(الــمجلجل) الْخَالِص النّسَب كَأَنَّهُ منخوله
(الــمجلجل) الْخَالِص النّسَب كَأَنَّهُ منخوله
جلل: اللهُ الجَليلُ سبحانه ذو الجَلال والإِكرام، جَلَّ جَلال الله،
وجَلالُ الله: عظمتُه، ولا يقال الجَلال إِلا لله. والجَلِيل: من صفات الله
تقدس وتعالى، وقد يوصف به الأَمر العظيم، والرجل ذو القدر الخَطِير. وفي
الحديث: أَلِظُّوا بيا ذا الجَلال والإِكرام؛ قيل: أَراد عَظِّمُوه،
وجاء تفسيره في بعض اللغات: أَسْلِمُو؛ قال ابن الأَثير: ويروى بالحاء
المهملة وهو من كلام أَبي الدرداء في الأَكثر؛ وهو سبحانه وتعالى الجَلِيلُ
الموصوف بنعوت الجَلال، والحاوي جميعَها، هو الجَلِيلُ المُطْلَق وهو راجع
إِلى كمال الصفات، كما أَن الكبير راجع إِلى كمال الذات، والعظيم راجع
إِلى كمال الذات والصفات. وجَلَّ الشيءُ يَجِلُّ جَلالاً وجَلالةً وهو
جَلٌّ وجَلِيلٌ وجُلال: عَظُم، والأُنثى جَلِيلة وجُلالة. وأَجَلَّه:
عَظَّمه، يقال جَلَّ فلان في عَيني أَي عَظُم، وأَجْلَلته رأَيته جَلِيلاً
نَبيلاً، وأَجْلَلته في المرتبة، وأَجْللته أَي عَظَّمته. وجَلَّ فلان
يَجِلُّ، بالكسرِ، جَلالة أَي عَظُم قَدْرُه فهو جَلِيل؛ وقول لبيد:
غَيْرَ أَن لا تَكْذِبَنْها في التقَى،
واجْزِها بالبِرِّ لله الأَجَلّ
يعني الأَعظم؛ وقول أَبي النجم:
الحمدُ الله العَلِيِّ الأَجْلل،
أَعْطى فلم يَبْخَل ولم يُبَخَّل
يريد الأَجَلَّ فأَظهر التضعيف ضرورة. والتَّجِلَّة: الجَلالة، اسم
كالتَّدْوِرَة والتَّنِهيَة؛ قال بعض الأَغْفال:
ومَعْشَرٍ غِيدٍ ذَوي تَجِلَّه،
تَرى عليهم للندى أَدِلَّه
وأَنشد ابن بري لليلى الأَخْيَلية:
يُشَبَّهون مُلوكاً في تَجِلَّتِهم،
وطُولِ أَنْضِيَةِ الأَعْناقِ واللِّمَم
وجُلُّ الشيءِ وجُلاله: معظمه. وتَجَلَّل الشيءَ: أَخَذ جُلَّه وجُلاله.
ويقال: تَجَلَّلِ الدراهمَ أَي خُذْ جُلالها. وتَجَالَلْت الشيء
تَجَالاً وتَجَلَّلت إِذا أَخذت جُلاله وتداققته إِذا أَخذت دُقاقه؛ وقول ابن
أَحمر:
يا جَلَّ ما بَعُدَتْ عليك بِلادُنا
وطِلابُنا، فابْرُقْ بأَرضك وارْعُدِ
يعني ما أَجَلَّ ما بَعُدت. والتَّجالُّ: التعاظم. يقال: فلان يَتَجالُّ
عن ذلك أَي يترفع عنه. وفي حديث جابر: تزوّجت امرأَة قد تَجالَّتْ؛
تجالَّت أَي أَسَنَّت وكَبِرَتْ. وفي حديث أُم صِبْيَة: كنا نكون في المسجد
نِسْوةً قد تَجالَلن أَي كَبِرْنَ. يقال: جَلَّتْ فهي جَلِيلة، وتَجالَّتْ
فهي مُتَجالَّة، وتَجالَّ عن ذلك تَعاظم. والجُلَّى: الأَمر العظيم؛ قال
طَرَفة:
وإِنْ أُدْعَ للجُلَّى أَكُنْ من حُماتِها،
وإِن تَأْتِك الأَعداء بالجَهْد أَجْهَد
ومنه قول بَشامة بن حَزْن النَّهْشَلي:
وإِنْ دَعَوْتُ إِلى جُلَّى ومَكْرُمَة،
يوماً، كِراماً من الأَقْوامِ، فادْعِينا
قال ابن الأَنباري: من ضَمَّ الجُلَّى قَصَرَه، ومن فتح الجيم مدّه،
فقال الجَلاَّء الخصلة العظيمة؛ وأَنشد:
كَمِيش الإِزارِ خارج نِصْفُ ساقِه،
صَبُور على الجَلاّءِ طَلاَّع أَنْجُد،
وقوم جِلَّة: ذوو أَخطار؛ عن ابن دريد. ومِشْيَخة جِلَّة أَي مَسانٌّ،
والواحد منهم جَلِيل. وجَلَّ الرجل جَلالاً، فهو جَلِيل: أَسَنَّ
واحْتُنِك؛ وأنشد ابن بري:
يا مَنْ لِقَلْبٍ عند جُمْلٍ مُخْتَبَلْ
عُلِّق جُمْلاً، بعدما جَلَّت وجَلٌّ
وفي الحديث: فجاء إِبليس في صورة شيخ جَلِيل أَي مُسنٍّ، والجمع جِلَّة،
والأُنثى جَلِيلة. وجِلَّة الإِبل: مَسَانُّها، وهو جمع جَلِيل مثل
صَبيٍّ وصِبْية؛ قال النمر:
أَزْمانَ لم تأْخذ إِليَّ سِلاحَها
إِبِلي بجِلَّتِها، ولا أَبْكارِها
وجَلَّت الناقةُ إِذا أَسَنَّت. وجَلَّتِ الهاجِنُ عن الولد أَي صغرت.
وفي حديث الضحاك بن سفيان: أَخذت جِلَّة أَموالهم أَي العِظام الكِبار من
الإِبل، وقيل المَسانُّ منها، وقيل هو ما بين الثَّنِيِّ إِلى البازل؛
وجُلُّ كل شيء، بالضم: مُعْظَمه، فيجوز أَن يكون أَراد أَخذت معظم
أَموالهم. قال ابن الأَعرابي: الجِلَّة المَسانُّ من الإِبل، يكون واحداً وجمعاً
ويقع على الذكر والأُنثى؛ بعيرٌ جِلَّةٌ وناقة جِلَّة، وقيل الجِلَّة
الناقة الثَّنِيَّة إِلى أَن تَبْزُل، وقيل الجِلَّة الجَمل إِذا أَثْنى.
وهذه ناقة قد جَلَّت أَي أَسَنَّت. وناقة جُلالة: ضَخْمة. وبَعِير جُلال:
مخرج من جليل. وما له دقيقة ولا جَلِيلة أَي ما له شاة ولا ناقة. وجُلُّ
كل شيء: عُظْمه. ويقال: ما له دِقٌّ ولا جِلٌّ أَي لا دقيق ولا جَلِيل.
وأَتيته فما أَجَلَّني ولا أَحْشاني أَي لم يعطني جَلِيلة ولا حاشية وهي
الصغيرة من الإِبل. وفي المثل: غَلَبَتْ جِلَّتَها حواشيها؛ قال الجوهري:
الجَلِيلة التي نُتِجَتْ بطناً واحداً، والحَواشي صغار الإِبل. ويقال: ما
أَجَلَّني ولا أَدَقَّني أَي ما أَعطاني كثيراً ولا قليلاً؛ وقول
الشاعر:بَكَتْ فأَدَقَّتْ في البُكا وأَجَلَّت
أي أَتت بقليل البكاء وكثيره. وفي حديث الدعاء: اللهم اغفر لي ذنبي
كُلَّه دِقَّه وجِلَّه أَي صغيره وكبيره.
والجَلَل: الشيء العظيم والصغير الهَيِّن، وهو من الأَضداد في كلام
العرب، ويقال للكبير والصغير جَلَل؛ وقال امرؤ القيس لما قُتل أَبوه:
بِقَتْلِ بَنِي أَسَدٍ رَبَّهُم،
أَلا كُلُّ شيء سواه جَلَل
أَي يسيرٌ هين؛ ومثله للبيد:
كُلُّ شيءٍ، ما خلا افيفي َ، جَلَل
والفتى يَسْعى ويُلْهِيه الأَمَل
وقال المثقب العبدي:
كُلُّ يومٍ كان عَنَّا جَلَلاً،
غيرَ يومِ الحِنْو من يقطع قَطَر
وأَنشد ابن دريد:
إِن يُسْرِ عَنْكَ افيفي رُونَتَها،
فعَظِيمُ كلِّ مُصِيبةٍ جَلَلُ
والرُّونة: الشدّة؛ قال: وقال زويهر بن الحرث الضبي:
وكان عَمِيَدنا وبَيْضَةَ بَيتِنا،
فكلُّ الذي لاقَيْت من بعدِه جَلَل
وفي حديث العباس: قال يوم بدر القَتْلى جَلَلٌ ما عدا محمداً أَي
هَيِّنٌ يسير. والجَلَل: من الأَضداد يكون للحقير وللعظيم؛ وأَنشد أَبو زيد
لأَبي الأَخوض الرياحي:
لو أَدْرَكَتْه الخَيْلُ، والخَيْلُ تَدَّعي
بِذِي نَجَبٍ، وما أَقْرَبَتْ وأَجَلَّتِ
أَي دَخَلت في الجَلَل وهو الأَمر الصغير. قال الأَصمعي: يقال هذا
الأَمر جَلَل في جَنْب هذا الأَمر أَي صغير يسير. والجَلَل: الأَمر العظيم؛
قال الحرث ابن وعلة
(* قوله «قال الحرث بن وعلة» هكذا في الأصل، والذي في
الصحاح: وعلة بن الحرث) بن المجالد بن يثربي بن الرباب بن الحرث بن مالك
بن سنان بن ذهل بن ثعلبة:
قَوْمي هُمُ قَتَلوا أُمَيْمَ أَخِي،
فإِذا رَمَيْتُ يُصِيبُني سَهْمي
فلئن عَفَوْتُ لأَعْفُوَنْ جَلَلاً، ولئن سَطَوْتُ لأُوهِنَنْ عَظْمي
وأَما الجَليل فلا يكون إِلا للعظيم. والجُلَّى: الأَمر العظيم، وجمعها
جُلَل مثل كُبْرى وكُبَر. وفي الحديث: يَسْتُر المصلّيَ مِثْلُ مُؤَخِرة
الرَّحْل في مِثْلِ جُلَّة السَّوْط أَي في مثل غِلْظِه. وفي حديث أُبيّ
بن خَلَف: إِن عندي فرساً أُجِلُّها كل يوم فَرَقاً من ذرة أَقْتُلك
عليها، فقال: عليه السلام: بل أَنا أَقْتُلك عليها، إِن شاء افيفي ؛ قال ابن
الأَثير: أَي أَعلفها إِياه فوضع الإِجْلال موضع الإِعطاء وأَصله من الشيء
الجَلِيل؛ وقول أَوس يَرْثي فضالة:
وعَزَّ الجَلُّ والغالي
فسره ابن الأَعرابي بأَن الجلَّ الأَمر الجَلِيل، وقوله والغالي أَي أَن
موته غالٍ علينا من قولك غَلا الأَمر زاد وعَظُم؛ قال ابن سيده: ولم
نسمع الجَلَّ في معنى الجَلِيل إِلاَّ في هذا البيت.
والجُلْجُل: الأَمر العظيم كالجَلَل. والجِلُّ: نقيض الدِّقِّ.
والجُلال: نقيض الدُّقاق. والجُلال، بالضم: العظيم. والجُلالة: الناقة العظيمة.
وكل شيء يَدِقُّ فجُلاله خلاف دُقاقه. ويقال: جِلَّة جَريمة للعِظام
الأَجْرام.
وجَلَّل الشيءُ تجليلاً أَي عَمَّ. والمُجَلِّل: السحاب الذي يُجَلِّل
الأَرض بالمطر أَي يعم. وفي حديث الاستسقاء: وابِلاً مُجَلِّلاً أَي
يُجَلِّل الأَرض بمائه أَو بنباته، ويروى بفتح اللام على المفعول.
والجِلُّ من المتاع: القُطُف والأَكسية والبُسُط ونحوه؛ عن أَبي علي.
والجَلُّ والجِلُّ، بالكسر: قَصَب الزرع وسُوقه إِذا حُصِد عنه السُّنبل.
والجُلَّة: وعاء يتخذ من الخوص يوضع فيه التمر يكنز فيها، عربية معروفة؛
قال الراجز:
إِذا ضَرَبْتَ مُوقَراً فابطُنْ له،
فوق قُصَيراه وتَحْتَ الجُلَّه
يعني جَمَلاً عليه جُلَّة فهو بها مُوقَر، والجمع جِلال وجُلَل؛ قال:
باتوا يُعَشُّون القُطَيْعاء جارهم،
وعندهُمُ البَرْنيُّ في جُلَل دُسْم
وقال:
يَنْضَح بالبول، والغُبار على
فَخْذَيه، نَضْحَ العِيديَّة الجُلَلا
وجُلُّ الدابة وجَلُّها: الذي تُلْبَسه لتُصان به؛ الفتح عن ابن دريد،
قال: وهي لغة تميمية معروفة، والجمع جِلال وأَجلال؛ قال كثيِّر:
وترى البرق عارضاً مُسْتَطِيراً،
مَرَحَ البُلْق جُلْنَ في الأَجْلال
وجمع الجِلال أَجِلَّة. وجِلال كل شيء: غِطاؤه نحو الحَجَلة وما
أَشبهها. وتجليل الفرس: أَن تُلْبِسه الجُلَّ، وتَجَلَّله أَي عَلاه. وفي
الحديث: أَنه جَلَّل فرساً له سَبَق بُرْداً عَدَنِيّاً أَي جعل البُرْد له
جُلاًّ. وفي حديث ابن عمر: أَنه كان يُجَلِّل بُدْنه القَباطِيَّ. وفي حديث
علي: اللهم جَلِّل قَتلة عثمان خِزْياً أَي غَطِّهم به وأَلْبِسْهم إِياه
كما يتجلل الرجل بالثوب. وتجَلَّل الفحل الناقة والفرس الحِجْر: علاها.
وتجَلَّل فلان بعيره إِذا علا ظهره.
والجَلَّة والجِلَّة: البَعَر، وقيل: هو البعر الذي لم ينكسر، وقال ابن
دريد: الجِلَّة البَعَرة فأَوقع الجِلة على الواحدة.
وإِبِل جلاَّلة: تأْكل العَذِرة، وقد نهي عن لحومها وأَلبانها.
والجَلاَّلة: البقرة التي تتبع النجاسات، ونهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن
أَكل الجلاَّلة وركوبها؛ وفي حديث آخر: نهي عن لبن الجلاَّلة؛ والجلاَّلة من
الحيوان: التي تأْكل الجِلَّة والعَذِرة. والجِلَّة: البعر فاستعير ووضع
موضع العَذِرة، يقال: إِن بني فلان وَقودهم الجِلَّة ووقودهم الوَأْلة
وهم يَجْتَلُّون الجِلَّة أَي يلقطون البعر. ويقال: جَلَّت الدابة
الجِلَّة واجْتَلَّتها فهي جالَّة وجَلاَّلة إِذا التقطتها. وفي الحديث: فإِنما
قَذِرَتْ عليكم جالَّة القُرى. وفي الحديث الآخر: فإِنما حَرَّمتها من
أَجل جَوَالِّ القَرْية؛ الجَوَالُّ، بتشديد اللام: جمع جالَّة كسامَّة
وسَوامّ. وفي حديث ابن عمر: قال له رجل إِني أُريد أَن أَصحبك، قال: لا
تصحبني على جَلاَّل، وقد تكرر ذكرها في الحديث، فأَما أَكل الجلاَّلة فحلال
إِن لم يظهر النتن في لحمها، وأَما ركوبها فلعله لما يكثر من أَكلها
العَذِرة والبعر، وتكثر النجاسة على أَجسامها وأَفواهها وتلمس راكبها بفمها
وثوبه بِعَرَقها وفيه أَثر العَذِرة أَو البعر فيتنجس.
وجَلَّ البَعَر يَجُلُّه جَلاًّ: جَمعه والتقطعه بيده. واجتلَّ
اجتلالاً: التقط الجِلَّة للوقود، ومنه سميت الدابة التي تأْكل العذرة
الجَلاَّلة، واجتللت البعر. الأَصمعي: جَلَّ يَجُلُّ جَلاًّ إِذا التقط البعر
واجْتَلَّه مثله؛ قال ابن لجَإٍ يصف إِبلاً يَكْفي بعرُها من وَقود يُسْتَوقد
به من أَغصان الضَّمْران:
يحسب مُجْتَلّ الإِماءِ الحرم،
من هَدَب الضَّمْران، لم يُحَطَّم
(* قوله «يحسب إلخ» كذا في الأصل هنا، وتقدم في ضمر: بحسب بموحدة وفتح
الحاء وسكون السين والخرم بضم المعجمة وتشديد الراء، وقوله لم يحطم سبق
ايضاً في المادة المذكورة لم يحزم.)
ويقال: خرجت الإِماء يَجْتَلِلْن أي يلتقطن البعر. ويقال: جَلَّ الرجلُ
عن وطنه يَجُلُّ ويجِلُّ جُلُولاً
(* قوله «يجل جلولاً» قال شارح
القاموس: من حد ضرب، واقتصر الصاغاني على يجل من حد نصر، وجمع بينهما ابن مالك
وغيره وهو الصواب) وجلا يَجْلو جَلاء وأَجْلى يُجْلي إِجلاء إِذا أَخْلى
موطنِه. وجَلَّ القومُ من البلد يَجُلُّون، بالضم، جُلولاً أَي جَلَوا
وخرجوا إِلى بلد آخر، فهم جالَّة. ابن سيده: وجَلَّ القومُ عن منازلهم
يَجُلُّون جُلولاً جَلَوا؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للعجاج:
كأَنَّما نجومها، إِذ وَلَّتِ،
عُفْرٌ، وصِيرانُ الصَّريم جَلَّتِ
ومنه يقال: اسْتُعْمِل فلان على الجالِيَة والجالَّة، وهم أَهل الذمة،
وإِنما لزمهم هذا الاسم لأَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَجْلى بعض
اليهود من المدينة وأَمر بإِجلاء من بقي منهم بجزيرة العرب، فأَجْلاهم عمر بن
الخطاب فسُمُّوا جالِية للزوم الاسم لهم، وإِن كانوا مقيمين بالبلاد التي
أَوْطَنوها. وهذه ناقة تَجِلُّ عن الكلال: معناه هي أَجَلُّ من أَن
تَكِلّ لصلابتها. وفعلت ذلك من جَرَّاك ومن جُلِّك؛ ابن سيده: فعله من جُلّك
وجَلَلك وجلالك وتَجِلَّتك وإِجلالك ومن أَجْل إِجْلالك أَي من أَجلك؛
قال جميل:
رَسمِ دارٍ وَقَفْتُ في طَلَله،
كِدْتُ أَقْضي الغَداة من جَلَله
أَي من أَجله؛ ويقال: من عِظَمه في عيني؛ قال ابن بري وأَنشده ابن
السكيت:
كدت أَقضي الحياة من جَلَله
قال ابن سيده: أَراد ربَّ رسم دار فأَضمر رب وأَعملها فيما بعدها مضمرة،
وقيل: من جَلَلك أَي من عَظَمتك. التهذيب: يقال فعلت ذلك من جَلل كذا
وكذا أَي من عِظَمه في صدري؛ وأَنشد الكسائي على قولهم فعلته من جَلالك أَي
من أَجلك قول الشاعر:
حَيائيَ من أَسْماءَ، والخَرْقُ بيننا،
وإِكْرامِيَ القومَ العِدى من جَلالها
وأَنت جَلَلْت هذا على نفسك تجُلُّه أَي جَرَرْته يعني جَنَيته؛ هذه عن
اللحياني.
والمَجَلَّة: صحيفة يكتب فيها. ابن سيده: والمَجَلَّة. الصحيفة فيها
الحكمة؛ كذلك روي بيت النابغة بالجيم:
مَجَلَّتُهم ذاتُ الإِله، ودِيُنهم
قَوِيم فما يَرْجُون غير العواقب
يريد الصحيفة لأَنهم كانوا نصارى فَعَنى الإِنْجيل، ومن روى مَحَلَّتهم
أَراد الأَرض المقدّسة وناحية الشام والبيت المقدَّس، وهناك كان بنو
جَفْنة؛ وقال الجوهري: معناه أَنهم يحُجُّون فَيَحِلُّون مواضع مقدسة؛ قال
أَبو عبيد: كل كتاب عند العرب مَجَلَّة. وفي حديث سويد بن
الصامت: قال لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: لعل الذي معك مثل الذي
معي، فقال: وما الذي معك؟ قال: مَجَلَّة لقمان؛ كل كتاب عند العرب مَجَلَّة،
يريد كتاباً فيه حكمة لقمان. ومنه حديث أَنس: أُلقي إِلينا مَجالٌ؛ هي
جمع مَجَلَّة يعني صُحُفاً قيل إِنها معرَّبة من العبرانية، وقيل: هي
عربية، وقيل: مَفْعَلة من الجلال كالمذلة من الذل.
والجَلِيل: الثُّمام، حِجازيَّة، وهو نبت ضعيف يحشى به خَصاص البيوت،
واحدته جَلِيلة؛ أَنشد أَبو حنيفة لبلال:
أَلا ليت شعري هل أَبيتَنَّ ليلة
بفَجٍّ، وحَوْلي إِذْخِر وجَلِيل؟
وهل أَرِدَنْ يوماً مِياه مَجَنَّةٍ؟
وهل يَبْدُوَنْ لي شامَةٌ وطَفِيل؟
وقيل: هو الثُّمام إِذا عظم وجَلَّ، والجمع جَلائل؛ قال الشاعر:
يلوذ بجَنْبَيْ مَرْخَة وجَلائل
وذو الجَلِيل: واد لبني تميم يُنبت الجَلِيل وهو الثمام. والجَلُّ،
بالفتح: شراع السفينة، وجمعه جُلول، قال القطامي:
في ذي جُلول يُقَضِّي الموتَ صاحبُه،
إِذا الصَّرارِيُّ من أَهواله ارتَسما
قال ابن بري: وقد جمع على أَجْلال؛ قال جرير:
رَفَعَ المَطِيّ بها وشِمْت مجاشعاً
والزَّنْبَرِيّ يَعُوم ذو الأَجْلال
(* قوله «والزنبري إلخ» هكذا في الأصل هنا، وتقدم مثل هذا الشطر في
ترجمة زنبر بلفظ كالزنبري يقاد بالاجلال).
وقال شمر في قول العجاج:
ومَدَّه، إِذ عَدَل الجَليُّ،
جَلٌّ وأَشْطانٌ وصَرَّاريُّ
يعني مَدَّ هذا القُرْقورَ أَي زاد في جَرْيه جَلٌّ، وهو الشِّراع،
يقول: مَدَّ في جريه، والصُّرَّاء: جمع صارٍ وهو مَلاَّح مثل غازٍ وغُزَّاء.
وقال شمر: رواه أَبو عدنان الملاح جُلُّ وهو الكساء يُلْبَس السفينة،
قال: ورواه الأَصمعي جَلُّ، وهو لغة بني سعد بفتح الجيم. والجُلُّ:
الياسمين، وقيل: هو الورد أَبيضه وأَحمره وأَصفره، فمنه جَبَليّ ومنه قَرَويّ،
واحدته جُلَّة؛ حكاه أَبو حنيفة قال: وهو كلام فارسي، وقد دخل في العربية؛
والجُلُّ الذي في شعر الأَعشى في قوله:
وشاهِدُنا الجُلُّ والياسميـ
ن والمُسْمِعاتُ بقُصَّابها
هو الورد، فارسي معرّب؛ وقُصَّابها: جمع قاصب وهو الزامر، ويروى
بأَقصابها جمع قُصْب. وجَلُولاء، بالمد: قرية بناحية فارس والنسبة إِليها
جَلُوليٌّ، على غير قياس مثل حَرُورِي في السنة إِلى حَرُوراء.
وجَلٌّ وجَلاَّن: حَيَّان من العرب؛ وأَنشد ابن بري:
إِنا وجدنا بني جَلاَّن كُلَّهمُ،
كساعد الضب لا طُول ولا قِصَر
أَي لا كذي طول ولا قِصَر، على البدل من ساعد؛ قال: كذلك أَنشده أَبو
علي بالخفض. وجَلٌّ: اسم؛ قال:
لقد أَهْدَت حُبابَة بنتُ جَلٍّ،
لأَهل حُباحبٍ، حَبْلاً طويلا
وجَلُّ بن عَدِيّ: رجل من العرب رَهْط ذي الرمة العَدَوي. وقوله في
الحديث: قال له رجل التقطت شبكة على ظَهْر جَلاَّل؛ قال: هو اسم لطريق نجد
إِلى مكة، شرفها الله تعالى.
والتَّجَلْجُل: السُّؤُوخ في الأَرض أَو الحركة والجوَلان. وتَجَلْجَل
في الأَرض أَي ساخ فيها ودخل. يقال: تَجَلْجَلَت قواعدُ البيت أَي تضعضعت.
وفي الحديث: أَن قارون خرج على قومه يتبختر في حُلَّة له فأَمر الله
الأَرض فأَخذته فهو يتجلجل فيها إِلى يوم القيامة. وفي حديث آخر: بينا رجل
يَجُرُّ إزاره من الخُيَلاء خُسِفَ به فهو يتَجَلْجل إلى يوم القيامة؛ قال
ابن شميل: يتجلجل يتحرك فيها أَي يغوص في الأَرض حين يُخسف به.
والجَلْجَلة: الحركة مع الصوت أَي يَسُوخ فيها حين يُخْسف به. وقد
تَجَلْجَل الريحُ تَجَلْجُلاً، والجَلجلة: شدة الصوت وحِدَّته، وقد جَلْجَله؛
قال:
يَجُرُّ ويَسْتأْبي نَشَاصاً كأَنه،
بغَيْفَة لَمّا جَلْجَل الصوتَ، جالب
والجَلْجَلة: صوت الرعد وما أَشبهه. والــمُجَلْجِل من السحاب: الذي فيه
صوت الرعد. وسحابٌ مُجَلْجِل: لرعده صوت. وغيث جِلْجال: شديد الصوت، وقد
جَلْجَلَ وجَلْجَلَه: حرّكه. ابن شميل: جَلْجَلْت الشيء جَلْجَلَة إِذا
حركته بيدك حتى يكون لحركته صوت، وكل شيء تحرَّك فقد تَجَلْجَلَ. وسمعنا
جَلْجَلة السَّبُع: وهي حركته. وتَجَلْجَل القومُ للسفر إِذا تحرَّكوا له.
وخَمِيسٌ جَلْجال: شديد. شمر: الــمُجَلْجَل المنخول المغربل؛ قال أَبو
النجم:
حتى أَجالته حَصىً مُجَلْجَلــا
أَي لم تترك فيه إِلا الحصى الــمُجَلْجَل. وجَلْجَل الفرسُ: صفا صَهِيله
ولم يَرِقَّ وهو أَحسن ما يكون، وقيل: صفا صوته ورَقَّ، وهو أَحسن له.
وحمار جُلاجِل، بالضم: صافي النَّهيق. ورجل مُجَلْجَل: لا يَعْدِله أَحد في
الظَّرْف. التهذيب: الــمُجَلْجِل السيد القوي وإِن لم يكن له حسب ولا شرف
وهو الجريء الشديد الدافع
(* ترك هنا بياض بأصله، وعبارة القاموس:
والجريء الدفاع المنطيق) . . . واللسان، وقال شمز: هو السيد البعيد الصوت؛
وأَنشد ابن شميل:
جلجل سِنَّك خير الأَسنان،
لا ضَرَع السنّ ولا قَحْمٌ فان
قال أَبو الهيثم: ومن أَمثالهم في الرجل الجريء إِنه ليُعَلِّق
الجُلْجُل؛ قال أَبو النجم:
إِلا امْرأً يَعْقِد خَيْط الجُلْجُل
يريد الجريء يخاطر بنفسه؛ التهذيب: وقوله:
يُرْعد إِن يُرْعد فؤادُ الأَعزل،
إِلاَّ امرأً يَعْقِدُ خيط الجُلْجُل
يعني راعيه الذي قام عليه ورباه وهو صغير يعرفه فلا يؤذيه؛ قال
الأَصمعي: هذا مثل، يقول: فلا يتقدم عليه إِلاَّ شجاع لا يباليه، وهو صعب مشهور،
كما يقال من يُعَلِّق الجُلْجُل في عنقه. ابن الأَعرابي: جَلْجَل الرجلُ
إِذا ذهب وجاء. وغلام جُلْجُل وجُلاجِل: خفيف الروح نَشِيط في عمله.
والــمُجَلجَل: الخالص النسب. والجُلْجُل: الجَرَس الصغير، وصوته الجَلْجَلة.
وفي حديث السفر: لا تصحب الملائكةُ رفقة فيها جُلْجُل؛ هو الجرس الصغير
الذي يعلق في أَعناق الدواب وغيرها. والجَلْجَلة: تحريك الجُلْجُل. وإِبل
مُجَلْجَلــة: تعلق عليها الأَجراس؛ قال خالد بن قيس التميمي:
أَيا ضَيَاع المائة الــمُجَلْجَلــه
والجُلْجُل: الأَمر الصغير والعظيم مثل الجَلَل؛ قال:
وكنت، إِذا ما جُلْجُل القوم لم يَقُم
به أَحد، أَسْمو له وأَسُور
والجُلْجُلان: ثمرة الكُزْبُرة، وقيل حَبُّ السِّمسم. وقال أَبو الغوث:
الجُلْجُلان هو السمسم في قشره قبل أَن يحصد. وفي حديث ابن جريج: وذكر
الصدقة في الجُلْجُلان هو السمسم، وقيل: حب كالكُزْبُرة، وفي حديث ابن عمر:
أَنه كان يَدَّهِن عند إِحرامه بدُهْن جُلْجُلان. ابن الأَعرابي: يقال
لما في جوف التين من الحب الجُلْجُلان؛ وأَنشد غيره لوَضّاح:
ضحِك الناس وقالوا:
شِعْر وضّاح الكباني،
إِنما شِعْرِيَ مِلْح
قد خُلِطْ بجُلْجُلانِ
وجُلْجُلان القلب: حَبَّته ومُنَّته. وعَلِمَ ذلك جُلْجُلان قلبه أَي
عِلْمَ ذلك قلبه. ويقال: أَصبت حبَّة قلبه وجُلْجُلان قلبه وحَمَاطة قلبه.
وجَلْجَل الشيءَ: خلطه.
وجَلاجِل وجُلاجِل ودارة جُلْجُل، كلها: مواضع، وجَلاجل، بالفتح: موضع،
وقيل جبل من جبال الدَّهناء؛ ومنه قول ذي الرمة:
أَيا ظبية الوَعْساء، بين جَلاجِل
وبين النَّقَا، آأَنتِ أَمْ أُمُّ سالم؟
ويروى بالحاء المضمومة؛ قال ابن بري: روت الرواة هذا البيت في كتاب
سيبويه جُلاجل، بضم الجيم لا غير، والله أَعلم.
قصب: القَصَبُ: كلُّ نَباتٍ ذي أَنابيبَ، واحدتُها قَصَبةٌ؛ وكلُّ نباتٍ كان ساقُه أَنابيبَ وكُعوباً، فهو قَصَبٌ. والقَصَبُ: الأَباء.
والقَصْباءُ: جماعةُ القَصَب، واحدتُها قَصَبة وقَصباءةٌ. قال سيبويه: الطَّرْفاءُ، والـحَلْفاءُ، والقَصْباءُ، ونحوها اسم واحدٌ يقع على جميع، وفيه علامةُ التأْنيث، وواحدُه على بنائه ولفظه، وفيه علامة التأْنيث التي فيه، وذلك قولك للجميع حَلْفاء، وللواحدة حَلْفاء، لَـمَّا كانت تقع للجميع، ولم تكن اسماً مُكَسَّراً عليه الواحدُ؛ أَرادوا أَن يكون الواحدُ من بناءٍ فيه علامةُ التأْنيث، كما كان ذلك في الأَكثر الذي ليس فيه علامة التأْنيث، ويقع مذكراً نحو التمر والبُسْر والبُرّ والشَّعيرِ، وأَشباه ذلك؛ ولم يُجاوِزوا البناء الذي يقع للجميع حيثُ أَرادوا واحداً، فيه علامة تأْنيث لأَنه فيه علامة التأْنيث، فاكتفوا بذلك، وبَيَّنُوا الواحدة
بِأَن وصفوها بواحدة، ولم يَجِـيئُوا بعَلامة سوى العلامة التي في الجمع، ليُفْرَقَ بين هذا وبين الاسم، الذي يقع للجميع، وليس فيه علامة التأْنيث نحو التمر والبُسْر.
وتقول: أَرْطى وأَرْطاةٌ، وعَلْقَى وعَلْقاة، لأَن الأَلِفات لم تُلْحَقْ للتأْنيث، فَمِن ثم دخلت الهاء؛ وسنذكر ذلك في ترجمة حلف، إِن شاء اللّه تعالى.
والقَصْباءُ: هو القَصَبُ النابت، الكثير في مَقْصَبته. ابن سيده:
القَصْباءُ مَنْبِتُ القَصَب. وقد أَقصَبَ المكانُ، وأَرض مُقْصِـبة
وقَصِـبةٌ: ذاتُ قَصَبٍ.
وقَصَّبَ الزرعُ تَقْصيباً، وأَقْصَبَ: صار له قَصَبٌ، وذلك بعد التَّفْريخ.
والقَصَبة: كلُّ عظمٍ ذي مُخٍّ، على التشبيه بالقَصَبة، والجمع قَصَبٌ.
والقَصَبُ: كل عظمٍ مستدير أَجْوَفَ، وكلُّ ما اتُّخِذَ من فضة أَو
غيرها، الواحدة قَصَبةٌ. والقَصَبُ: عظام الأَصابع من اليدين والرجلين؛ وقيل: هي ما بين كل مَفْصِلَيْن من الأَصابع، وفي صفته، صلى اللّه عليه وسلم: سَبْطُ القَصَب. القَصَبُ من العظام: كلُّ عظم أَجوفَ فيه مُخٌّ، واحدتُه قَصَبة، وكلُّ عظمٍ عَريضٍ لَوْحٌ. والقَصْبُ: القَطْع. وقَصَبَ الجزارُ الشاةَ يَقْصِـبُها قَصْباً: فَصَل قَصَبَها، وقطعها عُضْواً عُضْواً.
ودِرَّة قاصبة إِذا خرجت سَهْلة كأَنها قضِـيبُ فِضَّةٍ. وقَصَبَ الشيءَ يَقْصِـبُه قَصْباً، واقْتَصَبَه: قطَعه. والقاصِبُ والقَصَّابُ:
الجَزَّارُ وحِرْفَته القِصَابةُ. فإِما أَن يكون من القَطْع، وإِما أَن يكون من أَنه يأْخذ الشاةَ بقَصَبَتِها أَي بساقِها؛ وسُمِّي القَصَّابُ
قَصَّاباً لتَنْقيته أَقْصابَ البَطْن. وفي حديث علي، كرّم اللّه وجهه: لئن وَلِـيتُ بني أُمَيَّةَ، لأَنْفُضَنَّهم نَفْضَ القَصَّابِ التِّرابَ
الوَذِمةَ؛ يريدُ اللُّحومَ التي تَعَفَّرَتْ بسقوطها في التُّراب؛ وقيل: أَراد بالقصَّاب السَّبُعَ. والتِّراب: أَصلُ ذراع الشاةِ، وقد تقدم ذلك في فصل التاءِ مبسوطاً.
ابن شميل: أَخَذ الرجُل الرجلَ فقَصَّبه؛ والتَّقْصِـيبُ أَن يَشُدَّ
يديه إِلى عُنُقه، ومنه سُمي القَصَّابُ قَصَّاباً. والقاصِبُ: الزامِرُ.
والقُصَّابة: المِزْمارُ(1)
(1 قوله «والقصابة المزمار إلخ» أي بضم القاف وتشديد الصاد كما صرح به الجوهري وإن وقع في القاموس إطلاق الضبط المقتضي الفتح على قاعدته وسكت عليه الشارح.) والجمع قُصَّابٌ؛ قال الأَعشى:
وشاهِدُنا الجُلُّ والياسَمِـيـ * ـنُ والـمُسْمِعاتُ بقُصَّابِها
وقال الأَصمعي: أَراد الأَعشى بالقُصَّاب الأَوْتارَ التي سُوِّيَتْ مِنَ الأَمْعاءِ؛ وقال أَبو عمرو: هي المزامير، والقاصِبُ والقَصَّاب النافخُ في القَصَب؛ قال:
وقاصِـبُونَ لنا فيها وسُمَّارُ
والقَصَّابُ، بالفتح: الزَّمَّارُ؛ وقال رؤبة يصف الحمار:
في جَوْفِه وَحْيٌ كوَحْيِ القَصَّاب
يعني عَيراً يَنْهَقُ. والصنعة القِصابةُ والقُصَّابة والقَصْبة والقَصِـيبة والتَّقْصِـيبة والتَّقْصِـبةُ: الخُصْلة الـمُلْتَوِيةُ من الشَّعَر؛ وقد قَصَّبه؛ قال بشر بن أَبي خازم:
رَأَى دُرَّةً بَيْضاءَ يَحْفِلُ لَوْنَها * سُخامٌ، كغِرْبانِ البريرِ، مُقَصَّبُ
والقَصائبُ: الذَّوائبُ الـمُقَصَّبةُ، تُلْوى لَيّاً حتى تَتَرَجَّلَ، ولا تُضْفَرُ ضَفْراً؛ وهي الأُنْبوبة أَيضاً. وشَعْر مُقَصَّبٌ أَي مُجَعَّدٌ. وقَصَّبَ شَعره أَي جَعَّدَه. ولها قُصَّابَتانِ أَي غَديرتانِ؛ وقال الليث: القَصْبة خُصْلة من الشعر تَلْتَوي، فإِنْ أَنتَ قَصَّبْتَها
كانت تَقْصِـيبة، والجمع التَّقاصِـيبُ؛ وتَقْصِـيبُك إِيّاها لَيُّك
الخُصلة إِلى أَسْفلها، تَضُمُّها وتَشُدُّها، فتُصْبِـحُ وقد صارت
تَقاصِـيبَ، كأَنها بلابِلُ جاريةٍ. أَبو زيد: القَصائبُ الشَّعَر الـمُقَصَّبُ، واحدتُها قَصِـيبة. والقَصَبُ: مَجاري الماءِ من العيون، واحدتُها قَصَبة؛ قال أَبو ذؤيب:
أَقامتْ به، فابْتَنَتْ خَيْمةً * على قَصَبٍ وفُراتٍ نَهَرْ
وقال الأَصمعي: قَصَبُ البَطْحاءِ مِـياهٌ تجري إِلى عُيونِ الرَّكايا؛
يقول: أَقامتْ بين قَصَبٍ أَي رَكايا وماءٍ عَذْبٍ. وكل ماءٍ عذبٍ:
فراتٌ؛ وكلُّ كثيرٍ جَرى فقد نَهَرَ واسْتَنْهَرَ.
والقَصَبةُ: البئر الحديثةُ الـحَفْرِ.
التهذيب، الأَصمعي: القَصَبُ مَجاري ماءِ البئر من العيون. والقَصَبُ: شُعَبُ الـحَلْق. والقَصَبُ: عُروق الرِّئَة، وهي مَخارِجُ الأَنْفاس ومجاريها.
وقَصَبةُ الأَنْفِ: عَظْمُه. والقُصْبُ: الـمِعَى، والجمع أَقْصابٌ. الجوهري: القُصْبُ، بالضم: الـمِعَى. وفي الحديث: أَنَّ عَمْرو ابنَ لُـحَيٍّ أَوَّلُ من بَدَّل دينَ إِسمعيل، عليه السلام؛ قال النبي، صلى اللّه عليه وسلم: فرأَيتُه يَجُرُّ قُصْبَه في النار؛ قيل: القُصْبُ اسم للأَمْعاءِ كُلِّها؛ وقيل: هو ما كان أَسْفَلَ البَطْن من الأَمْعاءِ؛ ومنه الحديثُ: الذي يَتَخَطَّى رِقابَ الناسِ يومَ الجمعة، كالجارِّ قُصْبَهُ في النار؛ وقال الراعي:
تَكْسُو الـمَفارِقَ واللَّبَّاتِ ذَا أَرَجٍ، * من قُصْبِ مُعْتَلِفِ الكافورِ دَرَّاجِ
قال: وأَما قول امرئِ القيس:
والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ والـمَتْنُ مَلْحوبُ
فيريد به الخَصْرَ، وهو على الاستعارة، والجمع أَقْصابٌ؛ وأَنشد بيتَ الأَعشى:
والـمُسْمِعاتُ بأَقْصابِها
وقال: أَي بأَوتارها، وهي تُتَّخَذُ من الأَمْعاءِ؛ قال ابن بري: زعم
الجوهري أَنَّ قول الشاعر:
والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ والمتنُ مَلْحوبُ
لامرئِ القيس؛ قال: والبيت لإِبراهيم بن عمران الأَنصاري؛ وهو بكماله:
والماءُ مُنْهَمِرٌ، والشَّدُّ مُنْحَدِرٌ، * والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ، والـمَتْنُ مَلْحوبُ
وقبله:
قد أَشْهَدُ الغارةَ الشَّعواءَ، تَحْمِلُني * جَرْداءُ مَعْروقَةُ اللَّحْيَـيْن، سُرْحُوبُ
إِذا تَبَصَّرَها الرَّاؤُونَ مُقْبِلةً، * لاحَتْ لَـهُمْ، غُرَّةٌ، منْها، وتَجْبِـيبُ
رَقاقُها ضَرِمٌ، وجَرْيُها خَذِمٌ، * ولَـحْمها زِيَمٌ، والبَطْنُ مَقْبُوبُ
والعَينُ قادِحَةٌ، واليَدُّ سابِحَةٌ، * والرِّجْلُ ضارِحةٌ، واللَّوْنُ غِرْبيبُ
والقَصَبُ من الجَوْهر: ما كان مُسْتَطِـيلاً أَجْوَفَ؛ وقيل: القَصَبُ
أَنابِـيبُ من جَوْهَرٍ. وفي الحديث: أَنَّ جبريلَ، عليه السلام، قال
للنبي، صلى اللّه عليه وسلم: بَشِّرْ خديجةَ ببيتٍ في الجنة من قَصَبٍ، لا صَخَب فيه ولا نَصَب؛ ابن الأَثير: القَصَبُ في هذا الحديث لُؤْلُؤٌ مُجَوَّف واسعٌ، كالقَصْرِ الـمُنيف. والقَصَبُ من الجوهر: ما اسْتطالَ منه في تَجْويف. وسأَل أَبو العباس ابنَ الأَعرابي عن تفسيره؛ فقال: القَصَبُ، ههنا: الدُّرُّ الرَّطْبُ، والزَّبَرْجَدُ الرَّطْبُ الـمُرَصَّعُ بالياقوت؛ قال: والبَيتُ ههنا بمعنى القَصْر والدار، كقولك بيت الـمَلِك أَي قَصْرُه. والقَصَبةُ: جَوْفُ القَصْرِ؛ وقيل: القَصْرُ. وقَصَبةُ البَلد: مَدينَتُه؛ وقيل: مُعْظَمُه. وقَصَبة السَّوادِ: مَدينتُها. والقَصَبَةُ: جَوْفُ الـحِصْن، يُبْنى فيه بناءٌ، هو أَوسَطُه. وقَصَبةُ البلاد:
مَدينَتُها. والقَصَبة: القَرية. وقَصَبةُ القَرية: وسَطُها.
والقَصَبُ: ثيابٌ، تُتَّخَذ من كَتَّان، رِقاقٌ ناعمةٌ، واحدُها قَصَبـيٌّ، مثل عَربيٍّ وعَرَبٍ. وقَصَبَ البعيرُ الماءَ يَقْصِـبُه قَصْباً: مَصَّه.
وبعير قَصِـيبٌ، يَقصِبُ الماءَ، وقاصِبٌ: ممتنع من شُرْب الماءِ، رافعٌ رأْسه عنه؛ وكذلك الأُنثى، بغير هاء. وقد قَصَبَ يَقْصِبُ قَصْباً وقُصُوباً، وقَصَبَ شُرْبَه إِذا امتنع منه قبل أَن يَرْوَى. الأَصمعي: قَصَبَ البعيرُ، فهو قاصِبٌ إِذا أَبى أَن يَشْرَب. والقومُ مُقْصِـبُونَ إِذا لم تَشْرَب إِبِلُهم.
وأَقْصَبَ الراعي: عافَتْ إِبلُه الماءَ. وفي المثل: رَعَى فأَقْصَبَ،
يُضْرَب للراعي، لأَنه إِذا أَساءَ رَعْيَها لم تَشْرَبِ الماءَ، لأَنها
إِنما تَشْرَبُ إِذا شَبِعَتْ من الكَلإِ. ودَخَلَ رُؤْبة على سليمان بن
علي، وهو والي البصرة؛ فقال: أَين أَنْتَ من النساءِ؟ فقال: أُطِـيلُ الظِّمْءَ، ثم أَرِدُ فأُقْصِبُ.
وقيل: القُصُوبُ الرِّيُّ من وُرود الماءِ وغيره. وقَصَبَ الإِنسانَ
والدَّابةَ والبعيرَ يَقْصِـبُهُ قَصْباً: منعه شُرْبَه، وقَطَعه عليه، قبل
أَن يَرْوَى. وبعيرٌ قاصِبٌ، وناقة قاصِبٌ أَيضاً؛ عن ابن السكيت.
وأَقْصَبَ الرجلُ إِذا فَعَلَت إِبلُه ذلك.
وقَصَبَه يَقْصِـبُه قَصْباً، وقَصَّبه: شَتَمَه وعابه، ووَقعَ فيه.
وأَقْصَبَهُ عِرْضَه: أَلْحَمَه إِياه؛ قال الكميت:
وكنتُ لهم، من هؤلاكَ وهؤُلا، * مُحِـبّاً، على أَنـِّي أُذَمُّ وأُقْصَبُ
ورجلٌ قَصّابَةٌ للناس إِذا كان يَقَعُ فيهم. وفي حديث عبدالملك، قال لعروة بن الزبير: هل سمعتَ أَخاكَ يَقْصِبُ نساءَنا؟ قال: لا.
والقِصابةُ: مُسَنَّاة تُبْنى في اللَّهْج (1)
(1 قوله «تبنى في اللهج» كذا في المحكم أيضاً مضبوطاً ولم نجد له معنى يناسب هنا. وفي القاموس تبنى في اللحف أي بالحاء المهملة. قال شارحه وفي بعض الامهات في اللهج اهـ. ولم نجد له معنى يناسب هنا أيضاً والذي يزيل الوقفة ان شاء اللّه ان الصواب تبنى في اللجف بالجيم محركاً وهو محبس الماء وحفر في جانب البئر. وقوله والقصاب الدبار إلخ بالباء الموحدة كما في المحكم جمع دبرة كتمرة. ووقع في القاموس الديار بالمثناة من تحت ولعله محرف عن الموحدة.) ، كراهيةَ أَن يَسْتَجْمِـعَ السيلُ فيُوبَلَ الحائطُ أَي يَذْهَبَ به الوَبْلُ، ويَنْهَدِمَ عِراقُه.
والقِصابُ: الدِّبارُ، واحِدَتُها قَصَبَة.
والقاصِبُ: الـمُصَوِّتُ من الرعد. الأَصمعي في باب السَّحاب الذي فيه رَعْدٌ وبَرْقٌ: منه الـــمُجَلْجِلُ، والقاصِبُ، والـمُدَوِّي،
والـمُرْتَجِسُ؛ الأَزهري: شَبَّه السَّحابَ ذا الرعد بالقاصبِ أَي
الزامر.ويقال للـمُراهِنِ إِذا سَبَقَ: أَحْرَزَ قَصَبَة السَّبْق. وفرس
مُقَصِّبٌ: سابقٌ؛ ومنه قوله:
ذِمارَ العَتِـيك بالجَوادِ الـمُقَصِّبِ
وقيل للسابق: أَحْرَزَ القَصَبَ، لأَنَّ الغاية التي يسبق إِليها، تُذْرَعُ بالقَصَبِ، وتُرْكَزُ تلكَ القَصَبَةُ عند مُنْتَهى الغاية، فَمَنْ سَبَقَ إِليها حازها واسْتَحَقَّ الخَطَر. ويقال: حازَ قَصَبَ السَّبْق أَي اسْتَولى على الأَمَد. وفي حديث سعيد بن العاص: أَنه سَبَقَ بين الخَيْل في الكوفة، فَجَعلها مائة قَصَبةٍ وجَعَل لأَخيرها قَصَبَةً أَلفَ درهم؛
أَراد: أَنه ذَرَع الغاية بالقَصَبِ، فجَعَلَها مائة قَصَبةٍ.
والقُصَيْبَة: اسم موضع؛ قال الشاعر:
وهَلْ لِـيَ، إِنْ أَحْبَبْتُ أَرضَ عَشِـيرتي * وأَحْبَبْتُ طَرْفاءَ القُصَيْبة، من ذنْب؟
دعد: دَعْدُ: اسم امرأَة معروف، والجمع دَعداتُ وأَدْعُدٌ ودُعودٌ، يصرف
ولا يصرف؛ قال جرير:
يا دارُ أَقْوَتْ بجانب اللَّبَبِ،
بين تلاع العقيق فالكُثُبِ
حيث استقرَّت نَواهمُ، فسُقوا
صَوْبَ غمام مُجَلْجِلٍ لَجِبِ
لم تَتَلَفَّعْ بِفَضْلِ مِئزَرِها
دَعْدٌ، ولم تُغْذَ دَعْدُ بالعُلَب
التلفع: الاشتمال بالثوب كلبسة نساءِ الأَعراب، والعلب: أَقداح من جلود،
الواحد عُلْبَةٌ، يحلب فيه اللبن ويشرب أَي ليست دعد هذه ممن تشتمل
بثوبها وتشرب اللبن بالعلبة كنساءِ الأَعراب الشقيات، ولكنها ممن نشأَ في
نعمة وكَسي أَحسنَ كسوة. وحكي عن بعض الأَعراب: يقال لأُمِّ خُبَينٍ دَعْدٌ؛
قال أَبو منصور: ولا أَعرفه.
والدَّخ: الدخان، جاء به بفتح الدال.
ضوج: ضَوْج الوادي: مُنْعَطَفُه، والجمع أَضْواج وأَضْوُج، الأَخيرة
نادرة؛ قال ضرار بن الخطاب الفهري:
وقَتْلَى من الحَيّ في مَعْرَكٍ،
أُصِيبُوا جَميعاً بِذي الأَضْوُجِ
وقد تَضَوَّج، وضَاج الوادِي يَضُوج ضَوْجاً: اتَّسَع. ولَقِيَنَا
ضَوْجٌ من أَضْواج الأَودية فانْضَوَج فيه، وانْضَوَجْتُ على إِثْرِهِ. وفي
الحديث ذكر أَضْواجِ الوادي أَي مَعاطِفه، الواحدة ضَوْج؛ وقيل: هو إِذا
كنت بين جَبَلَين متضايقين ثم اتَّسَع، فقد انْضاج لك. التهذيب: الضَّوْج
جِزْعُ الوادي، وهو مُنْعَرَجه حيث ينعطف؛ وقال رؤبة:
وحَوْفاً منْ تراغُبِ الأَضْواج
(* قوله «وحوفاً من تراغب إلخ» هكذا في الأصل.)
الليث: الضَّوْجان من الإبل والدواب كلُّ يابِسِ الصُلْب؛ وأَنشد:
في ضَبْرِ ضَوْجان القَرَى للمُمْتَطِي
(* قوله «في ضبر ضوجان» هكذا في الأصل هنا. وتقدم في مادة صوج: في ظهر
صوجان إلخ.)
يصف فحلاً ونخلة ضَوْجانة، وهي اليابسة الكَزَّة السَّعَفِ؛ قال: والعصا
الكَزَّة ضَوْجانة.
ضيج: ضاجَ عن الشيء ضَيْجاً: عدَل ومال عنه، كجاضَ. وضاجَ عن الحقّ: مال
عنه؛ وقد ضاجَ يَضِيجُ ضُيوجاً وضَيَجاناً؛ وأَنشد:
أَما تَرَيْني كالعَريشِ المَفْرُوجْ،
ضاجَتْ عِظامِي عن لَفًى مَضْرُوجْ؟
اللَّفَى: عَضَلُ لَحْمِهِ. وضاجَ السَّهْم عن الهَدَف أَي مال عنه.
وضاجَتْ عِظامه ضَيْجاً: تحركت من الهُزال؛ عن كراع.
هزج: الهَزَجُ: الخِفَّة وسُرعةُ وَقْعِ القوائم ووضعِها. صبي هَزِجٌ
وفرس هَزِجٌ؛ قال النابغة الجَعْدي يَنْعَتُ فرساً:
غَدا هَزِجاً طَرِباً قلبُه،
لَغِبْنَ، وأَصْبَحَ لم يَلْغَبِ
والهَزَجُ: الفَرَحُ. والهَزَجُ: صوتٌ مُطْرِبٌ؛ وقيل: صوت فيه بَحَحٌ؛
وقيل: صوت دقيق مع ارتفاع. وكلُّ كلامٍ مُتقارِبٍ مُتدارِك: هَزَجٌ،
والجمع أَهزاج. والهَزَجُ: نوع من أَعاريض الشعر، وهو مفاعيلن مفاعيلن، على
هذا البناء كله أَربعة أَجزاء، سمِّي بذلك لتقارب أَجزائه، وهو مُسَدَّس
الأَصل، حملاً على صاحبيه في الدائرة، وهما الرجز والرمل إِذ تركيب كل
واحد منهما من وتد مجموع وسببين خفيفين. وهَزَّجَ: تَغَنَّى؛ قال يزيد بن
الأَعور الشَّيْبي:
كأَنَّ شَنّاً هَزَجاً، وشَنَّا
قَعْقَعةً، مُهَزِّجٌ تَغَنَّى
وتَهَزَّج: كهَزَّجَ. والهَزَج: من الأَغانيِّ وفيه تَرَنُّم؛ وقد
هَزِجَ، بالكسر، وتَهَزَّج؛ قال الشاعر:
كأَنها جاريةٌ تَهَزَّجُ
وقال أَبو إسحق: التَّهَزُّج تردُّدُ التحسين في الصوت؛ وقيل:
التَّهَزُّج صوت مُطَوَّل غير رفيع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
كأَنَّ صوتَ حَلْبِها المُناطِقِ
تَهَزُّجُ الرياحِ بالعَشارِقِ
ورَعْدٌ مُتَهَزِّج: مُصَوِّت. وقد هَزَّجَ الصوتَ. ورَعْدٌ هَزِجٌ
بالصوت؛ وأَنشد:
أَجَشُّ مُجَلْجِلٌ، هَزِجٌ مُلِثٌّ،
تُكَرْكِرُه الجَنائِبُ في السِّدادِ
وعُودٌ هَزِجٌ، ومُغَنٍّ هَزِجٌ: يُهَزِّجُ الصوتَ تَهْزيجاً.
والهَزَجُ: تدارك الصوت في خِفَّة وسرعة؛ يقال: هو هَزِجُ الصوت هُزامِجُه أَي
مُدارِكه. قال: وليس الهَزَجُ من التَّرَنُّم في شيء؛ وقال عنترة:
وكأَنما تَنْأَى بجانِبِ دَفِّها الـ
ـوَحْشِيِّ، من هَزِجِ العَشِيِّ، مُؤَوِّمِ
يعني ذباباً لطيرانه تَرَنُّمٌ، فالناقة تحذر لسعه اياها. وتَهَزَّجت
القوس إِذا صوّتت عند إِنْباضِ الرمي عنها؛ قال الكميت:
لم يَعِبْ رَبُّها ولا الناسُ منها،
غيرَ إِنذارها عليه الحَمِيرَا
بأَهازيجَ من أَغانِيِّها الجُشْـ
شِ، وإِتباعِها النَّحِيبَ الزَّفِيرَا
وفي الحديث: أَدبر الشيطان وله هَزَج، وفي رواية: وَزَجٌ. الهَزَجُ:
الرَّنَّة. والوَزَجُ: دونه، وقد استعمل ابن الأَعرابي الهَزَجَ في معنى
العُواءِ؛ وأَنشد بيت عنترة:
وكأَنما تنأَى بجانب دفِّها الـ
ـوحشيِّ، من هَزِج العشيِّ، مؤَوّمِ
هِرٍّ جَنِيبٍ، كلَّما عَطَفَتْ له
غَضْبَى، اتَّقاها باليدين وبالفَمِ
قال: هَزِجٌ كثير العُواء بالليل، ووضع العَشِيَّ موضع الليل لقربه منه،
وأَبدل هِرًّا من هَزِجٍ؛ ورواه الشيباني يَنْأَى، وهِرٌّ عنده رفع فاعل
لينأَى. ومَرَّ هَزيجٌ من الليل كهَزيعٍ. الجوهري: الهَزَجُ صوتالرعل
والذِّبَّانِ.
عزف: عَزَفَ يَعْزفُ عَزْفاً: لها. والمَعازِفُ: المَلاهي، واحدها
مِعْزَف ومِعْزَفة. وعزف الرجل يَعزِفُ إذا أَقام في الأَكل والشرب، وقيل:
واحد المعازِف عَزْفٌ على غير قياس، ونظيره ملامحُ ومَشابِهُ في جمع شَبه
ولمْحَة، والمَلاعبُ التي يُضْرب بها، يقولون للواحد عَزْف، والجمع معازِفُ
رواية عن العرب، فإذا أُفرد المِعْزَفُ، فهو ضَرْب من الطَّنابير ويتخذه
أَهل اليمن وغيرُهم، يجعل العُود مِعْزفاً. وعَزْفُ الدُّفِّ: صوتُه.
وفي حديث عمر: أَنه مرَّ بعَزْف دُفٍّ فقال: ما هذا؟ قالوا: خِتان، فسكت؛
العَزْفُ: اللَّعِبُ بالمَعازِف، وهي الدُّفُوف وغيرها مما يُضرب؛ قال
الراجز:
للخَوْتَعِ الأَزرَقِ فيها صاهْل،
عَزْفٌ كعَزْفِ الدُّفِّ والجلاجِلْ
وكل لَعِب عَزْفٌ. وفي حديث أُم زَرْع: إذا سَمِعْنَ صوتَ المعازِف
أَيْقَنَّ أَنهنَّ هَوالِكُ. والعازِفُ: اللاعِبُ بها والمُغَني، وقد عَزَفَ
عَزْفاً. وفي الحديث: أَنَّ جارِيَتَين كانتا تُغَنِّيان بما تعازفت
الأَنصار يوم بُعاثَ أَي بما تناشدت من الأَراجيز فيه، وهو من العَزيف
الصوْت، وروي بالراء، أَي تَفاخرَتْ، ويروى تَقاذفَت وتَقارَفَت. وعَزَفتِ
الجنُّ تَعزِفُ عَزْفاً وعَزيفاً: صوَتت ولَعِبَت؛ قال ذو الرمة:
عَزِيف كتَضْرابِ المُغَنِّين بالطَّبْل
ورجل عَزُوفٌ عن اللَّهْو إذا لم يَشْتَهه، وعَزُوف عن النساء إذا لم
يَصْبُ إليهنَّ؛ قال الفرزدق يُخاطب نفسه:
عَزَفْتَ بأَعْشاشٍ، وما كِدْتَ تَعْزِفُ،
وأَنْكَرْتَ مِن حَدْراء ما كنتَ تعرِفُ
وقول مليح:
هِرْكَوْلة ليسَتْ من العَشانِقِ.
ولا العَزِيفاتِ ولا المَعانِقِ
وعزَفَتِ القوْسِ عَزْفاً وعزيفاً: صوَّتت؛ عن أَبي حنيفة.
والعَزِيفُ: صوت الرِّمال إذا هَبَّت بها الرِّياح. وعَزْفُ الرِّياح:
أَصواتها. وأَعزَفَ: سمع عَزيفَ الرِّياح والرِّمال. وعَزِيفُ الرياحِ: ما
يسمع من دوِيِّها. والعَزْفُ والعَزِيفُ: صوت في الرمل لا يُدْرَى ما
هو، وقيل: هو وُقوعُ بعضِه على بعض. ورمل عازِف وعَزّاف: مُصوِّت، والعرب
تجعل العَزيف أَصوات الجِنّ؛ وفي ذلك يقول قائلهم:
وإني لأَجْتابُ الفَلاةَ، وبَينها
عَوازِفُ جِنّانٍ، وهامٌ صَواخِدُ
وهو العزفُ أَيضاً. وقد عَزَفت الجنّ تَعْزِفُ، بالكسر، عزيفاً. وفي
حديث ابن عباس، رضي اللّه عنهما: كانت الجنُّ تَعزِف الليلَ كلّه بين
الصَّفا والمروة؛ عَزيفُ الجنّ: جَرْسُ أَصواتها، وقيل: هو صوت يسمع بالليل
كالطبل، وقيل: هو صوت الرِّياح في الجوِّ فتَوهَّمَه أَهل البادية صوتَ
الجنّ.
والعزَّاف: رمل لبني سعد صفة غالبة مشتق من ذلك ويسمى أَبْرَقَ
العَزَّاف. وسَحاب عَزَّاف: يُسمع منه عَزِيفُ الرَّعْد وهو دَوِيُّه؛ وأَنشد
الأَصمعي لجَندل بن المُثَنَّى:
يا رَبُّ رَبَّ المُسلِمِين بالسُّوَرْ،
لا تَسْقِه صَيِّبَ عزَّافٍ جُؤَرْ
قال: ومطَر عزَّاف مُجَلْجِل، وروى الفارسي هذا البيت عَزَّاف، بالزاي،
ورواية ابن السكيت غَرّاف. وعَزَفَت نفسي عن الشيء تَعْزِفُ وتَعْزُف
عَزْفاً وعُزُوفاً: تركَتْه بعد إعْجابها وزَهِدَتْ فيه وانْصرفت عنه.
وعزَفت نفْسُه أَي سَلَتْ، وفي حديث حارثةَ: عزَفتْ نفسِي عن الدُّنيا أَي
عافتْها وكَرِهَتها، ويروى عَزَفْتُ، بضم التاء، أَي منعتُها وصَرَفْتها؛
وقولُ أَمية بن أَبي عائذ الهذلي:
وقِدْماً تَعَلَّقْتُ أُمَّ الصَّبِيْـ
ـيِ مِنِّي على عُزُفٍ واكْتِهال
أَراد عُزوف فحذف. والعَزُوف: الذي لا يكاد يَثْبُت على خُلَّة؛ قال:
أَلم تَعْلَمِي أَني عَزُوفٌ على الهَوى،
إذا صاحبي في غير شيء تَعَصَّبا؟
واعْزَوْزَفَ للشرِّ: تهيّأَ؛ عن اللحياني. والعزَّافُ: جبَل من جِبال
الدَّهْناء.
والعُزف: الحمام الطُّورانِيَّة في قول الشماخ:
حتى استَغاثَ بأَحْوَى فَوْقَه حُبُكٌ،
يَدْعُو هَديلاً به العُزْفُ العَزاهِيلُ
وهي المُهْمَلةُ. والعُزْف: التي لها صوت وهَدير.
سجم: سَجَمَتِ العين الدمع والسحابةُ الماء تَسْجِمُه وتَسْجُمُه
سَجْماً وسُجُوماً وسَجَماناً: وهو قَطَران الدمع وسَيَلانه، قليلاً كان أَو
كثيراً، وكذلك الساجِمُ من المطر، والعرب تقول دَمْعٌ ساجِمٌ. ودمع
مَسْجوم: سَجَمَتْه العين سَجْماً، وقد أَسْجَمَه وسَجَّمَه. والسَّجَمُ:
الدمع. وأَعْيُنٌ سُجُومٌ: سَواجِمُ؛ قال القطامي يصف الإِبل بكثرة
أَلبانها:ذَوارِفُ عَيْنَيْها من الحَفْلِ بالضُّحى،
سُجُومٌ كتَنْضاح الشِّنان المُشَرَّبِ
وكذلك عين سَجُوم وسحاب سَجُوم. وانْسَجَمَ الماءُ والدمع، فهو
مُنْسَجِمٌ إِذا انْسَجَمَ أَي انصب. وسَجَّمَتِ السحابة مطرها تَسْجِيماً
وتَسْجاماً إِذا صَبَّتْه؛ قال:
دائماً تَسجامها
(* قوله «دائماً تسجامها» قطعة من بيت للبيد وأورده الصاغاني بتمامه
وهو:باتت وأسبل واكف من ديمة * يروي الخمائل دائماً تسجامها)
وفي شعر أَبي بكر:
فدَمْعُ العين أَهْوَنُه سِجامُ
سَجَمَ العينُ والدمعُ الماءَ يَسْجُمُ سُجُوماً وسِجاماً إِذا سال
وانْسَجَمَ. وأَسْجَمَتِ السحابة: دام مطرها كأَثجَمَتْ؛ عن ابن الأَعرابي.
وأَرض مَسْجومة أَي ممطورة. وأسْجَمَتِ السماءُ: صَبَّت مثل أَثْجَمَتْ.
والأَسْجَمُ: الجمل الذي لا يَرْغُو. وبعير أَسْجَم: لا يرغو، وقد تقدم
في زيم.
والسَّجَمُ: شجر له ورق طويل مُؤَلَّلُ الأَطرافِ ذو عرض تشبَّه به
المَعابِلُ؛ قال الهذلي يصف وَعِلاً:
حتى أُتِيحَ له رامٍ بِمُحْدَلَةٍ
جَشْءٍ، وبِيضٍ نَواحِيهِنَّ كالسَّجَم
وقيل: السَّجَمُ هنا ماء السماء، شَبّه الرماح في بياضها به.
والسَّاجُوم: صِبْغٌ. وساجوم والسَّاجوم: موضع؛ قال امرؤ القيس:
كَسَا مُزْبِدَ السَّاجومِ وَشْياً مُصَوَّرا