صورة كتابية صوتية من الــفدام.
صورة كتابية صوتية من الــفدام.
فدم: الفَدْم من الناس: العَيِيُّ عن الحجة والكلام مع ثقل ورخاوة وقلة
فهم، وهو أيضاً الغليظ السمين الأحمق الجافي، والثاء لغة فيه، وحكى يعقوب
أن الثاءَ بدل من الفاء، والجمع فِدام، والأُنثى فَدْمَة وثَدْمة، وقد
فَدُمَ فَدامــة وفُدومة؛ قال الليث: والجمع فُدْم
(* قوله والجمع فدم» كذا
ضبط بالأصل. ووقع في نسخة التهذيب مضبوطاً بشكل القلم أيضاً ككتب).
والمُفْدَم من الثياب: المُشْبَع حمرة، وقيل: هو الذي ليست حُمرته
شديدة. وأَحْمر فَدْم: مشبع. قال شمر: والمُفَدَّمة من الثياب المُشْبَعة
حمرة؛ قال أبو خراش الهذلي:
ولا بَطَلاً إذا الكُماةُ تَزَيَّنُوا،
لَدَى غَمَراتِ المَوْتِ، بالحالِكِ الفَدْمِ
يقول: كأنَّما تزينوا في الحرب بالدّم الحالك. والفَدْم: الثقيلُ من
الدم، والمُفَدَّم مأْخوذ منه. وثوب فَدْم إذا أُشبع صَبْغُه. وثوب فَدْم،
ساكنة الدال، إذا كان مصبوغاً بحمرة مشبعاً. وصِبْغ مُفْدَم أي خاثِر
مُشْبَع. قال ابن بري: والفَدم الدم؛ قال الشاعر:
أَقولُ لكامِلٍ في الحَرْب لَمَّا
جَرى بالحالِكِ الفَدْمِ البُحورُ
وفي الحديث: أنه نهى عن الثوب المُفْدَم؛ هو المشبع حمرة كأنه الذي لا
يُقدر على الزيادة عليه لتناهي حمرته فهو كالممتنع من قبول الصبغ؛ ومنه
حديث علي: نهاني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن أَقرأَ وأنا راكع أو
أَلبَسَ المُعَصْفَر المُفْدَم. وفي حديث عروة: أنه كره المُفْدَم للمُحرم
ولم يرَ بالمُضَرَّج بأْساً؛ المُضَرَّج: دون المُفْدَم، وبعده
المُوَرَّد. وفي حديث أبي ذرّ: أن الله ضَرَبَ النصارى بِذلّ مُفْدَم أي شديد
مشبع، فاستعاره من الذوات للمعاني. والفَدْم: الدم؛ ومنه قيل للثقيل: فَدْم
تشبيهاً به.
والــفِدامُ: شيء تشدُّه العجم على أفواهها عند السَّقْي، الواحدة
فِدامَــة، وأما الــفِدام فإنه مِصْفاة الكوز والإبريق ونحوه، وسُقاةُ الأَعاجم
المجوس إذا سَقَوا الشِّرْبَ فَدَّمُوا أَفواههم، فالساقي مُفَدَّم،
والإبريق الذي يُسقى منه الشِّرْب مُفَدَّم.
والــفَدَّام: شيء تمسح به الأعاجم عند السقي، واحدته فَدَّامــة؛ قال
العجاج:
كأَنَّ ذا فَدَّامــةٍ مُنَطَّفا
قَطَّفَ مِن أَعْنابه ما قَطَّفا
يريد صاحب فَدَّامــة، تقول منه: فَدَّمْت الآنية تَفدِيماً.
والمُفَدَّمات: الأَباريق والدنان. والــفِدامُ والثِّدامُ: المِصْفاة. والــفِدام: ما
يوضع في فم الإبريق، والفَدَّم بالفتح والتشديد مثله، قال: وكذلك الخرقة
التي يَشدّ بها المجوسي فمه. وإبريق مُفْدَم ومَفدُوم ومُفَدَّم: عليه
فِدام، الثاء عند يعقوب بدل من الفاء. والــفَدامُ: لغة في الــفِدام. وفَدَّم
الإبريقَ: وضع على فمه الــفِدَام؛ قال عنترة:
بِزُجاجةٍ صَفْراءَ ذاتِ أسِرَّةٍ،
قُرِنَتْ بأَزْهَر في الشِّمال مُفَدَّمِ
وقال أبو الهِندي:
مُفَدَّمة قَزّاً، كأنَّ رِقابَها
رِقابُ بَناتِ الماء أفْزَعَها الرَّعْدُ
عدَّى مُفَدَّمة إلى مفعولين لأن المعنى ملبسة أو مكسوّة. وفَدَم فاه
وعلى فيه بالــفِدام يَفْدِم فَدْماً وفَدَّم: وضعه عليه وغطَّاه؛ ومنه رجل
فَدْمٌ أي عَييّ ثقيل بَيِّن الــفَدامــة والفُدومة. وفي الحديث: إنكم
مَدْعُوُّون يوم القيامة مُفَدَّمة أفواهُكُم بالــفِدام؛ هو ما يشد على فم
الإبريق والكوز من خرقة لتصفية الشَّراب الذي فيه أي أنهم يُمنعون الكلام
بأَفواههم حتى تتكلم جوارحهم وجلودهم، فشبه ذلك بالــفدام، وقيل: كان سُقاة
الأَعاجم إذا سَقَوْا فَدَّموا أفواههم أي غَطَّْوها، وفي التهذيب: حتى تكلم
أفخاذهم. قال أبو عبيد: وبعضهم يقول الــفَدَّام، قال: ووجه الكلام الجيد
الــفِدام. وفي الحديث أيضاً: يُحشر الناس يوم القيامة عليهم الــفِدام؛
والــفِدام هنا يكون واحداً وجمعاً، فإذا كان واحداً كان اسماً دالاً على
الجنس، وإذا كان جمعاً كان كَكِرام وظِراف. وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه:
الحلم فِدام السفيه أي الحلم عنه يُغَطِّي فاه ويُسْكته عن سفهه. والــفِدام:
الغِمامة. وفَدَّم البعيرَ: شدَّد على فيه الــفِدامــة.
سحق: سَحَقَ الشيءَ يَسْحَقُه سَحْقاً: دقَّه أشد الدقّ، وقيل: السَّحْق
الدقُّ الرقيق، وقيل: هو الدقّ بعد الدقّ، وقيل: السَّحْق دون الدقّ.
الأَزهري: سَحَقَت الريحُ الأَرض وسَهَكَتها إذا قشرت وجه الأَرض بشدة
هبوبها، وسَحَقْت الشيء فانْسَحَق إذا سَهَكْته. ابن سيده: سَحَقَت الريحُ
الأَرض تَسْحَقُها سَحْقاً إذا عَفَّت الآثار وانْتَسَفَت الدِّقاقَ.
والسَّحْق: أثر دَبَرة البعير إذا بَرَأَت وابْيَضَّ موضعها. والسَّحْق:
الثوب الخلَق البالي؛ قال مُزَرِّد:
وما زَوَّدُوني غيرَ سَحْقِ عِمامة،
وخَمْسِ مِئٍ منها قَسِيٌّ وزائفُ
وجمعه سُحوق؛ قال الفرزدق:
فإنّك، إن تَهْجو تَمِيماً وتَرْتَشِي
بِتَأْبِينِ قَيْسٍ، أو سُحوق العَمائم
والفعل: الانْسِحاق. وانْسَحَق الثوبُ وأسْحَق إذا سقط زئْبِرُه وهو
جديد، وسَحَقَه البِلى سَحْقاً؛ قال رؤبة:
سَحْقَ البِلى جدَّته فأَنْهَجا
وقد سَحَقَه البِلى ودَعْكُ اللُّبْس. وثوب سَحْق: وهو الخلَق؛ وقال
غيره: هو الذي انْسَحَق ولانَ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه، أنه قال: مَنْ
زافَت عليه دَراهِمُه فَليَأْت بها السُّوقَ ولْيَشْتَرِ بها ثَوْبَ
سَحْقٍ ولا يُحالفِ الناسَ أنها جِيادٌ؛ السَّحْق: الثوب الخلَق الذي انْسَحَق
وبَليَ كأنه بعد من الانتفاع به. وانْسَحَقَ الثوبُ أي خلَق؛ قال أبو
النجم:
مِنْ دِمْنةٍ كالمِرْجَليِّ المِسْحَق
وأسْحَق خفٌّ البعير أي مَرَنَ. والإسْحاق: ارتفاع الضرع ولزوقه بالبطن.
وأسْحَقَ الضرعُ: يَبِسَ وبَلي وارتفع لبنه وذهب ما فيه؛ قال لبيد:
حتى إذا يَبِسَت وأسْحَقَ حالقٌ،
لم يُبْلِه إرْضاعُها وفِطامُها
وأسْحَقَت ضَرّتُها: ضَمَرت وذهب لبنُها. وقال الأَصمعي: أسْحَق يَبِسَ،
وقال أبو عبيد: أسْحَقَ الضَّرْع ذهب وبلي. وانْسَحَقت الدلوُ: ذهب ما
فيها. الأَزهري: ومُساحَقةُ النساءِ لفظ مولَّد. والسَّحْق في العَدْوِ:
دون الحُضْر وفوق السَّحْج؛ قال رؤبة:
فهي تعاطي شدَّه المُكايَلا
سَحْقاً من الجِدّ وسَحْجاً باطلا
وأنشد الأَزهري لآخر:
كانت لنا جارة، فأزْعَجها
قاذورة تَسْحَق النَّوى قُدُما
والسَّحْق في العَدْوِ: فوق المشي ودون الحُضْر. وسَحَقت العينُ الدمعَ
تَسْحَقه سَحْقاً فانْسَحَق: حَدَرَتْه، ودُموع مَساحِيق؛ وأنشد:
قِتْب وغَرْب إذا ما أُفْرِغ انْسَحقا
والسُّحُق: البُعْد، وكذلك السُّحْق مثل عُسْر وعُسُر. وقد سَحُق الشيء،
بالضم، فهو سَحِيق أي بعيد؛ قال ابن بري: ويقال سَحِيق وأسْحق؛ قال أبو
النجم:
تعلو خَناذِيذَ البَعيد الأَسْحَقِ
وفي الدعاء: سُحْقاً له وبُعْداً، نصبوه على إضمار الفعل غير المستعمل
إظهارُه. وسَحَقَه اللهُ وأسْحَقه الله أي أبعده؛ ومنه قوله:
قاذورة تسحق النوى قُدُما
وأسْحَق هو وانْسَحَق: بَعُد. ومكان سَحِيق: بَعِيد: وفي التنزيل: أو
تَهْوِي به الريحُ في مكان سَحِيق؛ ويجوز في الشعر ساحِقٌ. وسُحُقٌ ساحِقٌ،
على المبالغة، فإن دعوت فالمختار النصب. الأَزهري: لغة أهل الحجاز
بُعْدٌ له وسُحْقٌ له، يجعلونه اسماً، والنصبُ على الدعاء عليه يريدون به
أبْعَدَه الله؛ وأسْحَقَه سُحْقاً وبُعداً وإنه لَبَعِيد سَحِيق. وقال الفراء
في قوله فسُحْقاً لأَصحاب السَّعِير: اجتمعوا على التخفيف، ولو قرئت
فسُحُقاً كانت لغة حسنة؛ قال الزجاج: فسُحْقاً منصوب على المصدر أسْحَقَهم
الله سُحْقاً أي باعَدَهم من رحمته مُباعَدة. وفي حديث الحوض: فأقول
سُحْقاً سُحْقاً أي بُعْداً بُعْداً. ومكان سَحِيق: بعيد. ونخلة سَحُوق:
طويلة؛ وأنشد ابن بري للمفضل النكري:
كان جِذْعٌ سَحُوق
وفي حديث قُسّ: كالنخلة السَّحُوق أي الطويلة التي بَعُد ثمرُها على
المجتني؛ قال الأَصمعي: لا أدري لعل ذلك مع انحناء يكون، والجمع سُحُق؛
فأما قول زهير:
كأنَّ عَيْنَيّ في غَرْبَيْ مُقَتِّلة،
من النواضح، تَسْقِي جَنّةً سُحُقا
فإنه أراد نخلَ جَنّة فحذف إلا أن يكونوا قد قالوا جنّة سُحُق، كقولهم
ناقة عُلُطٌ وامرأة عُطُلٌ. الأَصمعي: إذا طالت النخلة مع انجراد فهي
سَحُوق، وقال شمر: هي الجرداء الطويلة التي لا كَرَب لها؛ وأنشد:
وسالِفة كسَحُوق اللِّيا
ن، أضْرَمَ فيها الغَوِيُّ السُّعُرْ
شبه عنق الفرس بالنخلة الجرداء. وحمار سَحُوق: طويل مُسِنّ، وكذلك
الأَتان، والجمع سُحخقٌ؛ وأنشد للبيد في صفة النخل:
سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصَّفا وسَرِيُّه،
عُمٌّ نَواعِمُ بَيْنَهُنّ كُرومُ
واستعار بعضهم السَّحُوق للمرأة الطويلة؛ وأنشد ابن الأَعرابي:
تُطِيف به شَدَّ النهار ظَعِينةٌ،
طَويلةُ أنْقاء اليدَيْنِ سَحُوقُ
والسَّوْحَق: الطويل من الرجال؛ قال ابن بري: شاهده قول الأَخطل:
إذا قلتُ: نالَته العَوالي، تَقاذَفَتْ
به سَوْحَقُ الرِّجْلَيْنِ سانحةُ الصَّدْرِ
الأَصمعي: من الأَمطار السَّحائِقُ، الواحدة سَحيقة، وهو المطر العظيم
القَطْر الشديد الوَقْع القليلُ العَرِمُ، قال: ومنها السَّحِيفة، بالفاء،
وهي المطرة تجرُف ما مرَّت به.
وساحوق: موضع؛ قال سلمة العبسي:
هَرَقْن بِساحُوقٍ دِماءً كَثِيرة،
وغادَرْن قَبْلي من حَلِيب وحازِر
عني بالحليب الرفيعَ، وبالحازر الوضيع، فسره يعقوب؛ وأنشد الأَزهري:
وهُنَّ بِساحوقٍ تَدَارَكْنَ ذالِقا
ويومُ ساحوق: من أيامهم. ومساحق: اسم. وإسْحَق: اسم أعجمي؛ قال سيبويه:
ألحقوه ببناء إعْصار. وإسْحَق: اسم رجل، فإن أردت به الاسم الأَعجمي لم
تصرفه في المعرفة لأنه غُيِّر عن جهته فوقع في كلام العرب غير معروف
المذهب، وإن أردت المصدر من قولك أسْحَقَه السفرُ إسْحاقاً أي أبعده صرفته
لأَنه لم يُغٍيَّرْ.
والسُّمْحوق من النخل: الطويلةُ، والميم زائدة.
والسِّمْحاق: قشرة رقيقة فوق عظم الرأس بها سميت الشَّجّة إذا بلغت
إليها سِمْحاقاً؛ قال ابن بري: والسمحاق أثر الحنان؛ قال الراجز:
يَضْبُط، بين فَخْذِه وساقِه،
أيْراً بَعِيدَ الأَصْلِ منْ سِمْحاقه
وسَماحيق السماء: القِطعَُ الرِّقاقُ من الغَيْم؛ وعلى ثَرْب الشَّاة
سَماحِيقُ من شَحْم؛ قال الجوهري: وأرى أن الميمات في هذه الكلمات
زوائد.
غمم: الغمُّ: واحد الغُمُومِ. والغَمُّ والغُمَّةُ: الكَرْبُ؛ الأخيرة
عن اللحياني؛ قال العجاج:
بَلْ لَوْ شَهِدْتِ النَّاس إذ تُكُمُّوا
بغُمَّةٍ، لوْ لمْ تُفَرَّجْ غُمُّوا
تُكُمُّوا أي غُطُّوا بالغَمِّ؛ وقال الآخر:
لا تَحْسَبَنْ أن يَدِي في غُمَّه،
في قَعْرِ نِحْيٍّ أَسْتَثِيرُ حَمَّه
والغَمْاءُ: كالغَمِّ. وقد غَمَّه الأمرُ يَغُمُّه غَمّاً فاغْتَمَّ
وانْغَمَّ؛ حكاها سيبويه بعد اغْتَمَّ، قال: وهي عربية.
ويقال: ما أَغَمَّك إليَّ وما أَغَمَّكَ لي وما أَغَمَّك عليَّ. وإنه
لَفِي غُمَّةٍ من أمره أي لَبْسٍ ولم يَهْتَدِ له. وأَمْرُهُ عليه غُمَّةٌ
أي لَبْسٌ. وفي التنزيل العزيز: ثم لا يكن أمركم عليكم غُمَّةً؛ قال أَبو
عبيد: مجازها ظُلْمة وضيقٌ وهَمٌّ، وقيل: أي مُغَطّىً مستوراً.
والغُمَّى: الشديدة من شدائد الدهر؛ قال ابن مقبل:
خَروج مِنَ الغُمَّى إذا صُكَّ صَكَّةً
بَدا، والعُيُونُ المُسْتَكِفَّةُ تَلْمَحُ
وأمْرٌ غُمَّةٌ أي مُبْهَمٌ ملتبس؛ قال طرفة:
لَعَمْري وما أَمْرِي عليَّ بِغُمَّةٍ
نَهارِي، وما لَيْلي عليَّ بِسَرْمَدِ
ويقال: إنهم لفي غُمَّى من أمرهم إذا كانوا في أمر ملتبس؛ قال الشاعر:
وأَضْرِبُ في الغُمَّى إذا كَثُرَ الوَغَى،
وأََهْضِمُ إنْ أَضْحى المَراضِيعُ جُوَّعا
قال ابن حمزة: إذا قَصَرْتَ الغُمَّى ضَمَمْتَ أَولها، وإذا فتحْت
أَولها مددت، قال: والأَكثر على أَنه يجوز القصر والمدّ في الأَوَّل
(* قوله
«في الأول» كذا في الأصل، ولعله في الثاني إذ هو الذي يجوز فيه القصر
والمد) قال مغلس:
حُبِسْتُ بِغَمَّى غَمْرةٍ فَتَركْتُها،
وقد أَتْرُك الغَمّى إذا ضاق بابُها
والغُمَّةُ: قَعْرُ النِّحْي وغيره.
وغُمَّ علي الخَبَرُ، على ما لم يسم فاعله، أي اسْتَعجم مثال أُغْمِيَ.
وغُمَّ الهِلال على الناس غَمّاً: سَترَه الغَيمُ وغيره فلم يُرَ.
وليلةُ غَمَّاءَ: آخر ليلة من الشهر، سميت بذلك لأنه غُمَّ عليهم أمرُها
أي سُتِرَ فلم يُدْرَ أَمِن المقبل هي أم من الماضي؛ قال:
ليلةُ ُغُمَّى* طامِسٌ هِلالُها،
(* قوله «ليلة غمى إلخ» أورده الجوهري شاهداً على ما بعده وهو المناسب)
أَوْغَلتُها ومُكْرَةٌ إيغالُها
وهي ليلةُ الغُمَّى. وصُمْنا للغُمَّى وللغَمَّى، بالفتح والضم، إذ
غُمَّ عليهم الهلال في الليلة التي يرون أن فيها استهلاله. وصُمْنا
للغَمَّاء، بالفتح والمد. وصُمْنا للغُمِّيَّة وللغُمَّة كل ذلك إذا صاموا على غير
رؤية. وفي الحديث: أنه قال صوموا لرؤيته وأَفطروا لرؤيته فإن غُمَّ
عليكم فأَكملوا العدة؛ قال شمر: يقال غُمَّ علينا الهلال غَمّاً فهو مَغْموم
إذا حال دون رؤية الهلال غَيْمٌ رَقِيق، من غَمَمْت الشيء إذا غَطَّيته،
وفي غُمَّ ضمير الهلال، قال: ويجوز أن يكون غُمَّ مسنداً إلى الظرف أي
فإن كنتم مَغْموماً عليكم فأَكملوا، وترك ذكر الهلال للاستغناء عنه. وفي
حديث وائل ابن حجر: ولا غُمَّةَ في فرائض الله أي لا تُسْتَرُ ولا تُخفَى
فرائضه، وإنما تُظْهَر وتُعْلن ويُجْهَر بها؛ وقال أَبو دواد:
ولها قُرْحَةٌ تَلأْلأ كالشِّعْـ
ـرَى، أَضاءَتْ وغُمَّ عنها النُّجومُ
يقول: غَطَّى السحابُ غيرَها من النجوم؛ وقال جرير:
إذا نَجْمٌ تعَقَّبَ لاحَ نَجْمٌ،
ولَيْسَتْ بالمُحاقِ ولا الغُمومِ
قال: والغُمُومُ من النجوم صغارها الخفية. قال الأَزهري: وروي هذا
الحديث فإن غُمِّيَ عليكم وأُغْمِيَ عليكم، وسنذكرهما في المعتل. أَبو عبيد:
ليلةٌ غَمَّى، بالفتح مثال كَسْلى، وليلةٌ غَمَّةٌ إذا كان على السماء
غَمْيٌ مثال رَمْيٍ وغَمٌّ وهو أن يُغَمَّ عليهم الهلال. قال الأزهري: فمعنى
غُمَّ وأُغْمِيَ وغُمِّيَ واحد، والغَمُّ والغَمْيُ بمعنى واحد. وفي
حديث عائشة: لما نُزِلَ برسول الله، صلى الله عليه وسلم، طَفِقَ يطرح
خَمِيصةً على وجهه فإذا اغتَمَّ كشفها أي إذا احتبس نَفَسُه عن الخروج، وهو
افتعل من الغَمِّ التغطية والستر. وغَمَّ القمرُ النجوم: بَهَرَها وكاد يستر
ضوءَها. وغَمَّ يومُنا، بالفتح، يَغُمُّ غَمّاً وغُموماً من الغَمِّ.
ويومٌ غامٌ وغَمٌّ ومِغَمٌّ: ذو غَمّ؛ قال:
في أُخْرَياتِ الغَبَشِ المِغَمِّ
وقيل: هو إذا كان يأْخذ بالنَّفَس من شدة الحر. وأَغَمَّ يومُنا مثله.
وليلة غَمَّة وليل غَمٌّ أي غامَّةٌ، وصف بالمصدر كما تقول ماءٌ غَوْرٌ
وأَمرٌ غامٌّ. ورجل مَغْموم: مُغْتَمٌّ من قولهم غُمَّ علينا الهلالُ، فهو
مَغْموم إذا التبس.
والغِمامةُ، بالكسر: خَريطةٌ يجعل فيها فم البعير يُمْنَعُ بها الطعام،
غَمَّهُ يَغُمُّه غَمّاً، والجمع الغَمائم. والغِمامة: ما تُشَدُّ به
عينا الناقة أو خَطْمُها. أَبو عبيد: الغِمامة ثوب يُشَدُّ به أَنف الناقة
إذا ظُئِرَتْ على حُوار غيرها، وجمعها غَمائم؛ قال القطامي:
إذا رَأْسٌ رأَيْتُ به طِماحاً،
شَدَدْتُ له الغَمائِمَ والصِّقاعا
الليث: الغِمامةُ شِبْه فِدامٍ أو كِعامٍ. ويقال: غَمَمْتُ الحمار
والدَّابة غَمّاً، فهو مَغْمُومٌ إذا أَلقَمْتَ فاه ومنخريه؛ الغِمامة،
بالكسر: وهي كالكِعام، وقال غيره: إذا أَلقمت فاه مخْلاةً أو ما أشبهها يمنعه
من الاعتلاف، واسم ما يُغَمُّ به غِمامة.
التهذيب: شمر الغِمَّةُ، بكسر الغين، اللِّبْسة؛ تقول: اللِّباسُ
والزِّيُّ والقِشْرة والهَيْئة والغِمَّة واحد. والغِمامةُ: القُلْفة، على
التشبيه.
ورُطَبٌ مَغْمومٌ: جعل في الجَرَّة وسُتِر ثم غُطِّي حتى أَرْطَب.
وغَمَّ الشيءَ يَغُمُّه: علاه؛ عن ابن الأعرابي؛ قال النمر بن تولب:
أُنُفٌ يَغُمٌّ الضَّالَ نَبْتُ بِحارِها
وبحرٌ مُغَنَّمٌ: كثير الماء، وكذلك الرَّكِيَّة؛ قال ابن الأَعرابي: هي
التي تَمْلأُ كلَّ شيء وتُغَرِّقه؛ وأَنشد:
قَرِيحةُ حِسيٍ من شُرَيْح مُغَمِّم
وغَمَمْتُه: غَطَّيته فانغَمَّ؛ قال أَوس يرثي ابنه شريحاً:
وقدْ رامَ بَحْري قَبْلَ ذلك طامِياً،
مِنَ الشُّعَراءِ، كُلٌّ عَوْدٍ ومُفْحِمِ
على حِينَ أَنْ جَدَّ الذَّكاءُ وأَدْرَكتْ
قَريحةُ حِسْيٍ مِن شُرَيْحٍ مُغَمَّم
يريد: رام الشعراء بحري بعدما ذَكِيتُ، والذَّكاء انتهاء السنّ
واستحكامه، وقوله قَريحةُ حِسْيٍ من شريح يريد أَن ابنه شريحاً قد قال الشعر،
وقَريحةُ الماء: أَول خروجه من البئر، والذي في شعره مغمم، بكسر الميم، يريد
الغامر المغطي؛ شبه شعر ابنه شريح بماء غامر لا ينقطع، ولم يَرْث ابنه
في هذه القصة كما ذكر، وإنما افتخر بنفسه وبولده ونصرة قومه في يوم
السُّوبان. وغَيم مُغَمِّم: كثير الماء.
والغَمامة، بالفتح: السحابة، والجمع غَمام وغَمائم؛ وأَنشد ابن بري
للحطيئة يمدح سعيد بن العاص:
إذا غِبْتَ عَنَّا غابَ عَنَّا رَبيعُنا،
ونُسْقى الغَمامَ الغُرَّ حِينَ تَؤُوبُ
فوصف الغمام بالغُرّ وهو جمع غَرّاء. وقد أَغَمَّتِ السماءُ أي تغيرت.
وحَبُّ الغَمام: البَرَد. وسحاب أَغَمُّ: لا فُرْجة فيه. وقال ابن عرفة في
قوله تعالى: وظللنا عليهم الغمام؛ الغَمام الغَيْم الأبيض وإنما سمي
غماماً لأنه يَغُمُّ السماء أي يسترها، وسمي الغَمّ غَمّاً لاشتماله على
القلب. وقوله عز وجل: فأَثابكم غَمّاً بغَمّ؛ أَراد غمّاً متصلاً، فالغم
الأول الجِراح والقتل، والثاني ما أُلقي إليهم من قبل النبي، صلى الله عليه
وسلم، فأَنساهم الغم الأول. وفي حديث عائشة: عَتَبُوا على عثمان موضع
الغَمامة المُحْماة؛ هي السحابة وجمعها الغَمام، وأرادت بها العُشب والكَلأَ
الذي حماه، فسمته بالغمامة كما يسمى بالسماء، أرادت أَنه حَمى الكَلأَ
وهو حق جميع الناس. والغَمَمُ: أَن يَسيل الشَّعر حتى يضيق الوجه والقفا،
ورجل أَغَمّ وجبهة غَمّاء؛ قال هدبة بن الخشرم:
فلا تَنْكِحي، إنْ فَرَّقَ الدهرُ بيننا،
أَغَمَّ القَفا والوَجْهِ، ليس بأَنْزَعا
ويقال: رجل أَغَمّ الوجه وأَغَمّ القفا. وفي حديث المعراج في رواية ابن
مسعود: كنا نسير في أَرض غُمَّة
(* قوله «في أرض غمة» ضبطت الغمة بضم
الغين وشد الميم كما ترى في غير نسخة من النهاية)؛ الغُمّةُ: الضيقة.
والغَمّاء من النواصي: كالفاشِغة، وتكره الغَمّاء من نواصي الخيل وهي المُفرطة
في كثرة الشعَر.
والغَمِيم: النبات الأخضر تحت اليابس. وفي الصحاح: الغَمِيم الغَمِيس
وهو الكلأُ تحت اليَبِيس. وفي النوادر: اعتَمَّ الكلأُ واغْتَمَّ. وأَرض
مُعِمّة ومُغِمّة ومُعْلَوْلِىة ومُغْلَوْلِيَة، وأَرض عَمْياء وكَمْهاءُ
كل هذا في كثرة النبات والتفافه. والغُمام: الزُّكام. ورجل مَغْموم:
مَزْكوم. والغَمِيمُ: اللبن يسخن حتى يغلظ. والغَمِيم: موضع بالحجاز، ومنه
كُراع الغَمِيم وبُرَق الغَميم؛ قال:
حَوَّزَها مِن بُرَق الغَمِيمِ
أَهْدَأُ، يَمْشِي مِشْيةَ الظَّلِيمِ
والغَمْغَمةُ والتَّغَمْغُم: الكلام الذي الذي لا يُبَين، وقيل هما
أَصوات الثيران عند الذُّعْر وأَصوات الأَبطال في الوَغى عند القتال؛ قال
امرؤ القيس:
وظَلَّ لِثيرانِ الصَّرِيم غَماغِمٌ،
يُداعِسُها بالسَّمْهَريِّ المُعَلَّب
وأورد الأَزهري هنا بيتاً نسبه لعلقمة وهو:
وظلَّ لثيرانِ الصَّريمِ غماغِمٌ،
إذا دَعَسُوها بالنَّضِيِّ المُعَلَّب
وقال الراعي:
يَفْلِقْن كلَّ ساعِد وجُمْجُمه
ضَرباً، فلا تَسمع إلا غَمْغَمَه
وفي صفة قريش: ليس فيهم غَمْغمةُ قُضاعة؛ الغَمغمة والتَّغَمْغم: كلام
غير بيِّن؛ قاله رجل من العرب لمعاوية، قال: من هم؟ قال: قومك من قريش؛
وجعله عبد مناف بن ربع الهذلي للقِسِيّ فقال:
وللقِسِيِّ أَزامِيلٌ وغَمْغمةٌ،
حِسَّ الجَنُوبِ تَسوقُ الماء والبَرَدا
وقال عنترة:
في حَوْمةِ المَوْتِ التي لا تَشْتَكي
غَمَراتِها الأبْطالُ، غيرَ تَغَمْغُمِ
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
إذا المُرْضِعاتُ، بعد أَوّل هَجْعةٍ،
سَمِعْتَ على ثُدِيِّهنّ غَماغِما
فسره فقال: معناه أَن أَلبانهن قليلة، فالرَّضيع يُغَمْغِم ويبكي على
الثَّدي إذا رَضِعه طلباً للبن، فإما أَن تكون الغمغمة في بكاء الأطفال
وتَصويتهم أَصلاً، وإما أَن تكون استعارة.
وتَغَمْغَمَ الغريقُ تحت الماء: صوَّت، وفي التهذيب إذا تداكَأَت فوقه
الأمواج؛ وأَنشد:
من خَرَّ في قَمْقامِنا تَقَمْقَما،
كما هَوَى فِرعونُ، إذْ تَغَمْغَما
تحتَ ظِلال المَوْجِ، إذْ تَدَأّما
أي صار في دَأْماء البحر.
ثعط: الثَّعيطُ: دُقاقُ رَمْل سَيّالٍ تنقله الريح. والثَّعِطُ: اللحم
المتغيِّرُ، وقد ثَعِطَ ثَعَطاً، وكذلك الجلد إِذا أَنْتَنَ وتقطَّع؛ قال
الأَزهري: أَنشدني أَبو بكر:
يأْكُل لَحْماً بائتاً قد ثَعِطا،
أَكْثَرَ منه الأَكْلَ حتى خَرِطا
قال: وخَرِطَ به إِذا غُصَّ به. قال الجوهري: والثَّعَطُ مصدر قولك
ثَعِطَ اللحمُ أَي أَنتن، وكذلك الماء؛ قال الراجز:
ومَنْهَلٍ على غَشَاشٍ وفَلَطْ،
شَرِبْتُ منه بين كُرْهٍ وثَعَطْ
وقال أَبو عمرو: إِذا مَذِرَت البيضة فهي الثَّعِطةُ. وثَعِطَتْ شفَتُه:
وَرِمَتْ وتشَقَّقت؛ وقال بعض شعراء هذيل:
يُثَعِّطْنَ العَرابَ، وهُنّ سُودٌ،
إِذا خالَسْنَه فُلُحٌ فِدامُ
العَرابُ: ثمَرُ الخَزَم، واحدته عَرابةٌ. يُثَعِّطْنَه: يَرْضَخْنَه
ويَدْقُقْنَه. فُلُح: جمع الفَلْحاء الشفة. فِدامٌ: هَرِماتٌ.
قطف: قطَف الشيءَ يَقْطِفُه قَطْفاً وقَطفاناً وقَطافاً وقِطافاً؛ عن
اللحياني: قَطعه. والقِطْف: ما قُطِف من الثمر، وهو أَيضاً العُنْقود ساعة
يُقْطَف. والقِطْف: اسم الثمار المقطوفة، والجمع قُطوف، والقِطف، بالكسر:
العُنْقود، وبجمعه جاء في القرآن العزيز قال سبحانه: قُطوفُها دانِية؛
أَي ثمارها قريبة التناول يَقْطِفها القاعد والقائم. وفي الحديث: يجتمع
النفَر على القِطف فيُشبِعهم؛ القِطف، بالكسر: العنقود، وهو اسم لكل ما
يُقْطَف كالذِّبْح والطِّحْن ويجمع على قِطاف وقُطوف، وأَكثر المحدثين
يروونه بفتح القاف، وإنما هو بالكسر.
والقَطاف والقِطاف: أَوانُ قَطْفِ الثمر، التهذيب: القِطافُ اسم وقت
القَطْف. قال الحجاج على المنبر: أَرى رؤوساً قد أَينعت وحان قِطافها؛ قال
الأَزهري: القِطاف اسم وقت القَطف، قال: والقَطاف، بالفتح، جائز عند
الكسائي أَيضاً، وقال: ويجوز أَن يكون القِطاف مصدراً.
وأَقْطَفَ العِنْبُ: حان أَن يُقْطَف. وأَقطفَ القوم: آن قِطافُ
كُرومهم، وأَجْززوا من الجَزاز في النخل إذا أَصْرَمُوا. وأَقْطَفَ الكَرْمُ:
دَنا قِطافه. التهذيب: القَطْف قَطعُك العِنب، وكلُّ شيء تَقطعه عن شيء،
فقد قطَفْته حتى الجراد تقطِف رؤوسها.
والمِقْطَف: المِنْجَل الذي يُقْطف به. والمِقْطفُ: أَصل العُنقود.
وقُطافة الشجر: ما قُطِفَ منه: والقُطافة، بالضم: ما يسقط من العنب إذا
قُطِف كالجُرامة من التمر. ابن الأَثير: وفي الحديث: يَقْذِفون فيه من
القَطيف، وفي رواية: يَديفون القَطيف: المَقطوف من الثمر، فعيل بمعنى
مفعول.والقَطفُ في الوافر: حذف حرفين من آخر الجُزْء وتسكين ما قبلها كحذفك
تُن من مفاعلتن وتسكين اللام فيبقى مفاعل فينقل في التقطيع إلى فعولن، ولا
يكون إلا في عروض أَو ضرب، وليس هذا بحادث للزّحاف، إنما هو المستعمل في
عروض الوافر وضربه، وإنما سمي مقطوفاً لأَنك قطفت الحرفين ومعهما حركة
قبلهما، فصار نحو الثمرة التي تقطعها فيَعْلق بها شيء من الشجرة.
والقَطِيفةُ: القَرْطفةُ، وجمعها القطائفُ، والقراطِف
(* قوله «وجمعها
القطائف والقراطف إلى قوله وفي الحديث» كذا بالأصل.) فُرش مُخْمَلَة.
والقَطيفة: دِثار مُخْمل، وقيل: كساء له خَمْل، والجمع القَطائفُ، وقُطُف مثل
صَحيفة وصُحف كأَنها جمع قَطيف وصَحِيف. وفي الحديث: تَعِس عبد
القَطيفة؛ هي كساء له خَمْل، أَي الذي يَعمل لها ويَهْتَمّ بتحصيلها؛ ومنه
القَطائف التي تؤكل. التهذيب: القَطائف طعام يُسَوَّى من الدقيق المُرَقِّ
بالماء، شبهت بخَمْل القطائف التي تُفْترش.
والقَطوف من الدَّواب: البطيء. وقال أَبو زيد: هو الضّيِّق المشْي.
وقَطَفَت الدابة تَقْطِف قَطْفاً وتقطُف قِطافاً وقُطوفاً وقَطُفَتْ، وهي
قَطوف: أَساءَتِ السَّيرَ وأَبطأَت، والجمع قُطُفٌ، والاسم القِطاف؛ ومنه
قول زهير:
بآرِزَةِ الفَقارةِ لم يَخُنْها
قِطافٌ في الرّكاب، ولا خِلاء
التهذيب: والقِطافُ مصدر القَطوف من الدوابّ، وهو المتقارِب الخَطو
البطِيء. وفَرس قَطوف: يَقْطِف في عَدْوه، وقد يستعمل في الإنسان؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
أَمْسَى غُلامْي كَسِلاً قَطوفا،
مُوَصَّباً تَحْسَبُه مَجُوفا
وأَقْطَفَ الرجل والقوم إذا كانت دابَّته أَو دوابُّهم قُطُفاً؛ قال ذو
الرمة يصف جراداً:
كأَنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلا مُقْطِفٍ عَجِلٍ،
إذا تَجاوَبَ من بُرْدَيْه تَر نِيمُ
برداه: جَناحاه؛ يقول: تضرب رِجْلاه جناحَيه فيسمع لهما صويت كأَنه
تَرْنيم. والقَطْفُ: ضرب من مشي الخيل، وفرس قَطوف. وفي حديث جابر: فبينا
أَنا على جملي أَسِير وكان جملي فيه قِطاف، وفي رواية: على جمل لي قَطُوفٍ؛
القِطافُ: تقارُب الخَطْو في سُرْعة من القَطف وهو القَطع؛ ومنه الحديث:
رَكِب على فرس لأَبي طَلحَة تَقْطُف، وفي رواية: قطوف؛ ومنه الحديث:
أَقْطَفُ القومِ دابةً أَمِيرُهم أَي أَنهم يسيرون بسَيْر دابَّته
فيَتَّبعُونه كما يُتَّبع الأَمير. والقَطْف: الخَدْشُ، وجمعه قُطوفٌ. قطَفَه
يَقْطِفه قَطْفاً وقطَّفه: خدَشه؛ قال حاتم:
سِلاحُك مرقى فما أَنت ضائرٌ
عَدُوًّا، ولكنْ وَجْه مولاك تَقطِفُ
(* قوله «مرقى» كذا في الأصل براء، والذي في شرح القاموس بواو، ووقع في
بعض نسخ الصحاح همزها.)
وأَنشد الأَزهري:
وهنَّ إذا أَبْصَرْنه مُتَبَذِّلاً،
خَمَشْنَ وُجُوهاً حُرَّةً لم تُقَطَّفِ
أَي لم تُخَدَّش. وقطَّفَ الماءَ في الخَمْر: قطَّره؛ قال جرانُ
العَوْد:ونِلنا سُقاطاً مِن حَدِيثٍ كأَنه
جَنَى النحلِ، في أَبْكارِ عُودٍ تُقَطَّفُ
والقِطفةُ، بكسر القاف وإسكان الطاء، من السُّطَّاح: وهي بقلة رِبْعِية
تسْلَنْطِح وتَطولُ ولها شوك كالحَسَك، وجَوْفُه أَحْمر وورقه أَغْبر.
والقَطَفُ: بقْلة، واحدتها قَطَفةٌ. والقَطْفُ: نبات رَخْص عَرِيض
الورَق يطبخ، الواحدة قَطفة، يقال له بالفارسية سَرْنك، كذا ذكر الجوهري
القَطْف، بالتسكين؛ قال ابن بري: وصوابه القَطْف، بفتح الطاء، الواحدة
قَطَفَة، وبه سمي الرجل قَطَفَة. والقَطَفُ: ضَرب من العِضاه. وقال أَبو حنيفة:
القطَف من شجر الجبل وهو مثل شجر الإجّاص في القَدْر، ورقته خَضْراء
مُعْرَضَّة حمراء الأَطراف خَشْناء، وخشبه صُلب متين.
وقَطِيفٌ والقَطِيف جميعاً: قرية بالبحرين، وفي الصحاح: القَطِيفُ اسم
موضع.
ألف: الأَلْفُ من العَدَد معروف مذكر، والجمع آلُفٌ؛ قال بُكَيْر أَصَمّ
بني الحرث بن عباد:
عَرَباً ثَلاثَة آلُفٍ، وكَتِيبةً
أَلْفَيْنِ أَعْجَمَ من بَني الــفَدّامِ
وآلافٌ وأُلُوفٌ، يقال ثلاثةُ آلاف إلى العشرة، ثم أُلُوفٌ جمع الجمع.
قال اللّه عز وجل: وهم أُلُوفٌ حَذَرَ الـمَوْتِ؛ فأَما قول الشاعر:
وكان حامِلُكُم مِنّا ورافِدُكُمْ،
وحامِلُ المِينَ بعد المِينَ والأَلَفِ
إنما أَراد الآلافَ فحذف للضرورة، وكذلك أَراد المِئِين فحذف الهمزة.
ويقال: أَلْفٌ أَقْرَعُ لأَن العرب تُذَكِّرُ الأَلفَ، وإن أُنّث على أَنه
جمع فهو جائز، وكلام العرب فيه التذكير؛ قال الأَزهري: وهذا قول جميع
النحويين. ويقال: هذا أَلف واحد ولا يقال واحدة، وهذا أَلف أَقْرَعُ أَي
تامٌّ ولا يقال قَرْعاءُ. قال ابن السكيت: ولو قلت هذه أَلف بمعنى هذه
الدراهمُ أَلف لجاز؛ وأَنشد ابن بري في التذكير:
فإنْ يَكُ حَقِّي صادِقاً، وهو صادِقي،
نَقُدْ نَحْوَكُمْ أَلْفاً من الخَيْلِ أَقْرَعا
قال: وقال آخر:
ولو طَلَبُوني بالعَقُوقِ، أَتَيْتُهُمْ
بأَلْفٍ أُؤَدِّيهِ إلى القَوْمِ أَقْرَعا
وأَلَّفَ العَدَدَ وآلَفَه: جعله أَلْفاً. وآلَفُوا: صاروا أَلفاً. وفي
الحديث: أَوَّلُ حَيّ آلَفَ مع رسولِ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، بنو
فلان. قال أَبو عبيد: يقال كان القوم تِسْعَمائة وتِسْعةً وتسعين
فآلفْتُهم، مَـمْدُود، وآلَفُوا هم إذا صاروا أَلفاً، وكذلك أَمـْأَيْتُهم
فأَمـْأَوْا إذا صاروا مائةً. الجوهري: آلَفْتُ القومَ إيلافاً أَي كَمَّلْتُهم
أَلفاً، وكذلك آلَفْتُ الدراهِمَ وآلَفَتْ هي. ويقال: أَلْفٌ مؤَلَّفَةٌ
أَي مُكَمَّلةٌ.
وأَلَفَه يأْلِفُه، بالكسر، أَي أَعْطاه أَلفاً؛ قال الشاعر:
وكَريمةٍ مِنْ آلِ قَيْسَ أَلَفْتُه
حتى تَبَذَّخَ فارْتَقى الأَعْلامِ
أَي ورُبَّ كَريمةٍ، والهاء للمبالغة، وارْتَقى إلى الأعْلام، فحَذَف
إلى وهو يُريده. وشارَطَه مُؤَالَفةً أَي على أَلف؛ عن ابن الأعرابي.
وألِفَ الشيءَ أَلْفاً وإلافاً ووِلافاً؛ الأَخيرة شاذّةٌ، وأَلَفانا
وأَلَفَه: لَزمه، وآلَفَه إيّاه: أَلْزَمَه. وفلان قد أَلِفَ هذا الموْضِعَ،
بالكسر، يأْلَفُه أَلفاً وآلَفَه إيّاه غيرُه، ويقال أَيضاً: آلَفْتُ الموضع
أُولِفُه إيلافاً، وكذلك آلَفْتُ الموضِعَ أُؤالِفُه مُؤَالَفة وإلافاً،
فصارت صُورةُ أَفْعَلَ وفاعَلَ في الماضي واحدة، وأَلَّفْتُ بين الشيئين
تأْلِيفاً فتأَلَّفا وأْتَلَفا. وفي التنزيل العزيز: لإيلافِ قُريش
إيلافِهم رِحْلةَ الشِّتاء والصَّيْفِ؛ فيمن جعل الهاء مفعولاً ورحلةَ مفعولاً
ثانياً، وقد يجوز أَن يكون المفعول هنا واحداً على قولك آلَفْتُ الشيء
كأَلِفْتُه، وتكون الهاء والميم في موضع الفاعل كما تقول عجبت من ضَرْبِ
زيدٍ عمراً، وقال أَبو إسحَق في لإيلافِ قريس ثلاثة أَوجه: لإيلاف،
ولإِلاف، ووجه ثالث لإلْفِ قُرَيْشٍ، قال: وقد قُرئ بالوجهين الأَولين. أَبو
عبيد: أَلِفْتُ الشيء وآلَفْتُه بمعنى واحد لزمته، فهو مُؤْلَفٌ
ومأْلُوفٌ. وآلَفَتِ الظّباءُ الرَّمْلَ إذا أَلِفَتْه؛ قال ذو الرمة:
مِنَ الـمُؤْلِفاتِ الرَّمْلِ أَدْماءُ حُرَّةٌ،
شُعاعُ الضُّحَى في مَتْنِها يَتَوَضَّحُّ
أَبو زيد: أَلِفْتُ الشيءَ وأَلِفْتُ فلاناً إذا أَنِسْتَ به،
وأَلَّفْتُ بينهم تأْلِيفاً إذا جَمَعْتَ بينهم بعد تَفَرُّقٍ، وأَلَّفْتُ الشيء
تأْلِيفاً إذا وصلْت بعضه ببعض؛ ومنه تأْلِيفُ الكتب. وأَلَّفْتُ الشيءَ
أَي وصَلْتُه. وآلَفْتُ فلاناً الشيء إذا أَلزمته إياه أُولِفُه إيلافاً،
والمعنى في قوله تعالى لإِيلافِ قُرَيْشٍ لِتُؤْلَفَ قُريش
الرِّحْلَتَيْن فتتصلا ولا تَنْقَطِعا، فاللام متصلة بالسورة التي قبلها، أَي أَهلكَ
اللّه أَصحابَ الفِيلِ لِتُؤْلَفَ قريشٌ رِحْلَتَيْها آمِنِين. ابن
الأَعرابي: أَصحاب الإيلافِ أَربعةُ إخوةٍ: هاشمٌ وعبد شمس والمطلب ونوفل بنو
عبد مناف، وكانوا يُؤَلِّفُون الجِوارَ يُتْبِعُون بعضَه بعضاً يُجِيرون
قريشاً بمِيَرِهِم وكانوا يُسَمَّوْنَ الـمُجِيرينَ، فأَمـّا هاشم فإنه
أَخذ حَبْلاً من ملك الروم، وأَخذ نَوْفَلٌ حَبْلاً من كِسْرى، وأَخذ عبد
شمس حبلاً من النجاشي، وأَخذ المطلب حبلاً من ملوك حِمْير، قال: فكان
تُجّار قريش يختلفون إلى هذه الأَمصار بحِبال هؤُلاء الإخوة فلا يُتَعَرَّضُ
لهم؛ قال ابن الأَنباري: من قرأَ لإِلافِهم وإلْفِهِم فهما من أَلِفَ
يأْلَف، ومن قرأَ لإيلافهم فهو من آلَفَ يُؤْلِفُ، قال: ومعنى يُؤَلِّفُون
يُهَيِّئوُن ويُجَهِّزُون. قال أَبو منصور: وهو على قول ابن الأَعرابي
بمعنى يُجِيرُون، والإلْفُ والإلافُ بمعنى؛ وأَنشد حبيب بن أَوس في باب
الهجاء لـمُساور بن هند يهجو بني أَسد:
زَعَمْتُمْ أَن إخْوَتَكم قُرَيْشٌ،
لَهُمْ إلْفٌ، وليس لَكُمْ إلافُ
وقال الفراء: من قرأَ إلْفِهِمْ فقد يكون من يُؤَلِّفُون، قال: وأَجود
من ذلك أَن يُجْعَلَ من يأْلَفون رِحْلةَ الشتاء والصيف. والإيلافُ: من
يُؤْلِفُون أَي يُهَيِّئُونَ ويُجَهِّزُون، قال ابن الأَعرابي: كان هاشمٌ
يُؤَلِّفُ إلى الشام، وعبدُ شمس يُؤَلِّف إلى الحَبَشةِ، والمطلبُ إلى
اليَمن، ونَوْفَلٌ إلى فارِسَ. قال: ويتأَلَّفُون أَي يَسْتَجِيرون؛ قال
الأَزهري: ومنه قول أَبي ذؤيب:
تَوَصَّلُ بالرُّكْبانِ حِيناً، وتُؤْلِفُ الـ
ـجِوارَ، ويُغْشِيها الأَمانَ ذِمامُها
وفي حديث ابن عباس: وقد عَلِمَتْ قريش أَن أَول من أَخَذ لها الإيلافَ
لَهاشِمٌ؛ الإيلافُ: العَهْدُ والذِّمامُ، كان هاشم بن عبد مناف أَخذه من
الملوك لقريش، وقيل في قوله تعالى لإيلاف قريش: يقول تعالى: أَهلكت
أَصحاب الفيل لأُولِف قريشاً مكة، ولِتُؤَلِّف قريش رحلة الشتاء والصيف أَي
تَجْمَعَ بينهما، إذا فرغوا من ذه أَخذوا في ذه، وهو كما تقول ضربته لكذا
لكذا، بحذف الواو، وهي الأُلْفةُ. وأْتَلَفَ الشيءُ: أَلِفَ بعضُه بعضاً،
وأَلَّفَه: جمع بعضه إلى بعض، وتَأَلَّفَ: تَنَظَّمَ. والإلْف:
الأَلِيفُ. يقال: حَنَّتِ الإلْفُ إلى الإلْفِ، وجمع الأَلِيف أَلائِفُ مثل
تَبِيعٍ وتَبائِعَ وأَفِيلٍ وأَفائِلَ؛ قال ذو الرمة:
فأَصْبَحَ البَكْرُ فَرْداً من أَلائِفِه،
يَرْتادُ أَحْلِيةٍ اعْجازُها شَذَبُ
والأُلاَّفِ: جمع آلِفٍ مثل كافِرٍ وكُفّارٍ.
وتأَلَّفَه على الإسْلام، ومنه المؤَلَّفة قلوبُهم. التهذيب في قوله
تعالى: لو أَنـْفَقْتَ ما في الأَرض جميعاً ما أَلَّفْت بين قلوبهم، قال:
نزلت هذه الآية في الـمُتَحابِّينَ في اللّه، قال: والمؤَلَّفةُ قلوبهم في
آية الصَّدَقات قومٌ من سادات العرب أَمر اللّه تعالى نبيه، صلى اللّه
عليه وسلم، في أَول الإسلام بتَأَلُّفِهم أَي بمُقارَبَتِهم وإعْطائهم
ليُرَغِّبوا مَن وراءهم في الإسلام، فلا تَحْمِلهم الحَمِيَّةُ مع ضَعْف
نِيّاتِهم على أَن يكونوا إلْباً مع الكفار على المسلمين، وقد نَفَّلهم
النبي، صلى اللّه عليه وسلم، يوم حُنَيْن بمائتين من الإبل تأَلُّفاً لهم،
منهم الأَقْرَعُ بن حابِسٍ التميمي، والعباسُ بن مِرْداسٍ السُّلَمِيّ،
وعُيَيْنةُ بن حِصْن الفَزارِيُّ، وأَبو سفيانَ بن حَرْبٍ، وقد قال بعض أَهل
العلم: إن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، تأَلَّفَ في وقتٍ بعض سادةِ
الكفار، فلما دخل الناس في دين اللّه أَفْواجاً وظهر أَهلُ دين اللّه على جميع
أَهل المِلَل، أَغنى اللّه تعالى، وله الحمد، عن أَن يُتَأَلَّف كافرٌ
اليومَ بمال يُعْطى لظهور أَهل دينه على جميع الكفار، والحمد للّه رب
العالمين؛ وأَنشد بعضهم:
إلافُ اللّه ما غَطَّيْت بَيْتاً،
دَعائِمهُ الخِلافةُ والنُّسُورُ
قيل: إلافُ اللّه أَمانُ اللّه، وقيل: منزِلةٌ من اللّه. وفي حديث حنين:
إني أُعْطِي رجالاً حدِيثي عهد بكُفْرٍ أَتأَلَّفُهم؛ التأَلُّفُ:
الـمُداراةُ والإيناسُ ليَثْبُتُوا على الإسلام رَغْبةً فيما يَصِلُ إليهم من
المال؛ ومنه حديثُ الزكاةِ: سَهْمٌ للمؤلَّفة قلوبهم.
والإلْفُ: الذي تأْلَفُه، والجمع آلافٌ، وحكى بعضهم في جمع إلْفٍ
اُُلُوفٌ. قال ابن سيده: وعندي أَنه جمع آلِفٍ كشاهِدٍ وشُهودٍ، وهو الأَلِيفُ،
وجمعه أُلَفاءُ والأُنثى آلِفةٌ وإلْفٌ؛ قال:
وحَوْراء الـمَدامِعِ إلْف صَخْر
وقال:
قَفْرُ فَيافٍ، تَرى ثَوْرَ النِّعاجِ بها
يَروحُ فَرْداً، وتَبْقى إلْفُه طاوِيهْ
وهذا من شاذ البسيط لأَن قوله طاوِيهْ فاعِلُنْ وضربُ البسيط لا يأْتي
على فاعلن، والذي حكاه أَبو إسحَق وعزاه إلى الأَخفش أن أَعرابيّاً سئل
أَن يصنع بيتاً تامـّاً من البسيط فصنع هذا البيت، وهذا ليس بحُجة
فيُعْتَدَّ بفاعلن ضرباً في البسيط، إنما هو في موضوع الدائرة، فأَمـّا المستعمل
فهو فعِلن وفَعْلن.
ويقال: فلان أَلِيفي وإلْفي وهم أُلاَّفي، وقد نَزَعَ البعير إلى
أُلاَّفه؛ وقول ذي الرمة:
أَكُنْ مِثْلَ ذي الأُلاَّف، لُزَّتْ كُراعُه
إلى أُخْتِها الأُخْرى، ووَلَّى صَواحِبُهْ
يجوزُ الأُلاَّف وهو جمع آلِف، والآلاف جمع إلْفٍ. وقد ائتَلَفَ القومُ
ائتِلافاً وأَلَّفَ اللّه بينهم تأْليفاً.
وأَوالِفُ الطير: التي قد أَلِفَتْ مكةَ والحرمَ، شرفهما اللّه تعالى.
وأَوالِفُ الحمام: دَواجِنُها التي تأْلَفُ البيوتَ؛ قال العجاج:
أَوالِفاً مكةَ من وُرْقِ الحِمى
أَراد الحَمام فلم يستقم له الوزن فقال الحِمى؛ وأَما قول رؤبة:
تاللّهِ لو كنت من الأَلاَّفِ
قال ابن الأعرابي: أَراد بالأُلاَّف الذين يأْلَفُون الأَمْصارَ، واحدهم
آلِفٌ. وآلَفَ الرجلُ: تَجِرَ. وأَلَّفَ القومُ إلى كذا وتَأَلَّفُوا:
استجاروا.
والأَلِفُ والأَلِيفُ: حرف هجاء؛ قال اللحياني: قال الكسائي الأَلف من
حروف المعجم مؤنثة، وكذلك سائر الحروف، هذا كلام العرب وإن ذكَّرت جاز؛
قال سيبوبه: حروف المعجم كلها تذكر وتؤنث كما أَنَّ الإنسان يذكّر
ويؤنث.وقوله عز وجل: أَلم ذلك الكتاب، وأَلمص، وأَلمر؛ قال الزجاج: الذي
اخترنا في تفسيرها قول ابن عباس إن أَلم: أَنا اللّه أَعلم، وأَلمص: أَنا
اللّه أَعلم وأَفْصِلُ، وأَلمر: أَنا اللّه أَعلم وأرى؛ قال بعض النحويين:
موضع هذه الحروف رفع بما بعدها، قال: أَلمص كتاب، فكتاب مرتفع بأَلمص،
وكأَنّ معناه أَلمص حروف كتاب أُنزل إليك، قال: وهذا لو كان كما وصف لكان بعد
هذه الحروف أَبداً ذكر الكتاب، فقوله: أَلم اللّه لا إله إلا هو الحيّ
القيوم، يدل على أَن الأَمر مرافع لها على قوله، وكذلك: يس والقرآن
الحكيم، وقد ذكرنا هذا الفصل مستوفى في صدر الكتاب عند تفسير الحروف
الـمُقَطَّعةِ من كتاب اللّه عز وجل.
خنف: الخِنافُ: لِينٌ في أَرساغِ البعير. ابن الأَعرابي: الخِنافُ
سُرْعةُ قَلْب يَدَيِ الفرس، تقول: خَنَفَ البعير يَخْنِفُ خِنافاً إذا سار
فقلَب خُفَّ يده غلى وحْشِيِّه، وناقة خَنُوفٌ؛ قال الأَعشى:
أَجَدَّتْ بِرِجْلَيْها النَّجاء، وراجَعَتْ
يَداها خِنافاً لَيِّناً غيرَ أَحْرَدا
وفي حديث الحجاج: إن الإبل ضُمَّزٌ خُنُفٌ؛ هكذا جاء في رواية بالفاء
جمع خَنُوفٍ، وهي الناقة التي إذا سارت قَلَبَتْ خُفَّ يَدِها إلى
وحْشِيِّه من خارجٍ. ابن سيده: خَنَفَتِ الدابةُ تَخْنِفُ خِنافاً وخُنوفاً، وهي
خَنُوفٌ، والجمع خُنُفٌ: مالت بيديها في أَحد شِقَّيها من النَّشاط،
وقيل: هو إذا لَوى الفرسُ حافِره إلى وحْشيِّه، وقيل: هو إذا أَحْضَر وثَنى
رأْسَه ويديه في شِقّ. أَبو عبيدة: ويكون الخِنافُ في الخيل أَن يَثْنِيَ
يَدَه ورأْسه في شق إذا أَحْضَر. والخِنافُ: داء يأْخذ في الخيل في
العَضُد. الليث: صَدْر أَخْنَفُ وظَهر أَخْنف، وخَنَفُه انْهِضامُ أَحد
جانبيه. يقال: خَنَفَتِ الدابة تَخْنِفُ بيدها وأَنْفِها في السير أَي تضرب
بهما نَشاطاً وفيه بعضُ المَيْل، وناقة خَنُوفٌ مِخْنافٌ. والخَنُوفُ من
الإبل: اللَّيِّنةُ اليدين في السير. والخِنافُ في عُنُق الناقة: أَن
تُمِيلَه إذا مُدَّ بزِمامِها.
وخَنَفَ الفرسُ يَخْنِفُ خَنْفاً، فهو خانِفٌ وخَنُوفٌ: أَمالَ أَنفَه
إلى فارِسه. وخنَف الرجلُ بأَنفه: تكبّر فهو خانِف. والخانِفُ: الذي يشمخ
بأَنفه من الكِبْر. يقال: رأَيته خانِفاً عنِّي بأَنفه. وخنَفَ بأَنفه
عني: لواه. وخنَفَ البعيرُ يَخْنِفُ خَنْفاً وخِنافاً: لَوى أَنفه من
الزِّمام. والخانِفُ: الذي يُميلُ رأْسه إلى الزمام ويفعل ذلك من نشاطِه؛ ومنه
قول أَبي وجزة:
قد قلتُ، والعِيسُ النَّجائبُ تَغْتَلي
بالقَوْمِ عاصِفةً خَوانِفَ في البُرى
وبعير مخْنَفٌ
(* قوله «مخنف» ضبط في الأصل النون بالفتح.): به خَنَفٌ.
والمِخْنافُ من الإبل: كالعَقِيم من الرجال، وهو الذي لا يُلْقِحُ إذا
ضرَب. قال أَبو منصور: لم أَسمعِ المِخْنافَ بهذا المعنى لغير الليث وما
أَدري ما صحّته.
والخَنِيفُ: أَرْدَأُ الكَتَّان. وثوب خَنِيفٌ: رَديء ولا يكون إلا من
الكتان خاصَّة، وقيل: الخَنِيف ثوب كَتّان أَبيض غليظ؛ قال أَبو زبيد:
وأَبارِيق شِبْه أَعْناق طَيْر الماء،
قد جِيبَ فَوْقَهُنَّ خَنِيف
شبَّه الــفِدام بالجَيْبِ، وجمع كل ذلك خُنُفٌ. وفي الحديث: أَنَّ قوماً
أَتوا النبي، صلى اللّه عليه وسلم، فقالوا: تَخَرَّقَتْ عنا الخُنُف
وأَحْرقَ بطوننا التمرُ؛ الخُنُف، واحدها خَنِيفٌ، وهو جِنْس من الكتّان
أَردأُ ما يكون منه كانوا يلبسونها؛ وأَنشد في صفة طريق:
على كالخَنِيفِ السَّحْقِ تَدْعُو به الصَّدَى،
له قُلُبٌ عادِيَّةٌ وصحونُ
والخَنِيفُ: الغَزِيرةُ، وفي رجز كعب:
ومَذْقةٍ كطُرَّةِ الخَنِيفِ
المَذْقةُ: الشَّرْبةُ من اللبن الممزوج، شبَّه لَوْنها بطُرّة
الخَنِيفِ.
والخَنْدَفةُ: أَن يَمشِي مُفاجّاً ويَقْلِبَ قدَمَيْه كأَنه يَغْرفُ
بهما وهو من التَّبَختُر، وقد خَنْدف، وخصَّ بعضهم به المرأَة.
ابن الأَعرابي: الخُنْدُوفُ الذي يَتَبَخْتَرُ في مَشْيه كِبْراً
وبَطَراً.
وخَنَفَ الأُتْرُجّةَ وما أَشبهها: قطَعَها، والقِطْعَةُ منه خَنَفَةٌ.
والخَنْفُ: الحَلْبُ بأَربع أَصابعَ وتَسْتَعِينُ معها بالإبهام، ومنه
حديث عبد الملك أَنه قال لحالب ناقة: كيف تَحْلِبُ هذه الناقة أَخْنْفاً
أَم مَصْراً أَم فَطراً؟
ومِخْنَفٌ: اسم معروف. وخَيْنَفٌ: وادٍ بالحجاز؛ قال الشاعر:
وأَعْرَضَتِ الجِبالُ السُّودُ دُوني،
وخَيْنَفُ عن شِمالي والبَهِيمُ
أَراد البُقْعَة فترك الصَّرْفَ.وأَبو مِخْنَفٍ، بالكسر: كُنْيةُ لُوط
بن يحيى رجل من نَقَلَةِ السِّيَرِ.
خلص: خَلَص الشيء، بالفتح، يَخْلُص خُلُوصاً وخَلاصاً إِذا كان قد
نَشِبَ ثم نَجا وسَلِم. وأَخْلَصه وخَلَّصه وأَخْلَص للّه دِينَه: أَمْحَضَه.
وأَخْلَصَ الشيءَ: اختاره، وقرئ: إِلاَّ عبادَك منهم المُخْلِصين،
والمُخْلَصِين؛ قال ثعلب: يعني بالمُخْلِصين الذين أَخْلَصوا العبادة للّه
تعالى، وبالمُخْلَصِين الذين أَخْلَصهم اللّهُ عزّ وجلّ. الزجاج: وقوله:
واذْكُرْ في الكتاب موسى إِنه كان مُخْلَصاً، وقرئ مُخْلِصاً، والمُخْلَص:
الذي أَخْلَصه اللّهُ جعله مُختاراً خالصاً من الدنس، والمُخْلِص: الذي
وحّد اللّه تعالى خالصاً ولذلك قيل لسورة: قل هو اللّه أَحد، سورة
الإِخلاص؛ قال ابن الأَثير: سميت بذلك لأَنها خالصة في صفة اللّه تعالى وتقدّس،
أَو لأَن اللافظ بها قد أَخْلَصَ التوحيدَ للّه عزّ وجلّ، وكلمة الإِخلاص
كلمة التوحيد، وقوله تعالى: من عبادنا المُخْلَصِين، وقرئ المُخْلِصين،
فالمُخْلَصُون المُخْتارون، والمُخْلِصون المُوَحِّدُون.
والتخليص: التَّنْجِيَة من كل مَنْشَبٍ، تقول: خَلَّصْته من كذا
تَخْلِيصاً أَي نَجَّيْته تَنْجِيَة فتخلّص، وتَخلّصَه تخَلُّصاً كما يُتخلّصُ
الغَزْلُ إِذا الْتَبَس. والإِخْلاصُ في الطاعة: تَرْكُ الرِّياءِ، وقد
أَخْلَصْت للّه الدِّينَ. واسْتَخْلَصَ الشيء: كأَخْلَصَه. والخالِصةُ:
الإِخْلاصُ. وخَلَص إِليه الشيءُ: وَصَلَ. وخَلَصَ الشيءُ، بالفتح، يَخْلُصُ
خُلوصاً أَي صار خالِصاً. وخَلَصَ الشيء خَلاصاً، والخَلاصُ يكون مصدراً
للشيء الخالِص. وفي حديث الإِسراء: فلما خَلَصْت بمُسْتَوىً من الأَرض
أَي وَصَلْتُ وبلَغْت. يقال: خَلَصَ فلان إِلى فلان أَي وصل إِليه،
وخَلَصَ إِذا سَلِم ونَجا؛ ومنه حديث هِرَقْلَ: إِني أَخْلُص إِليه. وفي حديث
عليّ، رضي اللّه عنه: أَنه قَضَى في حكومة بالخَلاصِ أَي الرجوعِ بالثَّمن
على البائع إِذا كانت العينُ مُسْتَحِقَّةً وقد قَبَضَ ثمَنَها أَي قضى
بما يُتَخَلّص به من الخصومة. وخلَص فلانٌ إِلى فلان أَي وَصَل إِليه.
ويقال: هذا الشيء خالِصةٌ لك أَي خالِصٌ لك خاصّة. وقوله عزّ وجلّ: وقالوا
ما في بُطونِ هذه الأَنْعامِ خالصةٌ لذكورنا؛ أَنَّثَ الخالصةَ لأَنه جعل
معنى ما التأْنيثَ لأَنها في معنى الجماعة كأَنهم قالوا: جماعةُ ما في
بطون هذه الأَنعامِ خالصةٌ لذكورنا. وقوله: ومُحَرَّمٌ، مَرْدُودٌ على لفظ
ما، ويجوز أَن يكون أَنَّثَه لتأْنيث الأَنْعامِ، والذي في بطون
الأَنعام ليس بمنزلة بعض الشيء لأَن قولك سقَطَتْ بعضُ أَصابِعه، بَعْضُ
الأَصابِع أُصبعٌ، وهي واحدة منها، وما في بطن كل واحدة من الأَنعام هو غيرها،
ومن قال يجوز على أَن الجملة أَنعام فكأَنه قال وقالوا: الأَنعامُ التي في
بطون الأَنعام خالصةٌ لذكورنا، قال ابن سيده: والقولُ الأَول أَبْبَنُ
لقوله ومُحَرَّمٌ، لأَنه دليل على الحَمْلِ على المعنى في ما، وقرأَ بعضهم
خالصةً لذكورنا يعني ما خلَص حَيّاً، وأَما قوله عزّ وجلّ: قل هي للذين
آمَنُوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة، قُرئَ خالصةٌ وخالصةً،
المعنى أَنها حَلال للمؤمنين وقد يَشْرَكُهم فيها الكافرون، فإِذا كان يومُ
القيامة خَلَصت للمؤمنين في الآخرة ولا يَشْرَكُهم فيها كافر، وأَما
إِعْراب خالصةٌ يوم القيامة فهو على أَنه خبر بعد خبر كما تقول زيدٌ عاقلٌ
لبيبٌ، المعنى قل هي ثابتةٌ للذين آمنوا في الحياة الدنيا في تأْويل الحال،
كأَنك قلت قل هي ثابتة مستقرة في الحياة الدنيا خالصةٌ يوم القيامة.
وقوله عزّ وجلّ: إِنَّا أَخْلَصْناهم بِخالِصةٍ ذِكْرى الدار؛ يُقْرَأُ
بخالصةِ ذِكْرى الدار على إِضافة خالصة إِلى ذِكْرى، فمن قرأَ بالتنوين جعل
ذِكْرى الدار بَدَلاً من خالصة، ويكون المعنى إِنا أَخْلَصْناهم بذكرى
الدار، ومعنى الدار ههنا دارُ الآخرة، ومعنى أَخلصناهم جعلناهم لها خالصين
بأَن جعلناهم يُذَكِّرون بدار الآخرة ويُزَهِّدون فيها الدُّنْيا، وذلك
شأْن الأَنبياء، ويجوز أَن يكون يُكْثِرُون ذِكْرَ الآخرة والرُّجوعِ إِلى
اللّه، وأَما قوله خلَصُوا نَجِيّاً فمعناه تَميّزوا عن الناس
يَتَناجَوْن فيما أَهَمَّهم. وفي الحديث: أَنه ذَكَر يومَ الخلاصِ فقالوا: وما يومُ
الخَلاصِ؟ قال: يوم يَخْرج إِلى الدجّال من أَهل المدينة كلُّ مُنافِقٍ
ومُنافقة فيتميَّز المؤمنون منهم ويَخْلُص بعضُهم من بعض. وفي حديث
الاستسقاء: فَلْيَخْلُصْ هو وولدُه أَي ليتميّزْ من الناس.
وخالَصَهُ في العِشْرة أَي صافاه. وأَخْلَصَه النَّصِيحةَ والحُبَّ
وأَخْلَصه له وهم يَتَخالَصُون: يُخْلِصُ بعضُهم بَعضاً. والخالصُ من
الأَلوان: ما صَفا ونَصَعَ أَيَّ لَوْنٍ كان؛ عن اللحياني.
والخِلاصُ والخِلاصةُ والخُلاصةُ والخُلُوصُ: رُبٌّ يُتَّخَذُ من تمر.
والخِلاصةُ والخُلاصةُ والخِلاصُ: التمرُ والسويقُ يُلْقى في السَّمْن،
وأَخْلَصَه: فَعَل به ذلك. والخِلاصُ: ما خَلَصَ من السَّمْن إِذا طُبِخَ.
والخِلاصُ والإِخْلاصُ والإِخْلاصةُ: الزُّبْدُ إِذا خَلَصَ من الثُّفْل.
والخُلوصُ: الثُّفْلُ الذي يكون أَسفل اللبَنِ. ويقول الرجل لصاحبةِ
السَّمْنِ: أَخْلِصي لنا، لم يفسره أَبو حنيفة، قال ابن سيده: وعندي أَن
معناه الخِلاصة والخُلاصة أَو الخِلاصُ. غيره: وخِلاصةُ وخُلاصةُ السمن ما
خَلَصَ منه لأَنهم إِذا طَبَخُوا الزُّبدَ ليتَّخذوه سَمْناً طرَحُوا فيه
شيئاً من سويقٍ وتمرٍ أَو أَبْعارِ غِزْلانٍ، فإِذا جادَ وخلَصَ من
الثُّفْل فذلك السمنُ هو الخِلاصة والخُلاصة والخِلاص أَيضاً، بكسر الخاء، وهو
الإِثْر، والثُّفْلُ الذي يَبْقى أَسفلَ هو الخُلوصُ والقِلْدَةُ
والقِشْدَةُ والكُدادةُ، والمصدر منه الإِخْلاصُ، وقد أَخْلَصْت السَّمْنَ.
أَبو زيد: الزُّبْدُ حين يجعل في البُرْمةِ لِيُطبخ سمناً فهو الإِذْوابُ
والإِذْوابةُ، فإِذا جادَ وخَلَصَ اللبنُ من الثُّفْل فذلك اللبن الإِثْرُ
والإِخْلاصُ، والثُّفْلُ الذي يكون أَسفلَ هو الخُلوصُ. قال الأَزهري:
سمعت العرب تقول لما يُخْلَصُ به السمنُ في البُرْمة من اللبن والماء
والثُّفْل: الخِلاصُ، وذلك إِذا ارْتَجَنَ واخْتَلَط اللبَنُ بالزُّبْدِ
فيُؤْخذُ تمرٌ أَو دقيقٌ أَو سَوِيقٌ فيُطْرَح فيه ليَخْلُصَ السمنُ من بَقيّة
اللبن المختلط به، وذلك الذي يَخْلُص هو الخِلاص، بكسر الخاء، وأَما
الخِلاصة والخُلاصة فهو ما بقي في أَسفل البُرْمة من الخِلاص وغيرِه من
ثُفْلٍ أَو لبَنٍ وغيرِه. أَبو الدقيش: الزُّبْدُ خِلاصُ اللَّبنِ أَي منه
يُسْتَخْلَصُ أَي يُسْتَخْرَج؛ حَدّث الأَصمعي قال: مَرَّ الفرزدق برجل من
باهلة يقال له حُمامٌ ومعه نِحْيٌ من سَمْنٍ، فقال له الفرزدق: أَتَشْتري
أَغْراضَ الناسِ قَيْسٍ مِنِّي بهذا النِّحْي؟ فقال: أَللّهِ عليك
لتَفْعَلَنّ إِن فَعَلْتُ، فقال: أَللّهِ لأَفْعَلَنَّ، فأَلْقى النِّحْيَ بين
يديه وخرج يَعْدُوة فأَخذه الفرزدق وقال:
لَعَمْرِي لَنِعْمَ النِّحْيُ كانَ لِقَوْمِه،
عَشِيّةَ غِبّ البَيْعِ، نِحْيُ حُمامِ
من السَّمْنِ رِبْعيٌّ يكون خِلاصُه،
بأبْعارِ آرامٍ وعُودِ بَشَامِ
فأَصْبَحْتُ عن أَعْراض قَيْس كمُحرِمٍ،
أَهَلَّ بِحَجٍّ في أَصَمَّ حَرامِ
الفراء: أَخْلَصَ الرجلُ إِذا أَخذ الخِلاصةَ والخُلاصة، وخَلَّصَ إِذا
أَعطى الخَلاص، وهو مِثْل الشيء؛ ومنه حديث شريح: أَنه قضى في قَوْس
كسَرَها رجل بالخَلاصِ أَي بمثلها. والخِلاص، بالكسر: ما أَخْلَصَته النارُ
من الذهب والفضة وغيره، وكذلك الخِلاصة والخُلاصة؛ ومنه حديث سلمان: أَنه
كاتَبَ أَهلَه على كذا وكذا وعلى أَربعين أُوقِيَّةَ خِلاص. والخِلاصة
والخُلاصة: كالخِلاص، قال: حكاه الهروي في الغريبين.
واسْتَخْلَصَ الرجلَ إِذا اخْتَصّه بدُخْلُلِه، وهو خالِصَتي وخُلْصاني.
وفلان خِلْصي كما تقول خِدْني وخُلْصاني أَي خالِصَتي إِذا خَلَصَت
مَوَدّتُهما، وهم خُلْصاني، يستوي فيه الواحد والجماعة. وتقول: هؤلاء
خُلْصاني وخُلَصائي، وقال أَبو حنيفة: أَخْلَصَ العظمُ كثُرَ مُخُّه، وأَخْلَصَ
البعيرُ سَمِن، وكذلك الناقة؛ قال:
وأَرْهَقَت عِظامُه وأَخْلَصا
والخَلَصُ: شجرٌ طيّبُ الريح له وَرْدٌ كوَرد المَرْوِ طيّبٌ زكيٌّ. قال
أَبو حنيفة: أَخبرني أَعرابي أَن الخَلَص شجر ينبت نبات الكَرْم يتعلق
بالشجر فيعْلق، وله ورق أَغبر رِقاقٌ مُدَوَّرةٌ واسعةٌ، وله وَرْدةٌ
كوَرْدة المَرْوِ، وأُصولهُ مُشْرَبةٌ، وهو طيّبُ الريح، وله حبّ كحبّ عِنَبِ
الثَّعْلبِ يجتمع الثلاثُ والأَربعُ معاً، وهو أَحمر كغَرز العقيق لا
يؤكل ولكنه يُرْعَى؛ ابن السكيت في قوله:
بِخالِصةِ الأَرْدانِ خُضْرِ المَناكِبِ
الأَصمعي: هو لِباس يلبَسُه أَهل الشام وهو ثوب مُجَبَّل أَخْضرُ
المَنْكِبين وسائرُه أَبْيَضُ والأَردانُ أَكمامُه.
ويقال لكل شيء أَبيضَ: خالِصٌ؛ قال العجاج:
مِنْ خالِص الماء وما قد طَحْلَبا
يريد خَلَص من الطُّحْلُب فابْيَضَّ. الليث: بَعِيرٌ مُخْلِصٌ إِذا كان
قَصِيداً سَميناً؛ وأَنشد:
مُخْلِصة الأَنْقاءِ أَو رَعُوما
والخالصُ: الأَبْيَضُ من الأَلوان. ثوب خالصٌ: أَبْيَضُ. وماءٌ خالص:
أَبيض. وإِذا تَشَظَّى العظامُ في اللحم، فذلك الخَلَصُ. قال: وذلك في
قَصَب العظام في اليد والرجل. يقال: خَلِصَ العظمُ يَخْلَصُ خَلَصاً إِذا
بَرَأَ وفي خَلَلِه شيءٌ من اللحم.
والخَلْصاءُ: ماءٌ بالبادية، وقيل موضع، وقيل موضع فيه عين ماء؛ قال
الشاعر:
أَشْبَهْنَ مِنْ بَقَر الخَلْصاءِ أَعْيُنَها،
وهُنَّ أَحْسَنُ من صِيرانِها صِوَرَا
وقيل: هو الموضع بالدهناء معروف. وذو الخَلَصة: موضع يقال إِنه بيت
لِخَثْعَم كان يُدْعَى كَعْبةَ اليَمامةِ وكان فيه صنمٌ يُدْعى الخَلَصةَ
فَهُدِم. وفي الحديث: لا تقوم الساعة حتى تضطرب أَلْياتُ نِساءِ دَوْسٍ على
ذي الخَلَصة؛ هو بيتٌ كان فيه صنم لدَوْسٍ وخَثْعَم وبَجِيلةَ وغيرِهم،
وقيل: ذو الخَلَصة الكعبةُ اليمانيَّةُ التي كانت باليمن فأَنْفَذَ إِليها
رسول اللّه، صلَى اللّه عليه وسلّم، جَرِيرَ بنَ عبد اللّه يُخَرِّبُها،
وقيل: ذو الخَلَصة الصنم نفسه، قال ابن الأَثير: وفيه نظر
(* قوله «وفيه
نظر» أَي في قول من زعم انه بيت كان فيه صنم يسمى الخلصة لأن ذو لا تضاف
الا إلخ، كذا بهامش النهاية.) لأَن ذو لا تُضاف إِلاَّ إِلى أَسماء
الأَجناس، والمعنى أَنهم يَرْتَدُّون ويعُودون إِلى جاهليّتهم في عبادة
الأَوثان فتسعى نساءُ بني دَوْسٍ طائفاتٍ حول ذي الخَلَصة فتَرْتَجُّ
أَعجازُهن. وخالصةُ: اسم امرأَة، واللّه أَعلم.
لثم: اللِّثامُ: رَدُّ المرأَة قِناعَها على أَنفها وردُّ الرجل
عمامَته على أَنفه، وقد لَثَمَتْ تَلْثِمُ
(* قوله
«وقد لثمت تلثم» هكذا ضبط في الصحاح والمحكم أيضاً، ومقتضى اطلاق
القاموس انه من باب قتل، وفي المصباح: ولثمت المرأة من باب تعب لثماً مثل فلس.
وتلثمت والتثمت شدت اللثام. )، وقيل: اللِّثامُ
على الأَنف واللِّفامُ على الأَرْنبة. أَبو زيد قال: تميم تقول
تَلَثَّمَت على الفم، وغيرهم يقول تَلَفَّمَت؛ قال الفراء: إِذا كان على الفم فهو
اللِّثام، وإِذا كان على الأَنف فهو اللِّفام. ويقال من اللِّثام:
لثَمْت أَلْثِمُ، فإِذا أَراد التقبيل قلت: لثِمْتُ أَلْثَم؛ قال
الشاعر:فلَثِمْتُ فاها آخِذاً بِقُرونِها،
ولَثِمْتُ من شَفَتَيْهِ أَطْيَبَ مَلْثَم
ولَثِمْتُ فاها، بالكسر، إِذا قبَّلتها، وربما جاء بالفتح؛ قال ابن
كيسان: سمعت المبرد ينشد قول جَمِيل:
فلَثَمْتُ فاها آخِذاً بقرونِها،
شُرْبَ النَّزِيف ببَرْدِ ماءِ الحَشْرَج
بالفتح، ويروى البيت لعمر بن أَبي ربيعة، أَبو زيد: تميم تقول
تَلَثَّمَت على الفم، وغيرهم يقول تلفَّمت، فإِذا كان على طرف الأَنف فهو
اللِّفام، وإِذا كان على الفم فهو اللِّثام. قال الفراء: اللِّثام ما كان على
الفم من النقاب، واللِّفام ما كان على الأَرْنبة. وفي حديث مكحول: أَنه
كَرِهَ التَّلَثُّم من الغبار في الغَزْوِ، وهو شدُّ الفم باللثام، وإِنما
كرهه رغبة في زيادة الثواب بما يناله من الغبار في سبيل الله. والملثَم:
الأَنف وما حوله وإِنها لحسنَةُ اللِّثْمةِ: من اللِّثام؛ وقول
الحَذْلميّ:
وتَكْشِف النُّقْبةَ عن لِثامِها
لم يفسر ثعلب اللِّثام، قال
(* قوله «قال» أي ابن سيده): وعندي أَنه
جلدها؛ وقول الأَخطل:
آلَت إِلى النِّصف من كَلْفاء أَتْأَقَها
عِلْجٌ، ولَثَّمها بالجَفْنِ والغارِ
إِنما أَراد أَنه صيّر الجفنَ والغارَ لهذه الخابية كاللِّثام.
ولَثِمَها ولَثَمَها يَلْثِمُها ويَلْثَمُها لَثْماً: قبّلها. الجوهري:
واللُّثْم، بالضم، جمع لاثِمٍ. واللَّثْم: القُبْلة. يقال: لَثَمَت المرأَةُ
ثَلْثِمُ لَثْماً والْتَثَمَت وتَلَثَّمَت إِذا شدَّت اللِّثامَ، وهي حسنَة
اللِّثْمة. وخُفٌّ مَلْثُوم ومُلَثَّم: جرحته الحجارة؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
يَرْمِي الصُّوَى بمُجْمَراتٍ سُمْرِ
مُلَعثَّماتٍ، كمَرادِي الصَّخْرِ
الجوهري: لَثَمَ البعير الحجارة بخُفِّه يَلْثِمُها إِذا كسرَها. وخفٌّ
مِلْثَم: يَصُكّ الحجارة. ويقال أَيضاً: لَثَمت الحجارةُ خُفَّ البعير
إِذا أَصابته وأَدْمته.
وضر: الوَضَرُ: الدَّرَنُ والدَّسَمُ. ابن سيده: الوَضَرُ وسَخُ الدسمِ
واللبن وغُسالَةُ السِّقاء والقصعة ونحوهما؛ وأَنشد:
إِن تَرْحضُوها تَزدْ أَعْراضُكم طَبَعاً،
أَو تَتْرُكوها فَسُودٌ ذاتُ أَوْضارِ
ابن الأَعرابي: يقال للفُنْدُورَةِ وَضْرَى وقد وَضِرَت القصعةُ
تَوْضَرُ وَضَراً أَي دَسِمَتْ؛ قال أَبو الهندي واسمه عبد المؤْمن بن عبد
القدوس:
سَيُغْنِي أَبا الهِنْدِيِّ عن وَطْبِ سالمٍ
أَبارِيقُ، لم يَعْلَقْ بها وَضَرُ الزُّبْدِ
مُفَدَّمَةٌ قَزّاً، كأَنَّ رِقابَها
رِقابُ بناتِ الماءِ تَفْزَعُ للرَّعْدِ
الوَطْبُ: زِقُّ اللبن، وهو في البيت زق الخمر. والمُفَدَّم: الإِبريق
الذي على فمه فِدَامٌ، وهو خِرْقَةٌ من قَزٍّ أَو غيره. وشبه رقابها في
الإِشراف والطول برقاب بنات الماء، وهي الغَرانِيقُ، لأَنها إِذا فَزِعَت
نصبت أَعناقها. وَوَضِرَ الإِناءُ يَوْضَرُ وَضَراً إِذا اتسخ، فهو
وَضِرٌ، ويكون الوَضَرُ من الصُّفْرَة والحُمرة والطِّيب. وفي حديث عبد الرحمن
بن عوف: رأَى النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، به وَضَراً من صفرة فقال له:
مَهْيَمْ؛ المعنى أَنه رأَى به لَطْخاً من خَلُوق أَو طيب له لون فسأَل
عنه فَأَخبره أَنه تزوَّج، وذلك من فعل العرس إِذا دخل على زوجته.
والوَضَرُ: الأَثر من غير الطيب. قال: والوَضَرُ ما يشمه الإِنسان من ريح يجده
من طعام فاسد. أَبو عبيدة: يقال لبقية الهِناءِ وغيره الوَضَرُ. وفي
الحديث فجعل يأْكل ويتتبع باللقمة وَضَرَ الصَّحْفَةِ أَي دَسَمَها وأَثَرَ
الطعامِ فيها. وفي حديث أُمّ هانئ، رضي الله عنها: فَسَكَبْتُ له في
صَحْفَة إِني لأَرَى فيها وَضَرَ العجين؛ وامرأَة وَضِرَةٌ ووَضْرَى؛
قال:إِذا مَلا بَطْنَه أَلْبانُها حَلَباً
باتَتْ تُغَنِّيهِ وَضْرَى ذاتُ أَجْراسِ
أَراد ملأَ فأَبدل للضرورة، قال: ومثله كثير.