Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: مشاكلة

المشترك

المشترك: ما وضع لمعنى كثير بوضع كثير كالعين لاشتراكه بين المعاني. ومعنى الكثرة ما يقابل الوحدة لا ما يقابل القلة.
المشترك:
[في الانكليزية] Common ،identical ،syllepsis
[ في الفرنسية] Commun ،identique ،polysemie ،syllepse
يطلق على معنيين على ما عرفت. وقد يطلق أيضا على مقابل الفارق كما ورد. والأعداد المشتركة والمتشاركة وكذا المقادير هي الغير المتباينة وقد سبقت. وفي الجرجاني: المشترك ما وضع لمعنى كثير كالعين لاشتراكه بين المعاني ومعنى الكثرة ما يقابل الوحدة لا ما يقابل القلّة، فيدخل فيه المشترك بين المعنيين فقط كالقرء والشّفق فيكون مشتركا بالنسبة إلى الجميع ومجملا بالنسبة كلّ واحد. والاشتراك بين الشيئين إن كان بالنوع يسمّى مماثلة كاشتراك زيد وعمرو في الإنسانية. وإن كان بالجنس يسمّى مجانسة كاشتراك إنسان وفرس في الحيوانية. وإن كان بالعرض فإن كان في الكمّ يسمّى مادة كاشتراك ذراع من خشب وذراع من ثوب في الطول. وإن كان في الكيف يسمّى مشابهة كاشتراك الإنسان والحجر في السّواد. وإن كان بالمضاف يسمّى مناسبة كاشتراك زيد وعمرو في بنوّة بكر، وإن كان بالشكل يسمّى مشاكلة كاشتراك الأرض والهواء في الكرية. وإن كان بالوضع المخصوص يسمّى موازنة، وهو أن لا يختلف البعد بينهما كسطح كلّ فلك، وإن كان بالأطراف يسمّى مطابقة كاشتراك الأجّانين في الأطراف انتهى.

المحبّة

المحبّة:
[في الانكليزية] Affection ،attachment ،inclination ،love
[ في الفرنسية] Affection ،inclination ،charite ،amour ،attachement
اعلم أنّ العلماء اختلفوا في معناها. فقيل المحبة ترادف الإرادة بمعنى الميل، فمحبة الله للعباد إرادة كرامتهم وثوابهم على التأبيد. ومحبة العباد له تعالى إرادة طاعته. وقيل محبتنا لله تعالى كيفية روحانية مترتّبة على تصوّر الكمال المطلق الذي فيه على الاستمرار ومقتضية للتوجّه التام إلى حضرة القدس بلا فتور وفرار. وأمّا محبتنا لغيره تعالى فكيفية مترتّبة على تخيّل كمال فيه من لذّة أو منفعة أو مشاكلة تخيلا مستمرا، كمحبة العاشق لمعشوقه والمنعم عليه لمنعمه والوالد لولده والصديق لصديقه، هكذا في شرح المواقف وشرح الطوالع في مبحث القدرة. قال الإمام الرازي في التفسير الكبير في تفسير قوله تعالى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ الآية.
اختلف العلماء في معنى المحبة. فقال جمهور المتكلّمين إنها نوع من الإرادة، والإرادة لا تعلّق لها إلّا بالجائزات، فيستحيل تعلّق المحبة بذات الله تعالى وصفاته، فإذا قلنا نحبّ الله فمعناه نحبّ طاعته وخدمته أو ثوابه وإحسانه.
وأمّا العارفون فقد قالوا العبد قد يحبّ الله تعالى لذاته. وأما حبّ خدمته أو ثوابه فدرجة نازلة، وذلك أنّ اللذة محبوبة لذاتها وكذا الكمال. أما اللذة فإنّه إذا قيل لنا لم تكتسب؟

قلنا: لنجد المال. فإذا قيل: ولم تطلب المال؟

قلنا: لنجد به المأكول والمشروب. فإذا قيل ولم تطلب المأكول والمشروب؟ قلنا: لنحصّل اللذة وندفع الألم. فإذا قيل ولم تطلب اللذة وتكره الألم؟ قلنا: هذا غير معلّل وإلّا لزم إمّا الدور أو التسلسل، فعلم أن اللذة مطلوبة لذاتها كما أنّ الألم مكروه لذاته. وأما الكمال فلأنّا نحبّ الأنبياء والأولياء بمجرّد كونهم موصوفين بصفات الكمال، وإذا سمعنا حكاية بعض الشجعان مثل رستم واسفنديار واطّلعنا على كيفية شجاعتهم مال قلوبنا إليهم، حتى إنّه قد يبلغ ذلك الميل إلى إنفاق المال العظيم في تقرير تعظيمه، وقد ينتهي ذلك إلى المخاطرة بالروح. وكون اللّذة محبوبة لذاتها لا ينافي كون الكمال محبوبا لذاته. إذا ثبت هذا فنقول:
الذين حملوا محبّة الله تعالى على محبة طاعته أو ثوابه فهؤلاء هم الذين عرفوا أنّ اللذة محبوبة لذاتها ولم يعرفوا كون الكمال محبوبا لذاته.
وأمّا العارفون الذين عرفوا أنّه تعالى محبوب لذاته وفي ذاته فهم الذين انكشف لهم أنّ الكمال محبوب لذاته، ولا شكّ أنّ أكمل الكاملين هو الحقّ سبحانه تعالى، إذ كمال كلّ شيء يستفاد منه، فهو محبوب لذاته سواء أحبّه غيره أو لا.
اعلم أنّ العبد ما لم ينظر في مملوكاته لا يمكنه الوصول إلى اطّلاع كمال الحقّ، فلا جرم كلّ من كان اطّلاعه على دقائق حكمة الله وقدرته في المخلوقات أتمّ كان علمه بكماله أتمّ فكان حبّه له أتمّ. ولمّا لم يكن لمراتب وقوف العبد على تلك الدقائق نهاية فلا جرم لا نهاية لمراتب المحبّة. ثم إذا كثرت مطالعته لتلك الدقائق كثر ترقيه في مقام المحبّة وصار ذلك سببا لاستيلاء حبّ الله على القلب وشدّة الإلف بالمحبّة، وكلّما كان ذلك الإلف أشدّ كانت النّفرة عمّا سواه أشدّ، لأنّ المانع عن حضور المحبوب مكروه، فلا يزال يتعاقب محبة الله والتنفر عما سواه عن القلب، وبالآخر يصير القلب نفورا عمّا سوى الله، والنفرة توجب الإعراض عمّا سوى الله، فيصير ذلك القلب مستنيرا بأنوار القدس مستضيئا بأضواء عالم العظمة فانيا عن الحظوظ المتعلّقة بعالم الحدوث، وهذا مقام عليّ الدّرجة، وليس له في هذا العالم إلّا العشق الشديد على أيّ شيء كان.
إن قيل قوله يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ يشتمل على حكمين:
أحدهما أنّ حبّ الكفار للأنداد مساو لحبّهم له تعالى مع أنّ الله تعالى حكى عنهم أنّهم قالوا ما نعبدهم إلّا ليقرّبونا إلى الله زلفى. وثانيهما أنّ محبة المؤمنين له تعالى أشدّ من محبتهم، مع أنّا نرى اليهود يأتون بطاعات شاقة لا يأتي بشيء منها أحد من المؤمنين ولا يأتون بها إلّا لله تعالى، ثم يقتلون أنفسهم حبّا له تعالى.
قلت الجواب عن الأول أنّ المعنى يحبّونهم كحبّ الله في الطاعة لها والتعظيم، فالاستواء في هذا القول من المحبة لا ينافي ما ذكرتموه.
وعن الثاني أنّ المؤمنين لا يضرعون إلّا إليه بخلاف المشركين فإنّهم يرجعون عند الحاجة إلى الأنداد. وأيضا من أحبّ غيره رضي بقضائه فلا يتفرق في ملكه، فهؤلاء الجهّال قتلوا أنفسهم بغير إذنه. وأمّا المؤمنون فقد يقتلون أنفسهم بإذنه كما في الجهاد، وأيضا إنّ المؤمنين يوحّدون ربّهم والكفار يعبدون مع الصّنم أصناما فتنقص محبّة الواحد. أمّا الإله الواحد فينضم محبة الجميع إليه، انتهى ما قال الإمام الرازي. وفي شرح القصيدة الفارضية المحبّة ميل الجميل إلى الجمال بدلالة المشاهدة كما ورد (إنّ الله جميل يحبّ الجمال)، وذلك لأنّ كلّ شيء ينجذب إلى أصله وجنسه وينتزع إلى أنسه ووصله. فانجذاب المحبّ إلى جمال المحبوب ليس إلّا لجمال فيه.
والجمال الحقيقي صفة أزلية لله تعالى شاهدة في ذاته أوّلا مشاهدة علمية، فأراد أن يراه في صنعه مشاهدة عينية، فخلق العالم كمرآة شاهد فيه عين جماله عيانا. وإليه أشار صلى الله عليه وآله وسلم بقوله (كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق) الحديث.
فالجميل الحقيقي هو الله سبحانه وكلّ جميل في الكون مظهر جماله. ولما خلق الله الإنسان على صورته جميلا بصيرا فكلّما شاهد جميلا انجذب أحداق بصيرته إليه وامتدّ نحوه أعناق سريرته، وهذا الانجذاب هو الحبّ الأخصّ أن ظهر من مشاهدة الروح جمال الذات في عالم الجبروت، والخاص إن ظهر من مطالعة القلب جمال الصّفات في عالم الملكوت، والعام إن ظهر من ملاحظة النفس جمال الأفعال في عالم الغيب، والأعمّ إن ظهر من معاينة الحسن جمال الأفعال في عالم الشهادة. فالحبّ بظهوره من مشاهدة الجمال يختصّ بالجميل البصير.
وما قيل إنّ الحبّ ثابت في كلّ شيء لانجذابه إلى جنسه فعلى خلاف المشهور. والعشق أخصّ منه لأنّه محبة مفرطة، ولهذا لا يطلق على الله تعالى لانتفاء الإفراط عن صفاته. والحبّ الإلهي وراء حبّ العقلاء من الإنسان والجنّ والملك، فإنه صفة قديمة قائمة بذاته تعالى، وصفته عين الذات فهي قائمة بنفسها، وحبّ العقلاء قائم بهم فيحبونه بحبّه إيّاهم. وتقديم يحبّهم على يحبّونه إشارة إلى هذا وإن لم يفد الواو الترتيب والعلّية. وجمال الذات مطلق موجود في كلّ صفة من الصفات الجمالية والجلالية لعموم الذات إيّاها، فللجلال جمال هو جمال الذات، والجمال صفة الذات وله جمال هو جمال الصفة. ومن أحبّ جمال الذات فعلامته أن تستوي عنده الصفات المقابلة من الضّرّ والنّفع حتى الحبّ والقلى والوصل والقطع، وهذه المحبّة ثابتة ثبوت الجبل لا يتطرّق إليها الزوال. وجمال الصفات مقيّد موجود في بعضها وعلامة من يحبّه أن يؤثرها شطرا من الصفات كالنّفع والحبّ والوصل [على أضدادها مطلقا]، لا باعتبار وصول آثارها إليه، بل لأنّها محبوبة عنده في الأصل. وجمال الأفعال أكثر تقيدا منه وعلامة من يحبّه أن يؤثرها باعتبار وصول آثارها إليه، وهذان المحبّان قد يتغيّر حبّهما بتغيّر محبوبهما.
وجمال الأفعال يسمّى حسنا وملاحة وهو روح منفوخ منه في قالب التّناسب. وحسن الصّور الروحانية ألذّ وأشهى وأكثر تأثيرا وتخيّرا للمناسبة الخاصة بينه وبين المحل في الروحانية، ولهذا كان حسن المسموعات أشدّ تأثيرا في قلوب أرباب الذوق من حسن المحسوسات الآخر لقرب صورة النغمة من الصور الروحانية، وقلّما يسلم شاهد الحسن من الوقوع في الفتنة حيث يسلب عنه وصف الحبّ لغلبة وصف الطبيعة وثوران الشهوة بحكم من غلب سلب ومن عزّ بزّ، ولا يسلم هذا الشهود إلّا لآحاد وأفراد زكت نفوسهم وطهرت قلوبهم وانطفئت فيها نار الشهوة، ولهذا حرّم [النظر] إلى الأجنبيات. فالحظّ الأوفر من وجود الحبّ وشهود الجمال لمحبّ الذات، والحظّ الوافر لمحبّ الصفات، والحظّ القليل لمحبّ الأفعال.
والمحبّة والمحبوبة حبّتان عارضتان للمحبّة وهي قائمة بذاتها، واتصال المحبّ بالمحبوب لا يمكن إلّا في عين المحبّة لأنّهما ضدّان لا يجتمعان لتقابلهما في الأوصاف، فإنّ صفات المحبّ من الافتقار والعجز والذلّة، وغيرها أضداد صفات المحبوب من الاستغناء والقدرة والعزة وغيرها، واجتماعهما في عين المحبّة بأن لا يحبّ المحبّ إلّا المحبّة كما قال الجنيد:
المحبّة محبّة المحبّة، وهكذا قال النووي لأنّ المحبة إذا صارت محبوبة وهي صفة ذاتية للمحبّ تحقّق الوصول وارتفع التّضاد عن الجهتين بفناء المحبّ في المحبّة المحبوبة، ولذا قال المحقّقون: المحبّ والمحبوب شيء واحد، وفي هذا المقام لا يكون المحبة حجابا لقيامها بذاتها عند فناء جهتي المحبوبية والمحبّية فيها.
وما قيل إنّ المحبّة حجاب لاستلزامها الجهتين وإشعارها بالانفصال أريد به محبّة غير محبوبة، وبداية المحبّية والمحبوبية أمر مبهم لأنّ المحبّ لا يكون [محبّا] إلّا بعد سابقية جذب المحبوب إيّاه، ولا يجذبه إلّا لمحبته إيّاه، فكلّ محبوب محبّ وكلّ محبّ محبوب، ومن هذه الجهة تكلّم المحبّ عن نفسه بخصائص المحبوب. وتخصيص بعض الأولياء بالمحبية وبعضهم بالمحبوبية بظهور أحد الوصفين فيهم وبطون الآخر، فمن ظهر عليه أمارات المحبية من سبق اجتهاده الكشف قيل محب لبطون وصف المحبوبية فيه، ومن ظهر عليه علامات المحبوبية من سبق كشفه الاجتهاد قيل محبوب لبطون وصف المحبية فيه، ولا يصل المحبّ إلى المحبوب إلّا بالمحبوبية ليتمكّن الوصول بزوال الأجنبية وحصول الجنسية. والمحبوب الأول من الخلق محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ثمّ من كان أقرب منه بحسن المتابعة لأنّها تفيد المحبوبية. قال سبحانه وتعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ فمن اتبعه يصل إليه فيسري منه خاصية المحبوبية فيه بحيث يتأتّى منه جذب آخر إلى نفسه وإعطاؤه إيّاه الخاصية المحبوبية، كما أنّ المغناطيس يجذب الحديد إلى نفسه لجنسية روحانية بينهما فيعطيه خاصيته، بحيث يتأتّى منه جذب حديد آخر وإعطاؤه إيّاه الخاصية المغناطيسية. ولا شكّ أنّ الخاصية المغناطيسية في الحديد ليست إلّا للمغناطيس وإن وجدت منه ظاهرا فكان تلك الخاصية في المغناطيس تقول بلسان الحال أنا صفة المغناطيس، فهكذا الروح المظهر النبوي بالنسبة إلى الحضرة الإلهية كالحديدة الأولى بالنسبة إلى المغناطيس، جذبته مغناطيس الذات إليها بخاصية المحبّة الأزلية أوّلا بلا واسطة، ثم أرواح أمته بواسطة روحه روحا فروحا، متعلقة به كالحديدات المتعلّق بعضها ببعض إلى الحديدة الأولى، وكلّ حديدة ظهر فيها خاصية المغناطيس فكأنّها المغناطيس، وإن تغاير الجواهران. وإلى هذا أشار صلى الله عليه وآله وسلم: (من رآني فقد رأى الحقّ) وقول بعض الموحّدين من أمته أنا الحقّ. فما تكلّم به بعض أمته من كلام ربّاني أو نبوي على طريق الحكاية لا من نفسه لا يتّجه عليه الإنكار فافهم ذلك فإنّه من الأسرار العزيزة ينحلّ به كثير من المشكلات. وفي مجمع السلوك بداية المحبّة موافقة ثم الميل ثم المؤانسة ثم المودّة ثم الهوى ثم الخلّة ثم المحبّة ثم الشّغف ثم التّيم ثم الوله ثم العشق. والموافقة هي أن تعادي أعداء الحقّ كالشيطان والدّنيا والنّفس، وأن تحبّ أحباب الحقّ وأن تتكلّم معهم وأن تحترم أوامرهم حتى تجد مكانا في قلوبهم.
والمؤانسة هي أن تهرب من الجميع وأن تطلب الحقّ كلّ الوقت (من أنس بالله استوحش من غير الله).
والمودّة هي أن تكون في الخلوة مشغول القلب بإظهار العجز والتضرّع، وأن تكون في غاية الشوق ونفاد الصّبر.
والهوى هو أن يكون قلبك دائما في المجاهدة ومقاومة النفس.
والخلّة هو أن يسيطر المحبوب على كلّ أعضائك فلا يبقى مكان لغيره. والمحبّة: هي التطهّر من الأوصاف الذميمة والاتّصاف بالصّفات الحميدة، وكلّما تطهّرت النفس من الصفات المذمومة كلّما سمت الروح نحو المحبّة.
والشّغف هو أن يتمزّق القلب من حرارة الشّوق وأن تخفي الدموع حتى لا يعلم أحد بذلك، لأنّ المحبّة هي سرّ الربوبية، وإفشاء السّرّ كفر إلّا في حال غلبة الوجد.
والتيم هو أن تجعل نفسك عبدا للمحبّة وأن تتصف بالتجريد الظاهري والتفريد الباطني.
والوله هو أن تجعل مرآة قلبك في مواجهة جمال الحبيب، وأن تسكر من شراب الجمال، وأن تكون في طريق المرضى.
والعشق هو أن تصبح ضائعا عن نفسك ولا قرار لك.

المطابقة

المطابقة: أن يجمع بين شيئين متوافقين، وبين ضدين، ثم إذا شرطهما بشرط وجب أن يشرط ضديهما بضد ذلك الشرط، كقوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} ، الآيتين. فالإعطاء والاتقاء والتصديق ضد المنع والاستغناء، والتكذيب ضد الأعطاء، والمجموع الأول شرط لليسرى، والثاني شرط للعسرى.
المطابقة:
[في الانكليزية] Coincidence
[ في الفرنسية] Coincidence
هي عند المتكلّمين الاتحاد في الأطراف كطاسين فإنّه عند انكباب أحدهما على الآخر تطابقت أطرافهما كذا في شرح الطوالع وشرح المواقف في بحث الوحدة. وعند أهل البديع هي الطّباق كما عرفت ويطلق على الــمشاكلة أيضا. وعند المنطقيين يستعمل بمعنى الصدق فإنّهم يقولون الكلّي مطابق للجزئي بمعنى أنّه صادق عليه. فالصادق عندهم هو المطابق بالكسر. وقد يستعمل أهل البيان المطابقة بمعنى صدق المطابق بالفتح على المطابق بالكسر، ولذا قيل في المختصر شرح التلخيص مطابقة الكلام للمقتضى صدقه عليه، على عكس ما يقال إنّ الكلّي مطابق للجزئي، هكذا ذكر الجلپي في حاشية المطول في تعريف علم المعاني.

الْقُوَّة الغاذية

الْقُوَّة الغاذية: هِيَ الْقُوَّة الَّتِي تحيل جسما آخر إِلَى مشاكلة الْجِسْم الَّذِي هِيَ فِيهِ فتلصق تِلْكَ الْقُوَّة ذَلِك الْجِسْم المشاكل بذلك الْجِسْم بدل مَا يتَحَلَّل عَن ذَلِك الْجِسْم بالحرارة الغريزية أَو الْحَرَارَة الْحَادِثَة بِسَبَب الْحَرَكَة والحمى وَغير ذَلِك من الْأَمْرَاض.
وَاعْلَم أَن تحيل من الإحالة أَي تخلع الصُّورَة الغذائية من الْغذَاء إِلَى الصُّورَة العضوية وَإِنَّمَا خلق الله تَعَالَى هَذِه الْقُوَّة لأجل بَقَاء الشَّخْص لِأَنَّهُ لَو لم يكن التبدل لزم فنَاء الْبدن فِي مُدَّة يسيرَة كَذَا فِي الموجز. وللغاذية خوادم أَربع قُوَّة جاذبة - وماسكة - وهاضمة - ودافعة - للثفل فَهِيَ تجذب الْغذَاء وتمسكه وتهضمه وتدفع ثفله بخوادمها وَالتَّفْصِيل فِي كتب الْحِكْمَة.

الشَّكْلُ

الشَّكْلُ: الشَّبَهُ، والمِثْلُ، ويُكْسَرُ، وما يُوافِقُكَ ويَصْلُحُ لَكَ، تَقولُ: هذا من هَوايَ ومن شَكْلِي،
وواحدُ الأشْكالِ: للْأُمُورِ المُخْتَلِفَةِ المُشْكِلَةِ، وصُورَةُ الشيءِ المَحْسوسَةُ والمُتَوَهَّمَةُ، ج: أشْكالٌ وشُكولٌ،
و=: نباتٌ مُتَلَوِّنٌ أصْفَرُ وأحمرُ، والجمعُ بين الخَبْنِ والكَفِّ.
والشاكِلَةُ: الشَّكْلُ، والناحِيَةُ، والنِّيَّةُ، والطريقةُ، والمَذْهَبُ، والبياضُ ما بين الأذُنِ والصُّدْغِ،
وـ من الفرس: الجِلْدُ بين عُرْضِ الخاصِرَةِ والثَّفِنَةِ.
وتَشَكَّلَ: تَصَوَّرَ.
وشَكَّلَهُ تَشْكيلاً: صَوَّرَهُ،
وـ المرأةُ شَعَرَها، أي: ضَفَرَتْ خُصْلَتَيْنِ من مُقَدَّمِ رأسِها عن يمينٍ وشمالٍ.
وأشْكَلَ الأمرُ: الْتَبَس،
كشَكَلَ وشَكَّلَ،
وـ النَّخْلُ: طابَ رُطَبُه.
وأُمورٌ أشْكالٌ: مُلْتَبِسَةٌ.
والأشْكَلَةُ: اللَّبْسُ، والحاجةُ،
كالشَّكْلاءِ.
والأشْكَلُ: ما فيه حُمْرَةٌ وبياضٌ مُخْتَلِطٌ، أو ما فيه بياضٌ يَضْرِبُ إلى الحُمْرَةِ والكُدْرَةِ، والسِّدْرُ الجَبَلِيُّ، الواحِدَةُ: بهاءٍ،
وـ من الإِبِلِ: ما يَخْلِطُ سَوادَهُ حُمْرَةٌ، واسمُ اللَّوْنِ:
الشُّكْلَةُ، بالضم، ومنه:
الشُّكْلَةُ في العَيْنِ، وهي: كالشُّهْلَةِ، وقد أشْكَلَتْ. "وكان صلى الله عليه وسلم أشْكَلَ العَيْنِ"، وقيلَ، أي: طَويلَ شَقِّ العَيْنِ.
وشَكَلَ العِنَبُ: أيْنَعَ بعْضُهُ، أو اسْوَدَّ وأخَذَ في النُّضْجِ،
كتَشَكَّلَ وشَكَّلَ،
وـ الأمْرُ: الْتَبَسَ،
وـ الكِتابَ: أعْجَمَهُ،
كأَشْكَلَهُ، كأَنَّهُ أزَالَ عنه الإِشْكالَ،
وـ الدابَّةَ: شَدَّ قَوائِمهَا بِحَبْلٍ،
كشَكَّلَها.
واسمُ الحَبْلِ: الشِّكالُ، ككِتابٍ، ج: ككُتُبٍ.
والشِّكالُ في الرَّحْلِ: خَيْطٌ يوضَعُ بين التَّصْديرِ والحَقَبِ، ووِثاقٌ بين الحَقَبِ والبِطانِ، وبين اليَدِ والرِّجْلِ،
وـ في الخَيْلِ: أن تَكونَ ثَلاثُ قَوائِمَ مُحَجَّلَةً، والواحِدَةُ مُطْلَقَةً، وَعَكْسُهُ أيضاً.
والمَشْكولُ من العَروضِ: ما حُذِفَ ثانِيه وسابِعُه.
والشَّكْلاءُ من النِّعاجِ: البَيْضاءُ الشاكِلَةِ، والحاجَةُ،
كالأشْكَلَةِ.
والشَّواكِلُ: الطُّرُقُ المُتَشَعِّبَةُ عن الطَّريقِ الأَعْظَمِ.
والشِكْلُ، بالكسرِ والفتح: غُنْجُ المرأةِ ودَلُّها وغَزَلُها، شَكِلَتْ، كفرِحَت، فهي شَكِلَةٌ.
وشَكْلَةُ: امرأةٌ.
وشُكْلٌ، بالضم: جَمْعُ العَيْنِ الشَّكْلاءِ، وجَمْعُ الأشْكَلِ من المِياهِ ومِنَ الكِباشِ وغيرها.
وشَكَلٌ، محرَّكةً: أبو بَطْنٍ، وابنُ حُمَيْدٍ العَبْسِيُّ: صحابِيٌّ، وابْنُهُ شُتَيْرُ بنُ شَكَلٍ: محدِّثٌ.
والشَّوْكَلُ: الرَّجَّالَةُ، أو المَيْمَنَةُ، أو المَيْسَرَةُ، والناحِيَةُ، والعَوْسَجَةُ. وكأميرٍ: الزَّبَدُ المُخْتَلِطُ بالدَّمِ يَظْهَرُ على شَكيمِ اللِّجامِ.
والأشْكالُ: حَلْيٌ من لُؤْلؤٍ أو فِضَّةٍ يُشْبِه بعضُه بعضاً، يُقَرَّطُ به النِساءُ، الواحِدُ: شَكْلٌ.
والــمُشاكَلَةُ: المُوافَقَةُ،
كالتَّشاكُلِ.
وفيه أشْكَلَةٌ من أبيه،
وشُكْلَةٌ، بالضم،
وشاكِلٌ، أي: شَبَهٌ.
وهذا أشْكَلُ به، أي: أشْبَه.

السّرطان

السّرطان:
[في الانكليزية] Crab ،Cancer (astrol) ،cancer
[ في الفرنسية] Crabe ،le cancer (signe du zodiaque) ،cancer
بفتح السين والراء اسم حيوان. واسم برج وهو الذي إذا وصلته الشمس بحركتها الخاصة مالت إلى الجنوب. واسم مرض. قال في بحر الجواهر: هو ورم متقرح متولّد من مواد سوداوية محترقة انصبت إلى ذلك العضو في ملآت العروق التي حوله، سمّي به للــمشاكلة لأنّ وسطه يشبه جوف السرطان، والعروق التي حوله تشبّه بأرجله. وأيضا هو يتشبث بالعضو كما يتشبث السرطان بما يمسكه. وفي المؤجز السرطان منه ما هو متقرّح ومنه ما هو غير متقرح. والفرق بينه وبين الصلابة أنّ الورم السوداوي إن كان مداخلا في العضو مؤلما ذا أصول ناشبة في الأعضاء يسمّى سرطانا، وإن كان مداخلا غير مؤلم يسمّى صلابة. وفي الأقسرائي الصلابة بارد المجسّة كمد اللون عادم الحسّ، والسرطان له أقل من الحرارة في المجسّة يبتدئ ورما مثل اللوزة أو أصغر، ثم يتزايد على الأيام، وشكله مستدير. وإذا أخذ تظهر عليه عروق حمر وصفر وخضر شبيهة بأرجل السرطان، ولون أكمد من السرطان. 

القوّة

القوّة:
[في الانكليزية] Strength ،force ،power
[ في الفرنسية] Force ،puissance
بالضم يطلق على معان منها مبدأ الفعل مطلقا سواء كان الفعل مختلفا أو غير مختلف بشعور وإرادة أو لا، فتتناول القوة الفلكية والعنصرية والنباتية والحيوانية. فالقوة بهذا المعنى أربعة أقسام لأنّ الصادر من القوة إمّا فعل واحد أو أفعال مختلفة، وعلى التقديرين إمّا أن يكون لها شعور بما يصدر عنها أو لا.
فالأول النفس الفلكية. والثاني الطبيعة العنصرية وما في معناها وتسمّى بالقوة السخرية أيضا كما في شرح حكمة العين. والثالث القوة الحيوانية.
والرابع النفس النباتية وقد تفسّر بمبدإ التغيّر في شيء آخر من حيث هو آخر. والمراد بالمبدإ السبب فاعليا كان أو لا، لا الفاعلي فقط إذ القوة قد تكون فعلية كالكيفيات الفعلية المعدّة لموضوعها نحو الفعل، وقد تكون انفعالية كالكيفيات الانفعالية المعدّة لموضوعها نحو الانفعال. وأيضا قد تكون مبدأ للتغيّر في محلّها فقط كالصورة الهوائية المقتضية للرطوبة في مادّتها، وقد تكون مبدأ للتغيّر في المحلّ أولا وفي غيرها ثانيا كالصورة النارية المحدثة للحرارة واليبوسة في مادّتها أوّلا وفي مجاورها ثانيا، وقد تكون مبدأ للتغيّر في غير المحلّ ابتداء كالنفس الناطقة المقتضية في البدن التغيّر.
والمراد بالتغيّر أعمّ من أن يكون دفعيا أو تدريجيا والقيد الأخير للتنبيه على أنّ المراد بالمغايرة أعمّ من المغايرة الذاتية والاعتبارية، فدخل فيه معالجة الإنسان نفسه فإنّه من حيث علمه بكيفية الإزالة وإرادته لها مستعلج معالج بالكسر، ومن حيث اتصافه بذلك المرض وإرادة زواله مستعلج معالج بالفتح. قال الإمام الرازي بعض أقسام القوة بهذا المعنى صور جوهرية وبعضها أعراض، فلا تكون القوة مقولا عليها قول الجنس بل قول العرض بالعام لامتناع اشتراك الجواهر والأعراض في وصف جنسي، وقد مرّ ما يناسب هذا في لفظ الطبيعة.
اعلم أنّ هذا التقسيم عند الحكماء وأمّا عند الأطباء فهي أي القوة ثلاثة أقسام: طبيعية وحيوانية ونفسانية لأنّها إمّا أن يكون فعلها مع شعور فهي النفسانية أو لا، فإن كان مختصّا بالحيوان فهي الحيوانية أو أعمّ منه فهي الطبيعية. والقوى الطبيعية أربع مخدومة تخدمها أربع أخرى، والمخدومة وهي التي يكون فعلها مقصودا لذاته اثنتان منها يحتاج إليهما لبقاء الشخص وتكميله في ذاته وهما الغاذية والنامية، فالغاذية هي التي لا بدّ منها في بقاء الشخص مدّة حياته وهي تشبه الغذاء بالمغتذي أي تحيل جسما آخر إلى مشاكلة الجسم الذي يغذوه بدلا لما يتحلّل عنه، والنامية هي التي لا بدّ منها في وصول الشخص إلى كماله وهي تداخل الغذاء بين الأجزاء فتضمه إليها في الأقطار الثلاثة بنسبة طبيعية إلى غاية ما ثم تقف. واثنتان منها يحتاج إليهما لبقاء النوع وهما المولّدة والمصوّرة. فالمولّدة وتسمّى بالمغيّرة الأولى أيضا تفصل من الغذاء بعد الهضم الأخير ما يصلح أن يكون مادة للمثل أي لمثل ذلك الشخص الذي فصلت منه المني، تهيئ كلّ جزء منها بعضو مخصوص، والمصوّرة وتسمّى بالمغيّرة الثانية أيضا تشكل كلّ جزء بالشكل الذي يقتضيه نوع المنفصل عنه أو ما يقاربه من التخطيط والتجويف وغيرهما. والخادمة وهي التي يكون فعلها لفعل قوة أخرى وهي الجاذبة التي تجذب المحتاج إليه من الغذاء والماسكة التي تمسكه مدّة طبخ الهاضمة، والهاضمة التي تعدّ الغذاء لأن يصير جزءا بالفعل، والدافعة التي تدفع الفضلة. وهذه الأربعة تخدمها الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة. والقوى النفسانية إمّا مدركة أو محرّكة، والمدركة إمّا ظاهرة وهي الحواس الظاهرة وإمّا باطنة وهي الحواس الباطنة، والمحرّكة وتسمّى بالفاعلة أيضا تنقسم إلى باعثة على الحركة ومحرّكة مباشرة للتحريك. وأمّا الباعثة وتسمّى شوقية ونزوعية فإمّا لجلب النفع وتسمّى شهوية وشهوانية وبهيمية ونفسا أمّارة، وإمّا لدفع الضّرر وتسمّى غضبية وقوة سبعية ونفسا لوّامة، والفاعلة أي المحرّكة وهي التي تمدّد الأعصاب بتشنج العضلات فتقرّب الأعضاء إلى مبادئها كما في قبض اليد مثلا، وترخيها أي ترخى الأعصاب بإرخاء العضلات فتبعد الأعضاء إلى مبادئها كما في بسط اليد، وهذه القوة المنبثّة في العضلات هي المبدأ القريب للحركة، والمبدأ البعيد هو التصوّر وبينهما الشوق والإرادة، فهذه مباد أربع مترتّبة للأفعال الاختيارية الصادرة عن الحيوان، فإنّ النفس تتصوّر الحركة أوّلا فتشتاق إليها ثانيا فتريدها ثالثا إرادة قصد وإيجاد فتحصل الحركة بتمديد الأعصاب وإرخائها رابعا. وبعض الحكماء قال بوجود قوة أخرى متوسّطة بين القوة الشوقية والفاعلية وسمّاها الاجتماع وهو الجزم الذي ينجزم بعد التردّد في الفعل والترك، وعند وجوده يترجّح أحد طرفي الفعل والترك الذي يتساوى نسبتهما إلى القادر عليهما. قال ويدلّ على مغايرته للشوقية أنه قد يكون شوق ولا اجتماع، والأشبه أنّه لا يغاير الشوق إلّا بالشّدّة والضّعف، فإنّ الشوق قد يكون ضعيفا ثم يقوى فيصير اجتماعا. فالاجتماع كمال الشوق. قال السّيّد السّند في حاشية شرح حكمة العين: والحقّ أنّ الاجتماع مغاير لها لأنّ الاجتماع هو الإرادة كما ذكره شارح الإشارات، والفرق بين الشوقية والإرادية ظاهر ويدلّ على مغايرة الفاعل لسائر المبادي، كون الإنسان المشتاق العازم غير قادر على تحريك أعضائه وكون القادر على ذلك غير مشتاق ولا عازم له. والقوة العاقلة والعاملة والقدسية من قوى النفس الناطقة وقد سبقت في لفظ العقل في بيان مراتب النفس. ومنها مرادف القدرة وهذا المعنى أخصّ من الأول. ومنها ما به القدرة على الأفعال الشاقّة، وهذه العبارة توهم أنّ القوة بهذا المعنى سبب للقدرة وليس كذلك، بل الأمر بالعكس. ففي المباحث المشرقية أنّ القوة بهذا المعنى كأنّها زيادة وشدة في المعنى الذي هو القدرة. وقد قيل المراد بالقدرة على الأفعال الشاقة التمكّن منها، والقوة بهذين المعنيين من الكيفيات النفسانية إذا خصّت بالأعراض. ومنها عدم الانفعال. ومنها عدم الانفعال بسهولة. ومنها الإمكان المقابل للفعل وهو الإمكان الاستعدادي، وهذه القوة قد تكون تهيّئا لشيء واحد دون مقابله كقوة الفلك على الحركة فقط، وقد تكون تهيّأ للشيء وضدّه جميعا، وقد تكون قوة في شيء لقبول آخر دون حفظه كالماء، وقد يكون فيه قوة للقبول والحفظ جميعا كالارض، وفي الهيولى الأولى قوة قبول سائر الأشياء لأنّ تخصيص قبولها لبعض الأشياء دون بعض بتوسّط أمر حاصل فيها كما يستعدّ بواسطة الرطوبة لسهولة الانفصال. والفرق بين القوة بهذا المعنى وبين الاستعداد أنّ القوة تكون قوة الشيء وضدّه بخلاف الاستعداد، وهي تكون بعيدة وقريبة دون الاستعداد، كذا في شرح هداية الحكمة الصدري. وقد عرفت في لفظ العقل أنّ الاستعداد يكون قريبا وبعيدا ومتوسّطا وقد سبق في لفظ القبول ما ينافيه أيضا. ومنها الإمكان الذاتي صرّح به الشارح العبهري وهو الموافق لكلام الإمام، ويدلّ عليه كلام شارح الطوالع مع أنّ القوة التي هي قسمة الفعل إمكان الشيء مع عدم حصوله بالفعل، والإمكان جزء معناها، فيقال القوة لإمكان الشيء مجازا تسمية للجزء باسم الكلّ.
ومما يؤيّد ذلك ما قال الصادق الحلوائي في حاشية بديع الميزان في بخت الخاصة من أنّ للقوة معنيين أحدهما صلاحية الحصول مع عدم الحصول بالفعل، فإذا حصل بالفعل لا يبقى صالحا بالقوة، فهو بهذا المعنى قسيم الفعل.
والثاني الإمكان وهو استواء طرفي الوجود والعدم وهو بهذا المعنى أعمّ منه بالمعنى الأول، والممكن إذا كان حاصلا بالفعل لا يخرج عن الإمكان الذاتي. ومنها مربّع الخطّ، قال شارح المواقف: لفظ القوة معناها المشهور عند الجمهور هو تمكّن الحيوان من الأفعال الشاقة من باب الحركات ليست بأكثر الوجود عن الناس، وهذا المعنى يقابل الضّعف. ثم إنّ لها مبدأ ولازما. أمّا المبدأ فهو القدرة أي كون الحيوان إذا شاء فعل وإذا لم يشأ لم يفعل.
وأمّا اللازم فهو عدم انفعال الحيوان بسهولة وذلك لأنّ أول التحريكات الشاقة إذا انفعل عنه صدّه ذلك عن إتمام فعله فصار الانفعال دليلا على الشّدة، ثم إنّهم نقلوه أي اسم القوة إلى ذلك المبدأ وهو القدرة وإلى ذلك اللازم وهو عدم انفعال الحيوان بسهولة، ثم عمّم فاستعمل في كون الشيء مطلقا حيوانا كان أو غيره بهذه الحيثية، ثم عمّم من الحيثية أيضا فأطلق على عدم الانفعال. ثم إنّ للقدرة لازما وهو الإمكان الذاتي لأنّ القادر لما صحّ منه الفعل وتركه كان إمكان الفعل لازما للقدرة، فنقل اسم القوة إليه ونقل أيضا من القدرة إلى سببها وهو إمكان الحصول مع عدمه، أي القوة الانفعالية التي لا تجامع الفعل، وهو الذي يتوقّف عليه وجود الحادث، وذلك لأنّ القدرة إنّما تؤثّر وفق الإرادة التي يجب مقارنتها لعدم المراد. فلولا الإمكان المقارن للعدم لم تؤثّر القدرة في ذلك المراد، فهذا الإمكان سبب القدرة بحسب الظاهر. وأيضا للقدرة صفة هي كالجنس لها أعني الصفة المؤثّرة في الغير، فنقل فقيل هي الصفة المؤثّرة في الغير أي مبدأ الفعل مطلقا سواء كان بالإيجاب أو بالاختيار. والمهندسون يجعلون مربّع الخطّ قوة له كأنّه أمر ممكن في ذلك الخطّ خصوصا إذا اعتقد ما ذهب إليه بعضهم من أنّ حدوث ذلك المربّع بحركة ذلك الخطّ على مثله، ولذلك قالوا وتر القائمة قوي على ضلعيها، أي مربّعه يساوي مربّعيهما.

المجاز بالزيادة والنقصان

المجاز بالزيادة والنقصان:
[في الانكليزية] Litotes
[ في الفرنسية] Litote
فقد ذكر الخطيب أنّه قد يطلق المجاز على كلمة تغيّر حكم إعرابها بحذف لفظ ويسمّى مجازا بالنقصان أو بزيادة لفظ ويسمّى مجازا بالزيادة. وقال صاحب الأطول: فخرج تغيّر حكم إعراب غير في جاءني القوم غير زيد، فإنّ حكم إعرابه كان الرفع على الوصفية فتغيّر إلى النصب على الاستثناء، لكن لا بحذف لفظ أو زيادة، بل لنقل غير عن الوصفية إلى كونه أداة استثناء. لكنه يخرج عنه ما ينبغي أن يكون مجازا وهو جملة حذف ما أضيف إليها وأقيمت مقامه نحو ما رأيته مذ سافر فإنّه في تقدير مذ زمان سافر، إلّا أن يؤوّل قوله كلمة بما هو أعم من الكلمة حقيقة أو حكما. ويدخل فيه ما ليس بمجاز نحو إنّما زيد قائم فإنّه تغيّر حكم إعراب زيد بزيادة ما الكافّة وإن زيد قائم فإنّه تغيّر إعراب زيد عن النصب إلى الرفع بحذف أحد نوني إنّ وتخفيفها ونحو ذلك. فالصحيح كلمة تغيّر إعرابها الأصلي إلى غير الأصلي فإنّ ربّك في وجاء ربّك تغيّر حكم إعرابه الأصلي أي إعرابه الذي يقتضيه بالأصالة لا بتبعية شيء آخر وهو الجر في المضاف إليه إلى غير الأصلي الذي حصل لمبالغة أمر آخر، كالرفع الذي حصل فيه بفرعية مضافه المحذوف ونيابته له وليس ما غير فيه الإعراب الأصلي في الأمثلة المذكورة إلى غير الأصلي بل إلى أصليّ آخر.
وكذلك يدخل فيه نحو ليس زيد بمنطلق وما زيد بقائم، مع أنّ في المفتاح صرّح بأنّهما ليسا بمجازين. قال المحقّق التفتازاني ما حاصله أنّ الآمدي عرّف المجاز بالنقصان في الأحكام بأنّه اللفظ المستعمل في غير ما وضع له بعلاقة بعد نقصان منه يغير الإعراب والمعنى إلى ما يخالفه رأسا كنقصان الأمر والأهل في قوله تعالى وَجاءَ رَبُّكَ وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ لا كنقصان منطلق الثاني في قولنا زيد منطلق وعمرو، ونقصان مثل ذوي من قوله تعالى كَصَيِّبٍ لبقاء الإعراب، ولا كنقصان في من قولنا سرت يوم الجمعة لبقائه على معناه. وعرّف المجاز بالزيادة بأنّه اللفظ المستعمل في غير ما وضع له بعلاقة بعد زيادة عليه تغير الإعراب والمعنى إلى ما يخالفه بالكلّية نحو قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، فخرج ما لا يغيّر شيئا نحو فبما رحمة، وما يغيّر الإعراب فقط نحو سرت في يوم الجمعة، وما يغيّر المعنى فقط نحو الرجل بزيادة اللام للعهد، وما يغيّر المعنى لا إلى ما يخالفه بالكلّية مثل إنّ زيدا قائم. وفيه نظر لأنّ المراد بالزيادة هاهنا ما وقع عليه عبارة النحاة من زيادة الحروف وهي كونها بحيث لو حذفت لفظا ومعنى لم يختل. فقد خرج سرت في يوم الجمعة والرجل وإنّ زيدا قائم ونحو ذلك من هذا القيد لا من غيره، بل الحقّ أنّه لا حاجة في إخراج الأشياء المذكورة إلى قيد يغيّر الإعراب والمعنى رأسا وبالكليّة في كلا التعريفين لخروجها بقيد الاستعمال في غير ما وضع له. وأيضا يرد على التعريفين أنّ استعمال اللفظ في غير ما وضع له في هذا النوع من المجاز ممنوع إذ لو جعل القرية مثلا مجازا عن الأهل لعلاقة كونها محلا كما وقع في بعض كتب الأصول فهو لا يكون في شيء من هذا النوع من المجاز إذ المجاز هاهنا بمعنى آخر، سواء أريد به الإعراب الذي تغيّر إليه الكلمة بسبب النقصان أو الزيادة كما يقتضيه ظاهر عبارة المفتاح، أو أريد به الكلمة التي تغيّر إعرابها بحذف أو زيادة كما ذكره الخطيب.
فكما توصف الكلمة بالمجاز لنقلها عن معناها الأصلي كذلك توصف الكلمة بالمجاز لنقلها عن إعرابها الأصلي إلى غيره وإن كان المقصود في فنّ البيان هو المجاز بالمعنى الأول. وقال السّيّد السّند أنّ في هذا الإيراد نظرا لأنّ الأصوليين لما عرّفوا المجاز بالمعنى المشهور أوردوا في أمثلة المجاز بالزيادة والنقصان ولم يذكروا أنّ للمجاز عندهم معنى آخر، فالمفهوم من كلامهم أنّ القرية مستعملة في أهلها مجازا ولم يريدوا بقولهم أنّها مجاز بالنقصان أنّ الأهل مضمر هناك مقدّر في نظم الكلام حينئذ لأنّ الإضمار يقابل المجاز عندهم، بل أرادوا أنّ أصل الكلام أن يقال أهل القرية فلما حذف الأهل استعمل القرية مجازا فهي مجاز بالمعنى المتعارف سببه النقصان. وكذلك قوله تعالى كَمِثْلِهِ مستعمل في معنى المثل مجازا، وسبب هذا المجاز هو الزيادة إذ لو قيل ليس مثله شيء لم يكن هناك مجاز انتهى. ويؤيّده ما قال صاحب الأطول. ثم نقول لا يبعد أن يقال هذا النوع من المجاز أيضا من قبيل نقل الكلمة عمّا وضعت له إلى غيره فإنّ للكلمة وضعا إفراديا ووضعا تركيبيا فهي مع كلّ إعراب في التركيب وضعت لمعنى لم يوضع له مع إعراب آخر، فإذا استعملت مع إعراب في معنى وضع له [مع] إعراب آخر فقد أخرجت عن معنى الموضوع له التركيبي إلى غيره مثلا القرية مع النصب في اسأل القرية موضوعة لمعنى تعلّق به السّؤال، وقد استعملت في معنى تعلّق بما أضيف إليه السّؤال، وحينئذ يمكن أن يجعل تحت تعريفاتهم المجاز ويجعل مقصودا لصاحب البيان لتعلّق أغراض بيانه. اعلم أنّ مختار عضد الملّة والدين أنّ لفظ المجاز مشترك معنى بين المجاز اللغوي والعقلي والمجاز بالنقصان والمجاز بالزيادة على ما يفهم من كلامه في الفوائد العياشيّة حيث قال هناك: الحقيقة لفظ أفيد به في اصطلاح التخاطب، والمجاز لفظ أفيد به في اصطلاح التخاطب لا بمجرّد وضع أول.
ولا بدّ في المجاز من تصرّف في لفظ أو معنى وكلّ بزيادة أو نقصان أو نقل والنّقل لمفرد أو لتركيب فهذه ثمانية أقسام، أربعة في اللفظ وأربعة في المعنى. فوجوه التصرّف في اللفظ الأول بالنقصان نحو اسأل القرية. الثاني بالزيادة نحو ليس كمثله شيء على أنّ الله جعل اللاشيئية لنفي من يشبه أن يكون مثلا له فضلا عن المثل، وقد جعلهما القدماء مجازا في حكم الكلمة أي إعرابها، وقد جعل من الملحق بالمجاز لا منه. وأنت تعلم حقيقة الحال إذا قلت عليك بسؤال القرية أو قلت ما شيء كمثله ثم النقل فيهما بيّن من سؤال القرية إلى سؤال أهلها، ومن نفي مثل المثل إلى نفي المثل.
الثالث بالنّقل لمفرد وهو إطلاق الشيء لمتعلّقه بوجه كاليد للقدرة. الرابع بالنقل لتركيب نحو أنبت الربيع البقل إذا صدره من لا يعتقده ولا يدّعيه مبالغة في التشبيه وهذا يسمّى مجازا في التركيب ومجازا حكميا. وتحقيقه أنّ دلالة هيئة التركيبات بالوضع لاختلافها باللغات وهذه وضعت لملابسة الفاعل، فإذا أفيد بها ملابسة غيرها كان مجازا لغة كما قاله الإمام عبد القاهر. وقيل إنّ المجاز في أنبت. وقيل إنّه استعارة بالكناية كأنّه ادّعى الربيع فاعلا حقيقيا.
وقيل إنّه مجاز عقلي إذ أثبت حكما غير ما عنده ليفهم منه ما عنده ويتميّز عن الكذب بالقرينة.
وأمّا وجوه التصرّف في المعنى. فالأول بالنقصان كالمشفر للشّفة والمرسن للأنف وهو إطلاق اسم الخاصّ للعام وسمّوه مجازا لغويا غير مقيّد. والثاني بالزيادة نحو وأوتيت من كلّ شيء أي مما يؤتى مثلها وهو عكس ما قبله، أي إطلاق اسم العام للخاص ومنه باب التخصيص بأسره. والثالث بالنّقل لمفرد نحو في الحمام أسد. والرابع بالنقل لتركيب نحو أنبت الربيع البقل ممن يدّعيه مبالغة في التشبيه، وهذا لم يذكر وهو بصدد الخلاف المتقدّم. وأمّا من يعتقده فهو منه حقيقة كاذبة انتهى كلامه. قال صاحب الإتقان المجاز قسمان: الأول في التركيب ويسمّى مجاز الإسناد والمجاز العقلي وعلاقته الملابسة وذلك أن يسند الفعل أو شبهه إلى غير ما هو له أصالة لملابسة له. والثاني المجاز في المفرد ويسمّى المجاز اللغوي وهو استعمال اللفظ في غير ما وضع له أو لا، وأنواعه كثيرة. الأول الحذف كما يجيء. الثاني الزيادة. الثالث إطلاق اسم الكلّ على الجزء نحو يجعلون أصابعهم في آذانهم أي أناملهم.
الرابع عكسه نحو يبقى وجه ربّك أي ذاته.
والحقّ بهذين النوعين شيئان. أحدهما وصف البعض بصفة الكلّ نحو ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ فالخطاء صفة الكلّ وصف به الناصية وعكسه نحو قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ والوجل صفة القلب. والثاني إطلاق لفظ بعض مرادا به الكلّ نحو وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ أي كلّه، ونحو وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ أي كلّ الذي يعدكم.
الخامس إطلاق اسم الخاص على العام نحو فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ أي رسوله.
السادس عكسه نحو وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أي المؤمنين بدليل قوله وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا. السابع إطلاق اسم الملزوم على اللازم نحو أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ سمّيت الدلالة كلاما لأنّها من لوازمه. الثامن عكسه نحو هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أي هل يفعل، أطلق الاستطاعة على الفعل لأنّها لازمة له. التاسع إطلاق المسبّب على السّبب نحو وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً أي مطرا.
العاشر عكسه نحو وما كانوا يستطيعون السمع أي القبول والعمل به لأنّه يتسبّب عن السمع.
ومن ذلك نسبة الفعل إلى سبب السّبب نحو كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ فإنّ المخرج حقيقة هو الله وسبب ذلك أكل الشجرة وسبب الأكل وسوسة الشيطان. الحادي عشر تسمية الشيء باسم ما كان عليه نحو وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ أي الذين كانوا يتامى إذ لا يتمّ بعد البلوغ. الثاني عشر تسميته باسم ما يئول إليه نحو إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً أي عنبا توفد إلى الخمرية وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً أي صائرا إلى الكفر والفجور.
الثالث عشر اطلاق اسم الحال على المحل نحو ففي رحمة الله أي في الجنة لأنّها محل الرحمة. الرابع عشر عكسه نحو فَلْيَدْعُ نادِيَهُ أي أهل ناديه أي مجلسه. الخامس عشر تسمية الشيء باسم آلته نحو وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ أي ثناء حسنا لأنّ اللسان آلته. السادس عشر تسمية الشيء باسم ضدّه نحو فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ أي أنذرهم. ومنه تسمية الداعي إلى الشيء باسم الصّارف عنه، ذكره السّكّاكي نحو قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ أي ما دعاك إلى أن لا تسجد، وسلم من ذلك من دعوى زيادة لا.
السابع عشر إضافة الفعل إلى ما لم يصلح له تشبيها نحو فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ وصفه بالإرادة وهي من صفات الحيّ تشبيها بالمسألة للوقوع بإرادته. الثامن عشر إطلاق الفعل والمراد مشارفته ومقاربته وإرادته نحو فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ أي فإذا قرب مجيئه. وبه اندفع السّؤال المشهور أنّ عند مجيء الأجل لا يتصوّر تقديم ولا تأخير. وقيل في دفع السّؤال أنّ جملة لا يستقدمون عطف على مجموع الشرط والجزاء لا على الجزاء وحده. ونحو إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ أي أردتم القيام. التاسع عشر القلب وقد ذكر في محله نحو عرضت الناقة على الحوض.
العشرون إقامة صيغة مقام أخرى. منها إطلاق المصدر على الفاعل نحو فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي ولهذا أفرده وعلى المفعول نحو وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ أي من معلومه، وصنع الله أي مصنوعه. ومنها إطلاق الفاعل والمفعول على المصدر نحو لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ أي تكذيب وبِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ أي الفتنة على أنّ الباء غير زائدة. ومنها إطلاق الفاعل على المفعول نحو خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ أي مدفوق وقالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ أي لا معصوم وعكسه نحو حجابا مستورا أي ساترا. وقيل هو على معناه أي مستورا عن العيون لا يحسّ به أحد وأنّه كان وعده مأتيا أي آتيا، ونحو فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ أي مرضية. ومنها إطلاق فعيل بمعنى مفعول نحو وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً. ومنها إطلاق واحد من المفرد والمثنى والمجموع على آخر منها نحو وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ أي يرضوهما فأفرد لتلازم الرضاءين، فهذا مثال إطلاق المفرد على المثنى. ومثال إطلاقه على الجمع إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ أي الأناسي. ومثال إطلاق المثنّى على المفرد أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ أي ألق في جهنم. ومن إطلاق المثنّى على المفرد كلّ فعل نسب إلى شيئين وهو لأحدهما فقط نحو يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ وإنّما يخرج من أحدهما وهو الملح دون العذب ونحو يؤمّكما أكبركما خطابا لرجلين ونظيره نحو وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً أي في أحدهن.
ومثال إطلاق المثنّى على الجمع ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ أي كرات لأنّ البصر لا يحسن إلّا بها. ومثال إطلاق الجمع على المفرد قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ أي أرجعني، ونحو وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ أي أنا. ومثال إطلاقه على المثنّى قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ ونحو فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ أي أخوان ونحو صَغَتْ قُلُوبُكُما أي قلباكما ونحو فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما أي يديهما. ومنها إطلاق الماضي على المستقبل لتحقّق وقوعه نحو أَتى أَمْرُ اللَّهِ أي السّاعة بدليل فلا تستعجلوه ونحو وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ. وعكسه لإفادة الدوام والاستمرار فكأنّه وقع واستمر نحو ولقد نعلم أي علمنا. ومن لواحق ذلك التعبير عن المستقبل باسم الفاعل أو المفعول لأنّه حقيقة في الحال لا في الاستقبال نحو وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ ونحو ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ. ومنها إطلاق الخبر على الطلب أمرا أو نهيا أو دعاء مبالغة في الحثّ عليه حتى كأنّه وقع وأخبر عنه نحو وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ أي لا تنفقوا ونحو قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ أي اللهم اغفر لهم ونحو وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ. وعكسه نحو فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا أي يمدّ. ومنها وضع النداء موضع التعجّب نحو يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ونحو يا للماء ويا للدواهي. ومنها وضع جمع القلّة موضع الكثرة نحو وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ وغرف الجنّة لا يحصى. وعكسه نحو وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ. ومنها تذكير المؤنّث على تأويله بمذكر نحو وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً على تأويل البلدة بالمكان. ومنها تأنيث المذكّر نحو الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ أنّث الفردوس وهو مذكر حملا على معنى الجنّة.
ومنها التغليب وهو إعطاء الشيء حكم غيره ويجيء في محلّه. ومنها التضمين ويجيء أيضا في محله.
فائدة:
لهم مجاز المجاز وهو أن يجعل المأخوذ عن الحقيقة بمثابة الحقيقة بالنسبة إلى مجاز آخر فيتجوّز بالمجاز الأول عن الثاني لعلاقة بينهما كقوله تعالى وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا فإنّه مجاز عن مجاز فإنّ الوطء تجوّز عنه بالسّرّ لكونه لا يقع غالبا إلّا في السّر وتجوز به عن العقد لأنّه مسبّب عنه، فالمصحّح للمجاز الأول الملازمة وللثاني السّببية، والمعنى لا تواعدوهن عقدة نكاح كذا في الاتقان.
فائدة:
قد يكون اللفظ الواحد بالنسبة إلى المعنى الواحد حقيقة ومجازا لكن من جهتين فإنّ المعتبر في الحقيقة هو الوضع لغويا أو شرعيا أو عرفيا، وفي المجاز عدم الوضع في الجملة.
فإن اتفق في الحقيقة بأن يكون اللفظ موضوعا للمعنى بجميع الأوضاع المذكورة فهي الحقيقة المطلقة وإلّا فهي الحقيقة المقيّدة. وكذا المجاز قد يكون مطلقا بأن يكون مستعملا في غير الموضوع له بجميع الأوضاع وقد يكون مقيّدا بالجهة التي كان غير موضوع له بها كلفظ الصلاة فإنّه مجاز لغة في الأركان المخصوصة حقيقة شرعا كذا في التلويح.
فائدة:
الحقيقة لا تستلزم المجاز إذ قد يستعمل اللفظ في مسمّاه ولا يستعمل في غيره وهذا متفق عليه. وأمّا عكسه وهو أنّ المجاز هل يستلزم الحقيقة أم لا بل يجوز أن يستعمل اللفظ في غير ما وضع له ولا يستعمل فيما وضع له أصلا، فقد اختلف فيه. القول الثاني أقوى وذلك لأنّه لو استلزم المجاز الحقيقة لكان للفظ الرحمن حقيقة وهو ذو الرحمة مطلقا حتى جاز إطلاقه بغير الله تعالى. وقولهم رحمان اليمامة لمسيلمة الكذّاب نعت مردود وكذا نحو عسى وحبّذا من الأفعال التي لم تستعمل بزمان معين.
فإن قيل المجاز لغة قد يجيء شرعا أو عرفا.
قلت المراد العدم في الجملة وقد ثبت كذا في العضدي. ومن أمثلة المجاز العقلي الغير المستلزم للحقيقة جلس الدار وسير الليل وسير شديد على ما مرّ، ودليل الفريقين يطلب من العضدي. فائدة:
من الألفاظ ما هي واسطة بين الحقيقة والمجاز، قيل بها في ثلاثة أشياء. أحدها اللفظ قبل الاستعمال وهذا مفقود في القرآن ويمكن أن يكون أوائل السّور على القول بأنّها للإشارة إلى الحروف التي يتركّب منها الكلام. وثانيها اللفظ المستعمل في الــمشاكلة نحو وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ ذكره البعض وقال لأنّه لم يوضع لما استعمل فيه، فليس حقيقة ولا علاقة معتبرة فليس مجازا. قيل والذي يظهر أنّه مجاز والعلاقة المصاحبة. وثالثها الإعلام كذا في الاتقان. قال الآمدي الحقيقة والمجاز تشتركان في امتناع اتصاف الأعلام بهما كزيد وعمرو وفيه تأمّل لأنّ مثل السّماء والأرض والشمس والقمر وغير ذلك من الأعلام حقائق لغوية كما لا يخفى، اللهم إلّا أن تخصّ الأعلام بمثل زيد وعمرو وما يشبههما مما لم يثبت استعماله في اللّغة، وإنّما حدثت عند أهل العرب فتأمّل، كذا ذكر التفتازاني في حاشية العضدي. ووجه التأمّل أنّه لو أريد بأنّ مثل تلك الأعلام قبل الاستعمال واسطة فمسلّم ولا يجدي نفعا، ولو أريد أنّها بعد الاستعمال واسطة فممنوع لصدق تعريف الحقيقة عليها.
فائدة:
قد اختلف في أشياء أهي من المجاز أو الحقيقة وهي ستة. أحدها الحذف كما مرّ.
والثاني الكناية كما مرّ أيضا. والثالث الالتفات.
قال الشيخ بهاء الدين السّبكي لم أر من ذكر هل هو حقيقة أو مجاز، وقال وهو حقيقة حيث لم يكن معه تجريد. والرابع التأكيد، زعم قوم أنّه مجاز لأنّه لا يفيد إلّا ما أفاده الأول والصحيح أنّه حقيقة. قال الطرطوسي من سمّاه مجازا قلنا له: إذا كان التأكيد بلفظ الأول فإن جاز أن يكون الثاني مجازا جاز في الأول لأنّهما لفظ واحد، وإذا بطل حمل الأول على المجاز بطل حمل الثاني عليه لأنّه مثل الأول.
الخامس التشبيه زعم قوم أنّه مجاز والصحيح أنّه حقيقة. قال الزنجاني في المعيار لأنّه معنى من المعاني وله ألفاظ دالّة عليه وضعا فليس فيه نقل عن موضوعه. وقال الشيخ عزيز الدين إن كانت بحرف فهو حقيقة أو بحذف فهو مجاز بناء على أنّ الحذف من المجاز. والسادس التقديم والتأخير عدّه قوم من المجاز لأنّ تقديم ما رتبته التأخير كالمفعول وتأخير ما رتبته التقديم كالفاعل نقل لكلّ واحد منهما عن مرتبته وحقّه.
قال في البرهان والصحيح أنّه ليس منه فإنّ المجاز نقل ما وضع له إلى ما لم يوضع له كذا في الإتقان.
فائدة:
المجاز واقع في اللغة خلافا للاستاذ أبي إسحاق الأسفرايني قال لو كان المجاز واقعا للزم الاختلال بالتفاهم إذ قد يخفى القرينة.
وردّ بأنّه لا يوجب امتناعه وغايته أنّه استبعاد وهو لا يعتبر مع القطع بالوقوع لأنّا نقطع بأنّ الأسد للشجاع والحمار للبليد مجاز. نعم ربما يحصل به ظنّ في مقام التردّد. فإن قيل هو مع القرينة لا يحتمل غير ذلك فكان المجموع حقيقة فيه. أجيب بأنّ المجاز والحقيقة من صفات الألفاظ دون القرائن المعنوية فلا تكون الحقيقة صفة للمجموع. ولئن سلّم، لكن الكلام في جزء هذا المجموع فالنزاع لفظي.
وكذا المجاز واقع في القرآن وأنكره جماعة منهم الظاهرية وابن القاصّ من الشافعية وابن خويزمنداد من المالكية. وبناء الإنكار على ما هو أوهن من بيت العنكبوت حيث قالوا: لو وقع المجاز في القرآن لصحّ إطلاق المتجوّز عليه تعالى وهو مع كونه ممنوعا إذ لا بدّ لصحة الإطلاق من الإذن الشرعي عند الأشاعرة، ومن إفادة التعظيم عند جماعة، ومن عدم إيهام النّقص عند الكلّ منقوض بأنّه لو وقع مركّب في القرآن يصحّ إطلاق المركّب عليه، وإن شئت زيادة التحقيق فارجع إلى العضدي وحواشيه والأطول.

المقابلة

المقابلة:
[في الانكليزية] Opposition ،reciprocity ،oxymoron
[ في الفرنسية] Opposition ،reciprocite ،oxymoron
هي عند المنجّمين كون الكوكبين بحيث يكون البعد بينهما بقدر نصف فلك البروج ككون الزهرة في أول درجة الحمل والمريخ في أول درجة الميزان، ومقابلة الشمس والقمر يسمّى استقبالا وامتلاء. وعند المحاسبين عبارة عن إسقاط الأجناس المشتركة في كلّ واحد من المتعادلين أي المتساويين وهذا مستعمل في علم الجبر والمقابلة. مثاله شيء وعشرة أعداد يعدل مائة، فالجنس المشترك في الطرفين المتعادلين والعشرة التي هي من جنس العدد توجد في كلّ واحد من شيء وعشرة ومائة، فإذا أسقطناها من الطرفين بقي شيء معادلا لتسعين، فهذا الإسقاط هو المقابلة كذا في شرح خلاصة الحساب.
وعند أهل البديع هي أن يؤتى بمعنيين متوافقين أو بمعان متوافقة، ثم بما يقابل ذلك على الترتيب ويسمّى بالتقابل أيضا. وأمّا ما وقع في العضدي من أنّ التقابل ذكر معنيين متقابلين، فقد قال السّيّد السّند إنّه خلاف المشهور فإنّ ما ذكره تفسير للمطابقة، والتقابل قسم منها، وهو أن يؤتى بمعنيين إلى آخره، إلّا أنّه لا مناقشة في الاصطلاحات فجاز أن يطلق التقابل على ما يسمّى مطابقة وبالعكس. ثم المراد بالتوافق خلاف التقابل لا أن يكونا متناسبين ومتماثلين فإنّ ذلك غير مشروط في المقابلة. قيل يختصّ اسم المقابلة بالإضافة إلى العدد الذي وقع عليه المقابلة مثل مقابلة الواحد بالواحد وذلك قليل جدا، كقوله تعالى لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ومقابلة الاثنين بالاثنين كقوله فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً ومقابلة الثلاثة بالثلاثة كقول الشاعر:
وما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل ومقابلة الأربعة بالأربعة نحو فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى والمراد باستغنى أنّه زهد فيما عند الله تعالى كأنّه مستغن عنه والاستغناء مستلزم لعدم الاتقاء المقابل للاتقاء، فإنّ المقابلة قد يتركّب بالطّباق وقد يتركّب مما هو يلحق بالطّباق. ومقابلة الخمسة بالخمسة كقوله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي الآيات قابل بين بعوضة فما فوقها وبين فأمّا الذين آمنوا، وأمّا الذين كفروا وبين يضلّ ويهدي وبين ينقضون وميثاقه ويقطعون وأن يوصل. ومقابلة الستّة بالستّة كقوله تعالى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ الآية ثم قال: قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ الآية. قابل الجنات والأنهار والخلد والأرواح والتطهير والرضوان بإزاء النساء والبنين والذهب والفضة والخيل المسوّمة والأنعام والحرث. وقسّم بعضهم المقابلة إلى ثلاثة أنواع: نظيري ونقيضي وخلافي. مثال الأول مقابلة السّنة بالنوم في قوله تعالى: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ فإنّهما من باب الرّقاد المقابل باليقظة في آية وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ فهذه الآية مثال النقيضي. ومثال الخلافي مقابلة الشّر بالرشد في قوله تعالى وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً فإنّهما خلافان لا نقيضان، فإن نقيض الشر الخير والرشد البغي. قال ابن أبي الأصبع: الفرق بين الطّباق والمقابلة من وجهين: أحدهما أنّ الطباق لا يكون بين ضدين فقط والمقابلة لا يكون إلّا بما زاد من الأربعة إلى العشرة وثانيهما أنّ الطّباق لا يكون بالأضداد والمقابلة تكون بالأضداد وبغيرها.
قال السّكّاكي ومن خواصّ المقابلة أنّه إذا شرط في الأول أمر شرط في الثاني ضدّ ذلك الأمر نحو فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى الآية. فإنّه لما جعل في الأول التيسير مشتركا بين الإعطاء والاتقاء والتصديق جعل ضده مشتركا بين أضدادها، فعلى هذا لا يكون البيت المذكور سابقا من المقابلة عنده لأنّه اشترط في الدين والدنيا الاجتماع ولم يشترط في الكفر والإفلاس ضده. وقال السّيّد السّند ظاهر هذا الكلام أنّه لا يجب أن يكون في المقابلة شرط لكن إذا اعتبر في أحد الطرفين شرط وجب اعتبار ضدّه في الطرف الآخر. ثم إنّ السّكاكي مثّل في المطابقة بقوله تعالى: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً ولا شكّ أنّه مندرج عنده في المقابلة أيضا إذ لم يجب فيها اعتبار الشرط، ومن ذلك يعلم انتفاء التباين بين المطابقة والمقابلة. فإذا تؤمّل في أحدهما عرف كونها أخصّ من المطابقة. هذا كله خلاصة ما في المطول وحواشيه والاتقان.
وقد يطلق المقابلة على الــمشاكلة أيضا كما مرّ؛ وعلى هذا وقع في البيضاوي معنى قوله تعالى اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ أي يجازيهم على استهزائهم سمّى جزاء الاستهزاء باسمه كما سمّى جزاء السّيّئة سيئة بمقابلة اللفظ باللفظ.
وعند الحكماء هي امتناع اجتماع شيئين في موضوع واحد من جهة واحدة ويسمّى بالتقابل أيضا، والشيئان يسمّيان بالمتقابلين وهو قسم من التخالف، وليس المراد بامتناع الاجتماع امتناعه في نفس الأمر لأن المفهومين المتخالفين قد يمتنع اجتماعهما في نفس الأمر مع عدم تقابلهما كالموت مع العلم والقدرة بل امتناع الاجتماع في العقل بأن لم يجوّز العقل اجتماعهما. ثم امتناع تجويز الاجتماع الذي هو عبارة عن حصول الشيئين معا إمّا بامتناع تجويز الحصول أو بامتناع المعية، والأول ليس بمراد إذ المتقابلان لا يمتنع حصولهما في المحلّ فضلا عن التجويز فتعيّن الثاني، وامتناع تجويز معيّتهما في المحلّ يستلزم تجويز تعاقبهما فصار معنى التعريف أنّ العقل إذا لاحظهما وقاسهما إلى موضوع شخصي جوّز بمجرّد ملاحظتهما ثبوت كلّ واحد منهما فيه على سبيل التبدّل دون الاجتماع من جهة واحدة، واندفع ما قيل إنّ المعتبر في مفهوم المتقابلين نسبة كلّ منهما إلى محلّ واحد. وأمّا أنّه يجب أن يجوّز العقل ثبوت كلّ منهما فيه بدلا عن الآخر فلا، والمراد بمجرّد الملاحظة أن لا يلاحظ ما في الواقع من ثبوت أحدهما لا أن لا يلاحظ شيء آخر سوى المفهومين حتى يلزم قطع النظر عمّا هو خارج عنهما فلا يرد ما قيل إنّ العقل يجوّز ثبوت الوحدة والكثرة مثلا بمجرّد النظر إلى مفهوميهما، وعدم التجويز إنّما كان بملاحظة أنّ محل الوحدة جزء لمحل الكثرة فتحقّق المقابلة بالذات بين الوحدة والكثرة مع أنّه لا تقابل بالذات بينهما كما تقرّر. والمراد بامتناع الاجتماع امتناعه بحسب الحلول لا بحسب الصدق والحمل فإنّ امتناع الاجتماع من حيث الصدق قد يسمّى تباينا فلا يدخل نحو الإنسان والفرس في المتقابلين بخلاف مفهومي البياض واللابياض فإنّه يمتنع اجتماعهما باعتبار الحلول في محلّ واحد. إن قلت اللابياض ليس له حلول من المحل لأنّه مختص بالموجودات، قلت: الحلول أعمّ من أن يكون حقيقيا أو شبيها به، واتصاف المحلّ باللابياض اتصاف خارجي شبيه بالحلول، فالمراد بالاجتماع الاتصاف سواء كان بطريق الحلول أو لا.
وأجاب شارح حكمة العين عنه بتعميم امتناع الاجتماع حيث قال: عدم الاجتماع أعمّ من أن يكون بحسب الوجود أو بحسب القول والحمل، وفيه ما عرفت. وقيد من جهة واحدة لإدخال المتضايفين كالأبوّة والبنوّة العارضتين لزيد من جهتين، فعلى هذا لا تضاد في الجواهر إذ لا موضوع لها، فإنّ الموضوع هو المحل المستغني عمّا يحلّ فيه، فالجسم والهيولى والمفارق ليس لها محل، والصورة النوعية والجسمية وإن كان لهما محل لكنهما ليسا مستغنيين عنه. واعتبر بعضهم المحل مطلقا ولذلك أثبت التّضاد بين الصور النوعية للعناصر بخلاف الصور الجسمية لتماثلها، وبخلاف الصور النوعية للأفلاك لاختصاص كلّ صورة منها بمادتها لا يمكن زوالها عن مادتها، فلا يصحّ اعتبار نسبتها إلى محلّ واحد بالشخص يجوز العقل تواردهما عليه فلا تقابل بينهما.

التقسيم:
المتقابلان إمّا وجوديان أي ليس السلب داخلا في مفهوم شيء منهما أو لا، وعلى الأول إمّا أن يعقل كلّ منهما بالقياس إلى الآخر فهما المتضايفان أو لا، فهما المتضادان. وعلى الثاني يكون أحدهما وجوديا والآخر عدميا فإمّا أن يعتبر في العدمي محلّ قابل للوجودي فهما العدم والملكة وإلّا فهما السّلب والإيجاب، فالتقابل أربعة أقسام: تقابل التضاد وتقابل التضايف، وقد سبقا، وتقابل العدم والملكة وتقابل السلب والإيجاب. ثم المتقابلان تقابل العدم والملكة قسمان لأنّهما إن اعتبر نسبتهما إلى قابل للأمر الوجودي واعتبر قبوله لذلك الأمر في ذلك الوقت فهما العدم والملكة المشهوريان كالكوسج فإنّه عدم اللحية عمّا من شأنه في ذلك الوقت أن يكون ملتحيا، بخلاف الأمرد فإنه لا يقال له كوسج إذ ليس من شأنه اللحية في ذلك الوقت، وإن اعتبر نسبتهما إليه واعتبر قبوله له أعمّ من ذلك، سواء كان بحسب شخصه في ذلك أو قبله أو بعده أو بحسب نوعه كالعمى للأكمه وعدم اللحية للمرأة، أو بحسب جنسه القريب كالعمى للعقرب فإنّ البصر من شأن جنسها القريب كالحيوان أو جنسه البعيد كالسكون المقابل للحركة الإرادية للجبل فإنّ جنسه البعيد أعني الجنس الذي هو فوق قابل للحركة الإرادية فهما العدم والملكة الحقيقيتان. فالعدم الحقيقي هو عدم كلّ معنى وجودي يكون ممكنا للشيء بحسب الأمور الأربعة والعدم المشهوري هو ارتفاع المعنى الوجودي بحسب الوقت الذي يمكن حصوله فيه، فالمتقابلان تقابل العدم والملكة هما المتقابلان تقابل السّلب والإيجاب باعتبار النسبة إلى المحل القابل وهو المذكور في التجريد.

لكن قال المحقّق الدّواني: إنّ مجرّد امتناع الاجتماع بالنسبة إلى الموضوع القابل لا يكفي في العدم والملكة، بل لا بد مع ذلك أن تكون النسبة إليه مأخوذة في مفهوم العدمي.
فائدة:
المتقابلان تقابل التضاد قد يتقابلان باعتبار وجودهما في الخارج بالنسبة إلى محلّ واحد كالسواد والبياض ولا يلزم كونهما موجودين بل أن يكون السلب جزءا من مفهومهما، وكذا الحال في المتضايفين عند من قال بوجود الإضافات في الخارج. وأمّا على مذهب من قال بعدمها مطلقا فالتقابل بينهما باعتبار اتصاف المحلّ بهما في الخارج، وكذا الحال في العدم والملكة كالبصر مثلا فإنّه بحسب الوجود الخارجي في المحل يقابل العمي بحسب اتصاف المحل به بخلاف الإيجاب والسّلب فإنّه لا يكون لهما وجود في الخارج أصلا لأنّهما أمران عقليان واردان على النسبة التي هي عقلية أيضا لأنّهما بمعنى ثبوت النسبة وانتفائها الذين هما جزء القضية، وقد يعبّر عنهما بوقوع النسبة ولا وقوعها أيضا، فهما يوجدان في الذهن حقيقة أو في القول إذا عبّر عنهما بعبارة مجازا، وهذا معنى ما قيل إنّ تقابل الإيجاب والسلب راجع إلى القول والعقد أي الاعتقاد وليس المراد بالإيجاب والسلب هاهنا إدراك الوقوع وإدراك اللاوقوع إذ هما بهذا المعنى متقابلان تقابل التضاد لكونهما قسما من العلم قائمين بالذهن قيام العرض بمحله.
فائدة:

قال الشيخ في الشفاء: المتقابلان بالإيجاب والسلب إن لم يحتملا الصدق والكذب فبسيط كالفرسية واللافرسية وإلّا فمركّب، كقولنا زيد فرس وزيد ليس بفرس انتهى. وهذا كلام ظاهري إذ لا تقابل بين الفرسية واللافرسية إلّا باعتبار وقوع تلك النسبة إيجابا ولا وقوعها سلبا فيرجعان حينئذ إلى القضيتين بالقوة، وإذا اعتبر مفهوم الفرسية ولم يلاحظ معه نسبة بالصدق على شيء بأن يكون مفهوم اللافرسية حينئذ هو مفهوم كلمة لا مقيّدا بمفهوم الفرسية ولا سلب في الحقيقة هاهنا إذ السلب رفع الإيجاب، والإيجاب إنّما يرد على النسبة وهو ظاهر، فكذا السلب. فإذا عبرت عن مفهوم واحد ولم تعتبر معه نسبته إلى مفهوم آخر لا يمكنك تصوّر وقوع أو لا وقوع متعلّق بذلك المفهوم الواحد ضرورة. فمفهوما الفرسية واللافرسية المأخوذان على هذا الوجه متباعدان في أنفسهما غاية التباعد ومتدافعان في الصدق على ذات واحدة فهما متقابلان بهذا الاعتبار.
وبالجملة فمبنى كلام الشيخ على تشبيه الاعتبار الثاني بالاعتبار الأول في كون المفهومين في كلّ منهما في غاية التباعد، فيراد بالإيجاب وجود أيّ معنى كان سواء كان وجوده في نفسه أو وجوده بغيره، وبالسلب لا وجود أي معنى كان سواء كان لا وجوده في نفسه أو لا وجوده بغيره.
فائدة:
التقابل بالذات بمعنى انتفاء الواسطة في الإثبات والثبوت والعروض إنّما هو بين الإيجاب والسّلب وغيرهما من الأقسام إنّما يثبت التقابل فيها لأنّ كلّ واحد منها مستلزم لسلب الآخر، ولولا ذلك الاستلزام لم يتقابلا، فإنّ معنى التقابل ذلك الاستلزام فتقابل الإيجاب والسلب أقوى. وقيل بل هو التضاد إذ في المتضادين مع السّلب الضمني أمر آخر وهو غاية الخلاف المعتبرة في التضاد الحقيقي.
والمراد بالذات في قولهم تقابل الوحدة والكثرة ليس بالذات انتفاء الواسطة في العروض، ولا تقابل بين الأعدام لامتناع كون العدم المطلق مقابلا للعدم المطلق، وإلّا لزم تقابل الشيء لنفسه، وكذا للعدم المضاف لكونه جزءا منه.
فائدة:
المتقابلان بالإيجاب والسلب يكون أحدهما كاذبا فقط وهو ظاهر وسائر المتقابلين يجوز أن يكذبا، أمّا المضافان فبخلوّ المحلّ عنهما كقولك زيد بن عمر أو ابوه إذا لم يكن واحدا منهما واما العدم والملكة فلذلك أيضا اما المشهوريان فكقولك بصير أو أعمى للجنين، وأمّا الحقيقيان فكقولك للهواء البحت مستنير أو مظلم، وأمّا الضدان فعند عدم المحلّ كقولك لزيد المعدوم هو أبيض أو أسود وعند وجود المحلّ أيضا لاتصافه بالوسط كالفاتر للماء الذي ليس بحار ولا بارد، أو لخلوّه عن الوسط كالشفاف فإنّه خال عن السواد والبياض إذ لا لون له، هذا كلّه خلاصة ما في شرح المواقف وحاشيته للمولوي عبد الحكيم وشرح حكمة العين.

لقا

(لقا) - قوله تبارك وتعالى: {يَوْمَ التَّلَاقِ}
: أي يوم يَلتَقِى فيه أهلُ الأرض وأهلُ السَّماءِ.
- وقوله تعالى: {تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ}
: أي تُجاهِهم.
- وقولُه تعالى: {مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي}
: أي مِن عند نَفْسِى.
- وقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}  : أي دَافِعُوا عن أنفَسِكم.
يقال: ألقَى بنَفْسِه: أي استَسْلَم للعَدُوِّ.
- وفي الحديث: "نَهَى عن التَّلَقِّى "
وهو أن يَستَقْبِل الحضَرىُّ البَدَوِيَّ ، فيُخبِرَه بكَساد ما مَعه فيَشترِيَهُ منه بوَكْسٍ، بل يُتْرك حتى يَهْبِطَ به الأسواقَ فيشتريه كُلُّ مَنْ يَحتاجُ إليه، دون أن يختصَّ به بعضُهُم.
[لقا] نه: فيه: من أحب "لقاء" الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه والموت دون لقاء الله، أراد بلقاء الله المصير إلى الآخرة وطلب ما عند الله، وليس الغرض به الموت، لأن كلا يكرهه، فمن ترك الدنيا وأبغضها أحب لقاءه، ومن آثرها وركن إليها كره لقاءه، لأنه إنما يصل إليه بالموت، وقوله: والموت دون لقاء الله، يبين أن الموت غير اللقاء ولكنه معترض دون المطلوب فيجب أن يصبر عليه ويحتمل مشاقه حتى يصل إلى الفوز باللقاء. ك: هو متناول للموت أيضًا، فإن لقاءه على وجوه الرؤية والبعث والموت، وهذه المحبة حال النزع وبعد الإطلاع على حاله وما أعد الله له من الكرامة، ولا ينافيه حديث كراهية تمني الموت، لأنه في حال صحته وقبل الإطلاع. ط: و"لقاؤك" حق، أي المصيرهو النوم على القفا ووضع الظهر. ط: يحمل هذا على الاستلقاء بمد الرجلين بحيث لا ينكشف سوأته وح النهي عنه في نصب الركب وعدم لبس السراويل، وفيه جواز الاستلقاء في المسجد، ولعله لضرورة من تعب أو طلب راحة، وإلا فقد علم أنه صلى الله عليه وسلم كان يجلس مربعًا على الوقار والتواضع. ن: "فلقيته لقية" أخرى- بضم لام، وقيل: بفتحها. وفيه: "تلقى" عنده ثيابك- كذا روى وهو لغة، والمشهور تلقين- بنون. و"يلقى" النوى بين إصبعيه، أي يجعله بينهما لقلته، ولم يلقه في إناء التمر لئلا يختلط به، أو كان يجمعه على ظهر الإصبعين ثم يرمى به. وح: فلم "يلقى"- بثبوت ألف لغة. وح: "يلقين" و"يلقين"، أي يلقين كذا ويلقين كذا. وح: "تلقينا" أنسا حين قدم الشام، صوابه: من الشام، أو معناه: تلقيناه في رجوعه حين قدم الشام. ط: "فيلقى" حجته، أي يتعلم وينبه عليها، وقال: خفت الناس، ولعله فيمن يخاف سطوتهم وهو لا يستطيع دفعها عن نفسه. وح: إنا "لاقو" العدو- يجيء في مدى. غ: "فتلقى": قبل. وفيه: ""فالتقى" الماء" أي ماء الأرض والسماء. وفيه: ""فالملقيات" ذكرا" الملائكة تلقى الذكر من الله على الأنبياء. نه: وفيه: إنه اكتوى من "اللقوة"، وهي مرض يعرض للوجه فيميله إلى أحد الجانبين.
باب لك

لقا: اللَّقْوة: داء يكون في الوجه يَعْوَجُّ منه الشِّدق، وقد لُقِيَ

فهو مَلْقُوٌّ. ولَقَوْتُه أَنا: أَجْرَيْت عليه ذلك. قال ابن بري: قال

المهلبي واللُّقاء، بالضم والمد، من قولك رجل مَلْقُوٌّ إِذا أَصابته

اللَّقْوة. وفي حديث ابن عمر: أَنه اكْتَوَى من اللَّقْوَة، هو مرض يَعْرِضُ

لوجه فيُميلُه إِلى أَحد جانبيه.

ابن الأَعرابي: اللُّقَى الطيُّور، واللُّقَى الأَوْجاع، واللُّقَى

السَّريعاتُ اللَّقَح من جميع الحيوان.

واللَّقْوةُ واللِّقْوة: المرأَة السَّريعةُ اللَّقاحِ والناقة السريعة

اللقاح؛ وأَنشد أَبو عبيد في فتح اللام:

حَمَلْتِ ثَلاثةً فَوَلَدتِ تِمّاً،

فأُمٌّ لَقْوةٌ وأَبٌ قَبِيسُ

وكذلك الفرسُ. وناقة لِقْوةٌ ولَقْوةٌ: تَلْقَح لأَول قَرْعةٍ. قال

الأَزهري: واللَّقْوة في المرأَة والناقة، بفتح الام، أَفصح من اللِّقوة،

وكان شمر وأَبو الهيثم يقولان لِقْوة فيهما. أَبو عبيد في باب سرعة اتفاق

الأَخوين في التحابّ والمودَّة: قال أَبو زيد من أَمثالهم في هذا كانت

لَقْوةٌ صادَفَتْ قَبِيساً؛ قال: اللَّقْوةُ هي السريعة اللَّقَح والحَمْل،

والقَبِيسُ هو الفَحْل السريع الإِلقاح أَي لا إبْطاء عندهما في النِّتاج،

يضرب للرجلين يكونان متفقين على رأْي ومذهب، فلا يَلْبَثان أَن يتصاحبا

ويتَصافَيا على ذلك؛ قال ابن بري في هذا المثل: لَقْوةٌ بالفتح مذهب أَبي

عمرو الشيباني، وذكر أَبو عبيد في الأَمثال لِقْوة، بكسر اللام، وكذا

قال الليث لِقْوة، بالكسر. واللَّقْوة واللِّقْوة: العُقاب الخَفِيفة

السَّريعةُ الاخْتِطاف. قال أَبو عبيدة: سميت العقاب لَقْوة لسَعة أَشْداقها،

وجمعها لِقاءٌ وألقاءٌ، كأَنَّ أَلقاءً على حذف الزائد وليس بقياس.

ودَلْو لَقْوةٌ: لَيِّنة لا تَنْبَسِطُ سريعاً لِلِينها؛ عن الهَجَريّ؛

وأَنشد:شَرُّ الدِّلاءِ اللَّقْوةُ المُلازِمه،

والبَكَراتُ شَرُّهُنَّ الصائِمهْ

والصحيح: الوَلْغَةُ المُلازِمَهْ. ولقِيَ فلان فلاناً لِقاء ولِقاءةً،

بالمدّ، ولُقِيّاً ولِقِيّاً، بالتشديد، ولُقْياناً ولِقْياناً ولِقْيانة

واحدة ولُقْيةً واحدة ولُقًى، بالضم والقصر، ولَقاةً؛ الأَخيرة عن ابن

جني، واستضعفها ودَفَعها يعقوب فقال: هي مولَّدة ليست من كلام العرب؛ قال

ابن بري: المصادر في ذلك ثلاثة عشر مصدراً، تقول لَقِيته لِقاءً

ولِقاءَةً وتِلقاءً ولُقِيّاً ولِقِيّاً ولِقْياناً ولُقْياناً ولِقْيانَةً

ولَقْيةً ولَقْياً ولُقًى ولَقًى، فيما حكاه ابن الأَعرابي، ولَقاةً؛ قال:

وشاهد لُقًى قول قيس بن المُلَوّح:

فإِن كان مَقْدُوراً لُقاها لَقِيتُها،

ولم أَخْشَ فيها الكاشِحِينَ الأَعادِيا

وقال آخر:

فإِنَّ لُقاها في المَنامِ وغيره،

وإِنْ لم تَجُدْ بالبَذْل عندي، لرابِحُ

وقال آخر:

فلوْلا اتِّقاءُ الله، ما قلتُ مَرْحَباً

لأَوَّلِ شيباتٍ طَلَعْنَ، ولا سَهْلا

وقد زَعَمُوا حُلْماً لُقاك، فلم يَزِدْ،

بِحَمْدِ الذي أَعْطاك، حِلْماً ولا عَقْلا

وقال ابن سيده: ولَقاه طائية؛ أَنشد اللحياني:

لمْ تَلْقَ خَيْلٌ قبْلَها ما قد لَقَتْ

مِنْ غِبِّ هاجِرةٍ، وسَيْرٍ مُسْأَدِ

الليث: ولَقِيه لَقْيةً واحدة ولَقاةً واحدة، وهي أَقبحها على جوازها ،

قال ابن السكيت: ولِقيانةً واحدة ولَقْيةً واحدة، قال ابن السكيت: ولا

يقال لَقاة فإِنها مولدة ليست بفصيحة عربية، قال ابن بري: إِنما يقال لَقاة

لأَن الفَعْلة للمرة الواحدة إِنما تكون ساكنة العين ولَقاةٌ محركة

العين. وحكى ابن درستويه: لَقًى ولَقاة مثل قَذًى وقَذاةٍ، مصدر قَذِيت

تَقْذَى.

واللِّقاء: نقيض الحِجاب؛ ابن سيده: والاسم التِّلقاء؛ قال سيبويه: وليس

على الفعل، إِذ لو كان على الفعل لفتحت التاء؛ وقال كراع: هو مصدر نادر

ولا نظير له إِلا التِّبْيان. قال الجوهري: والتِّلقاء أَيضاً مصدر مثل

اللقاء؛ وقال الراعي:

أَمَّلْتُ خَيْرَكَ هل تَأْتي مَواعِدُه،

فالْيَوْمَ قَصَّرَ عن تِلْقائِه الأَمَلُ

قال ابن بري: صوابه أَمَّلت خيركِ، بكسر الكاف، لأَنه يخاطب محبوبته،

قال: وكذا في شعره وفيه عن تِلْقائِك بكاف الخطاب؛ وقبله:

وما صَرَمْتُك حتى قُلْتِ مُعْلِنةً:

لا ناقةٌ لي في هذا، ولا جَملُ

وفي الحديث: مَنْ أَحبَّ لِقاء اللهِ أَحبَّ اللهُ لقاءه ومَن كَرِه

لقاء اللهِ كرهَ الله لقاءه والموتُ دون لقاء الله؛ قال ابن الأَثير: المراد

بلقاء الله المصيرُ إِلى الدار الآخرة وطلبُ ما عند الله، وليس الغرض به

الموت لأَن كلاًّ يكرهه، فمن تَرك الدنيا وأَبغضها أَحبَّ لِقاء اللهِ،

ومَن آثَرَها ورَكِنَ إِليها كَرِهَ لِقاء الله لأَنه إِنما يصل إِليه

بالموت. وقوله: والموتُ دون لقاء الله، يُبَيِّنُ أَن الموتَ غيرُ اللقاء،

ولكنه مُعْتَرِضٌ دون الغَرَض المطلوب، فيجب أَن يَصْبر عليه ويحتمل

مشاقَّة حتى يصل إِلى الفَوْز باللِّقاء.

ابن سيده: وتَلَقَّاه والتَقاه والتَقَيْنا وتَلاقَيْنا. وقوله تعالى:

ليُنذِر يوم التَّلاقِ؛ وإِنما سمي يومَ التلاقي لتَلاقي أَهل الأَرضِ

وأَهل السماء فيه. والتَقَوْا وتَلاقَوْا بمعنى.

وجلس تِلْقاءه أَي حِذاءه؛ وقوله أَنشده ثعلب:

أَلا حَبَّذا مِنْ حُبِّ عَفْراء مُلْتَقَى،

نَعَمْ، وأَلا لا حيثُ يَلْتَقِيانِ

فسره فقال: أَراد مُلْتَقَى شفتيها لأَن التِقاء نَعمْ ولا إِنما يكون

هنالك، وقيل: أَراد حَبَّذا هي مُتكلِّمةً وساكتة، يريد بملتقى نعم

شفتيها، وبأَلا لا تَكلُّمَها، والمعنيان متجاوران. واللَّقِيانِ

(* قوله«

اللقيان» كذا في الأصل والمحكم بتخفيف الياء، والذي في القاموس وتكملة

الصاغاني بشدها وهو الاشبه): المُلتَقِيانِ.ورجل لَقِيٌّ ومَلْقِيٌّ ومُلَقًّى

ولَقَّاء يكون ذلك في الخير والشر، وهو في الشر أَكثر. الليث: رجل

شَقِيٌّ لَقِيٌّ لا يزال يَلْقى شَرّاً، وهو إِتباع له. وتقول: لاقَيْتُ بين

فلان وفلان. ولاقَيْتُ بين طَرَفَيْ قضيب أَي حَنَيْته حتى تلاقيا

والتَقَيَا. وكلُّ شيءٍ استقبل شيئاً أَو صادفه فقد لقِيَه من الأَشياء كلها.

واللَّقِيَّان: كل شيئين يَلْقى أَحدهما صاحبه فهما لَقِيَّانِ. وفي حديث

عائشة، رضي الله عنها: أَنها قالت إِذا التقى الخِتانان فقد وجَب

الغُسْلُ؛ قال ابن الأَثير: أَي حاذى أَحدهما الآخر وسَواء تَلامَسا أَو لم

يتَلامَسا، يقال: التَقى الفارسان إِذا تَحاذَيا وتَقابلا، وتظهر فائدته فيما

إِذا لَفَّ على عُضوه خرقة ثم جامَع فإِن الغسل يجب عليه وإن لم يَلْمَسِ

الخِتانُ الخِتانَ. وفي حديث النخعي: إِذا التقى الماءَانِ فقد تَمَّ

الطُّهورُ؛ قال ابن الأَثير: يريد إِذا طَهَّرْتَ العُضْوَين من أَعْضائك

في الوضُوءِ فاجتمع الماءَانِ في الطُّهور لهما فقد تم طُهُورهُما للصلاة

ولا يُبالي أَيُّهما قدَّم، قل: وهذا على مذهب من لا يوجب الترتيب في

الوضوء أَو يريد بالعضوين اليدين والرجلين في تقديم اليمنى على اليسرى أَو

اليسرى على اليمنى، وهذا لم يشترطه أَحد.

والأُلْقِيَّةُ: واحد من قولك لَقِيَ فلان الأَلاقيَّ من شَرٍّ وعُسْر.

ورجل مُلَقًّى: لا يزالُ يلقاه مكروه. ولَقِيتُ منه الأَلاقَي؛ عن

اللحياني، أَي الشَّدائد، كذلك حكاه بالتخفيف.

والمَلاقي: أَشْراف نَواحي أَعْلى الجبل لا يزال يَمْثُل عليها الوعل

يعتصم بها من الصياد؛ وأَنشد:

إِذا سامَتْ على المَلْقاةِ ساما

قال أَبو منصور: الرواة رووا:

إِذا سامت على المَلَقاتِ ساما

واحدتها مَلَقةٌ، وهي الصَّفاة المَلْساء، والميم فيها أَصلية، كذا روي

عن ابن السكيت، والذي رواه الليث، إِن صح، فهو مُلْتَقى ما بين الجبلين.

والمَلاقي أَيضاً: شُعَبُ رأْس الرَّحِم وشُعَبٌ دونَ ذلك، واحدها

مَلْقًى ومَلْقاةٌ، وقيل: هي أَدنى الرحم من موضع الولد، وقيل: هي الإِسَكُ؛

قال الأَعشى يذكر أُم عَلْقمةَ:

وكُنَّ قد أَبْقَيْنَ منه أُذًى،

عند المَلاقي، وافيَ الشَّافِرِ

الأَصمعي: المُتَلاحِمةُ الضيِّقة المَلاقي، وهو مَأْزِمُ الفَرْجِ

ومَضايِقُه. وتلقَّت المرأَة، وهي مُتَلَقٍّ: عَلِقَتْ، وقلّ ما أَتى هذا

البناء للمؤنث بغير هاء. الأَصمعي: تَلقَّتِ الرحمُ ماء الفحل إِذا

قَبِلَتْه وأَرتَجَتْ عليه. والمَلاقي من الناقة: لحم باطن حيَائها، ومن الفرس

لحم باطن ظَبْيَتها.

وأَلقى الشيء: طَرَحَه. وفي الحديث: إِنَّ الرجل ليتكلم بالكلمة ما

يُلْقي لها بالاً يَهْوي بها في النار أَي ما يُحْضِرُ قلبَه لما يَقولُه

منها، والبالُ: القَلبُ. وفي حديث الأَحنف: أَنه نُعِيَ إِليه رَجلٌ فما

أَلقى لذلك بالاً أَي ما اسْتَمع له ولا اكْتَرَثَ به؛ وقوله:

يَمْتَسِكُونَ، مِن حِذاِ الإِلْقاءِ،

بتَلِعاتٍ كَجُذُوعِ الصِّيصاء

إِنما أَراد أَنهم يَمْتسكون بخَيْزُران السَّفينة خشية أَن تُلقِيَهم

في البحر، ولَقَّاه الشيءَ وأَلقاه إِليه وبه. فسر الزجاج قوله تعالى:

وإِنَّك لَتُلَقَّى القرآن؛ أَي يُلْقى إِليك وحْياً من عند الله. واللَّقى:

الشيء المُلْقى، والجمع أَلقاء؛ قال الحرث بن حلزة:

فتَأَوَّتْ لهم قَراضِبةٌ مِن

كلِّ حَيٍّ، كأَنهم أَلْقاءُ

وفي حديث أَبي ذر: ما لي أَراك لَقًى بَقًى؟ هكذا جاءَا مخففين في رواية

بوزن عَصاً.

واللَّقى: المُلْقى على الأَرض، والبَقى إِتباع له. وفي حديث حكيم بن

حزام: وأُخِذَتْ ثِيابُها فجُعِلتْ لَقًى أَي مُرْماةً مُلْقاةً. قال ابن

الأَثير: قيل أَصل اللَّقى أَنهم كانوا إِذا طافُوا خَلَعُوا ثيابَهم

وقالوا لا نَطُوف في ثياب عَصَيْنا اللهَ فيها، فيُلقُونها عنهم ويُسمّون ذلك

الثوب لَقًى، فإِذا قَضَوْا نُسُكَهم لم يأْخُذوها وتركوها بحالها

مُلْقاةً. أَبو الهيثم: اللَّقى ثوبُ المُحْرِمِ يُلْقِيه إذا طاف بالبيت في

الجاهلية ، وجمعه أَلقاء . واللَّقى: كل شيء مطروح متروك كاللُّقَطة.

والأُلْقِيَّةُ: ما أُلقِيَ. وقد تَلاقَوْا بها: كتَحاجَوْا؛ عن اللحياني

. أَبو زيد: أَلْقَيت عليه أُلْقِيَّةً كقولك أَلقَيت عليه

أُحْجِيَّةً، كل ذلك يقال؛ قال الأَزهري: معناه كلمة مُعاياةٍ يُلقِيها عليه

ليستخرجها . ويقال: هم يَتَلاقَوْن بأُلْقِيَّةٍ لهم.

ولَقاةُ الطريق: وسَطُه؛ عن كراع.

ونهى النبيُّ ، صلى الله عليه وسلم ، عن تَلَقِّي الرُّكْبان ؛ وروى

أَبو هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ،صلى الله عليه وسلم، لا

تَتلقَّوُا الرُّكْبانَ أَو الأَجْلابَ فَمَن تَلقَّاه فاشتَرى منه شيئاً

فصاحِبُه بالخِيارإذا أَتى السُّوقَ؛ قال الشافعي: وبهذا آخذ إن كان ثابتاً،

قال: وفي هذا دليل أَن البيع جائِز غيرَ أَن لصاحبها الخيار بعد قُدوم

السوق، لأَنَّ شراءَها من البَدوِيّ قبل أَن يصير إلى موضع المُتساومَيْنِ

من الغرور بوجه النقص من الثمن فله الخيار ؛ وتَلَقِّي الرُّكبان: هو

أَن يستقبل الحضَريُّ البدويَّ قبل وصوله إلى البلد ويخبره بكَسادِ ما معه

كَذِباً ليشتري منه سِلْعَته بالوَكْس وأَقلَّ من ثمن المثل ، وذلك

تَغْرير مُحرَّم ولكن الشراء منعقد، ثم إن كذب وظهر الغَبْنُ ثبت الخِيار

للبائع، وإن صدَق ففيه على مذهب الشافعي خلاف . وفي الحديث: دخَل أَبو قارظٍ

مكةَ فقالت قُريش حَلِيفُنا وعَضُدُنا ومُلْتَقى أَكُفِّنا أَي أَيدينا

تَلتَقي مع يده وتجتمع، وأَراد به الحِلْفَ الذي كان بيْنه وبينهم . قال

الأَزهري: والتَّلَقِّي هو الاستقبال ؛ ومنه قوله تعالى: وما يُلَقَّاها

إلا الذين صَبَروا وما يُلَقَّاها إلا ذو حظٍ عظيمٍ؛ قال الفراء: يريده ما

يُلَقَّى دفعَ السيئة بالحَسَنة إلا من هو صابر أَو ذو حظٍّ عظيم،

فأَنثها لتأْنيث إرادة الكلمة، وقيل في قوله وما يُلقَّاها أي ما يُعَلَّمها

ويُوَفَّقُ لها إلا الصابر . وتَلَقَّاه أَي استقبله. وفلان يَتَلَقَّى

فلاناً أَي يَسْتَقْبِله. والرجل يُلَقَّى الكلام أَي يُلَقَّنه. وقوله

تعالى: إذ تَلَقَّوْنَه بأَلسنتكم؛ أَي يأْخذ بعض عن بعض. وأَما قوله تعالى:

فَتَلقَّى آدمُ من ربّه كلِماتٍ؛ فمعناه أَنه أَخذها عنه، ومثله

لَقِنَها وتَلَقَّنَها ، وقيل: فتَلقَّى آدمُ من ربه كلماتٍ، أَي تَعلَّمها ودعا

بها. وفي حديث أَشراط الساعة: ويُلْقى الشُّحُّ؛ قال ابن الأَثير: قال

الحميدي لم يَضْبِط الرواةُ هذا الحرف، قال: ويحتمل أَن يكون يُلَقَّى

بمعنى يُتَلَقَّى ويُتَعَلَّم ويُتَواصى به ويُدعى إليه من قوله تعالى: وما

يُلَقَّاها إلا الصابرون؛ أَي ما يُعَلَّمُها ويُنَبَّه عليها ، ولو قيل

يُلْقَى، مخففة القاف، لكان أَبعد، لأَنه لو أُلقِيَ لترك ولم يكن

موجوداً وكان يكون مدحاً، والحديث مبني على الذم، ولو قيل يُلْفى، بالفاء،

بمعنى يوجد لم يَستَقِم لأَن الشحّ ما زال موجوداً.

الليث: الاسْتِلْقاءُ على القفا، وكلُّ شيء كان فيه كالانْبِطاح ففيه

اسْتِلقاء، واسْتَلْقى على قفاه؛ وقال في قول جرير:

لَقًى حَمَلَتْه أُمُّه وهي ضَيْفةٌ

جعله البعيث لَقًى لا يُدْرى لمن هو وابْنُ مَن هو، قال الأَزهري: كأَنه

أَراد أَنه منبوذ لا يُدرى ابن مَن هو. الجوهري: واللَّقى، بالفتح،

الشيء المُلْقى لهَوانه، وجمعه أَلقاء؛ قال:

فلَيْتَكَ حالَ البحرُ دُونَكَ كلُّه،

وكنت لَقًى تَجْري عليْكَ السَّوائِلُ

قال ابن بري: قال ابن جني قد يجمع المصدر جمع اسم الفاعل لمشابهته له،

وأَنشد هذا البيت ، وقال: السَّوائلُ جمع سَيْل فجَمَعه جَمع سائل؛ قال:

ومثله:

فإِنَّكَ ، يا عامِ ابنَ فارِسِ قُرْزُلٍ،

مُعِيدٌ على قِيلِ الخَنا والهَواجِرِ

فالهَواجِرُ جمع هُجْر ؛ قال: ومثله :

مَن يفْعَلِ الخَيْرَ لا يَعْدَمْ جَوازِيَهُ

فيمن جعله جمع جزاء ؛ قال: قال ابن أَحمر في اللقى أَيضاً:

تَرْوي لَقًى أَلْقِيَ في صَفْصَفٍ،

تَصْهَرُه الشمس فما يَنْصَهِر

وأَلْقَيْتُه أَي طَرحته . تقول: أُلقِه مِن يدِك وأَلقِ به من يدك،

وأَلقَيْتُ إليه المودّة وبالمودّةِ.

أَنْسَب

أَنْسَب
الجذر: ن س ب

مثال: افعل الأَنْسَب
الرأي: مرفوضة
السبب: لمجيء أفعل التفضيل من غير الثلاثي مباشرة.
المعنى: الأكثر ملاءمة

الصواب والرتبة: -افعل الأكثر مناسَبةً [فصيحة]-افعل الأَنْسَب [صحيحة]
التعليق: أجاز بعض النحويين صوغ أفعل التفضيل من غير الثلاثي بشرط أمن اللبس، وبرأيهم أخذ مجمع اللغة المصري لورود بعض الشواهد منه عن العرب، كقولهم: هو أعطاهم للدراهم وأولاهم بالمعروف. وقد جاء في المصباح: «والأنسب تقديم القبيلة على البلد» على أنه قد جاء في التاج: «بين الشيئين مناسبة وتناسب، أي: مشاكلة وتشاكل، وكذا قولهم: لا نسبة بينهما، وبينهما نسبة قريبة». فاستعمال النسبة - وهي مصدر الثلاثي نسب - بنفس معنى المناسبة، يدل على جواز استعمال الأنسب.

القر

(القر) الْبرد (أوجبوا الْفَتْح مَعَ الْحر للــمشاكلة) والبارد من كل شَيْء وَيَوْم القر الْيَوْم الَّذِي يَلِي النَّحْر لِأَن النَّاس يقرونَ فِيهِ بمنى أَو فِي مَنَازِلهمْ والهودج

(القر) الْبرد وَيُقَال (وَقعت بقر) صَارَت الشدَّة فِي قَرَارهَا

تخير اللفظ

تخير اللفظ
يتأنق أسلوب القرآن في اختيار ألفاظه، ولما بين الألفاظ من فروق دقيقة في دلالتها، يستخدم كلا حيث يؤدى معناه في دقة فائقة، تكاد بها تؤمن بأن هذا المكان كأنما خلقت له تلك الكلمة بعينها، وأن كلمة أخرى لا تستطيع توفية المعنى الذى وفت به أختها، فكل لفظة وضعت لتؤدى نصيبها من المعنى أقوى أداء، ولذلك لا تجد في القرآن ترادفا، بل فيه كل كلمة تحمل إليك معنى جديدا.
ولما بين الكلمات من فروق، ولما يبعثه بعضها في النفس من إيحاءات خاصة، دعا القرآن ألا يستخدم لفظ مكان آخر، فقال: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ (الحجرات 14). فهو لا يرى التهاون في استعمال اللفظ ولكنه يرى التدقيق فيه ليدل على الحقيقة من غير لبس ولا تمويه، ولما كانت كلمة راعِنا لها معنى في العبرية مذموم، نهى المؤمنين عن مخاطبة الرسول بها فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا (البقرة 104).
فالقرآن شديد الدقة فيما يختار من لفظ، يؤدى به المعنى.
استمع إليه في قوله: وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (البقرة 49). ما تجده قد اختار الفعل ذبح، مصورا به ما حدث، وضعّف عينه للدلالة على كثرة ما حدث من القتل فى أبناء إسرائيل يومئذ، ولا تجد ذلك مستفادا إذا وضعنا مكانها كلمة يقتلون.
وتنكير كلمة حياة، فى قوله تعالى: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ (البقرة 96).
يعبر تعبيرا دقيقا عن حرص هؤلاء الناس على مطلق حياة يعيشونها، مهما كانت حقيرة القدر، ضئيلة القيمة، وعند ما أضيفت هذه الكلمة إلى ياء المتكلم في قوله تعالى: وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي (الفجر 23، 24). عبرت بأدق تعبير عن شعور الإنسان يومئذ، وقد أدرك في جلاء ووضوح أن تلك الحياة الدنيا لم تكن إلا وهما باطلا، وسرابا خادعا، أما الحياة الحقة الباقية، فهى تلك التى بعد البعث؛ لأنها دائمة لا انقطاع لها، فلا جرم أن سماها حياته، وندم على أنه لم يقدم عملا صالحا، ينفعه في تلك الحياة.
واستمع إلى قوله تعالى: إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (الإنسان 10، 11). تجد كلمة العبوس قد استعملت أدق استعمال؛ لبيان نظرة الكافرين إلى ذلك اليوم، فإنهم يجدونه عابسا مكفهرّا، وما أشد اسوداد اليوم، يفقد فيه المرء الأمل والرجاء، وكلمة قَمْطَرِيراً بثقل طائها مشعرة بثقل هذا اليوم، وفي كلمتى النضرة والسرور تعبير دقيق عن المظهر الحسى لهؤلاء المؤمنين، وما يبدو على وجوههم من الإشراق، وعما يملأ قلوبهم من البهجة.
ومن دقة التمييز بين معانى الكلمات، ما تجده من التفرقة في الاستعمال بين:
يعلمون، ويشعرون، ففي الأمور التى يرجع إلى العقل وحده أمر الفصل فيها، تجد كلمة يَعْلَمُونَ صاحبة الحق في التعبير عنها، أما الأمور التى يكون للحواس مدخل في شأنها، فكلمة يَشْعُرُونَ أولى بها، وتأمل لذلك قوله تعالى: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ (البقرة 13). فالسفاهة أمر مرجعه إلى العقل، وقوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ (البقرة 26). وقوله تعالى: أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (البقرة 77). وقوله تعالى: وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ (الأنعام 114). وقوله تعالى: أَلا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (يونس 55). وقوله تعالى: بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (الأنبياء 24). وقوله تعالى: وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (النور 25). إلى غير ذلك مما يطول بى أمر تعداده، إذا مضيت في إيراد كل ما استخدمت فيه كلمة يعلمون.
وتأمل قوله تعالى: وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ (البقرة 154). فمن الممكن أن يرى الأحياء وأن يحس بهم، وقوله تعالى:
وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (الزمر 55)، فالعذاب مما يشعر به ويحس، وقوله تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ (البقرة 11، 12). وقوله تعالى: قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (النمل 18). وقوله تعالى: وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (القصص 11). وغير ذلك كثير.
واستخدم القرآن كلمة التراب، ولكنه حين أراد هذا التراب الدقيق الذى لا يقوى على عصف الريح استخدم الكلمة الدقيقة وهى الرماد، فقال: الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ (إبراهيم 18). كما أنه آثر عليها كلمة الثرى، عند ما قال: تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى (طه 4 - 6). لأنه يريد- على ما يبدو من سياق الآيات الكريمة- الأرض المكونة من التراب، وهى من معانى الثرى، فضلا عما في اختيار الكلمة من المحافظة على الموسيقى اللفظية في فواصل الآيات.
وعبر القرآن عن القوة العاقلة في الإنسان بألفاظ، منها الفؤاد واللب والقلب، واستخدم كلا في مكانه المقسوم له، فالفؤاد في الاستخدام القرآنى يراد به تلك الآلة التى منحها الله الإنسان، ليفكر بها، ولذا كانت مما سوف يسأل المرء عن مدى انتفاعه بها يوم القيامة، كالسمع، والبصر، قال تعالى: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا (الإسراء 36). وتجد هذا واضحا فيما وردت فيه تلك الكلمة من الآيات، واستمع إلى قوله تعالى: قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ (الملك 23). وقوله تعالى: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى (النجم 11). وقوله تعالى: وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ (الأنعام 113). وقوله تعالى: نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةَ (الهمزة 6، 7). وقوله تعالى: مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (إبراهيم 43).
أما اللب ولم يستخدم في القرآن إلا مجموعا، فيراد به التفكير الذى هو من عمل تلك الآلة، تجد هذا المعنى في قوله تعالى: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة 179). وقوله تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ (آل عمران 190). وقوله تعالى: وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ (البقرة 269).
أما القلب، وهو أكثر هذه الكلمات دورانا في الاستخدام القرآنى، فهو بمعنى أداة التفكير، فى قوله تعالى: لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها (الأعراف 179). وقوله تعالى: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها (الحج 46). وقوله تعالى: رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً (آل عمران 8). وقوله تعالى: فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (الحج 46). وهو أداة الوجدان، كما تشعر بذلك في قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ (الأنفال 2). وقوله تعالى: وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ (الأحزاب 10). وقوله تعالى: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ (النازعات 6 - 8). وقوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً (الفتح 4). وقوله تعالى: وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً (القيامة 27). وقوله تعالى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (الرعد 28).
وهو أداة الإرادة، كما يبدو ذلك في قوله تعالى: إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (القصص 10). وقوله تعالى: وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ (الأنفال 11). وقوله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ (الأحزاب 5).
فالقرآن يستخدم القلب فيما نطلق عليه اليوم كلمة العقل، وجعله في الجوف حينا في قوله تعالى: ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ (الأحزاب 4).
وفي الصدر حينا، فى قوله: وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (الحج 46). تعبير عما يشعر به الإنسان عند ما يلم به وجدان، أو تملؤه همة وإرادة.
ومن الدقة القرآنية في استخدام الألفاظ أنه لا يكاد يذكر المشركين، إلا بأنهم أصحاب النار، ولكنا نجده قال في سورة (ص): وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ . فنراه قد استخدم كلمة أَهْلِ وهى هنا أولى بهذا المكان من كلمة (أصحاب)، لما تدل عليه تلك من الإقامة في النار والسكنى بها. وكلمة (ميراث) فى قوله تعالى: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (آل عمران 180). واقعة موقعها، وهى أدق من كلمة (ملك) فى هذا الموضع، لما أن المال يرى في أيدى مالكيه من الناس، ولكنه سوف يصبح ميراثا لله.
وقد يحتاج المرء إلى التريث والتدبر، ليدرك السر في إيثار كلمة على أخرى، ولكنه لا يلبث أن يجد سمو التعبير القرآنى، فمن ذلك قوله تعالى: قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى (طه 63 - 65). فقد يبدو للنظرة العاجلة أن الوجه أن يقال: إما أن تلقى وإما أن نلقى، وربما توهم أن سر العدول يرجع إلى مراعاة النغم الموسيقى فحسب، حتى تتفق الفواصل في هذا النغم، وذلك ما يبدو بادئ الرأى، أما النظرة الفاحصة فإنها تكشف رغبة القرآن في تصوير نفسية هؤلاء السحرة، وأنهم لم يكونوا يوم تحدوا موسى بسحرهم، خائفين، أو شاكين في نجاحهم، وإنما كان الأمل يملأ قلوبهم، فى نصر مؤزر عاجل، فهم لا ينتظرون ما عسى أن تسفر عنه مقدرة موسى عند ما ألقى عصاه، بل كانوا مؤمنين بالنصر سواء أألقى موسى أولا، أم كانوا هم أول من ألقى.
ومن ذلك قوله تعالى: وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (البقرة 176).
فقد يتراءى أن وصف الشقاق، وهو الخلاف، بالقوة أولى من وصفه بالبعد، ولكن التأمل يدل على أن المراد هنا وصف خلافهم بأنه خلاف تتباعد فيه وجهات النظر إلى درجة يعسر فيها الالتقاء، ولا يدل على ذلك لفظ غير هذا اللفظ الذى اختاره القرآن. ومن ذلك قوله تعالى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (الحج 27). فربما كانت الموسيقى، والفاصلة في الآية السابقة دالية- تجعل من المناسب أن يوصف الفج بالبعد، فيقال: فج بعيد، ولكن إيثار الوصف بالعمق، تصوير لما يشعر به المرء أمام طريق حصر بين جبلين، فصار كأن له طولا، وعرضا، وعمقا.
وإيثار كلمة مَسْكُوبٍ فى قوله تعالى: وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ وَماءٍ مَسْكُوبٍ (الواقعة 27 - 31). مكان كلمة (غزيرة)، أدق في بيان غزارته، فهو ماء لا يقتصد في استعماله، كما يقتصد أهل الصحراء، بل هو ماء يستخدمونه استخدام من لا يخشى نفاده، بل ربما أوحت تلك الكلمة بمعنى الإسراف في هذا الاستخدام.
واستخدام كلمة يَظُنُّونَ فى الآية الكريمة: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (البقرة 45، 46).
قوية في دلالتها على مدح هؤلاء الناس، الذين يكفى لبعث الخشوع في نفوسهم، وأداء الصلاة، والاتصاف بالصبر- أن يظنوا لقاء ربهم، فكيف يكون حالهم إذا اعتقدوا؟.
ومن دقة أسلوب القرآن في اختيار ألفاظه ما أشار إليه الجاحظ حين قال :
(وقد يستخف الناس ألفاظا ويستعملونها، وغيرها أحق بذلك منها، ألا ترى أن الله تبارك وتعالى لم يذكر في القرآن الجوع، إلا في موضع العقاب، أو في موضع الفقر المدقع، والعجز الظاهر، والناس لا يذكرون السغب، ويذكرون الجوع في حالة القدرة والسلامة، وكذلك ذكر المطر، لأنك لا تجد القرآن يلفظ به إلا في موضع الانتقام، والعامة وأكثر الخاصة لا يفصلون بين ذكر المطر، وذكر الغيث).
لاختيار القرآن للكلمة الدقيقة المعبرة، يفضل الكلمة المصورة للمعنى أكمل تصوير، ليشعرك به أتم شعور وأقواه، وخذ لذلك مثلا كلمة يُسْكِنِ فى قوله تعالى: إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ (الشورى 33). وكلمة تَسَوَّرُوا فى قوله تعالى: وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ (القصص 21). وكلمة (يطوقون) فى الآية الكريمة: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ (آل عمران 180). وكلمة يَسْفِكُ فى آية: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ (البقرة 30). وكلمة (انفجر) فى قوله تعالى: وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً (البقرة 60). وكلمة يَخِرُّونَ فى الآية: إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً . وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا (الإسراء 107، 108). وكلمة مُكِبًّا فى قوله تعالى: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (النمل 22). وكلمة تَفِيضُ فى قوله تعالى: وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ (المائدة 83). وكلمة يُصَبُّ فى قوله تعالى: يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ (الحج 19). وكلمة (يدس) فى قوله تعالى: وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (النحل 58، 59). وكلمة قاصِراتُ فى قوله تعالى: وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ (الصافات 48). وكلمة مُسْتَسْلِمُونَ. فى قوله تعالى: ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (الصافات 25، 26). ومُتَشاكِسُونَ فى قوله تعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ (الزمر 29). ويطول بى القول، إذ أنا مضيت في عرض هذه الكلمات التى توضع في مكانها المقسوم من الجملة، فتجعل المعنى مصورا تكاد تراه بعينك، وتلمسه بيدك، ولا أريد أن أمضى في تفسير الكلمات التى استشهدت بها؛
لأنها من وضوح الدلالة بمكان.
ولهذا الميل القرآنى إلى ناحية التصوير، نراه يعبر عن المعنى المعقول بألفاظ تدل على محسوسات، مما أفرد له البيانيون علما خاصّا به دعوه علم البيان، وأوثر أن أرجئ الحديث عن ذلك إلى حين، وحسبى الآن أن أبين ما يوحيه هذا النوع من الألفاظ في النفس، ذلك أن تصوير الأمر المعنوى في صورة الشيء المحسوس يزيده تمكنا من النفس، وتأثيرا فيها، ويكفى أن تقرأ قوله تعالى: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ (البقرة 7). وقوله تعالى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ (الجاثية 23). لترى قدرة كلمة خَتَمَ، فى تصوير امتناع دخول الحق قلوب هؤلاء الناس، وقوله تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ (البقرة 257). لترى قيمة كلمتى الظلمات والنور، فى إثارة العاطفة وتصوير الحق والباطل. وقوله تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (البقرة 18). لترى قيمة هذه الصفات التى تكاد تخرجهم عن دائرة البشر، وقوله سبحانه: يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ (البقرة 27).
فكلمات ينقضون ويقطعون ويوصل، تصور الأمور المعنوية في صور المحس الملموس، وفي القرآن من أمثال ذلك عدد ضخم، سوف نعرض له في حينه.
وفي القرآن كثير من الألفاظ، تشع منها قوى توحي إلى النفس بالمعنى وحيا، فتشعر به شعورا عميقا، وتحس نحو الفكرة إحساسا قويّا. خذ مثلا قوله تعالى: وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (التكوير 17، 18). فتأمل ما توحى به كلمة تَنَفَّسَ من تصوير هذه اليقظة الشاملة للكون بعد هدأة الليل، فكأنما كانت الطبيعة هاجعة هادئة، لا تحس فيها حركة ولا حياة، وكأنما الأنفاس قد خفتت حتى لا يكاد يحس بها ولا يشعر، فلما أقبل الصبح صحا الكون، ودبت الحياة في أرجائه.
وخذ قوله تعالى: لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (التوبة 117، 118). وقف عند كلمة (ضاق) فى ضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ، فإنها توحى إليك بما ألم بهؤلاء الثلاثة من الألم والندم، حتى شعروا بأن نفوسهم قد امتلأت من الندم امتلاء، فأصبحوا لا يجدون في أنفسهم مكانا، يلتمسون فيه الراحة والهدوء، فأصبح القلق يؤرق جفنهم، والحيرة تستبد بهم، وكأنما أصبحوا يريدون الفرار من أنفسهم.
واقرأ قوله تعالى: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً (السجدة 16).
وتبين ما تثيره في نفسك كلمة تَتَجافى، من هذه الرغبة الملحة التى تملك على المتقين نفوسهم، فيتألمون إذا مست جنوبهم مضاجعهم، ولا يجدون فيها الراحة والطمأنينة، وكأنما هذه المضاجع قد فرشت بالشوك فلا تكاد جنوبهم تستقر عليها حتى تجفوها، وتنبو عنها. وقف كذلك عند كلمة يَعْمَهُونَ فى قوله سبحانه: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (البقرة 15). فإن اشتراك هذه الكلمة مع العمى في الحروف كفيل بالإيحاء إلى النفس، بما فيه هؤلاء القوم من حيرة واضطراب نفسى، لا يكادون به يستقرون على حال من القلق.
واقرأ الآية الكريمة: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ (النساء 185). أفلا تجد فى كلمة زُحْزِحَ ما يوحى إليك بهذا القلق، الذى يملأ صدور الناس في ذلك اليوم، لشدة اقترابهم من جهنم، وكأنما هم يبعدون أنفسهم عنها في مشقة وخوف وذعر. وفي كلمة طمس في قوله تعالى: وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (القمر 37). ما يوحى إليك بانمحاء معالم هذه العيون، حتى كأن لم يكن لها من قبل في هذا الوجه وجود. ويوحى إليك الراسخون في قوله سبحانه: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ (النساء 7). بهذا الثبات المطمئن، الذى يملأ قلب هؤلاء العلماء، لما ظفروا به من معرفة الحق والإيمان به. وتوحى كلمة شَنَآنُ فى قوله سبحانه: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا (المائدة 2). توحى بهذا الجوى، الذى يملأ الصدر، حتى لا يطيق المرء رؤية من يبغضه، ولا تستسيغ نفسه الاقتراب منه.
ولما سمعنا قوله تعالى لعيسى بن مريم: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا (النساء 55). أوحى إلينا التعبير بالتطهير، بما يشعر به المؤمن بالله نحو قوم مشركين، اضطر إلى أن يعيش بينهم، فكأنهم يمسونه برجسهم، وكأنه يصاب بشيء من هذا الرجس، فيطهر منه إذا أنقذ من بينهم. وكلمة سُكِّرَتْ فى قوله سبحانه: وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (الحجر 14، 15). قد عبر بها الكافرون عما يريدون أن يوهموا به، عما حدث لأبصارهم من الزيغ، فكانت كلمة سُكِّرَتْ، وهى مأخوذة من السكر دالة أشد دلالة على هذا الاضطراب في الرؤية، ولا سيما أن هذا السكر قد أصاب العين واستقل بها، ومعلوم أن الخلط من خصائص السكر، فلا يتبين السكران ما أمامه، ولا يميزه على الوجه الحق. واختار القرآن عند عد المحرمات كلمة أُمَّهاتُ، إذ قال: حُرِّمَتْ
عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ
(النساء 3). وآثر كلمة الْوالِداتُ فى قوله سبحانه: وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ (البقرة 233)، لما أن كلمة (الأم) تبعث في النفس إحساسا بالقداسة، وتصور شخصا محاطا بهالة من الإجلال، حتى لتشمئز النفس وتنفر أن يمس بما يشين هذه القداسة، وذلك الإجلال، وتنفر من ذلك أشد النفور، فكانت أنسب كلمة تذكر عند ذكر المحرمات، وكذلك تجد كل كلمة في هذه المحرمات مثيرة معنى يؤيد التحريم، ويدفع إليه، أما كلمة الوالدات فتوحى إلى النفس بأن من الظلم أن ينزع من الوالدة ما ولدته، وأن يصبح فؤادها فارغا، ومن هنا كانت كل كلمة منهما موحية في موضعها، آخذة خير مكان تستطيع أن تحتله.
وقد تكون الكلمة في موضعها مثيرة معنى لا يراد إثارته، فيعدل عنها إلى غيرها، تجد ذلك في قوله سبحانه: وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً (الجن 3).
فقد آثر كلمة صاحِبَةً على زوج وامرأة، لما تثيره كلاهما من معان، لا تثيرهما فى عنف مثلهما- كلمة صاحبة.
وقد يكون الجمع بين كلمتين هو سر الإيحاء ومصدره، كالجمع بين النَّاسُ وَالْحِجارَةُ فى قوله تعالى: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (البقرة 24). فهذا الجمع يوحى إلى النفس بالــمشاكلةبينهما والتشابه. وقد تكون العبارة بجملتها هى الموحية كما تجد ذلك في قوله تعالى: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ (المؤمنون 19). أو لا تجد هذه الثياب من النار، موحية لك بما يقاسيه هؤلاء القوم من عذاب أليم، فقد خلقت الثياب يتقى بها اللابس الحر والقر، فماذا يكون الحال إذا قدت الثياب من النيران.
لو بغير الماء صدرى شرق ... كنت كالغصان، بالماء اعتصارى
ومن هذا الباب قوله تعالى: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ (الزمر 16). فإن الظلة إنما تكون ليتقى بها وهج الشمس، فكيف إذا كان الظلة نفسها من النيران.
هذه أمثلة قليلة لما في القرآن من كلمات شديدة الإيحاء، قوية البعث لما تتضمنه من المعانى. وهناك عدد كبير من ألفاظ، تصور بحروفها، فهذه «الظاء والشين» فى قوله تعالى: يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ (الرحمن 35).
و «الشين والهاء» فى قوله تعالى: وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ (الملك 7). و «الظاء» فى قوله تعالى: فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى (الليل 14). و «الفاء» فى قوله سبحانه: بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً (الفرقان 11، 12). حروف تنقل إليك صوت النار مغتاظة غاضبة. وحرف «الصاد» فى قوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (القمر 19). يحمل إلى سمعك صوت الريح العاصفة، كما تحمل «الخاء» فى قوله سبحانه: وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (فاطر 12). إلى أذنك صوت الفلك، تشق عباب الماء.
وألفاظ القرآن مما يجرى على اللسان في سهولة ويسر، ويعذب وقعه على الأذن، في اتساق وانسجام.
قال البارزى في أول كتابه: (أنوار التحصيل في أسرار التنزيل): اعلم أن المعنى الواحد قد يخبر عنه بألفاظ بعضها أحسن من بعض، وكذلك كل واحد من جزءي الجملة قد يعبر عنه بأفصح ما يلائم الجزء الآخر، ولا بدّ من استحضار معانى الجمل، واستحضار جميع ما يلائمها من الألفاظ، ثم استعمال أنسبها وأفصحها، واستحضار هذا متعذر على البشر، فى أكثر الأحوال، وذلك عتيد حاصل في علم الله، فلذلك كان القرآن أحسن الحديث وأفصحه، وإن كان مشتملا على الفصيح والأفصح، والمليح والأملح، ولذلك أمثلة منها قوله تعالى: وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (الرحمن 54). لو قال مكانه: «وثمر الجنتين قريب». لم يقم مقامه من جهة الجناس بين الجنى والجنتين، ومن جهة أن الثمر لا يشعر بمصيره إلى حال يجنى فيها، ومن جهة مؤاخاة الفواصل. ومنها قوله تعالى: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ (العنكبوت 48). أحسن من التعبير بتقرأ لثقله بالهمزة. ومنها: لا رَيْبَ فِيهِ (البقرة 2). أحسن من (لا شك فيه) لثقل الإدغام، ولهذا كثر ذكر الريب. ومنها:
وَلا تَهِنُوا (آل عمران 139). أحسن من (ولا تضعفوا) لخفته. ووَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي (مريم 4). أحسن من (ضعف)؛ لأن الفتحة أخف من الضمة، ومنها «آمن» أخف من «صدق»، ولذا كان ذكره أكثر من ذكر التصديق. وآثَرَكَ اللَّهُ (يوسف 91). أخف من (فضّك) و (آتى) أخف من (أعطى) و (أنذر) أخف من (خوّف) و (خير لكم) أخف من (أفضل لكم) والمصدر في نحو: هذا خَلْقُ اللَّهِ (لقمان 11). (يؤمنون بالغيب) أخف من (مخلوق) و (الغائب) و (نكح) أخف من (تزوج)؛ لأن فعل أخف من تفعّل، ولهذا كان ذكر النكاح فيه أكثر، ولأجل التخفيف والاختصار استعمل لفظ الرحمة، والغضب، والرضا، والحب، والمقت، فى أوصاف الله تعالى مع أنه لا يوصف بها حقيقة؛ لأنه لو عبر عن ذلك بألفاظ الحقيقة لطال الكلام، كأن يقال: يعامله معاملة المحب، والماقت، فالمجاز في مثل هذا أفضل من الحقيقة، لخفته، واختصاره، وابتنائه على التشبيه البليغ، فإن قوله: فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ (الزخرف 55). أحسن من (فلما عاملونا معاملة المغضب) أو (فلما أتوا إلينا بما يأتيه المغضب) أهـ .
وهناك لفظتان أبى القرآن أن ينطق بهما، ولعله وجد فيهما ثقلا، وهما كلمتا «الآجر» و «الأرضين». أما الأولى فقد أعرض عنها في سورة القصص، فبدل أن يقول: (وقال فرعون: يأيها الملأ ما علمت لكم من إله غيرى، فهيئ لى يا هامان آجرا، فاجعل لى صرحا، لعلى أطلع إلى إله موسى). قال: وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ
غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى
(القصص 38).
وأما الثانية فقد تركها في الآية الكريمة: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (الطّلاق 12).
هذا ومما ينبغى الإشارة إليه أن القرآن قد أقل من استخدام بعض الألفاظ، فكان يستخدم الكلمة مرة أو مرتين، وليس مرجع ذلك لشىء سوى المقام الذى يستدعى ورود هذه الكلمة. وللقرآن استعمالات يؤثرها، فمن ذلك وصفه الحلال بالطّيب، وذكر السّجّيل مع حجارة، وإضافة الأساطير إلى الأولين، وجعل مسنون وصفا للحمأ، ويقرن التأثيم باللغو، وإلّا بذمّة، ومختالا بفخور، ويصف الكذاب بأشر.
ووازن ابن الأثير بين كلمات استخدمها القرآن وجاءت في الشعر، فمن ذلك أنه جاءت لفظة واحدة في آية من القرآن وبيت من الشعر، فجاءت في القرآن جزلة متينة، وفي الشعر ركيكة ضعيفة ... أما الآية فهى قوله تعالى: فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ (الأحزاب 53). وأما بيت الشعر، فهو قول أبى الطيب المتنبى:
تلذ له المروءة، وهى تؤذى ... ومن يعشق يلذ له الغرام
وهذا البيت من أبيات المعانى الشريفة، إلا أن لفظة تؤذى قد جاءت فيه وفي آية القرآن، فحطت من قدر البيت لضعف تركيبها، وحسن موقعها في تركيب الآية ... وهذه اللفظة التى هى تؤذى إذا جاءت في الكلام، فينبغى أن تكون مندرجة مع ما يأتى بعدها، متعلقة به، كقوله تعالى: إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ وقد جاءت في قول المتنبى منقطعة، ألا ترى أنه قال: تلذ له المروءة وهى تؤذى، ثم قال: ومن يعشق يلذ له الغرام، فجاء بكلام مستأنف، وقد جاءت هذه اللفظة بعينها في الحديث النبوى، وأضيف إليها كاف الخطاب، فأزال ما بها من الضعف والركة، قال: «باسم الله أرقيك، من كل داء يؤذيك» . وكذلك ورد في القرآن الكريم، إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ، فلفظة (لى) أيضا مثل لفظة يؤذى، وقد جاءت في الآية مندرجة متعلقة بما بعدها، وإذا جاءت منقطعة لا تجىء لائقة، كقول أبى الطيب أيضا:
تمسى الأمانى صرعى دون مبلغه ... فما يقول لشىء: ليت ذلك لى
وهنا من هذا النوع لفظة أخرى، قد وردت في القرآن الكريم، وفي بيت من شعر الفرزدق، فجاءت في القرآن حسنة، وفي بيت الشعر غير حسنة، وتلك اللفظة هى لفظة القمل، أما الآية فقوله تعالى: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ (الأعراف 133). وأما بيت الشعر فقول الفرزدق:
من عزه احتجرت كليب عنده ... زريا، كأنهم لديه القمّل
وإنما حسنت هذه اللفظة في الآية دون هذا البيت من الشعر؛ لأنها جاءت في الآية مندرجة في ضمن كلام، ولم ينقطع الكلام عندها، وجاءت في الشعر قافية أى آخرا انقطع الكلام عندها، وإذا نظرنا إلى حكمة أسرار الفصاحة في القرآن الكريم، غصنا في بحر عميق لا قرار له، فمن ذلك هذه الآية المشار إليها، فإنها قد تضمنت خمسة ألفاظ، هى: الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، وأحسن هذه الألفاظ الخمسة هى: الطوفان، والجراد، والدم، فلما وردت هذه الألفاظ الخمسة بجملتها قدم منها لفظتا الطوفان، والجراد، وأخرت لفظة الدم آخرا، وجعلت لفظة القمل والضفادع في الوسط؛ ليطرق السمع أولا الحسن من الألفاظ الخمسة، وينتهى إليه آخرا، ثم إن لفظة الدم أحسن من لفظتى الطوفان، والجراد، وأخف في الاستعمال، ومن أجل ذلك جىء بها آخرا، ومراعاة مثل هذه الأسرار والدقائق في استعمال الألفاظ ليس من القدرة البشرية .
وقال ابن سنان الخفاجى، معلقا على قول الشريف الرضى:
أعزز علىّ بأن أراك وقد خلت ... عن جانبيك مقاعد العواد
إيراد مقاعد في هذا البيت صحيح، إلا أنه موافق لما يكره في هذا الشأن، لا سيما وقد أضافه إلى من يحتمل إضافته إليهم، وهم العواد، ولو انفرد، كان الأمر فيه سهلا، فأما إضافته إلى ما ذكره ففيها قبح لا خفاء به . وابن سنان يشترط لفصاحة الكلمة ألا يكون قد عبر بها عن أمر آخر يكره ذكره ، قال ابن الأثير: وقد جاءت هذه اللفظة المعيبة في الشعر في القرآن الكريم فجاءت حسنة مرضية، وهى قوله تعالى: وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ (آل عمران 121).
وكذلك قوله تعالى: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً (الجن 8، 9). ألا ترى أنها في هاتين الآيتين غير مضافة إلى من تقبح إضافته إليه، كما جاءت في الشعر، ولو قال الشاعر بدلا من مقاعد العواد، مقاعد الزيادة، أو ما جرى مجراه، لذهب ذلك
القبح، وزالت تلك الهجنة، ولذا جاءت هذه اللفظة في الآيتين على ما تراه من الحسن، وجاءت على ما تراه من القبح، فى قول الشريف الرضى .
ومن ذلك استخدام كلمة شىء، ترجع إليها في القرآن الكريم، فترى جمالها في مكانها المقسوم لها. واستمع إلى قوله تعالى: وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً (الكهف 45). وقوله تعالى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ (الطّور 35). وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (يونس 44). إلى غير ذلك من عشرات الآيات التى وردت فيها تلك اللفظة، وكانت متمكنة في مكانها أفضل تمكن وأقواه، ووازن بينها في تلك، وبينها في قول المتنبى يمدح كافورا:
لو الفلك الدوار أبغضت سعيه ... لعوقه شىء عن الدوران
فإنك تحس بقلقها في بيت المتنبى، ذلك أنها لم توح إلى الذهن بفكرة واضحة، تستقر النفس عندها وتطمئن، فلا يزال المرء بعد البيت يسائل نفسه عن هذا الشيء، الذى يعوق الفلك عن الدوران، فكأن هذه اللفظة لم تقم بنصيبها في منح النفس الهدوء الذى يغمرها، عند ما تدرك المعنى وتطمئن إليه.
ولم يزد مرور الزمن بألفاظ القرآن إلا حفظا لإشراقها، وسياجا لجلالها، لم تهن لفظة ولم تتخل عن نصيبها، فى مكانها من الحسن، وقد يقال: إن كلمة الغائط من قوله سبحانه: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً (المائدة 43). قد أصابها الزمن، فجعلها مما تنفر النفس من استعمالها، ولكنا إذا تأملنا الموقف، وأنه موقف تشريع وترتيب أحكام، وجدنا أن القرآن عبر أكرم تعبير عن المعنى، وصاغه في كناية بارعة، فمعنى الغائط في اللغة المكان المنخفض، وكانوا يمضون إليه في تلك الحالة، فتأمل أى كناية تستطيع استخدامها مكان هذه الكناية القرآنية البارعة، وإن شئت أن تتبين ذلك، فضع مكانها كلمة تبرزتم، أو تبولتم، لترى ما يثور في النفس من صور ترسمها هاتان الكلمتان، ومن ذلك كله ترى كيف كان موقع هذه الكناية يوم نزل القرآن، وأنها لا تزال إلى اليوم أسمى ما يمكن أن يستخدم في هذا الموضع التشريعى الصريح.

علم الكيمياء

علم الكيمياء
هو علم يعرف به طرق سلب الخواص من الجواهر المعدنية وجلب خاصية جديدة إليها وإفادتها خواصا لم تكن لها والاعتماد فيه عن أن الفلزات كلها مشتركة في النوعية والاختلاف الظاهر بينها إنما هو باعتبار أمور عرضية يجوز انتقالها.
قال الصفدي في شرح لامية العجم: وهذه اللفظة معربة من اللفظ العبراني وأصله كيم يه معناه أنه من الله وذكر الاختلاف في شأنه بامتناعه عنهم.
وحاصل ما ذكره أن الناس فيه على طريقتين:
فقال: كثير ببطلانه منهم الشيخ الرئيس ابن سينا أبطله بمقدمات من كتاب الشفاء والشيخ تقي الدين أحمد بن تيمية رحمه الله صنف رسالة في إنكاره وصنف يعقوب الكندي أيضا رسالة في إبطاله جعلها مقالتين وكذلك غيرهم لكنهم لم يوردوا شيئا يفيد الظن لامتناعه فضلا عن اليقين بل لم يأتوا إلا بما يفيد الاستبعاد.
وذهب آخرون إلى إمكانه منهم الإمام فخر الدين الرازي فإنه في المباحث المشرقية عقد فصلا في بيان إمكانه.
والشيخ نجم الدين بن أبي الدر البغدادي رد على الشيخ ابن تيمية وزيف ما قاله في رسالته.
ورد أبو بكر محمد بن زكريا الرازي على يعقوب الكندي ردا غير طائل ومؤيد الدين أبو إسماعيل الحسين بن علي المعروف بالطغرائي صنف فيه كتبا منها حقائق الإشهادات وبين إثباته ورد على ابن سينا.
ثم ذكر الصفدي نبذة من أقوال المثبتين والمنكرين.
وقال الشيخ الرئيس: نسلم إمكان صبغ النحاس بصبغ الفضة والفضة بصبغ الذهب وأن يزال عن الرصاص أكثر ما فيه من النقص فأما أن يكون المصبوغ يسلب أو يكسى أما الأول فحال وأما الثاني فلم يظهر إلى إمكانه بعد إذ هذه الأمور المحسوسة يشبه أن لا تكون هي الفصول التي تصير بها هذه الأجساد أنواعا بل هي أعراض ولوازم وفصولها مجهولة وإذا كان الشيء مجهولا كيف يمكن أن يقصد قصد إيجاد أو إفناء؟
وذكر الإمام حججا أخرى للفلاسفة على امتناعه وأبطل بعد ذلك ما قرره الشيخ وغيره وقرر إمكانه واستدل في الملخص أيضا على إمكانه فقال: الإمكان العقلي ثابت لأن الأجسام مشتركة الجسمية فوجب أن يصح على كل واحد منها ما يصح على الكل على ما ثبت.
وأما الوقوع فلأن انفصال الذهب عن غيره باللون والرزانة وكل واحد منهما يمكن اكتسابه ولا منافاة بينهما نعم الطريق إليه عسير. وحكى أبو بكر بن الصائغ المعروف بابن ماجة الأندلسي في بعض تآليفه عن الشيخ أبي نصر الفارابي أنه قال: قد بين أرسطو في كتابه من المعادن أن صناعة الكيمياء داخلة تحت الإمكان إلا أنها من الممكن الذي يعسر وجوده بالفعل اللهم إلا أن تتفق قرائن يسهل بها الوجود وذلك أنه فحص عنها أولا على طريق الجدل فأثبتها بقياس وأبطلها بقياس على عادته فيما يكثر عناده من الأوضاع ثم أثبتها أخيرا بقياس ألفه من مقدمتين بينهما في أول الكتاب.
وهما أن الفلزات واحدة بالنوع والاختلاف الذي بينها ليس في ماهياتها وإنما هو في أعراضها فبعضه في أعراضها الذاتية وبعضه في أعراضها العرضية.
والثانية: أن كل شيئين تحت نوع واحد اختلفا بعرض فإنه يمكن انتقال كل واحد منهما إلى الآخر فإن كان العرض ذاتيا عسر الانتقال وإن كان مفارقا سهل الانتقال والعسير في هذه الصناعة إنما هو لاختلاف أكثر هذه الجواهر في أعراضها الذاتية ويشبه أن يكون الاختلاف الذي بين الذهب والفضة يسير جدا انتهى كلامه.
وقال الإمام شمس الدين محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاري: إذا أراد المدبر أن يصنع ذهبا نظير ما صنعته الطبيعة من الزيبق والكبريت الظاهرين فيحتاج إلى أربعة أشياء.
كمية كل واحد من ذنيك الجزئين.
وكيفيته.
ومقدار الحرارة الفاعلة للطبخ.
وزمانه وكل واحد منها عسر التحصيل.
وأما إن أراد ذلك بأن يدبر دواء وهو المعبر عنه بالإكسير مثلا ويلقيه على الفضة ليمتزج بها ويستقر خالدا حال جميع المعدنيات وخواصها وإن استخرجه بالقياس فمقدماته مجهولة ولا خفاء في عسر ذلك ومشقته انتهى وقال الصفدي: زعم الطبيعون في علة كون الذهب في المعدن إن الزيبق لما كمل طبخه جذبه إليه كبريت المعدن فاجنه في جوفه لئلا يسيل سيلان الرطوبات فلما اختلطا واتحدا وزالت الحرارة الفاعلة للطبخ وزمان تكون الذهب وكل منهما عسر التحصيل.
وأما إن أراد ذلك بأن يدبر دواء وهو المعبر عنه بالإكسير مثلا ويلقيه على الفضة في طبخها ونضجها انعقد من ذلك ضروب المعادن فإن كان الزئبق صافيا والكبريت نقيا واختلطت أجزاؤهما على النسبة وكانت حرارة المعدن معتدلة لم يعرض لها عارض من البرد واليبس ولا من الملوحات والمرارت والحموضات انعقد من ذلك على طول الزمان الذهب الإبريز
وهذا المعدن لا يتكون إلا في البراري الرملة والأحجار الرخوة ومراعاة الإنسان النار في عمل الذهب بيده على مثل هذا النظام مما تشق معرفة الطريق إليه والوصول إلى غايته:
فيا دارها بالخيف إن مزراها ... قريب ولكن دون ذلك أهوال
وذكر يعقوب الكندي في رسالته: تعذر فعلل الناس لما انفردت الطبيعة بفعله وخداع أهل هذه الصناعة وجهلهم وبطل دعوى الذين يدعون صنعة الذهب والفضة.
قال المنكرون: لو كان الذهب الصباغي مثلا للذهب الطبيعي لكان ما بالصناعة مثلا لما بالطبيعة ولو جاز ذلك لجاز أن يكون ما بالطبيعة مثلا لما بالصناعة فكنا نجد سيفا أو سريرا أو خاتما بالطبيعة وذلك باطل.
وقالوا أيضا: الجواهر الصابغة إما أن تكون أصبر على النار من المصبوغ أو يكون المصبوغ أصبر أو تكونا متساويين.
فإن كان الصابغ أصبر وجب1 أن يكون المصبوغ أصبر ووجب أن يفنى الصابغ ويبقى المصبوغ على حاله الأول عريا من الصبغ.
وإن تساويا في الصبر على النار فهما من جنس واحد لاستوائهما في المصابرة عليها فلا يكون أحدهما صابغا ولا مصبوغا وهذه الحجة الثانية من أقوى حجج المنكرين.
والجواب من المثبتين عن الأولى: إنا نجد النار تحصل بالقدح واصطكاك الأجرام والريح تحصل بالمراوح وأكواز الفقاع والنوشادر قد تتخذ من الشعر وكذلك كثير من الزاجات ثم بتقدير أن لا يوجد بالطبيعة ما لا يوجد بالصناعة لا يلزمنا الجزم بنفي ذلك ولا يلزمنا من إمكان حصول الأمر الطبعي بالصناعة إمكان العكس بل الأمر موقوف على الدليل.
وعن الثانية: أنه لا يلزم من استواء الصابغ. والمصبوغ على النار استواؤهما في الماهية لما عرفت أن المختلفين يشتركان في بعض الصفات وفي هذا الجواب نظر.
وحكى بعض من أنفق عمره في الطلب أن الطغرائي ألقى المثقال من الإكسير أولا على ستين ألف مثقال من معدن آخر فصار ذهبا ثم أنه ألقى آخر المثقال على ثلاثمائة ألف وأن مر يانس الراهب معلم خالد بن يزيد ألقى المثقال على ألف ألف ومائتي ألف مثقال وقالت مارية القبطية: والله لولا الله لقلت أن المثقال بملأ ما بين الخافقين. والجواب الفصل ما قاله الغزي:
كجوهر الكيمياء ليس ترى ... من ناله والأنام في طلبه
وصاحب الشذور من جملة أئمة هذا الفن صرح بأن نهاية الصبغ إلقاء الواحد على الألف في قوله:
فعاد بلطف الحل والعقد جوهرا ... يطاع في النيران واحده الألفا
وزعم بعضهم أن المقامات للحريري وكليلة ودمنة رموز في الكيمياء ويزعمون أن الصناعة مرموزة في صورة البراري وقد كتب بعض من جرب وتعب وأقلقه الجد وظن أن جدها لعب على مصنفات جابر تلميذ إمام جعفر الصادق:
هذا الذي مقاله ... غر الأوائل والأواخر
ما أنت إلا كاسر ... كذب الذي سماك جابر
وكان قد شغل نفسه بطلب الكيمياء فأفنى بذلك عمره.
وذكر الصفدي أن الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد وإمام الحرمين كان كل منهما مغرى به. واعلم أن المعتنين به بعضهم يدبر مجموع الكبريت والزيبق في حر النار لتحصل امتزاجات كثيرة في مدة يسيرة لا يحصل في المعدن إلا في زمان طويل وهذا أصعب الطرق لأنه يحتاج إلى عمل شاق وبعضهم يؤلف المعادن على نسبة أوزان الفلزات وحجمها.
وبعضهم يجهل القياس فيحصل لهم الاشتباه والالتباس فيستمدون بالنباتات والجمادات والحيوانات كالشعر والبيض والمرارة وهم لا يهتدون إلى النتيجة.
ثم إن الحكماء أشاروا إلى طريقة صنعة الإكسير على طريق الأحاجي والألغاز والتعمية لأن في كتمه مصلحة عامة فلا سبيل إلى الاهتداء بكتبهم والله يهدي من يشاء قال أبو الأصبع عبد العزيز بن تمام العراقي يشير إلى مكانة الواصل لهذه الحكمة:
فقد ظفرت بما لم يؤته ملك ... لا المنذران ولا كسرى بن ساسان
ولا ابن هند ولا النعمان صاحبه ... ولا ابن ذي يزن في رأس غمدان
قال الجلدكي في شرح المكتسب بعد أن بين انتسابه إلى الشيخ جابر وتحصيله في خدمته: وبالله تعالى أقسم أنه أراد بعد ذلك أن ينقلني عن هذا العلم مرارا عديدة ويورد علي الشكوك يريد لي بذلك الإضلال بعد الهداية ويأبى الله إلا ما أراد فلما فهمت مراده وعلمت أن الحسد قد داخله مني حصرته في ميدان البحث ومددت إليه سنان اللسان وعجز عن القيام بسيف الدليل ونادى عليه برهان الحق بالإفحام فجنح للسلم وقام واعتنقني وقال: إنما أردت أن اختبرك وأعلم حقيقة مكان الإدراك منك ولتكن من أهل هذا العلم على حذر ممن يأخذه عنك.
واعلم أن من لا مفترض علينا كتمان هذا العلم وتحريم إذاعته لغير المستحق من بني نوعنا وأن لا نكتمه عن أهله لأن وضع الأشياء في محالها من الأمور الواجبة ولأن في إذاعته خراب العالم وفي كتمانه عن أهله تضييع لهم.
وقد رأينا أن الحكمة صارت في زماننا مهدمة البنيان لا سيما وطلبة هذا الزمان من أجهل الحيوان قد اجتمعوا على المحال فإنهم ما بين سوقة وباعة وأصحاب دهاء وشعبذة لا يدرون ما يقولون فأخذوا يتذاكرون الفقر ويذكرون أن الكيمياء غناء الدهر ويأتون على ذلك بزخارف الحكايات ومع ذلك لا يجتمع أحد منهم مع الآخر على رأي واحد ولا يدرون كيف الطلب مع أن حجر القوم لا يعد. وهذه المولدات الثلاث لكن جهالاتهم أوقعتهم في الضلال البعيد ورأينا أنه وجب علينا النصيحة على من طلب الحكمة الإلهية وهذه الصناعة الشريفة الفلسفية فوضعنا لهم كتابنا الموسوم ببغية الخبير في قانون طلب الإكسير ثم وضعنا الشمس المنير في تحقيق الإكسير.
وفي هذا الفن رسالة للبخاري ذكر فيها حملة دلائل نقلية وعقلية تبلغ ستة وثلاثين.
وفيه أيضا: رسالة ابن سينا المسماة بمرآة العجائب وأول من تكلم في علم الكيمياء ووضع فيها الكتب وبين صنعة الإكسير والميزان ونظر في كتب الفلاسفة من أهل الإسلام خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.
وأول من اشتهر هذا العلم عنه جابر بن حيان الصوفي من تلامذة خالد كما قيل: حكمة أورثناها جابر ... عن إمام صادق القول وفي
لوصي طاب في تربته ... فهو مسك في تراب النجف
وذلك لأنه وفي لعلي واعترف له بالخلافة وترك الإمارة.
واعلم أنه فرقها في كتب كثيرة لكنه أوصل الحق إلى أهله ووضع كل شيء في محله وأوصل من جعله الله سبحانه وتعالى سببا له في الإيصال ولكن اشغلهم بأنواع التدهيش والمحال لحكمة ارتضاها عقله ورأيه بحسب الزمان ومع ذلك فلا يخلو كتاب من كتبه عن فوائد عديدة.
وأما من جاء بعد جابر من حكماء الإسلام مثل مسلمة بن أحمد المجريطي وأبي بكر الرازي وأبي الأصبع بن تمام العراقي والطغرائي والصادق محمد بن أميل التميمي والإمام أبي الحسن علي صاحب الشذور فكل منهم قد اجتهد غاية الاجتهاد في التعلم والجلدكي متأخر عنهم.
ثم اعلم أن جماعة من الفلاسفة كالحكيم هرمس وأرسطاطاليس وفيثاغورس لما أرادوا استخراج هذه الصناعة الإلهية جعلوا أنفسهم في مقام الطبيعة فعرفوا بالقوة المنطقية والعلوم التجاربية ما دخل على كل جسم من هذه الأجسام من الحر والبرد واليبوسة وما خالطه أيضا من الأجسام الأخر. فعملوا الحيلة في تنقيص الزائد وتزييد الناقص من الكيفيات الفاعلة والمفعولة والمنفعلة لعلة تلك الأجسام على ما يراد منها بالأكاسير الترابية والحيوانية والنباتية المختلفة في الزمان والمكان وأقاموا التكليس مقام حرق المعادن والتهابها والتسقية مقام التبريد والتجميد والتساوي مقام التجفيف والتشميع مقام الترطيب والتليين والتقطير مقام التجوهر والتفصيل مقام التصفية والتخليص والسحق والتحليل مقام الالتيام والتمزيج والعقد مقام الاتحاد والتمكين واتخذوا جواهر الأصول شيئا واحدا فاعلا فعلا غير منفعل محتويا على تأثيرات مختلفة شديدة القوة نافذة الفعل والتأثير فيما يلاقي من الأجسام بحصول معرفة ذلك بالإلهامات السماوية والقياسات العقلية والحسية وكذلك فعل أيضا أسقليقندر يونس وأبدروماخس وغيرهم في تراكيب الترياق المعاجين والحبوب والأكحال والمراهم فإنهم قاسوا قوى الأدوية بالنسبة إلى مزاج أبدان البشر والأمراض الغامضة فيها وركبوا من الحار والبارد والرطب واليابس دواء واحدا ينتفع به في المداواة بعد مراعاة الأسباب كما فعل ذي مقراط أيضا في استخراج صنعة إكسير الخمر فإنه نظر أولا في أن الماء لا يقارب الخمر في شيء من القوام والاعتدال لأنه ماء العنب ووجد من خواص الخمر خمسا: والطعم والرائحة والتفريح والإسكار فأخذ إذ شرع من أول تركيبه للأدوية العقاقير الصابغة للماء بلون الخمر ثم الــمشاكلة في الطعم ثم المعطرة للرائحة ثم المفرحة ثم المسكرة فسحق منها اليابسات وسقاها بالمائعات حتى اتحدت فصارت دواء واحدا يابسا أضيف منه القليل إلى الكثير صبغه انتهى من رسالة أرسطو.
قال الجلدكي في نهاية الطب: إن من عادة كل حكيم أن يفرق العلم كله في كتبه كلها ويجعل له من بعض كتبه خواص يشير إليها بالتقدمة على بقية الكتب لما اختصوا به من زيادة العلم.
كما خص جابر من جميع كتبه كتابه المسمى ب الخمسمائة.
وكما خص مؤيد الدين من كتبه كتابه المسمى ب المصابيح والمفاتيح. وكما خص المجريطي كتابه الرتبة.
وكما خص ابن أميل كتابه المصباح.
ثم قال الجلدكي: ومن شروط العالم أن لا يكتم ما علمه الله تعالى من المصالح التي يعود نفعها على الخاص والعام إلا هذه الموهبة فإن الشرط فيها أن لا يظهرها بصريح اللفظ أبدا ولا يعلم بها الملوك لا سيما الذين لا يفهمون.
ومن العجب أن المظهر لهذه الموهبة مرصد لحلول البلاء به من عدة وجوه:
أحدها: أنه إن أظهرها لم ينم عليه فقد حل به البلاء لأن ما عنده مطلوب الناس جميعا فهو مرصد لحلول البلاء لأنهم يرون انتزاع مطلوبهم من عنده وربما حملهم الحسد على إتلافه إن أظهره للملك يخاف عليه منه فإن الملوك أحوج الناس إلى المال لأن به قوام دولتهم فربما يخيل منه أنه يخرج عنه دولته بقدرته على المال لا سيما ومال الدنيا كله حقير عند الواصل لهذه الموهبة.
قال صاحب كنز الحكمة: فأما الواصل إلى حقيقته فلا ينبغي له أن يعترف به لأنه يضره وليس له منفعة البتة في إظهاره وإنما يصل إليه كل عالم بطريق يستخرجها لنفسه إما قريبة وإما بعيدة والإرشاد إنما يكون نحو الطريق العام وأما الطريق الخاص فلا يجوز أن يجتمع عليه اثنان اللهم إلا أن يوفق إنسان بسعادة عظيمة وعناية إلهية لأستاذ يلقنه إياها تلقينا وهيهات من ذلك إلا من جهة واحدة لا غير وهو أن يجتمع فيلسوفان أحدهما واصل والآخر طالب ولا يسعه أن يكتمه إياه وهذا أعز من الكبريت الأحمر1 وطلب الأبلق العقوق. انتهى.
ونحن اقتفينا أثر الحكماء في كل ما وضعناه من كتبنا.
قال في شرح المكتسب إلا أن كتابنا هذا امتن من كل كتبنا ما خلا الشمس المنير وغاية السرور فإن لكل واحد منهم مزية في العلم والعمل فمن ظفر بهذه الكتب الثلاثة فقط من كتبنا فلعله لا يفوته شيء من تحقيق هذا العلم.
والكتب المؤلفة في هذا العلم كثيرة منها حقائق الاستشهادات وشرح المكتسب وبغية الخبير والشمس المنير في تحقيق الإكسير ورسالة للبخاري ومرآة العجائب لابن سينا والتقريب في أسرار التركيب وغاية السرور شرح الشذور والبرهان وكنز الاختصاص والمصباح في علم المفتاح ونهاية الطلب في شرح المكتسب ونتائج الفكرة ومفاتيح الحكمة ومصابيح الرحمة وفردوس الحكمة وكنز الحكمة انتهى. ما في كشف الظنون.
وقد أطال ابن خلدون في بيان علم الكيمياء ثم عقد فصلا في إنكار ثمرتها واستحالة وجودها وما ينشأ من المفاسد عن انتحالها.
ثم قال وتحقيق الأمر في ذلك أن الكيمياء إن صح وجودها كما تزعم الحكماء المتكلمون فيها مثل جابر بن حيان ومسلمة بن أحمد المجريطي وأمثالهما فليست من باب الصنائع الطبيعية ولا تتم بأمر صناعي وليس كلامهم فيها من منحى الطبيعيات إنما هو من منحى كلامهم في الأمور السحرية وسائر الخوارق وما كان من ذلك للحلاج وغيره وقد ذكر مسلمة في كتاب الغاية ما يشبه ذلك وكلامه فيها في كتاب رتبة الحكيم من هذا المنحى وهذا كلام جابر في رسائله ونحو كلامهم فيه معروف ولا حاجة بنا إلى شرحه.
وبالجملة فأمرها عندهم من كليات المواد الخارجة عن حكم الصنائع فكما لا يتدبر ما منه الخشب والحيوان في يوم أو شهر خشبا أو حيوانا فيما عدا مجرى تخليقه كذلك لا يتدبر ذهب من مادة الذهب في يوم ولا شهر ولا يتغير طريق عادته إلا بإرفاد مما وراء عالم الطبائع وعمل الصنائع. فكذلك من طلب الكيمياء طلبا صناعيا ضيع ماله وعمله ويقال لهذا التدبير الصناعي: التدبير العقيم لأن نيلها إن كان صحيحا فهو واقع مما وراء الطبائع والصنائع فهو كالمشي على الماء وامتطاء الهواء والنفوذ في كثائف الأجساد ونحو ذلك من كرامات الأولياء الخارقة للعادة أو مثل تخليق الطير ونحوها من معجزات الأنبياء قال تعالى: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي} وعلى ذلك فسبيل تيسيرها مختلف بحسب حال من يؤتاها فربما أوتيها الصالح ويؤتيها غيره فتكون عنده معارة.
وربما أوتيها الصالح ولا يملك إيتاءها فلا تتم في يد غيره ومن هذا الباب يكون عملها سحريا فقد تبين أنها إنما تقع بتأثيرات النفوس وخوارق العادة إما معجزة أو كرامة أو سحرا ولهذا كان كلام الحكماء كلهم فيها ألغاز لا يظفر بحقيقته إلا من خاض لجة من علم السحر واطلع على تصرفات النفس في عالم الطبيعة وأمور خرق العادة غير منحصرة ولا يقصد أحد إلى تحصيلها والله بما يعملون محيط.
وأكثر ما يحمل على التماس هذه الصناعة وانتحالها العجز عن الطرق الطبيعية للمعاش وابتغاؤه من غير وجوهه الطبيعية كالفلاحة والنجارة والصناعة فيستصعب العاجز ابتغاؤه من هذه ويروم الحصول على الكثير من المال دفعة بوجوه غير طبيعية من الكيمياء وغيرها وأكثر من يعني بذلك الفقراء من أهل العمران حتى في الحكماء المتكلمين في إنكارها واستحالتها.
فإن ابن سينا القائل باستحالتها كان عليه الوزراء فكان من أهل الغنى والثروة.
والفارابي القائل بإمكانها كان من أهل الفقر الذين يعوزهم أدنى بلغة من المعاش وأسبابه وهذه تهمة ظاهرة في أنظار النفوس المولعة بطرقها وانتحالها والله الرزاق ذو القوة المتين لا رب سواه.
قال في مدينة العلوم: إ ن علم الكيمياء كان معجزة لموسى عليه السلام علمه القارون فوقع منه ما وقع ثم ظهر في جبابرة قوم هود وتعاطوا ذلك وبنوا مدينة من ذهب وفضة لم يخلق مثلها في البلاد.
وممن اشتهر بالوصول إليه مؤيد الدين الطغرائي يقال: أنه وصل إلى الإكسير وهو الدواء الذي يدبره الحكماء ويلقونه على الجسد حال انفعاله بالذوبان فيحيله كإحالة السم الجسد الوارد عليه لكن إلى الصلاح دون الفساد ويعبرون عن مادة هذا الدواء بالحجر المكرم وربما يقولون حجر موسى لأنه الذي علمه موسى عليه السلام لقارون ويختلف حال هذا الدواء بقدر قوة التدبير وضعفه.
يحكى أن واحدا سأل من مشائخ هذا الصنعة أن يعلمه هذا العلم وخدمه على ذلك سنين فقال: إن من شرط هذه الصنعة تعليمها لأفقر من في البلد فاطلب رجلا لا يكون أفقر منه في البلد حتى نعلمه وأنت تبصرها فطلب مدة مثل ما يقول الأستاذ فوجد رجلاً يغسل قميصا له في غاية الرداءة والدرن وهو يغسله بالرمل ولم يقدر على قطعة صابون فقال في نفسه: لم أر أفقر منه فأخبر الأستاذ فقال: وجدت رجلا حاله وصفته كيت وكيت فقال الأستاذ: والله إن الذي وصفته هو شيخنا جابر بن حيان الذي تعلمت منه هذه الصنعة وبكى.
قال إن من خاصية هذه الصنعة إن الواصلين إليها يكونون في غاية الإفلاس كما نقل عن الإمام الشافعي من طلب المال بالكيمياء أو الإكسير فقد أفلس إلا أنهم يقولون: إن حب الدنانير تفع عن قلب من عرفها ولا يؤثر التعب في تحصيلها على الراحة في تركها حتى قالوا: إن معرفة هذه الصنعة نصف السلوك لأن نصف السلوك رفع محبة الدنيا عن القلب وذلك يحصل بمعرفتها أي: حصول ومن قصد الوصول إلى ذلك بكتبهم وبتعبيراتهم وإشاراتهم فقد صار منخرطا في الأخسرين أعمالا الذي ضل سعيهم في الحيوة الدنيا وهم يسحبون أنهم يحسنون صنعا بل الوقوف على ذلك إن كان فبموهبة عظيمة من الملك المنان أو بواسطة الكشف والإلهام من الله ذي الجلال الإكرام أو بإنعام من الواصلين إلى هذا الأمر المكتوم إشفاقا وإحسانا ولا تتمن الوصول إلى ذلك بالجد والاهتمام وإنما نذكر بعضا من كتبه إكمالا للمرام لا إطماعا في الوصول إلى ذلك السول:
منها: كتاب جابر بن حيان وتذكرة لابن كمونة.
وكتاب الحكيم المجريطي.
وشرح الفصول لعيون بن المنذر وتصانيف الطغرائي كثيرة في هذا الفن ومعتبرة عند أربابها والكتب والرسائل في هذا الباب كثيرة لكن لا خير في الاستقصاء فيها وإنما التعرض لهذا القدر لئلا يخلو الكتاب عنها بالمرة نسأل الله تعالى خيري الدنيا والآخرة انتهى حاصله. والله أعلم بالصواب. 

الجنّ

الجنّ:
[في الانكليزية] Djinn ،jinn ،demon
[ في الفرنسية] Dijinn ،demon
بالكسر وتشديد النون بمعنى پري، وهو خلاف الإنس. الواحد منه جنّي بكسرتين كذا في الصّراح. وفي تهذيب الكلام زعم الحكماء أنّ الملائكة هم العقول المجرّدة والنفوس الفلكية والجنّ أرواح مجرّدة لها تصرف في العنصريات، والشيطان القوّة المتخيلة. ولا يمتنع ظهور الكل أي الملائكة والجنّ والشياطين على بعض الأبصار وفي بعض الأحوال انتهى.
اعلم أنّ الناس قديما وحديثا اختلفوا في ثبوت الجنّ ونفيه. وفي النقل الظاهر عن أكثر الفلاسفة إنكاره وذلك لأنّ أبا علي بن سينا قال: الجنّ حيوان هوائي يتشكّل بأشكال مختلفة. ثم قال: وهذا شرح الاسم. فقوله وهذا شرح الاسم يدل على أنّ هذا الحدّ شرح للمراد من هذا اللفظ وليس لهذه الحقيقة وجود في الخارج. وأمّا جمهور أرباب الملل والمصدّقين بالأنبياء فقد اعترفوا بوجود الجنّ، واعترف به جمع عظيم من قدماء الفلاسفة وأصحاب الروحانيات، ويسمّونها الأرواح السّفلية وزعموا أنّ الأرواح السفلية أسرع إجابة لأنها ضعيفة. وأما الأرواح الفلكية فهي أبطأ إجابة لأنها أقوى.

واختلف المثبتون على قولين: منهم من زعم أنها ليست أجساما ولا حالة فيها، بل جواهر قائمة بأنفسها. قالوا ولا يلزم من هذا تساويها لذات الإله لأنّ كونها ليست أجساما ولا جسمانية سلوب، والمشاركة في السلوب لا تقتضي المساواة في الماهية. وقالوا ثم إنّ هذه الذوات بعد اشتراكها في هذه السلوب أنواع مختلفة بالماهية كاختلاف ماهيات الأعراض بعد اشتراكها في الحاجة إلى المحلّ. فبعضها خيّرة محبة للخيرات وبعضها شريرة محبّة للشرور والآفات. ولا يعرف عدد أنواعهم وأصنافهم إلّا الله تعالى. وقالوا: وكونها موجودات مجرّدة لا يمنع من كونها عالمة بالجزئيات قادرة على الأفعال. وهذه الأرواح يمكنها أن تسمع وتبصر وتعلم الأحوال الجزئية وتفعل الأفعال وتعقل الأحوال المخصوصة. ولما ذكرنا أنّ ماهياتها مختلفة لا جرم لم يبعد في أنواعها أن يكون نوع منها قادرا على أفعال شاقّة عظيمة يعجز عنها قوى البشر ولا يبعد أن يكون لكلّ نوع منها تعلّق بنوع مخصوص من أجسام هذا العالم. وكما أنّه دلت الدلائل الطبيّة أي المذكورة في علم الطب على أنّ المتعلّق الأول للنفس الناطقة أجسام بخارية لطيفة تتولد من ألطف أجزاء الدم وهي المسمّى بالروح القلبي والروح الحيواني، ثم بواسطة تعلّق النفس للأرواح تصير متعلقة بالأعضاء التي تسري فيها هذه الأرواح، لم يبعد أيضا أن يكون لكلّ واحد من هؤلاء الجنّ تعلّق بجزء من أجزاء الهواء ويكون ذلك الجزء من الهواء هو المتعلّق الأول لذلك الروح، ثم بواسطة سريان ذلك الهواء في جسم آخر كثيف يحصل لتلك الأرواح تعلّق وتصرف في تلك الأجسام الكثيفة.
ومن النّاس من ذكر في الجنّ طريقة أخرى فقال: هذه الأرواح البشرية والنفوس الناطقة إذا فارقت أبدانها وازدادت قوة وكمالا بسبب ما في ذلك العالم الروحاني من انكشاف الأسرار الروحانية فإذا اتفق أن حدث بدن آخر مشابه لما كان لتلك النفس المفارقة من البدن، فبسبب تلك الــمشاكلة يحصل لتلك النفس المفارقة تعلّق ما بهذا البدن وتصير تلك النفس المفارقة كالمعاونة لنفس ذلك البدن في أفعالها وتدبيرها لذلك البدن فإنّ الجنسية علّة الضّمّ، فإن اتفقت هذه الحالة في النفس الخيّرة سمي ذلك المعين ملكا وتلك الإعانة إلهاما، وإن اتفقت في النفس الشريرة سمّي ذلك المعين شيطانا وتلك الإعانة وسوسة. ومنهم من زعم أنها أجسام. والقائلون بهذا اختلفوا على قولين: منهم من زعم أنّ الأجسام مختلفة في ماهياتها إنما المشترك بينها صفة واحدة، وهو كونها بأسرها في الحيّز والمكان والجهة، وكونها قابلة للأبعاد الثلاثة، والاشتراك في الصفات لا يقتضي الاشتراك في الماهية، وإلّا يلزم أن تكون الأعراض كلها متساوية في تمام الماهية، مع أنّ الحق عند الحكماء أنّه ليس للأعراض قدر مشترك بينها من الذاتيات إذ لو كان كذلك لكان ذلك المشترك جنسا لها وحينئذ لا تكون الأعراض التسعة أجناسا عالية، بل كانت أنواع جنس. فلما كان الحال في الأعراض كذلك فلم لا يجوز أن يكون الحال في الأجسام أيضا كذلك، فإنّه كما أنّ الأعراض مختلفة في تمام الماهية متساوية في وصف عرضي، وهو كونها عارضة لمعروضاتها، فكذلك الأجسام مختلفة في الماهيات متساوية في الوصف العرضي المذكور. وهذا الاحتمال لا دافع له أصلا.
فلمّا ثبت هذا الاحتمال ثبت أنّه لا يمتنع في بعض الأجسام اللطيفة الهوائية أن يكون مخالفا لسائر أنواع الهواء في الماهية، ثم تكون تلك الماهية تقتضي لذاتها علما مخصوصا وقدرة على أفعال عجيبة من التّشكّل بأشكال مختلفة ونحوه. وعلى هذا يكون القول بالجن وقدرتها على التّشكل ظاهر الاحتمال.
ومنهم من قال الأجسام متساوية في تمام الماهية والقائلون بهذا أيضا فرقتان. الأولى الذين زعموا أنّ البنية ليست شرطا للحياة وهو قول الأشعري وجمهور أتباعه. وأدلتهم في هذا الباب ظاهرة قريبة. قالوا لو كانت البنية شرطا للحياة لكان إمّا أن يقوم بالجزءين حياة واحدة فيلزم قيام العرض الواحد بالكثير وأنه محال، وإمّا أن يقوم بكل جزء منها حياة على حدّة، وحينئذ فإمّا أن يكون كلّ واحد من الجزءين مشروطا بالآخر في قيام الحياة فيلزم الدور، أو يكون أحدهما مشروطا بالآخر في قيام الحياة وبالعكس فيلزم الدور أيضا، أو يكون أحدهما مشروطا بالآخر من غير عكس فيلزم الترجيح بلا مرجّح، أو لا يكون شيء منهما مشروطا بالآخر وهو المطلوب. وإذا ثبت هذا لم يبعد أن يخلق الله تعالى في الجواهر الفردة علما بأمور كثيرة وقدرة على أشياء شاقّة شديدة وإرادة إليها.
فظهر القول [بإمكان] بوجود الجنّ سواء كانت أجسامهم لطيفة أو كثيفة، وسواء كانت أجرامهم صغيرة أو كبيرة. الثانية الذين زعموا أنّ البنية شرط للحياة وأنّه لا بدّ من صلابة في الجثة حتى يكون قادرا على الأفعال الشاقة، وهو قول المعتزلة. وقالوا لا يمكن أن يكون المرء حاضرا والموانع مرتفعة والشرائط من القرب والبعد حاصلا وتكون الحاسة سليمة، ومع هذا لا يحصل الإدراك المتعلّق بتلك الحاسة بل يجب حصول ذلك الإدراك حينئذ، وإلّا لجاز أن يكون بحضرتنا جبال لا نراها وهذا سفسطة. وقال الأشاعرة يجوز أن لا يحصل ذلك الإدراك لأنّ الجسم الكبير لا معنى له إلّا تلك الأجزاء المتألّفة، وإذا رأينا ذلك الجسم الكبير على مقدار من البعد فقد رأينا تلك الأجزاء، فإمّا أن تكون رؤية هذا الجزء مشروطة برؤية ذلك الجزء أو لا يكون. فإن كان الأول لزم الدور لأنّ الأجزاء متساوية، وإن لم يحصل هذا الافتقار فحينئذ رؤية الجوهر الفرد على ذلك القدر من المسافة تكون ممكنة. ثم من المعلوم أنّ ذلك الجوهر الفرد لو حصل وحده من غير أن ينضمّ إليه سائر الجواهر، فإنّه لا يرى فعلمنا أنّ حصول الرؤية عند اجتماع جملة الشرائط لا يكون واجبا بل جائزا، فعلى هذا قول المعتزلة بثبوت الملك والجنّ مشكل فإنّهم إن كانوا موصوفين بالكثافة والصلابة فوجب عندهم رؤيتهم، مع أنه ليس كذلك. فإنّ جمعا من الملائكة عندهم وعند الأشاعرة حاضرون أبدا وهم الحفظة والكرام الكاتبون ويحضرون أيضا عند قبض الأرواح، وقد كانوا يحضرون عند الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإنّ أحدا من القوم ما كان يراهم. وكذلك الناس الجالسون عند من يكون في النزع لا يرون أحدا فإن وجب رؤية الكثيف عند الحضور فلم لا نراها، وإن لم تجب الرؤية فقد بطل مذهبهم، وإن كانوا موصوفين بالقوة الشديدة مع عدم الكثافة والصلابة فقد بطل مذهبهم. وقولهم البنية شرط للحياة إن قالوا إنّها أجسام لطيفة روحانية ولكنها للطافتها لا تقدر على الأفعال الشاقة، فهذا إنكار بصريح القرآن، فإنّ القرآن دلّ على أنّ قوتها عظيمة على الأفعال الشاقة.
وبالجملة فحالهم في الإقرار بالملك والجنّ مع هذه المذاهب عجيب. هكذا في التفسير الكبير في تفسير سورة الجن. وما يتعلّق بهذا يجئ في لفظ المفارق. وفي الينابيع قيل العقلاء ثلاثة أصناف الملائكة والجنّ والإنس. فالملائكة خلقت من النور والإنس خلق من الطين والجن خلق من النار. فالجن خلقوا رقاق الأجسام بخلاف الملائكة والإنس. ورووا أنّ النبي عليه السلام قال: (الجن ثلاثة أقسام: قسم منها: له ريش كالطيور تطير. وآخر على هيئة الأفعى والكلب، وثالث على هيئة النّاس، ويستطيعون التشكل بأي شكل يريدون). وفي الإنسان الكامل: اعلم أنّ سائر الجنّ على اختلاف أجناسهم كلهم على أربعة أنواع: فنوع عنصريون ونوع ناريون ونوع هوائيون ونوع ترابيون. فأما العنصريون فلا يخرجون عن عالم الأرواح وتغلب عليهم البساطة، وهم أشد قوة. سمّوا بهذا الاسم لقوة مناسبتهم بالملائكة، وذلك لغلبة الأمور الروحانية على الأمور الطبيعية السفلية [منهم،] ولا ظهور لهم إلّا في الخواطر. قال تعالى شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ ولا يترأون إلّا للأولياء. وأما الناريون فيخرجون من عالم الأرواح غالبا وهم متنوعون في كل صورة، أكثر ما يناجون الإنسان في عالم المثال فيفعلون به ما يشاءون في ذلك العالم، وكيد هؤلاء شديد.
فمنهم من يحمل الشخص بهيكله فيرفعه إلى موضعه، ومنهم من يقيم معه فلا يزال الرائي مصروعا ما دام عنده. وأما الهوائيون فإنّهم يترأون في المحسوس يقابلون الروح فتنعكس صورتهم على الرائي فيصرع. وأما الترابيون فإنّهم يلبّسون الشخص ويضرونه برائحتهم، وهؤلاء أضعف الجنّ قوة ومكرا انتهى.
فائدة: قد يطلق لفظ الجنّ على الملائكة والروحانيين لأنّ لفظ الجنّ مشتق من الاستتار، والملائكة والروحانيون لا يرون بالعينين، فصارت كأنها مستترة من العيون، فلهذا أطلق لفظ الجنّ عليها. وبهذا المعنى وقع في قوله وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَ.
فائدة: قال أصحابنا الأشاعرة الجنّ يرون الإنس لأنه تعالى خلق في عيونهم إدراكا والإنس لا يرونهم لأنه تعالى لم يخلق الإدراك في عيون الإنس. وقالت المعتزلة الوجه في أنّ الإنس لا يرون الجنّ أنّ الجنّ لرقة أجسامهم ولطافتها لا يرون، ولو زاد الله في أبصارنا قوة لرأيناهم كما يرى بعضنا بعضا، ولو أنه تعالى كثّف أجسامهم وبقيت أبصارنا على هذه الحالة لرأيناهم أيضا. فعلى هذا كون الإنس مبصرا للجنّ موقوف عندهم إمّا على ازدياد كثافة أجسام الجنّ أو على ازدياد قوة إبصار الإنس.
فائدة جليلة: الإنسان قد يصير جنا في عالم البرزخ بالمسخ، وهذا تعذيب وغضب من الله تعالى على من شاء، كمن كان يمسخ في الأمم السابقة والقرون الماضية قردة وخنازير، إلّا أنّه قد رفع هذا العذاب عن هذه الأمة المرحومة في عالم الشهادة ببركة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إلّا ما هو من علامات الساعة الكبرى. فقد ورد في الأحاديث الصحيحة أن يكون في هذه الأمة مسخ وخسف وقذف عند القيامة، وذلك أي مسخ الإنسان جنا في البرزخ يكون غالبا في الكفار والمؤمنين الظالمين المؤذين والزانين والمغلمين سيما إذا ماتوا أو قتلوا على جنابة. وكذا المرتدين غير تائبين إذا ماتوا غير تائبين. وليس كل من كان كذلك يكون ممسوخا بل من شاء الله تعالى مسخه وعذابه. والمسخ لا يكون في الصلحاء والأولياء أصلا وإن ماتوا على جنابة. ويكون المسخ في القيامة كثيرا كما ورد أنّ كلب أصحاب الكهف يصير بلعما والبلعم يجعل كلبا ويدخل ذلك في الجنة ويلقى هذا في النار. ومن هذا القبيل جعل رأس من رفع ووضع رأسه في الصلاة قبل الإمام رأس حمار. ومنه مسخ آخذ الرّشوة وآكل الربا وواضع الأحاديث وأمثال ذلك كثير، كذا في شرح البرزخ لملا معين.
فائدة: اختلفوا: هل من الجنّ رسول أم لا فقال ضحّاك إنّ من الجنّ رسلا كالإنس بدليل قوله تعالى وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ وقوله تعالى وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا الآية. قال المفسرون فيه استئناس الإنسان بالإنسان أكمل من استئناسه بالملك، فاقتضى حكمة الله تعالى أن يجعل رسول الإنس من الإنس لتكميل الاستئناس، فهذا السبب حامل في الجنّ فيكون رسول الجنّ من الجنّ.
والأكثرون قالوا ما كان من الجنّ رسول البتة وإنّما كان الرسول من بني آدم، واحتجوا بالإجماع هو بعيد لأنه كيف ينعقد الإجماع مع حصول الاختلاف. واستدلّوا أيضا بقوله تعالى إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً الآية، فإنّهم اتفقوا على أنّ المراد بالاصطفاء النبوّة، فوجب كون النبوة مخصوصة بهذا القوم.
فائدة: لا يجب أن يكون كل معصية تصدر من إنسان فإنها تكون بسبب وسوسة الشيطان، وإلّا لزم التسلسل والدور في هؤلاء الشياطين، فوجب الانتهاء إلى قبيح أول ومعصية سابقة حصلت بلا واسطة وسوسة شيطان آخر.
ثم نقول الشياطين كما أنّهم يلقون الوسواس إلى الإنس فقد يوسوس بعضهم بعضا. فقيل الأرواح إمّا ملكية وإمّا أرضية والأرضية منها طيبة طاهرة ومنها خبيثة قذرة شريرة تأمر المعاصي والقبائح وهم الشياطين. ثم إنّ تلك الأرواح الطيبة كما تأمر النّاس بالطاعات والخيرات فكذلك قد تأمر بعضهم بعضا بها، وكذلك الأرواح الخبيثة كما تأمر الناس بالمعصية كذلك تأمر بعضهم بعضا بها. ثم إنّ صفات الطّهر كثيرة وصفات الخبث أيضا كذلك. وبحسب كل نوع منها طوائف من البشر وطوائف من الأرواح الأرضية، وبحسب تلك المجانسة والمشابهة ينضم الجنس إلى جنسه. فإن كان ذلك من باب الخير كان الحامل عليه ملكا يقويه وذلك الخاطر إلهام.
وإن كان من باب الشّر كان الحامل عليه شيطانا يقويه وذلك الخاطر وسوسة، فلا بد من المناسبة. ومتى لم يحصل نوع من أنواع المناسبة بين البشرية وبين تلك الأرواح لم يحصل ذلك الانضمام بالنفوس البشرية، هكذا يستفاد من التفسير الكبير في تفسير سورة الجنّ والأنعام والأعراف.
فائدة: اختلف الناس في حكم الجنّ، هل هم من أهل الجنّة أو النّار؟ فالكفار هم من أهل النّار باتفاق. وأمّا المؤمنون منهم فيقول أبو حنيفة رحمه الله هم ناجون من النّار ولا يدخلون الجنة، بل يفنون كالحيوانات الأخرى؛ وثمّة قول آخر بأنّهم يدخلون الجنة. كذا في الينابيع.

لكن

لكن: لَكَن: انظر لقن.
لكن: تصحيف لكان: إذاً (بوشر).
لكن
الألْكَنُ: الرَّجُلُ الذي لا يُقِيْمُ عَرَبِيتَه لِلُكْنَةٍ في لسانِه، وامْرأةٌ لَكْنَاءُ.
(ل ك ن) : (الْأَلْكَنُ) الَّذِي لَا يُفْصِحُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَقِيلَ (اللَّكَنُ) ثِقَلُ اللِّسَانِ كَالْعُجْمَةِ.
ل ك ن

رجل ألكن، وقوم لكنٌ، وفي لسانه لكنة: عيّ، وتلاكن في كلامه: أرى من نفسه اللكنة ليضحك الناس.

لكن


لَكِنَ(n. ac. لُكْن
لُكْنَة
لَكَن
لُكُوْنَة
لُكْنُوْنَة )
a. stammered, hesitated.

لَكَن
(pl.
أَلْكَاْن), P.
a. Copper-basin.

أَلْكَنُ
(pl.
لُكْن)
a. Stammerer.

لٰكِنْ لٰكِنَّ
a. But; yet; however; still ( also used with
pronominal suffixes ).
ل ك ن : اللُّكْنَةَ الْعِيُّ وَهُوَ ثِقَلُ اللِّسَانِ وَلَكِنَ لَكَنًا مِنْ بَابِ تَعِبَ صَارَ كَذَلِكَ فَالذَّكَرُ أَلْكَنُ وَالْأُنْثَى لَكْنَاءُ مِثْلُ أَحْمَرَ وَحَمْرَاءَ وَيُقَالُ الْأَلْكَنُ الَّذِي لَا يُفْصِحُ بِالْعَرَبِيَّةِ. 

لكن



لُكْنَةٌ An impotence, or impediment, or a difficulty, in speech or utterance; (Msb;) a barbarousness, or viciousness, and an impotence, or impediment, in speech: (S:) or the not speaking Arabic rightly, by reason of a barbarousness, or viciousness, in the tongue: (K:) or the interposing of [words of] a foreign language in one's speech. (Mbr, TA.) See تَهْتَهَةٌ; and عُجْمَةٌ, with which it is syn. لٰكِنْ, with the ن quiescent, has no government. b2: It means But after a negative proposition: but not after an affirmative: see إِلَّا.
[لكن] ك: فيه: "لكن" دعا ودعا، المستدرك منه محذوف، أي لم يكن مشتغلًا بشيء لكنه دعا يخيل إليه أنه فعل التخيل كان في الفعل لا في العلم والقول. ش: "لكن" أخوة الإسلام ومودته، هو استدراك عن مضمون الشرطية، أي وإن لم نتخذ خليلًا ولكن بيننا أخوة الإسلام ومودته فيقومان مقام اتخاذ الخليل، وفيه إيذان أن الخلة قوة الأخوة والمودة. ط: "لكني" أسمع الله- مستدرك عن مقدر يعني أنه لطيب أشتهيه، لكني أعرض عنه لأني سمعت الله تعالى. وح: "لكن" من غائط، أي أمرنا أن ننزع خفافنا في الجنابة، لكن لا ننزع ثلاثة أيام من بول وغائط وغيرهما إذا كنا سفرا.
باب لل
ل ك ن: (اللُّكْنَةُ) عُجْمَةٌ فِي اللِّسَانِ وَعِيٌّ يُقَالُ: رَجُلٌ (أَلْكَنُ) (بَيِّنُ) اللَّكَنِ وَقَدْ (لَكِنَ) مِنْ بَابِ طَرِبَ، وَ (لَكِنْ) خَفِيفَةٌ وَثَقِيلَةٌ حَرْفُ عَطْفٍ لِلِاسْتِدْرَاكِ وَالتَّحْقِيقِ يُوجَبُ بِهَا بَعْدَ نَفْيٍ إِلَّا أَنَّ الثَّقِيلَةَ تَعْمَلُ عَمَلَ إِنَّ تَنْصِبُ الِاسْمَ وَتَرْفَعُ الْخَبَرَ وَيُسْتَدْرَكُ بِهَا بَعْدَ النَّفْيِ وَالْإِيجَابِ، تَقُولُ: مَا تَكَلَّمَ زَيْدٌ لَكِنَّ عَمْرًا قَدْ تَكَلَّمَ. وَمَا جَاءَنِي زَيْدٌ لَكِنَّ عَمْرًا قَدْ جَاءَ وَالْخَفِيفَةُ لَا تَعْمَلُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} [الكهف: 38] أَصْلُهُ لَكِنْ أَنَا فَحُذِفَتِ الْأَلِفُ فَالْتَقَتْ نُونَانِ فَجَاءَ التَّشْدِيدُ لِذَلِكَ. 
لكن
لكِنَ يَلكَن، لَكَنًا ولُكْنَةً ولُكُونةً، فهو ألكنُ
• لكِن المستشرقُ: عَيّ وثقُل لسانُه ولم يستطع الإفصاحَ بالعربيَّة "في لسانه لُكْنةٌ- تسبَّب المرضُ في لُكْنته". 

أَلْكَنُ [مفرد]: ج لُكْن، مؤ لَكْناءُ، ج مؤ لَكْناوات ولُكْن: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من لكِنَ. 

لَكَن [مفرد]: مصدر لكِنَ. 

لُكْنَة [مفرد]: مصدر لكِنَ. 

لُكونة [مفرد]: مصدر لكِنَ. 
باب الكاف واللام والنون معهما ل ك ن، ن ك ل، ن ل ك مستعملات

لكن: اللُّكْنة: عجمة الألكن، وهو الذي يؤنث المذكر، ويذكر المؤنث، ويقال: هو الذي لا يقيم عربيته، لعجمة غالبة على لسانه، وهو الألْكَنُ .

نكل: النِّكلُ والنَّكلُ: ضرب من اللجم والقيود، وكل شيء يُنكل به غيره فهو نِكلٌ، قال :

عهدت أبا عمران فيه نهاكة ... وفي السيف نِكْل للعصا غير أعزل

ونكِلَ يَنْكَل: تميميه، ونَكَل حجازية. يقال: نَكَل الرجل عن صاحبه إذا جبن عنه، قال :

ضرباً بكفي بطل لم يَنْكَلِ

أي: لم يَنكَل عن صاحبه. ونَكَلَ عن اليمين: حاد عنه، والنُّكُول عن اليمين: الامتناع منها. والنًّكالُ: اسم لما جعلته نَكالاً لغيره، إذا بلغه، أو رآه خاف أن يعمل عمله.

نلك: النُّلكُ: شجرة الدب، الواحدة: نُلكة، وهي شجرة حملها زعرور أصفر.
[لكن] اللُكْنَةُ: عُجمةٌ في اللسان وعِيٌّ. يقال: رجلٌ ألْكَنُ بيِّن اللكن. و (لكن) خفيفة وثقيلة: حف عطفٍ للاستدراك والتحقيق يوجَب بها بعد نفي، إلا أن الثقيلة تعمل عمل إنّ تنصب الاسم وترفع الخبر ويُستدرَك بها بعد افي والإيجاب. تقول: ما جاءني زيد لكِنَّ عَمراً قد جاء، وما تكلم زيد لَكِنَّ عَمْراً قد تكلم. والخفيفة لا تعمل لأنها تقع على الأسماء والأفعال، وتقع أيضاً بعد النفي إذا ابتدأت بما بعدها. تقول: جاءني القوم لَكِنْ عَمْرٌو لم يجئ، فترفع. ولا يجوز أن تقول لكن عمرٌو وتسكت حتَّى تأتي بجملة تامة. فأما إن كانت عاطفةً اسماً مفرداً على اسم مفرد لم يجز أن تقع إلا بعد نفي، وتلزمُ الثاني مثلَ إعراب الأول تقول: ما رأيت زيداً لَكِنْ عَمرأ، وما جاءني زيدٌ لَكِنْ عَمرٌو. وأما قول الشاعر: فَلَسْتُ بآتيهِ ولا أستطيعه * ولاكِ اسْقِني إن كان ماؤكَ ذا فَضلِ فإنّه أراد ولَكِنْ، فحذف النون ضرورةً، وهو قبيح. وبعض النحويين يقول: أصله أنَّ، واللام والكاف زائدتان، يدلُّ على ذلك أن العرب تُدخل اللام في خبرها. وأنشد الفراء:

ولكنَّني في حبِّها لَكَميدُ * وقوله تعالى: (لَكِنَّا هو الله ربي) ، يقال أصله لكن أنا، فحذفت الألف فالتقت نونان، فجاء بالتشديد لذلك.

لكن: اللُّكْنَة: عُجْمة في اللسان وعِيٌّ. يقال: رجل أَلْكَنُ بيِّنُ

اللَّكَن. ابن سيده: الأَلْكَنُ الذي لا يُقِيمُ العربية من عجمة في

لسانه، لَكِنَ لَكَناً ولُكْنَة ولُكُونة. ويقال: به لُكْنة شديدة ولُكُونةٌ

ولُكْنُونة.

ولُكانٌ: اسم موضع؛ قال زهير:

ولا لُكانٌ إِلى وادي الغِمارِ، ولا

شَرْقيُّ سَلمى،. ولا فيْدٌ ولا رِهَمُ

(* قوله «إلى وادي الغمار» كذا

بالأصل ونسخة من المحكم، والذي في ياقوت: ولا وادي الغمار. وقوله «ولا

رهم» الذي في ياقوت: ولا رمم، وضبطه كعنب وسبب: اسم موضع، ولم نجد رهم

بالهاء اسم موضع).

قال ابن سيده: كذا رواه ثعلب، وخطَّأَ من روى فالآلُكانُ، قال: وكذلك

رواية الطُّوسيِّ أَيضاً. المُبرّد: الُّكْنَةُ أَن تَعْترِضَ على كلام

المتكلم اللغةُ الأَعجمية. يقال: فلان يَرْتَضِخُ لُكْنَةً روميةً أَو حبشية

أَو سِنْدِية أَو ما كانت من لغات العجم.

الفراء: للعرب في لَكِنَّ لغتان: بتشديد النون مفتوحة، وإسكانها خفيفة،

فمن شدَّدها نصب بها الأَسماء ولم يَلِها فَعَل ولا يَفْعَلُ، ومن خفف

نونها وأَسكنها لم يعملها في شيء اسم ولا فعل، وكان الذي يعمل في الاسم

الذي بعدها ما معه مما ينصبه أَو يرفعه أَو يخفضه، من ذلك قول الله: ولكنِ

الناسُ أَنفُسَهم يَظْلِمُونَ، ولكِنِ اللهُ رمى، ولكن الشياطينُ

كَفَرُوا؛ رُفِعَتْ هذه الأَحرفُ بالأَفاعيل التي بعدها، وأَما قوله: ما كان

محمدٌ أَبا أَحَد من رجالكم ولكن رسُولَ اللهِ؛ فإنك أَضمرت كان بعد ولكن

فنصبت بها، ولو رفعته على أَن تُضْمِرَ هو فتريد ولكن هو رسولُ الله كان

صواباً؛ ومثله: وما كان هذا القرآنُ أَن يُفْتَرى من دون الله ولكن

تَصْديقُ، وتصديقَ، فإذا أُلقِيَت من لكن الواوُ في أَولها آثرت العرب تخفيف

نونها، وإذا أَدخلوا الواو آثروا تشديدها، وإنما فعلوا ذلك لأَنها رجوع عما

أَصابَ أَول الكلام، فشبهت ببل إذ كانت رجوعاً مثلها، أَلا ترى أَنك تقول

لم يقم أَخوك بل أَبوك، ثم تقول لم يقم أَخوك لكن أَبوك فتراهما في معنى

واحد، والواو لا تصلح في بل، فإذا قالوا ولكن فأَدخلوا الواو تباعدت من

بل إذ لم تصلح في بل الواو، فآثروا فيها تشديد النون، وجعلوا الواو كأَنها

دخلت لعطف لا بمعنى بل، وإنما نصبت العرب بها إذا شددت نونها لأَن

أَصلها إن عبد الله قائم، زيدت على إنَّ لام وكاف فصارتا جميعاً حرفاً واحداً؛

قال الجوهري: بعض النحويين يقول أَصله إن واللام والكاف زوائد، قال: يدل

على ذلك أَن العرب تدخل اللام في خبرها؛ وأنشد الفراء:

ولَكِنَّني من حُبِّها لَعَمِيدُ

فلم يدخل اللام إلا أَن معناها إنَّ، ولا تجوز الإمالة في لكن وصورة

اللفظ بها لاكنّ، وكتبت في المصاحف بغير أَلف وأَلفها غير ممالة؛ قال

الكسائي: حرفان من الاستثناء لا يقعان أَكثر ما يقعان إلا مع الجحد وهما بل

ولكن، والعرب تجعلهما مثل واو النسق. ابن سيده: ولكن ولكنّ حرف يُثْبَتُ به

بعد النفي. قال ابن جني: القول في أَلف لكنّ ولكنْ أَن يكونا أَصلين لأَن

الكلمة حرفان ولا ينبغي أَن توجد الزيادة في الحروف، قال: فإن سميت

بهما. ونقلتهما إلى حكم الأَسماء حكمت بزيادة الأَلف، وكان وزن المثقلة

فاعِلاً ووزن المخففة فاعِلاً، وأَما قراءتهم: لكنَّا هو اللهُ هو ربي فأَصلها

لكن أَنا، فلما حذفت الهمزة للتخفيف وأُلقيت حركتها على نون لكن صار

التقدير لكننا، فلما اجتمع حرفان مثلان كره ذلك، كما كره شدد وجلل، فأَسكنوا

النون الأُولى وأَدغموها في الثانية فصارت لكنَّا، كما أَسكنوا الحرف

الأَول من شدد وجلل فأَدغموه في الثاني فقالوا جَلَّ وشَدَّ، فاعْتَدُّوا

بالحركة وإن كانت غير لازمة، وقيل في قوله: لَكنَّا هو اللهُ ربي، يقال:

أَصله لكنْ أَنا، فحذفت الأَلف فالتقت نونان فجاء التشديد لذلك؛ وقوله:

ولَسْتُ بآتيه ولا أَسْتَطِيعُه،

ولاكِ اسْقِني إن كان ماؤُكَ ذا فَضْلِ

إنما أَراد: ولكن اسقني، فحذفت النون للضرورة، وهو قبيح، وشبهها بما

يحذف من حروف اللين لالتقاء الساكنين للــمشاكلة التي بين النون الساكنة وحرف

العلة. وقال ابن جني: حَذْفُ النون لالتقاء الساكنين البَتَّةَ؛ وهو مع

ذلك أَقبح من حذف نون من في قوله:

غيرُ الذي قد يقالُ مِ الكَذِبِ

من قِبَلِ أَن أَصل لكن المخففة لكنّ المشددة، فحذفت إحدى النونين

تخفيفاً، فإذا ذهبت تحذف النون الثانية أَيضاً أَجحفت بالكلمة؛ قال الجوهري:

لكن، خفيفةً وثقيلةً، حرفُ عطف للاستدراك والتحقيق يُوجَبُ بها بعد نفي،

إلا أَن الثقيلة تَعْمَلُ عَمَلَ إنّ تنصب الإسم وترفع الخبر، ويستدرك بها

بعد النفي والإبجاب، تقول: ما جاءني زيد لكنَّ عمراً قد جاء، وما تكلم

زيدٌ لكنَّ عمراً قد تكلم، والخفيفة لا تعمل لأَنها تقع على الأَسماء،

والأَفعال، وتقع أَيضاً بعد النفي إذا ابتدأَت بما بعدها، تقول: جاءني القوم

لكن عمرو لم يجئ، فترفع ولا يجوز أَن تقول لكن عمرو وتسكت حتى تاتي

بجملة تامة، فأَما إن كانت عاطفة اسماً مفرداً على اسم لم يجز أَن تقع إلا

بعد نفي، وتُلْزِم الثاني مثل إعراب الأَول، تقول: ما رأَيتُ زيداً لكنْ

عمراً، وما جاءني زيد لكنْ عمرو.

قسم

قسم


قَسَمَ(n. ac. قَسْم)
a. Divided, separated, parted.
b. Arranged, settled.
c. Hesitated.
d. [ coll. ]
see IV
قَسُمَ(n. ac. قَسَاْمَة)
a. Was handsome.

قَسَّمَa. see I (a)b. [acc. & Bain], Shared, distributed, divided amongst.
c. ['Ala] [ coll. ], Exorcised (
demoniac ).
قَاْسَمَa. Shared with.
b. [acc. & 'Ala], Bound (himself) by oath to.

أَقْسَمَ
a. [Bi], Swore by.
b. Swore to; vowed that.

تَقَسَّمَa. Was divided, separated, parted; dispersed.
b. see I (a)
تَقَاْسَمَa. Shared together.
b. Bound themselves together by oath.

إِنْقَسَمَa. Was divided, separated, distributed.

إِقْتَسَمَa. see VI (a)
إِسْتَقْسَمَa. Asked to have distributed; claimed his share.
b. [acc. & Bi], Demanded ( an oath ) from.
قَسْمa. Division, distribution; allotment.
b. Lot, share, portion, part, allotment.
c. Doubt, hesitation; conjecture.
d. see 2 (b) (c).
قِسْم
(pl.
أَقْسَاْم أَقَاْسِيْمُ)
a. Part, portion; division; section.
b. Character, disposition, nature
c. Habit, custom.

قِسْمَةa. see 1 (a)b. (pl.
قِسَم), Lot, portion.
c. Fate, destiny.

قَسَم
(pl.
أَقْسَاْم)
a. Oath; vow.

قَسَمَةa. see 5t
قَسِمَة
( pl.
reg. )
a. Beauty, elegance, grace.
b. Face, visage, countenance.

مَقْسَم
(pl.
مَقَاْسِمُ)
a. see 1 (b)
مَقْسِمa. Dividing of the waters; water-shed.

مِقْسَمa. see 1 (b)
قَاْسِمa. see 28
قَسَاْمa. see 5t
قَسَاْمَةa. see 4 & 5t
(a).
c. Truce, armistice; peace.
d. Oathtakers, swearers.

قَسَاْمِيّa. Average, middle.
b. Folder (workman).
قُسَاْمَةa. Alms, charity.
b. Share, portion of the distributer.
قَسِيْم
(pl.
قُسَمَآءُ
أَقْسِمَآءُ
68)
a. Sharer, participator, partaker.
b. (pl.
أَقْسِمَآءُ)
see 1 (b)c. (pl.
قُسُم), Beautiful, elegant, graceful, pretty.
قَسِيْمَة
(pl.
قَسَاْئِمُ)
a. fem. of
قَسِيْمb. Perfume-box.
c. Market.

قَسَّاْمa. Divider, distributer, apportioner.

N. P.
قَسڤمَa. Divided; distributed.
b. Dividend.

N. Ag.
قَسَّمَa. see 28b. [ coll. ], Exorcist.

N. P.
قَسَّمَa. see N. P.
I (a) & 25
(c)-
N. Ac.
قَسَّمَa. Division, distribution; assignment.
b. [ coll. ], Exorcism.

N. Ag.
قَاْسَمَa. see 25 (a)
N. Ac.
قَاْسَمَ
a. Participation.

N. P.
أَقْسَمَa. see 4
أَقْسُوْمَة (pl.
أَقَاْسِيْمُ)
a. see 1 (b)
خَارِجُ الْقِسْمَة
a. Quotient.

مَقْسُوْم عَلَيْهِ
a. Divisor.

مُقَسَّم عَلَيْهِ
a. [ coll. ], Exorcised.
بَاب الْقسم

أَقْسَمت وآليت وَحلفت وَالْيَمِين وَالْقسم والايلاء وَالْحلف والالية
قسم: {وقاسمهما}: حلف لهما. {وأن تستقسموا}: من قسمت أمري. {المقتسمين}: الحالفين. 
(قسم) - في صفته عليه الصلاة والسلام: "قَسِيمٌ وَسِيمٌ"
القَسَامُ : الجَمالُ، ورجُلٌ مُقَسَّم الوَجْه، كَأَنَّ كلَّ مَوضِع منه أخذَ قِسْماً من الجَمالِ: أي جَمِيلٌ كلُّه.
(قسم) الشَّيْء جزأه أَجزَاء يُقَال قسموا المَال بَينهم وَالْقَوْم فرقهم قسما هُنَا وقسما هُنَاكَ وَيُقَال قسمهم الدَّهْر والهموم فلَانا جعلته مشتت الخواطر وَالشَّيْء حسنه فَهُوَ مقسم يُقَال وشي مقسم وَالثَّوْب فَصله تَفْصِيلًا يبرز مقاسم لابسه والعامة تَقول كسم
قسم الشيء: ما يكون مندرجًا تحته وأخص منه، كالاسم؛ فإنه أخص من الكلمة ومندرج تحتها.
واعلم أن الجزئيات المندرجة تحت الكلي؛ إما أن يكون تباينها بالذاتية، أو بالعرضيات، أو بهما، والأول يسمى أنواعًا، والثاني أصنافًا، والثالث أقسامًا.

القسم: بفتح القاف قسمة الزوج بيتوتته بالتسوية بين النساء.
(قسم)
الشَّيْء قسما جزأه وَجعله نِصْفَيْنِ وَبَين الْقَوْم أعْطى كلا نصِيبه يُقَال قسم الله الرزق فَهُوَ القسام وَيُقَال قسم الْقَوْم الشَّيْء بَينهم أَخذ كل مِنْهُم نصِيبه مِنْهُ والدهر الْقَوْم قسما فرقهم وَفُلَان أمره قدره وَنظر فِيهِ كَيفَ يفعل

(قسم) الْوَجْه قسَامَة وقساما حسن وَيُقَال قسم الرجل فَهُوَ قسيم وقسيم الْوَجْه (ج) قسم
ق س م: (الْقَسْمُ) بِالْفَتْحِ مَصْدَرُ (قَسَمَ) الشَّيْءَ (فَانْقَسَمَ) وَبَابُهُ ضَرَبَ وَالْمَوْضِعُ (مَقْسِمٌ) مِثْلُ مَجْلِسٍ. وَ (الْقِسْمُ) بِالْكَسْرِ الْحَظُّ وَالنَّصِيبُ مِنَ الْخَيْرِ مِثْلُ طَحَنَ طَحْنًا وَالطِّحْنُ بِالْكَسْرِ الدَّقِيقُ. وَ (أَقْسَمَ) حَلَفَ وَأَصْلُهُ مِنَ (الْقَسَامَةِ) وَهِيَ الْأَيْمَانُ تُقْسَمُ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ فِي الدَّمِ. وَ (الْقَسَمُ) بِفَتْحَتَيْنِ الْيَمِينُ وَكَذَا الْمُقْسَمُ وَ (هُوَ) مَصْدَرٌ كَالْمُخْرَجِ. وَ (الْمُقْسَمُ) أَيْضًا مَوْضِعُ الْقَسَمِ. وَ (قَاسَمَهُ) حَلَفَ لَهُ. وَقَاسَمَهُ الْمَالَ وَ (تَقَاسَمَاهُ) وَ (اقْتَسَمَاهُ) بَيْنَهُمْ وَالِاسْمُ (الْقِسْمَةُ) وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ. وَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} [النساء: 8] بَعْدَ قَوْلِهِ: «وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ» لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمِيرَاثِ وَالْمَالِ فَذُكِّرَ عَلَى ذَلِكَ. وَ (اسْتَقْسَمَ) طَلَبَ الْقَسْمَ بِالْأَزْلَامِ. 
قسم
القَسْمُ: مَصدَرُ قَسَمَ يَقْسِمُ. والقِسْمَةُ: الاقْتِسامُ.
والقَسَمُ: اليَمِيْنُ، والفِعْل الإِقْسَامُ.
والقَسِيْمُ: الذي يُقاسِمُكَ أرْضَاً ومالاً. وهذه الأرْضُ قَسِيْمَةُ هذه.
والقاسِمُ والقَسّام: الذي يَقْسِمُ الدُّوْرَ. والمَقْسِمُ: القِسْمُ.
والقِسْمُ: الحَظُّ من الخَيْرِ، والجميع الأقْسَامُ. والأقاسِيْمُ: الحُظُوظُ المَقْسُومَةُ.
والاسْتِقْسَامُ بالأزْلام: كانوا يُجِيْلُونَها عند الأصنام بما أرادوا من الحاجات.
وحَصَاةُ القَسْم ونَوَاةُ القَسْم: كانتْ تُسْتَعْمَلُ عند قِلَّةِ الماء.
والقَسْمُ: الغَيْثُ والمَطَرُ. واسْقِني قَسْماً: أي ماءً.
والقَسَاميُّ: الذي يَطْوي الثِّيابَ أوَلَ طَيِّها حتّى تَنْكَسِرَ على طَيِّه.
والقَسَامِيُّ، من الخَيْل: هو قارِحُ شِقٍّ ورَباعيُّ شِقٍّ فهو مُقْتَسَمٌ سِنّه. وقيل: هو الجَميلُ القِسْمَتَيْنِ وهما عن يَمِينِ الأنْفِ وشِمالِه.
والقِسْمَةُ: ما اكْتَنَفَ الأنْفَ من الوَجْنَتَيْنِ، سُمِّيَتْ قِسْمَةً لأنَّ الأنْفَ قَسَمَ بينهما.
وقسْمُ الرَّجُل وجِسْمُه واحِدٌ.
والمُقَسَّمُ: هو المُحَسَّنُ من القَسَامَة في الوَجْهِ.
والقَسِيْمَةُ: جُؤْنَةٌ للأعْرَابِ مَنْقُوشَةٌ فيها العِطْرُ. وهي في قَوْل عَنْتَرَةَ: اليَمِيْنُ: وكأنَّ فأرَةَ تاجِرٍ بقَسِيْمَةٍ والقَسَامَةُ: جَماعَةٌ من الناس يَشْهَدُوْنَ ويَحْلِفُونَ على الشَّيْءِ.
ق س م : قَسَمْتُهُ قَسْمًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ فَرَزْتُهُ أَجْزَاءً فَانْقَسَمَ وَالْمَوْضِعُ مَقْسِمٌ مِثْلُ مَسْجِدٍ وَالْفَاعِلُ قَاسِمٌ وَقَسَّامٌ مُبَالَغَةٌ وَالِاسْمُ الْقِسْمُ بِالْكَسْرِ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْحِصَّةِ وَالنَّصِيبِ فَيُقَالُ هَذَا قِسْمِي وَالْجَمْعُ أَقْسَامٌ مِثْلُ حِمْلٍ وَأَحْمَالٍ وَاقْتَسَمُوا الْمَالَ بَيْنَهُمْ وَالِاسْمُ الْقِسْمَةُ وَأُطْلِقَتْ عَلَى النَّصِيبِ أَيْضًا وَجَمْعُهَا قِسَمٌ مِثْلُ سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ وَتَجِبُ الْقِسْمَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ وَقِسْمَةٌ عَادِلَةٌ أَيْ اقْتِسَامٌ أَوْ قَسْمٌ وَقَاسَمْتُهُ حَلَفْتُ لَهُ وَقَاسَمْتُهُ الْمَالَ وَهُوَ قَسِيمِي فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ مِثْلُ جَالَسْتُهُ وَنَادَمْتُهُ وَهُوَ جَلِيسِي وَنَدِيمِي.

وَالْقَسَمُ بِفَتْحَتَيْنِ اسْمٌ مِنْ أَقْسَمَ بِاَللَّهِ إقْسَامًا إذَا حَلَفَ.

وَالْقَسَامَةُ بِالْفَتْحِ الْأَيْمَانُ تُقْسَمُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ إذَا ادَّعَوْا الدَّمَ يُقَالُ قُتِلَ فُلَانٌ بِالْقَسَامَةِ إذَا اجْتَمَعَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ فَادَّعَوْا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ صَاحِبَهُمْ وَمَعَهُمْ دَلِيلٌ دُونَ الْبَيِّنَةِ فَحَلَفُوا خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَتَلَ صَاحِبَهُمْ فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُقْسِمُونَ عَلَى دَعْوَاهُمْ يُسَمَّوْنَ قَسَامَةً أَيْضًا. 
قسم
الْقَسْمُ: إفراز النّصيب، يقال: قَسَمْتُ كذا قَسْماً وقِسْمَةً، وقِسْمَةُ الميراث، وقِسْمَةُ الغنيمة:
تفريقهما على أربابهما، قال: لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ
[الحجر/ 44] ، وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ
[القمر/ 28] ، واسْتَقْسَمْتُهُ:
سألته أن يَقْسِمَ، ثم قد يستعمل في معنى قسم.
قال تعالى: وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ
[المائدة/ 3] . ورجل مُنْقَسِمُ القلب.
أي: اقْتَسَمَهُ الهمّ، نحو: متوزّع الخاطر، ومشترك اللّبّ، وأَقْسَمَ: حلف، وأصله من الْقَسَامَةُ، وهي أيمان تُقْسَمُ على أولياء المقتول، ثم صار اسما لكلّ حلف. قال: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ
[الأنعام/ 109] ، أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ [الأعراف/ 49] ، وقال: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ
[القيامة/ 1- 2] ، فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ [المعارج/ 40] ، إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ [القلم/ 17] ، فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ
[المائدة/ 106] ، وقَاسَمَهُ، وتَقَاسَمَا، قال تعالى: وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ [الأعراف/ 21] ، قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ [النمل/ 49] ، وفلان مُقْسِمُ الوجه، وقَسِيمُ الوجه أي: صبيحة، والْقَسَامَةُ: الحسن، وأصله من القسمة كأنما آتى كلّ موضع نصيبه من الحسن فلم يتفاوت، وقيل: إنما قيل مُقَسَّمٌ لأنه يقسم بحسنه الطّرف، فلا يثبت في موضع دون موضع، وقوله: كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ
[الحجر/ 90] أي: الذين تَقَاسَمُوا شعب مكّة ليصدّوا عن سبيل الله من يريد رسول الله ، وقيل: الذين تحالفوا على كيده عليه الصلاة والسلام .
ق س م

قسموا المال بينهم قسماً وقسموه تقسيماً واقتسموه وتقسّموه وتقاسموه، وقاسمته المال مقاسمة. وقسم القسّام وهو الذرّاع الأرض وحرفته: القسامة. وقسم الله الرزق، وهو القسام الوهاب. وتصافنوا الماء بحصاة القسم ونواة القسم. وهذه قسمة عادلة. وأعطيته قسمه ومقسمه أي نصيبه، وأعطيتهم أقسامهم ومقاسمهم وأقاسيمهم. وأنشد أبو زيد:

ومالك إلا مقسمٌ ليس فائتاً ... به أحدٌ فاعجل به أو تأخرا

وهذا مقسم الفيء: وجرى فيه المقسم أي القسمة. قال الطرماح:

لنا نسوة لم يجر فيهنّ مقسم ... إذا ما العذارى بالرماح استحلت

واستقسموا بالأزلام، ولأحد الشريكين أن يستقسم. وهو قسيمي: مقاسمي. وفي حديث عليّ رضي الله عنه: أنا قسيم النار. وأسأل الله أن يصحح جسمك، ويتمم قسمك. وأقسم بالله قسماً باطلاً وأقساماً باطلة، وقاسمهما: حلف لهما، وتقاسموا بالله: تحالفوا. وحكم القاضي بالقسامة.

ومن المجاز: قلبه متقسّم. وأصبح متقسّماً: مشترك الخواطر بالهموم، وقد تقسّمته الهموم. ووجه مقسّم: معطًى كلّ شيء منه قسمه من الحسن فهو متناسب، كما قيل: متناصف. وقسّمه الله. ورجل قسيم وسيم: بيّن القسام والقسامة، وكأن قسمته الدينار الهرقليّ وهي وجهه الحسن. قال:

كأن دنانيراً على قسماتهم ... وإن كان قد شفّ الوجوه لقاء

وكأنه قسيمة عطّارٍ وهي جونة حسنة منقوشة يكون فيها العطر. وطوى ثيابه القساميّ وهو أول من يطوي الثياب لتطوى على طيّه نسب إلى القسام لأنه يحسّنها بطيه ويزيّنها. وبات يقسم أمره: يقدّره وينظر كيف يفعل. وفلان جيد القسم أي الرزق. وفي استمطار هذيل: اللهم اجعلها عشيّة قسمٍ من عندك فقد تلوّحت الأرض فهي " مثل مجرّ الثوب تعوى وتنبح " وهو مثل لغبرة الأرض ووحشتها وأراد بالقسم الغيث. وضرب أنفه فقسمه أي قطعه نصفين. وقسم الأرض: قطعها. قال رؤبة:

ينجو ويذرين عجاجاً ساطعاً ... في إثر ناج يقسم الأجارعا
[قسم] القسم: مصدر قسمت الشئ فانقسم، والموضع مقسم مثل مجلس. ومقسم بكسر الميم: اسم رجل: وقول الشاعر القلاخ بن حزن : أنا القلاخ في بغائى مقسما أقسمت لا أسأم حتى تسأما فهو اسم غلام له كان قد فر منه. والقسم بالكسر: الحظ والنصيب من الخير، مثل طحنت طحنا والطحن الدقيق. قال يعقوب: يقال هو يَقْسِمُ أمره قَسْماً، أي يقدِّره وينظر فيه كيف يفعل. وأقْسَمْتُ: حلفتُ، وأصله من القَسامَةِ، وهي الأيْمانُ تُقْسَمُ على الاولياء في الدم.والقسم بالتحريك: اليمين، وكذلك المقسم، وهو الصمدر مثل المخرج. والمقسم أيضا: موضعُ القَسَمِ. وقال زهير: فتُجْمَعُ أيْمُنٌ مِنَّا ومنكم بمُقْسَمَةٍ تَمورُ بها الدماء يعني بمكة. والقَسِمَةُ: الوجهُ. وقال ابن الأعرابي: هو ما بين الوجنتين والأنف، تكسر سينُها وتفتح. وأنشد لمحرز بن مكعبرٍ الضبِّي: كَأنَّ دنانيراً على قَسِماتِهِم وإن كان قد شَفَّ الوجوهَ لِقاءُ والقَسامُ: الحسنُ. وفلانٌ قسيم الوجه ومقسم الوجه. وقال : ويوما توافينا بوجه مقسم كأن ظبية تعطو إلى وارق السلم  وأما قول عنترة: وكأنَّ فارَةَ تاجِرٍ بقَسيمَةِ سبقتْ عَوارِضها إليك من الفَمِ فيقال: هو اليمين، ويقال: امرأةٌ حسنةُ الوجه، ويقال: موضعٌ. ووشى مقسم، أي محسن. قال العجاج:

ورب هذا الاثر المقسم * يعنى أثر قدمى إبراهيم عليه السلام. وقال أبو ميمون يصف فرسا: كل طويل الساق حر الخدين مقسم الوجه هريت الشدقين وقاسمه: حلف له. وقاسمه المال، وتقاسماه واقتسماه بينهما. والاسم القسمه مؤنثة. وإنما قال الله تعالى: (فارزقوهم منه) بعد قوله عز وجل: (فإذا حضر القسمة) لانها في معنى الميراث والمال، فذكر على ذلك. وتقسمهم الدهر فتقسموا، أي فرقهم فتفرقوا. والتقسيم: التفريق. وقول الشاعر يذكر قدرا تقسم ما فيها فإن هي قسمت فذاك وإن أكرت فعن أهلها تكرى قال أبو عمرو: قسمت عمت في القسم. وأكرت: نقصت. واستقسم: طلب القسم بالازلام. والقسامى: الذى يطوى الثياب أول طيها حتى تتكسر على طيه. قال رؤية. * طى القسامى برود العصاب * وقول ذى الرمة:

ولا تقسم شعبا واحدا شعب * يقول: إنى ظننت أن لا تنقسم حالات كثيرة، يعنى حالات شبابه، حالا وأمرا واحدا يعنى الكبر والشيب.
(ق س م) : (الْقَسْمُ) بِالْفَتْحِ مَصْدَرُ قَسَمَ الْقَسَّامُ الْمَالَ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فَرَّقَهُ بَيْنَهُمْ وَعَيَّنَ أَنْصِبَاءَهُمْ (وَمِنْهُ) الْقَسْمُ بَيْنَ النِّسَاءِ (وَقَوْلُهُمْ) قَسَّمَ الْأَمِيرُ الْخُمْسَ فَعَزَلَهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ تَفْرِيقَهُ عَلَى الْمَسَاكِين وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ مَيَّزَهُ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ وَعَيَّنَهُ وَلِهَذَا قَالَ فَعَزَلَهُ (وَفِي) الْحَدِيثِ «خَيْرُ السَّرَايَا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ أَقْسَمُهُ بِالسَّوِيَّةِ وَأَعْدَلُهُ فِي الرَّعِيَّةِ» (مِثْل) هَذَا إنْ صَحَّ مُؤَوَّلٌ كَأَنَّهُ قِيلَ أَقْسَمُ مَنْ ذُكِرَ وَأَعْدَلُهُ (وَالْقِسْمُ) بِالْكَسْرِ النَّصِيبُ وَكَذَا الْمَقْسِمُ (وَقَوْلُهُ) فِي الشَّمْلَة الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنْ الْغَنَائِم لَمْ يُصِبْهَا مِنْ الْمَقْسَمِ أَيْ الْقِسْمَةِ وَمِنْ زِيَادَةٌ وَقَعَتْ فِي النُّسْخَة وَفِي الْمَتْنِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَقَاسِم عَلَى لَفْظ الْجَمْعِ (وَصَاحِب الْمَقَاسِم) نَائِبُ الْأَمِيرِ وَهُوَ قَسَّامُ الْغَنَائِمِ وَفِي أَجْنَاسِ النَّاطِفِيِّ نَهْرٌ لَهُ مَقْسِمٌ لَيْسَ فَوْقه مَقْسِمٌ كَأَنَّهُ أَرَادَ مَوْضِعَ الْقَسْمِ وَهُوَ مَوْضِعُ السِّكْرِ الْمَعْهُود (وَفِي) التَّهْذِيب الْمِقْسَمُ بِكَسْرِ الْمِيم وَفَتْحِ السِّين (وَبِهِ) سُمِّيَ مِقْسَمُ بْنُ بُجْرَةَ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ (وَالْقِسْمَةُ) اسْمٌ مِنْ الِاقْتِسَامِ وَيُقَالُ تَقَسَّمُوا الْمَالَ بَيْنَهُمْ وَتَقَاسَمُوا وَاقْتَسَمُوهُ وَقَاسَمْتُهُ الْمَالَ وَهُوَ قَسِيمِي أَيْ مُقَاسِمِي (وَمِنْهُ) قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِذَا أَرَادَ صَاحِبُ النَّهْرِ أَنْ يَمُرَّ إلَى نَهْرِهِ فِي أَرْض قَسِيمِهِ يَعْنِي بِهِ شَرِيكَهُ الَّذِي وَقَعَتْ الْمُقَاسَمَةُ مَعَهُ وَقَسِيمَةٌ وَقِسْمَةٌ كِلَاهُمَا غَلَط (وَخَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ) أَنْ تُوَظِّفَ فِي الْخَرَاجِ مِنْ الْأَرْضِ شَيْئًا مُقَدَّرًا عُشْرًا أَوْ ثُلُثًا أَوْ رُبُعًا (وَالِاسْتِقْسَامُ) بِالْأَزْلَامِ طَلَبُ مَعْرِفَةِ مَا قُسِمَ لَهُ مِمَّا لَمْ يُقْسَم (وَالْقَسَمُ) الْيَمِينُ يُقَال أَقْسَمَ بِاَللَّهِ إقْسَامًا (وَقَوْلُهُمْ) حَكَمَ الْقَاضِي (بِالْقَسَامَةِ) اسْمٌ مِنْهُ وُضِعَ مَوْضِعَ الْإِقْسَامِ ثُمَّ قِيلَ لَلَّذِينَ يُقْسِمُونَ قَسَامَةً وَقِيلَ هِيَ الْأَيْمَانُ تُقَسَّمُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الدَّمِ عَنْ الْأَزْهَرِيِّ (وَبِهَا سُمِّيَ) قَسَامَةُ بْنُ زُهَيْرٍ فِي نِكَاح السَّيْر (لَوْ أَقْسَمَ) عَلَى اللَّهِ فِي (ط م) .
باب القاف والسين والميم معهما ق س م، س ق م، م ق س، ق م س، س م ق مستعملات

قسم: القَسْمُ مصدر قَسَمَ يَقْسِمُ قَسْماً، والقِسْمةُ مصدر الاقتِسام، ويقال أيضاً: قَسَمَ بينهم قِسْمةً. والقِسْم : الحظ من الخير ويجمع على أقسام. والقَسَم: اليمين، ويجمع على أقسام، والفعل: أقْسَمَ. وقوله تعالى: فَلا أُقْسِمُ* بمعنى أقسم ولا صلة. والقَسيمُ: الذي يقاسمك أرضاً أو مالاً بينك وبينه. وهذه الأرض قَسيمةُ هذه أي عزلت منها، وهذا المكان قَسيمُ هذا ونحوه. والقَسّامُ: من يَقسِمُ الأرضين بين الناس، وهو القاسِمُ. والاستِقسام: [أنهم] كانوا يجيلون السهام أي الأزلام عند الأصنام فما يهمون به من الأمور العظام مثل تزويج أو سفر، كتب على وجهي القدح: أخُرج، لا تخرج، تزوج، لا تتزوج، ثم يقعد عند الصنم بكفره، أي الأمرين كان خيراً إلي فأذن لي فيه حتى أفعله، ثم يجيل، فأي الوجهين خرج فعل راضياً به قسماً وحظاً. وحصاة القَسْمِ ونواة القَسْمِ أنهم إذا قل ماؤهم في المفاوز عمدوا إلى غمر فألقوا فيه تلك الحصاة أو النواة ثم صبوا عليه من الماء قدر ما يغمرها حتى يستوي بأعلاها فيعطى كل إنسان شربة من ذلك الماء بمقدار واحد على ما وصفت. والأقاسيمُ: الحظوظ المقسومةُ بين العباد واختلفوا فقالوا: الواحدة أُقْسُومةُ، ويقال: بل هي جماعة الجماعة كالأظفار والأظافير. والقَسيمُ من الرجال: الحسن الخلق، والقِسمةُ: الوجه، قال الشاعر:

كأن دنانيراً على قَسمَاتِهمْ ... وإن كان قد شف الوجوه لِقاء

سقم: السقم والسقم والسقام لغات، وقد سقم الرجل فهو سَقيم مِسْقامٌ.

مقس: مَقِسَتْ نفسه وتَمَقَّسَتْ أيضاً نفسه أي غثيت.

قمس: كل شيء ينغط في الماء ثم يرتفع فقد قَمَسَ، والقيزان كذلك، والقنان وهي أكام القفاف إذا اضطرب السراب حواليها قيل: قَمست، قال رؤبة في نعت القيزان:

بيدا ترى قيزانهن قسا ... بوازياً مراً ومراً قُْمسا  ...

أي بدت بعد ما تخفى [كذا] ، يصف رؤبة قيزاناً أنهن يَتَقَمَّسْنَ في السراب. وفي المثل: بلغ قوله قاموس البحر أي قعره الأقصى.

سمق: سَمَقَ النبات: بلغ غاية الطول. ونخلة سامقةٌ: طويلة جداً. والسَّميقان: (خشبات يدخلن في الآلة) التي ينقل عليها اللبن، والسَّميقانِ في النير عودان قد لوقي بين طرفيهما تحت غبغب الثور شداً بخيط، وتجمع أسمِقةً. والسمسق: الياسمين.
قسم: قسم إلى: جزأ، يقال مثلا، قسم الكتاب إلى ثلاثة فصول. (بوشر).
قسم: أعطاه نصيبا وقدره له.
ففي ألف ليلة (1: 142): لم يقسم الله شيئا أقوت به عيالي.
قسم: رجا، توسل، تضرع. (هلو) وفيه: قصم. وهي تصحيف أقسم.
قسم (بالتشديد): عزم كما يفعل السحرة. (انظر قص بالعبرية والسريانية). (باين سميث 1388). وفي ألف ليلة (برسل 9: 165): ثم إنه عزم وقسم وطلب الملك الأحمر. وانظر قصم أيضا.
قاسم: يقال قاسمة الشيء، وقاسمه فيه- ففي ألف ليلة (1: 30): لو قاسمته في ملكي.
الخراج على المقاسمة، أو مقاسمة، أو خراج المقاسمة، وهو أن يدفع زراعو الأرض الخراج عينا، أي حين يجب عليهم أن يدفعوا للسلطان قسما من حاصل الأرض كالعشر أو الربع أو الثلث أو الخمسين أو النصف. (معجم البلاذري، معجم الطرائف، الفخري ص215، ص260 وفيه بالخمسين).
ويقال أيضا: دفع الأرض إلى أهلها مقاسمة على النصف أو غيره. وذلك حين تصبح الأرض ملكا لبيت المال غير أن سكانها بقوا فيها واستمروا يزرعونها على أن يدفعوا قسما معينا من نتاج الأرض (معجم اللاذري).
أقسم: عزم، عوذ، رقى. (ألف ليلة 1: 691).
أقسم: حين يكون هذا الفعل بمعنى حلف يحذف من بعده الحرف أن غالبا كما يحذف من بعد غيره من الأفعال التي تدل على القسم (معجم بدرون، عباد 2: 175).
تقسم: انظر قول المقري (1: 582): فكان يتبعه في أسفاره ما ينيف على أربعمائة فقير فيتقسمهم الترتيب في وظائف خدمته. (انظر رسالتي إلى السيد فليشر 72).
تقسم: تستعمل مجازا بمعنى نفي النوم (معجم مسلم). انقسم: تجزأ، (معجم الإدريسي).
انقسم: رقي وعزم عليه من قبل الساحر. (ألف ليلة برسل 9: 166).
استقسم: طرد الشياطين بالتعزيم. (بوشر).
قسم، والجمع أقسام: مقصورة، حجرة، خانة. (بوشر).
قسم، والجمع أقسام: مقاطعة، محافظة، مديرية. جزء من البلاد. (بوشر).
قسم: حزب، عصبة، زمرة. (بوشر).
قسم: قدر، مصير. ففي ألف لسلة (4: 156): وأبدلت قسمه بقسمي وبخته ببختي.
قسم الدنيا: مساحة العالم. (أكالا).
قسم، والجمع أقسام: تعويذة، رقية، تعزيمة. (بوشر، ألف ليلة 1: 854، 2: 598، 6، 668، 3، 669).
قسمة: شعبة من القبيلة، بطن. (سندوفال ص269، دوماس عادات ص16).
قسمة: نصيب، حصة. (بوشر) وجمعها: قسم (محيط المحيط، عبد الواحد 2: 1).
قسمة: نصيب، حظ. (بوشر، زيشر 16: 244). وفي حيان - بسام (2: 4ق): وقد عرفت هذين الأميرين حين كانا لا يزالان مملوكين فكان حظي من الاعتبار بالدنيا إذ كانا على استخدامهما لها من الجهل والافن واللكنة من حجج الله تعالى في القسم البالغة الدالة على هوانهما (هوانها) عنده.
قسمة، في علم الحساب: تجزئة عدد إلى أجزاء متساوية عدتها بقدر آحاد عدد آخر. (بوشر، محيط المحيط، المقدمة 2: 95).
قسمة، في علم التنجيم: مقطع الكوكب. (المقدمة 2: 188) وانظر تعليق السيد دي سلان (2: 221 رقم 1).
قسمة: ترقية الإنسان إلى درجات كنسية، رشامة كاهن، سيامة (بوشر).
قسمة، في التجارة: ريالان أو دولاران. (بركهارت نوبية ص216).
قسمة الحق: عدالة التوزيع. (بوشر).
قسمي: تقسيم وهو من مصطلح النحو. (بوشر).
قسام: تعويذة، رقية، تعزيمة. (بوشر).
قسيم: من يقاسم غيره شيئا ويشاركه فيه.
ففي كتاب عبد الواحد (ص141): قسيمة في النسب الكريم. وفيه (ص273): وهو قسيم نهر اشبيلية منبعهما واحد.
قسيم: شطر البيت، نصف البيت من الشعر، مصراع البيت. (عباد 2: 73، 152 رقم 39).
القسامة، في علم القانون الجنائي: خمسون يمينا يحلفها عصبة القتيل الذكور في حالة القتل الخطأ وورثته رجالا ونساء في حالة القتل بسبب حادث مفاجئ أي بقلة التبصر (فنسنت دراسات في الشريعة الإسلامية، محيط المحيط.
القسامة، عند المولدين: أن يكتب الرجل على نفسه صطا عند الوالي أو القاضي في الامتناع عن منكر يرتكبه كالسكر ونحوه (محيط المحيط).
دفتر القسامة، عند العامة: دفتر تكتب فيه أسماء الذي تحدث منهم جناية على أملاك الناس فيغرمون قيمة تلك الجناية بأمر الوالي. (محيط المحيط).
قسام: من يقسم أموال الميت على الورثة. (دسكرياك ص176، ألف ليلة 3: 194، 4: 639).
قسام: الضيف المؤاكل الذي يأخذ قطعة من اللحم فيقطعها بأسنانه ويضع النصف الباقي في الصحفة (دوماس حياة العرب ص314).
ثاسم: عدد يقسم به عدد آخر (بوشر).
أسقف قاسم: أسقف راسم، أسقف يمنح ويعطي الدرجات الكنسية. (بوشر).
تقسيم: في علم الحساب: قسمة العدد على غيره (بوشر).
التقسيم، عند بعض النصارى على المجنون: صلوات يستعملها الكاهن لطرد ابليس منه (محيط المحيط).
تقسيمي: توزيعي. (بوشر).
مَقسم ومِقسم: هو مقسم الفيء. والجمع مقاسم، الغنيمة التي لا بد ان تقسم وتوزع. ومن هذا: هو على المقاسم= صاحب المقاسم= قسام الغنائم. (معجم الطرائف).
مقسم، والجمع مقاسم: مفرق طرق. (الكالا).
مقسم: خزان ماء للتوزيع (محيط المحيط). وفي أماري (ص118): وحوله أبنية كثيرة وآثار عظيمة للماضين ومقاسم تدل على كثرة ساكنيه.
مقسم: قناة ماء. ففي الاصطخري (ص243).
ويتشعب منه (نهر هندمند) مقاسم الماء (ص261، ابن بطوطة 1: 234).
مقسم: مقياس العالم مقياس الدنيا (الكالا).
المقسمات: هذه الكلمة التي ذكرها فريتاج في معجمه من غير ضبط وفسرها بقوله اكثر من السب وهو تفسير غير صحيح إنما هي المقسمات ومعناها: هم، غم، كآبة، كدر، قلق، وهي مرادف المنكدات. وانظر مقسم التي فسرت في القاموس بكلمة مهموم.
وانظر عبارة قلائد العقبان (ص54): (ففاضت نفسه في أثناء منازلتهم جزعا، وذهبت روحه مقسما بالانكاد موزعا).
المقسوم: العدو الذي يجزأ في القسمة، والذي يجزأ عليه يسمى مقسوما عليه (بوشر، محيط المحيط).
مقسوم: كاهن مرسوم. من يحضر أمام الأسقف ليرقى في درجات الكهنوت. (بوشر).
الْقَاف وَالسِّين وَالْمِيم

قسم الشَّيْء يقسمهُ قسما، وقسمه: جزأه.

وَهِي: الْقِسْمَة.

وَالْقسم: النَّصِيب. وَالْجمع: أَقسَام.

وَهُوَ القسيم، وَالْجمع: اقسماء، واقاسيم، الْأَخِيرَة: جمع الْجمع. والمقسم والمقسم: كالقسم.

وحصاة الْقسم: حَصَاة تلقى فِي إِنَاء ثمَّ يصب فِيهَا من المَاء قدر مَا يغمر الْحَصَاة، ثمَّ يَتَعَاطونَهَا، وَذَلِكَ إِذا كَانُوا فِي سفر، وَلَا مَاء مَعَهم إِلَّا شَيْء يسير فيقسمونه هَكَذَا.

وتقسموا الشَّيْء، واقتسموه، وتقاسموه: قسموه بَينهم.

واستقسموا بِالْقداحِ: قسموا الْجَزُور على مِقْدَار حظوظهم مِنْهَا.

وقاسمته المَال: أخذت مِنْهُ قسمك، واخذ قسمه.

وقسيمك: الَّذِي يقاسمك أَرضًا أَو دَارا أَو مَالا بَيْنك وَبَينه.

وَالْجمع: اقسماء، وقسماء.

وَهَذَا قسيم هَذَا: أَي شطره.

والقسام: الَّذِي يقسم الْأَشْيَاء بَين النَّاس، قَالَ لبيد:

فارضى بِمَا قسم المليك فَإِنَّمَا ... قسم الْمَعيشَة بَيْننَا قسامها

عَنى بالمليك: الله تَعَالَى.

وَعِنْده قسم يقسمهُ: أَي عَطاء، وَلَا يجمع، وَهُوَ من الْقِسْمَة.

وقسمهم الدَّهْر يقسمهم، وقسمهم: فرقهم قسما هُنَا وقسما هُنَا.

وَنوى قسوم: مفرقة مبعدة، انشد ابْن الْأَعرَابِي:

نأت عَن بَنَات الْعَن وانفلتت بهَا ... نوى يَوْم سلان البتيل قسوم

أَي: مقسمة للشمل مفرقة لَهُ.

وَالْقسم: الرَّأْي. وَقيل: الشَّك، وَقيل: الْقدر.

وَقسم أمره قسما: قدره.

وَقيل: قسم أمره. لم يدر كَيفَ يصنع فِيهِ.

وَرجل مقسم: مُشْتَرك الخواطر بالهموم.

وَالْقسم: الْيَمين. وَالْجمع: أَقسَام.

وَقد اقْسمْ بِاللَّه، واستقسمه بِهِ.

وتقاسم الْقَوْم: تحالفوا. وَفِي التَّنْزِيل: (قَالُوا تقاسموا بِاللَّه) . والقسامة: الْجَمَاعَة يقسمون على الشَّيْء اويشهدون.

وَيَمِين الْقسَامَة منسوبة اليهم.

والقسام: الْجمال.

وَرجل مقسم، وقسيم، وَالْأُنْثَى: قسيمة وَقد قسم.

وَقَوله:

وَرب هَذَا الْأَثر الْمقسم

يَعْنِي: مقَام إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام، كَأَنَّهُ قسم: أَي حسن.

وَشَيْء قسامي: مَنْسُوب إِلَى القسام.

وخفف الْقطَامِي يَاء النِّسْبَة مِنْهُ فاخرجه مخرج تهام وشام. فَقَالَ:

إِن الْأُبُوَّة وَالدّين تراهما ... مُتَقَابلين قساميا وهجاناً

أَرَادَ: ابوة وَالدّين.

وَالْقِسْمَة: الْحسن كالقسام.

وَالْقِسْمَة: الْوَجْه.

وَقيل: مَا اقبل عَلَيْك مِنْهُ.

وَقيل: قسْمَة الْوَجْه: مَا خرج من الشّعْر.

وَقيل: الْأنف وناحيتاه. وَقيل: وَسطه.

وَقيل: أَعلَى الوجنة وَقيل: مجْرى الدمع من الْعين، قَالَ:

كَأَن دنانيراً على قسماتهم ... وَإِن كَانَ قد شف الْوُجُوه لِقَاء

وَقيل: هِيَ مَا بَين الْعَينَيْنِ، روى ذَلِك عَن ابْن الْأَعرَابِي، وَبِه فسر قَوْله:

كَأَن دنانيراً على قسماتهم

وَقَالَ أَيْضا: الْقِسْمَة: مَا فَوق الْحَاجِب. وَفتح السِّين: لُغَة فِي ذَلِك كُله.

والقسامي: الَّذِي يطوي الثِّيَاب على أول طيها حَتَّى تتكسر على طيه.

قَالَ رؤبة:

طي القسامي برود العصاب

وَفرس قسامي: إِذا قرح من جَانب وَاحِد، وَهُوَ من آخر رباع، وانشد:

اشق قساميا رباعي جَانب ... وقارح جنب سل اقرح اشقرا

وَالْقِسْمَة، والقسيمة: جؤنة الْعَطَّار.

والقسيمة فِي قَول عنترة:

وَكَأن فَأْرَة تَاجر بقسيمةٍ ... سبقتْ عوارضها إِلَيْك من الفمِ

قيل: هِيَ طُلُوع الْفجْر. وَقيل: هِيَ جؤنة الْعَطَّار.

وَالْمَعْرُوف عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي جؤنة الْعَطَّار: قسْمَة، فَإِن كَانَ ذَلِك، فَإِن الشَّاعِر إِنَّمَا أشْبع للضَّرُورَة.

والقسيمة: السُّوق، عَن ابْن الْأَعرَابِي، وَلم يُفَسر بِهِ قَول عنترة، وَهُوَ عِنْدِي مِمَّا يجوز أَن يُفَسر بِهِ.

والقسوميات: مَوَاضِع، قَالَ زُهَيْر:

ضحوا قَلِيلا قفا كُثْبَان أسنمة ... وَمِنْهُم بالقسوميات معترك

وقاسم، وقسيم، وقسيم، وقسام، ومقسم، ومقسم: أَسمَاء.

وَالْقسم: مَوضِع مَعْرُوف. 
[قسم] فيه: «قسمت» الصلاة بيني وبين عبدي، أي قسمت القراءة؛ لأن نصف الفاتحة إلى «إياك نعبد» ثناء، ونصفها مسألة ودعاء، ولذا قال: «وإياك نستعين» بيني وبين عبدي. وفي ح على: أنا «قسيم» النار، أراد أن الناس فريقان: فريق معي فهم على هدى، وفريق علي فهم على ضلالة، فنصف معي في الجنة ونصف علي في النار، وقسيم بمعنى مفاعل كجليس، قيل: أراد بهم الخوارج، وقيل: كل من قاتله. وفيه: إياكم و «القسامة»! هي بالضم ما يأخذه القسام من رأس المال عن أجرته لنفسه، كما يأخذ السماسرة رسمًا مرسومًا لا أجرًا معلومًا كتواضعهم أن يأخذوا من كل ألف شيئًا معينًا وذلك حرام؛ الخطابي: هذا فيمن ولي أمر قوم فإذا قسم بينهم أمسك لنفسه نصيبًا، وأما إذا أخذ أجرته بإذن المقسوم لهم فلا يحرم. والقسامة - بالكسر: صنعة القسام كالجزارة. وفيه: مثل الذي يأكل «القسامة» كمثل جدي بطنه مملوء رضفًا، فسر فيه بالصدقة، والأصل الأول. وفيه: أنه استحلف خمسة نفر في «قسامة» معهم رجل من غيرهم، فقال: ردوا الأيمان على أجالدهم، هي بالفتح اليمين كالقسم، وهي أن يقسم من أولياء القتيل خمسون نفرًا على استحقاقهم دم صاحبهم، فإن لم يكونوا خمسين أقسم الموجودون خمسين يمينًا أو يقسم بها المتهمون على نفي القتل عنهم، فإن حلف المدعون استحقوا الدية. وإن حلف المتهمونللأخرى، وإذا حمل اثنتين بالقرعة فعليه التسوية بينهما، وعماد القسم في حق المقيم الليل، والنهار تبع له، فإن كان الرجل ممن يعمل بالليل فعماده في حقه النهار - ومر في قرع. غ: «على «المقتسمين» الذين تقاسموا وتحالفوا على كيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو اليهود والنصارى أمنوا ببعض وكفروا ببعض. «و «قاسمهها»» حلف لهما. و: «فالمقسمات» أمرًا» الملائكة تقسم ما وكلت به.
قسم
قسَمَ يقسِم، قَسْمًا، فهو قاسِم، والمفعول مَقْسوم
• قسَم الدهْرُ القومَ: فرّقهم وشتّتهم "قسَمت الأيّامَ زملاءَ الجامعة بعد تخرُّجهم".
• قسَم اللهُ الرِّزقَ: وزّعه وأعطى كلَّ فردٍ نصيبَه "الرزق مقسوم والأجل محتوم- {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ".
• قسَم التُّفّاحةَ: جزّأها إلى جزأين أو أكثر، شقّها "قسَم النهرُ المدينة قِسميْن- قسم الرغيفَ إلى عدَّة أجزاء".
• قسَم عددًا على آخر: (جب) أوجد عددًا ثالثًا إذا ضُرب في الثّاني حصل الأوّل. 

قسُمَ يَقسُم، قَسامةً وقَسامًا، فهو قَسِيم
• قسُم الوَجْهُ: حَسُنَ وجمُل "أعجبني قسامةُ وجهها- وجهٌ قَسِيم- قسامة الوجه من سمات الأنبياء". 

أقسمَ بـ/ أقسمَ على يُقسم، إقسامًا، فهو مُقْسِم، والمفعول مُقْسَمٌ به
• أقسم الرَّجلُ بكذا: حلَف بالله أو بغيره "أقسَم أن يُقلع عن التّدخين- {لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} ".
• أقسم على إهلاك خَصْمِه: تعهد بإهلاكه "أقسَم عليه أن يذاكر دروسه- أقسم بالمصحف/ على المصحف". 

استقسمَ يستقسم، استقسامًا، فهو مُسْتَقسِم، والمفعول مُسْتَقسَم (للمتعدِّي)
• استقسم القومُ: طلب كلّ منهم قِسْمه (نصيبه)، طلب أن يعرف حظّه المقدّر له " {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ}: كان الناس في الجاهليّة يستقسمون بالأزلام قبل الإقدام على عمل".
• استقسم الشَّاهدَ بالله: طلب منه أن يُقْسِمَ بالله على صحّة
 شهادته. 

اقتسمَ يقتسم، اقْتِسامًا، فهو مُقْتَسِم، والمفعول مُقْتَسَم
• اقتسم الإخوةُ الميراثَ: أخذ كلُّ واحدٍ نصيبَه منه "اقتسم العمارةَ مع إخوته- اقتسم الورثةُ تركةَ المتوفَّى". 

انقسمَ إلى/ انقسمَ على ينقسم، انقسامًا، فهو مُنْقَسِم، والمفعول مُنْقَسَم إليه
• انقسم قالَبُ حلوى إلى قطْعتين/ انقسم قالبُ حلوى على قطعتين: مُطاوع قسَمَ: تجزَّأ أجزاءً "انقسم الفريق الرياضيّ إلى/ على مجموعتين- ينقسم الناسُ إلى قسمين".
• انقسم الأعضاءُ على أنفسهم: اختلفوا، تفرّقوا وتباينت آراؤهم "انْقَسم حِزْب سياسِيّ- ما انْقَسمت أمّة إلاّ ضعف شأنُها". 

تقاسمَ/ تقاسمَ بـ يتقاسَم، تقاسُمًا، فهو مُتقاسِم، والمفعول مُتقاسَم
• تقاسمَ الإخوةُ الميراثَ: اقتسمُوه، أخذ كلٌّ منهم نصيبه منه "تقاسَمُوا المسئوليّة- تقاسَمَ الزوجان حُلوَ الحياة ومُرَّها".
• تقاسم القومُ بالله: أقسم كلٌّ منهم لصاحبه، تحالَفوا، تبادلوا الحلِف "تقاسَموا بالله على نُصرة المظلوم- تقاسَمَا على التمسُّك بالعهد- {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} ". 

تقسَّمَ/ تقسَّمَ إلى/ تقسَّمَ على يتقسَّم، تقسُّمًا، فهو مُتَقَسِّم، والمفعول مُتَقَسَّم
• تقسَّموا الطَّعامَ بينهم: اقتسموه، أخذ كلّ منهم نصيبَه منه "تقسَّموا إرثَ أبيهم" ° تقسَّمته الهُمومُ: وزَّعت خواطره وأفكاره.
• تقسَّم القومُ إلى عائلات: مُطاوع قسَّمَ/ قسَّمَ على: تفرّقوا "تقسَّم الطلبةُ فرقًا".
• تقسَّمت الدَّولةُ إلى دُويْلات: مُطاوع قسَّمَ/ قسَّمَ على: تجزَّأت "يتقسَّم البحث إلى عِدَّة فصول".
• تقسَّم العملُ على أعضاء الفريق: مُطاوع قسَّمَ/ قسَّمَ على: وُزِّع وفُرِّق. 

قاسمَ يقاسِم، مُقاسَمَةً، فهو مُقاسِم، والمفعول مُقاسَم
• قاسمه المالَ: شاركه فيه مناصفةً، أخذ كلٌّ قِسْمَه منه، شاطَره.
• قاسم فُلانًا: حلف له وأقسم " {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} ". 

قسَّمَ/ قسَّمَ على يُقسِّم، تقسيمًا، فهو مُقسِّم، والمفعول مُقسَّم
• قسَّم الكتابَ: جزّأه "قسَّمت الدُّولُ العُظمى العالمَ إلى مناطق نفوذ- خطّ تقسيم المياه- قسَّم الميراثَ- قسَّم الأرضَ: جَزَّأهَا إلى أقسام لتُبنى" ° قسَّم الدَّهْرُ الأصدقاءَ: فرَّقهم.
• قسَّم الشَّيءَ: حسَّنه "وشيٌ مقسَّم- قسَّم أسلوبَه في الكتابة".
• قسَّم الثَّوبَ: فصّله تفصيلاً يُبرزُ مقاسِمَ لابسه، والعامّة تقول كسَّم.
• قسَّم المالَ بين الفقراء/ قسَّم المالَ على الفقراء: فرّقه عليهم "قسَّم الرِّبحَ بين العاملين"? قسَّمه الهَمُّ: جعله مشتت الخواطر.
• قسَّم على العود: عَزَف مقطوعة موسيقيّة. 

انقسام [مفرد]: ج انقسامات (لغير المصدر): مصدر انقسمَ إلى/ انقسمَ على.
• انقسام الخليَّة: (حي) عمليّة تتكاثر بها النباتات والحيوانات وحيدة الخليّة، أو تتكوَّن بها خلايا جديدة في الكائنات متعدِّدة الخلايا. 

تقسيم [مفرد]: ج تقسيمات (لغير المصدر) وتقاسيم (لغير المصدر):
1 - مصدر قسَّمَ/ قسَّمَ على.
2 - (حن) تخصُّص الخلايا أو الأعضاء أو الأنسجة لأداء وظيفة معيَّنة.
3 - (حن) تخصُّص بعض الأفراد أو الجماعات في الحشرات الاجتماعيّة، كالنَّمل أو النَّحل، لأداء وظيفة خاصَّة تخدم الجماعة كلَّها.
• تقاسيم الوجه: تقاطيعه، معالمه؛ ملامحه الدالّة على الحسن مجتمعة أو غيره.
 • تقاسيم إيقاعيَّة: (سق) عزف منفرد على عود أو نحوه، ويكون غالبًا في بداية حفل "تقاسيم على العود". 

تقسيمة [مفرد]: ج تقسيمات وتقاسيم:
1 - اسم مرَّة من قسَّمَ/ قسَّمَ على.
2 - (رض) تجزئة مجموعة من اللاعبين أو غيرهم إلى مجموعتين متساويتين "أجرى تقسيمة بين اللاعبين لتكوين فريقَيْن متنافسَيْن".
3 - (سق) قطعة موسيقيَّة صغيرة "قامت الفرقة بعزف تقسيمة أعجبت الحاضرين". 

تقسيميَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى تقسيم: "نوايا/ دعوات/ مؤامرة تقسيميَّة: الغرض منها تفريق شيءٍ أو تجزئته".
2 - مصدر صناعيّ من تقسيم: انفصاليَّة وتجزيئيَّة.
3 - (فن) طريقة في الرسم تُقَسَّم فيها درجات التلوين وتوضع على قماشة جنبًا إلى جنب بدلاً من مزجها "استخدم الرسّام تقسيميَّة الألوان في لوحته الأخيرة". 

قاسِم [مفرد]: ج قواسم:
1 - اسم فاعل من قسَمَ.
2 - (جب) عدد مقسوم عليه (4 قاسم 20).
• قاسم مُشترك/ قاسم تامّ: (جب) عددٌ أو مقدارٌ جبريٌّ يمكن أن يُقسَم عليه قسمة صحيحة عددان أو مقداران جبريّان أو أكثر "الثلاثة من الأعداد هو قاسم مشترك للسِّتّة والتِّسعة" ° القاسم المشترك بينهما: النقطة المشتركة بينهما، ما يجمعهما. 

قَسام [مفرد]: مصدر قسُمَ. 

قَسامَة [مفرد]:
1 - مصدر قسُمَ.
2 - (فق) نوع من اليمين يُقسمه خمسون من أولياء الدّم لإثبات حقِّهم أو خمسون من المتهمين لدفع التهمة عنهم "حكم القاضي بالقَسامَة". 

قَسْم [مفرد]: مصدر قسَمَ. 

قَسَم [مفرد]: ج أقْسام: يمينٌ يحْلِفُها الإنسانُ بالله تعالى وبغيره، مثل: والله ما رأيته، ورَبِّي ما فَعَلْتُ "قَسَمًا بالله إنّهُ مصيب- {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} ".
• أحرف القَسَم: (نح) الباء والتاء واللام والواو.
• جواب القَسَم: (نح) ما يُساق القَسَم لإثباته أو نفيه. 

قِسْم [مفرد]: ج أقْسام:
1 - جُزْء من شيء مقْسوم "ضيْعَة ذات أقسام".
2 - حصَّة، نصيب من خير "تحصَّل على قِسْمِه في الميراث".
3 - جهاز مُختصّ في إدارة أو مؤسّسة، فرع، وحدة إداريّة أو وظيفيّة في حكومة أو شركة "قِسْم اللُّغة العربيّة في الجامعة/ الحسابات- رئيس قسم المشتريات".
4 - فَصْل، فِقْرة، مَقْطع "قِسْم من كتاب- هناك ترابط بين أقْسام الموضوع". 

قَسَمات [جمع]: مف قَسَمة
• قَسَمات الوجه: تقاسيمه، تقسيماته، ملامحه وتقاطيعه ومعالمه "دلَّت قَسَمات وجهه على ابتهاجه". 
4020 - 
قِسْمَة [مفرد]: ج قِسْمات وقِسَم:
1 - اسم من اقتسام الشّيء " {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} ".
2 - نصيب، حظّ "نال أفضل قِسْمَة- رضي بقِسْمَته".
3 - (جب) عمليّة حسابيّة تُستخدم في تعيين مقدار يسمّى خارج القسمة، إذا ضُرب في المقسوم عليه نتج المقسوم "قِسْمَة 20 على 4 - قابليّة القِسْمَة" ° علامة القِسْمَة: الرمز () الموضوع بين كميّتين مكتوبتين على خطّ واحد لتشير إلى قسمة الكميّة الأولى على الثانية- قِسْمَة قصيرة: تقسيم عدد على آخر دون كتابة كلّ الخطوات خاصّة إذا كان المقسوم عليه خانة واحدة.
4 - (قن) حِصّة ونصيب، حالة وأموال أو مُمْتلكات مُقسَّمة بين أصحاب حقوق "قِسْمَة تَرِكة".
• خارِج القِسْمة: (جب) نتيجة يُحصَل عليها عندما يُقسَم عدد أو مقدار ما على عدد أو مقدار آخر. 

قَسيم [مفرد]: ج أقْسِمَاءُ وقُسَماءُ:
1 - صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من قسُمَ: "إنّه قَسِيمٌ وسيم".
2 - صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من قسَمَ: من يقاسم غيره شيئًا "قَسِيم الثّروة- هو قَسِيمي في الصَّفقة".
3 - أحد جزأين أو أكثر من قسمة واحدة "الاسم قَسِيم الفعل والحرف". 

قَسيمَة [مفرد]: ج قَسِيمات وقسائِمُ:
1 - وثيقة لها في التعامل أكثر من نسخة "قَسِيمَة بيع/ الزواج".
2 - قطعة مقسومة مفروزة من الأرض للبناء أو الزرع.
3 - (قص) ورقة
 من عِدّة أوْراق مُرَقَّمة ومُرْفَقة بسَهْم أو صَكّ ماليّ تُقْطع عند كلِّ استحقاق لقاء الحصول على الفائدة أو الأرباح. 

مُقاسَمَة [مفرد]:
1 - مصدر قاسمَ.
2 - (قص) اشتراك العمال في أرباح المؤسَّسة. 

مُقسِّم [مفرد]:
1 - اسم فاعل من قسَّمَ/ قسَّمَ على ° مقسِّم الأرزاق: الله تعالى.
2 - فارِز "مُقَسِّم قِطْعة أرض".
• المُقَسِّم الهاتفي: لوحة توزيع المخابرات الهاتفيّة وتسلُّمها على الخطوط بواسطة عامل الهاتف في المؤسَّسات الرَّسميّة والخاصَّة. 

مُقسِم [مفرد]:
1 - اسم فاعل من أقسمَ بـ/ أقسمَ على.
2 - (قن) شاهد، شخص يُدعى للقيام بمهمَّة المحلِّف. 

مَقْسوم [مفرد]:
1 - اسم مفعول من قسَمَ.
2 - (جب) عدد يُوزَّعُ حِصصًا متساوية على عدد آخر.
• المَقْسُوم عليه: (جب) ما يُوزَّع عليه المقسوم، ففي العمليّة 20 على 4، فالعدد 20 هو المقسوم والعدد 4 هو المقسوم عليه. 

قسم: القَسْمُ: مصدر قَسَمَ الشيءَ يَقْسِمُه قَسْماً فانْقَسَم،

والموضع مَقْسِم مثال مجلس. وقَسَّمَه: جزَّأَه، وهي القِسمةُ. والقِسْم،

بالكسر: النصيب والحَظُّ، والجمع أَقْسام، وهو القَسِيم، والجمع أَقْسِماء

وأَقاسِيمُ، الأَخيرة جمع الجمع. يقال: هذا قِسْمُك وهذا قِسْمِي.

والأَقاسِيمُ: الحُظُوظ المقسومة بين العباد، والواحدة أُقْسُومة مثل أُظفُور

(*

قوله «مقل أظفور» في التكملة: مثل أُظفورة، بزيادة هاء التأنيث).

وأَظافِير، وقيل: الأَقاسِيمُ جمع الأَقسام، والأَقسام جمع القِسْم. الجوهري:

القِسم، بالكسر، الحظ والنصيب من الخير مثل طَحَنْت طِحْناً، والطِّحْنُ

الدَّقيق. وقوله عز وجل: فالمُقَسِّماتِ أَمراً؛ هي الملائكة تُقَسِّم ما

وُكِّلت به. والمِقْسَمُ والمَقْسَم: كالقِسْم؛ التهذيب: كتب عن أَبي

الهيثم أَنه أَنشد:

فَما لكَ إِلاَّ مِقْسَمٌ ليس فائِتاً

به أَحدٌ، فاسْتَأْخِرَنْ أَو تقَدَّما

(* قوله «فاستأخرن أو تقدما» في الاساس بدله: فاعجل به أو تأخرا)

قال: القِسْم والمِقْسَم والقَسِيم نصيب الإِنسان من الشيء. يقال:

قَسَمْت الشيء بين الشركاء وأَعطيت كل شريك مِقْسَمه وقِسْمه وقَسِيمه، وسمي

مِقْسم بهذا وهو اسم رجل. وحصاة القَسْم: حصاة تلقى في إِناء ثم يصب فيها

من الماء قدر ما يَغمر الحصاة ثم يتعاطونها، وذلك إِذا كانوا في سفَر ولا

ماء معهم إِلا شيء يسير فيقسمونه هكذا. الليث: كانوا إِذا قَلَّ عليهم

الماء في الفلَوات عَمدوا إِلى قَعْب فأَلقوا حصاة في أَسفله، ثم صَبُّوا

عليه من الماء قدر ما يغمرها وقُسِمَ الماء بينهم على ذلك، وتسمى تلك

الحصاةُ المَقْلَةَ. وتَقَسَّموا الشيء واقْتَسَموه وتَقاسَموه: قَسَمُوه

بينهم. واسْتَقسَمُوا بالقِداح: قَسَمُوا الجَزُور على مِقدار حُظوظهم

منها. الزجاج في قوله تعالى: وأَن تَسْتَقْسِمُوا بالأَزلام، قال: موضع أَن

رفع، المعنى: وحُرّم عليكم الاسْتِقْسام بالأَزلام؛ والأَزْلام: سِهام

كانت لأَهل الجاهلية مكتوب على بعضها: أَمَرَني ربِّي، وعلى بعضها: نَهاني

ربي، فإِذا أَراد الرجل سفَراً أَو أَمراً ضرب تلك القِداح، فإِن خَرج

السهم الذي عليه أَمرني ربي مضى لحاجته، وإِن خرج الذي عليه نهاني ربي لم

يمض في أَمره، فأَعلم الله عز وجل أَن ذلك حَرام؛ قال الأَزهري: ومعنى قوله

عز وجل وأَن تستقسموا بالأَزلام أَي تطلبوا من جهة الأَزلام ما قُسِم

لكم من أَحد الأَمرين، ومما يبين ذلك أَنَّ الأَزلام التي كانوا يستقسمون

بها غير قداح الميسر، ما روي عن عبد الرحمن بن مالك المُدْلجِي، وهو ابن

أَخي سُراقة بن جُعْشُم، أَن أَباه أَخبره أَنه سمع سراقة يقول: جاءتنا

رُسُل كفار قريش يجعلون لنا في رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأَبي بكرٍ

دية كل واحد منهما لمن قتلهما أَو أَسَرَهما، قال: فبينا أَنا جالس في

مجلس قومي بني مُدْلج أَقبل منهم رجل فقام على رؤوسنا فقال: يا سراقة، إِني

رأَيت آنفاً أَسْوِدةً بالساحل لا أُراها إِلا محمداً وأَصحابه، قال:

فعرفت أَنهم هم، فقلت: إِنهم ليسوا بهم ولكنك رأَيت فلاناً وفلاناً

انطلقوا بُغاة، قال: ثم لَبِثْت في المجلس ساعة ثم قمتُ فدخلت بيتي وأَمرت

جاريتي أَن تخرج لي فرسي وتحبِسها من وراء أَكَمَة، قال: ثم أَخذت رمحي

فخرجت به من ظهر البيت، فخفَضْت عالِيةَ الرُّمح وخَطَطْت برمحي في الأَرض

حتى أَتيت فرسي فركبتها ورفَعْتها تُقَرِّب بي حتى رأَيت أَسودتهما، فلما

دنوت منهم حيث أُسْمِعُهم الصوت عَثَرَت بي فرسي فخَرَرت عنها، أَهويت

بيدي إِلى كِنانتي فأَخرجت منها الأَزْلامَ فاستقسمت بها أَضِيرُهم أَم

لا، فخرج الذي أَكره أَن لا أَضِيرَهم، فعَصَيْت الأَزلام وركبت فرسي

فرَفَعتها تُقَرِّب بي، حتى إِذا دنوت منهم عَثَرت بي فرسي وخَرَرْت عنها،

قال: ففعلت ذلك ثلاث مرات إِلى أَن ساخت يدا فرسي في الأَرض، فلما بلغتا

الركبتين خَرَرت عنها ثم زجرتها، فنهضت فلم تَكد تَخْرج يداها، فلما استوت

قائمة إِذا لأَثرِ يَدَيها عُثان ساطع في السماء مثل الدُّخان؛ قال

معمر، أَحد رواة الحديث: قلت لأَبي عمرو بن العلاء ما العُثان؟ فسكت ساعة ثم

قال لي: هو الدخان من غيرنا، وقال: ثم ركبت فرسي حتى أَتيتهم ووقع في

نفسي حين لَقِيت ما لقيت من الحبس عنهم أَن سيظهر أَمرُ رسولِ الله، صلى

الله عليه وسلم، قال: فقلت له إِن قومك جعلوا لي الدية وأَخبرتهم بأَخبار

سفرهم وما يريد الناس منهم، وعَرَضت عليهم الزاد والمتاع فلم يَرْزَؤُوني

شيئاً ولم يسأَلوني إِلا قالوا أَخْفِ عنا، قال: فسأَلت أَن يكتب كتاب

مُوادَعة آمَنُ به، قال: فأَمرَ عامرَ بن فُهَيْرَةَ مولى أَبي بكر فكتبه

لي في رُقعة من أَديم ثم مضى؛ قال الأَزهري: فهذا الحديث يبين لك أَن

الأَزرم قِداحُ الأَمر والنهي لا قِداح المَيْسر، قال: وقد قال المؤَرّج

وجماعة من أَهل اللغة إِن الأَزلام قداح الميسر، قال: وهو وهَم. واسْتَقْسم

أَي طلب القَسْم بالأَزلام. وفي حديث الفتح: دخل البيت فرأَى إِبراهيم

وإِسمعيلَ بأَيديهما الأَزلام فقال: قاتَلَهم الله والله لقد علِموا

أَنهما لم يَسْتَقْسما بها قطُّ؛ الاسْتِقْسام: طلب القِسم الذي قُسِم له

وقُدِّر مما لم يُقَسم ولم يُقَدَّر، وهو استِفعال منه، وكانوا إِذا أَراد

أَحدهم سفَراً أَو تزويجاً أَو نحو ذلك من المَهامِّ ضرب بالأَزلام، وهي

القداح، وكان على بعضها مكتوب أَمَرَني ربِّي، وعلى الآخر نهاني ربي،

وعلى الآخر غُفْل، فإِن خرج أَمرني مَضى لشأْنه، وإِن خرج نهاني أَمسك، وإِن

خرج الغُفْل عادَ فأَجالَها وضرب بها أُخرى إِلى أَن يخرج الأَمر أَو

النهي، وقد تكرّر في الحديث. وقاسَمْتُه المال: أَخذت منه قِسْمَك وأَخذ

قِسْمه. وقَسِيمُك: الذي يُقاسِمك أَرضاً أَو داراً أَو مالاً بينك وبينه،

والجمع أَقسِماء وقُسَماء. وهذا قَسِيم هذا أَي شَطْرُه. ويقال: هذه

الأَرض قَسيمة هذه الأرض أَي عُزِلت عنها. وفي حديث علي، عليه السلام: أَنا

قَسِيم النار؛ قال القتيبي: أَراد أَن الناس فريقان: فريق معي وهم على

هُدى، وفريق عليّ وهم على ضَلال كالخوارج، فأنا قسيم النار نصف في الجنة

معي ونصف عليّ في النار. وقَسِيم: فعيل في معنى مُقاسِم مُفاعِل،

كالسَّمير والجليس والزَّميل؛ قيل: أَراد بهم الخوارج، وقيل: كل من قاتله.

وتَقاسَما المال واقتَسَماه، والاسم القِسْمة مؤَنثة. وإِنما قال تعالى:

فارزقوهم منه، بعد قوله تعالى: وإِذا حضَر القِسْمة، لأَنها في معنى الميراث

والمال فذكَّر على ذلك.

والقَسَّام: الذي يَقْسِم الدور والأَرض بين الشركاء فيها، وفي المحكم:

الذي يَقسِم الأَشياء بين الناس؛ قال لبيد:

فارْضَوْا بما قَسَمَ المَلِيكُ، فإِنما

قَسَمَ المَعِيشةَ بيننا قَسَّامُها

(* رواية المعلقة:

فاقنع بما قسم المليكُ، فإنما

قسم الخلائقَ بيننا عَلامُها)

عنى بالمليك الله عز وجل. الليث: يقال قَسَمْت الشيء بينهم قَسْماً

وقِسْمة. والقِسْمة: مصدر الاقْتِسام. وفي حديث قراءة الفاتحة: قَسَمْت

الصلاة بيني وبين عبدي نصفين؛ أَراد بالصلاة ههنا القراءة تسمية للشيء ببعضه،

وقد جاءت مفسرة في الحديث، وهذه القِسْمة في المعنى لا اللفظ لأَن نصف

الفاتحة ثناء ونصفها مَسْأَلة ودُعاء، وانتهاء الثناء عند قوله: إِياك

نعبد، وكذلك قال في إِياك نستعين: هذه الآية بيني وبين عبدي.

والقُسامة: ما يَعْزِله القاسم لنفسه من رأْس المال ليكون أَجْراً له.

وفي الحديث: إِياكم والقُسامة، بالضم؛ هي ما يأْخذه القَسَّام من رأْس

المال عن أُجرته لنفسه كما يأْخذ السماسرة رَسماً مرسُوماً لا أَجراً

معلوماً، كتواضُعهم أَن يأْخذوا من كل أَلف شيئاً معيناً، وذلك حرام؛ قال

الخطابي: ليس في هذا تحريم إِذا أَخذ القَسّام أُجرته بإِذن المقسوم لهم،

وإِنما هو فيمن وَلِيَ أَمر قوم فإِذا قسم بين أَصحابه شيئاً

أَمسك منه لنفسه نصيباً

يستأْثر به عليهم، وقد جاء في رواية أُخرى: الرجل يكون على الفِئام من

الناس فيأْخذ من حَظّ هذا وحظ هذا. وأَما القِسامةُ، بالكسر، فهي صنعة

القَسَّام كالجُزارة والجِزارة والبُشارة والبِشارة. والقُسامةُ: الصَّدقة

لأَنها تُقسم على الضعفاء. وفي الحديث عن وابِصة: مثَلُ الذي يأْكل

القُسامة كمثل جَدْيٍ بَطنُه مملوء رَضْفاً؛ قال ابن الأَثير: جاء تفسيرها في

الحديث أَنها الصدقة، قال: والأَصل الأَوَّل.

ابن سيده: وعنده قَسْمٌ يَقْسِمه أَي عَطاء، ولا يجمع، وهو من

القِسْمة. وقسَمَهم الدَّهر يَقْسِمهم فتَقَسَّموا أَي فَرَّقهم فتَفَرَّقوا،

وقَسَّمَهم فرَّقهم قِسْماً هنا وقِسماً هنا. ونَوىً قَسُومٌ: مُفَرِّقة

مُبَعَّدة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

نَأَتْ عن بَناتِ العَمِّ وانقَلَبَتْ بها

نَوىً، يَوْم سُلاَّنِ البَتِيلِ، قَسوم

(* قوله «وانقلبت» كذا في الأصل، والذي في المحكم: وانفلتت).

أَي مُقَسِّمة للشَّمْل مُفَرِّقة له.

والتقْسِيم: التفريق؛ وقول الشاعر يذكر قِدْراً:

تُقَسِّم ما فيها، فإِنْ هِي قَسَّمَتْ

فَذاكَ، وإِن أَكْرَتْ فعن أَهلِها تُكْري

قال أَبو عمرو: قَسَّمت عَمَّت في القَسْم، وأَكْرَتْ نَقَصَتْ. ابن

الأََعرابي: القَسامةُ الهُِدنة بين العدو والمسلِمين، وجمعها قَسامات،

والقَسم الرَّأْي، وقيل: الشكُّ، وقيل: القَدَرُ؛ وأَنشد ابن بري في القَسْم

الشَّكِّ لعدي بن زيد:

ظِنّة شُبِّهتْ فأَمْكَنَها القَسْـ

ـمُ فأَعدَتْه، والخَبِيرُ خبِيرُ

وقَسَم أَمرَه قَسْماً: قَدَّره ونَظَر فيه كيف يفعل، وقيل: قَسَمَ

أَمرَه لم يدر كيف يَصنع فيه. يقال: هو يَقْسِم أَمره قَسْماً أَي يُقَدِّره

ويُدَبِّره ينظر كيف يعمل فيه؛ قال لبيد:

فَقُولا له إِن كان يَقْسِمُ أَمْرَه:

أَلَمَّا يَعِظْكَ الدَّهْرُ؟ أُمُّكَ هابِلُ

ويقال: قَسَمَ فلان أَمره إِذا مَيَّل فيه أَن يفعله أَو لا يفعله. أَبو

سعيد: يقال تركت فلاناً يَقْتَسِم أَي يفكر ويُرَوِّي بين أَمرين، وفي

موضع آخر: تركت فلاناً يَسْتَقْسِم بمعناه. ويقال: فلان جَيِّد القَسْمِ

أَي جيِّد الرأْي. ورجل مُقَسَّمٌ: مُشتَرك الخواطِر بالهُموم.

والقَسَمُ، بالتحريك: اليمين، وكذلك المُقْسَمُ، وهو المصدر مثل

المُخْرَج، والجمع أَقْسام. وقد أَقْسَم بالله واسْتَقْسَمه به وقاسَمَه: حلَف

له. وتَقاسمَ القومُ: تحالفوا. وفي التنزيل: قالوا تَقاسَمُوا بالله.

وأَقْسَمْت: حلفت، وأَصله من القَسامة. ابن عرفة في قوله تعالى: كما أَنزلنا

على المُقْتَسِمين؛ هم الذين تَقاسَمُوا وتَحالَفُوا على كَيْدِ الرسول،

صلى الله عليه وسلم؛ قال ابن عباس: هم اليهود والنصارى الذين جعلوا

القرآن عِضِينَ آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. وقاسَمَهما أَي حلَفَ لهما.

والقَسامة: الذين يحلفون على حَقِّهم ويأْخذون. وفي الحديث: نحن نازِلُون

بخَيْفِ بني كِنانة حيث تَقاسَمُوا على الكفر؛ تقاسموا: من القَسَم اليمين

أَي تحالفوا، يريد لمَّا تعاهدت قريش على مُقاطعة بني هاشم وترك مُخالطتهم.

ابن سيده: والقَسامة الجماعة يُقْسِمُون على الشيء أَو يُشهدون،

ويَمِينُ القَسامةِ منسوبة إِليهم. وفي حديثٍ: الأَيْمانُ تُقْسَمُ على أَوْلياء

الدمِ. أَبو زيد: جاءت قَسامةُ الرجلِ، سمي بالمصدر. وقَتل فلان فلاناً

بالقَسامة أَي باليمين. وجاءت قَسامة من بني فلان، وأَصله اليمين ثم

جُعِل قَوْماً. والمُقْسَمُ: القَسَمُ. والمُقْسَمُ: المَوْضِع الذي حلف

فيه. والمُقْسِم: الرجل الحالف، أَقْسَم يُقْسِمُ إِقْساماً. قال الأَزهري:

وتفسير القَسامة في الدم أَن يُقْتل رجل فلا تشهد على قتل القاتل إِياه

بينة عادلة كاملة، فيجيء أَولياء المقتول فيدّعون قِبَل رجل أَنه قتله

ويُدْلُون بِلَوْث من البينة غير كاملة، وذلك أَن يُوجد المُدَّعى عليه

مُتلَطِّخاً بدم القتيل في الحال التي وُجد فيها ولم يشهد رجل عدل أَو امرأَة

ثقة أَن فلاناً قتله، أَو يوجد القتيل في دار القاتل وقد كان بينهما

عداوة ظاهرة قبل ذلك، فإِذا قامت دلالة من هذه الدلالات سَبَق إِلى قلب من

سمعه أَن دعوى الأَولياء صحيحة فَيُستَحْلَفُ أَولياءُ

القتيل خمسين يميناً أَن فلاناً الذي ادعوا قتله انفرد بقتل صاحبهم ما

شَرَكه في دمه أَحد، فإِذا حلفوا خمسين يميناً استحقوا دية قتيلهم، فإِن

أَبَوْا أَن يحلفوا مع اللوث الذي أَدلوا به حلف المُدَّعى عليه وبَرِئ،

وإِن نكل المدّعى عليه عن اليمين خير ورثة القتيل بين قتله أَو أَخذ

الدية من مال المدّعى عليه، وهذا جميعه قول الشافعي. والقَسامةُ: اسم من

الإِقْسام، وُضِع مَوْضِع المصدر، ثم يقال للذين يُقْسِمونَ قَسَامة، وإِن

لم يكن لوث من بينة حلف المدَّعى عليه خمسين يميناً وبرئ، وقيل: يحلف

يميناً واحدة. وفي الحديث: أَنه اسْتَحْلَف خمسةَ نفَر في قسامة معهم رجل من

غيرهم فقال: رُدُّوا الأَيمان على أَجالدِهم؛ قال ابن الأَثير:

القَسامة، بالفتح، اليمين كالقسَم، وحقيقتها أَن يُقْسِم من أَولياء الدم خمسون

نفراً على استحقاقِهم دمَ صاحبِهم إِذا وجدوه قتيلاً بين قوم ولم يُعرف

قاتله، فإِن لم يكونوا خمسين أَقسم الموجودون خمسين يميناً، ولا يكون فيهم

صبي ولا امرأَة ولا مجنون ولا عبد، أَو يُقسم بها المتهمون على نفي

القتل عنهم، فإِن حلف المدعون استحقوا الدية، وإِن حلف المتهَمون لم تلزمهم

الدية، وقد أَقْسَم يُقْسِم قَسَماً وقَسامة، وقد جاءت على بِناء الغَرامة

والحَمالة لأَنها تلزم أَهل الموضع الذي يوجد فيه القتيل؛ ومنه حديث

عمر، رضي الله عنه: القَسامة توجب العَقْل أَي تُوجب الدّية لا القَوَد. وفي

حديث الحسن: القَسامةُ جاهِلِيّة أَي كان أَهل الجاهلية يَديِنُون بها

وقد قرّرها الإِسلام، وفي رواية: القَتْلُ بالقسامة جاهِليةٌ أَي أَن أَهل

الجاهلية كانوا يقتُلُون بها أَو أَن القتل بها من أَعمال الجاهلية،

كأَنه إِنكار لذلك واسْتِعْظام.

والقَسامُ: الجَمال والحُسن؛ قال بشر بن أَبي خازم:

يُسَنُّ على مَراغِمِها القَسامُ

وفلان قَسِيمُ الوَجْهِ ومُقَسَّمُ الوجهِ؛ وقال باعث ابن صُرَيْم

اليَشْكُري، ويقال هو كعب بن أَرْقَمَ اليشكري قاله في امرأَته وهو

الصحيح:ويَوْمًا تُوافِينا بَوجْهً مُقسَّمٍ،

كأَنْ ظَبْية تَعْطُو إِلى وارِق السَّلَمْ

ويَوْماً تُرِيدُ مالَنا مع مالها،

فإِنْ لم نُنِلْها لم تُنِمْنا ولم تَنَمْ

نَظَلُّ كأَنَّا في خُصومِ غَرامةٍ،

تُسَمِّعُ جِيراني التَّأَلِّيَ والقَسَمْ

فَقُلْتُ لها: إِنْ لا تَناهَي، فإِنَّني

أَخو النُّكْر حتى تَقْرَعي السِّنَّ من نَدَمْ

وهذا البيت في التهذيب أَنشده أَبو زيد:

كأَنْ ظبية تعطو إِلى ناضِرِ السَّلم

وقال: قال أَبو زيد: سمعت بعض العرب ينشده: كأَنْ ظبيةٌ؛ يريد كأَنها

ظبية فأَضمر الكناية؛ وقول الربيع بن أَبي الحُقَيْق:

بأَحْسَنَ منها، وقامَتْ تريـ

ـك وجَهاً كأَنَّ عَلَيْه قَساما

أَي حُسْناً. وفي حديث أُم معبد: قَسِيمٌ وَسِيم؛ القَسامةُ: الحسن.

ورجل مُقَسَّم الوجهِ أَي جميل كله كأَن كل موضع منه أَخذ قِسْماً من

الجمال. ويقال لحُرِّ الوجه: قَسِمة، بكسر السين، وجمعها قَسِماتٌ. ورجل

مُقَسَّمٌ وقَسِيم، والأُنثى قَسِيمة، وقد قَسُم. أَبو عبيد: القَسام والقَسامة

الحُسْن. وقال الليث: القَسِيمة المرأَة الجميلة؛ وأَما قول الشاعر

(*

قوله «الشاعر» هو عنترة):

وكأَنَّ فارةَ تاجِرٍ بِقَسِمةٍ

سَبَقَتْ عَوارِضَها إِليكَ مِن الفَمِ

فقيل: هي طلوع الفجر، وقيل: هو وقت تَغَير الأَفواه، وذلك في وقت السحر،

قال: وسمي السحر قَسِمة لأَنه يَقْسِم بين الليل والنهار، وقد قيل في

هذا البيت إِنه اليمين، وقيل: امرأَة حسَنة الوجه، وقيل: موضع، وقيل: هو

جُؤْنة العَطَّار؛ قال ابن سيده: والمعروف عن ابن الأَعرابي في جُؤْنة

العطار قَسِمة، فإِن كان ذلك فإِن الشاعر إِنما أَُشبع للضرورة، قال:

والقَسِيمة السُّوقُ؛ عن ابن الأَعرابي، ولم يُفسِّر به قول عنترة؛ قال ابن

سيده: وهو عندي مما يجوز أَن يُفسَّر به؛ وقول العجاج:

الحمدُ للهِ العَلِيّ الأَعْظَمِ،

باري السَّمواتِ بِغَيْرِ سُلَّمِ

ورَبِّ هذا الأَثَرِ المُقَسَّمِ،

مِن عَهْد إِبراهيمَ لَمَّا يُطْسَمِ

أَراد المُحَسَّن، يعني مَقام إِبراهيم، عليه السلام، كأَنه قُسِّم أَي

حُسِّن؛ وقال أَبو ميمون يصف فرساً:

كلِّ طَوِيلِ السّاقِ حُرِّ الخدّيْن،

مُقَسَّمِ الوجهِ هَرِيتِ الشِّدْقَيْن

ووَشْيٌ مُقَسَّمٌ أَي مُحَسَّنٌ. وشيء قَسامِيٌّ: منسوب إِلى القَسام،

وخفف القطامي ياء النسبة منه فأَخرجه مُخرج تِهامٍ وشآمٍ، فقال:

إِنَّ الأُبُوَّةَ والدَيْنِ تَراهُما

مُتَقابلينِ قَسامِياً وهِجانا

أَراد أُبوّة والدين. والقَسِمةُ: الحُسن. والقَسِمةُ: الوجهُ، وقيل: ما

أَقبل عليك منه، وقيل: قَسِمةُ الوجه ما خَرج من الشعر. وقيل: الأَنفُ

وناحِيتاه، وقيل: وسَطه، وقيل: أَعلى الوَجْنة، وقيل: ما بين الوَجْنتين

والأَنف، تكسر سينها وتفتح، وقيل: القَسِمة أَعالي الوجه، وقيل: القَسِمات

مَجارِي الدموع، والوجوه، واحدتها قَسِمةٌ. ويقال من هذا: رجل قَسِيم

ومُقَسَّم إِذا كان جميلاً. ابن سيده: والمُقْسَم موضع القَسَم؛ قال

زهير:فتُجْمَعُ أَيْمُنٌ مِنَّا ومِنْكُم

بمُقْسَمةٍ تَمُورُ بها الدِّماء

وقيل: القَسِماتُ مجاري الدموع؛ قال مُحْرِز بن مُكَعْبَرٍ الضبي:

وإِنِّي أُراخيكم على مَطِّ سَعْيِكم،

كما في بُطونِ الحامِلاتِ رِخاءُ

فَهلاَّ سَعَيْتُمْ سَعْيَ عُصْبةِ مازِنٍ،

وما لعَلائي في الخُطوب سَواءُ

كأَنَّ دَنانِيراً على قَسِماتِهِمِ،

وإِنْ كان قَدْ شَفَّ الوُجُوهَ لِقاءُ

لَهُمْ أَذْرُعٌ بادٍ نواشِزُ لَحْمِها،

وبَعضُ الرِّجالِ في الحُروب غُثاءُ

وقيل: القَسِمةُ ما بين العينين؛ روي ذلك عن ابن الأَعرابي، وبه فسر

قوله دنانيراً على قَسِماتهم؛ وقال أَيضاً: القَسِمةُ والقَسَمةُ ما فوق

الحاجب، وفتح السين لغة في ذلك كله.

أَبو الهيثم: القَسامِيُّ الذي يكون بين شيئين. والقَسامِيّ: الحَسَن،

من القسامة. والقَسامِيُّ: الذي يَطوي الثياب أَول طَيّها حتى تتكسر على

طيه؛ قال رؤبة:

طاوِينَ مَجْدُولَ الخُروقِ الأَحداب،

طَيَّ القَسامِيِّ بُرودَ العَصّاب

ورأَيت في حاشية: القَسَّامُ المِيزان، وقيل: الخَيّاطُ. وفرس قَسامِيٌّ

أَي إِذا قَرَحَ من جانب واحد وهو، من آخرَ، رَباعٍ؛ وأَنشد الجَعْدي

يصف فرساً:

أَشَقَّ قَسامِيّاً رَباعِيَ جانِبٍ،

وقارِحَ جَنْبٍ سُلَّ أَقْرَحَ أَشْقَرا

وفرس قَسامِيٌّ: منسوب إِلى قَسام فرس لبني جَعْدة؛ وفيه يقول الجعدي:

أَغَرّ قَسامِيّ كُمَيْت مُحَجَّل،

خَلا يده اليُمْنى فتَحْجِيلُه خَسا

أَي فَرْدٌ. وقال ابن خالويه: اسم الفرس قَسامة، بالهاء؛ وأَما قول

النابغة يصف ظبية:

تَسَفُّ برِيرَه، وتَرُودُ فيه

إِلي دُبُر النهارِ من القَسامِ

قيل: القَسامة شدّة الحرّ، وقيل: إِن القسام أَول وقت الهاجرة، قال

الأَزهري: ولا أَدري ما صحته، وقيل: القسام وقت ذُرور الشمس، وهي تكون حينئذ

أَحسن ما تكون وأَتمّ ما تكون مَرْآةً، وأَصل القَسام الحُسن؛ قال

الأَزهري: وهذا هو الصواب عندي؛ وقول ذي الرمة:

لا أَحْسَبُ الدَّهْرَ يُبْلي جِدّةً أَبداً،

ولا تُقَسَّم شَعْباً واحِداً شُعَبُ

يقول: إِني ظننت أَن لا تنقسم حالاتٌ كثيرة، يعني حالاتِ شبابه، حالاً

واحداً وأَمراً واحداً، يعني الكِبَر والشيب؛ قال ابن بري: يقول كنت

لغِرّتي أَحسب أَن الإِنسان لا يَهرم، وأَن الثوبَ الجديد لا يَخْلُق، وأَن

الشَّعْب الواحد الممتنع لا يَتفرَّق الشُّعَبَ المتفرِّقةَ فيتفرق بعد

اجتماع ويحصل متفرقاً في تلك الشُّعَبِ

(* قوله: وأن الشعب إلخ؛ هكذا في

الأصل).

والقَسُومِيَّات: مواضع؛ قال زهير:

ضَحَّوْا قَليلاً قَفا كُثْبانِ أَسْنِمةٍ،

ومِنْهُمُ بالقَسُومِيّاتِ مُعْتَرَكُ

(* قوله «ضحوا قليلاً إلخ» أنشده في التكملة ومعجم ياقوت:

وعرسوا ساعة في كثب اسنمة).

وقاسِمٌ وقَسِيمٌ وقُسَيْمٌ وقَسّام ومِقْسَم ومُقَسِّم: أَسماء.

والقَسْم: موضع معروف. والمُقْسِم: أَرض؛ قال الأَخطل:

مُنْقَضِبِين انْقِضابَ الخيل، سَعْيُهُم

بَين الشقيق وعَيْن المُقْسِمِ البَصِر

وأَما قول القُلاخ بن حَزْن السعدي:

القُلاخُ في بُغائي مِقْسَما،

أَقْسَمْتُ لا أَسْأَمُ حتَّى تَسْأَما

فهو اسم غلام له كان قد فرّ منه.

قسم

(قَسَمَهُ يَقْسِمُهُ) قَسْمًا من حَدِّ ضَرَبَ، (وقَسَّمَهُ) تَقْسِيمًا: ((جَزَّأَهُ)) فانْقَسَمَ.
(وهْيَ القِسْمَةُ، بِالكَسْرِ) وهْيَ مُؤَنَّثَةٌ، وإِنَّمَا قَالَ الله تَعالَى: {فارزقوهم مِنْهُ} بَعْدَ قَولِه: {وَإِذا حضر الْقِسْمَة} ؛ لأنَّها فِي مَعْنَى المِيرَاثِ والمَالِ فَذَكَّر على ذَلِك كَمَا فِي الصِّحاح.
(و) من المَجَازِ: قَسَمَ (الدَّهْرُ القَوْمَ) قَسْمًا: (فَرَّقَهُمْ، كَقَسَّمَهُمْ) تَقْسِيمًا فَتَقَسَّمُوا: فَرَّقَهم قِسْمًا هَهُنَا وقِسْمًا هَهُنَا.
(والقِسْمُ، بِالكَسْرِ، وكَمِنْبَرٍ، ومَقْعَدٍ: النَّصِيبُ) والحَظُّ مِن الخَيْرِ، مِثل: طَحَنْت طِحْنًا، والطِّحْنُ: الدَّقِيقُ كَمَا فِي الصِّحاح: وَقَالَ الرَّاغبُ: " وحَقِيقَتُه أَنَّه جُزءٌ من جُمْلَةِ تَقبَلُ التَّقْسِيمَ "، ويُقالُ: هَذَا مَقْسِمُ الفَيْء، ضُبِطَ بِالوَجْهَيْن، وجمعُ المَقْسَمِ: مَقاسِمُ، (كالأُقْسُومَةِ) ، بِالضَّمِّ (ج: أَقْسَامٌ) . وَفِي التَّهْذِيبِ أَنَّه كَتَب عَن أَبِي الهَيْثَمِ أَنَّه أَنْشَدَ:
(فَمالَكَ إِلاّ مِقْسَمٌ لَيْسَ فَانِيًا ... بِهِ أَحَدٌ فاسْتَأْخِرَنْ أَو تَقَدَّمَا)

قَالَ: القِسْمُ، والمِقْسَمُ، والمَقْسَمُ: نَصِيبُ الإنْسان من الشَّيْء. يُقالُ: قَسمْتُ الشَّيْءَ بَين الشُّرَكَاءِ وأَعْطَيْتُ كُلَّ شَرِيكٍ قِسْمَه ومِقْسَمَه (كالقَسِيمِ) ، كَأَمِيرٍ (ج: أَقْسِمَاءُ) ، كَنَصِيبٍ وأَنْصِبَاءَ زِنةً ومَعْنًى (جج:) أَي: جَمْعُ الجَمْعِ: (أَقَاسِيمُ) أَي: جَمْع الأقْسَامِ، والأقْسَامُ جَمْعُ: القِسْم، بِالكَسْرِ، وقِيلَ: بَلِ الأَقَاسِيمُ جَمْع: الأُقسُومَةِ، كَأُظْفُورٍ وأَظَافِيرَ، وَهِي الحظُوظُ المَقْسُومَةُ بَيْنَ العِبَادِ.
(و) يُقالُ: (هَذَا يَنْقَسِمُ قَسْمَيْن، بالفَتْحِ: إِذَا أُرِيدَ المَصْدَرُ، وبِالكَسْرِ إِذَا أُرِيدَ النَّصِيبُ والحَظُّ) .
(أَوْ الجُزءُ مِنَ الشَّيْءِ المَقْسُومِ) .
(وقَاسَمَه الشَّيءَ) مُقَاسَمَةً: (أَخَذَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (قِسْمَهُ) .
(والقَسِيمُ) ، كَأَمِيرٍ: (المُقَاسِمُ) وَهُوَ الَّذِي يُقَاسِمُكَ أَرْضًا أَو دَارًا أَوْ مَالاً بَيْنَكَ وبينَه، ومِنْه قَولُ عَلِيٍّ رَضِيَ الله تَعالَى عَنْه: " أَنَا قَسِيمُ النَّارِ ". قالَ القُتَيْبِيُّ: أَرَادَ أنَّ النَّاسَ فَريقان: فَريقٌ مَعِي وهُمْ عَلَى هُدًى، وفَرِيقٌ عَلَّي وهُمْ عَلَى ضَلالٍ كَالخوَارِجِ، فَأَنَا قَسِيمُ النَّارِ، نِصفٌ فِي الجَنَّةِ مَعِي، ونِصْفٌ عَليَّ فِي النَّارِ (ج: أَقْسِمَاءُ، وقُسَمَاءُ) ، كَنَصِيبٍ وأَنْصِبَاءَ، وكَرِيمٍ وكُرَمَاءَ.
(و) القَسِيمُ: (شَطْرُ الشَّيْءِ) يُقَال: هَذَا قَسِيمُ هَذَا أَيْ: شَطْرُهُ، ويُقالُ: هَذِه الأرضُ قَسِيمَةُ هَذِه الأرْضِ، أَيْ: عُزِلَتْ عَنْهَا.
(و) القُسَامَةُ، (كَثُمَامَةٍ: الصَّدَقَةُ) ؛ لأنَّها تُقَسَّمُ عَلَى الضُّعَفَاءِ، وبِهِ فَسَّرَ بَعْضٌ حَدِيثَ وابِصَةَ: " مَثَلُ الّذِي يَأْكلُ القُسَامَة كَمَثَلِ جَدْيٍ بَطْنُهُ مَمْلُوءٌ رَضْفًا ". قَالَ ابنُ الأثِير: (و) الصَّحِيحُ أَنَّ القُسَامَةَ هُنَا (مَا يَعْزِلُه القَسَّامُ لِنَفْسِه) مِنْ رَأْسِ المَالِ، لِيَكُونَ أَجْرًا لَهُ، كَمَا تَأْخُذُ السَّمَاسِرَةُ رَسْمًا مَرْسُومًا لَا أَجْرًا مَعْلُومًا، كَتَواضُعِهم أنْ يَأْخُذوا من كُلِّ ألفٍ شَيْئًا مُعَيَّنًا، وذَلِكَ حَرَامٌ، وَبِه فُسِّرَ الحدِيثُ أَيْضا: " إِيَّاكُمْ والقُسَامَةَ ". وقالَ الخَطَّابِيُّ: لَيْسَ فِي هَذَا تَحْرِيمٌ إذَا أَخَذَ القَسَّامُ أُجْرَتَهُ بِإِذْنٍ من المَقْسُومِ لَهُمْ، وإِنَّما هُوَ فِيمَنْ ولَيَ أَمرَ قَوْمٍ، فَإِذا قَسَّمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ شَيْئًا أَمْسَكَ مِنه لِنَفْسِه نَصِيبًا يَسْتَأْثِرُ بهِ عَلَيْهِم.
(والقَسْمُ) ، بِالفَتْحِ: (العَطَاءُ وَلَا يُجْمَعُ) ، وهُوَ مِنَ القِسْمَةِ كَمَا فِي المُحْكَمِ.
(و) القَسْمُ: (الرَّأْيُ) يُقالُ: هُوَ جَيِّدُ القَسْمِ أيْ: الرَّأْيِ، وهُوَ مَجَازٌ.
(و) القَسْمُ: (الشَّكُّ) ، أَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ لِعدِيِّ بنِ زَيْدٍ:
(ظِنَّةٌ شُبِّهَتْ فأمكَنَها القَسْ ... مُ فأَعْدَتْه والخَبِيُر خَبِيرُ)

(و) القَسْمُ: (الغَيْثُ) بِلُغَةِ هُذَيْلٍ، وَهُوَ مَجَازٌ، ويَقُولُونَ فِي استِمْطَارِهم: اللهُمّ اجْعَلْها عَشِيَّةَ قَسْمٍ مِنْ عِنْدِكَ، فقد تَلَوَّحَتِ الأرضُ. يَعنُونَ بِهِ الغَيْثَ، (و) قِيلَ: (المَاءُ) .
(و) القَسْمُ: (القَدَرُ) . يُقَال: هُوَ يَقْسِمُ أمْرَهُ قَسْمًا، أَي: يُقَدِّرُه ويُدَبِّرهُ ويَنْظُرُ كيفَ يَعْمَلُ فِيهِ، قَالَ لَبِيدٌ:
(فَقُولاَ لَهُ إنْ كَانَ يَقْسِم أَمْرَهُ ... ألمَّا يَعِظْكَ الدَّهْرُ أُمُّكَ هَابِلُ)

وَيُقَال: قَسَم أمرَه إذَا مَيَّلَ فِيهِ أَن يَفْعَلَهُ أَوْ لَا يَفْعَلُهُ.
(و) القَسْمُ: (ع) عَن ابنِ سِيدَه.
(و) القَسْمُ: (الخُلُقُ والعَادَةُ، ويُكْسَرُ فِيهِمَا) .
(و) القَسْمُ: (أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِك الشَّيءُ فَتَظُنَّهُ) ظَنًّا، (ثُمَّ يَقْوَى ذَلِك الظَّنُّ فَيَصيرُ حَقِيقَةً) .
(وحَصَاةُ القَسْمِ: حَصاةٌ تُلقَى فِي إِنَاءٍ، ثُمَّ يُصَبُّ فيهِ مِنَ الماءِ مَا يَغْمُرُها) ، ثمَّ يَتَعَاطَوْنَها، و (ذَلِك إذَا كَانُوا فِي سَفَرٍ وَلَا مَاءَ) مَعَهُمْ (إلاَّ يَسِيرًا فَيَقْسِمُونه هَكَذا) . وَقَالَ: اللَّيْثُ: كَانُوا إذَا قَلَّ عَلَيْهم الماءُ فِي الفَلَواتِ عَمَدُوا إِلَى قَعْبٍ فأَلْقَوْا حَصَاةً فِي أَسْفَلِه، ثمَّ صَبُّوا عَلَيْهِ من الماءِ قَدْر مَا يَغْمُرُها، وقُسِمَ الماءُ بَيْنَهُمْ على ذَلِك، وتُسَمَّى تِلكَ الحَصاةُ المقْلةَ.
(و) من المَجازِ: (قَسَم أَمرَهُ) إذَا (قَدَّرَهُ) ودَبَّرَهُ يَنْظُر كَيفَ يَعْمَلُ فِيهِ، وتَقدَّمَ شَاهِدُه قَرِيبًا، (أَوْ لَمْ يَدْرِ مَا يَصْنَعُ فِيهِ) أَيَفعَلُه أوْ لَا يَفْعَلُهُ.
(و) المُقَسَّمُ، (كَمُعَظَّمٍ: المَهْمُومُ) أَيْ: مُشْتَرَكُ الخَوَاطِرِ بِالهمُومِ، وهُوَ مَجَازٌ، وَقد قَسَّمَتْه الهُمومَ وتَقَسَّمَتْه.
(و) المُقَسَّمُ: (الجَمِيلُ) مُعْطًى كُلُّ شَيءٍ مِنْهُ قِسْمَهُ من الحُسْنِ فَهُوَ مُتَنَاسِبٌ كَمَا قِيلَ: مُتَنَاصِفٌ، وَهُوَ مَجازٌ، (كَالقَسِيم) ، كأَمِير، يُقالُ: رَجُلٌ قَسِيمٌ وَسِيمٌ بَيِّن القَسَامَةِ والوَسَامَةِ (ج: قُسْمٌ، بِالضَّمِّ وهِيَ بِهَاءٍ) . وَفِي الصِّحاحِ: فُلانٌ مُقَسَّمُ الوَجْهِ وقَسِيمُ الوَجْهِ. وَقَالَ عَلْبَاءُ بنُ أَرْقَمَ يَذْكُرُ امرَأَتَه: (ويَوْمًا تُوَافِينَا بِوَجْهٍ مُقَسَّمٍ ... كَأَنَّ ظَبْيَةٍ تَعْطُو إِلَى وَارِقِ السَّلَمْ)

وقَالَ أَبُو مَيْمُونٍ يَصِفُ فَرَسًا:
(كُلِّ طَوِيلِ السَّاقِ حُرِّ الخَدَّيْنْ ... )

(مُقَسَّمِ الوَجْهِ هَرِيتِ الشِّدْقَيْنْ ... )
(وَقد قَسُمَ، كَكَرُمَ) قَسَامَةً، وَبِه فَسَّرَ بَعْضٌ قَوْلَ عَنْتَرَة:
(وكَأَنَّ فَارَةَ تاجِرٍ بِقَسِيمَةٍ ... )

(والقَسَمُ، مُحَرَّكَةً و) المُقْسَمُ، (كَمُكْرَمٍ) وَهُوَ المَصْدَرُ مِثلُ المُخْرَجِ: (اليَمِينُ بِاللهِ تَعالَى، وَقد أَقْسَمَ) إِقْسَامًا، هَذَا هُوَ المَصْدَرُ الحَقِيقيُّ، وأمَّا القَسَمُ فَإِنَّه اسمٌ أُقِيمَ مُقَامَ المَصْدَرِ، (ومَوْضِعُه) الَّذِي حُلِفَ فِيهِ (مُقْسَمٌ، كَمُكْرَمٍ) والضَّمِيرُ راجِعٌ إِلَى الإِقْسَامِ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ:
(بُمُقْسَمَةٍ تَمُورُ بِهَا الدِّماءُ ... )
يَعْنِي مَكَّةَ، وَهُوَ قَولُ زُهَير، وصَدْرُه:
(فَتُجمَعُ أَيْمُنٌ مِنَّا ومِنْكُمْ ... )
(واستَقْسَمَه بِهِ) أَيْ: أَقْسَمَ بِهِ، وَفِي بَعضِ النُّسَخ: واسْتَقْسَمَه وبِه والصَّوَابُ الأَوَّلُ.
(وتَقَاسَمَا: تَحَالَفَا) من القَسَم هُوَ اليَمِين، وَمِنْه قَولُه تَعالى: {قَالُوا تقاسموا بِاللَّه} .
(و) تَقَاسَمَا (المَالَ اقْتَسَمَاهُ بَيْنَهُمَا) . فَالاقْتِسَامُ والتَّقَاسُمُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ، والاسْمُ مِنْهُمَا القِسْمَةُ، وَمِنْه قَولُه تَعالَى: {كَمَا أنزلنَا على المقتسمين} ، قَالَ ابنُ عَرَفَةَ: هم الَّذين تَقَاسَمُوا وتَحَالَفُوا عَلَى كَيْدِ الرَّسُولِ صَلَّى الله تَعالَى عَلَيه وسَلّم. (والقَسَامَةُ الهُدْنَةُ بَيْنَ العَدُوِّ والمُسْلِمِين ج: قَسَامَاتٌ) ، عَن ابْن الأَعْرابِيّ.
(و) القَسَامةُ: (الجَمَاعَة) الَّذين (يُقْسِمُون) أَيْ: يَحْلِفُون (على الشَّيْء) وَفِي التَّهذِيب: على حَقِّهم (ويَأْخُذُونَه) . وَفِي المُحْكَمِ: يُقْسِمُونَ على الشَّيءِ (أَو يَشْهَدُون) . ويَمِينُ القَسَامَةِ: مَنْسُوبَةٌ إِلَيْهِم. وَفِي حَدِيثٍ: " الأَيْمانُ تُقْسَمُ على أَوْلِياءِ الدَّمِ ".
وَقَالَ أَبُو زَيْد: جَاءَتْ قَسَامةُ الرَّجُلِ، سُمِّي بِالمَصْدر وقَتَل فُلانٌ فُلانًا بِالقَسَامَةِ أَي: باليَمِينِ، وجَاءَتْ قَسَامَةٌ من بَنِي فُلانٍ، وأَصلُه اليَمِينُ ثمَّ جُعِلَ قَوْمًا، قَالَ الأزْهَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ القَسَامَات فِي الدَّمِ " أَنْ يُقْتَلَ رَجُلٌ فَلَا يَشْهَدُ على قَتْلِ القَاتِلِ إيّاه بَيَّنَةٌ عَادِلَةٌ كَامِلَةٌ، فَيَجِيءُ أَوْلِيَاءُ المَقْتُولِ فَيَدَّعُونَ قِبَل رَجُلٍ أَنَّه قَتَلَه، ويُدْلُونَ بِلَوْثٍ مِنْ بَيِّنَة غَيرِ كَامِلَة، وَذَلِكَ أَن يُوجَدَ المُدَّعَى عَلَيْه مُتَلِطِّخًا بِدَمِ القَتِيلِ فِي الحَالَةِ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا، ((ولَمْ)) يَشْهَدْ رجلٌ عَدْلٌ أَوْ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ أنَّ فُلانًا قَتَلَه، أَو يُوجَد القَتِيلُ فِي دَارِ القَاتِلِ، وقَدْ كَانَ بَيْنَهُما عَداوَةٌ ظَاهِرَةٌ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِذَا قَامَتْ دَلالَةٌ من هَذِه الدَّلالات سَبَقَ إِلَى قَلْبِ مَنْ سَمِعَه أَنَّ دَعْوَى الأولياءِ صَحِيحَةٌ، فيُسْتَحْلَفُ أولياءُ القَتِيلِ خَمْسِينَ يَمينًا أَنَّ فُلانًا الَّذِي ادَّعَوْا قَتلَه انْفَرَدَ بِقَتْلِ صَاحِبِهِمْ مَا شَرَكَه فِي دَمِه أحدٌ، فَإِذَا حَلَفوا خَمْسين يَمِينًا استَحَقُّوا دِيَةَ قَتِيلِهِم، فَإِن أَبَوْا أَنْ يَحْلِفُوا مَعَ اللَّوْثِ الَّذِي أَدْلَوْا بِهِ حَلَفَ المُدَّعَى عَلَيْهِ وبَرِئَ، وَإِن نَكَلَ المُدَّعَى علَيه عَن اليَمِينَ خُيِّرَ وَرَثَةُ القَتَيلِ بَين قَتْلِهِ أَو أَخْذِ الدِّيَةِ من مَالِ المُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهَذَا جَميعُه قَولُ الشَّافِعِيِّ)) .
والقَسَامَةُ: اسْمٌ من الإقْسامِ وُضِعَ مَوْضِعَ المَصْدَرِ، ثمَّ يُقال للَّذِينَ يُقْسِمُون قَسَامَةً وإنْ لَمْ يَكُنْ لَوثٌ من بَيِّنَةٍ حَلَفَ المُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمَينًا وبَرِئَ، وقِيلَ: يَحْلِفُ يَمينًا واحِدَةً. وَقَالَ ابنُ الأثِير: القَسَامَة: اليَمينُ، كَالقَسَمِ، وحَقِيقَتُها أَن يُقْسِمَ من أولياءِ الدَّمِ خَمْسُون نَفَرًا على اسْتِحْقَاقِهم دَمَ صَاحِبِهم إِذا وَجَدُوه قَتِيلاً بَيْنَ قَوْمٍ ولَمء يُعْرَفْ قَاتِلُه، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا خَمْسِين أقْسَمَ المَوْجُودُونَ خَمْسِين يَمِينًا، وَلَا يَكُونُ فِيهم صَبِيٌّ وَلَا امْرَأَةٌ وَلَا عَبْدٌ وَلَا مَجْنُونٌ. أَو يُقْسِمُ بِهَا المُتَّهَمُون على نَفْيِ القَتْلِ عَنْهُم، فَإِن حَلَف المدَّعُونَ اسْتَحَقُّوا الدِّيَة، وَإِن حَلَف المتَّهَمُون لم يَلْزَمهم الدِّية.
وَقد أقْسَمَ يُقْسِمُ إِقْسَامًا وقَسَامَةً إِذَا حَلَفَ، وجاءَتْ عَلَى بِنَاءِ الغَرَامَةِ والحَمَالَةِ؛ لأنَّهَا تَلزَمُ أهلَ المَوْضِعِ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ القَتِيلُ، وَمِنْه حَدِيثُ عُمَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: " القَسَامَةُ تُوجِبُ العَقْلَ ".
(والقَسَامُ والقَسَامَةُ: الحُسْنُ) والجَمَالُ، واقْتَصَرَ الجَوْهَرِيّ عَلَى القَسَامِ وَهُوَ الاسْمُ، وأَمَّا القَسَامَةُ فإِنَّه مَصْدَر، وَقد قَسُمَ كَكَرُمَ، (كَالقَسِمَةِ، بِكَسْرِ السِّينِ وفَتْحِهَا) ، نَقَلَه ابنُ سِيدَه.
(وَهِي أَيْضا) أَيْ: القَسِمَةُ (الوَجْهُ) يُقَال: كَأَن قَسِمَتَهُ الدِّينَارُ الهِرَقْلِيُّ أَيْ: وَجْهُه الحَسَنُ (أوْ مَا أَقْبَلَ) عَلَيْك (مِنْه، أَو مَا خَرَجَ عَلَيه من شَعْرٍ) ، ونَصُّ المُحْكَم: مَا خَرَج من الشَّعر، (أَو) القَسِمَةُ: (الأنفُ أَو ناحِيَتَاه) ، كَذَا نَصُّ المُحْكَم، وَفِي بَعْضِ النُّسَخ أَو ناحِيَتَاه (أَو وَسَطُ الأنْفِ أَو مَا فَوْقَ الحَاجِبِ) وَهُوَ قَولُ ابنِ الأَعْرابِيّ. (أَو ظاهِرُ الخَدَّيْنِ، أَو مَا بَيْنَ العَيْنَيْنِ) ، وبِه فَسَّر ابنُ الأَعْرابِيّ قَولَ مُحْرِز بنِ مُكَعْبَرٍ الضَّبِّيِّ:
(كأَنَّ دَنَانِيرًا عَلَى قَسِمَاتِهِمْ ... وإنْ كَانَ قَدْ شَفَّ الوُجوهَ لِقَاءُ)

على مَا فِي المُحْكَمِ (أَو أَعْلَى الوَجْهِ أوْ أعْلَى الوَجْنَةِ أوْ مَجْرَى الدَّمْعِ) من العَيْنِ، وبهِ فُسِّرَ قَولُ الشَّاعِرِ أيْضًا عَلَى مَا فِي المُحْكَمِ، (أوْ مَا بَيْنَ الوَجْنَتَيْنِ والأَنْفِ) ، وَبِه فَسَّرَ ابنُ الأَعْرابِيّ قَولَ الشَّاعِرِ عَلَى مَا فِي الصِّحَاحِ، وفَتْحُ السِّينِ لُغَةٌ فِي الكُلِّ، كَذَا فِي المُحْكَمِ.
(و) القَسِمةُ - بِكَسْرِ السِّينِ - (جَوْنَةُ العَطَّارِ) عَن ابْنِ الأَعْرابِيّ، زَادَ الزَّمَخْشَرِيُّ: مَنْقُوشَةٌ يَكُونُ فِيهَا العِطْرُ، (كَالقَسِمِ) بِحَذْفِ الهَاءِ (والقَسِيمَةِ) كَسَفِينَةٍ، وَبِه فَسَّر قولَ عَنْتَرَة:
(وكَأَنَّ فارَةَ تَاجِرٍ بِقَسِيمَةٍ ... سَبَقَتْ عَوَارِضَهَا إِلَيْكَ من الفَمِ)

وعَلَى قَولِ ابنِ الأَعْرابِيّ: أَصْلُه القَسِمَةُ فَأَشْبَعَ الشَّاعِرُ ضَرُورَةً.
(وهِيَ السُّوقُ أيْضًا) أَيْ: القَسِيمَةُ، وَهُوَ قَولُ ابنِ الأَعْرابِيّ، ولكنَّهُ لَمْ يُفَسِّرْ بِهِ قَولَ عَنْتَرَةَ. قَالَ ابنُ سِيدَه: وعِنْدِي أَنَّه يَجُوزُ تَفْسِيرُهُ بِهِ.
(والقَسُومِيَّاتُ: ع) ، وَفِي المُحْكَمِ: مَواضِعُ، وأنشَدَ لِزُهَيْرٍ:
(ضَحَّوْا قَلِيلاً قَفَا كُثبانِ أَسْنُمَةٍ ... ومِنْهُمُ بالقَسُومِيَّاتِ مُعْتَرَكُ)

وَقَالَ نَصْرٌ: القَسُومِيَّات: ثَمَدٌ فِيهِ رَكَايَا كَثِيرَةٌ عَادِلاتٌ عَن طَرِيقِ فَلَجٍ، ذَاتَ اليَمِينِ، سَقَاهُمَا عُمَرُ رَبِيبُ بنُ ثَعْلَبَةَ، وكانَ دَلِيلَ جُيُوشِهِ.
(والقَسَامِيُّ: مَنْ يَطْوِي الثِّيَابَ أوَّلَ طَيِّهَا حَتَّى تَنْكَسِرَ عَلَى طَيِّهِ) ، نَقَلَه الجَوْهَرِيّ، وأَنْشَدَ لِرُؤْبَةَ:
(طَيَّ القَسَامِيِّ بُرُودَ العَصَّابْ ... )
(و) القَسامِيُّ: (الفَرَسُ الذِي أقْرَحَ مِنْ جانِبٍ وَهُوَ منْ جَانِبٍ) آخَرَ (رَبَاعَ) ، نَقَلَه ابنُ سِيدَه، وأنشَدَ لِلجَعْدِيّ:
(أَشَقَّ قَسامِيًّا رَبَاعِيَ جَانِبٍ ... وقَارِحَ جَنْبٍ سُلَّ أَقْرَحَ أَشْقَرَا) وخَفَّفَ القُطَامِيُّ يَاءَ النِّسْبَةِ فَأخرجَه مُخْرَجَ تِهَامٍ وشآمٍ فَقَالَ:
(إنَّ الأُبوَّةَ والِدّانِ تَرَاهُمَا ... مُتَقَابِلَيْنِ قَسَامِيًا وهِجَانًا)

(و) القَسَامِيُّ: (فَرَسٌ م) مَعْرُوفٌ كَانَ لِبَنِي جَعْدَةَ بنِ كَعْبِ بنِ رَبِيعَةَ، وفِيهِ يَقُولُ النَّابِغَةُ:
(أغرُّ قَسامِيٌّ كُمَيْتٌ مُحَجَّلٌ ... خلا يَدَهُ اليُمْنَى فَتحْجِيلُه خَسَا)

كَذَا فِي كِتابِ الخَيْلِ لابْنِ الكَلْبِيِّ.
(و) قَالَ أَبُو الهَيْثَمِ: القَسامِيُّ: (الشَّيءُ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ) .
(و) القَسَامُ، (كَسَحَابٍ: شِدَّةُ الحَرِّ) ، عَن ابنِ خَالَوَيْه، (أَوْ أَوَّلُ وَقْتِ الهَاجِرَةِ) . قَالَ الأزْهَرِيُّ: وأَنا وَاقِفٌ فِيهِ. (أَوْ وَقْتُ ذُرُورِ الشَّمْسِ، وهِي) أَي: الشَّمْسُ (حِينَئِذٍ أَحْسَنُ مَا تَكُونُ مَرْآةً) ، وبِكُلِّ ذَلِك فُسِّرَ قَولُ النَّابِغَةِ الذُّبيَانِيِّ يَصِفُ ظَبْيَةً:
(تَسَفُّ بَرِيرَهُ وتَرُودُ فِيه ... إِلَى دُبُرِ النَّهارِ من القَسَامِ)

(و) القَسَامُ: (فَرَسٌ لَبَنِي جَعْدَةَ) بنِ كَعْبٍ، وقَدْ تَقَدَّمَ شَاهِدُه قَرِيبًا.
(و) قَسَامِ، (كَقَطَامِ: فَرسُ سُوَيْدِ بنِ شَدَّادِ العَبْشَمِيِّ) .
قَالَ الأزْهَرِيُّ: (والأقَاسِيمُ: الحُظُوظُ المَقْسُومَةُ بَيْنَ العِبَادِ، الوَاحِدَةُ: أُقْسُومَةٌ) ، كأُظْفُورٍ، وأَظَافِيرَ. وقِيلَ: هُوَ جَمْعُ الجَمْعِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وقَسَامَةُ بنُ زُهَيْرٍ) المَازِنِيُّ. (و) قَسَامَةُ (ابنُ حَنْظَلَةَ) الطَّائِيُّ لَهُ وِفَادٌ: (صَحَابِيَّان) . وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: قَسَامَةُ بنُ زُهَيْرٍ لَعَلَّه مُرْسَلٌ؛ لأنَّه يَروِي عَن أبِي مُوسَى. وقُلْتُ: وَقد ذَكَره ابنُ حِبَّانَ فِي ثِقاتِ التَّابِعِينَ، وَقَالَ: رَوَى عَنه قَتَادَةُ والحَرِيريُّ والبَصْرِيُّون. (وَسَمَّوْا قَاسِمًا، كَصَاحِبٍ) . ويُقالُ فِيهِ أَيْضا قاسِ لغةٌ فِيهِ كَمَا تقدَّم فِي السِّين (وهم خَمْسَةٌ صَحَابِيُّون) وهم:
القَاسِمُ بنُ الرَّبِيعِ أَبُو العَاصِ، صِهْرُ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ تَعالَى عَلَيْهِ وَسلم وَيُقَال: اسمُه لَقِيطٌ.
والقَاسِمُ ابنُ رَسولِ صَلَّى الله تَعالَى عَلَيْهِ وسَلَّم، ذكره الزُّهْرِيُّ وَغَيره، وَقيل: عَاشَ جُمُعَةً.
والقَاسِمُ بنُ مَخْرَمَةَ بنِ عَبْدِ المُطَّلِب أَخُو قَيْسٍ والصَّلْتِ، ذَكَره ابنُ عَبدِ البَرّ.
والقاسِمُ: مولَى أبِي بَكْر، ذَكَرَه البَغَوِيُّ، والأشهَرُ فِيهِ أَبو القَاسِمِ.
(و) سَمَّوا قَسِيمًا، (كأَمِيرٍ، وزُبَيْر) ، مِنْهُم: قَسِيمٌ مَولى عُبَادَةَ، يَروِي عَن ابْنِ عُمَرَ.
(و) مِقْسَمٌ، (كَمِنْبَرٍ: زَوجُ بَرِيرَةَ المَدْعُوُّ مُغِيثًا) ، كَذَا قَالَ المُسْتَغْفِرِيُّ. [] ومِمَّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ:
الانْقِسَامُ: مُطاوِعُ القَسْمِ.
والمُقْسِم، كمَجْلِسٍ: مَوضعُ القَسْمِ، كَمَا فِي الصِّحَاح.
وقَولُه عَزَّ وجَلَّ: {فَالْمُقَسِّمَات أمرا} هِيَ المَلائِكةُ تُقَسِّمُ مَا وُكِّلَتْ بِهِ.
واسْتَقْسَمُوا بِالقِدَاحِ: قَسَمُوا الجَزُورَ على مِقْدَارِ حُظُوظِهم مِنْهَا.
والاستِقْسَامُ: طَلَبُ القَسْمِ الَّذِي قُسِمَ لَهُ وقُدِّرَ مِمَّا لم يُقْسَمْ وَلم يُقَدَّرْ، اسْتِفْعَالٌ من القَسْمِ، وَمِنْه قَولُه تَعَالَى: {وَأَن تستقسموا بالأزلام} ، وَقد مَرَّ تفسِيرُ الأزلامِ، وَقد قَالَ المُؤَرِّجُ وغيرهُ من أهلِ اللُّغَة: إِنَّ الأَزْلاَمَ قِدَاحُ المَيْسِر. قَالَ الأزْهَرِيُّ: وَهُوَ وَهَمٌ بَلْ هِيَ قِداحُ الأَمْرِ والنّهْيِ.
والقَسَّام: الَّذِي يَقْسِمُ الدُّورَ والأَرْضَ بَيْن الشُّرَكَاءِ فِيهَا، وَفِي المُحْكَم: الَّذِي يَقْسِم الأَشْيَاءَ بَيْن النَّاسِ، قَالَ لَبِيد: (فارْضَوْا بِمَا قَسَمَ المَلِيكُ فإِنَّما ... قَسَمَ المَعِيشَةَ بَيْنَنَا قَسَّامُهَا)

وَقَالَ ابنُ السَّمْعَانِيُّ: يَقُولُ أَهْلُ البَصْرة للقَسَّامِ الرِّشْكُ، وَقد نُسِبَ هَكَذَا جَمَاعَةٌ مِنْهُم: عَبدُ الرَّحْمَنِ بنُ محمّدِ بنِ بُنْدارٍ المَدِينيُّ أَبُو الحُسَيْن القَسَّام من شُيُوخ أَبِي بَكْرِ بنِ مَرْدَوَيْهِ، ويَحْيَى ابنُ عَبْدِ الله القَسَّامُ، سَمِعَ أحْمَدَ بنَ الفُرَاتِ الرَّازِيَّ. وَفِي الْأَسْمَاء عَلِيُّ بْنُ قَسَّامٍ الواسِطِيُّ، وابنُه هِبَةُ الله المُقْرِئُ تِلميذُ أبي العِزِّ القَلاَنِسيِّ، وقَسَّامٌ الحَارِثِيُّ: خَارِجِيٌّ، خَرَجَ عَلَى الشَّامِ بعد السَّبْعِينَ وثَلَثِمِائةٍ.
والقَسِيمَةُ: مَصْدَرُ الاقْتِسَامِ.
وَأَيْضًا اليَمِينُ.
وأيَضًا مَوْضِعٌ.
وَأَيْضًا وَقْتُ السَّحَرِ، كَأَنَّهُ يَقْسِمُ بَيْنَ اللَّيْلِ والنَّهَارِ، عَن ابْنِ خَالَوَيهِ، وَهُوَ الوقتُ الَّذي تَتَغَيَّرُ فيهِ الأَفْوَاهُ، وبِكُلٍّ مِنَ الثَّلاثَةِ فُسِّرَ قَوْلُ عَنْتَرَةَ:
(وَكَأَنَّ فَارَةَ تَاجِرٍ بِقَسِيمَةٍ ... )

والقِسَامَةُ، بالكَسْرِ: صَنْعَةُ القَسَّامِ، كالجِزَارَةِ والنِّشَارَةِ.
ونَوًى قَسُومٌ: مُفَرِّقَةٌ مُبَعِّدَةٌ، أَنْشَدَ ابنُ الأَعْرابِيّ:
(نَأَتْ عَنْ بَناتِ العَمِّ وانْقَلَبَت بِهَا ... نَوًى يَوْمَ سُلاَّنِ البَتِيلِ قَسُومُ)

أَي: مُقَسِّمَةٌ للشَّمْلِ مُفَرِّقَةٌ لَهُ.
وقَوْلُ الشَّاعِرِ يَذْكُرُ قِدْرًا:
(تُقَسِّمُ مَا فِيهَا فَإنْ هِيَ قَسَّمَتْ ... فذَاكَ وإِنْ أَكْرَتْ فعَنْ أَهْلِهَا تُكْرِي)

قَالَ أَبُو عَمْرو: قَسَّمَتْ: عَمَّتْ فِي القَسْمِ، وأَكْرَتْ: نَقَصَتْ، كَذَا فِي الصِّحاح. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: تَركتُ فُلانًا يَقْتَسِمُ، أَي: يُفَكِّرُ ويُرَوِّي بَيْنَ أَمْرَين، وَفِي مَوْضِع آخر: تركتُ فُلانًا يَسْتَقِيمُ بمَعْنَاه. وَهُوَ مَجَازٌ.
وقاسَمَهُ مُقَاسَمَةً: حَلَفَ لَهُ.
وتَقَسَّمُوا الشَّيءَ: اقْتَسَمُوهُ.
واقْتَسَمُوا بالقِدَاحِ: قَسَّموا الجَزُورَ بمِقْدَارِ حُظُوظِهم مِنْهَا.
والمُقَسَّمُ، كمُعَظَّمٍ: مَقامُ إبراهيمَ عَلَيه السَّلامُ، قَالَ العَجَّاجُ:
(وَرَبِّ هَذَا الأَثَرِ المُقَسَّمِ ... )
كَأَنَّه قُسِّمَ أَي: حُسِّنَ.
والمُقْسِمُ، كَمُحْسِنٍ: أَرْضٌ.
وسَمُّوْا مُقَسِّمًا، كَمُحَدِّثٍ.
والقَسامِيُّ: الحَسَنُ، من القَسَامَةِ، عَن أَبِي الهَيْثَم.
وكَمِنْبَرٍ: مِقْسَمُ بنُ بُجْرَةَ التُّجِيْبِيُّ أَسْلَمَ مَعَ مُعَاذٍ بِاليَمَنِ، ويُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ.
ومِقْسَمُ بنُ كَثِيرٍ الأَصْبَحِيُّ: فارِسٌ.
وقَولُ الشَّاعِرِ:
(أَنَا القُلاخُ فِي بُغَائِي مِقْسَما ... )
فَهُوَ اسْم غُلامٍ لَه كَانَ قد فَرَّ مِنْهُ كَمَا فِي الصِّحاح.
وضَربَه فَقَسَمَهُ: قَطَعَهُ نِصْفَيْنِ.
وقَسَمَ الأَرْضَ: قَطَعَها، كَمَا فِي الأَسَاسِ.
وقَسَامَةُ: فَرسٌ، وَهِي أُمُّ سَبَلٍ.

قسم

1 قَسَمَ and ↓ قَسَّمَ He divided; parted; divided in parts or shares; distributed. b2: قَسَمَ أَمْرَهُ, or ↓ قَسَّمَهُ: see 3 in art. عدل.2 قَسَّمَ see 1.3 قَاسَمَهُ الشَّىْءَ He divided with him the thing, each of them allotting to himself his share, or portion. b2: قَاسَمَهُ بِاللّٰهِ He swore to him by God.4 أَقْسَمَ عَلَيْهِ He conjured him; he said بِحَقِّكَ. (Mgh, art. طمر.) 5 تَقَسَّمَ It (a thing) was, or became, divided, or distributed. (MA.) See an ex. in a verse, voce شَتَّانَ.7 اِنْقَسَمَ الَى أَقْسَامٍ كَثِيرَةٍ

It was divided into many parts.10 اِسْتَقْسَمَ He sought to know what was allotted to him, by means of the أَزْلَام, (S, * Mgh, and Har, p. 465,) and what was not allotted to him. (Mgh, Har.) قِسْمٌ A division: (Msb:) and particularly (Msb) a portion, or share. (S, Msb, K.) Pl. أَقْسَامٌ. b2: لَيْسَ مِنْ أَقْساَمِ كَذَا It is not a part of such a thing; it does not belong, or appertain, to such a thing; it is independent of such a thing.

قَسَمٌ A conjurement. See أَقْسَمَ عَلَيْهِ. b2: An oath (S, Msb, K) by God [&c.]. (Msb, K.) An asseveration. b3: وَاوُ القَسَمِ The و denoting an oath.

قِسْمَةٌ is also used in the sense of مَقْسُومٌ [meaning A thing, or collection of things, divided into portions, or shares]: (Bd and Jel in liv. 28:) a portion, or share; like قِسْمٌ: (Msb:) [and portions, or shares; as in the phrase,] نُخْرِجُ طَرِيقًا مِنْ بَيْنِ قِسْمَةِ الأَرْضِ أَوِ الدَّارِ [We will exclude a way, or passage, from among the portions, or shares, of the land, or the house]. (Mgh in art. رفع.) قَسَّامٌ An officer of the Kádee, who divides inheritances.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.