[في الانكليزية] Distraction ،inattention
[ في الفرنسية] Distraction ،inattention
بالفاء تذكر في لفظ النسيان.
دهش: الدَّهَشُ: ذهابُ العقل من الذَّهَلِ والوَلَهِ وقيل من الفزع
ونحوه، دَهِشَ دهَشاً، فهو دَهِشٌ، ودُهِشَ، فهو مَدْهوش، وكَرِهَها بعضهم،
وأَدْهَشَه اللَّه وأَدْهَشَه الأَمرُ. ودهِشَ الرجلُ، بالكسر، دَهَشاً:
تحيّر. ويقال: دُهِشَ وشُدِهَ، فهو دَهِشٌ ومَشْدُوه
(* قوله «فهو دهش
ومشدوه» كذا بالأصل والمناسب لما قبله ومابعده أَن يقول فهو مدهوش ومشدوه.)
شَدْهاً. قال: واللغةُ العالية دَهِشَ على فَعِلَ، وهو الدَّهَش، بفتح
الهاء. والدَّهَشُ: مثلُ الخَرَقِ والبَعَل ونحوه.
طيش: الطَّيْش: خفَّة العقل، وفي الصحاح: النَّزَقُ والخفَّة، وقد طاشَ
يَطِيش طَيْشاً، وطاش الرجلُ بعد رَزانتِهِ. قال شمر: طَيْشُ العقل
ذهابُه حتى يجهل صاحبُه ما يُحاوِلُ، وطَيْشُ الحِلْم خفَّته، وطَيْشُ السهم
جَوْرُه عن سَنَنِه؛ وقولُ أَبي كبير:
ثم انصرفتُ، ولا أَبثُّك حِيبَتي،
رَعِشَ البَنانِ، أَطِيشُ مشْيَ الأَصْوَرِ
أَراد: لا أَقْصِدُ. وفي حديث السحابة
(* قوله «وفي حديث السحابة» كذا في
الأصل، والذي في النهاية: في حديث الحساب.): فطاشَتِ السِّجِلاّتُ
وثَقُلَت البِطاقةُ؛ الطَّيْشُ: الخفَّة. وفي حديث عمرو بن أَبي سلمة
(* قوله
عمرو بن أَبي سلمة» الذي في النهاية: عمر بن أَبي سلمة.): كانت يَدِي
تَطِيش في الصَّحْفَة أَي تَخِفُّ وتتناوَلُ من كل جانب. وفي حديث ابن شبرمة
وسُئل عن السُّكْر فقال: إِذا طاشت رِجْلاه واختلطَ كلامُه؛ وقول أَبي
سهم الهذلي:
أَخالِدُ، قد طاشَتْ عن الأُمّ رِجْلُه،
فكيف إِذا لم يَهْدِ بالخُفّ مَنْسِمُ؟
عدَّاه بعن لأَنه في معنى راغَتْ وعدَلَت، فكيف إِذا لم يهتد بالخف
منسِم، عدَّاه بالياء أَيضاً لأَنه في معنى لم يُدَلّ به ونحوه، وكانت
رِجْلُه قد قطعت. ورجل طائشٌ من قوم طاشةٍ، وطَيَّاشٌ من قوم طيَّاشةٍ: خفاف
العقول .
وطاشَ السهمُ عن الهَدَف يَطيش طَيشاً إِذا عدَل عنه ولم يقصِد الرميَّة
وأَطاشه الرَّامي. وفي حديث جرير: ومنها العَصِلُ الطائشُ أَي الزالُّ
عن الهدَف.
والأَطْيَشُ: طائرٌ.
بول:البَوْل: واحد الأَبْوال، بال الإِنسانُ وغيرُه يَبُول بَوْلاً؛
واستعاره بعض الشعراء فقال:
بالَ سُهَيْلٌ في الفَضِيخِ فَفَسَد
والاسم البِيلَة كالجِلْسة والرِّكْبة. وكَثْرَةُ الشَّرابِ مَبْوَلة،
بالفتح. والمِبْوَلة، بالكسر: كُوزٌ يُبال فيه.
ويقال: لنُبِيلَنَّ الخَيْلَ في عَرَصاتكم؛ وقول الفرزدق:
وإِنَّ الذي يَسْعَى ليُفْسِدَ زَوْجَتِي،
كسَاعٍ إِلى أُسْدِ الشَّرَى يَسْتَبِيلُها
أَي يأْخذ بَوْلَها في يده؛ وأَنشد ابن بري لمالك بن نُوَيْرة اليربوعي
وقال: أَنشده ثعلب:
كأَنَّهُمُ، إِذ يَعْصِرون فُظُوظَها
بِدَجْلة أَو فَيْض الأُبُلَّةِ، مَوْرِدُ
إِذا ما اسْتَبَالوا الخَيْلَ، كانت أَكُفُّهم
وَقائِعَ للأَبْوالِ، والماءُ أَبْرَدُ
يقول: كانت أَكُفُّهم وَقائع حين بالت فيها الخيل، والوَقَائع نُقَرٌ،
يقول: كأَنَّ ماء هذه الفُظُوظ من دَجْلة أَو فَيْضِ الفُرَات. وفي
الحديث: من نام حتى أَصبح بال الشيطان في أُذُنه؛ قيل: معناه سَخِر منه وظَهَر
عليه حتى نام عن طاعة الله كما قال الشاعر:
بالَ سُهَيْل في الفَضِيخِ فَفَسَد
أَي لما كان الفَضِيخ يَفْسُد بطلوع سُهَيْل كان ظُهورُه عليه مُفْسِداً
له. وفي حديث آخر عن الحسن مرسلاً أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال:
فإِذا نام شَفرَ الشيطانُ برّجْله فبال في أُذنه. وفي حديث ابن مسعود:
كفى بالرجل شرًّا أَن يَبُولَ الشيطانُ في أُذنيه، قال: وكل هذا على سبيل
المجاز والتمثيل. وفي الحديث: أَنه خرج يريد حاجة فاتَّبعه بعض أصحابه
فقال: تَنَحَّ فإِن كل بائِلَةٍ تُفيخُ أَي من يبول يخرج منه الريح،
وأَنَّثَ البائلة ذهاباً إِلى النفس. وفي حديث عمر ورأَى أَسْلَمَ يحمل متاعه
على بعير من إِبل الصدقة قال: فَهَلاً ناقةً شَصُوصاً أَو ابنَ لَبُون
بَوَّالاً؟ وصفه بالبول تحقيراً لشأْنه وأَنه ليس عنده ظَهْرٌ يُرْغَب فيه
لقُوَّة حَمْله ولا ضَرْعٌ فيُحْلَبَ وإِنما هو بَوَّال.
وأَخَذَهُ بُوَال، بالضم، إِذا جَعَلَ البولُ يُعتريه كثيراً. ابن سيده:
البُوال داء يكثر منه البَوْل. ورجل بُوَلة: كثير البَوْل، يطَّرد على
هذا باب. وإِنَّه لحَسن البِيلة: من البَوْل. والبَوْلُ: الولَد. ابن
الأَعرابي عن المفضل قال: الرجل يَبُول بَوْلاً شَرِيفاً فاخِراً إِذا وُلِدَ
له وَلدٌ يشبهه.
والبَالُ: الحال والشأْن؛ قال الشاعر:
فبِتْنا عَلى ما خَيَّلَتْ ناعِمَيْ بال
وفي الحديث: كل أَمر ذي بال لا يُبْدأُ فيه بحمد الله فهو أَبتر؛ البال:
الحال والشأْن. وأَمر ذو بالٍ أَي شريفٌ يُحْتَفل له ويُهْتَمُّ به.
والبَالُ في غير هذا: القَلْبُ، ومنه حديث الأَحنف: نُعِيَ له فلان
الحَنْظَلي فما أَلْقَى له بالاً أَي ما استمع إِليه ولا جعل قلبه نحوه. والبال:
الخاطر. والبال: المَرُّ الذي يُعْتَمَل به في أَرض الزرع. والبَالُ:
سَمَكة غليظة تُدْعَى جَمَل البحرِ، وفي التهذيب: سَمَكة عظيمة في البحر،
قال: وليست بعربية. الجوهري: البَالُ الحُوت العظيم من حيتان البحر، وليس
بعربي. والبال: رَخَاء العَيْش
(* كتب هنا بهامش الأصل: في نسخة رخاء
النفس) ، يقال: فلان في بالٍ رَخِيٍّ ولَبَب رَخِيٍّ أَي في سَعَة وخِصْبٍ
وأَمْنٍ، وإِنه لَرَخِيُّ البَالِ وناعم البَالِ. يقال: ما بالُك؟ والبالُ:
الأَمَل. يقال: فلان كاسِفُ البال، وكُسُوف باله: أَن يضيق عليه أَمله.
وهو رَخِيُّ البال إِذا لم يشتد عليه الأَمر ولم يَكْتَرِثْ. وقوله عز
وجل: سَيَهْديهم ويُصْلح بالَهم، أَي حالهم في الدنيا. وفي المحكم: أَي
يُصْلح أَمر معاشهم في الدنيا مع ما يجازيهم به في الآخرة؛ قال ابن سيده:
وإِنما قَضَيْنا على هذه الأَلف بالواو لأَنها عَيْن مع كثرة «ب و ل» وقلة
«ب ي ل». والبالُ: القَلْبُ. ومن أَسْماء النفس البالُ. والبالُ: بال
النفس وهو الاكتراث، ومنه اشتق باليَتْ، ولم يَخْطُر ببالي ذلك الأَمر أَي
لم يَكْرِثْني. ويقال: ما يَخْطِرُ فلان ببالي. وقولهم: ليس هذا من بالي
أَي مما أُباليه، والمصدر البالَةُ. ومن كلام الحسن: لم يُبالِهم اللهُ
بالَةً. ويقال: لم أُبالِ ولم أُبَلْ، على القصر؛ وقول زهير:
لقد بالَيْتُ مَظْعَنَ أُمِّ أَوْفَى،
ولكنْ أُمُّ أَوْفَى لا تُبَالي
بالَيْتُ: كَرِهت، ولا تُبَالي: لا تَكْرَه. وفي الحديث: أَخْرَجَ من
صُلْب آدم ذُرِّيّة فقال: هؤلاء في الجنة ولا أُبالي، ثم أَخرج ذُرِّيّة
فقال: هؤلاء في النار ولا أُبالي أَي لا أَكره. وهما يَتباليان أَي
يَتَبارَيان؛ قال الجعدي:
وتَبَالَيا في الشَّدِّ أَيَّ تَبَالي
وقول الشاعر:
ما لي أَراك قائماً تُبَالي،
وأَنْتَ قدْ مُتَّ من الهُزالِ؟
قال: تُبالي تَنْظُر أَيُّهم أَحْسَنُ بالاً وأَنت هالك. يقال:
المُبالاة في الخير والشر، وتكون المُبالاة الصَّبْرَ. وذكر الجوهري: ما أُباليه
بالَةً في المعتل؛ قال ابن بري: والبال المُبالاة؛ قال ابن أَحمر:
أَغَدْواً واعَدَ الحَيُّ الزِّيالا،
وسَوْقاً لم يُبالوا العَيْنَ بالا؟
والبالَة: القارُورة والجِرَاب، وقيل: وِعاء الطيِّب، فارسي مُعرَّب
أَصله باله. التهذيب: البالُ جمع بالة وهي الجِرَاب الضَّخْم؛ قال الجوهري:
أَصله بالفارسية يله؛ قال أَبو ذؤَيب:
كأَنَّ عليها بالَةً لَطَمِيَّةً،
لها من خِلال الدَّأْيَتَينِ أَرِيجُ
وقال أَيضاً:
فأُقْسِمُ ما إِنْ بالةٌ لَطَمِيّةٌ
يَفْوحُ بباب الفَارِسِيِّينَ بابُها
أَراد باب هذه اللَّطِمية قال: وقيل هي بالفارسية يله التي فيها
المِسْك فأَلف بالة على هذا ياء. وقال أَبو سعيد: البالة الرائحة والشَّمَّة،
وهو من قولهم بلوته إِذا شممته واختبرته، وإِنما كان أَصلها بَلَوَة ولكنه
قَدَّم الواو قبل اللام فَصَيَّرها أَلفاً، كقولك قاعَ وقَعَا؛ أَلا ترى
أَن ذا الرمة يقول:
بأَصْفَرَ وَرْد آل، حتَّى كأَنَّما
يَسُوفُ به البالي عُصارَةَ خَرْدَل
أَلا تراه جَعَلَه يَبْلُوه؟ والبالُ: جمع بالَةٍ وهي عَصاً فيها زُجٌّ
تكون مع صَيّادي أَهل البصرة، يقولون: قد أَمكنك الصيدُ فأَلْقِ البالَة.
وفي حديث المغيرة: أَنه كره ضرب البالَة؛ هي بالتخفيف، حَديدة يصاد بها
السمك، يقال للصياد: ارْمِ بها فما خرج فهو لي بكذا، وإِنما كرهه لأَنه
غرر ومجهول. وبَوْلان: حيٌّ من طَيِّءٍ. وفي الحديث: كان للحسن والحسين،
عليهما السلام، قَطِيفَة بَوْلانِيَّة؛ قال ابن الأَثير: هي منسوبة إِلى
بَوْلان اسم موضع كان يَسْرِق فيه الأَعْرابُ متاعَ الحاجِّ، قال:
وبَوْلان أَيْضاً في أَنساب العرب.
بيل: بِيل: نَهْر، والله أَعلم.
طير: الطَّيَرانُ: حركةُ ذي الجَناج في الهواء بِجَنَاحِهِ، طارَ
الطائرُ يَطِيرُ طَيْراً وطَيراناً وطَيْرورة؛ عن اللحياني وكراع وابن قتيبة،
وأَطارَه وطيَّره وطارَ بِه، يُعَدى بالهمزة وبالتضعيف وبحرف الجر.
الصحاح: وأَطارَه غيرُه وطيَّره وطايَرَه بمعنى.
والطَّيرُ: معروف اسم لِجَماعةِ ما يَطِيرُ، مؤنث، والواحد طائِرٌ
والأُنثى طائرةٌ، وهي قليلة؛ التهذيب: وقَلَّما يقولون طائرة للأُنثى؛ فاَّما
قوله أَنشده الفارسي:
هُمُ أَنْشَبُوا صُمَّ القَنا في نُحورِهمْ،
وبِيضاً تقِيضُ البَيْضَ من حيثُ طائرُ
فإِنه عَنى بالطائرِ الدِّماغَ وذلك من حيثُ قيل له فرخٌ؛ قال:
ونحنُ كَشَفْنا، عن مُعاوِيةَ، التي
هي الأُمُّ تَغْشَى كُلَّ فَرْخٍ مُنَقْنِق
عَنى بالفرْخ الدماغَ كما قلنا. وقوله مُْنَقْنِق إِقراطاً من القول:
ومثله قولُ ابن مقبل:
كأَنَّ نَزْوَ فِراخِ الهَامِ، بَيْنهُمُ،
نَزْوُ القُلاتِ، زَهاها قالُ قالِينا
وأَرضٌ مَطَارةٌ: كَثيرةُ الطَّيْرِ. فأَما قوله تعالى: إِنِّي أَخْلُقُ
لكم من الطِّينِ كهَيْئَةِ الطَّيْرِ فأَنْفُخُ فيه فيكون طائراً بإِذن
الله؛ فإِن معناه أَخلُق خَلْقاً أَو جِرْماً؛ وقوله: فأَنفخ فيه، الهاء
عائدة إِلى الطَّيْرِ، ولا يكون منصرفاً إِلى الهيئة لوجهين: أَحدهما أَن
الهَيْةَ أُنثى والضمير مذكر، والآخر أَنَّ النَّفْخَ لا يقع في
الهَيْئَةَ لأَنها نوْعٌ من أَنواع العَرَضِ، والعَرَضُ لا يُنْفَخُ فيه، وإِنما
يقع النَّفْخُ في الجَوْهَر؛ قال: وجميع هذا قول الفارسي، قال: وقد يجوز
أَن يكون الطائرُ اسماً للجَمْع كالجامل والباقر، وجمعُ الطائر
أَطْيارٌ، وهو أَحدُ ما كُسِّرَ على ما يُكَسَّرُ عليه مثلُه؛ فأَما الطُّيُورُ
فقد تكون جمعَ طائر كساجِدِ وسُجُودٍ، وقد تكون جَمْعَ طَيْرٍ الذي هو
اسمٌ للجَمع، وزعم قطرب أَن الطَّيْرَ يقَعُ للواحد؛ قال ابن سيده: ولا
أَدري كيف ذلك إِلا أَن يَعْني به المصدرَ، وقرئ: فيكون طَيْراً بإِذْنِ
الله، وقال ثعلب: الناسُ كلُّهم يقولون للواحد طائرٌ وأَبو عبيدة معَهم، ثم
انْفَرد فأَجازَ أَن يقال طَيْر للواحد وجمعه على طُيُور، قال الأَزهري:
وهو ثِقَةٌ. الجوهري: الطائرُ جمعُه طَيرٌ مثل صاحبٍ وصَحْبٍ وجمع
الطَّيْر طُيُورٌ وأَطْيارٌ مثل فَرْخ وأَفْراخ. وفي الحديث: الرُّؤْيا
لأَوَّلِ عابِرٍ وهي على رِجْلِ طائرٍ؛ قال: كلُّ حَرَكَةٍ من كلمة أَو جارٍ
يَجْرِي، فهو طائرٌ مَجازاً، أَرادَ: على رِجْل قَدَرٍ جار، وقضاءٍ ماضٍ، من
خيرٍ أَو شرٍّ، وهي لأَوَّلِ عابِرٍ يُعَبّرُها، أَي أَنها إِذا
احْتَمَلَتْ تأْوِيلَين أَو أَكثر فعبّرها مَنْ يَعْرِفُ عَباراتها، وقَعَتْ على
ما أَوّلَها وانْتَفَى عنها غيرُه من التأْويل؛ وفي رواية أُخرى:
الرُّؤْيا على رِجْل طائرٍ ما لم تُعَبَّرْ أَي لا يستقِرُّ تأْوِيلُها حتى
تُعَبِّر؛ يُرِيد أَنها سَرِيعةُ السقُوط إِذا عُبِّرت كما أَن الطيرَ لا
يستَقِرُّ في أَكثر أَحوالِه، فكيف ما يكون على رِجْلِه؟ وفي حديث أَبي بكر
والنسّابة: فمنكم شَيْبةُ الحمدِ مُطْعِم طَيْر السماءِ لأَنه لَمَّا
نَحَرَ فِدَاءَ ابنهِ عبدِاللهِ أَبي سيِّدِنا رسول الله، «صلى الله عليه
وسلم » مائةَ بعير فَرّقَها على رُؤُوس الجِبالِ فأَكَلَتْها الطيرُ. وفي
حديث أَبي ذَرٍّ: تَرَكَنَا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، وما طائر
يَطِيرُ بِجَناحَيْه إِلاَّ عِنْدَنا منه عِلْمٌ، يعني أَنه استوفى بَيانَ
الشَّرِيعةِ وما يُحتاج إِليه في الدِّين حتى لم يَبْقَ مُشْكِلٌ،
فضَرَبَ ذلك مَثَلاً، وقيل: أَراد أَنه لم يَتْرك شيئاً إِلا بَيَّنه حتى
بَيَّن لهم أَحكامَ الطَّيْرِ وما يَحِلّ منه وما يَحْرُم وكيف يُذْبَحُ، وما
الذي يفْدِي منه المُحْرِمُ إِذا أَصابه، وأَشْباه ذلك، ولم يُرِدْ أَن
في الطيرِ عِلْماً سِوى ذلك عَلَّمهم إِيّاه ورَخّصَ لهم أَن يَتَعاطَوا
زَجْرَ الطَّيْرِ كما كان يفعله أَهلُ الجاهلية. وقوله عز وجل: ولا طائرٍ
يَطِيرُ بِجَناحَيْه؛ قال ابن جني: هو من التطوع المُشَامِ للتوكيد لأَنه
قد عُلِم أَن الطَّيَرانَ لا يكون إِلا بالجَناحَيْنِ، وقد يجوز أَن
يكون قوله بِجناحَيْه مُفِيداً، وذلك أَنه قد قالوا:
طارُوا عَلاهُنَّ فَشُكْ عَلاها
وقال العنبري:
طارُوا إِليه زَرَافاتٍ ووُحْدانا
ومن أَبيات الكتاب:
وطِرْتُ بمُنْصُلي في يَعْمَلاتٍ
فاستعملوا الطَّيَرانَ في غير ذي الجناح. فقوله تعالى: ولا طائرٍ
يَطِيرُ بِجَناحَيْه؛ على هذا مُفِيدٌ، أَي ليس الغرَضُ تَشْبِيهَه بالطائر ذي
الجناحَيْنِ بل هو الطائرُ بِجَناحَيْه البَتَّةَ.
والتَّطايُرُ: التَّفَرُّقُ والذهابُ، ومنه حديث عائشة، رضي الله عنها:
سَمِعَتْ مَنْ يَقُول إِن الشؤْم في الدار والمرأَةِ فطارَتْ شِقَّةٌ
منها في السماء وشِقَّةٌ في الأَرض أَي كأَنها تفَرَّقَتْ وتقَطَّعَتْ
قِطَعاً من شِدّة الغَضَبِ. وفي حديث عُرْوة: حتى تَطَايرتْ شُؤُون رَأْسه أَي
تَفَرَّقَتْ فصارت قِطَعاً. وفي حديث ابن مسعود: فَقَدْنا رسولَ الله،
صلى الله عليه وسلم، فقُلْنا اغْتِيلَ أَو اسْتُطِيرَ أَي ذُهِبَ به
بسُرْعَةٍ كأَنَّ الطيرَ حَمَلَتْه أَو اغْتالَهُ أَحَدٌ. والاسْتِطارَةُ
والتَّطايُرُ: التفرُّقُ والذهابُ. وفي حديث علي، كرّم الله تعالى وجهه:
فأَطَرْتُ الحُلَّةَ بَيْنَ نِسَائي أَي فَرَّقْتُها بَيْنهن وقَسّمتها فيهن.
قال ابن الأَثير: وقيل الهمزة أَصلية، وقد تقدم. وتطايَرَ الشيءُ: طارَ
وتفرَّقَ.
ويقال للقوم إِذا كانوا هادئينَ ساكِنينَ: كأَنما على رؤوسهم الطَّيْرُ؛
وأَصله أَن الطَّيرَ لا يَقَع إِلا على شيء ساكن من المَوَاتِ فضُرِبَ
مثَلاً للإِنسان ووَقارِه وسكُونِه. وقال الجوهري: كأَنَّ على رؤوسِهم
الطَّيرَ، إِذا سَكَنُوا من هَيْبةٍ، وأَصله أَن الغُراب يقَعُ على رأْسِ
البَعيرِ فيلتقط منه الحَلَمَةَ والحَمْنانة، فلا يُحَرِّكُ البعيرُ رأْسَه
لئلاَّ يَنْفِر عنه الغُرابُ. ومن أَمثالهم في الخصْب وكثرةِ الخير
قولهم: هو في شيء لا يَطِيرُ غُرَابُه. ويقال: أُطِيرَ الغُرابُ، فهو مُطارٌ؛
قال النابغة:
ولِرَهْطِ حَرَّابٍ وقِدٍّ سَوْرةٌ
في المَجْدِ، ليس غرابُها بمُطارِ
وفلان ساكنُ الطائِر أَي أَنه وَقُورٌ لا حركة له من وَقارِه، حتى كأَنه
لو وَقَعَ عليه طائرٌ لَسَكَنَ ذلك الطائرُ، وذلك أَن الإِنسان لو وقع
عليه طائرٌ فتحرك أَدْنى حركةٍ لفَرَّ ذلك الطائرُ ولم يسْكُن؛ ومنه قول
بعض أَصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم: إِنّا كنا مع النبي، صلى الله عليه
وسلم، وكأَنَّ الطير فوقَ رؤوسِنا أَي كأَنَّ الطيرَ وقَعَتْ فوق
رؤوسِنا فنحْن نَسْكُن ولا نتحرّك خَشْيةً من نِفارِ ذلك الطَّيْرِ.
والطَّيْرُ: الاسمُ من التَّطَيّر، ومنه قولهم: لا طَيْرَ إِلاَّ طَيْرُ اللهِ، كما
يقال: لا أَمْرَ إِلاَّ أَمْرُ الله؛ وأَنشد الأَصمعي، قال: أَنشدناه
الأَحْمر:
تَعَلَّمْ أَنه لا طَيرَ إِلاَّ
على مُتَطيِّرٍ، وهو الثُّبورُ
بلى شَيءٌ يُوافِقُ بَعْضَ شيءٍ،
أَحايِيناً، وباطلُه كَثِيرُ
وفي صفة الصحابة، رضوان الله عليهم: كأَن على رؤوسهم الطَّيْرَ؛ وصَفَهم
بالسُّكون والوقار وأَنهم لم يكن فيهم طَيْشٌ ولا خِفَّةٌ. وفي فلان
طِيْرةٌ وطَيْرُورةٌ أَي خِفَّةٌ وطَيْشٌ؛ قال الكميت:
وحِلْمُك عِزٌّ، إِذا ما حَلُمْت،
وطَيْرتُك الصابُ والحَنْظَلُ
ومنه قولهم: ازجُرْ أَحْناءَ طَيْرِك أَي جوانبَ خِفّتِك وطَيْشِك.
والطائرُ: ما تيمَّنْتَ به أَو تَشاءَمْت، وأَصله في ذي الجناح. وقالوا للشيء
يُتَطَيَّرُ به من الإِنسان وغيرِه. طائرُ اللهِ لا طائرُك، فرَفَعُوه
على إِرادة: هذا طائرُ الله، وفيه معنى الدعاء، وإِن شئت نَصَبْتَ أَيضاً؛
وقال ابن الأَنباري: معناه فِعْلُ اللهِ وحُكْمُه لا فِعْلُك وما
تَتخوّفُه؛ وقال اللحياني: يقال طَيْرُ اللهِ لا طَيْرُك وطَيْرَ الله لا
طَيرَك وطائرَ الله لا طائرَك وصباحَ اللهِ لا صَباحَك، قال: يقولون هذا كلَّه
إِذا تَطَيَّرُوا من الإِنسانِ، النصبُ على معنى نُحِبّ طائرَ الله،
وقيل بنصبهما على معنى أَسْأَلُ اللهَ طائرَ اللهِ لا طائِرَك؛ قال:
والمصدرُ منه الطِّيَرَة؛ وجَرَى له الطائرُ بأَمرِ كذا؛ وجاء في الشر؛ قال الله
عز وجل: أَلا إِنَّما طائرُهم عند الله؛ المعنى أَلا إِنَّما الشُّؤْم
الذي يَلْحَقُهم هو الذي وُعِدُوا به في الآخرة لا ما يَنالُهم في
الدُّنْيا، وقال بعضهم: طائرُهم حَظُّهم قال الأَعشى:
جَرَتْ لَهُمْ طَيرُ النُّحوسِ بأَشْأَم
وقال أَبو ذؤيب:
زَجَرْت لهم طَيْرَ الشمالِ، فإِن تَكُن
هَواكَ الذي تَهْوى، يُصِبْك اجْتِنابُها
وقد تَطَيَّر به، والاسم الطيَرَةُ والطِّيْرَةُ والطُّورةُ. وقال أَبو
عبيد: الطائرُ عند العرب الحَظُّ، وهو الذي تسميه العرب البَخْتَ. وقال
الفراء: الطائرُ معناه عندهم العمَلُ، وطائرُ الإِنسانِ عَمَلُه الذي
قُلِّدَه، وقيل رِزْقُه، والطائرُ الحَظُّ من الخير والشر. وفي حديث أُمّ
العَلاء الأَنصارية: اقْتَسَمْنا المهاجرين فطارَ لنا عثمانُ بن مَظْعُون
أَي حَصَل نَصِيبنا منهم عثمانُ؛ ومنه حديث رُوَيْفِعٍ: إِنْ كان أَحَدُنا
في زمان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لَيَطِير له النَّصْلُ وللآخَر
القِدْح؛ معناه أَن الرجُلين كانا يَقْتَسِمانِ السَّهْمَ فيقع لأَحدهما
نَصْلُه وللآخر قِدْحُه. وطائرُ الإِنسانِ: ما حصَلَ له في علْمِ الله مما
قُدّرَ له. ومنه الحديث: بالمَيْمونِ طائِرُه؛ أَي بالمُبارَكِ حَظُّه؛
ويجوز أَن يكون أَصله من الطَّيْرِ السانحِ والبارِحِ. وقوله عز وجل:
وكلَّ إِنْسانٍ أَلْزَمْناه طائرَه في عُنُقِه؛ قيل حَظُّه، وقيل عَمَلُه،
وقال المفسرون: ما عَمِل من خير أَو شرّ أَلْزَمْناه عُنُقَه إِنْ خيراً
فخيراً وإِن شرّاً فشرّاً، والمعنى فيما يَرَى أَهلُ النّظر: أَن لكل
امرئ الخيرَ والشرَّ قد قَضاه الله فهو لازمٌ عُنُقَه، وإِنما قيل للحظِّ من
الخير والشرّ طائرٌ لقول العرب: جَرَى له الطائرُ بكذا من الشر، على
طريق الفَأْلِ والطِّيَرَةِ على مذهبهم في تسمية الشيء بما كان له سبباً،
فخاطَبَهُم اللهُ بما يستعملون وأَعْلَمَهم أَن ذلك الأَمرَ الذي يُسَمّونه
بالطائر يَلْزَمُه؛ وقرئ طائرَه وطَيْرَه، والمعنى فيهما قيل: عملُه
خيرُه وشرُّه، وقيل: شَقاؤه وسَعادتُه؛ قال أَبو منصور: والأَصل في هذا كله
أَن الله تبارك وتعالى لما خَلَقَ آدمَ عَلِم قبْل خَلْقِه ذُرِّيَّتَه
أَنه يأْمرهم بتوحيده وطاعتِه وينهاهم عن معْصيته، وعَلِم المُطِيعَ منهم
والعاصيَ الظالمَ لِنفْسه، فكتَبَ ما علِمَه منهم أَجمعين وقضى بسعادة
من عَلِمَه مُطِيعاً، وشَقاوةِ من عَلِمَه عاصياً، فصار لكلِّ مَنْ عَلِمه
ما هو صائرٌ إِليه عند حِسَابِه، فذلك قولُه عز وجل: وكلَّ إِنسان
أَلْزَمْناه طائرَه؛ أَي ما طار له بَدْأً في عِلْم الله من الخير والشر
وعِلْمُ الشَّهادةِ عند كَوْنِهم يُوافقُ علْمَ الغيب، والحجةُ تَلْزَمهُم
بالذي يعملون، وهو غيرُ مُخالف لما عَلِمَه اللهُ منهم قبل كَوْنِهم. والعرب
تقول: أَطَرْتُ المال وطَيَّرْتُه بينَ القومِ فطارَ لكلٍّ منهم سَهْمُه
أَي صارَ له وخرج لَدَيْه سَهْمُه؛ ومنه قول لبيد يذكرُ ميراثَ أَخيه
بين ورَثَتِه وحِيازةَ كل ذي سهمٍ منه سَهْمَه:
تَطيرُ عَدائِد الأَشْراكِ شَفْعاً
ووَتْراً، والزَّعامةُ لِلْغُلام
والأَشْرَاكُ: الأَنْصباءُ، واحدُها شِرْكٌ. وقوله شفعاً ووتراً أَي
قُسِم لهم للذكر مثلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وخَلَصَت الرِّياسةُ والسِّلاحُ
للذكور من أَولاده.
وقوله عز وجل في قصة ثمود وتَشاؤُمهم بِنَبِيّهم المبعوث إِليهم صالحٍ،
عليه السلام: قالوا اطَّيَّرنا بك وبِمَنْ معك، قال طائركم عند الله؛
معناه ما أَصابَكم من خير وشر فمن الله، وقيل: معنى قولهم اطَّيَّرْنا
تَشَاءَمْنا، وهو في الأَصل تَطَيَّرنا، فأَجابَهم الله تعالى فقال: طائرُكُم
مَعَكم؛ أَي شُؤْمُكم معَكم، وهو كُفْرُهم، وقيل للشُؤْم طائرٌ وطَيْرٌ
وطِيَرَة لأَن العرب كان من شأْنها عِيافةُ الطَّيْرِ وزَجْرُها،
والتَّطَيُّرُ بِبَارِحها ونَعِيقِ غُرابِها وأَخْذِها ذَاتَ اليَسارِ إِذا
أَثارُوها، فسمّوا الشُّؤْمَ طَيْراً وطائراً وطِيرَةً لتشَاؤُمهم بها، ثم
أَعْلَم الله جل ثناؤه على لسان رسوله، صلى الله عليه وسلم أَن طِيَرَتَهم
بها باطِلَةٌ. وقال: لا عَدْوَى ولا طِيَرَةَ ولا هامةَ؛ وكان النبي، صلى
الله عليه وسلم، يَتفاءَلُ ولا يَتَطَيَّرُ، وأَصْلُ الفَأْلِ الكلمةُ
الحسَنةُ يَسْمعُها عَلِيلٌ فَيَتأَوَّلُ منها ما يَدُلّ على بُرْئِه كأَن
سَمِع منادياً نادى رجلاً اسمه سالم، وهو عَليل، فأَوْهَمَه سلامَتَه من
عِلّته، وكذلك المُضِلّ يَسْمع رجلاً يقول يا واجدُ فيَجِدُ ضالّته؛
والطِّيَرَةُ مُضادّةٌ للفَأْلِ، وكانت العربُ مَذهبُها في الفَأْلِ
والطِّيَرَةِ واحدٌ فأَثبت النبي، صلى الله عليه وسلم، الفَأْلَ واسْتَحْسَنه
وأَبْطَلَ الطِّيَرَةَ ونَهَى عنها. والطِّيَرَةُ من اطَّيَّرْت وتطَيَّرت،
ومثل الطِّيَرة الخِيَرَةُ. الجوهري تطَيَّرْت من الشيء وبالشيء، والاسم
منه الطِّيَرَةُ، بكسر الطاء وفتح الياء، مثال العِنَبةِ، وقد تُسَكَّنُ
الياءُ، وهو ما يُتَشاءمُ به من الفَأْل الردِيء. وفي الحديث: أَنه كان
يُحِبُّ الفأَلَ ويَكْرَهُ الطِّيَرَةَ؛ قال ابن الأَثير: وهو مصدرُ
تطَيَّر طِيَرَةً وتخَيَّر خِيَرَةً، قال: ولم يجئ من المصادر هكذا غيرهما،
قال: وأَصله فيما يقال التطَيُّرُ بالسوانح والبوارِح من الظبَاءِ
والطَّيْرِ وغيرهما، وكان ذلك يَصُدُّهم عن مقاصِدِهم فنَفاه الشْرعُ وأَبْطَلَه
ونهى عنه وأَخْبَر أَنه ليس له تأْثيرٌ في جَلْب نَفْع ولا دَفْع ضَرَرٍ؛
ومنه الحديث: ثلاثة لا يَسْلَم منها أَحَدٌ: الطِّيَرَةُ والحَسَدُ:
والظنُّ، قيل: فما نصْنعُ؟ قال: إِذا تَطَيَّرْتَ فامْضِ، وإِذا حَسَدْتَ
فلا تَبْغِ، وإِذا ظَنَنْتَ فلا تُصَحِّحْ. وقوله تعالى: قالوا اطَّيّرْنا
بِك وبِمَنْ معَك؛ أَصله تَطَيّرنا فأُدْغمَتِ التاء في الطاء
واجْتُلِبَت الأَلفُ لِيصحَّ الابتداءُ بها. وفي الحديث: الطِّيَرَةُ شِرْكٌ وما
مِنّا إِلاَّ... ولكن اللهَ يُذْهِبُه بالتَّوَكُّل؛ قال ابن الأَثير: هكذا
جاء الحديث مقطوعاً ولم يذكر المستثنى أَي إِلا قد يَعْتَرِيه
التَّطيُّرُ ويَسْبِقُ إِلى قَلْبه الكراهةُ، فحذف اختصاراً واعتماداً على فهم
السامع؛ وهذا كحديثه الآخر: ما فينا إِلا مَنْ هَمَّ أَوْ لَمَّ إِلا يحيى
بن زكَرِيّا، فأَظْهَر المستثنى، وقيل: إِن قولَه وما منّا إِلا من قول
ابن مسعود أَدْرَجَه في الحديث، وإِنما جَعَل الطِّيَرَة من الشِّرك لأَنهم
كانوا يعتقدون أَن الطَّيْرَ تجْلُب لهم نفعاً أَو تدفع عنهم ضرَراً
إِذا عَمِلُوا بِمُوجَبه، فكأَنهم أَشركوه مع الله في ذلك، وقولُه: ولكن
الله يُذْهبُه بالتوكل معناه أَنه إِذا خَطَرَ له عارضُ التَّطيُّرِ فتوكل
على الله وسلم إِليه ولم يعمل بذلك الخاطرِ غفَره الله له ولم يُؤاخِذْه
به. وفي الحديث: أَباكَ وطِيراتِ الشَّباب؛ أَي زلاَّتهم وعَثَراتهِم؛ جمع
طِيرَة. ويقال للرجل الحَدِيد السريع الفَيْئَةِ: إِنه لَطَيُّورٌ
فَيُّورٌ. وفرس مُطارٌ: حديدُ الفُؤاد ماضٍ.
والتَّطايُر والاسْتِطارةُ: التفرُّق. واسْتَطارَ الغُبارُ إِذا انْتَشر
في الهواء. وغُبار طيّار ومُسْتَطِير: مُنْتَشر. وصُبْحٌ مُسْتَطِير.
ساطِعٌ منتشر، وكذلك البَرْق والشَّيْب والشرُّ. وفي التنزيل العزيز:
ويَخافُون يوماً كان شَرُّه مُسْتَطِيراً. واسْتَطارَ الفجرُ وغيره إِذا انتشر
في الأُفُق ضَوءَهُ، فهو مُسْتَطِير، وهو الصُّبْح الصادق البيّنُ الذي
يُحَرِّم على الصائم الأَكلَ والشربَ والجماعَ، وبه تحلّ صلاة الفجر، وهو
الخيط الأَبيض الذي ذكره الله عز وجل في كتابه العزيز، وأَما الفجر
المستطيل، باللام، فهو المُسْتَدقّ الذي يُشَبَّه بذَنب السِّرْحان، وهو
الخيط الأَسود ولا يُحَرِّم على الصائم شيئاً، وهو الصبح الكاذب عند العرب.
وفي حديث السجود والصلاة ذكرُ الفجر المُسْتَطِير، هو الذي انتشر ضوءه
واعْتَرض في الأُفُقِ خلاف المستطيل؛ وفي حديث بني قريظة:
وهانَ على سَراةِ بني لُؤَيٍّ
حَرِيقٌ، بالبُوَيْرةِ، مُسْتَطِيرُ
أَي منتشر متفرّق كأَنه طارَ في نواحيها. ويقال للرجل إِذا ثارَ غضبُه:
ثارَ ثائِرُه وطارَ طائِرُه وفارَ فائِرُه. وقد اسْتطارَ البِلى في الثوب
والصَّدْعُ في الزُّجاجة: تَبَيّن في أَجزائهما. واسْتَطارَت
الزُّجاجةُ: تبيّن فيها الانصداعُ من أَوّلها إِلى آخرها. واسْتطارَ الحائطُ:
انْصدَع من أَوله إِلى آخره؛ واسْتطارَ فيه الشَّقّ: ارتفع. ويقال: اسْتطارَ
فلانٌ سَيْفَه إذا انْتَزَعه من غِمْدِه مُسْرعاً؛ وأَنشد:
إِذا اسْتُطِيرَتْ من جُفون الأَغْمادْ،
فَقَأْنَ بالصَّقْع يَرابِيعَ الصادْ
واسْتطارَ الصَّدْعُ في الحائط إِذا انتشر فيه. واسْتطارَ البَرْقُ إِذا
انتشر في أُفُقِ السماء. يقال: اسْتُطِيرَ فلانٌ يُسْتَطارُ اسْتِطارةً،
فهو مُسْتَطار إِذا ذُغِرَ؛ وقال عنترة:
متى ما تَلْقَني، فَرْدَينِ، تَرْجُفْ
رَوانِفُ أَلْيَتَيكَ وتُسْتطارا
واسْتُطِير الفرسُ، فهو مُسْتَطارٌ إِذا أَسْرَع الجَرْيَ؛ وقول عدي:
كأَنَّ رَيِّقَه شُؤْبُوبُ غادِيةٍ،
لما تَقَفَّى رَقِيبَ النَّقْعِ مُسْطارا
قيل: أَراد مُسْتَطاراً فحذف التاء، كما قالوا اسْطَعْت واسْتَطَعْت.
وتَطايَرَ الشيءُ: طال. وفي الحديث: خُذْ ما تَطايَرَ من شَعرِك؛ وفي
رواية: من شَعرِ رأْسِك؛ أَي طال وتفرق. واسْتُطِير الشيءُ أَي طُيِّر؛ قال
الراجز:
إِذا الغُبارُ المُسْتطارُ انْعَقّا
وكلبٌ مُسْتَطِير كما يقال فَحْلٌ هائِجٌ. ويقال أَجْعَلَت الكلبةُ
واسْتطارت إِذا أَرادت الفحلَ. وبئر مَطارةٌ: واسعةُ الغَمِ؛ قال
الشاعر:كأَنّ حَفِيفَها، إِذ بَرّكوها،
هُوِيّ الرِّيحِ في جَفْرٍ مَطارِ
وطَيّر الفحلُ الإِبلَ: أَلْقَحها كلَّها، وقيل: إِنما ذلك إِذا
أَعْجَلت اللَّقَحَ؛ وقد طَيَّرَت هي لَقَحاً ولَقاحاً كذلك أَي عَجِلت
باللِّقاح، وقد طارَتْ بآذانها إِذا لَقِحَتْ، وإِذا كان في بطن الناقة حَمْل،
فهي ضامِنٌ ومِضْمان وضَوامِنُ ومَضامِينُ، والذي في بطنها ملقوحةٌ وملقوح؛
وأَنشد:
طَيّرها تعَلُّقُ الإِلْقاح،
في الهَيْجِ، قبل كلَبِ الرِّياحِ
وطارُوا سِراعاً أَي ذهبوا. ومَطارِ ومُطارٌ، كلاهما: موضع؛ واختار ابن
حمزة مُطاراً، بضم الميم، وهكذا أَنشد، هذا البيت:
حتى إِذا كان على مُطار
والروايتان جائزتان مَطارِ ومُطار، وسنذكر ذلك في مطر. وقال أَبو حنيفة:
مُطار واد فيما بين السَّراة وبين الطائف. والمُسْطارُ من الخمر: أَصله
مُسْتَطار في قول بعضهم. وتَطايَرَ السحابُ في السماء إِذا عَمّها.
والمُطَيَّرُ: ضَرْبٌ من البُرود؛ وقول العُجَير السلولي:
إِذا ما مَشَتْ، نادى بما في ثِيابها،
ذَكِيٌّ الشَّذا، والمَنْدَليُّ المُطيَّرُ
قال أَبو حنيفة: المُطَيَّر هنا ضربٌ من صنعته، وذهب ابن جني إِلى أَن
المُطَيَّر العود، فإِذا كان كذلك كان بدلاً من المَنْدليِّ لأَن المندلي
العُود الهندي أَيضاً، وقيل: هو مقلوب عن المُطَرَّى؛ قال ابن سيده: ولا
يُعْجِبني؛ وقيل: المُطَيَّر المشقَّق المكسَّر، قال ابن بري:
المَنْدَليّ منسوب إِلى مَنْدَل بلد بالهند يجلب منه العود؛ قال ابن
هَرْمَة:أُحِبُّ الليلَ أَنّ خَيالَ سَلْمى،
إِذا نِمْنا، أَلمَّ بنا فَزارا
كأَنّ الرَّكْبَ، إِذ طَرَقَتْكَ، باتوا بمَنْدَلَ أَو بِقارِعَتَيْ
قِمَارا
وقِمار أَيضاً: موضع بالهند يجلب منه العُود. وطارَ الشعر: طالَ؛ وقول
الشاعر أَنشده ابن الأَعرابي:
طِيرِي بِمِخْراقٍ أَشَمَّ كأَنه
سَلِيمُ رِماحٍ، لم تَنَلْه الزَّعانِفُ
طِيرِي أَي اعْلَقي به. ومِخْراق: كريم لم تنله الزعانف أَي النساء
الزعانف، أَي لم يَتزوّج لئيمةً قط. سَلِيم رِماح أَي قد أَصابته رماحٌ مثل
سَلِيم الحيّة. والطائرُ: فرس قتادة بن جرير. وذو المَطارة: جبل. وقوله في
الحديث: رجل مُمْسِكٌ بَعِنانِ فَرسه في سبيل الله يَطِير على مَتْنِه؛
أَي يُجْرِيه في الجهاد فاستعار له الطَيرانَ.
وفي حديث وابِصَة: فلما قُتل عثمان طارَ قَلْبي مَطارَه أَي مال إِلى
جهة يَهواها وتعلّق بها. والمَطارُ: موضع الطيَرانِ.