Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: فرار

فَرَجَ

فَرَجَ اللهُ الغَمَّ يَفْرِجُه: كشَفَه، كفَرَّجَه.
والفَرْجُ: العَوْرَةُ، والثَّغْرُ، ومَوْضِعُ المَخافَةِ، وما بين رِجْلَي الفَرَسِ، وكُورةٌ بالمُوْصِلِ، وطَريقٌ عندَ أُضاخَ.
والفَرْجانِ: خُراسانُ وسِجِسْتانُ، أو السِّنْد.
والفَرْجُ، وبضمَّتين: الذي لا يَكْتُمُ السِّر، ويُكْسَرُ، والقَوْسُ البائِنَةُ عن الوَتَرِ،
كالفارجِ والفَريجِ، والمرأةُ تكونُ في ثوبٍ واحد،
وبالضم: د بفارِسَ، منه: الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ المُحَدِّثُ.
والفُرْجَةُ، مُثَلَّثَةً: التَّفَصِّي من الهَمِّ. وفُرْجَةُ الحائِطِ، بالضم.
(والأَفْرَجُ: الذي لا تلْتقي أليتَاهُ لِعِظَمِهِما، والذي لا يزالُ يَنْكَشِفُ فَرْجُه) والاسمُ: الفَرَجُ، محرَّكَةً.
والمُفْرِجُ، بكسر الراءِ: الدَّجاجةُ ذاتُ فَراريجَ، ومن كان حَسَنَ الرَّمْيِ فَيُصْبحُ يوماً وقد تَغَيَّرَ رَمْيُه.
وبنو مُفْرِجٍ: قبيلةٌ، وبفتحها: القتيلُ يوجَدُ في فَلاةٍ بعيدةٍ من القُرى، والذي يُسْلِمُ ولا يُوالي أحداً، ومنه: "لا يُتْرَكُ في الإِسلامِ مُفْرَجٌ"، أي: إذا جَنى كان على بيت المالِ، لأنه لا عاقِلَةَ له. وكمُحَمَّدٍ: المُشْطُ، ومَنْ بانَ مِرْفَقُهُ عن إبْطِهِ.
والفَروجُ: كصَبورٍ: القوسُ التي انْفَرَجَت سِيَتاها. وكتَنُّورٍ: قميصُ الصغير، وقَباءٌ شُقَّ من خَلْفِه، وفَرْخُ الدَّجاجِ، ويُضَمُّ كسُبُّوحٍ.
وتَفاريجُ القَباءِ والدَّرابِزينِ: شُقوقُهُما،
وـ من الأَصابعِ: فَتَحاتها، جمعُ تِفْرَجَةٍ.
ورجُلٌ تِفْرِجَةٌ وتِفْراجَةٌ ونِفْرِجاءُ، وهذه بالنونِ: جَبانٌ ضعيفٌ.
وأفْرَجوا عن الطريقِ والقَتيلِ: انْكَشَفوا،
وـ عنِ المكانِ: تركوهُ.
وفَرَّجَ تفريجاً: هَرِمَ.
والفَريجُ: البارِدُ، والناقةُ التي وضَعَتْ أوَّلَ بَطْنٍ حَمَلَتْهُ.
وفَراوَجَانُ: ة بمَرْوَ.
ورجُلٌ أفْرَجُ الثنايا: أفْلَجُها.
والفارِجُ: الناقةُ انْفَرَجَتْ عنِ الوِلادَةِ فَتُبْغِضُ الفَحْلَ وتَكْرَهُه. ومحمدُ بنُ يعقوبَ الفَرَجِيُّ محرَّكةً: زاهدٌ مَشهورٌ.
(فَرَجَ)
(هـ) فِيهِ «العَقْلُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَامَّةً فَلَا يُتْرَك فِي الْإِسْلَامِ مُفْرَج» قِيلَ:
هُوَ الْقَتِيلُ يُوجَد بِأَرْضِ فَلَاةٍ، وَلَا يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ قَرْية، فَإِنَّهُ يُودَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يُطَلّ دَمُه.
وَقِيلَ: هُوَ الرَّجُلُ يَكُونُ فِي القَوْم مِنْ غَيرهم فَيَلْزَمُهم أَنْ يَعقلوا عَنْهُ.
وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يُسْلم الرجُل وَلَا يُوالي أحَداً حَتَّى إِذَا جَنَى جِنايةً كَانَتْ جِنَايَتُه عَلَى بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ لَا عاقِلَةَ لَهُ.
والمُفْرَج: الَّذِي لَا عَشِيرة لَهُ. وَقِيلَ: هُو المُثْقَل بحَقِّ دِيَة أَوْ فِدَاءٍ أَوْ غُرْم. ويُروى بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَسَيَجِيءُ.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ صلَّى وَعَلَيْهِ فَرُّوجٌ مِنْ حَرِير» وَهُوَ الْقَباء الَّذِي فِيهِ شَقٌّ مِنْ خَلْفه.
وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ «وَلَا تَذَرُوا فُرُجَات الشَّيْطَانِ» جمْع فُرْجَة، وَهِيَ الخَلَل الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ المصلّين في الصّوف، فَأَضَافَهَا إِلَى الشَّيْطان تَفْظِيعا لِشَأنِها، وحَمْلاً عَلَى الاحِتراز مِنْهَا.
وَفِي رِوَايَةٍ «فُرَج الشَّيطان» جَمْعُ فُرْجَة، كَظُلْمة وظُلَم.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «قَدِم رجُل مِنْ بَعْضِ الفُرُوج» يَعْنِي الثُّغور، وَاحِدُهَا: فَرْج.
(هـ) وَفِي عَهْدِ الْحَجَّاجِ «اسْتَعْمَلْتُكَ عَلَى الفَرْجَيْن والمِصْرَيْن» فالفَرْجَان: خُرَاسان وسِجِسْتان، والمِصْرَان: البَصْرة وَالْكُوفَةُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَعْفَرٍ الْأَنْصَارِيِّ «فَملأتُ مَا بَيْن فُرُوجِي» جَمْع فَرْج، وَهُوَ مَا بَيْنَ الرِّجلين. يُقَالُ للفَرَس: مَلَأَ فَرْجه وفُرُوجه إِذَا عدَا وأسْرع، وَبِهِ سُمِّي فَرْج الْمَرْأَةِ والرِّجُل لِأَنَّهُمَا بَيْن الرِّجْلَين.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الزُّبَيْرِ «أَنَّهُ كَانَ أجْلَعَ فَرِجاً» الفَرِج: الَّذِي يَبْدُو فَرْجُه إِذَا جَلس ويَنْكَشِف، وَقَدْ فَرِجَ فَرْجاً، فَهُوَ فَرِجٌ. (س) وَفِي حَدِيثِ عَقِيل «أدْرِكُوا القَوْمَ عَلَى فَرْجَتِهِم» أَيْ عَلَى هَزِيمَتهم، ويُروى بِالْقَافِ وَالْحَاءِ.

فَرَرَ

(فَرَرَ)
(س) فِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لِعَدِيّ بْنِ حَاتِمٍ: مَا يُفِرُّك إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» أَفْرَرْته أُفِرَّه: فَعَلْتُ بِهِ مَا يَفِرُّ مِنْهُ ويَهْرُب: أَيْ مَا يَحْمِلك عَلَى الــفِرَار إلَّا التَّوحيد.
وَكَثِيرٌ مِنَ المُحدِّثين يَقُولُونَهُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْفَاءِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَاتِكَةَ:
أَفَرَّ صِياحُ الْقَوْمِ عَزْم قلُوبِهِمْ ... فَهُنَّ هَوَاءٌ والحُلُومُ عَوَازِبُ
أَيْ حَمَلَها عَلَى الــفِرَار، وجعَلها خاليَةً بَعِيدةً غائبةَ العُقُول.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ الْهِجْرَةِ «قَالَ سُرَاقة: هَذانِ فَرُّ قُرَيش، ألَا أرُدُّ عَلَى قُريش فَرَّها» يُقَالُ:
فَرَّ يَفِرُّ فَرّاً فَهُوَ فَارٌّ إِذَا هرَب. والفَرّ: مَصْدَرٌ وُضِع مَوْضِعَ الْفَاعِلِ، ويَقع عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ. يُقَالُ: رَجُلُ فَرٌّ، ورَجُلان فَرٌّ، ورِجال فَرٌّ. أَرَادَ بِهِ النبيَّ وَأَبَا بَكْرٍ لمَّا خَرَجَا مُهاجِريْن.
يَعْنِي هذانِ الفَرَّان.
(هـ) وَفِي صِفَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «ويَفْتَرُّ عَنْ مِثْل حَبِّ الغَمَام» أَيْ يَتَبَسَّمُ ويَكْشِرُ حَتَّى تَبْدُو أَسْنَانُهُ مِنْ غَيْرِ قَهْقَهة، وَهُوَ مِنْ فَرَرْتُ الدَّابة أَفُرُّها فَرّاً إِذَا كشَفْتَ شَفَتَها لتَعْرِف سنَّها. وافْتَرَّ يَفْتَرُّ: افْتَعل مِنْهُ، وَأَرَادَ بحَبّ الغمَام البَرَدَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «أَرَادَ أَنْ يَشْتَرَي بَدَنَة فَقَالَ: فُرَّها» .
(هـ) وَحَدِيثُ عُمَرَ «قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ يَبْلُغني عَنْكَ أشياءُ كَرِهْت أَنْ أَفُرَّك عَنْهَا» .
أَيْ أكْشِفك.
(س) وَمِنْهُ خُطْبَةُ الحَجاج «لَقَدْ فُرِرْت عَنْ ذَكاءٍ وتجْربَة» . 

كَبِرَ

(كَبِرَ)
فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «الْمُتَكَبِّرُ
والْكَبِيرُ*
» أَيِ الْعَظِيمُ ذُو الكبْرياء.
وَقِيلَ: المُتعالي عن صفات الخلق. وَقِيلَ: المُتَكَبِّر عَلَى عُتاةَ خَلْقِه.
وَالتَّاءُ فِيهِ للتّفَرّد والتَّخَصّص لَا تَاءُ التَّعَاطِي والتَّكَلُّف.
والكِبْرياء: العَظَمة والمُلْك. وَقِيلَ: هِيَ عِبارة عَنْ كَمال الذَّات وَكَمَالِ الْوُجُودِ، وَلَا يُوصَف بِهَا إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُمَا فِي الْحَدِيثِ. وَهُمَا مِنَ الكِبر، بِالْكَسْرِ وَهُوَ الْعَظَمَةُ. وَيُقَالُ: كَبُرَ بِالضَّمِّ يَكْبُرُ: أَيْ عَظُم، فَهُوَ كَبِير.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ الْأَذَانِ «اللَّهُ أَكْبَرُ» مَعْنَاهُ اللَّهُ الكْبير ، فوُضِع أفْعَل مَوْضع فَعِيل، كَقَوْلِ الْفَرَزْدَقِ:
إِنَّ الَّذِي سَمَك السَّمَاءَ بَنَى لَنَا ... بَيْتاً دَعَائِمُه أعَزُّ وَأطْوَلُ
أَيْ عَزيزة طَوِيلَةٌ.
وَقِيلَ : مَعْنَاهُ: اللَّهُ أَكْبَر مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، أَيْ أعْظَم، فحُذِفت «مِنْ» لُوِضوح مَعْنَاهَا «وأَكْبَر» خَبَر، والأخْبَار لَا يُنْكر حَذْفُها، [وَكَذَلِكَ مَا يَتَعَلَّق بِهَا] .
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: اللَّهُ أكْبَر مِنْ أَنْ يُعْرَف كُنْهُ كِبْريائه وعَظَمَته، وَإِنَّمَا قُدِّر لَهُ ذَلِكَ وَأُوِّلَ، لِأَنَّ أفْعَلَ فُعْلَى يَلْزَمه الْأَلِفُ وَاللَّامُ، أَوِ الْإِضَافَةُ، كالأَكْبَر وأَكْبَر، الْقَوْمِ.
ورَاءُ «أَكْبَر» فِي الأذانِ والصَّلاة ساكِنة، لَا تُضَمُّ لِلْوَقْفِ، فَإِذَا وُصِل بِكَلَامٍ ضُمَّ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَ إِذَا افْتَتح الصلاةَ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرا» كَبِيرا مَنْصُوبٌ بإضْمار فِعْل، كأنه قال: أُكَبِّرُ كَبِيرا . وَقِيلَ: هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى القَطْع مِنِ اسْم اللَّهِ تَعَالَى .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ»
قِيلَ: هُوَ يَوْمُ النَّحْر. وَقِيلَ: يَوْمُ عَرفة، وَإِنَّمَا سُمِّي الْحَجَّ الأَكْبَر؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّون العُمْرةَ الحجَّ الأصغَر.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «سَجَد أحَدُ الأَكْبَريْن فِي «إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ» أَرَادَ أحَدَ الشَّيْخَين أَبَا بَكْرٍ وعُمر.
(س) وَفِيهِ «أَنَّ رجُلاً مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، فَقَالَ: ادْفَعوا مَالَهُ إِلَى أكبَر خُزاعة» أَيْ كَبِيرِهم، وَهُوَ أقْرَبُهم إِلَى الجَدّ الأعْلَى.
(س) وَفِيهِ «الوَلاَءُ للْكُبْر» أَيْ أَكْبَر ذُرَّيَّة الرجُل، مِثل أَنْ يَمُوتَ الرجُل عَنِ ابنَين فيَرِثان الوَلاَء، ثُمَّ يَمُوتُ أحَدُ الابْنَيْن عَنْ أَوْلَادٍ، فَلَا يَرِثُون نَصِيبَ أَبِيهِمْ مِنَ الوَلاَء، وَإِنَّمَا يَكُونُ لِعَمِّهم، وَهُوَ الِابْنُ الْآخَرُ.
يُقَالُ: فُلانٌ كُبْرُ قَوْمِه بالضَّم، إِذَا كَانَ أقْعَدَهم فِي النَّسَب، وهُو أَنْ يَنْتَسب إِلَى جَدِّه الأكْبَر بآبَاء أقلَّ عَدَدًا مِنْ بَاقِي عَشِيرته.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْعَبَّاسِ «أَنَّهُ كَانَ كُبْرَ قَومه» لِأَنَّهُ لَمْ يَبْق مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أقْربُ مِنْهُ إِلَيْهِ فِي حيَاته.
وَمِنْهُ حَدِيثُ القَسامة «الكُبْرَ الكُبْرَ» أَيْ لِيَبْدأ الأَكْبَر بِالْكَلَامِ، أَوْ قَدِّموا الأَكْبَرَ؛ إِرْشَادًا إِلَى الأدَب فِي تَقْدِيمِ الأسَنَّ.
ويُروَى «كَبِّرِ»
الكُبْرَ» أَيْ قَدِّم الأكْبر.
وَفِي حَدِيثِ الدَّفْن «ويُجْعَل الأَكْبَر ممَّا يَلِي القِبْلة» أَيِ الأفْضَل، فَإِنِ اسْتَوَوْا فالأسَنّ.
وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الزُّبير وهدْمهِ الْكَعْبَةَ «فَلَمَّا أبْرَز عَنْ ربضه دعا بكُبْره فَنَظروا إليه» أى بمشايخه وكُبَرائه. والكُبْر هاهنا: جمْع الأَكْبَر، كأحْمَر وَحُمْر.
وَفِي حَدِيثِ مَازِنٍ «بُعِثَ نَبيٌّ مِنْ مُضَر يَدْعو بِدِينِ اللَّهِ الكُبَرِ» الكُبَرُ:
جَمْع الكُبْرَى.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى «إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ»
وَفِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: بِشَرَائِعِ دِين اللَّهِ الكُبَر.
وَفِي حَدِيثِ الْأَقْرَعِ وَالْأَبْرَصِ «وَرِثْتُه كابِراً عَنْ كابِر» أَيْ وَرِثْتُه عَنْ آبَائِي وأجْدادي، كَبِيراً عَنْ كَبِيرٍ، فِي الْعِزِّ والشَّرَف.
(هـ) وَفِيهِ «لَا تُكَابِروا الصلاةَ بِمْثلها مِنَ التَّسْبيح فِي مَقام واحِد » كَأَنَّهُ ارادَ لاَ تُغَالِبوها: أَيْ خَفِّفوا فِي التَّسبيح بعْد التَّسليم.
وَقِيلَ: لَا يَكُن التَّسْبيحُ الَّذِي فِي الصَّلَاةِ أكْثَرَ مِنْهَا، ولْتَكُن الصَّلَاةُ زَائِدَةً عَلَيْهِ.
وَفِيهِ ذِكر «الكَبَائر» فِي غَيْرِ مَوضِع مِنَ الْحَدِيثِ، واحدتُها: كَبِيرَةٌ، وَهِيَ الفَعْلَة الْقَبِيحَةُ مِنَ الذُّنُوبِ المَنْهيِّ عَنْهَا شَرْعًا، العظِيمِ أمْرُها، كالقَتْل، وَالزِّنَا، والــفِرار مِنَ الزّحْف، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَهِيَ مِنَ الصِّفات الغالِبة.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ الإفْكِ «وَ [هُوَ] الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ
» أَيْ مُعْظَمه.
وَقِيلَ: الكِبْر: الْإِثْمُ، وَهُوَ مِنَ الكَبِيرة، كالخِطْء مِنَ الخَطيئة.
وَفِيهِ أَيْضًا «أَنَّ حَسَّانَ كَانَ ممَّنْ كَبُر عَلَيْهَا» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَذَابِ الْقَبْرِ «إِنَّهُمَا ليُعَذَّبان وَمَا يُعَذَّبان فِي كَبِير» أَيْ لَيْسَ فِي أمْرٍ كَانَ يَكْبُر عَلَيْهِمَا وَيَشُقُّ فِعْلُهُ لو أراده، لَا أَنَّهُ فِي نَفْسِه غيرُ كَبِيرٍ، وكَيْف لَا يَكُونُ كَبِيرا وَهُمَا يُعَذَّبان فِيهِ؟
(س) وَفِيهِ «لَا يَدخُلُ الجنةَ مَنْ فِي قَلْبه مِثقالُ حَبَّة من خَرْدَلٍ من كِبْر» يَعْني كبْر الكُفْر والشِّرك، كَقَوْلِهِ تَعَالَى «إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ» .
أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَابَلَه فِي نَقيضِه بِالْإِيمَانِ فَقَالَ: «وَلَا يَدْخُلُ النارَ مَنْ فِي قَلْبه مثْل ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ» أرادَ دُخول تأبيدٍ.
وَقِيلَ: أرادَ إِذَا أُدْخل الجنَّة نُزع مَا فِي قَلْبه مِنَ الكبْر، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: «وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ» *.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وَلَكِنَّ الكِبْر مَنْ بَطِرَ الْحَقَّ» هَذَا عَلَى الْحَذْفِ: أَيْ وَلَكِنْ ذُو الكِبْر مَنْ بَطِرَ الْحَقَّ، أَوْ وَلَكِنَّ الكِبْر كِبْرُ مَنْ بَطِر الحقَّ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: «وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى» .
وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «أَعُوذُ بِكَ مِنْ سُوء الكِبْر» يُرْوَى بِسُكُونِ الْبَاءِ وفَتْحها، فالسُّكون مِنَ الْأَوَّلِ، والفَتْح بِمَعْنَى الهَرَم والخَرَف.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ صَاحِبِ الْأَذَانِ «أَنَّهُ أخَذَ عُوداً فِي مَنامه لِيَتَّخِذ مِنْهُ كَبَراً» الكَبَر بِفَتْحَتين: الطَّبْل ذُو الرَّأسَين. وَقِيلَ: الطَّبْل الَّذِي لَهُ وَجْهٌ واحِد.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَطَاءٍ «سُئل عَنِ التَّعْويذ يُعَلَّق عَلَى الْحَائِضِ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ فِي كَبَرٍ فَلَا بَأس بِهِ» أَيْ فِي طَبْل صَغِير.
وَفِي رِوَايَةٍ «إِنْ كَانَ فِي قَصَبَة» .

كَفَلَ

(كَفَلَ)
- فِيهِ «أَنَا وكافِلُ اليَتيم كَهَاتَيْن فِي الجنَّة، لَهُ ولِغَيْره» الكَافِل: الْقَائِمُ بأمْرِ اليَتيم المُرَبِّي لَهُ، وَهُوَ مِنَ الكَفِيل: الضَّمِين.
والضَّميرُ فِي «لهُ» وَ «لِغَيْرِهِ» راجِعٌ إِلَى الكَافِل: أَيْ أنَّ اليَتِيم سَواء كَانَ لِلْكَافِل مِنْ ذَوِي رَحِمه وأنْسَابه، أَوْ كَانَ أجْنَبِيّاً لِغَيْره، تَكَفَّلَ بِهِ.
وَقَوْلُهُ «كَهَاتَيْنِ» إِشَارَةٌ إِلَى أصْبُعَيه السَّبَّابة والوسْطَى.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «الرَّابُّ كافِلٌ» الرَّابُّ: زَوْج أُمِّ اليَتِيم؛ لِأَنَّهُ يَكْفُلُ تَرْبِيَتَه ويَقوم بأمْره مَع أمِّه.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ وَفْد هَوازِن «وَأَنْتَ خَيْرُ المَكْفُولِين» يَعني رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيْ خَيْرُ مَن كُفِلَ فِي صِغَره، وأُرْضِع وَرُبِّيَ حَتَّى نَشأ، وَكَانَ مُسْتَرْضَعاً فِي بَنِي سَعْد بْنِ بَكْرٍ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْجُمُعَةِ «لَهُ كِفْلَان مِنَ الأجْر» الكِفْل بالكَسْر: الحَظُّ والنَّصِيب.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ مَجيء المسْتَضْعَفِين بِمَكَّةَ «وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَسَلَمَةُ بْنُ هِشَامٍ مُتَكَفِّلان عَلَى بَعير» يُقال: تَكَفَّلْت البَعِير وأَكْفَلْتُه: إِذَا أدَرْتَ حَوْل سَنَامِه كِساَءً ثُمَّ ركِبْتَه، وَذَلِكَ الكِسَاء: الكِفْل، بِالْكَسْرِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ جَابِرٍ «وَعَمَدْنا إِلَى أعْظَمِ كِفْل» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي رَافِعٍ «قَالَ: ذَلِكَ كِفْل الشَّيْطان» يَعْني مَقْعَده.
(هـ) وَحَدِيثُ النَّخَعِيّ «أَنَّهُ كَرِه الشُّربَ مِنْ ثُلْمة القَدح، وَقَالَ: إِنَّهَا كِفْلُ الشَّيْطَانِ» أرادَ أنَّ الثُّلْمَةَ مَرْكبُ الشَّيطان؛ لِمَا يَكُونُ عَلَيْهَا مِنَ الأوْسَاخ. (س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «ذَكَرَ فِتْنَة فَقَالَ: إِنِّي كائنٌ فِيها كالكِفْل، آخُذُ مَا أعْرِف وأتْرك مَا أُنْكِر» قِيلَ: هُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي آخرِ الحَرْب هِمَّتُه الــفِرَار.
وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَقْدِر عَلَى الرُّكوب والنُّهُوض فِي شَيْءٍ، فَهُوَ لازمٌ بَيْته.

مَرَنَ

(مَرَنَ)
(س) فِي حَدِيثِ النَّخَعيّ «فِي الْمَارِن الدِّيَةُ» المَارِنُ مِنَ الْأَنْفِ: مَا دُون القَصَبَة. والمَارِنان: المَنْخَرانِ.
مَرَنَ مَرَانَةً ومُرُونَةً ومُرُوناً: لانَ في صَلابَةٍ.
ومَرَّنْتُهُ تَمْريناً: لَيَّنْتُهُ.
ورُمْحٌ مارِنُ: صُلْبٌ لَدْنٌ.
ومَرَنَ وجْهُهُ على الأمْرِ: صَلُبَ.
وإنَّهُ لَمُمَرَّنُ الوَجْهِ، كمُعَظَّمٍ: صُلْبُهُ.
ومَرَنَ على الشَّيْءِ مُرُوناً ومَرانَةً: تَعَوَّدَهُ،
وـ بَعيرَهُ مَرْناً: دَهَنَ أسْفَلَ قوائِمِهِ مِنْ حَفاً به،
وـ به الأَرْض: ضَرَبَها به،
كَمَرَّنَها.
وكزُنَّارٍ: الرِّماحُ الصُّلْبَةُ اللَّدْنَةُ، الواحِدَةُ: مُرَّانَةٌ، وشَجَرٌ. وعُمَيْرُ بنُ ذي مُرَّانٍ: صَحابِيٌّ.
وذُهْلُ بنُ مُرَّانٍ: جُعْفِيٌّ.
والمَرْنُ: نباتٌ، والأديمُ المُلَيَّنُ، والفِراءُ، والجانِبُ، والكِسْوَةُ، والعَطاءُ، والــفِرارُ من العَدُوِّ. وككتِفٍ: العادَةُ، والصَّخَبُ، والقِتالُ، وبالتَّحْرِيكِ: خَشَبَتَانِ وَسَطَ الجِذْعِ يَنامُ عَلَيْهِمَا النَّاطُورُ.
وكسحابةٍ: ع، وناقَةٌ.
والتَّمَرُّنُ: التَّفَضُّلُ، والتَّظَرُّفُ.
والمارِنُ: الأنْفُ، أو طَرَفُهُ، أَو ما لانَ مِنْهُ، ومن الرُّمْحِ.
وأمْرانُ الذِّراعِ: عَصَبٌ فيها.
وأبُو مَرِينَا: سَمَكٌ.
وبَنُو مَرِينَا: قَوْمٌ من أهْلِ الحِيرَةِ.
ومَرَّنَهُ تَمْرِيناً فَتَمَرَّنَ: دَرَّبَهُ فَتَدَرَّبَ.
ومارَنَتِ النَّاقَةُ مُمَارَنَةً ومِراناً، وهي مُمارِنٌ: ظَهَرَ لَهُمْ أنها لاقِحٌ، ولم تَكُنْ، أو التي يَكْثُرُ ضِرابُها ثمَّ لا تَلْقَحُ، أو التي لا تَلْقَحُ حتى يَكُرَّ عليها الفَحْلُ.
ومَرَّانُ، كشَدَّادٍ: ة قُرْبَ مَكَّةَ.
ومُرِّينُ، بالضم: ة بِمِصْرَ.
وكزُبَيْرٍ: ة بِمَرْوَ.
والتَّمارُنُ: انْقِطاعُ لَبَنِ الناقَةِ.

مَزَنَ

(مَزَنَ)
- قَدْ تَكَرَّرَ فِيهِ ذِكْرُ «المُزْنِ» وَهُوَ الغَيْمُ والسَّحَابُ، وَاحِدَتُهُ: مُزْنَةٌ. وَقِيلَ:
هِيَ السَّحابَةُ البَيْضَاءُ.
مَزَنَ مَزْناً ومُزوناً: مَضَى لوَجْهِه، وذَهَبَ،
كتَمَزَّنَ، وأضاءَ وجْهُه،
وـ القِرْبَةَ: مَلأَها،
كمَزَّنَها،
وـ فلاناً: مَدَحَه، وفَضَّلَه، أو قَرَّظَه من وَرَائِهِ عند ذِي سُلْطانٍ.
والمُزْنُ، بالضم: السَّحابُ، أو أبْيَضُه، أو ذُو الماءِ،
القِطْعَةُ: مُزْنَةٌ، وامرأةٌ،
وبلا لامٍ: ة بسَمَرْقَنْدَ،
وقد يقالُ مُزْنَةُ،
ود بالدَّيْلَمِ، وبالتَّحْرِيكِ: العادَةُ، والطَّريقَةُ، والحالُ وليسَ بتَصْحيفِ مَرِنٍ.
والمازِنُ، كصاحِبٍ: بَيْضُ النَّمْلِ، وأبو قَبيلَةٍ، وماءٌ.
والمُزْنَةُ، بالضم: المَطْرَةُ.
وابنُ مُزْنَةَ، بالضم: الهِلالُ.
والتَّمَزُّنُ: التَّمَرُّنُ، والتَّسَخِّي، والتَّفَضُّلُ، والتَّظَرُّفُ، وإظهارُ أكثَرَ ممَّا عِنْدَكَ.
والتَّمْزِينُ: التفضِيلُ، والمَدْحُ، والتّقْرِيظُ. وكصَبورٍ: أرضُ عُمانَ.
وكجُهَيْنَةَ: قبيلَةٌ، وهو: مُزَنِيٌّ.
وهذا يَوْمُ مَزْنٍ، بالفتح: يَوْمُ فِرارٍ من العَدُوِّ.

طمءن

طمءن


طَمْأَنَ
a. see under
طَمَنَ

طمءن


طَمْأَنَ
a. [Min], Was at rest, free from.
b. Bent ( the back ).
إِطْمَأَنَّ
a. Relied upon, confided in.
b. [Ila], Rested, settettled down in, at ( a
place ).
إِطْمِئِنَان طُمَأنِيْنَة
a. Security, tranquillity, ease of mind.

مُطْمَئِنّ
a. Tranquil, secure, at rest.
b. Low, depressed (ground).
ط م ء ن : اطْمَأَنَّ الْقَلْبُ سَكَنَ وَلَمْ يَقْلَقْ وَالِاسْمُ الطُّمَأْنِينَةُ وَاطْمَأَنَّ بِالْمَوْضِعِ أَقَامَ بِهِ وَاتَّخَذَهُ وَطَنًا وَمَوْضِعٌ مُطْمَئِنٌّ مُنْخَفِضٌ قَالَ بَعْضُهُمْ وَالْأَصْلُ فِي اطْمَأَنَّ الْأَلِفُ مِثْلُ احْمَارَّ وَاسْوَادَّ لَكِنَّهُمْ هَمَزُوا فِرَارًــا مِنْ السَّاكِنَيْنِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسِ وَقِيلَ الْأَصْلُ هَمْزَةٌ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى الْمِيمِ لَكِنَّهَا أُخِّرَتْ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ بِدَلِيلٍ قَوْلِهِمْ طَأْمَنَ الرَّجُلُ ظَهْرَهُ بِالْهَمْزِ عَلَى فَأْعَلَ وَيَجُوزُ تَسْهِيلُ الْهَمْزَةِ فَيُقَالُ طَامَنَ وَمَعْنَاهُ حَنَاهُ وَخَفَضَهُ 

قضى

(قضى) حَاجته تقضية قَضَاهَا والأمير فلَانا جعله قَاضِيا وَأمره أَمْضَاهُ
(قضى)
قضيا وَقَضَاء وَقَضِيَّة حكم وَفصل وَيُقَال قضى بَين الْخَصْمَيْنِ وَقضى عَلَيْهِ وَقضى لَهُ وَقضى بِكَذَا فَهُوَ قَاض (ج) قُضَاة وَالله أَمر وَمِنْه قَوْله فِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَقضى رَبك أَلا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه} وَإِلَيْهِ أنهى إِلَيْهِ أمره وَمِنْه قَوْله فِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل فِي الْكتاب} وَالصَّلَاة وَالْحج وَالدّين أَدَّاهَا يُقَال قضى الْمَدِين الدَّائِن دينه أَدَّاهُ إِلَيْهِ وَالصَّلَاة أَدَّاهَا بعد مُضِيّ وَقتهَا وعبرته أنفد كل دُمُوعه وَالشَّيْء قدره وصنعه وَحَاجته نالها وَبَلغهَا وأجله بلغ الْأَجَل الَّذِي حدد لَهُ ونحبه مَاتَ وَيُقَال قضى فلَان مَاتَ وضربه فَقضى عَلَيْهِ قَتله وَيُقَال لَا أَقْْضِي مِنْهُ الْعجب (لَا يسْتَعْمل إِلَّا منفيا)
قضى
قضى يَقْضي قَضَاءً وقَضِيَّةً: أي حَكَمَ.
وقَضى إليه عَهْداً: أي وَصِيَّةً. وقَضى عليه المَوْتُ: أي غَلَبَه.
والانْقِضَاءُ: فَنَاءُ الشَّيْءِ وذَهَابُه، وكذلك التَّقَضِّي.
والقاضِيَةُ: المَنِيَّةُ التي تَقْضي وَحِيّاً.
وقَضِيَ السِّقَاءُ فهو قَضٍ: طالَ تَرْكُه في مَكانٍ فَفَسَدَ وبَلِيَ.
وقَضِيَ الثَّوْبُ: إذا أخْلَقَ.
والقَضَاءُ: الصُّنْعُ، قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: " فَقَضَاهُنّ سَبْعَ سَمواتٍ في يَوْمَيْنِ " أي صَنَعَهُنَّ. وقُضِيَ قَضَاؤكَ: أي فُرِغَ من أمْرِكَ.
والقِضَةُ: نَباتٌ في السهْل، وجَمْعُها قِضىً وقِضِيْنَ.
وقِضْ - في قَوْل ابنِ الدُّمَيْنَةِ -: حِكايَةُ صَوْتِ الرُّكْبَةِ عند القِيَام والتَّحَرُّكِ.
وقَضِئَتِ الثِّيَابُ قَضَأً - مَهْمُوْزٌ -: إذا طُوِيَتْ وفيها نُدُوَّةٌ ثم نُشِرَتْ وقد تَهَافَتَتْ وعَفِنَتْ. وقِرْبَةٌ قَضِئَةٌ.
وقَضِئَتْ عَيْنُه قَضأً: أي قَرِحَتْ، ورَجُلٌ قَضئُ العَيْنِ.
وما في حَسَبِه قُضْأةٌ: أي عَيْبٌ وضَعَةٌ. وهم يَتَقَضَّأوْنَ منه: أي يَسْتَخِسُّوْنَ حسبه.
وقَضِئْتُ الشَّيْءَ أقْضَأه: أكَلْتَه.
وقولُه سُبْحانَه وتعالى: " وقَضَيْنا إلى بَني إسرائيلَ " أي أعْلَمْناهم.
ق ض ى: (الْقَضَاءُ) الْحُكْمُ وَالْجَمْعُ (الْأَقْضِيَةُ) . وَ (الْقَضِيَّةُ) مِثْلُهُ وَالْجَمْعُ (الْقَضَايَا) . وَ (قَضَى) يَقْضِي
بِالْكَسْرِ (قَضَاءً) أَيْ حَكَمَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] . وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْفَرَاغِ تَقُولُ: قَضَى حَاجَتَهُ. وَضَرَبَهُ (فَقَضَى) عَلَيْهِ أَيْ قَتَلَهُ كَأَنَّهُ فَرَغَ مِنْهُ. وَ (قَضَى) نَحْبَهُ مَاتَ. وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْأَدَاءِ وَالْإِنْهَاءِ تَقُولُ: قَضَى دَيْنَهُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ} [الإسراء: 4] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ} [الحجر: 66] أَيْ أَنْهَيْنَاهُ إِلَيْهِ وَأَبْلَغْنَاهُ ذَلِكَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ} [يونس: 71] يَعْنِي: امْضُوا إِلَيَّ كَمَا يُقَالُ: قَضَى فُلَانٌ أَيْ مَاتَ وَمَضَى. وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الصُّنْعِ وَالتَّقْدِيرِ، يُقَالُ: قَضَاهُ أَيْ صَنَعَهُ وَقَدَّرَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 12] ، وَمِنْهُ (الْقَضَاءُ) وَالْقَدَرُ. وَبَابُ الْجَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ. وَيُقَالُ: (اسْتُقْضِيَ) فُلَانٌ أَيْ صُيِّرَ (قَاضِيًا) . وَ (قَضَّى) الْأَمِيرُ قَاضِيًا بِالتَّشْدِيدِ مِثْلُ أَمَّرَ أَمِيرًا. وَ (انْقَضَى) الشَّيْءُ وَ (تَقَضَّى) بِمَعْنًى. وَ (اقْتَضَى) دَيْنَهُ وَ (تَقَاضَاهُ) بِمَعْنًى. وَ (قَضَّى) لُبَانَتَهُ وَقَضَاهَا بِمَعْنًى. وَ (تَقَضَّى) الْبَازِي انْقَضَّ. وَأَصْلُهُ تَقَضَّضَ فَلَمَّا كَثُرَتِ الضَّادَاتُ أَبْدَلُوا مِنْ إِحْدَاهُنَّ يَاءً. 
[قضى] القَضاءُ: الحكم، وأصله قَضايٌ لانه من قضيت، إلا أن الياء لما جاءت بعد الالف همزت. والجمع الاقضية. والقضية مثله، والجمع القضايا على فعالى، وأصله فعائل. وقضى، أي حَكَمَ، ومنه قوله تعالى: (وقَضى ربكَ ألا تَعْبُدوا إلا إياهُ) . وقد يكون بمعنى الفراغ، تقول: قَضَيْتُ حاجتي. وضربه فقَضى عليه، أي قتَلَه، كأنه فرغ منه. وسَمٌّ قاضٍ، أي قاتلٌ. وقَضى نحبَه قَضاءً، أي مات. وقد يكون بمعنى الأداء والإنهاء. تقول: قَضَيْتُ دَيْني. ومنه قوله تعالى: (وقَضَيْنا إلى بَني إسرائيلَ في الكتاب) . وقوله تعالى: (وقضينا إليه ذلك الأمرَ) ، أي أنهيناه إليه وأبلغناه ذلك. وقال الفراء في قوله تعالى: (ثم اقْضوا إليَّ) يعني امضوا إلي، كما يقال: قَضَى فلانٌ، أي مات ومضى. وقد يكون بمعنى الصنع والتقدير، قال أبو ذؤيب: وعليهما مَسْرودَتانِ قَضاهُما * داوُدُ أو صَنَعُ السَوابغِ تُبَّعُ يقال: قَضاهُ أي صنعه وقدَّره: ومنه قوله تعالى: (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَمواتٍ في يوميْن) . ومنه القضاء والقدر. ويقال: اسْتُقْضِيَ فلانٌ، أي صُيِّرَ قاضِياً. وقَضَّى الأمير قاضِياً، كما تقول: أمَرَّ أميرا. وانقضى الشئ وتقضى بمعنى. واقْتَضى دينه وتَقاضاهُ بمعنًى. وقَضُّوا بينهم مَنايا، بالتشديد، أي أنفذوها. وقضى اللبانة أيضا بالتشديد، وقضاها بالتخفيف، بمعنى. والقَضَّاءُ من الدروع: المحكمة، ويقال الصُلبة. قال النابغة:

ونَسْجُ سُلَيْمٍ كل قضاء ذائل * (*) وتقضى البازى، أي انقض، وأصله تقضض فلما كثرت الضادات أبدلت من إحداهن ياء. قال العجاج:

تَقَضِّيَ البازي إذا البازي كَسَرْ * والقضة مخففة: نبت ينبت في السهل، وهي منقوصة. قال أبو عبيد: هي من الحَمْض والهاء عوض. وقضة أيضا: موضع كانت به وقعة تحلاق اللمم ; ويجمع على قضات وقضين.

قض

ى1 قَضَى He finished a thing entirely, by word, or by deed. This is the primary meaning. (Bd, ii. 111.) By word, as in وَقَضَى رَبُّكَ (Idem, ibid.) And thy Lord hath commanded decisively. (Idem, xvii. 24.) And by deed, as in فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمٰوَاتٍ [Kur, xli. 11, And he completed them seven heavens]. (Idem, ii. 11.) b2: And He (God) desired a thing so as to necessitate its being. (Idem, ii. 11.) b3: إِذَا قَضَى أَمْرًا, [Kur, ii. 111,] When He (God) desireth a thing to be. (Bd, Jel.) b4: [Thus it signifies He decreed a thing; ordained it; pronounced it; or decided it judicially.] b5: قَضَى عَلَيْهِ, aor. قَضِىَ

, inf. n. قَضَآءٌ &c., He decided judicially, or judged, against him; and بَيْنَ الخَصْمَيْنِ between the two litigants. (TA.) See قَدْرٌ. b6: [He completed; accomplished; or fully performed; a thing.] b7: قَضَى He attained, or obtained, or accomplished, his want. (Msb.) b8: [He paid, discharged, or satisfied, a debt, due, claim, or demand.] b9: قَضَيْتُهُ حَقَّهُ I gave him [or paid him] his due, (Msb,) fully. (Har, p. 22.) b10: قَضَى عَنْهُ (S, K, in art. جزى, &c.) He, or it, payed; or made, or gave, or rendered, satisfaction; for him. (TK in that art.) And followed by شَيْئًا [He paid a thing for him, or in his stead; gave, or rendered, it as a satisfaction; lit. and fig.] (S, TA in that art., and Bd in ii. 45.) See جَزَى عَنْهُ; and see a verse cited voce دَانَ, in art. دين. b11: He finished doing a thing: he finished his prayer. (TA.) He performed, fulfilled, or accomplished, the pilgrimage, syn. أَدَّى, (Msb,) and the religions rites and ceremonies of the pilgrimage, (Bd, Jel in ii. 196,) syn. قَضَىَ بِهِ. (Jel, ibid, Msb.) b12: You also say, حَكَمَ بِهِ He decreed it; &c.; like حَكَمَ بِهِ: see an ex. voce سُلْطَانٌ. b13: قَوْلُهُ مَمَّا يَقْضِى العَجَبَ [His saying such a thing is of the things that induce wonder in the utmost degree]. (TA in art. جلب.) See Har, p. 22. b14: وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِى إِسرائِيلَ (Kur, xvii. 4): see إِلَى. b15: قَضُوَ: see غَزُوَ, and هَيُؤَ, and بُطُآنَ; and see طَمُعَ in the S.3 قَاضَاهُ He cited him before a judge. (TA.) 5 تَقَضَّىَ see 7.6 تَقاَضَاهُ الدَّيْنَ He took, or received, from him the debt. (M, K.) b2: See 10. b3: and see تَشَارَيَا. 7 انقضى and ↓ تقضّى

It passed away; came to an end, or to nought; became cut off. (K, TA.) 8 اِقْتَضَى كَذَا It required such a thing: it required the inference of such a thing: it necessarily implied, or involved, such a thing as its consequence or concomitant; it required such a thing to be conceded; it necessitated such a thing. b2: اِقْتَضَاهُ حَقَّهُ He demanded of him his due. (MA.) b3: إِقْتَضَيْتُ مِنْهُ حَقِّى

I took, or received, from him my due. (Mgh, Msb.) 10 اِسْتَقْضَيْتَهُ I demanded of him the giving [or payment] of my due, (Msb, K, *) or debt; (K;) and in like manner دَيْنِى ↓ تَقَاضَيْتُهُ and بِدَيْنِى. (Mgh.) قَضَآءٌ a term of the law; opposed to أَدَآءٌ, which see: and see an ex. cited voce صَحَّ. b2: A decree; an ordinance; a sentence, or a judicial decision. See عُودٌ, حُكْمٌ and دِينٌ. b3: قَضَآءٌ The exercise of the office of a kádee. [You say]

القَضَآءُ جَمْرٌ [meaning, the exercise of the office of a Kádee is one that often leads to hell]. (L, art. عود.) قَضِيَّةٌ A thing; an affair; a matter; a case; an event; an action: significations well known, but not found by me in any classical writing, nor in any lexicon, excepting as implied when the word is used in explanations: syn. أَمْرٌ and شَأْنٌ. b2: A case of law. (L in art. جهد.) b3: قَضِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ [A universal or general prescript, rule, or canon]. (Kull, voce قَاعِدَة, p. 290; KT, in explanation of the same word.) b4: قَضِيَّةٌ in logic, A proposition.

مُقْتَضَى

[Exigence.] b2: مُقْتَضَى اللَّفْظِ That which the word, or expression, indicates. (ElFárábee, Msb, voce مُعْنًى.)
قضى
الْقَضَاءُ: فصل الأمر قولا كان ذلك أو فعلا، وكلّ واحد منهما على وجهين: إلهيّ، وبشريّ. فمن القول الإلهيّ قوله تعالى:
وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ
[الإسراء/ 23] أي: أمر بذلك، وقال: وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ
[الإسراء/ 4] فهذا قَضَاءٌ بالإعلام والفصل في الحكم، أي: أعلمناهم وأوحينا إليهم وحيا جزما، وعلى هذا: وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ [الحجر/ 66] ، ومن الفعل الإلهيّ قوله: وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ
[غافر/ 20] ، وقوله: فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ [فصلت/ 12] إشارة إلى إيجاده الإبداعيّ والفراغ منه نحو: بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [البقرة/ 117] ، وقوله:
وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ
[الشورى/ 14] أي: لفصل، ومن القول البشريّ نحو: قضى الحاكم بكذا، فإنّ حكم الحاكم يكون بالقول، ومن الفعل البشريّ: فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ
[البقرة/ 200] ، ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ
[الحج/ 29] ، وقال تعالى: قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَ
[القصص/ 28] ، وقال: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً [الأحزاب/ 37] ، وقال: ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ
[يونس/ 71] أي: افرغوا من أمركم، وقوله: فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ
[طه/ 72] ، إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا [طه/ 72] ، وقول الشاعر:
قَضَيْتُ أمورا ثمّ غادرت بعدها
يحتمل القَضَاءَ بالقول والفعل جميعا، ويعبّر عن الموت بالقضاء، فيقال: فلان قَضَى نحبه، كأنه فصل أمره المختصّ به من دنياه، وقوله: فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ [الأحزاب/ 23] . قيل قَضَى نذره، لأنه كان قد ألزم نفسه أن لا ينكل عن العدى أو يقتل، وقيل:
معناه منهم من مات ، وقال تعالى: ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ
[الأنعام/ 2] قيل:
عني بالأوّل: أجل الحياة، وبالثاني: أجل البعث، وقال: يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ
[الحاقة/ 27] ، وقال: وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ [الزخرف/ 77] وذلك كناية عن الموت، وقال: فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ [سبأ/ 14] وقَضَى الدّينَ: فصل الأمر فيه بردّه، والِاقْتِضَاءُ:
المطالبة بقضائه، ومنه قولهم: هذا يَقْضِي كذا، وقوله: لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ
[يونس/ 11] أي: فرغ من أجلهم ومدّتهم المضروبة للحياة، والقَضَاءُ من الله تعالى أخصّ من القدر، لأنه الفصل بين التّقدير، فالقدر هو التّقدير، والقضاء هو الفصل والقطع، وقد ذكر بعض العلماء أنّ القدر بمنزلة المعدّ للكيل، والقضاء بمنزلة الكيل ، وهذا كما قال أبو عبيدة لعمر رضي الله عنهما لما أراد الــفرار من الطّاعون بالشام:
أتفرّ من القضاء؟ قال: أفرّ من قضاء الله إلى قدر الله ، تنبيها أنّ القدر ما لم يكن قضاء فمرجوّ أن يدفعه الله، فإذا قضى فلا مدفع له ويشهد لذلك قوله: وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا
[مريم/ 21] وقوله: كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا [مريم/ 71] ، وَقُضِيَ الْأَمْرُ [البقرة/ 210] أي:
فصل تنبيها أنه صار بحيث لا يمكن تلافيه.
وقوله: إِذا قَضى أَمْراً [آل عمران/ 47] .
وكلّ قول مقطوع به من قولك: هو كذا أو ليس بكذا يقال له: قَضِيَّةٌ، ومن هذا يقال: قضيّة صادقة، وقضيّة كاذبة ، وإيّاها عنى من قال:
التّجربة خطر والقَضَاءُ عسر، أي: الحكم بالشيء أنه كذا وليس بكذا أمر صعب، وقال عليه الصلاة والسلام: «عليّ أَقْضَاكُمْ» .
[قضى] نه: في ح الحديبية: هذا ما «قاضى» عليه محمد صلى الله عليه وسلم، هو فاعل من القضاء: الفصل والحكم، لأنه كان بينه وبين أهل مكة، وأصله الع والفصل، وقضاء الشيء: إمضاؤه وإحكامه والفراغ منه، فيكون بمعنى الخلق، الأزهري: هو لغة على وجوه مرجعها إلى انقطاع الشيء وتمامه، وكل ما أحكم عمله أو أنتم أو أدى أو اوجب أو أعلم أو أنفذ او أمضى فقد قضى. ومنه: «القضاء» المقرون بالقدر، والمراد به التقدير وبالقضاء الخلق نحو «فقضهن» سبع سموات» أي خلقهن، فهما متلازمان فالقدر كالأساس والقضاء كالبناء، فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم البناء. ك: القضاء الأمر الكلي الإجمالي حكم في الأزل. والقدر جزئيات ذلك الكلي مفصلات. ز: ظاهر هذا عكس ما في النهاية: نه:ألا تعبدوا» أي حكم. وكانت «القاضية»، أي المنية التي لا حياة بعدها. و ««قضى» أجلًا» ختمه وأتمه.
قضى: قضى. قضى به: يقال قضى الأمر فجاء به، أي جمع بين شيئين. (ويجرز ص40، ص135 رقم 207، عباد 2: 63).
قضى بحقه: أبدى له كل مظاهر الاحترام التي يستحقها. (فريتاج طرائف ص50).
قضى: أدى الدين. ويقال أيضا قضى ل (أماري ديب ص35).
قضى: أدى ما عليه من فرائض دينية كان قد أهملها بعد مضي وقتها (معجم البلاذري).
قضى (بالتشديد): أدى الدين. (فوك).
قضى وكفى، يقال مثلا: هذا يقضيني أي هذا يكفيني (بوشر).
قضى: احتل، يقال مثلا: هذا يقضيه موضع صغير أي هذا يحتل موضعا صغيرا. (بوشر).
قاضى. قاضي فلانا: عقد معاهدة واتفاقا معه. (معجم البلاذري). وفي كتاب محمد بن الحارث (ص218): فلما امتنع الفهري بغرناطة واضطره الأمير عبد الرحمن رحمه الله إلى النزول واشتراط بحضور القاضي يحيى فحضر وكتب في كتاب المقاضاة وذلك بمحضر يحيى بن يزيد قاضي الجماعة.
أقضى: أدى الدين. (فوك).
أقضى: فاوض، تفاوض، (الكالا).
تقضى. تقضى الوقت: مر، مضى. ففي المقري (1:310): أيام تقضت بروضة. وفيه (1: 311): عصر لنا تقضى بالسد- (المقري 1: 705).
تقضى: أدى الدين. (فوك).
تقضى: بمعنى قضى وقضى. ففي ويجرز (ص22):
ألا هل إلى الزهراء أوبة نارنج ... تقضت مبانيها مدامعه نزحا.
تقاى. تقاضيا: عقدا معاهدة. (معجم البلاذري).
انقضى. انقضى على: آل إلى، انتهى إلى. ففي القلائد (مخطوطة 1، 1: 194): لا تفعل شيئا حتى هذا المساء وعندئذ أخبرك ما تنقضي عليه القضية.
وفي المطبوع من القلائد (ص118): تنبني.
انقضى دينه: مات. (وك) وهذا كما تقول بالفرنسية: أدى دينه إلى الطبيعة والفطرة ..
انقضى الشيء: فني وانصرم. والعبارة التي نقلها فريتاج مأخوذة من طرائف دي ساسي (2: 65).
اقتضى: تطلب، توخى. (بوشر).
اقتضى: صار لابد منه، ولا غنى عنه. وفي محيط المحيط اقتضى الأمر الوجوب دل عليه، واقتضى الحال كذا استدعاه واستوجبه. وفي طرائف دي ساسي (1: 114): كان حنفيا ثم تحول شافعيا بعد مدة لأمر اقتضى ذلك. وفيها (1: 143): كان عرض له أمر اقتضى له الخروج من عدن إلى برعجم. وفيها (2: 401): وقد اشتملت هذه الأبيات على ما يقتضي الكشف عنه، أي قد اشتملت هذه الأبيات على ما يحتاج إلى تفسير، (المقري 1: 282، 137، حياة صلاح الدين ص144).
بحسب اقتضاء الحال: بحسب الحاجة، بحسب الضرورة (بوشر).
اقتضى: طلب شيئا من أحد، وتطلبه منه. ففي النويري (أفريقية ص47 ق): ثم اقتضاهم الجواب.
اقتضى: بمعنى أراد، وشاء، وابتغى، وتوخى فيما يظهر.
لا يقتضي: استهجن. استقبح، استنكر، ففي القلائد (ص45): (دخل المرية وعليه أسمال لا تقتضيها الآداب، ولا يرتضيها إلا الانتحاب والانتداب).
اقتضى إلى: اضطر إلى، أحوج إلى. (بوشر).
ويقال اقتضى ب: ففي حياة صلاح الدين (ص205): اقتضى الحال بفقد أحوال القدس.
اقتضى: حصل على، كسب. اكتسبن نال. ففي القلائد (ص192): سار مطلقا العنان لفرسه فلم يروا إلا منهجهن ولا اقتضوا عوضا منه الارهجه ..
اقتضى: احتكر، احتاز، تملك، ففي انتيشيوس (2: 161): أخذت الأموال فاقتضيتها لنفسك.
اقتضى: استرد. ففي رياض النفوس (ص59 ق): وحين كان بمكة رغبت إليه أخته والتمست منه أن يعود إلى المغرب فأجابها ما كنت لأدع بلدا عرفت الله عز وجل فيه وامضي إلى بلد عصيت الله تعالى فيه أخشى أن تقتضيني العوائد.
أرضى، أشبع رغبته، شفي غلته. ففي ابن طفيل (ص197): إما مال يجمعه أو لذة ينالها أو شهوة يقتضيها أو غيظ يتشفى به. اقتضى: دعا إليه، تطلبه، عين موعده. ففي ويجرز (ص22): وأيام وصل بالعقيق اقتضيته. وانظر (ص76 رقم 42). غير أني أفضل في البيت الخامس والخمسين معنى كان لابد منه ولا غنى عنه.
اقتضى: تضمن، احتوى، اشتمل على (ميرسنج ص25، ص41 رقم 170)، وفي المقري (1: 97): سأله: ما رأيك في قرطبة؟ فخاطبه على ما يقتضيه كلام عامة الأندلس بقوله جوفها شمام، وغربيها قمام، الخ. وفي شكوري (ص187 ق): وكان خلط هذا الورم يقتضي الحدة والحرافة. (الملابس ص379 رقم 1). وفي زيشر (20: 487): ولولا خشية التطويل لذكرت جميع أسماء الكتب وذكرت كل كتاب وما يتقضى وما يختص. (انظر: مقتضى).
استقضى. استقضى الدين: طلب أن يقضيه. (محيط المحيط، معجم ابن جبير، رياض النفوس (91 ق).
استقضى فلانا: استخدمهن استعمله. ففي ألف ليلة (2: 75: وإذا بعكام نزل من فوق بغلته وقبل يد شاه بندر التجار وقال له والله زمان يا سيدي ما استقضيتنا في تجارات.
قضاء: عمل القاضي، وظيفة القاضي (بوشر) وقد كثر ذكر الكلمة عند المؤلفين.
قضاء المناكح والخطبة أو الخطابة كما في مخطوطة برلين، وتعني في غرناطة وظيفة القاضي الذي يتولى لفصل في أمور الزواج. ففي كتاب الخطيب (ص28 ق): ولي قضاء المناكح والخطبة بالحضرة.
(انظر قاضي الانكحة في تونس في رحلة ابن بطوطة (1: 15).
قضاء: سلطة قضائية، امتداد سلطة القاضي في الولاية. (بوشر).
قضاء: رد، إرجاع الشيء لصاحبه، تأدية، (الكالا) وفيه ( Restitucion = خلف).
قضاء: اتفاق، معاهدة. (معجم البلاذري).
عمرة القضاء أو عمرة القضية: عمرة النبي (صلى الله عليه وسلم) في شهر ذي القعدة من السنة السابعة من الهجرة، وقد أطلق عليها هذه الاسم لأنه عقد هدنة مع سهيل بن عمرو مندوب أهل مكة الذي منعه من قضاء العمرة في السنة السابقة. (قاضي سهيل بن عمرو على الهدنة) أي صالحه على الهدنة. (معجم البلاذري) قضية: أمر، حادث، واقعة، (بوشر، الكالا، معجم الطرائف، وانظر في مادة أنقضى، كوسج طرائف ص86، المقدمة 3: 396).
على أدنى قضية: على أمر تافه، على لا شيء (بوشر).
ما هو قضية: هذا ليس ضروريا. (بوشر).
قضية: دعوى. ففي طرائف كوسج (ص49): وشهود كل قضية اثنان.
قضية، في اصطلاح المنطق: قول يصح أن يقال لقائله إنه صادق فيه أو كاذب. (فوك، بوشر، المقدمة 2: 371).
قضية في اصطلاح الرياضيات: نظرية يطلب إثباتها بالبرهان. (بوشر).
قضية: اتفاق، معاهدة. (معجم البلاذري) عمرة القضية: انظر عمرة القضاء.
قضية: جملة، عبارة. (بوشر).
قضية جزئية: من الجزء إلى الكل، من الخاص إلى العام. (بوشر).
قضية حملية: مقولة، لفظ كلي يمكن ان يدخل محمولا في قضية (فوك).
قضية شاهدة: شهادة، بينة. (فوك).
قضاوة: قضاء؛ سلطة قضائية. (بوشر). قضاء. قضا شغل: خبير في الأعمال (بوشر).
رجل قضاء أشغال: رجل أعمال. (بوشر). قاض. قاضي الجماعة في الأندلس وأفريقية هو ما يسمى قاضي القضاة في المشرق. وقضاء الجماعة: وظيفة قاضي الجماعة وعمله. (كاترمير البكري ص144) وقد أطلق على قاضي الجماعة في الأندلس اسم قاضي الجند لأن هؤلاء القضاء ينتمون إلى أجناد العرب أي الطبقة العليا من الجند وسراتهم، وذلك حتى سنة 250 من الهجرة حين عين السلطان محمد مولى لأسرته في هذه الوظيفة، وهو عمرو بن عبد الله فأطلق على نفسه لقب قاضي الجماعة (انظر ابن القوطية ص30 وانظر كتاب محمد بن الحارث ص218، ص282).
قاضي العرب: هو قاض يفصل في القضايا عند أهل البادية، وهو لا يحكم حسب الشريعة بل وفق العرف والعادة. (بركهارت البدو ص68، برقون 2: 87).
قاضي الانكحة: قاضي الزواج. (ابن بطوطة 1: 15). وانظرها في مادة قضاء.
قاض: عند الكالا. ( escrivano principal) وقد ترجمها تبريجا بكلمة scriba والنائب العام للأسقف ووكيل الأسقف.
مقتضى، مطلوب، مستحق، واجب الأداء، فرض (بوشر).
من غير مقتضى: بطيب خاطر، بسرور (بوشر).
من مقتضيات الطبيعة أن: من الطبيعي أن (بوشر).
مقتضى الحال: ما يتطلبه الحال. (ميهرن بلاغة ص17).
مقتضى: حال، ظرف، شأن وضع. (معجم الإدريسي).
على مقتضى، وبمقتضى (معجم فريتاج): بحسب، بموجب وفقا ل. تبعا. طبعا. (دي ساسي طرائف 1: 108، 2: 64).
حسب مقتضى القوانين. حسب دقة القوانين وصرامتها. (بوشر).
ومقتضى ذلك أن: وينتج عن ذلك أن (بوشر).
مقتضى: دائم، مستمر، مطرد. ففي الجوبري (ص61 ق): ويكون مقتضى الذي كتبته.
مقتضيات: احتمالات، إمكانات. وقد ذكرها فريتاج عن شلتنز، وقد اقتبسها شلتنز من ابن الطفيل (ص125).

دَدَنَ 

(دَدَنَ) الدَّالُ وَالدَّالُ وَالنُّونُ كَلِمَتَانِ: إِحْدَاهُمَا اللَّهْوُ وَاللَّعِبُ، يُقَالُ دَدَنٌ وَدَدٌ. قَالَ:

أَيُّهَا الْقَلْبُ تَعَلَّلْ بِدَدَنْ ... إِنَّ هَمِّي فِي سَمَاعٍ وَأَذَنْ

وَمِنْ هَذَا اشْتُقَّ السَّيْفُ الدَّدَانُ; لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ، كَأَنَّهُ لَيْسَ بِحَادٍّ فِي مَضَائِهِ. وَالْكَلِمَةُ الْأُخْرَى: الدَّيْدَنُ: الْعَادَةُ.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ. 

ٌ وَسَبِيلُ هَذَا سَبِيلُ مَا مَضَى ذِكْرُهُ، فَبَعْضُهُ مُشْتَقٌّ ظَاهِرُ الِاشْتِقَاقِ، وَبَعْضُهُ مَنْحُوتٌ بَادِيَ النَّحْتِ، وَبَعْضُهُ مَوْضُوعٌ وَضْعًا عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي مِثْلِهِ.

فَمِنَ الْمُشْتَقِّ الْمَنْحُوتِ (الدُّلَمِصُ) ، وَ (الدُّمَلِصُ) : الْبَرَّاقُ. فَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مِنَ الشَّيْءِ الدَّلِيصِ، وَهُوَ الْبَرَّاقُ، وَقَدْ مَضَى.

وَمِنْ ذَلِكَ (الدِّفْنَسُ) ، وَهُوَ الرَّجُلُ الدَّنِيُّ الْأَحْمَقُ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الدَّفِنْسُ، وَالْفَاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَإِنَّمَا الْأَصْلُ الدَّالُ وَالنُّونُ وَالسِّينُ.

وَمِنْ ذَلِكَ (الدَّرْقَعَةُ) ، وَهُوَ الْــفِرَارُ. فَالزَّائِدَةُ فِيهِ الْقَافُ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الدَّالِ وَالرَّاءِ وَالْعَيْنِ.

وَمِنْهُ (الِانْدِرَاعُ) فِي السَّيْرِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ.

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ (ادْرَعَفَّتِ) الْإِبِلُ، إِذَا مَضَتْ عَلَى وُجُوهِهَا. وَيُقَالُ (اذْرَعَفَّتْ) بِالذَّالِ. وَالْكَلِمَتَانِ صَحِيحَتَانِ; فَأَمَّا الدَّالُ فَمِنَ الِانْدِرَاعِ، وَأَمَّا الذَّالُ فَمِنَ الذَّرِيعِ. وَالْفَاءُ فِيهِمَا جَمِيعًا زَائِدَةٌ.

وَمِنْ ذَلِكَ (الدَّهْكَمُ) ، وَهُوَ الشَّيْخُ الْفَانِي، وَالْهَاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مَنْ دَكَمْتُ الشَّيْءَ وَتَدَكَّمَ، إِذَا كَسَرْتَهُ وَتَكَسَّرَ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ. وَقَالَ قَوْمٌ: (التَّدَهْكُمُ) : الِانْقِحَامُ فِي الشَّيْءِ، وَهُوَ ذَاكَ الْقِيَاسُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. وَمِنْ ذَلِكَ (الدَّلَهْمَسُ) ، وَهُوَ الْأَسَدُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: سُمِّيَ بِذَاكَ لِقُوَّتِهِ وَجُرْأَتِهِ. وَهِيَ عِنْدَنَا مَنْحُوتٌ مِنْ كَلِمَتَيْنِ: مِنْ دَالَسَ وَهَمَسَ. فَدَالَسَ: أَتَى فِي الظَّلَامِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ، وَهَمَسَ كَأَنَّهُ غَمَسَ نَفْسَهُ فِيهِ وَفِي كُلِّ مَا يُرِيدُ. يُقَالُ: أَسَدٌ هَمُوسٌ. قَالَ:

فَبَاتُوا يُدْلِجُونَ وَبَاتَ يَسْرِي ... بَصِيرٌ بِالدُّجَى هَادٍ هَمُوسُ

وَمِنْ ذَلِكَ (دَغْمَرْتُ) الْحَدِيثَ، إِذَا خَلَطْتَهُ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ فِي قَوْلِهِ:

وَلَمْ يَكُنْ مُؤْتَشَبًا دِغْمَارَا

قَالَ: الْمُدَغْمَرُ: الْخَفِيُّ. وَهَذِهِ مَنْحُوتَةٌ مِنْ كَلِمَتَيْنِ: دَغَمَ، يُقَالُ أَدْغَمْتَ الْحَرْفَ فِي الْحَرْفِ إِذَا أَخْفَيْتَهُ فِيهِ، وَقَدْ فَسَّرْنَاهُ، وَمِنْ دَغَرَ، إِذَا دَخَلَ عَلَى الشَّيْءِ. وَقَدْ مَضَى.

وَمِنْ ذَلِكَ (دَرْبَخَ) إِذَا تَذَلَّلَ. وَالدَّالُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مَنْ دَبَّخَ، يُقَالُ: مَشَى حَتَّى تَدَبَّخَ، أَيِ اسْتَرْخَى.

وَمِنْ ذَلِكَ (دَمْشَقَ) عَمَلَهُ، إِذَا أَسْرَعَ فِيهِ. وَالدَّالُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مَشَقَ، وَهُوَ الطَّعْنُ السَّرِيعُ، وَقَدْ فُسِّرَ فِي كِتَابِ الْمِيمِ.

وَمِنْ ذَلِكَ (الدُّمَّرِغُ) وَهُوَ الْأَحْمَقُ، وَالدَّالُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مِنَ الْمَرْغِ وَهُوَ مَا يَسِيلُ مِنَ اللُّعَابِ، كَأَنَّهُ لَا يُمْسِكُ مَرْغَهُ. وَمِنْ ذَلِكَ (الدِّعْبِلُ) ، وَهُوَ الْجَمَلُ الْعَظِيمُ. وَهُوَ مَنْحُوتٌ مِنْ كَلِمَتَيْنِ مِنْ دَبَلْتُ الشَّيْءَ، إِذَا جَمَعْتَهُ، وَقَدْ مَضَى، وَهَذَا شَيْءٌ عَبْلٌ. وَيَجِيءُ تَفْسِيرُهُ.

وَمِنْ ذَلِكَ (الدُّمْلَُجُ) وَ (الدَّمْلَجَةُ) ، وَاللَّامُ فِيهِ زَائِدَةٌ. وَهُوَ مِنْ أَدْمَجْتُ، وَقَدْ فَسَّرْنَاهُ. وَالدُّمُْلَجُ: الْمِعْضَدُ مِنَ الْحَلْيِ.

وَمِنْ ذَلِكَ (الدَّعْلَجَةُ) ، وَهُوَ الذَّهَابُ وَالرُّجُوعُ وَالتَّرَدُّدُ، وَبِهِ يُسَمُّونَ الْفَرَسَ " دَعْلَجًا "، وَالْعَيْنُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ الدَّلَجُ وَالْإِدْلَاجُ.

وَمِنْ ذَلِكَ (دَخْرَصَ) فُلَانٌ الْأَمْرَ، إِذَا بَيَّنَهُ. وَإِنَّهُ لَ (دِخْرِصٌ) ، أَيْ عَالِمٌ. وَالْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ الدَّالُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مَنْ خَرَصَ الشَّيْءَ، إِذَا قَدَّرَهُ بِفِطْنَتِهِ وَذَكَائِهِ.

وَمِنْ ذَلِكَ (الدَّخْمَسَةُ) ، وَهُوَ كَالْخِبِّ وَالْخِدَاعِ، وَهِيَ مَنْحُوتَةٌ مِنْ كَلِمَتَيْنِ: مِنْ دَخَسَ وَدَمَسَ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا.

وَمِنْ ذَلِكَ (الدَّنْخَسُ) وَهُوَ الشَّدِيدُ اللَّحْمِ الْجَسِيمُ. وَالنُّونُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مِنَ اللَّحْمِ الدَّخِيسِ، وَقَدْ مَضَى.

وَمِنْ ذَلِكَ (تَدَرْبَسَ) الرَّجُلُ، إِذَا تَقَدَّمَ. وَأَنْشَدَ: إِذَا الْقَوْمُ قَالُوا مَنْ فَتًى لِمُهِمَّةٍ ... تَدَرْبَسَ بَاقِي الرِّيقِ فَخْمُ الْمَنَاكِبِ

وَالدَّالُ زَائِدَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الرَّاءِ وَالْبَاءِ وَالسِّينِ. يُقَالُ ارْبَسَّ ارْبِسَاسًا، إِذَا ذَهَبَ فِي الْأَرْضِ.

وَمِنْ ذَلِكَ (الدَّلْمَسُ) ، وَهِيَ الدَّاهِيَةُ، وَهِيَ مَنْحُوتَةٌ مِنْ كَلِمَتَيْنِ. مِنْ دَلَسَ الظُّلْمَةُ، وَمِنْ دَمَسَ، إِذَا أَتَى فِي الظَّلَامِ.

وَمِنْ ذَلِكَ (الدَّغَاوِلُ) وَهِيَ الْغَوَائِلُ، وَالْوَاوُ فِيهَا زَائِدَةٌ، وَهُوَ مِنْ دَغَلَ.

وَمِنْ ذَلِكَ (الِادْرِنْفَاقُ) ، وَهُوَ السَّيْرُ السَّرِيعُ. وَهَذَا مِمَّا زِيدَتْ فِيهِ الرَّاءُ وَالنُّونُ; وَإِنَّمَا هُوَ مَنْ دَفَقَ، وَأَصْلُهُ الِانْدِفَاعُ. وَالدُّفْقَةُ مِنَ الْمَاءِ: الدُّفْعَةُ. وَقَدْ مَضَى.

وَمِنْ ذَلِكَ (الدُّعْثُورُ) ، وَهُوَ الْحَوْضُ الَّذِي لَمْ يُتَنَوَّقْ فِي صَنْعَتِهِ. قَالَ: الْعَدَبَّسُ: " الدُّعْثُورُ: [الْحَوْضُ] الْمُتَثَلِّمُ "، وَهَذَا مِمَّا زِيدَتْ فِيهِ الْعَيْنُ. وَهُوَ مِنْ دَثَرَ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ دَعَثَ، وَقَدْ مَضَى.

وَيُقَالُ (ادْرَمَّجَ) ، إِذَا دَخَلَ فِي الشَّيْءِ وَاسْتَتَرَ. وَالرَّاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ دَمَجَ.

وَمِنْ ذَلِكَ (الدُّمْلُوكُ) ، وَالْحَجَرُ (الْمُدَمْلَكُ) ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ دَلَكْتُ.

وَمِنْ ذَلِكَ (دَغْفَقْتُ) الْمَاءَ: صَبَبْتُهُ، وَالْغَيْنُ زَائِدَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ دَفَقْتُ. وَمِنْ ذَلِكَ (الدُّحْمُسَانُ) : الْأَسْوَدُ، وَالْحَاءُ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مِنَ الدَّسَمِ، وَهُوَ عِنْدَنَا مَوْضُوعٌ وَضْعًا. وَقَدْ يَكُونُ عِنْدَ سِوَانَا مُشْتَقًّا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

نزو

نزو

1 نَزَا عَلَى الأُنْثَى He (a solid-hoofed, or cloven hoofed, animal, and a wild beast,) leaped the female; (S, &c.;) and so نَزَا alone, elliptically. b2: نَزَتْ حَنْجَزَتُهُ, said of a camel: see عَزَفَ.
(ن ز و) : (النَّزْوُ) وَالنَّزَوَانُ الْوَثْبُ وَقَوْلُهُ (تَنْزُو وَتَلِينُ) مِنْ أَمْثَالِ الْعَرَبِ وَلَعَلَّ غَرَضَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ ضَرْبِ هَذَا الْمَثَلِ أَنَّهُ عَنْ قَرِيبٍ يَفْتُرُ عَنْ مُبَاشَرَتِهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ نَشِطَ لِذَلِكَ.
ن ز و
فحل نزّاء، وفيه نزاء، ونزا على طروقته. ونزا الفارس على فرسه.


ومن المجاز: قلبه ينزو إلى كذا: ينازع إليه. وهو يتنزّى إلى الشرّ: يتسرّع إليه. ونزا الطعام: غلا. وعن النضر قال أبو طيبة رجل من بلعدوية: قد نزا البرّ في القنبع وهو وعاء الحبّ إذا جرى فيه. وأكمة نازية: مرتفعة عما حولها كأنّها نزت عن وجه الأرض. وقصعة نازية: قريبة القعر.
نزو النَزْوُ: الوَثَبَانُ. والنّازِيَةُ: حِدَةُ الرَّجُلِ المُتَنَزّي إلى الشَّرِّ، وهي النَّوَازي. وقَلْبُه يَنْزُو إلى كذا: أي يُنَازعُ. وقَصعَةٌ نازِيَة القَعْرِ: أي قَعِيْرَةٌ. والنُّزَاءُ: النزَوَانُ. وَنزَا الطعَامُ يَنزُو نَزْواً وُلزُوّاً: إذا غَلا وارْتَفَعَ. وَلزَا البُرُ في القُنْبُعِ: جَرى فيه الماءُ. والنّازِيَةُ: أكَمَة تَرْتَفِعُ عَمّا حَوْلها. والنَّزِيةُ: ما فاجَأكَ من المَطَرِ والشَّر، وكذلك نَزِيَّةُ الشَّوْقِ. والنَزِيةُ: من أسماء السَّحَابِ. وغُرَابُ الفَأسِ.

نزو


نَزَا(n. ac. نَزْونُزَآء []
نُزُوّ []
نَزَوَاْن)
a. Leapt, bounded.
b. ['Ala], Leapt, covered.
c. Assailed.
d.(n. ac. نَزَوَاْن) ['An], Escaped from.
e. [Ila
or
Bi], Yearned for; inclined to.
f. Was dear (corn).
g. [pass.
نُزِيَ ), Lost all blood.

نَزَّوَa. see I (b) (c).
c. Made to leap, &c.

أَنْزَوَa. see II (c)b. Made to bleed.

تَنَزَّوَa. Leapt, jumped.
b. see I (c)c. Was hastened.

تَنَاْزَوَa. Vied together.

إِنْتَزَوَa. see I (e)b. Was agitated.

نَزْوَة []
a. Short.

نَزًا a. [Ila], Prone to.
نَازِيَة []
a. Impetuosity; impulsiveness.

نِزَآء []
a. Start; leap, bound.

نُزَآء []
a. see 23Ab. A disease.

نَزِيّa. Ready for mischief.
b. Pugnacious.
c. A certain fish.

نَزِيَّة []
a. fem. of
نَزِيْوb. Cloud
c. Deep (dish).
نَزَّآء []
a. see 25 (a) (b).
نَزَوَان []
a. Violence.
b. Attack, fit; paroxysm; crisis.

مُتَنَزٍّ [ N.
Ag.
a. V]
see 25 (a)
نزو: انزى الفحل على الأنثى: أي جعله يثب عليها (محيط المحيط، ابن العوام 1: 33، واقرأ انزاء أيضا 34: 2 عباد 2: 152).
انتزى على: ثار على السلطان، أعلن الانفصال أو الاستقلال (عباد 1: 263 رقم 33 وهذه الكلمة كثيرا ما تتردد في معجم البربرية).
انتزى على: استحوذ على، استولى على (عباد 1: 1 والكلمة شائعة في البربرية).
نزا: كومة من الأحجار المتراكمة الواحدة فوق الأخرى تشير إلى الحرص الديني للمسافرين الذين يقصدون موضع أحد الشهداء الذين يقصدون موضع أحد الشهداء الذي قتل غيلة ولم يثأر له (كاريت جغرافيا 123 [ naza: نزا] بارت W 243) والكلمة هنا تكتب مثلما تنطق.
نزوة والجمع نزوات: هجمة، ضربة وفي المعنى المجازي لضربة الحظ أو ضربة القدر (في معجم مسلم) وضربة الرعب (في معجم الكامل 414: 12 وحيان 11): ذو الأخبار العظيمة والنزوات الشنيعة والفتكات المشهورة (المقري 2: 717).
نزوة: تمرد، ثورة (ابن الابار 88: 2): وتمهد ابن ابنه هذا مهاد الطاعة من بعد نزوات سلفه (عباد 2: 158).
نزوة: نزق، حدة، وقاحة، سفاهة، تصرف فظ (عبد الواحد 61: 3): حملني على ذلك نزوة الصبي.
نزو
نزا/ نزا إلى يَنزُو، انْزُ، نَزْوًا ونُزُوًّا ونَزَوانًا، فهو نازٍ، والمفعول مَنْزُوّ إليه
• نزا الثَّوْرُ: وثَب على أنْثاه "نزا التَّيْسُ".
• نزا قلبُه إلى الشّيءِ: طمِح إلى بلوغِه "نزا قلبُه إلى الكمال/ التفوّق- نزت به نفسه إلى رحلة سياحيّة". 

نازيّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى نازيَّة: وهي مذهب سياسي أسسه هتلر الزعيم الألماني المعروف "مواقف نازيّة- اشتهر الحكم النازيّ بالإرهاب".
2 - من كان من أتباع النازيّة. 

نازيَّة [مفرد]
• النَّازيَّة: (سة) عقيدة قوميَّة ألمانيّة أسَّسها هتلر عام 1923م تقوم على الادّعاء بتفوّق الجنس الجرْمانيّ "اعتنق النازيّة- كان من أنصار النازيّة". 

نَزْو [مفرد]: مصدر نزا/ نزا إلى. 

نَزَوان [مفرد]: مصدر نزا/ نزا إلى. 

نَزْوَة [مفرد]: ج نَزَوات ونَزْوات:
1 - اسم مرَّة من نزا/ نزا إلى ° ثارت في رأسه نزوةُ الغضب: حدّته- نزوات الشباب: تقلُّباته- هو ذو نَزَوات: لا يستقرّ على حال.
2 - (نف) هوًى مفاجئ شديد لشيء ما مثل زيّ أو أغنية أو كتاب أو حلية وسرعان ما يزول "نزوات القلب: نزعاته الشديدة وميله القويّ- كان حبُّه لها نزوة عابرة". 

نُزُوّ [مفرد]: مصدر نزا/ نزا إلى. 
[ن ز و] النُّزاءُ: الوَثْبُ، وخَصَّ بَعضُهمِ بِه الوَثْبَ إلَى فَوق، نَزَا يَنْزو نَزْواً، ونُزَاءً، ونُزُوّا، ونَزَوَاناً، وتَنَزَّي، ونَزَّي، قال:

(أَنا شَماطِيطُ الَّذي حُدِّثْتَ بِهْ ... )

(مَتَى أُنَبَّهْ للًِغَدَاءِ أَنْتَبِهْ ... )

(ثُمَّ أُنزِّ حَوْلَه وأَحْتَبِهْ ... )

(حَتَّي يُقالَ سَيِّدٌ ولَسْتُ بِهْ ... )

الهَاءُ في أَحْتَبِهْ زَائِدَةٌ للوَقْفِ، وإنَّما زَادَها للوَصْلِ، لا فائِدَةَ لها أكْثَرُ من ذَلِكَ، ولَيَسَتْ بضَمِيرٍ. لأَنَّ أحْتَبَي غَيرُ مُتَعَدٍّ. وأَنْزَاهُ ونَزَّاهُ تَنْزِيَةً وتَنْزِياً. قال:

(باَتَ يُنَزِّي دَلْوَه تَنْزِيَّا ... )

(كَما تَنَزِّي شَهْلَةٌ صَبَياَّ ... )

والنُّزاءُ: دَاءٌ يَأْخُذُ الشَّاء فَتَنْزُوِ مِنْه حَتَّى تَمُوتَ. ونَزَا بِه قَلْبُه: طَمَحَ. والنَّزَوانُ: التَّقَلُّبُ والسَّوْرَةُ. وإنَّه لَنَزِيٌّ إلَى الشَّرِّ، ونَزَّاءٌ، ومُتَنَزِّ، أي: سَوَّارٌ إليه. والعَربُ تَقُولُ: ((إذاَ نَزَا بَكَ الشَّرُّ فاقْعُدْ)) يُضْرَبُ مَثَلاً للَّذي يُحَرِّضُ عَلَى أَنْ لا يَسْأَمَ الشَّرَّ حَتَّي يَسْأَمَه صَاحِبُه. والنَّازيةُ: الحدَّةُ والباردةُ ونَزَتِ الخَمْرُ تَنْزُو: مُزِجِتْ فَوثَبَتْ. ونَوازِي الخَمْرِ: جَنَادِعُها عِنْدَ المَزْجِ، وفي الرَّأْسِ. ونَزَا الطَّعَامُ نَزْواً: عَلاَ وارْتَفَعَ. والنُّزاءُ، والنِّزاءُ: سِفادُ الظِّلْفِ والحَافِرِ والسَّبُعِ، وعَمَّ بَعضُهم به جَميعَ الدَّوابِّ، وقَد نَزَا يَنْزُو نِزَاءً، وأَنْزَيْتَه. وقَصْعَةٌ نَازِيَةُ القَعْرِ: قَعِيرةٌ، ونَزِيَّةٌ إذاَ لم تَذْكُرِ القَعْرِ. ونَزِيَ الرَّجُلُ، كنُزِف، وفي الحَديثِ: ((أنَّ رَجُلاً أَصَابَتْه جِراحَةٌ فَنُزِيَ مِنْها)) ، حَكاهُ الهَرَوِيُّ في الغَرِيبَيْنِ.
نزو
: (و ( {نَزَا) } يَنْزُو ( {نَزْواً) بِالْفَتْح، (} ونُزاءً، بالضَّمِّ، {ونُزُوًّا) ، كعُلُوَ، (} ونَزَواناً) ، محرَّكةً (وَثَبَ) ، وخَصَّ بعضُهم بِهِ الوَثْبَ إِلَى فَوْق، وَمِنْه {نَزْو التَّيْس؛ وَلَا يقالُ إلاَّ للشَّاءِ، والدَّوابِّ والبَقَرِ فِي مَعْنى السِّفاد.
ويقالُ:} نَزَوْتُ على الشيءِ: وَثَبْتُ.
قَالَ ابنُ الْأَثِير: وَقد يكونُ فِي الأجْسامِ والمَعاني؛ وقالَ صَخْرُ بنُ عَمْرٍ والسّلَميُّ أَخُو الخَنْساء:
أَهُمُّ بأَمْرِ الحَزْم لَو أَسْتَطِيعُه
وَقد حِيلَ بَيْنَ العَيْرِ {والنَّزَوانِ وَقد صارَ ذلكَ مَثَلاً.
وَفِي المَثَل أَيْضاً:
} نَزْوُ الــفُرَارِ اسْتَجْهَلَ الــفُرارا وَقد ذُكِرَ فِي الراءِ (! كنَزَّى) ، بالتَّشْديدِ، وَمِنْه قولُ الراجزِ:
أَنا شَماطِيطُ الَّذِي حُدِّثْتُ بِهْ مَتى أُنَبَّهْ للغَداءِ أَنْتَبِهْ ثُمَّ {أُنَزّ حَوْلَه وأَحْتَبِهْ (} وأَنْزاهُ {ونَزَّاهُ} تَنْزِيَةً {وتَنْزِيًّا) ؛ وَمِنْه حديثُ عليَ: (أُمِرْنا أنْ لَا} نُنْزِيَ الحُمُر على الخَيْلِ) ، أَي لَا نَحْمِلهَا عَلَيْهَا للنَّسْلِ، أَي لعَدَمِ الانْتِفاعِ بهَا فِي الجِهادِ وغيرِهِ؛ وَقَالَ الشاعرُ:
بانَتْ {تُنَزِّي دَلْوَ} تَنْزِيّا
كَمَا تُنَزِّي شَهْلةٌ صَبِيّا (و) من المجازِ: ( {نَزَا بِهِ قَلْبُه) : أَي (طَمَحَ) ونازَعَ إِلَى الشيءِ.
(و) } نَزَتِ (الحُمُرُ) {تَنْزُو} نَزْواً: (وَثَبَتْ مِن المَراحِ) ، أَي مَرَحَتْ فوَثَبَتْ.
(و) مِن الْمجَاز ِنَزَا (الطَّعامُ) {يَنْزُو نَزْواً: (غَلاَ) ، أَي عَلا سِعْرُه وارْتَفَعَ.
(} والنَّزَوانُ، محرَّكةً: التَّقَلُّبُ) ؛ كَذَا فِي النُّسخِ والصَّوابُ التَّفَلُّتُ، (والسَّوْرةُ) يكونُ مِن الغَضَبِ وغيرِهِ.
(وإنَّه {لَنَزِيٌّ إِلَى الشَّرِّ، كغَنِيَ،} ونَزَّاءٌ) ، كشَدَّادٍ، ( {ومُنْتَزٍ) ؛ كَذَا فِي النسخِ وَفِي بعضِها} ومُتَنَزٍّ؛ أَي (سَوَّارٌ إليهِ) .
وَفِي الأساسِ: مُتَسارِعٌ إِلَيْهِ، وَهُوَ مجازٌ.
ويقولونَ: إِذا! نَزَا بكَ الشَّرُّ فاقْعُد؛ يُضْرَبُ مَثَلاً للَّذي يَحْرِصُ على أَنْ لَا يَسْأَمَ الشرَّ حَتَّى يَسْأَمَه صاحِبُه.
( {والنَّازِيَةُ: الحِدَّةُ) .
وقالَ اللّيْثُ: حِدَّةُ الرَّجُلِ} المُتَنَزِي إِلَى الشَّرِّ، وَهِي {النَّوازِي.
(و) } النَّازِيَةُ: (البادِرَةُ.
(و) النَّازِيَةُ: (القَعيرةُ مِن القِصاعِ) . يقالُ: قَصْعَةٌ {نازِيَةُ القَعْرِ، أَي قَعيرَةٌ.
وَفِي الصِّحاح والأساس: النازِيَةُ قصْعَةٌ قرِيبَةُ القَعْرِ.
(} كالنَّزِيَّةِ) ، كغَنِيَّةٍ.
(و) النَّازِيَةُ: (عَيْنُ) ثرَةَ على طرِيقِ الآخِذِ مِن مكَّة إِلَى المدينَةِ (قُرْبَ الصَّفْراءِ) وَهِي إِلَى المدينَةِ أقْرَبُ وإليها مُضافَة.
قالَ ياقوتُ: وَقد جاءَ ذِكْرُها فِي سِيرَةِ ابْن إِسْحق؛ وَكَذَا قَيَّدَه ابنُ الفُراتِ، كأنَّه مِن نَزَا يَنْزو إِذا طفرَ. والنازِيَةُ فيمَا حُكِي عَنهُ: رحْبَةٌ واسِعَةٌ فِيهَا عِضاهٌ ومُرُوجٌ.
( {والنَّزَاءُ، كسَماءٍ وكِساءٍ) ؛ هَكَذَا فِي النسخِ والصَّوابُ كغُرابٍ وكِساءٍ كَمَا وُجِدَ مَضْبوطاً فِي نسخِ المُحْكم، والكَسْر نقلَهُ الكِسائي؛ (السِّفادُ) ، يقالُ ذلكَ فِي الظِّلْف والحافِرِ السَّبُع، وعَمَّ بعضُهم بِهِ جَمِيعَ الدَّوابِّ؛ وَقد نَزَا الذَّكَرُ على الأَنْثَى نِزاءً، بالكسْر.
(} وتَنَزَّى: تَوَثَّبَ وتَسَرَّعَ) إِلَى الشَّرِّ؛ وأنْشَدَ الجَوْهري لنُصَيْبِ:

كأنَّ فُؤادَهُ كُرةٌ تَنَزَّى
حِذارَ البَيْنِ لَو نَفَعَ الحِذارُ ( {ونُزِيَ، كعُنِي: نَزِقَ) ؛ كَذَا فِي النسخِ والصَّوابُ نُزِفَ بالفاءِ زنَةً ومعْنى. يقالُ: أَصابَهُ جُرحٌ} فنُزِيَ مِنْهُ فماتَ، وذلكَ إِذا أَصابَتْه جِراحَةٌ فجرَى دَمُه وَلم يَنْقَطِعْ. وَمِنْه حديثُ أَبي عامِرٍ الأشْعري: (أَنه رُمِيَ بسَهْمٍ فِي رُكْبتِه فنُزِيَ مِنْهُ فماتَ) .
( {والنَّزْوَةُ: القَصيرُ) ؛ عَن الفرَّاء.
(و) } نَزْوَةُ: (جَبَلٌ بعُمانَ) وليسَ بالساحِلِ، عنْدَه عِدَّةُ قُرى كِبار يُسَمَّى مَجْموعُها بِهَذَا الاسْمِ، فِيهَا قَوْمٌ مِن العَرَبِ خَوارِجُ إِباضِيَّةِ، يُعْمَلُ بهَا صنْفٌ مِن ثِيابِ الحريرِ فائِقَة، عَن ياقوت.
(و) {النَّزِيَّةُ، (كغَنِيَّةٍ: السَّحابُ) .
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: النَّزِيَّةُ، بغيرِ هَمْز: مَا فاجَأَكَ مِن مَطَرٍ.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
} الأنْزَاءُ: حَرَكاتُ التُّيوسِ عنْدَ السِّفادِ؛ عَن الفرَّاء.
ويقالُ للفَحْل: إنَّه لكثيرُ النِّزاءِ، بالكَسْر، أَي النَّزْو.
{والنُّزاءُ، كغُرابٍ: داءٌ يأْخُذُ الشاءَ} فتَنْزُو مِنْهُ حَتَّى تموتَ، نقلَهُ الجَوْهري، وكَذلكَ النُّقازُ.
قَالَ ابنُ برِّي عَن أَبي عليَ: النُّزاءُ فِي الدابَّة، مثْلُ القُماصِ.
ونَزَا عَلَيْهِ {نَزْواً: وَقَعَ عَلَيْهِ ووَطِئَهُ.
وانْتَزَى على أَرْضِ كَذَا فأخَذَها: أَي تَسَرَّعَ إِلَيْهَا.
} ونَوازِي الخَمْرُ: جَنادِعُها عنْدَ المَزْجِ وَفِي الرأْسِ.
! والنَّزِيَّةُ، كغَنِيَّة: مَا فاجَأَكَ من شَوْقٍ؛ عَن ابنِ الْأَعرَابِي؛ وأَنْشَدَ:
وَفِي العارِضِينَ المُصْعِدينَ نَزِيَّةٌ
من الشَّوْقِ مَجْنُوبٌ بِهِ القَلْبُ أَجْمَعُوهو أيْضاً مَا فاجَأَكَ من شَرَ.
وأَيْضاً: غُرابُ الفأْسِ.
{وأَنْزَى مِن ظَبْيٍ؛ قالَ ابنُ حَمْزة: هُوَ مِن} النَّزَوانِ لَا {النَّزْو.
} ونِزْوا، بالكَسْر مَقْصورٌ: ناحِيَةٌ بعُمانَ، عَن نَصْر.
والنِّسْبَةُ إِلَى {النَّزْوَةِ الَّتِي بعُمانَ} نَزْويٌّ {ونَزْوَانيٌّ.

الْكَبِيرَة

(الْكَبِيرَة) الْإِثْم الْكَبِير الْمنْهِي عَنهُ شرعا كَقَتل النَّفس (ج) كَبَائِر وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {الَّذين يجتنبون كَبَائِر الْإِثْم وَالْفَوَاحِش إِلَّا اللمم}
الْكَبِيرَة: مَا كَانَ حَرَامًا مَحْضا، وَقد أورد الشَّيْخ أَبُو طَالب الْمَكِّيّ قدس سره فِي (قُوَّة الْقُلُوب) ، أَن الْكَبَائِر سَبْعَة عشر، أَرْبَعَة فِي الْقلب: وَهن: الاشراك، والاصرار على حب الْمعْصِيَة، وَالْقَصْد عِنْدَمَا يعْتَقد أَنَّهَا صَغِيرَة، واليأس من روح الله، وَأَرْبَعَة فِي اللِّسَان: وَهن: شَهَادَة الزُّور المعطلة للحق، وَالسحر، وَالْقسم الْكَاذِب، وَالْقَذْف الْمُوجب للحد. وَثَلَاثَة فِي الْبَطن: شرب الْخمر، وَمَال الْيَتِيم والربا، وَاثْنَتَانِ فِي الْفرج: الزِّنَا واللواط، وَاثْنَتَانِ فِي الْيَد: وهما فِي غَايَة السوء، السّرقَة وَالْقَتْل بِغَيْر حق، وَوَاحِدَة فِي الرجل: الْهَرَب من قتال الْكَافرين، وَآخر الْأَشْيَاء وتتعلق بِجَمِيعِ الْجَسَد وَهِي: (عقوق الْوَالِدين) .
الْكَبِيرَة: مَا كَانَ حَرَامًا مَحْضا شرع عَلَيْهَا عُقُوبَة بِنَصّ قَاطع فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَفِي تعدادها اخْتِلَاف فَإِنَّهُ روى عبد الله بن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهَا تسع الشّرك بِاللَّه - وَقتل النَّفس بِغَيْر حق - وَقذف المحصنة - وَالزِّنَا - والــفرار من الزَّحْف - وَالسحر - وَأكل مَال الْيَتِيم - وعقوق الْوَالِدين الْمُسلمين - والإلحاد فِي الْحرم -.
وَزَاد أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أكل الرِّبَا - وَزَاد أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ كرم الله وَجهه السّرقَة - وَشرب الْخمر - وَلَيْسَ المُرَاد بالشرك القَوْل بالإلهين بل المُرَاد بِهِ الْكفْر مُطلقًا سَوَاء كَانَ بإنكار الألوهية أَو النُّبُوَّة أَو شَيْء من أَحْكَامهَا وَإِنَّمَا خص بِالذكر لِكَثْرَة وجوده فِي بِلَاد الْعَرَب أَو لكَونه أَعلَى أَفْرَاد الْكفْر. قيل المُرَاد بِالسحرِ الْعَمَل بِهِ. وَأما التَّعْلِيم والتعلم فجوزه بَعضهم وَمنعه بَعضهم. وَالْحق أَن المُرَاد بِهِ التَّعْلِيم والتعلم وهما حرامان لَا الْعَمَل بِهِ فَإِنَّهُ كفر بالِاتِّفَاقِ وَحِينَئِذٍ ينْدَفع الِاعْتِرَاض بِأَن انحصار الْكَبِيرَة فِي التسع بَاطِل لِأَن المُرَاد بالشرك أما مُطلق الْكفْر فالسحر دَاخل فِيهِ فَتكون ثَمَانِي لَا تسعا وَإِلَّا فَتبقى أَنْوَاع الْكفْر سوى اعْتِقَاد الشَّرِيك فِي وجوب الْوُجُود كاتخاذ الْوَلَد وإنكار النُّبُوَّة وَإِثْبَات الحيز والجهة لله تَعَالَى خَارِجَة عَن الْكَبِيرَة فَافْهَم.
وَقَالَ أفضل الْمُتَأَخِّرين الشَّيْخ عبد الْكَرِيم رَحمَه الله تَعَالَى وَيُؤَيّد مَا ذكرنَا يَعْنِي أَن المُرَاد بِالسحرِ هَا هُنَا تعلمه وتعليمه مَا وَقع فِي رِوَايَة أبي طَالب الْمَكِّيّ رَحمَه الله تَعَالَى أَن الْكَبِيرَة سَبْعَة عشر وَبَينهَا إِلَى أَن قَالَ أَرْبَعَة فِي اللِّسَان هِيَ شَهَادَة الزُّور - وَقذف المحصنة - وَالْيَمِين الْغمُوس - وَالسحر - حَيْثُ جعل السحر من الْكَبِيرَة الَّتِي فِي اللِّسَان وَمَا فِي اللِّسَان إِلَّا تَعْلِيمه وتعلمه انْتهى.
وَلَا يخفى أَن هَذَا إِنَّمَا يتم إِذا كَانَ الْعَمَل بِالسحرِ فِي غير اللِّسَان وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَنَّهُ لَا بُد فِي الْعَمَل بِهِ من القَوْل بِاللِّسَانِ كأسامي الشَّيَاطِين وَغَيرهَا. وَقيل إِن الصَّغِيرَة والكبيرة اسمان إضافيان حَتَّى أَن كل سَيِّئَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا فَوْقهَا صَغِيرَة وبالنسبة إِلَى مَا دونهَا كَبِيرَة. وَالْحق أَن الْكَبَائِر مُمَيزَة عَن الصَّغَائِر بِالذَّاتِ كَمَا يدل عَلَيْهِ ظَاهر قَوْله تَعَالَى {وَأَن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ} لِأَنَّهُ لَا يتَصَوَّر حِين كَونهمَا إضافيين اجْتِنَاب الْكَبَائِر إِلَّا بترك جَمِيع المنهيات سوى وَاحِدَة هِيَ دون الْكل وَهَذَا خَارج عَن طوق الْبشر.

مُؤْصَدَةٌ

{مُؤْصَدَةٌ}
وسأل نافع بن الأزرق عن قوله تعالى: {مُؤْصَدَةٌ}
قال ابن عباس: مُطبِقة. واستشهد بقول الشاعر:
تحِنُّ إلى أجبال مكةَ نساقتي. . . ومن دونِنا أبوابُ صنعاءَ موصَدَه (تق) وفي (ك، ظ) قال ابن عباس: أبواب النار على الكفار مطبقة. وسقط من (ط) .
= الكلمة من آيتى: الهمزة في نار الله الموقدة، نذيراً لكل همزةٍ لمزةٍ:
{إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} 7.
والبلد 20: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (19) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ}
ولم يأت في القرآن من المادة غي هذه الصيغة في الأيتين. ومعهما (الوصيد) في آية الكهف: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًــا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا}
فسرها بـ: مطبقة كذلك، البخاري وأبو عبيدة والفراء. وقيل فيها أيضاً: مغلقة، وقيل مبهمة لا يدرى ما داخلها (القرطبي) ، يقال: آصدت، وأوصدت إيصاداً، وقيل: يجوز أن تكون قراءة موصدة، من آصدت وسهل الهمزة.
وتفسير مؤصدة بمطبقة أولى من مغلفة. ومعنى الإطباق مُستفاد كذلك من لفظ "عليهم" إذ تفيد من الملاصقة والإطباق المباشر ما لا تفيد "فوقهم" لاحتمال أن تكون الفوقية غير كلاصقة ولا مطبقة.
وأما الإيصاد فأصل معناه: الإغلاق المحكم. والعربية استعملت الوصيد للبيت الحصين يُتخذ للمال من حجارة في الجبال. واستوصد في الجبل: اتخذ فيه وصيداً. ولا نخطئ دلالة الإيصاد على الإغلاق المحكم في الآيات الثلاث للمادة: نار الله الموقدة، مؤصدة على كل هُمَزَةٍ لمزة، وعلى الذين كفروا أصحاب المشأمة، وكلب أهل الكهف باسط ذراعيه بالوصيد. وقد لمح "الراغب" معنى الإحكام مع الإطباق، فقال في آيتى الهمزة والبلد: يقال أوصدت الباب أي أطبقته وأحكمته. والوصيد المتقارب الأصول (المفردات) ولم أدر وجه تقارب الأصول في الوصيد، وإنما يفهم من قربِ بمعنى الباب الموصد بإحكتم. واكتفى "ابن الأثير" بالإغلاق فقال في حديث الغار "فوقع الجبل على باب الكهف فأوصده". أي سده. يقال: أوصدت الباب وأصدته إذا أغلقته. (النهاية) .
ولا ترى الإيصاد مجرد إغلاق، وإنما هو السدّ المحكم والإطباق كما يُفهم من نص الحديث: فوقع الجبل على باب الكهف فأوصده"
وهو القريب المتبادر أيضاً في الشاهد من قول الشاعر:
* ومن دونا أبوابُ صنعاءَ موصده *

علم التفسير

علم التفسير
وهو: علم باحث عن معنى نظم القرآن، بحسب الطاقة البشرية، وبحسب ما تقتضيه القواعد العربية.
ومباديه: العلوم العربية، وأصول الكلام، وأصول الفقه، والجدل،... وغير ذلك من العلوم الجمة.
والغرض منه: معرفة معاني النظم.
وفائدته: حصول القدرة على استنباط الأحكام الشرعية، على وجه الصحة.
وموضوعه: كلام الله - سبحانه وتعالى - الذي هو: منبع كل حكمة، ومعدن كل فضيلة.
وغايته: التوصل إلى فهم معاني القرآن، واستنباط حكمه، ليفاز به إلى السعادة الدنيوية، والأخروية.
وشرف العلم وجلالته، باعتبار شرف موضوعه وغايته، فهو أشرف العلوم، وأعظمها.
هذا ما ذكره: أبو الخير، وابن صدر الدين.
وذكر العلامة الفناري، في تفسير الفاتحة، فصلا مفيدا في تعريف هذا العلم، ولا بأس بإيراده، إذ هو مشتمل على لطائف التعريف.
قال مولانا: قطب الدين الرازي، في: (شرحه للكشاف) : هو ما يبحث فيه عن مراد الله - سبحانه وتعالى - من قرآنه المجيد، ويرد عليه: أن البحث فيه ربما كان عن أحوال الألفاظ، كمباحث: القراءات، وناسخية الألفاظ، ومنسوخيتها، وأسباب نزولها، وترتيب نزولها،... إلى غير ذلك.
فلا يجمعها حده، وأيضا يدخل في البحث في الفقه الأكبر، والأصغر، عما يثبت بالكتاب، فإنه بحث عن مراد الله - تعالى - من قرآنه، فلا يمنعه حده، فكان الشارح التفتازاني إنما عدل عنه لذلك، إلى قوله:
هو: العلم الباحث عن: أحوال ألفاظ كلام الله - سبحانه وتعالى، من حيث: الدلالة على مراد الله - تعالى -.
ويرد على مختاره أيضا: وجوه.
الأول: أن البحث المتعلق بألفاظ القرآن، ربما لا يكون بحيث يؤثر في المعنى المراد بالدلالة والبيان، كمباحث علم القراءة، عن أمثال التفخيم، والإمالة، إلى ما لا يحصى، فإن علم القراءة: جزء من علم التفسير، أفرز عنه لمزيد الاهتمام إفراز الكحالة من الطب، والفرائض من الفقه، وقد خرج بقيد الحيثية، ولم يجمعه، فإن قيل: أراد تعريفه بعد إفراز علم القراءة، قلنا: فلا يناسب الشرح المشروح للبحث في التفسير، عما لا يتغير به المعنى في مواضع لا تحصى.
الثاني: أن المراد بالمراد، إن كان المراد بمطلق الكلام، فقد دخل العلوم الأدبية، وإن كان مراد الله - تعالى - بكلامه، فإن أريد مراده في نفس الأمر، فلا يفيده بحث التفسير، لأن طريقه غالبا: إما رواية الآحاد، أو الدراية بطريق العربية، وكلاهما ظني كما عرف، ولأن فهم كل واحد بقدر استعداده.
ولذلك أوصى المشايخ - رحمهم الله - في الإيمان: أن يقال: آمنت بالله، وبما جاء من عنده، على مراده، وآمنت برسول الله، وبما قاله على مراده، ولا يعين بما ذكره أهل التفسير.
ويكرر ذلك: علم الهدى، في تأويلاته، وإن أريد مراد الله - سبحانه وتعالى - في زعم المفسر، ففيه: حزازة من وجهين:
الأول: كون علم التفسير بالنسبة إلى كل مفسر إلى كل أحد شيئا آخر، وهذا مثل ما اعترض، أي التفتازاني على حد الفقه، لصاحب (التنقيح)، وظن وروده، وإلا فإني أجيب عنه: بأن التعدد ليس في حقيقته النوعية، بل في جزئياتها المختلفة، باختلاف القوابل.
وأيضا، ذكر الشيخ: صدر الدين القونوي، في تفسير: (مالك يوم الدين..) أن جميع المعاني المفسر بها لفظ القرآن رواية أو دراية صحيحتين، مراد الله - سبحانه وتعالى -، لكن بحسب المراتب والقوابل، لا في حق كل أحد.
الثاني: أن الأذهان تنساق بمعاني الألفاظ، إلى ما في نفس الأمر على ما عرف، فلا بد لصرفها عنه، من أن يقال من حيث الدلالة على ما يظن أنه مراد الله - سبحانه وتعالى -.
الثالث: أن عبارة العلم الباحث في المتعارف، ينصرف إلى الأصول، والقواعد، أو ملكتها، وليس لعلم التفسير قواعد يتفرع عليها الجزئيات، إلا في مواضع نادرة، فلا يتناول غير تلك المواضع، إلا بالعناية.
فالأَوْلَى أن يقال: علم التفسير: معرفة أحوال كلام الله - سبحانه وتعالى - من حيث: القرآنية، ومن حيث: دلالته على ما يعلم أو يظن أن مراد الله - سبحانه وتعالى - بقدر الطاقة الإنسانية، فهذا يتناول أقسام البيان بأسرها. انتهى كلام الفناري بنوع تلخيص.
ثم أورد فصولا: في تقسيم هذا الحد إلى: تفسير، وتأويل، وبيان الحاجة إليه، وجواز الخوض فيهما، ومعرفة وجوههما، المسماة: بطونا، أو ظهرا، وبطنا، وحدا، فمن أراد الاطلاع على حقائق علم التفسير، فعليه مطالعته، ولا ينبؤه مثل خبير.
ثم إن المولى: أبا الخير، أطال في (طبقات المفسرين).
ونحن أشرنا: إلى من ليس لهم تصنيف فيه، من مفسري الصحابة، والتابعين، إشارة إجمالية، والباقي مذكور عند ذكر كتابه.
أما المفسرون من الصحابة، فمنهم:
الخلفاء الأربعة.
وابن مسعود.
وابن عباس.
وأبي بن كعب.
وزيد بن ثابت.
وأبو موسى الأشعري.
وعبد الله بن الزبير.
وأنس بن مالك.
وأبو هريرة.
وجابر.
وعبد الله بن عمرو بن العاص، - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين -.
ثم اعلم: أن الخلفاء الأربعة، أكثر من روي عنه: علي بن أبي طالب، والرواية عن الثلاثة، في ندرة جدا.
والسبب فيه: تقدم وفاتهم، وأما علي - رضي الله عنه - فروي عنه الكثير.
عن ابن مسعود، أنه قال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، ما منها حرف إلا وله ظهر وبطن، وإن عليا - رضي الله تعالى عنه - عنده من الظاهر والباطن.
وأما بن مسعود - رضي الله تعالى عنهم -، فروي عنه أكثر مما روي عن علي - رضي الله تعالى عنه -.
مات: بالمدينة، سنة 32، اثنتين وثلاثين.
وأما ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -.
المتوفى: سنة 68، ثمان وستين، بالطائف.
فهو ترجمان القرآن، وحبر الأمة، ورئيس المفسرين، دعا له النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: (اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل).
وقد ورد عنه: في التفسير، ما لا يحصى كثرة، لكن أحسن الطرق عنه: طريقة: علي بن أبي طلحة الهاشمي.
المتوفى: سنة 143، ثلاث وأربعين ومائة.
واعتمد على هذه البخاري في (صحيحه).
ومن جيد الطرق عنه: طريق: قيس بن مسلم الكوفي.
المتوفى: سنة 120، عشرين ومائة.
عن عطاء بن السائب.
وطريق: ابن إسحاق صاحب (السير).
وأوهى طريقته: طريق الكلبي، عن أبي صالح.
والكلبي: هو: أبو النصر: محمد بن السائب.
المتوفى: بالكوفة، سنة 146، ست وأربعين ومائة.
فإن انضم إليه رواية: محمد بن مروان السدي الصغير.
المتوفى: سنة 186، ست وثمانين ومائة.
فهي سلسلة الكذب.
وكذلك: طريق: مقاتل بن سليمان بن بشر الأزدي.
المتوفى: سنة 150، خمسين ومائة.
إلا أن الكلبي: يفضل عليه، لما في مقاتل من المذاهب الرديئة.
وطريق: الضحاك بن مزاحم الكوفي.
المتوفى: سنة 102، اثنتين ومائة.
عن: ابن عباس منقطعة، فإن الضحاك لم يلقه.
وإن انضم إلى ذلك: رواية: بشر بن عمارة، فضعيفة ضعف بشر.
وقد أخرج عنه:
ابن جرير.
وابن أبي حاتم.
وإن كان من رواية: جرير عن الضحاك، فأشد ضعفا، لأن جريرا شديد الضعف، متروك.
وإنما أخرج منه:
ابن مردويه.
وأبو الشيخ: ابن حبان.
دون: ابن جرير.
وأما: أبي بن كعب.
المتوفى: سنة 20، عشرين، على خلاف فيه.
فعنه نسخة كبيرة.
يرويها: أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عنه، وهذا إسناد صحيح.
وهو أحد الأربعة الذين جمعوا القرآن، على عهد رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم -.
وكان أقرأ الصحابة، وسيد القراء.
ومن الصحابة: من ورد عنه اليسير من التفسير، غير هؤلاء، منهم:
أنس بن مالك بن النضر.
المتوفى: بالبصرة، سنة 91، إحدى وتسعين.
وأبو هريرة: عبد الرحمن بن صخر، على خلاف.
المتوفى: بالمدينة، سنة 57، سبع وخمسين.
وعبد الله بن عمر بن الخطاب.
المتوفى: بمكة المكرمة، سنة 73، ثلاث وسبعين.
وجابر بن عبد الله الأنصاري.
المتوفى: بالمدينة، سنة 74، أربع وسبعين.
وأبو موسى: عبد الله بن قيس الأشعري.
المتوفى: سنة 44، أربع وأربعين.
وعبد الله بن عمرو بن العاص السهمي.
المتوفى: سنة 63، ثلاث وستين.
وهو: أحد العبادلة الذين استقر عليهم أمر العلم، في آخر عهد الصحابة.
وزيد بن ثابت الأنصاري.
وأما المفسرون من التابعين، فمنهم:
أصحاب ابن عباس.
وهم علماء مكة المكرمة - شرفها الله تعالى -.
ومنهم:
مجاهد بن حبر المكي.
المتوفى: سنة 103، ثلاث ومائة.
قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة.
واعتمد على تفسيره: الشافعي، والبخاري.
وسعيد بن جبير.
المتوفى: سنة 94، أربع وتسعين.
وعكرمة، مولى: ابن عباس.
المتوفى: بمكة، سنة 105، خمس ومائة.
وطاووس بن كيسان اليماني.
المتوفى: بمكة، سنة 106، ست ومائة.
وعطاء بن أبي رباح المكي.
المتوفى: سنة 114، أربع عشرة ومائة.
ومنهم:
أصحاب ابن مسعود.
وهم: علماء الكوفة.
كعلقمة بن قيس.
المتوفى: سنة 102، اثنتين ومائة.
والأسود بن يزيد.
المتوفى: سنة 75، خمس وسبعين.
وإبراهيم النخعي.
المتوفى: سنة 95، خمس وتسعين.
والشعبي.
المتوفى: سنة 105، خمس ومائة.
ومنهم:
أصحاب: زيد بن أسلم.
كعبد الرحمن بن زيد.
ومالك بن أنس.
ومنهم:
الحسن البصري.
المتوفى: سنة 121، إحدى وعشرين ومائة.
وعطاء بن أبي سلمة ميسرة الخراساني.
المتوفى: سنة...
ومحمد بن كعب القرظي.
المتوفى: سنة 117، سبع عشرة ومائة.
وأبو العالية: رفيع بن مهران الرياحي.
المتوفى: سنة 90، تسعين.
والضحاك بن زاحم.
وعطية بن سعيد العوفي.
المتوفى: سنة 111، إحدى عشرة ومائة.
وقتادة بن دعامة السدوسي.
المتوفى: سنة 117، سبع عشرة ومائة.
وربيع بن أنس السدي.
ثم بعد هذه الطبقة:
الذين صنفوا كتب التفاسير، التي تجمع أقوال الصحابة، والتابعين:
كسفيان بن عيينة.
ووكيع بن الجراح.
وشعبة بن الحجاج.
ويزيد بن هارون.
وعبد الرزاق.
وآدم بن أبي إياس.
وإسحاق بن راهويه.
وروح بن عبادة.
وعبد الله بن حميد.
وأبي بكر بن أبي شيبة.
... وآخرين.
وسيأتي ذكر كتبهم.
ثم بعد هؤلاء: طبقة أخرى، منهم:
عبد الرزاق.
وعلي بن أبي طلحة.
وابن جرير.
وابن أبي حاتم.
وابن ماجة.
والحاكم.
وابن مردويه.
وأبو الشيخ: ابن حبان.
وابن المنذر ... في آخرين.
ثم انتصبت طبقة بعدهم:
إلى تصنيف: تفاسير مشحونة بالفوائد، محذوفة الأسانيد، مثل:
أبي إسحاق الزجاج.
وأبي علي الفارسي.
وأما:
أبو بكر النقاش.
وأبو جعفر النحاس.
فكثيرا ما استدرك الناس عليهما.
ومثل: مكي بن أبي طالب.
وأبي العباس المهدوي.
ثم ألف في التفسير طائفة من المتأخرين:
فاختصروا الأسانيد، ونقلوا الأقوال بتراء، فدخل من هنا الدخيل، والتبس الصحيح بالعليل، ثم صار كل من سنح له قول يورده، ومن خطر بباله شيء يعتمده، ثم ينقل ذلك خلف عن سلف، ظانا أن له أصلا، غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن السلف الصالح، ومن هم القدوة في هذا الباب.
قال السيوطي: رأيت في تفسير قوله - سبحانه وتعالى -: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، نحو: عشرة أقول، مع أن الوارد عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وجميع الصحابة، والتابعين: ليس غير اليهود والنصارى.
حتى قال ابن أبي حاتم: لا أعلم في هذا اختلافا من المفسرين.
ثم صنف بعد ذلك: قوم برعوا في شيء من العلوم.
ومنهم: من ملأ كتابه بما غلب على طبعه من الفن، واقتصر فيه على: ما تمهر هو فيه، كأن القرآن انزل لأجل هذا العلم لا غير، مع أن فيه تبيان كل شيء.
فالنحوي: تراه ليس له هم إلا الإعراب، وتكثير الأوجه المحتملة فيه، وإن كانت بعيدة، وينقل قواعد النحو، ومسائله، وفروعه، وخلفياته:
كالزجاج.
والواحدي في: (البسيط).
وأبي حيان في: (البحر والنهر).
والإخباري: ليس له شغل إلا القصص واستيفاؤها، والأخبار عمن سلف، سواء كانت صحيحة أو باطلة.
ومنهم:
الثعلبي.
والفقيه: يكاد يسرد فيه الفقه جميعا، وربما استطرد إلى إقامة أدلة الفروع الفقهية، التي لا تعلق لها بالآية أصلا، والجواب عن أدلة المخالفين:
كالقرطبي.
وصاحب: (العلوم العقلية).
خصوصا:
الإمام: فخر الدين الرازي.
قد ملأ تفسيره: بأقوال الحكماء، والفلاسفة، وخرج من شيء إلى شيء، حتى يقضي الناظر العجب.
قال أبو حيان في (البحر) : جمع الإمام الرازي في تفسيره أشياء كثيرة طويلة، لا حاجة بها في علم التفسير.
ولذلك قال بعض العلماء: فيه كل شيء إلا التفسير.
والمبتدع: ليس له قصد إلا تحريف الآيات، وتسويتها على مذهبه الفاسد، بحيث أنه لو لاح له شاردة من بعيد اقتنصها، أو وجد موضعا له فيه أدنى مجال سارع إليه.
كما نقل عن البلقيني، أنه قال: استخرجت من (الكشاف) اعتزالا بالمناقيش، منها:
أنه قال في قوله - سبحانه وتعالى -: (فمن زحزح عن النار، وأدخل الجنة فقد فاز)، أي: فوز أعظم من دخول الجنة، أشار به إلى عدم الرؤية.
والملحد: فلا تسأل عن كفره، وإلحاده في آيات الله - تعالى -، وافترائه على الله - تعالى - ما لم يقله.
كقول بعضهم (إن هي إلا فتنتك) : ما على العباد أضر من ربهم.
وينسب هذا القول إلى صاحب: (قوت القلوب)، أبي طالب المكي.
ومن ذلك القبيل: الذين يتكلمون في القرآن بلا سند، ولا نقل عن السلف، ولا رعاية للأصول الشرعية، والقواعد العربية.
كتفسير: محمود بن حمزة الكرماني.
في مجلدين.
سماه: (العجائب، والغرائب).
ضمنه: أقوالا، هي عجائب عند العوام، وغرائب عما عهد عن السلف، بل هي أقوال منكرة، لا يحل الاعتقاد عليها، ولا ذكرها، إلا للتحذير.
من ذلك قول من قال في (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا) : إنه الحب والعشق.
ومن ذلك قولهم في (ومن شر غاسق إذا وقب) : إنه الذكر إذا قام.
وقولهم في (من ذا الذي يشفع عنده) : معناه: (من ذل)، أي: من الذل، و(ذي) : إشارة إلى النفس، و(يشف) : من الشفاء، جواب: مَنْ، و(عِ) : أمر من الوعي.
وسئل البلقيني: عمن فسر بهذا؟ فأفتى بأنه: ملحد.
وأما: كلام الصوفية في القرآن، فليس بتفسير.
قال ابن الصلاح في (فتاواه) : وجدت عند الإمام الواحدي، أنه قال: صنف السلمي (حقائق التفسير)، إن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير، فقد كفر.
قال النسفي في (عقائده) : النصوص تحمل على ظواهرها، والعدول عنها، إلى معان يدعيها أهل الباطن، إلحاد.
وقال التفتازاني في (شرحه) : سميت الملاحدة: باطنية، لادعائهم أن النصوص ليست على ظواهرها، بل لها معان باطنة.
وقال: وأما ما يذهب إليه بعض المحققين، من أن النصوص على ظواهرها، ومع ذلك فيها إشارات خفية، إلى دقائق تنكشف على أرباب السلوك، يمكن التطبيق بينها، وبين الظواهر المرادة، فهو من كمال العرفان، ومحض الإيمان.
وقال تاج الدين، عطاء الله، في (لطائف المنن) : اعلم: أن تفسير هذه الطائفة لكلام الله - سبحانه وتعالى -، وكلام رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - بالمعاني الغريبة، ليست إحالة الظاهر عن ظاهره، ولكن ظاهر الآية مفهوم، منه ما جلبت الآية له، ودلت عليه في عرف اللسان، وثَمَّ أفهام باطنة تفهم عند الآية والحديث، لمن فتح الله - تعالى - قلبه.
وقد جاء في الحديث: (لكل آية ظهر وباطن...).
فلا يصدنك عن تلقي هذه المعاني منهم، أن يقول لك ذو جدل: هذا إحالة لكلام الله - تعالى -، وكلام رسول الله، فليس ذلك بإحالة؛ وإنما يكون إحالة، لو قال: لا معنى للآية إلا هذا.
وهم يقولون ذلك، بل يفسرون الظواهر على ظواهرها، مرادا بها موضوعاتها. انتهى.
قال صاحب (مفتاح السعادة) : الإيمان بالقرآن هو: التصديق بأنه كلام الله - سبحانه وتعالى -، قد أنزل على رسوله محمد - صلى الله تعالى عليه وسلم -، بواسطة جبرائيل - عليه السلام -، وأنه دال على صفة أزلية له - سبحانه وتعالى -، وأن ما دل هو عليه بطريق القواعد العربية، مما هو مراد الله - سبحانه وتعالى - حق لا ريب فيه، ثم تلك الدلالة على مراده - سبحانه وتعالى - بواسطة القوانين الأدبية، الموافقة للقواعد الشرعية، والأحاديث النبوية، مراد الله - سبحانه وتعالى -.
ومن جملة ما علم من الشرائع: أن مراد الله - سبحانه وتعالى - من القرآن، لا ينحصر في هذا القدر، لما قد ثبت في الأحاديث: (إن لكل آية ظهرا وبطنا..).
وذلك المراد الآخر لما لم يطلع عليه كل أحد، بل من أعصى فهما وعلما، من لدنه - تعالى - يكون الضابط في صحته: أن لا يرفع ظاهر المعاني المنفهمة، عن الألفاظ بالقوانين العربية، وأن لا يخالف القواعد الشرعية، ولا يباين إعجاز القرآن، ولا يناقض النصوص الواقعة فيها، فإن وجد هذه الشرائط، فلا يطعن فيه، وإلا فهو بمعزل عن القبول.
قال الزمخشري: من حق تفسير القرآن أن يتعاهد بقاء النظم على حسنه، والبلاغة على كمالها، وما وقع به التحدي سليما من القادح، وأما الذين تأيدت فطرتهم النقية، بالمشاهدات الكشفية، فهم القدوة في هذه المسالك، ولا يمنعون أصلا عن التوغل في ذلك.
ثم ذكر ما وجب على المفسر من الآداب، وقال:
ثم اعلم: أن العلماء - كما بينوا في التفسير شرائط - بينوا أيضا في المفسر شرائط، لا يحل التعاطي لمن عري عنها، أو هو فيها راجل، وهي: أن يعرف خمسة عشر علما، على وجه الإتقان، والكمال:
اللغة، والنحو، والتصريف، والاشتقاق، والمعاني، والبيان، والبديع، والقراآت، وأصول الدين، وأصول الفقه، وأسباب النزول، والقصص، والناسخ والمنسوخ، والفقه، والأحاديث المبينة لتفسير المجمل والمبهم، وعلم الموهبة، وهو: علم يورثه الله - سبحانه وتعالى - لمن عمل بما علم، وهذه العلوم التي لا مندوحة للمفسر عنها، وإلا فعلم التفسير لا بد له من التبحر في كل العلوم.
ثم إن تفسير القرآن ثلاثة أقسام:
الأول: علم لم يطلع الله - سبحانه وتعالى - عليه أحدا من خلقه، وهو: ما استأثر به من علوم أسرار كتابه، من معرفة: كنه ذاته، ومعرفة حقائق أسمائه، وصفاته، وهذا لا يجوز لأحد الكلام فيه.
والثاني: ما أطلع الله - سبحانه وتعالى - نبيه عليه من أسرار الكتاب، واختص به، فلا يجوز الكلام فيه، إلا له - عليه الصلاة والسلام -، أو لمن أذن له.
قيل: وأوائل السور من هذا القسم، وقيل: من الأول.
والثالث: علوم علمها - الله تعالى - نبيه، مما أودع كتابه من المعاني الجلية، والخفية، وأمره بتعليمها.
وهذا ينقسم إلى قسمين:
منه: ما لا يجوز الكلام فيه، إلا بطريق السمع، كأسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، والقراآت، واللغات، وقصص الأمم، وأخبار ما هو كائن.
ومنه: ما يؤخذ بطريق النظر، والاستنباط، من الألفاظ، وهو قسمان:
قسم: اختلفوا في جوازه ، وهو: تأويل الآيات المتشابهات.
وقسم: اتفقوا عليه، وهو: استنباط الأحكام الأصلية، والفرعية، والإعرابية، لأن مبناها على الأقيسة.
وكذلك: فنون البلاغة، وضروب المواعظ، والحكم، والإشارات، لا يمتنع استنباطها منه، لمن له أهلية ذلك؛ وما عدا هذه الأمور هو: التفسير بالرأي، الذي نهي عنه.
وفيه خمسة أنواع:
الأول: في التفسير، من غير حصول العلوم، التي يجوز معها التفسير.
الثاني: تفسير المتشابه، الذي لا يعلمه إلا الله - سبحانه وتعالى -.
الثالث: التفسير المقرر للمذهب الفاسد، بأن يجعل المذهب أصلا، والتفسير تابعا له، فيرد إليه بأي طريق أمكن، وإن كان ضعيفا.
الرابع: التفسير بأن مراد الله - سبحانه وتعالى - كذا على القطع، من غير دليل.
الخامس: التفسير بالاستحسان والهوى.
وإذا عرفت هذه الفوائد، وإن أطنبنا فيها، لكونها رأس العلوم، ورئيسها.
فاعلم: أن كتب التفاسير كثيرة، ذكرنا منها هاهنا ما هو مسطور في هذا السفر على ترتيبه.
(الإبانة، في تفسير آية الأمانة).
(الإتقان، في علوم القرآن).
(أبين الحصص، في أحسن القصص).
(أحكام القرآن).
كثيرة.
(إرشاد العقل السليم).
لأبي مسعود.
(إرشاد ابن برجان).
(أسباب النزول).
سبق كتبه في فنه.
(إعراب القرآن).
مر ذكر كتبه في فنه.
(أسئلة القرآن).
(إعجاز القرآن).
(إغاثة اللهف، تفسير الكهف).
(أقاليم التعاليم).
(أقسام القرآن).
(الإقناع).
في تفسير: آية الانتصار.
للزمخشري، من أبي المنير.
(الانتصاف، شرح الكشاف).
(الإنصاف، في الجمع بين: الثعلبي والكشاف).
(أنوار التنزيل).
للبيضاوي.
ومتعلقاته.
(أنوار ابن مقسم).
(إيجاز البيان).
(الإيجاز في الناسخ والمنسوخ).
(الإيضاح).
فيه أيضا.
(بحار القرآن).
(بحر الحقائق).
(بحر الدرر).
(بحر العلوم).
(البرهان، في علوم القرآن).
(البرهان، في تفسير القرآن).
(بحر البحور).
(البرهان، في تناسب السور).
(البرهان، في إعجاز القرآن).
(بسيط الواحدي).
(بصائر ذوي التمييز).
(بصائر).
فارسي.
(البيان، في تأويلات القرآن).
(البيان، في مبهمات القرآن).
(البيان، في علوم القرآن).
(البيان، في شواهد القرآن).
(تاج المعاني).
(تاج التراجم).
(تأويلات القرآن).
(تأويلات الماتريدي).
(التبصرة في التفسير).
(تبصير الرحمن).
(التبيان، في إعراب القرآن).
(التبيان، في تفسير القرآن).
(التبيان، في أقسام القرآن).
(التبيان، في مسائل القرآن).
(التبيان، في متشابه القرآن).
(تبيين القرآن).
(تحف الأنام).
(تحقيق البيان).
(التحبير، في علوم التفسير).
(ترجمان القرآن).
(الترجمان في التفسير).
(تعداد الآي).
(التعظيم والمنة).
(تعلق الآي).
علم التفسير: أي تفسير القرآن
هو: علم باحث عن معنى نظم القرآن بحسب الطاقة البشرية وبحسب ما تقتضيه القواعد العربية.
ومباديه: العلوم العربية وأصول الكلام وأصول الفقه والجدل وغير ذلك من العلوم الجمة.
والغرض منه: معرفة معاني النظم بقدر الطاقة البشرية.
وفائدته: حصول القدرة على استنباط الأحكام الشرعية على وجه الصحة والاتعاظ بما فيه من القصص والعبر والاتصاف بما تضمنه من مكارم الأخلاق إلى غير ذلك من الفوائد التي لا يمكن تعدادها لأنه بحر لا تنقضي عجائبه وسبحانه من أنزله وأرشد به عباده.
وموضوعه: كلام الله - سبحانه وتعالى - الذي هو: منبع كل حكمة ومعدن كل فضيلة.
وغايته: التوصل إلى فهم معاني القرآن واستنباط حكمه ليفاز به إلى السعادة الدنيوية والأخروية وشرف العلم وجلالته باعتبار شرف موضوعه وغايته فهو أشرف العلوم وأعظمها هذا ما ذكره أبو الخير وابن صدر الدين والأرتيقي.
قال في: كشاف اصطلاحات الفنون: علم التفسير: علم يعرف به نزول الآيات وشؤونها وأقاصيصها والأسباب النازلة فيها ثم ترتيب مكيها ومدنيها ومحكمها ومتشابهها وناسخها ومنسوخها وخاصها وعامها ومطلقها ومقيدها ومجملها ومفسرها وحلالها وحرامها ووعدها ووعيدها وأمرها ونهيها وامتثالها وغيرها.
قال أبوحيان: التفسير: علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي يحمل عليه حالة التركيب وتتمات ذلك.
وقال الزركشي: التفسير: علم يفهم به كتاب الله المنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه واستمداد ذلك من علم اللغة والنحو والتصريف وعلم البيان وأصول الفقه والقراءات وأما وجه الحاجة إليه فقال بعضهم: اعلم أن من المعلوم أن الله تعالى إنما خاطب خلقه بما يفهمونه ولذلك أرسل كل رسول بلسان قومه وأنزل كتابه على لغتهم وإنما احتيج إلى التفسير لما سيذكر بعد تقرير قاعدة وهي: أن كل من وضع من البشر كتاب فإنما وضعه ليفهم بذاته من غير شرح وإنما احتيج إلى الشروح لأمور ثلاثة:
أحدها: كمال فضيلة المصنف فإنه بقوته العلمية بجمع المعاني الدقيقة في اللفظ الوجيز فربما عسر فهم مراده فقصد بالشروح ظهور تلك المعاني الدقيقة من ههنا كان شرح بعض الأئمة لتصنيفه أدل على المراد من شرح غيره له"
وثانيها: إغفاله بعض متممات المسئلة أو شروطها اعتمادا على وضوحها أو لأنها من علم آخر فيحتاج الشارح لبيان المتروك ومراتبه.
وثالثها: احتمال اللفظ لمعان مختلفة كما في المجاز والاشتراك ودلالة الالتزام فيحتاج الشارح إلى بيان غرض المصنف وترجيحه وقد يقع في التصانيف ما لا يخلو عنه بشر من السهو والغلط أو تكرار الشيء أو حذف المهم أو غير ذلك فيحتاج الشارح للتنبيه على ذلك وإذا تقرر هذا فنقول:
إن القرآن إنما نزل بلسان عربي في زمن فصحاء العرب وكانوا يعلمون ظاهره وأحكامه أما دقائق باطنه فإنما كانت تظهر لهم بعد البحث والنظر مع سؤالهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الأكثر كسؤالهم لما نزل: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} فقالوا:
وأينا لم يظلم نفسه ففسره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشرك واستدل عليه {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} وغير ذلك مما سألوا عنه - صلى الله عليه وسلم - ونحن محتاجون إلى ما كانوا يحتاجون إليه مع أحكام الظاهر لقصورنا عن مدارك أحكام اللغة بغير تعلم فنحن أشد احتياجا إلى التفسير.
وأما شرفه: فلا يخفى قال الله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} .
وقال الأصبهاني: شرفه من وجوه:
أحدها: من جهة الموضوع: فإن موضوعه كلام الله تعالى الذي ينبوع كل حكمة ومعدن كل فضيلة.
وثانيها: من جهة الغرض: فإن الغرض منه الاعتصام بالعروة الوثقى والوصول إلى السعادة الحقيقية التي هي الغاية القصوى.
وثالثها: من جهة شدة الحاجة: فإن كل كمال ديني أو دنيوي مفتقر إلى العلوم الشرعية والمعارف الدينية وهي متوقفة على العلم بكتاب الله تعالى.
واختلف الناس في تفسير القرآن: هل يجوز لكل أحد الخوض فيه؟ فقال قوم: لا يجوز لأحد أن يتعاطى تفسير شيء من القرآن وأن كان عالما أديبا متسعا في معرفة الأدلة والفقه والنحو والأخبار والآثار، وليس له إلا أن ينتهي إلى ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك.
ومنهم من قال: يجوز تفسيره لمن كان جامعا للعلوم التي يحتاج المفسر إليها وهي خمسة عشر علما: اللغة والنحو والتصريف والاشتقاق والمعاني والبيان والبديع وعلم القراءات: لأنه يعرف به كيفية النطق بالقرآن وبالقراءات يرجح بعض الوجوه المحتملة على بعض وأصول الدين: أي الكلام وأصول الفقه وأسباب النزول والقصص إذ بسبب النزول يعرف معنى الآية المنزلة فيه بحسب ما أنزلت فيه والناسخ والمنسوخ ليعلم المحكم من غيره والفقه والأحاديث المبينة لتفسير المبهم والمجمل وعلم الموهبة وهو علم يورثه الله لمن عمل بما علم وإليه الإشارة بحديث: من عمل بما علم أورثه الله تعالى علم ما لم يعلم.
قال البغوي والكواشي وغيرهما: التأويل صرف الآية إلى معنى موافق لما قبلها وما بعدها تحتملها الآية غير مخالف للكتاب والسنة غير محظور على العلماء بالتفسير كقوله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً} .
وقيل: أغنياء وفقراء.
وقيل: نشاطا أو غير نشاط.
وقيل: أصحاء ومرضى وكل ذلك سائغ والآية تحتمله.
وأما التأويل المخالف للآية والشرخ فمحظور لأنه تأويل الجاهلين مثل تأويل الروافض قوله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} أنهما علي وفاطمة {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} يعني الحسن والحسين. انتهى.
وذكر العلامة الفناري في: تفسير الفاتحة فصلا مفيدا في تعريف هذا العلم ولا بأس بإيراده اذ هو مشتمل على لطائف التعريف.
قال قطب الدين الرازي في شرحه ل: الكشاف: هو ما يبحث فيه عن مراد الله - سبحانه وتعالى - من قرآنه المجيد ويرد عليه أن البحث فيه ربما كان عن أحوال الألفاظ: كمباحث القراءات وناسخية الألفاظ ومنسوخيتها وأسباب نزولها وترتيب نزولها إلى غير ذلك فلا يجمعها أحده.
وأيضا يدخل فيه البحث في الفقه الأكبر والأصغر عما يثبت بالكتاب فإنه بحث عن مراد الله تعالى من قرآنه فلا يمنعه أحد فكان الشارح التفتازاني إنما عدل عنه لذلك إلى قوله: هو العلم الباحث عن أحوال الألفاظ كلام الله - سبحانه وتعالى - من حيث الدلالة على مراد الله وترد على مختاره أيضا وجوه:
الأول: أن البحث المتعلق بألفاظ القرآن ربما لا يكون بحيث يؤثر في المعنى المراد بالدلالة والبيان: كمباحث علم القراءة عن أمثال التفخيم والإمالة إلى ما لا يحصى فإن علم القراءة جزء من علم التفسير أفرز عنه لمزيد الاهتمام إفراز الكحالة من الطب والفرائض من الفقه.
وقد خرج بقيد الحيثية ولم يجمعه فإن قيل: أراد تعريفه بعد إفراز علم القراءة
قلنا: فلا يناسب الشرح المشروح للبحث في التفسير عما لا يتغير به المعنى في مواضع لا تحصى
الثاني: أن المراد بالمراد إن كان المراد بمطلق الكلام فقد دخل العلوم الأدبية وإن كان مراد الله تعالى بكلامه.
فإن أريد مراده في نفس الأمر فلا يفيده بحث التفسير لأن: طريقه غالبا إما رواية الآحاد أو الدراية بطريق العربية وكلاهما ظني كما عرف ولأن فهم كل أحد بقدر استعداده ولذلك أوصى المشائخ - رحمهم الله - في الإيمان أن يقال: آمنت بالله وبما جاء من عنده على مراده وآمنت برسول الله وبما قاله على مراده ولا يعين بما ذكره أهل التفسير ويكرر ذلك على الهدي في تأويلاته.
وإن أريد مراد الله - سبحانه وتعالى - في زعم المفسر ففيه خرازة من وجهين:
الأول: كون علم التفسير بالنسبة إلى كل مفسر بل إلى كل أحد شيئا آخر وهذا مثل ما اعترض على حد الفقه لصاحب: التنقيح وظن وروده وإلا فإني أجيب عنه بأن التعدد ليس في حقيقته النوعية بل في جزئياتها المختلفة باختلاف القوابل.
وأيضا ذكر الشيخ صدر الدين القونوي في تفسير: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} : أن جميع المعاني المفسر بها لفظ القرآن رواية أو دراية صحيحتين مراد الله - سبحانه وتعالى - لكن بحسب المراتب والقوابل لا في حق كل أحد.
الثاني: أن الأذهان تنساق بمعاني الألفاظ إلى ما في نفس الأمر على ما عرف فلا بد لصرفها عنه من أن يقال من حيث الدلالة على ما يظن أنه مراد الله سبحانه وتعالى.
الثالث: أن عبارة العلم الباحث في المتعارف ينصرف إلى الأصول والقواعد أو ملكتها وليس لعلم التفسير قواعد يتفرع عليها الجزئيات إلا في مواضع نادرة فلا يتناول غير تلك المواضع إلا بالعناية فالأولى: أن يقال علم التفسير معرفة أحوال كلام الله سبحانه وتعالى من حيث القرآنية ومن حيث دلالته على ما يعلم أو يظن أنه مراد الله سبحانه وتعالى بقدر الطاقة الإنسانية فهذا يتناول أقسام البيان بأسرها. انتهى كلام الفناري بنوع تلخيص.
ثم أورد فصولا في تقسيم هذا الحد إلى تفسير وتأويل وبيان الحاجة إليه وجواز الخوض فيهما ومعرفة وجوههما المسماة بطونا أو ظهرا أو بطنا فمن أراد الإطلاع على حقائق علم التفسير فعليه بمطالعته ولا ينبؤه مثل خبير.
ثم إن أبا الخير أطال في ذكر: طبقات المفسرين ونحن أشرنا إلى من ليس لهم تصنيف فيه من مفسري الصحابة والتابعين إشارة جمالية والباقي مذكور عند ذكر كتابه.
أما المفسرون من الصحابة فمنهم: الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري وعبد الله بن الزبير وأنس بن مالك وأبو هريرة وجابر وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم.
ثم اعلم أن الخلفاء الأربعة أكثر من روي عنه علي بن أبي طالب والرواية عن الثلاثة في ندرة جدا والسبب فيه تقدم وفاتهم وأما علي رضي الله عنه فروي عنه الكثير وروي عن ابن مسعود أنه قال إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلا وله ظهر وبطن وإن عليا - رضي الله عنه - عنده من الظاهر والباطن.
وأما ابن مسعود فروي عنه أكثر مما روي عن علي مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين.
وأما ابن عباس المتوفى سنة ثمان وستين بالطائف فهو: ترجمان القرآن وحبر الأمة ورئيس المفسرين دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل".
وقد روي عنه في التفسير ما لا يحصى كثرة لكن أحسن الطرق عنه طريق علي بن أبي طلحة الهاشمي المتوفى سنة ثلاث وأربعين ومائة واعتمد على هذه البخاري في صحيحه.
ومن جيد الطرق عنه طريق قيس بن مسلم الكوفي المتوفى سنة عشرين ومائة عن عطاء بن السائب.
وطريق ابن إسحاق صاحب: السير.
وأوهى طريقة طريق الكلبي عن أبي صالح والكلبي: هو أبو النصر محمد بن السائب المتوفى بالكوفة سنة ست وأربعين ومائة فإن انضم إليه رواية محمد بن مروان السدي الصغير المتوفى سنة ست وثمانين ومائة فهي سلسلة الكذب وكذلك طريق مقاتل بن سليمان بن بشر الأزدي المتوفى سنة خمسين ومائة إلا أن الكلبي يفضل عليه لما في مقاتل من المذاهب الردية وطريق ضحاك بن مزاحم الكوفي المتوفى سنة اثنتين مائة عن ابن عباس منقطعة فإن الضحاك لم يلقه وإن انضم إلى ذلك رواية بشر بن عمارة فضعيفة لضعف بشر وقد أخرج عنه ابن جرير وابن أبي حاتم وإن كان من رواية جرير عن الضحاك فأشد ضعفا لأن جريرا شديد الضعف متروك وإنما أخرج عنه ابن مردويه وأبو الشيخ ابن حبان دون ابن جرير وأما أبي ابن كعب المتوفى سنة عشرين على خلاف فيه فعن نسخة كبيرة يرويها أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عنه وهذا إسناد صحيح وهو أحد الأربعة الذي جمعوا القرآن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أقرأ الصحابة وسيد القراء.
ومن الصحابة من ورد عنه اليسير من التفسير غير هؤلاء منهم أنس بن مالك بن النضر المتوفى بالبصرة سنة إحدى وتسعين.
وأبو هريرة عبد الرحمن بن صخر على خلاف المتوفى بالمدينة سنة سبع وخمسين.
وعبد الله بن عمر بن الخطاب المتوفى بمكة المكرمة سنة ثلاث وسبعين.
وجابر بن عبد الله الأنصاري المتوفى بالمدينة سنة أربع وسبعين.
وأبو موسى عبد الرحمن بن قيس الأشرعي المتوفى سنة أربع وأربعين.
وعبد الله بن عمرو بن العاص السهمي المتوفى سنة ثلاث وستين وهو أحد العبادلة الذين استقر عليهم أمر العلم في آخر عهد الصحابة.
وزيد بن ثابت الأنصاري كاتب النبي - صلى الله عليه وسلم - المتوفى سنة خمس وأربعين
وأما المفسرون من التابعين فمنهم أصحاب ابن عباس وهم: علماء مكة المكرمة - شرفها الله تعالى.
ومنهم: مجاهد بن جبر المكي المتوفى سنة ثلاث ومائة قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة واعتمد على تفسيره الشافعي والبخاري.
وسعيد بن جبير المتوفى سنة أربع وتسعين.
وعكرمة مولى ابن عباس المتوفى بمكة سنة خمس ومائة.
وطاووس بن كيسان اليماني المتوفى بمكة سنة ست ومائة.
وعطاء بن أبي رباح المكي المتوفى سنة أربع عشرة ومائة. ومنهم أصحاب ابن مسعود وهم علماء الكوفة.
كعلقمة بن قيس المتوفى سنة اثنتين ومائة والأسود بن يزيد المتوفى سنة خمس وسبعين.
وإبراهيم النخعي المتوفى سنة خمس وتسعين.
والشعبي المتوفى سنة خمس ومائة.
ومنهم: أصحاب زيد بن أسلم كعبد الرحمن بن زيد ومالك بن أنس.
ومنهم: الحسن البصري المتوفى سنة إحدى وعشرين ومائة وعطاء بن أبي سلمة ميسرة الخراساني ومحمد بن كعب القرظي المتوفى سنة سبع عشرة ومائة وأبو العالية رفيع بن مهران الرياحي المتوفى سنة تسعين والضحاك بن مزاحم وعطية بن سعيد العوفي المتوفى سنة إحدى عشرة ومائة وقتادة بن دعامة السدوسي المتوفى سنة عشرة ومائة والربيع بن أنس والسدي
ثم بعد هذه الطبقة الذين صنفوا كتب التفاسير التي تجمع أقوال الصحابة والتابعين كسفيان بن عيينة ووكيع بن الجراح وشعبة بن الحجاج ويزيد بن هارون وعبد الرزاق وآدم بن أبي إياس وإسحاق بن راهويه وروح بن عبادة وعبد لله بن حميد وأبي بكر بن أبي شيبة وآخرين.
ثم بعد هؤلاء طبقة أخرى منهم: عبد الرزاق علي بن أبي طلحة وابن جرير وابن أبي حاتم وابن ماجة والحاكم وابن مردويه وأبو الشيخ ابن حبان وابن المنذر في آخرين.
ثم انتصبت طبقة بعدهم إلى تصنيف تفاسير مشحونة بالفوائد محذوفة الأسانيد مثل: أبي أسحق الزجاج وأبي علي الفارسي.
وأما أبو بكر النقاش وأبو جعفر النحاس فكثيرا ما استدرك الناس عليهما ومثل مكي بن أبي طالب وأبي العباس المهدوي.
ثم ألف في التفسير طائفة من المتأخرين فاختصروا الأسانيد ونقلوا الأقوال بترا فدخل من هنا الدخيل والتبس الصحيح بالعليل ثم صار كل من سنح له قول يورده ومن خطر بباله شيء يعتمده ثم ينقل ذلك خلف عن سلف ظانا أن له أصلا غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن السلف الصالح ومن هم القدوة في هذا الباب.
ثم صنف بعد ذلك قوم برعوا في شيء من العلوم ومنهم من ملأ كتابه بما غلب على طبعه من الفن واقتصر فيه على ما تمهر هو فيه وكان القرآن أنزل لأجل هذا العلم لا غير مع أن فيه تبيان كل شيء.
فالنحوي تراه ليس له إلا الإعراب وتكثير الأوجه المحتملة فيه وإن كانت بعيدة وينقل قواعد النحو ومسائله وفروعه وخلافياته ك: الزجاج و: الواحدي في البسيط وأبي حيان في: البحر والنهر.
والإخباري ليس له شغل إلا القصص واستيفاؤها والأخبار عن سلف سواء كانت صحيحة أو باطلة ومنهم الثعلبي.
والفقيه يكاد يسرد فيه الفقه جميعا وربما استطرد إلى إقامة أدلة الفروع الفقهية التي لا تعلو لها بالآية أصلا والجواب عن الأدلة للمخالفين كالقرطبي.
وصاحب العلوم العقلية خصوصا الإمام فخر الدين الرازي قد ملأ تفسيره بأقوال الحكماء والفلاسفة وخرج من شيء إلى شيء حتى يقضي الناظر العجب قال أبو حيان في البحر: جمع الإمام الرازي في تفسيره أشياء كثيرة طويلة لا حاجة بها في علم التفسير ولذلك قال بعض العلماء فيه: كل شيء إلا التفسير وللمبتدع ليس له قصد إلا تحريف الآيات وتسويتها على مذهبه الفاسد بحيث أنه لو لاح له شاردة من بعيد اقتنصها أو وجد موضعا له فيه أدنى مجال سارع إليه كما نقل عن البلقيني أنه قال: استخرجت من: الكشاف اعتزالا بالمناقيش منها أنه قال في قوله - سبحانه وتعالى -: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} أي فوز أعظم من دخول الجنة أشار به إلى عدم الرؤية والملحد لا تسأل عن كفره وإلحاده في آيات الله تعالى وافترائه على الله تعالى ما لم يقله كقول بعضهم: {ِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ} وما علي العباد أضر من ربهم وينسب هذا القول إلى صاحب قوت القلوب أبي طالب المكي.
ومن ذلك القبيل الذين يتكلمون في القرآن بلا سند ولا نقل عن السلف ولا رعاية للأصول الشرعية والقواعد العربية كتفسير محمود بن حمزة الكرماني في مجلدين سماه: العجائب والغرائب ضمنه أقوالا هي: عجائب عند العوام وغرائب عما عهد عن السلف بل هي أقوال منكرة لا يحل الاعتقاد عليها ولا ذكرها إلا للتحذير من ذلك قول من قال في: {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} إنه الحب والعشق ومن ذلك قولهم في: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} إنه الذكر إذا قام وقولهم: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ} معناه من ذل أي من الذل وذي إشارة إلى النفس ويشف من الشفاء جواب من وع أمر من الوعي.
وسئل البلقيني عمن فسر بهذا؟ فأفتى بأنه ملحد.
وأما كلام الصوفية في القرآن فليس بتفسير.
قال ابن الصلاح في فتاواه: وجدت عن الإمام الواحدي أنه قال: صنف السلمي حقائق التفسير إن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر.
قال النسفي في: عقائده: النصوص تحمل على ظواهرها والعدول عنها إلى معان يدعيها أهل الباطن إلحادا وقال التفتازاني في: شرحه: سميت الملاحدة باطنية لادعائهم أن النصوص ليست على ظواهرها بل لها معان باطنة لا يعلمها إلا المعلم وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكلية.
وقال: وأما ما يذهب إليه بعض المحققين من النصوص على ظواهرها ومع ذلك فيها إشارات خفية إلى دقائق تنكشف على أرباب السلوك يمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة فهو من كمال الإيمان ومحض العرفان.
وقال تاج الدين عطاء الله في: لطائف المنن: اعلم أن تفسير هذه الطائفة لكلام الله - سبحانه وتعالى - وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالمعاني الغريبة ليست إحالة الظاهر عن ظاهره ولكن ظاهر الآية مفهوم منه ما جلبت الآية له ودلت عليه في عرف اللسان وثم أفهام باطنة تفهم عند الآية والحديث لمن فتح الله تعالى قلبه.
وقد جاء في الحديث: لكل آية ظهر وبطن ولكل حرف حد ولكل حد مطلع فلا يصدنك عن تلقي هذه المعاني منهم أن يقول لك ذو جدل: هذا إحالة كلام الله - تعالى - وكلام رسوله فليس ذلك بإحالة وإنما يكون إحالة لو قال: لا معنى للآية إلا هذا وهم لا يقولون ذلك بل يفسرون الظواهر على ظواهرها مرادا بها موضوعاتها. انتهى. قال في: كشاف اصطلاحات الفنون: أما الظهر والبطن ففي معناهما أوجه ثم ذكرها قال: قال بعض العلماء: لكل آية ستون ألف فهم فهذا يدل على أن في فهم المعاني من القرآن مجالا متسعا وأن المنقول من ظاهر التفسير ليس ينتهي الإدراك فيه بالنقل والسماع لا بد منه في ظاهر التفسير لتتقى به مواضع اللغط ثم بعد ذلك يتسع الفهم والاستنباط ولا يجوز التهاون في حفظ التفسير الظاهر بل لا بد منه أولا إذ لا مطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر وإن شئت الزيادة فارجع إلى: الإتقان. انتهى.
قال صاحب مفتاح السعادة: الإيمان بالقرآن هو التصديق بأنه كلام الله - سبحانه وتعالى - قد أنزل على رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - بواسطة جبريل - عليه السلام - وأنه دال على صفة أزلية له - سبحانه وتعالى - وأن ما دل هو عليه بطريق القواعد العربية مما هو مراد الله - سبحانه وتعالى - حق لا ريب فيه ثم تلك الدلالة على مراده - سبحانه وتعالى - بواسطة القوانين الأدبية الموافقة للقواعد الشرعية والأحاديث النبوية مراد الله سبحانه وتعالى.
ومن جملة ما علم من الشرائع أن مراد الله - سبحانه - من القرآن لا ينحصر في هذا القدر لما قد ثبت في الأحاديث أن لكل آية ظهرا وبطنا وذلك المراد الآخر لما لم يطلع عليه كل أحد بل من أعطي فهما وعلما من لدنه تعالى يكون الضابط في صحته أن لا يرفع ظاهر المعاني المنفهمة عن الألفاظ بالقوانين العربية وأن لا يخالف القواعد الشرعية ولا يباين إعجاز القرآن ولا يناقض النصوص الواقعة فيها فإن وجد فيه هذه الشرائط فلا يطعن فيه وألا فهو بمعزل عن القبول.
قال الزمخشري: من حق تفسير القرآن أن يتعاهد بقاء النظم على حسنه والبلاغة على كمالها وما وقع به التحدي سليما من القادح وأما الذين تأيدت فطرتهم النقية بالمشاهدات الكشفية فهم القدوة في هذه المسالك ولا يمنعون أصلا عن التوغل في ذلك ثم ذكر ما وجب على المفسر من آداب.
وقال: ثم اعلم أن العلماء كما بينوا في التفسير شرائط بينوا في المفسر أيضا شرائط لا يحل التعاطي لمن عري عنها وهو فيها راجل وهي: أن يعرف خمسة عشر علما على وجه الإتقان والكمال: اللغة والنحو والتصريف والاشتقاق والمعنى والبيان والبديع والقراءات وأصول الدين وأصول الفقه وأسباب النزول والقصص والناسخ والمنسوخ والفقه والأحاديث المبينة لتفسير المجمل والمبهم وعلم الموهبة وهو: علم يورثه الله - سبحانه وتعالى - لمن عمل بما علم وهذه العلوم التي لا مندوحة للمفسر عنها وإلا فعلم التفسير لا بد له من التبحر في كل العلوم.
ثم إن تفسير القرآن ثلاثة أقسام:
الأول: علم ما لم يطلع الله تعالى عليه أحدا من خلقه وهو ما استأثر به من علوم أسرار كتابه من معرفة كنه ذاته ومعرفة حقائق أسمائه وصفاته وهذا لا يجوز لأحد الكلام فيه.
والثاني: ما أطلع الله - سبحانه وتعالى - نبيه عليه من أسرار الكتاب واختص به فلا يجوز الكلام فيه إلا له عليه الصلاة والسلام أو لمن أذن له قيل: وأوائل السور من هذا القسم وقيل: من الأول.
والثالث علوم علمها الله تعالى نبيه مما أودع كتابه من المعاني الجلية والخفية وأمره بتعليمها وهذا ينقسم إلى قسمين: منه ما لا يجوز الكلام فيه إلا بطريق السمع: كأسباب النزول والناسخ والمنسوخ والقرآن واللغات وقصص الأمم وأخبار ما هو كائن.
ومنه ما يؤخذ بطريق النظر والاستنباط من الألفاظ وهو قسمان:
قسم اختلفوا في جوازه وهو: تأويل الآيات المتشابهات.
وقسم اتفقوا عليه وهو: استنباط الأحكام الأصلية والفرعية والإعرابية: لأن مبناها على الأقيسة وكذلك فنون البلاغة وضروب المواعظ والحكم والإشارات لا يمتنع استنباطها منه لمن له أهلية ذلك وما عدا هذه الأمور هو التفسالمسمى ب: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير ثم تفسير هذا العبد القاصر المسمى ب: فتح البيان في مقاصد القرآن وقد طبع - بحمد الله تعالى - بمطبعتنا ببلدة بهوبال وكان المصروف في وليمة طبعه عشرين ألف ربية وسارت به الركبان من بلاد الهند إلى بلاد العرب والعجم ورزق القبول من علماء الكتاب والسنة القاطنين ببلد الله الحرام ومدينة نبيه - عليه الصلاة والسلام - ومحدثي اليمن وصنعاء والقدس والمغرب وغير هؤلاء ولله الحمد كل الحمد على ذلك.
فصل
قال ابن خلدون في: بيان علوم القرآن من التفسير والقراءات:
أما التفسير فاعلم أن القرآن نزل بلغة العرب وعلى أساليب بلاغتهم فكانوا كلهم يفهمونه ويعلمون معانيه في مفرداته وتراكيبه وكان ينزل جملا جملا وآيات آيات لبيان التوحيد والفروض الدينية بحسب الوقائع منها: ما هو في العقائد الإيمانية ومنها: ما هو في أحكام الجوارح ومنها: ما يتقدم ومنها: ما يتأخر ويكون ناسخا له وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبين المجمل ويميز الناسخ من المنسوخ ويعرفه أصحابه فعرفوه وعرفوا سبب نزول الآيات ومقتضى الحال منها منقولا عنه كما علم من قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} : أنها نعي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمثال ذلك ونقل ذلك عن الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - وتداول ذلك التابعون من بعدهم ونقل ذلك عنهم ولم يزل ذلك متناقلا بين الصدر الأول والسلف حتى صارت المعارف علوما ودونت الكتب فكتب الكثير من ذلك ونقلت الآثار الواردة فيه عن الصحابة والتابعين وانتهى ذلك إلى الطبري والواقدي والثعالبي وأمثال ذلك من المفسرين فكتبوا فيه ما شاء الله أن يكتبوه من الآثار.
ثم صارت علوم اللسان صناعية من الكلام في موضوعات اللغة وأحكام الإعراب والبلاغة في التراكيب فوضعت الدواوين في ذلك بعد أن كانت ملكات للعرب لا يرجع فيها إلى نقل ولا كتاب فتنوسي ذلك وصارت تتلقى من كتب أهل اللسان فاحتيج إلى ذلك في تفسير القرآن لأنه بلسان العرب وعلى منهاج بلاغتهم وصار التفسير على صنفين: تفسير نقلي مسند إلى الآثار المنقولة عن السلف وهي: معرفة الناسخ والمنسوخ وأسباب النزول ومقاصد الآي وكل ذلك لا يعرف إلا بالنقل عن الصحابة والتابعين وقد جمع المتقدمون في ذلك وأوعوا إلا أن كتبهم ومنقولاتهم تشتمل على الغث والسمين والمقبول والمردود والسبب في ذلك: أن العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم وإنما غلبت عليهم البداوة والأمية وإذا تشوقوا إلى معرفة شيء مما تتشوق إليه النفوس البشرية في أسباب المكونات وبدء الخليقة وأسرار الوجود فإنما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم ويستفيدونه منهم وهم أهل التوراة من اليهود من تبع دينهم من النصارى وأهل التوراة الذين بين العرب يومئذ بادية مثلهم ولا يعرفون من ذلك إلا ما تعرفه العامة من أهل الكتاب ومعظمهم من حمير الذين أخذوا بدين اليهودية فلما أسلموا بقوا على ما كان عندهم مما لا تعلق له بالأحكام الشرعية التي يحتاطون لها مثل: أخبار بدء الخليقة وما يرجع إلى الحدثان والملاحم وأمثال ذلك وهؤلاء مثل: كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام وأمثالهم فامتلأت التفاسير من المنقولات عندهم وفي أمثال هذه الأغراض أخبار موقوفة عليهم وليست مما يرجع إلى الأحكام فيتحرى في الصحة التي يجب بها العمل ويتساهل المفسرون في مثل ذلك وملئوا كتب التفسير بهذه المنقولات وأصلها كما قلنا عن أهل التوراة الذين يسكنون البادية ولا تحقيق عندهم بمعرفة ما ير بالرأي الذي نهى عنه وفيه خمسة أنواع:
الأول: التفسير من غير حصول العلوم التي يجوز معها.
التفسير الثاني: تفسير المتشابه الذي لا يعلمه ألا الله - سبحانه وتعالى -.
الثالث: التفسير المقرر للمذهب الفاسد بأن يجعل المذهب أصلا والتفسير تابعا له فيرد إليه بأي طريق أمكن وإن كان ضعيفا.
والرابع: التفسير بأن مراد الله - سبحانه وتعالى - كذا على القطع من غير دليل.
الخامس: التفسير بالاستحسان والهوى.
وإذا عرفت هذه الفوائد وإن أطنبنا فيها لكونه رأس العلوم ورئيسها فاعلم أن كتب التفاسير كثيرة ذكرنا منها في كتابنا: الإكسير في أصول التفسير ما هو مسطور في: كشف الظنون وزدنا عليه أشياء على ترتيب حروف الهجاء.
قال في: مدينة العلوم: والكتب المصنفة في التفسير ثلاثة أنواع: وجيز ووسيط وبسيط.
ومن الكتب الوجيزة فيه: زاد المسيرة لابن الجوزي و: الوجيز للواحدي و: تفسير الواضح للرازي و: تفسير الجلالين إذ عمل نصفه الآخر جلال الدين المحلى وكمله جلال الدين السيوطي والشهير لأبي حيان ومن الكتب المتوسطة: الوسيط للواحدي و: تفسير الماتريدي و: تفسير التيسير لنجم الدين النسفي و: تفسير الكشاف للزمخشري و: تفسير الطيبي و: تفسير البغوي و: تفسير الكواشي و: تفسير البيضاوي و: تفسير القرطبي و: تفسير سراج الدين الهندي و: تفسير مدارك التنزيل لأبي البركات النسفي.
ومن الكتب المبسوطة: البسيط للواحدي و: تفسير الراغب للأصفهاني وتفسير أبي حيان المسمى ب: البحر و: التفسير الكبير للرازي و: تفسير العلامي ورأيته في أربعين مجلدا و: تفسير ابن عطية الدمشقي و: تفسير الخرقي نسبة إلى بائع الخرق والثياب و: تفسير الحوفي و: تفسير القشيري1 و: تفسير ابن عقيل وتفسير السيوطي المسمى ب: الدر المنثور في التفسير المأثور و: تفسير الطبري ومن التفاسير: إعراب القرآن للسفاقسي. انتهى.
قلت: ومن الحسن التفاسير المؤلفة في هذا الزمان الأخير تفسير شيخنا الإمام المجتهد العلامة قاضي القضاة بصنعاء اليمن محمد بن علي الشوكاني المتوفى سنة خمس وخمسين ومائتين وألف الهجرية المسمى بفتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير ثم تفسير هذا العبد القاصر المسمى بفتح البيان في مقاصد القرآن وقد طبع - بحمد الله تعالى - بمطبعتنا ببلدة بهوبال وكان المصروف في وليمة طبعه عشرين ألف ربية وسارت به الركبان من بلاد الهند إلى بلاد العرب والعجم ورزق القبول من علماء الكتاب والسنة القاطنين ببلد الله الحرام ومدينة نبيه - عليه الصلاة والسلام - ومحدثي اليمن وصنعاء والقدس والمغرب وغير هؤلاء ولله الحمد كل الحمد على ذلك.
فصل
قال ابن خلدون في: بيان علوم القرآن من التفسير والقراءات:
أما التفسير فاعلم أن القرآن نزل بلغة العرب وعلى أساليب بلاغتهم فكانوا كلهم يفهمونه ويعلمون معانيه في مفرداته وتراكيبه وكان ينزل جملا جملا وآيات آيات لبيان التوحيد والفروض الدينية بحسب الوقائع منها: ما هو في العقائد الإيمانية ومنها: ما هو في أحكام الجوارح ومنها: ما يتقدم ومنها: ما يتأخر ويكون ناسخا له وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبين المجمل ويميز الناسخ من المنسوخ ويعرفه أصحابه فعرفوه وعرفوا سبب نزول الآيات ومقتضى الحال منها منقولا عنه كما علم من قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} : أنها نعي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمثال ذلك ونقل ذلك عن الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - وتداول ذلك التابعون من بعدهم ونقل ذلك عنهم ولم يزل ذلك متناقلا بين الصدر الأول والسلف حتى صارت المعارف علوما ودونت الكتب فكتب الكثير من ذلك ونقلت الآثار الواردة فيه عن الصحابة والتابعين وانتهى ذلك إلى الطبري والواقدي والثعالبي وأمثال ذلك من المفسرين فكتبوا فيه ما شاء الله أن يكتبوه من الآثار.
ثم صارت علوم اللسان صناعية من الكلام في موضوعات اللغة وأحكام الإعراب والبلاغة في التراكيب فوضعت الدواوين في ذلك بعد أن كانت ملكات للعرب لا يرجع فيها إلى نقل ولا كتاب فتنوسي ذلك وصارت تتلقى من كتب أهل اللسان فاحتيج إلى ذلك في تفسير القرآن لأنه بلسان العرب وعلى منهاج بلاغتهم وصار التفسير على صنفين: تفسير نقلي مسند إلى الآثار المنقولة عن السلف وهي: معرفة الناسخ والمنسوخ وأسباب النزول ومقاصد الآي وكل ذلك لا يعرف إلا بالنقل عن الصحابة والتابعين وقد جمع المتقدمون في ذلك وأوعوا إلا أن كتبهم ومنقولاتهم تشتمل على الغث والسمين والمقبول والمردود والسبب في ذلك: أن العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم وإنما غلبت عليهم البداوة والأمية وإذا تشوقوا إلى معرفة شيء مما تتشوق إليه النفوس البشرية في أسباب المكونات وبدء الخليقة وأسرار الوجود فإنما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم ويستفيدونه منهم وهم أهل التوراة من اليهود من تبع دينهم من النصارى وأهل التوراة الذين بين العرب يومئذ بادية مثلهم ولا يعرفون من ذلك إلا ما تعرفه العامة من أهل الكتاب ومعظمهم من حمير الذين أخذوا بدين اليهودية فلما أسلموا بقوا على ما كان عندهم مما لا تعلق له بالأحكام الشرعية التي يحتاطون لها مثل: أخبار بدء الخليقة وما يرجع إلى الحدثان والملاحم وأمثال ذلك وهؤلاء مثل: كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام وأمثالهم فامتلأت التفاسير من المنقولات عندهم وفي أمثال هذه الأغراض أخبار موقوفة عليهم وليست مما يرجع إلى الأحكام فيتحرى في الصحة التي يجب بها العمل ويتساهل المفسرون في مثل ذلك وملئوا كتب التفسير بهذه المنقولات وأصلها كما قلنا عن أهل التوراة الذين يسكنون البادية ولا تحقيق عندهم بمعرفة ما ينقلونه من ذلك إلا أنهم بعد صيتهم وعظمة أقدارهم لما كانوا عليه من المقامات في الدين والملة فتلقيت بالقبول من يومئذ لما رجع الناس إلى التحقيق والتمحيض.
وجاء أبو محمد بن عطية من المتأخرين بالغرب فلخص تلك التفاسير كلها وتحرى ما هو أقرب إلى الصحة منها ووضع ذلك في كتاب متداول بين أهل المغرب والأندلس حسن المنحى.
وتبعه القرطبي في تلك الطريقة على منهاج واحد في كتاب آخر مشهور بالمشرق.
والصنف الآخر من التفسير وهو: ما يرجع إلى اللسان من معرفة اللغة والإعراب والبلاغة في تأدية المعنى بحسب المقاصد والأساليب وهذا الصنف من التفسير قل أن ينفرد عن الأول إذ الأول هو المقصود بالذات وإنما جاء هذا بعد أن صار اللسان وعلومه صناعة نعم قد يكون في بعض التفاسير غالبا ومن أحسن ما اشتمل عليه هذا الفن من التفاسير كتاب: الكشاف للزمخشري من أهل خوارزم العراق إلا أن مؤلفه من أهل الاعتزال في العقائد فيأتي بالحجاج على مذاهبهم الفاسدة حيث تعرض له في أي في القرآن من طرق البلاغة فصار بذلك للمحققين من أهل السنة انحراف عنه وتحذير للجمهور من مكامنه مع إقرارهم برسوخ قدمه فيما يتعلق باللسان والبلاغة وإذا كان الناظر فيه واقفا مع ذلك على المذاهب السنية محسنا للحجاج عنها فلا جرم أنه مأمون من غوائله فلتغتنم مطالعته لغرابة فنونه في اللسان ولقد وصل إلينا في هذه العصور تأليف لبعض العراقيين وهو شرف الدين الطيبي من أهل توريز من عراق العجم شرح فيه كتاب الزمخشري هذا وتتبع ألفاظه وتعرض لمذاهبه في الاعتزال بأدلة تزيفها وتبين أن البلاغة إنما تقع في الآية على ما يراه أهل السنة لا على ما يراه المعتزلة فأحسن في ذلك ما شاء مع إمتاعه في سائر فنون البلاغة - وفوق كل ذي علم عليم -. انتهى كلامه
فصل
قال الله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ} وقال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"ستكون فتن", قيل: وما المخرج منها؟ قال: "كتاب الله: فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم" أخرجه الترمذي وغيره.
وقال أبو مسعود: من أراد العلم فعليه بالقرآن فإن فيه خير الأولين والآخرين أخرجه سعيد بن منصور في سننه قال البيهقي: أراد به أصول العلم.
وقال بعض السلف: ما سمعت حديثا إلا التمست له آية من كتاب الله تعالى
وقال سعيد بن جبير: ما بلغني حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم وآله وسلم - على وجهه إلا وجدت مصداقه في كتاب الله أخرجه ابن أبي حاتم.
وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: أنزل في هذا القرآن كل علم وميز لنا فيه كل شيء ولكن علمنا يقصر عما بين لنا في القرآن أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لو أغفل شيئا لأغفل الذرة والخردلة والبعوضة" أخرجه أبو الشيخ في كتاب: العظمة.
وقال الشافعي: جميع ما حكم به النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو ما فهمه من القرآن قلت: ويؤيد قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه" رواه بهذا اللفظ الطبراني في الأوسط من حديث عائشة رضي الله عنها.
وقال الشافعي أيضا: ليست تنزل بأحد في الدين نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها لا يقال: إن من الأحكام ما ثبت ابتداء بالسنة لأن ذلك مأخوذ من كتاب الله تعالى في الحقيقة لأن الله تعالى أوجب علينا اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في غير موضع من القرآن وفرض علينا الأخذ بقوله دون من عداه ولهذا نهى عن التقليد وجميع السنة شرح للقرآن وتفسير للفرقان.
قال الشافعي مرة بمكة المكرمة: سلوني عما شئتم أخبركم عنه من كتاب الله.
فقيل له: ما تقول في المحرم يقتل الزنبور.
فقال: بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ثم روى عن حذيفة بن اليمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بسنده أنه قال: "اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر" ثم روى عن عمر بن الخطاب أنه أمر بقتل المحرم الزنبور ومثل ذلك حكاية ابن مسعود في لعن الواشمات وغيرهن واستدلاله بالآية الكريمة المذكورة وهي معروفة رواها البخاري.
ونحوه حكاية المرأة التي كانت لا تتكلم إلا بالقرآن وهي:
أنها قال عبد الله بن المبارك: خرجت قاصدا بيت الله الحرام وزيارة مسجد النبي - عليه الصلاة والسلام - فبينما أنا سائر في الطريق وإذا بسواد فمررت به وإذا هي عجوز عليها درع من صوف وخمار من صوف فقلت: السلام عليك ورحمة الله وبركاته فقالت: {سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} فقلت لها يرحمك الله تعالى ما تصنعين في هذا المكان؟
فقالت: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ} فقلت: أنها ضالة عن الطريق فقلت: أين تريدين؟
فقالت: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} فعلمت أنها قضت حجها وتريد بيت المقدس فقلت: أنت مذ كم في هذا المكان؟
فقالت: ثلاث ليال سويا فقلت أما أرفعك طعاما.
فقالت: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} فقلت لها ليس هذا شهر رمضان.
فقالت: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} فقلت لها قد أبيح لنا الإفطار في السفر.
فقالت: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} فقلت لها لم لا تكلميني مثل ما أكلمك به فقالت: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} فقلت لها: من أي الناس أنت؟
فقالت: {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} فقلت لها: قد أخطأت فاجعلني في حل. فقالت: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم قلت لها: هل لك أن أحملك على ناقتي وتلحقي القافلة؟
قالت: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} فأنخت مطيتي لها.
فقالت: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} فغضضت بصري عنها فقلت: اركبي فلما أرادت أن تركب نفرت الناقة بها ومزقت ثيابها.
فقال: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} فقلت لها: اصبري حتى أعقلها.
فقالت: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} فشددت لها الناقة وقلت لها: اركبي فلما ركبت قالت: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} فأخذت بزمام الناقة وجعلت أسعى وأصيح طربا.
فقالت لي: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} فجعلت أمشي وأترنم بالشعر.
فقالت: {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} فقلت: ليس هو بحرام.
قالت: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} فطرقت عنها ساعة فقلت لها: هل لك ربع؟
قالت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} فسكت عنها ولم أكملها حتى أدركت بها القافلة فقلت: لها هذه القافلة فمن لك فيها؟
فقالت: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} فعلمت أن لها أولادا ومالا فقلت لها: ما شأنهم في الحاج؟
قالت: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} فعلمت أنهم أدلاء الركب فقصدت بي القبابات والعمارات فقلت: من لك فيها؟
فقالت: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} فناديت: يا إبراهيم يا موسى يا يحيى فجاءوني بالتلبية فإذا هم شبان كأنهم الأقمار قد أقبلوا فلما استقر بهم الجلوس قالت لهم: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ} فقام أحدهم فاشترى طعاما فقدموه بين يدي وقالت:
{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} فقلت لهم: طعامكم هذا علي حرام حتى تخبروني بامرأتكم هذه فقالوا: هذه لها أربعون سنة ما تتكلم إلا بالقرآن مخافة أن تزل في كلامها فيسخط الله عليها - فسبحان الله القادر على كل شيء -. انتهت الحكاية1 وهي تدل على أن القرآن الكريم فيه كل شيء.
قال بعض السلف: ما من شيء إلا ويمكن استخراجه من القرآن لمن فهمه الله حتى أن بعضهم استنبط عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثا وستين سنة من قوله تعالى في سورة المنافقين: {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} فإنها رأس ثلاث وستين وعقبها بالتغابن ليظهر التغابن في فقده.
قال المرسي: جمع القرآن وعلوم الأولين والآخرين بحيث لم يحط بها علما حقيقة إلا المتكلم به ثم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلا ما استأثر به سبحانه ثم ورث عنه معظم ذلك سادة الصحابة وأعلامهم مثل الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس حتى قال: لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله ثم ورث عنهم التابعون بإحسان ثم تقاصرت الهمم وفترت العزائم وتقال أهل العلم وضعفوا عن حمل ما حمله الصحابة والتابعون من علومه وسائر فنونه فنوعوا علمه وقامت كل طائفة بفن من فنونه فاعتزم قوم بضبط لغاته وتحرير كلماته ومعرفة مخارج حروفه وعدد كلماته وآياته وسوره وأجزائه وأنصافه وأرباعه وعدد سجداته والتعليم عند كل عشر آيات إلى غير ذلك من حصر الكلمات المتشابهات والآيات المتماثلات من غير تعرض لمعانيه ولا تدبر لما أودع فيه فسموا: القراء.
واعتنى النحاة بالمعرب منه والمبني من الأسماء والأفعال والحروف العاملة وغيرها وأوسعوا الكلام في الأسماء وتوابعها وضروب الأفعال واللازم والمتعدي ورسوم خط الكلمات وجميع ما يتعلق به حتى إن بعضهم أعرب مشكله وبعضهم أعربه كلمة كلمة.
واعتنى المفسرون بألفاظه فوجدوا منه لفظا يدل على معنى واحد ولفظا يدل على معنيين ولفظا يدل على أكثر فأجروا الأول على حكمه وأوضحوا معنى الخفي منه وخاضوا في ترجيح أحد محتملات ذي المعنيين والمعاني وأعمل كل منهم فكره وقال بما اقتضاه نظره.
واعتنى الأصوليون بما فيه من الأدلة العقلية والشواهد الأصلية والنظرية مثل قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة فاستنبطوا منه أدلة على وحدانية الله ووجوده وبقائه وقدمه وقدرته وعلمه وتنزيهه عما لا يليق به وسموا هذا العلم ب: أصول الدين
وتأملت طائفة منهم معاني خطابه وإن منها ما يقتضي العموم ومنها ما يقتضي الخصوص إلى غير ذلك فاستنبطوا منه أحكام اللغات من الحقيقة والمجاز وتكلموا في التخصيص والإضمار والنص والظاهر والمجمل والمحكم والمتشابه والأمر والنهي والنسخ إلى غير ذلك من أنواع الأقيسة واستصحاب الحال والاستقراء وسموا هذا الفن: أصول الفقه.
وأحكمت طائفة صحيح النظر وصادق الفكر فيما فيه من الحلال والحرام وسائر الأحكام فابتنوا أصوله وفروعه وبسطوا القول في ذلك بسطا حسنا وسموه ب: علم الفروع وب: الفقه أيضاً.
وتلمحت طائفة ما فيه من قصص القرون السابقة والأمم الخالية ونقلوا أخبارهم ودونوا آثارهم ووقائعهم حتى ذكروا بدء الدنيا أول الأشياء حتى سموا ذلك بالتاريخ والقصص.
وتنبه آخرون لما فيه من الحكم والأمثال والمواعظ التي ترقق قلوب الرجال وتكاد تدكدك شوامخ الجبال فاستنبطوا مما فيه من الوعد والوعيد والتحذير والتبشير وذكر الموت والمعاد والنشر والحشر والحساب والعقاب والجنة والنار فصولا من المواعظ وأصولا من الزواجر فسموا بذلك: الخطباء والوعاظ.
واستنبط قوم مما فيه من أصول التعبير مثل ما ورد في قصة يوسف في البقرات السمان وفي منامي صاحبي السجن وفي رؤياه الشمس والقمر والنجوم ساجدة وسموه: تعبير الرؤيا
واستنبطوا تفسير كل رؤيا من الكتاب فإن عز عليهم إخراجها منه فمن السنة التي هي شارحة للكتاب فإن عسر فمن الحكم والأمثال.
ثم نظروا إلى اصطلاح العوام في مخاطبتهم وعرف عادمهم الذي أشار إليه القرآن بقوله: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} .
وأخذ قوم مما في آية المواريث من ذكر السهام وأربابها وغير ذلك: علم الفرائض واستنبطوا منها من ذكر النصف والثلث والربع والسدس والثمن حساب الفرائض ومسائل العول1 واستخرجوا منها أحكام الوصايا. ونظر قوم إلى ما فيه من الآيات الدالة على الحكم الباهرة في الليل والنهار والشمس والقمر ومنازله والنجوم والبروج غير ذلك فاستخرجوا منه علم المواقيت.
ونظر الكتاب والشعراء إلى ما فيه من جلالة اللفظ وبديع النظم وحسن السياق والمبادئ والمقاطع والمخالص والتلوين في الخطاب والإطناب والإيجاز وغير ذلك فاستنبطوا منه المعاني والبيان والبديع.
ونظر فيه أرباب الإشارات وأصحاب الحقيقة فلاح لهم من ألفاظه معان ودقائق جعلوا لها أعلاما اصطلحوا عليها من الفناء والبقاء والحضور والخوف والهيبة والأنس والوحشة والقبض والبسط وما أشبه ذلك.
هذه الفنون التي أخذتها الملة الإسلامية منه وقد احتوى على علوم أخر مثل: الطب والجلد والهيئة والهندسة والجبر والمقابلة والنجامة وغير ذلك.
أما الطب: فمداره على حفظ نظام الصحة واستحكام القوة وغير ذلك وإنما يكون باعتدال المزاج بتفاعل الكيفيات المتضادة وقد جمع ذلك في آية واحدة وهي قوله: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} وعرفنا فيه بما يعيد نظام الصحة بعد اختلاطه وحدوث الشفاء للبدن بعد إعلاله في قوله: {شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} ثم زاد على طب الأجساد بطب القلوب: {وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} .
وأما الهيئة: ففي تضاعيف سور من الآيات التي ذكر فيها من ملكوت السموات والأرض وما بث في العالم العلوي والسفلي من المخلوقات.
وأما الهندسة: ففي قوله تعالى: {انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ} {لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ} فإن فيه القاعدة الهندسية وهي: أن الشكل المثلث لا ظل له.
وأما الجدل: فقد حوت آياته من البراهين والمقدمات والنتائج والقول بالموجب والمعارضة وغير ذلك شيئا كثيرا ومناظرة إبراهيم أصل في ذلك عظيم.
وأما الجبر والمقابلة: فقد قيل: أن أوائل السور فيها ذكر مدد أعوام وأيام وتواريخ أمم سابقة وإن فيها تاريخ بقاء هذه الأمة وتاريخ هذه الدنيا وما مضى وما بقي مضروب بعضها في بعض.
وأما النجامة: ففي قوله: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} فقد فسره ابن عباس بذلك وفيه أصول الصنائع وأسماء الآلات التي تدعو الضرورة إليها فمن الصنائع: الخياطة في قوله: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ} والحدادة في قوله: {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} وقوله: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} والبناء في آيات
والنجارة: {أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} .
والغزل: {َقَضَتْ غَزْلَهَا} .
والنسج: {كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً} .
والفلاحة: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ} وفي آيات أخر.
والصيد في آيات.
والغوص: {كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ} {وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً} .
والصياغة: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً} . والزجاجة: {صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ} و: {الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ} .
والفخارة: {فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ} .
والملاحة: {أَمَّا السَّفِينَةُ} الآية.
والكتابة: {عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} وفي آيات أخر.
والخبز والعجن: {أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً} .
والطبخ: {فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} .
والغسل والقصارة: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} و {قَالَ الْحَوَارِيُّونَ} وهم القصارون.
والجزارة: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} والبيع والشراء في آيات كثيرة.
والصبغ {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} و {بِيضٌ وَحُمْرٌ} .
والحجارة: {وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً} والكيالة والوزن في آيات كثيرة.
والرمي: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ} {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} .
وفيه من أسماء الآلات وضرب المأكولات والمشروبات والمنكوحات وجميع ما وقع ويقع في الكائنات ما يحقق معنى قوله: ما فرطنا في الكتاب من شيء. انتهى كلام المرسي ملخصا مع زيادات.
قال السيوطي في: الإكليل: وأنا أقول: قد اشتمل كتاب الله العزيز على كل شيء أما أنواع العلوم فليس منها باب ولا مسئلة هي أصل إلا وفي القرآن ما يدل عليها وفيه علم عجائب المخلوقات وملكوت السموات والأرض وما في الأفق الأعلى وتحت الثرى وبدء الخلق وأسماء مشاهير الرسل والملائكة وعيون أخبار الأمم السابقة: كقصة آدم مع إبليس في إخراجه من الجنة.
وفي الولد الذي سماه عبد الحارث ورفع إدريس وغرق قوم نوح.
وقصة عاد الأولى والثانية وقوم تبع ويونس وأصحاب الرس وثمود والناقة وقوم لوط وقوم شعيب الأولين والآخرين فإنه أرسل مرتين وقصة موسى في ولادته وإلقائه في اليم وقتله القبطي ومسيره إلى مدين وتزوجه ابنة شعيب وكلامه تعالى بجانب الطور ومجيئه إلى فرعون وخروجه وإغراق عدوه وقصة العجل والقوم الذين خرج بهم وأخذتهم الصاعقة وقصة القتيل وذبح البقرة وقصته في قتل الجبارين وقصته مع الخضر والقوم ساروا في سرب من الأرض إلى الصين وقصة طالوت وداود مع جالوت وفتنته وقصة سليمان وخبره مع ملكة سبأ وفتنته وقصة القوم الذي خرجوا فرارا من الطاعون فأماتهم الله ثم أحياهم وقصة إبراهيم في مجادلة قومه ومناظرة نمرود وقصة وضعه ابنه إسماعيل مع أمه بمكة وبنائه البيت وقصة الذبيح وقصة يوسف وما أبسطها وأحسنها قصصا وقصة مريم وولادتها عيسى وإرساله ورفعه وقصة زكريا وابنه يحيى وقصة أيوب وذي الكفل وقصة ذي القرنين ومسيره إلى مطلع الشمس ومغربها وبناء السد وقصة أهل الكهف وقصة أصحاب الرقيم وقصة بخت نصر وقصة الرجلين اللذين لأحدهما الجنة وقصة أصحاب الجنة وقصة مؤمن آل يس وقصة أصحاب الفيل وقصة الجبار الذي أراد أن يصعد إلى السماء. انتهى.
وبقيت قصص لم يشر إليها السيوطي منها: قصة قتل قابيل أخاه هابيل وقصة دفن هابيل بدلالة الغراب وقصة وصية يعقوب بنيه إلى غير ذلك قال: وفيه من شأن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعوة إبراهيم وبشارة عيسى وبعثه وهجرته.
ومن غزواته: غزوة بدر في سورة الأنفال وأحد في آل عمران وبدر الصغرى فيها والخندق في الأحزاب والنضير في الحشر والحديبية في الفتح وتبوك في براءة وحجة الوداع في المائدة.
ونكاحة زينب بنت جحش وتحريم سرية وتظاهر أزواجه عليه وقصة الإفك وقصة الإسراء وانشقاق القمر وسحر اليهود.
وفيه بدء خلق الإنسان إلى موته وكيفية الموت وقبض الروح وما يفعل بها بعد عودها إلى السماء وفتح الباب للمؤمنة وإلقاء الكافرة وعذاب القبر والسؤال فيه ومقر الأرواح وأشراط الساعة الكبرى العشرة وهي: نزول عيسى وخروج الدجال ويأجوج ومأجوج والدابة والدخان ورفع القرآن وطلوع الشمس من مغربها وغلق باب التوبة والخسف وأحوال البعث: من نفخ الصور للفزع وللصعق وللقيام والحشر والنشر وأهوال الموقف وشدة الشمس وظل العرش والصراط والميزان والحوض والحساب لقوم ونجاه آخرين.
ومنه: شهادة الأعضاء وإيتاء الكتب بالأيمان والشمائل وخلف الظهر والشفاعة أي بالإذن. والجنة1 وأبوابها وما فيها من الأنهار والأشجار والثمار والحلي والأواني والدرجات ورؤية الله تعالى.
والنار2 وما فيها من الأودية وأنواع العقاب وأصناف العذاب والزقوم والحميم إلى غير ذلك مما لو بسط لجاء في مجلدات
وفي القرآن جميع أسمائه تعالى الحسنى كما ورد في الحديث وفيه من أسمائه مطلقا ألف اسم
وفيه: من أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - جملة أي سبعون اسما ذكرها السيوطي في آخر: الإكليل.
وفيه: شعب الإيمان البضع والسبعون.
وفيه: شرائع الإسلام الثلاثمائة وخمسة عشر وفيه: أنواع الكبائر وكثير من الصغائر وفيه تصديق كل حديث روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال الحسن البصري: أنزل الله مائة وأربعة كتب أودع علومها أربعة منها: التوارة والإنجيل والزبور والفرقان ثم أودع علوم الثلاثة الفرقان ثم أودع علوم الفرقان المفصل ثم أودع علوم الفصل فاتحة الكتاب فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة. أخرجه البيهقي.
قلت: ولذلك كانت قراءتها في كل ركعة من الصلاة وإن كان مأموما واجبة عند أهل المعرفة بالحق وكانت السبع المثاني والقرآن العظيم وقد وردت أحاديث كثيرة في فضلها ما خلا ما صرح بوضعها أهل النقد من علم الحديث وقد فسرها جماعة من أهل العلم مفردة بالتأليف وأبسطوا القول فيها وأجملوا واستنبط الفخر الرازي الإمام منها عشرة آلاف مسئلة كما صرح بذلك في أول: تفسيره الكبير وكل ذلك يدل على عظم مرتبة الكتاب العزيز ورفعة شأن الفرقان الكريم قال الشافعي - رحمه الله -: جميع ما تقول الأئمة شرح للسنة وجميع السنة شرح للقرآن.
قلت: ولذا كان الحديث والقرآن أصلي الشرع لا ثالث لهما وقول الأصوليين أن أدلة الشرع وأصوله أربعة: الكتاب والسنة والإجماع والقياس تسامح ظاهر كيف وهما كفيلان لحكم كل ما حدث في العالم ويحدث فيه إلى يوم القيامة دلت على ذلك آيات من الكتاب العزيز وآثار من السنة المطهرة وإلى ذلك ذهب أهل الظاهر وهم الذين قال فيهم رسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق" الحديث قال بعض السلف: ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - من شيء إلا وهو في القرآن أو فيه أصله قرب أو بعد فهم من فهم وعمي منه من عمي وكذا كل ما حكم أو قضى به. انتهى.
فإذا كانت السنة شرحا للكتاب فماذا يقال من فضل الكتاب نفسه وكفى له شرفا أنه كلام ربنا الخلاق الرزاق المنعم بلا استحقاق أنزله حكما عدلا جامعا للعلوم والفضائل كلها والفنون بأسرها والفواضل والمحاسن والمكارم والمحامد والمناقب والمراتب بقلها وكثرها لا يساويه كتاب ولا يوازيه خطاب وهذه جملة القول فيه.
وقد أكثر الناس التصنيف في أنواع علوم القرآن وتفاسيرها وألف الشيخ الحافظ جلال الدين السيوطي - رحمه الله - في جملة من أنواعه: كأسباب النزول والمعرب والمبهمات ومواطن الورود وغير ذلك وما من كتاب منها إلا وقد فاق الكتب المؤلفة في نوعه ببديع اختصاره وحسن تحريره وكثرة جمعه.
وقد أفرد الناس في أحكامه كتبا: كالقاضي إسماعيل والبكر بن العلاء وأبي بكر الرزاي والكيا الهراسي وأبي بكر بن العربي وابن الفرس والموزعي وغيرهم وكل منهم أفاد وأجاد وجمع فأبدع وأوعى.
وللسيوطي في ذلك كتاب: الإكليل في استنباط التنزيل أورد فيه كل ما استنبط منه واستدل به عليه من مسئلة فقهية أو أصولية أو اعتقادية فاشدد بذلك الكتاب يديك وعض عليه بناجذيك.
وألفت أنا في الأحكام خاصة كتاب: نيل المرام من تفسير آيات الأحكام وبالجملة فعلوم الكتاب لا تحصى وتفاسيره لا تستقصى وفنونه لا تتناهى وبركاته لا تقف عند حد وأنواره لا ترسم برسم ولا تحد بحد.
وإذا تقرر ذلك عرفت أن العلوم التي ذكرناها في هذا الكتاب كلها موجودة في ذلك الكتاب دلالة وإشارة منطوقا أو مفهوما مفسرا أو مجملا ولا يعرفها إلا من رسخ قدمه في الكمال وسبح فهمه في بحار العلم بالتفصيل والإجمال والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

دِهَاقًا

{دِهَاقًا}
قال: فأخبرني عن قول الله - عز وجل -: {وَكَأْسًا دِهَاقًا}
قال ابن عباس: ممتلئة. قال: وهل كانت العرب تعرف ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت بقول خِداش بن زهير: أتانا عامرّ يرجو قِرَانا. . . فأتْرعنا له كأساًَ دِهاقاً
(ظ، في الروايتين، وفي (تق) : ملاء وفي (ك، ط) : الكأس الخمر، والدهاق الملآن
= الكلمة من آية النبأ 34:
{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا}
وحيدة في القرآن. صيغة ومادة.
وتفسير دهاق بممتلئة، كما عند الجمهرة من اللغويين والمفسرين، أو مفعمة كما قال "الراغب" في (المفردات) مترعة كما في (الكشاف) على ما يبدو من قربه، يُلحظ معه أن البيان القرآني خصَّ {كَأْسًا دِهَاقًا} بذلك المقام في نعيم المتقين بدار الخلد، على كثرة استعماله لمادة ملأ: فعلاً سبع مرات، ومصدراً مرة، واسم فاعل للجمع مرتين.
ويغلب أن تأتي على اختلاف صيغها في سياق خاصّ، كآية الكهف 18 {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًــا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا}
والوعيد كآية آل عمران 91:
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}
أو النذير بعذاب المجرمين في جهنم، وما يملئون به بطونهم من طلع شجرة الزقوم، بصريح آيات:
الأعراف 17: خطاباً لإبليس: {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ}
ومعها آيات: هود 119، السجدة 13، ص 85 ق 30: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}
الواقعة 53: {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} ومعها آية الصافات 66
ثم إن العربية تتصرف في مادة (ملأ) على سعة، خلافا للدهق الذي قلما يستعمل إلا في كأس دهاق، وأدهقت الكأس، والحوض. فلعل بين المادتين فرق عموم وخصوص. والله أعلم.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.