(الــمنقل) الْخُف وَيُقَال فرس منقل سريع نقل القوائم
(الــمنقل) الْخُف وَيُقَال فرس منقل سريع نقل القوائم
نقل: النَّقْلُ: تحويلُ الشيء من موضع إِلى موضع، نَقَله يَنْقُله
نَقْلاً فانتَقَل. والتَّنَقُّل: التحوُّل. ونَقَّله تَنْقِيلاً إِذا أَكثر
نقله. وفي حديث أُم زرع: لا سَمِين فيَنْتَقِل أَي ينقُله الناس إِلى
بيوتهم فيأْكلونه. والنُّقْلة: الاسم من انتِقال القوم من موضع إِلى موضع،
وهمزة النَّقْل التي تَنْقُل غير المتعدِّي إِلى المتعدِّي كقولك قام
وأَقَمْتُه، وكذلك تشديدُ النَّقْل هو التضعيفُ الذي يَنْقُل غير المتعدي إِلى
المتعدي كقولك غَرِم وغَرَّمْتُه وفَرِح وفَرَّحْته. والنُّقْلة:
الانتِقال. والنُّقْلة: النمِيمةُ تنْقُلها. والناقِلةُ من نَواقِل الدهر: التي
تنقُل قوماً من حال إِلى حال. والنَّواقِلُ من الخَراج: ما يُنْقَل من
قرية إِلى أُخرى. والنواقِلُ: قَبائل تَنتَقِل من قوم إِلى قوم. والناقِلةُ
من الناس: خلافُ القُطَّان. والناقِلةُ: قبيلةٌ تنتقل إِلى أُخرى.
التهذيب: نَواقِل العرب من انتقَل من قبيلة إِلى قبيلة أُخرى فانتَمى إِليها.
والنَّقلُ: سرعة نَقْل القوائم. وفرس مِنْقَل أَي ذو نَقَل وذو نِقال.
وفرس مِنْقَل ونَقَّال ومُناقِل: سريع نَقْل القوائم، وإِنه لذو نَقِيل.
والتَّنْقِيل: مثل النَّقَل؛ قال كعب:
لهنّ، من بعدُ، إِرْقالٌ وتَنْقِيلُ
والنَّقِيلُ: ضرب من السير وهو المُداومة عليه. ويقال: انتَقَل سار
سيراً سريعاً؛ قال الراجز:
لو طَلَبونا وجَدُونا نَنْتَقِلْ،
مثلَ انْتِقال نَفَرٍ على إِبِلْ
وقد ناقَلَ مُناقلةً ونِقالاً، وقيل: النِّقالُ الرَّدَيان وهو بين
العدْو والخَبَبِ. والفرس يُناقِل في جَرْيه إِذا اتَّقى في عَدْوه الحجارة.
ومُناقَلةُ الفرس: أَن يضع يدَه ورجله على غير حجَر لحسْن نَقْلِه في
الحجارة؛ قال جرير:
من كل مُشْتَرِفٍ، وإِن بَعُدَ المَدى،
ضَرِمِ الرَّقاقِ مُناقِلِ الأَجْرالِ
وأَرض جَرِلةٌ: ذاتُ جَراوِل وغِلظ وحجارة.
والــمُنَقِّلــة، بكسر القاف، من الشِّجاج: التي تُنَقِّل العظم أَي تكسره
حتى يخرج منها فَراشُ العِظام، وهي قُشور تكون على العَظْم دون اللحم.
ابن الأَعرابي: شَجَّة مُنَقِّلــة بَيِّنة التَّنْقيل، وهي التي تخرج منها
كِسَرُ العِظام، وورد ذكرها في الحديث قال: وهي التي يخرج منها صِغار
العِظام وتنتَقِل عن أَماكنها، وقيل: هي التي تُنَقِّل العظم أَي تكسره، وقال
عبد الوهاب بن جَنْبة: الــمنقِّلــة التي تُوضِح العظم من أَحد الجانبين
ولا توضِحه من الجانب الآخر، وسميت منقِّلــة لأَنها تَنْقُل جانِبَها الذي
أَوْضَحَتْ عظمَه بالمِرْوَد، والتَّنْقِيل: أَن ينقل بالمِرْوَد ليسمع
صوت العظم لأَنه خفي، فإِذا سمع صوت العظم كان أَكثر لنَذْرِها وكانت مثلَ
نصف المُوضِحة؛ قال الأَزهري: وكلام الفقهاء هو أَول ما ذكرناه من أَنها
التي تنقِّل فَراشَ العِظام، وهو حكاية أَبي عبيد عن الأَصمعي، وهو
الصواب؛ قال ابن بري: المشهور الأَكثر عند أَهل اللغة الــمنقلــة، بفتح
القاف.والــمَنْقَلــةُ: المَرْحلة من مَراحل السفر. والمَناقِل: المَراحِل.
والــمَنْقَلُ: الطريق في الجبل. والــمَنْقَل: طريق مختصَر. والنَّقْل:
الطريق المختصر. والنَّقَل: الحجارة كالأَثافِيِّ والأَفْهار، وقيل: هي
الحجارة الصِّغار، وقيل: هو ما يبقى من الحجر إِذا اقتُلِع، وقيل: هو ما بقي
من الحجارة إِذا قُلِع جبَل ونحوه، وقيل: هو ما يبقى من حجَر الحِصْن أَو
البيت إِذا هُدِم، وقيل: هو الحجارة مع الشجر. وفي الحديث: كان على قبر
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، النَّقَل؛ هو بفتحتين صِغار الحجارة
أَشباه الأَثافيّ، فَعَلٌ بمعنى مفعول أَي مَنْقول. ونَقِلَتْ أَرضُنا فهي
نَقِلة: كثر نَقَلُها؛ قال:
مَشْيَ الجُمَعْلِيلةِ بالحَرْفِ النَّقِلْ
ويروى: بالجُرْف، بالجيم. وأَرضَ مَنْقَلــة: ذاتُ نَقَل. ومكان نَقِلٌ،
بالكسر على النسب، أَي حَزْنٌ. وأَرض نَقِلةٌ: فيها حجارة، والحجارةُ التي
تَنْقُلُها قوائمُ الدابة من موضع إِلى موضع نَقِيلٌ؛ قال جرير:
يُناقِلْنَ النَّقِيلَ، وهُنّ خُوصٌ
بغُبْر البِيد خاشعةِ الخُرومِ
وقيل: يَنْقُلْن نَقِيلَهنّ أَي نِعالَهنّ. والنَّقْلةُ والنَّقْلُ
والنِّقْلُ والنَّقَلُ: النعل الخَلَقُ أَو الخفُّ، والجمع أَنْقال ونِقال؛
قال:
فصَبَّحَتْ أَرْعَلَ كالنِّقالِ
يعني نباتاً مُتهَدِّلاً من نَعْمته، شبَّهه في تَهَدُّله بالنعْل
الخَلَق التي يجرُّها لابسها. والــمَنْقَلــةُ: كالنَّقْلِ.
والنَّقائلُ: رِقاعُ النَّعل والخُفِّ، واحدتها نَقِيلة. والنَّقِيلة
أَيضاً: الرُّقْعة التي يُنْقَل بها خفُّ البعير من أَسفله إِذا حَفِيَ
ويُرْقَع، والجمع نَقائِل ونَقِيلٌ. وقد نَقَلَه وأَنْقَل الخُفَّ والنعلَ
ونَقَله ونَقَّله: أَصلحه، ونعل مُنَقَّلــة. قال الأَصمعي: فإِن كانت النعل
خلَقاً قيل نِقْل، وجمعه أَنْقال. وقال شمر: يقال نَقَلٌ ونِقْلٌ، وقال
أَبو الهيثم: نعل نَقْلٌ. وفي حديث ابن مسعود: ما مِنْ مُصَلًّى لامرأَة
أَفضَل من أَشدّ مكاناً في بيتها ظُلمةً إِلاَّ امرأَة قد يَئِسَتْ من
البُعُولة فهي في مَنْقَلِــها؛ قال الأُموي: الــمَنْقَل الخفّ؛ وأَنشد
للكميت:وكان الأَباطِحُ مِثْلَ الأَرِينِ،
وشُبِّه بالحِفْوَةِ الــمَنْقَلُ
أَي يُصيب صاحبَ الخُفِّ ما يُصيب الحافي من الرَّمْضاءِ؛ قال أَبو
عبيد: ولولا أَن الرواية في الحديث والشعر اتَّفقا على فتح الميم ما كان وجه
الكلام في الــمَنْقَل إِلاَّ كسر الميم. وقال ابنُ بُزُرْج: الــمَنْقَلُ في
شعر لبيد الثَّنِيَّة، قال: وكل طريق مَنْقَل؛ وأَنشد:
كَلاَّ ولا، ثم انْتَعَلْنا الــمَنْقَلــا
قِتْلَيْن منها: ناقةً وجَمَلا،
عَيْرانةً وماطِلِيّاً أَفْتَلا
قال: ويقال للخفين الــمَنْقَلــان، وللنَّعْلين الــمَنْقَلــان. ابن
الأَعرابي: يقال للخف المَنْدَل والــمِنْقَل، بكسر الميم. قال ابن بري في كتاب
الرَّمَكِيِّ بخط أَبي سهل الهرَوي: في نص حديث ابن مسعود: من أَشد مكانٍ،
بالخفض، وهو الصحيح. الفراء: نَعْلٌ مُنَقَّلــة مطرَّقة، فالــمُنَقَّلــة
المرقوعة، والمُطَرَّقة التي أُطبق عليها أُخرى. وقال نُصير لأَعرابي: ارْقَع
نَقْلَيْك أَي نَعْلَيْك. الجوهري: يقال جاء في نَقْلَيْن له ونِقْلَيْن
له. ونَقَل الثوبَ نَقْلاً: رَقَعه.
والنِّقْلة: المرأَة تُتْرَك فلا تخطب لكِبَرها.
والنَّقِيلُ: الغريب في القوم إِن رافَقهم أَو جاوَرهم، والأُنثى
نَقِيلة ونَقِيل؛ قال وزعموا أَنه للخنساء:
تركْتَني وَسْطَ بَني عَلَّةٍ،
كأَنَّني بعْدَك فيهم نَقِيلْ
ويقال: رجل نَقِيل إِذا كان في قوم ليس منهم. ويقال للرجل: إِنه ابن
نَقِيلة ليست من القوم أَي غريبة.
ونَقَلةُ الوادي: صوتُ سَيْله، يقال: سمعت نَقَلة الوادي وهو صوت السيل.
والنَّقيل: الأَتيُّ وهو السيل الذي يجيء من أَرض مُطِرَت إِلى أَرض لم
تمطَر؛ حكاه أَبو حنيفة.
والنَّقَل في البعير: داء يصيب خفَّه فيتخَرَّق. والنَّقِيلُ: الطريق،
وكل طريق نَقِيل؛ قال ابن بري: وأَنشد أَبو عمرو:
لمَّا رأَيت بسُحْرة إِلْحاحها،
أَلْزَمْتها ثَكَمَ النَّقِيل اللاحِب
النَّقِيلُ: الطريق، وثَكَمُه وسطُه، وإِلْحاحُ الدابة وقوفُها على
أَهلها لا تبرح. والنَّقَلُ: مراجعة الكلام في صَخَب؛ قال لبيد:
ولقد يعلَم صحْبي كلُّهم،
بِعَِدانِ السَّيفِ، صَبْري ونَقَلْ
أَبو عبيد: النَّقَل المُناقَلة في المنطِق. وناقَلْتَ فلاناً الحديثَ
إِذا حدَّثته وحدَّثك. ورجل نَقِلٌ: حاضر المنطِق والجواب، وأَنشد للبيد
هذا البيت أَيضاً: صَبْرِي ونَقَلْ.
وقد ناقَله. وتَناقل القومُ الكلامَ بينهم: تنازَعوه؛ فأَما ما أَنشده
ابن الأَعرابي من قول الشاعر:
كانت إِذا غَضِبتْ عليَّ تطلَّمتْ،
وإِذا طَلَبْتُ كلامَها لم تَنْقَل
(* قوله «تطلمت» هكذا في الأصل والمحكم بالطاء المهملة).
قال ابن سيده: فقد يكون من النَّقَل الذي هو حضور المنطِق والجواب، قال:
غير أَنَّا لم نسمع نَقِل الرجل إِذا جاوَب، وإِنما نَقِلٌ عندنا على
النسب لا على الفعل، إِلاَّ أَن نجهل ما علم غيرُنا فقد يجوز أَن تكون
العرب قالت ذلك إِلاَّ أَنه لم يبلغنا نحن، قال: وقد يكون تَنْقَل تَنْفَعِل
من القَوْل كقولك لم تَنْقَد من الانقياد، غير أَنَّا لم نسمعهم قالوا
انْقالَ الرجلُ على شَكْل انْقادَ، قال: وعسى أَن يكون ذلك مَقُولاً أَيضاً
إِلاَّ أَنه لم يصل إِلينا، قال: والأَسبق إِليَّ أَنه من النَّقَل الذي
هو الجواب لأَن ابن الأَعرابي لمَّا فسره قال: معناه لم تُجاوِبني.
والنَّقْل: ما يَعْبَث به الشارب على شَرابه، وروى الأَزهري عن المنذري
عن أَبي العباس أَنه قال: النَّقْل الذي يُتَنَقَّل به على الشَّراب، لا
يقال إِلاّ بفتح النون. الجوهري: والنُّقْل، بالضم، ما يُتَنَقَّل به على
الشراب، وفي بقيَّة النسخ: النَّقْل، بالفتح. وحكى ابن بري عن ابن
خالويه قال: النَّقْل بفتح النون الانْتقال على النبيذ، والعامة تضمُّه. وقال
ابن دريد: النَّقَل، بفتح النون والقاف، الذي يُتنقَّل به على الشراب.
والنَّقَل: المُجادلة. وأَرض ذات نَقَل أَي ذات حجارة؛ قال: ومنه قول
القَتَّال الكلابي:
بَكْرِيُّه يَعْثُرُ في النِّقال
وقول الأَعشى:
غَدَوْتُ عليها، قُبَيْلَ الشُّرو
قِ، إِمَّا نِقالاً وإِمَّا اغْتِمارا
قال بعضهم: النِّقال مُناقَلة الأَقْداح. يقال: شَهِدت نِقالَ بني فلان
أَي مجلِس شَرابهم. وناقَلْت فلاناً أَي نازعته الشرابَ.
والنِّقال: نصالٌ عريضة قصيرة من نِصال السهام، واحدتها نَقْلة، يمانية.
والنَّقَل، بالتحريك، من رِيشات السهام: ما كان على سهم آخر. الجوهري:
النَّقَل، بالتحريك، الريشُ يُنْقَل من سهم فيجعل على سهم آخر؛ يقال: لا
تَرِشْ سهمي بِنَقَل، بفتح القاف؛ قال الكميت يصف صائداً وسهامه:
وأَقدُحٌ كالظُّبَات أَنْصُلُها،
لا نَقَلٌ رِيشُها ولا لَغَبُ
الجوهري: والأَنْقِلاءُ ضرب من التمر بالشام. والنِّقالُ أَيضاً: أَن
تشرَب الإِبل نَهَلاً وعَلَلاً بنفسها من غير أَحد، يقال: فرس مِنْقَل وقد
نَقَلْتها أَنا؛ وقال عدي بن
زيد يصف فرساً:
فَنَقَلْنا صَنْعَه حتى شَتَا
ناعِمَ البال، لَجُوجاً في السَّنَنْ
صَنْعه: حُسْن القيام عليه، والسَّنَن: اسْتِنانُه ونَشاطُه.
وا: الواو: من حروف المُعْجم، وَوَوٌ حرفُ هجاء
(* قوله « ووو حرف هجاء»
ليست الواو للعطف كما زعم المجد بل لغة أَيضاً فيقال ووو ويقال واو،
انظر شرح القاموس.)
واوٌ: حرف هجاء، وهي مؤلفة من واو وياء وواو، وهي حرف مهجور يكون أَصلاً
وبدلاً وزائداً، فالأَصل نحو وَرَلٍ وسَوْطٍ ودَلْوٍ، وتبدل من ثلاثة
أَحرف وهي الهمزة والأَلف والياء، فأَما إبدالها من الهمزة فعلى ثلاثة
أَضرب: أَحدها أَن تكون الهمزة أَصلاً، والآخر أَن تكون بدلاً، والآخر أَن
تكون زائداً، أَمَّا إبدالها منها وهي أَصل فأَن تكون الهمزة مفتوحة وقبلها
ضمة، فمتى آثرت تخفيف الهمزة قلبتها واواً، وذلك نحو قولك في جُؤَنٍ
جُوَن، وفي تخفيف هو يَضْرِبُ أَباكَ يَضْرِبُ وَباك، فالواو هنا مُخَلَّصةٌ
وليس فيها شيء من بقية الهمزة المُبْدَلِة، فقولهم في يَمْلِكُ أَحَدَ
عَشَرَ هو يَمْلِكُ وَحَدَ عَشَرَ، وفي يَضْرِبُ أَباهُ يَضْرِبُ وَباه،
وذلك أَن الهمزة في أَحدَ وأَباهُ بدل من واو، وقد أُبْدِلت الواو من همزة
التأْنيث المُبْدَلة من الأَلف في نحو حَمْراوانِ وَصَحْراواتٍ
وصَفْراوِيٍّ، وأَما إبدالُها من الهمزة الزائدة فقولك في تخفيف هذا غلامُ
أَحْمَدَ: هذا غلامُ وَحْمَدَ، وهو مُكْرِمُ أَصْرَمَ: هو مُكْرِمُ وَصْرَمَ،
وأَما إبدال الواو من الأَلف أَصليةً فقولك في تثنية إلى وَلَدَى وإذا
أَسماء رجال: إلَوانِ ولَدَوانِ وإذَ وانِ؛ وتحقيرها وُوَيَّةٌ. ويقال: واو
مُوَأْوَأَةٌ، وهمزوها كراهَةَ اتِّصالِ الواواتِ والياءَات، وقد قالوا
مُواواةٌ، قال: هذا قول صاحب العين، وقد خرجت واوٌ بدليل التصريف إلى
أَنَّ في الكلام مثل وَعَوْتُ الذي نفاه سيبويه، لأن أَلف واو لا تكون إلا
منقلــبةً كما أَنّ كل أَلف على هذه الصُّورة لا تكون إلا كذلك، وإذا كانت
مُنْقَلِــبة فلا تخلو من أَن تكون عن الواو أَو عن الياء إذ لولا همزها فلا
تكون
(*قوله «إذ لولا همزها فلا تكون إلخ» كذا بالأصل ورمز له في هامشه
بعلامة وقفة.) عن الواو، لأنه إن كان كذلك كانت حروف الكلمة واحدة ولا
نعلم ذلك في الكلام البتة إلا بَبَّة وما عُرِّب كالكَكّ، فإذا بَطلَ
انْقِلابها عن الواو ثبت أَنه عن الياء فخرج إلى باب وعَوْت على الشذوذ. وحكى
ثعلب: وَوَّيْت واواً حَسَنة عَمِلتها، فإِن صح هذا جاز أَن تكون الكلمة
من واو وواو وياء، وجاز أَن تكون من واو وواو وواو، فكان الحكم على هذا
وَوَّوْتُ، غير أَن مُجاوزةَ الثلاثة قلبت الواوَ الأَخيرة ياء وحملها
أَبو الحسن الأَخفش على أَنها مُنْقَلِــبةٌ من واو، واستدلَّ على ذلك بتفخيم
العرب إِيَّاها وأَنه لم تُسْمَع الإِمالةُ فيها، فقَضَى لذلك بأَنها من
الواو وجعل حروف الكلمة كلها واوات، قال ابن جني: ورأَيت أَبا علي يُنكر
هذا القول ويَذْهب إلى أَنَّ الأَلف فيها منقلــبة عن ياء، واعتمد ذلك على
أَنه إن جَعَلَها من الواو كانت العين والفاء واللامُ كلها لفظاً
واحداً؛ قال أَبو علي: وهو غير موجود؛ قال ابن جني: فعدل إلى القَضاء بأَنها من
الياء، قال: ولست أَرَى بما أَنْكَره أَبو عليّ على أَبي الحسن بأْساً،
وذلك أَنَّ أَبا عليّ، وإن كان كره ذلك لئلا تَصِيرَ حُروفُه كلُّها
واواتٍ، فإِنه إِذا قَضَى بأَنَّ الأَلف من ياء لتَخْتَلِف الحروف فقد حَصَل
بعد ذلك معه لفظ لا نظير له، أَلا ترى أَنه ليس في الكلام حرف فاؤه واو
ولامه واو إلاَّ قولنا واو؟ فإِذا كان قضاؤه بأَنَّ الأَلف من ياء لا
يخرجه من أَن يكون الحرف فَذًّا لا نظيرَ له، فقضاؤه بأَنَّ العينَ واوٌ
أَيضاً ليس بمُنْكَر، ويُعَضِّدُ ذلك أَيضاً شيئان: أَحدهما ما وصَّى به
سيبويه من أَنَّ الأَلف إذا كانت في موضع العين فأَنْ تكونَ منقلــبةً عن الواو
أَكثرُ من أَن تكون منقلــبةً عن الياء، والآخر ما حكاه أَبو الحسن من
أَنه لم يُسْمَعْ عنهم فيها الإمالةُ، وهذا أَيضاً يؤكِّدُ أَنها من الواو،
قال: ولأَبي علي أَن يقولَ مُنْتَصِراً لكَوْنِ الأَلف عن ياء إنَّ الذي
ذَهَبْتُ أنا إليه أَسْوَغُ وأَقَلُّ فُحْشاً ممَّا ذهَبَ إليه أَبو
الحسنِ، وذلك أَنِّي وإنْ قَضَيْتُ بأَنَّ الفاء واللام واوان، وكان هذا مما
لا نظير له، فإني قد رأَيت العرب جعَلَتِ الفاء واللام من لفظ واحد
كثيراً، وذلك نحو سَلَسٍ وقَلَقٍ وحِرْحٍ ودَعْدٍ وفَيْفٍ، فهذا وإن لم يكن
فيه واو فإِنا وجدنا فاءه ولامه من لفظ واحد. وقالوا أَيضاً في الياء التي
هي أُخت الواو: يَدَيْتُ إِليه يداً، ولم نَرَهم جعلوا الفاء واللام
جميعاً من موضع واحد لا من واو ولا من غيرها، قال: فقد دخل أَبو الحسن معي في
أَن أَعترف بأَنَّ الفاء واللام واوان، إذ لم يجد بُدًّا من الاعتراف
بذلك، كما أَجده أَنا، ثم إِنه زاد عَمَّا ذَهَبْنا إِليه جميعاً شيئاً لا
نظير له في حَرْف من الكلام البتة، وهو جَعْلُه الفاء والعين واللام من
موضع واحد؛ فأَمَّا ما أَنشده أَبو علي من قول هند بنت أَبي سفيان
تُرَقِّصُ ابنَها عبدَ الله بنَ الحَرث:
لأُنْكِحَنَّ بَبِّهْ
جارِيةً خِدَبَّهْ
فإِنما بَبِّهْ حكاية الصوت الذي كانت تُرَقِّصُه عليه، وليس باسم،
وإِنما هو لَقَبٌ كقَبْ لصوت وَقْع السَّيْف، وطِيخِ للضَّحِك، ودَدِدْ
(*
قوله« وددد» كذا في الأصل مضبوطاً.) لصوت الشيء يَتَدَحْرَجُ، فإِنما هذه
أَصواتٌ ليست تُوزَنُ ولا تُمَثَّلُ بالفعل بمنزلة صَه ومَهْ ونحوهما؛
قال ابن جني: فلأَجْل ما ذكرناه من الاحتجاج لمذهب أَبي علي تَعادَلَ عندنا
المَذْهبان أَو قَرُبا من التَّعادُلِ، ولو جَمَعْتَ واواً على أَفعالٍ
لقلتَ في قول مَنْ جعل أَلِفَها منقلــبةً من واو أَوَّاءٌ، وأَصلها
أَوَّاوٌ، فلما وقعت الواو طَرَفاً بعد أَلف زائدة قُلبت ألفا، ثم قلبت تلك
الأَلفُ هَمْزةً كما قلنا في أَبْنَاء وأَسْماء وأَعْداء، وإِنْ جَمَعها على
أَفْعُلٍ قال في جمعها أَوٍّ، وأَصلها أَوْوُوٌ، فلما وقعت الواوُ
طرَفاً مضموماً ما قَبْلَها أَبْدَلَ من الضمة كَسْرةً ومن الواو ياءً، وقال
أَوٍّ كأَدْلٍ وأَحْقٍ، ومن كانت أَلفُ واو عنده مِن ياء قال إِذا جمَعَها
على أَفْعال أَيَّاءً، وأَصلها عنده أَوْياءٌ، فلما اجتمعت الواو والياء
وسَبَقَتِ الواوُ بالسكون قُلبت الواوُ ياء وأُدْغِمت في الياء التي
بعدها، فصارت أَيَّاء كما ترى، وإن جمعَها على أَفْعُل قال أَيٍّ وأَصلها
أَوْيُوٌ، فلما اجتمعت الواو والياء وسَبَقت الواوُ بالسكون قُلِبت الواو
ياء وأُدغمت الأُولى في الثانية فصارت أَيُّوٌ، فلما وقعت الواو طرَفاً
مضموماً ما قبلها أُبْدِلت من الضمة كسرة ومن الواو ياء، على ما ذكرناه
الآنَ، فصار التقدير أَيْيِيٌ فلما اجتمعَت ثَلاثُ ياءَاتٍ، والوُسْطَى منهن
مكسورة، حُذفت الياء الأَخيرة كما حذفت في تَحْقِير أَحْوَى أُحَيٍّ
وأَعْيا أُعَيٍّ، فكذلك قلت أَنت أَيضاً أَيٍّ كأَدْلٍ. وحكى ثعلب أَن بعضهم
يقول: أَوَّيْتُ واواً حَسَنةً، يجعل الواو الأُولى هَمزةً لاجتماع
الواوات. قال ابن جني: وتُبْدَلُ الواو من الباء في القَسَم لأَمْرَيْنِ:
أَحدهما مُضارَعَتُها إِياها لفظاً، والآخر مُضارَعَتُها إِيَّاها مَعْنًى،
أَما اللفظ فلأنّ الباء من الشفة كما أَنَّ الواو كذلك، وأَما المعنى
فلأَنَّ الباء للإِلصاق والواوَ للاجتماع، والشيءُ إِذا لاصَقَ الشيءَ فقد
اجتمع معه. قال الكسائي: ما كان من الحُرُوف على ثلاثة أَحْرُفٍ وسَطُه
أَلف ففي فِعْلِه لغتان الواو والياء كقولك دَوَّلْت دالاً وقَوَّفْتُ
قافاً أَي كَتَبْتها، إِلا الواو فإِنها بالياء لا غير لكثرة الواوات، تقول
فيها وَيَّيْتُ واواً حَسَنةً، وغير الكسائي يقول: أَوَّيْتُ أَوْ
وَوَّيْتُ، وقال الكسائي: تقول العرب كلِمةٌ مُؤَوَّاةٌ مثل مُعَوّاةٍ أَي
مَبْنِيَّةٌ من بناتِ الواو، وقال غيره: كلمة مُوَيَّاةٌ من بنات الواو، وكلمة
مُيَوّاةٌ من بنات الياء، وإِذا صَغَّرْتَ الواو قُلتَ أُوَيَّةٌ.
ويقال: هذه قصيدة واوِيَّةٌ إِذا كانت على الواو، قال الخليل: وجدْتُ كلَّ واو
وياء في الهجاء لا تعتمد على شيء بعدها ترجع في التصريف إِلى الياء نحو
يَا وفَا وطَا ونحوه، والله أَعلم. التهذيب: الواو
(* قوله« التهذيب
الواو إلخ» كذا بالأصل.) معناها في العَطْفِ وغَيْرِه فعل الأَلف مهموزة
وساكنة فعل الياء. الجوهري: الواو من حروف العطف تجمع الشيئين ولا تدلُّ على
الترتيب، ويدخل عليها أَلف الاستفهام كقوله تعالى: أَوَعَجِبْتُم أَنْ
جاءَكم ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكم على رَجُل؛ كما تقول أَفَعَجِبْتُم؛ وقد تكون
بمعنى مَعْ لما بينهما من المناسبة لأَن مَع للمصاحبة كقول النبي، صلى
الله عليه وسلم: بُعِثْتُ أنا والساعةَ كهاتَيْنِ، وأَشار إِلى السَّبَّابةِ
والإِبْهام، أَي مَع الساعةِ؛ قال ابن بري: صوابه وأَشار إِلى
السبَّابةِ والوُسْطَى، قال: وكذلك جاء في الحديث؛ وقد تكون الواو للحال كقولهم:
قُمْتُ وأَصُكُّ وجْهَه أَي قمتُ صاكًّا وجْهَه، وكقولك: قُمتُ والناسُ
قُعودٌ، وقد يُقْسَمُ بها تقول: واللهِ لقد كان كذا، وهو بَدَلٌ من الباء
وإِنما أُبْدِل منه لقُربه منه في المَخرج إِذ كان من حروف الشَّفة، ولا
يَتجاوَزُ الأَسماءَ المُظْهَرةَ نحو والله وحَياتِك وأَبيك؛ وقد تكون
الواو ضمير جماعة المذكَّر في قولك فعَلُوا ويَفْعَلُون وافْعَلُوا؛ وقد
تكون الواو زائدة؛ قال الأَصمعي: قلت لأَبي عمرو قولهم رَبَّنا ولكَ الحمدُ
فقال: يقول الرجل للرجل بِعْني هذا الثوبَ فيقول وهو لك وأَظنه أَراد هو
لك؛ وأَنشد الأَخفش:
فإِذا وذلِك، يا كُبَيْشةُ، لَمْ يَكُنْ
إِلاَّ كَلَمَّةِ حالِمِ بخَيالِ
كأَنه قال: فإِذا ذلك لم يكنْ؛ وقال زهير بن أَبي سُلْمى:
قِفْ بالدِّيارِ التي لم يَعْفُها القِدَمُ
بَلى، وغَيَّرَها الأَرْواحُ والدِّيَمُ
يريد: بلى غَيَّرَها. وقوله تعالى: حتى إِذا جاؤُوها وفُتِحَتْ
أَبوابها؛ فقد يجوز أَن تكون الواو هنا زائدة؛ قال ابن بري: ومثل هذا لأَبي كَبير
الهُذلي عن الأَخفش أَيضاً:
فإِذا وذلِكَ ليسَ إِلاَّ ذِكْرَه،
وإِذا مَضى شيءٌ كأَنْ لم يُفْعَلِ
قال: وقد ذَكر بعضُ أَهلِ العلم أَنَّ الواوَ زائدةٌ في قوله تعالى:
وأَوْحَيْنا إِليه لَتُنَبِّئَنَّهم بأَمرهم هذا؛ لأَنه جواب لَمَّا في
قوله: فلمَّا ذَهَبُوا به وأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوه في غَيابَةِ
الجُبِّ.التهذيب: الواواتُ لها مَعانٍ مختلفة لكل معنًى منها اسم يُعْرَفُ به:
فمنها واوُ الجمع كقولك ضَرَبُوا ويَضْرِبُون وفي الأَسماء المُسْلِمون
والصالحون؛ ومنها واو العطف والفرقُ بينها وبين الفاءِ في المعطوف أَو
الواو يُعْطَفُ بها جملة على جملةٍ ،لا تدلُّ على الترتيب في تَقْديم
المُقَدَّمِ ذِكْرُه على المؤخَّر ذكره، وأَما الفراء فإِنه يُوَصِّلُ بها ما
بَعْدَها بالذي قبلها والمُقَدَّمُ هو الأَوَّل، وقال الفراء: إِذا قلتَ
زُرْتُ عبدَ اللهِ وزيْداً فأَيَّهُما شئت كان هو المبتدأَ بالزيارة، وإِن
قلتَ زُرْتُ عبدَ الله فزَيْداً كان الأَولُ هو الأَولَ والآخِرُ هو
الآخِر؛ ومنها واو القَسم تَخْفِضُ ما بَعْدَها، وفي التنزيل العزيز:
والطُّورِ وكِتابٍ مَسْطُور؛ فالواو التي في الطُّور هي واو القَسَمِ، والواوُ
التي هي في وكتابٍ مسْطورٍ هي واوُ العَطف، أَلا ترى أَنه لو عُطِف بالفاء
كان جائزاً والفاء لا يُقْسَم بها كقوله تعالى: والذَّارِياتِ ذَرْواً
فالحامِلاتِ وِقْراً؛ غير أَنه إِذا كان بالفاء فهو مُتَّصِلٌ باليمين
الأُولى، وإِن كان بالواو فهو شيء آخَرُ أُقْسِمَ به؛ ومنها واوُ
الاسْتِنْكارِ، إِذا قلت: جاءَني الحَسَنُ، قال المُسْتَنْكِرُ أَلحَسَنُوهْ، وإِذا
قلت: جاءَني عَمرو، قال: أَعْمْرُوهْ، يَمُدُّ بواو والهاء للوقفة؛
ومنها واو الصِّلة في القَوافي كقوله:
قِفْ بالدِّيار التي لم يَعْفُها القِدَمُو
فَوُصِلَتْ ضَمَّةُ المِيمِ بواو تَمَّ بها وزن البيت؛ ومنها واوُ
الإِشْباع مثل قولهم البُرْقُوعُ والمُعْلُوقُ، والعرب تصل الضمة بالواو. وحكى
الفراء: أَنْظُور، في موضع أَنْظُر؛ وأَنشد:
لَوْ أَنَّ عَمْراً هَمَّ أَن يَرْقُودا
فانْهَضْ، فشُدَّ المِئْزَرَ المَعْقُودا
أَراد: أَن يَرْقُدَ فأَشْبَعَ الضمةَ ووصَلَها بالواو ونَصَب يَرْقُود
على ما يُنْصَبُ به الفعلُ؛ وأَنشد:
اللهُ يَعْلَم أَنَّا، في تَلفُّتِنا،
يومَ الفِراقِ، إِلى إِخوانِنا، صُورُ
وأَنَّني حَيْثُما يَثْني الهَوَى بَصَري،
من حَيْثُما سَلَكُوا، أَدْنُو فأَنْظُورُ
أَراد: فأَنْظُر؛ ومنها واو التَّعايي كقولك: هذا عمْرُو، فيَسْتَمِدُّ
ثم يقولُ مُنْطَلِقٌ، وقد مَضى بعضُ أَخواتِها في ترجمة آ في الأَلِفات،
وستأْتي بَقِيَّةُ أَخَواتها في ترجمة يا؛ ومنها مَدُّ الاسم بالنِّداء
كقولك أَيا قُورْط، يريد قُرْطاً، فمدّوا ضمة القاف بالواو ليَمْتَدَّ
الصَّوتُ بالنداء؛ ومنها الواو المُحَوَّلةُ نحو طُوبى أَصلها طُيْبى
فقُلِبت الياء واواً لانضمام الطاءِ قبلها، وهي من طاب يَطيبُ؛ ومنها واو
المُوقنين والمُوسِرين أَصلها المُيْقِنين من أَيْقَنْتُ والمُيْسِرين من
أَيْسَرْتُ؛ ومنها واوُ الجَزْمِ المُرْسَلِ مثلُ قوله تعالى: ولَتَعْلُنَّ
عُلُوًّا كبيراً؛ فأُسْقِطَ الواو لالتقاء الساكنين لأَن قبْلَها ضَمَّةً
تَخْلُفها؛ ومنها جَزْمُ الواو
(* قوله« جزم الواو» وعبارة التكملة واو
الجزم وهي أنسب.) المنبسط كقوله تعالى: لَتُبْلَوُنَّ في أَموالكم؛ فلم
يُسْقِطِ الواو وحَرّكها لأَن قبلها فتحة لا تكون عِوضاً منها؛ هكذا رواه
المنذري عن أَبي طالب النحوي، وقال: إِنما يَسْقُط أَحَدُ الساكنين إِذا
كان الأَوّل من الجَزم المُرْسَل واواً قبلها ضمة أَو ياء قبلها كسرة أَو
أَلفاً قبلها فتحة، فالأَلف كقولك للاثنين اضْرِبا الرجل، سقطت الأَلف
عنه لالتقاء الساكنين لأَن قبلها فتحة، فهي خَلَفٌ منها، وسنذكر الياء في
ترجمتها؛ ومنها واواتُ الأَبْنِية مثل الجَوْرَبِ والتَّوْرَبِ للتراب
والجَدْوَلِ والحَشْوَرِ وما أَشبهها؛ ومنها واو الهمز في الخط واللفظ،
فأَما الخط فقولك: هذِه شاؤُك ونِساؤُك، صُوِّرَتِ الهمزة واواً لضمتها،
وأَما اللفظ فقولك: حَمْراوانِ وسَوْداوان، ومثل قولك أُعِيذُ بأَسْماوات
الله وأَبْناواتِ سَعْدٍ ومثل السَّمَواتِ وما أَشْبهها؛ ومنها واو النِّداء
وَواوُ النُّدْبة، فأَما النِّداء فقولك: وازَيْد، وأَما النُّدبة
فكقولك أَو كقول النَّادِبة: وازَيْداهْ والَهْفاهْ واغُرْبَتاهْ ويا زَيداه
ومنها واواتُ الحال كقولك: أَتَيْتُه والشمسُ طالِعةٌ أَي في حال
طُلُوعها، قال الله تعالى: إِذْ نادى وهوَ مَكْظُوم؛ ومنها واوُ الوَقْتِ كقولك:
اعْمَل وأَنتَ صَحِيحٌ أَي في وقْتِ صِحَّتِك، والآنَ وأَنت فارِغٌ،
فهذه واوُ الوقت وهي قَريبة من واو الحال؛ ومنها واوُ الصَّرْفِ، قال
الفراء: الصَّرْفُ أَنْ تأْتي الواوُ مَعْطُوفةً على كلام في أَوّله حادِثةٌ لا
تَسْتَقِيمُ إِعادَتُها على ما عُطِفَ عليها كقوله:
لا تَنْهَ عَنْ خُلْقٍ وتَأْتيَ مِثْلَه،
عارٌ عَلَيْكَ، إِذا فَعَلْتَ، عَظِيمُ
أَلا ترى أَنه لا يجوز إِعادة لا على وتَأْتيَ مِثْلَه، فلذلك سُميَ
صَرْفاً إِذْ كان معطوفاً ولم يَسْتَقِم أَن يُعادَ فيه الحادثُ الذي فيما
قَبْلَه؛ ومنها الواواتُ التي تدخلُ في الأَجْوِبةِ فتكون جواباً مع
الجَوابِ، ولو حُذِفت كان الجوابُ مُكْتَفِياً بنفسه؛ أَنشد الفراء:
حتى إِذا قَمِلَتْ بُطُونُكُمُ،
ورَأَيْتُمُ أَبْناءَكُمْ شَبُّوا
وقَلَبْتُمُ ظَهْرَ المِجَنِّ لنا،
إِنَّ اللَّئِيمَ العاجِزُ الخَبُّ
أَراد قَلَبْتُم. ومثله في الكلام: لمَّا أَتاني وأَثِبُ عليه، كأَنه
قال: وَثَبْتُ عليه، وهذا لا يجوز إِلاَّ مع لَمَّا حتى إِذا
(* قوله «حتى
إذا» كذا هو في الأصل بدون حرف العطف.) . قال ابن السكيت: قال الأَصمعي
قلت لأَبي عَمْرو بن العَلاء رَبَّنا ولكَ الحَمْدُ ما هذه الواوُ؟ فقال:
يقول الرَّجُل للرَّجُل بِعْني هذا الثَّوْبَ، فيقول: وهو لك، أَظُنُّه
أَراد هُوَ لكَ؛ وقال أَبو كبير الهذلي:
فإِذا وذلِكَ ليْسَ إِلاَّ حِينَه،
وإِذا مَضَى شيءٌ كأَنْ لم يُفْعَلِ
أَراد: فإِذا ذلكَ يعني شَبابَه وما مَضَى مِن أَيّام تَمَتُّعه؛ ومنها
واو النِّسبة، روي عن أَبي عَمرو بن العَلاء أَنه كان يقول: يُنْسَبُ
إِلى أَخٍ أَخَويٌّ، بفتح الهمزة والخاء وكسر الواو، وإِلى الرِّبا
رِبَوِيٌّ، وإِلى أُخْتٍ أُخَويٌّ، بضم الهمزة، وإِلى ابْن بَنَوِيٌّ، وإِلى
عالِيةِ الحِجاز عُلْوِيٌّ، وإِلى عَشِيَّة عَشَوِيٌّ، وإِلى أَبٍ أَبَوِيٌّ؛
ومنها الواوُ الدَّائمةُ، وهي كل واوٍ تُلابِسُ الجَزاء ومعناها
الدَّوامُ، كقولك: زٌرْني وأَزُورَكَ وأَزُورُكَ، بالنصب والرفع، فالنَّصْبُ على
المُجازاةِ، ومَن رفع فمعناه زيارَتَكَ عليَّ واجبةٌ أُدِيمُها لك على
كلِّ حالٍ؛ ومنها الواو الفارِقةُ، وهي كلُّ واوٍ دَخَلت في أَحَدِ
الحَرْفين المُشْتَبِهين ليُفْرَقَ بينَه وبين المُشْبهِ له في الخَطِّ مثل
واوِ أُولئِك وواو أُولو. قال الله عز وجل: غَيْرُ أُولي الضَّرَرِ وغَيْرِ
أُولي الإِرْبةِ؛ زيدت فيها الواو في الخط لتَفْرُق بينَها وبينَ ما
شاكَلَها في الصُّورةِ مِثْل إِلى وإِلَيْك؛ ومنها واو عَمْرو، فإِنها زيدَتْ
لِتَفْرُقَ بينَ عَمْروٍ وعُمَرَ، وزيدتْ في عَمْرٍو دونَ عُمَرَ لأَن
عُمَرَ أَثقَلُ من عَمْرٍو؛ وأَنشد ابن السكيت:
ثمَّ تَنادَوْا، بينَ تِلْكَ الضَّوْضَى
مِنْهُمْ: بِهابٍ وهَلا ويايا
نادَى مُنادٍ مِنْهُمُ: أَلا تا،
صَوْتَ امْرِئٍ للجُلَّياتِ عَيّا
قالُوا جَمِيعاً كُلُّهُم: بَلافا
أَي بَلَى فإِنَّا نَفْعَلُ، أَلا تا: يُريد تَفْعَلُ، والله أَعلم.
الجوهري: الواوا صَوْتُ ابْن آوَى. وَوَيْكَ: كلمةٌ مِثل وَيْبَ ووَيْحَ،
والكافُ للخِطاب؛ قال زيد بن عَمرو بن نُفَيْل ويقال هو لِنُبَيْهِ بن
الحجاج السَّهْمِي:
وَيْكَ أَنَّ مَنْ يَكُنْ له نَشَبٌ يُحْـ
ـبَبْ، ومَنْ يَفْتَقِرْ يَعِشْ عَيْشَ ضُرَّ
قال الكسائي: هو وَيْكَ، أُدْخِلَ عليه أَنَّ ومعناه أَلم تَرَ؛ وقال
الخليل: هي وَيْ مَفْصُولة ثم تَبتدِئُ فتقول كأَنَّ، والله أَعلم.
لقن: اللَّقْنُ: مصدر لَقِنَ الشيءَ يَلْقَنُه لَقْناً، وكذلك الكلامَ،
وتَلَقَّنه: فَهِمه. ولَقَّنَه إِياه: فَهَّمه. وتَلَقَّنته: أَخذته
لَقانِيَةً. وقد لَقَّنَني فلانٌ كلاماً تَلْقِيناً أَي فهَّمَني منه ما لم
أَفْهَم. والتَّلْقِين: كالتَّفْهِيم. وغلامٌ لَقِنٌ: سريعُ الفهم. وفي
حديث الهجرة: ويَبيتُ عندهما عبدُ الله بن أَبي بكر وهو شابٌّ ثَقِفٌ
لَقِنٌ أَي فَهِمٌ حسَنُ التَّلْقِين لما يسْمَعه. وفي حديث الأُخْدُود:
انظروا لي غلاماً فَطِناً لَقِناً. وفي حديث علي، رضوان الله عليه: إِنَّ ههنا
عِلْماً، وأَشار إِلى صدره، لو أَصَبْتُ له حَمَلَةً بَلَى أُصِيبُ
لَقِناً غير مأْمون أَي فَهِماً غيرَ ثقة؛ وفي المحكم: بَلى أَجد لَقِناً غير
مأْمون يستعمل آلةَ الدِّينِ في طَلَبِ الدنيا، والاسم اللَّقانَةُ
واللَّقانِيَة. اللحياني: اللَّقانة واللَّقانية واللَّحَانة واللَّحانية
والتَّبانة والتَّبانيَة والطَّبانة والطبَّانية معنى هذه الحروف واحد.
واللَّقَنُ: إِعرابُ لَكَنٍ شِبْه طَسْتٍ من صُفْر. ومَلْقَنٌ: موضع.
قلب: القَلْبُ: تَحْويلُ الشيءِ عن وجهه.
قَلَبه يَقْلِـبُه قَلْباً، وأَقْلَبه، الأَخيرةُ عن اللحياني، وهي ضعيفة. وقد انْقَلَب، وقَلَبَ الشيءَ، وقَلَّبه: حَوَّله ظَهْراً لبَطْنٍ.
وتَقَلَّبَ الشيءُ ظهراً لبَطْنٍ، كالـحَيَّةِ تَتَقَلَّبُ على الرَّمْضاءِ. وقَلَبْتُ الشيءَ فانْقَلَبَ أَي انْكَبَّ، وقَلَّبْتُه بيدي تَقْلِـيباً، وكلام مَقْلوبٌ، وقد قَلَبْتُه فانْقَلَب، وقَلَّبْتُه فَتَقَلَّب.والقَلْبُ أَيضاً: صَرْفُكَ إِنْساناً، تَقْلِـبُه عن وَجْهه الذي يُريده.
وقَلَّبَ الأُمورَ: بَحَثَها، ونَظَر في عَواقبها.
وفي التنزيل العزيز: وقَلَّبُوا لك الأُمور؛ وكُلُّه مَثَلٌ بما تَقَدَّم.
وتَقَلَّبَ في الأُمور وفي البلاد: تَصَرَّف فيها كيف شاءَ. وفي التنزيل العزيز: فلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبهم في البلاد. معناه: فلا يَغْرُرْكَ
سَلامَتُهم في تَصَرُّفِهم فيها، فإِنَّ عاقبة أَمْرهم الهلاكُ.
ورجل قُلَّبٌ: يَتَقَلَّبُ كيف شاءَ.
وتَقَلَّبَ ظهراً لبطْنٍ، وجَنْباً لجَنْبٍ: تَحَوَّل.
وقولُهم: هو حُوَّلٌ قُلَّبٌ أَي مُحتالٌ، بصير بتَقْليبِ الأُمور.
والقُلَّبُ الـحُوَّلُ: الذي يُقَلِّبُ الأُمُورَ، ويحْتال لها. وروي عن
مُعاوية، لما احْتُضِرَ: أَنه كان يُقَلَّبُ على فراشه في مَرَضه الذي مات فيه، فقال: إِنكم لتُقَلِّبُونَ حُوَّلاً قُلَّباً، لو وُقيَ هَوْلَ الـمُطَّلَعِ؛ وفي النهاية: إِن وُقيَ كُبَّةَ النار، أَي رجلاً عارفاً بالأُمور، قد رَكِبَ الصَّعْبَ والذَّلُول، وقَلَّبهما ظَهْراً لبَطْنٍ، وكان مُحْتالاً في أُموره، حَسَنَ التَّقَلُّبِ.
وقوله تعالى: تَتَقَلَّبُ فيه القُلُوبُ والأَبصار؛ قال الزجاج: معناه
تَرْجُف وتَخِفُّ من الجَزَع والخَوْفِ. قال: ومعناه أَن من كانَ قَلْبُه مُؤْمِناً بالبَعْثِ والقيامة، ازدادَ بصيرة، ورأَى ما وُعِدَ به، ومن كانَ قلبه على غير ذلك، رأَى ما يُوقِنُ معه أَمْرَ القيامة والبَعْث، فعَلِم ذلك بقلبه،
وشاهَدَه ببصره؛ فذلك تَقَلُّبُ القُلُوب والأَبصار.
ويقال: قَلَبَ عَيْنَه وحِمْلاقَه، عند الوَعيدِ والغَضَبِ؛ وأَنشد:
قالبُ حِمْلاقَيْهِ قد كادَ يُجَنّ
وقَلَب الخُبْزَ ونحوَه يَقْلِـبه قَلْباً إِذا نَضِج ظاهرُه، فَحَوَّله ليَنْضَجَ باطنُه؛ وأَقْلَبها: لغة عن اللحياني، وهي ضعيفة.
وأَقْلَبَتِ الخُبْزَةُ: حان لها أَن تُقْلَبَ. وأَقْلَبَ العِنَبُ: يَبِسَ ظاهرُه، فَحُوِّلَ. والقَلَبُ، بالتحريك: انْقِلابٌ في الشفة العُلْيا، واسْتِرخاءٌ؛ وفي الصحاح: انْقِلابُ الشَّفَةِ، ولم يُقَيِّدْ بالعُلْيا. وشَفَة قَلْباءُ: بَيِّنَةُ القَلَب، ورجل أَقْلَبُ.
وفي المثل: اقْلِبـي قَلابِ؛ يُضْرَب للرجل يَقْلِبُ لسانَه، فيَضَعُه
حيث شاءَ. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: بَيْنا يُكَلِّمُ إِنساناً إِذ
اندفَعَ جرير يُطْرِيه ويُطْنِبُ، فأَقْبَلَ عليه، فقال: ما تقول ياجرير؟
وعَرَفَ الغَضَبَ في وجهه، فقال: ذكرتُ أَبا بكر وفضله، فقال عمر: اقْلِبْ قَلاَّبُ، وسكتَ؛ قال ابن الأَثير: هذا مثل يُضْرَب لمن تكون منه السَّقْطة، فيتداركها بأَن يَقْلِـبَها عن جِهتها، ويَصْرِفَها إِلى غير معناها؛ يريد: اقْلِبْ يا قَلاَّبُ! فأَسْقَطَ حرفَ النداءِ، وهو غريب؛ لأَنه إِنما يحذف مع الأَعْلام.
وقَلَبْتُ القومَ، كما تقولُ: صَرَفْتُ الصبيانَ، عن ثعلب.
وقَلَبَ الـمُعَلِّم الصبيان يَقْلِـبُهم: أَرسَلَهم، ورَجَعَهُم إِلى منازلهم؛ وأَقْلَبَهم: لغةٌ ضعيفةٌ، عن اللحياني، على أَنه قد قال: إِن كلام العرب في كل ذلك إِنما هو: قَلَبْتُه، بغير أَلف. وفي حديث أَبي
هريرة: أَنه كان يقالُ لـمُعَلِّم الصبيان: اقْلِبْهم أَي اصْرفْهُمْ إِلى
منازلهم.
والانْقِلابُ إِلى اللّه، عز وجل: المصيرُ إِليه، والتَّحَوُّلُ، وقد قَلَبه اللّهُ إِليه؛ هذا كلامُ العرب. وحكى اللحياني: أَقْلَبه؛ قال وقال أَبو ثَرْوانَ: أَقْلَبَكُم اللّهُ مَقْلَب أَوليائه، ومُقْلَبَ أَوليائه، فقالها بالأَلف.
والـــمُنْقَلَــبُ يكون مكاناً، ويكون مصدراً، مثل الـمُنْصَرَف.
والـــمُنْقَلَــبُ: مَصِـيرُ العِـبادِ إِلى الآخرة. وفي حديث دعاءِ السفر: أَعوذُ بِكَ من كآبة الـــمُنْقَلَــب أَي الانْقِلابِ من السفر، والعَوْدِ إِلى
الوَطَن؛ يعني أَنه يعود إِلى بيته فَيرى فيه ما يَحْزُنه.
والانْقِلابُ: الرجوعُ مطلقاً؛ ومنه حديث المنذر ابن أَبي أَسِـيدٍ، حين وُلِدَ: فاقْلِـبُوه، فقالوا: أَقْلَبْناه يا رسول اللّه؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاءَ في صحيح مسلم، وصوابه قَلَبْناه أَي رَدَدْناه. وقَلَبه عن وجهه: صَرَفَه؛ وحكى اللحيانيُّ: أَقْلَبه، قال: وهي مَرْغُوبٌ عنها.
وقَلَبَ الثوبَ، والحديثَ، وكلَّ شيءٍ: حَوَّله؛ وحكى اللحياني فيهما أَقْلَبه. وقد تقدم أَن المختار عنده في جميع ذلك قَلَبْتُ.
وما بالعليل قَلَبةٌ أَي ما به شيء، لا يُسْتَعْمَل إِلا في النفي، قال
الفراءُ: هو مأْخوذ من القُلابِ: داءٍ يأْخذ الإِبل في رؤُوسها،
فيَقْلِـبُها إِلى فوق؛ قال النمر:
أَوْدَى الشَّبابُ وحُبُّ الخالةِ الخَلِـبه، * وقد بَرِئْتُ، فما بالقلبِ من قَلَبَهْ
أَي بَرِئْتُ من داءِ الـحُبِّ؛ وقال ابن الأَعرابي:
معناه ليست به علة، يُقَلَّبُ لها فيُنْظَرُ إِليه.
تقول: ما بالبعير قَلَبة أَي ليس به داءٌ يُقْلَبُ له، فيُنْظَرُ إِليه؛ وقال الطائي: معناه ما به شيءٌ يُقْلِقُه، فَيَتَقَلَّبُ من أَجْلِه على فراشه. الليث: ما به قَلَبة أَي لا داءَ ولا غائلة. وفي الحديث: فانْطَلَق يَمشي، ما به قَلَبة أَي أَلمٌ وعلة؛ وقال الفراءُ: معناه ما بهِ علة
يُخْشى عليه منها، وهو مأْخوذ مِن قولهم: قُلِبَ الرجلُ إِذا أَصابه
وَجَعٌ في قلبه، وليس يَكادُ يُفْلِتُ منه؛ وقال ابن الأَعرابي: أَصلُ ذلك في الدَّوابِّ أَي ما به داءٌ يُقْلَبُ منه حافرُه؛ قال حميدٌ الأَرْقَطُ
يصف فرساً:
ولم يُقَلِّبْ أَرْضَها البَيْطارُ، * ولا لِـحَبْلَيْه بها حَبارُ
أَي لم يَقْلِبْ قَوائمَها من عِلَّة بها.
وما بالمريضِ قَلَبَة أَي علة يُقَلَّبُ منها.
والقَلْبُ: مُضْغةٌ من الفُؤَاد مُعَلَّقةٌ بالنِّياطِ. ابن سيده: القَلْبُ الفُؤَاد، مُذَكَّر، صَرَّح بذلك اللحياني، والجمع: أَقْلُبٌ وقُلوبٌ، الأُولى عن اللحياني. وقوله تعالى: نَزَلَ به الرُّوحُ الأَمِـينُ على قَلْبك؛ قال الزجاج: معناه نَزَلَ به جبريلُ، عليه السلام، عليك، فَوَعاه قَلْبُك، وثَبَتَ فلا تَنْساه أَبداً. وقد يعبر بالقَلْبِ عن العَقْل، قال الفراءُ في قوله تعالى: إِن في ذلك لَذِكْرى لمن كان له قَلْبٌ؛ أَي عَقْلٌ. قال الفراءُ: وجائزٌ في العربية أَن تقولَ: ما لَكَ قَلْبٌ، وما قَلْبُك معك؛ تقول: ما عَقْلُكَ معكَ، وأَين ذَهَبَ قَلْبُك؟ أَي أَين ذهب عَقْلُكَ؟ وقال غيره: لمن كان له قَلْبٌ أَي تَفَهُّمٌ وتَدَبُّرٌ.
وَرُوي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه قال: أَتاكم أَهل اليَمن، هم أَرَقُّ قلوباً، وأَلْـيَنُ أَفْئِدَةً، فوَصَفَ القلوبَ بالرِّقة،
والأَفْئِدَةَ باللِّين. وكأَنَّ القَلْبَ أَخَصُّ من الفؤَاد في الاستعمال، ولذلك قالوا: أَصَبْتُ حَبَّةَ قلبِه، وسُوَيْداءَ قلبه؛ وأَنشد بعضهم:
لَيْتَ الغُرابَ رَمى حَماطَةَ قَلْبهِ * عَمْرٌو بأَسْهُمِه التي لم تُلْغَبِ
وقيل: القُلُوبُ والأَفْئِدَةُ قريبانِ من السواءِ، وكَرَّرَ ذِكْرَهما،
لاختلاف اللفظين تأْكيداً. وقال بعضهم: سُمِّي القَلْبُ قَلْباً لتَقَلُّبِه؛ وأَنشد:
ما سُمِّيَ القَلْبُ إِلاَّ مِنْ تَقَلُّبه، * والرَّأْيُ يَصْرِفُ بالإِنْسان أَطْوارا
وروي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه قال: سُبْحانَ مُقَلِّب
القُلُوب! وقال اللّه تعالى: ونُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهم وأَبصارَهم.
قال الأَزهري: ورأَيت بعضَ العرب يُسَمِّي لحمةَ القَلْبِ كُلها،
شَحْمَها وحِجابَها: قَلْباً وفُؤَاداً، قال: ولم أَرهم يَفْرِقُونَ بينهما؛
قال: ولا أُنْكِر أَن يكون القَلْبُ هي العَلَقة السوداءُ في جوفه.
وقَلَبه يَقْلِـبُه ويَقْلُبه، الضم عن اللحياني وحدَه: أَصابَ قَلْبَه، فهو مَقْلُوب، وقُلِبَ قَلْباً: شَكا قَلْبه.
والقُلابُ: داءٌ يأْخذ في القَلْبِ، عن اللحياني. والقُلابُ: داءٌ يأْخُذُ البعير، فيشتكي منه قَلْبَه فيموتُ مِنْ يومه، يقال: بعير مَقْلُوبٌ،
وناقة مَقْلوبة. قال كراع: وليس في الكلام اسمُ داءٍ اشْتُقَّ من اسمِ
العِضْو إِلا القُلاب من القَلْب، والكُباد من الكَبِدِ، والنُّكاف من
النَّكَفَتَيْن، وهما غُدَّتانِ تَكْتَنِفانِ الـحُلْقُومَ من أَصل اللَّحْي.
وقد قُلِبَ قِلاباً؛ وقيل: قُلِبَ البعير قِلاباً عاجَلَتْه الغُدَّة، فمات. وأَقْلَبَ القومُ: أَصابَ إِبلَهم القُلابُ. الأَصمعي: إِذا عاجَلَتِ الغُدَّةُ البعيرَ، فهو مَقْلُوب، وقد قُلِبَ قِلاباً.
وقَلْبُ النخلةِ وقُلْبُها وقِلْبُها: لُبُّها، وشَحْمَتُها، وهي هَنةٌ رَخْصةٌ بَيْضاءُ، تُمْتَسخُ فتُؤْكل، وفيه ثلاث لغات: قَلْبٌ وقُلْبٌ وقِلْبٌ. وقال أَبو حنيفة مَرَّة: القُلْبُ أَجْوَدُ خُوصِ النخلة، وأَشدُّه بياضاً، وهو الخُوص الذي يلي أَعلاها، واحدته قُلْبة، بضم القاف، وسكون
اللام، والجمع أَقْلابٌ وقُلُوبٌ وقِلَبةٌ.
وقَلَبَ النخلة: نَزَع قُلْبَها. وقُلُوبُ الشجر: ما رَخُصَ من أَجوافِها وعُروقها التي تَقُودُها. وفي الحديث: أَن يحيـى بن زكريا، صلوات اللّه على نبينا وعليه، كان يأْكل الجرادَ وقُلُوبَ الشجر؛ يعني الذي يَنْبُتُ في وَسَطها غَضّاً طَريّاً، فكان رَخْصاً مِنَ البُقولِ الرَّطْبة، قبل أَن يَقْوَى ويَصْلُبَ، واحدُها قُلْبٌ، بالضم، للفَرْق. وقَلْبُ النخلة: جُمَّارُها، وهي شَطْبة بيضاءُ، رَخْصَة في وَسَطِها عند أَعلاها، كأَنها قُلْبُ فضة رَخْصٌ طَيِّبٌ، سُمِّيَ قَلْباً لبياضه.
شمر: يقال قَلْبٌ وقُلْبٌ لقَلْبِ النخلة، ويُجْمَع قِلَبةً. التهذيب:
القُلْبُ، بالضم، السَّعَفُ الذي يَطْلُع مِنَ القَلْب. والقَلْبُ: هو
الجُمَّارُ، وقَلْبُ كلّ شيءٍ: لُبُّه، وخالِصُه، ومَحْضُه؛ تقول: جئْتُك
بهذا الأَمرِ قَلْباً أَي مَحْضاً لا يَشُوبُه شيءٌ. وفي الحديث: إِن لكلِّ
شيءٍ قَلْباً، وقلبُ القرآن يس.
وقَلْبُ العقْرب: منزل من منازل القَمَر، وهو كوكبٌ نَيِّرٌ، وبجانِبَيْه كوكبان.
وقولهم: هو عربيّ قَلْبٌ، وعربية قَلْبة وقَلْبٌ أَي خالص، تقول منه: رجل قَلْبٌ، وكذلك هو عربيٌّ مَحْضٌ؛ قال أَبو وجْزَة يصف امرأَة:
قَلْبٌ عَقيلةُ أَقوامٍ ذَوي حَسَبٍ، * يُرْمَى الـمَقانبُ عنها والأَراجِـيلُ
ورجل قَلْبٌ وقُلْبٌ: مَحْضُ النسَبِ، يستوي فيه المؤَنث، والمذكر، والجمع، وإِن شئت ثَنَّيْتَ، وجَمَعْتَ، وإِن شئت تركته في حال التثنية والجمع بلفظ واحد، والأُنثى قَلْبٌ وقَلْبةٌ؛ قال سيبويه: وقالوا هذا عَرَبيٌّ قَلْبٌ وقَلْباً، على الصفة والمصدر، والصفة أَكثرُ. وفي الحديث: كان عليٌّ قُرَشياً قَلْباً أَي خالصاً من صميم قريش. وقيل: أَراد فَهِماً فَطِناً، من قوله تعالى: لَذِكْرى لمن كان له قَلْبٌ.
والقُلْبُ من الأَسْوِرَة: ما كان قَلْداً واحداً، ويقولون: سِوارٌ قُلْبٌ؛ وقيل: سِوارُ المرأَة. والقُلْبُ: الحيةُ البيضاءُ، على التشبيه بالقُلْب مِنَ الأَسْورة. وفي حديث ثَوْبانَ: أَن فاطمة حَلَّتِ الحسنَ
والحسين، عليهم السلام، بقُلْبَيْن من فضة؛ القُلْبُ: السوار. ومنه الحديث: أَنه رأَى في يد عائشة قُلْبَيْن. وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها، في قوله تعالى: ولا يُبْدينَ زينَتَهُنَّ إِلا ما ظَهَر منها؛ قالت: القُلْبُ، والفَتَخَةُ.
والـمِقْلَبُ: الحديدةُ التي تُقْلَبُ بها الأَرضُ للزراعة. وقَلَبْتُ
الـمَمْلوكَ عند الشراءِ أَقْلِـبُه قَلْباً إِذا كَشَفْتَه لتنظر إِلى عُيوبه.
والقُلَيْبُ، على لفظ تصغير فَعْلٍ: خَرَزة يُؤَخَّذُ بها، هذه عن
اللحياني.
والقِلِّيبُ، والقَلُّوبُ، والقِلَّوْبُ، والقَلُوبُ،
والقِلابُ: الذئبُ، يَمانية؛ قال شاعرهم:
أَيا جَحْمَتا بَكّي على أُم واهبٍ، * أَكِـيلَةِ قِلَّوْبٍ ببعض الـمَذانبِ
والقَلِـيبُ: البئرُ ما كانت. والقليبُ: البئر، قبل أَن تُطْوَى، فإِذا
طُوِيَتْ، فهي الطَّوِيُّ، والجمع القُلُبُ. وقيل: هي البئر العاديَّةُ
القديمةُ، التي لا يُعْلم لها رَبٌّ، ولا حافِرٌ، تكونُ بالبَراري،
تُذكَّر وتؤَنث؛ وقيل: هي البئر القديمة، مَطْويَّةً كانت أَو غير مَطْويَّةٍ.
ابن شميل: القَلِـيبُ اسم من أَسماءِ الرَّكِـيّ، مَطْويَّةٌ أَو غير
مَطْوية، ذاتُ ماءٍ أَو غيرُ ذاتِ ماءٍ، جَفْرٌ أَو غيرُ جَفْرٍ. وقال شمر: القَلِـيبُ اسمٌ من أَسماءِ البئر البَديءِ والعادِيَّة، ولا يُخَصُّ بها العاديَّةُ. قال: وسميت قَليباً لأَنه قُلِبَ تُرابُها. وقال ابن
الأَعرابي: القَلِـيبُ ما كان فيه عَيْنٌ وإِلا فلا، والجمع أَقْلِـبةٌ؛ قال
عنترة يصف جُعَلاً:
كأَنَّ مُؤَشَّرَ العضُدَيْنِ حَجْلاً، * هَدُوجاً بينَ أَقْلِـبةٍ مِلاحِ
وفي الحديث: أَنه وقَفَ على قَلِـيبِ بَدْرٍ. القَلِـيبُ: البئر لم تُطْوَ، وجمع الكثير: قُلُبٌ؛ قال كثير:
وما دامَ غَيْثٌ، من تِهامةَ، طَيِّبٌ، * بها قُلُبٌ عادِيَّةٌ وكِرارُ
والكِرارُ: جمعُ كَرٍّ للـحِسْيِ. والعاديَّة: القديمةُ، وقد شَبَّه العجاجُ بها الجِراحاتِ فقال:
عن قُلُبٍ ضُجْمٍ تُوَرِّي مَنْ سَبَرْ
وقيل: الجمع قُلُبٌ، في لغة مَنْ أَنـَّثَ، وأَقْلِـبةٌ وقُلُبٌ جميعاً،
في لغة مَن ذَكَّر؛ وقد قُلِـبَتْ تُقْلَبُ.
(يتبع...)
(تابع... 1): قلب: القَلْبُ: تَحْويلُ الشيءِ عن وجهه.... ...
وقَلَبَتِ البُسْرَةُ إِذا احْمَرَّتْ. قال ابن الأَعرابي: القُلْبةُ الـحُمْرَةُ. الأُمَوِيُّ في لغة بَلْحرث بن كعب: القالِبُ، بالكسر، البُسْرُ الأَحمر؛ يقال منه: قَلَبَتِ البُسْرةُ تَقْلِبُ إِذا احْمَرَّتْ.
وقال أَبو حنيفة: إِذا تَغَيَّرَتِ البُسْرة كلُّها، فهي القالِبُ. وشاة
قالِبُ لونٍ إِذا كانت على غير لونِ أُمِّها. وفي الحديث: أَن موسى لما آجَرَ نَفْسَه من شعيب، قال لموسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: لَكَ من غَنَمِـي ما جاءَت به قالِبَ لونٍ؛ فجاءَتْ به كُلِّه قالِبَ لونٍ، غيرَ واحدةٍ أَو اثنتين. تفسيره في الحديث: أَنها جاءَت بها على غير أَلوانِ أُمَّهاتها، كأَنَّ لونَها قد انْقَلَب. وفي حديث عليٍّ، كرّم اللّه وجهَه، في صفة الطيور: فمنها مغموس في قالِـَبِ لونٍ، لا يَشُوبُه غيرُ لونِ ما غُمِسَ فيه.
أَبو زيد: يقال للبليغ من الرجال: قد رَدَّ قالِبَ الكلامِ، وقد طَبَّقَ
الـمَفْصِلَ، ووَضَع الهِناءَ مواضِعَ النَّقْبِ. وفي الحديث: كان نساءُ
بني إِسرائيل يَلْبَسْنَ القَوالِبَ؛ جمع قالَبٍ، وهو نَعْل من خَشَب
كالقَبْقابِ، وتُكسَر لامه وتفتح. وقيل: انه مُعَرَّب. وفي حديث ابن مسعود: كانت المرأَةُ تَلْبَسُ القالِبَيْنِ، تطاولُ بهما.
والقالِبُ والقالَبُ: الشيءُ الذي تُفْرَغُ فيه الجواهِرُ، ليكون مِثالاً لما يُصاغُ منها، وكذلك قالِبُ الخُفِّ ونحوه، دَخِـيل.
وبنو القلَيْب: بطن من تميم، وهو القُلَيْبُ بنُ عمرو ابن تميم.
وأَبو قِلابةَ: رجلٌ من المحدّثين.
ريا: الرايةُ: العَلَم لا تهمزها العرب، والجمع راياتٌ ورايٌ، وأَصلها
الهمز، وحكى سيبويه عن أَبي الخطاب راءةً بالهمز، شبه أَلف راية وإِن كانت
بدلاً من العين بالأَلف الزائدة فهمز اللام كما يهمزها بعد الزائدة في
نحو سِقاء وشِفاء. ورَيَّيْتُها: عَمِلْتها كغَيَّيْتُها؛ عن ثعلب. وفي
حديث خيبر: سأُعْطِي الرايةَ غداً رجُلاً يُحِبُّه اللهُ ورسولُه؛ الرايةُ
ههنا: العَلَمُ. يقال: رَيَّيْتُ الرّايةَ أَي رَكَزْتها. ابنُ سيده:
وأَرْأَيْتُ الرايةَ رَكَزْتها؛ عن اللحياني؛ قال وهمزه عندي على غير قياس
إِنما حكمه أَرْيَيْتُها. التهذيب: يقال رأَيْت رايةً أَي رَكَزْتُها،
وبعضهم يقول أَرْأَيْتُها، وهما لغتان. والرايةُ: التي توضََع في عُنقِ
الغلام الآبِق. وفي الحديث: الدَّيْنُ رايةُ الله في الأَرضِ يَجْعَلُها في
عُنُقِ من أَذَلَّه، قال ابن الأَثير: الرايةُ حديدة مستديرة على قَدر
العُنُق تُجعل فيه؛ ومنه حديث قتادةَ في العبد الآبِق: كَرِهَ له
الرايةَ ورَخَّصَ في القيد. الليث: الرايةُ من راياتِ الأَعْلامِ، وكذلك
الرايةُ التي تُجعل في العُنق، قال: وهما من تأْلِيف ياءين وراء، وتصغير
الراية رُيَيَّةٌ، والفعل رَيَيْتُ رَيّاً ورَيَّيْتُ تَرِيَّةً، والأَمر
بالتخفيف ارْيِهْ، والتشديد رَيِّهْ. وعَلَمٌ مَرِيٌّ، بالتخفيف، وإِن شئت
بَيَّنْت الياءَات فقلت مَرْيِيٌّ ببيان الياءَات.
ورايةُ: بلد من بلاد هذيل. والرَّيُّ: من بلاد فارس، النسبُ إِليه
رازِيٌّ على غير قياس.
والراء: حرف هجاء، وهو حرف مَجْهور مكرّر يكون أَصلاً لا بدلاً ولا
زائداً؛ قال ابن جني وأَما قوله:
تَخُطُّ لامَ أَلِف مَوْصُولِ،
والزايَ والرَّا أَيَّما تَهْلِيلِ
فإِنما أَراد والراء، ممدودة، فلم يمكنه ذلك لئلا ينكسر الوزن فحذف
الهمزة من الراء، وكان أَصل هذا والزاي والراء أَيَّما تَهْلِيل، فلما اتفقت
الحركتان حذفت الأُولى من الهمزتين. ورَيَّيْتُ راءً: عَمِلْتها، قال ابن
سيده: وأَما أَبو علي فقال أَلف الراء وأَخواتها منقلــبة عن واو والهمزة
بعدها في حكم ما انقلبتْ عن ياء، لتكون الكلمةُ بعد التَّكمِلةِ
والصَّنعة الإِعرابية من باب شَوَيْتُ وطَوَيْتُ وحَوَيْت، قال ابن جني، فقلت
له أَلسنا قد علمنا أَن الأَلف في الراء هي الأَلف في ياء وباء وثاء إِذا
تهجيت وأَنت تقول إِن تلك الأَلف غير منقلــبة من ياء أَو واو لأَنها
بمنزلة أَلف ما ولا؟ فقال: لما نُقِلت إِلى الاسمية دخلها الحُكْم الذي يدخل
الأَسماء من الانقلاب والتَّصَرُّف، أَلا ترى أَننا إِذا سمينا رجلاً
بضَرَبَ أَعربناه لأَنه قد صار في حَيِّز ما يدخله الإِعراب، وهو
الأسماء، وإِن كنا نعلم أَنه قبل أَن يُسمى به لا يُعْرَبُ لأَنه فعل ماض، ولم
تَمْنَعْنا مَعْرِفَتُنا بذلك من أَن نَقْضِيَ عليه بحكم ما صار منه
وإِليه، فكذلك أَيضاً لا يَمْنَعُنا عِلْمُنا بأَن را با تا ثا غير منقلــبة،
ما دامت حروف هجاء، من أَن نقضي عليها إِذا زدنا عليها أَلفاً أُخرى،
ثمَّ همزنا تلك المزيدة بأَنها الآن منقلــبة عن واو وأَن الهمزة منقلــبة عن
الياء إِذا صارت إِلى حكم الاسمية التي تَقْضي عليها بهذا ونحوه، قال:
ويؤكد عندك أَنهم لا يجوِّزون را با تا ثا حا خا ونحوها ما دامت مقصورة
مُتَهَجَّاةً، فإِذا قلت هذه راء حسنة ونظرت إِلى هاء مشقوقة جاز أَن
تمثل ذلك فتقول وزنه فَعَلٌ كما تقول في داء وماء وشاء إِنه فَعَلٌ، قال:
فقال لأَبي علي بعضُ حاضري المجلس أَفتجمع على الكلمة إِعلال العين
واللام؟ فقال: قد جاء من ذلك أَحرف صالحة فيكون هذا منها ومحمولاً
عليها.ورايةُ: مكان؛ قال قيس بن عَيْزارَة:
رِجالٌ ونِسْوانٌ بأَكْنافِ رايةٍ،
إِلى حُثُنٍ تلكَ العُيونُ الدَّوامعُ
والله أَعلم.
أ: من شرطنا في هذا الكتاب أَن نرتبه كما رتب الجوهري صحاحه، وهكذا وضع
الجوهري هنا هذا الباب فقال باب الألف اللينة، لأن الألف على ضربين لينة
ومتحركة، فاللينة تسمى أَلفاً والمتحركة تسمى همزة، قال: وقد ذكرنا الهمزة
وذكرنا أَيضاً ما كانت الألف فيه منقلــبة من الواو أو الياء، قال: وهذا
باب مبني على أَلفات غير منقلــبات من شيء فلهذا أَفردناه. قال ابن بري :
الألف التي هي أَحد حروف المدّ واللين لا سبيل إلى تحريكها، على ذلك إجماع
النحويين، فإذا أَرادوا تحريكها ردّوها إلى أَصلها في مثل رَحَيانِ
وعَصَوانِ، وإن لم تكن منقلــبة عن واو ولا ياء وأَرادوا تحريكها أَبدلوا منها همزة
في مثل رِسالة ورَسائلَ، فالهمزة بدل من الألف، وليست هي الألف لأن الألف
لا سبيل إلى تحريكها، والله أَعلم.
آ: الألف: تأْليفها من همزة ولام وفاء، وسميت أَلفاً لأنها تأْلف الحروف
كلها، وهي أَكثر الحروف دخولاً في المنطق، ويقولون: هذه أَلِفٌ
مُؤلَّفةٌ. وقد جاء عن بعضهم في قوله تعالى: أَلم، أن الألف اسم من أَسماء الله تعالى
وتقدس، والله أَعلم بما أَراد، والألف اللينة لا صَرْفَ لها إنما هي
جَرْسُ مدّة بعد فتحة، وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَحمد بن يحيى ومحمد بن
يزيد أَنهما قالا: أُصول الأَلفات ثلاثة ويتبعها الباقيات: أَلف أَصلية
وهي في الثلاثي من الأَسماء، وأَلف قطعية وهي في الرباعي، وأَلِفٌ وصلية
وهي فيما جاوز الرباعي، قالا: فالأصلية مثل أَلِفِ أَلِفٍ وإلْفٍ وأَلْفٍ
وما أَشبهه، والقطعية مثل أَلف أَحمد وأَحمر وما أَشبهه، والوصلية مثل
أَلف استنباط واستخراج، وهي في الأفعال إذا كانت أَصلية مثل أَلف أَكَل، وفي
الرباعي إذا كانت قطعية مثل أَلف أَحْسَن، وفيما زاد عليه أَلف استكبر
واستدرج إذا كانت وصلية، قالا: ومعنى أَلف الاستفهام ثلاثة: تكون بين
الآدميين يقولها بعضهم لبعض استفهاماً، وتكون من الجَبّار لوليه تقريراً
ولعدوّه توبيخاً، فالتقرير كقوله عز وجل للمسيح: أَأَنْتَ قُلْتَ للناس؛ قال
أَحمد بن يحيى: وإنما وقع التقرير لعيسى، عليه السلام، لأَن خُصُومه كانوا
حُضوراً فأَراد الله عز وجل من عيسى أن يُكَذِّبهم بما ادّعوا عليه،
وأَما التَّوْبِيخُ لعدوّه فكقوله عز وجل: أَصطفى البنات على البنين، وقوله:
أَأَنْتُم أَعْلَمُ أَم اللهُ، أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرتها؛ وقال
أَبو منصور: فهذه أُصول الأَلفات. وللنحويين أَلقابٌ لأَلفات غيرها تعرف
بها، فمنها الأَلف الفاصلة وهي في موضعين: أَحدهما الأَلف التي تثبتها
الكتبة بعد واو الجمع ليفصل بها بين واو الجمع وبين ما بعدها مثل كَفَرُوا
وشَكَرُوا، وكذلك الأَلفُ التي في مثل يغزوا ويدعوا، وإذا استغني عنها
لاتصال المكني بالفعل لم تثبت هذه الألف الفاصلة، والأُخرى الألف التي فصلت
بين النون التي هي علامة الإناث وبين النون الثقيلة كراهة اجتماع ثلاث
نونات في مثل قولك للنساء في الأمر افْعَلْنانِّ، بكسر النون وزيادة الألف بين
النونين؛ ومنها أَلف العِبارة لأَنها تُعبر عن المتكلم مثل قولك أَنا
أَفْعَلُ كذا وأَنا أَستغفر الله وتسمى العاملة؛ ومنها الألف المجهولة مثل
أَلف فاعل وفاعول وما أَشبهها، وهي أَلف تدخل في الأفعال والأَسماء مما لا
أَصل لها، إنما تأْتي لإشباع الفتحة في الفعل والاسم، وهي إذا لَزِمَتْها
الحركةُ كقولك خاتِم وخواتِم صارت واواً لَمَّا لزمتها الحركة بسكون
الأَلف بعدها، والأَلف التي بعدها هي أَلف الجمع، وهي مجهولة أَيضاً؛ ومنها
أَلف العوض وهي المبدلة من التنوين المنصوب إذا وقفت عليها كقولك رأَيت
زيداً وفعلت خيراً وما أَشبهها؛ ومنها أَلف الصِّلة وهي أَلفٌ تُوصَلُ بها
فَتحةُ القافية، فمثله قوله:
بانَتْ سُعادُ وأَمْسَى حَبْلُها انْقَطَعا
وتسمى أَلف الفاصلة، فوصل أَلف العين بألف بعدها؛ ومنه قوله عز وجل:
وتَظُنُّون بالله الظُّنُونا؛ الألف التي بعد النون الأخيرة هي صلة لفتحة
النون، ولها أَخوات في فواصل الآيات كَقوله عز وجل: قَواريرا
وسَلْسَبِيلاً؛ وأَما فتحة ها المؤنث فقولك ضربتها ومررت بها، والفرق بين
ألف الوصل وأَلف الصلة أَن أَلف الوصل إنما اجتلبت في أَوائل الأسماء
والأفعال، وألف الصلة في أَواخر الأَسماء كما ترى؛ ومنها أَلف النون الخفيفة
كقوله عز وجل: لَنَسْفَعًا بالنَّاصِيةِ، وكقوله عز وجل: ولَيَكُوناً من
الصاغرين؛ الوقوف على لَنسفعا وعلى وَليكونا بالألف، وهذه الأَلف خَلَفٌ
من النون، والنونُ الخفيفة أَصلها الثقيلة إلا أَنها خُفّفت؛ من ذلك قول
الأعشى:
ولا تَحْمَدِ المُثْرِينَ والله فَاحْمَدا
أَراد فاحْمَدَنْ ، بالنون الخفيفة ، فوقف على الألف؛ وقال آخر:
وقُمَيْرٍ بدا ابْنَ خَمْسٍ وعِشْرِيـ
ـنَ، فقالت له الفَتاتانِ: قُوما
أَراد: قُومَنْ فوقف بالأَلف ؛ ومثله قوله :
يَحْسَبهُ الجاهِلُ ما لم يَعْلَما
شَيْخاً، على كُرْسِيِّه، مُعَمِّمَا
فنصب يَعْلم لأَنه أَراد ما لم يَعْلَمن بالنون الخفيفة فوقف بالأَلف؛
وقال أَبو عكرمة الضبي في قول امرئ القيس:
قِفا نَبْكِ مِن ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ
قال: أَراد قِفَنْ فأَبدل الأَلف من النون الخفيفة كقوله قُوما أَراد
قُومَنْ. قال أَبو بكر: وكذلك قوله عز وجل: أَلقِيَا في جَهَنَّم ؛ أَكثر
الرواية أَن الخطاب لمالك خازن جهنم وحده فبناه على ما وصفناه ، وقيل :
هو خطاب لمالك ومَلَكٍ معه، والله أَعلم؛ ومنها ألف الجمع مثل مَساجد
وجِبال وفُرْسان وفَواعِل، ومنها التفضيل والتصغير كقوله فلان أَكْرَمُ منكَ
وأَلأَمُ مِنْكَ وفلان أَجْهَلُ الناسِ ، ومنها ألف النِّداء كقولك
أَزَيْدُ ؛ تريد يا زَيْدُ، ومنها أَلف النُّدبة كقولك وازَيْداه أَعني
الأَلف التي بعد الدال ، ويشاكلها أَلف الاستنكار إذا قال رجل جاء أَبو عمرو
فيُجِيب المجيب أَبو عَمْراه، زيدت الهاء على المدّة في الاستنكار كما
زيدت في وافُلاناهْ في الندبة ، ومنها ألف التأْنيث نحو مدَّةٍ حَمْراء
وبَيْضاء ونُفَساء، ومنها أَلف سَكْرَى وحُبْلَى، ومنها أَلف التَّعايِي وهو
أَن يقول الرجل إن عُمر، ثم يُرْتَجُ عليه كلامُه فيقف على عُمر ويقول
إن عُمرا، فيمدها مستمداً لما يُفتح له من الكلام فيقول مُنْطَلِق، المعنى
إنَّ عمر منطلق إذا لم يَتعايَ، ويفعلون ذلك في الترخيم كما يقول يا
عُما وهو يريد يا عُمر، فيمدّ فتحة الميم بالأَلف ليمتدّ الصوت؛ ومنها ألفات
المدَّات كقول العرب لِلْكَلْكَلِ الكَلْكال، ويقولون للخاتَم خاتام،
وللدانَق داناق. قال أَبو بكر: العرب تصل الفتحة بالألف والضمة بالواو
والكسرة بالياء؛ فمِنَ وَصْلِهم الفتحة بالألف قولُ الراجز:
قُلْتُ وقد خَرَّتْ علَى الكَلْكَالِ: * يا ناقَتِي ما جُلْتِ عن مَجالِي
أَراد: على الكَلْكَلِ فَوَصَل فتحة الكاف بالألف، وقال آخر:
لَها مَتْنَتانِ خَظاتا كما
أَرادَ: خَظَتا ؛ ومِن وصلِهم الضمةَ بالواو ما أَنشده الفراء:
لَوْ أَنَّ عَمْراً هَمَّ أَنْ يَرْقُودا، * فانْهَضْ فَشُدَّ المِئزَرَ المَعْقُودا
أراد: أن يَرْقُدَ، فوصل ضمة القاف بالواو؛ وأَنشدَ أَيضاً:
اللهُ يَعْلَمُ أَنَّا في تَلَفُّتِنا، * يَومَ الفِراقِ، إلى إخْوانِنا صُورُ
(* قوله « إخواننا» تقدّم في صور: أحبابنا ، وكذا هو في المحكم.)
وأَنَّنِي حَيْثُما يَثْني الهَوَي بَصَرِي، * مِنْ حَيْثُما سَلَكُوا، أَدْنو فأَنْظُورُ
أَراد: فأَنْظُرُ ؛ وأَنشد في وَصْلِ الكسرة بالياء :
لا عَهْدَ لِي بِنِيضالِ ، * أَصْبحْتُ كالشَّنِّ البالِي
أَراد: بِنِضال ؛ وقال:
علَى عَجَلٍ مِنِّي أُطَأْطِئُ شِيمالِي
أَراد: شِمالِي، فوصل الكسرة بالياء ؛ وقال عنترة:
يَنْباعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرةٍ
أراد: يَنْبَعُ ؛ قال: وهذا قول أَكثر أهل اللغة، وقال بعضهم:
يَنْباعُ يَنْفَعِل من باعَ يَبُوع، والأول يَفْعَلُ مِن نَبَعَ يَنْبَعُ؛ ومنها
الألف المُحوَّلة، وهي كل ألف أصلها الياء والواو المتحركتان كقولك قال
وباعَ وقضى وغَزا وما أشبهها؛ ومنها ألف التثنية كقولك يَجْلِسانِ
ويَذْهَبانِ، ومنها ألف التثنية في الأسماء كقولك الزَّيْدان والعَمْران . وقال
أَبو زيد: سمعتهم يقولون أَيا أَياه أَقبل ، وزنه عَيا عَياه. وقال
أَبو بكر ابن الأَنباري: أَلف القطع في أَوائل الأَسماء على وجهين :
أَحدهما أَن تكون في أَوائل الأَسماء المنفردة ، والوجه الآخر أَن تكون في
أَوائل الجمع، فالتي في أَوائل الأَسماء تعرفها بثباتها في التصغير بأَن
تمتحن الأَلف فلا تجدها فاء ولا عيناً ولا لاماً، وكذلك فحَيُّوا بأَحسن
منها، والفرق بين أَلف القطع وألف الوصل أن أَلف الوصل فاء من الفعل، وألف
القطع ليست فاء ولا عيناً ولا لاماً ، وأَما ألف القطع في الجمع فمثل
أَلف أَلوان وأزواج، وكذلك أَلف الجمع في السَّتَهِ، وأَما أَلفات الوصل في
أَوائل الأَسماء فهي تسعة: أَلفَ ابن وابنة وابنين وابنتين وامرئ
وامرأَة واسم واست فهذه ثمانية تكسر الأَلف في الابتداء وتحذف في الوصل،
والتاسعة الألف التي تدخل مع اللام للتعريف ، وهي مفتوحة في الابتداء ساقطة في
الوصل كقولك الرحمن ، القارعة ، الحاقَّة، تسقط هذه الألفات في الوصل
وتنفتح في الابتداء . التهذيب: وتقول للرجل إذا ناديته: آفلان وأَفلان وآ
يا فلان ، بالمد ، والعرب تزيد آ إذا أَرادوا الوقوف على الحرف المنفرد ؛
أَنشد الكسائي:
دَعا فُلانٌ رَبَّه فَأَسْمَعا
(* قوله «دعا فلان إلخ» كذا بالأصل ، وتقدم في معي: دعا كلانا .)
بالخَيْرِ خَيْراتٍ ، وإِنْ شَرًّا فآ،
ولا أُرِيدُ الشَّرَّ إلا أَنْ تَآ
قال: يريد إلا أَن تشاء، فجاء بالتاء وحدها وزاد عليها آ، وهي في لغة
بني سعد، إلا أَن تا بأَلف لينة ويقولن أَلا تا، يقول : أَلا تَجِيء،
فيقول الآخر: بَلَى فَا أَي فَاذْهَبْ بنا، وكذلك قوله وإن شَرًّا فَآ،
يريد: إن شَرًّا فَشَرٌّ. الجوهري: آ حرف هجاء مقصورة موقوفة ، فإن
جعلتها اسماً مددتها ، وهي تؤنث ما لم تسم حرفاً، فإذا صغرت آية قلت أُيَيَّة
، وذلك إذا كانت صغيرة في الخط، وكذلك القول فيما أَشبهها من الحروف ؛
قال ابن بري: صواب هذا القول إذا صغرت آء فيمن أَنث قلت أُيية على قول
من يقول زَيَّيْتُ زاياً وَذَيَّلْتُ ذالاً، وأَما على قول من يقول
زَوَّيْتُ زَاياً فإنه يقول في تصغيرها أُوَيَّة، وكذلك تقول في الزاي
زُوَيَّة.
قال الجوهري في آخر ترجمة أَوا: آء حرف يمد ويقصر ، فإذا مَدَدْتَ
نوَّنت، وكذلك سائر حروف الهجاء ، والأَلف ينادى بها القريب دون البعيد ،
تقول: أَزَيْدُ أَقبِل، بأَلف مقصورة والأَلف من حروف المدّ واللين ، فاللينة
تسمى الأَلف ، والمتحركة تسمى الهمزة ، وقد يتجوز فيها فيقال أَيضاً
أَلف، وهما جميعاً من حروف الزَّيادات ، وقد تكون الألف ضمير الأثنين في
الأفعال نحو فَعَلا ويَفْعَلانِ ، وعلامةَ التثنية في الأَسماء ، ودَليلَ
الرفع نحو زيدان ورجُلان، وحروف الزيادات عشرة يجمعها قولك :«اليوم
تَنْساه» وإذا تحرّكت فهي همزة، وقد تزاد في الكلام للاستفهام ، تقول: أَزَيْدٌ
عندك أَم عَمْرو، فإن اجتمعت همزتان فَصَلْتَ بينهما بأَلف ؛ قال ذو
الرمة:
أَبا ظَبْيةَ الوَعْساء بَيْنَ جُلاجِلٍ
وبيْنَ النَّقا ، آ أَنْتِ أَمْ أُمُّ سالِمِ؟
قال: والأَلف على ضربين أَلف وصل وأَلف قطع، فكل ما ثبت في الوصل، فهو
زلف القطع، وما لم يثبت فهو ألف الوصل، ولا تكون إلا زائدة، وألف القطع
قد تكون زائدة مثل ألف الاستفهام، وقد تكون أَصلية مثل أَخَذَ وأَمَرَ ،
والله أَعلم .