قال الأصمعى: الِإرَةُ: حُفرة تُوقَد فيها النّارُ، وقيل: هي الحُفرة التي حَولَها الأَثافِىّ. كما يقال: وَأَرت إرةً، والوِآر: مَحافِر الــطّيِن.
وأرض وَئِرة: شَدِيدةُ الأُوارِ، كأنَّها مقلوبة. وقال الوالِبىُّ: الِإرَةُ: النَّار. يقال: أُعِندَكم إرةٌ؟
جمر: الجَمْر: النار المتقدة، واحدته جَمْرَةٌ. فإِذا بَرَدَ فهو
فَحْمٌ.والمِجْمَرُ والمِجْمَرَةُ: التي يوضع فيها الجَمْرُ مع الدُّخْنَةِ وقد
اجْتَمَرَ بها. وفي التهذيب: المِجْمَرُ قد تؤنث، وهي التي تُدَخَّنْ
بها الثيابُ. قال الأَزهري: من أَنثه ذهب به إِلى النار، ومن ذكَّره عنى به
الموضع؛ وأَنشد ابن السكيت:
لا يَصْطَلي النَّارَ إِلا مِجْمَراً أَرِجا
أَراد إِلا عُوداً أَرِجاً على النار. ومنه قول النبي، صلى الله عليه
وسلم: ومَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ وبَخُورُهُمُ العُودُ الهِنْدِيُّ غَيْرَ
مُطَرًّى. وقال أَبو حنيفة: المِجْمَرُ نفس العود. واسْتَجْمَرَ
بالمِجْمَرِ إِذا تبخر بالعود. الجوهري: المِجْمَرَةُ واحدةُ المَجَامِرِ، يقال:
أَجْمَرْتُ النار مِجْمَراً إِذا هَيَّأْتَ الجَمْرَ؛ قال: وينشد هذا
البيت بالوجهين مُجْمِراً ومِجْمَراً وهو لحميد بن ثور الهلالي يصف امرأَة
ملازمة للطيب:
لا تَصْطَلي النَّارَ إلاَّ مُجْمِراً أَرِجاً،
قدْ كَسَّرَت مِنْ يَلَنْجُوجٍ لَه وَقَصَا
واليلنجوج: العود. والوَقَصُ: كِسَارُ العيدان. وفي الحديث: إِذا
أَجْمَرْتُمْ الميت فَجَمِّرُوه ثلاثاً؛ أَي إِذا بخرتموه بالطيب. ويقال: ثوب
مُجْمَرٌ ومُجَمَّرٌ. وأَجْمَرْتُ الثوبَ وَجَمَّرْتُه إِذا بخرته بالطيب،
والذي يتولى ذلك مُجْمِرٌ ومُجَمِّرٌ؛ ومنه نُعَيْمٌ المُجْمِرُ الذي
كان يلي إِجْمَارَ مسجد رسولُ الله،صلى الله عليه وسلم، والمَجَامِر: جمع
مِجْمَرٍ ومُجْمِرٍ، فبالكسر هو الذي يوضع فيه النار والبخور، وبالضم الذي
يتبخر به وأُعِدَّ له الجَمْرُ؛ قال: وهو المراد في الحديث الذي ذكر فيه
بَخُورُهم الأَلُوَّةُ، وهو العود.
وثوب مُجَمَّرٌ: مُكَبًّى إِذا دُخِّنَ عليه، والجامِرُ الذي يلي ذلك،
من غير فعل إِنما هو على النسب؛ قال:
وَرِيحُ يَلَنْجُوجٍ يُذَكيِّهِ جَامِرُهْ
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُجَمِّروا
(* قوله: «وفي حديث عمر لا
تجمروا» عبارة النهاية: لا تجمروا الجيش فتفتنوهم؛ تجمير الجيش جمعهم في
الثغور وحبسهم عن العود إِلى أَهليهم) وجَمَّرَ ثَوْبَهُ إِذا بخره.
والجَمْرَةُ: القبيلة لا تتضم إِلى أَحد؛ وقيل: هي القبيلة تقاتل جماعةَ
قَبائلَ، وقيل: هي القبيلة يكون فيها ثلثمائة فارس أَو نحوها.
والجَمْرَةُ: أَلف فارس، يقال: جَمْرَة كالجَمْرَةِ. وكل قبيل انضموا فصاروا يداً
واحدة ولم يُحَالِفوا غيرهم، فهم جَمْرَةٌ. الليث: الجَمْرَةُ كل قوم
يصبرون لقتال من قاتلهم لا يحالفون أَحداً ولا ينضمون إِلى أَحد، تكون
القبيلة نفسها جَمْرَة تصبر لقراع القبائل كما صبرت عَبْسٌ لقبائل قيس. وفي
الحديث عن عمر: أَنه سأَل الحُطَيْئَةَ عن عَبْسٍ ومقاومتها قبائل قيس
فقال: يا أَمير المؤمنين كنا أَلف فارس كأَننا ذَهَبَةٌ حمراء لا
نَسْتَجْمِرُ ولا نحالف أَي لا نسأَل غيرنا أَن يجتمعوا إِلينا لاستغنائنا عنهم.
والجَمْرَةُ: اجتماع القبيلة الواحدة على من ناوأَها من سائر القبائل؛ ومن
هذا قيل لمواضع الجِمَارِ التي ترمى بِمِنًى جَمَراتٌ لأَن كلَّ مَجْمَعِ
حَصًى منها جَمْرَةٌ وهي ثلاث جَمَراتٍ. وقال عَمْرُو بن بَحْرٍ: يقال
لعَبْسٍ وضَبَّةَ ونُمير الجَمَرات؛ وأَنشد لأَبي حَيَّةَ النُّمَيري:
لَنَا جَمَراتٌ ليس في الأَرض مِثْلُها؛
كِرامٌ، وقد جُرِّبْنَ كُلَّ التَّجَارِبِ:
نُمَيْرٌ وعبْسٌ يُتَّقَى نَفَيَانُها،
وضَبَّةُ قَوْمٌ بَأْسُهُمْ غَيْرُ كاذِبِ
(* قوله: «يتقى نفيانها» النفيان ما تنفيه الريح في أصول الشجر من
التراب ونحوه، ويشبه به ما يتطرف من معظم الجيش كما في الصحاح).
وجَمَرَات العرب: بنو الحرث بن كعب وبنو نُمير ابن عامر وبنو عبس؛ وكان
أَبو عبيدة يقول: هي أَربع جمرات، ويزيد فيها بني ضبة بن أُدٍّ، وكان
يقول: ضبة أَشبه بالجمرة من بني نمير، ثم قال: فَطَفِئتْ منهم جمرتان وبقيت
واحدة، طَفِئتْ بنو الحرث لمحالفتهم نَهْداً، وطفئت بنو عبس لانتقالهم
إِلى بني عامر بن صَعْصَعَةَ يوم جَبَلَةَ، وقيل: جَمَراتُ مَعَدٍّ ضَبَّةُ
وعبس والحرثُ ويَرْبُوع، سموا بذلك لجمعهم. أَبو عبيدة: جمرات العرب
ثلاث: بنو ضبة بن أُد وبنو الحرث بن كعب وبنو نمير بن عامر، وطفئت منهم
جمرتان: طفئت ضبة لأَنها حالفت الرِّبابَ، وطفئت بن الحرث لأَنها حالفت
مَذْحِجَ، وبقيت نُمير لم تُطْفَأْ لأَنها لم تُخالِفْ. ويقال: الجمرات عبس
والحرث وضبة، وهم إِخوة لأُم، وذلك أَن امرأَة من اليمن رأَت في المنام
أَنه يخرج من فرجها ثلاث جمرات، فتزوجها كعب بن عبد المَدَانِ فولدت له
الحرث بن كعب ابن عبد المدان وهم أَشراف اليمن، ثم تزوّجها بَغِيضُ ابن
رَيْثٍ فولدت له عَبْساً وهم فُرْسَان العرب، ثم تزوّجها أُدّ فولدت له ضبة،
فجمرتان في مضر وجمرة في اليمن. وفي حديث عمر: لأُلْحِقَنَّ كُلُّ قوم
بِجَمْرَتهِم أَي بجماعتهم التي هم منها.
وأَجْمَرُوا على الأَمر وتَجَمَّرُوا: تَجَمَّعُوا عليه وانضموا.
وجَمَّرَهُمُ الأَمر: أَحوجهم إِلى ذلك. وجَمَّرَ الشَّيءَ: جَمَعَهُ. وفي حديث
أَبي إِدريس: دخلت المسجد والناسُ أَجْمَرُ ما كانوا أَي أَجمع ما
كانوا. وجَمَّرَتِ المرأَةُ شعرها وأَجْمَرَتْهُ: جمعته وعقدته في قفاها ولم
ترسله. وفي التهذيب: إِذا ضَفَرَتْهُ جَمائِرَ، واحدتُها جَمِيرَةٌ، وهي
الضفائر والضَّمائِرُ والجَمَائِرُ. وتَجْمِيرُ المرأَة شعرها: ضَفْرُه.
والجَميرَةُ: الخُصْلَةُ من الشعر: وفي الحديث عن النخعي: الضَّافِرُ
والمُلَبِّدُ والمُجْمِرُ عليهم الحَلْقُ؛ أَي الذي يَضْفِرُ رأْسه وهو محرم
يجب عليه حلقه، ورواه الزمخشري بالتشديد وقال: هو الذي يجمع شَعْرَهُ
ويَعْقِدُهُ في قفاه. وفي حديث عائشة: أَجْمَرْتُ رأْسي إِجْماراً أَي
جمعته وضفرته؛ يقال: أَجْمَرَ شعرَه إِذا جعله ذُؤابَةً، والذؤابَةُ:
الجَمِيرَةُ لأَنها جُمِّرَتْ أَي جمعت. وجَمِيرُ الشَّعَرِ: ما جُمِّرَ منه؛
أَنشد ابن الأَعرابي:
كَأَنَّ جَمِيرَ قُصَّتِها، إِذا ما
حَمِسْنَا، والوقَايَةُ بالخِناق
والجَمِيرُ: مُجْتَمَعُ القوم. وجَمَّرَ الجُنْدَ: أَبقاهم في ثَغْرِ
العدوّ ولم يُقْفِلْهم، وقد نهي عن ذلك. وتَجْمِيرُ الجُنْد: أَن يحبسهم في
أَرض العدوّ ولا يُقْفِلَهُمْ من الثَّغْرِ. وتَجَمَّرُوا هُمْ أَي
تحبسوا؛ ومنه التَّجْمِيرُ في الشَعَرِ. الأَصمعي وغيره: جَمَّرَ الأَميرُ
الجيشَ إِذا أَطال حبسهم بالثغر ولم يأْذن لهم في القَفْلِ إِلى أَهليهم،
وهو التَّجْمِيرُ؛ وروى الربيع أَن الشافعي أَنشده:
وجَمَّرْتَنَا تَجْمِيرَ كِسْرى جُنُودَهُ،
ومَنَّيْتَنا حتى نَسينَا الأَمَانِيا
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُجَمِّرُوا الجيش فَتَفْتِنُوهم؛
تَجْمِيرُ الجيش: جَمْعُهم في الثُّغور وجَبْسُهم عن العود إِلى أَهليهم؛ ومنه
حديث الهُرْمُزانِ: أَن كِسْرى جَمَّرَ بُعُوثَ فارِسَ. وجاء القومُ
جُمارَى وجُماراً أَي بأَجمعهم؛ حكى الأَخيرة ثعلب؛ وقال: الجَمَارُ
المجتمعون؛ وأَنشد بيت الأَعشى:
فَمَنْ مُبْلِغٌ وائِلاً قَوْمَنَا،
وأَعْني بذلك بَكْراً جَمارَا؟.
الأَصمعي: جَمَّرَ بنو فلان إِذا اجتمعوا وصاروا أَلْباً واحداً. وبنو
فلان جَمْرَةٌ إِذا كانوا أَهل مَنَعَةٍ وشدّة. وتَجَمَّرتِ القبائلُ إِذا
تَجَمَّعَتْ؛ وأَنشد:
إِذا الجَمارُ جَعَلَتْ تَجَمَّرُ
وخُفٌّ مُجْمِرٌ: صُلْبٌ شديد مجتمع، وقيل: هو الذي نَكَبَتْهُ الحجارة
وصَلُبَ. أَبو عمرو: حافِرٌ مُجْمِرٌ وقَاحٌ صُلْبٌ. والمُفِجُّ:
المُقَبَّبُ من الحوافر، وهو محمود.
والجَمَراتُ والجِمارُ: الحَصياتُ التي يرمى بها في مكة، واحدتها
جَمْرَةٌ. والمُجَمَّرُ: موضع رمي الجمار هنالك؛ قال حذيفة بن أَنس
الهُذَليُّ:لأَدْركُهْم شُعْثَ النَّواصي، كَأَنَّهُمْ
سَوابِقُ حُجَّاجٍ تُوافي المُجَمَّرا
وسئل أَبو العباس عن الجِمارِ بِمِنًى فقال: أَصْلُها من جَمَرْتُه
ودَهَرْتُه إِذا نَحَّيْتَهُ. والجَمْرَةُ: واحدةُ جَمَراتِ المناسك وهي ثلاث
جَمَرات يُرْمَيْنَ بالجِمارِ. والجَمْرَةُ: الحصاة. والتَّجْمِيرُ:
رمْيُ الجِمارِ. وأَما موضعُ الجِمارِ بِمِنًى فسمي جَمْرَةً لأَنها تُرْمي
بالجِمارِ، وقيل: لأَنها مَجْمَعُ الحصى التي ترمي بها من الجَمْرَة، وهي
اجتماع القبيلة على من ناوأَها، وقيل: سميت به من قولهم أَجْمَرَ إِذا
أَسرع؛ ومنه الحديث: إِن آدم رمى بمنى فأَجْمرَ إِبليسُ بين يديه.
والاسْتِجْمارُ: الاستنجاء بالحجارة، كأَنه منه. وفي حديث النبي، صلى
الله عليه وسلم: إِذا توضأْتَ فانْثُرْ، وإِذا استجمرت فأَوْتِرْ؛ أَبو
زيد: الاستنجاء بالحجارة، وقيل: هو الاستنجاء، واستجمر واستنجى واحد إِذا
تمسح بالجمار، وهي الأَحجار الصغار، ومنه سميت جمار الحج للحصى التي ترمى
بها.
ويقال للخارص: قد أَجْمَرَ النخلَ إِذا خَرَصَها.
والجُمَّارُ: معروف، شحم النخل، واحدته جُمَّارَةٌ.
وجُمَّارَةُ النخل: شحمته التي في قِمَّةِ رأْسه تُقْطَعُ قمَّتُه ثم
تُكْشَطُ عن جُمَّارَةٍ في جوفها بيضاء كأَنها قطعةُ سَنَامٍ ضَخْمَةٌ، وهي
رَخْصَةٌ تؤكل بالعسل، والكافورُ يخرج من الجُمَّارَة بين مَشَقِّ
السَّعَفَتَيْنِ وهي الكُفُِرَّى، والجمعُ جمَّارٌ أَيضاً. والجَامُورُ:
كالجُمَّارِ. وجَمَرَ النخلة: قطع جُمَّارَها أَو جامُورَها. وفي الحديث:
كأَني أَنظر إِلى ساقه في غَرْزه كأَنها جُمَّارَةٌ؛ الجُمَّارَةُ: قلب
النخلة وشحمتها، شبه ساقه ببياضها،؛ وفي حديث آخر: أَتى بِجُمَّارٍ؛ هُوَ جمعُ
جُمَّارة.
والجَمْرَةُ: الظُّلْمة الشديدة. وابنُ جَمِير: الظُّلمة. وقيل: لظُلمة
ليلة
(* قوله: «لظلمة ليلة إلخ» هكذا بالأصل ولعله ظلمة آخر ليلة إلخ كما
يعلم مما يأتي). في الشهر. وابْنَا جَمِيرٍ: الليلتانِ يَسْتَسِرُّ
فيهما القَمَرُ. وأَجْمَرَتِ الليلةُ: اسْتَسَرَّ فيها الهلالُ. وابْنُ
جَمِيرٍ: هلالُ تلك الليلة: قال كعب بن زهير في صفة ذئب:
وإِنْ أَطافَ، ولم يَظْفَرْ بِطائِلةٍ
في ظُلْمة ابنِ جَمِيرٍ، سَاوَرَ الفُطُمَا
يقول: إِذا لم يصب شاةً ضَخْمَةً أَخذ فقَطِيمَةً.
والفُطُمُ: السِّخَالُ التي فُطِمَتْ، واحدتها فطيمة. وحكي عن ثعلب:
ابنُ جُمَيْرٍ، على لفظ التصغير، في كل ذلك. قال: يقال جاءنا فَحْمَةَ بْنَ
جُمَيْرٍ؛ وأَنشد:
عَنْدَ دَيْجُورِ فَحْمَةِ بْنِ جُمَيْرٍ
طَرَقَتْنا، واللَّيْلُ دَاجٍ بَهِيمُ
وقيل: ظُلْمَةُ بْنُ جَميرٍ آخرُ الشهر كأَنه سَمَّوْهُ ظلمة ثم نسبوه
إِلى جَمِير، والعرب تقول: لا أَفعل ذلك ما جَمَرَ ابْنُ جَمير؛ عن
اللحياني. وفي التهذيب: لا أَفعل ذاك ما أَجْمَرَ ابْنُ جَمِيرٍ وما أَسْمَرَ
ابْنُ سَمِير؛ الجوهري: وابنا جمير الليل والنهار، سميا بذلك للاجتماع كما
سميا ابْنَيْ سَمِير لأَنه يُسْمَرُ فيهما. قال: والجَمِيرُ الليل
المظلم، وابنُ جَمِيرٍ: الليل المظلم؛ وأَنشد لعمرو بن أَحمر الباهلي:
نَهارُهُمُ ظَمْآنُ ضَاحٍ، ولَيْلُهُمْ،
وإِن كَانَ بَدْراً، ظُلْمَةُ ابْنِ جَمِيرِ
ويروىي:
نهارُهُمُ ليلٌ بَهِيمٌ ولَيْلُهُمْ
ابْنُ جَمِيرٍ: الليلة التي لا يطلع فيها القمر في أُولاها ولا في
أُخراها؛ قال أَبو عمر الزاهد: هو آخر ليلة من الشهر؛ وقال:
وكأَنّي في فَحْمَةِ ابنِ جَمِيرٍ
في نِقابِ الأُسَامَةِ السِّرْداحِ
قال: السرداح القوي الشديد التام. نقاب: جلد. والأُسامة: الأَسد. وقال
ثعلب: ابْنُ جَمِير الهلالُ. ابن الأَعرابي: يقال للقمر في آخر الشهر
ابْنُ جَمِيرٍ لأَن الشمس تَجْمُرُه أَي تواريه.
وأَجْمَرَ الرجلُ والبعيرُ: أَسرع وعدا، ولا تقل أَجمز، بالزاي؛ قال
لبيد:
وإِذا حَرَّكْتُ غَرْزي أَجْمَرَتْ،
أَوْ قِرابي عَدْوَ جَوْنٍ قَدْ أَبَلْ
وأَجْمَرْنا الخيل أَي ضَمَّرْناها وجمعناها.
وبنو جَمْرَةَ: حَيُّ من العرب. ابن الكلبي: الجِمارُ طُهَيَّةُ
وبَلْعَدَوِيَّة وهو من بني يربوع بن حنظلة. والجامُور: القَبْرُ. وجامُورُ
السفينة: معروف. والجامُور: الرأْس تشبيهاً بجامور السفينة؛ قال كراع: إِنما
تسميه بذلك العامة.
وفلان لا يعرف الجَمْرَةَ من التمرة. ويقال: كان ذلك عند سقوط
الجَمْرَةِ. والمُجَيْمِرُ: موضع، وقيل: اسم جبل، وقول ابن الأَنباري:
ورُكوبُ الخَيْلِ تَعْدُو المَرَطَى،
قد عَلاَها نَجَدُ فيه اجْمِرار
قال: رواه يعقوب بالحاء، أَي اختلط عرقها بالدم الذي أَصابها في الحرب،
ورواه أَبو جعفر اجمرار، بالجيم، لأَنه يصف تجعد عرقها وتجمعه. الأَصمعي:
عدَّ فلان إِبله جَماراً إِذا عدها ضربة واحدة؛ ومنه قول ابن أَحمر:
وظَلَّ رعاؤُها يَلْقَونَ منها،
إِذا عُدَّتْ، نَظَائِر أَو جَمَارَا
والنظائر: أَن تعد مثنى مثنى، والجَمارُ: أَن تُعَدَّ جماعةً؛ ثعلب عن
ابن الأَعرابي عن المفضل في قوله:
أَلم تَرَ أَنَّني لاقَيْتُ، يَومْاً،
مَعائِرَ فيهمُ رَجُلاً جَمَارا
فَقِيرَ اللْيلِ تَلْقاه غنِيّاً،
إِذا ما آنَسَ الليلُ النهارَا
هذا مقدّم أُريد به
(* هكذا في الأَصل). وفلان غني الليل إِذا كانت له
إِبل سود ترعى بالليل.
قلا: ابن الأَعرابي: القَلا والقِلا والقَلاء المَقْلِيةُ. غيره:
والقِلَى البغض، فإِن فتحت القاف مددت، تقول قَلاه يَقْلِيه قِلًى وقَلاء،
ويَقْلاه لغة طيء؛ وأَنشد ثعلب:
أيامَ أُمِّ الغَمْرِ لا نَقْلاها،
ولو تَشاءُ قُبِّلَت عَيْناها
فادِرُ عُصْمِ الهَضْب لو رآها،
مَلاحةً وبَهْجةً، زهاها
قال ابن بري: شاهد يَقْلِيه قول أَبي محمد الفقعسي:
يَقْلِي الغَواني والغَواني تَقْليه
وشاهد القَلاء في المصدر بالمد قول نُصَيْب:
عَلَيكِ السَّلامُ لا مُلِلْتِ قَرِيبَةً،
وما لَكِ عِنْدي، إِنْ نَأَيْتِ، قَلاءُ
ابن سيده: قَلَيْتُه قِلًى وقَلاء ومَقْلِيةً أَبغضته وكَرِهْتُه غاية
الكَراهة فتركته. وحكى سيبويه: قَلى يَقلَى، وهو نادر، شبهوا الأَلف
بالهمزة، وله نظائر قد حكاها كلها أَو جلها، وحكى ابن جني قَلاه وقَلِيَه.
قال: وأُرى يَقْلَى إِنما هو على قَلِيَ، وحكى ابن الأَعرابي قَلَيْته في
الهجر قِلًى، مكسور مقصور، وحكى في البُغْض: قَلِيته، بالكسر، أَقْلاه على
القياس، وكذلك رواه عنه ثعلب. وتَقَلَّى الشيءُ: تَبَغَّضَ؛ قال ابن
هَرْمةَ:
فأَصْبَحْتُ لا أَقْلي الحَياةَ وطُولَها
أَخيراً، وقد كانتْ إَلَيَّ تَقَلَّتِ
الجوهري: وتَقَلّى أَي تَبَغَّض؛ قال كثير
أَسِيني بنا أو أَحسني، لا مَلُولةٌ
لَدَيْنا، ولا مَقْلِيَّةٌ إِن تَقَلَّتِ
خاطَبها ثم غايَبَ. وفي التنزيل العزيز: ما وَدَّعَك ربُّك وما قَلَى؛
قال الفراء: نزلت في احتباس الوحي عن سيدنا رسول الله،صلى الله عليه وسلم
خمس عشرة ليلة، فقال المشركون: قد وَدَّعَ محمداً ربُّه وقَلاه التابعُ
الذي يكون معه، فأَنزل الله تعالى: ما وَدَّعك ربك وما قَلَى؛ يريد وما
قَلاك، فأُلقيت الكاف كما تقول قد أَعْطَيْتُك وأَحْسَنْتُ، معناه أَحسنت
إِليك، فيُكْتَفَى بالكاف الأُولى من إِعادة الأُخرى. الزجاج: معناه لم
يَقطع الوحي عنك ولا أَبْغَضَك. وفي حديث أَبي الدرداء: وجَدْتُ الناسَ
اخْبُرْ تَقْلِهْ؛ القِلَى: البُغْضُ، يقول: جَرِّب الناس فإِنك إِذا
جرّبتهم قليتهم وتركتهم لما يظهر لك من بَواطِن سرائرهم، لفظه لفظ الأَمر
ومعناه الخبر أَي من جرَّبهم وخبرهم أَبغضهم وتركهم، والهاء في تقله للسكت،
ومعنى نظم الحديث وجدت الناس مقولاً فيهم هذا القول، وقد تكرر ذكر القِلى
في الحديث.
وقَلَى الشيء قَلْياً: أَنْضَجَه على المِقْلاة. يقال: قَلَيْت اللحم
على المِقْلَى أَقْلِيه قَلْياً إِذا شويته حتى تُنْضِجه، وكذلك الحبّ
يُقْلَى على المِقلى. ابن السكيت: يقال قَلَوْت البُرَّ والبُسْر، وبعضهم
يقول قَلَيْت، ولا يكون في البُغْض إِلا قَلَيْت. الكسائي: قَلَيْت الحَبّ
على المِقْلَى وقَلَوْته. الجوهري: قَلَيْت السويق واللحم فهو مَقْلِيٌّ،
وقَلَوْت فهو مَقْلُوّ، لغة.
والمِقْلاة والمِقْلَى: الذي يُقْلَى عليه، وهما مِقْلَيانِ، والجمع
المَقالي. ويقال للرجل إِذا أَقْلقَه أَمر مُهمّ فبات ليله ساهراً: باتَ
يَتَقَلَّى أَي يتقَلَّب على فراشه كأَنه على المِقْلى. والقَلِيَّةُ من
الطعام، والجمع قَلايا، والقَلِيَّة: مرَقة تتخذ من لحوم الجَزُور
وأَكْبادِها. والقَلاَّء:
الذي حرفته ذلك. والقَلاء: الذي يَقْلي البُرّ للبيع. والقَلاَّءة،
ممدودة: الموضع الذي تتخذ فيه المَقالي، وفي التهذيب: الذي تتخذ فيه مَقالي
البر، ونظيره الحَرَّاضةُ للمَوضِع الذي يطبخ فيه الحُرُضُ.
وقَلَيْت الرَّجل: ضربت رأْسه.
والقِلْيُ والقِلَى: حب يشبب به العصفر. وقال أَبو حنيفة: القِلْي يتخذ
من الحَمض وأَجوده ما اتخذ من الحُرُض، ويتخذ من أَطراف الرِّمث وذلك
إِذا اسْتَحْكَم في آخر الصيف واصفرَّ وأَوْرَس. الليث: يقال لهذا الذي
يُغسل به الثياب قِلْيٌ، وهو رَماد الغَضَى والرِّمْث يُحرق رَطباً ويرش
بالماء فينعقد قِلْياً. الجوهري: والقِلْيُ الذي يتخذ من الأُشْنان، ويقال
فيه القِلَى أَيضاً، ابن سيده: القُلة عود يجعل في وسطه حبل ثم يدفن ويجعل
للحبل كِفَّة فيها عيدان، فإِذا وَطِئ الظبي عليها عَضَّت على أَطراف
أَكارِعِه. والمِقْلَى: كالقُلةِ. والقُلةُ والمِقْلَى والمِقْلاء، على
مِفْعالٍ، كلهُ: عودانِ يَلعب بهما الصبيان، فالمِقْلَى العود الكبير الذي
يضرب به، والقُلةُ الخَشبة الصغيرة التي تنصب وهي قدر ذراع . قال
الأَزهري: والقالي الذي يَلعب فيَضْرب القُلةَ بالمِقْلَى. قال ابن بري: شاهد
المِقْلاء قول امرئ القيس:
فأَصْدَرَها تَعْلُو النِّجادَ، عَشِيَّةً،
أَقبُّ، كمِقْلاءِ الوَليدِ، خَمِيصُ
والجمع قُلاتٌ وقُلُونَ وقِلُونَ على ما يَكثر في أَوَّل هذا النحو من
التغيير؛ وأَنشد الفراء:
مِثْل المقالي ضُرِبَتْ قِلِينُها
قال أَبو منصور: جعل النون كالأَصلية فرفعها، وذلك على التوهم، ووجه
الكلام فتح النون لأَنها نون الجمع. وتقول: قَلَوْت القُلة أَقْلُو قَلْواً،
وقَلَيْتُ أَقْلي قَلْياً لغة، وأَصلها قُلَوٌ، والهاء عوض، وكان الفراء
يقول: إِنما ضم أَوّلها ليدل على الواو، والجمع قُلاتٌ وقُلُونَ
وقِلُون، بكسر القاف. وقَلا بها قَلْواً وقَلاها: رَمى؛ قال ابن مقبل:
كأَنَّ نَزْوُ فِراخِ الهامِ، بَيْنَهُمُ،
نَزْوُ القُلاتِ زَهاها قالُ قالِينا
أَراد قَلْوُ قالِينا فقلب فتغير البناء للقَلْب، كما قالوا له جاهٌ عند
السلطان، وهو من الوجه، فقلبوا فَعْلاً إِلى فَلْع لأَن القلب مما قد
يغير البناء، فافهم.
وقال الأصمعي: القالُ هو المِقْلاء، والقالُون الذين يلعبون بها، يقال
منه قَلَوْت أَقْلُو. وقَلَوْتُ بالقُلة والكُرة: ضربت.
ابن الأَعرابي: القُلَّى القصيرة من الجواري. قال الأَزهري: هذا فُعْلَى
من الأَقَلّ والقِلَّةِ.
وقَلا الإِبل قَلْواً: ساقَها سَوْقاً شديداً. وقَلا العَيْرُ آتُنَهُ
يَقْلُوها قَلْواً: شَلَّها وطَرَدَها وساقَها. التهذيب: يقال قَلا
العَيرُ عانته يَقْلُوها وكَسَأَها وشَحَنَها وشَذَّرَها إِذا طَرَدَها؛ قال ذو
الرمة:
يَقْلُو نَحائِصَ أَشْباهاً مُحَمْلَجَةً،
وُرْقَ السَّرابِيلِ، في أَلْوانِها خَطَبُ
والقِلْوُ: الحمار الخفيف، وقيل: هو الجحش الفَتيُّ، زاد الأَزهري: الذي
قد أَركَب وحَمَل، والأُنثى قِلْوة، وكل شديد السوق قِلْوٌ، وقيل:
القِلو الخفيف من كل شيء، والقِلوة الدابة تتقدَّم بصاحبها، وقد قَلَتْ به
واقْلَوْلَتْ.
الليث: يقال الدابة تَقْلُو بصاحبها قَلْواً، وهو تَقَدِّيها به في
السير في سرعة. يقال: جاء يَقْلو به حماره. وقَلَت الناقة براكبها قَلْواً
إِذا تقدمت به. واقْلَوْلَى القوم: رحلوا، وكذلك الرجل؛ كلاهما عن
اللحياني. واقْلَولَى في الجبل: صَعِدَ أَعْلاه فأَشْرَفَ. وكلُّ ما عَلَوت ظهره
فقد اقْلَوْلَيْتَه، وهذا نادر لأَنَّا لا نعرف افْعَوْعَل متعدِّية إِلا
اعْرَوْرَى واحْلَوْلى. واقْلَوْلَى الطائر: وقع على أَعلى الشجرة؛ هذه
عن اللحياني. والقَلَوْلَى: الطائر إِذا ارتفع في طيرانه. واقْلولَى أَي
ارتفع. قال ابن بري: أَنكر المهلبي وغيره قَلَوْلَى، قال: ولا يقال إِلا
مُقْلَوْلٍ في الطائر مثل مُحْلَوْلٍ. وقال أَبو الطيب: أَخطأَ من ردَّ
على الفراء قَلَوْلَى؛ وأَنشد لحميد بن ثور يصف قطاً:
وَقَعْنَ بِجَوْف الماء، ثم تَصَوَّبَتْ
بِهِنَّ قَلَوْلاةُ الغُدُوِّ ضَرُوبُ
ابن سيده: قال أَبو عبيدة قَلَوْلَى الطائر جعله علماً أَو كالعلم
فأَخطأَ. والمُقْلَوْلِي: المُسْتَوْفِز المُتَجافي. والمُقْلَولي:
المُنْكَمِش؛ قال:
قد عَجِبَتْ مِنِّي ومِن بُعَيْلِيا،
لَمَّا رأَتْني خَلَقاً مُقْلوْلِيا
وأَنشد ابن بري هنا لذي الرمة:
واقْلَولَى على عُودِه الجَحْلُ
وفي الحديث: لو رأَيت ابن عُمر ساجداً لرأَيته مُقْلَوْلِياً؛ هو
المُتَجافي المُسْتَوْفِزُ، وقيل: هو مَن يَتَقَلَّى على فراشه أَي يَتَمَلمَل
ولا يَسْتَقِرّ، قال أَبو عبيد: وبعض المحدثين كان يفسر مُقْلَوْلِياً
كأَنه على مِقْلًى، قال: وليس هذا بشيء إِنما هو من التجافي في السجود.
ويقال: اقْلَولى الرجل في أَمره إِذا انكمش، واقْلَوْلَتِ الحُمر في سرعتها؛
وأَنشد الأَحمر للفرزدق:
تقُولُ، إِذا اقْلَوْلَى عليها وأَقْرَدَتْ:
أَلا هَل أَخُو عَيْشٍ لَذيذٍ بدائمِ؟
قال ابن الأَعرابي: هذا كان يزني بها فانقضت شهوته قبل انقضاء شهوتها،
وأَقْرَدَتْ: ذَلَّت؛ قال ابن بري: أَدخل الباء في خبر المبتدإِ حملاً على
معنى النفي كأَنه قال ما أَخو عيش لذيذ بدائم؛ قال: ومثله قول الآخر:
فاذْهَبْ، فأَيُّ فَتًى، في الناس، أَحْرَزَه
مِنْ يَوْمِه ظُلَمٌ دُعْجٌ ولا خَبَلُ؟
وعلى ذلك قوله سبحانه وتعالى: أَوَلم يروا أَن الله الذي خلق السموات
والأَرض بقادر؛ ومن هذا قول الفرزدق أَيضاً:
أَنا الضَّامِنُ الحانِي عَليهِم، وإِنَّما
يُدافِعُ عن أَحْسابِهِم أَنا، أَو مِثْلِي
والمعنى ما يُدافِع عن أَحسابهم إِلا أَنا؛ وقوله:
سَمِعْنَ غِناءً بعدما نِمْنَ نَوْمةً،
من الليلِ، فاقْلَوْلَيْنَ فوق المَضاجع
(* قوله« غناء» كذا بالأصل والمحكم، والذي في الاساس غنائي، بياء
المتكلم.)
يجوز أَن يكون معناه خَفَقْنَ لصوته وقَلِقْنَ فزال عنهن نومهن
واستثقالهن على الأَرض، وبهذا يعلم أَن لام اقْلَوْ لَيْت واو لا ياء؛ وقال أَبو
عمرو في قول الطرماح:
حَواتم يَتَّخِذْنَ الغِبَّ رِفْهاً،
إِذا اقْلَوْلَيْنَ بالقَرَبِ البَــطينِ
اقْلَوْلَيْنَ أَي ذَهبن.
ابن الأَعرابي: القُلى رُؤوس الجِبال، والقُلى هامات الرجال، والقُلى
جمع القُلةِ التي يلعب بها. وقلا الشيءَ في المِقْلى قَلْواً، وهذه الكلمة
يائية وواوية.
وقَلَوْت الرجل: شَنِئْتُه لغة في قَلَيْتُه . والقِلُْو: الذي يستعمله
الصباغ في العفصر، وهو يائي أَيضاً لأَن القِلْيَ فيه لغة . ابن
الأَثير في حديث عمر ، رضي الله عنه: لما صالح نصارى أَهل الشأْم كتبوا له
كتاباً إنا لا نُحدِث في مدينتنا كنيسة ولا قَلِيّة ولا نَخْرج سَعانِينَ
ولا باعُوثاً ؛ القَلِيَّةُ: كالصومعة ، قال: كذا وردت ، واسمها عند
النصارى القَلاَّيةُ ، وهي تَعْريب كَلاذةَ ، وهي من بيوت عباداتهم .
وقالي قَلا: موضع ؛ قال سيبويه: هو بمنزلة خمسة عشر ؛ قال :
سَيُصْبِحُ فَوْقي أَقْتَمُ الرِّيشِ واقِعاً
بِقالي قَلا ، أَو من وَراء دَبيلِ
ومن العرب من يضيف فينوِّن . الجوهري: قالي قَلا اسمان جعلا واحداً ؛
قال ابن السراج: بني كل واحد منهما على الوقف لأَنهم كرهوا الفتحة؛ في
الياء والأَلف .
غلط: الغَلَطُ: أَن تَعْيا بالشيء فلا تَعْرِفَ وجه الصواب فيه، وقد
غَلِطَ في الأمر يَغْلَطُ غَلَطاً وأَغْلَطَه غيره، والعرب تقول: غَلِطَ في
مَنْطِقِه، وغَلِتَ في الحِساب غَلَطاً وغَلَتاً، وبعضهم يجعلُهما لغتين
بمعنىً. قال: والغَلَطُ في الحِساب وكلِّ شيءٍ، والغَلَتُ لا يكون إِلا
في الحساب. قال ابن سيده: ورأَيت ابن جني قد جمعَه على غِلاطٍ، قال: ولا
أَدْري وجْهَ ذلك. وقال الليث: الغَلَطُ كل شيءٍ يَعْيا الإِنسان عن جهة
صوابه من غير تعمد. وقد غالَطَه مُغالَطةً.
والمَغْلَطةُ والأُغْلُوطةُ: الكلام الذي يُغْلَطُ فيه ويُغالَطُ به؛
ومنه قولهم: حَدَّثْتُه حديثاً ليس بالأَغالِيطِ. والتغْلِيطُ: أَن تقول
للرجل غَلِطْتَ. والمَغْلَطةُ والأُغْلُوطةُ: ما يُغالَطُ به من المسائل،
والجمع الأَغالِيطُ. وفي الحديث: أَنه، صلّى اللّه عليه وسلّم، نَهى عن
الغَلُوطاتِ، وفي رواية الأُغْلُوطاتِ؛ قال الهرويّ: الغَلُوطاتُ تُركت
منها الهمزة كما تقول جاء لَحْمَرُ بترك الهمزة، قال: وقد غَلِطَ مَن قال
إِنها جمع غَلُوطةٍ، وقال الخطابي: يقال مسأَلة غَلُوطٌ إِذا كان يُغْلَطُ
فيها كما يقال شاة حَلُوبٌ وفرَس رَكُوب، فإِذا جعلتها اسماً زِدْتَ فيها
الهاء فقلت غَلُوطة كما يقال حَلوبة ورَكوبة، وأَراد المسائل التي
يُغالَطُ بها العلماء ليَزِلُّوا فيَهِيجَ بذلك شَرٌّ وفِتنة، وإِنما نهَى
عنها لأَنها غير نافعة في الدِّين ولا تكاد تكون إِلا فيما لا يقع، ومثله
قول ابن مسعود: أَنْذَرْتُكم صِعابَ المَنْطِق؛ يريد المسائلَ الدَّقيقةَ
الغامِضةَ. فأَما الأُغْلُوطاتُ فهي جمع أُغْلوطة أُفْعولة من الغَلَط
كالأُحْدُوثةِ والأُعْجُوبةِ.
غبط: الغِبْطةُ: حُسْنُ الحالِ. وفي الحديث: اللهم غَبْطاً لا هَبْطاً،
يعني نسأَلُك الغِبْطةَ ونَعوذُ بك أَن نَهْبِطَ عن حالِنا. التهذيب:
معنى قولهم غَبْطاً لا هَبْطاً أَنَّا نسأَلُك نِعْمة نُغْبَطُ بها، وأَن لا
تُهْبِطَنا من الحالةِ الحسنَةِ إِلى السيئةِ، وقيل: معناه اللهم
ارْتِفاعاً لا اتِّضاعاً، وزيادةً من فضلك لا حَوْراً ونقْصاً، وقيل: معناه:
أَنزلنا مَنْزِلة نُغْبَطُ عليها وجَنِّبْنا مَنازِلَ الهُبوطِ والضَّعةِ،
وقيل: معناه نسأَلك الغِبْطةَ، وهي النِّعْمةُ والسُّرُورُ، ونعوذُ بك من
الذُّلِّ والخُضوعِ.
وفلان مُغْتَبِطٌ أَي في غِبْطةٍ، وجائز أَن تقول مُغْتَبَطٌ، بفتح
الباء. وقد اغْتَبَطَ، فهو مُغْتَبِطٌ، واغْتُبِطَ فهو مُغْتَبَطٌ، كل ذلك
جائز. والاغْتِباطُ: شُكرُ اللّهِ على ما أَنعم وأَفضل وأَعْطى، ورجل
مَغْبوطٌ. والغِبْطةُ: المَسَرَّةُ، وقد أَغْبَطَ.
وغَبَطَ الرجلَ يَغْبِطُه غَبْطاً وغِبْطةً: حسَدَه، وقيل: الحسَدُ أَن
تَتَمنَّى نِعْمته على أَن تتحوّل عنه، والغِبْطةُ أَن تَتَمنَّى مثل حال
المَغْبوطِ من غير أَن تُريد زوالها ولا أَن تتحوّل عنه وليس بحسد، وذكر
الأَزهري في ترجمة حسد قال: الغَبْطُ ضرْب من الحسَد وهو أَخفّ منه،
أَلا ترى أَن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، لما سئل: هل يَضُرُّ الغَبْطُ؟
قال: نعم كما يضرُّ الخَبْطُ، فأَخبر أَنه ضارٌّ وليس كضَرَرِ الحسَدِ
الذي يتمنى صاحبُه زَيَّ النعمةِ عن أَخيه؛ والخَبْطُ: ضرْبُ ورق الشجر حتى
يَتَحاتَّ عنه ثم يَسْتَخْلِفَ من غير أَن يضرّ ذلك بأَصل الشجرة
وأَغْصانها، وهذا ذكره الأَزهري عن أَبي عبيدة في ترجمة غبط، فقال: سُئل
النبيُّ، صلّى اللّه عليه وسلّم: هل يضرُّ الغَبْطُ؟ فقال: لا إِلاَّ كما يضرّ
العِضاهَ الخَبْطُ، وفسّر الغبطَ الحسَدَ الخاصّ. وروي عن ابن السكيت
قال: غَبَطْتُ الرجل أَغْبِطُه غَبْطاً إِذا اشتهيْتَ أَن يكون لك مثلُ ما
لَه وأَن لا يَزول عنه ما هو فيه، والذي أَراد النبي، صلّى اللّه عليه
وسلّم، أَن الغَبْط لا يضرُّ ضرَر الحسَدِ وأَنَّ ما يلحق الغابِطَ من
الضَّررِ الراجعِ إِلى نُقصان الثواب دون الإِحْباط، بقدر ما يلحق العِضاه من
خبط ورقها الذي هو دون قطعها واستئصالها، ولأَنه يعود بعد الخبط ورقُها،
فهو وإِن كان فيه طرَف من الحسد فهو دونه في الإِثْم، وأَصلُ الحسدِ
القَشْر، وأَصل الغَبْطِ الجَسُّ، والشجر إِذا قُشِر عنها لِحاؤها يَبِسَت
وإِذا خُبِط ورقُها استخلَف دون يُبْس الأَصل. وقال أَبو عَدْنان: سأَلت
أَبا زيد الحنظلي عن تفسير قول سيدنا رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم:
أَيضر الغبطُ؟ قال: نعم كما يَضُرُّ العِضاهَ الخبطُ، فقال: الغبْط أَن
يُغْبَطَ الإِنسانُ وضَرَرُه إِيّاه أَن تُصِيبَه نفس، فقال الأَبانيُّ: ما
أَحسنَ ما استَخْرجها تُصِيبه العينُ فتُغيَّر حالُه كما تُغَيَّرُ
العِضاهُ إِذا تحاتّ ورقُها. قال: والاغْتِباطُ الفَرَحُ بالنِّعمة. قال
الأَزهري: الغَبْطُ ربما جلَبَ إِصابةَ عين بالمَغْبُوطِ فقام مَقام
النَّجْأَةِ المَحْذُورةِ، وهي الإِصابةُ بالعين، قال: والعرب تُكنّي عن الحسد
بالغَبْط. وقال ابن الأَعرابي في قوله: أَيضر الغبط؟ قال: نعم كما يضر
الخبط، قال: الغبْط الحسَدُ. قال الأَزهري: وفرَق اللّهُ بين الغَبط والحَسد
بما أَنزله في كتابه لمن تدبّره واعْتَبره، فقال عزَّ من قائل: ولا
تَتَمنَّوْا ما فَضَّلَ اللّهُ به بعضَكم على بعضٍ، للرِّجالِ نَصِيب مما
اكْتَسَبُوا وللنساءِ نَصِيبٌ مما اكْتَسَبْنَ، واسأَلوا اللّه من فضله؛ وفي
هذه الآية بيان أَنه لا يجوز للرجل أَن يَتَمَنَّى إِذا رأَى على أَخيه
المسلم نِعمة أَنعم اللّه بها عليه أَن تُزْوَى عنه ويُؤْتاها، وجائز له
أَن يتمنى مثلها بلا تَمَنّ لزَيِّها عنه، فالغَبْط أَن يَرى المَغْبُوطَ
في حال حسَنة فيتمنى لنفسه مثلَ تلك الحالِ الحسنة من غير أَن يتمنى
زوالها عنه، وإِذا سأَل اللّهَ مثلها فقد انتهى إِلى ما أَمَرَه به ورَضِيَه
له، وأَما الحسَدُ فهو أَن يشتهِيَ أَن يكون له مالُ المحسود وأَن يزول
عنه ما هو فيه، فهو يَبْغِيه الغَوائلَ على ما أُوتِيَ من حُسْنِ الحال
ويجتهد في إزالتها عنه بَغْياً وظُلماً، وكذلك قوله تعالى: أَم يَحْسُدون
الناس على ما آتاهم اللّه من فضله؛ وقد قدّمنا تفسير الحسد مُشعبَاً. وفي
الحديث: على مَنابِرَ من نور يَغْبِطُهم أَهلُ الجمْع؛ ومنه الحديث
أَيضاً: يأْتي على الناسِ زمان يُغْبَطُ الرجلُ بالوَحْدةِ كما يُغْبَطُ
اليوم أَبو العَشرة، يعني كان الأَئمة في صدْر الإِسلام يَرْزُقون عِيال
المسلمين وذَرارِيَّهم من بيتِ المال، فكان أَبو العَشرة مَغْبُوطاً بكثرة ما
يصل إِليهم من أَرزاقهم، ثم يَجيء بعدَهم أَئمة يَقْطَعون ذلك عنهم
فَيُغْبَطُ الرجلُ بالوحْدةِ لِخِفّة المَؤُونةِ، ويُرْثَى لصاحبِ العِيال.
وفي حديث الصلاة: أَنه جاء وهم يُصلُّون في جماعة فجعل يُغَبِّطُهم؛ قال
ابن الأَثير: هكذا روي بالتشديد، أَي يَحْمِلُهم على الغَبْطِ ويجعل هذا
الفعل عندهم مما يُغْبَطُ عليه، وإِن روي بالتخفيف فيكون قد غَبَطَهم
لتقدُّمِهم وسَبْقِهم إِلى الصلاة؛ ابن سيده: تقول منه غَبَطْتُه بما نالَ
أَغْبِطُه غَبْطاً وغِبْطةً فاغْتَبَطَ، هو كقولك مَنَعْتُه فامْتنَع
وحبستُه فاحتبس؛ قال حُرَيْثُ بن جَبلةَ العُذْريّ، وقيل هو لعُشِّ بن لَبِيدٍ
العذري:
وبَيْنَما المَرءُ في الأَحْياءِ مُغْتَبِطٌ،
إِذا هُو الرَّمْسُ تَعْفُوه الأَعاصِيرُ
أَي هو مُغْتَبِطٌ؛ قال الجوهري: هكذا أَنْشَدَنِيه أَبو سعِيد، بكسر
الباء، أَي مَغْبُوطٌ. ورجل غَابطٌ من قومٍ غُبَّطٍ؛ قال:
والنَّاس بين شامِتٍ وغُبَّطِ
وغَبَطَ الشاةَ والناقةَ يَغْبِطُهما غَبْطاً: جَسَّهُما لينظر
سِمَنَهما من هُزالِهِما؛ قال رجل من بني عمرو ابن عامر يهْجُو قوماً من
سُلَيْم:إِذا تَحَلَّيْتَ غَلاَّقاً لِتَعْرِفَها،
لاحَتْ من اللُّؤْمِ في أَعْناقِه الكُتب
(* قوله «في أعناقه» أَنشده شارح القاموس في مادة غلق أَعناقها.)
إِني وأَتْيِي ابنَ غَلاَّقٍ ليَقْرِيَني
كالغابطِ الكَلْبِ يَبْغِي الطِّرْقَ في الذَّنَبِ
وناقة غَبُوطٌ: لا يُعْرَف طِرْقُها حتى تُغْبطَ أَي تُجَسّ باليد.
وغَبَطْتُ الكَبْش أَغْبطُه غَبْطاً إِذا جَسَسْتَ أَليته لتَنْظرَ أَبه
طِرْقٌ أَم لا. وفي حديث أَبي وائلٍ: فغَبَطَ منها شاةً فإِذا هي لا تُنْقِي
أَي جَسّها بيده. يقال: غَبَطَ الشاةَ إِذا لَمَسَ منها المَوضع الذي
يُعْرَف به سِمَنُها من هُزالها. قال ابن الأَثير: وبعضهم يرويه بالعين
المهملة، فإِن كان محفوظاً فإِنه أَراد به الذبح، يقال: اعْتَبَطَ الإِبلَ
والغنم إِذا ذبحها لغير داء.
وأَغْبَطَ النباتُ: غَطّى الأَرض وكثفَ وتَدانَى حتى كأَنه من حَبَّة
واحدة؛ وأَرض مُغْبَطةٌ إِذا كانت كذلك. رواه أَبو حنيفة: والغَبْطُ
والغِبْطُ القَبضاتُ المَصْرُومةُ من الزَّرْع، والجمع غُبُطٌ.
الطائِفيّ: الغُبُوطُ القَبضاتُ التي إِذا حُصِدُ البُرّ وُضِعَ قَبْضَة
قَبْضة، الواحد غَبْط وغِبْط. قال أَبو حنيفة: الغُبوطُ القَبَضاتُ
المَحْصودةُ المتَفرّقةُ من الزَّرْع، واحدها غبط على الغالب.
والغَبِيطُ: الرَّحْلُ، وهو للنساء يُشَدُّ عليه الهوْدَج؛ والجمع
غُبُطٌ؛ وأَنشد ابن برّيّ لوَعْلةَ الجَرْمِيّ:
وهَلْ تَرَكْت نِساء الحَيّ ضاحِيةً،
في ساحةِ الدَّارِ يَسْتَوْقِدْنَ بالغُبُطِ؟
وأَغْبَطَ الرَّحْلَ على ظهر البعير إِغْباطاً، وفي التهذيب: على ظهر
الدابةِ: أَدامه ولم يحُطَّه عنه؛ قال حميد الأَرقط ونسبه ابن بري لأَبي
النجمِ:
وانْتَسَفَ الجالِبَ منْ أَنْدابهِ
إَغْباطُنا المَيْسَ على أَصْلابِه
جَعَل كل جُزْء منه صُلْباً. وأَغْبَطَتْ عليه الحُمّى. دامتْ. وفي حديث
مرضِه الذي قُبِضَ فيه، صلّى اللّه عليه وسلّم: أَنه أَغْبَطَتْ عليه
الحُمّى أَي لَزِمَتْه، وهو من وضْع الغَبِيط على الجمل. قال الأَصْمعيّ:
إِذا لم تفارق الحُمّى المَحْمومَ أَياماً قيل: أَغْبَطَتْ عليه
وأَرْدَمَتْ وأَغْمَطَتْ، بالميم أَيضاً. قال الأَزهري: والإِغْباطُ يكون لازماً
وواقعاً كما ترى. ويقال: أَغْبَطَ فلانٌ الرُّكوب إِذا لَزِمه؛ وأَنشد ابن
السكيت:
حتّى تَرَى البَجْباجةَ الضَّيّاطا
يَمْسَحُ، لَمَّا حالَفَ الإِغْباطَا،
بالحَرْفِ مِنْ ساعِدِه المُخاطا
قال ابن شميل: سير مُغْبِطٌ ومُغْمِطٌ أَي دائم لا يَسْتَريحُ، وقد
أَغْبَطُوا على رُكْبانِهم في السيْرِ، وهو أَن لا يَضَعُوا الرّحالَ عنها
ليلاً ولا نهاراً. أَبو خَيْرةَ: أَغْبَطَ علينا المطَرُ وهو ثبوته لا
يُقْلعُ بعضُه على أَثر بعض. وأَغْبَطَتْ علينا السماء: دام مَطَرُها
واتَّصَلَ. وسَماء غَبَطَى: دائمةُ المطر.
والغَبيطُ: المَرْكَبُ الذي هو مثل أُكُفِ البَخاتِيّ، قال الأَزهري:
ويُقَبَّبُ بِشِجارٍ ويكون للحَرائِر، وقيل: هو قَتَبةٌ تُصْنَعُ على غير
صَنْعةِ هذه الأقْتاب، وقيل: هو رَحْل قَتَبُه وأَحْناؤه واحدة، والجمع
غُبُطٌ؛ وقولُ أَبي الصَّلْتِ الثَّقَفِيّ:
يَرْمُونَ عن عَتَلٍ كَأَنَّها غُبُطٌ
بِزَمْخَرٍ، يُعْجِلُ المَرْمِيَّ إِعْجالا
يعني به خشَب الرِّحالِ، وشبّه القِسِيّ الفارِسيّةَ بها. الليث: فرس
مُغْبَطُ الكاثِبة إِذا كان مرتفع المِنْسَجِ، شبّه بصنعة الغبيط وهو رحْل
قَتَبُه وأَحْناؤه واحدة؛ قال الشاعر:
مُغْبَط الحارِكِ مَحْبُوك الكَفَلْ
وفي حديث ابن ذِي يَزَنَ: كأَنّها غُبُطٌ في زَمْخَرٍ؛ الغُبُطُ: جمع
غَبيطٍ وهو الموضع الذي يُوطَأُ للمرأَة على البعير كالهَوْدَج يعمل من خشب
وغيره، وأَراد به ههنا أَحَدَ أَخشابه
(* قوله «أحد أَخشابه» كذا بالأصل
وشرح القاموس، والذي في النهاية: آخر أخشابه.)، شبه به القوس في
انْحِنائها. والغَبِيطُ: أَرْض مُطْمَئنة، وقيل: الغَبِيطُ أَرض واسعةٌ مستوية
يرتفع طَرفاها. والغَبِيطُ: مَسِيلٌ من الماء يَشُقُّ في القُفّ كالوادي
في السَّعةِ، وما بين الغَبيــطَيْنِ يكون الرَّوْضُ والعُشْبُ، والجمع
كالجمع؛ وقوله:
خَوَّى قَليلاً غَير ما اغْتِباطِ
قال ابن سيده: عندي أَنَّ معناه لم يَرْكَن إِلى غَبيطٍ من الأَرض واسعٍ
إِنما خوَّى على مكانٍ ذي عُدَواء غيرِ مطمئن، ولم يفسره ثعلب ولا غيره.
والمُغْبَطة: الأَرض التي خرجت أُصولُ بقْلِها مُتدانِيةً.
والغَبِيطُ: موضع؛ قال أَوس بن حجر:
فمالَ بِنا الغَبِيطُ بِجانِبَيْه
علَى أَرَكٍ، ومالَ بِنا أُفاقُ
والغَبِيطُ: اسم وادٍ، ومنه صحراء الغَبِيطِ. وغَبِيطُ المَدَرةِ: موضع.
ويَوْمُ غَبِيطِ المدرة: يومٌ كانت فيه وقْعة لشَيْبانَ وتَميمٍ
غُلِبَتْ فيه شَيْبانُ؛ قال:
فإِنْ تَكُ في يَوْمِ العُظالَى مَلامةٌ،
فَيَوْمُ الغَبِيطِ كان أَخْزَى وأَلْوَما
غرض: الغَرْضُ: حِزامُ الرَّحْلِ، والغُرْضةُ كالغَرْضِ، والجمع غُرْضٌ
مثل بُسْرةٍ وبُسْرٍ وغُرُضٌ مثل كُتُبٍ. والغُرْضةُ، بالضم:
التَّصْدِيرُ، وهو للرحْل بمنزلة الحِزامِ للسَّرْج والبِطانِ، وقيل: الغَرْضُ
البِطانُ للقَتَبِ، والجمع غُرُوضٌ مثل فَلْسٍ وفُلُوسٍ وأَغْراضٌ أَيضاً؛ قال
ابن بري: ويجمع أَيضاً على أَغْرُضٍ مثل فَلْس وأَفْلُسٍ؛ قال هِمْيانُ
بن قُحافة السعدي:
يَغْتالُ طُولَ نِسْعِه وأَغْرُضِهْ
بِنَفْخِ جَنْبَيْه، وعَرْضِ رَبَضِهْ
وقال ابن خالويه: المُغَرَّضُ موضعُ الغُرْضة، قال: ويقال للبطن
المُغَرَّضُ. وغَرَضَ البعيرَ بالغَرْض والغُرْضةِ يَغْرِضُه غَرْضاً. شدَّه.
وأَغْرَضْتُ البعير: شَدَدْت عليه الغَرْضَ. وفي الحديث: لا تُشَدُّ
الرِّحالُ الغُرْضُ إِلا إِلى ثلاثةِ مَساجِدَ، هو من ذلك.
والمُغَرَّضُ: الموضع الذي يَقَعُ عليه الغَرْضُ أَو الغُرْضةُ؛ قال:
إِلى أَمُونٍ تَشْتَكي المُغَرَّضا
والمَغْرِضُ: المَحْزِمُ، وهو من البعير بمنزلة المحزم من الدابّة،
وقيل: المَغْرِضُ جانب البطن اسفَلَ الأَضْلاعِ التي هي مَواضِع الغَرْضِ من
بطونها؛ قال أَبو محمد الفقعسي:
يَشْرَبْنَ حتى يُنْقِضَ المَغعارِضُ،
لا عائِفٌ منها ولا مُعارِضُ
وأَنشد آخر لشاعر:
عَشَّيْت جابانَ حتى اسْتَدَّ مَغْرِضُه،
وكادَ يَهْلِكُ، لولا أَنَّه اطَّافا
(* استدَّ أَي انسدَّ.)
أَي انسَدَ ذلك الموضع من شدة الامتلاء، والجمع المَغارِضُ.
والمَغْرِضُ: رأْس الكتف الذي فيه المُشاشُ تحتَ الغُرْضُوفِ، وقيل: هو باطن ما بين
العَضُدِ مُنْقَطَعِ
(* قوله «بين العضد منقطع» كذا بالأصل.)
الشَّراسِيفِ.
والغَرْضُ: المَلْءُ. والغَرْضُ: النقصانُ عن المِلْءِ، وهو من
الأَضداد. وغَرَضَ الحوْضَ والسِّقاءَ يَغْرِضُهما غَرْضاً: مَلأَهُما؛ قال ابن
سيده: وأَرى اللحياني حكى أَغْرَضَه؛ قال الراجز:
لا تأْوِيا للحوْضِ أَن يَغِيضا،
أَن تُغْرضا خَيْرٌ من أَن تَغِيضا
والغَرْضُ: النقصانُ؛ قال:
لقد فَدَى أَعْناقَهُنَّ المَحْضُ
والدَّأْظُ، حتى ما لَهُنَّ غَرْضُ
أَي كانت لهن أَلبان يُقْرَى منها فَفَدَتْ أَعناقَها من أَن تنحر.
ويقال: الغَرْضُ موضع ماء تَرَكْتَه فلم تجعل فيه شيئاً؛ يقال: غَرِّضْ في
سقائك أَي لا تملأْه. وفلان بحر لا يُغَرَّضُ أَي لا يُنْزَحُ؛ وقيل في
قوله:
والدَّأْظُ حتى ما لَهُنَّ غَرْضُ
إِن الغَرْضَ ما أَخْلَيْتَه من الماء كالأَمْتِ في السقاء. والغَرْضُ
أَيضاً: أَن يكون الرجل سميناً فيُهْزَلَ فيبقى في جسده غُرُوضٌ. وقال
الباهلي: الغَرْضُ أَن يكون في جُلودها نُقْصانٌ. وقال أَبو الهيثم:
الغَرْضُ التَّثَنِّي.
والغَرَضُ: الضَّجَر والملالُ؛ وأَنشد ابن بري للحُمامِ ابن
الدُّهَيْقِين:
لَمَّا رأَتْ خَوْلَةُ مِنِّي غَرَضا،
قامَتْ قِياماً رَيِّثاً لِتَنْهَضا
قوله: غَرَضا أَي ضجَراً. وغَرِضَ منه غَرَضاً، فهو غَرِضٌ: ضَجِرَ
وقَلِقَ، وقد غَرِضَ بالمُقامِ يَغْرَضُ غَرَضاً وأَغْرَضَه غيره. وفي
الحديث: كان إِذا مَشَى عُرِفَ في مَشْيِه أَنه غير غَرِضٍ؛ الغَرِضُ: القَلِقُ
الضَّجِرُ. وفي حديث عَديّ: فسِرْتُ حتى نزلْت جَزِيرةَ العرب فأَقمت
بها حتى اشتد غَرَضِي أَي ضجَرِي ومَلالي. والغَرَضُ أَيضاً: شدّة
النِّزاعِ نحو الشيء والشوْقِ إِليه. وغَرِض إِلى لِقائِه يَغْرَضُ غَرَضاً، فهو
غَرِضٌ: اشتاقَ؛ قال ابن هَرْمةَ:
إِنِّي غَرِضْتُ إِلى تَناصُفِ وجْهِها،
غَرَضَ المُحِبِّ إِلى الحَبِيبِ الغائِبِ
أَي مَحاسِنِ وجْهِها التي يُنْصِفُ بعضُها بعضاً في الحسن؛ قال
الأَخفش: تفسيره
(* قوله «تفسيره» ليس الغرض تفسير البيت، ففي الصحاح: وقد غرض
بالمقام يغرض غرضاً، ويقال أَيضاً: غرضت إِليه بمعنى اشتقت إِليه، قال
الأَخفش تفسيره إلخ.) غَرِضْتُ من هؤلاء إِليه لأَن العرب تُوصِلُ بهذه
الحروف كلها الفعل، قال الكلابي:
فَمَنْ يَكُ لَمْ يَغْرَضْ فإِنَّي وناقَتِي،
بِحَجْرٍ، إِلى أَهلِ الحِمَى غَرِضانِ
تَحِنُّ فَتُبْدي ما بِها من صَبابةٍ،
وأُخْفِي الذي لوْلا الأَسَى لَقَضاني
وقال آخر:
يا رُبَّ بَيْضاءَ، لها زَوْجٌ حَرِضْ،
تَرْمِيكَ بالطَّرْفِ كما يَرْمِي الغَرِضْ
أَي المُشْتاقُ. وغَرَضْنا البَهْمَ نَغْرِضُه غَرْضاً: فَصَلْناه عن
أُمَّهاتِه. وغَرَضَ الشيءَ يَغْرِضُه غَرْضاً: كسَره كسْراً لم يَبِنْ.
وانْغَرَضَ الغُصْن: تَثَنَّى وانكَسر انْكِساراً غير بائن.
والغَرِيضُ: الطَّرِيُّ من اللحم والماء واللبن والتمر. يقال:
أَطْعِمْنا لحماً غَرِيضاً أَي طريّاً. وغَرِيضُ اللبن واللحم: طريُّه. وفي حديث
الغِيبة: فَقاءَتْ لحماً غَرِيضاً أي طَريّاً؛ ومنه حديث عمر: فيُؤْتى
بالخبزِ ليّناً وباللحم غَريضاً. وغَرُضَ غِرَضاً، فهو غَريضٌ أَي طَرِيّ؛
قال أَبو زبيد الطائي يصف أَسداً:
يَظَلُّ مُغِبّاً عِنْدَه مِنْ فَرائِسٍ
رُفاتُ عِظامٍ، أَو غَرِيضٌ مُشَرْشَرُ
مُغِبّاً أَي غابّاً. مُشَرْشَرٌ: مُقَطَّعٌ، ومنه قيل لماء المطر
مَغْرُوضٌ وغَريضٌ؛ قال الحادرةُ:
بَغَرِيضِ سارِيةٍ أَدَرَّتْه الصَّبا،
مِنْ ماءِ أَسْجَرَ طَيِّبِ المُسْتَنْقَعِ
والمَغْرُوضُ: ماءُ المطر الطَّرِيّ؛ قال لبيد:
تَذَكَّرَ شَجْوه، وتَقاذَفَتْه
مُشَعْشَعةٌ بِمَغْرُوضٍ زُلالِ
وقولهم: وَرَدْتُ الماء غارِضاً أَي مُبْكِراً. وغَرَضْناه نَغْرِضُه
غَرْضاً وغَرَّضْناه: جَنَيْناه طَريّاً أَو أَخذْناه كذلك. وغَرَضْتُ له
غَريضاً: سقيته لبناً حليباً. وأَغْرَضْتُ للقوم غَريضاً: عَجَنْتُ لهم
عجيناً ابْتَكَرْتُه ولم أُطْعِمهم بائِتاً. ووِرْدٌ غارِضٌ: باكِرٌ.
وأَتَيْتُه غارِضاً: أَولَ النهار. وغَرَضَتِ المرأَةُ سِقاءَها تَغْرِضُه
غَرْضاً، وهو أَن تَمْخَضَه، فإِذا ثَمَّرَ وصار ثَميرة قبل أَن يجتمع زبده
صبَّتْه فسقته للقوم، فهو سقاءٌ مَغْرُوضٌ وغَريضٌ. ويقال أَيضاً:
غَرَضْنا السخْلَ نَغْرِضُه إِذا فطَمْناه قبل إِناه. وغَرَّضَ إِذا تفَكَّه من
الفُكاهةِ وهو المِزاحُ.
والغَرِيضةُ: ضرب من السويق، يُصْرَمُ من الزرع ما يراد حتى يستفرك ثم
يُشَهَّى، وتَشْهِيَتُه أَن يُسَخَّن على المِقْلى حتى ييبس، وإِن شاء جعل
معه على المقلى حَبَقاً فهو أَطيب لطعمه وهو أَطيب سويق.
والغَرْض: شُعبة في الوادي أَكبر من الهَجيجِ؛ قال ابن الأَعرابي: ولا
تكون شعبة كاملة، والجمع غِرْضانٌ وغُرْضانٌ. يقال: أَصابَنا مَطَرٌ
أَسالَ زَهادَ الغِرْضانِ، وزَهادُها صِغارُها. والغُرْضانُ من الفرس: ما
انحدر من قصبة الأَنف من جانبيها وفيها عِرْق البُهْرِ. وقال أَبو عبيدة: في
الأَنف عُرْضانِ وهما ما انحدر من قصبة الأَنف من جانبيه جميعاً؛ وأَما
قوله:
كِرامٌ يَنالُ الماءَ، قَبْلَ شِفاهِهِمْ،
لَهُمْ وارِداتُ الغُرْضِ شُمُّ الأَرانِبِ
فقد قيل: إِنه أَراد الغُرْضُوفَ الذي في قصبة الأَنف، فحذف الواو
والفاء، ورواه بعضهم: لهم عارِضات الوِرْد. وكل من وَرَدَ الماء باكِراً، فهو
غارِضٌ، والماء غَرِيضٌ، وقيل: الغارض من الأُنوف الطويل. والغَرَضُ: هو
الهدَفُ الذي يُنْصَبُ فيرمى فيه، والجمع أَغْراضٌ. وفي حديث الدجال:
أَنه يدعُو شابّاً مُمْتَلِئاً شَباباً فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رَمْيةَ
الغَرَضِ؛ الغَرَضُ ههنا: الهدَف، أَراد أَنه يكون بُعْدُ ما بين
القِطعتين بقدر رَمْيةِ السهم إِلى الهدف، وقيل: معناه وصف الضربة أَي تصيبه
إِصابةَ رميةِ الغرَض. وفي حديث عقبة بن عامر: تختلف بين هذين الغَرَضَيْنِ
وأَنت شيخ كبير. وغَرَضُه كذا أَي حاجَتُه وبُغْيَتُه. وفَهمت غرضك أَي
قَصْدَك. واغْتَرَضَ الشيءَ: جعله غَرَضَه. وغَرضَ أَنفُ الرجل: شَرِبَ
فنال أَنفه الماء من قبل شفته.
والغَرِيضُ: الطَّلْع، والإِغْريضُ: الطلْعُ والبرَدُ، ويقال: كل أَبيض
طَرِيٍّ، وقال ثعلب: الإِغْريضُ ما في جوف الطلْعة ثم شُبِّه به البَرَدُ
لا أَنّ الإِغْريضَ أَصل في البَرَد. ابن الأَعرابي: الإِغْريضُ
الطلْعُ حين ينشقُّ عنه كافورُه؛ وأَنشد:
وأَبْيَضَ كالإِغْريضِ لم يَتَثَلَّمِ
والإِغْريضُ أَيضاً: قَطْر جليل تراه إِذا وقع كأَنه أُصول نَبْل وهو من
سحابة متقطعة، وقيل: هو أَوّلُ ما يسقط منها؛ قال النابغة:
يَمِيحُ بِعُودِ الضِّرْوِ إِغْريضَ بَغْشةٍ،
جَلا ظَلْمَه ما دون أَن يَتَهَمَّما
وقال اللحياني: قال الكسائي الإِغْريضُ كل أَبيضَ مثلِ اللبن وما ينشق
عنه الطلْعُ. قال ابن بري: والغَرِيضُ أَيضاً كل غِناءٍ مُحْدَثٍ طريٍّ،
ومنه سمي المُغَني الغريض لأَنه أَتى بغِناءٍ مُحْدَث.
جدن: جَدَنٌ: موضع. وذو جَدَنٍ: قَيْلٌ من أَقيال حِمْير، وقيل: من
مَقاوِلة اليَمَن، وفي التهذيب: اسم ملك من ملوك حِمْيَر؛ قال الأَصمعي:
وأَنشد أَبو عمرو بن العلاء الكلابي:
لو أَنَّني كنتُ من عادٍ ومن إِرَمٍ
غَذِيَّ بَهْم ولُقْماناً وذا جَدَنِ.
ابن الأَعرابي: أَجْدَنَ الرجلُ إذا استغنى بعد فقر.