديار كَلْب، به استقرّ طلْحةُ
(* قوله
«طلحة» كذا في الأصل هنا والنهاية أيضاً، والذي في معجم ياقوت والقاموس
طليحة بالتصغير، بل ذكره المؤلف كذلك في مادة طلح.) بن خُوَيْلِد
الأَسدِيُّ لما هرَبَ يومَ بُزاخةَ.
وقالوا: يَجْرِي بُقَيْعٌ ويُذَمُّ؛ عن ابن الأَعرابي، والأَعرف
بُلَيْق، يقال هذا للرجل يُعِينُك بقليل ما يقدر عليه وهو على ذلك يُذَمُّ.
وابْتُقِعُ لونُه وانْتُقِع وامْتُقِع بمعنىً واحد.
وفي حديث الحَجاج: رأَيت قوماً بُقْعاً. قيل: ما البُقْع؟ قال: رقَّعُوا
ثيابهم من سوء الحال، شبه الثياب المُرَقَّعة بلَوْن الأَبقع.
بقل: بَقَلَ الشيءُ: ظهَر. والبَقْل: معروف؛ قال ابن سيده: البَقْل من
النبات ما ليس بشجر دِقًّ ولا جِلًّ ، وحقيقة رسمه أَنه ما لم تبق له
أُرومة على الشتاء بعدما يُرْعى، وقال أَبو حنيفة: ما كان منه ينبت في
بَزْره ولا ينبت في أُرومة ثابتة فاسمه البقْل، وقيل: كل نابتة في أَول ما
تنبت فهو البَقْل، واحدته بَقْلة، وفَرْقُ ما بين البَقْل ودِقِّ الشجر أَن
البقل إِذا رُعي لم يبق له ساق والشجر تبقى له سُوق وإِن دَقَّت. وفي
المثل: لا تُنْبِتُ البَقْلَة إِلا الحَقْلة؛ والحَقْلَة: القَراح
الطَّيِّبة من الأَرض.
وأَبْقَلَت: أَنبتت البَقْل، فهي مُبْقِلة. والمُبْقِلة: ذات البَقْل.
وأَبْقَلَت الأَرضُ: خَرَجَ بَقْلها؛ قال عامر بن جُوَين الطائي:
فلا مُزْنَةٌ ودَقَتْ وَدْقَها،
ولا أَرْض أَبْقَل إِبْقَالَها
ولم يقل أَبْقَلت لأَن تأْنيث الأَرض ليس بتأْنيث حقيقي. وفي وصف مكة:
وأَبْقَل حَمْضُها، هو من ذلك. والمَبْقَلة: موضع البَقْل؛ قال دُوَاد
بن أَبي دُوَاد حين سأَله أَبوه: ما الذي أَعاشك؟ قال:
أَعاشَني بَعْدَك وادٍ مُبْقِلُ،
آكُلُ من حَوْذانِه وأَنْسِلُ
قال ابن جني: مكان مُبْقِل هو القياس، وباقل أَكثر في السماع، والأَوَّل
مسموع أَيضاً. الأَصمعي: أَبْقَل المكانُ فهو باقل من نبات البَقْل،
وأَوْرَسَ الشجرُ فهو وارس إِذا أَوْرَق، وهو بالأَلف. الجوهري: أَبْقَل
الرِّمْت إِذا أَدْبَى وظهرت خُضْرة ورقه، فهو باقل. قال: ولم يقولوا
مُبْقِل كما قالوا أَوْرَسَ فهو وارس، ولم يقولوا مورِس، قال: وهو من النوادر،
قال ابن بري: وقد جاء مُبْقِل؛ قال أَبو النجم:
يَلْمَحْنَ من كل غَميسٍ مُبْقِل
قال: وقال ابن هَرْمة:
لَرُعْت بصَفْراءِ السُّحالةِ حُرَّةً،
لها مَرْتَعٌ بين النَّبِيطَينِ مُبْقِل
قال: وقالوا مُعْشِب؛ وعليه قول الجعدي:
على جانِبَيْ حائر مُفْرد
بَبَرْثٍ، تَبَوَّأْتُه مُعْشِب
قال ابن سيده: وبَقَل الرِّمْثُ يَبْقُل بَقْلاً وبُقُولاً وأَبْقَل،
فهو باقل، على غير قياس كلاهما: في أَول ما ينبت قبل أَن يخضرَّ. وأَرض
بَقِيلة وبَقِلة مُبْقِلة؛ الأَخيرة على النسب أَي ذات بَقْل؛ ونظيره: رجل
نَهِرٌ أَي يأْتي الأُمور نهاراً. وأَبقل الشجرُ إِذا دنت أَيام الربيع
وجرى فيها الماء فرأَيت في أَعراضها مثل أَظفار الطير؛ وفي المحكم: أَبْقَل
الشجرُ خرج في أَعراضه مثل أَظفار الطير وأَعْيُنِ الجَرَادِ قبل أَن
يستبين ورقه فيقال حينئذ صار بَقْلة واحدة، واسم ذلك الشيء الباقل. وبَقَل
النَّبْتُ يَبْقُل بُقولاً وأَبْقَل: طَلَع، وأَبْقَله الله. وبَقَل وجهُ
الغلام يَبْقُل بَقْلاً وبُقُولاً وأَبقل وبَقَّل: خَرَجَ شعرُه، وكره
بعضهم التشديد؛ وقال الجوهري: لا تَقُلْ بَقَّل، بالتشديد. وأَبقله الله:
أَخرجه، وهو على المثل بما تقدم. الليث: يقال للأَمرد إِذا خرج وجهه: قد
بَقَل. وفي حديث أَبي بكر والنسَّابة: فقامَ إِليه غلام من بني شيبان حين
بَقَل وجهُه أَي أَول ما نبتت لحيته. وبقَلَ نابُ البعير يَبْقُل
بُقولاً: طَلَع، على المثل أَيضاً، وفي التهذيب: بَقَل نابُ الجمل أَول ما
يطلع، وجَمَلٌ باقل الناب.
والبُقْلة: بَقْل الرَّبِيع؛ وأَرض بَقِلة وبَقيلة ومَبْقَلة ومَبْقُلة
وبَقَّالة، وعلى مثاله مَزْرَعَة ومَزْرُعَة وزَرَّاعة. وابْتَقَل القومُ
إِذا رَعَوا البَقْل. والإِبل تَبْتَقِل وتَتَبَقَّل، وابْتَقَلَت
الماشية وتَبَقَّلت: رَعَت البَقْل، وقيل: تَبَقُّلُها سِمَنُها عن البَقْل.
وابْتَقَلَ الحمار: رَعَى البَقْل؛ قال مالك
بن خويلد الخُزاعي الهذلي:
تاللهِ يَبْقَى على الأَيَّامِ مُبْتَقِلٌ،
جَوْنُ السَّرَاةِ رَبَاعٍ سِنُّه غَرِدُ
أَي لا يَبْقَى، وتَبَقَّل مثله؛ قال أَبو النجم:
كُوم الذُّرَى من خَوَل المُخَوَّل
تَبَقَّلتْ في أَوَّل التَّبَقُّل،
بَيْنَ رِمَاحَيْ مالِكٍ ونَهْشَل
وتَبَقَّل القومُ وابْتَقَلُوا وأَبْقَلوا: تَبَقَّلت ماشيتُهم. وخَرَجَ
يَتَبَقَّل أَي يطلب البَقْل. وبَقْلة الضَّبّ: نَبْت؛ قال أَبو حنيفة:
ذكرها أَبو نصر ولم يفسرها. والبَقْلة: الرِّجْلة وهي البَقْلة
الحَمْقاء. ويقال: كُلُّ نَبات اخْضَرَّت له الأَرضُ فهو بَقْل؛ قال
الحرثبن دَوش الإِيادِيّ يخاطب المُنْذِر
بنَ ماء السماء:
قَوْمٌ إِذا نَبَتَ الرَّبِيعُ لهم،
نَبَتَتْ عَدَاوتُهم مع البَقْل
الجوهري: وقولُ أَبي نُخَيْلة:
بَرِّيَّةٌ لم تأْكل المُرَقَّقا،
ولم تَذُقْ من البُقُول الفُسْتُقا
(* قوله: بريّة، وفي رواية أُخرى: جارية).
قال: ظَنَّ هذا الأَعرابي أَن الفُسْتُق من البَقْل، قال: وهكذا يُرْوى
البَقْل بالباء، قال: وأَنا أَظنه بالنون لأَن الفُسْتُق من النَّقْل
وليس من البَقْل.
والباقِلاءُ والباقِلَّى: الفُول، اسم سَوادِيٌّ، وحَمْلُه الجَرْجَر،
إِذا شدَّدت اللام قَصَرْت، وإِذا خَفَّفْت مَدَدْت فقلت الباقلاء، واحدته
باقِلاَّة وباقِلاَّءَة، وحكى أَبو حنيفة الباقِلَى، بالتخفيف والقصر،
قال: وقال الأَحمر واحدة الباقِلاء باقلاء، قال ابن سيده: فإِذا كان ذلك
فالواحد والجمع فيه سواء، قال: وأَرى الأَحمر حكى مثل ذلك في الباقلَّى.
قال: والبُوقَالُ، بضم الباء، ضَرْب من الكِيزَان، قال: ولم يفسِّر ما
هو ففسرناه بما عَلِمْنا.
وباقِلٌ: اسم رجل يضرب به المثل في العِيِّ؛ قال الأُموي: من أَمثالهم
في باب التشبيه: إِنه لأَعْيَا من باقل، قال: وهو اسم رجل من ربيعة وكان
عَييّاً فَدْماً؛ وإِياه عَنى الأُرَيْقِط في وَصْف رَجُل مَلأَ بطنَه حتى
عَيِيَ بالكلام فقال يَهْجُوه، وقال ابن بري: هو لحميد الأَرْقَط:
أَتَانَا، وما داناه سَحْبانُ وائلٍ
بَيَاناً وعِلْماً بِالذي هو قائل،
يَقُول، وقد أَلْقَى المَرَاسِيَ للقِرَى:
أَبِنْ ليَ ما الحَجَّاجُ بالناس فاعل
فَقُلْتُ: لعَمْرِي ما لهذا طَرَقْتَنا،
فكُلْ، ودَعِ الإِرْجافَ، ما أَنت آكل
تُدَبِّل كَفَّاه ويَحْدُر حَلْقُه،
إِلى البَطْنِ، ما ضُمَّتْ عليه الأَنامل
فما زال عند اللقم حتى كأَنَّه،
من العِيِّ لما أَن تَكَلَّم، باقل
قال: وسَحْبان هو من ربيعة أَيضاً من بني بكْر كان لَسِناً بليغاً؛ قال
الليث: بلغ من عِيِّ باقل أَنه كان اشترى ظَبْياً بأَحد عشر دِرْهماً،
فقيل له: بِكَم اشتريت الظبي؟ ففتح كفيه وفرَّق أَصابعه وأَخرج لسانه يشير
بذلك إِلى أَحد عشر فانفلت الظبي وذهب فضربوا به المثل في العِيّ.
والبَقْل: بطن من الأَزْد وهم بَنُو باقل. وبَنُو بُقَيْلة: بطن من
الحِيرَة. ابن الأَعرابي: البُوقالة الطِّرْجهَارَة.
دقق: الدَّقُّ: مصدر قولك دَقَقْت الدَّواءَ أَدُقُّه دقّاً، وهو
الرَّضُّ. والدَّقُّ: الكَسر والرَّضُّ في كل وجه، وقيل: هو أَن تضرب الشيءَ
بالشيء حتى تَهْشِمَه، دَقَّة يَدُقُّه دَقّاً ودقَقْتُه فانْدَقَّ.
والتَّدْقيقُ: إنعامُ الدَّقّ. والمِدَقُّ والمِدَقَّةُ والمُدُقُّ: ما دقَقْتَ
به الشيءَ؛ قال سيبويه: وقالوا المُدُقُّ لأَنهم جعلوه اسماً له
كالجُلْمُود، يعني أَنه لو كان على الفعل لكان قياسه المِدَقَّ أو المِدَقَّة
لأنه مما يُعتمل بها، وهو أَحد ما جاء من الأدوات التي يُعتمل بها على
مُفعُل بالضم؛ قال العجاج يصف الحِمار والأُتُن:
يَتْبَعْنَ جأْباً كَمُدُقِّ المِعْطِيرْ
يعني مِدْوَكَ العَطّار، حَسِب أَنه يُدَقُّ به، وتصغيره مُدَيْق،
والجمع مَداقُّ. التهذيب: والمُدق حجر يُدّق به الطيب، ضمّ الميم لأنه جعل
اسماً، وكذلك المُنْخُل، فإذا جعل نعتاً رُدَّ إلى مِفْعل؛ وقول رؤبة أَنشده
ابن دريد:
يَرْمي الجَلامِيدَ بِجُلْمُود مِدَقّْ
استشهد به على أن المِدقّ ما دققت به الشيء، فإن كان ذلك فمدق بدل من
جلمود، والسابقُ إليّ من هذا أنه مِفعل من قولك حافز مدَق أَي يدُقُّ
الأشياء، كقولك رجل مِطْعَن، فإن كان كذلك فهو هنا صفة لجلمود؛ قال الأزهري:
مُدُقٌّ وأَخواته وهي مُسْعُط ومُنخل ومُدْهُن ومُنْصُلٌ ومُكْحُلةٌ جاءت
نوادِرَ، بضم الميم، وموضع العين من مفعلُ، وسائر كلام العرب جاء على
مِفْعل ومفْعلة فيما يعتمل به نحو مِخْرَز ومِقْطَع ومِسَلّة وما
أَشبهها.وفي حديث عطاء في الكَيل قال: لا دقّ ولا زَلْزَلةَ؛ هو أن يَدُقَّ ما
في الميكال من المَكيال حتى يَنْضَمَّ بعضُه إلى بعض.
والدَّقّاقةُ: شيء يُدَقُّ به الأَرزُّ.
والدَّقوقةُ والدَّواقُّ: البقر والحمر التي تَدُوس البُرَّ.
والدُّقاقةُ والدُّقاقُ: ما انْدَقَّ من الشيء، وهو التراب اللَّيِّن
الذي كَسَحَته الريح من الأرض. ودُقَقُ التراب: دُقاقهُ، واحدتها دُقَّة؛
قال رؤبة:
تَبْدو لنا أَعْلامُه بَعْدَ الغَرَقْ،
في قِطَعِ الآلِ وهَبْوات الدُّقَقْ
والدُّقاقُ: فُتات كل شيء دُقَّ. والدُّقَّةُ والدُّقَقُ: ما تَسْهَك به
الريح من الأرض؛ وأنشد:
بساهِكاتٍ دُقَقٍ وجَلْجالْ
وفي مناجاة موسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: سَلْنِي حتى
الدُّقّة؛ هي بتشديد القاف: المِلح المدقوق. وهي أَيضاً ما تسحَقه الريح من
التراب. والدّقّةُ: مصدر الدَّقِيق، تقول: دَقَّ الشيء يدِقّ دِقّة، وهو على
أَربعة أنحاء في المعنى.
والدَّقِيقُ: الطحين. والرجل القليل الخير هو الدَّقِيق. والدَّقِيق:
الأمر الغامض. والدقيق: الشيء لا غِلَظَ له. وأَهل مكة يسمّون توابِل
القِدْر كلها دُقّة؛ ابن سيده: الدُّقّة التّوابل وما خُلط به من الابزار نحو
القِزْح وما أَشبهه. والدُّقة: الملح وما خلط به من الأبزار، وقيل: الدقة
الملح المدقوق وحده. وما له دُقة أَي ما له مِلْح. وامرأَة لا دُقة لها
إذا لم تكن مَلِيحة. وإن فلانة لقليلة الدقة إذا لم تكن مليحة، وقال
كراع: رجل دَقِمٌ مَدْقوق الأسنان على المثَل مشتقّ من الدقِّ، والميم زائدة،
وهذا يبطله التصريف.
والدِّقُّ: كل شيء دَقَّ وصغُر؛ تقول: ما رَزأْتُه دِقّاً ولا جِلاًّ.
والدِّقُّ: نقيض الجِلِّ، وقيل: هو صغاره دون جَلّه وجِلّه، وقيل: هو
صغاره ورَدِيئه، شيء دِقٌّ ودَقِيق ودُقاق. ودِقُّ الشجر: صغاره، وقيل:
خِساسه. وقال أَبو حنيفة: الدِّق ما دَقّ على الإبل من النبت ولانَ فيأْكله
الضعيف من الإبل والصغير والأَدْرَد والمريض، وقيل: دِقُّه صغار ورَقه؛ قال
جُبِيْها الأَشجعي:
فلو أَنَّها قامَتْ بِظِنْبٍ مُعَجَّمٍ،
نَفَى الجَدْبُ عنه دِقّه، فهو كالِحُ
(* قوله «بظنب إلخ» هذا البيت أوردوه شاهداً على الظنب بالكسر أصل
الشجرة، ووقع في مادة بجج بطاء مهملة مضمومة في البيت وتفسيره وهو خطأ).
ورواه ابن دريد:
فلو أَنها طافت بنَبْتٍ مُشَرْشَرٍ،
نفى الدِّقَّ عنه جَدْبُه، فهو كالحُ
المُشرشَر: الذي قد شَرْشَرتْه الماشية أَي أَكلته. والدَّقيق:
الطِّحْن. والدَّقِيقيُّ: بائع الدقيق. قال سيبويه: ولا يقال دَقّاق. ورجلْ
دَقِيقٌ بيِّن الدِّقّ: قليل الخير بخيل؛ قال:
وإن جاءكم مِنّا غَرِيبٌ بأَرضكم،
لَوَيْتُم له، دِقّاً، جُنوبَ المَناخرِ
وشيء دَقِيق: غامض. والدّقيق: الذي لا غِلظَ له خلاف الغليظ، وكذلك
الدُّقاقُ بالضم. والدِّق، بالكسر، مثله، ومنه حُمّى الدِّقّ. قال ابن بري:
الفرق بين الدَّقيق والرّقِيق أَن الدقِيق خلاف الغليظ، والرّقيق خلافل
الثَّخين، ولهذا يقال حَساء رَقيق وحَساء ثخين، ولا يقال فيه حساء دقيق.
ويقال: سيف دقيق المَضْرِب، ورُمْح دَقِيق، وغُصن دقيق كما تقول رُمح غليظ
وغصن غليظ، وكذلك حبل دقيق وحبل غليظ، وقد يُوقَع الدّقيق من صفة الأمر
الحقير الصغير فيكون ضدّه الجليل؛ قال الشاعر:
فإنَّ الدَّقِيقَ يهِيجُ الجَلِيلَ،
وإنَّ الغَرِيب إذا شاء ذَلْ
وفي حديث معاذ قال: اسْتَدِقَّ الدنيا واجْتَهِد رأْيَك أَي احْتقِرها
واستصغِرْها، وهو استَفْعل من الشيء الدّقيق. وقولهم: أَخذتُ جِلّه
ودِقَّه كما يقال أَخذت قليله وكثيره. وفي حديث الدعاء: اللهم اغفر لي ذنبي
كلَّه: دِقَّه وجِلَّه.
وما له دَقِيقة ولا جَلِيلة أَي ما له شاةٌ ولا ناقة. وأَتيته فما
أَدَقَّني ولا أَجلَّني أَي ما أَعطاني إحداهما، وقيل أَي ما أَعطاني دقيقاً
ولا جَلِيلاً؛ وقال ذو الرمة يهجو قوماً:
إذا اصْطَكَّت الحَرْبُ امْرأَ القَيْسِ، أَخْبَروا
عَضارِيطَ، إذ كانوا رِعاء الدَّقائقِ
أَراد أَنهم رعاء الشاء والبَهْم.
ودقَّقْت الشيءَ وأَدْقَقْته: جعلته دَقيقاً. وقد دَقَّ يَدِقُّ
دِقَّةً: صار دقيقاً، وأَدقَّه غيره ودقَّقَه. المُفَضَّل: الدَّقْداقُ صغار
الأنْقاء المتراكمة. ابن الأعرابي: الدَّقَقةُ المُظهرون أقْذالَ الناس أَي
عُيوبهم، واحدها قَذَلٌ. ودَقَّ الشيءَ يدُقُّه إذا أظهره؛ ومنه قول
زهير:ودَقُّوا بينهم عِطْرَ مَنْشِمِ
أي أَظهروا العُيوب والعَداوات. ويقال في التهدّد: لأَدُقَّنَّ شُقورَك
أي لأُظهِرنَّ أُمورَك.
ومُسْتَدَقُّ الساعد: مُقَدَّمه مما يلي الرُّسْغَ. ومستدَقُّ كل شيء:
ما دَقَّ منه واسْترَقَّ. واستَدَقَّ الشيءُ أي صار دقيقاً؛ والعرب تقول
للحَشْو من الإبل الدُّقَّة. والمِدَقُّ: القويّ. والدَّقْدَقةُ: حكاية
أصوات حوافر الدوابّ في سُرعة تردُّدها مثل الطَّقْطَقةِ. والمُداقَّةُ في
الأمر: التَّداقُّ. والمُداقَّة: فعل بين اثنين، يقال: إنه ليُداقُّه
الحِساب.
عنظ: العُنْظُوان والعِنْظِيانُ: الشِّرِّير المُتَسمِّع البَذِيُّ
الفحّاش؛ قال الجوهري: هو فُعْلوان، وقيل: هو الساخِر المُغْرِي، والأُنثى من
كل ذلك بالهاء. الفراء: العُنْظُوان الفاحش من الرجال والمرأَة
عُنْظُوانة. قال ابن بري: المعروف عِنْظِيانٌ. ويقال للفحّاش: حِنْظِيانٌ
وخِنْظِيانٌ وحِنْذيانٌ وخِنْذِيانٌ وعِنْظِيان.
يقال: هو يُعَنْظِي ويُحنْذِي ويُخَنْذِي ويُحَنْظِي ويُخَنْظِي، بالحاء
والخاء معاً، ويقال للمرأَة البَذِيّة: هي تُعَنْظي وتُخنظي إِذا
تسَلَّطت بلسانها فأَفْحشت. وعَنْظَى به: سَخِر منه وأَسمعه القبيح وشتمه؛ قال
جَنْدَل بن المُثَنَّى الطُّهَوِي يُخاطب امرأَته:
لقد خَشِيتُ أَن يَقُومَ قابِري،
ولم تُمارِسْكِ، من الضَّرائرِ
كلُّ شَذاةٍ جَمّةِ الصَّرائرِ،
شِنْظِيرةٍ سائلةِ الجَمائرِ
حتى إِذا أَجْرَسَ كلُّ طائرِ،
قامَتْ تُعَنْظِي بكِ سَمْع الحاضِرِ،
تُوفِي لَكِ الغَيْظَ بمُدٍّ وافِرِ،
ثم تُغادِيكِ بصُغْرٍ صاغِرِ،
حتى تَعُودِي أَخْسَرَ الخَواسِرِ
تُعَنْظِي بك أَي تُغْرِي وتُفْسِد وتُسَمِّع بك وتَفْضَحُك بشَنِيع
الكلام، بِمَسْمَع من الحاضر وتذْكُركِ بسُوء عند الحاضرين وتُنَدِّدُ بك
وتُسمعكِ كلاماً قبيحاً. وقال أَبو حنيفة: العُنْظوانة الجرادة الأُنثى،
والعُنْظَّبُ الذكر. قال: والعُنْظُوان شجر، وقيل: نبت أَغبرُ ضخْم، وربما
استظَلَّ الإِنسان في ظلِّه. وقال أَبو عمرو: كأَنه الحُرْضُ والأَرانِبُ
تأْكله، وزقيل: هو ضرب من النبات إِذا أَكثر منه البعير وَجِعَ بطنُه،
وقيل: هو ضرب من الحَمْض معروف يشبه الرِّمْثَ غير أَنّ الرّمْث أَبْسَطُ
منه ورَقاً وأَنْجَعُ في النَّعَم، قال الأَزهري: ونونه زائدة وأَصل
الكلمة عين وظاء وواو؛ قال الراجز:
حَرَّقَها وارِسُ عُنْظُوانِ،
فاليومُ منها يوْمُ أَرْوَنانِ
واحدته عُنْظُوانة. وعُنْظوان: ماء لبني تَميم معروف.
جدس: الجادِسُ من كل شيء: ما اشتدَّ ويَبِسَ كالجاسد. وأَرضٌ جادِسَةٌ:
لم تُعْمَرْ ولم تُعْمَلْ ولم تُحْرَثْ، من ذلك. وروي عن معاذ بن جبل،
رضي اللَّه عنه: من كانت له أَرض جادِسَةٌ قد عرفت له في الجاهلية حتى
أَسلم فهي لربها. قال أَبو عبيدة: هي التي لم تعمر ولم تحرث، والجمع
الجَوادِسُ. ابن الأَعرابي: الجَوادِسُ الأَراضي التي لم تزرع قط. أَبو عمرو:
جَدَس الأَثَرُ وطَلَقَ ودَمَسَ ودَسَمَ إِذا دَرَسَ.
وجَدِيسٌ: حَيٌّ من عادٍ وهم إِخوة طَسْمٍ. وفي التهذيب: جَديسٌ حَيٌّ
من العرب كانوا يناسبون عاداً الأُولى وكانت منازلهم اليمامَة؛ وفيهم يقول
رؤبة:
بَوارُ طَسْمٍ بِيَدَيْ جَدِيسِ
قال الجوهري: جَدِيسٌ قبيلة كانت في الدهر الأَوّل فانقرضت.
ميع: ماعَ والدمُ والسَّرابُ ونحوه يَمِيعُ مَيْعاً: جرى على وجه الأَرض
جرْياً منبسطاً في هِينةٍ، وأَماعَه إِماعَةً وإِماعاً؛ قال الأَزهري:
وأَنشد الليث:
كأَنَّه ذُو لِبَدٍ دَلَهْمَسُ،
بساعِدَيْه جَسَدٌ مُوَرَّسُ،
من الدِّماءِ، مائِعٌ ويُبَّسُ
والمَيْعُ: مصدر قولك ماعَ السمْنُ يَمِيعُ أَي ذابَ؛ ومنه حديث ابن
عمر: أَنه سئل عن فأْرةٍ وقَعَت في سَمْنٍ فقال: إِن كان مائعاً فأَرِقْه،
وإِن كان جامِساً فأَلْقِ ما حوْلَه؛ قوله إِن كان مائعاً أَي ذائباً،
ومنه سميت المَيْعَةُ لأَنها سائلةٌ، وقال عطاء في تفسير الويل: الوَيْلُ
وادٍ في جهنم لو سُيِّرَت فيه الإِبلُ لَما عَت من حَرّه فيه أَي ذابَتْ
وسالَتْ، نعوذ بالله من ذلك. وفي حديث عبد الله بن مسعود حين سئل عن
المُهْلِ: فأَذابَ فِضَّةً فجعلت تَمَيَّعُ وتَمَوَّنُ فقال: هذا من أَشْبهِ ما
أَنتم راؤُون بالمُهْلِ. وفي حديث المدينة: لا يريدها أَحد بِكَيْدٍ
إِلا انْماعَ كما يَنْماعُ المِلْحُ في الماءِ أَي يَذُوبُ ويجري. وفي حديث
جرير: ماؤُنا يَمِيعُ وجَنابُنا مَرِيعٌ. وماعَ الشيءُ والصُّفْرُ
والفِضَّةُ يَمِيعُ وتَمَيَّعَ: ذابَ وسالَ. ومَيْعةُ الحُضْرِ والشَّبابِ
والسُّكْرِ والنهارِ وجرْي
الفَرَسِ: أَوَّلُه وأَنْشَطُه، وقيل: مَيْعةُ كلِّ شيء مُعْظَمُه.
والمَيْعةُ: سَيَلانُ الشيء المَصْبُوبِ. والمَيْعةُ والمائِعةُ: ضرب من
العِطْرِ. والمَيْعةُ: صَمْغٌ يسيل من شجر ببلاد الروم يؤخذ فيطبخ، فما صفا
منه فهو المَيْعةُ السائلةُ، وما بَقِيَ منه شِبْهَ الثَّجِير فهو
المَيْعةُ اليابسةُ؛ قال الأَزهري: ويقول بعضهم لهذه الهَنةِ مَيْعةٌ
لسَيَلانِه؛ وقال رؤبة:
والقَيْظُ يُغْشِيها لُعاباً مائِعا،
فَأْتَجَّ لَفَّافٌ بها المَعامِعا
ائْتَجَّ: تَوَهَّجَ، واللَّفَّافُ: القَيْظُ يَلُفُّ الحرّ أي يجمعه،
ومَعْمَعةُ الحرّ: التِهابُه. ويقال لناصِيةِ الفرَس إِذا طالَتْ وسالتْ:
مائعة؛ ومنه قول عدي:
يهَزْهِزُ غُصناً ذا ذوائبَ مائعا
أَراد بالغُصن الناصيةَ
زهر: الزَّهْرَةُ: نَوْرُ كل نبات، والجمع زَهْرٌ، وخص بعضهم به
الأَبيض. وزَهْرُ النبت: نَوْرُه، وكذلك الزهَرَةُ، بالتحريك. قال: والزُّهْرَةُ
البياض؛ عن يعقوب. يقال أَزْهَرُ بَيِّنُ الزُّهْرَةِ، وهو بياض عِتْق.
قال شمر: الأَزْهَرُ من الرجال الأَبيض العتيقُ البياضِ النَّيِّرُ
الحَسَنُ، وهو أَحسن البياض كأَنَّ له بَرِيقاً ونُوراً، يُزْهِرُ كما
يُزْهِرُ النجم والسراج. ابن الأَعرابي: النَّوْرُ الأَبيض والزَّهْرُ الأَصفر،
وذلك لأَنه يبيضُّ ثم يصفّر، والجمع أَزْهارٌ، وأَزاهِيرُ جمع الجمع؛ وقد
أَزْهَرَ الشجر والنبات. وقال أَبو حنيفة: أَزْهَرَ النبتُ، بالأَلف،
إِذا نَوَّرَ وظهر زَهْرُه، وزَهُرَ، بغير أَلف، إِذا حَسُنَ. وازْهارَّ
النبت: كازْهَرَّ. قال ابن سيده: وجعله ابن جني رباعيّاً؛ وشجرة مُزْهِرَةٌ
ونبات مُزْهِرٌ، والزَّاهِرُ: الحَسَنُ من النبات: والزَّاهِرُ: المشرق
من أَلوان الرجال. أَبو عمرو: الأَزهر المشرق من الحيوان والنبات.
والأَزْهَرُ: اللَّبَنُ ساعةَ يُحْلَبُ، وهو الوَضَحُ وهو النَّاهِصُ
(* قوله:
«وهو الناهص» كذا بالأَصل). والصَّرِيحُ. والإِزْهارُ: إِزْهارُ النبات،
وهو طلوع زَهَرِه.والزَّهَرَةُ: النبات؛ عن ثعلب؛ قال ابن سيده: وأُراه
إِنما يريد النَّوْرَ. وزَهْرَةُ الدنيا وزَهَرَتُهَا: حُسْنُها
وبَهْجَتُها وغَضَارَتُها. وفي التنزيل العزيز: زَهْرَةَ الحياة الدنيا. قال أَبو
حاتم: زَهَرَة الحياة الدنيا، بالفتح، وهي قراءة العامة بالبصرة. قال:
وزَهْرَة هي قراءة أَهل الحرمين، وأَكثر الآثار على ذلك. وتصغير الزَّهْرِ
زُهَيْرٌ، وبه سمي الشاعر زُهَيْراً. وفي الحديث: إِنَّ أَخْوَفَ ما
أَخاف عليكم من زَهْرَةِ الدنيا وزينتها؛ أَي حسنها وبهجتها وكثرة خيرها.
والزُّهْرَةُ: الحسن والبياض، وقد زَهِرَ زَهَراً. والزَّاهِرُ والأَزْهَرُ:
الحسن الأَبيض من الرجال، وقيل: هو الأَبيض فيه حمرة. ورجل أَزْهَرُ أَي
أَبيض مُشْرِقُ الوجه. والأَزهر: الأَبيض المستنير. والزُّهْرَةُ:
البياض النِّيِّرُ، وهو أَحسن الأَلوان؛ ومنه حديث الدجال: أَعْوَرُ جَعْدٌ
أَزْهَرُ. وفي الحديث: سأَلوه عن جَدِّ بني عامر بن صعصعة فقال: جملٌ
أَزْهَرُ مُتَفَاجُّ. وفي الحديث: سورة البقرة وآل عمران الزَّهْرَاوانِ؛ أَي
المُنِيرتان المُضِيئَتانِ، واحدتهما زَهْرَاءُ.
وفي الحديث: أَكْثِرُوا الصلاةَ عليّ في الليلة الغرّاء واليوم
الأَزْهَرِ؛ أَي ليلة الجمعة ويومها؛ كذا جاء مفسراً في الحديث. وفي حديث علي،
عليه السلام، في صفة سيدنا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم: كان أَزْهَرَ
اللَّوْنِ ليس بالأَبيضِ الأَمْهَقِ. والمرأَة زَهْرَاءُ؛ وكل لون أَبيض
كالدُّرَّةِ الزَّهْراءِ، والحُوَار الأَزْهَر. والأَزْهَرُ: الأَبيضُ.
والزُّهْرُ: ثلاثُ ليال من أَوّل الشهر.
والزُّهَرَةُ، بفتح الهاء: هذا الكوكب الأَبيض؛ قال الشاعر:
قد وَكَّلَتْنِي طَلَّتِي بالسَّمْسَرَه،
وأَيْقَظَتْنِي لطُلُوعِ الزُّهَرَه
والزُّهُورُ: تَلأْلؤ السراج الزاهر. وزَهَرَ السراجُ يَزْهَرُ زُهُوراً
وازْدَهَرَ: تلألأ، وكذلك الوجه والقمر والنجم؛ قال:
آل الزُّبَيْر نُجومٌ يُسْتَضَاءُ بِهِمْ،
إِذا دَجا اللَّيْلُ من ظَلْمائِه زَهَرَا
وقال:
عَمَّ النَّجُومَ ضَوْءُه حين بَهَرْ،
فَغَمَر النَّجْمَ الذي كان ازْدَهَرْ
وقال العجاج:
ولَّى كمِصْباحِ الدُّجَى المَزْهُورِ
قيل في تفسيره: هو من أَزْهَرَهُ اللهُ، كما يقال مجنون من أَجَنَّهُ.
والأَزْهَرُ: القمر. والأَزْهَرَان، الشمسُ والقمرُ لنورهما؛ وقد زَهَرَ
يَزْهَرُ زَهْراً وزَهُرَ فيهما، وكل ذلك من البياض. قال الأَزهري: وإِذا
نعته بالفعل اللازم قلت زَهِرَ يَزْهَرُ زَهَراً. وزَهَرَت النارُ
زُهُوراً: أَضاءت، وأَزْهَرْتُها أَنا. يقال: زَهَرَتْ بك ناري أَي قويت بك
وكثرت مثل وَرِيَتْ بك زنادي. الأَزهري: العرب تقول: زَهَرَتْ بك زنادي؛
المعنى قُضِيَتْ بك حاجتي. وزَهَرَ الزَّنْدُ إِذا أَضاءت ناره، وهو زَنْدٌ
زَاهِرٌ. والأَزْهَرْ: النَّيِّرُ، ويسمى الثور الوحشي أَزْهَرَ والبقرة
زَهْرَاء؛ قال قيس بن الخَطِيم:
تَمْشِي، كَمَشْيِ الزَّهْراءِ في دَمَثِ الـ
ـرَّوْضِ إِلى الحَزْنِ، دونها الجُرُفُ
ودُرَّةٌ زَهْرَاءٌ: بيضاء صافية. وأَحمر زاهر: شديد الحمرة؛ عن
اللحياني.
والازْدِهارُ بالشيء: الاحتفاظ به. وفي الحديث: أَنه أَوصى أَبا قتادة
بالإِناء الذي توضأَ منه فقال: ازْدَهِرْ بهذا فإِن له شأْناً، أَي احتفظ
به ولا تَضيعه واجعله في بالك، من قولهم: قضيت منه زِهْرَتِي أَي وَطَري،
قال ابن الأَثير: وقيل هو من ازْدَهَرَ إِذا فَرِحَ أَي ليُسْفِرْ وجهُك
وَليْزُهِرْ، وإِذا أَمرت صاحبك أَن يَجِدَّ فيما أَمرت به قلت له:
ازْدَهِرْ، والدال فيه منقلبة عن تاء الافتعال، وأَصل ذلك كله من الزُّهْرَةِ
والحُسْنِ والبهجة؛ قال جرير:
فإِنك قَيْنٌ وابْنُ قَيْنَيْنِ، فازْدَهِرْ
بِكِيرِكَ، إِنَّ الكِيرَ لِلْقَينِ نافِعُ
قال أَبو عبيد: وأَظن ازْدَهَرَ كَلمة ليست بعربية كأَنها نبطية أَو
سريانية فعرّبت؛ وقال أَبو سعيد: هي كلمة عربية، وأَنشد بيت جرير وقال: معنى
ازْدَهِر أَي افْرَحْ، من قولك هو أَزَهَرُ بَيَّنُ الزُّهرَةِ،
وازْدَهِرْ معناه ليُسْفِرْ وجهُك ولْيُزْهِرْ. وقال بعضهم: الازْدِهارُ بالشيء
أَن تجعله من بالك؛ ومنه قولهم: قضيت منه زِهْرِي، بكسر الزاي، أَي
وَطَري وحاجتي؛ وأَنشد الأُمويُّ:
كما ازْدَهَرَتْ قَيْنَةٌ بالشِّرَاع
لأُسْوارِها، عَلَّ منها اصْطِباحا
أَي جَدَّتْ في عملها لتحظى عند صاحبها. يقول: احتفظت القَيْنَةُ
بالشِّرَاعِ، وهي الأَوتار. والازْدِهارُ: إِذا أَمرت صاحبك أَن يَجِدَّ فيما
أَمرته قلت له: ازْدَهِرْ فيما أَمرتك به. وقال ثعلب: ازْدَهِرْ بها أَي
احْتَمِلْها، قال: وهي أَيضاً كلمة سريانية. والمِزْهَرُ: العود الذي يضرب
به.
والزَّاهِرِيَّةُ: التَّبَخْتُر؛ قال أَبو صخر الهذلي:
يَفُوحُ المِسْكُ منه حين يَغْدُو،
ويَمْشِي الزَّاهِرِيَّةَ غَيْرَ حال
وبنو زُهْرة: حيٌّ من قريش أَخوال النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو اسم
امرأَة كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، نسب ولده إِليها. وقد
سمت زاهراً وأَزْهَرَ وزُهَيْراً. وزَهْرانُ أَبو قبيلة. والمَزَاهِرُ:
موضع؛ أَنشد ابن الأَعرابي للدُّبَيْرِيِّ:
أَلا يا حَماماتِ المَزاهِرِ، طالما
بَكَيْتُنَّ، لو يَرْثِي لَكُنَّ رَحِيمُ
عمي: العَمَى: ذهابُ البَصَر كُلِّه، وفي الأزهري: من العَيْنَيْن
كِلْتَيْهِما، عَمِيَ يَعْمَى عَمًى فهو أَعْمَى، واعمايَ يَعْمايُ
(*وقد تشدد
الياء كما في القاموس.)
اعْمِياءَ، وأَرادوا حَذْوَ ادْهامَّ يَدْهامُّ ادْهِيماماً فأَخْرَجُوه
على لفْظٍ صحيح وكان في الأصل ادْهامَمَ فأَدْغَمُوا لاجْتماع
المِيمَين، فَلما بَنَوا اعْمايَا على أَصل ادهامَمَ اعتمدت الياءُ الأَخيرة على
فَتْحَةِ الياء الأُولى فصارت أَلِفاً، فلما اختلفا لم يكن للإدْغامِ فيها
مَساغٌ كمساغِه في المِيمين، ولذلك لم يَقولوا: اعمايَّ فلان غير
مستعمل. وتَعَمَّى: في مَعْنى عَمِيَ؛ وأَنشد الأخْفَش:
صَرَفْتَ، ولم نَصْرِف أَواناً، وبادَرَتْ
نُهاكَ دُموعُ العَيْنِ حَتَّى تَعَمَّت
وهو أَعْمَى وعَمٍ، والأُنثى عَمْياء وعَمِية، وأَما عَمْية فَعَلى حدِّ
فَخْذٍ في فَخِذٍ، خَفَّفُوا مِيم عَمِيَة؛ قال ابن سيده: حكاه سيبويه.
قال الليث: رجلٌ أَعْمَى وامْرَأَةٌ عَمْياء، ولا يقع هذا النَّعْتُ على
العينِ الواحِدَة لأن المعنى يَقَعُ عليهما جميعاً، يقال: عَمِيتْ
عَيْناهُ، وامرأتانِ عَمْياوانِ، ونساءٌ عَمْياواتٌ، وقومٌ عُمْيٌ. وتَعامى
الرجلُ أَي أَرَى من نفسه ذلك. وامْرَأَةٌ عَمِيةٌ عن الصواب، وعَمِيَةُ
القَلْبِ، على فَعِلة، وقومٌ عَمُون. وفيهم عَمِيَّتُهم أَي جَهْلُهُم،
والنِّسْبَة إلى أَعْمَى أَعْمَويٌّ وإلى عَمٍ عَمَوِيٌّ. وقال الله عز وجل:
ومَن كان في هذه أَعْمَى فهُو في الآخرة أَعْمَى وأَضَلُّ سبيلاً؛ قال
الفراء: عَدَّدَ الله نِعَم الدُّنْيا على المُخاطَبين ثم قال من كان في هذه
أَعْمَى، يَعْني في نِعَم الدُّنْيا التي اقْتَصَصْناها علَيكم فهو في
نِعَمِ الآخرة أَعْمَى وأَضَلُّ سبيلاً، قال: والعرب إذا قالوا هو أَفْعَلُ
مِنْك قالوه في كلِّ فاعل وفعِيلٍ، وما لا يُزادُ في فِعْلِه شيءٌ على
ثَلاثة أَحْرُفٍ، فإذا كان على فَعْلَلْت مثل زَخْرَفْت أَو على افْعَلَلت
مثل احْمَرَرْت، لم يقولوا هو أَفْعَلُ منكَ حتى يقولوا هو أَشدُّ
حُمْرَةً منك وأَحسن زَخْرفةً منك، قال: وإنما جازَ في العَمَى لأنه لم يُرَدْ
به عَمَى العَيْنَينِ إنما أُرِيد، والله أَعلم، عَمَى القَلْب، فيقال
فلانٌ أَعْمَى من فلان في القَلْبِ، ولا يقال هو أَعْمَى منه في العَيْن،
وذلك أَنه لمَّا جاء على مذهب أَحَمَر وحَمْراءَ تُرِك فيه أَفْعَلُ منه
كما تُرِكَ في كَثيرٍ، قال: وقد تَلْقى بعض النحويين يقولُ أُجِيزُه في
الأَعْمَى والأَعْشَى والأَعْرَج والأَزْرَق، لأَنَّا قد نَقُول عَمِيَ
وزَرِقَ وعَشِيَ وعَرِجَ ولا نقول حَمِرَ ولا بَيضَ ولا صَفِرَ، قال الفراء:
ليس بشيء، إنما يُنْظر في هذا إلى ما كان لصاحبِهِ فِعْلٌ يقلُّ أَو
يكثُر، فيكون أَفْعَلُ دليلاً على قِلَّةِ الشيء وكَثْرَتِه، أَلا تَرَى
أَنك تقولُ فلان أَقْوَمُ من فلانٍ وأََجْمَل، لأَنَّ قيام ذا يزيدُ على
قيام ذا، وجَمالَهُ يزيدُ على جَمالِه، ولا تقول للأَعْمَيَيْن هذا أَعْمَى
من ذا، ولا لِمَيِّتَيْن هذا أَمْوتُ من ذا، فإن جاء شيءٌ منه في شعر فهو
شاذٌّ كقوله:
أَمَّا المُلوك، فأَنت اليومَ أَلأَمُهُمْ
لُؤْماً، وأَبْيَضُهم سِرْبالَ طَبَّاخِ
وقولهم: ما أَعْماهُ إنما يُراد به ما أَعْمَى قَلْبَه لأَنَّ ذلك ينسبُ
إليه الكثيرُ الضلالِ، ولا يقال في عَمَى العيونِ ما أَعْماه لأَنَّ ما
لا يَتزَيَّد لا يُتَعَجَّب منه. وقال الفراء في قوله تعالى: وهُوَ
عَلَيْهِم عَمًى أُولئك يُنادَوْنَ من مكانٍ بَعيدٍ؛ قرأَها ابنُ عباس، رضي الله
عنه: عَمٍ. وقال أَبو معاذ النحويّ: من قرأَ وهُو علَيهم عَمًى فهو
مصدرٌ. يقا: هذا الأمرُ عَمًى، وهذه الأُمورُ عَمًى لأَنه مصدر، كقولك: هذه
الأُمور شُبْهَةٌ ورِيبةٌ، قال: ومن قرأَ عَمٍ فهو نَعْتٌ، تقول أَمرٌ
عَمٍ وأُمورٌ عَمِيَةٌ. ورجل عَمٍ في أَمرِه: لا يُبْصِره، ورجل أَعْمَى في
البصر؛ وقال الكُمَيت:
أَلا هَلْ عَمٍ في رَأْيِه مُتَأَمِّلُ
ومثله قول زهير:
ولكِنَّني عَنْ عِلْمِ ما في غَدٍ عَمٍ
والعامِي: الذي لا يُبْصرُ طَريقَه ؛ وأَنشد:
لا تَأْتِيَنِّي تَبْتَغِي لِينَ جانِبي
بِرَأْسِك نَحْوي عامِيًا مُتَعاشِيَا
قال ابن سيده: وأَعْماه وعَمَّاهُ صَيَّره أَعْمَى؛ قال ساعدة بنُ
جُؤيَّة:
وعَمَّى علَيهِ المَوْتُ يأْتي طَريقَهُ
سِنانٌ، كعَسْراء العُقابِ ومِنْهَب
(* قوله « وعمى الموت إلخ » برفع الموت فاعلاً كما في الاصول هنا، وتقدم
لنا ضبطه في مادة عسر بالنصب والصواب ما هنا، وقوله ويروى: وعمى عليه الموت بابي طريقه
يعني عينيه إلخ هكذا في الأصل والمحكم هنا، وتقدم لنا في مادة عسر
أيضاً: ويروى يأبى طريقه يعني عيينة، والصواب ما هنا.)
يعني بالموت السنانَ فهو إذاً بدلٌ من الموت، ويروى،
وعَمَّى عليه الموت بابَيْ طَريقه
يعني عَيْنَيْه. ورجل عَمٍ إذا كان أَعْمَى القَلْبِ. ورجل عَمِي
القَلْب أَي جاهلٌ. والعَمَى: ذهابُ نَظَرِ القَلْبِ، والفِعْلُ كالفِعْلِ،
والصِّفةُ كالصّفةِ، إلاَّ أَنه لا يُبْنَى فِعْلُه على افْعالَّ لأَنه ليس
بمَحسوسٍ، وإنما هو على المَثَل، وافْعالَّ إنما هو للمَحْسوس في
اللَّوْنِ والعاهَةِ. وقوله تعالى: وما يَسْتَوِي الأَعْمَى والبَصير ولا
الظُّلُماتُ ولا النُّورُ ولا الظِّلُّ ولا الحَرُورُ؛ قال الزجاج: هذا مَثَل
ضَرَبه اللهُ للمؤمنين والكافرين، والمعنى وما يَسْتَوي الأَعْمَى عن الحَق،
وهو الكافِر، والبَصِير، وهو المؤمن الذي يُبْصِر رُشْدَهُ، ولا
الظُّلماتُ ولا النورُ، الظُّلماتُ الضلالات، والنورُ الهُدَى، ولا الظلُّ ولا
الحَرورُ أَي لا يَسْتَوي أَصحابُ الحَقِّ الذينَ هم
في ظلٍّ من الحَقّ ولا أَصحابُ الباطِلِ الذين هم في حَرٍّ دائمٍ؛ وقول
الشاعر:
وثلاثٍ بينَ اثْنَتَينِ بها يُرْ
سلُ أَعْمَى بما يَكيِدُ بَصيرَا
يعني القِدْحَ ، وجَعَله أَعْمى لأَنه لا بَصَرَ لَهُ، وجعله بصيراً
لأَنه يُصَوِّب إلى حيثُ يَقْصد به الرَّامِي. وتَعامَى: أَظْهَر العَمَى،
يكون في العَين والقَلب. وقوله تعالى: ونَحشُرُه يومَ القيامة أَعْمَى؛
قيلٍ: هو مثْلُ قوله: ونحشرُ المُجْرِمِينَ يومئذٍ زُرْقًا؛ وقيل: أَعْمَى
عن حُجَّته، وتأْويلُه أَنَّه لا حُجَّة له يَهْتَدي إلَيْها لأَنه ليس
للناس على الله حجةٌ بعد الرسُل، وقد بَشَّر وأَنْذَر ووَعَد وأَوْعَد. وروي
عن مجاهد في قوله تعالى: قال رَبِّ لِمَ حَشَرْتَني أَعْمى وقد كُنْتُ
بصيراً، قال: أَعْمَى عن الحُجَّة وقد كنتُ بصيراً بها. وقال نَفْطَوَيْه:
يقال عَمِيَ فلانٌ عن رُشْدِه وعَمِيَ عليه طَريقُه إذا لم يَهْتَدِ
لِطَرِيقه. ورجلٌ عمٍ وقومٌ عَمُونَ، قال: وكُلَّما ذكرَ الله جل وعز العَمَى
في كتابه فَذَمَّه يريدُ عَمَى القَلْبِ. قال تعالى: فإنَّها لا تَعْمَى
الأَبْصارُ ولكِنْ تَعْمَى القُلوبُ التي في الصدورِ. وقوله تعالى: صُمٌّ
بُكْمٌ عُمْيٌ، هو على المَثَل، جَعَلهم في ترك العَمَل بما يُبْصِرُون
ووَعْي ما يَسْمعُون بمنزلة المَوْتى، لأَن ما بَيّن من قدرتِه وصَنعته
التي يَعْجز عنها المخلوقون دليلٌ على وحدانِيَّته. والأعْمِيانِ:
السَّيْلُ والجَمَل الهائِجُ، وقيل: السَّيْلُ والحَرِيقُ؛ كِلاهُما عن يَعقوب.
قال الأَزهري: والأَعْمَى الليلُ، والأَعْمَى السَّيْلُ، وهما الأَبهمانِ
أَيضاً بالباء للسَّيْلِ والليلِ. وفي الحديث: نَعُوذُ بالله مِنَ
الأَعْمَيَيْن؛ هما السَّيْلُ والحَريق لما يُصيبُ من يُصيبانِهِ من الحَيْرَة
في أَمرِه، أَو لأَنهما إذا حَدَثا ووَقَعا لا يُبْقِيان موضِعاً ولا
يَتَجَنَّبانِ شيئاً كالأَعْمَى الذي لا يَدْرِي أَينَ يَسْلك، فهو يَمشِي
حيث أَدَّته رجْلُه؛ وأَنشد ابن بري:
ولما رَأَيْتُك تَنْسَى الذِّمامَ،
ولا قَدْرَ عِنْدَكَ للمُعْدِمِ
وتَجْفُو الشَّرِيفَ إذا ما أُخِلَّ،
وتُدْنِي الدَّنيَّ على الدِّرْهَمِ
وَهَبْتُ إخاءَكَ للأَعْمَيَيْن،
وللأَثْرَمَيْنِ ولَمْ أَظْلِمِ
أُخِلَّ: من الخَلَّة، وهي الحاجة. والأَعْمَيانِ: السَّيْل والنارُ.
والأَثْرَمان: الدهْرُ والموتُ.
والعَمْيَاءُ والعَمَايَة والعُمِيَّة والعَمِيَّة، كلُّه: الغَوايةُ
واللَّجاجة في الباطل. والعُمِّيَّةُ والعِمِّيَّةُ: الكِبرُ من ذلك. وفي
حديث أُم مَعْبَدٍ: تَسَفَّهُوا عَمايَتَهُمْ؛ العَمايةُ: الضَّلالُ، وهي
فَعالَة من العَمَى. وحكى اللحياني: تَرَكْتُهم في عُمِّيَّة وعِمِّيَّة
، وهو من العَمَى. وقَتيلُ عِمِّيَّا أَي لم يُدْرَ من قَتَلَه. وفي
الحديث: مَنْ قاتَلَ تحتَ راية عِمِّيَّة يَغْضَبُ لعَصَبَةٍ أَو يَنْصُرُ
عَصَبَةً أَو يَدْعو إلى عَصَبَة فقُتِلَ، قُتِلَ قِتْلَةً جاهلِيَّةً؛ هو
فِعِّيلَةٌ من العَماء الضَّلالِة كالقتالِ في العَصَبِيّةِ
والأَهْواءِ، وحكى بعضُهم فيها ضَمَّ العَيْن. وسُئل أَحْمدُ بن حَنْبَل عَمَّنْ
قُتِلَ في عِمِّيَّةٍ قال: الأَمرُ الأَعْمَى للعَصَبِيَّة لا تَسْتَبِينُ
ما وجْهُه. قال أَبو إسحق: إنما مَعنى هذا في تَحارُبِ القَوْمِ وقتل
بعضهم بعضاً، يقول: مَنْ قُتِلَ فيها كان هالكاً. قال أَبو زيد :
العِمِّيَّة الدَّعْوة العَمْياءُ فَقَتِيلُها في النار. وقال أَبو العلاء:
العَصَبة بنُو العَمِّ، والعَصَبيَّة أُخِذَتْ من العَصَبة، وقيل: العِمِّيَّة
الفِتْنة، وقيل: الضَّلالة؛ وقال الراعي:
كما يَذُودُ أَخُو العِمِّيَّة النَّجدُ
يعني صاحبَ فِتْنَةٍ؛ ومنه حديث الزُّبَير: لئلا يموتَ مِيتَةَ
عِمِّيَّةٍ أَي مِيتَةَ فِتْنَةٍ وجَهالَةٍ. وفي الحديث: من قُتِلَ في عِمِّيّاً
في رَمْيٍ يكون بينهم فهوخطأٌ، وفي رواية: في عِمِّيَّةٍ في رِمِّيًّا
تكون بينهم بالحجارة فهو خَطَأٌ؛ العِمِّيَّا، بالكسر والتشديد والقصر،
فِعِّيلى من العَمَى كالرِّمِّيَّا من الرَّمْي والخِصِّيصَى من
التَّخَصُّصِ، وهي مصادر، والمعنى أَن يوجَدَ بينهم قَتِيلٌ يَعْمَى أَمرُه ولا
يَبِينُ قاتِلُه، فحكمُه حكْمُ قتيلِ الخَطَإ تجب فيه الدِّية. وفي الحديث
الآخر: يَنزُو الشيطانُ بينَ الناس فيكون دَماً في عَمياء في غَير ضَغِينَة
أَي في جَهالَةٍ من غير حِقْدٍ وعَداوة، والعَمْياءُ تأْنيثُ الأَعْمَى،
يُريدُ بها الضلالة والجَهالة. والعماية: الجهالة بالشيء؛ ومنه قوله:
تَجَلَّتْ عماياتُ الرِّجالِ عن الصِّبَا
وعَمايَة الجاهِلَّيةِ: جَهالَتها. والأعماءُ: المَجاهِلُ، يجوز أن يكون
واحدُها عَمىٌ. وأَعْماءٌ عامِيَةٌ على المُبالَغة؛ قال رؤبة:
وبَلَدٍ عَامِيةٍ أَعْماؤهُ،
كأَنَّ لَوْنَ أَرْضِه سَماؤُهُ
يريد: ورُبَّ بَلَد. وقوله: عامية أَعْماؤُه، أَراد مُتَناهِية في
العَمَى على حدِّ قولِهم ليلٌ لائلٌ، فكأَنه قال أَعْماؤُه عامِيَةٌ، فقدَّم
وأَخَّر، وقلَّما يأْتون بهذا الضرب من المُبالَغ به إلا تابعاً لِما
قَبْلَه كقولهم شغْلٌ شاغلٌ وليلٌ لائلٌ، لكنه اضْطُرَّ إلى ذلك فقدَّم
وأَخَّر. قال الأَزهري: عامِيَة دارِسة، وأَعْماؤُه مَجاهِلُه. بَلَدٌ
مَجْهَلٌ وعَمًى: لا يُهْتدى فيه.
والمَعامِي: الأَرَضُون المجهولة، والواحدة مَعْمِيَةٌ، قال: ولم
أَسْمَعْ لها بواحدةٍ. والمعامِي من الأَرَضين: الأَغْفالُ التي ليس بها أَثَرُ
عِمارَةٍ، وهي الأَعْماءُ أَيضاً. وفي الحديث: إنَّ لنا المَعامِيَ؛
يُريدُ الأَراضِيَ المجهولة الأَغْفالَ التي ليس بها أَثَرُ عِمارةٍ،
واحدُها مَعْمًى، وهو موضِع العَمَى كالمَجْهَلِ. وأَرْضٌ عَمْياءُ وعامِيةٌ
ومكانٌ أَعْمَى: لا يُهْتَدَى فيه؛ قال: وأَقْرَأَني ابنُ الأَعرابي:
وماءٍ صَرىً عافِي الثَّنايا كأَنَّه،
من الأَجْنِ، أَبْوالُ المَخاضِ الضوارِبِ
عَمٍ شَرَكَ الأَقْطارِ بَيْني وبَيْنَه،
مَرَارِيُّ مَخْشِيّ به المَوتُ ناضِب
قال ابن الأَعرابي: عَمٍ شَرَك كما يقال عَمٍ طَريقاً وعَمٍ مَسْلَكاً،
يُريدُ الطريقَ ليس بيّن الأَثَر، وأَما الذي في حديث سلمان: سُئِلَ ما
يَجِلُّ لنا من ذمّتِنا؟ فقال: من عَماك إلى هُداكَ أَي إذا ضَلَلْتَ
طريقاً أَخَذْتَ منهم رجُلاً حتى يَقِفَكَ على الطريق، وإنما رَخّص سَلْمانُ
في ذلك لأَنَّ أَهلَ الذمَّة كانوا صُولِحُوا على ذلك وشُرِطَ عليهم،
فأَما إذا لم يُشْرَط فلا يجوزُ إلاَّ بالأُجْرَة، وقوله: من ذِمَّتِنا أَي
من أَهلِ ذِمَّتِنا.
ويقال: لقيته في عَمايَةِ الصُّبحِ أَي في ظلمته قبل أن أَتَبَيَّنَه.
وفي حديث أَبي ذرّ: أَنه كان يُغِيرُ على الصِّرْمِ في عَمايةِ الصُّبْحِ
أَي في بقيَّة ظُلمة الليلِ. ولقِيتُه صَكَّةَ عُمَيٍّ وصَكَّةَ أَعْمَى
أَي في أَشدَّ الهاجِرَةِ حَرّاً، وذلك أَن الظَّبْيَ إذا اشتَدَّ عليه
الحرُّ طَلَبَ الكِناسَ وقد بَرَقَتْ عينُه من بياضِ الشمسِ ولَمعانِها،
فيَسْدَرُ بصرُه حتى يَصُكَّ بنفسِه الكِناسَ لا يُبْصِرُه، وقيل: هو
أَشدُّ الهاجرة حرّاً، وقيل: حين كادَ الحَرُّ يُعْمِي مِن شدَّتِه، ولا يقال
في البرْد، وقيل: حين يقومُ قائِمُ الظَّهِيرة، وقيل: نصف النهار في
شدَّة الحرّ، وقيل: عُمَيٌّ الحَرُّ بعينه، وقيل: عُمَيٌّ رجلٌ من عَدْوانَ
كان يُفتي في الحجِّ، فأَقبل مُعْتَمِرًا ومعه ركبٌ حتى نَزَلُوا بعضَ
المنازل في يومٍ شديدِ الحَرِّ فقال عُمَيٌّ: من جاءتْ عليه هذه الساعةُ
من غَدٍ وهو حرامٌ لم يَقْضِ عُمْرَتَه، فهو حرامٌ إلى قابِلٍ، فوثَبَ
الناسُ يَضْرِبون حتى وافَوُا البيتَ، وبَينهم وبَينَه من ذلك الموضِع
ليلتانِ جوادان، فضُرِبَ مَثلاً. وقال الأزهري: هو عُمَيٌّ كأَنه تصغيرُ
أَعْمى؛ قال: وأَنشد ابن الأعرابي:
صَكَّ بها عَيْنَ الظَّهِيرة غائِراً
عُمَيٌّ، ولم يُنْعَلْنَ إلاّ ظِلالَها
وفي الحديث: نَهى رسولُ الله،صلى الله عليه وسلم،عن الصلاة نصفَ النهار
إذا قام قائم الظهيرة صَكَّةَ عُمَيٌّ؛ قال: وعُمَيٍّ تصغير أَعْمى على
التَّرْخيم، ولا يقال ذلك إلا في حَمارَّة القَيْظِ، والإنسان إذا خَرَج
نصفَ النهارِ في أَشدّ الحرِّ لم يَتَهَيّأْ له أَن يَمْلأَ عينيه من عَين
الشمس، فأَرادُوا أَنه يصيرُ كالأَعْمَى، ويقال: هو اسم رجلٍ من
العَمالِقةِ أَغارَ على قومٍ ظُهْراً فاسْتَأْصَلَهم فنُسِبَ الوقتُ إِليه؛ وقولُ
الشاعر:
يَحْسَبُه الجاهِلُ، ما كان عَمَى،
شَيْخاً، على كُرْسِيِّهِ، مُعَمَّمَا
أَي إِذا نظَرَ إِليه من بعيد، فكأَنَّ العَمَى هنا البُعْد، يصف وَطْبَ
اللَّبن، يقول إِذا رآه الجاهلُ من بُعْدٍ ظَنَّه شيخاً معَمَّماً
لبياضه.
والعَماءُ، ممدودٌ: السحابُ المُرْتَفِعُ، وقيل: الكثِيفُ؛ قال أَبو
زيد: هو شِبهُ الدُّخانِ يركب رُؤوس الجبال؛ قال ابن بري: شاهِدُه قولُ
حميدِ بن ثورٍ:
فإِذا احْزَأَلا في المُناخِ، رأَيتَه
كالطَّوْدِ أَفْرَدَه العَماءُ المُمْطِرُ
وقال الفرزدق:
ووَفْراء لم تُخْرَزْ بسَيرٍ، وكِيعَة،
غَدَوْتُ بها طبّاً يَدِي بِرِشائِها
ذَعَرْتُ بها سِرْباً نَقِيّاً جُلودُه،
كنَجْمِ الثُّرَيَّا أَسْفَرَتْ من عَمائِها
ويروى:
إِذْ بَدَتْ من عَمائها
وقال ابن سيده: العَماء الغَيْمُ الكثِيفُ المُمْطِرُ، وقيل: هو
الرقِيقُ، وقيل: هو الأَسودُ، وقال أَبو عبيد: هو الأَبيض، وقيل: هو الذي هَراقَ
ماءَه ولم يَتَقَطَّع تَقَطُّعَ الجِفَالِ، واحدتُه عماءةٌ. وفي حديث
أَبي رَزين العُقَيْلي أَنه قال للنبي،صلى الله عليه وسلم: أَين كان
ربُّنا قبلَ أَن يخلق السمواتِ والأَرضَ؟ قال: في عَماءٍ تَحْتَه هَواءٌ
وفَوْقَه هَواءٌ؛ قال أَبو عبيد: العَماء في كلام العرب السحاب؛ قاله الأَصمعي
وغيرُه، وهو ممدودٌ؛ وقال الحرث بن حِلِّزَة:
وكأَنَّ المنون تَرْدِي بنا أَعْـ
ـصم صمٍّ، يَنْجابُ عنه العَماءُ
يقول: هو في ارتفاعه قد بلَغ السحابَ فالسحابُ يَنْجابُ عنه أَي ينكشف؛
قال أَبو عبيد: وإِنما تأَوَّلْنا هذا الحديث على كلام العرب المَعْقُول
عنهم ولا نَدْري كيف كان ذلك العَماءُ، قال: وأَما العَمَى في البَصَر
فمقصور وليس هو من هذا الحديث في شيء. قال الأَزهري: وقد بلَغَني عن أَبي
الهيثم، ولم يعْزُه إِليه ثقةٌ، أَنه قال في تفسير هذا الحديث ولفظِه إِنه
كان في عمًى، مقصورٌ، قال: وكلُّ أَمرٍ لا تدرِكه القلوبُ بالعُقولِ فهو
عَمًى، قال: والمعنى أَنه كان حيث لا تدْرِكه عقولُ بني آدمَ ولا
يَبْلُغُ كنهَه وصْفٌ؛ قال الأَزهري: والقولُ عندي ما قاله أَبو عبيد أَنه
العَماءُ، ممدودٌ، وهو السحابُ، ولا يُدْرى كيف ذلك العَماء بصفةٍ تَحْصُرُه
ولا نَعْتٍ يحدُّه، ويُقَوِّى هذا القولَ قولُه تعالى: هل يَنْظُرون إِلا
أَن يأْتِيَهُم الله في ظُلَلٍ من الغَمام والملائكة، والغَمام: معروفٌ في
كلام العرب إِلا أَنَّا لا ندْري كيف الغَمامُ الذي يأْتي الله عز وجل
يومَ القيامة في ظُلَلٍ منه، فنحن نُؤْمن به ولا نُكَيِّفُ صِفَتَه، وكذلك
سائرُ صِفاتِ الله عز وجل؛ وقال ابن الأَثير: معنى قوله في عَمًى مقصورٌ
ليسَ مَعَه شيءٌ، قال: ولا بد في قوله أَين كان ربنا من مضاف محذوف كما حزف
في قوله تعالى: هل ينظرون إِلا أَن يأْتيهم الله، ونحوه، فيكون التقدير
أَين كان عرش ربّنا، ويدلّ عليه قوله تعالى: وكانَ عرْشُه على الماء.
والعَمايَةُ والعَماءَة: السحابَةُ الكثِيفة المُطْبِقَةُ، قال: وقال
بعضهم هو الذي هَراقَ ماءَه ولم يَتَقَطَّع تَقَطُّع الجَفْل
(* قوله: «هو
الذي ... إلخ.» اعاد الضمير إلى السحاب المنويّ لا إلى السحابة.)
والعربُ تقولُ: أَشدُّ بردِ الشِّتاء شَمالٌ جِرْبِياء في غبِّ سَماء
تحتَ ظِلِّ عَماء. قال: ويقولون للقِطْعة الكَثِيفة عَماءةٌ، قال: وبعضٌ
ينكرُ ذلك ويجعلُ العماءَ اسْماً جامعاً.
وفي حديث الصَّوْم: فإِنْ عُمِّيَ عَلَيكُمْ؛ هكذا جاء في رواية، قيل:
هو من العَمَاء السَّحابِ الرقِيقِ أَي حالَ دونَه ما أَعْمى الأَبْصارَ
عن رُؤيَتِه.
وعَمَى الشيءُ عَمْياً: سالَ. وعَمى الماءُ يَعْمِي إِذا سالَ، وهَمى
يَهْمِي مثله؛ قال الأَزهري: وأَنشد المنذري فيما أَقرأَني لأَبي العباس عن
ابن الأَعرابي:
وغَبْراءَ مَعْمِيٍّ بها الآلُ لم يَبِنْ،
بها مِنْ ثَنَايا المَنْهَلَيْنِ، طَريقُ
قال: عَمَى يَعْمي إِذا سالَ، يقول: سالَ عليها الآلُ. ويقال: عمَيْتُ
إِلى كذا وكذا أَعْمِي عَمَياناً وعطِشْت عَطَشاناً إِذا ذَهَبْتَ إِليه
لا تُريدُ غيره، غيرَ أَنَّك تَؤُمُّه على الإِبْصار والظلْمة، عَمَى
يَعْمِي. وعَمَى الموجُ، بالفتح، يَعْمِي عَمْياً إِذا رَمى بالقَذى
والزَّبَدِ ودَفَعَه. وقال الليث: العَمْيُ على مِثالِ الرَّمْي رفعُ الأَمْواج
القَذَى والزَّبَد في أَعالِيها؛ وأَنشد:
رَها زَبَداً يَعْمي به المَوْجُ طامِيا
وعَمى البَعِيرُ بلُغامه عَمْياً: هَدَرَ فرمَى به أَيّاً كان، وقيل:
رَمى به على هامَته. وقال المؤرج: رجلٌ عامٍ رامٍ. وعَماني بكذا وكذا:
رماني من التُّهَمَة، قال: وعَمى النَّبْتُ يَعْمِي واعْتَمَّ واعْتَمى،
ثلاثُ لغاتٍ، واعْتَمى الشيءَ: اخْتاره، والاسم العِمْيَة. قال أَبو سعيد:
اعْتَمَيْتُه اعْتِماءً أَي قَصَدته، وقال غيره: اعْتَمَيته اختَرْته، وهو
قَلب الاعْتِيامِ، وكذلك اعتَمْته، والعرب تقول: عَمَا واللهِ، وأَمَا
واللهِ، وهَمَا والله، يُبْدِلون من الهمزة العينَ مرَّة والهاءَ أُخْرى، ومنهم
من يقول: غَمَا والله، بالغين المعجمة. والعَمْو: الضلالُ، والجمع أَعْماءٌ.
وعَمِيَ عليه الأَمْرُ: الْتَبَس؛ ومنه قوله تعالى: فعَمِيَتْ عليهمُ
الأَنباء يومئذٍ. والتَّعْمِيَةُ: أَنْ تُعَمِّيَ على الإِنْسانِ شيئاً
فتُلَبِّسَه عليه تَلْبِيساً. وفي حديث الهجرة: لأُعَمِّيَنَّ على مَنْ
وَرائي، من التَّعْمِية والإِخْفاء والتَّلْبِيسِ، حتى لا يَتبعَكُما أَحدٌ.
وعَمَّيتُ معنى البيت تَعْمِية، ومنه المُعَمَّى من الشِّعْر، وقُرئَ:
فعُمِّيَتْ عليهم، بالتشديد. أَبو زيد: تَرَكْناهُم عُمَّى إِذا
أَشْرَفُوا على الموت. قال الأَزهري: وقرأْت بخط أَبي الهيثم في قول
الفرزدق:غَلَبْتُك بالمُفَقِّئ والمُعَمَّى،
وبَيْتِ المُحْتَبي والخافِقاتِ
قال: فَخَر الفرزدق في هذا البيت على جرير، لأَن العرب كانت إِذا كان
لأَحَدهم أَلفُ بعير فقأَ عينَ بعيرٍ منها، فإِذا تمت أَلفان عَمَّاه
وأَعْماه، فافتخر عليه بكثرة ماله، قال: والخافقات الرايات. ابن الأَعرابي:
عَمَا يَعْمو إِذا خَضَع وذَلَّ. ومنه حديث ابنِ عُمر: مَثَلُ المُنافق
مَثَلُ الشاةِ بينَ الرَّبيضَيْنِ، تَعْمُو مَرَّةً إِلى هذه ومَرَّةً إِلى
هذه؛ يريد أَنها كانت تَمِيلُ إِلى هذه وإِلى هذه، قال: والأَعرف
تَعْنُو، التفسير للهَرَويِّ في الغريبَين؛ قال: ومنه قوله تعالى: مُذَبْذَبينَ
بينَ ذلك.
والعَمَا: الطُّولُ. يقال: ما أَحْسَنَ عَما هذا الرجُلِ أَي طُولَه.
وقال أَبو العباس: سأَلتُ ابنَ الأَعرابي عنه فعَرَفه، وقال: الأَعْماءُ
الطِّوال منَ الناسِ.
وعَمايَةُ: جَبَلٌ من جبال هُذَيْلٍ. وعَمايَتانِ:جَبَلان معروفان.