Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: مقتول

جِسرُ الوليدِ

جِسرُ الوليدِ:
هو على طريق أذنة من المصيصة على تسعة أميال، كان أول من بناه الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان الــمقتول ثم جدّده المعتصم سنة 225.

رَجيعٌ

رَجيعٌ:
على فعيل، ورجيع الشيء: رديئه، والرجيع: الرّوث، والرجيع من الدوابّ: ما رجعته من سفر إلى سفر وهو الكالّ، وكل شيء يردّد فهو رجيع لأن معناه مرجوع، والرجيع:
هو الموضع الذي غدرت فيه عضل والقارة بالسبعة نفر الذين بعثهم رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، معهم، منهم: عاصم بن ثابت حميّ الدّبر وخبيب ابن عدي ومرثد بن أبي مرثد الغنوي، وهو ماء لهذيل، وقال ابن إسحاق والواقدي: الرجيع ماء لهذيل قرب الهدأة بين مكّة والطائف، وقد ذكره أبو ذؤيب فقال:
رأيت، وأهلي بوادي الرّجي ... ع من أرض قيلة، برقا مليحا
وبه بئر معاوية وليس ببئر معونة، بالنون، هذا غير ذاك، وذكر ابن إسحاق في غزاة خيبر أنّه، عليه الصلاة والسلام، حين خرج من المدينة إلى خيبر سلك على عصر فبني له فيها مسجد ثمّ على الصهباء ثم أقبل حتى نزل بواد يقال له الرجيع فنزل بينهم وبين غطفان ليحول بينهم وبين أن يمدوا أهل خيبر فعسكر به، وكان يروح لقتال خيبر منه، وخلّف الثقل بالرجيع والنساء والجرحى، وهذا غير الأوّل لأن ذاك قرب الطائف وخيبر من ناحية الشام خمسة أيام عن المدينة فيكون بين الرجيعين أكثر من خمسة عشر يوما، وبئر معاوية قد ذكرت في الآبار، وقال حسان ابن ثابت:
أبلغ بني عمرو بأنّ أخاهم ... شراه امرؤ قد كان للشرّ لازما
شراه زهير بن الأغرّ وجامع، ... وكانا قديما يركبان المحارما
أجرتم فلمّا أن أجرتم غدرتم، ... وكنتم بأكناف الرّجيع لهاذما
فليت خبيبا لم تخنه أمانة، ... وليت خبيبا كان بالقوم عالما
وقال حسان بن ثابت أيضا:
صلّى الإله على الذين تتابعوا ... يوم الرّجيع فأكرموا وأثيبوا
رأس السريّة مرثد وأميرهم ... وابن البكير إمامهم وخبيب
وابن لطارق وابن دثنة منهم ... وافاه ثمّ حمامه المكتوب
والعاصم الــمقتول عند رجيعهم ... كسب المعالي، إنّه لكسوب
منع المقادة أن ينالوا ظهره ... حتى يجالد، إنّه لنجيب
إنّما ذكرت هذه القطعة وإن كانت ساقطة لأن ذكر أصحاب الرجيع جميعهم فيها.

سُورِين

سُورِين:
هذا بكسر الراء، وباقيه مثل الأوّل:
نهر بالرّيّ، قال مسعر بن مهلهل: رأيت أهل الريّ يتكرهونه ويتطيرون منه ولا يقربونه، فسألت عن أمره فقال لي شيخ منهم: إن السيف الذي قتل به يحيى بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، غسل فيه. وسورين أيضا: قرية على نصف فرسخ من نيسابور، ينسب إليها محمد بن محمد بن أحمد بن علي المولقاباذي أبو بكر السوري وهو ابن عم حسان الزكي، حدث عن أبي عمرو بن نجيد وأبي عمرو بن مطير الأولكي الفامي المولقاباذي وأبي الحسين محمد بن أحمد بن حامد العطار، مات في رجب سنة 430، وفي تاريخ دمشق: إبراهيم بن نصر بن منصور أبو إسحاق السوريني، ويقال السوراني الفقيه، وسورين: محلة بأعلى نيسابور، له رحلة إلى الشام، سمع محمد بن بكار بن بلال ويحيى بن صالح الوحاظي وعطاء بن مسلم الحلبي الخفّاف وسفيان بن عيينة وأبا مسلم بكر بن عبّاس ووكيع بن الجرّاح وأبا معاوية محمد بن فضيل وعمر بن شيب المسلي وعبد الوهاب الثقفي وعبد الأعلى بن عبد الأعلى وعبد الله بن المبارك وجرير بن عبد الحميد وعبد الرزاق وعبد الله بن الوليد العدني ومروان الفزاري والوليد بن القاسم وعمرو بن محمد العبقري وعبد الصمد بن عبد الوارث وعبد الرحمن بن مغراء وأبا البختري وهب بن وهب، روى عنه أيّوب بن الحسن الزاهد وأحمد بن يوسف السلمي وعليّ بن الحسن الرزانجردي ومحمد بن عبد الوهاب الفراء وأبو زرعة
وأبو حاتم الرازيان ومحمد بن أشرس السلمي ومحمد ابن عمر الجرشي ومهدي بن الحارث، قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة يقدمان إبراهيم بن نصر السوريني المطّوّعي النيسابوري في حفظ المسند، وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: سمعت أبا زرعة يثني على إبراهيم بن نصر فقال: هو رجل مشهور صدوق أعرفه رأيته بالبصرة، وأثنى عليه خيرا، فقال أبو محمد: نظرت في علمه فلم أر فيه منكرا، وهو قليل الخطإ، وقال أبو عبد الله الحاكم: قرأت بخط أبي عمرو المستملي قال لي أبو أحمد: محمد بن عبد الوهاب إبراهيم بن نصر العالم الديّن الورع أوّل من أظهر علم الحديث بنيسابور قال: قرأت بخط أبي عمرو المستملي حدثني محمد بن ماهان بن عبد الله أخبرني محمد بن الحكم أنّه رأى إبراهيم بن نصر السوريني في عسكر محمد بن حميد الطوسي بالدّينور في قتال بابك فوجد إبراهيم بن نصر مقتولــا في سنة 210.

صُولُ

صُولُ:
بالضم ثمّ السكون، وآخره لام، كلمة أعجمية لا أعرف لها أصلا في العربيّة: مدينة في بلاد الخزر في نواحي باب الأبواب وهو الدّربند، وليس بالذي ينسب إليه الصولي وابن عمّه إبراهيم بن العباس الصولي، فإن ذلك باسم رجل كان من ملوك طبرستان أسلم على يد يزيد بن المهلب وانتسب إلى ولائه، وهذه مدينة كما ذكرت لك، وقال حندج المري:
في ليل صول تناهى العرض والطول ... كأنّما صبحه باللّيل موصول
لا فارق الصّبح كفّي إن ظفرت به، ... وإن بدت غرّة منه وتحجيل
لساهر طال في صول تململه ... كأنّه حيّة بالسّوط مقتول
متى أرى الصّبح قد لاحت مخائله ... واللّيل قد مزّقت عنه السرابيل
ليل تحيّر ما ينحطّ في جهة ... كأنّه فوق متن الأرض مشكول
نجومه ركّد ليست بزائلة ... كأنّما هنّ في الجوّ القناديل
ما أقدر الله أن يدني على شحط ... من داره الحزن ممّن داره صول
الله يطوي بساط الأرض بينهما ... حتى يرى الرّبع منه وهو مأهول

ضِلَع

ضِلَع:
بكسر أوّله، وفتح ثانيه، وآخره عين مهملة، ضلع الرّجام: موضع، بالكسر والجيم، جمع رجم جمع رجمة، بالضم، وهي حجارة ضخام ربما جمعت على القبر يسنم بها، قال أوس بن غلفاء الهجيمي:
جلبنا الخيل من جنبي رويك ... إلى لجإ إلى ضلع الرّجام
بكلّ منفّق الجرذان مجر ... شديد الأسر للأعداء حام
أصبنا من أصبنا ثمّ فتنا ... إلى أهل الشّريف إلى شمام
وضلع القتلى: من أيّام العرب، وضلع بني مالك وضلع بني الشيصبان: في بلاد غني بن أعصر، قال أبو زياد في نوادره: وكانت ضلعان وهما جبلان من جانب الحمى حمى ضرية الذي يلي مهبّ الجنوب واحدهما يسمّى ضلع بني مالك، وبنو مالك بطن من الجنّ وهم مسلمون، والآخر ضلع بني شيصبان، وهم بطن من الجن كفار، وبينهما مسيرة يوم وبينهما واد يقال له التسرير، فأما ضلع بني مالك فيحلّ بها الناس ويصطادون صيدها ويحتلّ بها ويرعى كلؤها، وأما ضلع بني شيصبان فلا يصطاد صيدها ولا يحتلّ بها ولا يرعى كلؤها وربّما مرّ عليها الناس الذين لا يعرفونها فأصابوا من كلئها أو من صيدها فأصاب أنفسهم ومالهم شرّ، ولم يزل الناس يذكرون كفر هؤلاء وإسلام هؤلاء، قال أبو زياد: وكان ما تبين لنا من ذلك أنّه أخبرنا رجل من غنيّ: ولغنيّ ماء إلى جنب ضلع بني مالك على قدر دعوة، قال:
بينما نحن بعد ما غابت الشمس مجتمعون في مسجد صلّينا فيه على الماء فإذا جماعة من رجال ثيابهم بيض قد انحدروا علينا من قبل ضلع بني مالك حتى أتونا وسلّموا علينا، قال: والله ما ننكر من حال الإنس شيئا فيهم كهول قد خضبوا لحاهم بالحنّاء وشباب وبين ذلك، قال: فتقدموا فجلسوا فنسبناهم وما نشكّ أنّهم سائرة من الناس، قال: فقالوا حين نسبناهم لا منكر عليكم نحن جيرانكم بنو مالك أهل هذا الضلع، قال: فقلنا مرحبا بكم وأهلا! قال: فقالوا إنا فزعنا إليكم وأردنا أن تدخلوا معنا في هذا الجهاد، إن هؤلاء الكفار من بني شيصبان لم نزل نغزوهم منذ كان الإسلام ثمّ قد بلغنا أنّهم قد جمعوا لنا وأنّهم يريدون أن يغزونا في بلادنا ونحن نبادرهم قبل أن يقعوا ببلادنا ويقعوا فينا وقد أتيناكم لتعينونا وتشاركونا في الجهاد والأجر، قال: فقال رجلنا وهو محجن، قال أبو زياد: وقد رأيته وأنا غلام، قال: استعينونا على ما أحببتم وعلى ما تعرفون أنّنا مغنون فيه عنكم شيئا فنحن معكم، فقالوا: أعينونا بسلاحكم فلا نريد غيره، قال محجن: نعم وكرامة، قال: فأخذ كلّ رجل منّا كأنّه يأمر ليؤتى بسيفه أو رمحه أو نبله،
قال: فقالوا ألا ائذنوا لنا في سلاحكم ثمّ دعوها على حالها، فأما الرمح فمركوز على قدّام البيت وأما النبل وجفيرها وقوسها فمعلّق بالعمود الواسط من البيت وأمّا كلّ سيف فمحجوز في العكم، فقال لهم محجن: أين ترجوهم أن تلقوهم غدا؟ قالوا: قد أخبرنا أن جيوشهم قد أمست بالصحراء بين ضلع بني الشيصبان وبين الحرامية، والحرامية: ماء، قال أبو زياد: وقد رأيت تلك الصحراء التي بين ضلع بني الشيصبان وبين الحرامية وهي صحراء كبيرة، فقال المالكيون: نحن مدلجون إن شاء الله فمبادروهم فادعوا الله لنا، ثم انصرف القوم بأجمعهم ما أعطيناهم شيئا أكثر من أنا قد أذنّا لهم فيها، قال: فلا والله ما أصبح فينا سيف ولا نبل ولا رمح إلّا قد أخذ كلّه، فقال محجن: لأركبنّ اليوم عسى أن أرى من هذا الأمر أثرا يتحدّثه الناس بعدي، قال: فركب جملا له نجيبا ثمّ مضى حتى أتانا بعد العصر فأخبرنا أنّه بلغ الصحراء التي بين الحرامية وضلع بني الشيصبان حين امتدّ النهار قبل القائلة في نهار الصيف ولم يدخل القيظ، قال: فلمّا كنت بها رأيت غبارا كثيرا وإنما صيّر من ورائي ومن قدّامي في ساعة ليس فيها ريح، قال: قلت اليوم وربّ الكعبة يصطدمون، قال:
فوقفت وتلك الأعاصير تجيء من قبل ضلع بني شيصبان، قال: فإذا دخلت في جماعة الغبار الذي أرى الكثير فلا أدري ما يصنع، قال: وتخرج تلك الأعاصير من ذلك الغبار وترجع فيه، قال: فوقفت قدر فواق ناقة، قال: والفواق ما بين صلاة الظهر إلى صلاة العصر، قال: وأنا أرى تلك الأعاصير تنقلب بعضها في بعض ثمّ انكشف الغبار والأعاصير تقصد ضلع بني شيصبان، فقلت: هزم أعداء الله، قال: فو الله ما زال ذلك حتى سندت الأعاصير في ضلع بني شيصبان ثمّ رجعت أعاصير كثيرة من عن شمال ويمين ذاهبة قبل ضلع بني مالك، قال: فلم أشكّ أنهم أصحابي، قال: فسرت قصدا حيث كنت أرى الغبار وحيث كنت أرى مستدار الأعاصير فرأيت من الحيّات القتلى أكثر من الكثير، قال:
ثمّ تبعت مجرى الغبار حيث رأيته يعلو نحو ضلع بني شيصبان، قال: فو الله ما زلت أرى الحيّات من مقتول وآخر به حياة حتى انتهيت ورجعت ثمّ انصرفت ولحقت بأصحابي قبل أن تغيب الشمس، قال: فلمّا كانت الساعة التي أتونا فيها البارحة إذ القوم منحدرون من حيث كانوا أتونا البارحة حتى جاءوا فسلّموا ثمّ قالوا: أبشروا فقد أظفرنا الله على أعدائه، لا والله ما قتلناهم منذ كان الإسلام أشدّ من قتل قتلناهم اليوم وانفلت شرذمة قليلة منهم إلى جبلهم وقد ردّ الله عليكم سلاحكم ما زاغ منه شيء، وجزونا خيرا ودعوا لنا ثمّ انصرفوا وما أتونا بسلاح ولا رأيناه معهم، قال: فأصبح والله كلّ شيء من السلاح على حاله الذي كان كالبارحة، ثمّ ذكر أبو زياد أخبارا أخر لبني الشيصبان، اقتنعت بما ذكرته، والله أعلم بصحته وسقمه.

طَفِيلٌ

طَفِيلٌ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، وآخره لام، من الطّفل، بالتحريك، وهو بعد العصر إذا طفلت الشمس للغروب، كأنّ هذا الجبل كان يحجب الشمس فصار بمنزلة مغيبها فعيل بمعنى فاعل مثل سليم بمعنى سالم وعليم بمعنى عالم، وشامة وطفيل: جبلان على نحو من عشرة فراسخ من مكة، وقال الخطّابي:
كنت أحسبهما جبلين حتى تبينت أنهما عينان، قلت أنا: فان كانتا عينين فتأويله أن يكون فعيلا بمعنى مفعول مثل قتيل بمعنى مقتول فيكون هناك يحجب عنهما الشمس فكأنهما مطفولان، والمشهور أنهما جبلان مشرفان على مجنّة على بريد من مكة، وقال أبو عمرو: قيل إن أحدهما بجدّة، ولهما ذكر في شعر لبلال في خبر مرّ ذكره في شامة، وقال عرّام: يتصل بهرشى خبت من رمل في وسطه جبيل صغير أسود شديد السواد يقال له طفيل، وقال الأصمعي في كتاب الجزيرة: ورخمة ماء لبني الدّئل خاصة وهو بجبيل يقال له طفيل وشامة جبيل بجنب طفيل.

علم المنطق

علم المنطق
ويسمى علم الميزان أيضا وهو: علم يتعرف منه كيفية اكتساب المجهولات التصورية والتصديقية من معلوماتها.
وموضوعه: المعقولات الثانية من حيث الإيصال إلى المجهول أو النفع فيه.
والغرض منه: عصمة الذهن عن الخطأ في الفكر.
ومنفعته: الإصابة في جميع العلوم.
قال في الكشف: الغرض منه ومنفعته ظاهران من الكتب المبسوطة في المنطق كذا قال في مفتاح السعادة انتهى.
والمنطق لكون حاكما على جميع العلوم في الصحة والسقم والقوة والضعف وأجلها نفعا وأعظمها سماه أبو نصر الفارابي: رئيس العلوم.
ولكونه آلة في تحصيل العلوم الكسبية النظرية والعملية لا مقصودا بالذات سماه الشيخ الرئيس ابن سينا بخادم العلوم.
وحكى أبو حيان في تفسيره البحر: إن أهل المنطق بجزيرة الأندلس كانوا يعبرون عن المنطق بالمفعل تحررا عن صولة الفقهاء حتى إن بعض الوزراء أراد أن يشتري لابنه كتابا من المنطق فاشتراه خفية خوفا منهم مع أنه أصل كل علم وتقويم كل ذهن انتهى.
قال الغزالي: من لم يعرف المنطق فلا ثقة له في العلوم أصلا حتى روي عن بعضهم أنه فرض كفاية وعن بعضهم فرض عين بناء على أن معرفة الله تعالى بطريق البرهان واجبة وإنها لا تتم إلا بعلم المنطق فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب قال القائل:
إن رمت إدراك العلوم بسرعة ... فعليك بالنحو القويم ومنطق
هذا الميزان العقول مرجح ... والنحو إصلاح اللسان بمنطق
قال في كشف الظنون: قال الشيخ أبو علي بن سينا: المنطق نعم العون على إدراك العلوم كلها وقد رفض هذا العلم وجحد منفعته من لم يفهمه ولا اطلع عليه عداوة لما جهل وبعض الناس ربما يتوهم أنه يشوش العقائد مع أنه موضوع للاعتبار والتحرير.
وسبب هذا التوهم أن من الأغبياء الأغمار الذين لم تؤدبهم الشريعة من اشتغل بهذا العلم واستضعف حجج بعض العلوم واستخف بها وبأهلها ظنا منه أنها برهانية لطيشه وجهله بحقائق العلوم ومراتبها فالفساد لا من العلم.
قالوا: ويستغنى عنه المؤيد من الله تعالى ومن علمه ضروري ويحتاج إليه من عداهما.
فإن قلت: إذا كان الاحتياج بهذه المرتبة فما بال الأئمة المقتدى بهم كمالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل رحمهم الله لم ينقل عنهم الاشتغال به وإنما هو من العلوم الفلسفية وقد شنع العلماء على من عربها وأدخلها في علوم الإسلام ونقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية الحنبلي رحمه الله أنه كان يقول: ما أظن الله تعالى يغفل عن المأمون العباسي ولا بد أن يعاقبه بما أدخل على هذه الأمة.
فجوابه إن ذلك مركوز في جبلاتهم السليمة وفطرتهم المستقيمة ولم يفتهم إلا العبارات والاصطلاحات كما ذكر في علم النحو.
وأصول المنطق تسعة على المشهور:
الأول: باب الكليات الخمس:.
الثاني: باب التعريفات.
الثالث: باب التصديقات.
الرابع: باب القياس.
الخامس: البرهان.
السادس: الخطابة.
السابع: الجدل.
الثامن: المغالطة.
التاسع: الشعر هذا خلاصة ما في العلمي حاشية شرح هداية الحكمة الميبذية وشرح حكمة العين وغيرها.
والكتب المصنفة في المنطق كثيرة منها: إيساغوجي وبحر الفرائد وتيسير الفكر وجامع الدقاق والشمسية غرة النجاة والقواعد الجلية ولوامع الأفكار والمطالع ومجل النظر ومعيار الأفكار وناظر العين ونخبة الفكر وغير ذلك انتهى ما في الكشف وكشاف اصطلاحات الفنون. ومن كتبه المرقاة للشيخ الفاضل فضل إمام الخير آبادي وهو مختصر مفيد وعليه شرح لحفيده المولوي عبد الحق.
وتهذيب المنطق للتفتازاني والصغرى والكبرى بالفارسية للسيد السند الشريف الجرجاني رحمه الله إلى غير ذلك.
قال بعضهم: والذي أجاب به شيخ الإسلام من كون المنطق مرتكزا في نفوسهم جواب ضعيف لا يخفى ضعفه على من يعقل ويعرف مقاصد الشريعة الغراء انتهى.
أقول: ارجع إلى كتاب رد المنطقيين لابن تيمية رحمه الله واعلم أن جواباته كثيرة وكلها صواب حق لا يسع ذكرها هذا المقام وهذا الجواب أيضا صواب يعرفه من منحه الله طبعا سليما لا اعوجاج فيه وصاحب القلب الصحيح والفكر السليم لا يحتاج إلى علم المنطق بل يصدر عنه العلم المطابق له من غير درية بهذا الفن كما يصدر الكلام الموزون ممن لا يعلم بعلم العروض والقافية ولا يحسن تقطيعات الأشعار ويقول نظما كثيرا وينظم قصائد طويلة ولا يعرف أوزان الشعر ولا بحوره فأي استبعاد في كون المنطق مرتكزا في نفوس بعض العباد الصحيح الفؤاد السلم المراد.
وقد اختلف أهل العلم في أن المنطق من العلم أم لا فتدبر.
قال ابن خلدون في بيان هذا العلم: هو قوانين يعرف بها الصحيح من الفاسد في الحدود والمعرفة للماهيات والحجج المفيدة للتصديقات وذلك أن الأصل في الإدراكات إنما هو المحسوسات بالحواس الخمس وجميع الحيوانات مشتركة في هذا الإدراك من الناطق وغيره
وإنما يتميز الإنسان عنها بإدراك الكليات وهي مجردة من المحسوسات وذلك بأن يحصل في الخيال من الأشخاص المتفقة صورة منطبقة على جميع تلك الأشخاص المحسوسة هي الكلي ثم ينظر الذهن بين تلك الأشخاص المتفقة وأشخاص أخرى توافقها في بعض فيحصل له صورة تنطبق أيضا عليهما باعتبار ما اتفقا فيه ولا يزال يرتقي في التجريد إلى الكل الذي لا يجد كليا آخر معه يوفاقه فيكون لأجل ذلك بسيطا. وهذا مثل ما يجرد من أشخاص الإنسان صورة النوع المنطبقة عليها ثم ينظر بينه وبين الحيوان ويجرد صورة الجنس المنطبقة عليهما ثم بينهما وبين النبات إلى أن ينتهي إلى الجنس العالي وهو الجوهر فلا يجد كليا يوافقه في شيء فيقف العقل هنالك عن التجريد.
ثم إن الإنسان لما خلق الله له الفكر الذي به يدرك العلوم والصنائع وكان العلم إما تصور للماهيات ويعني به إدراك ساذج من غير حكم معه.
وأما تصديقا أي: حكما بثبوت أمر لأمر فصار سعي الفكر في تحصل المطلوبات.
إما بأن تجمع تلك الكليات بعضها إلى بعض على جهة التأليف فتحصل صورة في الذهن كلية منطبقة على أفراد في الخارج فتكون تلك الصورة الذهنية مفيدة لمعرفة ماهية تلك الأشخاص
وإما بأن يحكم بأمر على أمر فيثبت له ويكون ذلك تصديقا وغايته في الحقيقة راجعة إلى التصور لأن فائدة ذلك إذا حصل إنما هي معرفة حقائق الأشياء التي هي مقتضى العلم.
وهذا السعي من الفكر قد يكون بطريق صحيح. وقد يكون بطريق فاسد فاقتضى ذلك تمييز الطريق الذي يسعى به الفكر في تحصيل المطالب العلمية ليتميز فيها الصحيح من الفاسد فكان ذلك قانون المنطق.
وتكلم فيه المتقدمون أول ما تكلموا به جملا جملا ومتفرقا ولم تهذب طرقه ولم تجمع مسائله حتى ظهر في يونان أرسطو فهذب مباحثه ورتب مسائله وفصوله وجعله أول العلوم الحكمية وفاتحتها ولذلك يسمى بالمعلم الأول وكتابه المخصوص بالمنطق يسمى النص وهو يشمل على ثمانية كتب أربعة منها في صورة القياس وأربعة في مادته.
وذلك إن المطالب التصديقية على أنحاء:
فمنها ما يكون المطلوب فيه اليقين بطبعه.
ومنها ما يكون المطلوب فيه الظن وهو على مراتب فينظر في القياس من حيث المطلوب الذي يفيده وما ينبغي أن تكون مقدماته بذلك الاعتبار ومن أي جنس يكون من العلم أو من الظن وقد ينظر في القياس لا باعتبار مطلوب مخصوص بل من جهة إنتاجه خاصة.
ويقال للنظر الأول: إنه من حيث المادة ونعني به المادة المنتجة للمطلوب المخصوص من يقين أو ظن ويقال للنظر الثاني: إنه من حيث الصورة وإنتاج القياس على الإطلاق فكانت لذلك كتب المنطق ثمانية.
الأول: في الأجناس العالية التي ينتهي إليها تجريد المحسوسات وهي التي ليس فوقها جنس ويسمى كتاب المقولات.
والثاني: في القضايا التصديقية وأصنافها ويسمى: كتاب العبارة.
والثالث: في القياس وصورة إنتاجه على الإطلاق ويسمى كتاب القياس وهذا آخر النظر من حيث الصورة.
ثم الرابع: كتاب البرهان وهو النظر في القياس المنتج لليقين وكيف يجب أن تكون مقدماته يقينية ويختص بشروط أخرى لإفادة اليقين مذكورة فيه مثل كونها ذاتية وأولية وغير ذلك وفي هذا الكتاب الكلام في المعرفات والحدود إذ المطلوب فيها إنما هو اليقين لوجوب المطابقة بين الحد والمحدود لا تحتمل غيرها فلذلك اختصت عند المتقدمين بهذا الكتاب.
والخامس: كتاب الجدل وهو القياس المفيد قطع المشاغب وإفحام الخصم وما يجب أن يستعمل فيه من المشهورات ويختص أيضا من جهة إفادته لهذا الغرض بشروط أخرى من حيث إفادته لهذا الغرض وهي مذكورة هناك وفي هذا الكتاب يذكر المواضع التي يستنبط منها صاحب القياس قياسه ومنه عكوس القضايا.
والسادس: كتاب السفسطة: وهو القياس الذي يفيد خلاف الحق ويغالط به المناظر صاحبه وهو فاسد وهذا إنما كتب ليعرف به القياس المغالطي فيحذر منه.
والسابع: كتاب الخطابة وهو القياس المفيد ترغيب الجمهور وحملهم على المراد منهم وما يجب أن يستعمل في ذلك من المقالات.
والثامن: كتاب الشعر وهو القياس الذي يفيد التمثيل والتشبيه خاصة للإقبال على الشيء أو النفرة عنه وما يجب أن يستعمل فيه من القضايا التخييلية هذه هي كتب المنطق الثمانية عند المتقدمين.
ثم أن حكماء اليونانيين بعد أن تهذبت الصناعة ورتبت رأوا أنه لا بد من الكلام في الكليات الخمس المفيدة للتصور فاستدركوا فيها مقالة تختص بها مقدمة بين يدي الفن فصارت تسعا وترجمت كلها في الملة الإسلامية وكتبها وتداولها فلاسفة الإسلام بالشرح والتلخيص كما فعله الفارابي وابن سينا ثم ابن رشد من فلاسفة الأندلس ولابن سينا كتاب الشفا استوعب فيه علوم الفلسفة السبعة كلها.
ثم جاء المتأخرون فغيروا اصطلاحات المنطق والحقوا بالنظر في الكليات الخمس ثمرته وهي: الكلام في الحدود والرسوم نقولها من كتاب البرهان وحدقوا كتاب المقولات لأن نظر المنطقي فيه بالعرض لا بالذات وألحقوا في كتاب العبارة الكلام في العكس لأنه من توابع الكلام في القضايا ببعض الوجوه ثم تكلموا في القياس من حيث إنتاجه للمطالب على العموم لا بحسب المادة وحدقوا النظر فيه بحسب المادة وهي الكتب الخمسة: البرهان والجدول والخطابة والشعر والسفسطة وربما يلم بعضهم باليسير منها إلماما وأغفلوها كأن لم تكن وهي المهم المعتمد في الفن.
ثم تكلموا فيما وضعوه من ذلك كلاما مستبحرا نظروا فيه من حيث أنه فن برأسه لا من حيث أنه آلة للعلوم فطال الكلام فيه واتسع.
وأول من فعل ذلك الإمام فخر الدين بن الخطيب ومن بعده فضل الدين الخونجي وعلى كتبه معتمد المشارقة لهذا العهد وله في هذه الصناعة كتاب كشف الأسرار وهو طويل واختصر فيها مختصر الموجز وهو حسن في التعليم ثم مختصر المجمل في قدر أربعة أوراق أخذ بمجمامع الفن وأصوله فتداوله المتعلمون لهذا العهد فينتفعون به وهجرت كتب المتقدمين وطرقهم كأن لم تكن وهي ممتلئة من ثمرة المنطق وفائدته كما قلناه والله الهادي للصواب انتهى كلام ابن خلدون.
قال في مدينة العلوم:
وقد صح بشهادة أهل التواريخ والندماء أن أول من دون المنطق أرسطو وقد بذل ملك زمانه في مقابلة ذلك خمسمائة ألف دينار وأدر عليه في كل سنة مائة وعشرين ألف دينار.
وقيل: أنه تنبه لوضعه وترتيبه من نظم كتاب إقليدس في الهندسة ثم إن أرسطو بعدما دون المنطق صارت كتبه مخزونة في أبنية ولاية موره من بلاد الروم عند ملك من ملوك اليونان ولما رغب الخليفة المأمون في علوم الأوائل أرسل إلى الملك المذكور وطلب الكتب فلم يرسل فغضب المأمون وجمع العساكر وبلغ الخبر إلى الملك فجمع البطاريق وشاورهم في الأمر فقالوا:
إن أردت الكسر في دين المسلمين وتزلزل عقائدهم فلا تمنعهم عن الكتب فاستحسن الملك فأرسلها إلى المأمون فجمع المأمون مترجمي مملكته كحنين بن إسحاق وثابت ابن قرة وغيرهما فترجموها بتراجم مختلفة بحيث لا يوافق ترجمة أحدهم ترجمة الآخر فبقيت التراجم غير محررة إلى أن التمس منصور بن نوح الساماني من أبي نصر الفارابي أن يحررها ويخصها ففعل كما أراد ولهذا لقب بالمعلم الثاني وكانت كتبه في خزانة الكتب المبنية بأصبهان المسماة بصوان الحكمة إلى زمان السلطان مسعود لكن كانت غير مبيضة لأن الفارابي كان غير ملتفت إلى جمع التصانيف ونشرها بل غلب عليه السياحة ثم إن الشيخ أبا علي تقرب عند السلطان مسعود بسبب الطب حتى استوزره واستولى على تلك الخزانة وأخذ ما في تلك الكتبولخص منها كتاب الشفا وغير ذلك من تصانيفه وقد اتفق إن احترقت تلك الكتب فاتهم أبو علي بأنه أحرقها لينقطع انتساب تلك العلوم عن أربابها ويختص بنفسه لكن هذا كلام الحساد الذين ليس لهم هاد.
واعلم أن الأوائل من الملوك كانوا يهتمون بجمع الكتب وخزانتها فحدثت في الإسلام خزائن ثلاث:
إحداها: بمدينة دار السلام ببغداد وكانت فيها من الكتب ما لا يحصى كثرة وقد ذهب الكل في وقعة تاتار ببغداد.
وثانيتها: خزانة الفاطميين بمصر وكانت من أعظم الخزائن وأكثرها جمعا للكتب النفيسة ولما انقضت دولتهم باستيلاء الملك صلاح الدين على مصر فاشترى القاضي الفاضل أكثر كتب هذه الخزانة ووقفها على مدرسته بمصر فبقيت فيها إلى أن استولت عليها الأيدي فلم يبق منها إلا القليل.
وثالثتها: خزانة بني أمية بالأندلس وكانت من أجل خزائن الكتب أيضا ولما انقرضت دولتهم باستيلاء ملوك الطوائف على الأندلس ذهب كلها.
أو من الكتب المبسوطة في المنطق: البحر الخضم ومنطق الشفاء لأبي علي بن سينا كتبه بلا مطالعة كتاب وكان يكتب كل يوم خمسين ورقة من حفظه وله كتاب النجاة والقانون والإشارات.
ومنها كتاب بيان الحق ومطالع الأنوار والمناهج كلها في المنطق والحكمة للأمور كان شافعيا وكتاب كشف الأسرار لمحمد بن عبد الملك الخونجي وهو صاحب الموجز في المنطق ومن الكتب اللطيفة التلويحات والمطارحات لأبي الفتوح يحيى بن حنش الملقب بشهاب الدين السهروردي الحكيم الــمقتول وقيل اسمه عمر.
ومنها: الملخص وشرح الإشارات للرازي والمعتبر لأبي البركات البغدادي اليهودي أولا في أكثر عمره والمهتد إلى الإسلام في آخر عمره أتى في المعتبر بأقسام الحكمة غير الرياضي وهو أحسن كتاب في هذا الشأن في هذا الزمان استولت عليه آفات لو وضع واحد منها على رضوى لتخلخلت أصولها الرواسخ وتدكدكت رؤوسها الشوامخ وذلك أنه عمى وطرش وبرص وتجذم فنعوذ بالله من نقمة لا تطيقها الأبدان ومن زوال العافية وتقلب الإحسان
ولما أحس بالموت أوصى من يتولاه أن يكتب على قبره: هذا قبر أوحد الزمان أبي البركات ذي العبر صاحب المعتبر فسبحان من لا يغلبه غالب ولا ينجو من قضائه متحيل ولا هارب نسأل الله في حياتنا العافية وفي مماتنا حسن العاقبة رب قد أحسنت فيما مضى فلك أن تحسن فيما بقي ولم يتحقق تاريخ وفاته إلا أنه كان في أوسط المائة السادسة.
ومنها جامع الدقائق للكاتبي وتنزيل الأفكار وحواشي ملخص الرازي له أيضا وإن أردت بلوغ الغاية في المنطق فعليك بتعديل الميزان وهو أحد أقسام تعديل العلوم لصدر الشريعة وقد كشف في هذا الكتاب عن غوامض طالما تحير فيها عقول الأقدمين وأبرز قواعد لم يهتد إليها أحد من الأوحدين ومع هذا فهو لعلوم الشريعة أبو عذرها وابن بجدتها وكتب المنطق أكثر من أن تحصى وأجل من أن تستقصي انتهى حاصله.
علم مواسم السنة
قال الأرنيقي: إن لكل أمة من الأمم ولكل طائفة من الأقوام مواسم وأعياد يعينون لكل منها شغلا مخصوصا فالعلم المذكور يعرف به أعياد كل قوم وإنها من السنة في أي يوم ويعرف شغل أهلها في ذلك ومن جملة ذلك يوم النيروز والمهرجان عند أهل الفارس وكان أهل القبط يأتي ملكهم في يوم النيروز ويرصدون من الليل فيقدمون رجلا حسن الاسم والوجه طيب الرائحة فيقف على الباب حتى يصبح فإذا أصبح دخل على الملك بغير أذن فيقف عنده.
فيقول له الملك: ما اسمك؟ ومن أين أنت أقبلت؟ وأين تريد؟ ولأي شيء وردت وما معك؟
فيقول: أنا المنصور واسمي المبارك ومن قبل الله أقبلت والملك السعيد أردت وبالهنا والسلامة وردت ومعي السنة الجديدة ثم يجلس ويدخل بعده رجل معه طبق من فضة وفيه حنطة وشعير وجلبان وذرة وحمص وسمسم وأرز من كل سبع سنابل وسبع حبات وقطعة سكر ودينار فيضع الطبق بين يدي الملك ثم يدخل عليه الهدايا ويبتدئ من الوزير ثم الناس على قدر مراتبهم ثم يقدم الملك برغيف كبير مصنوع من تلك الحبوب فيأكل منه ويطعم من حضره ثم يقول: هذا يوم جديد من شهر جديد من عام جديد من زمان جديد يحتاج أن يجدد فيه ما أخلقه الزمان وأحق الناس بالفضل والإحسان الرأس لفضله على سائر الأعضاء ثم يخلع على وجوه دولته ويصلهم ويصرف عليهم ما حمل إليه من الهدايا.
وكان من عادة الفرس في عيدهم أن يدهن الملك بدهن البان تبركا ويلبس القصب والوشي ويضع على رأسه تاجا فيه صورة الشمس ويكون أول من يدخل عليها المؤبد بطبق عليه أترجة وقطعة سكر ونبق وسفرجل وتفاح وعناب وعنقود عنب أبيض وسبع باقات آس ثم يدخل الناس مثل الأول على طبقاتهم ومن عادتهم في يوم النيروز أنهم: يجمعون بين سبع أشياء أول أسمائهن سينات يأكلونها هي السكر والسفرجل السمسم والسحاق والسذاب والسقنقور وعادات الناس في الأعياد خارجة عن التعداد انتهى.
قلت: وقد ذكر الشيخ الإمام العلامة المقريزي في كتاب الخطط والآثار كثيرا من أعيادهم وبسط في بيان ذلك ولكن الشرع الشريف قد ورد بإبطال كل عيد للناس على اختلاف فرقهم وقبائلهم وعشائرهم إلا ما وردت به السنة المطهرة من الجمعة والعيدين والحجج وعليه عمل المسلمين إلى الآن.
ولشيخ الإسلام أحمد بن تيمية رضي الله عنه كتاب سماه اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم في رد أعياد الأقوام ونهي المسلمين عن اعتياد عادات هؤلاء الطعام وفي الحديث من تشبه بقوم فهو منهم والتشبه يشمل كل شبه يكون في الأعياد والأخلاق وهيأت اللبس والآكل والركوب والبناء والكلام وقد تساهل الناس المسلمون اليوم في التحرز عن التشبه إلى الغاية وشابهوا الكفار وأهل الكتاب في مراسمهم ومواسهم إلى النهاية إلا من عصمه الله وقليل ما هم وتأويل هذا الحديث يستدعي بسطا تاما وليس هذا موضع بيان المسائل والأحكام فعليك بالنظر في اقتضاء الصراط المستقيم يتضح لك الحق مما هو باطل في دين الإسلام وبالله التوفيق.

النَّفس الحيوانية

النَّفس الحيوانية: كَمَال لجسم طبيعي آلي من جِهَة إِدْرَاك الجزئيات الجسمانية وَالْحَرَكَة بالإرادة فلهَا قُوَّة مدركة ومحركة - أما المدركة فَهِيَ عشر. خمس فِي الظَّاهِر بالوجدان السّمع وَالْبَصَر والشم والذوق واللمس - وَخمْس فِي الْبَاطِن أَيْضا بالاستقراء الْحس الْمُشْتَرك والخيال وَالوهم والحافظة والمتصرفة. وَأما المحركة فَهِيَ نَوْعَانِ: باعثة وفاعلة واطلب كلا فِي مَوْضِعه. النَّفس الإنسانية: هِيَ النَّفس الناطقة وَلها قُوَّة عَاقِلَة وَقُوَّة عاملة مر ذكرهمَا فِي مَحلهمَا.
وَاعْلَم أَن النَّفس الناطقة مُقَارنَة للمادة فِي أفعالها يَعْنِي لَا تفعل إِلَّا إِذا كَانَت فِي الْمَادَّة وَلكنهَا مُجَرّدَة عَنْهَا فِي ذَاتهَا لِأَنَّهَا لَو كَانَت مادية فإمَّا أَن لَا تَنْقَسِم وَهُوَ بَاطِل لما هُوَ الْمَشْهُور فِي نفي الْجُزْء الَّذِي لَا يتجزئ أَو تَنْقَسِم وَهُوَ بَاطِل أَيْضا لتعقل البسائط فَيلْزم انقسامها إِذْ الْحَال فِي أحد الجزئين غير الْحَال فِي الآخر.
وَهَا هُنَا مُعَارضَة هِيَ أَن النَّفس لَو كَانَت مُجَرّدَة لزم أَن لَا تعقل الماهيات المركبة والتالي بَاطِل فالمقدم مثله. بَيَان الْمُلَازمَة أَن الماهيات المركبة منقسمة. وانقسام الْحَال يسْتَلْزم انقسام الْمحل. وَيُمكن إيرادها بطرِيق النَّقْض - وجوابها أَن انقسام الْحَال إِنَّمَا يسْتَلْزم انقسام الْمحل إِذا كَانَ ذَلِك الانقسام إِلَى الْأَجْزَاء المقدارية. وَلَا نسلم أَن الماهيات المركبة الَّتِي تعقلها النَّفس منقسمة إِلَى أَجزَاء مقدارية.
وَاعْلَم أَن قدماء الْحُكَمَاء على أَن للحيوانات نفوسا ناطقة مُجَرّدَة وَهُوَ مَذْهَب الشَّيْخ الْــمَقْتُول وَقد صرح الشَّيْخ الرئيس فِي جَوَاب أسئلة بهمنيار بِأَن الْفرق بَين الْإِنْسَان والحيوانات فِي هَذَا الحكم مُشكل.

القَرِينة

القَرِينة: ما يدلُّ على المراد من غير كونه صريحاً، والقرينةُ القاطعةُ: كمن خرج من البيت وبيده سكِّين وفيه الدم وفي الحال وُجد في البيت مقتولــاً بالسِكِّين، يُحكم بالقرينة القاطعة بأنه قَتَل.

الدّية

الدّية:
[في الانكليزية] Blood money ،blood -fine
[ في الفرنسية] Prix du sang verse ،dedommagement paye pour les parents dun tue
بالكسر محذوفة الواو كالعدة، مصدر ودى القاتل الــمقتول أي أعطى وليّه المال الذي هو بدل النّفس. ثم قيل لنفس ذلك المال دية. وقد تطلق على بدل ما دون النّفس من الأطراف وهو الأرش. وقد يطلق الأرش على بدل النّفس وحكومة العدل، كذا في جامع الرموز. وفي البرجندي الدّية كما تطلق على المال الذي هو بدل النّفس كذلك قد تطلق بحيث تشتمل المال الذي هو بدل ما دون النّفس. وقد يخصّ هذا باسم الأرش. ثم الدّية عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله أحد أشياء ثلاثة: ألف دينار من الذّهب وعشرة آلاف دراهم من الفضة ومائة من الإبل. والدّية المغلّظة الواجبة في القتل شبه العمد عنده خمس وعشرون من بنت مخاض، وكذلك من بنت لبون، وكذلك من حقّه، وكذلك من جذعة ومجموعها مائة إبل، ويقال لها المعظّمة أيضا لوجوبها من حيث السّنّ دون العدد. وأما عند محمد رحمه الله فهي ثلاثون جذعة وثلاثون حقّة وأربعون ثنية، كلّها خلفات أي حوامل في بطونها أولاد، وهو مرويّ عن عمر رضي الله تعالى عنه. وعن علي رضي الله تعالى عنه أنها ثلاث وثلاثون جذعة وثلاث وثلاثون حقّة وأربع وثلاثون خلفة.

الشّبه

الشّبه:
[في الانكليزية] Similitude ،analogy ،resemblance
[ في الفرنسية] Similitude ،analogie ،resemblance
بالكسر وسكون الموحّدة وبفتحتين أيضا المثل كما في المنتخب. وعند الأصوليين هو من مسالك إثبات العليّة. قالوا الوصف إمّا أن تعلم مناسبته بالنظر إلى ذاته أو لا، والأوّل المناسب، والثاني إمّا أن يكون مما اعتبره الشرع في بعض الأحكام والتفت إليه أولا، والأوّل الشّبه والثاني الطّرد. وعلّية الشّبه تثبت بجميع المسالك من الإجماع والنصّ والسّير، وهل تثبت بمجرّد المناسبة أي تخريج المناط؟
فيه نظر، وإلّا يخرج عن كونه شبيها إلى كونه مناسبا مع أنّ ما بينهما من التقابل. ومن أجل أنّه لا تثبت بمجرّد المناسبة قيل في تعريف الشّبه تارة هو الذي لا تثبت مناسبته إلّا بدليل منفصل. وقيل تارة هو ما يوهم المناسبة وليس بمناسب. فبناء كلا التعريفين على أنّ الشّبه لا يثبت بمجرّد المناسبة بل لا بدّ في مناسبته للحكم من دليل زائد عليه، إذ لو ثبت بالنظر إلى ذاته لما كان شبيها بل مناسبا. وقيل إثباته بتخريج المناط مبني على تفسيره فمن فسّره بما يوهم المناسبة منعه لأنّ تخريج المناط يوجب المناسبة، ومن فسّره بالمناسب الذي مناسبته لذاته جوّزه لجواز أن يكون الوصف الشّبهي مناسبا يتبع المناسب بالذات وهذا فاسد لأنّ تخريج المناط يقتضي كون الوصف مناسبا بالنظر إلى ذاته. مثاله أن يقال في عدم جواز إزالة الخبث بالمائع أنّ إزالة الخبث طهارة تراد للصلاة فلا تجوز بغير الماء، كطهارة الحدث بجامع الطهارة، وهو وصف شبهي لأنّ مناسبتها لتعيين الماء فيها بعد البحث التّام غير ظاهرة، لكنّ الشارع لمّا أثبت الحكم وهو تعيين الماء في بعض الصور وجودها كالصلاة والطّواف ومسّ المصحف أوهم ذلك مناسبتها. ثمّ الشّبه حجّة عند جماعة وهو مذهب الشافعي. وليس بحجّة عند الحنفية وجماعة كالقاضي أبي بكر الباقلاني لأنّه إمّا مطّلع على المناسب المؤثّر فيكون حاكما به أولا، وهو حكم بغير دليل.
اعلم أنّ لفظ الشّبه يقال على معان أخر أيضا بالاشتراك، حتى قال إمام الحرمين: لا تتحرّر في الشّبه عبارة مستمرّة في صناعة الحدود. فمنهم من فسّره بما تردّد فيه الفرع بين الأصلين يشاركهما في الجامع إلّا أنّه يشارك أحدهما في أوصاف أكثر فيسمّى إلحاقه به شبها كإلحاق العبد الــمقتول بالحرّ فإنّ له شبها بالفرس من حيث المالية وشبها بالحرّ، لكن مشابهته بالحرّ في الأوصاف والأحكام أكثر، فألحق بالحرّ لذلك. وحاصل هذا المعنى تعارض مناسبتين ترجّح إحداهما. ومنهم من فسّره بما يعرف فيه المناط قطعا إلّا أنّه يفتقر في آحاد الصّور إلى تحقيقه كما في طلب المثل في جزاء الصيد بعد العلم بوجوب المثل. ومنهم من فسّره بما اجتمع فيه مناطان لحكمين لا على سبيل الكمال، لكنّ أحدهما أغلب، فالحكم به حكم بالأشبه كالحكم في اللّعان بأنّه يمين لا شهادة وإن وجدا فيه. وقال القاضي هو الجمع بين الأصل والفرع بما لا يناسب الحكم، لكن يستلزم المناسب وهو قياس الدلالة فليس شيء من تلك المعاني معنى من الشّبه المعدود في مسالك العلّة. هكذا يستفاد من العضدي وحاشيته للمحقّق التفتازاني وغيرهما.

الشّهيد

الشّهيد:
[في الانكليزية] Martyr
[ في الفرنسية] Martyr
هو في الشرع يطلق على الشّهيد في أحكام الدنيا مثل عدم الغسل وغيره وهو الشهيد الحقيقي شرعا. ويطلق أيضا بطريق الاتساع على الغريق والحريق والمبطون والمطعون والغريب والعاشق وذات الطّلق وذي ذات الجنب وغيرهم مما كان لهم ثواب الــمقتولــين، كما أشير إليه في المبسوط وغيره، فهم شهداء في أحكام الآخرة. والشّهيد في الأصل من الشهود أي الحضور أو من الشهادة أي الحضور مع المشاهدة بالبصر أو البصيرة، ثم سمّي به من قتل في سبيل الله تعالى، إمّا لحضور الملائكة إيّاه تنزل عليه الملائكة، وإمّا لحضور روحه عنده تعالى كما في المفردات. فهو على الأوّل بمعنى المفعول وعلى الثاني بمعنى الفاعل.
وعرّف الشّهيد في أحكام الدنيا صاحب مختصر الوقاية بأنّه مسلم طاهر بالغ قتل ظلما ولم يجب به مال ولم يرتثّ. فالمسلم احتراز عن الكافر فيغسل كذا قيل. وفيه إنّه لا يجب غسل كافر أصلا، وإنّما يباح غسل كافر غير حربي له وليّ مسلم كما في الجلالي. فالحقّ أنه جنس فلا يحترز به عن شيء. والطاهر من ليس به جنابة ولا حيض ولا نفاس ولا انقطاع أحدهما كما هو المتبادر فإذا استشهد الجنب يغسّل وهذا عند أبي حنيفة خلافا لهما. وإذا انقطع الحيض والنفاس فاستشهدت فهو على هذا الخلاف.
وإذا استشهدت قبل الانقطاع تغسّل على أصحّ الروايتين عنه كما في المضمرات. وقيد البالغ احتراز عن الصبي فإنّه يغسّل عنده إذ الشهادة صفة مدح يستحقّ الإنسان بعقل ولا عقل له يعتدّ به، فإذا قتل المجنون غسّل أيضا عنده خلافا لهما. فعلى هذا خرج المجنون أيضا بهذا القيد فلا حاجة إلى قيد عاقل كما ظنّ. ولو قيل بدل بالغ مكلّف يكون حسنا. وقوله قتل ظلما أي بأن يقتله أهل الحرب أو البغي أو قطّاع الطريق أو المكابرون عليه في المصر ليلا بسلاح أو غيره أو نهارا بسلاح أو خارج المصر بسلاح أو غيره. فإذا قتل في قتال هؤلاء لم يغسّل. وإنّما قال قتل لأنّه إذا مات ولو في المعركة غسّل. وإنّما قال ظلما لأنّه لو قتل برجم أو قصاص أو تعزير أو افتراس سبع أو سقوط بناء أو غرق أو حرق أو طلق أو نحوها غسّل بلا خلاف، كما لو قتل لبغي أو قطع طريق أو تعصّب. وقوله ولم يجب به مال أي لم يجب على القاتل أو عاقلته به، أي بنفس ذلك القتل مال أي دية فلا تضرّه الدية الواجبة بالصّلح أو لصيانة الدّم عن الهدر كما إذا قتل أحد الأبوين ابنه إذ يجب فيهما القصاص إلّا أنّه أسقط بالصّلح وحرمة الأبوة مثلا، على أنّ في شهادته روايتين كما في الكافي. وقوله ولم يرتثّ أي لم يصبه شيء من مرافق الحياة، هكذا يستفاد من جامع الرموز والبرجندي. اعلم أنّ الشهيد نوعان. الأوّل: هو الشهيد الحقيقي وتعريفه بالتفصيل قد مرّ. الثاني: الشهيد الحكمي وهؤلاء كثيرون. وقد اختلف حالهم في كتب الفتاوي والأحاديث. ولهذا من أجل الضبط والإحاطة فقط أوردت معظم ما كتب في كتب الفقه والفتاوى والأحاديث ما حولهم في هذا المقام لكي أخفّف العناء عن كلّ من يبحث في أمرهم في المراجع المختلفة والله مسهّل كلّ أمر. اعلم بأنّ الشخص المسلم الذي يموت في الوباء والطاعون أو بحرارة الحمى أو بسبب الإسهال أو الاستقاء أو انتفاخ البطن أو بسبب غرق السفينة فيغرق في الماء أو يسقط السقف فوقه أو يقع عليه الجدار أو شجرة أو حجر وأمثال ذلك فيموت، أو في حال الولادة أو الألم الذي يصيب المرأة أثناء الولادة لعدم خروج الولد من بطنها، أو عقب الولادة إثر صدمة الولادة، أو موت الولد، أو في طريق الحج، أو السفر لأمر صالح كزيارة روضة النبي صلى الله عليه وسلم، أو زيارة بيت المقدس، أو السفر لزيارة الصالحين أو الشهداء والعلماء، أو في السفر لطلب العلم الديني، أو للسّياحة الروحانية لسلوك أهل الطريق أو في ليلة الجمعة، أو في النار، أو القحط من شدة الجوع أو العطش، وأمثال ذلك فيموت، أو أن يفترسه حيوان مفترس كالسبع والذئب وأمثال ذلك أو لسعته أفعى أو عقرب أو قتله ظالم لقيامه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو قتله أحد قاطعي الطريق أو اللصوص، أو قتيل الخطأ أو ما يشبه الخطأ، أو بالتسبّب وكل فعل يوجب أداء الدية، أو الــمقتول بالسّمّ، أو خوفا من البرق بحيث مات رعبا من شدة لمعان البرق أو صوت الرعد أو بالصاعقة، أو شهيد العشق الطاهر من لوثة الفسق، فمات ولم يفش سرّه، وكذلك الشخص الذي يحافظ على الوضوء حتى مماته أو يموت أثناء الصلاة، كلّ هؤلاء يعدّون من جملة الشهيد الحكمي ولهم يوم القيامة جزاؤهم جزاء الشهيد بفضله سبحانه وتعالى، وهؤلاء الشهداء حكمهم أن يغسّلوا ويكفّنوا.
هكذا في كتب الفقه والفتاوي والأحاديث.

فأَد

فأَد
: (} فَأَدَ الخُبْزَ، كمنَعَ) {يَفْأَدُه} فَأْداً: (جَعَلَه فِي المَلَّةِ) ، وَهِي الرَّمَادُ الحَارُّ ليَنْضُجَ. وَفِي التَّهْذِيب: {فأدْتُ الخُبْزَةَ، إِذا مَلَلْتَها وخَبَزْتَها فِي المَلَّة. (و) فأَدَ (اللَّحْمَ فِي النَّارِ) يَفْأَدُه فَأْداً (شَوَاه،} كاَفْتَأَد) هـ فِيهِ.
(و) فأَدَ (زَيْداً) يَفْأَدُه فَأْداً: (أَصاب {فُؤادَهُ) . وَفِي التَّهْذِيب: فأَدْتُ الصَّيْدَ فأْداً، إِذا أَصَبْتَ فُؤادَه (و) فَأَدَ (الخَوفُ فُلانا: جَبَّنَهُ) ، وَهُوَ مَفُؤْودٌ، كَا سيأْتي.
(} والأُفْؤُود، بالضَّمّ) والمدِّ: (الخُبْزُ {المَفْؤُود،} كالمُفْتَأَدِ) ، يُقَال: فَحَصْتُ للخُبْزَةِ فِي الأَرض، {وفأَدْتُ لَهَا أَفْأَدُ} فَأْداً، وَالِاسْم أُفْحوصٌ {وأُفْؤُودٌ، على أُفْعُولٍ، وَالْجمع أَفَاحِيصُ} وأَفَائِيدُ، (وَهُوَ) أَي {الأُفْؤود (أَيضاً: مَوْضِعُهُ) الَّذِي} يُفْأَدُ فيهِ.
وَفِي اللِّسَان: {والمُفْتَأَد: مَوْضِعُ الوَقُودِ.
(و) } المِفْأَد، {والمِفْآد،} والمِفْأَدةُ، (مِنْبَرٍ، ومِصْباحٍ، ومِكْنَسة) الثانيةُ عَن الصاغانيِّ: (السَّفُّودُ) ، وَهُوَ من {فأَدْتُ اللَّحْمَ} وافتأَدْته، إِذا شَوَيْته، قَالَ الشَّاعِر:
يَظَلُّ الغُرابُ الأَعوَرُ العَيْنِ رافِعاً
مَعَ الذِّئبِ يَعْتَسَّانِ نارِي {- ومِفْأَدِي
وَهُوَ مَا يُخْتَبَزُ ويُشْوَى بِهِ.
(و) } المِفْآد: (خَشَبَةٌ يُحَرَّكُ بهَا التَّنُّورُ، ج: {مَفَائِيدُ) ، وَفِي اللِّسَان: مَفَائِيدُ.
(} والفَئِيدُ: النارُ) نَفْسُها، قَالَ لبيد:
وَجَدْتُ أَبِي رَبِيعاً للْيَتَامَى
وللضِّيفانِ إِذْ حُبَّ {الفَئيدُ
(و) } الفَئِيدُ: اللَّحْمُ (المَشْوِيُّ) ، وَكَذَا الخُبْزُ، وَيُقَال: إِذا شُوِيَ اللَّحْم فَوَقع الجَمْرِ فَهُوَ {مُفْأَدٌ وفَئِيدٌ.
(و) } الفَئِيد: (الجَبَانُ، {كالمَفؤُودِ، فيهمَا) ، يُقَال فِي الأَوّل: خُبْزٌ} مَفْؤُود، ولَحْمٌ مَفْؤود، وَفِي الثَّانِي، رجُلٌ مَفْؤودٌ: جبانٌ ضَعِيفُ الفُؤادِ، مثْل المَنْخُوبِ، ورَجلٌ مَفْؤُودٌ {وفَئِيدٌ: لَا} فُؤادَ لَهُ.
وَلَا فِعْلَ لَهُ، قَالَ ابنُ جِنِّي: لم يُصَرِّفُوا مِنْهُ فِعْلاً، ومفعولٌ للصِّفة إِنَّمَا يَأْتِ على الفِعْل، نَحْو مضْرُوب من ضُرِب ومَقْتول من قُتِل.
( {وافتَأَدُوا: أَوقَدُوا نَارا) لِيَشْتَوُوا.
(} والتَّفَؤُّدُ: التَحَرُّقُ) ، هاكذا بالقَاف فِي نسختنا، وَكَذَا هُوَ بخطِّ الصاغَانيِّ. وَفِي نُسْخِة شيخَنا: التَّحَرُّك، بِالْكَاف، ويُؤَيِّد الأُولَى قولُه فِيمَا بعْدُ (والتَّوقُّدُ، وَمِنْه) أَي من معْنى التَّوقُّدِ، سُمِّيَ (الفُؤَادُ) ، بالضَّمّ، مهموزاً، لتَوَقُّدِه، وَقيل أَصْلُ الفأْدِ، الحَرَكَةُ والتَّحْرِيكُ، وَمِنْه اشتُقَّ الفُؤادُ، لأَنَّه يَنْبِضُ ويَتَحَرَّك كثيرا، قَالَ شيخُنَا: هاذا أَظهَرُ لعَدمِ تَخلُّفه ومُرادفتِه (للقَلْبِ) كَمَا صَدَّر بِهِ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الأَكثر.
وَفِي (البصائر) للمصنِّف: وَقيل إِنَّما يُقَال للقَلْبِ: الفُؤَادُ، إِذا اعتُبِرَ فِيهِ معنَى! التَّفؤُّدِ، أَي التَّوَقُّد، (مُذَكَّرٌ) لَا غيرِ، صرَّحَ بذالك اللِّحْيَانيُّ، يكون ذالك لنَوْعِ الإِنسان وغيرِه من أَنواعِ الحَيَوانِ الّذِي لَهُ قَلْبٌ، قَالَ يَصفُ نَاقَة:
كَمِثْلِ أَتانِ الوَحْشِ أَمَّا فُؤادُها
فَصَعْبٌ وَأَمَّا ظَهْرُها فرَكُوبُ
(أَو هُوَ) ، أَي الفُؤادُ: (مَا يتَعَلَّق بالمَرِيءِ من كَبِدٍ ورِئَةٍ وقَلْبٍ) .
وَفِي (الْكِفَايَة) مَا يقضِي أَن الفُؤادَ والقَلْبَ مُترَادِفانِ، كَمَا صدَّرَ بِهِ المصنّفُ، وَعَلِيهِ اقتصرَ فِي الْمِصْبَاح. والأَكثرُ على التَّفْرقة.
فَقَالَ الأَزهَرِيُّ: القَلْبُ مُضْغَةٌ فِي الفُؤَادِ، مُعَلَّقَةٌ بالنِّيَاطِ. وبهاذا جَزَمَ الواحِديُّ وغيرُه.
وَقيل: الفُؤادُ: وِعاءُ القَلْبِ، أَو داخِلُه، أَو غِشاؤُه، والقَلْبُ حَبَّتُه. كَمَا قَالَه عِياضٌ وغيرُه. وأَشار إِليه ابنُ الأَثير.
وَفِي (البصائر) للمصنِّف: وَقيل: القَلْب أَخَصُّ من الفُؤادِ، وَمِنْه حَدِيث: (أَتاكُم أَهلُ اليَمَنِ هم أَرَقُّ قُلوباً، وأَلْيَنُ أَفْئِدَةً) فوصَفَ القُلُوبَ بالرِّقَّةِ، والأَفئدةَ باللِّين.
وَقَالَ جماعةٌ من المُفَسِّرين: يُطلَقُ الفُؤادُ على العَقْلِ، وجَوَّزُوا أَن يكون مِنْهُ: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} (النَّجْم: 11) (ج {أَفْئِدَةٌ) ، قَالَ سيبويهِ: وَلَا نَعْلَمه كُسِّر على غيرِ ذالك.
(} والفَوَادُ، بالفَتْح وَالْوَاو، غريبٌ) ، وَقد قُرِىءَ بِهِ. وَهُوَ قِراءَة الجَرَّح العُقَيْليّ. وَقَالُوا: تَوجِيهُها أَنَّه أَبْدَل الهَمْزَة واواً، لوُقوعِها بعْدَ ضمَّةٍ فِي الْمَشْهُور ثمَّ فتح الفاءَ تَخْفِيفًا. قَالَ الشِّهاب، تَبعاً لغيره: وَهِي لُغَةٌ فِيهِ، وَلَا عِبْرَةَ بإِنكار أَبي حاتِمٍ لَهَا.
( {وفئِدَ، كعُنِيَ وفَرِحَ) ، وهاذه عَن الصاغانيِّ} فأَداً: (شَكَاهُ) أَي شَكَا فُؤادَه، (أَو وَجِعَ {فُؤادُهُ) فَهُوَ مَفْؤُودٌ. وَفِي الحَدِيث أَنه (عَاد سَعْداً وَقَالَ: إِنَّكَ رجُلٌ مَفؤود) . وَهُوَ الّذِي أُصِيبَ} فُؤادُه بِوَجَع، ومِثْلُه فِي (التَّوْضِيح) لِابْنِ مالِكِ. وَفِي الأَساس: ورَجل {مَفْؤُودٌ: مُصَابُ الفُؤادِ، وَقد} فُئِدَ! وفأَدَهُ الفَزَعُ. وممَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ:
{فأَدَ فُلانٌ لِفُلانٍ إِذا عَمِلَ فِي أَمْرِه بالغيبِ جَمِيلاً. كَذَا فِي (النَّوَادِر) للِّحْيَانيِّ.

ثأَر

ثأَر
: (} الثَّأْرُ) ، بالهَمْز وتُبدَل همزتُه أَلِفاً: (الدَّمُ) نَفْسُه، (و) قيل: هُوَ (الطَّلَبُ بِهِ) ، كَذَا فِي المُحكَم.
(و) قيل: الثَّأْرُ: (قاتِلُ حَمِيمِكَ) ، وَمِنْه قولُهم: فلانٌ! - ثَأْرِي؛ أَي الَّذِي عندَه ذَحْلِي، وَهُوَ قاتلُ حَمِيمِه. كَذَا فِي الأَساس. وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: وثَأرُكَ: الَّذِي أَصابَ حَمِيمكَ، وَقَالَ الشَّاعِر:
قتَلْتُ بِهِ {- ثَأْرِي وأَدْرَكْتُ} - ثُؤْرَتِي
وَيُقَال: هُوَ {ثَأْرُه، أَي قاتِلُ حَمِيمِه، وَقَالَ جَرِيرٌ يهجُو الفَرَزْدَقَ:
وامْدَحْ سَراةَ بَنِي فُقَيْمٍ إِنَّهُمْ
قَتَلُوا أَباكَ} وثَأْرُه لم يُقْتَلِ
وانْظُرْ هُنَا كلامَ ابْن بَرِّيَ. قَالَ ابنُ سِيدَه (ج أَثْآرٌ) بفتحٍ فسكونٍ ممدُوداً، (وآثارٌ) على القَلْب، حَكَاهُ يَعْقُوبُ.
(والاسمُ: {الثُّؤْرَةُ) ، بالضمِّ، (} والثُّؤُورَةُ) بالمدِّ، وهاذه عَن اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ الأَصمعيُّ:
أَدْرَكَ فلانٌ {ثُؤْرَتَه، إِذا أَدْرَكَ مَن يَطلبُ ثَأْرَه.
(} وثَأْرَ بِهِ، كمَنَعَ: طَلَبَ دمَه، {كثَأَرَه) ، وَقَالَ الشَّاعِر:
حَلَفْتُ فَلم تَأْثَمْ يَمِينِي} لأَثْأَرَنْ
عَدِيًّا ونُعْمَانَ بنَ قَيْلٍ وأَيْهَمَا
قَالَ ابنُ سِيدَه: هاؤلاء قومٌ (من بنِي يَرْبُوعٍ) قَتَلَهم بَنو شَيْبَانَ يَوْم 2 مليحةَ، فحلفَ أَن يطلبَ {بثَأْرِهم.
(و) } ثَأَرَ القَتِيلَ وبالقَتِيل {ثَأْراً} وثُؤُورَةً، فَهُوَ ثائِرٌ، أَي (قَتَلَ قَاتِلَه) ، قَالَه ابنُ السِّكِّيت، قَالَ الشَّاعِر:
شَفَيْتُ بِهِ نَفْسِي وأَدْرَكتُ {- ثُؤْرَتِي
بَنِي مالكٍ هَل كنتُ فِي} - ثُؤْرَتِي نِكْسَا
وفِي الأَساس: وسَأَرتُ حَمِيمِي وبِحَمِيمِي: قَتَلتُ قاتِلَه، فعَدُوُّكَ ( {مثؤور) وحَمِيمُك} مَثْؤُورٌ وَمَثْؤُورٌ بِهِ.
( {وأَثْأَرَ) الرجلُ: (أَدْرَكَ} ثَأْرَه) ، {كاثَّأَرَه من بابِ الافتِعَالِ، كَمَا سيأْتي فِي كَلَام المصنِّف.
(و) قَالَ أَبو زيد: (} اسْتَثْأَرَ) فلانٌ، فَهُوَ {مُسْتَئْثِرٌ، وَفِي الأَساس:} استَثْأَرَ وَلِيُّ القَتِيلِ، إِذا (اسْتَغاثَ {ليُثْأَرَ بــمَقْتُولِــه) ، وأَنشد:
إِذا جاءَهم} مُستَثْئِرٌ كَانَ نَصْرُه
دُعَاءً أَلَا طِيرُوا بكلِّ وَأَي نَهْدِ
قَالَ أَبو مَنْصُور: كأَنه يستغيثُ مَن يُنْجِدُه على ثأْره.
( {والثُّؤُرُورُ) : الجِلْوازُ، وَقد تقدَّمَ فِي حرف التّاءِ أَنّه (التُّؤْرُورُ) . بالتّاءِ، عَن الفارِسيّ.
(و) قولُهم: (يَا} ثاراتِ زَيْدٍ) ، أَي (يَا قَتَلَتَه) ، كَذَا فِي الصّحاح. وَفِي الأَساس: وقولُهم: يَا {لَثاراتِ الحُسَيْنِ: أُرِيد تَعالَيْنَ يَا ذُحُولَه، فهاذا أَوَانُ طلبَتكِ. وَفِي النِّهاية: وَفِي الحَدِيث: يَا ثاراتِ عُثْمَانَ: أَي يَا أَهلَ} ثاراتِه، وَيَا أَيُّهَا الطّالِبُون بدَمِه، فحَذَفَ المضافَ، وأَقامَ المضافَ إِليه مُقامَه، وَقَالَ حَسّان:
لَتَسْمَعنَّ وَشِيكاً فِي دِيَارِهِمُ
اللهُ أَكبرُ يَا ثاراتِ عُثْمَانَا
وَقد رُوِيَ أَيضاً بمَثَنَّاةٍ فَوْقِيَّة، كَمَا تقدَّمت الإِشارةُ إِليه، فَهُوَ يُروَى بالمادَّتَيْنِ، واقتصرَ صاحبُ النِّهَايةِ على ذِكْره هُنَا، ولاكنّه جَمَعَ بَين كلامِ الجوهَريِّ وَبَين كمِ أَهلِ الغَرِيب، فَقَالَ: فعَلَى الأَول أَيْ على حَذْف المضافِ وإِقامةِ المضافِ إِليه يكونُ قد نَادَى طالِبِي الثَّأْر؛ لِيُعِينُوه على استيفائِه وأَخْذِه، وعَلى الثّاني أَي على تفسيرِ الجوهريِّ يكونُ قد نادَى القتلة؛ تعريفاً لَهُم، وتَقْرِيعاً، وتَفْظِيعاً للأَمرِ عَلَيْهِم، حتّى يجمَع لَهُم عندَ أَخْذه {الثَّأْرِ بَين القَتْلِ وبينَ تَعْرِيفِ الجُرْمِ، وتَسْمِيَتُه وقَرْعُ أَسماعِهِم بِهِ؛ ليَصْدَعَ قلوبَهم، فَيكون أَنْكَأَ فيهم، وأَشْفَى للنَّفْسِ.
(} والثّائِرُ: مَنْ لَا يُبْقِي على شيْءٍ حَتَّى يُدْرِكَ {ثَأْرَهُ.
(و) من المَجَاز: (لَا} ثَأَرَتْ فلَانا) ، وَفِي الأَساس: على فلانٍ، (يَداه) ، أَي (لَا نَفَعَتاه) ، مُستَعارٌ مِن {ثَأَرتُ حَمِيمِي: قَتلتُ بِهِ.
(و) يُقَال: (} اثَّأَرْتُ) من فلَان، (وأَصلُه {اثْتَأَرْتُ) ، بتقديمِ المُثَلَّثَة على الفَوْقِيَّةِ. افتعلتُ مِن} ثَأَرَ، أُدغِمَتْ فِي الثَّاءِ وشُدِّدَتْ، أَي (أَدْرَكْتُ مِنْهُ {- ثَأْرِي) ، وَكَذَلِكَ إِذا قَتَلَ قَاتِلَ وَلِيِّه، وَقَالَ لَبِيد:
والنِّيبُ إِنْ تَعْرُ مِنِّي رِمَّةً خَلَقاً
بعدَ المَماتِ فإِنِّي كنتُ} أَثَّئِرُ
أَي كنتُ أَنحرُها للضِّيفان، فقد أَدركْتُ مِنْهَا! - ثَأْرِي فِي حياتِي، مجازاةً؛ لتَقَضُّمِها عِظام النَّخِرَةَ بعد مَماتِي؛ وذالك أَن الإِبلَ إِذَا لم تَجِد حَمْضاً ارْتَمَّتْ عِظَامَ المَوْتَى، وعِظَامَ الإِبِلِ، تُحْمِضُ بهَا.
( {والثَّأْرُ المُنِيمُ: الَّذِي إِذا أَصابَه الطّالِبُ رَضِيَ بِهِ، فنامَ بعدَه) . كَذَا فِي الصّحاح، وَقَالَ غيرُه: هُوَ الَّذِي يكونُ كُفُؤاً لِدَمِ وَلِيِّك وَيُقَال: أَدْرَكَ فلانٌ ثأْراً مُنِيماً، إِذا قَتَلَ نَبِيلاً فِيهِ، وَفَاء لِطِلْبَت، وكذالك أَصابَ الثَّأْرَ المُنِيمَ، وَقَالَ أَبو جُنْدب الهُذليّ:
دَعَوْا مَوْلَى نُفاثَةَ ثُمَّ قالُوا:
لَعَلَّكَ لسْتَ} بالثَّأْرِ المُنِيمِ
قَالَ السُّكرِيُّ: أَي لستَ بِالَّذِي يُنِيمُ صاجبَه، أَيْ إِن قتلتُكَ لم أَنَمْ حَتَّى أَقتلَ غيركَ، أَي لستَ بالكُفُؤِ فأُنَامَ بعدَ قَتْلِكَ. وَقَالَ الباهليُّ: المُنِيمُ: الَّذِي إِذا أَدْركَه الرجلُ شَفاه، وأَقنعَه فنامَ.
(و) يُقَال: ( {ثأَرْتُكَ بِكَذَا) ، أَي (أَدْرَكْتُ بِهِ ثَأْرِي منكَ) .
وممّا يُستدرَك عَلَيْهِ:
} الثّائِرُ: الطّالِبُ.
{والثّائِرُ: المَطْلُوبُ. ويُجْمَعُ الأَثْآرَ، وَقَالَ الشَّاعِر:
طَعَنتُ ابنَ عبدِ القَيْسِ طَعْنَةَ} ثائِرٍ
لَهَا نَفَذٌ لَوْلَا الشُّعَاعُ أَضاءَها
وعبارةُ الأَساس: وَيُقَال للثّائِرِ أَيضاً: الثَّأْر، وكلُّ واحدٍ مِن طَالب ومطلوب ثَأْرُ صاحِبِه.
{والمَثْؤُورُ بِهِ: الــمَقْتُولُ.
} والثَّأْرُ أَيضاً: العَدُوُّ، وَبِه فُسِّرَ حديثُ عبدِ الراحمان يومَ الشُّورَى: (لَا تُغْمِدُوا سُيُوفَكم عَن أَعدائِكم، فتُوتِرُوا! ثَأْرَكُمْ) ؛ أَراد أَنَّكُمْ تُمَكِّنُون عَدُوَّكم مِن أَخْذ وِتْرِه عنْدكُمْ. يُقَال: وَتَرْتُه، إِذا أَصبتَه بِوَتْرِ، وأَوْتَرْتُه، إِذا أَوْجَدْتَه وَتْرَه ومَكَّنْتَه مِنْهُ.
والمَوْتُور الثائِرُ: طالِبُ الثَّأْرِ، وَهُوَ طَالِبُ الدَّمِ، وَقد جاءَ فِي حَدِيث محمّدِ بنِ سَلَمَةَ يومَ خَيْبَر. وَفِي الأَمثال للمَيْدانِيّ: (لَا ينامُ مِن ثَأْرِ كَذَا) .
وَفِي كَامِل المبّرد: (لَا ينامُ مَنْ! أَثْأَرَ) .

يدى

[يدى] اليدُ أصلها يَدْيٌ على فَعْلٍ ساكنة العين، لأنَّ جمعها أيد ويدى. وهذا جمع فعل مثل (*) فلس وأفلس وفلوس، ولا يجمع فعل على أفعل إلا في حروف يسيرة معدودة مثل زمن وأزمن، وجبل وأجبل، وعصا وأعص. وقد جمعت الايدى في الشعر على أياد، قال الشاعر :

قطن سخام بأيادى غزل * وهو جمع الجمع مثل أكرع وأكارع. وأما قول الشاعر : فطرت بمنصل في يعملات * دوامى الايد يخبطن السريحا فهو لغة لبعض العرب، يحذفون الياء من الاصل مع الالف واللام، فيقولون في المهتدى: المهتد، كما يحذفونها مع الاضافة في مثل قول الشاعر : كنواح ريش حمامة نجدية * ومسحت باللثتين عصف الاثمد أراد كنواحى فحذف الياء لما أضاف، كما كان يحذفها مع التنوين. والذاهب منها الياء، لان تصغيرها يدية بالتشديد لاجتماع الياءين. وبعض العرب يقولون لليد يدى، مثل رحى. قال الراجز: يا رُبَّ سارٍ باتَ ما توسدا * إلا ذراع العنس أو كفَّ اليَدَى وتثنيتها على هذه اللغة يَدَيانِ، مثل رَحَيانِ. قال الشاعر: يَدَيانِ بيضاوان عند مُحَرِّقٍ * قد ينفعانكَ منهما أنْ تُهْضَما واليدُ: القوَّةُ. وأيَّدَهُ، أي قوَّاه. ومالى بفلان يدان، أي طاقةٌ. قال تعالى: (والسماءَ بَنيناها بأيْدٍ) . وقوله تعالى: (حتَّى يُعْطوا الجزيةَ عن يَد) أي عن ذِلَّةٍ واستسلام، ويقال: نَقداً لا نسيئةً. واليَدُ: النعمة والإحسان تصطنعه، وتجمع على يدى ويدى، مثل عصى وعصى. قال الشاعر  (*) * فإن له عندي يديا وأنعما * وإنما فتح الياء كراهة لتوالى الكسرات، ولك أن تضمها. وتجمع أيضا على أيد، قال الشاعر : تكن لك في قومي يد يشكرونها * وأيد الندى في الصالحين قروض اليزيدى: يدى فلان من يَدِهِ، أي ذهبت يَدُهُ ويبست. يقال: ماله يدى من يَدِهِ! وهو دعاءٌ عليه، كما يقال: ماله تربت يداه. ويَدَيْتُ الرجلَ: أصبتُ يَدَهُ، فهو ميدى. ففإن أردت أنك اتخذت عنده يَداً قلت: أيْدَيْتُ عنده يَداً فأنا مودٍ، وهو مودًى إليه. ويَدَيْتُ لغةٌ. قال الشاعر : يَدَيْتُ على ابن حَسْحاسِ بن وَهَبٍ * بأسفلِ ذي الجِذاةِ يَدَ الكَريمِ وتقول إذا وقع الظبي في الحبالة: أمْيَدِيٌّ أم مرجولٌ؟ أي أوَقَعَتْ يدهُ في الحبالة أم رِجله. ويادَيْتُ فلاناً: جازيته يداً بيدٍ. وأعطيتُهُ مُياداةً، أي من يدى إلى يده. الاصمعي: أعطيتُهُ مالاً عن ظهر يَدٍ، يعني تفضُّلاً ليس من بيعٍ ولا قرضٍ ولا مُكافأَةٍ. وابتعتُ الغنم باليَدَيْنِ، أي بثمنين مختلفين، بعضها بثمن وبعضها بثمن آخر. ويقال: إنَّ بين يَدي الساعة أهوالاً، أي قُدَّامها. وهذا ما قدَّمتْ يَداكَ، وهو تأكيدٌ كما يقال: هذا ما جنتْ يَداكَ، أي جنيته أنت، إ أنك تؤكِّد بها. أبو زيد: يقال لقيته أوَّلَ ذاتِ يَدَيْنِ، ومعناه أول شئ. قال الاخفش: ويقال سقط في يديه وأسقط، أي ندِمَ، ومنه قوله تعالى: (ولما سُقِطَ في أيْديهِمْ) ، أي ندموا. وقولهم: ذهبوا أيْدي سَبا وأيادي سَبا، أي متفرِّقين، وهما اسمان جعلا واحداً. وتقول: لا أفعله يَدَ الدهر، أي أبداً. قال الأعشى:

يَدَ الدهرِ حتَّى تُلاقي الخيارا * وقول لبيد حتى إذا ألْقَتْ يَداً في كافِرٍ * يعني بدأت الشمس في المغيب. وهذا الشئ في يدى، أي في ملكي. والنسبة إليها يَدِيٌّ، وإنْ شئتَ يَدَوِيٌّ. وامرأةٌ يَدِيَّةٌ، أي صَناعٌ. وما أيْدَى فلانةً. ورجلٌ يَدِيٌّ. وهذا ثوبٌ يَدِيٌّ وأَدِيٌّ، أي واسعٌ. قال العجاج: في الدارِ إذْ ثَوْبُ الصِبا يَدِيُّ * وإذْ زمانُ الناسِ دَغْفَلِيُّ الأصمعيّ: يَدُ الثوبِ: ما فضلَ منه إذا تَعَطَّفْتَ به والتحفتَ. يقال: ثوب قصير اليد. قال الفراء: وبعضهم يقول لذى الثدية: ذو اليدية، وهو الــمقتول بنهروان. وذو اليدين: رجل من الصحابة، يقال سمى بذلك لانه كان يعمل بيديه جميعا، وهو الذى قال للنبى عليه الصلاة والسلام: " أقصرت الصلاة أم نسيت ". 

لان الالف على ضربين: لينة ومتحركة. فاللينة تسمى ألفا، والمتحركة تسمى همزة. وقد ذكرنا الهمزة، وذكرنا أيضا ما كانت الالف فيه منقلبة من الواو والياء، وهذا الباب مبنى على ألفات غير منقلبات من شئ، فلهذا أفردناه.

دُرَر

دُرَر
: ( {الدَّرُّ) ، بالفَتْح: (النَّفْسُ) .
وَدَفَعَ اللهاُ عَن} دَرِّه، أَي عَن نَفْسه، حَكَاهُ اللِّحيانيّ.
(و) الدَّرُّ: (اللَّبَنُ) مَا كَانَ. قَالَ:
طَوَى أُمَّهاتِ الدَّرِّ حتّى كأَنَّها
فَلاَفِلُ هِنْديَ فهُنَّ لُزُوقُ
أُمَّهاتُ الدَّرِّ: الأَطْباءُ.
وَفِي الحَدِيث (أَنه نَهَى عَن ذَبْح ذَواتِ {الدَّرِّ) أَي ذَوَات اللَّبَن، وَيجوز أَن يكون مصدر} دَرَّ اللَّبنُ إِذَا جَرَى. وَمِنْه الحَدِيث: (لَا يُحْبَس {دَرُّكُم) ، أَي ذواتُ الدَّرِّ. أَراد أَنها لَا تُحشَر أَلى المُصَدِّق وَلَا تُحْبَسُ عَن المَرْعَى إِلى أَن تَجْتَمِع الماشِيَةُ ثمَّ تُعَدّ، لِمَا فِي ذالك من الإِضرار بهَا. (} كالدِّرَّةِ، بالكَسْرِ) .
(و) {الدِّرَّة أَيضاً} والدَّرُّ: (كَثْرَتُه) وسَيَلانُه. وَفِي حَدِيث خُزَيمة (غَاضَتْ لَهَا الدِّرّة) ، وَهِي اللَّبَن إِذا كَثُرَ وسال، ( {كالاسْتِدْرارِ) يُقَال:} استَدرَّ اللَّبَنُ والدَّمعُ ونحُوهما: كَثُرَ. قَالَ أَبو ذُؤيب:
إِذا نَهَضَتْ فِيهِ تَصَعَّدَ نَفْرَهَا
كقِتْرِ الغِلاءِ {مُسْتِدرٌّ صِيَابُهَا
اسْتعَار} الدَّرّ لشِدَّةِ دَفْعِ السِّهَامِ.
{ودَرَّ اللَّبَنُ وادَّمْعُ (} يَدُرُّ) ، بالضَّمّ ( {ويَدِرُّ) ، بالَكسْر،} دَرًّا {ودُرُوراً، وكذالك النَّاقَةُ إِذا حُلِبَت فأَقبلَ مِنْهَا على الحاِلب شَيْءٌ كَثِيرٌ قِيل:} دَرَّتْ، وإِذا اجتمعَ فِي الضَّرْع من العُروق وَسَائِر الجَسَد قيل: {دَرَّ اللَّبَن. (والاسمُ} الدَّرَّةُ، بالكَسْرِ) وبالفَتْح أَيضاً، كَمَا فِي اللّسَان. وَبِهِمَا جاءَ المَثَل: (لَا آتِيكَ مَا اخْتلفَت {الدَّرَّة والجِرَّة) واختلافهما أَنَّ الدِّرَّة تَسْفُلُ والجِرَّةَ تَعْلُو، وَقد تقدّم.
(و) عَن ابْن الأَعرابيّ:} الدَّرُّ: العَمَلُ من خَيرٍ أَو شَرَ. وَمِنْه قَوْلهم: (لله (ِ {دَرُّهُ) ، يكون مَدحْاً، وَيكون ذَمًّا، كَقَوْلِهِم: قاتَلَه اللهاُ مَا أَكْفَرَه، وَمَا أَشْعَره، وَمَعْنَاهُ (أَي) لله (عَمَلُه) ، يُقَال هاذا لِمَن يُمْدَح ويُتَعَجَّب من عَمَلِه. (و) إِذا ذُمَّ عَملُه قيل: (لاَدَ} رَّدَرُّه) ، أَي (لَا زَكَا عَمَلُه) ، وكُلُّ ذالك على المَثَلِ. وَقيل: لِلَّه {دَرُّك مِن رَجُلٍ. مَعْنَاهُ لِلَّهِ خَيرُك وفعَالُك. وإِذَا شَتَمُوا قَالُوا: لَا} دَرَّ دَرُّه، أَي لَا كَثُرَ خَيْرُه. وَقيل: لِلَّهِ {دَرُّك، أَي لِلَّه مَا خَرَج مِنْك من خَيْرٍ. قَالَ ابْن سِيدَه: وَأَصلُه أَنّ رَجُلاً رأَى آخَرَ يَحلُبُ إِبِلاً، فتعَجَّب من كَثْرةِ لَبَنِهَا، فَقَالَ: لِلَّهِ} دَرُّك. وَقيل: أَراد لِلَّهِ صالِحُ عَمَلِك، لأَنَّ! الدَّرَّ أَفضلُ مَا يُحْتَلَب. قَالَ بَعضهم: وأَحسَبهم خَصُّوا اللَّبَن لأَنَّهُم كانُوا يَفْصِدُون النَّاقَةَ فيَشْربُون دَمَهَا ويفْتَظُّونَهاَا فيشربون ماءَ كَرشِها، فَكَانَ اللَّبَنُ أَفضلَ مَا يَحْتَلِخون.
قَالَ أَبو بكْرِ: وَقَالَ أَهلُ اللُّغَة فِي قَوْلهم: لِلَّه دَرُّه. الأَصْلُ فِيهِ أَن الرَّجلَ ذَا كَثُرَ خَيْرُدهُ وعَطَاؤُه وإِنَالَتُه النَّاسَ قيل: لِلَّه {دَرُّه، أَي عَطَاؤُه وَمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ، فشَبَّهوا عَطَاءَه} بدَرِّ النّاقَةِ، ثمّ كَثُرَ استِعمَالُهُم حَتَّى صارُوا يَقُولُونه لكلّ مُتعجَّب مِنْه.
قلْت: فعُرِفَ ممّا ذَكرْنَاه كُلّه أَن تَفْير الدَّرِّ بالخَيْر والعَطَاءِ والإِنَالَة إِنّمَا هُوَ تفسيرٌ باللازم، لَا أَنَّه شَرْحٌ لَهُ على الحَقِيقَة؛ فإِن {الدَّرَّ فِي الأَصل هُوَ اللَّبَن، وإِطلاقُه على مَا ذُكِرَ تَجَوُّز، وإِنما أُضِيف لِلَّهِ تَعَالَى إِشارَةً إِلى أَنه لَا يَقدِر عَلَيْهِ غَيْرُه. قَالَ ابنُ أَحمر:
بانَ الشَّبَابُ وأَفْنَى دَمْعَه العُمُرُ
لله} - دَرِّيَ أَيَّ العَيْشِ أَنتَظِرُ
تعَجَّب من نَفْسه.
قَالَ الفَرّاءُ: وَرُبمَا استَعْمَلُوه من غير أَن يَقُولُوا: لِلَّه، فيَقُولون: دَرَّ {دَرُّ فُلانٍ. وأَنشد للمُتَنَخ:
لَا} دَرَّ {- دَرِّيَ أَنْ أَطْعَمْتُ نازِلَهمْ
قِرْفَ الحَتِيِّ وعنْدِي البُرُّ مَكْنوزُ
(} ودَرَّ النَّبَاتُ) {دَرًّا: (الْتَفَّ) بعضُه مَعَ بعض لكَثْرته. (و) } دَرَّت (الناقَةُ بِلَبَنِها) {تَدُرّ} وتَدِرّ بالضَّمّ، والكَسْرِ، الأَوّلُ على الشُّذُوذ والثَّاني على القِيَاس، كَمَا صرَّحَ بِهِ صاحبُ المِصْباح وَغَيره، {دُرُوراً} ودَرًّا: ( {أَدَرَّتْه) ، فَهِيَ} دَرُورٌ {ودَارٌّ} ومُدِرٌّ، {وأَدرَّها مارِيها دُونَ الفَصِيل، إِذَا مَسحَ ضَرْعَها.
(و) } دَرَّ (الفَرسُ {يَدِرّ) ، بالكَسْر على القِيَاس، (} دَرِيراً) {ودِرَّةً: (عَدَا) عَدْواً (شَدِيداً، أَو) عَدَا (عَدْواً سَهْلاً) مُتَتابِعاً.
(و) } دَرَّ (العِرْقُ) {يَدُرّ} دُرُوراً: (سَالَ) كَمَا {يَدُرّ اللَّبَن، (وكَذَا) } دَرَّت (السَّمَاءُ بالمَطَر) {تَدُرّ (} دَرًّا! ودُرُوراً) ، الأَخير بالضَّمّ، إِذا كثُرَ مَطَرُهَا، (فَهِيَ {مِدْرَارٌ) ، بِالْكَسْرِ، أَي} تَدُرُّ بالمَطَرَ، وَكَذَا سَحابةٌ {مِدْرَارٌ، وَهُوَ مَجاز. (و) } دَرَّت (السُّوقُ: نَفَقَ مَتَاعُها) ، وَالِاسْم {الدِّرَّة. (و) دَرَّ (الشيْءُ: لانَ) . أَنشدَ ابنُ الأَعرابيِّ:
إِذا استَدْبَرَتْنا الشَّمسُ} دَرَّتْ مُتُونُنا
كأَنَّ عُروقَ الجَوْفِ يَنْضَحْنَ عَنْدا
وذالك لأَنَّ العربَ تَقول: إِنْ {اسْتِدْبَارَ الشَّمسِ مَصَحَّةٌ.
(و) دَرَّ (السَّهْمُ) } يَدُرُّ ( {دُرُوراً) ، بالضَّمّ: (دَارَ دَوَراناً) جَيِّداً (على الظُّفُر، وصاحِبُه} أَدَرَّه) ، وذالك إِذا وَضَعَه على ظُفرِ إِبهام اليُسْرَى ثمَّ أَدارَه بإِبْهامِ اليَدِ اليُمْنَى وسَبَّابَتِها. حَكَاهُ أَبو حَنِيفَة. قَالَ: وَلَا يكون {دُرُورُ السَّهْمِ وَلَا حَنِينه إِلاّ من اكتِناز عُودِه وحُسْنِ استقامته والْتِئامِ صَنْعَته.
(و) درَّ (السِّرَاجُ) ، إِذَا (أَضَاءَ، فَهُوَ} دَارٌّ {ودَرِيرٌ) ، كأَمِير، أَي مُضِيءٌ.
(و) } دَرَّ (الخَرَاجُ) {يَدُرُّ (} دَرًّا) ، إِذا (كَثُر إِتَاؤُه) وفَيْؤُه، {وأَدَرَّه عُمّالُه.
(و) } دَرَّ (وَجْهُك) ، إِذا (حَسُنَ بَعْدَ العِلَّة) والمَرَضِ ( {يَدَرُّ، بالفَتْح فِيهِ) . عَن الصاغَانيّ، وَهُوَ (نادِرٌ) . ووَجْهُه أَنه لَا مُوجِبَ للفَتْح، إِذ لَيْسَ فِيهِ حَرفُ الحَلْق عَيْناً وَلَا لاماً؛ ولذالك أَنْكَرُوه وَقَالُوا إِن ماضِيَه مَكْسُور كمَلَّ يَمَلُّ، فَلَا نُدرَة. قَالَه شيخُنا.
(} والدِّرَّةُ، بالكَسْرِ) : {دِرَّة السُّلطانِ، (الَّتي يُضْرَب بهَا) ، عَرَبِيّةٌ مَعْرُوفَة والجمْع} دِرَرٌ. وَتقول: حَرَمْتَنِي {دِرَرَك، فاحْمِني دِرَرَك.
(و) } الدِّرّة: (الدَّمُ) ، أَنشد ثَعْلَب:
تَخْبِط بالأَخْفَافِ والمَنَاِمِ
عَن {دِرَّةٍ تَخْضِب كَفَّ الهاشِمِ
وفسّره فَقَالَ: هاذه حَرْبٌ شَبَّهَها بالناقة،} ودِرَّتُهَا: دَمُهَا. (و) {الدِّرَّةُ: (سَيَلانُ اللَّبَنِ وكَثْرَتهُ) ، وَقد تقدَّم فِي أَوّل المادّة، فَهُوَ تَكْرارٌ، وَمِنْهَا قَولُهم:} دَرَّت العُرُوقُ: امتلأَتْ دَماً أَو لَبَنعاً.
(و) {الدُّرَّة، (بالضَّمِّ: اللُّؤْلُؤةُ العَظِيمَة) ، قَالَ ابْن دُرَيد: هُوَ مَا عَظُمَ من اللُّؤْلُؤِ، (ج} دُرٌّ) ، أَي بإِسقاط الهاءِ، فَهو جَمْع لُغَويّ، واسْمُ جِنْس جَمْعِيّ فِي اصْطلاحٍ، كَمَا حَقَّقه شيخُنَا، ( {ودُرَرٌ) ، كصُرَدٍ، وَهُوَ الجَمْع الحَقِيقيّ (} ودُرَّاتٌ) ، جمع مُؤَنّث سَالم، وَهُوَ غير مَا احْتَاجَ لذِكْره. وأَنشد أَبُو زَيْد للرّبَيع بنِ ضَبُعٍ الفَزَارِيِّ.
أَقْفرَ مِن مَيَّةَ الجَريبُ إِلى الزُّجَّ
يْنِ إِلاّ الظِّبَاءَ والبَقَرَا
كأَنَّها دُرَّةٌ مُنَعَّمَةٌ
فِي نِسْوةٍ كُنَّ قَبْلَها {دُرَرَا
(} ودُرٌّ) ، بالضّمّ، (من أَعلامِ الرِّجال. {ودُرَّةُ بنتُ أَبِي لَهَبٍ) ابنةُ عَمِّ النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من المُهَاجِرَات. كَانَت تَحْت الحَارِث بن نَوْفَل، لَهَا فِي المُسْنَد من رِوَايَة زَوْجها عَنْهَا، وَقيل تَزَوَّجَها دِحْيَةُ الكَلْبِيّ. (و) } دُرَّةُ (بِنْتُ أَبي سَلَمَة) بنِ عَبْد الأَسد: (صحابيَّتانِ) ، وكذالك دُرَّة بنتُ إِي سُفيانَ أُختُ مُعَاوِيَةَ، لَهَا صُحْبة.
(و) قَوْله تَعَالَى: {كَأَنَّهَا} (كَوْكَبٌ {- دُرّيٌّ) (النُّور: 35) ثاقِب (مُضِيءٌ) ، مَنْسُوب إِلَى} الدُّرِّ فِي صَفائِه وحُسْنهِ وبَهائه وبَياضهِ، قَالَه الزَّجَّاج، (ويُثَلَّثُ) أَوَّلُه ويُهْمَز آخِرُه، كَمَا تقدم، فَهِيَ سِتُّ لُغات قُرِىءَ بِهِنُ. ونَقَلَ شيخُنَا عَن أَرباب الأَشْباه والنَّظائر: لَا نَظِيرَ للدُّرِّيىءِ امَضْمُومِ المَهْمُوزِ سهلأَى مُرِّيقٍ، وَلَا لمفتوح سوى المَلِّيتِ، لمَوْضعٍ، وسَكِّين فِيمَا حَكَاهُ أَبو زَيْد.
قلْت: قَالَ الفَرَّاءُ: وَمن الْعَرَب مَنْ يَقُول دِرِّيّ، يَنْسُبه إِلى الدُّرّ، كَمَا قَالُوا: بَحرٌ لُجِّيٌّ ولِجِّيٌّ، وسُخْرِيٌّ وسِخْرِيٌّ. وقرىء: دُرِّيء، بالهَمْزِ، والكَوْكَب {الدُرِّيُّ عِنْد العَرَب هُوَ العَظِيم الْمِقْدعًّرِ. وَقيل: هُوَ أَحَدُ الكَوَاكِبِ الخَمْسَةِ السَّيَّارَة. قَالَ شَيْخُنَا: وَالْمَعْرُوف أَن السّيّارة سبعَةٌ. وَفِي الحَدِيث (كَا تَروْنَ الكَوْكَبَب الدُّرِّيِّ فِي أُفُق السماءِ) ، أَي الشَّدِيد الإِنارَةِ. وَفِي حَدِيثِ الدّجّال (إِحْدَى عَيْنَيْه كأَنَّهَا كَوْكَبٌ} - دُرِّيّ) .
( {- ودُرِّيُّ السَّيْفِ: تَلاْلُؤْه وإِشْرَاقُهُ) إِما أَن يكُون مَنْسُوباً إِلى الدُّرِّ بصفائه ونقائه، وإِما أَن يكون مُشبَّهاً بالكَوْكَب الدُّرِّيّ. قَالَ عبدُ الله بنُ سَبْرة:
كُلٌّ يَنُوءُ بماضِي الحَدِّ ذِي شُطَبٍ
عَضْبٍ جَلاَ القَيْنُ عَن} دُرِّيِّه الطَّبَعَا
ويُروَى عَن ذَرِّيِّه، يَعْنِي فِرِنْدَه، مَنسوبٌ إِلى الذَّرِّ الَّذِي هُوَ النَّمْل الصِّغَار، لأَنَّ فِرِنْدَ السَّيْف يُشَبَّه بآثَارِ الذَّرِّ.
وبَيْتُ دُرَيْدٍ يُروَى بالوَجْهَيْن:
وتُخْرِجُ مِنْهُم ضَرَّةُ القَوْمِ مَصْدَقاً
وطُولُ السُّرَى {- دُرِّيَّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ
بالدَّال وبالذَّال.
(} ودَرَرُ الطَّرِيق، مُحَرَّكةً: قَصْدُه) ومَتْنُه. وَيُقَال: هُوَ علَى {دَرَرِ الطَّرِيقِ، أَي على مَدْرَجَته. وَفِي الصّحاح: أَي على قَصْدِه، وهما على دَرَرٍ واحِدٍ، أَي قَصْد واحِدٍ،
(و) دَرَرُ (البَيْتِ: قُبَالَتُه) ، ودَارِي} بَدَررِ دَراِك، أَي بحِذَائها، إِذا تَقَابَلَتا. قَالَ ابنُ أَحْمَر:
كانَتْ مَنَاجِعَها الدَّهْنَا وجانِبُها
والقُفُّ ممّا تَرَاه فَوْقَه {دَرَرَا
(و) } دَرَرُ (الرِّيحِ: مَهَبُّهَا) .
(! ودَرٌّ: غَدِيرٌ بدِيَارِ بنِي سُلَيْم) يَبْقَى ماؤُه الرَّبيعَ كُلَّه، وَهُوَ بأَعْلَى النَّقِيعِ. قَالَت الخَنْسَاءُ:
أَلاَ يَا لَهْفَ نَفْسي بَعْدَ عَيْش
لنَا جُنُوِبِ {دَرَّ فذِى نَهِيقِ
(} والدَّرَّارَةُ: المِغْزَلُ) الَّذِي يَغْزِل بِهِ الرَّاعِي الصّوفَ. قَالَ:
جَحَنْفَلٌ يَغْزِل {بالدَّرَّارَة
(و) من الْمجَاز: (} أَدَرَّتِ) المرأَةُ (المغِزَلَ فَهِيَ {مُدِرَّةٌ} ومُدِرٌّ) ، الأَخِيرة على النّسَب، إِذا (فَتَلَتْه) فَتْلاً (شَدِيداً) فرأَيتَه (حتّى كأَنه واقِفٌ من) شِدّة (دَوَرَانِه) . وَفِي بعض نُسَخ الجَمْهَرة الموثوقِ بهَا: إِذا رَأَيْتَه وَاقِفًا لَا يَتَعرَّك من شِدَّة دَوَرَانِه. وَفِي حَدِيث عَمْرو بنِ العاصِ أَنه قَالَ لمُعاوِية: (ءَتَيْتُك وأَمرُك أَشَدّ انْفِضَاحاً من حُقِّ الكَهُولِ، فَمَا زِلْتُ أَرُمُّه حَتَّى تَركتُه مِثْلَ فَلْكَةِ {المُدِرِّ) . وَذكر القُتَيْبِيّ هاذا الحديثَ فغَلِط فِي لَفْظه وَمَعْنَاهُ. وحُقُّ الكَهُول: بَيْت العَنْكَبُوت. وأَما} المُدِرّ فَهُوَ الغَزَّال. وَيُقَال للمِغْزَل نَفسِها {الدَّرَّارةُ} والمِدَرَّةُ، وَقد {أَدَرَّت الغازِلةُ} دَرَّارَتَهَا، إِذا أَدَارَتْها لِتَسْتَحْكِم قُوَّةُ مَا تَغْزِله من قُطن أَو صُوف. وضَرَبَ فَلْكَة المُدِرِّ مَثَلاً لإِحكامه أَمرَه عد استِرخائه، واتِّسَاقه بعدَ اضْطِرَابه، وذالك لأَنَّ الغَزَّالَ لَا يأْلو إِحكاماً وتَثْبِتاً لفَلْكَةِ مِغْزَله، لِأَنَّهُ إِذا قَلِقَ لم تَدِرَّ الدَّرًّرَةُ.
قلْتُ: وأَمّا القُتَيْبِيّ فإِنّه فَسَّرَ المُدِرّ بالجَاريَة إِذا فَلَكَ ثَدْيَاهَا ودَرَّ فيهمَا الماءُ، يَقُول: كَانَ أَمرُك مُسْتَرخِياً فأَقَمْته حتَّى صَار كأَنَّه حَلَمَة ثَدْيٍ قد أَدَرَّ. والوَجْهُ الأَوَّلُ أَوْجَهُ.
(و) {أَدَرَّت (النّاقَةُ: دَرَّ لَبَنُها) فَهِيَ مُدِرُّ، وأَدرَّهَا فَصيلُها.
(و) } أَدَرّ (الشَّيْءَ: حَرّكَه) ، وَبِه فُسِّرَ بعضُ مَا وَردَ فِي الحَدِيث: (بَين عَيْنَيْه عِرْق {يُدرُّه الغَضبُ) أَي يُحَرِّكه.
(و) } أَدَرَّ (الرِّيحُ السَّحَابَ: جَلَبَتْه) ، هكاذا بالجِيم، وَفِي بَعْض النُّسَخ بالحاءِ، وَفِي اللِّسَان: والرِّيحُ {تُدِرُّ السَّحَابَ} وتَسْتَدِرُّه، أَي تَسْتَحْلِبُه. وَقَالَ الحادِرَةُ وَهُوَ قُطْبَةُ بنُ أَوْس الغَطَفَانِيّ:
كتاب فَكَأَنَّ فَاهَا بعدَ أَوَّلِ رَقْدةٍ
ثَغَبٌ بِرابِيَةٍ لَذِيذُ المَكْرَعِ
بغَرِيضِ سارِيَةٍ {أدرَّتْه الصَّبَا
من ماءِ أَسْحَرَ طَيِّبِ المُسْتَنْقَعِ
الغَرِيض: الماءُ الطَّرِيّ وَقْتَ نُزُولِه من السّحاب أَسْحَرُ: غَدِيرٌ حُرُّ الطِّينِ.
(} والدَّرِيرُ، كأَمِيرٍ: المُكْتَنِزُ الخَلْقِ المُقْتَدِر) من الأَفراس. قَالَ امرؤُ القَيْس:
{دَرِيرٌ كخُذْرُوفِ الوَلِيدِ أَمَرَّهُ
تَقَلُّبُ كَفَّيه بخَيْطٍ مُوَصَّلِ
وَقيل:} الدَّرِيرُ من الخَيْل: السَّرِيعُ مِنْهَا، (أَو السَّرِيعُ) العَدْوِ المُكْتَنِزُ الخَلْقِ (من) جميعِ (الدّوابّ) ، فَفِي حَدِيث أَبي قِلاَبَةَ: (صَلَّيْتُ الظُّهْرَ ثمَّ رَكِبْتُ حِمَاراً {دَرِيراً) .
(ونَاقةٌ} دَرُورٌ) (كصَبُور {ودَارٌّ: كَثِرَةُ} الدَّرّ) ، وضَرةَّ {دَرُورٌ، كذالك. قَالَ طَرَفَةُ:
مِنَ الزَّمِرَاتِ أَسْبَلَ قادِماهَا
وضَرَّتُهَا مُرَكَّنةٌ} درُورُ
(وإِبِلٌ {دُرُرٌ) ، بضَمَّتَيْن، (} ودُرَّرٌ) ، كسُكَّر، ( {ودُرَّارٌ) ، كرُمَّان، مثل كافِرٍ وكُفّار. قَالَ:
كَانَ ابنُ أَسْماءَ يَعْشُوهَا ويَصْبَحُهَا
مِن هَجْمَةٍ كفَسِيلِ النَّخْلِ} دُرّارِ
قَالَ ابنُ سِيدَه: وَعِنْدِي أَنّ {دُرَّاراً جَمْعُ} دَارَّةٍ، على طَرْح الهاءِ.
(! والدَّوْدَرَّى، كيَهْيَرَّى) ، أَي بفَتْح الأَوّل والثَّالِث وتَشْدِيد الرَّاء المَفْتُوحة، وَلَا يَخْفَى أَنَّ المَوْزُونَ بِهِ غَيْرُ مَعْروف: (الَّذِي يَذْهَبُ ويَجِيىءُ فِي غيرِ حاجَةٍ) ولمْ يُستَعْمل إِلاّ مَزِيداً، إِذ لَا يُعْرف فِي الْكَلَام مثل دُرَر.
(و) {الدَّوْدَرَّى: (الآدَرُ) : مَن بِهِ الأُدْرَةُ. (و) الدَّوْدَرَّى: (الطَّويلُ الخُصْيَتَيْنِ) ، وَفِي التَّهْذِيب: العَظِيمُهِما، وذَكَره فِي (د در) وَالصَّوَاب ذكره فِي (د رر) كَمَا للمُصنِّف، وأَنْشَد أَبو الهَيْثم:
لمّا رَأَتْ شَيْخاً لهَا} دَوْدَرَّى
فِي مِثْل خَيْطِ العِهِنِ المُعَرَّى
إذْ هُوَ من قَولهم: فَرسٌ {دَرِيرٌ، والدليلُ عَلَيْهِ قَوله:
(فِي مثْل خَيْطِ العِهِن المُعَرَّى) يريدُ بِهِ الخُذرُوفَ. والمُعَرَّى: (الَّذِي) جُعِلت لَهُ عُرْوةٌ.
(} كالدَّرْدَرَّى) ، بالراءِ بدل الواوِ، عَن الفَرَّاءِ، وَلم يقل بالوَاو.
( {والتَّدِرَّةُ: الدَّرُّ الغَزِيرُ) ، تَفْعِله من} الدَّرّ، وضبطَه الصّغانِيّ بضَمّ الدَّال من {التَّدُرَّةِ.
(} والدُّرْدُرُ، بالضَّمّ: مَغازِرُ أَسْنَانِ الصَّبِيِّ) ، وَالْجمع {الدَّرادِرُ، أَو هِيَ مَنْبِتُها عامَّةً. (أَو هِيَ) مَنْبِتُها (قَبْلَ نَباتِهَا وبعْدَ سُقُوطِها. و) من ذالك المَثَل ((أَعْيَيْتنِي بأُشُر فكَيْفَ) أَرجوك (} بِدُرْدُر)) .
قَالَ أَبو زيد: هاذا رَجُل يُخَاطِب امرأَتَه، (أَي لم تَقْبَل) ، هاكذا فِي النُّسخ. والصلأاب لم تَقْبَلِي (النُّصْحَ شَابًّا) ، هاكذا فِي النُّسخ، والصّواب وأَنتِ شَابَّة ذاتُ أُشُرفي ثَغْرِكِ (فكَيْفَ) الْآن (وقَدْ) أْنَنْتِ حتّى (بَدَتْ {دَرَادِرُك كِبَراً) ، وَهِي مَغَازِرُ الأَسْنَانِ.
ودَرِدَ الرَّجلُ إِذا سَقَطتْ أَسْنَانُه وظَهرَت} دَرَادِرُهَا. وَمثله: (أَعْيَيْتَنِي من شُبَّ إِلى دُبَّ) أَي من لَدُنْ شَبَبْتَ إِلى أَنْ دَبَبْتَ.
(و) يُقَال: لَجَّجُوا فوقَعُوا فِي (! الدُّرْدُور، بالضَّمّ) . قَالَ الجَوْهَرِيّ: الماءُ الَّذِي يَدورُ ويُخاف مِنْهُ الغَرَقُ. وَقَالَ الأَزهَرِيّ: هُوَ (مَوْضِعٌ) فِي (وَسَطِ البَحْر يَجِيشُ مَاؤُه) لَا تكَاد تَءْحلَم مِنْهُ السَّفِينَةُ.
(و) {الدَّرْدُور: اسْم (مَضِيق بساحِلِ بَحْرِ عُمَانَ) يخافُ مِنْهُ أَهلُ البَحْر.
(} وتَدَرْدَرَتِ اللَّحْمَةُ: اضْطَرَبَت) ، وَيُقَال للمَرْأَة إِذا كَانَت عظِيمةَ الأَلْيَتَينِ فإِذا مَشتْ رَجَفَتَا: هِيَ {تُدَرْدِرُ. وَفِي حديثِ ذِي الثُّدَيَّةِ الــمَقْتُول بالنَّهْرَوان (كَانَت لَهُ ثُدَيَّةٌ مثْل البَضْعةِ} تَدَرْدَرُ) أَي تَمَزْمَزُ وتَرَجْرَجُ: تَجِيءُ وتَذْهب، والأَصل {تَتَدَرْدَر، فَحذف إِحدَى التاءَين تَخْفِيفاً.
(} ودَرْدَرَ البُسْرَةَ) : دَلَكَهَا {بدُرْدُرِه و (لاَكَها) : وَمِنْه قَول بَعضِ العَرَب وَقد جاءَه الأَصْمَعِيّ: أَتَيْتَنِي وأَنَا} أُدَرْدِرُ بُسْرَةً.
( {واستَدَرَّت المِعْزَى: أَرادَتِ الفَحْلَ) ، قَالَ الأُمويّ: يُقَال للمِعْزَى إِذا أَرادَت الفَحْلَ قد} استدرَّت {اسْتِدْراراً وللضَّأْن قد استَوْبَلَت استِيبالاً. وَيُقَال أَيضاً استَذْرَت المِعْزَى استِذْرَاءً، من المعتلّ بالذَّال المُعْجَمَة.
(} والدَّرْدَارُ) ، كصَلْصال: (صَوْتُ الطَّبْلِ) ، كالدَّرْداب، نَقله الصَّغانيّ.
(و) {الدَّرْدَارُ: (شَجَرٌ) ، قَالَ الأَزْهَرِيُّ: ضَرْبٌ من الشَّجَر مَعْرُوفٌ.
قلْت: هُوَ شَجرةُ البَقّ تَخرُجُ مِنْهَا أَقماعٌ مُختلفة كالرُّمَّانات فِيهَا رُطُوبة تَصير بَقًّا، فإِذا انفقَأَت خَرَجَ البَقُّ. ورَرَقُه يُؤكل غَضًّا كالبُقُول، كَذَا فِي مِنْهَاج الدُّكَّان.
(} ودُرَيْرَاتٌ) ، مُصغَّراً، (ع) ، نَقله الصّغانِيّ. (ودُهْدُرَّيْن) بضَمِّ الأَوّل والثَّالث تَثْنِية دُهْدُرّ، يأْتي ذِكْرُه (فِي ده در) ، مُرَاعَاة لتَرْتِيب الحُرُوف، وَهُوَ الأَوْلَى والأَقربُ للمُراجعة، والجوهريّ أَوردَه هُنَا، والصّواب مَا لِلمُصَنِّف.وَمِمَّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ:
{اسْتَدْرَّ الحَلُوبَةَ: طلَبَ دَرَّهَا.
} والاستِدْرارُ أَيضاً: أَن تمْسَح الضَّرْعَ بيَدِك ثمّ {يَدِرّ اللَّبنُ.
} ودَرَّ الضَّرْعُ باللَّبَن {يَدُرُّ} دَرًّا، {ودَرَّت لِقْحَةُ الْمُسلمين وحَلُوبَتُهُم، يَعْنِي كَثُرَ فَيْؤُهم وخَرَاجُهم وَهُوَ مَجَاز. وَفِي وَصِيَّةِ عُمَر للعُمَّال (} أَدِرُّوا لِقْحَةَ الْمُسلمين) ، قَالَ الليثُ: أَراد خَرَاجَهم، فاسْتَعَارَ لَهُ اللقِّحقةَ {والدِّرَّة.
وَيُقَال للرَّجُل إِذا طَلَبَ حاجَةً فأَلَحَّ فِيهَا:} أَدِرَّهَا، وإِن أَبَتْ، أَي عالِجْها حتَّى {تَدِرَّ، يُكْنَى} بالدَّرِّ هُنَا عَن التَّيْسِير.
{ودُرُورُ العِرْق: تَتابُعُ ضَرَبَانِه كتَتَابُعِ} دُرُورِ العَدْوِ. وَفِي الحَدِيث: (بَيْنَهما عِرْق {يُدِرُّه الغَضَبُ) ، يَقُول: إِذا غَضبَ دَرَّ العِرْقُ الّذِي بَين الحاجبَين،} ودُرُورُه: غِلَظُه وامْتِلاؤُه. وَقَالَ ابْن الأَثير: أَي يَمتلىءُ دَماً إِذا غَضِبَ كَمَا يَمتلىءُ الضَّرعُ لَبَناً إِذا دَرَّ، وَهُوَ مَجاز.
وللسحاب {دِرَّةٌ، أَي صَبٌّ واندِفاقٌ، وَالْجمع درَرٌ. قَالَ النَّمِر بنُ تَوْلَب:
سَلامُ إِلالاهِ ورَيْحَانُهُ
ورَحمَتُهُ وسَماءٌ} دِرَرْ
غَمَامٌ يُنَزِّلُ رِزْقَ العِبَادِ
فأَحْيَا العِبَادَ وطَابَ الشَّجَرْ
سماءٌ {دِرَرٌ، أَي ذاتُ دِرَرٍ.
وَفِي حَدِيث الاسْتِسْقَاءِ (دِيمَاً} دِرَراً) : جمْع {دِرَّة. وَقيل:} الدِّرَرُ الدَارّ، كقَوْلِه تَعالى: {دِينًا قِيَمًا} أَي قَائِما.
وفَرسٌ {دَرِيرٌ: كَثِيرُ الجَرْيِ، وَهُوَ مجازٌ.
وللسَّاق} دِرَّةٌ: استِدرَارٌ للجَرْيِ.
وللسُّوقِ دِرَّةٌ، أَي نَفَاقٌ.
{ودَرَّ الشيْءُ، إِذا جُمِعَ، ودَرَّ إِذا عُمِلَ، ومرَّ الفَرسُ على} دِرَّتِه، إِذا كَانَ لَا يَثْنِيه شَيْءٌ، وفَرسٌ! مُسْتَدِرٌّ فِي عدْوِه، وَهُوَ مَجازٌ، وَقَالَ أَبو عُبَيدَةَ: {الإِدْرَارُ فِي الخَيل: أَنْ يُعْنِقَ فيرفَعَ يَداً وَيَضَعَها فِي الخَبَب.
} والدَّرْدَرة: حِكَاية صَوْتِ الماءِ إِذا اندفعَ فِي بُطُونِ الأَودِيَةِ. وأَيضاً دُعاءُ المِعْزَى إِلى الماءِ.
{وأَدرَرْتُ عَلَيْهِ الضَّرْبَ: تَابَعْتُه، وَهُوَ مَجاز.
} والدُّرْدُر، بالضّمّ: طَرَفُ اللِّسَان، وَقيل: أَصْلُه. هاكذا قَالَه بَعْضُهم فِي شرْح قَوْل الرَّاجِز:
أُقْسِم إِن لم تَأْتِنا {تَدَرْدَرُ
ليُقْطَعَنَّ مِن لِسَانٍ} دُرْدُرُ
وَالْمَعْرُوف مَغْرِزُ السِّنّ، كَمَا تَقَدَّمَ.
{ودَرَّت الدُّنْيا على أَهلِها: كَثُرَ خَيْرُها، وَهُوَ مَجاز، ورِزْق} دَارٌّ، أَي دائِمٌ لَا يَنقَطِع. وَيُقَال: {دَرَّ بِمَا عندَه، أَي أَخرَجه.
والفارسيّة} الدَّرِّيّة، بتَشْديد الراءِ والياءِ: اللُّغَة الفُصْحَى من لُغَات الفُرْس، منسوبة إِلى {دَرْ، بِفَتْح فَسُكُون، اسْم أَرض فِي شِيرازَ، أَو بمعنَى البابِ وأُرِيد بِهِ بابُ بَهْمَن بن اسفِنْدِيَار. وَقيل: بَهْرَام بن يزْدجِرد. وقِيل: كِسْرى أَنُوشِرْوَان. وَقد أَطال فِيهِ شَيْخُ شُيُوخِ مَشَايِخنَا الشِّهَاب أَحمدُ بن مُحَمَّدٍ العجَمِيّ، خاتِمَةُ المُحَدِّثين بِمصْر، فِي ذَءَحله على لُبِّ اللُّباب للسّيوطيّ، وأَورد شيخُنَا أَيضاً نقلا عَنهُ وَعَن غَيره، فَليُرَاجع فِي الشرْح.
} ودُرّانَةُ: من أَعلام النّساءِ، وكذالك {دُرْدَانةُ. وأَبو} دُرَّة بالضّمّ: قَرْيَة بِمصْر.

صَبر

(صَبر)
صبرا تجلد وَلم يجزع وانتظر فِي هدوء واطمئنان وَيُقَال صَبر على الْأَمر احتمله وَلم يجزع وَعنهُ حبس نَفسه عَنهُ وَنَفسه حَبسهَا وضبطها وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي} وَالْبر كومة صبرَة وَفُلَانًا حَبسه وَلَزِمَه
صَبر
: (صَبَرَهُ عنْهُ يَصْبِرُهُ) صبْراً: (حَبَسَهُ) ، قَالَ الحُطَيْئَةُ:
قلْتُ لَهَا أَصْبِرُهَا جاهِداً
وَيْحَكِ أَمْثَالُ طَرِيفٍ قَلِيلْ
(وصَبْرُ الإِنْسَانِ وغيرِه على القَتْلِ) : نَصْبُه عَلَيْهِ، وَقد نهَى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَن يُصْبَر الرُّوحُ، وَهُوَ (أَنْ يُحْبَس) حيّاً (ويُرْمَى) بشَيْءٍ (حتّى يَمُوت) .
وأَصلُ الصَّبْرِ: الحَبْسُ: وكلُّ منْ حَبَسَ شَيْئاً فقد صَبَرَه.
وَفِي حديثٍ آخرَ فِي رَجُل أَمْسك رجُلاً وقَتَلَه آخَرُ، فَقَالَ: (اقْتُلُوا القاتِلَ واصْبِرُوا الصّابِرَ) يَعنِي احبِسُوا الَّذِي حَبَسَه للمَوْتِ حتّى يَمُوتَ كفِعْلِه بِهِ (وَقد قَتَلَه صَبْراً) .
(و) قد (صَبَرَه عَلَيْهِ) ، وكذالك لَو حَبَسَ رَجُلٌ نَفْسَه على شَيْءٍ يُريدُه قَالَ: صَبَرْتُ نَفْسِي، قَالَ عَنْتَرَةُ يَذْكُرُ حَرْباً كَانَ فِيهَا:
فصَبَرْتُ عارِفَةً لذالك حُرَّةً
تَرْسُو إِذا نَفْسُ الجَبَانِ تَطلَّعُ
يقولُ: حَبَسْتُ نَفْساً صابِرَة، قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يَقُول: إِنّه فِي حَبَسَ نَفْسَهُ.
وكلُّ من قُتِلَ فِي غَيْرِ مَعْرَكَةٍ وَلَا حَرْبٍ وَلَا خطَإٍ فإِنّه مقْتُولٌ صَبْراً.
(ورَجُلٌ صَبُورَةٌ) ، بالهَاءِ: (مصْبُورٌ للقتْلِ) ، حَكَاهُ ثَعْلَبٌ، وَفِي الحَدِيث: نهى عَن المَصْبُورَةِ، وَهِي المحْبُوسَةُ على الموتِ. (و) قَالَ ابنُ سِيدَه: (يَمِينُ الصَّبْرِ: الَّتِي يُمْسِكُكَ الحكمُ عَلَيْها حَتَّى تَحْلِفَ) ، وَقد حَلَفَ صبْراً، أَنشد ثعلبٌ:
فأَوْجعِ الجَنْبَ وأَعْرِ الظَّهْرَا
أَوْ يُبْلِيَ اللَّهُ يَمِيناً صَبْراً
(أَو) هِيَ (الَّتِي تَلْزَمُ) لصاحبِها من جِهَةِ الحَكَمِ (ويُجْبَرُ عَلَيْهَا حالِفُها) ، بأَن يَحبِسَه السُّلطانُ عَلَيْهَا حتّى يَحْلِفَ بهَا، فَلَو حَلَفَ إِنسانٌ من غير إِحْلافٍ مَا قِيل: حَلَفَ صَبْراً.
وَيُقَال: أَصْبر الحَاكِمُ فُلاناً على يَمِينٍ صَبْراً، أَي أَكْرهَهُ.
(وصَبَرَ الرَّجُلَ) يَصْبِرُه: (لَزِمَهُ) .
(والمَصْبُورَةُ: اليَمِينُ) ، قيل لَهَا: مَصْبُورَةٌ، وإِن كَانَ صاحبُهَا فِي الحَقِيقَة هُوَ المصْبُورُ؛ لأَنّه إِنّما صُبِرَ من أَجْلِها، أَي حُبِس، فوُصِفَتْ بالصَّبْرِ، وأُضِيفَتْ إِليه مَجازاً.
(والصَّبْرُ: نَقِيضُ الجَزَعِ) .
يُقَال: (صَبَرَ) الرَّجلُ (يَصْبِرُ) صَبْراً (فَهُوَ صابِرٌ) وصَبَّارٌ (وصَبِيرٌ) ، كأَمِيرٍ، (وصَبُورٌ) ، والأُنْثَى (صَبُورٌ) أَيضاً، بِغَيْر هاءٍ، وَالْجمع صُبُرٌ.
وَقَالَ الجَوْهَرِيّ: الصَّبْرُ: حَبْسُ النَّفْسِ عندَ الجَزَعِ، وَقد صَبَرَ فلانٌ عِنْد المُصِيبَةِ يَصْبِرُ صَبْراً، وصَبَرْتُه أَنا: حَبَسْتُه، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم} (الْكَهْف: 28) ، أَي احْبِسْ نفْسَكَ مَعَهم.
وَفِي البصائر للمصنّف: الصَّبْرُ فِي اللُّغَةِ: الحَبْسُ والكَفُّ فِي ضِيق، وَمِنْه قيل: فُلانٌ صُبِر، إِذا أُمْسِك وحُبِسَ للقَتْلِ، فالصَّبْرُ: حَبْسُ النَّفْسِ عَن الجَزَعِ، وحَبْسُ اللّسَانِ عَن الشَّكْوَى، وحبْسُ الجوارِحِ عَن التَّشْوِيشِ.
وَقَالَ ذُو النُّون: الصَّبْرُ: التّبَاعُدُ عَن المُخَالفَاتِ، والسُّكُونُ عندَ تجَرُّعِ غُصصِ البَلِيّاتِ، وإِظْهَارُ الغِنى مَعَ طُولِ الفقْرِ بسَاحاتِ المَعِيشَةِ.
وَقيل: الصَّبْرُ: الوُقُوف مَعَ البَلاءِ بحُسْنِ الأَدَبِ.
وَقيل: هُوَ الفَنَاءُ فِي البَلْوى بِلَا ظُهورِ شكْوى.
وَقيل: إِلْزامُ النَّفْسِ الهُجُومَ على المكَارِه.
وَقَالَ عَمْرُو بنُ عُثْمَان: هُوَ الثَّبَاتُ مَعَ اللَّهِ، وتَلقِّي بَلائِه بالرّحْبِ والسَّعَةِ.
وَقَالَ الخَوّاصُ: هُوَ الثَّبَاتُ على أَحكامِ الكِتَابِ والسُّنَّة.
وَقيل: الصَّبْرُ: أَنْ تَرْضَى بتَلَفِ نَفْسِكَ فِي رِضَا من تُحِبّه.
وَقَالَ الحَرِيرِيّ: الصَّبْرُ: أَن لَا يَفْرِقَ بينَ حَالِ النِّعْمَةِ وحالِ المِحْنَةِ، مَعَ سكونِ الخاطِرِ فيهمَا.
(وتَصَبَّر) الرَّجلُ (واصْطَبَرَ) : جعَلَ لَهُ صَبْراً، (واصَّبَرَ) ، بقلبِ الطّاءِ صاداً، وَلَا تَقول: اطَّبر، لأَنّ الصّادَ لَا تُدْغَمُ فِي الطَّاءِ.
وَقيل: التَّصَبُّرُ: تَكَلُّفُ الصَّبْرِ، وَمِنْه قَولُ عُمَر: أَفْضَلُ الصَّبْرِ التَّصَبُّرُ، قَالَه ابنُ الأَعرابيّ.
وَقيل: مَراتِبُ الصَّبْرِ خَمْسةٌ: صابِرٌ، ومُصْطَبِرٌ، ومُتَصَبِّرٌ، وصَبُورٌ، وصَبَّارٌ.
فالصّابِرُ: أَعمُّها، والمُصْطَبِرُ المُكْتسِبُ للصَّبْر المُبْتلي بِهِ.
والمُتَصَبِّرُ: مُتَكَلِّفُ الصَّبْرِ حامِلُ نَفْسِه عَلَيْهِ.
والصَّبُورُ: العَظِيمُ الصَّبْرِ الَّذِي صبْرُه أَشدُّ من صَبْرِ غيرِه.
والصَّبّارُ: الشَّدِيدُ الصَّبْرِ.
فهاذا فِي القَدْرِ والكَمّ، وَالَّذِي قبله فِي الوَصْفِ والكَيْفِ.
(وأَصْبرَه: أَمَرَه بالصَّبْرِ، كصَبَّرهُ) تصْبِيراً.
وَقَالَ الصاغانيّ: صَبَّرْتُه تَصْبِيراً: طَلَبْتُ مِنْهُ أَن يصْبِر.
(و) أَصْبَرَه: (جَعَلَ لَهُ صَبْراً) ، كاصْطَبَره. (وصَبَرَ بِهِ، كنَصَرَ) ، يَصْبُرُ (صَبْراً وصَبارَةً) ، بالفَتْح فيهمَا، أَي (كَفَلَ) بِهِ، (و) تقولُ مِنْهُ: (اصْبُرْنِي) يَا رجُل، (كانْصُرْنِي) ، أَي (أَعْطِنِي كفِيلاً) .
(و) هُوَ بِهِ صَبِيرٌ، (الصَّبِيرُ) كأَمِيرٍ: (الكَفِيلُ) ، وَقد جاءَ فِي حديثِ الحَسنِ: مَنْ أَسْلَفَ سَلَفاً فَلَا يَأْخُذَنَّ بهِ رَهْناً وَلَا صَبِيراً.
(و) الصَّبِيرُ، أَيضاً: (مُقدَّمُ القَوْمِ) ، وزَعِيمُهُم، الذِي يَصْبرُ لَهُم ومعَهُم (فِي أُمُورِهِمْ) .
(و) الصَّبِيرُ: (الجَبَلُ) ، قَالَه الصّاغانيّ: وَقيل: هُوَ جَبَلٌ بعَيْنِه، وَقد جاءَ ذِكْرُه فِي حَدِيثِ مُعاذٍ.
(ج: صُبَرَاءُ) ككُرَماءَ.
(و) الصَّبِيرُ: (السَّحابَة البَيْضاءُ، أَو الكَثيفَةُ الَّتِي فَوْق السّحابَةِ، أَو) هُوَ السَّحابُ الأَبيضُ (الَّذِي يَصِيرُ بَعْضُه فَوق بعضٍ) ، درجاً، قَالَ يَصِفُ جَيْشاً:
ككِرْفِئَةِ الغَيْثِ ذاتِ الصَّبِير
قَالَ ابنُ بَرِّيّ: هاذا الصَّدْرُ يحْتَمل أَن يكون صَدراً لِبَيتِ عامِرِ بنِ جُوَيْنٍ الطّائِيّ من أَبيات:
وجارِيَةٍ من بَنَاتِ المُلُو
كِ قَعْقَعْتُ بالخَيْلِ خَلْخَالَهَا
ككِرْفِئَةِ الغَيْثِ ذاتِ الصَّبِي
رِ تَأْتِي السَّحاب وتَأْتَا لهَا
قَالَ: أَي رُبَّ جارِيةٍ من بَناتِ المُلُوكِ قَعْقَعْتُ خَلْخَالها لمّا أَغرْتُ عَلَيْهِم، فهَرَبَتْ وعَدَتْ، فسُمِع صَوتُ خَلْخالِهَا، وَلم تكن قَبْلَ لَك تَعْدُو، وَقَوله: ككِرْفِئَةِ. . الخ، أَي هاذِه الْجَارِيَة كالسَّحابَةِ البيضاءِ الكثيفة تأْتِي السَّحَاب أَي تقصد إِلى جُمْلَةِ السَّحاب وتَأْتَالُه، أَي تُصْلِحُه، وأَصله تَأْتَوِلُه مِن الأَولِ، وَهُوَ الإِصلاحُ.
قَالَ: وَيحْتَمل أَن يكون: (ككِرْفِئَةِ الغَيْثِ. .) ، للخَنْساءِ، وعَجُزُه:
تَرْمِي السَّحابَ ويَرْمِي لَهَا
وَقَبله:
ورَجْرَاجةٍ فَوْقَهَا بَيْضُهَا
علَيْهَا المُضَاعَفُ زِفْنَا لَهَا
قلْتُ: وقرأْت فِي زَوَائِدِ الأَمالي، لأَبِي عليَ القالِي هاذا البَيتَ فِي جملةِ أَبياتٍ للخَنْساءِ رَثَتْ بهَا أَخاها وأَولها:
أَلاَ مَا لِعَيْنَيْكَ أَمْ مالَها
لقدْ أَخْضَلَ الدَّمْعُ سِرْبَالَها
(أَو القِطْعَةُ الوَاقِفَةُ مِنْهَا) تَراهَا كأَنَّهَا مَصْبورَة، أَي مَحْبُوسة، وهاذا ضعيفٌ.
قَالَ أَبو حنيفَة: الصَّبِيرُ: السَّحاب يَثْبُتُ يَوْمًا وَلَيْلَة، وَلَا يَبْرَحُ، كأَنَّه يُصْبرُ، أَي يُحْبَسُ.
(أَو) هُوَ (السَّحابُ الأَبْيَضُ) ، لَا يكَاد يُمْطِرُ، قَالَ رُشَيْدُ بنُ رُمَيْضٍ العَنَزِيّ:
تَرُوحُ إِلَيْهِمُ عَكَرٌ تَرَاغَى
كأَنَّ دَوِيَّهَا رَعْدُ الصَّبِيرِ
والجَمْعُ كالواحِدِ، وَقيل: (ج: صُبُرٌ) ، بضمّتين، قَالَ ساعدَةُ بنُ جُؤَيَّةَ:
فارِمِ بِهِمْ لِيَّةَ والأَخْلافَا
جَوْزَ النُّعَامَى صُبُراً خِفَافَا
(و) الصَّبِيرُ صَبِيرُ الخِوانِ، وَهُوَ (الرُّقَاقَةُ العَرِيضَةُ تُبْسَطُ تَحْتَ مَا يُؤْكَلُ من الطَّعَامِ) .
(أَو) هِيَ (رُقَاقَةٌ يَغْرِفُ عَلَيْها) الخبّازُ (طَعَامَ العُرْسِ، كالصَّبِيرَةِ) ، بزيادةِ الهاءِ، وَقد أَصْبَرَ، كَمَا سيأْتي.
(والأَصْبِرَةُ من الغَنَمِ والإِبِلِ: الَّتِي تَرُوحُ وتَغْدُو) علَى أَهْلِها (وَلَا تَعْزُبُ) عَنْهُم، (بِلَا واحِدٍ) ، قَالَ ابنُ سَيّده: وَلم أَسْمَعْ لَهَا بوَاحِدٍ، ورُوِيَ بَيْتُ عَنْترةَ:
لَهَا بالصَّيْفِ أَصْبِرَةٌ وجُلٌّ
وسِتٌّ من كَرَائِمِهَا غِزَارُ (والصِّبْرُ، بِالْكَسْرِ والضّمّ: ناحِيةُ الشَّيْءِ) ، وجانِبُه، وبُصْرُه مثْلُه، (و) هُوَ (حَرْفُه) وغِلظُه.
وَقيل: صُبْرُ الشيْءِ: أَعلاه، وَفِي حديثِ ابنِ مَسْعُودٍ: سِدْرَةُ المُنْتَهَى صُبْرُ الجَنَّةِ، أَي أَعلاها، أَي أَعْلى نَواحِيهَا، قَالَ النَّمِرُ بنُ تَوْلَب يصف روْضَةً:
عَزَبَتْ وباكَرَها الشَّتِيُّ بدِيمةٍ
وَطْفَاءَ تَمْلَؤُهَا إِلى أَصْبَارِها
(و) قَالَ الفَرَّاءُ: الصِّبْرُ، والصُّبْرُ: (السَّحَابَةُ البَيْضَاءُ، ج: أَصْبَارٌ) .
(و) الصُّبْرُ (بالضَّمّ: بَطْنٌ مِنْ غَسّانَ) ، قَالَ الأَخْطلُ:
فسَائِلِ الصُّبْرَ مِنْ غَسّانَ إِذْ حضَرُوا
والحزْنَ كيْفَ قَرَاكَ الغِلْمَةُ الجشَرُ
الصُّبْرُ والحَزْنُ: قَبِيلَتَانِ، وَقد تقدّم تفسيرُ البيتِ فِي جشر.
(و) الصَّبرُ: (بالتَّحْرِيكِ: الجمَدُ) ، والقِطْعَةُ صبرَةٌ، أَورده الصّاغانيّ، وَزَاد الزَّمَخْشَرِيّ فَقَالَ: هُوَ من أَصْبَرَ الشيْءُ: إِذا اشْتَدّ.
(و) يُقَال: (مَلأَ) المِكْيالَ إِلى أَصْبَارِه، وأَدْهَقَ (الكَأْس إِلى أَصْبَارِها، أَي) إِلى أَعالِيها و (رَأْسِها) .
وأَصْبارُ الإِنَاءِ: نَوَاحِيه.
(و) يُقَال: (أَخَذَه بأَصْبارِه) ، أَي تامّاً (بجَمِيعِه) .
وَقَالَ الأَصمَعِيّ: إِذا لَقِيَ الرجلُ الشِّدَّةَ بكَمَالِها قيل: لَقِيَهَا بأَصْبَارِهَا.
(والصُّبْرَةُ، بالضَّمّ: مَا جُمِعَ من الطَّعَامِ بِلَا كَيْلٍ ووَزْنٍ) ، بعضُه فَوْقَ بعض.
وَقَالَ الجَوْهَرِيّ: الصُّبْرَةُ: واحِدَةُ صُبِرَ الطَّعَامِ، يُقَال: اشتريتُ الشيءَ صُبْرَةً، أَي بِلَا وَزْنٍ وَلَا كَيْلٍ. والصُّبْرَةُ: الكُدْسُ، (وَقد صَبَّرُوا طَعَامَهُمْ) : جَعَلوه صُبْرَةً.
(و) الصُّبْرَةُ: (الطَّعَامُ المَنْخُولُ) بشيْءٍ شَبِيهٍ بالسَّرَنْدِ.
(و) الصُّبْرَةُ: (الحِجَارَةُ الغَلِيظَةُ المُجْتَمِعَة، ج: صِبَارٌ) ، بِالْكَسْرِ.
(والصُّبْرُ، بالضَّمِّ وبِضَمِّتَيْنِ) لُغَة عَن كُرَاع: (الأَرْضُ ذاتُ الحَصْبَاءِ) ، وَلَيْسَت بغَلِيظَةٍ، وَمِنْه قيل للحَرَّةِ: أُمُّ صَبَّارٍ.
(والصّبَارَةُ: الحِجَارَةُ) ، وَقيل: الحِجارَةُ المُلْسُ ويُثلَّث قَالَ الأَعشى:
مَنْ مُبْلغٌ شَيْبَانَ أَنّ
المَرْءَ لَمْ يُخْلَقْ صُبَارَهْ
وَفِي الصّحاح:
مَنْ مُبْلِغٌ عَمْراً بأَنّ
المَرْءَ لَمْ يُخْلَقْ صُبَارَه
واستشهدَ بِهِ الأَزهريّ أَيضاً، ويُرْوَى صَبَارَة، بِفَتْح الصَّاد جمعُ صَبَارٍ، والهاءُ داخلةٌ لجَمْعِ الجَمْع، لأَنّ الصِّبَارَ جمعُ صُبْرَة، وَهِي حِجَارَةٌ شَدِيدَةٌ.
قَالَ ابنُ بَرِّيّ: وصوابُه: لم يُخْلَقُ صِبَارَهْ، بِكَسْر الصَّاد، قَالَ: وأَمّا صُبَارَةُ وصَبَارَةُ، فَلَيْسَ بجَمْعٍ لصَبْرَةٍ، لأَنّ فَعَالاً لَيْسَ من أَبْنِيَةِ الجُمُوع، وإِنما ذالك فِعَالٌ، بالكَسْر، نَحْو حِجَارٍ وجِبَالٍ.
قَالَ ابنُ بَرِّيّ: البَيْتُ لعَمْرِو بنِ مِلْقَطٍ الطّائِيّ، يُخَاطِبُ بهاذا الشِّعْرِ عَمْرَو بنَ هِنْد، وَكَانَ عمْرُو بنُ هِنْد قُتِلَ لَهُ أَخٌ عنْد زُرارَةَ بنِ عُدُسٍ الدّارِمِيّ، وَكَانَ بَين عَمْرِو بنِ مِلْقَطٍ، وَبَين زُرَارَةَ شَرٌّ، فحرّض عمْرَو بنَ هِنْد على بني دَارِمٍ. يَقُول: لَيْسَ الإِنسانُ بحَجَرٍ فيَصْبِرَ على مِثْلِ هاذا، وَبعد البَيت:
وحَوَادِثُ الأَيّامِ لَا
يَبْقَى لَهَا إِلاّ الحِجَارَهْ
هَا إِنَّ عِجْزَةَ أُمِّهِ
بالسَّفْحِ أَسْفَلَ من أُوَارَهْ تَسْفِي الرِّيَاحُ خِلالَ كَشْ
حَيْهِ وَقد سَلَبُوا إِزَارَهْ
فاقْتُلْ زُرَارَةَ لَا أَرَى
فِي القَوْمِ أَوْفَى من زُرَارَهْ
(و) قيل: الصَّبَارَةُ: (قِطْعَةٌ من حَدِيدٍ أَو حِجَارَةٍ) .
(و) الصَّبَارَّةُ، (بتشديدِ الرّاءِ: شِدَّةُ البَرْدِ، وَقد تُخَفّف، كالصَّبْرَةِ) ، بِفَتْح فَسُكُون، التَّخْفِيف عَن اللِّحْيَانِيّ يُقَال: أَتَيْتُه فِي صَبَارَّةِ الشِّتَاءِ، أَي فِي شِدَّة البرْدِ، وَفِي حَدِيث عليّ، رَضِي الله عَنهُ: قُلْتُم: هاذِه صَبَارَّةُ القُرِّ، هِيَ شِدَّةُ البَرْد، كحَمَارَّةِ القَيْظِ.
(و) يُقَال: سَلَكُوا (أُمّ صَبّارٍ) ككَتّان، (و) وَقَعُوا فِي (أُمِّ صَبُّورٍ) ، كتَنُّورٍ، أَي (الحَرّ) ، هاكذا فِي النّسخ الَّتِي بأَيدِينا، وَهُوَ خطأٌ، وَالصَّوَاب الحَرَّة، كَمَا فِي المُحْكَم والتَّهْذِيبِ والتَّكْمِلَة، مُشْتَقٌّ من الصُّبُرِ الَّتِي هِيَ الأَرْضُ ذاتُ الحَصْباءِ، أَو من الصُّبَارَة، وخَصَّ بعضُهم بِهِ الرَّجْلاءَ مِنْهَا، (والدَّاهِيَةُ) ، فَفِي كَلَام المُصَنّف لَفٌّ ونَشْرٌ مرَتَّب.
قَالَ ابنُ بَرّيّ: ذكر أَبُو عُمَر الزّاهِد أَنّ أُمَّ صَبّارٍ الحَرَّةُ.
وَقَالَ الفَزَارِيّ: هِيَ حَرَّةُ لَيْلَى وَحَرَّةُ النّار، قَالَ: والشّاهِدُ لذالك قولُ النّابِغَةِ:
تُدَافِعُ النّاسَ عنْهَا حِينَ يَرْكَبُهَا
مِنَ المَظالِمِ يُدْعَى أُمَّ صَبَّارِ
أَي تَدْفَعُ الناسَ عَنْهَا، فلاَ سَبِيلَ لأَحَدٍ إِلى غَزْوِنَا؛ لأَنَّهَا تَمنَعُهم من ذالك؛ لكَوْنِهَا غَلِيظَةً لَا تَطَؤُهَا الخَيْلُ، وَلَا يُغَار علينا فِيهَا، وَقَوله: من المَظَالِمِ جَمْع مُظْلِمَة، أَي حَرَّة سَوْدَاء مُظْلِمَة.
وَقَالَ ابنُ السِّكِّيت فِي كتاب الأَلفاظ، فِي بَاب الِاخْتِلَاط والشَّرّ يَقع بَين القومِ: وتُدْعَى الحَرَّةُ والهَضْبَةُ أُمّ صَبَّارٍ.
ورُوِيَ عَن ابنِ شُمَيْل أَنَّ أُمَّ صَبّارٍ هِيَ الصَّفَاةُ لَا يَحِيكُ فِيهَا شَيْءٌ، قَالَ: وأَمّا أُمُّ صَبُّورٍ، فَقَالَ أَبو عَمْرٍ والشَّيْبَانِيّ: هِيَ الهَضْبَةُ الَّتِي لَيْسَ لَهَا مَنْفَذٌ، يُقَال: وَقَعَ القَوْمُ فِي أُمِّ صَبُّور، أَي فِي أَمْرٍ مُلْتَبِسٍ شَديدٍ، لَيْسَ لَهُ مَنْفَذٌ، كهاذِه الهَضْبَةِ الَّتِي لَا مَنْفَذَ لَهَا وأَنْشَدَ لأَبِي الغَرِيبِ النَّصْرِيّ:
أَوْقَعَهُ اللَّهُ بسوءِ فِعْلِه
فِي أُمِّ صَبُّورٍ فأَوْدَى ونَشِبْ
(و) قيل: أُمُّ صَبّارٍ، وأُم صَبُّورٍ، كِلْتَاهما الدّاهِيَةُ، و (الحَرْبُ الشَّدِيدَةُ) وَفِي الْمُحكم: يُقَال: وَقَعُوا فِي أُمِّ صَبّار وأُمِّ صَبُّور، قَالَ: هاكذا قرأْتُه فِي الأَلفاظ: صَبُّور، بالبَاءِ، قَالَ: وَفِي بعضِ النُّسَخِ أُمُّ صَيُّور، كأَنّها مُشْتَقَّة من الصِّيَارَةِ، وهِيَ الحِجَارَةُ.
(والصَّبِرُ، ككَتِفٍ) ، هاذا الدَّوَاءُ المُرُّ (وَلَا يُسَكَّنُ إِلاّ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ) ، قَالَ الرّاجز:
أَمَرَّ مِنْ صَبْرٍ ومَقرٍ وحُضَضّ
كَذَا فِي الصّحاح، وَفِي الْحَاشِيَة: الحُضَضُ: الخُولانُ، وَقيل: هُوَ بِظاءَيْنِ، وَقيل: بضَادٍ وظَاءٍ، قَالَ ابنُ بَرِّيّ: صوابُ إِنشادِه: أَمَرَّ، بِالنّصب، وأَورَدَه بظاءَيْن؛ لأَنّه يَصِفُ حَيّة، وقبلَه:
أَرْقَشَ ظَمْآنَ إِذَا عُصْرَ لَفَظْ
قَالَ شَيخنَا: على أَن التَّسْكِينَ حَكَاهُ ابنُ السَّيِّد فِي كتاب الفَرْقِ لَهُ، وَزَاد: ومِنْهُم من يُلْقِي حركَةَ الباءِ على الصادِ، فَيَقُول: صِبْر بِالْكَسْرِ، قَالَ الشَّاعِر:
تَعَزَّبْتُ عَنْهَا كارِهاً فتَرَكْتُهَا
وَكَانَ فِراقِيها أَمَرَّ من الصِّبْرِ
ثمَّ قَالَ: والصِّبْر بِالْكَسْرِ لُغَة فِي الصَّبرِ، وَذكر مثلَه فِي كتاب المُثلّث لَهُ، وصَرّح بِهِ فِي المِصْباحِ، وذكرَهُ غيرُ واحدٍ انْتهى.
وَفِي المُحْكَم: الصَّبِرُ: (عُصارَةُ شَجَرٍ مُرَ) ، الْوَاحِدَة صَبِرَةُ، وَجمعه صُبُورٌ، قَالَ الفَرَزْدَقُ:
يَا ابنَ الخَلِيَّةِ إِنَّ حَرْبِي مُرَّةٌ
فِيهَا مَذاقَةُ حَنْظَلٍ وصُبُورِ
وَقَالَ أَبو حَنيفة: نباتُ الصَّبِر كنَباتِ السَّوْسَنِ الأَخْضَرِ، غير أَنّ وَرَقَ الصَّبِر أَطولُ وأَعرضُ وأَثْخَنُ كثيرا، وَهُوَ كثيرُ الماءِ جدّاً.
وَقَالَ اللَّيْثُ: الصَّبِرُ، بِكَسْر الباءِ: عُصَارَةُ شَجَرٍ وَرَقُها كقُرُبِ السّكاكين طِوَالُ غِلاظٌ، فِي خُضْرَتِها غُبْرَة وكُمْدَةٌ، مقْشَعِرَّةُ المَنْظَرِ، يَخْرُج من وَسطِهَا ساقٌ عَلَيْهِ نَوْرٌ أَصفَرُ تَمِهُ الرّيحِ، قلْت: وأَجْوَدُه السُّقُطْرِيّ وَيعرف أَيضاً بالصَّبّارَة.
(و) صَبِرٌ، ككَتِفٍ: (جَبَلٌ) من جِبَالِ اليَمَنِ (مُطِلٌّ عَلَى تَعِزَّ) المدينَةِ المشْهُورَة بهَا.
(ولَقِيطُ بنُ عَامِرِ بنِ صَبِرَةَ) ، بِكَسْر الباءِ: (صَحابِيٌّ) وافدُ بني المُنْتَفِقِ، لَهُ حديثٌ فِي الوضوءِ، وَيُقَال: هُوَ لَقِيطُ بنُ صَبِرَةَ والدُ عاصِمٍ، حِجَازِيّ.
(و) الصِّبَارُ: (ككِتَابٍ: السِّدَادُ) ، وَيُقَال للسِّدَادِ: القعولة والبُلْبُلَةُ والعُرْعُرَةُ.
(و) الصِّبَارُ أَيضاً: (المُصَابَرَةُ) ، وَقد صابَرَ مُصَابَرَةً وصِبَاراً.
وَقَالَ المُصَنِّفُ فِي البصائر فِي قَوْله تَعَالَى: {اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ} (آل عمرَان: 200) ، انتقالٌ من الأَدْنَى إِلى الأَعْلَى، فالصَّبْرُ دُونَ المُصَابَرَة، والمُصَابَرَةُ دونَ المُرابَطَةِ، وَقيل: اصْبِرُوا بنُفُوسِكُم وصابِرُوا بقلوبِكُم على البَلْوَى فِي اللَّهِ، ورابِطُوا بأَسْرَارِكُم على الشَّوْقِ إِلى اللَّهِ، وَقيل: اصْبِرُوا فِي اللَّهِ وصابِرُوا باللَّهِ، ورابِطُوا مَعَ اللَّهِ.
(و) الصِّبَار: (حَمْلُ شَجَرَةٍ حامِضَةٍ) .
(و) الصُّبارُ: (كغُرَابٍ، ورُمّانٍ) : حَمْلُ شَجَرَةٍ شَدِيدَةِ الحُمُوضَة، أَشَدّ حُموضَةً من المَصْلِ، لَهُ عَجَمٌ أَحْمَرُ عَرِيضٌ يُجْلَبُ من الهِنْدِ، يُقَال لَهُ: (التَّمْرُ الهِنْدِيُّ) ، وَهُوَ الَّذِي يُتَداوَى بِهِ، ويُقَال لشَجَرِه: الحُمَرُ، مثل صُرَد.
(وأَبُو صُبَيْرَةَ، كجُهَيْنَةَ: طائِرٌ أَحْمَرُ البَطْنِ أَسودُ الظَّهْرِ والرَّأَسِ والذَّنَبِ) ، هاكذا فِي التكملة، وَفِي اللِّسَان: طائِر أَحْمَرُ البَطْنِ أَسودُ الرأْسِ والجَنَاحَيْن، والذَّنَبِ، وسائرُه أَحْمَرُ.
(وأَصْبَرَ) الرَّجُلُ: (أَكَلَ الصَّبِيرَةَ) وَهِي الرُّقَاقَةُ الَّتِي تَقَدّم ذِكْرُهَا، قَالَه ابنُ الأَعرابِيّ.
(و) أَصْبَرَ، إِذَا (وَقَعَ فِي أُمِّ صَبُّور) ، وَهِي الدَّاهِيَةُ أَو الأَمْرُ الشَّدِيدُ، وكذالك إِذا وَقَعَ فِي أُمِّ صَبّار، وَهِي الحَرَّةُ.
(و) أَصْبَرَ: (قَعَدَ على الصَّبِيرِ) ، وَهُوَ الجَبَلُ.
(و) أَصْبَرَ: (سَدَّ رَأْسَ الحَوْجَلَةِ بالصِّبَارِ) وَهُوَ السِّدَاد.
(و) أَصْبَرَ (اللَّبَنُ) ، إِذا (اشْتَدَّتْ حُمُوضتُه إِلى المَرَارَةِ) ، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي كتابِ اللَّبَنِ: المُمَقَّرُ والمُصَبَّر: الشديدُ الحُمُوضَةِ إِلى المَرَارَةِ، قالَ أَبو حاتِم: اشْتُقّا من الصَّبِر والمَقِرِ، وهما مُرّانِ.
(و) فِي حديثِ ابْن عبّاس فِي قَوْله عزّ وجلّ: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَآء} (هود: 7) ، قَالَ: كانَ يَصْعَدُ إِلى السَّماءِ بُخَارٌ من الماءِ فاسْتَصْبَرَ فعادَ صَبِيراً. (اسْتَصْبَرَ) أَي (اسْتَكْثَفَ) وتَرَاكَم فصارَ سَحَاباً فذالك قَوْله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآء وَهِىَ دُخَانٌ} (فصلت: 11) ، الصَّبِيرُ: سَحَابٌ أَبيضُ مُتَكَاثِفٌ، يَعْنِي تَكَاثَفَ البُخَارُ: وتَرَاكَمَ فصارَ سَحَاباً.
(والاصْطِبَارُ: الاقْتِصَاصُ) ، وَفِي حَدِيث عَمّار حِين ضَرَبَه عُثْمانُ، فلمّا عُوتِبَ فِي ضَرْبِه إِيّاه قَالَ: (هاذِه يَدِي لِعَمَّارٍ فلْيَصْطَبِرْ) مَعْنَاهُ فَلْيَقْتَصَّ. يُقَال: صَبَرَ فُلانٌ فُلاناً لوَلِيّ فلانٍ، أَي حَبَسَه، وأَصْبَرَه أَي أَقَصَّهُ مِنْهُ فاصْطَبَر، أَي اقْتَصَّ.
وَقَالَ الأَحمرُ: أَقادَ السلطانُ فلَانا، وأَقَصَّهُ وأَصبَرَه بِمَعْنى واحدٍ، إِذَا قَتَلَه بقَوَدٍ، وَفِي الحَدِيث: (أَنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وسلمطَعَنَ إِنْسَاناً بقَضِيبٍ مُدَاعَبَةً، فَقَالَ لَهُ: اصْبِرْنِي، قَالَ: اصْطَبِرْ) أَي: أَقِدْنِي من نَفْسِك، قَالَ: اسْتَقِدْ، يُقَال: صَبَرَ فُلانٌ من خَصْمِه، واصْطَبَرَ، أَي اقْتَصَّ مِنْهُ، وأَصْبَرَه الحاكِمُ، أَي أَقَصَّه من خَصْمِه.
(وصَبَّرَه: طَلَبَ مِنْهُ أَن يَصْبِر) ، كَذَا فِي التكملة.
(والصَّبُورُ) : من أَسْمَاءِ الله تَعَالَى، وَفِي الحَدِيثِ: (إِنّ اللَّهَ تَعالَى قَالَ: إِنِّي أَنَا الصَّبُورُ) ، قَالَ أَبو إِسحاق: الصَّبُورُ فِي صِفَةِ اللَّهِ عَزّ وجَلّ: (الحَلِيمُ الَّذِي لَا يُعَاجِلُ العُصَاةَ بالنِّقْمَةِ، بل يَعْفُو، أَو يُؤَخِّرُ) ، وَهُوَ من أَبْنِيَة المُبَالَغَةِ، والفَرْقُ بَينه وَبَين الحَلِيم أَنَّ المُذْنِبَ لَا يَأْمَنُ العُقُوبَةَ كَمَا يأْمَنُهَا فِي صِفَةِ الحَلِيم.
(و) الصَّبُورُ: (فَرَسُ نافِعِ بنِ جَبَلَة) الحَدَلِيّ.
(و) الصَّبْر: الجَراءَةُ، وَمِنْه قَوْله تَعالَى: (مَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النّار) ، هاكذا فِي سَائِر النُّسخ، وَالصَّوَاب: {فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} (الْبَقَرَة: 175) ، (أَي مَا أَجْرَأَهُم) على أَعمالِ أَهلِ النّار (أَو مَا أَعْمَلَهُم بعَمَلِ أَهلِهَا) ، القَوْل الثَّانِي فِي التكملة.
(وشَهْرُ الصَّبْرِ: شَهْرُ الصَّوْمِ) ، وَمِنْه الحَدِيث: (مَن سَرَّهُ أَنْ يَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنْ وَحَرِ صَدْرِه فليَصُمْ شَهْرَ الصَّبْر وثَلاثةَ أَيام من كلِّ شَهْرٍ) ، وأَصْلُ الصّبْرِ: الحَبْسُ، وسُمِّيَ الصَّوْمُ صَبْراً؛ لما فِيهِ من حَبْسِ النَّفْسِ عَن الطَّعَام والشَّرَابِ والنِّكَاحِ.
(و) الصَّبَّارَةُ، (كجَبَّانَة: الأَرْضُ الغَلِيظَةُ المُشْرِفَةُ الشَّأْسَةُ) ، لَا نَبْتَ فِيهَا، وَلَا تُنْبِتُ شَيْئا، وَقيل: هِيَ أُم صَبّارٍ.
(وسَمَّوْا صابِراً) كنَاصِرٍ، مِنْهُم: أَبو عَمْرٍ ومحمَّدُ بنُ محمّد بن صابِر الصّابِرِيّ، نُسِبَ إِلى جَدِّه، وَآخَرُونَ.
(وصَبِرَةَ، بكسرِ الباءِ) ، مِنْهُم عامِرُ بنُ صَبِرَةَ الصّحَابِيّ الَّذِي تقدَّم ذِكْرُه، وسَمَّوْا أَيضاً صبيرةَ.
(وأَمّا قولُ الجَوْهَرِيّ: الصَّبَارُ) ، أَي كسَحاب: (جَمْعُ صَبْرَةٍ) ، بِفَتْح فَسُكُون (وَهِي الحِجَارَةُ الشَّدِيدَةُ) ، قَالَ الأَعشى:
قُبَيْلَ الصُّبْحِ أَصْوَاتُ الصَّبَارِ
فغَلَطٌ، (والصَّوابُ فِي اللُّغَة و) فِي (البَيْتِ) أَصْواتُ (الصِّيَار، بالكَسْرِ، والياءِ) التَّحْتِيّة (وَهُوَ صَوْتُ الصَّنْجِ) ذِي الأَوْتَارِ (والبَيْتُ ليسَ للأَعْشَى) كَمَا ظَنَّه (وصَدْرُه) :
كَأَنَّ تَرَنُّمَ الهَاجاتِ فِيهَا
هاذا نَصّ الصّاغانيّ فِي التكملة، وكأَن المُصَنّف قلَّدَه فِي تَغْلِيطِ الجَوْهَرِيّ، والهَاجَاتُ: الضّفادِعُ، وعَلى قَوْلِ الجَوْهَرِيّ: شَبَّهَ نَقِيقَ الضَّفادِعِ فِي هاذِه العَيْنِ بوَقْعِ الحِجَارَةِ، وَهُوَ صَحِيح، ونقلَه صاحبُ المُحْكَمِ هاكذا، وسلَّمَه، ونَسب البَيْتَ للأَعشَى، وَقَالَ: الصَّبْرَةُ من الحِجَارَة: مَا اشتَدَّ وغَلُظَ، وجَمْعُهَا الصَّبَار. وسيأْتي فِي صير.
وَقَالَ شيخُنَا: كلامُ الجَوْهَرِيّ فِي هاذا البَيْت مَرْبوطٌ ببَيْتٍ آخَرَ جاءَ بِهِ شاهِداً على غيرِ هاذا ولابنِ بَرّيْ فِيهِ كَلامٌ غيرُ محرَّرٍ، قلَّده المصنِّف فِي ذالك فأَوْرَدَ الكلامَ مختَصَراً مُبْهَماً، فلْيُحَرّر، انْتهى.
قلْت: وكأَنّه يُشيرُ إِلى قَول الأَعشى المتقدِّم ذِكْرُه:
مَن مُبْلِغٌ شَيْبَانَ أَنّ
المَرْءَ لَمْ يُخْلِقْ صَبَارَهْ
وقولُ ابنِ بَرِّيّ: وصوابُه بكسْرِ الصَّاد، قَالَ: وأَما صُبَارَةُ وصَبَارَةُ، فَلَيْسَ بجمْعٍ لصَبْرَةٍ؛ لأَنَّ فَعَالاً لَيْسَ من أَبْنِيَةِ الجُمُوعِ، وإِنما ذالِك فِعَالٌ، بالكسرِ، نَحْو حِجَارٍ وجِبَالٍ، وأَنّ البيتَ لعَمْرِو بنِ مِلقَطٍ الطّائِيّ وَقد تَقَدّم بيانُه، فهاذا تحريرُ هاذا المَقَام الذِي أَشارَ لَهُ شيخُنا، فتَأَمَّلّ.
(وصَابِرٌ، سِكَّةٌ بمَرْوَ) . ظاهِرُ أَنه كناصِر، وضَبَطَه الحافِظُ فِي التَّبْصِيرِ بِفَتْح الموحَّدَةِ، وَقَالَ: مِنْهَا أَبو الْمَعَالِي يُوسُفُ بنُ مُحَمّدٍ الفُقَيْمِيّ الصابِريّ، سمِعَ مِنْهُ أَبو سَعْد بنِ السَّمْعَانِيّ.
(والصَّبْرَةُ، بالفَتْح) ذِكْرُ الفَتْحِ مُسْتَدْرَكٌ: (مَا تَلَبَّدَ فِي الحَوْضِ من البَوْلِ والسِّرْقِينِ والبَعَرِ) .
(و) الصَّبْرَةُ (من الشِّتَاءِ: وَسَطُه) . وَقد تَقَدَّم فِي كَلَام المصنِّف، ويُقَال لَهَا أَيضاً: الصَّوْبَرَةُ.
(و) صَبْرَة، (بِلا لَام: د، بالمَغْرِبِ) قَرِيبٌ من القَيْرَوان.
(والصُّنْبُورُ) ، بالضَّمّ، (يأْتِي) ذكره فِي النُّون (إِنْ شاءَ اللَّهُ تَعَالَى) .
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ:
الصُّبَارَةُ من السَّحَابِ كالصَّبِيرِ.
وصَبَرَهُ: أَوْثَقَه.
وأَصْبَرَهُ القَاضِي: أَقَصَّهُ من خَصْمِه.
وَفِي الحَدِيث: (وإِنَّ عندَ رِجْلَيْهِ قَرَظاً مَصْبُوراً) ، أَي مجموعاً قد جُعِلَ صُبْرَةً كصُبْرَة الطَّعَامِ.
وَفِي الحَدِيث: (من فَعَلَ كَذَا وَكَذَا كَانَ لَهُ خَيْراً من صَبِيرٍ ذَهَباً) ، قَالُوا: هُوَ اسمُ جَبَلٍ باليَمَن، وَفِي بعض الرّوايات: (مثل صِير) بالصَّاد الْمَكْسُورَة والتحتيّة، وَهُوَ جَبَلٌ لطَيِّىءٍ، قَالَ ابنُ الأَثير: جاءَت هاذِه الكلمةُ فِي حَدِيثَيْن لعَلِيَ ومُعَاذٍ، أَما حَدِيث عليّ فَهُوَ: صِيرٌ، وأَما رِوَايَة مُعَاذٍ: فصَبِيرٌ، قَالَ: كَذَا فَرَّق بَينهمَا بعضُهُم، قلت: وسيأْتي فِي صير.
وَفِي الحَدِيث: (نَهَى عَن صَبْرِ ذِي الرُّوحِ) ، وَهُوَ الخِصَاءُ.
وَمن المَجاز: صَبَرْتُ يَمِينَه، إِذا حَلَّفْتَه جَهْدَ القَسَمِ، ويَمِينٌ مَصْبُورَةٌ، وبَدَنِي لَا يَصْبِرُ على البَرْدِ وهاذَا شَجَرٌ لَا يَضُرُّهُ البَرْدُ. وَهُوَ صابِرٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَصْبَرُ على الضَّرْبِ من الأَرْضِ. كَذَا فِي الأَساس.
والصّابُورَةُ: مَا يُوضَعُ فِي بَطْنِ المَرْكبِ من الثِّقْلِ.
والصّابِرُ: لَقَبُ عليِّ ابْن أُخْتِ الشيخِ فَرِيدِ الدّينِ العمريّ أَحد مشايِخ الجشية، صَاحب التآليفِ والكرامات.
ولقبُ عَليِّ بنِ عَليِّ بنِ أَحْمَدَ الشَّرْنُوبِيّ، جَدِّ شيخِنا يُوسُفَ بنِ عليَ أَحدِ شُيوخنا فِي البرهمانيَّة.
والصُّبَيْرَةُ، مُصَغَّراً: ناحِيَةٌ شامِيّة.
وَبلا لَام: موضِعٌ آخر.
وَالْقَاضِي أَبو بَكْر مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الرحمانِ بنِ صُبْر البغداديّ، بالضَّمِّ، فقيهٌ حنفيٌ، مَاتَ سنة 380.
وَفِي تَمِيمٍ: صُبَيْرَةُ بنُ يَرْبُوع بنِ حَنْظَلَةَ، قَالَ ابنُ الكَلْبِيّ: مِنْهُم قَطَنُ بنُ رَبِيعَةَ بنِ أَبي سَلمَةَ بن صُبَيْرَة شاعرُ بني يَرْبُوع.
وَمن شيوخِ أَبي عُبَيْدَة رَيّانُ الصُّبَيْرِيّ.

خَمس

خَمس
الخَمْسَةُ من العَدَدِ: م، معروفٌ، وَهُوَ بالهاءِ فِي المُذَكِّر، وبغَيْرِهَا فِي المُؤَنَّثِ، يُقَال: خَمْسَةُ رِجَالٍ، وخَمْسُ نِسْوَةٍ. قالَ ابنُ السِّكِّيتِ: يُقَال: صُمْناً خَمْساً من الشَّهْر، فيُغَلِّبُونَ اللَّيَالِيَ على الأَيّامِ إِذا لم يَذْكُرُوا الأَيّام، وإِنَّما يَقَعُ الصِّيَامِ لأَن لَيْلَةَ كلِّ يومٍ قَبْلَه، فَإِذا أَظْهَرُوا الأَيّامَ، قالُوا: صُمْنَا خَمْسَةَ أَيّامٍ، وكذلِك: أَقَمْنَا عِنْدَه عَشْراً، بَيْنَ يَوْمٍ وليلةٍ، غَلَّبوا التَّأْنِيثَ.
والْخَامِي: الخامِسُ، إِبْدَالٌ. يُقَال: جاءَ فلانٌ خامِساً وخامِياً. وأَنشد ابْن السِّكِّيت لِلْحادِرَة:
(كَمْ لِلْمَنَازِلِ مِنْ شَهْرٍ وأَعْوَامِ ... بِالْمُنْحَنَى بَيْنَ أَنْهَارٍ وآجَامِ)

(مَضَى ثَلاثُ سِنِينَ مُنْذُ حُلَّ بِهَا ... وعامَ حُلَّتْ وَهَذَا التابِعُ الخَامِي)
وثَوْبٌ مَخْمُوسٌ، ورُمْحٌ مَخْمُوسٌ، وخَمِيسٌ: طُولُه خَمْسُ أَذْرُعٍ، وَكَذَا ثَوْبٌ خُمَاسِيٌّ. قالَ: عَبِيدٌ يذْكُرُ ناقَتَه:
(هَاتِيكَ تَحْمِلُنِي وأَبْيَضَ صارِماً ... ومُذَرَّباً فِي مَارِنٍ مَخْمُوسِ)
يَعْنِي رُمْحاً طُولُ مَارِنِه خَمْسُ أَذْرُعٍ. وَفِي حديثِ مُعاذٍ: ائْتُونِي بِخَمِيسٍ أَوْ لَبِيسٍ آخذُهُ منكُم فِي الصَّدَقّةِ الخَمِيسُ: هُوَ الثَّوْبُ الَّذِي طُولُه خَمْسُ أَذْرُعٍ، كأَنَّه يَعْنِي الصَّغِيرَ من الثِّيابِ، مثل: جَرِيحٍ ومَجْرُوح، وقَتِيلٍ ومَقْتُولٍ. وحَبْلٌ مَخْمُوسٌ، أَي من خَمْسِ قُوىً. وَقد خَمَسَهُ يَخْمِسُه خَمْساً: فَتَلَهُ على خَمْسِ قُوىً. وخَمَسْتُهُمْ أَخْمُسُهُم، بالضَّمِّ: أَخَذْتُ خُمْسَ أَموالِهِم. والخَمْسُ: أَخْذُ وَاحدٍ من خَمْسَةٍ. وَمِنْه قولُ عَدِيِّ بنِ حاتِمٍ رَبَعْتُ فِي الجاهِلِيَّةِ، وخَمَسْتُ فِي الإِسْلامِ. أَي قُدْت الجَيْشَ فِي الحالَيْنِ لأَنّ الأَميرَ فِي الجاهِليَّةِ كانَ يَأْخذُ الرُّبُعَ من الغَنِيمَةِ، وجاءَ الإِسْلامُ فجعَلَه الخُمُسَ، وجَعَلَ لَهُ مَصَارِف، فيكُونُ حينئذٍ من قَوْلهم: رَبَعْتُ القَوْمَ وخَمَسْتُهُمْ، مُخَفَّفاً، إِذا أَخَذْتَ رُبْعَ أَموالهِم وخُمُسَها، وَكَذَلِكَ إِلَى العَشَرَةِ. وخَمَسْتُهم أَخْمِسُهم، بالكَسْرِ: كُنْتُ خامِسَهُمْ. أَو خَمَسْتُهُم أَخْمِسُهُم: كَمَّلْتُهُم خَمْسَةً بنفْسي. وَقد تقدَّم بحثُ ذلِك فِي ع. ش ر.)
ويَوْمُ الخَمِيسِ، من أَيَّام الأُسْبُوعِ، م، معروفٌ، وإِنَّمَا أَرادُوا الخَامِسَ، ولكِنَّهم خَصُّوهُ بِهَذَا البِنَاءِ، كَمَا خَصَّوا النَّجْمَ بالدَّبَرَانِ. قَالَ اللَّحْيَانِيُّ: كانَ أَبو زَيْدٍ يقُولُ: مَضَى الخَمِيسُ بِمَا فِيه، فيُفْرِدُ ويُذَكِّرُ. وَكَانَ أَبو الجَرَّاحِ يَقُول: مَضَى الخَمِيسُ بِمَا فِيهِن، فيَجْمَع ويُؤَنِّث، ويُخْرِجُه مُخْرِجَ العَددِ. ج أَخْمِسَاءُ وأَخْمِسَةٌ وأَخامِسُ. حُكِيَتِ الأَخِيرَةُ عَن الفَرَّاءِ.
والخَمِيسُ: الجَيْشُ الجَرَّارُ، وقيلَ: الخَشنُ. وَفِي المُحْكَم: سُمِّيَ بذلك، لأَنَّهُ خَمْسُ فِرَقٍ: المُقَدِّمة.
والقَلْبُ والمَيْمَنَةُ، والمَيْسَرةُ، والسَّاقَةُ. وَهَذَا القولُ الَّذِي عَلَيْهِ أَكثرُ الأَئمَّةِ، وَقيل: سُمِّيَ بذلِك لأَنه يُخْمَّسُ فِيهِ الغَنَائِمُ. نَقَلَهُ ابنُ سِيدَه، ونَظَرَ فِيهِ شَيخُنَا قَائِلا بأَنَّ التَّخْمِيسَ للغَنَائِمِ أَمْرٌ شَرْعِيٌّ والخَمِيسُ مَوْضُوعٌ قدِيمٌ.
والخَمِيسُ: سمٌ تَسَمَّوْا بِهِ كَمَا تَسَمَّوْا بِجُمْعَةَ. ويُقَالُ: مَا أَدْرِي أَيُّ خَمِيسِ الناسِ هُو، أَيْ، أَيُّ جَمَاعَتِهِمْ. نَقَلَه الصّاغانِيُّ عنِ ابْن عَبَّادٍ. وخَمِيسُ بنُ عليٍّ الحَوْزِيُّ الحافِظُ أَبو كَرَمٍ الواسِطِيُّ النَّحْوِي شيخُ أَبِي طاهِرٍ السِّلَفِيّ، إِلَى الحُوْزَة مَحَلَّة شَرْقِيَّ وَاسِطَ. وَقد تقدَّم ومُوَفَّقُ الدِّينِ أَبو البَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ القاسِمِ بن خَمِيسٍ المَوْصِلِيّ، مُحَدِّثان، الأَخِيرُ عَن أَبي نَصْرِ ابنِ عبدِ الباقِي بن طَوْقٍ، وغيرِه، وَهُوَ من مَشَايِخِ الخَطِيبِ عبدِ اللهِ ابنِ أَحْمَدَ الطُّوسِيِّ، صاحِبِ رَوْضَة الأَخْبَارِ. والخِمْسُ، بالكَسْرِ: مِن أظْمَاءِ الإِبِلِ وهِي، كَذَا فِي النُّسَخ، والصّوابُ: وَهُوَ، وسَقَطَ ذَلِك منَ الصّحاح: أَنْ تَرْعَى ثَلاَثَةَ أَيّامٍ وتَرِدَ اليومَ الرابِعَ، وَلَو حَذَفَ كلِمَةَ اليومَ الرابِعَ، وَلَو حَذَفَ كلِمَةَ وَهِي لأَصَابُ. وَهِي إِبلٌ خَامِسَةٌ وخَوَامِسُ، وَقد خَمَسَتْ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الخِمْسُ: شُرْبُ الإِبِلِ يَوْمَ الرابِعِ مِن يَوْم صَدَرَتْ لأَنَّهُمْ يَحْسُبُونَ يومَ الصَّدَرِ فِيهِ، وَقد غلَّطَه الأَزْهَرِيُّ، وَقَالَ لَا يُحْسَبُ يَوْمَ الصَّدَرِ فِي وِرْدِ النَّعَمِ. قلتُ: وَقَالَ أَبو سَهْل الخَوْلِيُّ: الصَّحِيحُ فِي الخِمْسِ من أَظْمَاءِ الإِبل: أَن تَرِدَ الإِبِلُ الماءَ يَوْمًا فتَشْرَبهَ، ثمَّ تَرْعَى ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، ثمّ تَرِدَ الماءَ اليومَ الخامِسَ، فيَحْسُبُون اليومَ الأَوّلَ والآخِرَ اليَوميْنِ اللَّذَيْنِ شَرِبَتْ فيهمَا، ومثلُه قولُ أَبِي زَكَرِيَّا. والخِمْسُ: اسمُ رَجُلٍ ومَلِكٍ باليَمَنْ، وَهُوَ أَوَّلُ مَن عُمِلَ لَهُ البُرْدُ المَعْرُوفُ بالخِمْسِ، نُسِبَتْ إِليه. وسُمِّيَتْ بِهِ، ويُقال لَهَا أَيضاً: خَمِيسٌ، قَالَ الأَعْشَى يصفُ الأَرْضَ:
(يَوْماً تَرَاهَا كَشِبْهِ أَرْدِيَةِ الْ ... خِمْسِ ويَوْماً أَدِيمَها نَغِلاَ)
وَكَانَ أَبو عَمْروٍ يقولُ: إِنما قيلَ للثَّوْبِ: خَمِيسٌ لأَنَّ أَوَّلَ مَن عَمِلَهُ مَلِكُ باليَمن يُقَالُ لَهُ: الخِمْسُ، بالكَسْر، أَمَرَ بعَمَلِ هذِه الثِّيَابِ فنُسِبَتْ إِليه، وَبِه فُسِّر حَدِيثُ مُعَاذٍ السابقُ. قَالَ ابْن)
الأَثِيرِ: وجاءَ فِي البُخَارِيّ ِ خَمِيص، بالصَّادِ، قَالَ: فإِنْ صَحَّت الرِّوايَةُ فيكونُ اسْتَعارَها للثَّوْبِ.
وَقد أَهْمَلَه المَصنِّفُ عندَ ذِكْرِ الخَمِيسِ، وَهُوَ مُسْتَدْرَكٌ عَلَيْه.
وَقَالَ الأَزْهَرِيُّ: فَلاةٌ خِمْسٌ، إِذَا انْتَاطَ مَاؤُهَا حتّى يكُونَ وِرْدُ النَّعَمِ اليومَ الرَّابِعَ، سِوَى اليومِ الَّذِي شَرِبَتْ وصَدَرَتْ فِيهِ. هَكَذَا سَاقه فِي ذِكْرِه على اللَّيْثِ، كَمَا تَقَدَّم قَريباً. يُقَال: هُمَا فِي بُرْدَةٍ أَخْمَاسٍ، أَي تَقَارَبَا واجْتَمَعَا واصْطَلَحَا. وأَنْشَدَ ابنُ السِّكَّيتِ:
(صَيَّرَنِي جُودُ يَدَيْهِ ومَنْ ... أَهْوَاه فِي بُرْدَةِ أَخْمَاسِ)
فسَّرَه ثَعْلَبٌ، فَقَالَ: قَرَّبَ مَا بَيْنَنا حَتَّى كأَنّي وَهُوَ فِي خَمْسِ أَذْرُعٍ. وَقَالَ الأَزْهَرِيّ، وتَبِعَه الصّاغانِيُّ: كأَنَّهُ اشْتَرَى لَهُ جَارِيَةً، أَو ساقَ مَهْرَ امْرَأَتِه عَنهُ.
وَقَالَ ابنُ السِّكَّيتِ يُقَالُ فِي مَثَلٍ: لَيْتَنَا فِي بُرْدَةٍ أَخْمَاسٍ أَي لَيْتَنَا تَقَارَبْنَا. ويُرَادُ بأَخْمَاسٍ، أَي طُولُها خَمْسَةُ أَشْبَارٍ. أَو يُقَالُ ذَلك إِذا فَعَلاَ فِعْلاً وَاحِداً لاشْتِباهِهِما. قَالَه ابنُ الأَعْرَابِيّ. وَمن أَمْثَالِهِم: يَضْرِبُ أَخْمَاساً لأَسْدَاسٍ، أَي يَسْعَى فِي المَكْرِ والخَدِيعَةِ. وأَصْلُه من أَظْمَاءِ الإِبل، ثمّ ضُرِبَ مَثَلاً للَّذِي يُرَوِاغ صاحِبَه ويُرِيه أَنَّهُ يُطِيعُه. كَذَا فِي اللِّسَانِ. وقِيلَ: يُضْرَب لمَنْ يُظْهِر شَيْئاً ويُرِيدُ غَيْرَه، وَهُوَ مأْخوذٌ من قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ، ونَصُّه: قَالُوا: ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لأَسْداسٍ. يُقَال للَّذي يُقَدِّمُ الأَمْرَ يُرِيدُ بِهِ غَيرَه فيَأْتِيه من أَوَّلهِ، فيَعْمَلُ رُوَيْدا ً رَوَيْداً. وَقَوله: لأَنَّ إِلى آخِره، مأْخوذٌ من قَوِلِ أَبِي عُبَيْدَةَ، ونَصَّه: قَالُوا: ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لأَسْداسٍ يُقَال للَّذي يُقَدِّمُ الأَمْرَ يُرِيدُ بِهِ غَيرَه فيَأْتِيه من أَوَّلهِ، فيَعْمَلُ رُوَيْداً رُوَيْداً. وَقَوله: لأَنَّ إِلَى آخِره، مأْخوذٌ من قَوْلِ رَاوِيةِ الكُمَيْتِ، ونَصُّه: أَنَّ الرَّجُلَ إِذا أَرادَ سَفَراً بَعِيداً عَوَّدَ إِبِلَهُ أَنْ تَشْرَبَ خِمْساً سِدْساً، حَتَّى إِذا دَفَعَتْ فِي السَّيْرِ صَبَرَتْ. إِلَى هُنَا نَصُّ عبارَةِ رَاوِيَةِ الكُمَيتِ. وضَرَبَ بمعْنَى: بَيَّنَ، أَي يُظْهِر أَخْماساً لأَجْلِ أَسْداسٍ، أَي رَقَّى إِبِلَه من الخِمْس إِلَى السِّدْس. وَهُوَ معنَى قَوْلِ الجَوْهَرِيّ: وأَصْلُه من أَظْمَاءِ الإِبل.
وَقَالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: العَرَبُ تَقُولُ لمَنْ خاتَلَ: ضَرَبَ أَخْمَاساً لأَسْدَاسٍ. وأَصْلُ ذلِكَ أَنَّ شَيْخاً كانَ فِي إِبلهِ ومَعَهُ أَولادُه رِجالاً يَرْعَوْنَهَا، قد طالَتْ غُرْبَتُهُم عَن أَهْلِهِم، فَقَالَ لَهُم ذاتَ يومٍ: ارْعَوْا إِبِلَكم رِبْعاً، فرَعَوْا رِبْعاً نَحْوَ طرِيقِ أَهْلِهِم، فقالُوا لَهُ: لَو رَعَيْنَاها خِمْساً: فزادوا يَوْمًا قِبَلَ أَهلِهِم فقالُوا: لَو رَعَيْنَاها سِدْساً: فَفطَنَ الشيخُ لِمَا يُرِيدُون فقالَ: مَا أنْتُم إِلاّ ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لأَسْداسٍ، مَا هِمَّتُكم رَعْيُهَا، إِنَّمَا هِمَّتُكُم أَهْلُكُم، وأَنشَأً يقولُ:)
(وذلِكَ ضَرْبُ أَخْمَاسٍ أُرَاهُ ... لأَسْدَاسٍ عَسَى أَلاّ تَكُونَا)
وأَخَذَ الكُمَيْتُ هَذَا البيتَ لأَنَّه مَثَلٌ فَقَالَ:
(وذلِكَ ضَرْبُ أَخْمَاسٍ أُرِيدَتْ ... لأَسْداسٍ عَسَى أَلاّ تَكُونَا)
وأَنشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ لرَجُلٍ من طَيِّيءٍ:
(فِي مَوْعِدٍ قالَه لِي ثُمّ أَخْلَفَهُ ... غَداً غَداً أَخْمَاسٍ لأَسْداسِ)
وَقَالَ خُرَيْمُ بنُ فاتِكٍ الأَسَدِيّ:
(لكِنْ رُمَوْكُمْ بشَيخٍ مِن ذَوِي يَمَنٍ ... لم يَدْرِ مَا ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لأَسْدَاسِ) ونَقَلَ ابنُ السِّكِّيتِ عَن أَبِي عُمْروٍ، عِنْد إِنْشَادِ قولِ الكُمَيْتِ: هَذَا كقَولك: شَشْ بَنْجْ، يَعْنِي يُظْهِر خَمْسَة ويُرِيدُ سِتَّةً. ونَقلَ شَيْخُنا عَن المَيْدَانِيِّ وغيرِه، قالُوا ضَرَبَ أَخْماسَه فِي أَسْداسِه أَي صَرَف حَوَاسَّه الخَمْسَ فِي جِهَاتِه السِّتِّ، كِنايةً عَن استِجْمَاعِ الفِكْرِ للنَّظَرِ فِيمَا يُرَادُ، وصَرْفِ النَّظَرِ فِي الوُجُوه. والخُمْسُ بالضّمّ، وَبِه قرأَ الخِليلُ: فَأَنَّ للهِ خُمَسهُ وبضَمَّتَيْنِ، وكذلِك الخَمِيسُ، وعَلى مَا نَقَلَه ابنُ الأَنْبَارِيّ من اللُّغَوِيِّين، يَطَّرِدُ ذلِك فِي جَمِيعِ هذِه الكُسُورِ، فِيمَا عَدَا الثَّلِيث. كَذَا قرأْته فِي مُعْجَم الْحَافِظ الدِّمْيَاطِيِّ، فَهُوَ مُسْتَدْرَكٌ عَلَى المُصَنِّفِ: جُزْءٌ من خَمْسَةٍ والجَمْعُ: أَخْمَاسٌ. وجَاءُوا خُمَاسَ ومَخْمَسَ، أَي خَمْسَةً خَمْسَةً، كَمَا قَالُوا: ثُنَاءَ ومَثْنَى، ورُباعَ ومَرْبَعَ. وخَمَاسَاءُ، كَبَراكَاءَ: ع، وَهُوَ فِي اللِّسَان فِي ح م. س، وَذكره الصاغانِيُّ هَا هُنَا.
وأَخْمَسُوا: صَارُوا خَمْسَةً. وأَخْمَسَ الرَّجُلُ: وَرَدَتْ إِبِلُه خِمَساً. ويقَال لصاحِبِ تِلْكَ الإِبِل: مُخْمِسٌ. وأَنْشَدَ أَبُو عَمْرِو بنُ العَلاءِ لامْرئِ القَيْسِ:
(يُثِيرُ ويُبْدِي تُرْبَهَا ويَهِيلُهُ ... إِثارَةَ نَبَّاثِ الهَوَاجِرِ مُخْمِسِ)
وخَمَّسَهُ تَخْمِيساً: جَعَلَه ذَا خَمْسِة أَرْكَانٍ. وَمِنْه المَخَمَّسُ من الشِّعْرِ: مَا كانَ على خَمْسَةِ أَجْزَاءٍ، وليسَ ذلِك فِي وَضْعِ العَرُوِض. وَقَالَ أَبُو إِسحاق: إِذا اخْتَلَطت القَوَافِي فَهُوَ المُخَمَّس. وَقَالَ ابنُ شُمَيْلٍ: غُلامُ خُمَاسِيٌّ ورُبَاعِيٌّ: طالَ خَمْسَةَ أَشْبَارٍ، وأَرْبعةَ أَشْبَارٍ، وإِنّمَا يُقَال: خُمَاسِيّ ورُبَاعِيٌّ فيمَن يَزْدَادُ طُولاً، وَيُقَال فِي الثَّوْب: سُبَاعِيٌّ. وقالَ اللَّيْثُ: الخُمَاسِيُّ، والخُمَاسِيَّةُ من الوَصائفِ: مَا كَانَ طُولُه خَمْسَة أشْبَارٍ. قَالَ: وَلَا يُقَال: سُدَاسِيٌّ وَلَا سُبَاعِيٌّ إِذا بَلَغَ سِتَّةَ أَشْبَارٍ وسَبْعَةً. وقالَ غَيرُه: وَلَا فِي غَيْرِ الخَمْسَةِ لأَنّه إِذا بَلَغَ سِتَّةَ أَشْبَارٍ فَهُوَ رَجُلٌ. وَفِي اللِّسَان: إِذا بَلَغ سَبْعَةَ أَشْبَارٍ صَار رَجُلاً.)
وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: الخَمْسُونَ من العَدد مَعْرُوف. وقولُ الشّاعِرِ، فِيمَا أَنْشَدَه الكِسَائِيُّ وحكاهُ عَنهُ الفَرّاءُ:
(فِيمَ قَتَلْتُمْ رَجُلاً تَعَمُّدَا ... مُذْ سَنَةٌ وخَمِسُونَ عَدَدَا)
بكسرِ الميمِ من خَمسُون لأَنَّه احتاجَ إِلى حَرَكَةِ الميمِ لإِقامَةِ الوَزْنِ، وَلم يَفْتَحْها لِئَلاَّ يُوهِمَ أَنَّ الفَتْحَ أَصْلُهَا. وَفِي التَّهْذِيبِ: كَسَرَ الميمَ من خَمسُون، والكلامُ خَمْسُون، كَمَا قَالُوا: خَمْسَ عَشِرَةَ، بِكَسْر الشينِ. وقالَ الفَرَّاءُ: رَوَاهُ غيرُه بفتحِ المِيمِ، بَنَاهُ على خَمَسَةٍ وخَمَسَاتٍ. وجَمْعُ الخِمْسِ من أَظْماءِ الإِبل: أَخْمَاسٌ: قَالَ سِيبَوَيْه: لم يُجَاوَزْ بِهِ هَذَا الْبناء. ويُقَال: خِمْسٌ بَصْبَاصٌ، وقَعْقَاعٌ، وحَثْحَاثٌ، إِذا لم يَكُنْ فِي سَيْرِها إِلَى الماءِ وَتِيرَةٌ وَلَا فُتُورٌ لبُعْدِه. قالَ العَجّاجُ: خِمْسٌ كحَبْلِ الشَّعَرِ المُنْحَتِّ مَا فِي انطلاقِ رَكْبِهِ مِنْ أَمْتِ أَي خِمسْ أَجْرَدُ كالحَبْلِ المُنْجَرِدِ من أَمْت: من اعْوِجَاجٍ. والتَّخْمِيسُ فِي سَقْيِ الأَرْضِ: السَّقْيَةُ الَّتِي بَعْدَ التَّرْبِيعِ. وحَكَى ثَعْلَبٌ، عَن ابنِ الأَعْرَابِيِّ: لَا تَكُ خَمِيسِيًّا أَي مِمَّنْ يَصُومُ الخَمِيسَ وَحْدَه. وأَخْمَاسُ البَصْرةِ خَمْسَة، فالخُمسُ الأَوَّلُ: العالِيَةُ: والثانِي: بَكْرُ بنُ وَائِلٍ، والثالِثُ: تَمِيمٌ، والرابِعُ: عَبْدُ القَيْسِ، والخَامِسُ: الأَزْدُ. والخِمْسُ، بالكَسْرِ: قَبِيلةٌ، أَنْشَدَ ثَعْلَب: عاذَتْ تَمِيمُ بِأَحْفَى الخِمْسِ إِذْ لَقِيتْ إِحْدَى القَنَاطِرِ لَا يُمْشَى لَهَا الخَمَرُ والقَنَاطِرُ: الدَّواهِي. وابنُ الخِمْسِ: رَجُلٌ.
وقَوْلُ شَبِيبِ بنِ عَوَانَةَ:
(عَقِيلَةُ دَلاَّهُ لِلَحْدِ ضَرِيحِهِ ... وأَثْوابُه يَبْرُقْنَ والخِمْسُ مَائحُ)
عَقِيلَةُ والخِمْسُ: رَجُلانِ. وَفِي حَدِيثِ الحَجَّاجِ أَنَّه سأَلَ الشَّعْبِيَّ عَن المُخَمَّسةِ، قَالَ: هِيَ مسأَلةٌ مِنَ الفَرَائِضِ اخْتَلَفَ فِيهَا خَمْسَةٌ من الصَّحَابَةِ، عليٌّ، وعثمانُ، وابنُ مَسْعُودٍ، وزَيدٌ، وابنُ عَبّاسٍ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم. وَهِي أَمَّ وأُخْتٌ وجَدٌّ. ومُنْيَةُ الخَمِيسِ، كأَمِير: قَريةٌ صغيرَةٌ من أَعمالِ المَنْصُورةِ، وَقد دَخلتُها، وَمِنْهَا شَيْخُ مشايخِنَا شِهَابُ الدِّين أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ محمَّدٍ الخَمِيسِيُّ الشافعيُّ، أَجازه الشِّهَابُ أَحمدُ بنُ محمَّدِ بنِ عَطِيَّةَ بنِ أبِي الخَيْرِ الخَلِيفِيّ سنة.
ووَادِي الخَمِيس: مَوْضِعٌ بالمَغْرِب.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.