Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: مقدر

أين

الأين: هو حالة تعرَض للشيء بسبب حصوله في المكان.
أين: أَيْن. أين هو: من هو؟ (بوشر).
أين هذا من ذاك، أو عن ذاك: لها معان أخرى غير التي ذكرها لين. مثلا: وأين أمير المؤمنين عن بنات الأحرار، معناه: لم لا يستطيع أمير المؤمنين أن يتخذ السراري من بنات الأحرار (بدرون 216).
أين أنت عن فلان، معناه: لم لا تحاول أن تجد فلاناً (المقري 1: 473).
وأرد وزير أن يوصي باختيار ابن الطفيل قاضياً فقال: أين أنت من ابن الطفيل، أي: لم لا تختار ابن الطفيل قاضياً (رياض النفوس 16ق).
فين، ووين: أين، يقال: فينك أي أين أنت؟ (بوشر).
أينا: عامية، بمعنى من، يقال مثلا: أينا هو الأحسن، أي من هو الأحسن (بوشر).
أين: أين: وقت من الأمكنة، تقول: أين فلانٌ؟ فيكون منتصباً في الحالاتِ كُلِّها. وأمّا الأَيْنُ من الإعياء فإِنه يصرف، وهو يجري مجرى الكلام في كلّ شيء.. والعَرَبُ لا تشتقّ منه فِعْلاً إلاّ في الشّعر، فقالوا: آن يئينُ أيناً. والإوانُ: شبه أَزَجٍ غير مشدودِ الوَجْه، والإيوانُ: لغةٌ فيه، قال:

إيوان كِسْرَى ذي القِرَى والرّيحانْ 

وجماعة الإوان: أُوُنٌ. وجماعة الإيوان: أواوين وإيوانات.

تَمّ باب اللّفيف من النّون، وبه تمّ باب النّون ولا رباعي ولا خماسي له 
أين
أَيْنَ لفظ يبحث به عن المكان، كما أنّ «متى» يبحث به عن الزمان، والآن: كل زمان مقدّر بين زمانين ماض ومستقبل، نحو: أنا الآن أفعل كذا، وخصّ الآن بالألف واللام المعرّف بهما ولزماه، وافعل كذا آونة، أي: وقتا بعد وقت، وهو من قولهم: الآن.
وقولهم: هذا أوان ذلك، أي: زمانه المختص به وبفعله.
قال سيبويه رحمه الله تعالى: الآن آنك، أي: هذا الوقت وقتك.
وآن يؤون، قال أبو العباس رحمه الله:
ليس من الأوّل، وإنما هو فعل على حدته.
والأَيْنُ: الإعياء، يقال: آنَ يَئِينُ أَيْناً، وكذلك: أنى يأني أينا: إذا حان.
وأمّا بلغ إناه فقد قيل: هو مقلوب من أنى، وقد تقدّم.
قال أبو العباس: قال قوم: آنَ يَئِينُ أَيْناً، والهمزة مقلوبة فيه عن الحاء، وأصله: حان يحين حينا، قال: وأصل الكلمة من الحين.
أ ي ن: (آنَ أَيْنُهُ) أَيْ حَانَ حِينُهُ وَ (آنَ) لَهُ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا مِنْ بَابِ بَاعَ، أَيْ حَانَ مِثْلُ أَنَى وَهُوَ مَقْلُوبٌ مِنْهُ. وَأَنْشَدَ ابْنُ السِّكِّيتِ:

أَلَمَّا يَئِنْ لِي أَنْ تُجَلَّى عَمَايَتِي ... وَأُقْصِرَ عَنْ لَيْلَى بَلَى قَدْ أَنَى لِيَا
فَجَمَعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ. وَ (أَيْنَ) سُؤَالٌ عَنْ مَكَانٍ فَإِذَا قُلْتَ: أَيْنَ زَيْدٌ فَإِنَّمَا تَسْأَلُ عَنْ مَكَانِهِ. وَ (أَيَّانَ) مَعْنَاهُ أَيُّ حِينٍ وَهُوَ سُؤَالٌ عَنْ زَمَانٍ مِثْلُ مَتَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَيَّانَ مُرْسَاهَا} [الأعراف: 187] وَ (إِيَّانَ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ لُغَةٌ وَبِهَا قَرَأَ السُّلَمِيُّ «إِيَّانَ يُبْعَثُونَ» وَ (الْآنَ) اسْمٌ لِلْوَقْتِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ وَرُبَّمَا فَتَحُوا اللَّامَ وَحَذَفُوا الْهَمْزَتَيْنِ فَقَالُوا (لَانَ) بِمَعْنَى الْآنَ. 
أ ي ن : آنَ يَئِينُ أَيْنًا مِثْلُ حَانَ يَحِينُ حَيْنًا وَزْنًا وَمَعْنًى فَهُوَ آئِنٌ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ عَلَى الْقَلْبِ فَيُقَالُ: أَنَى يَأْنِي، مِثْلُ: سَرَى يَسْرِي، وَفِي التَّنْزِيلِ: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الحديد: 16] .
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَلَمَّا يَئِنْ لِي أَنْ تُجَلَّى عَمَايَتِي ... وَأُقْصِرُ عَنْ لَيْلَى بَلَى قَدْ أَنَى لِيَا
فَجَمَعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ وَآنَ يَئِينُ أَيْنًا تَعِبَ فَهُوَ آئِنٌ عَلَى فَاعِلٍ وَأَيْنَ ظَرْفُ مَكَان يَكُونُ اسْتِفْهَامًا فَإِذَا قِيلَ أَيْنَ زَيْدٌ لَزِمَ الْجَوَابُ بِتَعْيِينِ مَكَانِهِ وَيَكُونُ شَرْطًا أَيْضًا وَيُزَادُ مَا فَيُقَالُ أَيْنَمَا تَقُمْ أَقُمْ وَأَيَّانَ فِي
تَقْدِيرِ فَعَّالٍ وَجَازَ أَنْ يَكُونَ فِي تَقْدِيرِ فَعْلَانَ وَهُوَ سُؤَالٌ عَنْ الزَّمَانِ وَهُوَ بِمَعْنَى مَتَى وَأَيِّ حِينٍ وَفِي أَيْنَ وَأَيَّانَ عُمُومُ الْبَدَلِ وَهُوَ نِسْبَةٌ إلَى جَمِيعِ مَدْلُولَاتِهِ لَا عُمُومُ الْجَمْعِ إلَّا بِقَرِينَةٍ فَقَوْلُهُ أَيْنَ تَجْلِسْ أَجْلِسْ يُلْزِمُ الْجُلُوسَ فِي مَكَان وَاحِدٍ. 
أين
آنَ يَئين، إِنْ، أَيْنًا، فهو آين
• آن الأذانُ: حان "ألم يئِنْ لك أن تقوم بواجبك نحو وطنك- أما آن لنا أن نكون أسيادَ أنفسِنا؟! ". 

أيَّنَ يؤيِّن، تأيينًا، فهو مؤيِّن، والمفعول مؤيَّن
• أيَّن غازًا: (كم) حَوَّله إلى أيونات. 

تأيَّنَ يتأيَّن، تأيُّنًا، فهو مُتأيِّن
• تأيَّن الغازُ: مُطاوع أيَّنَ: (كم) تحوَّل إلى أيونات. 

آن [مفرد]: وقت، حين "جاءوا في آن واحد- يستحيل على المرء أن يُوجد في مكانين معًا في آن واحد [مثل أجنبيّ]: " ° في آنٍ واحد: في الوقت نفسه- مِنْ آنٍ إلى آنٍ/ مِنْ آنٍ إلى آخر/ ما بين آنٍ وآخر: من وقت إلى آخر.
• الآن: ظرف للوقت الحاضر مبنيّ على الفتح " {قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} "? إلى الآن/ حتى الآن: إلى أو حتى هذا الوقت- مِن الآن فصاعدًا: ابتداء من اليوم إلى ما بعده في المستقبل.
• آنئذٍ: في ذلك الوقت.
• آنذاك: آنئذٍ؛ في ذلك الوقت. 

آنيّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى آن: في الوقت الحاضر "اللِّقاء آنيّ".
2 - فوريّ "الدَّفع/ عقابٌ آنيّ". 

أيْن [مفرد]: مصدر آنَ. 

أيْنَ [كلمة وظيفيَّة]:
1 - ظرف مكان يأتي للاستفهام مبني على الفتح، وتدخل عليه (مِنْ)، و (إلى) من حروف الجرّ "أين كنت أمس؟ - إلى أين تذهب؟ - من أين حضرت؟ - {يَقُولُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ} " ° مِنْ أين لك هذا؟.
2 - ظرف مكان لبيان بُعد المكان أو المكانة "أين الثرى من الثريَّا! - أين هو منك! ".
3 - ظرف مكان للشَّرط يجزم فعلين وتُزاد بعده (ما) فلا تكفّه عن العمل "أين يكثر ماء الأنهار تكثر زراعة الفاكهة- {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ} ". 

أينما [كلمة وظيفيَّة]: (انظر: أ ي ن م ا - أينما). 

مُتأيِّن [مفرد]: اسم فاعل من تأيَّنَ.
• الطَّبقة المتأيِّنة: (فز، جو) طبقة تنشأ في جو الأرض بفعل الأشعّة الشمسيَّة السينيَّة وفوق البنفسجيَّة وتعكس الموجات اللاسلكيَّة وبذلك تحقّق الاتصال اللاسلكي في العالم. 
[أي ن] آنَ الشيءُ أَيْنًا حانَ لُغَةٌ في أَنَى وليس بمَقلُوبٍ عَنهُ لوجود المصدرَ وقالَ

(أَلَمَّا يَئنْ لي أَنْ تُجَلَّى عَمَايَتي ... وأُقْصِرُ عن لَيْلَى بَلَى قد أَنَى لِيَا)

فجاءَ باللغتينِ جميعًا وقالوا آنَ أَيْنُكَ وإِينُكَ أي حيْنُكَ وقالوا الآنَ فجعلُوهُ اسْمًا لزمان الحَالِ ثم وضَعُوُه على التوسُّعِ فقالوا أَنَا الآنَ أَفْعَلُ كذا وكذا والألف واللامُ فيه زايِدَةٌ لأَنّ الاسم مَعْرِفَةٌ بِغِيرهما وَإِنَّما هو مَعْرِفَةٌ بلامٍ أُخرَى مقدَّرةٍ غَيْرَ هذه الظاهرة قال ابن جنيٍّ قولُهُ عَزّ اسمُهُ {قالوا الآن جئت بالحق} البقرة 71 الذي يَدُلُّ على أنّ اللامَ في الآنَ زائِدَةٌ أَنَّهَا لا تَخْلُو مِن أن تكون للتعريفِ كَمَا يَظُنُّ مخالفُنا أو تكون زائدَةً لغيرِ التعريف كَمَا نقولُ نحنُ فالذي يَدُلُّ على أنَّها لغَيرِ التعريف أَنَّا اعتبرنا جميع ما لامُهُ للتعريفِ فإذَا إسقاطُ لامِهِ جائزٌ فيه وذلكَ نَحْوُ رَجُلٍ والرجلِ وغُلاَمٍ والغلامِ ولم يقولوا افعَلْهُ آنَ كَمَا قالوا افْعَلْهُ الآن فدل هذا على أنَّ اللامَ فيهِ ليستْ للتعريف بل هي زائدَةٌ كما تُزَادُ غَيرُهُ من الحُروف فإذا ثَبَتَ أَنَّها زائدةٌ فقد وَجَبَ النظرُ فيما تَعَرَّفَ به الآنَ فَلَنْ يخلُو من أَحَدِ وجوه التعريف الخمسة إِمّا لأنّه من الأسماء المضمَرة أو من الأسماءِ الأعلامِ أو من الأسماء المُبهَمة أو مِنَ الأسماء المُضَافةِ أو من الأَسماءِ المُعرَّفَة باللام فمحالٌ أن يكونَ مِنَ الأسماءِ المُضْمرة لأنّها معروفةٌ محدودةٌ وليستِ الآن كذلكَ ومُحَالٌ أَنْ تكونَ من الأسماءِ الأعلام لأن تلكَ تَخُصُّ الواحِدَ بعنيه والآنَ يَقَعُ عَلَى كُلَّ وقتٍ حاضرٍ لا يَخُصُّ بعضَ ذلكَ دونَ بعضٍ ولم يَقُلْ أحدٌ أَنَّ الآنَ من الأسماءِ الأعلامِ ومُحَالٌ أيضًا أَنْ تكونَ من أسماءِ الإشارَةِ لأَنَّ جميعَ أسماءِ الإشارة لا تَجدُ في واحدٍ منها لامَ التَّعْرِيفِ وذلك نَحوُ هذا وهذه وذاكَ وتلكَ وهَؤُلاءِ وما أشبَهَ ذلكَ وذهبَ أبُو إسحاقَ إلى أَنَّ الآنَ إنّما تَعَرُّفُهُ بالإشارة وأَنّه إِنَّما بُنيَ لما كانت الألف واللام فيه لغير عهدٍ متقدم إنما تقول الآن كان كذا وكذا لمن لم يتقدم لك معه ذكر الوقت الحاضر فأما فساد كونه من أسماء الإشارة فقد تقدم وأما ما اعتلَّ به من أنه إنما بُنِيَ لأنَّ الألفَ واللامَ فيه لغير عَهْدٍ متقدِّمٍ ففاسدٌ أيضًا لأنّا قد نجدُ الألفَ واللامَ في كَثِيرٍ من الأسماءِ على غير تقدُّمٍ عَهْدٍ وتلك الأسماءُ مَعَ كونِ اللامِ فيها مَعَارِفُ وذلك قولكَ يأيُّها الرجلُ ونَظَرْتُ إلى هذا الغلامِ فقد بطل بِمَا ذكرْنَا أَنْ تكونَ الآنَ مِنَ الأسماءِ المشارِ بها ومحالٌ أيضًا أَنْ تكونَ من الأسماءِ المُتَعَرِّفة بالإضافَة لأنَّا لا نجدُ بعده اسمًا هو مُضافٌ إِليهِ فإذا بطلتْ واستحالتِ الأوجُهُ الأَربعَةُ المقَدَّمُ ذِكرُهَا لم يبقَ إِلا أَنْ يكونَ مُعَرَّفًا باللامِ نَحوُ الرجلِ والغلامِ وقد دلتْ الدلالَةُ عَلَى أَنّ الآنَ لَيْسَ مُعَرَّفًا باللامِ الظاهرةِ الّتي فيهِ لأنّهُ لَو كانَ مُعَرَّفًا بها لَجَاز سقوطُهَا منه فلزومُ هذه اللامِ للآنِ دَليلٌ عَلَى أَنَّها ليستْ للتَعريفِ وإِذا كان معرّفًا باللامِ لا محالةَ واستحالَ أَنْ تكونَ اللامُ فيه هي التي عرّفْته وَجَبَ أَنْ يكونَ معرّفًا بلامٍ أُخرى مَحذوفةٍ غيرِ هذه الظاهرة الّتي فيه بمنزِلَة أَمْسِ في أنّهُ تَعرّفَ بلامٍ مُرَادةٍ والقولُ فيهما واحِدٌ ولذلك بُنِيَا لتضمُّنِهمَا معنى حرفِ التَّعرِيف قال ابنُ جنيٍّ وهذا رَأْيُ أبي عليٍّ رَحمَهُ اللهُ وعنه أَخَذْتُهُ وهو الصوابُ قال سيبويه وقالوا الآنَ آنُكَ كذا قرأْناهُ في كتابِ سيبويه بنصبِ الآنَ ورفع آنُكَ وكذلكَ الآنَ حَدُّ الزمَانَينِ هكذا قرأْناهُ أيضًا بالنصب وقال ابنُ جنيٍّ اللامُ في قَولهم الآنَ حَدُّ الزَمَانَينِ بمنزلَتها في قولك الرجلُ أَفضلُ مِنَ المرأَةِ أي هذا الجنسُ أفضلُ مِنْ هذا الجنس فكذلكَ الآنَ إذا رَفَعَهُ جَعَلَهُ جِنسَ هذا المستعملِ في قولهم كنتُ الآنَ عنده فمعنى هذا كنتُ في هذا الوقت الحاضرِ بعضُهُ وقد تَصَرّمتْ أَجزاءٌ منه عندهُ وبُنِيَتِ الآنَ لتضمُّنِها معنى الحرف وَآنَ أَيْنًا أَعْيَا وقال أبو عُبَيْدٍ لا فِعْلَ للأيْنِ الّذي هو الإعْيَاءُ والأَيْنُ الحَيَّةُ نُوْنُهُ بدلٌ منَ الميمِ قال اللحيانيُّ والأيْنُ والأَيْمُ أيضًا الرجُلُ والجَمَلُ وأَيْنَ سؤَالٌ عن مكانٍ وهي مُغْنيَةٌ عن الكلامِ الكثير وذلكَ أَنَّكَ إذا قُلتَ أيْنَ بيتُكَ أغناك ذلك عن ذكرِ الأماكنِ كلِّهَا وهو اسمٌ لأنَّكَ تقولُ من أَيْنَ قال اللحيانيُّ وهِيَ مُؤَنَّثةُ قال وإِنْ شِئْتَ ذكَّرْتَ وكذلكَ كلُّ مَا جَعَلَهُ الكُتَّابُ اسما مِنَ الأَدَوَاتِ والصفاتِ التأنيثُ فيه أَعْرَفُ والتذكيرُ جائزٌ فأَمَّا قولُ حُمَيد بنِ ثَورٍ الهلالي

(وأَسمَاءُ مَا أَسماءُ لَيْلَةَ أَدْلَجَتْ ... إليَّ وأصحابِي بأيَّ وَأَيْنَمَا)

فإِنّهُ جعلَ أَيْنَ عَلمًا للبُقْعَة مجردًا من معنى الاستفهامِ فَمَنَعَهَا الصرفَ للتعريفَ والتأْنيث كَأَيَّ فتكُونُ الفتحةُ في آخرِ أَيْنَ علَى هذا فتحةَ الجرِّ وإِعرابًا مثلَهَا في مررتُ بأحمَد وتكونُ مَا على هذا زائدةً وأَيْنَ وحْدَها هِيَ الاسمُ كما كانَتْ أَيَّ وحْدَها هي الاسمَ فهذا وَجْهٌ ويجوز أَنْ يكونَ رَكَّبَ أَيْن مع مَا فلمّا فعلَ ذلكَ فتحَ الأولَ منهمَا كفتحةِ الياءِ منْ حَيَّ لمَّا ضَمَّ حَيَّ إلى هَلْ والفتحةُ في النون على هذا حادثَةٌ للتركيبِ وليستْ بالّتي كانتْ في أَيْنَ وهيَ استفهامٌ لأنَّ حركةَ التركيبِ خَلفَتْهَا ونابت عنها وإذا كانتْ فتحةُ التركيبِ تؤثرُ في حركةِ الإعرابِ فَتُزِيلُهَا إليها نحو قولكَ هذهِ خمسَةٌ فتُعرِبُ ثم تقولُ في التركيبِ هذه خمسةَ عَشَرَ فَتَخْلُفُ فتحةُ التركيب ضَمّةَ الإعراب على قُوَّةِ حركة الإعرابِ كانَ إِبدالُ حركة البناءِ من حركة البناءِ أَحْرَى بالجوازِ وأَقربَ في القياس وأيّانَ بمعنى مَتَى قالَ اللحيانيُّ هي مُؤَنثةٌ وإِنْ ذَكَّرتَ جاز قال ابن جِنيٍّ إِذَا كانتْ بمعنى مَتَى فينبغي أَنْ تكونَ شرْطًا ولم يذكُرَها أصحابُنَا في الظروف المشروط بها نحوُ مَتَى وأَيْنَ وأَيَّ حينٍ هذا هو الوَجْهُ وقد يُمكنُ أن يكونَ فيها معنى الشرط وإن لم يكن شرطًا صريحًا كإذا في غالبِ الأمر قال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ

(نُفَاثِيَّةٌ أَيّانَ مَا شاءَ أَهلُها ... رَأَوا فُوقَهَا في الخُصِّ لم يَتَغَيَّبِ)

يَهْجُو امرأَةً شبَّهَ حِرَها بفُوقِ السهمِ وحكى الزجاجُ فيه إِيَّانَ وفي التنزيل {أيَّان يُبْعَثونَ} النمل 65 وَ {إِيَّانَ يبعثون} والأوَاينُ بلَدٌ قال مَالِكُ بنُ خَالِدٍ الهُذَليُّ

(فَهيهاتَ ناسٌ من أُناسٍ دِيَارُهُم ... دُفَاقٌ وَدَارُ الآخرينَ الأوايِنُ)

وقد يجوزُ أَنْ تكونَ وَاوًا

أين: آنَ الشيءُ أَيناً: حانَ، لغة في أَنى، وليس بمقلوب عنه لوجود

المصدر؛ وقال:

أَلَمَّا يَئِنْ لي أَنْ تُجَلَّى عمايَتي،

وأُقْصِرَ عن ليْلى؟ بَلى قد أَنى لِيا

فجاء باللغتين جميعاً. وقالوا: آنَ أَيْنُك وإينُك وآن آنُك أَي حانَ

حينُك، وآنَ لك أَن تفعل كذا بَئينُ أَيْناً؛ عن أَبي زيد، أَي حانَ، مثل

أَنى لك، قال: وهو مقلوبٌ منه. وقالوا: الآن فجعلوه اسماً لزمان الحال، ثم

وصفوا للتوسُّع فقالوا: أَنا الآنَ أَفعل كذا وكذا، والأَلف واللام فيه

زائدة لأَنَّ الاسمَ معرفة بغيرهما، وإنما هو معرفة بلام أُخرى مقدَّرة

غير هذه الظاهرة. ابن سيده: قال ابن جني قوله عز وجل: قالوا الآنَ جئتَ

بالحقِّ؛ الذي يدل على أَن اللام في الآن زائدة أَنها لا تخلو من أَن تكونَ

للتعريف كما يظنُّ مخالفُنا، أَو تكون زائدة لغير التعريف كما نقول نحن،

فالذي يدل على أَنها لغير التعريف أَنَّا اعتبرنا جميعَ ما لامُه

للتعريف، فإذا إسقاطُ لامِه جائز فيه، وذلك نحو رجل والرجل وغلام والغلام، ولم

يقولوا افْعَلْه آنَ كما قالوا افعَلْه الآنَ، فدل هذا على أَن اللامَ

فيه ليست للتعريف بل هي زائدة كما يُزاد غيرُها من الحروف، قال: فإذا ثَبتَ

أَنها زائدةٌ فقد وجب النظرُ فيما يُعَرَّف به الآن فلن يخلو من أَحد

وجوه التعريف الخمسة: إما لأَنه من الأَسماء المُضْمَرة أَو من الأَسماء

الأَعلام، أَو من الأَسماء المُبْهَمة، أَو من الأَسماء المضافة، أو من

الأَسماء المُعَرَّفة باللام، فمُحالٌ أَن تكون من الأَسماء المضمرة لأَنها

معروفة محدودة وليست الآن كذلك، ومُحالٌ أَن تكون من الأَسماء الأَعْلام

لأَن تلك تخُصُّ الواحد بعَيْنه، والآن تقعَ على كلِّ وقتٍ حاضر لا

يَخُصُّ بعضَ ذلك دون بعض، ولم يَقُلْ أَحدٌ إن الآن من الأَسماء الأَعلام،

ومُحالٌ أَيضاً أن تكون من أَسماء الإشارة لأَن جميع أَسماء الإشارة لا تجد

في واحدٍ منها لامَ التعريف، وذلك نحو هذا وهذه وذلك وتلك وهؤلاء وما

أَشْبَهَ ذلك، وذهب أَبو إسحق إلى أَن الآن إنما تَعَرُّفه بالإشارة، وأَنه

إنما بُنِيَ لما كانت الأَلف واللام فيه لغير عهد متقدم، إنما تقولُ

الآن كذا وكذا لمن لم يتقدم لك معه ذِكْر الوقت الحاضر، فأَما فساد كونه من

أَسماء الإشارة فقد تقدم ذِكرُه، وأَما ما اعْتَلَّ به من أَنه إنما

بُنيَ لأَن الأَلف واللام فيه لغير عهدٍ متقَدِّمٍ ففاسدٌ أَيضاً، لأَنا قد

نجد الأَلف واللام في كثير من الأَسماء على غير تقدُّم عهْد، وتلك

الأَسماء مع كون اللام فيها مَعارف، وذلك قولك يا أَيها الرجلُ، ونظَرْتُ إلىه

هذا الغلام، قال: فقد بطلَ بما ذكَرْنا أَن يكون الآنَ من الأَسماء المشار

بها، ومحالٌ أَيضاً أَن تكون من الأَسماء المتعَرِّفة بالإضافة لأَننا

لا نشاهد بعده اسماً هو مضاف إليه، فإذا بَطَلَت واسْتَحالت الأَوجه

الأَربعة المقَدَّم ذكرُها لم يَبْقَ إلا أَن يكون معرَّفاً باللام نحو الرجل

والغلام، وقد دلت الدلالةُ على أَن الآن ليس مُعَرَّفاً باللام الظاهرة

التي فيه، لأَنه لو كان مَُعرَّفاً بها لجازَ سُقوطُها منه، فلزومُ هذه

اللام للآن دليلٌ على أَنها ليست للتعريف، وإذا كان مُعَرَّفاً باللام لا

محالَةَ، واستَحال أَن تكونَ اللام فيه هي التي عَرَّفَتْه، وجب أَن يكون

مُعَرَّفاً

بلام أُخرى غير هذه الظاهرة التي فيه بمنزلة أَمْسِ في أَنه تَعَرَّف

بلام مرادة، والقول فيهما واحدٌ، ولذلك بنيا لتضمُّنهما معنى حرف التعريف؛

قال ابن جني: وهذا رأْيُ أَبي علي وعنه أَخَذْتُه، وهو الصوابُ، قال

سيبويه: وقالوا الآن آنُكَ، كذا قرأْناه في كتاب سيبويه بنصب الآنَ ورفعِ

آنُك، وكذا الآنَ حدُّ الزمانَيْن، هكذا قرأْناه أَيضاً

بالنصب، وقال ابن جني: اللام في قولهم الآنَ حَدُّ الزمانين بمنزلتها في

قولك الرجلُ أَفضلُ من المرأَة أَي هذا الجنسُ أَفضلُ من هذا الجنس،

فكذلك الآن، إذا رَفَعَه جَعَلَه جنسَ هذا المُسْتَعْمَلِ في قولهم كنتُ

الآن عنده، فهذا معنى كُنتُ في هذا الوقت الحاضر بعْضُه، وقد تَصَرَّمَتْ

أَجزاءٌ منه عنده، وبُنيت الآن لتَضَمُّنها معنى الحرف. وقال أَبو عمرو:

أَتَيْتُه آئِنَةً

بعد آئِنَةٍ بمعنى آوِنةٍ. الجوهري: الآن اسمٌ للوقت الذي أَنت فيه، وهو

ظَرْف غير مُتَمَكِّنٍ، وَقَع مَعْرِفةً ولم تدخُل عليه الأَلفُ واللامُ

للتعريف، لأَنَّه لَيْس له ما يَشْرَكُه، وربَّما فَتَحوا اللامَ

وحَذَفوا الهمْزَتَيْنِ؛ وأَنشد الأَخفش:

وقد كُنْتَ تُخْفِي حُبَّ سَمْراءَ حِقْبَةً،

فَبُحْ، لانَ منْها، بالذي أَنتَ بائِحُ

قال ابن بري: قولُه حَذَفوا الهمزَتَين يعني الهمزةَ التي بَعْد اللامِ

نَقَلَ حركتها على اللامِ وحَذَفها، ولمَّا تَحَرَّكَت اللامُ سَقَطَتْ

همزةُ الوَصْلِ الداخلةُ على اللام؛ وقال جرير:

أَلانَ وقد نَزَعْت إلى نُمَيْرٍ،

فهذا حينَ صِرْت لَهُمْ عَذابا.

قال: ومثْلُ البيتِ الأَوَّل قولُ الآخَر:

أَلا يا هِنْدُ، هِنْدَ بَني عُمَيْرٍ،

أَرَثٌّ، لانَ، وَصْلُكِ أَم حَديدُ؟

وقال أَبو المِنْهالِ:

حَدَبْدَبَى بَدَبْدَبَى منْكُمْ، لانْ،

إنَّ بَني فَزارَةَ بنِ ذُبيانْ

قد طرقَتْ ناقَتُهُمْ بإنْسانْ

مُشَنَّإٍ، سُبْحان رَبِّي الرحمنْ

أَنا أَبو المِنْهالِ بَعْضَ الأَحْيانْ،

ليس عليَّ حَسَبي بِضُؤْلانْ.

التهذيب: الفراء الآن حرفٌ بُنِيَ على الأَلف واللام ولم يُخْلَعا منه،

وتُرِك على مَذْهَب الصفةِ لأَنَّه صفةٌ في المعنى واللفظ كما رأَيتهم

فَعَلوا بالذي والذين، فَتَرَكوهما على مذهب الأَداةِ والأَلفُ واللامُ

لهما غير مفارِقَةٍ؛ ومنه قول الشاعر:

فإِن الأُلاء يعلمونك منهم،

كعلم مظنول ما دمت أَشعرا

(* قوله «فان الألاء إلخ» هكذا في الأصل). فأَدْخلَ الأَلف واللام على

أُولاء، ثم تَرَكَها مخفوضةً في موضع النصب كما كانت قبل أَن تدخُلَها

الأَلف واللام؛ ومثله قوله:

وإنِّي حُبِسْتُ اليومَ والأَمْسِ قَبْلَه

بِبابِكَ، حتى كادَتِ الشمسُ تَغْربُ

فأَدخَلَ الأَلفَ واللام على أَمْسِ ثم تركه مخفوضاً على جهة الأُلاء؛

ومثله قوله:

وجُنَّ الخازِبازِ به جُنوناً

فمثلُ الآن بأَنها كانت منصوبة قبل أَن تُدْخِلَ عليها الأَلفَ

واللام، ثم أَدْخَلْتَهما فلم يُغَيِّراها، قال: وأَصلُ الآن إنما كان أَوَان،

فحُذِفَت منها الأَلف وغُيِّرت واوُها إلى الألف كما قالوا في الرّاح

الرَّياح؛ قال أَنشد أَبو القَمْقام:

كأَنَّ مكاكِيَّ الجِواءِ غُدَيَّةً،

نَشاوَى تَساقَوْا بالرَّياحِ المُفَلْفَلِ

فجعل الرَّياحَ والأَوانَ مرَّة على جهة فَعَلٍ، ومرة على جهة فَعالٍ،

كما قالوا زَمَن وزَمان، قالوا: وإن شئت جعلتَ الآن أَصلها من قولِه آنَ

لك أَن تفعلَ، أَدخَلْتَ عليها الأَلفَ واللام ثم تركتَها على مذهب

فَعَلَ، فأَتاها النصبُ مِنْ نَصْبِ فعَل، وهو وجهٌ جيّد كما قالوا: نَهى رسولُ

الله، صلى الله عليه وسلم، عن قِيلَ وقالَ، فكانتا كالاسمين وهما

منصوبتان، ولو خَفَضْتَهما على أَنهما أُخْرِجتا من نيّة الفعل إلى نيّة

الأَسماء كان صواباً؛ قال الأَزهري: سمعت العرب يقولون: مِنْ شُبَّ إلى دُبََّ،

وبعضٌ: من شُبٍّ إلى دُبٍّ، ومعناه فعَل مُذْ كان صغيراً إلى أَن دَبّ

كبيراً. وقال الخليل: الآن مبنيٌّ على الفتح، تقول نحنُ من الآنَ نَصِيرُ

إليك، فتفتح الآنَ لأَنَّ الأَلفَ واللام إنما يدخُلانِ لعَهْدٍ، والآنَ

لم تعْهَدْه قبل هذا الوقت، فدخلت الأَلف واللام للإشارة إلى الوقت،

والمعنى نحنُ من هذا الوقت نفعلُ؛ فلما تضمَّنَت معنى هذا وجَب أَن تكون

موقوفةً، ففُتِحَت لالتقاء الساكنين وهما الأَلف والنون. قال أَبو منصور:

وأَنكر الزجاجُ ما قال الفراء أَنَّ الآنَ إنما كان في الأَصل آن، وأَن

الأَلف واللام دخلتا على جهة الحكاية وقال: ما كان على جهة الحكاية نحو قولك

قام، إذا سَمَّيْتَ به شيئاً، فجعلتَه مبنيّاً على الفتح لم تدخُلْه

الأَلفُ واللام، وذكر قولَ الخليل: الآنَ مبنيٌّ على الفتح، وذهب إليه وهو

قول سيبويه. وقال الزجاج في قوله عز وجل: الآنَ جئتَ بالحقِّ؛ فيه ثلاثُ

لُغاتٍ: قالوا الآنَ، بالهمز واللام ساكنة، وقالوا أَلانَ، متحركة اللام

بغير همز وتُفْصَل، قالوا مِنْ لانَ، ولغة ثالثة قالوا لانَ جئتَ بالحقّ،

قال: والآنَ منصوبةُ النون في جميع الحالات وإن كان قبلها حرفٌ خافضٌ

كقولك من الآنَ، وذكر ابن الأَنباري الآن فقال: وانتصابُ الآن بالمضمر،

وعلامةُ النصب فيه فتحُ النون، وأَصلُه الأَوانُ فأُسقِطَت الأَلف التي بعد

الواو وجُعِلَت الواوُ أَلفاً لانفتاح ما قبلها، قال: وقيل أَصله آنَ لك

أَن تفعلَ، فسُمِّي الوقتُ بالفعل الماضي وتُرِك آخرُه على الفتح، قال:

ويقال على هذا الجواب أَنا لا أُكلِّمُك مِنَ الآنَ يا هذا، وعلى الجواب

الأَول من الآنِ؛ وأَنشد ابن صخر:

كأَنهما ملآنِ لم يَتَغَيَّرا،

وقد مَرَّ للدارَينَ مِن بعدِنا عَصْرُ

وقال ابن شميل: هذا أَوانُ الآنَ تَعْلم، وما جئتُ إلاَّ أَوانَ الآنَ

أَي ما جئت إلا الآن، بنصب الآن فيهما. وسأَل رجلٌ ابنَ عمر عن عثمان قال:

أَنشُدك اللهَ هل تعْلم أَنه فرَّ يوم أُحُد وغاب عن بدرٍ وعن بَيْعةِ

الرّضوان؟ فقال ابنُ عمر: أَما فِرارُه يوم أُحُد فإن الله عز وجل يقول:

ولقد عَفا اللهُ عنهم؛ وأَما غَيْبَتُه عن بدرٍ فإنه كانت عنده بنتُ رسول

الله، صلى الله عليه وسلم، وكانت مريضةً وذكر عُذْرَه في ذلك ثم قال:

اذهبْ بهذه تَلآنَ مَعَك؛ قال أَبو عبيد: قال الأُمَويّ قوله تَلآنَ يريد

الآن، وهي لغة معروفة، يزيدون التاءَ في الآن وفي حينٍ ويحذفون الهمزة

الأُولى، يقال: تَلآن وتَحين؛ قال أَبو وجزة:

العاطِفون تحينَ ما من عاطِفٍ،

والمُطْعِمونَ زمانَ ما من مُطْعِم.

وقال آخر:

وصَلَّيْنا كما زَعَمَت تَلانا.

قال: وكان الكسائي والأَحمر وغيرُهما يذهبون إلى أَن الرواية العاطفونَة

فيقول: جعل الهاء صلةً

وهو وسط الكلام، وهذا ليس يُوجد إلا على السكت، قال: فحَدَّثتُ به

الأُمَويَّ فأَنكره، قال أَبو عبيد: وهو عندي على ما قال الأُمَويُّ ولا حجة

لمن احتج بالكتاب في قوله: ولاتَ حينَ مَناص، لأَن التاء منفصلةٌ من حين

لأَنهم كتبوا مثلها منفصلاً أَيضاً مما لا ينبغي أَن يُفْصَل كقوله: يا

وَيْلتَنا مالِ هذا الكتابِ، واللامُ منفصلة من هذا. قال أَبو منصور:

والنحويون على أَن التاء في قوله تعالى ولاتَ حينَ في الأَصل هاءٌ، وإنما هي

وَلاهْ فصارت تاءً للمرورِ عليها كالتاءَاتِ المؤَنثة، وأَقاوِيلُهم

مذكورة في ترجمة لا بما فيه الكفاية. قال أَبو زيد: سمعت العرب تقول مررت

بزيدِاللاَّنَ، ثقَّلَ اللامَ وكسر الدال وأَدْغم التنوين في اللام. وقوله في

حديث أَبي ذر: أَما آن للرجل أَن يَعْرف مَنزِلة أَي أَما حانَ وقرُبَ،

تقول منه: آنَ يَئينُ أَيْناً، وهو مثل أَنَى يَأْني أَناً، مقلوبٌ منه.

وآنَ أَيْناً: أَعيا. أَبو زيد: الأَيْنُ الإعْياء والتعب. قال أَبو زيد:

لا يُبْنى منه فِعْلٌ وقد خُولِفَ فيه، وقال أَبو عبيدة: لا فِعْل

لِلأَين الذي هو الإعياء. ابن الأَعرابي: آنَ يَئِينُ أَيْناً من الإعياء؛

وأَنشد:

إنَّا ورَبِّ القُلُص الضَّوامِرِ

إنا أَي أَعْيَينا. الليث: ولا يشتَقُّ منه فِعْل إلاَّ في الشِّعْر؛

وفي قصيد كعب بن زهير:

فيها على الأَيْنِ إِرْقالٌ وتَبْغيلُ

الأَيْنُ: الإعياء والتعب. ابن السكيت: الأَيْنُ والأَيْمُ الذَّكَر من

الحيات، وقيل: الأَينُ الحيَّةُ مثل الأَيمِ، نونه بدلٌ

من اللام. قال أَبو خيرة: الأُيونُ والأُيومُ جماعة. قال اللحياني:

والأَينُ والأَيم أَيضاً الرجل والحِمل. وأَيْنَ: سُؤَالٌ عن مكانٍ، وهي

مُغْنية عن الكلام الكثير والتطويل، وذلك أَنك إذا قلت أَيْنَ بَيْتُك أَغناك

ذلك عن ذِكْر الأَماكن كلها، وهو اسمٌ لأَنك تقول من أَينَ؛ قال

اللحياني: هي مُؤَنثة وإن شئت ذكَّرْت، وكذلك كلُّ ما جعله الكتابُ اسماً من

الأَدوات والصِّفات، التأْنيثُ فيه أَعْرَفُ والتذكيرُ جائز؛ فأَما قول

حُمَيد بن ثور الهلالي:

وأَسماء، ما أَسماءُ لَيْلَةَ أَدْلَجَتْ

إِلَيَّ، وأَصحابي بأَيْنَ وأَيْنَما.

فإنه جعل أَينَ علماً للبُقْعة مجرداً من معنى الاستفهام، فمنَعَها

الصرف للتعريف والتأْنيث كأُنَى، فتكونُ الفتحةُ في آخر أَين على هذا فتحةَ

الجرِّ وإعراباً مثلها في مررْتُ بأَحْمَدَ، وتكون ما على هذا زائدةً

وأَينَ وحدها هي الاسم، فهذا وجهٌ، قال: ويجوز أَن يكون ركَّب أَينَ مع ما،

فلما فعل ذلك فتح الأُولى منها كفتحة الياء من حَيَّهَلْ لما ضُمَّ حَيَّ

إلى هَلْ، والفتحةُ في النون على هذا حادثةٌ

للتركيب وليست بالتي كانت في أَيْنَ، وهي استفهام، لأَن حركة التركيب

خَلَفَتْها ونابَتْ عنها، وإذا كانت فتحةُ التركيب تؤَثر في حركة الإعراب

فتزيلُها إليها نحو قولك هذه خمسةٌ، فتُعْرِب ثم تقول هذه خمْسةَ عشَر

فتخلُف فتحةُ التركيب ضمةَ الإعراب على قوة حركة الإعراب، كان إبدالُ حركة

البناء من حركة البناء أَحرى بالجواز وأَقرَبَ في القياس. الجوهري: إذا

قلتَ أَين زيد فإنما تسأَلُ عن مكانه. الليث: الأَينُ وقتٌ من الأَمْكِنة

(* قوله «الأين وقت من الأمكنة» كذا بالأصل). تقول: أَينَ فلانٌ

فيكون منتصباً في الحالات كلها ما لم تَدْخُلْه الأَلف واللام. وقال

الزجاج: أَينَ وكيف حرفان يُسْتَفْهَم بهما، وكان حقُّهما أَن يكونا

مَوْقوفَين، فحُرِّكا لاجتماع الساكنين ونُصِبا ولم يُخْفَضا من أَجل الياء،

لأَن الكسرة مع الياء تَثْقُل والفتحةُ أَخفُّ. وقال الأََُخفش في قوله

تعالى: ولا يُفْلِحُ الساحِرُ حَيْث أَتى، في حرف ابن مسعود أَينَ أَتى، قال:

وتقول العرب جئتُك من أَينَ لا تَعْلَم؛ قال أَبو العباس: أَما ما حكي

عن العرب جئتُك من أَين لا تعْلم فإنما هو جواب مَنْ لم يفهم فاستفهم، كما

يقول قائل أَينَ الماءُ والعُشْب. وفي حديث خطبة العيد: قال أَبو سعيد

وقلت أَيْنَ الابتداءُ بالصلاة أَي أَينَ تذْهَب، ثم قال: الابْتِداءُ

بالصلاة قبل الخطبة، وفي رواية: أَين الابتداء بالصلاة أَي أَينَ يَذْهَبُ

الإبتداءُ بالصلاة، قال: والأَول أَقوى. وأَيّانَ: معناه أَيُّ حينٍ، وهو

سُؤَالٌ عن زمانٍ مثل متى. وفي التنزيل العزيز: أَيَّان مُرْساها. ابن

سيده: أَيَّان بمعنى مَتى فينبغي أَن تكون شرطاً، قال: ولم يذكرها أَصحابنا

في الظروف المشروط بها نحو مَتى وأَينَ وأَيٌّ وحِينَ، هذا هو الوجه،

وقد يمكن أَن يكون فيها معنى الشرط ولم يكن شرطاً صحيحاً كإِذا في غالب

الأمر؛ قال ساعدة بن جؤية يهجو امرأَة شبَّه حِرَها بفُوق السهم:

نفاثِيّة أَيّانَ ما شاءَ أَهلُها،

رَوِي فُوقُها في الحُصِّ لم يَتَغَيّب.

وحكى الزجاج فيه إيَّانَ، بكسر الهمزة. وفي التنزيل العزيز: وما

يَشْعُرون أَيّانَ يُبْعَثون؛ أَي لا يعلمون متى البَعْث؛ قال الفراء: قرأَ أَبو

عبد الرحمن السُّلَمي إيّانَ يُبْعَثون، بكسر الأَلف، وهي لغة لبعض

العرب، يقولون متى إوانُ ذلك، والكلام أَوان. قال أَبو منصور: ولا يجوز أَن

تقولَ أَيّانَ فعلت هذا. وقوله عز وجل: يَسْأَلون أَيّانَ يومُ الدِّين،

لا يكون إلا استفهاماً عن الوقت الذي لم يجئ. والأَيْنُ: شجرٌ حجازي،

واحدته أَينةٌ؛ قالت الخنساء:

تذَكَّرْتُ صَخْراً، أَنْ تَغَنَّتْ حمامةٌ

هَتُوفٌ على غُصنٍ من الأَيْنِ تَسْجَعُ

والأَواينُ: بلد؛ قال مالك بن خالد الهُذليّ:

هَيْهاتَ ناسٌ من أُناسٍ ديارُهم

دُفاقٌ، ودارُ الآخَرينَ الأَوايِنُ

قال: وقد يجوز أَن يكون واواً.

أ ي ن

آن وقتك بمعنى حان. وأما آن لك أن تفعل. ووجفت الإبل على الأين أي على الإعياء. وتقول: أين منها الأين؟ وقال:

أقول للمرار والمهاجر ... إنا ورب القلص الضوامر

أي أعيينا من الأين. ومن أين لك هذا؟ وأيان ترجع بمعنى متى.

منذ

باب الذّال والنّون والميم معهما م ن ذ يستعمل فقط

منذ: النّون والذّال فيها أصليّتان، وقد تُحذَف النّون في لغة. وقيل: إن بناء منذُ مأخوذ من قولك: مِنْ إذْ، وكذلك معناها من الزمان إذا قلت: منذُ كانَ، كان معناه: مِن إذْ كانَ ذلك، فلما كثر في الكلام طُرِحَتُ همزتُها ، وجُعِلَتا كلمة واحدة ورُفِعَتْ على توهُّم الغاية .

منذ: قال الليث: مُنْذُ النون والذال فيها أَصليان، وقيل: إِن بناء منذ

مأْخوذ من قولك «من إِذ» وكذلك معناها من الزمان إِذا قلت منذ كان معناه

«من إِذ» كان ذلك. ومُنْذُ ومُذْ: من حروف المعاني. ابن بزرج: يقال ما

رأَيته مذ عامِ الأَوّلِ، وقال العوام: مُذْ عامٍ أَوّلَ، وقال أَبو هلال:

مذ عاماً أَوّل، وقال نَجاد: مُذْ عامٌ أَوّلُ، وقال غيره: لم أَره مذ

يومان ولم أَره منذ يومين، يرفع بمذ ويخفض بمنذ، وقد ذكرناه في مذذ. ابن

سيده: منذ تحديد غاية زمانية، النون فيها أَصلية، رفعت على توهم الغاية؛

قيل: وأَصلها «من إِذ» وقد تحذف النون في لغة، ولما كثرت في الكلام طرحت

همزتها وجعلت كلمة واحدة، ومذ محذوفة منها تحديد غاية زمانية أَيضاً.

وقولهم: ما رأَيته مُذُ اليوم، حركوها لالتقاء الساكنين ولم يكسروها لكنهم

ضموها لأَن أَصلها الضم في منذ؛ قال ابن جني: لكنه الأَصل الأَقرب، أَلا ترى

أَن أَوّل حال هذه الذال أَن تكون ساكنة؟ وإِنما ضمت لالتقاء الساكنين

إِتباعاً لضمة الميم، فهذا على الحقيقة هو الأَصل الأَوّل؛ قال: فأَما ضم

ذال منذ فإِنما هو في الرتبة بعد سكونها الأَوّل الــمقدّر، ويدلك على أن

حركتها إِنما هي لالتقاء الساكنين، أَنه لما زال التقاؤهما سكنت الذال،

فضمُّ الذال إِذاً في قولهم مذ اليوم ومذ الليلة، إِنما هو رد إِلى الأَصل

الأَقرب الذي هو منذ دون الأَصل، إِلى بعد الذي هو سكون الذال في منذ قبل

أَن تحرك فيما بعد؛ وقد اختلفت العرب في مذ ومنذ: فبعضهم يخفض بمذ ما

مضى وما لم يمض، وبعضهم يرفع بمنذ ما مضى وما لم يمض. والكلام أَن يخفض بمذ

ما لم يمض ويرفع ما مضى، ويخفض بمنذ ما لم يمض وما مضى، وهو المجتمع

عليه، وقد أَجمعت العرب على ضم الذال من منذ إِذا كان بعدها متحرك أَو ساكن

كقولك لم أَره منذ يوم ومنذ اليوم، وعلى اسكان مذ إِذا كانت بعدها أَلف

وصل، ومثله الأَزهري فقال: كقولك لم أَره مذ يومان ولم أَره مذ اليوم.

وسئل بعض العرب: لم خفضوا بمنذ ورفعوا بمذ فقال: لأَن منذ كانت في الأَصل من

إِذ كان كذا وكذا، وكثر استعمالها في الكلام فحذفت الهمزة وضمت الميم،

وخفضوا بها على علة الأَصل، قال: وأَما مذ فإِنهم لما حذفوا منها النون

ذهبت الآلة الخافضة وضموا الميم منها ليكون أَمتن لها، ورفعوا بها ما مضى

مع سكون الذال ليفرقوا بها بين ما مضى وبين ما لم يمض؛ الجوهري: منذ مبني

على الضم، ومذ مبني على السكون، وكل واحد منهما يصلح أَن يكون حرف جر

فتجر ما بعدهما وتجريهما مجرى في، ولا تدخلهما حينئذ إِلا على زمان أَنت

فيه، فتقول: ما رأَيته منذ الليلة، ويصلح أَن يكونا اسمين فترفع ما بعدهما

على التاريخ أَو على التوقيت، وتقول في التاريخ: ما رأَيته مذ يومُ

الجمعة، وتقول في التوقيت: ما رأَيته مذ سنةٌ أَي أَمد ذلك سنة، ولا يقع ههنا

إِلا نكرة، فلا تقول مذ سنةُ كذا، وإِنما تقول مذ سنةٌ. وقال سيبويه: منذ

للزمان نظيره من للمكان، وناس يقولون إِن منذ في الأَصل كلمتان «من إِذ»

جعلتا واحدة، قال: وهذا القول لا دليل على صحته. ابن سيده: قال اللحياني:

وبنو عبيد من غنيّ يحركون الذال من منذ عند المتحرك والساكن، ويرفعون ما

بعدها فيقولون: مذُ اليومُ، وبعضهم يكسر عند الساكن فيقول مذِ اليومُ.

قال: وليس بالوجه. قال بعض النحويين: ووجه جواز هذا عندي على ضعفه أَنه

شبَّه ذال مذ بدال قد ولام هل فكسرها حين احتاج إِلى ذلك كما كسر لام هل

ودال قد. وحكي عن بني سليم: ما رأَيته مِنذ سِتٌّ، بكسر الميم ورفع ما

بعده. وحكي عن عكل: مِذُ يومان، بطرح النون وكسر الميم وضم الذال. وقال بنو

ضبة: والرباب يخفضون بمذ كل شيء. قال سيبويه: أَما مذ فيكون ابتداء غاية

الأَيام والأَحيان كما كانت من فيما ذكرت لك ولا تدخل واحدة منهما على

صاحبتها، وذلك قولك: ما لقيته مذ يوم الجمعة إِلى اليوم، ومذ غدوةَ إِلى

الساعة، وما لقيته مذ اليومِ إِلى ساعتك هذه، فجعلت اليوم أَول غايتك

وأَجْرَيْتَ في بابها كما جرت من حيث قلت: من مكان كذا إِلى مكان كذا؛ وتقول:

ما رأَيته مذ يومين فجعلته غاية كما قلت: أَخذته من ذلك المكان فجعلته

غاية ولم ترد منتهى؛ هذا كله قول سيبويه. قال ابن جني: قد تحذف النون من

الأَسماء عيناً في قولهم مذ وأَصله منذ، ولو صغرت مذ اسم رجل لقلت مُنَيْذ،

فرددت النون المحذوفة ليصح لك وزن فُعَيْل. التهذيب: وفي مذ ومنذ لغات

شاذة تكلم بها الخَطِيئَة من أَحياء العرب فلا يعبأُ بها، وإِن جمهور العرب

على ما بين في صدر الترجمة. وقال الفراء في مذ ومنذ: هما حرفان مبنيان

من حرفين من من ومن ذو التي بمعنى الذي في لغة طيء، فإِذا خفض بهما

أُجريتا مُجْرى من، وإِذا رفع بهما ما بعدهما بإِضمارٍ كان في الصلة، كأَنه قال

من الذي هو يومان، قال وغلَّبوا الخفض في منذ لظهور النون.

[منذ] مُنْذُ مبنيٌّ على الضم، ومُذْ مبني على السكون وكلُّ واحدٍ منهما يصلح أن يكون حرف جرّ، فتجرُّ ما بعدهما وتجريمها مجرى في ولا تدخلهما حينئذٍ إلا على زمان أنت فيه، فتقول: ما رأيته مُنْذُ الليلةِ. ويصلح أن يكونا اسمين فترفع ما بعدهما على التاريخ أو على التوقيت، فتقول في التاريخ: ما رأيته مُذْ يومُ الجمعة، أي أول انقطاع الرؤية يومُ الجمعة، وتقول في التوقيت. ما رأيته مذسنة. وقال سيبويه: منذ للزمان نظيرة من للمكان وناس يقولون: إن منذ في الاصل كلمتان: من، إذ، جعلتا واحدة. وهذا القول لا دليل على صحته.
منذ
مُنْذُ [كلمة وظيفيَّة]:
1 - حرف جرّ مبنيّ على الضمّ، يدخل على اسم الزمان فيكون بمعنى (مِنْ {إن كان الزمان ماضيًا، وبمعنى} في) إن كان الزمان حاضرًا، وبمعنى (من) و (إلى) إن كان الزمان معدودًا "ما حضر منذ يومين- ما حضر منذ يومنا هذا- ما حضرت اجتماع المجلس مُنْذُ ثلاثة أيّام: من ابتداء هذه المدَّة حتى نهايتها".
2 - ظرف في محلّ نصب إذا تلاه جملة فعليّة أو اسميّة وتكون الجملة بعده في موضع جرّ بالإضافة إليه "ما زال يدرس منذ هو فتى- منذ رحل وصورته لا تفارقني- ما خرج من البيت منذ نزل المطرُ".
3 - اسم يعرب مبتدأ إذا دخل على اسم مرفوع، وقيل ظرف زمان خبر، والمرفوع بعده مبتدأ مؤخَّر "ما رأيته منذ يومين: أمدُ انقطاع الرُّؤية يومان". 
م ن ذ: (مُنْذُ) مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ وَ (مُذْ) مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حَرْفَ جَرٍّ فَتَجُرَ مَا بَعْدَهَا وَتُجْرِيَهُمَا مُجْرَى فِي. وَلَا تُدْخِلْهُمَا حِينَئِذٍ إِلَّا عَلَى زَمَانٍ أَنْتَ فِيهِ فَتَقُولَ: مَا رَأَيْتُهُ مُذِ اللَّيْلَةِ. وَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَا اسْمَيْنِ فَتَرْفَعُ مَا بَعْدَهُمَا عَلَى التَّارِيخِ أَوْ عَلَى التَّوْقِيتِ فَتَقُولُ فِي التَّارِيخِ: مَا رَأَيْتُهُ مُذْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَيْ أَوَّلُ انْقِطَاعِ الرُّؤْيَةِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ. وَتَقُولُ فِي التَّوْقِيتِ: مَا رَأَيْتُهُ مُذْ سَنَةٌ. أَيْ أَمَدُ ذَلِكَ سَنَةٌ. وَلَا يَقَعُ هَاهُنَا إِلَّا نَكِرَةً لِأَنَّكَ لَا تَقُولُ مُذْ سَنَةُ كَذَا وَإِنَّمَا تَقُولُ مُذْ سَنَةٌ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: مُنْذُ لِلزَّمَانِ نَظِيرُهُ مِنْ لِلْمَكَانِ. وَنَاسٌ يَقُولُونَ: إِنَّ مُنْذُ فِي الْأَصْلِ كَلِمَتَانِ «مِنْ» وَ «إِذْ» جُعِلَتَا كَلِمَةً وَاحِدَةً وَهَذَا الْقَوْلُ لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ. 
[م ن ذ] مُنْذُ تَحِديدُ غايَةٍ زَمانِيَّةٍ النُّون فيها أَصْلِيَّةٌ رُفِعَتْ على تَوَهُّمِ الغايَةِ قالَ بَعْضُهم وأصلها مِنْ إذْ وقد تُحْذَفُ النُّون في لُغَةٍ ولمّا كَثُرتْ في الكلامِ طُرِحَتْ هَمْزَتُها وجُعِلَت كَلِمةً واحدةً ومُذْ مُحْذُوفٌ منها تحدِيد غايَةٍ زَمانِيَّةٍ أيضًا وقولُه ما رَأَيْتُه مُذُ اليَوْمِ حَرَّكُوها لالْتِقاءِ الساكِنَيْنِ ولم يَكْسٍ رُوها لكنَّهم ضَمُّوها لأَنَّ أَصْلَها الضَّمُّ في مُنْذُ قالَ ابن جِنِّي لكنه الأَصْلُ الأَقْرَبُ أَلا تَرَى أَنَّ أوَّلَ حالِ هذه الذّالِ أن تكونَ ساكنةً وأنّها إِنَّما ضُمَّتْ لالْتِقاءِ السّاكِنَيْنِ إِتباعًا لضَمَّة الميمِ فهذا على الحَقِيقةِ هو الأَصْلُ الأوَّلُ قال فأَمَّا ضَمُّ ذالِ مُنْذُ فإِنّما هُو في الرُّتْبَةِ بعد سُكُونِها الأَوَّلِ الــمُقَدَّرِ ويَدُلُّكَ على أَنَّ حَرَكَتَها إِنَّما هي لالْتِقاءِ الساكِنَيْنِ أَنَّه لما زالَ الْتِقاؤُهُما سَكَنَت الذّالُ فضَمُّ الذّالِ إِذَنْ في قَوْلِهم مُذُ اليَوْم ومُذُ اللَّيْلَةِ إِنَّما هو رَدٌّ إلى الأَصْلِ الأَقْرَبِ الذي هو مُنْذُ دُونَ الأَصلِ الأَبْعَدِ الــمُقَدَّرِ الَّذِي هو سُكُون الذّالِ في مُنْذ قبلَ أن تُحَرّكَ فيما بَعْدُ وقد اخْتَلَفَت العَرَبُ في مذ ومنذ فبعْضُهُم يَخْفِضُ بمُذْ ما مَضَى وما لَمْ يَمْضِ وبَعْضُهُم يَرْفَعُ بمُنْذُ ما مَضَى وما لَمْ يَمْضِ والكَلامُ أَنْ تَخْفِضَ بمُذْ ما لَمْ يَمْضِ وتَرْفَعَ ما مَضَى وتَخْفِضَ بمُنْذ ما لَمْ يَمْضِ وما مَضَى وهو المُجْتَمَعُ عليه وقد أَجْمَعَت العَرَبُ على ضَمِّ الذالِ من مُنْذُ إِذا كانَ بعدَها مُتَحَرِّكٌ أَو ساكِنٌ وعَلَى إِسكانِ مُذْ إِذا كانَ بعدَها مُتَحَرِّكٌ وبتَحْرِيكِها بالضَّمِّ والكَسْرِ إِذا كانَتْ بعدَها أَلِفُ وَصْلٍ قال اللِّحْيانِيُّ وبَنُو عُبَيْدٍ من غَنِيٍّ يُحَرِّكُونَ الذّالَ من مُذ عند المُتَحَرِّكِ والسّاكنِ ويَرْفَعُون ما بَعْدَها فيَقُولونَ مُذُ اليَوْمُ وبَعْضُهُم يكسِرُ عد السّاكنِ فيَقُول مُذِ اليَوْمُ قالَ بعضُ النَّحْوِيِّين ووَجْهُ جَوازِ هذا عَلَى ضَعْفِه أَنَّه شَبَّه ذالَ مُذْ بدالِ قَدْ ولامِ هَلْ فكَسَرها حينَ احْتاجَ إلى ذلِك كما كَسَر لامَ هَلْ ودال قد وحُكِيَ عن بَعْضِ بَنِي سُلَيْم ما رَأَيْتُه مِنْذ سِتٌّ بكسر الميمِ ورَفْعِ ما بَعْدَها وحُكِيَ عن عُكْل مِذُ يَومانِ بِطَرحِ النُّون وكسرِ الميمِ وضَمِّ الذال وقالَ بَنُو ضَبَّةَ والرِّبابُ يخْفِضُونَ بمُذْ كُلَّ شَيْءٍ قال سِيبَوَيْهِ أَمّا مُذْ فتكونُ ابْتِداءَ غايَةِ الأيّامِ والأَحْيانِ كما كانَتْ مِنْ فيما ذكرتُ لك ولا تَدْخُلُ واحِدَةٌ منُهما على صاحِبَتِها وذلِك قَوْلُك ما بِعْتُه مُذْ يَوْمِ الجُمُعةِ إلى اليَوْمِ ومُذْ غُدْوَة إلى السّاعَةِ وما لقِيتُه مُذ اليومِ إِلى ساعَتِك هذِه فجعلتَ اليومَ أَوَّلَ غايَتِكَ وأَجْرَيْت في بابهَا كما جَرَتْ من حَيْثُ قُلْتَ مِنْ مكانِ كَذا إلى مَكانِ كَذَا وتَقُولُ ما رَأَيْتُه مُذْ يَوْمَيْنِ فجَعَلْتَه غايَةٌ كما قُلْتَ أَخَذْتُه مِنْ ذلكَ المكَانِ فجَعَلْتَه غايَةً ولم تُرِدْ مُنْتَهًى هذا كُلُّه قولُ سِيبَوَيْهِ قال ابنُ جِنِّي قد تُحْذَفُ النُّونُ من الأَسْماءِ عَيْنًا في قولهم مُذْ وأَصْلُه مُنْذُ ولو صَغَّرْتَ مُذْ اسمَ رَجُلٍ لقُلْتَ مُنَيْذٌ فرَدَدْتَ النُّونَ المَحْذُوفَةَ ليَصِحَّ لكَ وزْنُ فُعَيْل

منذ



مُنْدُ is a simple word; (K;) or, accord. to some, a compound word, as will be explained hereáfter: (TA:) Sb says, that it is with respect to time like مِنْ with respect to place: (S, L:) it is indecl., [generally] with damm for its termination; and مُذْ is indecl. also, [generally] with its final letter quiescent, (S, L, K,) [unless followed by a quiescent letter, when it is movent in different manners which will be shown below,] and it is formed from مُنْذُ by elision: (M, L, K:) منذ is also written and pronounced مِنْذُ, (M, L, K,) in the dial. of the Benoo-Suleym; (M, L;) and مذ, مِذْ, (M, L, K,) in the dial. of the tribe of 'Okl. (M, L.) Each may be a prep., governing what follows it in the gen. case, and used in the same manner as فِى [signifying In, or during, or from the beginning of]: and in this case, each is prefixed only to that which denotes present time: thus you say, مَا رَأَيْتُهُ مُذُ اللَّيْلَةِ [I have not seen him in this night; or simply I have not seen him this night]: (S, L:) or each is followed by a noun in the gen. case, and in this instance is a prep., in the sense of مِنْ [meaning Since, or lit., from,] when relating to a past time [such as a particular past day or the like]; and in the sense of فِى [meaning In, or from the beginning of,] when relating to the present time; and in the sense of مِنْ and إِلَى

together [meaning From the beginning to the end of; or during the whole course of; or simply during, or for;] when relating to a computed period of time, or number of days or the like: ex. [relating to a past time,] مَا رَأَيْتُهُ مُنْذُ يَوْمِ الخَمِيسِ [I have not seen him since Thursday, إِلَى الْآنَ to the present time]; (Mughnee, K;) and [relating to the present time,] مُنْذُ يَوْمِنَا or عَامِنَا [in, or from the beginning of, (this) our day, or (this) our year;]; and, [relating to a computed period of time, or number of days or the like,] مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ

[from the beginning to the end of, i. e., during, or for, three days]. (Mughnee.) Each may also be a noun, governing the noun which follows it in the nom. case, as signifying a particular day or the like, or as signifying a definite length of time: in the case of a noun signifying a particular day or the like, you say, مَا رَأَيْتُهُ مُذْ يَوْمُ الجُمْعَةِ [I have not seen him (since the commencement of a space of time); the commencement of the space of time thereof (i. e., أَوَّلُ مُدَّةِ عَدَمِ رُؤْيَتِى إِيَّاهُ the commencement of the space of time of my not seeing him) was Friday; meaning, since Friday]: and, in the case of a noun signifying a definite length of time, you say, مَا رَأَيْتُهُ مُذْ سَنَةٌ, meaning, أَمَدُ ذٰلِكَ سَنَةٌ, [I have not seen him (during, or for, a time); the time thereof (i. e., أَمَدُ عَدَمِ رُؤْيَتِى إِيَّاهُ the time of my not seeing him) is a year; meaning, during, or for, a year;] and the noun in this latter case can only be indeterminate; for you cannot say, مُذْ سَنَةُ كَذَا: (S:) when followed by a noun in the nom. case, as in the instance of مُنْذُ يَوْمَانِ [or, accord. to more approved usage, مُذْ يَوْمَانِ, as will be shown below, The time is two days, meaning during, or for, two days], each is an inchoative, and what follows it is an enunciative; and its meaning is the time with respect to what is present, and to a computed period, or a number of days or the like; and the commencement of the space of time with respect to a past time [such as a particular past day or the like]: or each is an adv. n. [of time], an enunciative, of which what follows is the inchoative, and meaning بَيْنَ وَبَيْنَ, as in the instance of لَقِيتُهُ مُنْذُ يَوْمَانِ, [or, rather, مُذْ يَوْمَانِ,] i. e., بَيْنِى وَبَيْنَ لِقَائِهِ يَوْمَانِ [Two days have been between the time in which I now am and (the time of) my meeting him]: (K:) but this opinion is rejected by Ibn-Hájib. (TA.) Accord. to some of the Arabs, for they differ on this point, مذ governs in the gen. case a noun signifying a past time and one signifying a time not past: and accord. to some of them, منذ governs in the nom. case a noun signifying a past time and one signifying a time not past: (M, L:) but the general and most approved way is to make مذ govern in the gen. case a noun signifying a time not past, and in the nom. case one signifying a time past; and to make منذ govern in the gen. case a noun signifying a time not past and one signifying a time past: (T, M, L:) most of the Arabs hold, that each must govern in the gen. case a noun signifying the present time; and that it is preferable to make منذ govern in the same case, and to make مذ govern in the nom. case, a noun signifying a past time: (Mughnee:) [they therefore say, مُنْذُ اللَّيْلَةِ and مُذُ اللَّيْلَةِ, and مُنْذُ يَوْمِ الخَمِيسِ and مُنْذُ يَوْمَينِ; but they say, مُذْ يَوْمُ الخَمِيسِ and مُذْ يَوْمَانِ.] Some [or, rather, most] say, لَمْ أَرَهُ مُذْ يَوْمَانِ, and لَمْ أَرَهُ مُنْذُ يَوْمَينِ, [I have not seen him for, or during, two days;] making مذ [in these instances] to govern the nom. case; and منذ, the gen. case. (L.) Such is said when the period of separation is a day and part of a day. (Msb, art. شهر.) The Benoo-Dabbeh and Er-Rabáb make مذ to govern the gen. case in every instance. (M, L.) The phrases, مَا رَأَيْتُهُ مُذْ عَامٌ أَوَّلُ, and مُذْ عَامٌ أَوَّلَ, (S, K, art. وأل; and L,) and مُذْ عَامُ الأَوَّلِ, and مُذْ عَامًا أَوَّلَ, [I have not seen him since last year,] are also mentioned by different authors. (L.) The Arabs generally agree in pronouncing منذ with damm to the ذ when it is followed by a movent or a quiescent letter; (T, M, L;) as in لَمْ أَرَهُ مُنْذُ يَوْمٍ, and مُنْذُ اليَوْمِ: (T, L:) and to pronounce مذ with the ذ quiescent when it is followed by a movent letter, (T, M, L,) and with damm and [sometimes] with kesr when it is followed by a conjunctive ا; (M, L;) as in لَمْ أَرَهُ مُذْ يَوْمَانِ, and لَمْ أَرَهُ مُذُ اليَوْمِ, [and مُذِ اليَوْمِ]: (T, L:) and so say most of the grammarians. (T.) Lh says, The Benoo-'Obeyd, of the tribe of Ghanee, make the ذ of مذ movent when it is followed by a movent or a quiescent letter, and make the noun following it to be in the nom. case, saying مُذُ اليَوْمُ; and some of them pronounce it with kesr when followed by a quiescent letter, saying مُذِ اليَوْمُ; but this is not the proper way. (M, L.) In the phrase مَا رَأَيْتُهُ مُذُ اليَوْمِ, the Arabs make the ذ movent because of the occurrence [otherwise] of two quiescent letters together; and they [generally] give it not kesr, but damm, because the latter is the final vowel of its original منذ. (M, L.) One says also, مَا لَقِيتُةُ مُنْذَ اليَوْمِ, and مُذَ اليَوْمِ, which fet-h to the ذ in each. (K.) The Benoo-Suleym are related to have used the expression مَا رَأَيْتُهُ مِنْذُ سِتٌّ [by ستّ meaning six nights], with kesr to the م of منذ, and with the noun following it in the nom. case: and the tribe of 'Okl are related to have used the expression مِذُ يَوْمَانِ, with the ن elided, and with kesr to the م, and damm to the ذ. (M, L.) b2: Each of the two words منذ and مذ is also followed by a verbal proposition, as in the instance مَا زَالَ مُذْ عَقَدَتْ يَدَاهُ إِزَازَهُ [He has not ceased, since his two hands tied his wrapper of the lower part of the body]: or a nominal proposition, as in the instance وَلَا زِلْتُ أَبْغِى المَالَ مُذْ أَنَا يَافِعٌ [And I ceased not to seek wealth from the time of my being a youth, or young man]: in such cases, each is an adv. n. prefixed to the proposition [and governing it virtually in the gen. case], or to a noun significant of time [understood as] prefixed thereto [in the same manner]: or, as some say, each is an inchoative. (K.) b3: The original of مذ is منذ, because they restore the dammeh to the ذ in the case of the occurrence of two quiescent letters together; as in the instance of مُذُ اليَوْمِ, for were not its original with damm, they would give it kesr: [but this some do, as has been shown above:] and because its dim. is مُنَيْذٌ: (K:) for when مذ is used as a proper name of a man, its dim. is thus formed, by restoring the ن, that it may be of the measure فُعَيْلٌ: (IJ, M, L:) or when مذ is a noun, it is originally منذ; and when it is a particle, it is itself original. (K.) b4: Accord. to some, منذ (T, S, L, K) and مذ (K) are originally مِنْ and إِذْ, which are made one word, (T, S, L, K,) by eliding the hemzeh, and then giving damm to the ذ because of the occurrence of two quiescent letters together; (K;) مُنْذُ كَانَ [and مُذْ كَانَ] meaning مِنْ إِذْ كَانَ: (T, L:) but there is nothing to indicate the truth of this opinion: (S, L:) or, as some say, منذ and مذ are originally the prep.

من and ذو in the sense of الَّذِى (L, K) in the dial. of Teiyi: so says Fr.; adding, that when either governs a gen. case, it is used in the manner of مَنْ; and when it governs a nom. case, it is as though one said, [in using the expression مُنْذُ أَوْ مُذْ يَوْمَانِ,] مِنَ الَّذِى هُوَ يَوْمَانِ; and that the former government prevails in the case of منذ because the ن is not suppressed: (L:) or, as some say, they are originally مِنْ and the noun of indication ذَا; so that in the phrase مَا رَأَيْتُهُ مُنْذُ يَوْمَانِ, [accord. to more approved usage, مُذْ يَوْمَانِ,] we virtually say, مِنْ ذَا الْوَقْتِ يَوْمَانِ: but each of these assertions is a deviation from the plain way. (K.)
[منذ] فيه: خلق إسرافيل "منذ" خلقه صافا قدميه، منذ- ظرف صافا وهو حال من إسرافيل لا من مفعول خلقه.
منذ: مُنْذُ: النُّوْنُ فيها أصْلِيَّةٌ، وقد تُحْذَفُ في لُغَةٍ. وهو من أصْلِ " مِنْ " و " إذْ "، فإذا قيل: مُنْذُ كانَ ذاكَ؛ فمَعْنَاه: مِنْ إذْ كانَ ذاكَ. ويُقالُ: مِنْذُ أيضاً بالكَسْرِ.
(منذ) - في الحديث: "مُنْذُ كان كذا". قال الفَارَابِى: أصْلُ مُنذُ كَلِمَتَيْن مِن وإذْ جُعِلَتَا كِلمَةً وغُيَّرَ بنَاؤُهما، وهي في الزمان كَمِن في المكانِ، وقد يَكونُ حرفاً واسْماً بمعنَى أمَدِ الشىء وَمبدئِه. وقيل: أصْلُه من ذُو ومُذْ بِمَعْناه حُذِفت نُونُه.

المؤنّث

المؤنّث:
[في الانكليزية] Feminine
[ في الفرنسية] Feminin
هو عند النحاة اسم فيه علامة التأنيث لفظا أو تقديرا، أي ملفوظة كانت تلك العلامة حقيقة كامرأة وناقة وغرفة وعلّامة أو حكما كعقرب لا سيما إذا سمّي به مذكر، إذ الحرف الرابع في المؤنّث في حكم تاء التأنيث.
ولهذا لا يظهر التاء في تصغير الرباعي من المؤنّثات السّماعية، ونحو حائض وطالق من الصّفات المختصة بالمؤنّث الثابتة له، ونحو كلاب وأكلب مما جمع مكسّرا. أو مقدّرة غير ظاهرة في اللفظ كدار ونار ونعل وقدم وغيرها من المؤنّثات السّماعية. وعلامة التأنيث التاء المبدلة في الوقف هاء والألف مقصورة كانت كسلمى أو ممدودة كصحراء، والياء على رأي بعضهم في قولهم ذي وتي وليس له حجة لجواز أن يكون صيغة موضوعة للتأنيث مثل هي وأنت، ولذا سمّيت بالمؤنّثات الصيغية لكنّه حينئذ تخرج هذه المؤنّثات من التعريف فلا يبقى التعريف جامعا. فتاء بنت وأخت ليست للتأنيث لكونها بدلا عن الواو، ولذا لا تصير في حال الوقف هاء. ويقابل المؤنّث المذكّر وهو اسم ليس فيه علامة التأنيث لا لفظا ولا تقديرا.

التقسيم:

المؤنّث على ضربين: حقيقي وغير حقيقي، ويسمّى لفظيا. فالحقيقي اسم ما بإزائه ذكر، أي في مقابله ذكر في جنس الحيوان، واللفظي بخلافه. قيل الأولى أن يقال الحقيقي اسم ماله فرج من الحيوانات ليشتمل الأنثى التي ليس بإزائها ذكر من الحيوان، لو فرض شيء من الحيوانات كذلك. وسمّي لفظيا لعدم التأنيث حقيقة في معناه بل تأنيثه منسوب إلى اللّفظ لوجود علامة التأنيث في لفظه حقيقة كظلمة أو تقديرا كعين، بدليل تصغيرها على عيينة، أو حكما كعقرب ومنه الجمع بغير الواو النون.

وبالجملة فاللّفظي على ثلاثة أضرب: الجمع بغير الواو والنون وما فيه علامة التأنيث لفظا كالظّلمة والبشرى والصحراء أو تقديرا كالأرض والنعل بدليل أريضة ونعيلة في التصغير والعقرب والعناق لتنزّل الحرف الرابع منزلة تاء التأنيث.
وهذا أي ما لا يكون فيه علامة التأنيث ملفوظة بل مقدّرة يسمّى مؤنّثا سماعيا لأنّه يحفظ عن العرب ولا يقاس عليه غيره، وإنّما اعتبروا الجمع بغير الواو والنون أي غير جمع المذكر السالم مؤنّثا غير حقيقي لتأويله بالجماعة، ولم يؤوّل بها جمع المذكر السالم كراهة اعتبار التأنيث مع بقاء صيغة المذكّر.

تنبيه:
المؤنّث اللّفظي أعمّ من أن يكون معناه مذكّرا حقيقيا كطلحة أو لا يكون مذكّرا حقيقيا ولا مؤنّثا حقيقيا كظلمة وعين، فالواجب فيه أن لا يكون معناه مؤنّثا حقيقيا. هذا وقد يذكر اللّفظي بمعنى ما يكون علامة التأنيث فيه ملفوظة سواء كان مؤنّثا حقيقيا أو لم يكن، ويقابله المعنوي وهو ما لا يكون كذلك. وهذا المعنى للّفظي يستعمل في باب منع الصّرف؛ فسلمى وسلمة علمين للمؤنّث من المؤنّثات اللّفظية، وهذا المعنى دون المعنى الأوّل. هذا كلّه خلاصة ما في شروح الكافية والضوء.

الحدّ

الحدّ:
[في الانكليزية] Limit ،definition ،punishment ،term
[ في الفرنسية] Limite ،definition ،punition ،terme
بالفتح لغة المنع ونهاية الشيء. وعند المهندسين نهاية المقدار وهو الخطّ والسطح والجسم التعليمي ويسمّى طرفا أيضا. وقد يكون مشتركا ويسمّى حدا مشتركا أيضا، وهو ذو وضع بين مقدارين يكون [هو بعينه] نهاية لأحدهما وبداية للآخر، أو نهاية لهما أو بداية لهما على اختلاف العبارات باختلاف الاعتبارات. فإذا قسّم خط إلى جزءين فالحدّ المشترك بينهما النقطة. وإذا قسّم السطح كذلك فالحدّ المشترك بينهما الخط، وفي الجسم المنقسم كذلك السطح. والحدود المشتركة يجب كونها مخالفة في النوع لما هي حدود له لأنّ الحدّ المشترك يجب كونه بحيث إذا ضمّ إلى أحد القسمين لم يزد به أصلا، وإذا فصل عنه لم ينقص شيئا، وإلّا لكان الحد المشترك جزءا آخر من المقدار المقسوم، فيكون التقسيم إلى قسمين تقسيما إلى ثلاثة، وإلى ثلاثة تقسيما إلى خمسة، وهكذا. فالنقطة ليست جزءا من الخط بل هي عرض فيه، وكذا الخط بالقياس إلى السطح والسطح بالقياس إلى الجسم.
اعلم أنّ نهاية الخط المتناهي الوضع لا المقدار نقطة، ونهاية السطح المتناهي الوضع والمقدار بالذات خط أو نقطة، ونهاية الجسم بالذات سطح. وإن شئت التوضيح فارجع إلى شرحنا لضابط قواعد الحساب المسمّى بموضح البراهين وشرح المواقف في مبحث تقسيم الكم.
وحدّ الكوكب هو جرم الكوكب ونوره في الفلك وقد مرّ في لفظ الاتصال.
وأيضا يقسّم المنجمون كل برج على الخمسة المتحيّرة بأقسام مختلفة غير متساوية، ويسمّى كل قسم منها حدّا. مثلا يقولون ستة درج من أول الحمل حدّ المشتري ثم الستة الأخرى حدّ الزهرة ثم الأربعة بعدها حدّ عطارد ثم الخمسة حدّ المريخ ثم الخمسة الباقية حدّ الزحل. وفي تقسيم الحدود اختلافات كثيرة تطلب من كتب النجوم، ويقال لذلك الكوكب صاحب الحدّ. اعلم أنّهم يحرّكون دلائل الطالع من درجة الطالع والعاشر وغيرها، أي يعتبرون حركتها في السنة الشمسية بمقدار درجة واحدة من المعدل ويسمّون هذا العمل تسييرا. وإذا بلغ التسيير بحدّ كوكب ما من الخمسة المتحيّرة يسمّى موضعه بدرجة القسمة، وصاحب ذلك الحدّ يسمّى بالقاسم. وتفصيله يطلب من كتب النجوم.
وعند الفقهاء عقوبة مقدرة تجب حقّا لله تعالى فلا يسمّى القصاص حدّا لأنه حق العبد ولا التعزير لعدم التقدير. والمراد بالعقوبة هاهنا ما يكون بالضرب أو القتل أو القطع فخرج عنه الكفّارات، فإنّ فيها معنى العبادة والعقوبة، وكذا الخراج فإنّه مئونة فيها عقوبة، هذا هو المشهور. وفي غير المشهور عقوبة مقدرة شرعا فيسمّى القصاص حدّا، لكن الحدّ على هذا على قسمين: قسم يصحّ فيه العفو وقسم لا يقبل العفو. والحدّ على الأول لا يقبل الإسقاط بعد ثبوت سببه عند الحاكم، والمقصد الأصلي من شرعه الانزجار عمّا يتضرّر به العباد. هكذا يستفاد من الهداية وفتح القدير والبرجندي.
ويطلق أيضا على ما يتميّز به عقار من غيره ممّا لا يتغيّر كالدور والأراضي، فالسور والطريق والنهر لا يصلح حدّا لأنّه يزيد وينقص ويخرب، وهذا عنده خلافا لهما، وهو المختار عند شمس الإسلام كذا في جامع الرموز في كتاب الدعوى. وبهذا المعنى وقع في قولهم لا بدّ في دعوى العقار من ذكر الحدود الأربعة أو الثلاثة.
وعند الأصوليين مرادف للمعرّف بالكسر وهو ما يميّز الشيء عن غيره، وذلك الشيء يسمّى محدودا ومعرّفا بالفتح. وهو ثلاثة أقسام:
لأنّه إمّا أن يحصّل في الذهن صورة غير حاصلة أو يفيد تمييز صورة حاصلة عمّا عداها. والثاني حدّ لفظي إذ فائدته معرفة كون اللفظ بإزاء معنى. والأول إمّا أن يكون بمحض الذاتيات وهو الحدّ الحقيقي لإفادته حقائق المحدودات، فإن كان جميعا فتامّ وإلّا فناقص. وإمّا أن لا يكون كذلك فهو الحدّ الرسمي. وأمّا التعريف الاسمي سواء كان حدّا أو رسما فالمقصود منه تحصيل صور المفهومات الاصطلاحية وغيرها من الماهيات الاعتبارية، فيندرج في القول الشارح المخصوص بالتصوّرات المكتسبة حدّا أو رسما لإنبائه عن ذاتيات مفهوم الاسم أو عنه بلازمه، هكذا في العضدي وحاشيته للسيّد السّند، وكذا عند أهل العربية أي مرادف للمعرف.
قال المولوي عبد الغفور وعبد الحكيم في حاشية الفوائد الضيائية في شرح عبارة الكافية:
وقد علم بذلك حد كلّ واحد منها ما حاصله أنّه ليس غرض الأدباء من الحدّ إلّا التمييز التام. وأمّا التمييز بين الذاتيات والعرضيات فوظيفة الفلاسفة الباحثين عن أحوال الموجودات على ما هي عليه. فالحدّ عند الأدباء هو المعرّف الجامع المانع. وهكذا ذكر المولوي عصام الدين حيث قال: معنى الحدّ عند الأدباء المعرّف الجامع المانع كما صرّح به ابن الحاجب في الأصول.
وعند المنطقيين يطلق في باب التعريفات على ما يقابل الرسمي واللفظي وهو ما يكون بالذاتيات. وفي باب القياس على ما ينحلّ إليه مقدمة القياس كالموضوع والمحمول. قال في شرح المطالع: لا بدّ في كل قياس حملي من مقدمتين تشتركان في حدّ ويسمّى ذلك الحد حدّا أوسط لتوسّطه بين طرفي المطلوب وتنفرد إحدى المقدمتين بحدّ هو موضوع المطلوب، ويسمّى أصغر لأنّ الموضوع في الأغلب أخصّ فيكون أقلّ أفرادا، فيكون أصغر، وتنفرد المقدمة الثانية بحدّ هو محمول المطلوب ويسمّى أكبر لأنه في الأغلب أعمّ فيكون أكثر أفرادا. فما ينحل إليه مقدمة القياس كالموضوع والمحمول يسمّى حدّا لأنه طرف النسبة تشبيها له بالحدّ الذي هو في كتب الرياضيين. فكل قياس يشتمل على ثلاثة حدود الأصغر والأكبر والأوسط مثلا إذا قلنا كل إنسان حيوان وكل حيوان جسم فالمطلوب أي النتيجة الحاصلة منه كل إنسان جسم والإنسان حدّ أصغر والحيوان حدّ أوسط والجسم حدّ أكبر هذا. ثم إنّ هذه الاصطلاحات غير مختصة بالقياس الحملي.
فالواجب أن تعتبر بحيث تعمه وغيره، فيبدل لفظ الموضوع بالمحكوم عليه ولفظ المحمول بالمحكوم به انتهى. ويؤيد هذا التعميم ما في الطيبي من أن المشترك المكرّر بين مقدمتي القياس فصاعدا يسمّى أوسط لتوسّطه بين طرفي المطلوب، سواء كان موضوعا أو محمولا مقدما أو تاليا انتهى. وقال الصادق الحلواني في حاشيته في هذه العبارة إشعار بأنّ الحدّ الأوسط لا يختص بالاقتراني ولا الحملي ولا البسيط. وظاهر كلام القوم خلاف الكل لإشعاره باختصاصه بالاقتراني الحملي البسيط.

ايه

[ايه] نه فيه: "إيه" كلمة استزادة الحديث، مبني على الكسر، فإذا وصلت نونت، وإذا قلت أيها بالنصب فإنما تأمره بالسكوت، وقد ترد المنصوبة بمعنى التصديق والرضا بالشيء. ومنه: قول ابن الزبير "أيها والإله" حين قيل له يا ابن ذات النطاقين أي صدقت ورضيت به، وقد يروى بالكسر أي زدني من هذه المنقبة. ح: فإنه مما يزيدني شرفاً، وعلى النصب يحتمل زجرهم مما بنوا عليه قولهم من الذم، قوله "تلك شكاة" أي ذم ظاهر أي بعيد عنك، "والإله" قسم أي والله ليس الأمر كما تزعمون. ومنه: "إيه إيه" يا أبا نجيد. نه وفيه: أن ملك الموت قال أني "أأيه بها" كما يؤيه بالخيل فتجيبني يعني الأرواح، أيهته إذا ناديته كأنك قلت يا أيها الرجل. وفيه "أها أبا حفص" هي كلمة تأسف أي تأسف تأسفا. ك وفي قصة صاحب الراوية: "أيهات" لا ماء لكم كهيهات معنى ووزنا، وروى أيها. ز: أي بعد الماء عنكم فلم نملكها أي لم نمكن لها أن تروح إلى أهلها "ثم بعث" أي أقامها ليسهل السقي من فمها. ك: "إيه يا ابن الخطاب" بكسر همزة وهاء أي هات استزاد منه الحديث توفراً لجانبه ولذا عقبه باملدح.
[أية] نه فيه: أحلتها "آية" وحرمتها "آية" الآية المحلة "أو ما ملكت أيمانكم" والآية المحرمة "وأن تجمعوا بين الأختين"، والآية من الكتاب جماعة حروف وكلمات من قولهم خرجوا بأيتهم أي بجماعتهم لم يدعوا وراءهم شيئاً، ومن غيره العلامة وأصلها أوية. بي: "ولولا أية" في كتاب الله ما حدثتكم هي في الحديثين بالياء ومد الألف أي لو لم يوجب الله على العالم التبليغ ما كنت حريصاً على تحديثكم، وعليه يصح تفسير عروة الآية وهي وإن كانت في أهل الكتاب فقد حذر أن يسلك سبيلهم، وروى الباجي في الحديث الأول لولا أنه بالنون أي لولا أن معنىالربا إلى آخر السورة قال حرمت الخمر أي تبعاً لحرمة الربا.
ايه
عن التركية ايه وايا بمعنى راحة اليد وباطن القدم؛ أو عن الفارسية ايها بمعنى النسر والساكن والهادئ.

ايه

2 ايّه بِهَا, (S, TA,) and, accord. to some, بِهِمْ (TA,) and بِهِ, (K, * TA,) inf. n. تَأْيِيهٌ, (S, K,) He cried out to, or shouted to, and called, (S, K, TA,) them, namely, camels, (S, TA,) and, accord. to some, horses, and men, (TA,) and him, (K, TA,) namely, a camel: (TA:) or ايّه به signifies he said to him, namely, a man, and a horse, يَا وَيْهَاهْ [Ho! On!]: (A 'Obeyd:) and he said to him, namely, a man, يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ [O thou man]: (K:) or he called him, يا ايّها الرجل: (IAth:) and he cried out to him, or at him; or drove him away with crying or a cry; namely, an object of the chase. (TA.) أَيْهَ would seem to be a dial. var. of وَيْهَ; for it is said that] أَيْهَكَ is syn. with وَيْهَكَ. (K: [but see وَيْهَ.]) A2: أَيْهًا: see أَيْهَاتَ.

إِيهْ, with the ه quiescent, is a word used in chiding, or checking; meaning حَسْبُكَ [Sufficient for thee is such a thing; &c.]. (ISd, K.) b2: إِيهًا signifies, (S, K,) as also ايهَ, (K,) a command to be silent, (S, K,) and to abstain; (S, TA;) i. e. Be silent; and abstain, or desist: (TA:) both are used in chiding, or checking: and هِيهَ is used in the place of إِيهَ. (Lth, TA.) You say [also,] إِيهًا عَنَّا Be silent, and abstain from [troubling] us. (S, TA.) And إِيهَا عَنِّى الْآنَ Abstain thou from [Troubling] me now. (Az, TA.) b3: إِيهًا also occurs as meaning I hold that to be true, and approve it. (IAth, TA.) A2: إِيهِ, as also إِيهَ and إِيهٍ, is a word denoting a desire, or demand, for one to add, or to give, or do, more; (Lth, K;) and a desire for one to speak: (K:) it (i. e. إِيهِ) is an imperative verbal noun, (S,) indecl., with kesr for its termination: (K:) you say to a man, when you desire, or demand, his telling or saying more of a [certain] story or subject of discourse, or his doing more of a [certain] deed, إِيهِ, with kesr. to the ه; (S;) [i. e. Tell me, or say, more of this; say on; go on, or proceed, with this; or do more of this;] and افْعَلْ إِيهِ [Go on, or proceed, with this; do it]; (Az;) and for إِيهِ, you say, هِيهِ: (Lth:) but when you make no interruption after it, you pronounce it with tenween, (ISk, S, K,) and say إِيهٍ, (ISk, S,) which means حَدِّثْنَا [i. e. Tell us, or relate to us, something]; (Ks, Lh, (ISk, * S; *) and for this one says هِيهٍ, by substitution of one letter for another: (Ks, Lh:) or it means زِدْ [i. e. tell, or say, or do, something more]; and هَاتِ [i. e. give, or relate, something]; (Har p. 592;) and تَكَلَّمَ [i. e. speak]. (Idem p. 419.) In the following saying of Dhu-r-Rummeh, وَقَفْنَا وَ قُلْنَا إِيهِ عَنْ أُمِّ سَالِمٍ

وَ مَا بَالُ تَكْلِيمِ الدِّيَارِ البَلَاقِعِ [We stopped, and we said, Tell us some tidings: inform us (أَخْبِرِينَا being app. understood) respecting Umm-Sálim: but what is the case (meaning what is the use) of speaking to the vacant dwellings?], he has used the word without tenween, though making no interruption after it, because he intended a pause. (ISk, S.) Ibn-Es-Seree says, When you say, إِيهِ يَا رَجُلُ, you only command him to tell you more of the subject of discourse known to you and him, as though you said, هَاتِ الحَدِيثَ [Give, or relate, the story, or narrative, O man]: but if you say, إِيهٍ, with tenween, it is as though you said, هَاتِ حَدِيثًا مَّا [Give, or relate, some story or narrative], because the tenween renders indeterminate: and Dhu-rRummeh meant the tenween, but omitted it through necessity. (S.) As says that Dhu-rRummeh has committed a mistake; the expression of the Arabs being only إِيهٍ [in a case of this kind]: ISd says, the truth is, that it is without tenween when determinate, and with tenween when indeterminate; and that Dhu-r-Rummeh asks the ruins to tell him more of a known story, as though he said, Relate to us the story, or tell us the tidings: (TA:) Aboo-Bekr Ibn-Es-Sarráj says, citing this verse, that ايه is not known in a case of this kind without tenween in any of the dialects; meaning that it is never conjoined with a following word unless it be with tenween. (IB, TA.) أَيْهَا: see what next follows.

أَيْهَاتَ i. q. هَيْهَاتَ [Far, or far from being believed or from the truth, is such a thing: or remoteness, or remoteness from being believed or from the truth, is to be attributed to such a thing.]: as also ↓ أَيْهَانِ, (S, K,) and ↓ أَيْهَانَ, (K, TA, in the CK اَيْهَانُ,) [and several other dial. vars., for which see هَيْهَاتَ,] and ↓ أَيْهَا, (TA; and so in some copies of the S and K; in other copies of these, ↓ أَيْهًا; [but the former is app. the right;]) with the ن [or the ت] suppressed, (TA,) which is said in pronouncing [a thing] to be remote [whether in a proper or a tropical sense]: (S, TA:) Th explains ↓ أَيْهَانِ as meaning بَعِيدٌ ذٰلِكَ AA explains it as meaning بَعُدَ ذٰلِكَ, making it a verbal noun; and this is the correct explanation: (TA:) or the meaning is البُعْدُ, [as I have indicated above,] (K in art. هيه,) but this is only when لِ is prefixed to what follows it, as Sb says. (TA. [See هَيْهَاتَ.]) أَيْهَانَ and أَيْهَانِ: see أَيْهَاتَ, in three places.

أَيِّهٌ Having a strong, or loud, voice; and vigilant, or wary. (Ham p. 675.) أَيُّهَا: see أَىٌّ; last portion of the paragraph.

الاستعارة

الاستعارة: ادعاء معنى الحقيقة في الشيء للمبالغة في التشبيه مع طرح ذكر المشبه من البين، نحو لقيت أسدا يعني رجلا شجاعا، ثم إن ذكر المشبه به مع قرينه سمي استعارة تصريحية وتحقيقية كلقيت أسدا في الحمام.
الاستعارة:
[في الانكليزية] Metaphor
[ في الفرنسية] Metaphore

في اللغة: هو أخذ الشيء بالعارية أو عند الفرس: هو إضافة المشبّه به إلى المشبّه، وهذا خلاف اصطلاح أهل العربية. وهو على نوعين:

أحدها: استعارة حقيقية، والثاني: مجازية.
فالاستعارة الحقيقية هي أن يكون المستعار والمستعار منه ثابتين ومعلومين، وهما نوعان:
ترشيح وتجريد. فالترشيح هو أن يكون المستعار والمستعار منه ثابتين ومعلومين، وأن تراعى فيها لوازم الجانبين. ومثاله:
يا ملك البلغاء إن تجرّد سيف لسانك نلت وطرك وفتحت العالم فالسيف مستعار واللسان مستعار منه، وقد راعى اللوازم للسيف واللسان. وأمّا التجريد فهو أن يراعي جانبا واحدا من اللوازم وأن يكون أحد الموجودات من الأعيان والثاني من الأعراض. ومثاله: من ذلك السكّر الشفهي الذي هو غير مأكول، نأكل في كل لحظة سمّ الغصة.
فالسكر مستعار والشفه مستعار منه. فهنا راعى جانب السكر، والغصة ليست من الأعيان فتؤكل ولم يراع الغصة.
وأمّا المجاز فهو أن يكون كلّ من المشبّه والمشبّه به من الأعراض، يعني أن يكون محسوسا بأحد الحواسّ الظاهرة أو من المتصوّرة أي محسوسا بالحواس الباطنة. أو يكون أحدها عرضا والثاني متصوّرا. ومثاله: حيثما يوجد أحد في الدنيا سأقتله كي لا يرد كلام العشق على لسان أحد. فالكلام عرض والعشق هو من الأشياء التي تصوّر في الذهن. وكلاهما أي الكلام والعشق من المتصوّرات التي لا وجود مادي لها في الخارج.
واعلم أنّ كلّ ما ذكرناه هاهنا عن الحقيقة والمجاز هو على اصطلاح الفرس، وقد أورده مولانا فخر الدين قواس في كتابه. وهذا أيضا مخالف لأهل العربية. كذا في جامع الصنائع. والاستعارة عند الفقهاء والأصوليين عبارة عن مطلق المجاز بمعنى المرادف له. وفي اصطلاح علماء البيان عبارة عن نوع من المجاز، كذا في كشف البزدوي وچلپي المطول. وذكر الخفاجي في حاشية البيضاوي في تفسير قوله تعالى: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ الآية الاستعارة تستعمل بمعنى المجاز مطلقا، وبمعنى مجاز علاقته المشابهة، مفردا كان أو مركّبا، وقد تخصّ بالمفرد منه وتقابل بالتمثيل حينئذ كما في مواضع كثيرة من الكشاف. والتمثيل وإن كان مطلق التشبيه غلب على الاستعارة المركّبة، ولا مشاحّة في الاصطلاح انتهى كلامه. والقول بتخصّص الاستعارة بالمفرد قول الشيخ عبد القاهر وجار الله. وأمّا على مذهب السكّاكي فالاستعارة تشتمل التمثيل ويقال للتمثيل استعارة تمثيلية، كذا ذكر مولانا عصام الدين في حاشية البيضاوي. وسيأتي في لفظ المجاز ما يتعلّق بذلك.

قال أهل البيان: المجاز إن كانت العلاقة فيه غير المشابهة فمجاز مرسل وإلّا فاستعارة.
فالاستعارة على هذا هو اللفظ المستعمل فيما شبّه بمعناه الأصلي أي الحقيقي، ولما سبق في تعريف الحقيقة اللغوية أن استعمال اللفظ لا يكون إلّا بإرادة المعنى منه، فإذا أطلق نحو المشفر على شفة الإنسان وأريد تشبيهها بمشفر الإبل في الغلظ فهو استعارة، وإن أريد أنّه إطلاق المقيّد على المطلق كإطلاق المرسن على الأنف من غير قصد إلى التشبيه فمجاز مرسل، فاللفظ الواحد بالنسبة إلى المعنى الواحد يجوز أن يكون استعارة وأن يكون مجازا مرسلا باعتبارين، ولا يخفى أنك إذا قلت: رأيت مشفر زيد، وقصدت الاستعارة، وليس مشفره غليظا، فهو حكم كاذب، بخلاف ما إذا كان مجازا مرسلا. وكثيرا ما يطلق الاستعارة على فعل المتكلّم أعني استعمال اسم المشبّه به في المشبّه. والمراد بالاسم ما يقابل المسمّى أعني اللفظ لا ما يقابل الفعل والحرف. فالاستعارة تكون بمعنى المصدر فيصحّ منه الاشتقاق، فالمتكلّم مستعير واللفظ المشبّه به مستعار، والمعنى المشبّه به مستعار منه، والمعنى المشبّه مستعار له، هكذا في الأطول وأكثر كتب هذا الفن.
وزاد صاحب كشف البزدوي ما يقع به الاستعارة وهو الاتصال بين المحلّين لكن في الاتقان أركان الاستعارة ثلاثة: مستعار وهو اللفظ المشبّه به، ومستعار منه وهو اللفظ المشبّه، ومستعار له وهو المعنى الجامع. وفي بعض الرسائل المستعار منه في الاستعارة بالكناية هو المشبّه على مذهب السكاكي انتهى.
ثم قال صاحب الاتقان بعد تعريف الاستعارة بما سبق، قال بعضهم: حقيقة الاستعارة أن تستعار الكلمة من شيء معروف بها إلى شيء لم يعرف بها، وحكمة ذلك إظهار الخفي وإيضاح الظاهر الذي ليس بجليّ، أو حصول المبالغة أو المجموع. مثال إظهار الخفي: وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ فإنّ حقيقته وإنّه في أصل الكتاب فاستعير لفظ الأم للأصل لأن الأولاد تنشأ من الأم كما تنشأ الفروع من الأصول، وحكمة ذلك تمثيل ما ليس بمرئي حتى يصير مرئيا فينتقل السامع من حدّ السّماع إلى حدّ العيان، وذلك أبلغ في البيان. ومثال إيضاح ما ليس بجليّ ليصير جليّا: وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِ فإن المراد منه أمر الولد بالذلّ لوالديه رحمة فاستعير للذّلّ أولا جانب ثم للجانب جناح، أي اخفض جانب الذلّ أي اخفض جانبك ذلّا؛ وحكمة الاستعارة في هذا جعل ما ليس بمرئي مرئيا لأجل حسن البيان.
ولمّا كان المراد خفض جانب الولد للوالدين بحيث لا يبقى الولد من الذلّ لهما والاستكانة متمكنا، احتيج في الاستعارة إلى ما هو أبلغ من الأولى، فاستعير لفظ الجناح لما فيه من المعاني التي لا تحصل من خفض الجانب، لأن من يميل جانبه إلى جهة السّفل أدنى ميل صدق عليه أنّه خفض جانبه، والمراد خفض يلصق الجنب بالأرض ولا يحصل ذلك إلّا بذكر الجناح كالطائر. ومثال المبالغة: وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً أي فجّرنا عيون الأرض، ولو عبّر بذلك لم يكن فيه من المبالغة ما في الأول المشعر بأن الأرض كلها صارت عيونا. انتهى.

فائدة:
اختلفوا في الاستعارة أهي مجاز لغوي أو عقلي، فالجمهور على أنها مجاز لغوي لكونها موضوعة للمشبّه به لا للمشبّه ولا لأعمّ منهما.
وقيل إنها مجاز عقلي لا بمعنى إسناد الفعل أو معناه إلى ما هو له بتأوّل، بل بمعنى أنّ التصرّف فيها في أمر عقلي لا لغوي لأنها لم تطلق على المشبّه إلّا بعد ادّعاء دخوله في جنس المشبّه به فكان استعمالها فيما وضعت له، لأن مجرد نقل الاسم لو كان استعارة لكانت الأعلام المنقولة كيزيد ويشكر استعارة، وردّ بأن الادعاء لا يقتضي أن تكون مستعملة فيما وضعت له للعلم الضروري بأن الأسد مثلا موضوع للسبع المخصوص، وفي صورة الاستعارة مستعمل في الرجل الشجاع، وتحقيق ذلك أنّ ادعاء دخوله في جنس المشبّه به مبني على أنه جعل أفراد الأسد بطريق التأويل قسمين: أحدهما المتعارف وهو الذي له غاية الجرأة ونهاية القوّة في مثل تلك الجثة وتلك الأنياب والمخالب إلى غير ذلك. والثاني غير المتعارف وهو الذي له تلك الجرأة وتلك القوة، لكن لا في تلك الجثة والهيكل المخصوص، ولفظ الأسد إنما هو موضوع للمتعارف، فاستعماله في غير المتعارف استعمال في غير ما وضع له، كذا في المطول.

وقال صاحب الأطول: ويمكن أن يقال: إذا قلت: رأيت أسدا وحكمت برؤية رجل شجاع يمكن فيه طريقان: أحدهما أن يجعل الأسد مستعارا لمفهوم الرجل الشجاع، والثاني أن يستعمل فيما وضع له الأسد ويجعل مفهوم الأسد آلة لملاحظة الرجل الشجاع، ويعتبر تجوّزا عقليا في التركيب التقييدي الحاصل من جعل مفهوم الأسد عنوانا للرجل الشجاع، فيكون التركيب بين الرجل الشجاع ومفهوم الأسد مبنيا على التجوّز العقلي، فلا يكون هناك مجاز لغوي. ألا ترى أنه لا تجوّز لغة في قولنا: لي نهار صائم فقد حقّ القول بأنه مجاز عقلي ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

فائدة:
الاستعارة تفارق الكذب بوجهين: بالبناء على التأويل، وبنصب القرينة على إرادة خلاف الظاهر.
التقسيم
للاستعارة تقسيمات باعتبارات: الأول باعتبار الطرفين أي المستعار منه والمستعار له إلى وفاقية وعنادية، لأن اجتماع الطرفين في شيء إمّا ممكن وتسمّى وفاقية لما بين الطرفين من الموافقة نحو أحييناه في قوله تعالى: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ أي ضالّا فهديناه، استعار الإحياء من معناه الحقيقي وهو جعل الشيء حيّا للهداية التي هي الدلالة على طريق يوصل إلى المطلوب؛ والإحياء والهداية مما يمكن اجتماعهما في شيء. وإمّا ممتنع وتسمّى عنادية لتعاند الطرفين كاستعارة الميّت في الآية للضالّ إذ لا يجتمع الموت مع الضلال. ومنها أي من العنادية التهكّمية والتمليحية، وهما الاستعارة التي استعملت في ضدّ معناها الحقيقي أو نقيضه تنزيلا للتضادّ والتناقض منزلة التناسب بواسطة تمليح أو تهكّم نحو: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ أي أنذرهم، استعيرت البشارة التي هي الإخبار بما يظهر سرورا في المخبر به للإنذار الذي هو ضدّها بإدخال الإنذار في جنس البشارة على سبيل التهكّم، وكذا قولك: رأيت أسدا وأنت تريد جبانا على سبيل التمليح والظرافة. والاستهزاء الثاني باعتبار الجامع إلى قسمين لأن الجامع إمّا غير داخل في مفهوم الطرفين كما في استعارة الأسد للرجل الشجاع، فإن الشجاعة خارجة عن مفهوم الطرفين، وإمّا داخل في مفهوم الطرفين نحو قوله عليه السلام:
«خير الناس رجل يمسك بعنان فرسه كلّما سمع هيعة طار إليها، أو رجل في شعفة في غنيمة له يعبد الله حتى يأتيه الموت». الهيعة الصوت المهيب، والشّعفة رأس الجبل. والمعنى خير الناس رجل أخذ بعنان فرسه واستعدّ للجهاد، أو رجل اعتزل الناس وسكن في رأس جبل في غنم له قليل يرعاها ويكتفي بها في أمر معاشه ويعبد الله حتى يأتيه الموت. استعار الطّيران للعدو والجامع وهو قطع المسافة بسرعة داخل في مفهومهما. وأيضا باعتبار الجامع إمّا عامّية وهي المبتذلة لظهور الجامع فيها نحو: رأيت أسدا يرمي، أو خاصيّة وهي الغريبة أي البعيدة عن العامة. والغرابة قد تحصل في نفس الشّبه كما في قول يزيد بن مسلمة يصف فرسا بأنّه مؤدّب وأنّه إذا نزل عنه صاحبه وألقى عنانه في قربوس سرجه أي مقدّم سرجه وقف على مكانه حتى يعود إليه. قال الشاعر:
واذا احتبى قربوسه بعنانه علك الشكيم إلى انصراف الزائر علك أي مضغ والشكيم اللّجام، وأراد بالزائر نفسه، فاستعار الاحتباء وهو أن يجمع الرجل ظهره وساقيه بثوب أو غيره لوقوع العنان في قربوس السّرج، فصارت الاستعارة غريبة لغرابة التشبيه. وقد تحصل الغرابة بتصرّف في العامّية نحو قوله:
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا وسالت بأعناق المطيّ الأباطح والأباطح جمع أبطح وهو مسيل الماء فيه دقاق الحصى، أي أخذت المطايا في سرعة المضي. استعار سيلان السيول الواقعة في الأباطح لسير الإبل سيرا سريعا في غاية السرعة المشتملة على لين وسلاسة، والتشبيه فيها ظاهر عامي، وهو السرعة لكن قد تصرف فيه بما أفاده اللطف والغرابة، إذ أسند سالت إلى الأباطح دون المطيّ وأعناقها حتى أفاد أنه امتلأت الأباطح من الإبل، وأدخل الأعناق في السير حيث جعلت الأباطح سائلة مع الأعناق، فجعل الأعناق سائرة إشارة إلى أنّ سرعة سير الإبل وبطؤه إنما يظهران غالبا في الأعناق.
الثالث باعتبار الثلاثة، أي المستعار منه والمستعار له والجامع إلى خمسة أقسام:
الأول استعارة محسوس لمحسوس بوجه محسوس نحو: وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً فالمستعار منه هو النار، والمستعار له هو الشيب، والوجه أي الجامع هو الانبساط الذي هو في النار أقوى، والجميع حسّي، والقرينة هو الاشتعال الذي هو من خواص النار، وهو أبلغ مما لو قيل: اشتعل شيب الرأس لإفادته عموم الشيب لجميع الرأس.
والثاني استعارة محسوس لمحسوس بوجه عقلي، نحو: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فالمستعار منه السّلخ الذي هو كشط الجلد عن نحو الشاة، والمستعار له كشف الضوء عن مكان الليل وهما حسّيان، والجامع ما يعقل من ترتّب أمر على آخر، كترتّب ظهور اللحم على الكسط وترتّب ظهور الظلمة على كشف الضوء عن مكان الليل، والترتّب أمر عقلي؛ قال ابن أبي الإصبع: هي ألطف من الأولى.
والثالث استعارة معقول لمعقول بوجه عقلي؛ قال ابن ابي الإصبع: هي ألطف الاستعارات نحو: مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا فإن المستعار منه الرقاد أي النوم والمستعار له الموت والجامع عدم ظهور الفعل، والكلّ عقلي.
الرابع استعارة محسوس لمعقول بوجه عقلي نحو: مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ استعير المسّ وهو صفة في الأجسام وهو محسوس لمقاساة الشّدّة، والجامع اللحوق، وهما عقليان.
الخامس استعارة معقول لمحسوس والجامع عقلي نحو: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ المستعار منه التكبّر وهو عقلي والمستعار له كثرة الماء وهو حسّي، والجامع الاستعلاء وهو عقلي أيضا. هذا هو الموافق لما ذكره السكاكي، وزاد الخطيب قسما سادسا وهو استعارة محسوس لمحسوس والجامع مختلف بعضه حسّي وبعضه عقلي، كقولك رأيت شمسا وأنت تريد إنسانا كالشمس في حسن الطلعة ونباهة الشأن، فحسن الطلعة حسّي ونباهة الشأن عقلية ومعنى الحسّي والعقلي قد مرّ في التشبيه الرابع باعتبار اللفظ إلى قسمين لأن اللفظ المستعار إن كان اسم جنس فاستعارة أصلية كأسد وقتل للشجاع والضرب الشديد، وإلّا فاستعارة تبعية كالفعل والمشتقّات وسائر الحروف.
والمراد باسم الجنس ما دلّ على نفس الذّات الصالحة لأن تصدق على كثيرين من غير اعتبار وصف من الأوصاف، والمراد بالذات ما يستقلّ بالمفهومية. وقولنا من غير اعتبار وصف أي من غير اعتبار وصف متعلّق بهذا الذات فلا يتوهّم الإشكال بأنّ الفعل وصف وهو ملحوظ فدخل علم الجنس في حدّ اسم الجنس، وخرج العلم الشخصي والصفات وأسماء الزمان والمكان والآلة. ثم المراد باسم الجنس أعمّ من الحقيقي، والحكمي أي المتأوّل باسم الجنس نحو حاتم فإن الاستعارة فيه أصلية، وفيه نظر لأن الحاتم مأوّل بالمتناهي في الجود فيكون متأوّلا بصفة، وقد استعير من مفهوم المتناهي في الجود لمن له كمال جود فيكون ملحقا بالتبعية دون الأصلية. وأجيب بأنّ مفهوم الحاتم وإن تضمّن نوع وصفية لكنه لم يصر به كليّا بل اشتهر ذاته المشخصة بوصف من الأوصاف خارج عن مدلوله كاشتهار الأجناس بأوصافها الخارجة عن مفهوماتها بخلاف الأسماء المشتقّة فإن المعاني المصدرية المعتبرة فيها داخلة في مفهوماتها الأصلية فلذلك كانت الأعلام المشتهرة بنوع وصفية ملحقة بأسماء الأجناس دون الصفات.
والحاصل أنّ اسم الجنس يدلّ على ذات صالحة للموصوفية مشتهرة بمعنى يصلح أن يكون وجه الشبه، وكذا العلم إذا اشتهر بمعنى، فالاستعارة فيهما أصلية والأفعال والحروف لا تصلح للموصوفية وكذا المشتقات.
وإنما كانت استعارة الفعل وما يشتق منه والحرف تبعية لأنّ الفعل والمشتقات موضوعة بوضعين: وضع المادة والهيئة فإذا كان في استعاراتها لا تتغير معاني الهيئات فلا وجه لاستعارة الهيئة، فالاستعارة فيها إنما هي باعتبار موادّها، فيستعار مصدرها ليستعار موادّها تبعية استعارة المصدر، وكذا إذا استعير الفعل باعتبار الزمان كما يعبر عن المستقبل بالماضي تكون تبعية لتشبيه الضّرب في المستقبل مثلا بالضرب في الماضي في تحقق الوقوع، فيستعار له ضرب، فاستعارة الهيئة ليست بتبعية استعارة المصدر، بل اللفظ بتمامه مستعار بتبعية استعارة الجزء، وكذا الحروف، فإن الاستعارة فيها تجري أولا في متعلق معناها وهو هاهنا ما يعبّر عنها به عند تفسير معانيها، كقولنا: من معناه الابتداء وإلى معناه الانتهاء نحو: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً شبّه ترتّب العداوة والحزن على الالتقاط بترتّب علته الغائية عليه، ثم استعير في المشبه اللّام الموضوعة للمشبّه به فيكون الاستعارة في اللّام تبعا للاستعارة في المجرور.
ثم اعلم أنّ الاستعارة في الفعل على قسمين: أحدهما أن يشبّه الضرب الشديد مثلا بالقتل ويستعار له اسمه ثم يشتق منه قتل بمعنى ضرب ضربا شديدا، والثاني أن يشبّه الضرب في المستقبل بالضرب في الماضي مثلا في تحقق الوقوع فيستعمل فيه ضرب فيكون المعنى المصدري أعني الضرب موجودا في كلّ من المشبّه والمشبّه به، لكنه قيّد في كل واحد منهما بقيد مغاير للآخر فصحّ التشبيه لذلك، كذا أفاده المحقق الشريف. لكن ذكر العلامة عضد الملة والدين في الفوائد الغياثية أنّ الفعل يدلّ على النسبة ويستدعي حدثا وزمانا، والاستعارة متصوّرة في كلّ واحد من الثلاثة، ففي النسبة كهزم الأمير الجند، وفي الزمان كنادى أصحاب الجنّة، وفي الحدث نحو فبشّرهم بعذاب أليم، انتهى؛ وذلك لأن الفعل قد يوضع للنسبة الإنشائية نحو اضرب وهي مشتهرة بصفات تصلح لأن يشبه بها كالوجوب، وقد يوضع للنسبة الإخبارية وهي مشتهرة بالمطابقة واللامطابقة، ويستعار الفعل من أحدهما للآخر كاستعارة رحمه الله لا رحمه، واستعارة فليتبوّأ في قوله عليه السلام «من تبوّأ عليّ الكذب فليتبوّأ مقعده على النار» للنسبة الاستقبالية الخبرية فإنه بمعنى يتبوّأ مقعده من النار، صرّح به في شرح الحديث، وردّه صاحب الأطول بأنّ النسبة جزء معنى الفعل فلا يستعار عنها، بخلاف المصدر فإنه لا يستعار من معناه الفعل بل يستعار من معناه نفس المصدر ويشتق منه الفعل، ولا يمكن مثله في النسبة، فالحقّ عدم جريانها في النسبة كما قاله السيد السّند.

فائدة:
قال الفاضل الچلپي: القوم إنما تعرّضوا للاستعارة التبعية المصرّحة، والظاهر تحقق الاستعارة التبعية المكنيّة كما في قولك: أعجبني الضارب دم زيد، ولعلهم لم يتعرضوا لها لعدم وجدانهم إياها في كلام البلغاء.

فائدة:
لم يقسموا المجاز المرسل إلى الأصلي والتبعي على قياس الاستعارة لكن ربما يشعر بذلك كلامهم. قال في المفتاح: ومن أمثلة المجاز قوله تعالى: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ استعمل قرأت مكان أردت القراءة لكون القراءة مسبّبة من إرادتها استعمالا مجازيا، يعني استعمال المشتقّ بتبعية المشتقّ منه، كذا في شرح بعض رسائل الاستعارة.
الخامس باعتبار المقارنة بما يلائم شيئا من الطرفين وعدمها إلى ثلاثة أقسام: أحدها المطلقة وهي ما لم يقترن بصفة ولا تفريع مما يلائم المستعار له أو المستعار منه، نحو عندي أسد، والمراد بالاقتران بما يلائم الاقتران بما يلائم مما سوى القرينة، وإلّا فالقرينة مما يلائم المستعار له، فلا يوجد استعارة مطلقة، والمراد بالصفة المعنويّة لا النعت النحوي، والمراد بالتفريع ما يكون إيراده فرع الاستعارة سواء ذكر على صورة التفريع وهو تصديره بالفاء أو لا، وثانيها المجرّدة وهي ما قرن بما يلائم المستعار له، وينبغي أن يقيّد ما يلائم المستعار له بأن لا يكون فيه تبعيد الكلام عن الاستعارة وتزييف لدعوى الاتحاد إذ ذكروا أنّ في التجريد كثرة المبالغة في التشبيه كقوله تعالى: فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ فإنّ الإذاقة تجريد اللباس المستعار لشدائد الجوع والخوف بعلاقة العموم لجميع البدن عموم اللباس، ولذا اختاره على طعم الجوع الذي هو أنسب بالإذاقة. وإنما كانت الإذاقة من ملائمات المستعار له مع أنه ليس الجوع والخوف من المطعومات لأنه شاعت الإذاقة في البلايا والشدائد وجرت مجرى الحقيقة في إصابتها، فيقولون ذاق فلان البؤس والضرّ، وأذاقه العذاب، شبّه ما يدرك من أثر الضرّ والألم بما يدرك من طعم المرّ والبشع، واختار التجريد على الترشيح، ولم يقل فكساها الله لباس الجوع والخوف لأن الإدراك بالذوق يستلزم الإدراك باللمس من غير عكس، فكان في الإذاقة إشعار بشدة الإصابة ليست في الكسوة. وثالثها المرشّحة وتسمّى الترشيحية أيضا وهي ما قرن بما يلائم المستعار منه نحو:
أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ فإنه استعار الاشتراء للاستبدال والاختيار، ثم فرّع عليها ما يلائم الاشتراء من فوت الرّبح واعتبار التجارة. ثم أنهم لم يلتفتوا إلى ما يقرن بما يلائم المستعار له في الاستعارة بالكناية مع أنه أيضا ترشيح لأنه ليس هناك لفظ يسمّى استعارة، بل تشبيه محض، وكلامهم في الاستعارة المرشّحة التي هي قسم من المجاز لا في ترشيح يشتمل ترشيح الاستعارة والتشبيه المضمر في النفس. وأما عدم التفات السكّاكي فيوهم ما ليس عنده وهو أنّ المرشّحة من أقسام الاستعارة المصرّحة، إذ التحقيق أنّ الاستعارة بالكناية إذا زيد فيها على المكنيّة ما يلائمها تصير مرشّحة عنده، كذا في الاطول.

فائدة:
قال أبو القاسم: تقسيمهم الاستعارة المصرّحة إلى المجردة والمرشحة يشعر بأنّ الترشيح والتجريد إنما يجريان في الاستعارة المصرّح بها دون المكنيّ عنها، والصواب أنّ ما زاد في المكنية على قرينتها أعني إثبات لازم واحد يعدّ ترشيحا لها؛ ثم التجريد والترشيح إنما يكونا بعد تمام الاستعارة، فلا يعدّ قرينة المصرح بها تجريدا ولا قرينة المكني عنها ترشيحا، انتهى.

فائدة:
قال صاحب الأطول: إذا اجتمع ملائمان للمستعار له فهل يتعيّن أحد للقرينة أو الاختيار إلى السامع يجعل أيهما شاء قرينة والآخر تجريدا؟ قال بعض الأفاضل: ما هو أقوى دلالة على الإرادة للقرينة والآخر للتجريد. ونحن نقول أيهما سبق في الدلالة على المراد قرينة والآخر تجريد، كيف لا والقرينة ما نصب للدّلالة على المراد، وقد سبق أحد الأمرين في الدلالة، فلا معنى لنصب اللاحق، والاوجه أنّ كلّا من الملائمين المجتمعين إن صلح قرينة فقرينة، ومع ذلك الاستعارة مجرّدة، ولا تقابل بين المجرّدة ومتعددة القرينة، بل كل متعددة القرينة مجرّدة.

فائدة:
قد يجتمع التجريد والترشيح كقول زهير:
لدى أسد شاكي السلاح مقذّف له لبد أظفاره لم تقلّم ووجه اجتماعهما صرف دعوى الاتحاد إلى المشبّه المقارن بالصفة والتفريع والمشبّه به حتى يستدعى الدعوى ثبوت الملائم للمشبه به أيضا.

فائدة:
الترشيح أبلغ من التجريد والإطلاق ومن جمع الترشيح والتجريد لاشتماله على تحقيق المبالغة في ظهور العينية التي هي توجب كمال المبالغة في التشبيه، فيكون أكثر مبالغة وأتمّ مناسبة بالاستعارة، وكذا الإطلاق أبلغ من التجريد. ومبنى الترشيحية على أن المستعار له عين المستعار منه لا شيء شبيه به.

فائدة:
في شرح بعض رسائل الاستعارة الترشيح يجوز أن يكون باقيا على حقيقته تابعا في الذّكر للتعبير عن الشيء بلفظ الاستعارة ولا يقصد به إلّا تقويتها، كأنّه نقل لفظ المشبه به مع رديفه إلى المشبّه، ويجوز أن يكون مستعارا من ملائم المستعار منه لملائم المستعار له، ويكون ترشيح الاستعارة بمجرد أنه عبّر عن ملائم المستعار له بلفظ موضوع لملائم المستعار منه. هذا ولا يخفى أنّ هذا لا يخصّ بكون لفظ ملائم المستعار منه مستعارا، بل يتحقّق الترشيح بذلك التعبير على وجه الاستعارة كان أو على وجه المجاز المرسل، إمّا للملائم المذكور أو للقدر المشترك بين المشبّه والمشبّه به، وأنّه يحتمل مثل ذلك في التجريد أيضا، ويحتمل تلك الوجوه قوله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ حيث استعير الحبل للعهد في أن يكون وسيلة لربط شيء لشيء، وذكر الاعتصام وهو التمسك بالحبل ترشيحا إما باقيا على معناه للوثوق بالعهد أو مجازا مرسلا في الوثوق بالعهد، لعلاقة الإطلاق والتقييد فيكون مجازا مرسلا بمرتبتين، أو في الوثوق، كأنه قيل ثقوا بعهد الله، وحينئذ كلّ من الترشيح والاستعارة ترشيح للآخر.
السادس باعتبار أمر آخر إلى أربعة أقسام:
تصريحية ومكنية وتحقيقية وتخييلية. فالتصريحية وتسمّى بالمصرّحة أيضا هي التي ذكر فيها المشبّه به. والمكنية ما يقابلها وتسمّى الاستعارة بالكناية أيضا. اعلم أنه اتفقت كلمة القوم على أنه إذا لم يذكر من أركان تشبيه شيء بشيء سوى المشبّه وذكر معه ما يخصّ المشبّه به كان هناك استعارة بالكناية واستعارة تخييلية، كقولنا:
أظفار المنيّة أي الموت نشبت بفلان، لكن اضطربت أقوالهم في تشخيص المعنيين اللذين يطلق عليهما هذان اللفظان. ومحصّل ذلك يرجع إلى ثلاثة أقوال: أحدها ما ذهب إليه القدماء وهو أنّ المستعار بالكناية لفظ المشبه به المستعار للمشبه في النفس المرموز إليه بذكر لازمه من غير تقدير في نظم الكلام، وذكر اللازم قرينة على قصده من غرض وإثبات ذلك اللازم للمشبّه استعارة تخييلية. ففي المثال المذكور الاستعارة بالكناية السبع المستعار للمنيّة الذي لم يذكر اعتمادا على أنّ إضافة الأظفار إلى المنيّة تدل على أن السبع مستعار لها.
والاستعارة التخييلية إثبات الأظفار للمنية، فحينئذ وجه تسميتها بالمكنية وبالاستعارة بالكناية ظاهر لأنها استعارة بالمعنى المصطلح ومتلبسة بالكناية بالمعنى اللغوي، أي الخفاء، وكذا تسميتها بالتخييلية لاستلزامها استعارة لازم المشبه به للمشبّه، وتخييل أنّ المشبّه من جنس المشبّه به. وثانيها ما ذهب إليه السكّاكي صريحا حيث قال: الاستعارة بالكناية لفظ المشبّه المستعمل في المشبّه به ادعاء أي بادعاء أنه عينه بقرينة استعارة لفظ هو من لوازم المشبّه به بصورة متوهّمة متخيّلة شبيهة به أثبتت للمشبّه، فالمراد بالمنيّة عنده هو السبع بادعاء السبعية لها وإنكار أن تكون شيئا غير السبع بقرينة إضافة الأظفار التي من خواص السبع إليها. ولا خفاء في أن تسميتها بالاستعارة بالكناية أو المكنية غير ظاهر حينئذ، وفي جعله إياها قسما من الاستعارة التي هي قسم من المجاز، وجعل إضافة الأظفار قرينة الاستعارة نظرا لأنّ لفظ المشبه فيها هو المستعمل في ما وضع له تحقيقا، والاستعارة ليست كذلك. واختار السكّاكي ردّ التبعية إلى المكني عنها بجعل قرينتها استعارة بالكناية وجعلها أي التبعية قرينة لها، على عكس ما ذكره القوم في مثل نطقت الحال من أنّ نطقت استعارة لدلّت والحال قرينة لها. هذا ولكن في كون ذلك مختار السكاكي نظرا لأنه قال في آخر بحث الاستعارة التبعية:
هذا ما أمكن من تلخيص كلام الأصحاب في هذا الفصل، ولو أنهم جعلوا قسم الاستعارة التبعية من قسم الاستعارة بالكناية بأن قلبوا، فجعلوا في قولهم نطقت الحال هكذا الحال التي ذكرها عندهم قرينة الاستعارة بالتصريح استعارة بالكناية عن المتكلّم بواسطة المبالغة في التشبيه على مقتضى المقام، وجعلوا نسبة النطق إليه قرينة الاستعارة، كما تراهم في قولهم: وإذا المنيّة انشبت أظفارها، يجعلون المنيّة استعارة بالكناية عن السبع ويجعلون إثبات الأظفار لها قرينة الاستعارة لكان أقرب إلى الضبط فتدبر، انتهى كلامه. وهو صريح في أنه ردّ التبعية إلى المكْنية على قاعدة القوم، فحينئذ لا حاجة له إلى استعارة قرينة المكنية لشيء حتى تبقى التبعية مع ذلك بحالها، ولا يتقلّل الأقسام بهذا أيضا.
فإن قلت لم يجعل السلف المكنية المشبّه المستعمل في المشبّه به كما اعتبره في هذا الرّدّ، فكيف يتأتى لك توجيه كلامه بأنّ ردّه على قاعدة السلف من غير أن يكون مختارا له؟

قلت: لا شبهة فيما ذكرنا والعهدة عليه في قوله، كما تراهم في قولهم: وإذا المنية أنشبت أظفارها، يجعلون المنية استعارة بالكناية، ولا يضرّنا فيما ذكرنا من توجيه كلامه.
وأما التخييلية عند السكاكي فما سيأتي.
وثالثها ما ذهب إليه الخطيب وهي التشبيه المضمر في النفس الذي لم يذكر شيء من أركانه سوى المشبّه ودل عليه أي على ذلك التشبيه بأن يثبت للمشبه أمر مختصّ بالمشبه به من غير أن يكون هناك أمر متحقق حسّا وعقلا يجري عليه اسم ذلك الأمر، ويسمّى إثبات ذلك الأمر استعارة تخييلية، والمراد بالتشبيه التشبيه اللغوي لا الاصطلاحي، فلا يردّ أن ذكر المشبّه به واجب البتة في التشبيه، وإنما قيل: ودلّ عليه الخ ليشتمل زيدا في جواب من يشبه الأسد؛ وعلى هذا التسمية بالاستعارة غير ظاهر وإن كان كونها كناية غير مخفي. وبالجملة ففي المكنية ثلاثة أقوال، وفي التخييلية قولان: أحدهما قول السكاكي كما يجيء، والآخر قول غيره. وعلى هذا المذهب الثالث كلّ من لفظي الأظفار والمنيّة في المثال المذكور حقيقتان مستعملتان في المعنى الموضوع له، وليس في الكلام مجاز لغوي، وإنما المجاز هو إثبات شيء لشيء ليس هو له، وعلى هذا هو عقلي كإثبات الإنبات للربيع. والاستعارة بالكناية والتخييلية أمران معنويان، وهما فعلا المتكلم، ويتلازمان في الكلام لأن التخييلية يجب أن تكون قرينة للمكنية البتة، وهي يجب أن تكون قرينة للتخيلية البتة.

فائدة:
قال صاحب الأطول: ومن غرائب السوانح وعجائب اللوائح أن الاستعارة بالكناية فيما بين الاستعارات معلومة مبنية على التشبيه المقلوب لكمال المبالغة في التشبيه، فهو أبلغ من المصرّحة، فكما أنّ قولنا السبع كالمنيّة تشبيه مقلوب يعود الغرض منه إلى المشبّه به، كذلك أنشبت المنية أظفارها استعارة مقلوبة استعير بعد تشبيه السبع بالمنية المنية للسبع الادعائي، وأريد بالمنية معناها بعد جعلها سبعا تنبيها على أنّ المنيّة بلغت في الاغتيال مرتبة ينبغي أن يستعار للسبع عنها اسمها دون العكس، فالمنية وضعت موضع السبع، لكن هذا على ما جرى عليه السكاكي.
والتحقيقية هي ما يكون المشبّه متحققا حسّا أو عقلا نحو: رأيت أسدا يرمي، فإنّ الأسد مستعار للرجل الشجاع وهو أمر متحقق حسّا، ونحو: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ أي الدين الحقّ وهو أمر متحقق عقلا لا حسّا. أما التخييلية فعند غير السكّاكي ما مرّ، وأما عند السكّاكي فهي استعارة لا تحقّق لمعناها حسّا ولا عقلا، بل معناها صورة وهمية محضة.
ولما كان عدم تحقّق المعنى لا حسّا ولا عقلا شاملا لما لم يتعلّق به توهّم أيضا أضرب عنه بقوله بل معناها إلخ، والمراد بالصورة ذو الصورة فإن الصورة جاءت بهذا المعنى أيضا.
والمراد بالوهمية ما يخترعه المتخيلة بأعمال الوهم إياه فإن للإنسان قوة لها تركيب المتفرّقات وتفريق المركّبات إذا استعملها العقل تسمّى مفكرة وإذا استعملها الوهم تسمّى متخيّلة. ولما كان حصول هذا المعنى المستعار له بأعمال الوهم سمّيت استعارة تخييلية، ومن لم يعرفه قال المناسب حينئذ أن تسمّى توهمية، وعدّ التسمية بتخييلية من أمارات تعسّف السكّاكي وتفسيره، وإنما وصف الوهمية بقوله محضة أي لا يشوبها شيء من التحقق الحسّي والعقليّ للفرق بينه وبين اعتبار السلف، فإن أظفار المنية عندهم أمر متحقق شابه توهّم الثبوت للمنية، وهناك اختلاط توهّم وتحقق بخلاف ما اعتبره فإنه أمر وهميّ محض لا تحقّق له لا باعتبار ذاته ولا باعتبار ثبوته، فتعريفه هذا صادق على لفظ مستعمل في صورة وهمية محضة من غير أن تجعل قرينة الاستعارة، بخلاف تفسير السلف والخطيب فإنها لا تنفك عندهم عن الاستعارة بالكناية. وقد صرّح به حيث مثّل للتخييلية بأظفار المنية الشبيهة بالسبع أهلكت فلانا، والسلف والخطيب إمّا أن ينكروا المثال ويجعلوه مصنوعا أو يجعلوا الأظفار ترشيحا لتشبيه لا استعارة تخييلية. وردّ ما ذكره بأنه يقتضي أن يكون الترشيح استعارة تخييلية للزوم مثل ما ذكره فيه مع أنّ الترشيح ليس من المجاز والاستعارة، وأجيب بأن الأمر الذي هو من خواصّ المشبّه به لمّا قرن في التخييلية بالمشبّه كالمنيّة مثلا حملناه على المجاز وجعلناه عبارة عن أمر متوهّم يمكن إثباته للمشبّه، وفي الترشيح لمّا قرن بلفظ المشبّه به لم يحتج إلى ذلك لأنه جعل المشبّه به هو هذا المعنى مع لوازمه. فإذا قلنا: رأيت أسدا يفترس أقرانه ورأيت بحرا يتلاطم أمواجه، فالمشبه به هو الأسد الموصوف بالافتراس الحقيقي والبحر الموصوف بالتلاطم الحقيقي، بخلاف أظفار المنيّة فإنها مجاز عن الصورة الوهمية ليصحّ إضافتها إلى الوهمية ليصح إضافتها إلى المنيّة.
ومحصّله أنّ حفظ ظاهر إثبات لوازم المشبه به للمشبه يدعو إلى جعل الدالّ على اللازم استعارة لما يصحّ إثباته للمشبّه ولا يحتاج إلى تجوّز في ذلك الإثبات، وليس هذا الداعي في الترشيح لأنه أثبت للمشبّه به فلا وجه لجعله مجازا، ولا يلزم عدم خروج الترشيح عن الاستعارة وعدم زيادته عليها لأنه فرّق بين المقيد والمجموع والمشبّه به هو الموصوف والصفة خارجة عنه لا المجموع المركب منهما، وأيضا معنى زيادته أن الاستعارة تامة بدونه.
ويردّ على هذا أنّ الترشيح كما يكون في المصرّحة يكون في المكنية أيضا ففي المكنية لم يقرن المشبّه به فلا تفرقة هناك، ويمكن أن يفرّق بأن التخييلية لو حملت على حقيقتها لا يثبت الحكم المقصود في الكلام للمكني عنها كما عرفت بخلاف المصرّحة فإن قولنا جاءني أسد له لبد، لو أثبت فيه اللبد الحقيقي للأسد المستعمل في الرجل الشجاع مجازا لم يمنع عن إثبات المجيء للأسد، فإن مآله جاءني رجل شجاع لما شبّهه به لبد، لكنه لا يتم في قوله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً فإنه لو أريد الأمر بالاعتصام الحقيقي لفات ما قصد بيانه للعهد، فلا بدّ من جعل الاعتصام استعارة لما يثبت العهد.

فائدة:
التصريحية تعمّ التحقيقية والتخييلية، والكلّ مجاز لغوي ومتباين، هذا عند السكّاكي.
والمكنية داخلة في التحقيقية عند السلف لأنّ اللفظ المستعار المضمر في النفس وهو محقق المعنى. والتصريحية عند الخطيب ترادف التحقيقية وتباين التخييلية لأنها عنده ليست لفظا، فلا تكون محقق المعنى، وكذا تباين المكنية لأنها عنده نفس التشبيه المضمر في النفس فلا تكون محقق المعنى.

فائدة:
في تحقيق قرينة الاستعارة بالكناية ذهب السلف سوى صاحب الكشاف إلى أنّ الأمر الذي أثبت للمشبه من خواصّ المشبه به مستعمل في معناه الحقيقي، وإنما المجاز في الإثبات ويحكمون بعدم انفكاك المكني عنده عنها، وإليه ذهب الخطيب أيضا، وجوّز صاحب الكشاف كون قرينتها استعارة تحقيقية وكذا السكاكي، ووجه الفرق بين ما يجعل قرينة للمكنية ويجعل نفسه تخييلا أو استعارة تحقيقية أو إثباته تخييلا وبين ما يجعل زائدا عليها وترشيحا قوّة الاختصاص بالمشبه به، فأيّهما أقوى اختصاصا وتعلّقا به فهو القرينة وما سواه ترشيح، وكذا الحال بين القرينة والترشيح في الاستعارة المصرّحة، والأظهر أنّ ما يحضر السامع أولا فهو القرينة وما سواه ترشيح، ذلك أن تجعل الجميع قرينة في مقام شدة الاهتمام بالإيضاح، هكذا في شرح بعض رسائل الاستعارة.

فائدة:
في الإتقان أنكر قوم الاستعارة بناء على إنكارهم المجاز، وقوم إطلاقها في القرآن لأن فيها إيهاما للحاجة، ولأنه لم يرد في ذلك إذن الشارع، وعليه القاضي عبد الوهاب المالكي، انتهى. خاتمة
إذا جرى في الكلام لفظة ذات قرينة دالّة على تشبيه شيء بمعناه فهو على وجهين:
أحدهما أن لا يكون المشبّه مذكورا ولا مقدّرا كقولك: لقيت في الحمام أسدا أي رجلا شجاعا، ولا خلاف في أنّ هذا استعارة لا تشبيه. وثانيهما أن يكون المشبّه مذكورا أو مقدّرا وحينئذ فاسم المشبّه به إن كان خبرا عن المشبّه أو في حكم الخبر كخبر باب كان وإنّ والمفعول الثاني لباب علمت والحال والنعت، فالأصح أنه يسمّى تشبيها لا استعارة، لأن اسم المشبّه به إذا وقع هذه المواقع كان الكلام مصوغا لإثبات معناه لما أجري عليه أو نفيه عنه، فإذا قلت زيد أسد فصوغ الكلام لاثبات الأسدية لزيد وهو ممتنع حقيقة، فيحمل على أنه لإثبات شبه من الأسد له، فيكون الإتيان بالأسد لإثبات التشبيه فيكون خليقا بأن يسمّى تشبيها لأن المشبه به إنما جيء به لإفادة التشبيه بخلاف نحو لقيت أسدا، فإنّ الإتيان بالمشبه به ليس لإثبات معناه لشيء بل صوغ الكلام لإثبات الفعل واقعا على الأسد، فلا يكون لإثبات التشبيه، فيكون قصد التشبيه مكنونا في الضمير لا يعرف إلّا بعد نظر وتأمّل.
هذا خلاصة كلام الشيخ في أسرار البلاغة، وعليه جميع المحققين. ومن الناس من ذهب إلى أن الثاني أيضا أعني زيد أسد استعارة لإجرائه على المشبّه مع حذف كلمة التشبيه، والخلاف لفظي مبني على جعل الاستعارة اسما لذكر المشبّه به مع خلوّ الكلام عن المشبّه على وجه ينبئ عن التشبيه أو اسما لذكر المشبّه به لإجرائه على المشبّه مع حذف كلمة التشبيه.
ثم إنه نقل عن أسرار البلاغة أنّ إطلاق الاستعارة في زيد الأسد لا يحسن لأنه يحسن دخول أدوات التشبيه من تغيير بصورة الكلام، فيقال: زيد كالأسد، بخلاف ما إذا كان المشبّه به نكرة نحو زيد أسد، فإنه لا يحسن زيد كأسد، وإلّا لكان من قبيل قياس حال زيد إلى المجهول وهو أسد ما؛ ولهذا يحسن كأنّ زيدا أسد لأن المراد بالخبر العموم فالتشبيه بالنوع لا بفرد، فليس كالتشبيه بالمجهول، وإنما يحسن دخول الكاف بتغيير صورته وجعله معرفة بأن يقال زيد كالأسد، فإطلاق اسم الاستعارة هاهنا لا يبعد، ويقرب الإطلاق مزيد قرب أن يكون النكرة موصوفة بصفة لا تلائم المشبه به نحو فلان بدر يسكن الأرض فإن تقدير أداة التشبيه فيه يحتاج إلى كثرة التغيير، كأن يقال هو كالبدر إلّا أنه يسكن الأرض، وقد يكون في الصلات والصفات التي تجيء في هذا القبيل ما يحول تقدير أداة التشبيه فيه فيشتد استحقاقه لاسم الاستعارة ويزيد قربه منها، كقوله أسد دم الأسد الهزبر خضابه، فإنه لا سبيل إلى أن يقال المعنى إنه كالأسد للتناقض لأن تشبيه بجنس السبع المعروف دليل على أنه دونه أو مثله، وجعل دم الهزبر الذي هو أقوى الجنس خضاب يده دليل على أنه فوقه فليس الكلام مصوغا لإثبات التشبيه بينهما، بل لإثبات تلك الصفة، فالكلام فيه مبني على أنّ كون الممدوح أسدا أمر تقرّر وثبت، وإنما العمل في إثبات الصفة الغريبة. فمحصول هذا النوع من الكلام أنك تدعي حدوث شيء هو من الجنس المذكور إلّا أنه اختص بصفة عجيبة لم يتوهّم جوازها، فلم يكن لتقدير التشبيه فيه معنى. ولقد ضعّف هذا الكلام صاحب الأطول والمطول وقالا الحقّ أن امثال زيد أسد تشبيه مطلقا، هذا إذا كان اسم المشبّه به خبرا عن اسم المشبّه أو في حكم الخبر وإن لم يكن كذلك نحو لقيت من زيد أسدا ولقيني منه أسد فلا يسمّى استعارة بالاتفاق، لأنه لم يجر اسم المشبه به على المشبه لا باستعماله فيه كما في لقيت أسدا ولا بإثبات معناه له كما في زيد أسد على اختلاف المذهبين، ولا يسمّى تشبيها أيضا لأن الإتيان باسم المشبّه به ليس لإثبات التشبيه إذ لم يقصد الدلالة على المشاركة، وإنما التشبيه مكنون في الضمير، لا يظهر إلّا بعد تأمّل خلافا للسكّاكي فإنه يسمّي مثل ذلك تشبيها، وهذا النزاع أيضا لفظي راجع إلى تفسير التشبيه؛ فمن أطلق الدلالة المذكورة في تعريف التشبيه عن كونها لا على وجه التجريد والاستعارة وعن كونها على وجه التصريح سمّاه تشبيها، ومن قيّده لا. قال صاحب الأطول ونحن نقول في لقيت من زيد أسدا تجريد أسد من زيد بجعل زيد أسدا وهذا الجعل يتضمّن تشبيه زيد بالأسد حتى صار أسدا بالغا غاية الجنس حتى تجرّد عنه أسد، لكن هذا التشبيه مكنون في الضمير خفيّ لأن دعوى أسديته مفروغ عنها منزلة منزلة أمر متقرّر لا يشوبه شائبة خفاء، ولا يجعل السكّاكي هذا من التشبيه المصطلح، وكذلك يتضمّن التشبيه تجريد الأسد الحقيقي عنه إذ لا يخفى أن المجرد عنه لا يكون إلّا شبه أسد، فينصرف الكلام إلى تجريد الشّبه فهو في إفادة التشبيه بحكم ردّ العقل إلى التشبيه بمنزلة حمل الأسد على المشبّه فهو الذي سمّاه السكّاكي تشبيها، ولا ينبغي أن ينازع فيه معه؛ وكيف لا وهو أيضا في تقدير المشبّه والأداة كأنه قيل لقيت من زيد رجلا كالأسد، ولا تفاوت في ذلك بينه وبين زيد أسد، انتهى. وهاهنا أبحاث تركناها خوفا من الإطناب.

المقتضى

المقتضى:
[في الانكليزية] Circumstance ،requirement ،necessity
[ في الفرنسية] Circonstance ،exigence ،necessite
صيغة اسم المفعول عند أهل المعاني سبق تفسيره في لفظ الحال. ومقتضى الظاهر أخصّ من مقتضى الحال لأنّ معناه مقتضى ظاهر الحال، فكلّ مقتضى الظاهر مقتضى الحال من غير عكس. وعند الأصوليين هو ما أضمر في الكلام ضرورة صدق المتكلّم ونحوه. وقيل هو الذي لا يدلّ عليه اللفظ ولا يكون منطوقا، لكن يكون من ضرورة اللفظ. وقال القاضي الامام:
هو زيادة على النصّ لم يتحقّق معنى النّص بدونها فاقتضاها النصّ ليتحقّق معناه ولا يلغو.
وقيل هو جعل غير المنطوق منطوقا لتصحيح المنطوق شرعا أو عقلا أو لغة، وهذه العبارات تؤدّي معنى واحدا، وكذا ما قيل هو خارج يتوقّف عليه صحة الكلام شرعا أو عقلا أو صدقه، ويجيء توضيح هذا في لفظ المنطوق.
وهذه التعريفات على رأي من لا يفرّق بين المقتضى وبين المحذوف والمضمر وهو مذهب عامّة الحنفية وجميع أصحاب الشافعي وجميع المعتزلة. ثم اختلفوا فذهب بعضهم إلى القول بجواز العموم في الأقسام الثلاثة أي ما أضمر في الكلام لتصحيحه شرعا أو عقلا أو لضرورة صدق المتكلّم وهو مذهب الشافعي، وبعضهم إلى القول بعدم جوازه في جميعها وهو مذهب القاضي الإمام، وخالفهم فخر الإسلام وشمس الأئمة وصدر الإسلام وصاحب الميزان في ذلك فأطلقوا اسم المقتضى على ما أضمر لصحة الكلام شرعا فقط وجعلوا ما وراءه قسما واحدا وسمّوه محذوفا أو مضمرا وقالوا بجواز العموم في المحذوف دون المقتضى إلّا أبا اليسر فإنّه لم يعمل بعموم المحذوف أيضا، ولذا عرّفوا المقتضى بأنّه زيادة ثبت شرطا لصحة المنصوص عليه شرعا. وقولهم شرطا حال من المستكنّ في ثبت وبهذا الاعتبار جاز تذكيره مع كونه عائدا إلى الزيادة. وقولهم شرعا احتراز عن المضمر والمحذوف سواء قلنا بترادفهما أو قلنا بأنّ المضمر ما له أثر في الكلام نحو وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ، والمحذوف ما لا أثر له مثل قوله تعالى وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ أي أهلها كما هو مذهب بعض الأصوليين. وحاصل الفرق أنّ المحذوف أمر لغوي أي ثابت لغة كالفاعل والمصدر وما حذف من الكلام اختصارا وأعطي إعرابه الذي أقيم مقامه، والمقتضى أمر شرعي أي ثابت شرعا كالمكان والزمان والمفعول به لأنّها فضلة. وقيل المقتضي ما لم يكن ثابتا لغة سواء كان ثابتا شرعا أو ضرورة. وقيل لا يفرّق العقل بين الكلّ، فالفرق بجعل بعضها شرعيا وبعضها لغويا مشكل. وقيل إنّ المقتضي والمقتضى كلاهما مرادان في الاقتضاء كما في قولك اعتق عبدك عنّي بألف درهم فإنّ الإعتاق والتمليك كلاهما مرادان للمتكلّم، وفي المحذوف المراد هو المحذوف دون المصرّح.
وبالجملة فالمحذوف في حكم الــمقدّر لا يخلو عن العبارة والإشارة والدلالة، والاقتضاء ليس قسما خارجا عن الأربعة. وقيل ليس من شرط المحذوف انحطاط رتبته عن المظهر لأنّه ليس تابعا له فإن الأهل ليس يتبع للقرية وشرط في المقتضى ذلك لأنّه تبع. وقيل إنّ المحذوف مفهوم بغير إثباته المنطوق والمقتضى مفهوم لا يغير إثباته المنطوق. وفيه أنّه إن أريد بوجه الفرق بين المحذوف والمقتضى وجود التغير في المحذوف وعدمه في المقتضى فلا تغيّر في مثل قوله تعالى فَانْفَجَرَتْ أي فضربه فانفجرت، وقوله تعالى حكاية عن فَأَرْسِلُونِ، يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أي أرسلوه فأتاه وقال له يا يوسف أيها الصّديق، ومثل هذا كثير في المحذوف.
وإن أريد أنّ عدم التغيّر لازم في المقتضى دون المحذوف لم يتميّز المحذوف الذي لا تغيّر فيه عن المقتضى. وأجيب باختيار الشّقّ الأول أنّ الإتيان من قبيل المقتضى دون المحذوف نصّ عليه العلّامة النسفي. وقيل إنّ دلالة اللفظ على المحذوف من باب دلالة اللفظ على اللفظ ودلالة اللفظ على المقتضى من باب دلالة اللفظ على المعنى، فالمحذوف هو اللفظ والمقتضى هو المعنى. وقال الفاضل الشريف: الفرق الصحيح بينهما أنّ المقصود في المحذوف المعاني المفيدة التي تستفاد من الــمقدّر وفي المقتضى المعاني الضرورية المطلقة. اعلم أنّ الشرع متى دلّ على زيادة شيء في الكلام لصيانته عن اللغو ونحوه، فالحامل على الزيادة وهو صيانة الكلام هو المقتضي بالكسر والمزيد هو المقتضى بالفتح، ودلالة الشرع على أنّ هذا الكلام لا يصحّ إلّا بالزيادة هو الاقتضاء كذا ذكر بعض المحقّقين. وقيل الكلام الذي لا يصحّ شرعا إلّا بالزيادة هو المقتضي بالكسر وطلبه الزيادة هو الاقتضاء والمزيد هو المقتضى بالفتح، وما ثبت به هو حكم المقتضى، هكذا يستفاد من التوضيح وحواشيه وكشف البزودي وغيرها. ويجيء ما يتعلّق بهذا في لفظ النّصّ.

فِي كِلْتَيْ

فِي كِلْتَيْ
الجذر: ك ل

مثال: أَنْت مُخْطِئ فِي كِلْتَيِ الحالتينِ
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: للخطأ الإعرابي في كلمة «كلتا».

الصواب والرتبة: -أنت مُخْطِئ فِي كِلْتا الحالتين [فصيحة]
التعليق: إذا أُضيفت «كلا» أو «كلتا» إلى اسم ظاهر تُعْرَب بحركات مقدرة على آخرها وإذا أُضيفت إلى ضمير تُعْرب إعراب المثنى. وقد أُضيفت «كلتا» في المثال المرفوض إلى اسم ظاهر (الحالتين) فلا تُعْرب إعراب المثنى وإنما بحركات مقدرة على الألف.

أبا

[أبا] نه- فيه: لا "أبا" لك- ويكثر في المدح أي لا كافي لك غير نفسك، ويذكر في الذم كما يقال: لا أم لك، ويذكر في التعجب دفعاً للعين، وبمعنى جد في أمر وشمر لأن من له أب اتكل عليه في بعض شأنه، وقد يقال: لا أباك- بترك لام؛ وفيه ح: لله "أبوك"- إذا أضيف شيء إلى عظيم اكتسى عظماً كبيت الله، فإذا وجد من الولد ما يحسن موقعه قيل: لله أبوك- للمدح والتعجب أي أبوك لله خالصاً حيث أتى بمثلك؛ وح: أفلح و"أبيه"، هي كلمة تجري على ألسنتهم تارة للتأكيد وتارة للقسم، فهي إما للتأكيد أو قبل النهي عن الحلف بأبيه؛ وفيه: إذا ذكرت أم عطية رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: بابا- بهمزة مفتوحة بين الباءين وقلب الياء الأخيرة ألفاً، وأصله بأبي، يقال: بأبأت الصبي- إذا قلت له: بأبي أنت وأمي- أي أنت مفدى بهما أو فديتك بهما؛ وفيه: من محمد صلى الله عليه وسلم إلى المهاجر بن "أبو أمية"، حقه أن يقولأمية، لكن لاشتهاره بالكنية ولم يكن له اسم معروف غيره لم يجر، كما قيل: علي بن أبو طالب؛ وفيه ح: عائشة قالت عن حفصة وكانت "بنت أبيها"- أي إنها شبيهة به في قوة النفس وحدة الخلق والمبادرة إلى الأشياء. ن: وأبو بكر وعمر وأنا ابن ثلاث وستين أي وأبو بكر وعمر كذلك، ثم استأنف: وأنا ابن كذا، فأنا متوقع توافقهم بالموت في سنتي؛ وفيه: حججت مع "أبي الزبير"- أي مع والدي وهو الزبير؛ وفيه: فشرفني "بأبي زيد"، وروى: بابن زيد، وهما صحيحان فإنه أسامة بن زيد وكنيته أبو زيد؛ وفيه: رمى "أبي" يوم الأحزاب- بضم همزة وفتح باء وشدة ياء، وصحف من فتح الهمزة وكسر الباء وسكن الياء. 
أبا
الأب: الوالد، ويسمّى كلّ من كان سببا في إيجاد شيءٍ أو صلاحه أو ظهوره أبا، ولذلك يسمّى النبيّ صلّى الله عليه وسلم أبا المؤمنين، قال الله تعالى:
النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ [الأحزاب/ 6] وفي بعض القراءات:
(وهو أب لهم) .
وروي أنّه صلّى الله عليه وسلم قال لعليّ: «أنا وأنت أبوا هذه الأمّة» .
وإلى هذا أشار بقوله: «كلّ سببٍ ونسبٍ منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي» .
وقيل: أبو الأضياف لتفقّده إياهم، وأبو الحرب لمهيّجها، وأبو عذرتها لمفتضّها.
ويسمّى العم مع الأب أبوين، وكذلك الأم مع الأب، وكذلك الجدّ مع الأب، قال تعالى في قصة يعقوب: ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي؟ قالُوا: نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً [البقرة/ 133] ، وإسماعيل لم يكن من آبائهم وإنما كان عمّهم.
وسمّي معلّم الإنسان أبا لما تقدّم ذكره.
وقد حمل قوله تعالى: وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ [الزخرف/ 22] على ذلك. أي: علماءنا الذين ربّونا بالعلم بدلالة قوله تعالى: رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا [الأحزاب/ 67] .
وقيل في قوله: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ [لقمان/ 14] : إنه عنى الأب الذي ولده، والمعلّم الذي علمه.
وقوله تعالى: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ [الأحزاب/ 40] ، إنما هو نفي الولادة، وتنبيه أنّ التبني لا يجري مجرى البنوّة الحقيقية.

وجمع الأب آباء وأبوّة نحو: بعولة وخؤولة.
وأصل «أب» فعل»
، وقد أجري مجرى قفا وعصا في قول الشاعر:
إنّ أباها وأبا أباها
ويقال: أبوت القوم: كنت لهم أبا، أأبوهم، وفلان يأبو بهمه أي: يتفقّدها تفقّد الأب.
وزادوا في النداء فيه تاء، فقالوا: يا أبت .
وقولهم: بأبأ الصبي، فهو حكاية صوت الصبي إذا قال: بابا .
(أبا) - في الحديث: "لا أبا لَك"
قال المُؤَرِّج: هو مَدح: أي لَا كافِىَ لك ولا مُجْزِى، قال: وقولهم: "لا أُمَّ لك" ذَمٌّ: أَىْ أنتَ لَقِيط لا تُعرَف أُمُّك، وقيل: "لا أَبَا لكَ" تُذكَر مَدْحاً: أي لا كَافِىَ لك غيرُ نفسِك، وقال: وقد تُذكَر ذَمًّا: أي لا يُعرفُ أَبوك.
قال الجَبَّان: وقد تُوردُ هذه اللَّفظةُ استِدفَاعًا للعَيْن كقولهم: "قاتَلَه الله" ويقال أيضاً: "لا أَباكَ" في مَعْنى "لا أبَا لَك، ولا بَاكَ" أيضا من غَيْر هَمْز، وقيل معنى "لا أَبا لَك": أي جِدَّ في أمرك وشَمِّر، فإنّ مَنْ له أبٌ ربَّما يتَّكلُ عليه لِيَكْفِيَه بعضَ الأمور، ومن لا أَبَ له يَتولَّى الأُمورَ بنَفْسِه، فيَحْتاج إلى زيادةِ عنايةٍ فيه ونَصَبٍ، وللأب مَحضُ شَفَقة، فإذا حَزَبه أمرٌ تَقاضَت شَفَقَتُه أن يُعاونَه ويَكفيَه بعضَ الكَلّ، فمعنى "لا أَبَا لَك" التَّحْضِيضُ والتَّحريضُ.
- في الحديث: "لله أَبوك".
في العادة أَنَّ الشىءَ إذا أُضِيف إلى عَظِيمٍ اكتَسبَ واكْتَسى عِظَماً وشَرَفاً، كما يقال: "ناقةُ اللهِ، وبَيتُ الله" ونَحوُهما شَرفاً لها، فإذا وُجِد من الولد ما يَحسُن موقِعُه قيل: "أَبُوك لله" حيث أَنجَب بِكَ، وأتَى بمِثْلِك: أي كان شَرِيفاً نَجِيبا حيث أنجَب بك.
- في حديث أُمِّ عَطِية رضي الله عنها: "إذا ذَكرَت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: بِأَبَاه".
أصله: "بأَبِى هُوَ": وهذا كَقَولِهم: "يا وَيْلَتا" قيل: أَصلُه يا وَيْلتى، فلما سَكَنت الياءُ قُلِبت ألفاً، وقيل: إنه بِمَعنى "يا وَيْلَتاه" فحُذِفت هَاءُ النُّدْبةِ، ومثله: يَا لَهْفَا ويا لَهْفَتَاه، وقال ابنُ الأنبارى: تقول العرب: يا بِيَبَا لِمَ فعلتَ كذا؛ لدَلالةِ المعنى مع كَثْرة الاستِعْمال.
وفيه ثَلاثُ لُغَات: بأَبِى بِهَمز، وبِيَبِى بغَيْر همز وبِيَبَا، فمَنْ قال: بِيَبِى لَيَّن الهَمزة، وأبدل منها يَاءً، قال الشاعر:
ألا بِيَبا مَنْ لستُ أَعرِفُ مثلَها ... ولو دُرتُ أَبغِى ذلك الشرقَ والغَربَا
- في الحديث "بأَبِى أَنتَ وأُمِّى".
الــمُقَدَّر قبلَ باء الِإلصاق اسمٌ فيما قيل لا فِعْل، فعَلَى هذا يكون ما بعده رَفعاً لا نَصباً، كما قال أبو بكر لفاطمة رَضِى الله عنها: "بأَبِى وأُمِّى أَبُوك": أي مُفدًّى أَبُوك بأَبِى وأُمِّى، فتُرِك ذلك لكثرة الاستِعْمال وحُصولِ عِلمِ المُخاطَب به.
ولو قال قَائِل: إن الــمُقدَّر قبله فعل، وإن ما بعدَه نَصْبٌ لم يُعَنَّف، فيكون تَقديرُه: فَديتُ بأبِى وأُمِّى أَباكِ.
- في حديث أبِى هُرَيْرة، رضي الله عنه عن النبى - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّكم في الجَنَّة إلا مَنْ أبى" .
: أي إلا مَنْ تَرَك طاعةَ اللهِ عزَّ وجلَّ، لأنَّ مَنْ ترك التَّسَبُّبَ إلى شىء لا يُوجَد بغَيْرِه فَقَدْ أَباه إباء.
- وفي حديث رُقَيْقةَ "هَنِيئًا لك أَبا البَطْحاء".
وإنما سَمّوه أبا البَطْحاء لأنهم شُرِّفُوا به، وعُظَّموا بدُعائِه وهِدايَتهِ، كما يقال للمِطْعام: أَبُو الأَضياف.
[أبا] الأباء بالفتح والمد: القًّصَبُ، الواحدة أباءة. ويقال هو أجمة الحلفاء والقصب خاصة. قال الشاعر : من سره ضَرْبٌ يُرَعْبِلُ بَعْضُهُ * بَعْضاً كَمَعْمَعَةِ الاباء المحرق  (*) والاباء بالكسر: مصدر قولك: أَبى فلانٌ يَأْبى بالفتح فيهما، مع خلو من حروف الحلق، وهو شاذ، أي امتنع، فهو آب وأَبِيٌّ وأَبَيانٌ بالتحريك. قال الشاعر : وقبلك ماهاب الرجال ظلامتي * وفقأت عين الاشوس الا بيان وتأبى عليه، أي امتنع. وأبى فلانٌ الماءَ، وآبَيْتُهُ الماء. قال الشاعر : قد أُوبِيَتْ كُلَّ ماءٍ فهي صادِيَةٌ * مهما تُصِبْ أفُقاً من بارق تشم وعنز أبواء. وقد أبيت تأبى أبى. وتيس آبى بين الاباء، إذا شم بول الاروى فمرض منه. قال الشاعر فقلت لكناز توكل فإنه * أبى لا إخال الضأن منه نواجيا ويقال: أخذه أباء، على فعال بالضم، إذا جعل يَأبى الطعام. وقولهم في تحيَّة الملوك في الجاهلية: أبيتَ اللعْنَ، قال ابن السكِّيت: أي أبَيتَ أن تأتي من الأمور ما تُلْعَنُ عليه. والأبُ أصله أبو بالتحريك، لان جمعه آباء، مثل قفا وأقفاء ورحى وأرحاء، فالذاهب منه واو، لانك تقول في التثنية: أبوان. وبعض العرب يقول أبان على النقص، وفى الاضافة أبيك، وإذا جمعت بالواو والنون قلت أبون، وكذلك أخون وحمون وهنون. قال الشاعر: فلما تعرفن أصواتنا * بكين وفديننا بالابينا وعلى هذا قرأ بعضهم: (إله أبيك إبراهيم (*) وإسماعيل وإسحاق) يريد جمع أب، أي أبينك فحذف النون للاضافة. ويقال: ما كنتَ أباً ولقد أَبَوْتَ أبُوَّة. وماله أبٌ يَأبوهُ، أي يغذوه ويربيه. والنسبة إليه أبوى. والأبَوان: الأبُ والأُمُّ. وبيني وبين فلان أُبُوَّةٌ. والأُبُوَّةُ أيضاً: الآباءُ، مثل العمومة والخُؤولة. وكان الأصمعي يروي قول أبي ذؤيب: لو كان مِدْحَةُ حَيٍ أَنْشَرَتْ أَحَداً * أحيا أبوتك الشم الاماديح وغيره يرويه: " أبا كن يا ليلى الاماديح ". وقولهم: يا أَبَةِ افْعَلْ، يجعلون علامة التأنيث عوضاً عن ياء الإضافة، كقولهم في الام: يا أمه، وتقف عليها بالهاء، إلا في القرآن فإنك تقف عليها بالتاء اتباعا للكتاب. وقد يقف بعض العرب على هاء التأنيث بالتاء فيقولون: يا طلحت. وإنما لم تسقط التاء في الوصل من الاب وسقطت من الام إذا قلت يا أم أقبلي، لان الاب لما كان على حرفين كان كأنه قد أخل به، فصارت الهاء لازمة وصارت الياء كأنها بعدها. وقول الشاعر: تقول ابنتى لما رأتنى شاحبا * كأنك فينا يا أبات غريب أراد يا أبتاه، فقدم الالف وأخر التاء. وقد يقلبون الياء ألفا، قالت عمرة : وقد زعموا أنى جزعت عليهما * وهل جزع إن قلت وابأباهما تريد: وابأبيهما. وقالت امرأة:

يابيبى أنت ويا فوق البيب * قال الفراء: جعلوا الكلمتين كالواحدة لكثرتهما في الكلام. وقال: يا أبت ويا أبت لغتان، فمن نصب أراد الندبة فحذف. ويقال: لا أبَ لك ولا أبا لك، وهو مدح. وربما قالوا: لا أَباكَ، لأن اللام كالمُقحَمَةِ. قال أبو حية النميري (*) أبالموت الذى لابد أنى * ملاق لا أباك تخوفيني أراد تخوفينني، فحذف النون الاخيرة. قال ابن السكيت: يقال: فلان " بَحْرٌ لا يُؤبى "، وكذلك " كَلا لا يُؤبى " أي لا يجعلك تَأْباهُ، أي لا ينقطع من كثرته. والابواء، بالمد: موضع.
أ ب ا: (الْإِبَاءُ) بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ مَصْدَرُ قَوْلِكَ أَبَى يَأْبَى بِالْفَتْحِ فِيهِمَا مَعَ خُلُوِّهِ مِنْ حُرُوفِ الْحَلْقِ وَهُوَ شَاذٌّ أَيِ امْتَنَعَ فَهُوَ (آبٍ) وَ (أَبِيٌّ) وَ (أَبَيَانٌ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَ (تَأَبَّى) عَلَيْهِ امْتَنَعَ، وَقَوْلُهُمْ فِي تَحِيَّةِ الْمُلُوكِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ (أَبَيْتَ) اللَّعْنَ أَيْ أَبَيْتَ أَنْ تَأْتِيَ مِنَ الْأُمُورِ مَا تُلْعَنُ عَلَيْهِ، وَ (الْأَبُ) أَصْلُهُ (أَبَوٌ) بِفَتْحِ الْبَاءِ لِأَنَّ جَمْعَهُ (آبَاءٌ) مِثْلُ قَفًا وَأَقْفَاءٍ وَرَحًا وَأَرْحَاءٍ فَالذَّاهِبُ مِنْهُ وَاوٌ لِأَنَّكَ تَقُولُ فِي التَّثْنِيَةِ (أَبَوَانِ) وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَقُولُ (أَبَانِ) عَلَى النَّقْصِ، وَفِي الْإِضَافَةِ (أَبِيكَ) وَإِذَا جَمَعْتَهُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ قُلْتَ أَبُونَ وَكَذَا أَخُونَ وَحَمُونَ وَهَنُونَ قَالَ الشَّاعِرُ:

بَكَيْنَ وَفَدَّيْنَنَا بِالْأَبِينَا
وَعَلَى هَذَا قَرَأَ بَعْضُهُمْ «وَإِلَهَ أَبِيكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ» يُرِيدُ جَمْعَ (أَبٍ) أَيْ (أَبِينَكَ) فَحَذَفَ النُّونَ لِلْإِضَافَةِ، وَ (الْأَبَوَانِ) الْأَبُ وَالْأُمُّ، وَ (الْأُبُوَّةُ) مَصْدَرُ الْأَبِ كَالْعُمُومَةِ وَالْخُئُولَةِ، وَقَوْلُهُمْ يَا أَبَتِ افْعَلْ، جَعَلُوا تَاءَ التَّأْنِيثِ عِوَضًا عَنْ يَاءِ الْإِضَافَةِ وَيُقَالُ (يَا أَبَتِ) وَ (يَا أَبَتَ) لُغَتَانِ فَمَنْ فَتَحَ أَرَادَ النُّدْبَةَ فَحَذَفَ، وَيَقُولُونَ لَا (أَبَ) لَكَ وَلَا (أَبَا) لَكَ وَهُوَ مَدْحٌ وَرُبَّمَا قَالُوا لَا (أَبَاكَ) لِأَنَّ اللَّامَ كَالْمُقْحَمَةِ. 

حتت

(ح ت ت) : (فِي الْحَدِيثِ) حُتِّيهِ وَاقْرُصِيهِ (الْحَتُّ) الْقَشْرُ بِالْيَدِ أَوْ الْعُودِ (وَالْقَرْصُ) الْأَخْذُ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ كِلَاهُمَا مِنْ بَابِ طَلَبَ أمة (الحتات) فِي (ت ل) .
(حتت) - في الحديث: "تَحاتَّت عنه ذُنوبُه".
: أي تَساقَطَت، وهو مُطاوِع حَتَّه: أي حَطَّه، تَفاعُل من الحَتِّ.
- وفي حَديثٍ آخر: "هم خِيار مَنْ يَنحَتُّ عنه المَدرُ" .

حتت


حَتَّ(n. ac. حَتّ)
a. Scraped, rubbed, wiped off.
b. Stript off ( bark, leaves ).
c. Dropped off.

تَحَاْتَتَإِنْحَتَتَa. Fell or peeled off.

حَتّ
(pl.
أَحْتَاْت)
a. Fleet, agile.
b. High-bred, noble, ancient.

حِتَّة
a. [ coll. ], Tiny bit, morsel.

حُتَاْتa. Fragments, rubbish, debris.

حَتَّى
a. Until, up to; even.
b. In order to, so that.

حَتَّى مَتَى حَتَّامَ
a. Till when? How long!
[حتت] في دم الثوب: "حتيه" أي حكيه، والحت والقشر سواء، و"تحات" ورقه تساقط. ومنه ح: "تحاتت" عنه ذنوبه. وح: "حت" عنه قشره، أي اقشره. ومنه: يبعث من بقيع الغرقد سبعون ألفاً هم خيار من "ينحت" عن خطمه المدر، أي يتقشر ويسقط عن أنوفهم التراب. وفي ح سعد قال له يوم أحد: "احتتهم" يا سعد، أي ارددهم. ط ومنه: "فحته" بعصا، وفيه أن التيمم لا يصح ما لم يعلق باليد غبار، وأن ذكر الله يستحب فيه الطهارة.
ح ت ت : حَتَّ الرَّجُلُ الْوَرَقَ وَغَيْرَهُ حَتًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ أَزَالَهُ وَفِي حَدِيثٍ «حُتِّيهِ ثُمَّ اُقْرُصِيهِ» قَالَ الْأَزْهَرِيُّ الْحَتُّ أَنْ يُحَكَّ بِطَرَفِ حَجَرٍ أَوْ عُودٍ وَالْقَرْصُ أَنْ يُدْلَكَ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ وَالْأَظْفَارِ دَلْكًا شَدِيدًا وَيُصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ حَتَّى تَزُولَ عَيْنُهُ وَأَثَرُهُ وَتَحَاتَّتْ الشَّجَرَةُ تَسَاقَطَ وَرَقُهَا. 
ح ت ت

حت الورق عن الشجرة فانحتّ، وتحاتّ. وحت المني والدم عن الثوب. " حتيه ثم اقرصيه " وتحاتت أسنانه: تناثرت. وما في يدي منه حتاتة.

ومن المجاز: حت الله ماله. وتركوهم حتاً بتاً، وحتاً فتاً: أهلكوهم. وحت القوم عن الشيء ردهم عنه. وفرس حت: سريع كأنه يحت الجري حتاً. قال سلامة بن جندل:

من كل حت إذا ما ابتل ملبده ... صافي الأديم أسيل الخد يعبوب

وحت البراية أي سريع البقية التي أبقاها منه السفر بعد بريه، ومثله قوله: حته مائة درهم، ومائة سوط: عجلها له.
حتت حسف وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيث عمر [رَضِي الله عَنهُ -] أَن أسلم كَانَ يَأْتِيهِ بالصاع من التَّمْر فَيَقُول: يَا أسلم حُتَّ عَنهُ قِشْرَه قَالَ: فأحسِفه فيأكله. قَوْله: حُتّ عَنهُ يَقُول: اقْشِره وكلِ شَيْء قشرتَه عَن شَيْء فقد حتته عَنهُ. وَقَوله: فأحْسِفه فيأكله وَهُوَ مَأْخُوذ من الحُسافة وَهُوَ قُشور التَّمْر ورديئه الَّذِي تخدجه مِنْهُ إِذا نَقَّيته يُقَال [مِنْهُ -] : حَسَفْت التَّمْر 7 / الف أحْسِفه / حسفا. وَفِي هَذَا الحَدِيث مِمَّا يبين لَك أَنهم كَانُوا يتوسعون فِي الْمطعم إِذا أمكنهم.
ح ت ت: (الْحَتُّ) حَتُّكَ الْوَرَقَ مِنَ الْغُصْنِ وَالْمَنِيَّ مِنَ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ وَبَابُهُ رَدَّ. قُلْتُ: قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْحَتُّ الْفَرْكُ وَالْحَكُّ وَالْقَشْرُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَ (حَتَّى) بِوَزْنِ فَعْلَى وَهِيَ حَرْفٌ تَكُونُ جَارَّةً كَإِلَى فِي انْتِهَاءِ الْغَايَةِ وَعَاطِفَةً كَالْوَاوِ وَحَرْفَ ابْتِدَاءٍ يُسْتَأْنَفُ بِهَا مَا بَعْدَهَا كَقَوْلِهِ:

حَتَّى مَاءُ دِجْلَةَ أَشْكَلُ
وَقَوْلُهُمْ (حَتَّامَ) أَصْلُهُ حَتَّى مَا حُذِفَتْ أَلِفُ مَا الِاسْتِفْهَامِيَّةُ تَخْفِيفًا. وَكَذَا الْكَلَامُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَبِمَ تُبَشِّرُونَي} [الحجر: 54] وَ {فِيمَ كُنْتُمْ} [النساء: 97] وَ {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1] وَنَحْوِ ذَلِكَ. 
حتت
حَتَّ/ حَتَّ عن حتَتُّ، يَحُتّ، احتُتْ/ حُتَّ، حَتًّا، فهو حاتّ، والمفعول محتوت (للمتعدِّي)
• حتَّ الصَّخرُ: تآكل.
• حتَّ الشَّجرَ: قشره ° حتّ اللهُ مالَه: أذهبه وأفقره.
• حتَّ الصَّدأُ الحديدَ: أكله وحفره "حتّتِ المياهُ ضِفَّتَيْ النَّهْر".
• حتَّ الوسخَ عن الثَّوب: فركه وأزاله. 

انحتَّ/ انحتَّ عن يَنحَتّ، انحَتِتْ/ انْحَتَّ، انْحِتاتًا، فهو مُنْحَتّ، والمفعول مُنْحَتٌّ عنه
• انحتَّ الشَّيءُ: حَتّ، تآكّل "انحَتّ الصّخرُ".
• انحتَّ الورقُ عن الشَّجر: مُطاوع حَتَّ/ حَتَّ عن: سقَط عنه، انخرط "انحتّ شَعْرُه: تساقط- انحتّ الدِّهانُ عن الجدار". 

تحاتَّ/ تحاتَّ عن يَتحاتّ، تَحاتَتْ/ تَحاتَّ، تَحاتًّا، فهو مُتحاتّ، والمفعول متحاتٌّ عنه
• تحاتَّت أسنانُه: حتَّتْ، تآكلت.
• تحاتَّ الورقُ عن الغصن: سقط عنه وتناثر. 

تحاتّ [مفرد]: مصدر تحاتَّ/ تحاتَّ عن.
• التَّحاتّ الكيميائيّ: (كم) تحلُّل الصّخور نتيجة انحلالها الكيميائيّ ° عوامل التَّعْرية والتَّحاتّ: العوامل التي تؤدِّي إلى تآكل القشرة الأرضيّة وسطوح الأراضي أو المنشآت مثل المياه الجارية والأمطار والرِّياح والصَّقيع.
• تحاتّ الصُّخور: تآكلها. 

حُتات [مفرد]:
1 - ما تناثر من الشّيء "ترى حُتات الخشب متناثرًا".
2 - (جو) موادّ غِرْيَنيّة تتفتّت بالاحتكاك وتنقلها الأنهارُ والتُّرعُ.
3 - هُزال يصيب الدّابّة. 

حُتاتَة [مفرد]:
1 - حُتات، ما تناثر من الشَّيء.
2 - موادّ غِرْيَنيّة تتفتّت بالاحتكاك وتنقلها الأنهارُ والتُّرعُ. 

حَتّ [مفرد]: ج أحتات (لغير المصدر):
1 - مصدر حَتَّ/ حَتَّ عن ° ترَكَوهم حَتًّا بَتًّا، أو حَتًّا فَتًّا: أهلكوهم- ما في يدي منه حَتٌّ: شيءٌ يُذكر.
2 - (جو) عمليّة نحت سطح الأرض بواسطة عوامل التعرية كالهواء والمياة الجارية والجليد وغيرها "حَتُّ ضِفَّتَيْ نهر". 

حَتَّة [مفرد]: ج حَتَّات:
1 - اسم مرَّة من حَتَّ/ حَتَّ عن.
2 - قِطعة من الشّيء، وتستعمل في العامِّيّة بالكسر وتُجمع على حِتَت. 

حتت: الحَتُّ: فَرْكُكَ الشيءَ اليابسَ عن الثَّوْب، ونحوه.

حَتَّ الشيءَ عن الثوب وغيره يَحُتُّه حَتًّا: فَركَه وقَشَره،

فانْحَتَّ وتَحاتَّ؛ واسمُ ما تَحاتَّ منه: الحُتاتُ، كالدُّقاقِ، وهذا البناء من

الغالب على مثل هذا وعامَّتِه الهاءُ.

وكلُّ ما قُشِرَ، فقد حُتَّ. وفي الحديث: أَنه قال لامرأَة سأَلته عن

الدم يُصيب ثَوبَها، فقال لها: حُتِّيه ولو بضِلَعٍ؛ معناه: حُكِّيه

وأَزِيليه. والضِّلَعُ: العُودُ. والحَتُّ والحَكُّ والقَشْرُ سواء؛ وقال

الشاعر:

وما أَخَذَ الدِّيوانَ، حَتَّى تَصَعْلَكا

زَماناً، وحَتَّ الأَشْهبانِ غِناهُما

حَتَّ: قَشَر وحَكَّ. وتَصَعْلَك: افْتَقَر. وفي حديث عمر: أَنَّ

أَسْلَمَ كانَ يأْتيه بالصاع من التَّمْر، فيقول: حُتَّ عنه قِشْرَه أَي

اقْشِرْه؛ ومنه حديث كَعْب: يُبْعَثُ من بَقِيعِ الغَرْقَدِ سبعون أَلفاً، هم

خِيارُ مَن يَنْحَتُّ عن خَطْمه المَدَرُ أَي يَنْقَشِرُ ويَسْقُط عن

أُنوفهم المَدَرُ، وهو التُّراب.

وحُتاتُ كُلّ شيء: ما تَحاتَّ منه؛ وأَنشد:

تَحُتُّ بِقَرنَيْها بَرِيرَ أَراكةٍ،

وتَعْطُو بِظِلْفَيْها، إِذا الغُصْنُ طالَها

والحَتُّ دون النَّحْت. قال شمر: تاَرَكْتُهم حَتًّا فَتًّا بَتًّا إِذا

اسْتَأْصَلْتَهم. وفي الدُّعاء: تَرَكَه اللَّهُ حَتّاً فَتّاً لا

يَمْلأُ كَفًّا أَي مَحْتُوتاً أَو مُنْحَتّاً. والحَتُّ، والانْحِتاتُ،

والتَّحاتُّ، والتَحَتْحُتُ: سُقوطُ الورق عن الغُصن وغيره.

والحَتُوتُ من النَّخْلِ: التي يَتَناثَرُ بُسْرُها، وهي شجرة مِحْتاتٌ

مِنْثارٌ.

وتَحاتَّ الشيءُ أَي تَناثَرَ. وفي الحديث: ذاكرُ اللَّهِ في الغافِلينَ

مَثَلُ الشَّجرة الخَضْراء وَسَطَ الشَّجَر الذي تَحاتَّ وَرَقُه من

الضَّريبِ؛ أَي تَساقَطَ. والضَّريبُ: الصَّقِيعُ. وفي الحديث: تَحاتَّتْ

عنه ذُنُوبه أَي تَساقَطَتْ.

والحَتَتُ: داء يُصيب الشجر، تَحاتُّ أَوراقُها منه. وانْحَتَّ شَعَرُه

عن رأْسه، وانْحَصَّ إِذا تَساقَطَ. والحَتَّةُ: القَشْرَةُ.

وحَتَّ اللَّهُ ماله حَتّاً: أَذْهَبَه، فأَفْقَره، على المثل. وأَحَتَّ

الأَرْطى: يَبِسَ.

والحَتُّ: العَجلَةُ في كل شيء.

وحَتَّه مائةَ سَوْطٍ: ضَربَه وعَجَّلَ ضَرْبَه. وحَتَّه دراهمه: عَجَّل

له النَّقْدَ.

وفرس حَتٌّ: جَواد سريع، كثير العَدْو؛ وقيل: سريعُ العَرَقِ، والجمع

أَحْتاتٌ، لا يُجاوَزُ به هذا البناءُ. وبَعِير حَتٌّ وحَتْحَتٌ: سريعُ

السَّيْرِ خفيفٌ، وكذلك الظليم؛ وقال الأَعْلم بن عبد اللَّه الهذلي:

على حَتِّ البُرايةِ، زمْخَرِيِّ السَـ

ـواعِدِ، ظَلَّ في شَرْيٍ طِوالِ

وإِنما أَراد حَتّاً عند البُرايةِ أَي سَريع عندما يَبْريه من

السَّفَر؛ وقيل: أَرادَ حَتَّ البَرْيِ، فوضع الاسمَ موضع المصدر؛ وخالف قوم من

البصريين تفسير هذا البيت، فقالوا: يعني بعيراً، فقال الأَصمعي: كيف يكون

ذلك، وهو يقول قبله:

كأَنَّ مُلاءَتَيَّ على هِجَفٍّ،

يَعِنُّ مع العَشِيَّةِ للرِّئالِ؟

قال ابن سيده: وعندي أَنه إِنما هو ظَلِيمٌ، شَبَّه به فَرَسَه أَو

بعيرَه، أَلا تَراه قال: هِجَفٍّ، وهذا من صفة الظليم، وقال: ظَلَّ في شَرْيٍ

طِوالِ، والفرسُ أَو البَعِيرُ لا يأْكلانِ الشَّرْيَ، إِنما

يَهْتَبِدُه النَّعامُ، وقوله: حَتِّ البُراية، ليس هو ما ذهب إِليه من قوله: إِنه

سريع عندما يَبْريه من السَّفَر، إِنما هو مُنْحَتُّ الريش لما يَنْفُضُ

عنه عِفاءَه من الربيع، ووَضَع المصدر الذي هو الحَتُّ موضعَ الصفة الذي

هو المُنْحَتُّ؟ والبُراية: النُّحاتةُ. وزَمْخَريُّ السَّواعِدِ:

طويلُها. والحَتُّ: السريعُ أَي هو سريع عندما براه السَّيْرُ. والشَّرْيُ:

شجرُ الحَنْظلِ، واحدته شَرْيَة. وقال ابن جني: الشَّرْيُ شجر تُتَّخذ منه

القِسيُّ؛ قال: وقوله ظَلَّ في شَرْيٍ طِوالِ، يُريد أَنهنَّ إِذا كُنَّ

طِوالاً سَتَرْته فزاد اسْتِيحاشُه، ولو كُنَّ قِصاراً لَسَرَّح بَصَرَه،

وطابَتْ نفسُه، فَخَفَّضَ عدوه. قال ابن بري: قال الأَصمعي: شَبَّه فرسه

في عَدْوه وهَرَبِه بالظليم، واسْتَدَلَّ بقوله:

كأَنَّ مُلاءَتَيَّ على هِجَفٍّ

قال: وفي أَصل النسخة شَبَّه نَفْسَه في عَدْوه، قال: والصواب شَبَّه

فَرسَه.

والحَتْحَتَةُ: السُّرْعة.

والحَتُّ أَيضاً: الكريم العَتِيقُ.

وحَتَّه عن الشيء يَحُتُّه حَتّاً: ردّه. وفي الحديث: أَنه قال لسَعْدٍ

يوم أُحُدٍ: احْتُتْهم يا سَعْدُ، فِداك أَبي وأُمي؛ يعني ارْدُدْهم. قال

الأَزهري: إِن صَحَّت هذه اللفظةُ، فهي مأْخوذة من حَتَّ الشيءَ، وهو

قَشْرُه شيئاً بعد شيء وحَكُّه. والحَتُّ: القَشْر. والحَتُّ: حَتُّكَ

الورقَ من الغُصْن، والمَنِيَّ من الثوب ونحوه. وحَتُّ الجَراد: مَيِّته.

وجاء بتَمْرٍ حَتٍّ: لا يَلْتَزِق بعضُه ببعض.

والحُتاتُ من أَمراض الإِبل: أَن يأْخُذَ البعيرَ هَلْسٌ، فيتغير لَحمُه

وطَرْقُه ولَوْنُه، ويَتَمعَّطُ شَعَرُه؛ عن الهَجَرِيِّ.

والحَتُّ: قبيلة من كِنْدَةَ، يُنْسَبون إِلى بلد، ليس بأُمّ ولا أَب؛

وأَما قول الفرزدق:

فإِنكَ واجِدٌ دوني صُعُوداً،

جَراثِيمَ الأَقارِع والحُتاتِ

فيَعْني به حُتاتَ بنَ زيْدٍ المُجاشِعيَّ؛ وأَورد هذا الليث في ترجمة

قَرَع، وقال: الحُتاتُ بِشْرُ بن عامر بن عَلْقمة.

وحَتِّ: زَجْرٌ للطير.

قال ابن سيده: وحَتَّى حرف من حروف الجرّ كإِلى، ومعناه الغاية، كقولك:

سِرْتُ اليومَ حتى الليلِ أَي إِلى الليل، وتدخل على الأَفعال الآتية

فتنصبها بإِضمار أَن، وتكون عاطفة؛ وقال الأَزهري: قال النحويون حتى تجيء

لوقت مُنْتَظَر، وتجيء بمعنى إِلى، وأَجمعوا أَنَّ الإِمالة فيها غير

مستقيمة، وكذلك في على؛ ولِحَتى في الأَسماء والأَفعال أَعمالٌ مختلفة، ولم

يفسرها في هذا المكان؛ وقال بعضهم: حَتَّى فَعْلى من الحَتِّ، وهو الفَراغُ

من الشيء، مثل شَتَّى من الشَّتِّ؛ قال الأَزهري: وليس هذا القول مما

يُعَرَّجُ عليه، لأَنها لو كانت فَعْلى من الحتِّ، كانت الإِمالةُ جائزةً،

ولكنها حرفُ أَداةٍ، وليست باسم، ولا فعل؛ وقالَ الجوهري: حَتَّى فَعْلى،

وهي حرف، تكون جارَّةً بمنزلة إِلى في الانتهاء والغاية، وتكون عاطفة

بمنزلة الواو، وقد تكون حرف ابتداء، يُسْتأْنف بها الكلامُ بعدها؛ كما قال

جرير يهجو الأَخْطل، ويذكر إِيقاع الجَحَّافِ بقومه:

فما زالت القَتْلى تَمُجُّ دماءَها

بدِجْلَةَ، حتى ماءُ دِجْلةَ أَشْكَلُ

لنا الفَضلُ في الدُّنيا، وأَنْفُكَ راغِمٌ،

ونحنُ لكم، يومَ القيامةِ، أَفْضَلُ

والشَّكَلُ: حُمْرة في بياض؛ فإِن أَدخلتها على الفعل المستقبل، نصبته

بإِضمار أَن، تقول: سِرْتُ إِلى الكوفة حتى أَدخُلَها، بمعنى إِلى أَن

أَدخلها؛ فإِن كنتَ في حالِ دخولٍ رَفَعْتَ. وقرئ: وزُلْزِلُوا حتى يقولَ

الرسولُ، ويقولُ، فمَن نصب جعله غاية، ومَن رفع جعله حالاً، بمعنى حتى

الرسولُ هذه حالهُ؛ وقولهم: حَتَّامَ، أَصلُه حتى ما، فحذفت أَلف ما

للاستفهام؛ وكذلك كل حرف من حروف الجرّ يضاف في الاستفهام إِلى ما، فإِن أَلف ما

تحذف فيه، كقوله تعالى: فبِمَ تُبَشِّرُون؟ وفِيمَ كُنْتُم؟ ولمَ

تُؤْذُونَني؟ وعَمَّ يَتَساءَلُون؟ وهُذَيْلٌ تقول: عَتَّى في حتَّى.

حتت
: ( {حَتَّهُ) ، أَي الشَّيْءَ، عَن الثَّوْب وغيرِه،} يَحُتُّهُ، {حَتّاً: (فَرَكَهُ، وقَشَرَهُ،} فانْحَتَّ، {وتَحَاتَّ) ، واسْمُ مَا تَحاتَّ مِنْهُ:} الحُتاتُ كالدُّقاق. وهاذا البِناءُ من الْغَالِب على مثل هاذا، وعامَّتُه بالهَاءِ. وكُلُّ مَا قُشرَ، فقد حُتَّ. وَفِي الحَدِيث أَنَّه قَالَ لاِمْرَأَةِ سأَلْته عَن الدَّمِ يُصيبُ ثَوْبَها، فَقَالَ لَهَا: ( {حُتِّيه وَلَو بِضِلَعٍ) مَعْنَاهُ: حُكِّيه وأَزِيليه. والضِّلَعُ: العُودُ.} والحَتُّ والحَكُّ، والقَشْرُ، سواءٌ. وَقَالَ الشّاعر:
وَمَا أَخَذا الدِّيوانَ حَتَّى تَصَعْلَكا
زَمَانا وحَتَّ الأَشْهَبَانِ غناهُمَا
{حَتَّ: قَشَرَ وحَكَّ. وَفِي حَدِيث كَعحب: يُبْعَثُ من بَقيع الغَرْقَد سبعونَ أَلفاً، هم خيارُ مَنْ} يَنْحَتُّ عَن خَطْمه المَدَرُ) أَي: يَنْقَشرُ ويسقُطُ عَن أُنُوفهم التُّرابُ.
(و) الحَتُّ، {والانْحتاتُ،} والتَّحاتُّ، {والتَّحَتْحُتُ: سُقُوطُ (الوَرَقِ) عَن الغُصْنِ وغيرِه. وَفِي الحَدِيث: (} تَحَاتَّتْ عَنهُ ذُنُوبُه) أَي: (سَقَطَتْ) .
وشَجَرَةٌ {مِحْتَاتٌ: أَي مِنْثارٌ.
} والحَتَتُ: داءٌ يُصيبُ الشَّجَر، تَحاتُّ أَوراقُهَا مِنْهُ.
( {كانْحَتَّتْ،} وتَحَاتَّتْ،! وتَحَتْحَتَتْ) ، قَالَ شَيخنَا: أَنَّث باعتبارِ الْمَعْنى، وَهُوَ الأَفصحُ فِي اسْم الجِنس الجمعيّ، والتّذكيرُ فصيحٌ.
{وتَحَاتَّ الشَّيْءُ: أَي تَنَاثَرَ، وَفِي الحَدِيث: (ذاكِرُ اللَّهِ فِي الغافلينَ مثلُ الشَّجَرَةِ الخَضْراءِ وَسَطَ الشَجَّرِ الّذِي} تَحَاتَّ وَرَقُهُ من الضَّريبِ) ، أَي: تساقَطَ. والضَّرِيبُ: الجَلِيدُ.
(و) حَتَّ (الشَّيْءَ: حَطَّهُ) .
(و) من المَجَاز: ( {الحَتُّ: الجَوَادُ من الفَرَسِ) الكثيرُ العَرَقِ، (و) قيل: (السَّرِيعُ) العرقِ مِنْهُ. وفَرَسٌ حَتٌّ: سَريعٌ، كأَنّه يَحُتُّ الأَرْضَ. والحَتُّ: سريعُ السَّيْرِ (مِنَ الإِبِلِ) ، والخَفِيفَةُ،} كالحَتْحَتِ (و) كذالك (الظَّلِيمُ) ، وَقَالَ الأَعْلَمُ بنُ عبدِ اللَّهِ الهُذَلِيّ:
على {حَتِّ البُرَايَةِ زَمْخَرِيِّ السَّ
وَاعِدِ ظَلَّ فِي شَرْيٍ طِوَالِ
وإِنَّمَا أَرادَ} حَتّاً عندَ البُرَايَة، أَي: مَريعٌ عندَ مَا يَبْريه من السَّفَرِ وَقيل: أَراد حَتَّ البَرْيِ، فوضعَ الاسْم موضِعَ المصدرِ. وخالَف قومٌ من البصريّين تفسيرَ هاذا الْبَيْت فَقَالُوا: يَعنِي بَعِيرًا، فَقَالَ الأَصمعيّ: كَيفَ يكونُ ذالك، وَهُوَ يقولُ قبلَهُ:
كَأَنَّ مُلاءَتَيَّ على هِجَفَ
يَعِنُّ مَعَ العَشِيَّةِ لِلرِّئالِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه إِنّما هُوَ ظَلِيم، شَبَّهَ بِهِ فَرسَه أَو بَعيرَه، أَلا ترَاهُ قَالَ: هِجَفّ. وهاذا من صفة الظَّلِيم. وَقَالَ: ظَلَّ فِي شَرْي طِوَالِ، والفَرسُ والبعيرُ لَا يأْكُلانِ الشَّرْيَ، إِنَّما يَهْتَبِدُه النَّعامُ. والشَّرْيُ: شَجرُ الحَنْظَل. وَقَالَ ابنُ جِنّي: الشَّرْيُ: شجرٌ تُتَّخذُ مِنْهُ القِسِيُّ. قَالَ: وَقَوله: ظَلَّ فِي شَرْيٍ طِوالِ، يُرِيد: أَنهنَّ إِذا كُنَّ طِوالاً سَتَرْنَهُ، فزادَ استيحاشُه، وَلَو كُنَّ قِصَاراً لسَرّحَ بَصَرَهُ، وطابتْ نَفسُه، فخَفَّضَ عَدْوَه. كَذَا فِي لِسَان الْعَرَب.
(و) الحَتُّ، أَيضاً: (الكريمُ العتيقُ) ، هَكَذَا فسّرَه غيرُ وَاحِد.
(و) الحَتُّ: (المَيِّتُ من الجَرادِ) ، و (ج {أَحْتاتٌ) ، لَا تُجاوزُ بِهِ هاذا البناءَ، حُمِلَ على المُعْتَلِّ، لأَنّه تَقرّرَ أَن فَعْلاً بِالْفَتْح، لَا يُجْمَعُ على أَفْعالٍ، إِلاّ فِي أَلفاظ ثَلَاثَة: أَحْمَال، وأَزْنَاد، وأَفْرَاخ، وجاءَت أَلفاظٌ معتلَّةٌ أَو مضاعَفَةٌ تُوجَد مَعَ الاستقراءِ، قَالَه شيخُنا.
(و) الحَتُّ: (مَا لَا يَلْتَزِقُ من التَّمْرِ) ، يُقَال: جاءَ بتَمْرٍ حَتَ: لَا يَلْتَزِقُ بعضُهُ بِبَعْض.
(و) الحَتُّ: (سَيْفُ أَبِي دُجَانَةَ) سِماكِ بنِ خَرَشَةَ الأَنْصارِيّ، رَضِي الله عَنهُ (وسَيْفُ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ) الكِنْدِيّ.
(و) } الحُتُّ، (بالضَّمِّ: المَلْتُوتُ من السَّوِيقِ) ، كَذَا فِي النُّسَخ. والّذي فِي التَّكْملة، سوِيقٌ حِتٌّ: أَي غير مَلْتُوت.
(و) الحُتُّ: (قَبِيلَةٌ من كِنْدَةَ، تُنْسَبُ إِلى بَلَد، لَا) إِلى (أَبٍ، أَوْ أُمَ) . وَعبارَة ابْن مَنْظُور: لَيْسَ بأُمَ، وأَبٍ.
(و) الحُتُّ: (جَبَلٌ من القَبَلِيَّةِ) محرَّكَةً، كَذَا هُوَ مضبوط.
( {وحَتِّ) ، مَبْنيّاً على الْكسر: (زَجْرٌ للطَّيْرِ) .
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: (} وحَتَّى: حَرْفٌ) من حُرُوف الجرِّ، كإِلَى، وَمَعْنَاهُ (لِلغَايَةِ) ، كَقَوْلِك: سِرْتُ اليومَ حتَّى اللَّيْلِ، أَي: إِلى اللَّيْل، ومثَّلُوا لَهَا أَيضاً بقوله تَعَالى: {لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} (طه: 91) ، و: {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} (الْقدر: 5) ، وغيرِهما. (و) تأْتي (لِلتَّعْلِيلِ) ، نَحْو: أَسْلِمْ حتَّى تَدْخُلَ الجَنَّةَ: {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ} (الْبَقَرَة: 217) ، أَي: كي يَرُدُّوكُمْ، أَقرّه ابْنُ هِشَام وابنُ مالِك وأَبو حَيّان، وأَنكره الأَنْدَلُسِيُّ فِي شرح المفصَّل، وَنَقله الرَّضِيّ وسلّمه، وَزَعَمُوا أَنّها إِنّما تكون دَائِما بِمَعْنى (إِلى) الغائِيَّة. (و) تأْتي (بِمَعْنَى إِلاَّ فِي الاسْتِثْناءِ) ، أَي: لَا فِي الوَصْف وَلَا فِي الزِّيادة. هَكَذَا قَيَّدُوا، صرَّحَ بِهِ ابْنُ هِشَامٍ الخَضْرَاوِيُّ وابْنُ مَالك، ونقلهُ أَبو البَقَاءِ عَن بَعضهم، وأَدَلُّ الأَمثلة على المُرَاد مَا أَنشده ابنُ مَالك من قَول الشّاعر:
لَيْسَ العَطَاءُ من الفُضُولِ سَماحَةً
حَتَّى تَجُودَ ومَا لَدَيْكَ قَلِيلُ
(و) هُوَ حَرْفٌ (يَخْفِضُ) ، عدَّهَا الجماهيرُ من حُروف الجرّ، وإِنما تَجُرُّ الظّاهرَ الواقِعَ غايَةً لذِي أَجزاءٍ، أَو مَا يقوم مَقَامهُ، على مَا أَوضحَه ابنُ هِشَامٍ فِي المُغْنِي والتَّوْضِيح وغيرِهما (ويَرْفَعُ) إِذا وَقَعَ فِي ابتداءِ الْكَلَام. وَفِي الصَّحاح: وَقد تكون حرف ابتداءِ، يُستأْنَفُ بهَا الكلامُ بعدَهَا، كَمَا قَالَ:
فَمَا زَالتِ القَتْلَى تَمُجُّ دِماءَها
بِدجْلَةَ حَتَّى ماءُ دِجْلَةَ أَشْكَلُ
وَهُوَ قولُ جريرٍ يهجو الأَخطلَ، وَيذكر إِيقاعَ الجَحّافِ بقَوْمه، وبعدَهُ:
لنَا الفَضْلُ فِي الدُّنْيا وأَنْفُك راغِمٌ
ونحنُ لكم يومَ القِيامَةِ أَفْضَلُ
وَفِي المُغْنِي: الثّالثُ من وُجُوه حَتَّى: أَنْ تكونَ حرفَ ابتداءٍ، أَي حرفا تُبْدَأُ بعدَهُ الجُمَلُ، أَي: تُستأْنَفُ، فَتدخل على الْجُمْلَة الإسميّة؛ وأَنشد قولَ جرير السّابقَ، وقولَ الفَرَزْدَقِ:
فوَاعَجباً حَتَّى كُلَيْبٌ تَسُبُّنِي
كأَنَّ أَبَاهَا نَهْشَلٌ ومُجاشِعُ
وَلَا بُدَّ من تَقْدِير محذوفٍ قبلَ حتَّى فِي هاذا الْبَيْت، أَي: فواعَجَباً: يَسُبُّنِي النّاسُ حتَّى كُلَيْبٌ.
وتدخُل على الفعليّة الّتي فعلُها مضارعٌ كقراءَة نَافِع: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} (الْبَقَرَة: 214) ، وكقول حَسّانَ:
يُغْشَوْنَ حَتَّى مَا تَهِرُّ كِلابُهُمْ
لَا يَسْأَلُونَ عَن السَّوَاد المُقْبِلِ
وعَلى الفعليّة الماضَوِيَّة، نَحْو: {حَتَّى عَفَواْ وَّقَالُواْ} (الْأَعْرَاف: 95) ، (ويَنْصِبُ) ، أَي: يَقَعُ الفعلُ المضارِعُ بعدَها مَنْصُوبًا بِشُرُوطِهِ الّتي مِنْهَا: أَن يكونَ مستقبَلاً، باعْتبار التكلُّم، أَو بِاعْتِبَار مَا قبلَها.
وَفِي الصَّحاح، ولسان الْعَرَب: وإِن أَدخلتَها على الْفِعْل المستقْبَل، نصبتَه بإِضمار أَنْ، تَقول: سِرْت إِلى الْكُوفَة حتّى أَدخُلَهَا، بمعنَى إِلى أَنْ أَدخُلَهَا؛ فإِن كنتَ فِي حالِ دخولٍ، رَفَعْتَ، وقُرِىءَ: {وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} (الْبَقَرَة: 220) ، ويقولُ: فَمن نصَبَ، جعله غَايَة؛ وَمن رَفَعَ، جعله حَالا بِمَعْنى حَتَّى الرَّسُولُ هاذه حالُهُ. قَالَ شيخُنا: وظاهرُ كَلَامه أَنّ لَهَا دَخْلاً فِي رفع مَا بعدَهَا، وَلَيْسَ كذالك كَمَا عَرَفْت: وأَنّها هِيَ النّاصبة وَهُوَ مَرْجُوح عِنْد البصريِّين، وإِنّما النّاصِبُ عندَ الجُمْهُور (أَنْ) مقدَّرَــة بعدَ (حتَّى) ، كَمَا هُوَ مَشْهُور فِي المبادىء.
(ولِهاذا) ، أَي لأَجل أَنّها عاملة أَنواعَ العَمَل فِي أَنواع المُعْرَبَات، وَهِي الأَسماءُ وَالْفِعْل الْمُضَارع، (قالَ الفَرَّاءُ: أَمُوتُ، وَفِي نَفْسِي مِنْ حتّى شَيْءٌ) ؛ لاِءَنَّ القواعدَ المقرَّرَةَ بَين أَئمّة العربيّة أَنّ العواملَ الّتي تعملُ فِي الأَسماءِ، لَا يُمكن أَن تكون عاملةً فِي الأَفعال ذالك العملَ وَلَا غيرَهُ، وَلذَلِك حَكَموا على الْحُرُوف العاملة فِي نوعٍ بأَنّها خاصّةٌ بِهِ، فالنّواصبُ خاصَّة بالأَفعال، كالجوازم لَا يُتَصَوَّرُ وِجْدانُها فِي الأَسماءِ، كَمَا أَنّ الْحُرُوف العاملة فِي الأَسماءِ كحروف الجَرّ، وإِنّ وأَخواتِها خَاصَّة بالأَسماءِ، لَا يُمْكِن أَن يُوجد لَهَا عملٌ فِي غيرِهَا، وحَتَّى كأَنَّهَا جاءَت على خلاف ذَلِك، فعَمِلتِ الرّفعَ والنَّصْبَ والجَرَّ فِي الأَسماءِ والأَفعال، وَهُوَ على قَوَاعِد أَهل العربيّة مُشْكِلٌ.
والصّواب أَنّه لَا إِشكالَ وَلَا عَمَل، وحَتَّى عندَ المُحَقِّقِينَ إِنّما تعْمل الجرَّ أَوضحنا أَنَّها يقالُ لَهَا الابتدائيّة، وَمَا بعدَها مَرْفُوع بِمَا كَانَ مَرْفُوعا بِهِ قبلَ دُخُولهَا، وَلَا أَثَرَ لَهَا فِيهِ أَصلاً، وإِنّما نَصْبُ الفعلِ بعدَهَا لَهُ شُرُوط، إِن وُجِدَت، نُصِبَ، وإِلاّ بَقِي الفعلُ على رَفعه، لتجرُّدِه من النّاصب والجازم. وأَمّا النّاصبة، فَهِيَ الجارَّةُ فِي الْحَقِيقَة، لأَنّ نَصْبَ الفعلِ بعدَها إِنّمَا هُوَ بأَنْ مقدّرة على مَا عُرِف، ولذالك يُؤَوَّلُ الفعلُ الواقِع بعدَهَا بمصدر يكون هُوَ المجرورَ بهَا، فَقَوله تَعَالَى: {4. 043 حت يرجع} (طه: 91) ، تقديرُه: حَتَّى أَنْ يَرْجِعَ، وأَنْ والفِعْلُ مُؤَوَّلانِ بِالمصدر، وَهِي، فِي الْمَعْنى، كإِلَى الدّالَّة على الْغَايَة. والتّقدير: إِلى رُجُوع مُوسَى إِلينا، وَبِه تعلم مَا فِي كَلَام المصنِّف من التَّقْصِير والقُصُور، والتّخليط الّذي لَا يُمَيَّز بِهِ المشهورُ من غير الْمَشْهُور، وَلَا يُعْرَفُ مِنْهُ الشّاذُّ من كَلَام الْجُمْهُور، قَالَ شيخُنا، وَهُوَ تحقيقٌ حسَنٌ.
وَفِي لِسَان الْعَرَب: وتدخُل على الأَفعال الْآتِيَة، فتَنْصِبُها بإِضمارِ (أَنْ) ، وتكونُ عاطفةً بِمَعْنى الْوَاو.
وَقَالَ الأَزهريُّ: وَقَالَ النَّحْوِيُّونَ: (حتَّى) تجيءُ لوقتٍ مُنْتَظَر، وتجيءُ بِمَعْنى إِلى، وأَجمعوا أَنَّ الإِمالَةَ فِيهَا غير مُسْتَقِيم، وكذالك فِي عَلَى. ولِحَتَّى فِي الأَسماءِ والأَفعال، أَعمالٌ مُخْتَلفَة.
وَقَالَ بَعضهم: حَتَّى، فَعْلَى، من الحَتِّ، وَهُوَ الفَرَاغُ من الشَّيْءِ، مثل: شَتَّى من الشَّتِّ. قَالَ الأَزهَرِيُّ: وَلَيْسَ هَذَا القولُ ممّا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ؛ لأَنّها لَو كَانَت فَعْلَى من الحَتِّ، كَانَت الإِمالةُ جَائِزَة، ولاكِنَّها حرفُ أَداة، وَلَيْسَت باسْمٍ وَلَا فِعل.
وَفِي الصَّحاح، وَغَيره: وقولُهُم: {حَتّامَ، أَصلُه: حَتّى مَا، فحذفت أَلف مَا للاستفهام، وَكَذَلِكَ كلُّ حرف من حُرُوف الجَرِّ يُضَاف فِي الِاسْتِفْهَام إِلى مَا، فإِنّ أَلف مَا يُحْذَفُ فِيهِ، كَقَوْلِه تعَالَى: {فَبِمَ تُبَشّرُونَ} (الْحجر: 54) ، و: {فِيمَ كُنتُمْ} (النِّسَاء: 97) ، و: {عَمَّ يَتَسَآءلُونَ} (النبأ: 1) .
وهُذَيْلٌ تَقول: عتَّى، فِي: حَتَّى، كَذَا فِي اللّسان.
(و) حَتَّى: (جَبَلٌ بِعُمَانَ) .
} وحَتّاوَةُ: ة بعَسْقَلانَ، مِنْهَا أَبو صَالح عَمْرُو بنُ خَلَفٍ عَن رَوّاد بن الجَرّاحِ، وَعنهُ محمّد بن الحُسَيْن بن قُتَيْبَةَ، روى لَهُ المالِينِيُّ، وَذكره ابنُ عَدِيَ فِي الضُّعَفاء.
(و) تَقول: (مَا فِي يدِي مِنْهُ حَتٌّ) كَمَا تقُولُ: مَا فِي يَدِي مِنْهُ (شَيْءٌ) . وَفِي الأَساس: مَا فِي يَدِي مِنْهُ {حُتاتَةٌ.
(و) الحَتُّ: سُقُوطُ الوَرَقِ عَن الغُصْن وغيرِه.
و (الحَتُوتُ) ، كصَبُورٍ (من النَّخْلِ: المُتَنَاثِرُ البُسْرِ، كالمِحْتَاتِ) .
يقالُ: شَجَرةٌ مِحْتَاتٌ، أَي: مِنْثَارٌ.
} وتَحاتَّ الشَّيْءُ: تَنَاثَرَ. {وتحاتَّتْ أَسنانُهُ: تَنَاثَرَتْ.
(} والحَتَات، كسَحَابٍ: الجَلَبَة) ، محرَّكَةً، نَقله الصّاغانيُّ عَن الفَرّاءِ.
(وكغُرَاب: قَطِيعَةٌ بالبَصْرَةِ) ، نَقله الصّاغانيُّ.
{والحِتَاتُ، بِالْكَسْرِ: من أَعراضِ الْمَدِينَة.
(و) } الحُتَاتُ (بْنُ عَمْرٍ و) الأَنصاريُّ أَخُو أَبي اليُسْرِ كَعْبِ بن عَمْرٍ و، مَاتَ فِي حَيَاة رسولِ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أَسلم. (أَو) هُوَ الحُبَاب (بياءَيْنِ مُوَحَّدَتَيْنِ) ، وَهُوَ الَّذي صحَّحه جماعةٌ، وصرَّح ابنُ المَدِينيّ بأَنه الْمَشْهُور.
(و) أَما قولُ الفَرَزْدَقِ:
فإِنَّكَ واجِدٌ دُونِي صَعُوداً
جَرَاثِيمَ الأَقارِعِ {والحُتَاتِ
فيعني بِهِ الحُتَاتَ (بْنَ يزيدَ، لَا) ابْنَ (زَيْدِ المُجَاشِعِيّ) ،} وحُتَاتٌ: لَقَبٌ، واسمُه بِشْرٌ، ذكر ابْنُ إِسحاقَ، وابْنُ الكَلْبِيّ، وابْنُ هِشام: أَنّ النَّبيَّ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاخَى بينَ الحُتَاتِ ومُعاوِيَةَ، فَمَاتَ الحُتات عندَ مُعَاوِيَةَ فِي خِلَافَته، فوَرِثَهُ بالأُخُوَّة، فَخرج إِليه الفَرَزْدَقُ، وَهُوَ غلامٌ، فأَنشدَه: أَبُوكَ وعمِّي يَا مُعَاوِيَا أُورِثَا
تُراثاً فيَحْتَازُ التُّراثَ أَقارِبُهْ
فَمَا بالُ مِيرَاث الحُتَات أَكَلْتَهُ
ومِيراثُ حَرْبٍ جامدٌ لَك ذائِبُه؟
الأَبيات. فدفَعَ إِليه مِيراثَهُ. (ووَهمَ الجَوْهَرِيُّ) ، وهما (صَحابِيّان) .
وَفِي الإِصابة: الحُتَاتُ، بالضَّمّ، هُوَ ابْنُ زَيْد بن علقمةَ بن جري بن سُفْيَانَ بن مُجَاشع بن دارِم التَّميميّ الدّارِمِيّ المُجَاشِعِيّ، ذكره ابنُ إِسحاقَ وابْنُ الكَلبيّ وابنُ هِشَام فِيمَن وَفَد من بني تَمِيمٍ على النّبيّ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَوجدت فِي هَامِش لِسَان الْعَرَب، مَا نَصُّه: وأَورد هَذَا البيتَ، يَعْنِي: الجوهريُّ، بيتَ الفَرَزْدَق، فِي تَرْجَمَة قَرَعَ، وَقَالَ: الحُتاتُ بِشْرُ بنُ عَامِرِ بْنِ عَلْقَمَةَ، فليُراجَعْ.
(و) الحُتَاتُ (بنُ يَحْيَى) بْنِ جُبيرْ اللَّخْميُّ: (مُحَدِّثٌ) .
(وَرِمْدةُ {حَتّانَ) : سيأْتي (فِي رمد) .
(} والحَتْحَتَةُ: السُّرْعَةُ) ، والعَجَلَةُ فِي كلّ شيْءٍ. وَهُوَ مَجاز، وَمِنْه: {حَتَّهُ مائَةَ سَوْطٍ: ضربَه، وعَجّلَ ضَرْبَه.} وحَتَّهُ دَراهمَه: عَجَّلَ لَهُ النَّقْدَ. وَمِنْه المثَل: (شَرُّ السَّيْرِ {الحَتْحَتَةُ) .
(} والحَتْحَاتُ) : بِمَعْنى (الحَثْحاثِ) بالمُثَلَّثة، وسيأْتي ذكرُه.
( {وأَحَتَّ الأَرْطَى) ، وَهُوَ شَجَرٌ: أَي (يَبِسَ) .
وَمِمَّا يُستدرَكُ عَلَيْهِ:
} انْحَتَّ شَعَرُه عَن رأْسه، وانْحَصَّ: إِذا تَساقطَ.
{والحَتَّةُ: القَشْرَةُ.
} وحَتَّ اللَّهُ مالهُ حَتَّاً: أَذهبَه فأَفقرَه، على المَثَل.
وتَرَكُوهُمْ {حَتَّاً بَتَّاً،} وحَتَّاً فَتَّاً: أَي أَهْلَكُوهم. وَمن المَجَاز أَيضاً: {حَتّهُ عَن الشَّيْءِ،} يَحُتُّه، حَتّاً: رَدَّه. وَفِي الحَدِيث: أَنّه قَالَ لسعد، يومَ أُحُد: (! احْتُتْهُم، يَا سَعْدُ، فِداك أَبِي وأُمِّي) ، يَعْنِي: ارْدُدْهم. قَالَ الأَزهَرِيّ: إِنْ صحَّت هاذه اللَّفْظَةُ، فَهِيَ مأْخوذَة من حَتّ الشَّيْءِ، وَهُوَ قَشْرُه شَيْئا بعدَ شَيْءٍ؛ وحَكُّهُ. والحَتُّ: القَشْرُ.
والحُتَاتُ من أَمراض الإِبِلِ: أَنْ يَأْخُذَ البعيرَ هَلْسٌ، فيتغيَّر لَحْمُه وطَرْقُهُ ولَوْنُهُ، ويتَمَعَّط شَعَرُه، عَن الهَجَرِيّ.
وَقَالَ الفَرَّاءُ: حَتَّاهُ، أَي: حَتَّى هُوَ.

التّنبيه

التّنبيه:
[في الانكليزية] Exhortation ،pleonasm
[ في الفرنسية] Exhortation ،pleonasme
بالباء الموحدة مصدر من باب التفعيل يطلق في عرف العلماء على معان. منها ما يجيء في لفظ المحاباة في ناقص. ومنها بيان الشيء قصدا بعد سبقه ضمنا على وجه لو توجّه إليه السامع الفطن بكليته لعرفه، لكن لكونه ضمنيا ربما يغفل عنه كذا في الأطول في أول فن المعاني. والفرق بينه وبين التذنيب مع اشتراكهما في أنّ كلا منهما يتعلّق بالمباحث المتقدمة أنّ ما ذكر في حيزه بحيث لو تأمّل المتأمّل في المباحث المتقدمة لفهمه بخلاف التذنيب، كذا في الچلپي حاشية المطول. ومنها بيان البديهي كما في الأطول أيضا هناك. ويؤيد هذا ما وقع في الشريفية أنّ الدليل هو المركّب من قضيتين للتأدي إلى مجهول نظري وإن ذكر لإزالة خفاء البديهي يسمّى تنبيها انتهى. وقال في المحاكمات: الإشارة حكم يحتاج إثباته إلى دليل وبرهان، والتنبيه حكم لا يحتاج إثباته إلى دليل بل يكفي في إثباته وبيانه إمّا مجرد ملاحظة أطرافه أو التمثيل المزيل للخفاء في نفس الحكم البديهي، أو النظر السهل في الفصل السابق على ذلك الحكم بأن تذكر مقدمات ذلك الحكم في ذلك الفصل. ومنها الإنشاء، قال ابن الحاجب في مختصر الأصول غير الخبر يسمّى إنشاء وتنبيها ويندرج فيه الأمر والنهي والتمنّي والترجّي والقسم والنداء والاستفهام. والمنطقيون يقسّمون غير الخبر إلى ما يدلّ على الطلب لذاته إمّا للفهم وهو الاستفهام وإمّا لغيره وهو الامر والنهي وإلى غيره ويخصون التنبيه والإنشاء بالأخير منهما، ويعدون منه التمنّي والترجّي والقسم والنداء. وبعضهم يعد التمني والنداء من الطلب انتهى. وقال المحقق التفتازاني في حاشيته: تسمية جميع أقسام غير الخبر بالتنبيه غير متعارف، وكذا ما نسب إلى المنطقيين من تخصيص الإنشاء بما لا يدل على الطلب بما لم نجده في كلامهم انتهى. وفي بديع الميزان غير الخبر إن لم يدل على طلب الفعل دلالة صيغية فهو تنبيه، أي إعلام على ما في ضميره ويندرج فيه التمنّي والترجّي والنداء والقسم والاستفهام وألفاظ العقود وفعلا المدح والذمّ والتعجب اصطلاحا، ولا مناقشة فيه. ودلالة النداء على طلب الإقبال والاستفهام على طلب الإعلام التزاميتان فلا يخرجان من التنبيه، هكذا في شرح المطالع وغيرهما. ومنهم من عدّ التمني والنداء والاستفهام من أقسام الطلب على ما ذكر السيد الشريف. ومنها الإيماء وهو عند الأصوليين من أقسام المنطوق الغير الصريح وهو الاقتران بحكم لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل لكان بعيدا جدا أي اقتران الملفوظ الذي هو مقصود المتكلّم بحكم، أي بوصف لو لم يكن ذلك الحكم أي الوصف أو نظيره لتعليل ذلك المقصود لكان اقترانه به بعيدا، فيحمل على التعليل لدفع الاستبعاد. ويرجع إلى هذا ما قال معناه اقتران نصّ الشارع كقوله اعتق رقبة في المثال الآتي بحكم كقول الأعرابي واقعت أهلي في نهار رمضان، لو لم يكن ذلك الحكم أو نظيره للتعليل، أي علّة لقول الشارع، وحكمه كان بعيدا جدا من الشارع الإتيان بمثله.
ويحتمل أن يكون معناه أنّ اقتران الوصف المدعى كونه علّة لحكم من الشارع لو لم يكن ذلك الوصف أو نظيره علّة لحكم الشارع كان بعيدا من الشارع الإتيان بذلك الحكم. مثال كون العين للتعليل ما قال الأعرابي هلكت وأهلكت فقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم «ماذا صنعت؟ قال: واقعت أهلي في نهار رمضان. فقال أعتق رقبة» الحديث فإنه يدل على أنّ الوقاع علة للاعتاق، فإنّ غرض الأعرابي بيان حكم الوقاع، وذكر الحكم جواب له ليحصل غرضه لئلّا يلزم إخلاء السؤال عن الجواب وتأخير البيان عن وقت الحاجة فيكون السؤال مقدرا في الجواب كأنه قال: واقعت فكفّر. ولا شك أن الفاء للتعليل، فيحمل عليه.
والاحتمال البعيد عدم قصد الجواب كما يقول العبد: طلعت الشمس فيقول السّيد اسقني ماء، فإنّ ذلك وإن بعد لكنه ليس بممتنع.
واعلم أن مثل ذلك إذا أخذ عنه بعض الأوصاف وعلل بالباقي سمّي تنقيح المناط.
مثاله في قصة الأعرابي أن يقال كونه أعرابيا لا مدخل له في العلّة، إذ الهندي أيضا كذلك، وكذا كون المحل أهلا فإن الزنا أيضا أجدر به، أو يقال وكونه وقاعا لا مدخل له فبقي كونه إفسادا للصوم فهو العلة. ومثال كون النظير للتعليل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم «وقد سألته الخثعمية أنّ أبي أدركته الوفاة وعليه فريضة الحج فإن حججت عنه أينفعه ذلك فقال صلى الله عليه وآله وسلم: أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته كان ينفعه ذلك قالت نعم قال فدين الله أحق بأن يقضى». سألته الخثعمية عن دين الله فذكر نظيره وهو دين الآدمي. فنبّه على التعليل به أي كونه علّة للنفع وإلّا لزم العبث، ففهم منه أن نظيره في المسئول عنه وهو دين الله كذلك علّة بمثل ذلك الحكم وهو النفع.
واعلم أنّ مثل هذا يسميه الأصوليون تنبيها على أصل القياس، وفيه كما ترى تنبيه على أصل القياس وعلى علّة الحكم فيه وعلى صحة إلحاق الفرع بها.
اعلم أنّ من مراتب الإيماء أن يذكر الشارع مع الحكم وصفا مناسبا له مثل قوله «لا يقضي القاضي وهو غضبان»، فإن فيه إيماء إلى أنّ الغضب علّة عدم جواز الحكم لأنه مشوش للمنظر وموجب للاضطراب، ومثل أكرم العلماء وأهن الجهّال. هذا إذا ذكر الوصف والحكم كلاهما فإنه إيماء بالاتفاق فإن ذكر أحدهما فقط مثل أن يذكر الوصف صريحا والحكم مستنبط نحو وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ فإن حل البيع وصف له قد ذكر فعلم منه حكمه وهو الصحة، أو أن يذكر الحكم والوصف مستنبط، وذلك كثير منه نحو حرمت الخمر فقد اختلف في أنه هل يكون إيماء، فهو على مذاهب. أحدها كلاهما إيماء. والثاني ليس شيء منهما إيماء. والثالث الأول وهو ذكر الوصف إيماء دون الثاني وهو ذكر الحكم، والنزاع لفظي مبني على تفسير الإيماء والأول مبني على أنّ الإيماء اقتران الحكم والوصف سواء كانا مذكورين أو أحدهما مذكورا والآخر مقدرا. والثاني مبني على أنه لا بدّ من ذكرهما إذ به يتحقق الاقتران. والثالث مبني على أن إثبات مستلزم الشيء يقتضي إثباته والعلّة كالحلّ يستلزم المعلول كالصحة، فيلزم بمثابة المذكور، فيتحقّق الاقتران واللازم حيث ليس إثباته إثباتا لملزومه بخلاف ذلك فلا يكون الملزوم في حكم المذكور، فلا يتحقق الاقتران. هكذا ذكر في العضدي وحاشيته للمحقق التفتازاني في مباحث القياس.

الجملة

الجملة:
[في الانكليزية] The sum ،the set ،the sentence ،the speach
[ في الفرنسية] La somme ،l'ensemble ،la phrase ،le discours
بالضم لغة المجموع. وعند بعض النحاة هي الكلام. والمشهور أنها أعمّ منه فإنّ الكلام ما تضمن الإسناد الأصلي المقصود لذاته، والجملة ما تضمن الإسناد الأصلي سواء كان مقصودا لذاته أو لا. ويجئ في لفظ الكلام.
وشبه الجملة عندهم هو اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل والمصدر، فإنّ هذه الأشياء مع فاعلها ليست بجملة، بل مشابهة لها لتضمنها النسبة، وكذا كلّ ما فيه معنى الفعل نحو حسبك في قولنا:
حسبك زيد رجلا، ونحو يا لزيد في قولك: يا لزيد فارسا، هكذا يستفاد من الفوائد الضيائية وحواشيها وغاية التحقيق والعباب في بحث التمييز. ولا يبعد أن يجعل المنسوب أيضا من شبه الجملة لأنّ حكمه حكم الصفة المشبّهة على ما صرح به في العباب.

وللجملة تقسيمات:
التقسيم الأول
الجملة إما فعلية وهي ما كان صدرها فعلا كقام زيد وكان زيد قائما، وإمّا اسمية وهي ما كان صدرها اسما كزيد قائم وهيهات العقيق وأ قائم الزيدان، وإمّا ظرفية وهي ما كان صدرها ظرفا أو الجار والمجرور فإنّه أيضا ظرف اصطلاحا نحو أعندك زيد، وأ في الدار زيد، وإمّا شرطية وهي ما تشتمل [على] أداة الشرط سواء كانت مركّبة من فعليتين نحو إن تكرمني أكرمك، أو من شرطيتين معنى نحو: إن كان متى كان زيد يكتب فهو يحرّك يده فمتى لم يحرك يده لم يكتب. وقولنا معنى إشارة إلى أنّ الشرط لا يجوز أن يكون جملة شرطية لفظا لأنهم لا يوالون بين حرفي الشرط، فإن أرادوا ذلك أدخلوا كان وأسندوه إلى ضمير الشأن وجعلوا الشرطية خبره، فيكون الجملة فعلية لفظا وشرطية معنى.
ثم المراد بصدر الجملة المسند والمسند إليه أيّهما كان صدرا في الأصل فلا عبرة بما تقدّم عليها من الحروف كهمزة الاستفهام والحروف المشبّهة بالفعل ونحو ذلك. فنحو أقام زيد فعلية وإنّ زيدا قائم اسمية. وكذا نحو كيف جاء زيد وفريقا كذبتم، وإن أحد من المشركين استجارك فعلية، فإنّ هذه الأسماء متأخّرة في النية، هكذا يستفاد من المغني والعباب. إلّا أنّ صاحب المغني لم يعدّ الشرطية قسما على حدة، وقال: الصواب أنها من قبيل الفعلية. ومنهم من عدّ نحو أقائم الزيدان وهيهات العقيق من الفعلية لا من الاسمية. وقال في الضوء شرح المصباح:
والجمل أربع لأن المسند والمسند إليه إمّا أن لم يعرض لهما ما يسلب عنهما صلاحية السكوت عليهما ويخرجهما إلى جملة أخرى أو قد عرض لهما ذلك، والثاني هو الجملة الشرطية والأوّل إمّا أن لا يكون المسند مؤخرا عن المسند إليه لا لفظا ولا تقديرا، أو يكون مؤخّرا عنه إمّا لفظا أو تقديرا، والثاني هو الجملة الاسمية نحو زيد قائم أو قائم زيد، والأول إمّا أن يسدّ مسدّ المسند ظرف أو ما جرى مجراه أو لا، والثاني هو الجملة الفعلية نحو ضرب زيد وأ قائم الزيدان وهيهات الأمر وغير ذلك، والأول هو الجملة الظرفية انتهى.
وقال الزمخشري الأصل أنّ يكون الجمل على ضربين اسمية وفعلية وإليه ذهب ابن الحاجب وصاحب اللّب وابن مالك، وإليه ذهب صاحب الوافي حيث قال: وتنقسم الجملة إلى فعلية ولو ظرفية أو شرطية وإلى اسمية انتهى. وتحقيق ذلك ما وقع في العباب من أنّ هذا التقسيم إقناعي لتفهيم المخاطب وإلّا فهي على الحقيقة على ضربين فعلية واسمية، إلّا أنّ الشرط لمّا خالف الظاهر من حيث جري الجملة فيه مجرى المفرد في امتناعها من أن تستقل بنفسها عدّت مفردا. والظرف لما كان فيه إضمار الفعل ملتزما وناب هو عن الفعل في احتمال ضميره وقيامه مقامه صار في حكم ما ليس من الفعل في شيء انتهى.
فائدة: قد تكون الجملة محتملة للاسمية والفعلية والظرفية ومن أمثلته ما رأيته مذ يومان، فإنّ تفسيره عند الأخفش والزجّاج بيني وبين لقائه يومان، وعند أبي بكر وأبي علي أمد انتفاء الرؤية يومان. وعليهما فالجملة اسمية لا محلّ لها من الإعراب، ومذ خبر على الأول ومبتدأ على الثاني. وقال الكسائي وجماعة المعنى مذ كان يومان فمذ ظرف لما قبلها وما بعدها جملة فعلية حذف فعلها وهي في محل خفض. وقال آخرون المعنى من الزمن الذي هو يومان ومذ مركّبة من حرف الابتداء وذو الطائية واقعة على الزمن وما بعدها جملة اسمية وحذف مبتدأها ولا محل لها لأنها صلة. التقسيم الثاني
الجملة إمّا خبرية أو إنشائية لأنّه إن كان لها خارج تطابقه أو لا تطابقه فخبرية، وإلّا فإنشائية، ويجئ في لفظ الخبر والإنشاء.
التقسيم الثالث
الجملة إمّا صغرى أو كبرى، فالكبرى هي الاسمية التي خبرها جملة نحو زيد قام أبوه وزيد أبوه قائم، والصغرى هي المبنية على المبتدأ كالجملة المخبر بها في المثالين. وقد تكون الجملة صغرى وكبرى باعتبارين نحو زيد أبوه غلامه منطلق، فمجموع هذا الكلام جملة كبرى لا غير وغلامه منطلق صغرى لا غير لأنها خبر وأبوه غلامه منطلق كبرى باعتبار غلامه منطلق وصغرى باعتبار جملة الكلام، وهذا هو مقتضى كلامهم. وقد يقال كما تكون مصدّرة بالمبتدإ تكون مصدّرة بالفعل نحو ظننت زيدا يقوم أبوه. وإنّما قلنا صغرى وكبرى موافقة لهم وإنّما الوجه استعمال فعلى أفعل باللام أو بالإضافة، لكن ربّما استعمل أفعل التفضيل الذي لم يرد به المفاضلة مطابقا مع كونه مجرّدا، فعلى ذلك يتخرّج قول النحويين.
وكذلك قول العروضيين فاصلة كبرى وفاصلة صغرى. وقد يحتمل الكلام الكبرى وغيرها كما في نحو: زيد في الدار إذ يحتمل. تقديره استقر ومستقر.
التقسيم الرابع
الجملة إمّا أن يكون لها محل من الإعراب أو لا، والجمل التي ليس لها محل من الإعراب سبع. الأولى الابتدائية وتسمّى المستأنفة أيضا، وهو أوضح لأنّ الابتدائية تطلق أيضا على الجملة المصدّرة بالمبتدإ، ولو كان لها محل. ثم الجمل المستأنفة نوعان: أحدهما الجمل المفتتح بها النطق كقولك ابتداء زيد قائم، ومنها الجمل المفتتح بها السور. وثانيهما المنقطعة مما قبلها أي التي قطع تعلقها بما قبلها لفظا أو معنى. فالأول نحو مات فلان رحمه الله، فإنّ الجملة الدعائية متعلقة بالأولى من جهة المعنى لا من جهة اللفظ، إذ لا رابط لفظيا يربطها. والثاني نحو أو لم يروا كيف يبدأ الله الخلق ثم يعيده، فالرابط المعنوي مفقود، لأنّ إعادة الخلق لم تقع بعد فيقرروا برؤيتها مع أنّ الرابط اللفظي موجود وهو حرف العطف.
ومن الاستئناف جملة العامل الملغى لتأخّره نحو زيد قائم أظنّ، فأمّا العامل لتوسّطه نحو زيد أظن قائم فمن باب الاعتراض. ويخص أهل البيان الاستئناف بما كان جوابا لسؤال مقدّر.
الثانية المعترضة ويجئ ذكرها. الثالثة التفسيرية وتسمّى بالجملة المفسّرة أيضا وهي الفضلة الكاشفة لحقيقة ما تليه. فبقيد الفضلة خرجت الجملة المفسّرة لضمير الشأن فإنها كاشفة لحقيقة المعنى المراد به، ولها محل بالإجماع لأنّها خبر في الحال أو في الأصل، وكذا خرجت الجملة المفسّرة في باب الاشتغال. فقد قيل إنها تكون ذات محل وهذا القيد أهملوه ولا بدّ منه. وقال الشلوبين إنّ الجملة المفسّرة فهي بحسب ما تفسّره، فهي في نحو زيدا ضربته لا محلّ لها، وفي نحو إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ ونحو زيد الخبز يأكله بنصب الخبز في محل رفع، ولهذا يظهر الرفع إذا قلت آكله. وقد بيّنا أنّ جملة الاشتغال ليست من الجمل التي تسمّى في الاصطلاح جملة مفسّرة وإن حصل فيها تفسير، هكذا ذكر صاحب المغني. وقال في التحفة شرح المغني وفيما ذكره نظر إذ التعريف المذكور غير مانع لصدقه على الجملة الحالية في قولك أسررت إلى زيد النجوى وما جزاء الإحسان إلّا الإحسان، إذ هي فضلة كاشفة لحقيقة ما تليه من النجوى، فيلزم أن لا يكون لها محل من الإعراب. وأيضا لا يخرج بقيد الفضلة الجملة المفسرة في باب الاشتغال في مثل قولنا قام زيد عمروا يضربه لأنها هاهنا مفسّرة للحال، وهي فضلة انتهى. فعلى هذا الجملة المفسّرة هي الكاشفة لحقيقة ما تليه أعمّ من أن يكون لها محل أو لا، ومن أن تكون فضلة أو غيرها. ثم قال صاحب المغني المفسّرة ثلاثة أقسام: مجرّدة من حرف التفسير كقوله تعالى إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فخلقه وما بعده تفسير كمثل آدم لا باعتبار ما يقتضيه ظاهر لفظ الجملة من كونه قدّر جسدا من طين ثم كوّن، بل باعتبار المعنى، أي إنّ شأن عيسى كشأن آدم في الخروج عن مستمر العادة وهو التولّد بين أبوين، ومقرونة بأي كقول الشاعر:
وترمينني بالطرف أي أنت مذنب ومقرونة بأن نحو فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ وقولك كتبت إليه أن افعل [كذا] إن لم يقدّر الباء قبل أن.
اعلم أنّه لا يمتنع كون الجمل الإنشائية مفسّرة بنفسها ويقع ذلك في موضعين: أحدهما أن يكون المفسّر إنشاء أيضا نحو أحسن إلى زيد أعطه ألف دينار. والثاني أن يكون مفردا مؤدّيا معنى الجملة نحو بلغني عن زيد كلام والله لأفعلن كذا. الرابعة المجاب بها القسم نحو وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ.
الخامسة الواقعة جوابا لشرط غير جازم مطلقا أو جازم ولم يقترن بالفاء ولا بإذ الفجائية، فالأول جواب لو ولولا ولمّا وكيف، والثاني جواب إن وما في معناه نحو إن تقم أقم وإن قمت قمت. أما الأول فلظهور الجزم في لفظ الفعل، وأما الثاني فلأنّ المحكوم بموضعه ما يجزم الفعل لا الجملة بأسرها، كذا ذكر صاحب المغني. وفي التحفة شرحه: الحق أنّ جملة جواب الشرط لا محل لها مطلقا لأنّ كل جملة لا تقع موقع المفرد فلا محل لها، وجملة الجواب لا تقع موقع المفرد. السادسة الواقعة صلة لاسم أو حرف. فالأول نحو جاء الذي أبوه قائم فالذي في موضع رفع والصلة لا محل لها. وقيل للموصول وصلته موضع لأنهما ككلمة واحدة، والحق الأول بدليل ظهور الإعراب في نفس الموصول في نحو قوله تعالى أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا برفع أيّ، والثاني نحو أعجبني أن قمت أو ما قمت إذا قلنا بحرفية ما المصدرية. وفي هذا النوع يقال الموصول وصلته في موضع كذا لأنّ الموصول حرف فلا إعراب له لا لفظا ولا تقديرا.
السابعة التابعة لما لا محلّ له نحو قام زيد ولم يقم عمرو إن قدّرت الواو للعطف دون الحال، ولم يثبت عند الجمهور وقوع البيان والبدل جملة كذا ذكر في المغني. وقال شارحه: قد أجازوا في قوله تعالى وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ، وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ أن يكون جملة أمدكم الثانية بدلا من جملة أمدّكم الأولى، وأجازوا في قول الشاعر:
أقول له ارحل لا تقيمنّ عندنا.
أن يكون لا تقيمن بدلا من ارحل، ولم أر من انتقد ذلك بأنه خلاف مذهب الجمهور، فينبغي تحرير النقل في ذلك انتهى كلامه.
تم صاحب المغني لم يتعرّض للتأكيد والوصف لظهور أمرهما فإنّ التأكيد في الجمل لا خفاء في جوازه نحو زيد قائم زيد قائم، والوصف لا خفاء في امتناعه يشهد بذلك تعريفه. والجمل التي لها محل من الإعراب أيضا سبع. الأولى الواقعة خبرا سواء كان خبرا لمبتدإ أو خبر كان وأنّ ونحو ذلك ومحلّها بحسب اقتضاء العامل من الرفع والنصب. الثانية الواقعة حالا نحو وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ.
الثالثة الواقعة مفعولا ومحلها النصب إن لم تنب عن الفاعل، وهذه النيابة مختصّة بباب القول، نحو ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ لأنّ الجملة التي يراد بها لفظها تنزّل منزلة الأسماء المفردة. قيل وتقع أيضا في الجملة المقرونة بمعلّق نحو علم أقام زيد. وأجاز هؤلاء وقوع هذه فاعلا، وحملوا عليه قوله تعالى: وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ، والصواب خلاف ذلك. وعلى قول هؤلاء فتزاد في الجمل التي لها محل الجملة الواقعة فاعلا.
وتقع الجملة مفعولا في ثلاثة أبواب. أحدها باب ظنّ وأعلم. وثانيها باب التعليق وذلك غير مختص بباب ظن وأعلم، بل هو جائز في كل فعل قلبيّ. ولهذا انقسمت هذه الجملة إلى ثلاثة أقسام: الأول أن تكون في موضع مفعول مقيّد بالجار نحو أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً ويَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ لأنّه يقال فكرت فيه ونظرت فيه وسألت عنه، ولكنها علّقت هاهنا بالاستفهام عن الوصول في اللفظ إلى المفعول، وهي من حيث المعنى مطالبة على معنى ذلك الحرف. وزعم ابن عصفور أنّه لا يعلق فعل غير علم وظن حتى يضمّن معناهما، وعلى هذا فتكون هذه الجملة سادّة مسدّ مفعولين. والثاني أن تكون في موضع المفعول المصرّح نحو عرفت من أبوك لأنك تقول عرفت زيدا.
والثالث أن تكون في موضع مفعولين نحو وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى والثالث باب الحكاية بالقول أو بمرادفه. فالأول نحو قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وهل هي مفعول به أو مفعول مطلق نوعيّ فيه مذهبان. والثاني نوعان:
ما معه حرف التفسير نحو كتبت إليه أن افعل، والجملة في هذا النوع ليست مفعولا إذ لا محلّ لها، وما ليس معه حرف التفسير نحو وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ الآية. والجملة في هذا النوع في محل النصب اتفاقا. فقال الكوفيون النصب بالفعل المذكور. وقال البصريون النصب بقول مقدّر. هكذا ذكر صاحب المغني، والصواب ترك ذكر ما معه حرف التفسير لعدم كونه مفعولا والكلام فيه كذا في التحفة.
فائدة: قد يقع بعد القول جملة محكية ولا عمل للقول فيها نحو أول قولي إني أحمد الله بكسر إنّ إذ الجملة حينئذ خبر. الرابعة المضاف إليها ومحلّها الجر، ولا يضاف إلى الجملة إلّا ثمانية. الأول أسماء الزمان ظروفا كانت أو أسماء. والثاني حيث ويختص بذلك عن سائر أسماء المكان وإضافتها إلى الجملة لازمة بشرط كونها ظرفا. والثالث آية بمعنى علامة. والرابع ذو في قولهم اذهب بذي تسلم، والباء في ذلك ظرفية وذي صفة لزمن محذوف. ثم قال الأكثرون هي بمعنى صاحب فالموصوف نكرة أي اذهب في وقت صاحب سلامة وقيل بمعنى الذي فالموصول معرفة والجملة صلة ولا محل لها. الخامس لدن. والسادس ريث. والسابع قول. والثامن قائل. الخامسة الواقعة بعد الفاء جوابا لشرط جازم. السادسة التابعة لمفرد وهي ثلاثة أنواع. الأول المنعوت بها نحو: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ الثاني المعطوفة بالحرف نحو زيد منطلق وأبوه ذاهب إن قدّرت العطف على الخبر. الثالث المبدلة كقوله ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ. السابعة التابعة لجملة لها محل ويقع ذلك في بابي النسق والبدل خاصة. فالأول نحو زيد قام أبوه وقعد أخوه إذا قدّرت العطف على قام أبوه.
والثاني شرطه كونه أوفى من الأولى بتأدية المعنى، هكذا ذكر صاحب المغني ولعلّ ترك ذكر التأكيد لشهرة أمره، وإلّا ففي الفوائد الضيائية التأكيد اللفظي يجري في الألفاظ كلها أسماء أو أفعالا أو حروفا أو جملا أو مركّبات تقييدية أو غير ذلك. ثم قال صاحب المغني:
هذا الذي ذكرته من انحصار الجمل التي لها محل في سبع جار على ما قرروه. والحق أنها تسع والذي أهملوه الجملة المستثناة والجملة المسند إليها. أمّا الأولى فنحو لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ، إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ، فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ.

قال ابن خروف: من مبتدأ ويعذّبه الله الخبر والجملة في موضع النصب على الاستثناء المنقطع. وأما الثانية فنحو تسمع بالمعيدي خير من أن تراه إذا لم يقدّر أنّ تسمع بل قدّر تسمع قائما مقام السماع.
فائدة: يقول المعرّبون: الجمل بعد المعارف أحوال وبعد النكرات صفات. وشرحه أن الجمل الخبرية التي لم تستلزم لها ما قبلها إن كانت مرتبطة بنكرة محضة فهي صفة لها أو بمعرفة [محضة] فهي حال عنها، أو بغير المحض منهما فهي محتملة لهما، وكل ذلك بشرط وجود المقتضي وانتفاء المانع. وإن شئت التوضيح الوافي فارجع إلى المغني.
الجملة: عبارة عن مركب من كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى سواء أفاد نحو زيد قائم أو لا نحو إن تكرمني. فإنه جملة لا تفيد إلا بعد مجيء جوابه، فالجملة أعم من الكلام مطلقا. الجملة المعترضة: التي تتوسط بين أجزاء الجملة المستقلة لتقرير معنى يتعلق بها أو بأحد أجزائها كزيد -طال عمره- قائم.

الْأَبَد

(الْأَبَد) الدَّهْر (ج) آباد وأبود وَيُقَال لَا أفعل ذَلِك أَبَد الآبدين وأبد الآباد مدى الدَّهْر وَفِي الْمثل طَال الْأَبَد على لبد يضْرب للشَّيْء يعمر ويمر عَلَيْهِ دهر طَوِيل (وَانْظُر لبد)
الْأَبَد: هُوَ الزَّمَان الْغَيْر المتناهي من جَانب الْمُسْتَقْبل. وَقيل اسْتِمْرَار الْوُجُود فِي أزمنة مقدرَــة غير متناهية فِي جَانب الْمُسْتَقْبل كَمَا أَن الْأَزَل اسْتِمْرَار الْوُجُود فِي أزمنة مقدرَــة غير متناهية فِي جَانب الْمَاضِي.

الابتلاع

الابتلاع: عمل الحلق دون الثنايا. الأبد: استمرار الوجود في أزمنة مقدرة غير متناهية في المستقبل، كما أن الأزل استمرار الوجود في أزمنة مقدرة غير متناهية في الماضي، وعبر عنه الراغب بأنه مدة الزمان الممتد الذي لا يتجزأ كما يتجزأ الزمان، وتأبد الشيء أبدا ويعبر به عما يبقى مدة طويلة.

إِعْرَاب العدد «ثمان» في حالة الرفع

إِعْرَاب العدد «ثمان» في حالة الرفع
الأمثلة: 1 - أُصِيب ثمانُ نساء أخريات 2 - دَخَل المجلس ثمانٌ وخمسون امرأة
الرأي: مرفوضة عند الأكثرين
السبب: للخطأ في إعراب العدد «ثمان».

الصواب والرتبة:
1 - أصيب ثماني نساء أخريات [فصيحة]-أصيب ثمانُ نساء أخريات [مقبولة]
2 - دَخَل المجلس ثمانٍ وخمسون امرأة [فصيحة]-دَخَل المجلس ثمانٌ وخمسون امرأة [مقبولة]
التعليق: يُعامل العدد «ثمان» في صيغته المذكرة معاملة المنقوص، فيكون إعرابه في حالة الرفع (إذا لم يكن مضافًا أو متصلا بـ «أل») بحركة مقدرة على الياء المحذوفة، ويلزم تنوين العوض، كما في المثال الثاني «ثمانٍ»، ويُعْرب بحركة مقدّرة على الياء المذكورة (إذا كان مضافًا أو متصلاً بـ «أل»)، كما في المثال الأول «ثماني نساء»، ويمكن قبول المثالين المرفوضين بناء على ورود ذلك في الشعر:
وأربعٌ فثغرها ثمانُ
وهي لهجة واردة عن بعض العرب تحذف الياء وتجعل الإعراب على النون.

الْقدر

(الْقدر) الْمِقْدَار يُقَال هم قدر مائَة وَيُقَال جَاءَ الشَّيْء على قدر الشَّيْء وَافقه وساواه ومساوي الشَّيْء من غير زِيَادَة وَلَا نُقْصَان يُقَال هَذَا قدر هَذَا وَالْحُرْمَة وَالْوَقار يُقَال لَهُ عِنْدِي قدر (ج) أقدار
وَسورَة الْقدر من سُورَة الْقُرْآن الْكَرِيم
وَلَيْلَة الْقدر لَيْلَة مباركة من شهر رَمَضَان أنزل فِيهَا الْقُرْآن الْكَرِيم

(الْقدر) إِنَاء يطْبخ فِيهِ (مُؤَنّثَة وَقد تذكر) وَالْقدر الكاتمة وعَاء للطبخ مُحكم الغطاء لإنضاج الطَّعَام فِي أقصر مُدَّة وَذَلِكَ بكتم البخار (مج)(ج) قدور

(الْقدر) مِقْدَار الشَّيْء وحالاته الْــمقدرَــة لَهُ وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر} وَوقت الشَّيْء أَو مَكَانَهُ الْــمُقدر لَهُ وَالْقَضَاء الَّذِي يقْضِي بِهِ الله على عباده (ج) أقدار
الْقدر: بِالْفَتْح مِقْدَار الشَّيْء ومرتبته. وبالكسر وَسُكُون الثَّانِي (ديكك) . وبالفتحتين (اندازه وآفريدن ونوشتن وتواناشدن) . وَفِي الِاصْطِلَاح تعلق الْإِرَادَة الذاتية بالأشياء فِي أَوْقَاتهَا الْخَاصَّة فَتعلق كل حَال من أَحْوَال الْأَعْيَان بِزَمَان معِين وَسبب معِين عبارَة عَن الْقدر وَيُقَال لكل شَيْء فِي الْأَزَل قَضَاء وَقدر. وَقَالَ بَعضهم بِالْفرقِ بَينهمَا بِأَن الحكم الْكُلِّي الأزلي قَضَاء. وَحكم جزئياته قدر يَعْنِي أَن الْقَضَاء فِي مرتبَة الْإِجْمَال وَالْقدر فِي مرتبَة التَّفْصِيل. وَإِن أردْت تَفْصِيل الْقدر فَانْظُر فِي الْجَبْر.
وَعند أَرْبَاب السلوك الْقَضَاء عبارَة عَن حكم كلي على أَعْيَان الموجودات بأحوال جَارِيَة وَأَحْكَام طارية عَلَيْهَا من الْأَزَل إِلَى الْأَبَد كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْقَضَاء. وَالْقدر عبارَة عَن تَفْصِيل هَذَا الحكم الْكُلِّي بِأَن يخصص إِيجَاد الْأَعْيَان بأوقات وأزمان يَقْتَضِي استعدادها وُقُوعهَا فِيهَا وَأَن يعلق كل حَال من أحوالها بِزَمَان معِين وَنسبَة مَخْصُوصَة.

الآن

الأان
الآن [كلمة وظيفيَّة]: ظرف للوقت الحاضر، وهو كلّ زمان متوسِّط بين ماضٍ ومستقبل، وتلزمه الألف واللام دائمًا، ويُبنى على الفتح " {الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} ". 
الآن: الزمن الكائن الفاصل بين الماضي والآتي ذكره الحرالي. وعبر عنه غيره بأنه فصل الزمانين الماضي والمستقبل مع أنه إشارة إلى الحاضر. وقال الراغب: كل زمان مقدر بين زمانين ماض ومستقبل نحو أنا الآن، أفعل، وخص بأل ولزمته، وأفعل كذا آونة أي وقتا بعد وقت الآن، وقولهم هذا أوان كذا أي زمنه المختص به وبفعله. قال سيبويه. يقال الآن آنك أي هذا وقتك.

وقال الفيومي: الآن ظرف للوقت الحاضر الذي أنت فيه. ولزم دخول ال لا للتعريف لأنه لتمييز المشتركات وليس لهذا ما يشركه في معناه.

الظّرْف اللَّغْو

الظّرْف اللَّغْو: وَإِنَّمَا سمي بِهِ لإلغائه عَن أَن يقوم مقَام مُتَعَلّقه لكَونه مَذْكُورا مثل زيد كَائِن فِي الدَّار. وَإِن كَانَ مُقَدرا فَهُوَ. الظّرْف المستقر: وَإِنَّمَا سمي بِهِ لاستقراره مقَام مُتَعَلقَة الْعَامِل فِيهِ مثل زيد فِي الدَّار.

الْفَرْض

(الْفَرْض) الحز فِي الْعود وَغَيره (ج) فراض وفروض وَمَا أوجبه الله عز وَجل على عباده وَمَا يفرضه الْإِنْسَان على نَفسه وفكرة يُؤْخَذ بهَا فِي البرهنة على قَضِيَّة أَو حل مَسْأَلَة (مج) والعطية المرسومة والترس والسهم قبل أَن يعْمل فِيهِ الريش والنصل (ج) فروض
الْفَرْض: فِي اللُّغَة التَّقْدِير كَمَا يُقَال فرض الْمحَال لَيْسَ بمحال أَي تَقْدِيره. وَبِمَعْنى تَجْوِيز الْعقل كَمَا فِي قَوْلهم الْمَفْهُوم إِن امْتنع فرض صدقه على كثيرين فجزئي وَإِلَّا فكلي أَي إِن امْتنع تَجْوِيز الْعقل صدقه وَإِلَّا فالجزئي لَا يمْتَنع تَقْدِير صدقه على كثيرين كَمَا لَا يخفى. وَالتَّقْدِير بِالْفَارِسِيَّةِ (اندازه كردن) .
وَالْفَرْض على نَوْعَيْنِ: أَحدهمَا: انتزاعي وَهُوَ إِخْرَاج مَا هُوَ مَوْجُود فِي الشَّيْء بِالْقُوَّةِ إِلَى الْفِعْل وَلَا يكون الْوَاقِع مَا يُخَالف الْمَفْرُوض. وَالْآخر: اختراعي وَهُوَ التعمل واختراع مَا لَيْسَ بموجود فِي الشَّيْء بِالْقُوَّةِ أصلا وَيكون الْوَاقِع مَا يُخَالف الْمَفْرُوض. وَهَذَا هُوَ الْفَرْض فِي قَوْلهم فرض الْمحَال لَيْسَ بمحال. وَالْفَرْض فِي الشَّرْع مَا ثَبت بِدَلِيل قَطْعِيّ لَا شُبْهَة فِيهِ وَجمعه الْفُرُوض وَحكمه الثَّوَاب بِالْفِعْلِ وَالْعِقَاب بِالتّرْكِ وَالْكفْر بالإنكار فِي الْمُتَّفق عَلَيْهِ بِلَا تَأْوِيل. فالمنكر المؤول لَيْسَ بِكَافِر كَمَا أَن الْمُنكر فِي غير الْمُتَّفق عَلَيْهِ لَيْسَ بِكَافِر. فَلَا يرد أَن مسح ربع الرَّأْس فرض عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى. وَمِقْدَار شَعْرَة أَو ثَلَاث شَعرَات مثلا أَي أدنى مَا يُطلق عَلَيْهِ اسْم الْمسْح فرض عِنْد الشَّافِعِي رَحمَه الله. وَمسح كل الرَّأْس فرض عِنْد مَالك رَحمَه الله فَكل وَاحِد مُنكر لآخر فَالْأَمْر مُشكل وَقد يُطلق الْوَاجِب على الْفَرْض كَمَا ستطلع فِي الْوَاجِب إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَالْفَرْض فِي اصْطِلَاح أهل الْفَرَائِض سهم مُقَدّر فِي كتاب الله تَعَالَى أَو سنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو إِجْمَاع الْأمة أَو اجْتِهَاد مُجْتَهد فِيمَا لَا قَاطع فِيهِ - وَجمعه الْفُرُوض. (والفروض) أَي السِّهَام الْــمقدرَــة الْمَذْكُورَة سِتَّة النّصْف - وَالرّبع - وَالثمن - وَهَذِه الثَّلَاثَة تسمى بالنوع الأول - وَالثَّلَاثَة الْأَخِيرَة أَعنِي الثُّلثَيْنِ - وَالثلث - وَالسُّدُس - تسمى بالنوع الثَّانِي. وَفِي كل من النَّوْعَيْنِ الْمَذْكُورين تَضْعِيف وتنصيف فَإِن النّصْف ضعف الرّبع وَهُوَ ضعف الثّمن - وَالثمن نصف الرّبع وَهُوَ نصف النّصْف وَقس عَلَيْهِ النَّوْع الثَّانِي قيل لَا يتَصَوَّر اجْتِمَاع النّصْف وَالرّبع وَالثمن فِي مَسْأَلَة أَقُول يتَصَوَّر ذَلِك فِي الْخُنْثَى بِأَن مَاتَ وَترك زوجا وَزَوْجَة وبنتا وَاحِدَة فَللزَّوْج الرّبع وَالزَّوْجَة الثّمن وللبنت النّصْف.
وَاعْلَم أَن الْفَرْض عِنْد الْفُقَهَاء يُطلق أَيْضا على شَرط الصَّلَاة وصفتها دَائِما يسْتَعْمل خَاصَّة فِي الصّفة الَّتِي هِيَ عبارَة عَن الرُّكْن أَيْضا.

وَالْغَلَبَة التقديرية

وَالْغَلَبَة التقديرية: أَن لَا يسْتَعْمل الِاسْم من ابْتِدَاء وَضعه فِي غير ذَلِك الْمَعْنى لَكِن يكون مُقْتَضى الْقيَاس أَن يسْتَعْمل فِيهِ. وَيجْرِي هَذَانِ القسمان فِي الْأَفْعَال والحروف أَيْضا. وَهَذَا التَّفْصِيل ينفعك فِي حَاشِيَة السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره على المطول فِي مَبْحَث تَعْرِيف الْمسند إِلَيْهِ وَهِي قَوْله قَوْله ثمَّ جعل علما - قيل جعله علما - إِمَّا بطرِيق الْوَضع ابْتِدَاء وَإِمَّا بطرِيق الْغَلَبَة التقديرية فِي الْأَسْمَاء كَمَا أَن الرَّحْمَن من الصِّفَات الْغَالِبَة غَلَبَة تقديرية وَذَلِكَ لَا يُنَافِي اخْتِصَاص اسْم الله والرحمن بِهِ تَعَالَى انْتهى - قَوْله قدس سره (وَذَلِكَ لَا يُنَافِي إِلَى آخِره) جَوَاب دخل مُقَدّر تَقْدِيره أَنا لَا نسلم أَن فِي الرَّحْمَن غَلَبَة تقديرية فَإِنَّهَا تَقْتَضِي أَن يكون الرَّحْمَن مُسْتَعْملا فِي الْمَعْنى الْأَصْلِيّ لَكِن يكون قَلِيلا بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذَلِك وَذَا لَا يُنَافِي الِاخْتِصَاص. وَحَاصِل الْجَواب أَن الْغَلَبَة التقديرية لَا تنَافِي الِاخْتِصَاص بِخِلَاف التحقيقية فَافْهَم. ف (77) :
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.