من (ه د د) الرجل كثير التوعد بالعقوبة غليظ الصوت.
من (ه د د) الرجل كثير التوعد بالعقوبة غليظ الصوت.
هدي: من أَسماء الله تعالى سبحانه: الهادي؛ قال ابن الأَثير: هو الذي
بَصَّرَ عِبادَه وعرَّفَهم طَريقَ معرفته حتى أَقرُّوا برُبُوبيَّته، وهَدى
كل مخلوق إِلى ما لا بُدَّ له منه في بَقائه ودَوام وجُوده. ابن سيده:
الهُدى ضدّ الضلال وهو الرَّشادُ، والدلالة أُنثى، وقد حكي فيها التذكير؛
وأَنشد ابن بري ليزيد بن خَذَّاقٍ:
ولقد أَضاءَ لك الطرِيقُ وأَنْهَجَتْ
سُبُلُ المَكارِمِ، والهُدَى تُعْدِي
قال ابن جني: قال اللحياني الهُدَى مذكر، قال: وقال الكسائي بعض بني
أَسد يؤنثه، يقول: هذه هُدًى مستقيمة. قال أَبو إِسحق: قوله عز وجل: قل إِن
هُدَى الله هو الهُدَى؛ أَي الصِّراط الذي دَعا إِليه هو طَرِيقُ الحقّ.
وقوله تعالى: إِنَّ علينا لَلْهُدَى؛ أَي إِنَّ علينا أَنْ نُبَيِّنَ
طريقَ الهُدَى من طَرِيق الضَّلال. وقد هَداه هُدًى وهَدْياً وهِدايةً
وهِديةً وهَداه للدِّين هُدًى وهَداه يَهْدِيه في الدِّين هُدًى. وقال قتادة
في قوله عز وجل: وأَما ثَمُودُ فهَدَيْناهُم؛ أَي بَيَّنَّا لهم طَرِيقَ
الهُدى وطريق الضلالة فاسْتَحَبُّوا أَي آثرُوا الضلالة على الهُدَى.
الليث: لغة أَهل الغَوْرِ هَدَيْتُ لك في معنى بَيَّنْتُ لك. وقوله تعالى:
أَوَلم يَهْدِ لهم؛ قال أَبو عمرو بن العلاء: أَوَلم يُبَيِّنْ لهم. وفي
الحديث: أَنه قال لعليّ سَلِ اللهَ الهُدَى، وفي رواية: قل اللهم اهْدِني
وسَدِّدْني واذكر بالهُدَى هِدايَتك الطريقَ وبالسَّدادِ تَسْدِيدَك
السَّهْمَ؛ والمعنى إِذا سأَلتَ الله الهُدَى فأَخْطِر بقَلْبك هِدايةَ
الطَّريق وسَلِ الله الاستقامة فيه كما تتَحَرَّاه في سُلوك الطريق، لأَنَّ
سالكَ الفَلاة يَلزم الجادّةَ ولا يُفارِقُها خوفاً من الضلال، وكذلك
الرَّامِي إِذا رَمَى شيئاً سَدَّد السَّهم نحوه ليُصِيبه، فأَخْطِر ذلك بقلبك
ليكون ما تَنْويه مِنَ الدُّعاء على شاكلة ما تستعمله في الرمي. وقوله عز
وجل: الذي أَعْطَى كلَّ شيء خَلْقَه ثم هَدَى؛ معناه خَلَق كلَّ شيء على
الهيئة التي بها يُنْتَفَعُ والتي هي أَصْلَحُ الخَلْقِ له ثم هداه
لمَعِيشته، وقيل: ثم هَداه لموضعِ ما يكون منه الولد، والأَوَّل أَبين
وأَوضح، وقد هُدِيَ فاهْتَدَى. الزجاج في قوله تعالى: قُلِ اللهُ يَهْدِي
للحقِّ؛ يقال: هَدَيْتُ للحَقِّ وهَدَيْت إِلى الحق بمعنًى واحد، لأَنَّ
هَدَيْت يَتَعدَّى إِلى الــمَهْدِــيّين، والحقُّ يَتَعَدَّى بحرف جر، المعنى: قل
الله يهدي مَن يشاء للحق. وفي الحديث: سُنَّة الخُلفاء الرَّاشِدِين
الــمَهْدِــيّينَ؛ الــمَهْدِــيُّ: الذي قد هَداه الله إِلى الحق، وقد اسْتُعْمِل
في الأَسماء حتى صار كالأَسماء الغالبة، وبه سُمي الــمهْدِــيُّ الذي بَشَّر
به النبيُّ،صلى الله عليه وسلم، أَنه يجيء في آخر الزمان، ويريد
بالخلفاء الــمهديين أَبا بكر وعمر وعثمان وعليّاً، رضوان الله عليهم، وإِن كان
عامّاً في كل من سار سِيرَتَهم، وقد تَهَدَّى إِلى الشيء واهْتَدَى. وقوله
تعالى: ويَزِيدُ الله الذين اهْتَدَوْا هُدًى؛ قيل: بالناسخ والمنسوخ،
وقيل: بأَن يَجْعَلَ جزاءهم أَن يزيدهم في يقينهم هُدًى كما أَضَلَّ
الفاسِق بفسقه، ووضع الهُدَى مَوْضِعَ الاهْتداء. وقوله تعالى: وإِني لَغَفّار
لمن تابَ وآمَنَ وعَمِل صالحاً ثمَّ اهْتَدَى؛ قال الزجاج: تابَ مِنْ
ذنبه وآمن برَبِّهِ ثم اهْتدى أَي أَقامَ على الإِيمان، وهَدَى واهْتَدَى
بمعنى. وقوله تعالى: إِنَّ الله لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ؛ قال الفراء: يريد
لا يَهْتدِي. وقوله تعالى: أَمْ مَنْ لا يَهَدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى،
بالتقاء الساكنين فيمن قرأَ به، فإِن ابن جني قال: لا يخلو من أَحد
أَمرين: إِما أَن تكون الهاء مسكنة البتة فتكون التاء من يَهْتَدِي مختلسة
الحركة، وإِما أَن تكون الدال مشدَّدة فتكون الهاء مفتوحة بحركة التاء
المنقولة إِليها أَو مكسورة لسكونها وسكون الدال الأُولى، قال الفراء: معنى
قوله تعالى: أَمْ مَنْ لا يَهَدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى؛ يقول: يَعْبُدون
ما لا يَقْدِر أَن يَنتقل عن مكانه إِلا أَن يَنْقُلُوه، قال الزجاج:
وقرئ أَمْ مَن لا يَهْدْي، بإسكان الهاء والدال، قال: وهي قراءة شاذة وهي
مروية، قال: وقرأَ أَبو عمرو أَمْ مَن لا يَهَدِّي، بفتح الهاء، والأَصل لا
يَهْتَدِي. وقرأَ عاصم: أم مَنْ لا يَهِدِّي، بكسر الهاء، بمعنى
يَهْتَدِي أَيضاً، ومن قرأَ أَمْ من لا يَهْدِي خفيفة، فمعناه يَهْتَدِي أَيضاً.
يقال: هَدَيْتُه فَهَدَى أَي اهْتَدَى؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
إِنْ مَضَى الحَوْلُ ولم آتِكُمُ
بِعَناجٍ تَهتدِي أَحْوَى طِمِرّْ
فقد يجوز أَن يريد تهتدي بأَحوى، ثم حذف الحرف وأَوصل الفعل، وقد يجوز
أَن يكون معنى تهتدي هنا تَطْلُب أَن يَهْدِيها، كما حكاه سيبويه من قولهم
اخْتَرَجْتُه في معنى استخرجته أَي طلبت منه أَن يَخْرُج. وقال بعضهم:
هداه اللهُ الطريقَ، وهي لغة أَهل الحجاز، وهَداه للطَّريقِ وإِلى الطريقِ
هِدايةً وهَداه يَهْدِيه هِدايةً إِذا دَلَّه على الطريق. وهَدَيْتُه
الطَّريقَ والبيتَ هِداية أَي عرَّفته، لغة أَهل الحجاز، وغيرهم يقول:
هديته إِلى الطريق وإِلى الدار؛ حكاها الأَخفش. قال ابن بري: يقال هديته
الطريق بمعنى عرّفته فيُعَدَّى إلى مفعولين، ويقال: هديته إِلى الطريق
وللطريق على معنى أَرشَدْته إِليها فيُعدَّى بحرف الجر كأَرْشَدْتُ، قال:
ويقال: هَدَيْتُ له الطريقَ على معنى بَيَّنْتُ له الطريق، وعليه قوله سبحانه
وتعالى: أَوَلمْ يَهْدِ لهم، وهَدَيْناه النَّجْدَيْن، وفيه: اهْدِنا
الصِّراطَ المستقيم، معنى طَلَب الهُدَى منه تعالى، وقد هَداهُم أَنهم قد
رَغِبُوا منه تعالى التثبيت على الهدى، وفيه: وهُدُوا إِلى الطَّيِّب من
القَوْل وهُدُوا إِلى صِراطِ الحَميد، وفيه: وإِنك لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ
مُسْتَقِيم. وأَمّا هَدَيْتُ العَرُوس إِلى زوجها فلا بدّ فيه من اللام
لأَنه بمعنى زَفَفْتها إِليه، وأَمَّا أَهْدَيْتُ إِلى البيت هَدْياً فلا
يكون إِلا بالأَلف لأَنه بمعنى أَرْسَلْتُ فلذلك جاء على أَفْعَلْتُ. وفي
حديث محمد بن كعب: بلغني أَن عبد الله بن أَبي سَلِيط قال لعبد الرحمن بن
زَيْدِ بن حارِثةَ، وقد أَخَّر صلاة الظهر: أَكانوا يُصَلُّون هذه
الصلاة السَّاعةَ؟ قال: لا واللهِ، فَما هَدَى مِمّا رَجَعَ أَي فما بَيِّنَ
وما جاء بحُجَّةٍ مِمّا أَجاب، إِنما قال لا واللهِ وسَكَتَ، والمَرْجُوعُ
الجواب فلم يجيءْ بجواب فيه بيان ولا حجة لما فعل من تأْخير الصلاة.
وهَدَى: بمعنى بيَّنَ في لغة أَهل الغَوْر، يقولون: هَدَيْتُ لك بمعنى
بَيَّنْتُ لك. ويقال بلغتهم نزلت: أَوَلم يَهْدِ لهم. وحكى ابن الأَعرابي:
رَجُل هَدُوٌّ على مثال عدُوٍّ، كأَنه من الهِداية، ولم يَحكها يعقوب في
الأَلفاظ التي حصرها كحَسُوٍّ وفَسُوٍّ.
وهَدَيْت الضالَّةَ هِدايةً.
والهُدى: النَّهارُ؛ قال ابن مقبل:
حتى اسْتَبَنْتُ الهُدى، والبِيدُ هاجِمةٌ
يخْشَعْنَ في الآلِ غُلْفاً، أَو يُصَلِّينا
والهُدى: إِخراج شيء إِلى شيء. والهُدى أَيضاً: الطاعةُ والوَرَعُ.
والهُدى: الهادي في قوله عز وجل: أَو أَجِدُ على النارِ هُدًى؛ والطريقُ
يسمَّى هُدًى؛ ومنه قول الشماخ:
قد وكَّلْتْ بالهُدى إِنسانَ ساهِمةٍ،
كأَنه مِنْ تمامِ الظِّمْءِ مَسْمولُ
وفلان لا يَهْدي الطريقَ ولا يَهْتَدي ولا يَهَدِّي ولا يَهِدِّي، وذهب
على هِدْيَتِه أَي على قَصْده في الكلام وغيره. وخذ في هِدْيَتِك أَي
فيما كنت فيه من الحديث والعَمَل ولا تَعْدِل عنه. الأَزهري: أَبو زيد في
باب الهاء والقاف: يقال للرجل إِذا حَدَّث بحديث ثم عَدل عنه قبل أَن
يَفْرُغ إِلى غيره: خذ على هِدْيَتِك، بالكسر، وقِدْيَتِك أَي خذ فيما كنت فيه
ولا تَعْدِل عنه، وقال: كذا أَخبرني أَبو بكر عن شمر، وقيده في كتابه
المسموع من شمر: خذ في هِدْيَتِك وقِدْيَتِك أَي خذ فيما كنت فيه، بالقاف.
ونَظَرَ فلان هِدْيةَ أَمرِه أَي جِهةَ أَمرِه. وضلَّ هِدْيَتَه
وهُدْيَتَه أَي لوَجْهِه؛ قال عمرو بن أَحمر الباهليّ:
نَبَذَ الجُؤارَ وضَلَّ هِدْيَةَ رَوْقِه،
لمَّا اخْتَلَلْتُ فؤادَه بالمِطْرَدِ
أَي ترَك وجهَه الذي كان يُرِيدُه وسقَط لما أَنْ صَرَعْتُه، وضلَّ
الموضعَ الذي كان يَقْصِدُ له برَوْقِه من الدَّهَش. ويقال: فلان يَذْهَب على
هِدْيَتِه أِي على قَصْدِه. ويقال: هَدَيْتُ أَي قصدْتُ. وهو على
مُهَيْدِيَتِه أَي حاله؛ حكاها ثعلب، ولا مكبر لها. ولك هُدَيّا هذه الفَعْلةِ
أَي مِثلُها، ولك عندي هُدَيَّاها أَي مثلُها. ورمى بسهم ثم رمى بآخرَ
هُدَيَّاهُ أَي مثلِه أَو قَصْدَه. ابن شميل: اسْتَبَقَ رجلان فلما سبق
أَحدُهما صاحبَه تَبالحا فقال له المَسْبُوق: لم تَسْبِقْني فقال السابقُ:
فأَنت على هُدَيَّاها أَي أُعاوِدُك ثانيةً وأَنت على بُدْأَتِكَ أَي
أُعاوِدك؛ وتبالحا: وتَجاحَدا، وقال: فَعل به هُدَيَّاها أَي مِثلَها. وفلان
يَهْدي هَدْيَ فلان: يفعل مثل فعله ويَسِير سِيرَته. وفي الحديث:
واهْدُوا بهَدْي عَمَّارٍ أَي سِيرُوا بسِيرَتِه وتَهَيَّأُوا بهَيْئَتِه. وما
أَحسن هَدْيَه أَي سَمْتَه وسكونه. وفلان حسَنُ الهَدْي والهِدْيةِ أَي
الطريقة والسِّيرة. وما أَحْسَنَ هِدْيَتَهُ وهَدْيَه أَيضاً، بالفتح، أَي
سِيرَته، والجمع هَدْيٌ مثل تَمْرة وتَمْرٍ. وما أَشبه هَدْيَه بهَدْي
فلان أَي سَمْتَه. أَبو عدنان: فلان حَسَنُ الهَدْي وهو حُسْنُ المذهب في
أُموره كلها؛ وقال زيادةُ بن زيد العدوي:
ويُخْبِرُني عن غائبِ المَرْءِ هَدْيُه،
كفى الهَدْيُ عما غَيَّبَ المَرْءُ مُخْبِرا
وهَدى هَدْيَ فلان أَي سارَ سَيْره. الفراء: يقال ليس لهذا الأَمر
هِدْيةٌ ولا قِبْلةٌ ولا دِبْرةٌ ولا وِجْهةٌ. وفي حديث عبد الله بن مسعود:
إِن أَحسَنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمدٍ أَي أَحسَنَ الطريقِ والهِداية والطريقة
والنحو والهيئة، وفي حديثه الآخر: كنا نَنْظُر إِلى هَدْيهِ ودَلِّه؛
أَبو عبيد: وأَحدهما قريب المعنى من الآخر؛ وقال عِمْرانُ بنِ حطَّانَ:
وما كُنتُ في هَدْيٍ عليَّ غَضاضةٌ،
وما كُنْتُ في مَخْزاتِه أَتَقَنَّعُ
(* قوله« في مخزته» الذي في التهذيب: من مخزاته.)
وفي الحديث: الهَدْيُ الصالح والسَّمْتُ الصالِحُ جزء من خمسة وعشرين
جُزءاً من النبوَّة؛ ابن الأَثير: الهَدْيُ السِّيرةُ والهَيْئة والطريقة،
ومعنى الحديث أَن هذه الحالَ من شمائل الأَنبياء من جملة خصالهم وأَنها
جُزْء معلوم من أَجْزاء أَفْعالهم، وليس المعنى أَن النبوّة تتجزأ، ولا
أَنَ من جمع هذه الخِلال كان فيه جزء من النُّبُوّة، فإِن النبوّةَ غير
مُكْتَسبة ولا مُجْتَلَبةٍ بالأَسباب، وإِنما هي كرامةٌ من الله تعالى،
ويجوز أَن يكون أَراد بالنبوّة ما جاءت به النبوّة ودعت إِليه، وتَخْصيصُ هذا
العدد ما يستأْثر النبي،صلى الله عليه وسلم، بمعرفته.
وكلُّ متقدِّم هادٍ. والهادي: العُنُقُ لتقدّمه؛ قال المفضل النُّكْري:
جَمُومُ الشَّدِّ شائلةُ الذُّنابي،
وهادِيها كأَنْ جِذْعٌ سَحُوقُ
والجمع هَوادٍ. وفي حديث النبي،صلى الله عليه وسلم: أَنه بَعَثَ إِلى
ضُباعةَ وذَبَحت شاةً فطَلَب منها فقالت ما بَقِيَ منها إِلا الرَّقَبَةُ
فبَعَثَ إِليها أَن أَرْسِلي بها فإِنها هادِةُ الشايةِ. والهادِيةُ
والهادي: العنُقُ لأَنها تَتَقَدَّم على البدَن ولأَنها تَهْدي الجَسَد.
الأَصمعي: الهادِيةُ من كل شيء أَوَّلُه وما تقَدَّمَ منه، ولهذا قيل:
أَقْبَلَتْ هَوادي الخيلِ إِذا بَدَتْ أَعْناقُها. وفي الحديث: طَلَعَتْ هَوادي
الخيل يعني أَوائِلَها. وهَوادي الليل: أَوائله لتقدمها كتقدُّم
الأَعناق؛ قال سُكَيْن بن نَضْرةَ البَجَليّ:
دَفَعْتُ بِكَفِّي الليلَ عنه وقد بَدَتْ
هَوادي ظَلامِ الليلِ، فالظُّلُّ غامِرُهُ
وهوادي الخيل: أَعْناقُها لأَنها أَولُ شيء من أَجْسادِها، وقد تكون
الهوادي أَولَ رَعيل يَطْلُع منها لأَنها المُتَقَدِّمة. ويقال: قد هَدَت
تَهْدي إِذا تَقَدَّمتْ؛ وقال عَبيد يذكر الخيل:
وغَداةَ صَبَّحْنَ الجِفارَ عَوابِساً،
تَهْدي أَوائلَهُنَّ شُعْثٌ شُزَّبُ
أَي يَتَقَدَّمُهن؛وقال الأَعشى وذكر عَشاه وأَنَّ عَصاه تَهْدِيه:
إِذا كان هادي الفَتى في البلا
دِ، صَدْرَ القَناةِ، أَطاع الأَمِيرا
وقد يكون إِنما سَمَّى العَصا هادِياً لأَنه يُمْسِكها فهي تَهْديه
تتقدَّمه، وقد يكون من الهِدايةِ لأَنها تَدُلُّه على الطريق، وكذلك الدليلُ
يسمى هادِياً لأَنه يَتَقَدَّم القومَ ويتبعونه، ويكون أَن يَهْدِيَهم
للطريقِ. وهادِياتُ الوَحْشِ: أَوائلُها، وهي هَوادِيها. والهادِيةُ:
المتقدِّمة من الإِبل. والهادِي: الدليل لأَنه يَقْدُمُ القومَ. وهَداه أَي
تَقَدَّمه؛ قال طرفة:
لِلْفَتَى عَقْلٌ يَعِيشُ به،
حيثُ تَهْدي ساقَه قَدَمُهْ
وهادي السهمِ: نَصْلُه؛ وقول امرئ القيس:
كأَنَّ دِماء الهادِياتِ بنَحْرِه
عُصارة حِنَّاءٍ بشَيْبٍ مُرَجَّلِ
يعني به أَوائلَ الوَحْشِ. ويقال: هو يُهادِيه الشِّعرَ، وهاداني فلان
الشِّعرَ وهادَيْتُه أَي هاجاني وهاجَيْتُه. والهَدِيَّةُ: ما أَتْحَفْتَ
به، يقال: أَهْدَيْتُ له وإِليه. وفي التنزيل العزيز: وإِني مُرْسِلة
إِليهم بهَدِيَّةٍ؛ قال الزجاج: جاء في التفسير أَنها أَهْدَتْ إِلى
سُلَيْمَانَ لَبِنة ذهب، وقيل: لَبِنَ ذهب في حرير، فأَمر سليمان، عليه السلام،
بلَبِنة الذهب فطُرحت تحت الدوابِّ حيث تَبولُ عليها وتَرُوت، فصَغُر في
أَعينهم ما جاؤُوا به، وقد ذكر أَن الهدية كانت غير هذا، إِلا أَن قول
سليمان: أَتُمِدُّونَنِي بمال؟ يدل على أَن الهدية كانت مالاً.
والتَّهادِي: أَن يُهْدي بعضُهم إِلى بعض. وفي الحديث: تَهادُوا تَحابُّوا، والجمع
هَدايا وهَداوَى، وهي لغة أَهل المدينة، وهَداوِي وهَداوٍ؛ الأَخيرة عن
ثعلب، أَما هَدايا فعلى القياس أَصلها هَدائي، ثم كُرهت الضمة على الياء
فأُسكنت فقيل هَدائىْ، ثم قلبت الياء أَلفاً استخفافاً لمكان الجمع فقيل
هَداءا، كما أَبدلوها في مَدارَى ولا حرف علة هناك إِلا الياء، ثم كرهوا
همزة بين أَلفين لأَن الهمزة بمنزلة الأَلف، إِذ ليس حرف أَقرب إِليها
منها، فصوروها ثلاث همزات فأَبدلوا من الهمزة ياء لخفتها ولأَنه ليس حرف بعد
الأَلف أَقرب إِلى الهمزة من الياء، ولا سبيل إِلى الأَلف لاجتماع ثلاث
أَلفات فلزمت الياء بدلاً، ومن قال هَداوَى أَبدل الهمزة واواً لأَنهم قد
يبدلونها منها كثيراً كبُوس وأُومِن؛ هذا كله مذهب سيبويه، قال ابن سيده:
وزِدْته أَنا إيضاحاً، وأَما هَداوي فنادر، وأَما هَداوٍ فعلى أَنهم
حذفوا الياء من هَداوي حذفاً ثم عوض منها التنوين. أَبو زيد: الهَداوي لغة
عُلْيا مَعَدٍّ، وسُفْلاها الهَدايا. ويقال: أَهْدَى وهَدَّى بمعنًى
ومنه:أَقولُ لها هَدِّي ولا تَذْخَري لَحْمي
(* قوله« أقول لها إلخ» صدره كما في الاساس: لقد علمت أم الاديبر أنني)
وأَهْدَى الهَدِيَّةَ إِهْداءً وهَدّاها.
والــمِهْدى، بالقصر وكسر الميم: الإِناء الذي يُهْدَى فيه مثل الطَّبَقِ
ونحوه؛ قال:
مِهْداكَ أَلأَمُ مِهْدًــى حِينَ تَنْسُبُه،
فُقَيْرةٌ أَو قَبيحُ العَضْدِ مَكْسُورُ
ولا يقال للطَّبَقِ مِهْدًــى إِلاَّ وفيه ما يُهْدَى. وامرأَة مِهْداءٌ،
بالمد، إِذا كانت تُهْدي لجاراتها. وفي المحكم: إِذا كانت كثيرة
الإِهْداء؛ قال الكميت:
وإِذا الخُرَّدُ اغْبَرَرْنَ مِنَ المَحْـ
لِ، وصارَتْ مِهْداؤُهُنَّ عَفِيرا
(* قوله« اغبررن» كذا في الأصل والمحكم هنا، ووقع في مادة ع ف ر: اعتررن
خطأ.)
وكذلك الرجل مِهْداءٌ: من عادته أَن يُهْدِيَ. وفي الحديث: مَنْ هَدَى
زُقاقاً كان له مِثْلُ عِتْقِ رَقَبةٍ؛ هو من هِدايةِ الطريقِ أَي من
عَرَّف ضالاًّ أَو ضَرِيراً طَرِيقَه، ويروى بتشديد الدال إما للمبالغة من
الهِداية، أَو من الهَدِيَّةِ أَي من تصدَّق بزُقاق من النخل، وهو
السِّكَّةُ والصَّفُّ من أَشجاره، والهِداءُ: أَن تجيءَ هذه بطعامِها وهذه
بطعامها فتأْكُلا في موضع واحد. والهَدِيُّ والهِدِيَّةُ: العَرُوس؛ قال أَبو
ذؤيب:
برَقْمٍ ووَشْيٍ كما نَمْنَمَتْ
بمِشْيَتِها المُزْدهاةُ الهَدِيّ
والهِداء: مصدر قولك هَدَى العَرُوسَ. وهَدَى العروسَ إِلى بَعْلِها
هِداء وأَهْداها واهْتَداها؛ الأَخيرة عن أَبي علي؛ وأَنشد:
كذَبْتُمْ وبَيتِ اللهِ لا تَهْتَدُونَها
وقد هُدِيَتْ إِليه؛ قال زهير:
فإِنْ تَكُنِ النِّساءُ مُخَبَّآتٍ،
فحُقَّ لكلِّ مُحْصِنةٍ هِداء
ابن بُزُرْج: واهْتَدَى الرجلُ امرأَتَه إِذا جَمَعَها إِليه وضَمَّها،
وهي مَهْدِــيَّةٌ وهَدِيٌّ أَيضاً، على فَعِيلٍ؛ وأَنشد ابن بري:
أَلا يا دارَ عَبْلةَ بالطَّوِيّ،
كرَجْعِ الوَشْمِ في كَفِّ الهَدِيّ
والهَدِيُّ: الأَسيرُ؛ قال المتلمس يذكر طَرفة ومَقْتل عَمرو بن هِند
إِياه:
كطُرَيْفةَ بنِ العَبْدِ كان هَدِيَّهُمْ،
ضَرَبُوا صَمِيمَ قَذالِه بِمُهَنَّدِ
قال: وأَظن المرأَة إِنما سميت هَدِيًّا لأَنها كالأَسِير عند زوجها؛
قال الشاعر:
كرجع الوشم في كف الهديّ
قال: ويجوز أَن يكون سميت هَدِيًّا لأَنها تُهْدَى إِلى زوجها، فهي
هَدِيٌّ، فَعِيلٌ بمعنى مفعول. والهَدْيُ: ما أُهْدِيَ إِلى مكة من النَّعَم.
وفي التنزيل العزيز: حتى يبلغ الهَدْيُ مَحِلَّه، وقرئ: حتى يبلغ
الهَدِيُّ مَحِلَّه، بالتخفيف والتشديد، الواحدة هَدْيةٌ وهَدِيَّةٌ؛ قال ابن
بري: الذي قرأَه بالتشديد الأَعرج وشاهده قول الفرزدق:
حَلَفْتُ برَبِّ مَكَّةَ والمُصَلَّى،
وأَعْناقِ الهَدِيِّ مُقَلَّداتِ
وشاهد الهَدِيَّةِ قولُ ساعدةَ بن جُؤَيَّة:
إني وأَيْدِيهم وكلّ هَدِيَّة
مما تَثِجُّ له تَرائِبُ تَثْعَبُ
وقال ثعلب: الهَدْيُ، بالتخفيف، لغة أَهل الحجاز، والهَدِيُّ، بالتثقيل
على فَعِيل، لغة بني تميم وسُفْلى قيس، وقد قرئ بالوجهين جميعاً: حتى
يَبْلُغَ الهَدي محله. ويقال: مالي هَدْيٌ إِن كان كذا، وهي يمين.
وأَهْدَيْتُ الهَدْيَ إِلى بيت اللهِ إِهْداء. وعليه هَدْيةٌ أَي بَدَنة. الليث
وغيره: ما يُهْدى إِلى مكة من النَّعَم وغيره من مال أَو متاعٍ فهو هَدْيٌ
وهَدِيٌّ، والعرب تسمي الإِبل هَدِيًّا، ويقولون: كم هَدِيُّ بني فلان؛
يعنون الإِبل، سميت هَدِيّاً لأنها تُهْدَى إِلى البيت. غيره: وفي حديث
طَهْفةَ في صِفة السَّنةِ هَلَكَ الهَدِيُّ ومات الوَديُّ؛ الهَدِيُّ،
بالتشديد: كالهَدْي بالتخفيف، وهو ما يُهْدى إِلى البَيْتِ الحَرام من النعم
لتُنْحَر فأُطلق على جميع الإِبل وإِن لم تكن هَدِيّاً تسمية للشيء ببعضه،
أَراد هَلَكَتِ الإِبل ويَبِسَتِ النَّخِيل. وفي حديث الجمعة: فكأَنَّما
أَهْدى دَجاجةً وكأَنما أَهْدى بَيْضةً؛ الدَّجاجةُ والبَيضةُ ليستا من
الهَدْيِ وإِنما هو من الإِبل والبقر، وفي الغنم خلاف، فهو محمول على حكم
ما تُقدَّمه من الكلام، لأَنه لما قال أَهْدى بدنةً وأَهْدى بقرةً وشاة
أَتْبَعه بالدَّجاجة والبيضة، كما تقول أَكلت طَعاماً وشَراباً والأَكل
يختص بالطعام دون الشراب؛ ومثله قول الشاعر:
مُتَقَلِّداً سَيفاً ورُمْحاً
والتَّقَلُّدُ بالسيف دون الرمح. وفلانٌ هَدْيُ بني فلان وهَدِيُّهمْ
أَي جارُهم يَحرم عليهم منه ما يَحْرُم من الهَدْي، وقيل: الهَدْيُ
والهَدِيُّ الرجل ذو الحرمة يأْتي القوم يَسْتَجِير بهم أَو يأْخذ منهم
عَهْداً، فهو، ما لم يُجَرْ أَو يأْخذِ العهدَ، هَدِيٌّ، فإِذا أَخَذ العهدَ
منهم فهو حينئذ جارٌ لهم؛ قال زهير:
فلَمْ أَرَ مَعْشَراً أَسَرُوا هِدِيّاً،
ولمْ أَرَ جارَ بَيْتٍ يُسْتَباءُ
وقال الأَصمعي في تفسير هذا البيت: هو الرَّجل الذي له حُرمة كحُرمة
هَدِيِّ البيت، ويُسْتَباء: من البَواء أَي القَوَدِ أَي أَتاهم يَسْتَجير
بهم فقَتلُوه برجل منهم؛ وقال غيره في قِرْواشٍ:
هَدِيُّكُمُ خَيْرٌ أَباً مِنْ أَبِيكُمُ،
أَبَرُّ وأُوْفى بالجِوارِ وأَحْمَدُ
ورجل هِدانٌ وهِداءٌ: للثَّقِيل الوَخْمِ؛ قال الأَصمعي: لا أَدري
أَيّهما سمعت أَكثر؛ قال الراعي:
هِداءٌ أَخُو وَطْبٍ وصاحِبُ عُلْبةٍ
يَرى المَجْدَ أَن يَلْقى خِلاءً وأَمْرُعا
(* قوله« خلاء» ضبط في الأصل والتهذيب بكسر الخاء.)
ابن سيده: الهِداء الرجل الضعيف البَليد. والهَدْيُ: السُّكون؛ قال
الأَخطل:
وما هَدى هَدْيَ مَهْزُومٍ وما نَكَلا
يقول: لم يُسْرِعْ إِسْراعَ المُنْهَزم ولكن على سكون وهَدْيٍ حَسَنٍ.
والتَّهادي: مَشْيُ النِّساء والإِبل الثِّقال، وهو مشي في تَمايُل
وسكون. وجاء فلان يُهادَى بين اثنين إِذا كان يمشي بينهما معتمداً عليهما من
ضعفه وتَمايُله. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، خرج في مرضه
الذي مات فيه يُهادى بين رَجُلَيْن؛ أَبو عبيد: معناه أَنه كان يمشي
بينهما يعتمد عليهما من ضَعْفِه وتَمايُلِه، وكذلك كلُّ مَن فعل بأَحد فهو
يُهاديه؛ قال ذو الرمة:
يُهادينَ جَمَّاء المَرافِقِ وَعْثةً،
كَلِيلةَ جَحْمِ الكَعْبِ رَيَّا المُخَلْخَلِ
وإِذا فَعلت ذلك المرأَة وتَمايَلَتْ في مِشْيتها من غير أَن يُماشِيها
أَحد قيل: تَهادى؛ قال الأَعشى:
إِذا ما تأَتَّى تُريدُ القِيام،
تَهادى كما قد رأَيتَ البَهِيرا
وجئتُكَ بَعْدَ هَدْءٍ مِن الليلِ، وهَدِيٍّ لغة في هَدْءٍ؛ الأَخيرة عن
ثعلب. والهادي: الراكِسُ، وهو الثَّوْرُ في وسط البَيْدَر يَدُور عليه
الثِّيرانُ في الدِّراسة؛ وقول أَبي ذؤيب:
فما فَضْلةٌ من أَذْرِعاتٍ هَوَتْ بها
مُذَكَّرةٌ عنْسٌ كهادِيةِ الضَّحْلِ
أَراد بهادِيةِ الضَّحْلِ أَتانَ الضَّحْلِ، وهي الصخرة المَلْساء.
والهادِيةُ: الصخرة النابتةُ في الماء.
هدم: الهَدْمُ: نَقِيضُ البناء، هَدَمَه يَهْدِمُه هَدْماً وهَدَّمه
فانْهَدَمَ
وتَهَدَّمَ وهَدَّمُوا بُيوتهم، شُدِّدَ للكثرة. ابن الأَعرابي:
الهَدْمُ قَلْعُ ا لمَدَرِ، يعني البيوت، وهو فِعْلٌ مُجاوزٌ، والفِعلُ
اللازم منه الانْهِدامُ. ويقال: هَدَمَه ودَهْدَمَه بمعنى واحد؛ قال
العجاج:
وما سُؤالُ طَلَلٍ وأَرْسُمِ،
والنُّؤْيِ بعدَ عَهْدِه المُدَهْدَمِ
يعني الحاجزَ حولَ البيت إِذا تَهَدَّم. والهَدَمُ، بالتحريك: ما
تَهدَّم من نواحي البئر فسقط في جَوْفِها؛ قال يصف امرأَة فاجرةً:
تَمْضي، إِذا زُجِرَتْ عن سَوْأَةٍ، قُدُماً،
كأَنها هَدَمٌ في الجَفْرِ مُنْقاضُ
والأَهْدَمانِ: أَن يَنْهارَ عليكَ بناءٌ أَو تقعَ في بئرٍ أَو
أُهْوِيَّة. وقوله في الحديث: اللهمّ إِني أَعوذُ بك منَ الأَهْدَمَينِ؛ قيل في
تفسيره: هو أَن يَنْهَدِمَ على الرجل بناءٌ أَو يقعَ في بئرٍ؛ حكاه
الهرويّ في الغريبين، قال ابن سيده: ولا أَدري ما حقيقتُه؛ قال ابن الأَثير: هو
أَن ينهارَ
عليه بناءٌ أو يقعَ في بئرٍ أَو أُهْوِيّة. والأَهْدَمُ. أَفْعَلُ
من الهَدَم: وهو ما تَهَدَّمَ من نواحي البئر فسقط فيها. وفي حديث
الشهداء: وصاحبُ الهَدَمِ
شهيدٌ؛ الهَدَمُ، بالتحريك: البناءُ الــمَهْدُــومُ، فَعَلٌ بمعنى مفعول،
وبالسكون الفِعْلُ نفْسُه؛ ومنه الحديث: مَن هَدَمَ بُنْيانَ رَبِّه فهو
مَلْعونٌ أَي مَنْ قَتَلَ النفَّسَ المُحرَّمة لأَنها بُنيانُ اللهِ
وتَرْكِيبُه. وقالوا: دَمُنا دَمُكم وهَدَمُنا هَدَمُكم أَي نحن شيءٌ واحدٌ في
النُّصْرة تَغْضَبون لنا ونغْضَبُ لكم. وفي الحديث. أَن أَبا الهيثم بن
التَّيِّهان قال لرسولِ
الله، صلى الله عليه وسلم: إِن بيننا وبين القومِ حبالاً ونحن قاطِعوها
فنخشَى إِنِ اللهُ أَعَزَّك وأَظْهَرَكَ أَن ترجعَ إِلى قومِك، فتبَّسم
النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، ثم قال: بل الدَّمُ الرَّمُ والهَدَمُ
الهَدَمُ، أَنا منكم وأَنتم مني؛ يُروى بسكون الدال وفتحها، فالهدَم،
بالتحريك: القَبْرُ يعني أُقْبَرُ
حيث تُقْبَرون، وقيل: هو المنزلُ أَي منزِلُكم مَنزِلي، كحديثه الآخر:
المَحْيا مَحْياكم والمماتُ مماتُكم أَي لا أُفارِقُكم. والهَدْم، بالسكون
وبالفتح أَيضاً: هو إِهدارُ
دَمِ القتيلِ؛ يقال: دِماؤهم بينهم هَدْمٌ أَي مُهْدَــرةٌ، والمعنى إِن
طُلِب دَمُكم فقد طُلِبَ دَمي، وإِن أُهْدِرَ دَمُكم فقد أُهْدِرَ دَمي
لاستِحكام الأُلْفة بيننا، وهو قولٌ معروف، والعرب تقول: دَمي دَمُك
وهَدَمي هَدَمُك، وذلك عند المُعاهَدةِ والنُّصْرة. وروى الأَزهري عن ابن
الأَعرابي قال: العربُ
تقول دَمي دمُك وهَدَمي هدَمُك؛ هكذا رواه بالفتح، قال: وهذا في
النُّصْرة، والظُّلْم تقول: إِن ظُلِمْتَ فقد ظُلِمْتُ؛ قال وأَنشدني
العُقَيلي:دَماً طَيِّباً يا حَبَّذا أَنت من دَمِ
وكان أَبو عبيدة يقول: هو الهَدَمُ الهَدَمُ واللَّدَمُ اللَّدَمُ أَي
حُرْمتي مع حُرْمتِكم وبَيتي مع بَيْتِكم؛ وأَنشد:
ثم الْحَقي بِهَدَمي ولَدَمي
أَي بأَصلي ومَوْضِعي. وأَصل الهَدَم ما انْهَدَم. يقال: هَدَمْت
هَدْماً، والــمَهْدومُ هَدَمٌ، وسمي منزلُ الرجل هَدَماً لانْهِدامِه، وقال
غيره: يجوز أَن يُسمَّى القبرُ
هَدَماً لأَنه يُحْفَر تُرابُه ثم يُرَدُّ،تُرابه فيه، فهو هَدَمٌ،
فكأَنه قال: مَقْبَرِي مَقْبَرُكم أَي لا أَزالُ معكم حتى أَموتَ عندكم. وروى
الأَزهري عن أَبي الهيثم أَنه قال في الحِلْف: دَمي دمُك إِن قَتَلني
إِنسانٌ طَلَبْتَ بدَمي كما تَطْلُبُ بدَمِ
ولِىِّك أَي ابن عَمِّك وأَخِيك، وهَدَمي هَدَمُك أَي مَنْ هَدَمَ لي
عِزّاً وشَرَفاً فقد هَدَمه منك. وكلُّ من قَتل ولِيِّي، فقد قَتل ولِيَّك،
ومَنْ أَراد هَدْمَك فقد قصَدني بذلك. قال الأَزهري: ومن رواه الدَّمُ
الدَّمُ
والهَدْمُ الهَدْمُ، فهو على قول الحَلِيف تَطْلُب بدَمي وأَنا أَطلبُ
بدَمِك. وما هَدَمْتَ من الدِّماء هَدَمْتُ أَي ما عَفَوْتَ عنه
وأَهْدَرْتَه فقد عفوتُ عنه وتركتُه. ويقال: إِنهم إِذا احْتَلَفوا قالوا هَدَمي
هَدَمُك ودَمي دَمُك وتَرِثُني وأَرِثُك، ثم نسَخ الله بآيات المَواريثِ
ما كانوا يَشْترِطونه من المِيراث في الحِلْف
والهِدْمُ، بالكسر: الثوبُ
الخلَقُ المُرَقَّعُ، وقيل: هو الكِساءُ الذي ضُوعِفت رِقاعُه، وخصَّ
ابنُ الأَعرابي به الكِساءَ الباليَ من الصوفِ
دون الثوبِ، والجمع أَهْدامٌ وهِدَمٌ؛ الأَخيرة عن أَبي حنيفة، وهي
نادرة؛ وقال أَوس بن حجر:
وذات هِدْمٍ عارٍ نَواشِرُها،
تُصْمِتُ بالماءِ تَوْلَباً جَدِعا
قال ابن بري: صوابه وذاتُ، بالرفع، لأَنه معطوف على فاعل قبله؛ وهو:
لِيُبْكِكَ الشَّرْبُ والمُدامةُ والـ
ـفِتْيانُ، طُرّاً، وطامِعٌ طَمِعا
وأَنشد ابن بري لأَبي دُواد:
هَرَقْتُ في صُفْنِه ماءً لِيَشْرَبَه
في داثِرٍ خَلَق الأَعْضادِ أَهْدامِ
وفي حديث عُمر: وقَفَتْ عليه عجوزٌ عَشَمةٌ بأَهْدامٍ؛ الأَِهْدامُ:
الأَخْلاقُ من الثياب. وهَدَمْتُ الثوب إِذا رَقَعته. وفي حديث عليّ:
لبِسْنا أَهْدام البِلى، وروي عن الصَّمُوتيِّ الكلابي وذكرَ حِبَّةَ الأَرض
فقال: تَنْحَلُّ فيأُخُذُ بعضُها رِقابَ بعضٍ فتنطلق هِدَماً كالبُسُطِ.
وشيخٌ هِدْمٌ: على التشبيه بالثوب. أَبو عبيد: الهِدْمُ الشيخ الذي قد
انْحَطَم مثل الهِمِّ. والعجوزُ المُتَهدِّمة: الفانيةُ الهَرِمة. وتَهَدَّم
عليه من الغضب إِذا اشتدَّ غضبُه. وخُفٌّ هِدْمٌ ومُهَدَّــمٌ: مثل الثوب؛
قال:
عَليَّ خُفّانِ مُهَدَّــمانِ،
مُشْتَبِها الأَنْفِ مُقَعَّمانِ
أَبو سعيد: هَدَّمَ فلانٌ ثوبَه ورَدَّمَه إِذا رَقَّعه؛ رواه ابنُ
الفَرج عنه.
وعجوز مُتَهدِّمةٌ: هَرِمةٌ فانيةٌ، ونابٌ مُتهدِّمة كذلك.
والهَدَمُ: ما بقي من نباتِ عامِ
أَوّلَ، وذلك لِقِدَمِه. وهَدِمَت الناقةُ تَهْدَمُ
هَدَماً وهَدَمةً، فهي هَدِمةٌ من إِبلٍ
هَدامى وهَدِمةٍ ، وتَهَدَّمَت وأَهْدَمت وهي مُهْدِــم، كلاهما، إذا
اشتدَّت ضبَعَتُها فياسَرت الفحلَ ولم تُعاسِرْه. وقال بعضهم: الهَدِمةُ
الناقة التي تقع من شدة الضَّبَعةِ؛ قال زيد بن تُرْكِيٍّ الدُّبَيري:
يُوشِكُ أَن يُوجسَ في الأَوْجاسِ
فيها هَديمُ ضَبَعٍ هَوَّاسِ،
إِذا دَعا العُنَّدَ بالأَجْراسِ
قال ابن جني: فيه ثلاث روايات، إِحداها:
فيها هديمُ ضَبَعٍ هَوَّاسُ
ويكون الهَديم هُنا فحلاً وأَضافه إِلى الضَّبَع لأَنه يَهْدَمُ إِذا
ضَبِعَتْ، وهَوَّاس: من نعت هديم؛ الوراية الثانية: هَوَّاسِ، بالخفض على
الجِوار؛ الرواية الثالثة:
فيها هَديمُ ضَبَعٍ هِوَاسِ
وهو الصحيح لأَن الهَوَسَ يكون في النُّوق، وعليه يصحُّ استِشْهادُ
الجوهريّ لأَنه جعل الهَديمَ الناقةَ الضَّبِعَةَ، ويكون هِواسِ بدلاً من
ضبَع، والضَّبَعُ والهِواسُ واحدٌ. وهَديمُ في هذه الأَوجه فاعلٌ ليُوجِسَ
في البيت الذي قبله أَي يُسْرِع أَن يَسمع صوتَ هذا الفحلِ ناقةٌ ضَبِعةٌ
فتَشْتَدَّ ضَبَعَتُها؛ وأَول الأُرجوزة:
مِزْيدُ، يا ابنَ النَّفَر الأَشْواسِ
الشُّمْسِ، بل زادُوا على الشِّماسِ
وفلانٌ يَتَهَدَّمُ عليكَ غَضَباً: مَثَلٌ بذلك. وتهدَّم عليه:
تَوَعَّدَه. ودِماؤهم هَدْمٌ بينهم، بالتسكين، وهَدَمٌ، بالتحريك، أَي هدَرٌ،
وذلك إِذا لم يودوا قاتلَه
(* قوله «إذا لم يودوا قاتله» كذا بالأصل، ولعله
يؤذوا أو نحو ذلك). عليّ بن حمزة: هَدْمٌ، بسكون الدال.
وتهادَمَ القومُ: تهادَرُوا.
والهُدامُ: الدُّوارُ يُصِيبُ الإِنسان في البحر؛ وهُدِم الرجلُ: أَصابه
ذلك. والهَدْمُ: أَن تَضْرِبَه فتكسِرَ ظهرَه؛ عن ابن الأَعرابي. وفي
الحديث: من كانت الدنيا هَدَمَه وسَدَمَه أَي بُغْيَتَه وشَهْوَتَه. قال
ابن الأَثير: هكذا رواه بعضهم، والمحفوظ هَمَّه وسَدَمَه، والله أَعلم.
ورجلٌ هَدِمٌ: أَحمقُ مُخنَّث.
وذو مَهْدَــمٍ ومِهْدَــمٍ: قَيْلٌ من أَقيال حِمْير.
والــمَهْدومُ من اللبَن: الرَّثِيئةُ. وفي التهذيب: الــمَهْدومةُ
الرَّثيئة من اللبن؛ قال الشاعر:
شَفَيْتُ أَبا المُخْتارِ من داءِ بَطْنِه
بــمَهْدومةٍ، تُنْبي ضُلوعَ الشَّراسِف
قال: الــمَهْدومةُ هي الرثيئةُ. قال شهاب: إِذا حُلِب الحَليبُ
على الحَقِين جاءت رثيئةٌ مُذَكَّرة طيِّبة، لا فَلَقٌ ولا مُمْذَقِرّة
سَمْهَجَةٌ ليّنة.
والهَدْمةُ: الدُّفْعةُ من المال. ويقال: هذا شيءٌ مُهَنْدَمٌ أَي
مُصْلَح على مقدار، وهو معرَّب، وأَصله بالفارسية أَنْدام، مثل مُهَنْدِس
وأَصله انْدازه.
وفي الحديث: كلْ مما يَليك وإِياك والهَذْمَ؛ قال ابن الأَثير: هكذا
رواه بعضهم بالذال المعجمة، وهو سُرْعةُ الأَكل، والهَيْدامُ: الأَكولُ؛ قال
أَبو موسى: أَظنّ الصحيحَ بالدال المهملة يُريد به الأَكلَ من جوانب
القَصْعةِ دون وَسَطِها، وهو من الهَدَم ما تَهدَّمَ من نواحي البئر.
والهَدْمةُ: المَطرةُ الخفيفة. وأَرض مَهْدومةٌ أَي مَمْطورةٌ.
هدأ: هَدَأَ يَهْدَأُ هَدْءاً وهُدُوءاً: سَكَن، يكون في سكون الحركة
والصَّوْت وغيرهما. قال ابن هَرْمةَ:
لَيْتَ السِّباعَ لنَا كانت مُجاوِرةً، * وأَنَّنا لا نَرَى، مِمَّنْ نَرَى، أَحَدا
إِنَّ السِّباعَ لَتَهْدا عن فَرائِسها، * والناسُ ليس بهادٍ شَرُّهم أَبَدا
أَراد لَتَهْدَأُ وبهادِئٍ، فأَبدل الهمزة إِبدالاً صحيحاً، وذلك أَنـَّه جعلها ياءً، فأَلحق هادِياً برامٍ وسامٍ، وهذا عند سيبوبه إِنما يؤخذ
سماعاً لا قياساً. ولو خففها تخفيفاً قياسياً لجعلها بين بين، فكان ذلك يكسر البيت والكسر لا يجوز، وإِنما يجوز الزِّحافُ.
والاسم: الهَدْأَةُ، عن اللحياني.
وأَهْدَأَه: سَكَّنه. وهَدَأَ عنه: سَكَنَ. أَبو الهيثم يقال: نَظَرْتُ إِلى هَدْئِه، بالهمز، وهَدْيِه. قال: وإِنما أَسقطوا الهمزة فجعلوا مكانها
الياء، وأَصلها الهمز، من هَدَأَ يَهْدَأُ إِذا سكن.
وأَتانا وقد هَدَأَتِ الرِّجْلُ أَي بعدَما سكَنَ الناسُ بالليل.
وأَتانا بعدَما هَدَأَتِ الرِّجْلُ والعَيْنُ أَي سَكَنَتْ وسَكَنَ الناسُ بالليل. وهَدَأَ بالمكان: أَقام فسَكَن. ولا أَهْدَأَه اللّه: لا أَسْكَنَ عَناءَهُ ونَصَبَه. وأَتانا وقد هَدَأَتِ العيونُ، وأَتانا هُدُوءاً إِذا جاءَ بعد نَوْمةٍ. وأَتانا بعدَ هُدْءٍ من الليل وهَدْءٍ وهَدْأَةٍ وهَدِيءٍ، فَعِيلٍ، وهُدُوءٍ، فُعولٍ، أَي بعد هَزِيعٍ من الليل، ويكون هذا الأَخير مصدراً وجمعاً، أَي حين سكَن الناسُ. وقد هَدَأَ الليلُ، عن سيبويه، وبعدما هَدَأَ الناسُ أَي ناموا. وقيل: الهَدْءُ من أَوَّله إِلى ثلثه، وذلك ابْتِداءُ سكُونه.
وفي الحديث: إِيَّاكُم والسَّمَرَ بعد هَدْأَةِ الرِّجْل. الهَدْأَةُ والهُدُوءُ: السكون عن الحركات، أَي بعدما يَسْكُنُ الناسُ عن الـمَشْي والاختِلافِ في الطُّرُقِ. وفي حديث سَوادِ بن قارِبٍ: جاءَني بعد هَدْءٍ من الليل أَي بعد طائفةٍ ذهَبَتْ منه.
والهَدْأَةُ: موضع بين مكة والطائِف، سُئل أَهلها لِمَ سُمِّيَتْ
هَدْأَةً، فقالوا: لأَن المطر يُصِيبها بعد هَدْأَةٍ من الليل. والنَّسَبُ إِليه
هَدَوِيٌّ، شاذٌّ من وجهين: أَحدهما تحريك الدال، والآخَر قلب الهمزة واواً. وما له هِدْأَةُ ليلةٍ، عن اللحياني، ولم يفسره. قال ابن سيده: وعندي أَن معناه ما يقُوتُه، فَيُسَكِّنُ جُوعَه أو سَهَرَه أَو هَمَّه.
وهَدَأَ الرَّجُلُ يَهْدَأُ هُدُوءاً: مات. وفي حديث أُم سليم قالت لأَبي طلحة عن ابنها: هو أَهْدَأُ مـما كان أَي أَسْكَنُ؛ كَنَتْ بذلك عن
الموت تَطْيِيباً لِقَلْبِ أَبيِه.
وهَدِئَ هَدَأً، فهو أَهْدَأُ: جَنِئَ. وأَهْدَأَه الضَرْبُ أَو الكِبَرُ.
والهَدَأُ: صِغَرُ السَّنامِ يعتري الإِبل من الحَمْلِ وهو دون الجَبَبِ. والهَدْآءُ من الإِبل: التي هَدِئَ سَنامُها من الحَمْل ولَطَأَ عليه وبَرُه ولم يُجْرَحْ.
والأَهْدَأُ من الـمَناكِب: الذي دَرِمَ أَعْلاه واسْتَرْخَى حَبْلُه.
وقد أَهْدَأَه اللّه.
ومَرَرْتُ برجل هَدْئِك من رجل، عن الزجاجي، والمعروف هَدِّكَ من رجل.
وأَهْدَأْتُ الصبيَّ إِذا جعلت تَضْرِبُ عليه بكَفِّك وتُسَكِّنُه
لِيَنامَ. قال عديّ بن زيد:
شَئِزٌ جَنْبِي كأَنِّي مُهْدَــأ، * جَعَلَ القَيْنُ على الدَّفِّ الإِبَرْ
وأَهْدَأْتُه إِهْدَاءً. الأَزهري: أَهْدَأَتِ المرأَةُ صَبيَّها إِذا قارَبَتْه وسَكَّنَتْه لِيَنام، فهو مُهْدَــأ. وابن الأَعرابي يروي هذا البيت مُهْدَــأ، وهو الصبي الـمُعَلَّلُ لِيَنامَ. ورواه غيره مَهْدَــأً أَي بعد هَدْءٍ من الليل.
ويقال: تركت فلاناً على مُهَيْدِئَتِه أَي على حالَتِه التي كان عليها،
تصغير الـــمَهْدَــأَةِ.
ورجل أَهْدَأُ أَي أَحْدَبُ بَيِّنُ الهَدَإِ. قال الراجز في صفة الرَّاعي:
أَهْدَأُ، يَمْشِي مِشْيةَ الظَّلِيمِ
الأَزهري عن الليث وغيره: الهَدَأُ مصدر الأَهْدَإِ. رجل أَهْدَأُ
وامرأَة هَدْآءُ، وذلك أَن يكون مَنْكِبه منخفضاً مستوياً، أَو يكون مائلاً نحو الصدر غير مُنْتَصِبٍ. يقال مَنْكِبٌ أَهْدَأُ. وقال الأَصمعي: رجل أَهْدَأُ إِذا كان فيه انْحِناءٌ، وهَدِئَ وجَنِئَ إِذا انحنى.
هدد: الهَدُّ: الهَدْمُ الشديد والكسر كحائِط يُهَدُّ بمرَّة
فَيَنْهَدِم؛ هَدَّه يَهُدُّه هَدًّا وهُدُودا؛ قال كثير عزة:
فَلَوْ كان ما بي بالجِبال لَهَدَّها،
وإِن كان في الدُّنيا شَدِيداً هدُوُدُها
الأَصمعي: هَدَّ البِناءَ يَهُدُّه هَدًّا إِذا كسره وضَعْضَعَه. قال:
وسمعت هادًّا أَي سمعت صوت هَدِّهِ. وانهدَّ الحبَلُ أَي انكسر. وهَدَّني
الأَمرُ وهدَّ رُكْني إِذا بلغ منه وكسَره؛ وقول أَبي ذؤيب:
يَقولوا قَدْ رأَيْنا خَيْرَ طِرْفٍ
بِزَقْيَةَ لا يُهَدُّ ولا يَخِيبُ
قال ابن سيده: هو من هذا. وروي عن بعضهم أَنه قال: ما هَدَّني موتُ أَحد
ما هدَّني موتُ الأَقْران. وقولهم: ما هدَّه كذا أَي ما كَسَره كذا.
وهدَّته المصيبةُ أَي أَوهَنَت رُكْنه.
والهَدّة: صوت شديد تسمعه من سقوط ركن أَو حائط أَو ناحية جبل، تقول
منه: هَدَّ يَهِدُّ، بالكسر، هديداً؛ وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه
وسلم، أَنه كان يقول: اللهم إني أَعوذ بك من الهَدِّ والهِدَّة؛ قال أَحمد
بن غياث المروزي: الهَدُّ الهَدْمُ والهَدءة الخُسوف. وفي حديث
الاستسقاء: ثم هَدّتْ ودَرَّتْ؛ الهَدَّةُ صوت ما يقع من السماء، ويروى: هَدَأَتْ
أَي سكنت. وهَدُّ البعير: هَدِيرُه؛ عن اللحياني. والهَدُّ والهَدَدُ:
الصوت الغليظ، والهادُّ: صوت يسمعه أَهل السواحل يأْتيهم من قِبَلِ البحر
له دَوِيٌّ في الأَرض وربما كانت منه الزَّلْزَلةُ، وهَدِيدُه دَوِيُّه؛
وفي التهذيب: ودَوِيُّه هَدِيدُه؛ وأَنشد:
داعٍ شَدِيدُ الصَّوْتُ ذُو هَدِيدِ
وقد هَدَّ يَهِدُّ. وما سمعنا العامَ هادّةً أَي رَعْداً. والهَدُّ من
الرجال: الضعيف البدن، والجمع هَدُّونَ ولا يُكْسَرُ؛ قال العباس بن عبد
المطلب:
ليسوا بِهَدِّينَ في الحُروبِ، إِذا
تُعْقَدُ فَوْقَ الْحراقِفِ النُّطُقُ
وقد هدَّ يَهَدُّ ويَهِدُّ هَدًّا. والأَهَدُّ: الجبان. ويقول الرجل
للرجل إِذا أَوعده: إِني لغيرُ هَدٍّ أَي غيرُ ضعيف. وقال ابن الأَعرابي:
الهَدُّ من الرجال الجَوادُ الكريم، وأَما الجبان الضعيف، فهو الهِدّ،
بالكسر. ابن الأَعرابي: الهَدّ، بفتح الهاء، الرجل القَويّ، قال: وإِذا أَردت
الذم يالضعف قلت: الهِدُّب بالكسر. وقال الأَصمعي: الهَدُّ من الرجال
الضعيف؛ وأَباها ابن الأَعرابي بالفتح. شمر: يقال رجل هدٌّ وهَدادةٌ وقوم
هَدادٌ أَي جُبناء؛ وأَنشد قول أُمية:
فأَدْخَلَهُم على رَبِذٍ يداهُ
بِفعْلِ الخَيْرِ لَيْسَ من الهَدادِ
والهَدِيدُ والفَدِيدُ: الصوتُ.
واسْتَهْدَدْتُ فلاناً أَي اسْتَضْعَفْتُه؛ وقال عدي بن زيد:
لم أَطْلُبِ الخُطَّةَ النَّبِيلَة بالْـ
ـقُوَّةِ، إن يُسْتَهَدَّ طالِبُها
وقال الأَصمعي: يقال للوعيدِ: من ورَاءُ ورَاءُ الفَدِيدُ والهَدِيدُ.
وأَكَمَةٌ هَدُودٌ: صَعْبَةُ المُنْحَدَر. والهَدُودُ: العَقَبةُ
الشاقَّةُ.
والهَدِيدُ: الرجل الطويلُ.
ومررت برجل هَدَّكَ من رجل أَي حَسْبُك، وهو مدح؛ وقيل: معناه
أَثْقَلَكَ وصْف محاسنِه، وفيه لغتان: منهم مَنْ يُجْرِيه مُجْرى المصدر فلا يؤنثه
ولا يثنيه ولا يجمعه، ومنهم من يجعله فِعْلاً فيثنى ويجمع، فيقال: مررت
برجل هَدّكَ من رجل، وبامرأَة هَدَّتْكَ من امرأَة، كقولك كفَاكَ
وكفَتْك؛ وبرجلين هدّاك وبرجال هَدُّوك، وبامرأَتين هَدَّتاك وبِنسوةٍ
هَدَّتَاك؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
ولي صاحبٌ في الغارِ هَدَّكَ صاحِباً
قال: هَدّك صاحباً أَي ما أَجَلَّه ما أَنْبَلَهُ ما أَعلمه، يَصِفُ
ذِئْباً. وفي الحديث: أَن أَبا لهب قال: لَهَدَّ ما يَحَرَكم صاحِبُكُم؛
قال: لَهَدَّ كلمة يتعجب بها؛ يقال: لَهَدَّ الرجلُ أَي ما أَجْلَدَه. غيره:
وفلان يُهَدُّ، على ما لم يُسمّ فاعله، إِذا أُثْنِيَ عَلَيْه بالجَلَد
والقُوّة. ويقال: إِنه لهَدّ الرَّجلُ أَي لَنِعْمَ الرجلُ وذلك إِذا
أُثني عليه بِجَلَدٍ وشدّة، واللام للتأْكيد. ابن سيده: هَدَّ الرجلُ كما
تقول: نِعمَ الرجل.
ومَهْلاً هَدادَيْك أَي تَمَهَّلْ يَكْفِكَ.
والتَّهَدُّدُ والتهْديدُ والتَّهْدادُ: من الوعيد والتخوف. وهُدَدُ:
اسم لملك من ملوكِ حِمْيَر وهو هُدَدُ بن هَمَّال
(* قوله «هدد بن همال»
الذي اقتصر عليه البخاري في التفسير من صحيحه وصاحب القاموس هدد بن بدد.
راجع القسطلاني تقف على الخلاف في ضبط هدد وبدد).
ويروى أَن سليمان بن داود، عليهما السلام، زَوَّجَه بَلْقَه وهي بلقيس
بنت بَلْبَشْرَح
(* قوله «بنت بلبشرح» كذا في الأصل مضبوطاً والذي في
البيضاوي والخطيب بنت شراحيل ولعل في اسمه خلافاً أو أحدهما لقب.) ؛ وقول
العجاج:
سَيْباً ونُعْمى من إِلهٍ في دِرَرْ،
لا عَصْفَ جارٍ هَدَّ جارُ المُعْتَصَرْ
قوله: لا عَصْف جارٍ أَي ليسَ من كسْب جارٍ إنما الله تعالى، ثم قال:
هَدَّ جارُ المعتَصرْ كقولك هَدَّ الرجلُ جَلُدَ الرجل جارُ المُعْتَصَرِ
أَي نِعْم جارُ الملتَجَإِ.
وفي النوادر: يُهَدْهَدُ إِليَّ كذا ويُهَدَّى إِليَّ كذا ويُسَوَّلُ
إِليَّ كذا ويُهَدى لي كذا ويُهَوَّلُ إِليَّ كذا ولي ويُوَسْوَسُ إِليَّ
كذا ويُخَيَّلُ إِليَّ ولي ويُخالُ لي كذا: تفسيره إِذا شَبَّه الإِنسان
في نفسه بالظن ما لم يُثْبِتْه ولم يَعْقِد عليه إِلا التشبيه. وهَدْهَدَ
الطائرُ: قَرْقَر. وكلُّ ما قَرْقَرَ من الطير: هُدْهُدٌ وهُداهِدٌ؛ قالل
الأَزهري: والهُداهِدُ طائر يشبه الخَمان؛ قال الراعي:
كَهُداهِدٍ كَسَرَ الرُّماةُ جَناحَه،
يَدْعُو بقارِعةِ الطَّريقِ هَدِيلا
والجمع هَداهِدُ، بالفتح، وهَداهِيدُ؛ الأَخيرة عن كراع؛ قال ابن سيده:
ولا أَعرف لها وجهاً إِلا أَن يكون الواحد هَدْهاداً. وقال الأَصمعي:
الهُداهِد يعْني به الفاخِتَةُ أَو الدُّبْسِيُّ أَو الوَرَشانُ أَو
الهُدْهُدُ أَو الدُّخَّلُ أَو الأَيْكُ؛ وقال اللحياني: قال الكسائي: إِنما
أَراد الراعي في شعره بِهُداهِدٍ تصغير هُدْهُد فأَنكر الأَصمعي ذلك، قال:
ولا أَعرفه تصغيراً، قال: وإِنما يقال ذلك في كل ما هَدَلَ وهَدَرَ؛ قال
ابن سيده: وهو الصحيح لأَنه ليس فيه ياء تصغير إِلا أَنَّ من العرب من
يقول دُوابَّة وشُوابَّة في دُوَيْبّة وشُوَيْبّة، قال: فعلى هذا إِنما هو
هُدَيْهِدٌ ثم أَبدل الأَلف مكان الياء على ذلك الحدّ، غير أَن الذين
يقولون دُوابَّة لا يجاوزون بناء المدغم. وقال أَبو حنيفة: الهُدهُدُ
والهُداهِد الكثيرُ الهَديرِ من الحمام. وفَحْلٌ هُداهدٌ: كثير الهَدْهَدَةِ
يَهْدِرُ في الإِبل ولا يَقْرَعُها؛ قال:
فَحَسْبُكَ مِنْ هُداهِدَةٍ وزَغْدِ
جعله اسماً للمصدر وقد يكون على الحذف أَي من هَدِيد هُداهِد أَوْ
هَدْهَدَةِ هُداهِدٍ.
الجوهري: وهَدْهَدَةُ الحَمامِ إِذا سمعت دَوِيَّ هَدِيرِه، والفحل
يُهَدْهِدُ في هَدِيرِه هَدْهَدة، وجمع الهَدْهَدَةِ هَداهِدُ؛ قال
الشاعر:يَتْبَعْنَ ذا هَداهِدٍ عَجَنَّسا
مُواصِلا قُفّاً، ورَمْلا أَدْهَسَا
والهُدْهُدُ: طائر معروف، وهو مما يُقَرْقِرُ، وهَدْهَدَتُه: صوته،
والهُداهِدُ مثله؛ وأَنشد بيت الراعي أَيضاً:
كَهُداهِدٍ كَسَرَ الرُّماةُ جنَاحَه،
يَدْعُو بقارعةِ الطَّرِيقِ هَدِيلا
قال ابن بري: الهَدِيل صوته، وانتصابه على المصدر على تقدير يَهْدِلِ
هَديلاً لأَنَّ يَدْعو يدل عليه، والمُشَيَّهُ بالهدهد الذي كُسِرَ
جَناحُه، هو رجل أَخذ المُصَدِّقُ إِبله بدليل قوله في البيت قبله:
أَخَذوا حَمُولَته فأَصبَحَ قاعِداً،
لا يَسْتَطِيعُ عن الدِّيارِ حَوِيلا
يَدْعُو أَميرَ المؤمِنِينَ، ودونَه
خَرْقٌ تَجُرُّ به الرِّياحُ ذُيُولا
قال ابن سيده: وبيت ابن أَحمر:
ثم اقْتَحَمْتُ مُناجِداً ولَزِمْتُه،
وفؤَادُه زَجِل كعَزْفِ الهُدْهُدِ
يروى: كعَزْفِ الهُدْهُد، وكعَزْف الهَدْهَد، فالهُدهُدُ: ما تقدم،
والهَدْهَدُ قيل في تفسيره: أَصواتُ الجنِّ ولا واحد له.
وهَدْهَدَ الشيءَ مِنْ عُلْوٍ إِلى سُفْلٍ: حَدَرَه. وهَدْهَدَهُ:
حرَّكه كما يُهِدْهَدُ الصبيُّ في الــمَهْدِ. وهَدْهَدَت المرأَةُ ابنها أَي
حرَّكَتْه لِينام، وهي الهَدْهَدَةُ. وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه
وسلم، أَنه قال: جاء شيطان فَحَمَلَ بلالاً فجعل يُهَدْهِدُه كما
يُهَدْهَدُ الصبيُّ؛ وذلك حين نام عن إَِيقاظه القَوْمَ للصلاة. والهَدْهَدَةُ:
تحريك الأُم ولدها لينام.
وهُداهِد: حي من اليمن. وهَدْهادٌ: اسم. وهَداد: حَيٌّ من اليمن.