Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: جلى

الفناء

الفناء: سقوط الأوصاف المذمومة، كما أن البقاء وجود الأوصاف المحمودة والفناء فناءان: أحدهما ما ذكرناه وهو بكثرة الرياضة، والثاني: عدم الإحساس بعالم الملك والملكوت وهو بالاستغراق في عظمة الباري، ومشاهدة الحق، وإليه اشير بقولهم: الفقر سواد الوجه في الدارين. يعني في الفناء في العالمين.
الفناء: بِالْكَسْرِ (بيش سراى وكرداكرد خانه) - وبالفتح (نيست شدن) . وَمَا هُوَ عِنْد الصُّوفِيَّة فِي الْولَايَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَأَيْضًا الفناء عِنْدهم عبارَة عَن عدم شُعُور الشَّخْص بِوَاسِطَة اسْتِيلَاء ظُهُور وجود الْحق على بَاطِنه. وَأَيْضًا الفناء عِنْدهم سُقُوط الْأَوْصَاف المذمومة كَمَا أَن الْبَقَاء وجود الْأَوْصَاف المحمودة.
وَاعْلَم أَنهم قَالُوا إِن الفناء على نَوْعَيْنِ: أَحدهمَا: مَا ذكر وَهُوَ يحصل بِكَثْرَة الرياضة - وَالثَّانِي: عدم الإحساس بعالم الْملك والملكوت وَهُوَ يحصل بالاستغراق فِي عَظمَة الْبَارِي ومشاهدة الْحق عز شَأْنه وَجل برهانه كَمَا أشاروا إِلَيْهِ بقَوْلهمْ الْفقر سَواد الْوَجْه فِي الدَّاريْنِ يَعْنِي الفناء فِي الْعَالمين.
الفناء:
[في الانكليزية] Annihilation ،mystical fusion ،ascetism
[ في الفرنسية] Aneantissement ،fusion mystique ،ascetisme
بالفتح والمدّ عند الصوفية عدم شعور الشخص بنفسه ولا بشيء من لوازم نفسه. ففناء الشخص عن نفسه عدم شعوره، وفناؤه عن محبوبه باستهلاكه فيه، كذا في الإنسان الكامل في باب الإرادة. وقال المولوي عبد الحكيم في حاشية عبد الغفور: معنى الفناء في اصطلاح الصوفية تبديل الصفات البشرية بالصفات الإلهية دون الذات، فكلما ارتفع صفة قامت صفة إلهية مقامها، فيكون الحقّ سمعه وبصره كما نطق به الحديث، وكذلك حال الفناء في النبي والشيخ انتهى. وقال عبد اللطيف في شرح المثنوي:
الفناء عند الصوفية سقوط الأوصاف المذمومة والبقاء ثبوت النعوت المحمودة. وقيل الفناء صفة الكون وما كان لأجل الكون والبقاء صفة الكون وما كان لأجل المكون انتهى. ودر- وفي- توضيح المذاهب يقول: الفناء عند أرباب السّلوك عبارة عن نهاية السّير في الله، وذلك لأنّ السّير إلى الله ينتهي وقته عند ما يقطع العبد صحراء الوجود بقدم الصّدق مرة واحدة.
ويتحقّق السّير في الله عند ما يتطهّر العبد من شوائب الحدثان بعد الفناء الذاتي المطلق.
فيمنح تلك الدرجة حتى يتّصف بأوصاف الله ويتخلّق بالأخلاق الرّبانية، مترقّيا فيها.
انتهى.

ودر- وفي- مجمع السلوك آرد- يقول:- الفناء هو الغيبة عن الاشياء رأسا كما كان فناء موسى حين تــجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا. وأبو سعيد خرازي ميگويد- يقول- علامة الفاني ذهاب حظّه من الدنيا والآخرة إلّا من الله تعالى والبقاء الذي يعقبه هو أن يفني عمّا له ويبقى بما لله تعالى. وقال بعضهم البقاء مقام النبيين صلوات الله عليهم أجمعين. فجملة الفناء والبقاء أن يفني عن حظوظه ويبقى بحظوظ غيره. والفناء متنوع:
الفناء عن الخلق، والفناء عن النفس وأهوائها، وفناء عن الإرادة، ولكلّ واحد منها علامات.
وقد قال الشيخ عبد القادر الجيلاني في فتوح الغيب: وعلامة فنائك عن الخلق انقطاعك عنهم وعن التردّد إليهم واليأس مما لديهم.
وعلامة فنائك عنك وعن هواك ترك التسبّب والتعلّق بالسّبب في جلب النفع ودفع الضر كما كنت مغيبا في الرحم وكونك طفلا رضيعا في المهد وعلامة فناء إرادتك بفعل الله تعالى أنّك لا تريده إذا قطّ، ولا يكون لك غرض ولا يقف لك حاجة ومرام، بل لا تريد مع إرادة الله تعالى سواها، بل يجري فعل الله فيك فتكون أنت إرادة الله وفعله ساكن الجوارح مطمئن الجنان مشروح الصدر منوّر الوجه غنيا عن الأشياء بخالقها بقلبك كيف يشاء. وفي مجمع السلوك أيضا في موضع آخر الفناء عندهم هو أن لا ترى شيئا إلّا الله ولا تعلم إلّا الله وتكون ناسيا لنفسك ولكلّ الأشياء سوى الله، فعند ذلك يتراءى لك أنّه الرّبّ، إذ لا ترى ولا تعلم شيئا إلّا هو، فتعقد أنّه لا شيء إلّا هو، فتظنّ أنّك هو فتقول أنا الحق، وتقول ليس في الدار إلّا الله، وليس في الوجود إلّا الله وفي كشف اللغات يقول: طريق الفناء في اصطلاح العشّاق هو طريق العشق، والذاكر في ذلك الطريق يقال له ذكر.
(الفناء) شَجَرَة فنَاء ذَات أفنان
(الفناء) الساحة فِي الدَّار أَو بجانبها (ج) أفنية
الفناء: بالفتح خلاف البقاء وبالكسر الوصيدُ: وهي ساحة أمام البيت، وقيل: هو ما امتد من جوانبه.
الفناء:
[في الانكليزية] Courtyard ،dooryard
[ في الفرنسية] Cour ،parvis ،esplanade
بالكسر وبالنون ومد الألف گرداكرد خانه- حوالي البيت-، ومنه فناء البيت كذا في الصراح. وفي جامع الرموز والبرجندي ما حاصله أنّ الفناء بالكسر سعة أمام البيت. وقيل ما امتدّ من جوانبه كما في المغرب. وأما فناء المصر فالمختار في تعريفه شرعا عند صاحب المحيط والخلاصة وغيرهما هو موضع اتصل بالمصر معدا ومهيئا لمصالحه من ركض الخيل وجمع العساكر والخروج للرمي وصلاة الجنازة، ولم يشترط بعضهم الاتصال بالمصر، فقدّره بغلوة يعنى يك تير پرتاب- رمية سهم- وبعضهم بثلاثة أميال، وبعضهم بمنتهى صوت المؤذن، وبعضهم بفرسخين. وفي المضمرات المختار للفتوى قول محمد أنّه بقدر فرسخ.

فَجِلَ

فَجِلَ، كفرِحَ ونَصَرَ فَجْلاً، ويُحَرَّكُ: اسْتَرْخَى وغَلُظَ.
وفَجَّلَهُ تَفْجيلاً: عَرَّضَه.
والأفْجَلُ والفَنْجَلُ، كجَنْدَلٍ: المُتباعِدُ ما بينَ القَدَمَيْنِ.
والفُجْلُ، بالضم وبضمتينِ: هذه الأرُومَةُ، واحِدَتُها: بالهاءِ، جَيِّدٌ لِوَجَعِ المَفاصِل، واليَرَقانِ، ولوَجَعِ الكَبِدِ، والاسْتِسْقاءِ، ونَهْشِ الأفاعي والعَقارِبِ. وإن وُضِعَ قِشْرُه أَو ماؤُهُ على عَقْرَبٍ، ماتَتْ، وبعدَ الطَّعامِ يَهْضِمُ ويُلَيِّنُ ويُنَفِّذُهُ، وقَبْلَهُ يُطْفِئُه وأقْوَى ما فيه بِزْرُهُ ثم قِشْرُه ثم ورَقُه ثم لَحمهُ.
وحَبُّ الفُجْلِ: دواءٌ آخَرُ، ومنه يُتَّخَذُ دُهْنُ الفُجْلِ.
والفَنْجَلَةُ والفَنْــجَلَى: مِشْيَةٌ فيها اسْتِرْخاءُ.
والفاجِلُ: القامِرُ.
وافْتَجَلَ أمراً: اخْتَلَقَه.

الكلام

الكلام: إظهار ما في الباطن على الظاهر لمن يشهد ذلك بنحو من إنحاء الإظهار. والكلام علم يبحث فيه عن ذات الله وصفاته وأحوال الممكنات من المبدأ والمعاد على قانون الإسلام.وفي اصطلاح النحاة: المعنى المركب الذي فيه الإسناد التام وعبر عنه بأنه ما تضمن من الكلم إسنادا مفيدا مقصودا لذاته.وقالت المعتزلة: هو حقيقة في اللسان.وقال الأشعري: مرة في النفساني، واختاره السبكي، ومرة مشترك، ونقله الإمام الرازي عن المحققين.
الكلام:
[في الانكليزية] Talk ،speech ،speaking
[ في الفرنسية] Parole ،propos ،dire ،langage discours
بالفتح في الأصل شامل لحرف من حروف المباني والمعاني ولأكثر منها. ولذا قيل الكلام ما يتكلّم به قليلا كان أو كثيرا، واشتهر في عرف أهل اللغة في المركّب من الحرفين فصاعدا، وهو المراد في الجلالي أنّ أدنى ما يقع اسم الكلام عليه المركّب من حرفين، وفيه إشعار بما هو المشهور أنّ الحرف هو الصوت المكيّف، لكن في المحيط أنّ الصوت والحرف كلّ منهما شرط الكلام، إذ لا يحصل الإفهام إلّا بهما كما قال الجمهور. وذهب الكرخي ومن تابعه مثل شيخ الإسلام إلى أنّ الصوت ليس بشرط في حصول الكلام. فلو صحح المصلي الحروف بلا إسماع لم يفسد الصلاة إلّا عند الكرخي وتابعيه هكذا في جامع الرموز في بيان مفسدات الصلاة. وقال الأصوليون الكلام ما انتظم من الحروف المسموعة المتواضع عليها الصادرة عن مختار واحد، والحروف فصل عن الحرف الواحد فإنّه لا يسمّى كلاما، والمسموعة فصل المكتوبة والمعقولة، والمتواضع عليها من المهمل والصادرة الخ. عن الصادر من أكثر من واحد كما لو صدر بعض الحروف عن واحد والبعض من آخر، ويخرج الكلام الذي على حرف واحد مثل ق ور، اللهم إلّا أن يراد أعم من الملفوظة والمقدّرة، هكذا في بعض كتب الأصول. وفي العضدي أنّ أبا الحسين عرّف الكلام بأنّه المنتظم من الحروف المتميّزة المتواضع عليها. قال المحقق التفتازاني والمتميّزة احتراز عن أصوات الطيور، ولمّا لم تكن المكتوبة حروفا حقيقة ترك قيد المسموعة، وفوائد باقي القيود بمثل ما مرّ ومرجع هذا التفسير إلى الأول، لكن في إخراج أصوات الطيور بقيد المتميّزة نظرا إذ أصوات الطيور غير داخلة في الحرف لأنّ التمييز معتبر في ماهية الحروف على ما مرّ في محله.

التقسيم:
مراتب تأليف الكلام خمس. الأول ضمّ الحروف بعضها إلى بعض فتحصل الكلمات الثلاث الاسم والفعل والحرف. الثاني تأليف هذه الكلمات بعضها إلى بعض فتحصل الجمل المفيدة، وهذا هو النوع الذي يتداوله الناس جميعا في مخاطباتهم وقضاء حوائجهم، ويقال له المنثور من الكلام. الثالث ضمّ بعض ذلك إلى بعض ضما له مباد ومقاطع ومداخل ومخارج، ويقال له المنظوم. الرابع أن يعتبر في أواخر الكلم مع ذلك تسجيع ويقال له المسجّع.
الخامس أن يجعل له مع ذلك وزن ويقال له الشعر والمنظوم إمّا مجاورة ويقال له الخطابة وإمّا مكاتبة ويقال له الرسالة. فأنواع الكلام لا تخرج عن هذه الأقسام كذا في الاتقان في بيان وجوه إعجاز القرآن. وقال النحاة الكلام لفظ تضمّن كلمتين بالإسناد ويسمّى جملة ومركّبا تاما أيضا أي يكون كلّ واحدة من الكلمتين حقيقة كانتا أو حكما في ضمن ذلك اللفظ، فالمتضمّن اسم فاعل هو المجموع والمتضمّن اسم مفعول كلّ واحدة من الكلمتين فلا يلزم اتحادهما، فاللفظ يتناول المهملات والمفردات والمركّبات، وبقيد تضمّن كلمتين خرجت المهملات والمفردات، وبقيد الإسناد خرجت المركّبات الغير الإسنادية من المركّبات التي من شأنها أن لا يصحّ السكوت عليها، نحو: عارف زيد على الإضافة وزيد العارف على الوصفية وزيد نفسه على التوكيد فإنّها لا تسمّى كلاما ولا جملة، وهذا عند من يفسّر الإسناد بضمّ إحدى الكلمتين إلى الأخرى بحيث يفيد السامع. وأمّا عند من يفسّره بضمّ أحدهما إلى الأخرى مطلقا فيقال المراد بالإسناد عنده هاهنا الإسناد الأصلي، وحيث كانت الكلمتان أعمّ من أن تكونا كلمتين حقيقة أو حكما دخل في التعريف مثل زيد أبوه قائم أو قام أبوه أو قائم أبوه فإنّ الأخبار فيها وإن كانت مركّبات لكنها في حكم المفردات، أعني قائم الأب ودخل فيه أيضا جسق مهمل وديز مقلوب زيد مع أنّ المسند إليه فيهما مهمل ليس بكلمة فإنّه في حكم هذا اللفظ. ثم إنّ هذا التعريف ظاهر في أنّ ضربت زيدا قائما بمجموعة كلام بخلاف كلام صاحب المفصّل حيث قال: الكلام هو المركّب من كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى فإنّه صريح في أنّ الكلام هو ضربت، والمتعلّقات خارجة عنه، ثم اعلم أنّ صاحب المفصّل وصاحب اللباب ذهبا إلى ترادف الكلام والجملة، وظاهر هذين التعريفين يدلّ على ذلك، لكن الاصطلاح المشهور على أنّ الجملة أعمّ من الكلام مطلقا لأنّ الكلام ما تضمّن الإسناد الأصلي وكان إسناده مقصودا لذاته، والجملة ما تضمّن الإسناد الأصلي سواء كان إسناده مقصودا لذاته أولا، فالمصدر والصفات المسندة إلى فاعلها ليست كلاما ولا جملة لأنّ إسنادها ليست أصلية، والجملة الواقعة خبرا أو وصفا أو حالا أو شرطا أو صلة ونحو ذلك مما لا يصحّ السكوت عليها جملة وليست بكلام لأنّ إسنادها ليس مقصودا لذاته. هذا كله خلاصة ما في شروح الكافية والمطوّل في تعريف الوصل والوافي وغيرها.

التقسيم:
اعلم أنّ الحذّاق من النحاة وغيرهم وأهل البيان قاطبة على انحصار الكلام في الخبر والإنشاء وأنّه ليس له قسم ثالث. وادّعى قوم أنّ أقسام الكلام عشرة: نداء ومسئلة وأمر وتشفّع وتعجّب وقسم وشرط ووضع وشك واستفهام. وقيل تسعة بإسقاط الاستفهام لدخوله في المسألة. وقيل ثمانية بإسقاط التشفّع لدخوله فيها. وقيل سبعة بإسقاط الشكّ لأنّه من قسم الخبر. وقال الأخفش هي ستة: خبر واستخبار وأمر ونهي ونداء وتمنّ. وقال قوم أربعة خبر واستخبار وطلب ونداء. وقال كثيرون ثلاثة خبر وطلب وإنشاء، قالوا لأنّ الكلام إمّا أن يحتمل التصديق والتكذيب أو لا. الأول الخبر والثاني إن اقترن معناه بلفظه فهو الإنشاء وإن لم يقترن بلفظه بل تأخّر عنه فهو الطلب. والمحقّقون على دخول الطلب في الإنشاء وإنّ معنى اضرب وهو طلب الضرب مقترن بلفظه، وأمّا الضرب الذي يوجد بعد ذلك فهو متعلّق الطلب لا نفسه.

وقال بعض من جعل الأقسام ثلاثة: الكلام إن أفاد بالوضع طلبا فلا يخلو إمّا أن يطلب ذكر الماهية أو تحصيلها أو الكفّ عنها. الأول الاستفهام والثاني الأمر والثالث النهي. وإن لم يفد طلبا بالوضع فإن لم يحتمل الصدق والكذب يسمّى تنبيها وإنشاء لأنّك نبّهت به على مقصودك وأنشأته أي ابتكرته من غير أن يكون موجودا في الخارج، سواء أفاد طلبا باللازم كالتمنّي والترجّي والنداء والقسم أولا، كأنت طالق، وإن احتملهما من حيث هو فهو الخبر كذا في الاتقان. وسيأتي ما يتعلّق بهذا في لفظ المركّب، وسمّى ابن الحاجب في مختصر الأصول غير الخبر بالتنبيه وأدخل فيه الأمر والنّهي والتمنّي والترجّي والقسم والنّداء والاستفهام. قال المحقّق التفتازاني هذه التسمية غير متعارف.
فائدة:
الكلام في العرف اللغوي لا يشتمل الحرف الواحد وفي العرف الأصولي لا يشتمل المهمل وفي العرف النحوي لا يشتمل الكلمة والمركّبات الغير التامة كما لا يخفى، فكل معنى أخصّ مطلقا مما هو قبله، والمعنى الأول أعمّ مطلقا من الجميع. اعلم أنّه لا اختلاف بين أرباب الملل والمذاهب في كون البارئ تعالى متكلّما إنّما الاختلاف في معنى كلامه وفي قدمه وحدوثه، وذلك لأنّ هاهنا قياسين متعارضين أحدهما أنّ كلام الله تعالى صفة له، وكلما هو كذلك فهو قديم فكلام الله تعالى قديم. وثانيهما أنّ كلامه تعالى مؤلّف من أجزاء مترتّبة متعاقبة في الوجود، وكلما هو كذلك فهو حادث، فكلامه تعالى حادث، فافترق المسلمون إلى فرق أربع. ففرقتان منهم ذهبوا إلى صحّة القياس الأول وقدحت واحدة منهما في صغرى القياس الثاني وقدحت الأخرى في كبراه.
وفرقتان أخريان ذهبوا إلى صحّة الثاني وقدحوا في إحدى مقدمتي الأول. فالحنابلة صحّحوا القياس الأول ومنعوا كبرى الثاني وقالوا كلامه حرف وصوت يقومان بذاته وإنّه قديم، وقد بالغوا فيه حتى قال بعضهم بالجهل الجلد والغلاف قديمان. والكرّامية صحّحوا القياس الثاني وقدحوا في كبرى الأول وقالوا كلامه حروف وأصوات وسلّموا أنها حادثة لكنهم زعموا أنّها قائمة بذاته تعالى لتجويزهم قيام الحوادث بذاته تعالى. والمعتزلة صحّحوا الثاني وقدحوا في كبرى الأول وقالوا كلامه حروف وأصوات لكنها ليست قائمة بذاته تعالى بل يخلقها الله تعالى في غيره كاللوح المحفوظ أو جبرئيل أو النبي وهو حادث. والأشاعرة صحّحوا القياس الأول ومنعوا صغرى الثاني وقالوا كلامه ليس من جنس الأصوات والحروف بل هو معنى قائم بذاته تعالى قديم مسمّى بالكلام النفسي الذي هو مدلول الكلام اللفظي الذي هو حادث وغير قائم بذاته تعالى قطعا، وذلك لأنّ كلّ من يأمر وينهي ويخبر يجد من نفسه معنى ثم يدلّ عليه بالعبارة أو الكتابة أو الإشارة وهو غير العلم إذ قد يخبر الإنسان عمّا لا يعلم بل يعلم خلافه، وغير الإرادة لأنّه قد يأمر بما لا يريده كمن أمر عبده قصدا إلى إظهار عصيانه وعدم امتثاله لأوامره ويسمّى هذا كلاما نفسيا على ما أشار إليه الأخطل بقوله:
إنّ الكلام لفي الفؤاد وإنّما جعل اللسان على الفؤاد دليلا.

وقال عمر رضي الله عنه: إنّي زورت في نفسي مقالة. وكثيرا ما تقول لصاحبك إنّ في نفسي كلاما أريد أن أذكره لك. فلما امتنع اتصافه تعالى باللفظي لحدوثه تعيّن اتصافه بالنفسي إذ لا. اختلاف في كونه متكلّما.
وبالجملة فما يقوله المعتزلة وهو خلق الأصوات والحروف وحدوثها فالأشاعرة معترفون به ويسمّونه كلاما لفظيا. وما يقوله الأشاعرة من كلام النفس فهم ينكرون ثبوته ولو سلّموه لم ينفوا قدمه فصار محلّ النزاع بينهم وبين الأشاعرة نفي المعنى النفسي وإثباته. فأدلتهم الدالة على حدوث الألفاظ إنّما تفيدهم بالنسبة إلى الحنابلة، وأمّا بالنسبة إلى الأشاعرة فيكون نصبا للدليل في غير محلّ النزاع، كذا في شرح المواقف وتمام التحقيق قد سبق في لفظ القرآن.
وقال الصوفية الكلام تجلّي علم الله سبحانه باعتبار إظهاره إيّاه، سواء كانت كلماته نفس الأعيان الموجودة أو كانت المعاني التي يفهمها عباده إمّا بطريق الوحي أو المكالمة أو أمثال ذلك لأنّ الكلام لله تعالى في الجملة صفة واحدة نفسية، لكن لها جهتين: الجهة الأولى على نوعين. النوع الأول أن يكون الكلام صادرا عن مقام العزّة بأمر الألوهية فوق عرش الربوبية وذلك أمره العالي الذي لا سبيل إلى مخالفته، لكن طاعة الكون له من حيث يجهله ولا يدريه، وإنّما الحقّ سبحانه يسمع كلامه في ذلك المــجلى عن الكون الذي يريد تقدير وجوده، ثم يجري ذلك الكون على ما أمره به عناية منه ورحمة سابقة ليصحّ للوجود بذلك اسم الطاعة فتكون سعيدا. وإلى هذا أشار بقوله في مخاطبته للسماء والأرض ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ. فحكم للأكوان بالطاعة تفضّلا منه، ولذلك سبقت رحمته غضبه.
والمطيع مرحوم فلو حكم عليها بأنّها أتت مكرهة لكان ذلك الحكم عدلا إذ القدرة تجبر الكون على الوجود إذ لا اختيار للمخلوق ولكان الغضب حينئذ أسبق إليه من الرحمة لكنه تفضّل فحكم لها بالطاعة، فما ثمّ عاص له من حيث الجملة في الحقيقة، وكلّ الموجودات مطيعة له تعالى ولهذا آل حكم النّار إلى أن يضع الجبّار فيها قدمه فيقول قط قط فتزول وينبت في محلّها شجر الجرجير كما ورد في الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وأمّا النوع الثاني منها فهي الصادرة من مقام الربوبية بلغة الأنس بينه وبين خلقه كالكتب المنزّلة على أنبيائه والمكالمات لهم ولمن دونهم من الأولياء، ولذلك وقعت الطاعة والمعصية في الأوامر المنزّلة في الكتب من المخلوق لأنّ الكلام صدر بلغة الأنس، فهم في الطاعة كالمخيرين أعني جعل نسبة اختيار الفعل إليهم ليصحّ الجزاء في المعصية بالعذاب عدلا، ويكون الثواب في الطاعة فضلا لأنّه جعل نسبة الاختيار إليهم بفضله ولم يكن ذلك إلّا بجعله لهم، وما جعل ذلك إلّا لكي يصحّ لهم الثواب، فثوابه فضل وعقابه عدل. وأمّا الجهة الثانية فاعلم أنّ كلام الحقّ نفس أعيان الممكنات، وكلّ ممكن كلمة من كلماته، ولذا لا نفود للممكن. قال تعالى قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ الآية، فالممكنات هي كلمات الحقّ سبحانه وذلك لأنّ الكلام من حيث الجملة صورة لمعنى في علم المتكلّم، أراد المتكلّم بإبراز تلك الصورة فهم السامع ذلك المعنى، فالموجودات كلمات الله تعالى وهي الصورة العينية المحسوسة والمعقولة الوجودية، وكلّ ذلك صور المعاني الموجودة في علمه وهي الأعيان الثابتة. وإن شئت قلت حقائق الأشياء.
وإن شئت قلت ترتيب الألوهية. وإن شئت قلت بساطة الوحدة. وإن شئت قلت تفصيل الغيب.

موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم ج 2 1374 فائدة: ..... ص: 1372

إن شئت قلت ترتيب الألوهية. وإن شئت قلت بساطة الوحدة. وإن شئت قلت تفصيل الغيب.
وإن شئت قلت صور الجمال. وإن شئت قلت آثار الأسماء والصفات. وإن شئت قلت معلومات الحقّ. وإن شئت قلت الحروف العاليات، فكما أنّ المتكلّم لا بدّ له في الكلام من حركة إرادية للتكلّم ونفس خارج بالحروف من الصّدر الذي هو غيب إلى ظاهر الشفة، كذلك الحقّ سبحانه في إبرازه لخلقه من عالم الغيب إلى عالم الشهادة يريد أولا ثم تبرزه القدرة، فالإرادة مقابلة للحركة الإرادية التي في نفس المتكلّم، والقدرة مقابلة للنفس الخارج بالحروف من الصّدر إلى الشفة لأنّها تبرز من عالم الغيب إلى عالم الشهادة، وتكوين المخلوق مقابل لتركيب الكلمة على هيئة مخصوصة في نفس المتكلّم، كذا في الإنسان الكامل.

المطالعة

المطالعة: توفيقات الحق للعارفين القائمين بحمل أعباء الخلافة ابتداء، أي بغير طلب ومسألة وعن سؤال منهم أيضًا، ذكره بعضهم. أخذا من قول ابن عربي: المطالعة توفيقات الحق للعارفين ابتداء وعن سؤال منهم فيما يرجع إلى حوادث الكون.
المطالعة: صرف الْفِكر ليتــجلى الْمَطْلُوب - وَعلم المطالعة علم باحث عَن كَيْفيَّة المطالعة - وَالْأَحْسَن فِي التَّعْرِيف أَن المطالعة علم يعرف بِهِ مُرَاد الْمُحَرر بتحريره وغايتها الْفَوْز بمراده حَقًا. والسلامة عَن الخطاء والتخطية. وموضوعها الْمُحَرر من حَيْثُ هُوَ.

الْمُؤثر

الْمُؤثر: مَا لَهُ تَأْثِير فِي الشَّيْء إِمَّا تَامّ فَهُوَ الْعلَّة التَّامَّة أَو غير تَامّ فَهُوَ الْعلَّة النَّاقِصَة. وَالْمرَاد بالتأثير التَّام عدم الاجتياج فِي إِيجَاد الْمَعْلُول إِلَى شَيْء آخر. وَاخْتلفُوا فِي أَن الْمُؤثر فِي الْمَلْزُوم هُوَ الْمُؤثر فِي اللَّازِم فِي آن وَاحِد أم الْمُؤثر فِي اللَّازِم غير الْمُؤثر فِي الْمَلْزُوم - فَقَالَ بَعضهم بِالْأولِ وَبَعْضهمْ بِالثَّانِي بِأَن الْمُؤثر فِي اللَّازِم قد يكون مَا هُوَ الْمُؤثر فِي الْمَلْزُوم لَكِن فِي آنين وَقد يكون على حِدة - وَالْمذهب الْمَنْصُور أَن الْمُؤثر فِي الْمَلْزُوم هُوَ الْمُؤثر فِي اللَّازِم فِي آن وَاحِد وَإِلَّا يلْزم وجود الْمَلْزُوم بِدُونِ اللَّازِم.
وَفِي الْمُؤثر فِي الْأَفْعَال الاختيارية للعباد اخْتِلَاف قَالَت الجبرية إِن الْمُؤثر فِيهَا قدرَة الله تَعَالَى بِلَا قدرَة من الْعباد أصلا أَي لَيْسَ للْعَبد قدرَة أصلا عِنْدهم - وَعند أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ الْمُؤثر فبها قدرَة الله تَعَالَى بِلَا تَأْثِير لقدرة الْعباد يَعْنِي أَن للْعَبد قدرَة لَكِن لَا تَأْثِير لَهَا فِي إِيجَاد الْفِعْل عِنْده فَإِنَّهُ قَالَ إِن الله تَعَالَى أجْرى عَادَته بِأَن العَبْد إِذا صرف قدرته وإرادته إِلَى الْفِعْل أوجده عقيب ذَلِك من غير أَن يكون لقدرته وإرادته تَأْثِير فِي وجوده فَذَلِك الْفِعْل مَخْلُوق الله تَعَالَى ومكسوب للْعَبد فَجعل قدرَة العَبْد شرطا ومدارا لتأثير قدرته تَعَالَى وإيجاده. والمؤثر فِي فعل العَبْد عِنْد الْمُعْتَزلَة قدرَة العَبْد فَقَط بِلَا إِيجَاب واضطرار. وَعند الفلاسفة الْمُؤثر فِيهِ قدرَة العَبْد بِالْإِيجَابِ وَامْتِنَاع التَّخَلُّف كَمَا يفهم من ظَاهر كَلَامهم - وَالتَّحْقِيق أَن مَذْهَبهم أَنه تَعَالَى فَاعل الْحَوَادِث كلهَا وَأَن الْمَرَاتِب شُرُوط معدة لإفاضة المبدأ - وَقيل إِن إِمَام الْحَرَمَيْنِ رَحمَه الله تَعَالَى ذهب إِلَى مَذْهَب الْحُكَمَاء وَلَكِن قَالَ الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي شرح الْمَقَاصِد هَذَا القَوْل من الإِمَام وَإِن اشْتهر فِي الْكتب إِلَّا أَنه خلاف مَا صرح بِهِ فِي الْإِرْشَاد وَغَيره حَيْثُ قَالَ إِن الْخَالِق هُوَ الله تَعَالَى لَا خَالق سواهُ وَإِن الْحَوَادِث كلهَا حَادِثَة بقدرته تَعَالَى من غير فرق بَين مَا يتَعَلَّق بقدرة الْعباد وَمَا لَا يتَعَلَّق بهَا انْتهى.
وَذهب الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق الاسفراييني إِلَى أَن المُرَاد الْمُؤثر فِي فعل العَبْد مَجْمُوع القدرتين أَي قدرَة الله تَعَالَى وقدرة العَبْد فَذَلِك الْمَجْمُوع يُؤثر وَيُوجد أصل الْفِعْل فَيكون قدرَة الله تَعَالَى جُزْء الْمُؤثر كقدرة العَبْد. وَمذهب القَاضِي أبي بكر الباقلاني رَحمَه الله تَعَالَى أَيْضا أَن الْمُؤثر فِي فعل العَبْد مَجْمُوع القدرتين لَكِن قدرَة الله تَعَالَى تُؤثر فِي أصل الْفِعْل وقدرة العَبْد فِي وَصفه بِأَن تجْعَل ذَلِك الْفِعْل مَوْصُوفا بِكَوْنِهِ طَاعَة أَو مَعْصِيّة أَو مَكْرُوها أَو مُبَاحا وَفِي أَفعَال سَائِر الْحَيَوَانَات أَيْضا اخْتِلَاف على هَذَا التَّفْصِيل.
وَقَالَ الْفَاضِل الْكَامِل ملا شرِيف كجكنه رَحمَه الله تَعَالَى اعْلَم أَن بداهة الْعقل حاكمة على أَن الْأَفْعَال الْوَاقِعَة من الْعباد بمدخلية الِاخْتِيَار لَيست اضطرارية صرفة للْفرق الضَّرُورِيّ بَين حَرَكَة المرتعش وحركة الْمُخْتَار فَبَطل الْجَبْر الْمَحْض وَبعد الحكم يتَحَقَّق الْقُدْرَة فَالْحكم بِأَن قدرَة العَبْد مُسْتَقلَّة فِي التَّأْثِير وَالْعَبْد فَاعل موجد يُنَافِيهِ عُمُوم قَوْله تَعَالَى: {خَالق كل شَيْء} فَبَطل مَذْهَب الاعتزال فالجبر الْمَحْض والتفويض الْمَحْض اللَّذَان هما طرفان باطلان. وَبعد بطلانهما فالحد الْوسط الَّذِي اخْتَارَهُ الشَّيْخ الْأَشْعَرِيّ أَن قدرَة العَبْد مدَار مَحْض لَا أَنَّهَا مَعَ قدرَة الله تَعَالَى مُؤثرَة فِي أصل الْفِعْل فَيكون جُزْء الْمُؤثر كَمَا هُوَ مَذْهَب الْأُسْتَاذ أبي إِسْحَاق وَلَا أَنَّهَا مَعَ قدرَة الله تَعَالَى مُؤثرَة فِي وصف الْفِعْل بِأَن تُؤثر قدرته تَعَالَى فِي أصل الْفِعْل وقدرة العَبْد فِي كَونه طَاعَة أَو مَعْصِيّة كَمَا هُوَ مَذْهَب القَاضِي أبي بكر الباقلاني لِأَن فِي كل من هذَيْن الْقَوْلَيْنِ نوع ضَرَر فِي اسْتِقْلَال الْوَاجِب بالفاعلية وَفِي التَّوْحِيد الافعالي. وَالْمرَاد بِكَوْن قدرَة العَبْد مدارا مَحْضا أَن الصَّانِع تقدست ذَاته وتنزهت صِفَاته جعل عَبده صَاحب إِرَادَة وقدرة بِحَيْثُ لَو تَركه مَعَ نَفسه لَهُ أَن يُؤثر وَيُوجد مَا أَرَادَهُ من الْأَفْعَال لَكِن الْوَاجِب تَعَالَى لعزته وجلاله لم يرض أَن يكون فِي ملكه صَاحب تصرف فأوجد مَا علم أَنه إِذا خلي وطبعه لَا وجده بإرادته وَقدرته بِحَيْثُ لم يطلع العَبْد أَنه سُبْحَانَهُ أوجده دونه بل ظن أَنه فعله سُبْحَانَهُ فسبحان الَّذِي لَيْسَ لَهُ شريك فِي الْملك وَكبره تَكْبِيرا. فاستقام أَمر التكاليف الشَّرْعِيَّة وترتب الْجَزَاء فِي هَذِه النشأة وَيَوْم الْجَزَاء - هَذَا مَا أَفَاضَ الله علينا فِي تَحْقِيق مَذْهَب الشَّيْخ ولغيرنا فِي تَحْقِيق كَلَامه غير هَذَا فَارْجِع إِلَى المطولات من الْكتب فَانْظُر أَيهَا الطَّالِب الصَّادِق أَن هَذَا الشَّيْخ الإِمَام الْهَام مقتدى الْأَنَام مَا أدق نظره وَمَا أجلى بَصَره أحسن الله إِلَيْهِ وَجعل بحار الْمَغْفِرَة عَلَيْهِ انْتهى.

الْقُوَّة العاملة

الْقُوَّة العاملة: قُوَّة فِي الْإِنْسَان تحرّك بدنه إِلَى الْأَفْعَال الْجُزْئِيَّة الْحَاصِلَة بالفكر والروية أَو بالحدس وَتسَمى تِلْكَ الْقُوَّة الْعقل العملي وَالْقُوَّة العملية وَالْأَفْعَال الْجُزْئِيَّة كالسفر وَالنِّكَاح وَالْجِمَاع فَإِنَّهُ يفكر بِأَن السّفر موصل إِلَى الْمَقَاصِد الْعلية الدِّينِيَّة من حُصُول مُلَازمَة الْأَوْلِيَاء والفقراء والفضلاء وملاقات الأحباء وَالْحِفْظ عَن إِيذَاء الْأَعْدَاء وَالْكفَّار والفساق والفجار وَإِلَى المطالب الدنية الدُّنْيَوِيَّة من أَخذ الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير والنهب وَقطع الطَّرِيق وَغير ذَلِك. ويفكر بِأَن النِّكَاح مفض إِلَى صَلَاح الْمعَاد والمعاش ثمَّ الْقُوَّة العاملة تحرّك بدنه إِلَى السّفر وَالنِّكَاح وَالْجِمَاع قيل النَّفس الْكَامِلَة فِي هَاتين القوتين أَعنِي الْعَاقِلَة والعاملة هِيَ المطمئنة.
وَاعْلَم أَن للنَّفس بِاعْتِبَار الْقُوَّة العاملة أَيْضا أَربع مَرَاتِب: أولاها: تَهْذِيب الظَّاهِر بِاسْتِعْمَال الشَّرَائِع والنواميس الإلهية. وثانيتها: تَهْذِيب الْبَاطِن عَن الملكات الردية وَنقص آثَار شواغله عَن عَالم الْغَيْب. وثالثتها: مَا يحصل بعد الِاتِّصَال بعالم الْغَيْب وَهُوَ تخلي النَّفس عَن النقوش الخسيسة وتحليها بالصور القدسية. ورابعتها: مَا يتــجلى لَهُ عقيب اكْتِسَاب ملكة الِاتِّصَال والانفصال عَن نَفسه بِالْكُلِّيَّةِ وَهُوَ مُلَاحظَة جلال الله تَعَالَى وجماله الْأَجَل الْأَكْمَل وَقصر النّظر على كَمَاله حَتَّى يرى كل قدرَة مضمحلة فِي جنب قدرته الْكَامِلَة وكل علم مُسْتَغْرقا فِي علومه الشاملة بل كل وجود وَكَمَال فائض من جنابه المتعال.
الْقُوَّة الْعَقْلِيَّة والنطقية والشهوانية والبهيمية والغضبية والسبعية: كل مِنْهَا فِي الْعَدَالَة.
وَاعْلَم أَن قُوَّة النَّفس الإنسانية تسمى قُوَّة عقلية وَهِي بِاعْتِبَار إِدْرَاكهَا للكليات تسمى قُوَّة نظرية وَبِاعْتِبَار استنباطها للصناعات الفكرية من أدلتها بِالرَّأْيِ تسمى قُوَّة عملية.

هَضْبُ القَلِيبِ

هَضْبُ القَلِيبِ:
علم فيه شعاب كثيرة، قال الأصمعي:
هضب القليب بنجد، والهضب جبال صغار، والقليب في وسط هذا الموضع يقال له ذات الإصاد وهو من أسمائها وعنده جرى داحس والغبراء، قال العامري:
هضب القليب نصف ما بيننا وبين بني سليم حاجز فيما بيننا، والقليب الذي ينسب إليه بئر لهم، وقال مطير ابن الأشيم الأسدي واستمنحه ابن عمّ له فقالت امرأته هند: الحجارة، فقال مطير:
أبالصمّ من هضب القليب أمرتني، ... هنيدة! لا يرضى بذاك المخيّب
المخيب: الذي لا لبن لإبله، والمبرّ: الذي له لبن.
ألا إن هندا عزّها من صديقها ... عناد لها مثل النضيح وأوطب
ومغرفة بالكفّ عــجلى وجفنة ... ذوائبها مثل الملاءة تضرب
الملاءة: القشرة التي تعلو اللبن، وقال الأعشى:
من ديار بالهضب هضب القليب ... فاض ماء السرور فيض الغروب
وقال أبو زياد: وبنو وبر بن الأضبط بن كلاب لهم من المياه هضب القليب، والقليب: ماء، ولهم هضب كثيرة.

الْعلم

الْعلم: بالفتحتين الْعَلامَة، والشهرة، والجبل الرفيع، والراية، وَمَا يعْقد على الرمْح، وَسيد الْقَوْم، وَجمعه الْأَعْلَام، وَعند النُّحَاة مَا وضع لشَيْء بِعَيْنِه شخصا أَو جِنْسا غير متناول غَيره بِوَضْع وَاحِد وَهَذَا هُوَ الْعلم القصدي وَأما الْعلم الاتفاقي فَهُوَ الَّذِي يصير علما أَي وَاقعا على معِين بالغلبة وَكَثْرَة الِاسْتِعْمَال لَا بِالْوَضْعِ والاصطلاح وَهُوَ على ثَلَاثَة أَصْنَاف اسْم ولقب وكنية واطلب كلا فِي مَحَله.
ثمَّ اعْلَم أَن علم بِفَتْح الْفَاء وَكسر الْعين على وزن سمع مَاض مَعْرُوف من أَفعَال الْقُلُوب من الْعلم بِمَعْنى (دانستن) وَهُوَ فعل الْقلب وَأما علم بتَشْديد الْعين على وزن صرف فَإِنَّهُ من التَّعْلِيم وَهُوَ من أَفعَال الْجَوَارِح، وَأما إِطْلَاق التَّعْلِيم على إِفَادَة الإشراقين فَهُوَ على سَبِيل التنزل وَالْمجَاز. وَيُؤَيّد مَا قُلْنَا مَا قَالَ الْفَاضِل الجلبي رَحمَه الله فِي حَاشِيَته على المطول أَن قَوْله مَا لم نعلم مفعول ثَان لعلم بِالتَّشْدِيدِ وَالْأول مَحْذُوف أَي علمنَا وَلَا ضير فِي ذَلِك إِذْ لَيْسَ علم من أَفعَال الْقُلُوب حَتَّى لَا يجوز الِاقْتِصَار على أحد مفعوليه انْتهى. وَالْعلم بِكَسْر الأول وَسُكُون اللَّام مصدر علم يعلم فِي اللُّغَة بِالْفَارِسِيَّةِ (دانستن) .
ثمَّ إِنَّه قد يُطلق على مَا هُوَ مبدأ انكشاف الْمَعْلُوم وَقد يُطلق على مَا بِهِ يصير الشَّيْء منكشفا على الْعَالم بِالْفِعْلِ وَفِي مَا بِهِ الانكشاف اخْتِلَاف مَذَاهِب لَا يتَجَاوَز عشْرين احْتِمَالا عقليا وَوجه ضبط تِلْكَ الِاحْتِمَالَات أَنه إِمَّا حَقِيقَة وَاحِدَة أَو حقائق متبائنة وعَلى الأول إِمَّا زَوَال أَو حُصُول، ثمَّ الْحُصُول إِمَّا حُصُول أثر مَعْلُوم فِي الْعَالم، أَو حُدُوث أَمر فِيهِ، أَو كِلَاهُمَا والأثر إِمَّا صُورَة مَعْلُوم أَو شبحه وَالْأول إِمَّا قَائِم بِنَفسِهِ، أَو منطبع فَهِيَ الْمدْرك، أَو مُتحد مَعَه، والمنطبع إِمَّا منطبع فِي مدرك أَو فِي الْآلَة، والزوال إِمَّا زَوَال أَمر عَن الْعَالم أَو عَن الْمَعْلُوم أَو كليهمَا وعَلى الثَّانِي من الشق الأول إِمَّا إِطْلَاق الْعلم عَلَيْهَا بالاشتراك أَو بِالْحَقِيقَةِ وَالْمجَاز ثمَّ الِاشْتِرَاك إِمَّا لَفْظِي أَو معنوي وَالصَّوَاب المقبول عِنْد الفحول وَالْحق الْحَقِيقِيّ بِالْقبُولِ إِنَّه لَيْسَ حَقِيقَة نوعية أَو جنسية حَتَّى يعرف بِأَمْر جَامع منطبق على جَمِيع جزئياته بل إِطْلَاقه على الْجَمِيع من بَاب إِطْلَاق الْعين على مدلولاته المتبائنة أَلا ترى أَن نَحْو انكشاف الْوَاجِب تَعَالَى لذاته أَو لغيره على اخْتِلَاف بَين الْحُكَمَاء والمتكلمين لَيْسَ إِلَّا كنحو وجوده المغائر للْكُلّ تقوما وتحصلا وتخصيصا وتشخيصا فَكَمَا أَنه لَا سَبِيل لنا إِلَى اكتناه ذَاته كَذَلِك لَا سَبِيل إِلَى اكتناه صِفَاته الَّتِي من جُمْلَتهَا الْعلم الَّذِي لَيْسَ بحدوث كَيْفيَّة وَلَا بِحُصُول أثر من الْمَعْلُوم فِيهِ وَلَا باتحاد الْمَعْلُوم مَعَه وَلَا بِحُضُور مثل وَلَا بحدوث إِضَافَة متجددة وَلَا بِزَوَال شَيْء عَنهُ لاستلزام الْجَمِيع مفاحش لَا تلِيق بجنابه تَعَالَى عَن ذَلِك علوا كَبِيرا وَكَذَا انكشاف المفارقات لأنفسها ولمبدعها ولغيرها لَيْسَ بِحُصُول الْأَثر وَلَا بِزَوَال الْمَانِع وَكَذَا الانكشاف لأنفسنا ولغيرنا من الْوَاجِب تَعَالَى والممكن والممتنع لَيْسَ إِلَّا على أنحاء شَتَّى وطرق متبائنة فَمن رام تَوْحِيد الْكثير أَو تَكْثِير الْوَاحِد فَقَط خبط خبطا عَظِيما وَبَقِي التفتيش فِي الْعلم الَّذِي هُوَ مورد الْقِسْمَة إِلَى التَّصَوُّر والتصديق فِي فواتح كتب الْمنطق بِأَنَّهُ نَحْو من الانكشاف إِمَّا بِزَوَال أَمر منا أَو بحدوث كَيْفيَّة فِينَا أَو بِحُصُول أثر من الْمَعْلُوم صُورَة أَو شبحا أَو باتحاد الْمَعْلُوم معنى أَو بِحُضُور مثل أَو بِإِضَافَة التفاتية وَالَّذِي يحكم بِهِ الْعقل السَّلِيم والذهن الْمُسْتَقيم هُوَ أَنا تَجِد فِينَا عِنْد إحساس الْأَشْخَاص المتبائنة أمورا صَالِحَة لمعروضية الْكُلية والنوعية والجنسية وَمَا وجدنَا فِي الْخَارِج أمرا يكون شَأْنه هَذَا، ثمَّ لما فتشنا عَن تِلْكَ الْأُمُور علمنَا أَنَّهَا لَيست بِأُمُور عدمية وَإِلَّا لما كَانَت قَابِلَة لابتناء الْعُلُوم عَلَيْهَا وَلَا آثارا متغائرة للأشخاص وَإِلَّا لما تسري أَحْكَامهَا إِلَى الْأَفْرَاد ولأعينها وَإِلَّا لترتب على الْأَشْخَاص مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا وَبِالْعَكْسِ عكسا كليا فَعلمنَا أَن هَا هُنَا أمرا وَاحِدًا مشخصا بتشخصين تشخصا خارجيا وَهُوَ على نَحْو الْكَثْرَة وتشخصا ذهنيا وَهُوَ على نَحْو الْوحدَة والوحدة وَالْكَثْرَة أَمْرَانِ زائدان عَلَيْهِ عارضان لَهُ حسب اقْتِضَاء ظرف التحقق وَهَذَا هُوَ قَول من قَالَ إِن الماهيات فِي الْخَارِج أَعْيَان وَفِي الأذهان صور.
ثمَّ إِن الْعُقَلَاء اخْتلفُوا فِي أَن الْعلم بديهي أَو كسبي والذاهبون إِلَى كسبيته اخْتلفُوا فِي أَن كَسبه متعسر أَو متيسر وَإِلَى كل ذهب ذَاهِب، فَذهب الإِمَام الْغَزالِيّ رَحمَه الله تَعَالَى إِلَى أَنه لَيْسَ بضروري بل هُوَ نَظَرِي وَلَكِن تحديده متعسر وَطَرِيق مَعْرفَته الْقِسْمَة والمثال أما الأول فَهُوَ أَن يُمَيّز عَمَّا يلتبس من الاعتقادات كَمَا تَقول الِاعْتِقَاد إِمَّا جازم أَو غير جازم والجازم إِمَّا مُطَابق أَو غير مُطَابق والمطابق إِمَّا ثَابت أَو غير ثَابت فقد حصل عَن الْقِسْمَة اعْتِقَاد جازم مُطَابق ثَابت وَهُوَ الْعلم بِمَعْنى الْيَقِين فقد تميز عَن الظَّن بِالْجَزْمِ وَعَن الْجَهْل الْمركب بالمطابقة وَعَن التَّقْلِيد الْمُصِيب الْجَازِم بالثابت الَّذِي لَا يَزُول بالتشكيك وَأما الثَّانِي فَكَأَن تَقول الْعلم إِدْرَاك البصيرة المشابه لإدراك الباصرة أَو كاعتقادنا أَن الْوَاحِد نصف الِاثْنَيْنِ وَقيل هَذَا بعيد فَإِنَّهُمَا إِن أفادا تميز أصلحا مُعَرفا وَإِلَّا لم يحصل بهما معرفَة لماهية الْعلم لِأَن مُحَصل الْمعرفَة لشَيْء لَا بُد وَأَن يُقيد تميزه عَن غَيره لِامْتِنَاع حُصُول مَعْرفَته بِدُونِ تميزه عَن غَيره.
وَلَا يخفى مَا فِيهِ لِأَن الْكَلَام فِي تعسر مَعْرفَته بالكنه. فِي العضدي قَالَ الإِمَام الْعلم ضَرُورِيّ لِأَن غير الْعلم لَا يعلم إِلَّا بِالْعلمِ فَلَو علم الْعلم بِغَيْرِهِ لزم الدّور لكنه مَعْلُوم فَيكون لَا بِالْغَيْر وَهُوَ ضَرُورِيّ. وَالْجَوَاب بعد تَسْلِيم كَونه مَعْلُوما إِن تصور غير الْعلم إِنَّمَا يتَوَقَّف على حُصُول الْعلم بِغَيْرِهِ أَعنِي علما جزئيا مُتَعَلقا بذلك الْغَيْر لَا على تصور حَقِيقَة الْعلم بِالْغَيْر أَعنِي علما جزئيا مُتَعَلقا بذلك الْغَيْر وَالَّذِي يُرَاد حُصُوله بِالْغَيْر إِنَّمَا هُوَ تصور حَقِيقَة الْعلم لَا حُصُول جزئي مِنْهُ فَلَا دور للِاخْتِلَاف انْتهى.
وَالْحَاصِل أَن الإِمَام الْغَزالِيّ اسْتدلَّ على مَا ادَّعَاهُ بِأَن الْعلم لَو كَانَ كسبيا مكتسبا من غَيره لدار لِأَن غَيره إِنَّمَا يعلم بِهِ. وخلاصة الْجَواب أَن غير الْعلم إِنَّمَا يعلم بِعلم خَاص مُتَعَلق بِهِ لَا بتصور حَقِيقَة الْعلم وَالْمَقْصُود تصور حَقِيقَته بِغَيْرِهِ فَلَا دور فَافْهَم. وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد قدس سره فِي شرح المواقف وَاعْلَم أَن الْغَزالِيّ صرح فِي الْمُسْتَصْفى بِأَنَّهُ يعسر تَحْدِيد الْعلم بِعِبَارَة محررة جَامِعَة للْجِنْس والفصل الذاتيين فَإِن ذَلِك متعسر فِي أَكثر الْأَشْيَاء بل فِي أَكثر المدركات الحسية فَكيف لَا يعسر فِي الإدراكات الْخفية.
ثمَّ قَالَ إِن التَّقْسِيم الْمَذْكُور يقطع الْعلم عَن مظان الِاشْتِبَاه والتمثيل بِإِدْرَاك الباصرة بفهمك حَقِيقَة فَظهر أَنه إِنَّمَا قَالَ بعسر التَّحْدِيد الْحَقِيقِيّ دون التَّعْرِيف مُطلقًا وَهَذَا كَلَام مُحَقّق لَا بعد فِيهِ لكنه جَار فِي غير الْعلم كَمَا اعْترف بِهِ انْتهى - وَذهب الإِمَام الرَّازِيّ رَحمَه الله تَعَالَى إِلَى أَنه بديهي لضَرُورَة أَن كل أحد يعلم بِوُجُودِهِ وَهَذَا علم خَاص بديهي وبداهة الْخَاص يسْتَلْزم بداهة الْعَام - وَفِيه نظر من وَجْهَيْن: أَحدهَا أَن الضَّرُورِيّ إِنَّمَا هُوَ حُصُول علم جزئي بِوُجُودِهِ وَهَذَا الْحُصُول لَيْسَ تصور ذَلِك الجزئي وَغير مُسْتَلْزم لَهُ فَلَا يلْزم تصور الْمُطلق أصلا فضلا عَن أَن يكون ضَرُورِيًّا، وتوضيحه أَن بَين حُصُول الشَّيْء وتصوره فرقا بَينا فَإِن ارتسام مَاهِيَّة الْعلم فِي النَّفس الناطقة بِنَفسِهَا فِي ضمن الجزئيات حُصُول تِلْكَ الْمَاهِيّة لَا تصورها كحصول الشجَاعَة للنَّفس الْمُوجب لاتصافها بهَا من غير أَن تتصورها وارتسام مَاهِيَّة الْعلم فِي النَّفس بِصُورَة تِلْكَ الْمَاهِيّة ومثالها يُوجب تصورها لَا حُصُولهَا كتصور الشجَاعَة الَّذِي لَا يُوجب اتصاف النَّفس بالشجاعة.
ومحصول التَّوْضِيح أَن الْفرق بَين حُصُول الْعلم نَفسه لِلْعَقْلِ وَبَين تصَوره بَين فَإِن الأول منَاط الاتصاف بِنَفس الْعلم دون العالمية بِالْعلمِ وَالثَّانِي منَاط العالمية بِالْعلمِ فَإِن حُصُول الشجَاعَة نَفسهَا مُوجب للاتصاف بهَا لَا لتصورها وَالْعلم بهَا وتصورها يُوجب العالمية بهَا لَا لحصولها والاتصاف بهَا نعم كم من شُجَاع لَا يعلم أَن الشجَاعَة مَا هِيَ وَهُوَ شُجَاع وَكم من جبان يعلم مَاهِيَّة الشجَاعَة وَهُوَ جبان وَثَانِيهمَا وُرُود المنعين الْمَشْهُورين من منع كَون الْعَام ذاتيا وَكَون الْخَاص مدْركا بالكنه.
وَحَاصِله أَن ذَلِك الاستلزام مَوْقُوف على أَمريْن أَحدهمَا كَون الْعلم ذاتيا للخاص وَلَا نسلم أَن يكون الْعلم الْمُطلق ذاتيا للْعلم الْخَاص وَثَانِيهمَا كَون الْخَاص متصورا بالكنه وَلَا نسلم أَن يكون الْعلم الْخَاص بديهيا متصورا بالكنه لم لَا يجوز أَن يكون متصورا بِالْوَجْهِ قيل إِن الْخَاص هَا هُنَا مُقَيّد والعالم مُطلق وبداهة الْمُقَيد تَسْتَلْزِم بداهة الْمُطلق لِأَنَّهُ جُزْء خارجي لمَفْهُوم الْمُقَيد فتصوره بِدُونِهِ مِمَّا لَا يتَصَوَّر وَأجِيب بِأَن منشأ هَذَا السُّؤَال عدم الْفرق بَين الْفَرد والحصة وللعلم أفرلد حصصية والفرد هُوَ الطبيعة الْمَأْخُوذَة مَعَ الْقَيْد بِأَن يكون كل من الْقَيْد وَالتَّقْيِيد دَاخِلا كزيد وَعَمْرو للْإنْسَان والحصة هِيَ الطبيعة المنضافة إِلَى الْقَيْد بِأَن يكون التَّقْيِيد من حَيْثُ هُوَ تَقْيِيد دَاخِلا والقيد خَارِجا كوجود زيد وَوُجُود عَمْرو وَعلم زيد وَعلم عَمْرو. وَلَا يخفى على الناظرين أَن هَذَا إِنَّمَا يتم إِذا كَانَ المُرَاد بِالْعلمِ الْمَعْنى المصدري وَأما إِذا كَانَ المُرَاد بِهِ مَا بِهِ الانكشاف فَلَا يتم وَأَنت تعلم أَن الْمَعْنى المصدري خَارج عَن مَحل النزاع والنزاع حِين إِرَادَة الْمَعْنى المصدري يكون لفظيا كالنزاع فِي الْوُجُود فَإِن من قَالَ بكسبيته يُرِيد مَا بِهِ الانكشاف وَيَدعِي بكسبيته لَا الْمَعْنى المصدري.
وَالْحَاصِل أَنه لَا شكّ فِي بداهة الْعلم الَّذِي يعبر عَنهُ بِالْفَارِسِيَّةِ بدانستن لِأَنَّهُ معنى انتزاعي لَا يتخصص إِلَّا بإضافات وتخصيصات فحقيقته لَيست إِلَّا مفهومة وحقائق أَفْرَاده لَيست إِلَّا مفهوماتها كَيفَ وَلَو كَانَت مفهوماتها عارضة لحقائقها لكَانَتْ مَحْمُولَة عَلَيْهَا بالاشتقاق وَهُوَ يسْتَلْزم كَون الْعلم عَالما وَالْعلم الْخَاص بديهي وَالْعَام جُزْء مِنْهُ وبداهة الْخَاص تَسْتَلْزِم بداهة الْعَام والمنعان الْمَذْكُورَان حِينَئِذٍ مُكَابَرَة لَا تسمع لَكِن هَذَا الْمَعْنى خَارج عَن مَحل النزاع كَمَا علمت وَإِن أُرِيد أَن الْعلم بِمَعْنى مبدأ الانكشاف بديهي بِالدَّلِيلِ الْمَذْكُور فَلَا يَخْلُو عَن صعوبة لوُرُود المنعين المذكورية بِلَا مُكَابَرَة فَإِن قلت لَو كَانَ الْعلم بديهيا لما اشْتغل الْعُقَلَاء بتعريفه قلت إِنَّمَا عرف الْعلم من ذهب إِلَى كسبيته لَا إِلَى بداهته فاشتغالهم بتعريفه لَا يدل عى كسبيته بِحَسب الْوَاقِع بل بِحَسب الِاعْتِقَاد. نعم يرد أَنا لَو سلمنَا أَن الذَّاهِب إِلَى كسبيته عرفه بِحَسب اعْتِقَاده لَكِن تَعْرِيفه لدلالته على حُصُوله بِالْكَسْبِ يُنَافِي البداهة لِأَن البديهي مَا لم يُمكن حُصُوله بِالْكَسْبِ لايحصل بِغَيْر الْكسْب وَلَا أَن يُقَال إِن الْمَعْنى الْمَذْكُور للبديهي مَمْنُوع كَيفَ وَلَو كَانَ تَعْرِيف البديهي مَا ذكر للَزِمَ بطلَان البداهة فِي عدَّة من الْأُمُور الَّتِي بداهتها قَطْعِيَّة بالِاتِّفَاقِ وَقيل الْجَواب بِأَن الْكَلَام فِي كنه الْعلم فَإِذا فرض أَنه ضَرُورِيّ لَا يلْزم على صِحَّته امْتنَاع تَعْرِيفه بالرسم لجَوَاز أَن يكون كنه شَيْء ضَرُورِيًّا دون اسْمه وَبَعض وجوهه فَلم لَا يكون تَعْرِيف الْعُقَلَاء تعريفا رسميا للْعلم لَيْسَ بصواب لِأَن تَعْرِيف الشَّيْء بالرسم بعد تصَوره بالكنه مُمْتَنع إِذْ بعد تصَوره بالكنه إِذا قصد تَعْرِيفه بِالْوَجْهِ يكون التَّعْرِيف لذَلِك الْوَجْه الْمَجْهُول لَا لذَلِك الشَّيْء.
وَلَا يخفى على من لَهُ نظر ثاقب أَن بَين علم الشَّيْء بِالْوَجْهِ وَالْعلم بِوَجْه ذَلِك الشَّيْء فرق بَين فَإِن الْوَجْه فِي الأول مُتَصَوّر تبعا وبالعرض ومرآة وَآلَة لتصور ذَلِك الشَّيْء الَّذِي قصد تصَوره بذلك الْوَجْه وَفِي الثَّانِي أَولا وبالذات من غير أَن يكون تصَوره آلَة لتصور غَيره ومرآة لَهُ فَإِن قلت إِن الْعلم من صِفَات النَّفس وَعلمهَا بِنَفسِهَا وصفاتها حضوري وَهُوَ لَا يَتَّصِف بالبداهة والكسبية قلت إِن المُرَاد بِالصِّفَاتِ الصِّفَات الانضمامية أَي الصِّفَات العينية الخارجية الْغَيْر المنتزعة وَالْكَلَام فِي الْعلم الْمُطلق وَهُوَ لَيْسَ من الصِّفَات الانضمامية وَبعد تَسْلِيمه عدم اتصاف الحضوري بالبداهة مَمْنُوع - اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يخترع اصْطِلَاح آخر وَلَا مشاحة فِي الِاصْطِلَاح، وَفِي بعض شُرُوح سلم الْعُلُوم وَالْحق أَن الْعلم نور قَائِم بِذَاتِهِ وَاجِب لذاته وَلَيْسَ تَحت شَيْء من المقولات فَإِن الْعلم إِنَّمَا حَقِيقَته مبدأ انكشاف الْأَشْيَاء وظهورها بِأَن يكون هُوَ بِنَفسِهِ مظْهرا ومصداقا لحمله والممكن لما كَانَ فِي ذَاته فِي بقْعَة الْقُوَّة وحيز الليسية كَانَ فِي ذَاته أمرا ظلمانيا لَا ظَاهرا وَلَا مظْهرا فَلَا يكون علما وَلَا فِي حد ذَاته عَالما فَكَمَا أَن قوامه ووجوده إِنَّمَا هُوَ بِالْعرضِ من تِلْقَاء إفَاضَة الْجَاعِل الْحق كَذَلِك عالميته إِنَّمَا هِيَ بِالْعرضِ من تِلْقَاء إفَاضَة الْعَالم الْحق فمصداق حمل الْوُجُود وَالْعلم على الْوَاجِب نفس ذَاته وعَلى الْمُمكن هُوَ من حَيْثُ استناده إِلَى الله تَعَالَى فَكَمَا أَن وجود الْمُمكن هُوَ وجود الْوَاجِب كَذَلِك علمه هُوَ علم الْوَاجِب تَعَالَى بل الْعلم هُوَ الْوُجُود بِشَرْط كَونه مُجَردا فَالْوَاجِب سُبْحَانَهُ يَجْعَل الْعقل أمرا نورانيا ينْكَشف الْأَشْيَاء عِنْد قِيَامهَا بهَا وَلَيْسَ الْعلم أمرا زَائِدا على وجودهَا الْخَاص الْمُجَرّد وَلذَا تدْرك ذَاتهَا بذاتها. نعم قد يفْتَقر إِلَى أَن يكون وجود الْمَعْلُوم لَهُ حَتَّى ينْكَشف عِنْده إِذا كَانَ هُوَ غير ذَاته وَصِفَاته وَذَلِكَ بإعلام الْمعلم وبإفاضة وجوده لَهُ فالعلم وَإِن كَانَ أظهر الْأَشْيَاء وأبينها وأوضحها لَكِن يمْتَنع تصَوره بالكنه وَنسبَة الْعُقُول إِلَيْهِ كنسبة الخدش إِلَى الشَّمْس وَنسبَة الْقَمَر إِلَيْهَا وَلذَا قَالَ المُصَنّف أَي مُصَنف السّلم فِيهِ أَن الْعلم من أجلى البديهيات وَإِنَّمَا اختفاء جَوْهَر ذَاته لشدَّة وضوحها كَمَا أَن من المحسوسات مَا يبلغ فِيهِ بذلك الْحَد حَتَّى يمْنَع عَن تَمام الْإِدْرَاك كَالْعلمِ فَإِنَّهُ مبدأ ظُهُور الْأَشْيَاء فَيجب أَن يكون ظَاهرا فِي نَفسه لَيْسَ فِيهِ شَرّ الظلمَة - وَلِهَذَا يفْتَقر إِلَى التَّشْبِيه لإِزَالَة خفائه وَأَنه لَيْسَ خفِيا فِي نَفسه بل لِأَن عقولنا أعجز عَن اكتناهه فَهَذَا التَّشْبِيه يشبه الْإِنَاء الَّذِي فِيهِ مَاء وضع لرؤية تِمْثَال الشَّمْس انْتهى.
والذاهبون إِلَى كسبية الْعلم وَأَن كَسبه متيسر اخْتلفُوا فِي تَعْرِيفه، وَالْمُخْتَار عِنْد الْمُتَكَلِّمين أَنه صفة توجب تميز شَيْء لَا يحْتَمل ذَلِك الشَّيْء نقيض ذَلِك التميز وهم لَا يطلقون الْعلم إِلَّا على الْيَقِين كَمَا ستعرف، وَعلم الْوَاجِب عِنْد الْمُتَكَلِّمين صفة أزلية تنكشف المعلومات عِنْد تعلقهَا بهَا وتعلقات علمه تَعَالَى على نَوْعَيْنِ كَمَا فصلنا فِي تعلقات علم الْوَاجِب تَعَالَى.
وَالْعلم عِنْد الْحُكَمَاء يتَنَاوَل الْيَقِين وَالشَّكّ وَالوهم والتقليد وَالْجهل، وَالْعلم الْمُطلق عِنْدهم أَي سَوَاء كَانَ حضوريا أَو حصوليا مُطلق الصُّورَة الْحَاضِرَة عِنْد الْمدْرك سَوَاء كَانَت نفس الْمَعْلُوم كَمَا فِي الحضوري أَو غَيره وَلَو بِالِاعْتِبَارِ كَمَا فِي الحصولي، وَسَوَاء كَانَت مُطَابقَة لما قصد تصَوره كَمَا فِي الْيَقِين أَولا كَمَا فِي الْجَهْل، وَسَوَاء احتملت الزَّوَال كَمَا فِي التَّقْلِيد وَالظَّن وَالشَّكّ وَالوهم أَولا كَمَا فِي الْيَقِين، وَسَوَاء كَانَت مرْآة لملاحظة مَا قصد تصَوره كَمَا فِي الْعلم بالكنه أَو بِالْوَجْهِ أَولا كَمَا فِي الْعلم بكنه الشَّيْء وَالْعلم بِوَجْه الشَّيْء وَالْمرَاد بالصورة الْمَاهِيّة فَإِنَّهَا بِاعْتِبَار الحضوري العلمي تسمى صُورَة وَبِاعْتِبَار الْوُجُود الْخَارِجِي عينا. وَيعلم من هَذَا التَّعْرِيف عدَّة أُمُور أَحدهَا أَن الْعلم أَمر وجودي لَا عدمي لِأَن الضَّرُورَة تشهد بِأَن وَقت الانكشاف يحصل شَيْء من شَيْء لَا أَنه يَزُول مِنْهُ لكنه لم يقم عَلَيْهِ برهَان قَاطع وَثَانِيها أَنه شَامِل للحضوري والحصولي ولعلم الْوَاجِب والممكن والكليات والجزئيات فِي الْآلَات أَو فِي نفس النَّفس وَثَالِثهَا أَنه شَامِل للمذهبين فِي الجزئيات، أَحدهمَا، أَن مدركها هُوَ النَّفس وَثَانِيهمَا أَن مدركها هُوَ الْحَواس وَرَابِعهَا أَنه شَامِل لمذهبي ارتسام صور الجزئيات المادية فِي الْآلَات أَو فِي نفس النَّفس لِأَن الْمدْرك يتَنَاوَل الْمُجَرّد وَالنَّفس والحواس وَكلمَة عِنْد لعِنْد ولفي والحضور والحصول كالمترادفين.
وَالتَّحْقِيق أَن الْمدْرك لجَمِيع الْأَشْيَاء النَّفس الناطقة سَوَاء كَانَ ارتسام الصُّور فِيهَا أَو فِي غَيرهَا وَسَيَأْتِي لَك تَفْصِيل الْمذَاهب. وَالْأَحْسَن فِي التَّعْمِيم أَن نقُول سَوَاء كَانَت تِلْكَ الصُّورَة الْحَاضِرَة عِنْد الْمدْرك عين الصُّورَة الخارجية كَمَا فِي الْعلم الحضوري أَو غَيرهَا كَمَا فِي الحصولي. وَسَوَاء كَانَت عين الْمدْرك بِالْفَتْح كَمَا فِي علم الْبَارِي تَعَالَى نَفسه أَو غَيره كَمَا فِي علمه بسلسلة الممكنات، وَسَوَاء كَانَت فِي نفس النَّفس كَمَا فِي علمهَا بالكليات أَو فِي الْآلَات كَمَا فِي علمهَا بالجزئيات، وَسَوَاء كَانَت مرْآة أَو لَا فَإِن كَانَت مرْآة فالمرآة والمرئي إِن كَانَا متحدين بِالذَّاتِ ومتغائرين بِالِاعْتِبَارِ. فَعلم الشَّيْء بالكنه وَإِن كَانَا بِالْعَكْسِ فَعلم الشَّيْء بِالْوَجْهِ، وَإِن لم يكن مرْآة فالعلم بكنه الشَّيْء إِن كَانَ الْحَاصِل كنهه وَالْعلم بِوَجْه الشَّيْء إِن كَانَ الْحَاصِل وَجهه، وَالْعلم الْحَقِيقِيّ إِنَّمَا هُوَ علم الشَّيْء بالكنه لَا بِالْوَجْهِ لِأَن الْحَاصِل فِيهِ حَقِيقَة هُوَ الْوَجْه لَا الشَّيْء وَلَا تلْتَفت النَّفس إِلَى الشَّيْء فِي الْعلم بكنه الشَّيْء وَوَجهه كَمَا لَا يخفى.
وَيعلم من هَذَا الْبَيَان أَن الْعلم الْمُطلق الْمَذْكُور على نَوْعَيْنِ النَّوْع الأول الْعلم الحضوري وَهُوَ أَن يكون الصُّورَة العلمية فِيهِ عين الصُّورَة الخارجية فَيكون الْمَعْلُوم فِيهِ بِعَيْنِه وذاته حَاضرا عِنْد الْمدْرك لَا بصورته ومثاله كَمَا فِي علم الْإِنْسَان بِذَاتِهِ وَصِفَاته كالصور الذهنية الْقَائِمَة بِالنَّفسِ فَإِن الْعلم بهَا إِنَّمَا هُوَ بِحُضُور ذواتها عِنْد الْمدْرك لَا بِحُصُول صورها عِنْده فَإِن النَّفس فِي إِدْرَاك الصُّور الذهنية لَا تحْتَاج إِلَى صُورَة أُخْرَى منتزعة من الأولى.
وَهَا هُنَا اعْتِرَاض مَشْهُور هُوَ أَن نفس الْعلم الحصولي علم حضوري مَعَ أَنه لَيْسَ عين الصُّورَة الخارجية وَالْحق أَن نفس الْعلم الحصولي من الموجودات الخارجية كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْعلم الحضوري فَلَا تلْتَفت إِلَى مَا أُجِيب بِأَن المُرَاد بالصورة الخارجية أَعم من الْخَارِجِي وَمِمَّا يحذو حَذْو الْوُجُود الْخَارِجِي أَي للوجود الْخَارِجِي وَلما هُوَ مماثل لَهُ جَار مجْرَاه فِي ترَتّب الْآثَار الخارجية وَلَكِن يُمكن المناقشة بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يلْزم الِاتِّحَاد بَين الحضوري والحصولي مَعَ أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ بِالذَّاتِ لِأَن الْعلم الحصولي حَقِيقَة نوعية محصلة عِنْدهم ذاتي لما تَحْتَهُ ومغائر للحضوري مُغَايرَة نوعية فَإِذا تعلق الْعلم بِالْعلمِ الحصولي يكون ذَلِك الْعلم عين الحضوري فَيلْزم الِاتِّحَاد بَينهمَا وَالنَّوْع الثَّانِي الْعلم الحصولي وَهُوَ الَّذِي لَا يكون إِلَّا بِحُصُول صُورَة الْمَعْلُوم فَتكون الصُّورَة العلمية فِيهِ غير الصُّورَة الخارجية وَيُقَال لَهُ الانطباعي أَيْضا كَمَا فِي إِدْرَاك الْأَشْيَاء الخارجية عَن الْمدْرك أَي الْأَشْيَاء الَّتِي لَا تكون عينه وَلَا قَائِمَة بِهِ.
ثمَّ إِنَّهُم اخْتلفُوا فِي أَن الْعلم الحصولي، إِمَّا صُورَة الْمَعْلُوم الْمَوْجُودَة فِي الذِّهْن المكيفة بالعوارض الذهنية، وَإِمَّا قبُول الذِّهْن بِتِلْكَ الصُّورَة أَو إِضَافَة مَخْصُوصَة بَين الْعَالم والمعلوم فَإِن انكشاف الْأَشْيَاء عِنْد الذِّهْن فِي الْعلم الحصولي لَيْسَ قبل حُصُول صورها فِيهِ عِنْد الْحُكَمَاء الْقَائِلين بالوجود الذهْنِي فهناك أُمُور ثَلَاثَة الصُّورَة الْحَاصِلَة وَقبُول الذِّهْن بهَا من المبدأ الْفَيَّاض وَإِضَافَة مَخْصُوصَة بَين الْعَالم والمعلوم. فَذهب بَعضهم إِلَى أَن الْعلم الحصولي هُوَ الأول وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره أَن هَذَا هُوَ الْمَذْهَب الْمَنْصُور. وَوجه بِأَن الْعلم يُوصف بالمطابقة وَعدمهَا وَإِنَّمَا الْمَوْصُوف بهما الصُّورَة، وَفِي شرح الإشارات أَن من الصُّورَة مَا هِيَ مُطَابقَة للْخَارِج وَهِي الْعلم - وَمَا هِيَ غير مُطَابقَة وَهِي الْجَهْل فالسيد السَّنَد قدس سره يَجْعَل الْعلم من مقولة الكيف وينحصر الاتصاف بالمطابقة وَعدمهَا فِي الصُّورَة الَّتِي من مقولة الكيف وينكر ذَلِك الاتصاف فِي الانفعال وَالنِّسْبَة.
وَأَنت تعلم أَن عدم جَرَيَان الْمُطَابقَة فيهمَا مَمْنُوع لجَوَاز جريانها بِاعْتِبَار الْوُجُود النَّفس الأمري أَو الْخَارِجِي بِاعْتِبَار مبدأ الانتزاع وَلَو وَجه بِأَن الصِّفَات الَّتِي يَتَّصِف بهَا الْعلم مثل البداهة والنظرية والاكتساب من الْحَد والبرهان والانقسام إِلَى التَّصَوُّر والتصديق إِنَّمَا ينطبق على الصُّورَة الْحَاصِلَة لَا على الْإِضَافَة والارتسام لَكَانَ أسلم وَبَعْضهمْ إِلَى أَنه هُوَ الثَّانِي فَيكون من مقولة الانفعال وَبَعْضهمْ إِلَى أَنه هُوَ الثَّالِث فَيكون من مقولة الْإِضَافَة، وَأما إِنَّه نفس حُصُول الصُّورَة فِي الذِّهْن فَلم يقل بِهِ أحد لِأَن الْعلم بِمَعْنى الْحُصُول معنى مصدري لَا يكون كاسبا وَلَا مكتسبا لِأَنَّهُ لايكون آلَة وعنوانا لملاحظة الْغَيْر كَمَا مر.
وَلِهَذَا قَالُوا إِن من عرف الْعلم بِحُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل تسَامح فِي الْعبارَة بِقَرِينَة أَنه قَائِل بِأَنَّهُ من مقولة الكيف فَعلم أَنه أَرَادَ الصُّورَة الْحَاصِلَة بِجعْل الْحُصُول بِمَعْنى الْحَاصِل وَالْإِضَافَة من قبيل جرد قطيفة لكنه قدم ذكر الْحُصُول تَنْبِيها على أَن الْعلم مَعَ كَونه صفة حَقِيقِيَّة يسْتَلْزم إِضَافَة إِلَى مَحَله بالحصول لَهُ، وَالْحَاصِل أَن الصُّورَة من حَيْثُ هِيَ هِيَ لما لم تكن علما بل إِنَّمَا الْعلم هُوَ الصُّورَة بِصفة حُصُولهَا فِي الذِّهْن حمل حُصُولهَا على الْعلم مُبَالغَة تَنْبِيها على أَن مدَار كَونهَا علما هُوَ الْحُصُول نعم لَو أخر ذكر الْحُصُول وَقَالَ هُوَ الصُّورَة الْحَاصِلَة لحصل ذَلِك التَّنْبِيه لَكِن لَا فِي أول الْأَمر وَلَا يخفى أَن تَعْرِيفه بِحُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل مَعَ ذَلِك التسامح لَيْسَ بِجَامِع لِأَن الْمُتَبَادر من صُورَة الشَّيْء الصُّورَة الْمُطَابقَة وَلَا يَشْمَل الجهليات المركبة وَهِي الِاعْتِقَاد على خلاف مَا عَلَيْهِ الشَّيْء مَعَ الِاعْتِقَاد بِأَنَّهُ حق وَلِأَنَّهُ يخرج عَنهُ الْعلم بالجزئيات المادية عِنْد من يَقُول بارتسام صورها فِي القوى أَو الْآلَات دون نفس النَّفس.
وَالْعلم فِي فواتح كتب الْمنطق المنقسم إِلَى التَّصَوُّر والتصديق هُوَ الْعلم الحصولي لِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَن يكون لَهُ دخل فِي الاكتسابات التصورية والتصديقية واختصاص بهَا وَإِنَّمَا هُوَ الْعلم الحصولي وَلذَا قَالَ الْعَلامَة الرَّازِيّ فِي الرسَالَة المعمولة فِي التَّصَوُّر والتصديق أَن الْعلم الَّذِي هُوَ مورد الْقِسْمَة إِلَى التَّصَوُّر والتصديق هُوَ الْعلم المتجدد وَالْمرَاد بالمتجدد علم يتَحَقَّق كل فَرد مِنْهُ بعد تحقق الْمَوْصُوف بعدية زمانية وَهُوَ لَيْسَ إِلَّا الْعلم الحصولي، والحضوري وَإِن كَانَ بعض أَفْرَاده كَالْعلمِ الْمُتَعَلّق بالصورة العلمية متحققا بعد تحقق الْمَوْصُوف لَكِن جَمِيع أَفْرَاده لَيْسَ كَذَلِك فَإِن علم المجردات بذواتها وصفاتها حضوري وَهِي علل لعلومها وَلَا تنفك علومها عَنْهَا فَلَيْسَ بَين علومها ومعلوماتها بعدية زمانية وتعريفه الأشمل للجهليات وللمذهبين فِي الْعلم بالأشياء والأسلم عَن ارْتِكَاب الْمجَاز الصُّورَة الْحَاصِلَة من الشَّيْء عِنْد الْعقل.
وَإِن أردْت توضيح هَذَا التَّعْرِيف وتحقيقه وتنقيحه ودرجة كَونه أشمل وَأسلم من تَعْرِيفه بِأَنَّهُ حُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل مَعَ أَن فِي هَذَا التَّعْرِيف ارْتِكَاب إِضَافَة الصّفة إِلَى الْمَوْصُوف كَمَا مر بِخِلَاف التَّعْرِيف الْمَذْكُور فاستمع لما يَقُول هَذَا الْغَرِيب الْقَلِيل البضاعة أَن المُرَاد بالصورة إِمَّا نفس مَاهِيَّة الْمَعْلُوم أَي الْمَوْجُود الذهْنِي الَّذِي لَا تترتب عَلَيْهِ الْآثَار الخارجية فَإِن الْمَاهِيّة بِاعْتِبَار الْحُضُور العلمي تسمى صُورَة وَبِاعْتِبَار الْوُجُود الْعَيْنِيّ أَي الْخَارِجِي تسمى عينا أَو المُرَاد بهَا ظلّ الْمَعْلُوم وشبحه الْمُخَالف لَهُ بِالْحَقِيقَةِ على اخْتِلَاف فِي الْعلم بالأشياء.
فَإِن الْمُحَقِّقين على أَن الْعلم بالأشياء بِأَعْيَانِهَا وَغَيرهم على أَنه بإظلالها وأشباحها الْمُخَالفَة لَهَا بالحقائق وعَلى الأول مَا هُوَ الْحَاصِل فِي الْعقل علم من حَيْثُ قِيَامه بِهِ وَمَعْلُوم بِالنّظرِ إِلَى ذَاته وعَلى الثَّانِي صُورَة الشَّيْء وظله علم وَذُو الصُّورَة مَعْلُوم وَمعنى علم الْأَشْيَاء بِأَعْيَانِهَا أَن مَا فِي الذِّهْن لَو وجد فِي الْخَارِج متشخصا بتشخص زيد مثلا لَكَانَ عين زيد وبتشخص عَمْرو لَكَانَ عين عَمْرو. وَالْحَاصِل من الْحَاصِل فِي الذِّهْن نفس الْمَاهِيّة بِحَيْثُ إِذا وجد فِي الْخَارِج كَانَ عين الْعين وَبِالْعَكْسِ لَكِن هَذَا وجود ظِلِّي وَفِي الْخَارِج وجود أُصَلِّي وللكل أَحْكَام على حِدة وَلَا أَن مَا فِي الْخَارِج مَوْجُود فِي الذِّهْن بِعَيْنِه حَتَّى يلْزم كَون الْوَاحِد بالشخص سَوَاء كَانَ جوهرا أَو عرضا فِي مكانين فِي آن وَاحِد وَهُوَ محَال.
والوجود العلمي يُسمى وجودا ذهنيا وظليا وَغير أصيل أما تَسْمِيَته بالوجود الظلي على الْمَذْهَب الثَّانِي فَظَاهر، وَأما على الْمَذْهَب الأول فَلِأَن مُرَادهم أَنه وجود كوجود الظل فِي انْتِفَاء الْآثَار الخارجية المختصة بالوجود الْخَارِجِي كَمَا أَن الْوُجُود فِي مَا وَرَاء الذِّهْن يُسمى وجودا عينيا وأصيليا وخارجيا. فَإِن قيل إِن الْعلم بالأشياء بِأَعْيَانِهَا مُمْتَنع فَإِنَّهُ يسْتَلْزم كَون الذِّهْن حارا بَارِدًا مُسْتَقِيمًا معوجا عِنْد تصور الْحَرَارَة والبرودة والاستقامة والاعوجاج لِأَنَّهُ إِذا تصورت الْحَرَارَة تكون الْحَرَارَة حَاصِلَة فِي الذِّهْن وَلَا معنى للحار إِلَّا مَا قَامَت بِهِ الْحَرَارَة وَقس عَلَيْهِ الْبُرُودَة وَغَيرهَا وَهَذِه الصِّفَات منفية عَن الذِّهْن بِالضَّرُورَةِ وَأَيْضًا إِن حُصُول حَقِيقَة الْجَبَل وَالسَّمَاء مَعَ عظمها فِي الذِّهْن مِمَّا لَا يعقل قُلْنَا الْحَاصِل فِي الذِّهْن صُورَة وماهية مَوْجُودَة بِوُجُود ظِلِّي لَا بهوية عَيْنِيَّة مَوْجُودَة بِوُجُود أصيل والحار مَا تقوم بِهِ هوية الْحَرَارَة أَي ماهيتها الْمَوْجُودَة بِوُجُود عَيْني لَا مَا تقوم بِهِ الْحَرَارَة الْمَوْجُودَة بِوُجُود ظِلِّي فَلَا يلْزم اتصاف الذِّهْن بِتِلْكَ الصِّفَات المنفية عَنهُ والممتنع فِي الذِّهْن حُصُول هوية الْجَبَل وَالسَّمَاء وَغَيرهمَا من الْأَشْيَاء فَإِن ماهياتها مَوْجُودَة بِوُجُود خارجي يمْتَنع أَن يحصل فِي أذهاننا وَأما مفهوماتها الْكُلية وماهياتها الْمَوْجُودَة بالوجودات الظلية فَلَا يمْتَنع حُصُولهَا فِي الذِّهْن إِذْ لَيست مَوْصُوفَة بِصِفَات تِلْكَ الهويات لَكِن تِلْكَ الماهيات بِحَيْثُ لَو وجدت فِي الْخَارِج متشخصة بتشخص جبل الطّور وسماء الْقَمَر مثلا لكَانَتْ بِعَينهَا جبل طور وسماء قمر وَلَا نعني بِعلم الْأَشْيَاء بِأَعْيَانِهَا إِلَّا هَذَا.
وَالْحَاصِل أَن للموجود فِي الذِّهْن وجودا ظليا وَلذَلِك الْمَوْجُود فِي الْخَارِج وجود أُصَلِّي وَلكُل أَحْكَام على حِدة كَمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ آنِفا وَالْمرَاد بِكَوْن الصُّورَة حَاصِلَة من الشَّيْء أَنَّهَا ناشئة مِنْهُ مُطَابقَة لَهُ أَو لَا بِخِلَاف صُورَة الشَّيْء فَإِن المُرَاد مِنْهَا الصُّورَة الْمُطَابقَة للشَّيْء لِأَن الْمُتَبَادر من إِضَافَة الصُّورَة إِلَى الشَّيْء مطابقتها لَهُ فتعريفه بِحُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل لَا يَشْمَل الجهليات المركبة بِخِلَاف التَّعْرِيف الْمَذْكُور كَمَا عرفت.
ثمَّ ننقل مَا حررنا فِي تعليقاتنا على حَوَاشِي عبد الله اليزدي على تَهْذِيب الْمنطق تَحْقِيقا للمرام وتفصيلا للمقام أَن الْعقل المرادف للنَّفس الناطقة هُوَ جَوْهَر مُجَرّد عَن الْمَادَّة فِي ذَاته لَا فِي فعله وَالْعقل الَّذِي هُوَ مرادف الْملك جَوْهَر مُجَرّد فِي ذَاته وَفِي فعله. وَقد يُطلق على الْقُوَّة المدركة وَالْمرَاد بِهِ هَا هُنَا أما الأول أَو الثَّالِث. فَإِن قيل، على أَي حَال يخرج علم الله الْوَاجِب المتعال لعدم إِطْلَاق الْعقل عَلَيْهِ تَعَالَى، قُلْنَا، المُرَاد بِهِ هَاهُنَا الْمدْرك والمجرد وَقيل الْمَقْصُود تَعْرِيف الْعلم الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ الِاكْتِسَاب أَي مَا يكون كاسبا أَو مكتسبا وَعلمه تَعَالَى لكَونه حضوريا منزه عَن ذَلِك فَلَا بَأْس بِخُرُوجِهِ لعدم دُخُوله فِي الْمُعَرّف فَإِن قيل قواعدهم كُلية عَامَّة وَهَذَا التَّخْصِيص يُنَافِي تَعْمِيم قواعدهم قُلْنَا تَعْمِيم الْقَوَاعِد إِنَّمَا هُوَ بِحَسب الْحَاجة فَهَذَا التَّخْصِيص لَا يُنَافِي التَّعْمِيم الْمَقْصُود وَإِن كَانَ منافيا لمُطلق التَّعْمِيم فَلَا ضير وَقَوْلهمْ عِنْد الْعقل يعم المذهبين دون فِي الْعقل.
وتوضيحه أَن الْمُحَقِّقين اتَّفقُوا على أَن الْمدْرك للكليات والجزئيات المادية وَغَيرهَا هُوَ النَّفس الناطقة، وعَلى أَن نِسْبَة الْإِدْرَاك إِلَى قواها كنسبة الْقطع إِلَى السكين لَا أَن مدرك الكليات هُوَ النَّفس الناطقة ومدرك الجزئيات هُوَ الْآلَات كَمَا ذهب إِلَيْهِ الْمُتَأَخّرُونَ. ثمَّ بعد هَذَا الِاتِّفَاق اتَّفقُوا على أَن صور الكليات والجزئيات الْغَيْر المادية كمحبة عَمْرو وعداوة زيد ترتسم فِي النَّفس الناطقة وَاخْتلفُوا فِي أَن صور الجزئيات المادية ترتسم فِيهَا أَو فِي آلاتها. فَقَالَ بَعضهم إِنَّهَا ترتسم فِي آلاتها دون نَفسهَا لِأَن الصُّور الشخصية الجسمانية منقسمة فَلَو ارتسمت فِي النَّفس الناطقة لانقسمت بانقسامها لِأَن انقسام الْحَال يسْتَلْزم انقسام الْمحل وَهُوَ بَاطِل لِأَن النَّفس الناطقة بسيطة كَمَا تقرر فِي مَوْضِعه، وَيرد عَلَيْهِم أَن تِلْكَ الصُّور المرتسمة فِي الْآلَات عُلُوم بِنَاء على التَّعْرِيف الْمَذْكُور وَأَن الْمدْرك هُوَ الْعقل فَيلْزم أَن لَا يكون مَا قَامَ بِهِ الْعلم عَالما وَأَن يكون مَا لم يقم بِهِ الْعلم عَالما وَكِلَاهُمَا خلف، وَأَيْضًا الْمَانِع من الارتسام فِي النَّفس الناطقة هُوَ الانقسام إِلَى الْأَجْزَاء المتبائنة فِي الْوَضع لَا مُطلق الانقسام وَذَلِكَ من تَوَابِع الْوُجُود الْخَارِجِي وخواصه فَلَا يلْزم الْفساد من ارتسامها وَلَو كَانَت صور الجزئيات الجسمانية على طبق تِلْكَ الجزئيات فِي الانقسام والصغر وَالْكبر لَا متنع ارتسامها فِي الْآلَات أَيْضا كَنِصْف السَّمَاء وَالْجِبَال والأودية وأمثالها. وَقَالَ بَعضهم أَن صور الجزئيات المادية كصورة زيد ترتسم فِي النَّفس الناطقة وَهِي مدركة للأشياء كلهَا إِلَّا أَن إِدْرَاكهَا للجزئيات المادية أَي الجسمانية بِوَاسِطَة الْآلَات لَا بذاتها وَذَلِكَ لَا يُنَافِي ارتسام الصُّور فِيهَا، ودليلهم الوجدان الْعَام بِأَنا إِذا رَجعْنَا إِلَى الوجدان علمنَا أَن لأنفسنا عِنْد إِدْرَاكهَا للجزئيات المادية حَالَة إدراكية انكشافية لم تكن حَاصِلَة قبل ذَلِك الْإِدْرَاك. فَإِن قيل إِن معنى عِنْد هُوَ الْمَكَان الْقَرِيب من الشَّيْء فَكيف يتَنَاوَل مَا ارتسم فِي النَّفس فَكَمَا أَن فِي الْعقل لَا يَشْمَل المذهبين كَذَلِك عِنْد الْعقل لَا يَشْمَل صور الكليات والجزئيات الْغَيْر المادية لحصولها فِي الْعقل دون مَكَان قريب مِنْهُ. وَأجِيب عَنهُ بِأَن كلمة عِنْد بِحَسب الْعرف لاخْتِصَاص شَيْء بمدخولها كَمَا يُقَال هَذِه الْمَسْأَلَة كَذَا عِنْد فلَان أَي لَهَا اخْتِصَاص بِهِ. وَلَا شكّ أَن للصورة الْحَاصِلَة اخْتِصَاص بِالْعقلِ من جِهَة الْإِدْرَاك لِأَنَّهُ الْمدْرك للصورة فَيتَنَاوَل مَا ارتسم فِي النَّفس والآلات فَثَبت أَن عِنْد الْعقل يَشْمَل المذهبين دون فِي الْعقل لاخْتِصَاص كلمة فِي بالداخل. وَالْحمل على التَّوَسُّع بِحَيْثُ يتَنَاوَل الْحَاصِل فِي الْآلَات أَيْضا يدْفع الْمَحْذُور لكنه خلاف الظَّاهِر ومدار الْكَلَام على مُحَافظَة الظَّاهِر ورعاية الْمُتَبَادر فعلى هَذَا الْجَواب الْمَذْكُور إِنَّمَا يجدي نفعا لَو كَانَ عِنْد مَعَ رِعَايَة مَعْنَاهُ الْمُتَبَادر متناولا للمذهبين دونه فِي فِي - وَلَيْسَ كَذَلِك لما مر آنِفا.
ثمَّ اعْلَم أَن الصُّورَة من مقولة الكيف لكَونهَا عرضا لَا يَقْتَضِي لذاته قسْمَة وَلَا نِسْبَة فَيكون الْعلم الْمَعْرُوف بالصورة الْمَذْكُور من مقولة الكيف وَهُوَ الْمَذْهَب الْمَنْصُور كَمَا مر وَلَعَلَّ من ذهب إِلَى أَنه من مقولة الانفعال يَقُول بِأَنَّهُ من مقولة الكيف أَيْضا لَكِن لما كَانَ الْعلم أَي الصُّورَة الْمَذْكُورَة حَاصِلا بالانفعال أَي بانتقاش الذِّهْن بالصورة الناشئة من الشَّيْء وقبوله إِيَّاهَا قَالَ إِنَّه من مقولة الانفعال مُبَالغَة وتنبيها على أَن حُصُول الْعلم بالانفعال لَا بِغَيْرِهِ. وَاعْترض بِأَن الكيف من الموجودات الخارجية لِأَن الموجودات الخارجية تَنْقَسِم إِلَى الْجَوَاهِر الْخَمْسَة والأعراض التِّسْعَة فَكيف تكون الصُّورَة الذهنية أَي الْعلم من مقولة الكيف وَالْجَوَاب أَن الْعلم من الموجودات الخارجية والمعلوم من الموجودات الذهنية كَمَا مر. وَأجَاب عَنهُ جلال الْعلمَاء فِي الْحَوَاشِي الْقَدِيمَة على الشَّرْح الْجَدِيد للتجريد فِي مَبْحَث الْوُجُود الذهْنِي أَن عدهم إِيَّاهَا كيفا على سَبِيل الْمُسَامحَة وتشبيه الْأُمُور الذهنية بالأمور العينية فعلى هَذَا يكون الْعلم من الموجودات الذهنية.
فَإِن قيل الْأَشْيَاء حَاصِلَة فِي الذِّهْن بأنفسها فَيجب أَن يكون الْعلم بالجواهر جوهرا وبالكم كَمَا وبالكيف كيفا وَهَكَذَا وَلَا يُمكن أَن يكون من مقولة الكيف مُطلقًا قُلْنَا أجَاب شَارِح التَّجْرِيد بِالْفرقِ بَين الْقيام والحصول بِأَن حُصُول الشَّيْء فِي الذِّهْن لَا يُوجب اتصاف الذِّهْن وقيامه بِهِ كحصول الشَّيْء فِي الزَّمَان وَالْمَكَان فَمَا هُوَ جَوْهَر حَاصِل فِي الذِّهْن وموجود فِيهِ وَمَا هُوَ عرض وَكَيف قَائِم بِهِ وموجود فِي الْخَارِج وَكَون الْأَشْيَاء حَاصِلَة فِي الذِّهْن بأنفسها بِالْمَعْنَى الَّذِي ذكرنَا آنِفا لَا يُنَافِي هَذَا الْفرق وَمَا فِي هَذَا الْجَواب سيتلى عَلَيْك. وَالشَّيْخ أورد فِي الهيات الشِّفَاء إشكالين أَحدهمَا أَن الْعلم هُوَ المكتسب من صور الموجودات مُجَرّدَة عَن موادها وَهِي صور جَوَاهِر وإعراض فَإِن كَانَت صور الْإِعْرَاض إعْرَاضًا فصور الْجَوَاهِر كَيفَ تكون إعْرَاضًا فَإِن الْجَوْهَر لذاته جَوْهَر فماهيته لَا تكون فِي مَوْضُوع الْبَتَّةَ وماهيته مَحْفُوظَة سَوَاء نسبت إِلَى إِدْرَاك الْعقل لَهَا أَو نسبت إِلَى الْوُجُود الْخَارِجِي.
فَنَقُول إِن مَاهِيَّة الْجَوْهَر جَوْهَر بِمَعْنى أَنه الْمَوْجُود فِي الْأَعْيَان لَا فِي مَوْضُوع وَهَذِه الصّفة مَوْجُودَة لماهية الْجَوْهَر المعقولة فَإِنَّهَا مَاهِيَّة شَأْنهَا أَن تكون مَوْجُودَة فِي الْأَعْيَان لَا فِي مَوْضُوع أَي إِن وجدت فِي الْأَعْيَان وجدت لَا فِي مَوْضُوع وَأما وجوده فِي الْعقل بِهَذِهِ الصّفة فَلَيْسَ ذَلِك فِي حَده من حَيْثُ هُوَ جَوْهَر أَي لَيْسَ حدا لجوهر أَنه فِي الْعقل لَا فِي مَوْضُوع بل حَده أَنه سَوَاء كَانَ فِي الْعقل أَو لم يكن فَإِن وجوده لَيْسَ فِي مَوْضُوع انْتهى.
وَحَاصِل الْجَواب أَنه لَا إِشْكَال فِي كَون الشي الْوَاحِد جوهرا وعرضا باعتبارين وتغاير وجودين فَإِن الْجَوْهَر على مَا عرف ماهيته إِذا وجدت فِي الْخَارِج كَانَت لَا فِي مَوْضُوع وَالْعرض هُوَ الْمَوْجُود فِي الْمَوْضُوع فالصورة الجوهرية لكَونهَا بِحَيْثُ إِذا وجدت فِي الْخَارِج كَانَت لَا فِي مَوْضُوع جَوْهَر وَمن حَيْثُ إِنَّهَا مَوْجُودَة فِي الْمَوْضُوع عرض وَأَنت تعلم أَن بَين الْجَوْهَر وَالْعرض تباينا وتغايرا ذاتيا لَا اعتباريا.
وَأَيْضًا اعْترض الزَّاهِد فِي حَوَاشِيه على الرسَالَة القطبية المعمولة حَيْثُ قَالَ لَا يخفى عَلَيْك أَن القَوْل بعرضية الصُّورَة الجوهرية منَاف لحصر الْعرض فِي المقولات التسع لِأَن المقولات أَجنَاس عالية متبائنة بِالذَّاتِ اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون مُرَادهم حصر الْأَعْرَاض الْمَوْجُودَة فِي الْخَارِج انْتهى. وَقَالَ فِي الْهَامِش قَوْله اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون إِلَى آخِره إِشَارَة إِلَى أَن هَذَا الْجَواب غير تَامّ وَذَلِكَ لِأَن التَّحْقِيق عِنْدهم أَن الْإِضَافَة وَغَيرهَا من المقولات التسع لَيست مَوْجُودَة فِي الْخَارِج وَالصَّوَاب فِي الْجَواب أَن يُقَال مُرَادهم حصر الْأَعْرَاض الْمَوْجُودَة فِي نفس الْأَمر. وَالْمَوْجُود فِيهَا هَاهُنَا أَمْرَانِ الْحَقِيقَة العلمية والحقيقة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن من حَيْثُ هِيَ وكل مِنْهُمَا مندرج فِي مقولة. الأولى من مقولة الكيف، وَالثَّانيَِة فِي مقولة أُخْرَى من مقولة الْجَوْهَر وَغَيرهَا، وَأما الْحَقِيقَة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن من حَيْثُ إِنَّهَا مكيفة بالعوارض الذهنية بِأَن يكون التَّقْيِيد دَاخِلا والقيد خَارِجا أَو بِأَن يكون كل مِنْهُمَا دَاخِلا أَي الْمركب من الْعَارِض والمعروض فَلَا شكّ أَنَّهَا من الاعتبارات الذهنية وَلَيْسَ لَهَا وجود فِي نفس الْأَمر انْتهى. ضَرُورَة أَن التَّقْيِيد أَمر اعتباري فَكَذَا مَا هُوَ مركب مِنْهُ فَافْهَم. وَثَانِيهمَا أَنه إِذا حصلت حَقِيقَة جوهرية فِي الذِّهْن كَانَت تِلْكَ الْحَقِيقَة علما وعرضا فَيلْزم أَن يكون شَيْء وَاحِد علما ومعلوما وجوهرا وعرضا. وَأجَاب شَارِح التَّجْرِيد بِالْفرقِ بَين الْقيام والحصول إِلَى آخر مَا ذكرنَا آنِفا وَاعْترض عَلَيْهِ الزَّاهِد حَيْثُ قَالَ وَحَاصِله كَمَا يظْهر بِالتَّأَمُّلِ الصَّادِق أَن الْقَائِم بالذهن شبح الْمَعْلُوم ومثاله وَالْحَاصِل فِيهِ عين الْمَعْلُوم وَنَفسه فَهُوَ جمع بَين المذهبين انْتهى. ثمَّ اعْلَم أَن للزاهد فِي هَذَا الْمقَام فِي تصنيفاته تَحْقِيقا تفرد بِهِ فِي زَعمه وتفاخر بِهِ فِي ظَنّه وَتكلم عَلَيْهِ أَبنَاء الزَّمَان وجرحه بعض فضلاء الدوران وَأَنا شمرت بِقدر الوسع فِي تحريره وتفصيل مجملاته وَإِظْهَار مقاصده وإبراز مضمراته بعد إتْيَان كَلَامه ليظْهر على الناظرين علو مرامه.
فَأَقُول إِنَّه قَالَ فِي حَوَاشِيه على حَوَاشِي جلال الْعلمَاء على تَهْذِيب الْمنطق. اعْلَم أَن للْعلم مَعْنيين. الأول الْمَعْنى المصدري، وَالثَّانِي الْمَعْنى الَّذِي بِهِ الانكشاف. وَالْأول حُصُول الصُّورَة وَالثَّانِي هِيَ الصُّورَة الْحَاصِلَة وَلَا شكّ أَن الْغَرَض العلمي لم يتَعَلَّق بِالْأولِ فَإِنَّهُ لَيْسَ كاسبا وَلَا مكتسبا فَالْمُرَاد بِحُصُول الصُّورَة هَاهُنَا الصُّورَة الْحَاصِلَة على سَبِيل الْمُسَامحَة هَذَا مَا ذهب إِلَيْهِ النّظر الْجَلِيّ. ثمَّ النّظر الدَّقِيق يحكم بِأَن المُرَاد بِحُصُول الصُّورَة الْمَعْنى الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ وَحَقِيقَته مَا يعبر عَنهُ بِالْفَارِسِيَّةِ (بدانش) وَهِي حَالَة إدراكية يتَحَقَّق عِنْد حُصُول الشَّيْء فِي الذِّهْن تِلْكَ الْحَالة الإدراكية تصدق على الْأَشْيَاء الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن صدقا عرضيا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذا حصل فِي الذِّهْن شَيْء يحصل لَهُ وصف يحمل ذَلِك الْوَصْف عَلَيْهِ فَيُقَال لَهُ صُورَة علمية وَهَذَا الْمَحْمُول لَيْسَ نفس الْمَوْضُوع وَإِلَّا لَكَانَ مَحْمُولا عَلَيْهِ حَال كَونه فِي الْخَارِج ضَرُورَة أَن الذَّات والذاتي لَا يَخْتَلِفَانِ باخْتلَاف الْوُجُود فَهَذَا الْحمل من قبيل حمل الْكَاتِب على الْإِنْسَان فالعرضي من مقولة الكيف سَوَاء كَانَ معروضه من هَذِه المقولة أَو من مقولة أُخْرَى انْتهى.
فَأَقُول مستعينا بِاللَّه الْملك العلام، وَهُوَ الْهَادِي إِلَى الْحق فِي كل مقصد ومرام، أَن فِي تَحْقِيق الْعلم نظرين نظر جلي فويق، وَنظر دَقِيق خَفِي عميق. وبالقبول حري وحقيق، وَعَن الجروح الْمَذْكُورَة سليم وعتيق. أما الأول فَهُوَ أَن الْعلم هُوَ الصُّورَة الْحَاصِلَة والتعريف الْمَشْهُور أَعنِي حُصُول صُورَة الشَّيْء المُرَاد بِهِ الصُّورَة الْحَاصِلَة على الْمُسَامحَة لَا الْمَعْنى المصدري إِذْ لَا يتَعَلَّق بِهِ الْغَرَض العلمي لِأَنَّهُ لَا يكون كاسبا وَلَا مكتسبا كَمَا مر وَحِينَئِذٍ يرد الإشكالات الْمَذْكُورَة فَيحْتَاج فِي دَفعهَا إِلَى أجوبة لَا تَخْلُو عَن إِيرَاد كَمَا لَا يخفى وَأما الثَّانِي فَهُوَ أَن الْعلم هُوَ الْوَصْف الْعَارِض للصورة الْمَحْمُول عَلَيْهَا حملا عرضيا لَا ذاتيا وَحِينَئِذٍ لَا إِشْكَال وَلَا إِيرَاد.
وتفصيل هَذَا الْمُجْمل أَنَّك قد علمت فِيمَا مر أَن الْأَشْيَاء بعد حُصُولهَا فِي الأذهان تسمى صورا فَأَقُول إِنَّه يحصل لتِلْك الصُّور فِي الأذهان وصف لَيْسَ بحاصل لَهَا وَقت كَونهَا فِي الْأَعْيَان وَذَلِكَ الْوَصْف هُوَ الْحَالة الإدراكية أَي كَيْفيَّة كَون تِلْكَ الصُّور مدركة ومنكشفة وَهَذَا الْوَصْف هُوَ الْعلم وَإِذا حصل للصور الذهنية هَذَا الْوَصْف أَي الْحَالة الإدراكية يحصل بِسَبَب هَذَا الْوَصْف وصف آخر لتِلْك الصُّور وَهُوَ كَونهَا صورا علمية وَذَلِكَ الْوَصْف الَّذِي هُوَ الْعلم حَقِيقَة يحمل على الشَّيْء الْحَاصِل فِي الذِّهْن حملا عرضيا وَيصدق عَلَيْهِ صدقا عرضيا فَيُقَال للصورة الإنسانية مثلا علم وَكَذَا يُقَال عَلَيْهَا إِنَّهَا صُورَة علمية وَلَيْسَ كل من هذَيْن المحمولين نفس الْمَوْضُوع وَإِلَّا لَكَانَ مَحْمُولا عَلَيْهِ حَال كَونه فِي الْخَارِج ضَرُورَة أَن الذَّات والذاتي لَا يَخْتَلِفَانِ باخْتلَاف الْوُجُود فَهَذَا الْحمل من قبيل حمل الْكَاتِب على الْإِنْسَان فالعارض من مقولة الكيف سَوَاء كَانَ معروضه من هَذِه المقولة أَو من مقولة أُخْرَى.
فَالْحَاصِل أَن الْعلم بِحَسب الْحَقِيقَة لَيْسَ نفس الْحَاصِل فِي الذِّهْن بل عَارض لَهُ وَإِطْلَاق الْعلم على الْحَاصِل فِي الذِّهْن من قبيل إِطْلَاق الْعَارِض على المعروض مثل طَلَاق الضاحك على الْإِنْسَان فالعارض الَّذِي هُوَ الْعلم كَيفَ يصدق عَلَيْهِ رسمه والمعروض تَابع للموجود الْخَارِجِي فِي الجوهرية والكيفية وَغَيرهمَا لاتحاده مَعَه وَبِهَذَا التَّحْقِيق ينْحل كثير من الإشكالات الْمَذْكُورَة.
وَأَيْضًا ينْدَفع الْإِشْكَال الْمَشْهُور فِي التَّصَوُّر والتصديق وَهُوَ أَن الْمُحَقِّقين ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ بِحَسب الْحَقِيقَة وَإِذا تعلق التَّصَوُّر بالتصديق يلْزم اتحادهما لِاتِّحَاد الْعلم والمعلوم وَحَاصِل الدّفع أَن التَّصَوُّر والتصديق قِسْمَانِ لما هُوَ علم بِحَسب الْحَقِيقَة لَا لما صدق هُوَ عَلَيْهِ وَالْعلم الَّذِي هُوَ عين الْمَعْلُوم هُوَ مَا يصدق عَلَيْهِ الْعلم أَي مَا هُوَ حَاصِل فِي الذِّهْن وَإِن تَأَمَّلت فِيمَا حررنا ينْدَفع مَا قيل إِن قَوْله فَيُقَال لَهُ صُورَة علمية يشْعر بِأَن الْحَالة الإدراكية الَّتِي هِيَ علم بِالْحَقِيقَةِ هِيَ الْوَصْف أَي هَذَا الْمَحْمُول أَعنِي كَونهَا صُورَة علمية، وَلَا يخفى مَا فِيهِ لِأَنَّهُ إِن أَرَادَ مَفْهُوم لفظ هَذَا الْمَحْمُول فَظَاهر أَنه لَيْسَ كَذَلِك لِأَنَّهُ لَيْسَ من الكيفيات النفسانية العلمية، وَإِن أَرَادَ مصداقه فَهُوَ الصُّورَة الْحَاصِلَة فَهَذَا هُوَ الَّذِي فر عَنهُ.
وتوضيح الدّفع أَن هَاهُنَا وصفين متغائرين أَحدهمَا الْحَالة الإدراكية وَهِي علم فِي الْحَقِيقَة وَثَانِيهمَا كَون الْحَاصِل فِي الذِّهْن صُورَة علمية وَلَيْسَ أَحدهمَا عين الآخر نعم إِذا حصلت الْحَالة الإدراكية أَي الصّفة الأولى للصورة فِي الذِّهْن يحصل لتِلْك الصُّورَة بِسَبَب الصّفة الأولى صفة أُخْرَى وَهُوَ كَونهَا صُورَة علمية فالفاء فِي قَوْله فَيُقَال للتفريع والتعقيب أَي بعد حمل ذَلِك الْوَصْف الأول على الشَّيْء الْحَاصِل فِي الذِّهْن يُقَال لَهُ صُورَة علمية أَي يحمل هَذَا الْوَصْف الثَّانِي على ذَلِك الشَّيْء. فَإِن قلت الْمَقْصُود إِثْبَات زِيَادَة الْوَصْف الأول وعرضيته أَي الْكَيْفِيَّة الإدراكية الَّتِي هِيَ الْعلم وَلَا فَائِدَة فِي إِثْبَات الْوَصْف الثَّانِي وزيادته وعروضه مَعَ أَنه لَيْسَ بِعلم نعم لَكِن لما كَانَ إِثْبَات زِيَادَة الْوَصْف الثَّانِي وعرضيته توجب زِيَادَة الْوَصْف الأول وعرضيته لِأَن الْوَصْف الثَّانِي وَهُوَ كَون الْحَاصِل فِي الذِّهْن صُورَة علمية من لَوَازِم الْوَصْف الأول أَعنِي الْحَالة الإدراكية تعرض لإِثْبَات الْوَصْف الثَّانِي وزيادته وعرضيته. وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن الْوَصْف الثَّانِي من لَوَازِم الْوَصْف الأول لِأَن الْوَصْف الثَّانِي اللَّازِم مُنْتَفٍ فِي ظرف الْخَارِج لِأَن الشَّيْء فِي الْخَارِج لَا تطلق عَلَيْهِ الصُّورَة العلمية فالوصف الأول الْمَلْزُوم أَيْضا يكون منتفيا عَنهُ فِي الْخَارِج.
وَبَقِي هَاهُنَا اعْتِرَاض قوي تَقْرِيره أَن قَوْله يصدق إِلَى آخِره وَقَوله حصل إِلَى آخِره وَقَوله فالعرض من مقولة الكيف إِلَى آخِره نُصُوص وشواهد على أَن الْحَالة الإدراكية من عوارض الصُّورَة الْحَاصِلَة ومحمولاتها وصفاتها مَعَ أَنَّهَا الْعلم حَقِيقَة فَيلْزم أَن يكون كل وَاحِد مِنْهَا عَالما حَقِيقَة لِأَن الْعَالم وكل مُشْتَقّ مِنْهُ يصدق على مَا قَامَ بِهِ مبدؤه ومأخذه وَهُوَ هَاهُنَا الصُّورَة الْحَاصِلَة فَتكون هِيَ عَالِمَة حَقِيقَة لَا النَّفس الناطقة الإنسانية اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال إِن الْكَيْفِيَّة الإدراكية إِذا حصلت حصلت لَهَا جهتان جِهَة النِّسْبَة إِلَى النَّفس الناطقة وجهة النِّسْبَة إِلَى الصُّورَة الْحَاصِلَة كَمَا أَن للمصدر الْمُتَعَدِّي حِين حُصُوله نسبتان نِسْبَة إِلَى الْفَاعِل وَنسبَة إِلَى الْمَفْعُول كالضرب فَإِن لَهُ علاقَة بالضارب بالصدور وبالمضروب بالوقوع. والمصدر حَقِيقَة من عوارض الْفَاعِل وَمن صِفَاته فَإِن الضَّرْب حَقِيقَة صفة الضَّارِب لَكِن لَا بعد فِي أَن يعد من صِفَات الْمَفْعُول مجَازًا نظرا إِلَى العلاقة الثَّانِيَة فَيُقَال إِن الضَّرْب صفة الْمَضْرُوب كَمَا أَنه صفة الضَّارِب وَإِن كَانَ أَحدهمَا حَقِيقَة وَالْآخر تجوزا. وَلَا مشاحة أَيْضا فِي أَن يُقَال إِن الْمصدر مَحْمُول على الْمَفْعُول فِي ضمن مُشْتَقّ من مشتقاته فَإِن الضَّرْب مَحْمُول على الْمَفْعُول بِاعْتِبَار أَن مشتقا من مشتقاته مَحْمُول عَلَيْهِ.
وَحَاصِل هَذَا الْجَواب أَنه لَا بَأْس بِكَوْن الصُّورَة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن عَالِمَة وَيُمكن أَن يُقَال إِن الْعلم وصف للصورة الْحَاصِلَة بِحَال متعلقها لَا بِحَال نَفسهَا فَلَا يلْزم من كَون الْعلم وَصفا للصورة ومحمولا عَلَيْهَا كَونه وَصفا لَهَا على وزن الْمَوْصُوف بِحَال الْمَوْصُوف، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن الْعلم وصف الصُّورَة بِحَال متعلقها لِأَن معنى الْحَالة الإدراكية الَّتِي هِيَ الْعلم حَقِيقَة حَالَة إِدْرَاك النَّفس الناطقة للصورة الْحَاصِلَة فِيهَا فَهِيَ وصف النَّفس بِحَال نَفسهَا وَالصُّورَة بِحَال متعلقها الَّذِي هُوَ النَّفس الناطقة المدركة لَهَا. والمشتق الْمَبْنِيّ للْفَاعِل إِنَّمَا يصدق على مَا قَامَ بِهِ المأخذ، والمشتق الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول إِنَّمَا يصدق على مَا قَامَ بِهِ المأخذ الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول. أَلا ترى أَن الضَّارِب لَا يصدق على مَا قَامَ بِهِ الضَّرْب الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول. والمضروب لَا يصدق على مَا قَامَ بِهِ الضَّرْب الْمَبْنِيّ للْفَاعِل. هَذَا مَا خطر بالبال، وَلَا يخفى مَا فِيهِ من الأشكال، لِأَن الْمُتَبَادر من الْإِدْرَاك الْمصدر الْمَبْنِيّ للْفَاعِل وَفِيه مَا فِيهِ أَيْضا وَلَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا.
وَلَا يخفى على الذكي الوكيع مَا يرد على الزَّاهِد من الأبحاث القوية أَحدهَا أَن الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ يكون مُؤَخرا عَن الْمصدر فَكيف يَصح أَن يُقَال إِن المُرَاد بِحُصُول الصُّورَة الْمَعْنى الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ وَجعل ذَلِك الْمَعْنى علما حَقِيقَة لِأَن الْعلم على مَا قَالَ مبدؤ الانكشاف ومقدم عَلَيْهِ فَلَو كَانَ الْعلم عبارَة عَن الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ يكون مُؤَخرا عَن الْمصدر أَي عَن حُصُول الصُّورَة الملازم للانكشاف فَيلْزم أَن يكون الْعلم مُؤَخرا عَن الانكشاف أَيْضا. وَثَانِيها أَن الْعلم من الموجودات الخارجية فَلَو كَانَ وَصفا عارضا للصورة الذهنية يلْزم زِيَادَة الْعَارِض على المعروض فِي الْوُجُود فَإِن الْعَارِض فرض كيفا مَوْجُودا فِي الْخَارِج والمعروض مَوْجُود ذهني وَثَالِثهَا أَنه لَا يتَصَوَّر أَن يكون الْمَوْجُود الْخَارِجِي عارضا للوجود الذهْنِي فَإِن الْعَارِض يكون تَابعا لمعروضه فِي طرفه فَإِن وجود الْعَارِض الْمَحْمُول إِنَّمَا هُوَ وجود الْمَوْجُود الْمَوْضُوع فَيكون تَابعا لوُجُود الْمَوْضُوع وَوُجُود الْمَوْضُوع هَاهُنَا ذهني فَكيف يكون بعارضه الْمَحْمُول وجود خارجي. وَقد أجَاب عَنْهَا بعض أَبنَاء الزَّمَان بأجوبة مَا لَهَا خلاف ظَاهر بَيَان الزَّاهِد بل استحداث مَذْهَب آخر غير مذْهبه وَتَحْقِيق سوى تَحْقِيقه لم ألتفت إِلَيْهَا مَعَ أَن تردد البال وتشتت الْحَال لم يرخص أَيْضا بنقلها.
ثمَّ اعْلَم أَن هَاهُنَا تحقيقات وشبهات أذكرها للناظرين رَجَاء مِنْهُم دُعَاء بَقَاء الْإِيمَان، والتجاوز عَن جَزَاء الْعِصْيَان، قد أَشرت فِي العجالة إِلَى شُبْهَة مَشْهُورَة وجوابها بطرِيق الرَّمْز والألغاز وَهَاهُنَا أذكرها بتقرير وَاضح وتحرير لائح بِأَن البداهة والنظرية صفتان متبائنتان لَا يُمكن جَمعهمَا فِي شَيْء وَاحِد فالعلم لَا يكون إِلَّا بديهيا أَو نظريا على سَبِيل الِانْفِصَال الْحَقِيقِيّ وَهُوَ منقسم إِلَى التَّصَوُّر والتصديق المنقسمين إِلَى البديهي والنظري فَيلْزم انقسام الْعلم إِلَيْهِمَا أَيْضا فَإِن كَانَ نظريا كَمَا هُوَ الْحق أَو ضَرُورِيًّا كَمَا هُوَ مَذْهَب الإِمَام يلْزم انقسام الشَّيْء إِلَى نَفسه وَإِلَى غَيره وبطلانه أظهر من أَن يخفى. وَالْجَوَاب أَن الْعلم من حَيْثُ مَفْهُومه إِمَّا ضَرُورِيّ أَو كسبي وَلَا يلْزم مِنْهُ أَن يكون جَمِيع مَا صدق عَلَيْهِ ضَرُورِيًّا أَو جَمِيع مَا صدق عَلَيْهِ كسبيا بل يجوز أَن يكون بعض مَا صدق عَلَيْهِ ضَرُورِيًّا وَالْبَعْض الآخر كسبيا. وَحَاصِل الْجَواب أَن الضَّرُورِيّ أَو الكسبي هُوَ مَفْهُوم الْعلم والمنقسم إِلَيْهِمَا إِنَّمَا هُوَ مَا صدق عَلَيْهِ الْعلم وَلَا يلْزم من كَون مَفْهُوم شَيْء ضَرُورِيًّا أَو كسبيا أَن يكون جَمِيع مَا صدق عَلَيْهِ ذَلِك الشَّيْء أَيْضا كَذَلِك. أَلا ترى أَن الضَّرُورِيّ نَظَرِي مفهوما مَعَ أَن مَا صدق عَلَيْهِ إِنَّمَا يكون ضَرُورِيًّا بديهيا. فَإِن قلت، قَوْلهم الْعلم إِمَّا تصور أَو تَصْدِيق مُنْفَصِلَة حَقِيقِيَّة أَو مَانِعَة الْجمع أَو مَانِعَة الْخُلُو فعلى الْأَوَّلين لَا يفهم أَن للْعلم قسمَيْنِ، وعَلى الثَّالِث لَا يحصل الْجَزْم بالقسمين مَعَ أَنه الْمَقْصُود. وَالْجَوَاب أَن هَذِه الْقَضِيَّة لَيست بمنفصلة وَإِنَّمَا هِيَ حملية شَبيهَة بالمنفصلة والمنافاة قد تعْتَبر فِي القضايا المنفصلات وَقد تعْتَبر فِي الْمُفْردَات بِحَسب صدقهَا على الذَّات وَهِي الحمليات الشبيهة بالمنفصلات.
وَفِي الرسَالَة القطبية فِي الْحِكْمَة العملية الْعلم هُوَ الْمَوْجُود المستلزم عدم الْغَيْبَة فَإِن كَانَ بِآلَة فَهُوَ الْعلم وَإِن كَانَ بِغَيْر وَاسِطَة فَهُوَ الْمُشَاهدَة وَإِن كَانَ بِآلَة روحانية فَهُوَ الْمَعْقُول والجازم الَّذِي لَيْسَ مطابقا هُوَ الْجَهْل الْمركب والمطابق الَّذِي لَا مُسْتَند لَهُ هُوَ التَّقْلِيد الْحق وَالَّذِي لَهُ مُسْتَند وَكفى فِي التَّصْدِيق بِنِسْبَة أحد جزئيه إِلَى الآخر تصور أحد الطَّرفَيْنِ فَقَط فَهُوَ الفطري وَإِن لم يكف فَهُوَ الفكري وَإِن كَانَ غير جازم فأقرب الطَّرفَيْنِ إِلَى الْجَزْم ظن وأوسطها شكّ وأبعدهما وهم. والجازم المطابق الَّذِي لَهُ مُسْتَند إِن كَانَ برهَان الْآن فَهُوَ الْيَقِين وَإِن كَانَ ببرهان اللم فَهُوَ علم الْيَقِين، والمشاهدة إِن كَانَت على وَجه يُمكن أتم مِنْهَا فَهُوَ عين الْيَقِين، وَإِن كَانَ على وَجه لَا يُمكن أتم مِنْهَا فَهُوَ حق الْيَقِين انْتهى. قَالَ بعض الْحُكَمَاء لِابْنِهِ يَا بني خُذ الْعلم من أَفْوَاه الرِّجَال فَإِنَّهُم يَكْتُبُونَ أحسن مَا يسمعُونَ ويحفظون أحسن مَا يَكْتُبُونَ وَيَقُولُونَ أحسن مَا يحفظون.
الْعلم الحضوري وَالْعلم الحصولي قد عرفت تَعْرِيف كل مِنْهُمَا فِي تَحْقِيق الْعلم فَاعْلَم أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا حَقِيقَة نوعية محصلة عِنْدهم ذاتي لما تَحْتَهُ مغائر للْآخر مُغَايرَة نوعية، وَالْعلم والمعلوم فِي الْعلم الحضوري متحدان بِالذَّاتِ وَالِاعْتِبَار. وَفِي الحصولي متحدان بِالذَّاتِ متغائران بِالِاعْتِبَارِ فَإِن الْعلم فِي الحصولي الْمَاهِيّة من حَيْثُ إِنَّهَا مكيفة بالعوارض الذهنية، والمعلوم فِيهِ الْمَاهِيّة مَعَ قطع النّظر عَن تِلْكَ الْحَيْثِيَّة. فَإِن قيل زعم بَعضهم أَن مَجْمُوع المعروض والعوراض الذهنية علم حصولي والمعروض فَقَط مَعْلُوم بِهِ فَيعلم من هَاهُنَا أَن التغاير بَينهمَا فِي الْعلم الحصولي بِالذَّاتِ، قُلْنَا، هَذَا المظنون غير صَحِيح لِأَن الْعلم عِنْدهم حَقِيقَة محصلة لَا أَمر اعتباري أَي لَيْسَ من الْأُمُور الَّتِي تحققها بِاعْتِبَار الْعقل واختراع الذِّهْن بل هُوَ أَمر مُحَقّق فِي نفس الْأَمر وَله حَقِيقَة محصلة مَوْجُودَة بِلَا اعْتِبَار واختراع فَلَو كَانَ الْعلم أَي مَا يصدق عَلَيْهِ الْكَيْفِيَّة العلمية مَجْمُوع الْعَارِض والمعروض مَجْمُوع الْإِنْسَان وعوارضه الذهنية مثلا يلْزم أَن يكون حَقِيقَة الْعلم ملتئمة عَن الْجَوْهَر وَالْعرض أَو عَن غَيرهمَا من المقولتين المتبائنتين.
وَلَا شكّ أَن كل حَقِيقَة مركبة كَذَلِك فَهُوَ أَمر اعتباري لَيْسَ لَهُ حَقِيقَة وحدانية محصلة مَعَ أَن منَاط الانكشاف هُوَ أَن يحصل المعروض فَقَط لَا أَن يحصل مَجْمُوع المعروض والعوارض على مَا تشهد بِهِ الضَّرُورَة، أَلا ترى أَنه لَو حصل المعروض فِي الذِّهْن خَالِيا عَن الْعَوَارِض لتحَقّق الانكشاف فَإِن قيل زعم بَعضهم أَن التغاير بَين الْعلم والمعلوم فِي الحضوري تغاير اعتباري كتغاير المعالج والمعالج فَلَيْسَ بَينهمَا اتِّحَاد بِالذَّاتِ وَالِاعْتِبَار قُلْنَا التغاير على نَوْعَيْنِ تغاير بِاعْتِبَار المصداق أَي التغاير الَّذِي هُوَ مصداق تحقق المتغائرين وتغاير بعد تحقق المتغائرين وَالْمُعْتَبر فِي الِاتِّحَاد بِالذَّاتِ هُوَ نفي التغاير الأول فالتغاير الثَّانِي لَا يضر فِي ذَلِك الِاتِّحَاد فقد اشْتبهَ على هَذَا الزاعم التغاير الأول بالتغاير الثَّانِي. وتفصيل هَذَا الْإِجْمَال أَن فِي المعالج والمعالج حيثيتين حيثية الْقُوَّة الفعلية وحيثية الْقُوَّة الانفعالية وَيُقَال المعالج بِالْكَسْرِ بِالِاعْتِبَارِ الأول والحيثية الأولى والمعالج بِالْفَتْح بِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي والحيثية الثَّانِيَة وَالْعلم الحضوري لَيْسَ كَذَلِك لِأَن منَاط الانكشاف فِي الْعلم الحضوري هُوَ الصُّورَة الخارجية الْحَاضِرَة. نعم هَذِه الصُّورَة من حَيْثُ إِنَّهَا منَاط الانكشاف يُقَال لَهَا علم حضوري وَمن حَيْثُ إِنَّهَا منكشفة يُقَال لَهَا مَعْلُوم حضوري وَهَاتَانِ الحيثيتان متأخرتان عَن مصداق تحققهما وَهَذَا المصداق لَيْسَ إِلَّا وَاحِد، وَالْمرَاد باتحاد الْعلم والمعلوم فِي الْعلم الحضوري هُوَ الِاتِّحَاد بِاعْتِبَار المصداق وَهُوَ مُتحد فِي الْعلم الحضوري وَأَن تحدث بعد تحَققه حيثيتان بِخِلَاف المعالج والمعالج فَإِن مصداق تحققهما مُتَعَدد فيهمَا وَلَو كَانَ مصداق الْعلم والمعلوم فِي الْعلم الحضوري مُتَعَددًا بِأَن كَانَ التغاير بَينهمَا مَوْجُودا أَن تحققهما عِلّة لتحققهما مقدما على التغاير الَّذِي بعد تحققهما لَكَانَ الْعلم الحضوري صُورَة منتزعة من الْمَعْلُوم وَكَانَ علما حصوليا.
فَإِن قيل كَيفَ يكون الْعلم والمعلوم فِي الحصولي متحدين بِالذَّاتِ ومتغائرين بِالِاعْتِبَارِ قُلْنَا قَالَ الزَّاهِد أَن للشَّيْء الْحَاصِل صورته فِي الذِّهْن ثَلَاثَة اعتبارات الأول اعْتِبَاره من حَيْثُ هُوَ أَي مَعَ قطع النّظر عَن عوارضه الخارجية والذهنية وَالثَّانِي اعْتِبَاره من حَيْثُ الْعَوَارِض الخارجية وَالثَّالِث اعْتِبَاره من حَيْثُ الْعَوَارِض الذهنية وَذَلِكَ الشَّيْء بِالِاعْتِبَارِ الأول أَي من حَيْثُ هُوَ مَعْلُوم بِالْعلمِ الحصولي بِالذَّاتِ لحُصُول صورته فِي الذِّهْن وموجود فِي الْخَارِج لحصوله فِي الْخَارِج بِنَفسِهِ وموجود فِي الذِّهْن لحصوله فِي الذِّهْن بصورته الْحَاصِلَة فِيهِ وَالشَّيْء الْمَذْكُور بِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي أَي من حَيْثُ الْعَوَارِض الخارجية مَعْلُوم بِالْعلمِ الحصولي بِالْعرضِ لِأَن الْعلم يتَحَقَّق عِنْد انتفائه. وَأَنت تعلم أَن الْعلم صفة ذَات إِضَافَة لَا بُد لَهُ من مَعْلُوم وموجود فِي الْخَارِج فَقَط لترتب الْآثَار الخارجية عَلَيْهِ دون الذهنية وَالشَّيْء المسطور بِالِاعْتِبَارِ الثَّالِث أَي من حَيْثُ الْعَوَارِض الذهنية علم حصولي لكَونه صُورَة ذهنية للاعتبار الأول وَعلم حضوري بِنَفس هَذَا الْعلم وَمَعْلُوم بِالْعلمِ الحضوري لكَونه صفة قَائِمَة بِالنَّفسِ وَعلمهَا بذاتها وصفاتها علم حضوري وموجود فِي الْخَارِج لترتب الْآثَار الخارجية واتصاف الذِّهْن بِهِ اتصافا انضماميا وَهُوَ يَسْتَدْعِي وجود الحاشيتين فِي الْخَارِج كَمَا حققناه فِي تَحْقِيق الاتصاف. وَلَا يخفى على الوكيع أَن جَمِيع مَا ذكر على تَقْدِير أَن يكون الْعلم الحصولي عبارَة عَن الصُّورَة الْحَاصِلَة لَا عَن كَيْفيَّة إدراكية، فَإِن قلت، إِن الْعلم الحضوري على مَا عرف بِكَوْن الصُّورَة العلمية فِيهِ الصُّورَة الخارجية وَنَفس الْعلم الحصولي أَي نفس الصُّورَة الْحَاصِلَة من الشَّيْء عِنْد الْعقل علم حضوري عِنْدهم لحضورها بِنَفسِهَا عِنْد الْعقل فَيلْزم أَن يكون تِلْكَ الصُّورَة خارجية وَغير خارجية قُلْنَا جَوَابه قد مر فِي تَحْقِيق الْعلم.
وَحَاصِله أَن الصُّورَة العلمية الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن من حَيْثُ إِنَّهَا صُورَة علمية حَاصِلَة فِي الذِّهْن لَهَا وجود يحذو حَذْو الْوُجُود الْخَارِجِي فِي ترَتّب الْآثَار الخارجية فَتلك الصُّورَة بِهَذِهِ الْحَيْثِيَّة خارجية وَلَا مُنَافَاة بَين كَونهَا خارجية بِهَذَا الْمَعْنى وَبَين كَونهَا لَيست بخارجية بِمَعْنى أَنَّهَا لَيست بموجودة فِي الْخَارِج أَي مَا وَرَاء الذِّهْن - فَالْمُرَاد بالموجود الْخَارِجِي فِي الْعلم الحضوري أَعم مِمَّا لَهُ وجود خارجي حَقِيقَة وَمِمَّا لَهُ وجود خارجي حكما بِأَن يكون لَهُ وجود يحذو حَذْو الْوُجُود الْخَارِجِي فِي ترَتّب الْآثَار الخارجية. وَلَا شكّ أَن مَا لَهُ وجود فِي الْخَارِج كالنار مثلا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الْآثَار الخارجية مثل الإحراق واللمعان كَذَلِك تترتب على الصُّورَة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن آثَار خارجية كالفرح والانبساط والحزن والانقباض وَمن أَرَادَ زِيَادَة التَّفْصِيل وَالتَّحْقِيق فَليرْجع إِلَى الْعلم والتصور والتصديق.
وَهَا هُنَا سُؤال مَشْهُور تَقْرِيره أَن الحضوري لما كَانَ عين الْمَوْجُود الْخَارِجِي وَعلم الْوَاجِب عينه فَيلْزم أَن يكون الْوَاجِب عين الممكنات وَالْجَوَاب أَن معنى كَون ذَاته تَعَالَى عين علمه أَنه يَتَرَتَّب على ذَاته مَا يَتَرَتَّب على الْعلم من انكشاف المعلومات كَمَا يُقَال إِن الْعَالم الْفُلَانِيّ عين الْكتاب أما سَمِعت أَن مقصودهم من نفي الصِّفَات عَن ذَاته تَعَالَى إِثْبَات غاياتها.
(الْعلم) الْعَالم

(الْعلم) إِدْرَاك الشَّيْء بحقيقته وَالْيَقِين وَنور يقذفه الله فِي قلب من يحب والمعرفة وَقيل الْعلم يُقَال لإدراك الْكُلِّي والمركب والمعرفة تقال لإدراك الجزئي أَو الْبَسِيط وَمن هُنَا يُقَال عرفت الله دون عَلمته وَيُطلق الْعلم على مَجْمُوع مسَائِل وأصول كُلية تجمعها جِهَة وَاحِدَة كعلم الْكَلَام وَعلم النَّحْو وَعلم الأَرْض وَعلم الكونيات وَعلم الْآثَار (ج) عُلُوم وعلوم الْعَرَبيَّة الْعُلُوم الْمُتَعَلّقَة باللغة الْعَرَبيَّة كالنحو وَالصرْف والمعاني وَالْبَيَان والبديع وَالشعر والخطابة وَتسَمى بِعلم الْأَدَب وَيُطلق الْعلم حَدِيثا على الْعُلُوم الطبيعية الَّتِي تحْتَاج إِلَى تجربة ومشاهدة واختبار سَوَاء أَكَانَت أساسية كالكيمياء والطبيعة والفلك والرياضيات والنبات وَالْحَيَوَان والجيولوجيا أَو تطبيقية كالطب والهندسة والزراعة والبيطرة وَمَا إِلَيْهَا

(الْعلم) الْعَلامَة والأثر والفصل بَين الْأَرْضين وَشَيْء مَنْصُوب فِي الطَّرِيق يهتدى بِهِ ورسم فِي الثَّوْب وَسيد الْقَوْم والجبل والراية (ج) أَعْلَام

الأحدية

الأحدية: فِي الواحدية .
الأحدية: قَالَ الْعَارِف النامي الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن الجامي قدس سره السَّامِي فِي شرح رباعياته:
الأول تعييني أما الثَّانِي فَهُوَ انتقاد الهوية وَثَانِي الْمرتبَة أَن لَا تعين، والوحدة الْخَالِصَة هِيَ أصل جَمِيع القابليات. وَقد سَاوَى بَين الظَّاهِر وَالْبَاطِن والمشروط والمقيد لَا يَنْفِي أَي من الاعتبارات وأثباتها. لكنه عين قابلية الذَّات. ويرتبط بالباطن وَالظَّاهِر والأزلية والأبدية وَانْتِفَاء الاعتبارات وأثباتها. وَعِنْده أَن هَذِه الْوحدَة لَهَا اعتباران: الأول: اعْتِبَاره هُوَ شَرط عدم الاعتبارات ولسقوطها بِالْكُلِّيَّةِ، وَهُوَ اعْتِبَار الأحدية. والذات بِهَذَا الِاعْتِبَار وَاحِدَة. وَيتَعَلَّق بِهَذَا الِاعْتِبَار ظُهُور الذَّات وأبديتها. إِذن الأحدية مقَام انْقِطَاع واستهلاك الْكَثْرَة النسبية والوجودية هِيَ أحدية الذَّات، وَإِذا انْتَفَت الْكَثْرَة فِي الواحدية فَإِن الْكَثْرَة النسبية فِيهِ معقولة التحقق. كَمَا هِيَ مُمكنَة التعقل فِي الْعدَد الْوَاحِد كَمثل النّصْف وَالثلث وَالرّبع، لِأَن منشأ الإعداد من عِنْده. وَجَمِيع تعيينات الوجودية غير المتناهية هِيَ مظَاهر هَذِه النِّسْبَة الْمُتَعَلّقَة فِي مرئية الأحدية وَلَفْظَة الأحدية فِي اصْطِلَاح أَرْبَاب السلوك تطلق على ثَلَاثَة أَشْيَاء:
الأول: أحدية الذَّات وهوية الْغَيْب وَلَا تعْيين فِيهِ.
الثَّانِي: أحدية نفي أَو سلب الاعتبارات الَّتِي هِيَ الثُّبُوت فِي مُقَابل الواحدية.
الثَّالِث: أحدية الْجمع الَّتِي هِيَ الألوهية وَفِي هَذِه الْمرتبَة فَإِن الذَّات تكون بِالصِّفَاتِ الملحوظة كَمثل (الْحَيَاة) و (الْعلم) والادارة) وَالْقُدْرَة (والسمع) و (الْبَصَر) و (الْكَلَام) .
وأرسطو قَالَ فِي انولوجيا، اخْتَرْت الْخلْوَة والرياضة وانخلعت من بدني وَخرجت من لِبَاس الطَّبْع، فأحسست بإحساس غَرِيب وَنور عَجِيب وَرَأَيْت نَفسِي جزأ من أَجزَاء الْعَالم الروحاني وَصَاحب تَأْثِير. بعْدهَا ارتقيت إِلَى الحضرة الربوبية فَرَأَيْت نورا يعجز اللِّسَان عَن وَصفه وَلَا أذن يُمكنهَا سَماع نَعته. وَفِي غَفلَة صَار بيني وَبَين هَذَا النُّور حجاب، بقيت متحيرا كَيفَ تنزلت من هَذَا الْعَالم، وَقد نسب الشَّيْخ الْمَقْتُول فِي كتاب (التلويحات) وَكَذَلِكَ مَوْلَانَا قطب الدّين الْعَلامَة فِي شرح (حِكْمَة الأشراق) هَذَا المشهد إِلَى أفلاطون.
(الأحدية) مصدر صناعي من أحد وَصفَة من صِفَات الله تَعَالَى مَعْنَاهَا أَنه أحدي الذَّات أَي لَا تركيب فِيهِ أصلا
الأحدية:
[في الانكليزية] Unicity
[ في الفرنسية] Unicite
بياء النسبة عند الحكماء عبارة عن عدم قسمة الواجب لذاته إلى الأجزاء ويجيء في لفظ الواحدية أيضا. وعند الصوفية هي المرتبة التي هي منبع لفيضان الأعيان واستعداداتها في الحضرة العلمية أولا، ووجودها وكمالاتها في الحضرة العينية بحسب عوالمها وأطوارها الروحانية والجسمانية ثانيا. وهي أقدم مراتب الإلهية وإن كانت كلها في الوجود سواء، لكن العقل يحكم بتقدّم بعضها على بعض كالحياة على العلم والعلم على الإرادة. وعلى هذا القياس، كذا في شرح الفصوص. وفي الإنسان الكامل الأحدية عبارة عن مــجلى ذاتي ليس للأسماء ولا للصفات ولا لشيء من مؤثراتها فيه ظهور، فهي اسم لصرافة الذّات المجرّدة عن الاعتبارات الحقيّة والخلقية، وليس لتجلّي الأحدية في الأكوان مظهر أتمّ من ذلك إذا استغرقت في ذاتك ونسيت اعتباراتك وأخذت بك فيك عن خواطرك، لكنت أنت في أنت من غير أن تنسب إليك شيئا مما تستحقه من الأوصاف الحقيّة، أو هو لك من النعوت الخلقية. فهذه الحالة من الإنسان أتمّ مظهرا للأحدية في الأكوان، والأحدية أول ظهور ذاتي، وامتنع الاتصاف بها للمخلوق لأنها صرافة الذات المجرّدة عن الحقيّة والمخلوقية والعبد قد حكم عليه بالمخلوقية، فلا سبيل إلى ذلك. وإن شئت الزيادة فارجع إلى الإنسان الكامل. وفي التحفة المرسلة: للوجود الحق سبحانه مراتب: الأولى مرتبة اللّاتعيّن والإطلاق والذات البحت لا بمعنى أنّ قيد الإطلاق ومفهوم سلب التعيّن ثابتان في تلك المرتبة، بل بمعنى أنّ ذلك الوجود في تلك المرتبة منزّه عن إضافة جميع القيود والنعوت إليه حتى عن قيد الإطلاق أيضا، ويسمّى بالمرتبة الأحدية وهي كنه الحق سبحانه، وليس فوقها مرتبة أخرى بل كلّ المراتب تحتها. الثانية مرتبة التعيّن الأوّل وتسمّى بالوحدة والحقيقة المحمّدية وهي عبارة عن علمه تعالى لذاته وصفاته ولجميع الموجودات على وجه الإجمال من غير امتياز بعضها عن بعض. الثالثة مرتبة التعيّن الثاني وتسمّى بالواحدية والحقيقة الإنسانية وهي عبارة عن علمه تعالى لذاته وصفاته ولجميع الموجودات على التفصيل وامتياز بعضها عن بعض. فهذه ثلاث مراتب كلها قديمة والتقديم والتأخير عقلي لا زماني. الرابعة مرتبة الأرواح وهي عبارة عن الأشياء الكونية المجرّدة البسيطة التي ظهرت على ذواتها وعلى أمثالها كالعقول العالية والأرواح البشرية. الخامسة مرتبة عالم المثال وهي الأشياء الكونية المركّبة اللطيفة الغير القابلة للتجزي والتبعيض ولا الخرق والالتيام.
السادسة مرتبة عالم الأجسام وهي الأشياء الكونية المركّبة الكثيفة القابلة للتجزي والتبعيض. السابعة المرتبة الجامعة لجميع المراتب المذكورة الجسمانية والنورانية والوحدة والواحدية، وهي الإنسان. فهذه سبع مراتب، الأولى منها هي مرتبة اللاظهور والباقية منها هي مراتب الظهور الكليّة، والأخير منها وهي الإنسان إذا عرج وظهر فيه جميع المراتب المذكورة مع انبساطها يقال له الإنسان الكامل.
والعروج والانبساط على الوجه الأكمل كان في نبينا صلى الله عليه وآله وسلم. ولهذا كان خاتم الأنبياء.
اعلم أنه لا يجوز إطلاق أسماء مرتبة الألوهية وهي الأحدية والواحدية والوحدة على مراتب الكون والخلق وهي المراتب الباقية وكذا العكس ولو في الحقيقة، كلها واحدة، لحفظ المراتب الشرعية وهذا هو الفرق بين الصديق والزنديق، انتهى كلامه. قال الشاعر
لكلّ مرتبة في الوجود شأن فإن لم تحفظ المراتب فأنت زنديق وفي كشف اللغات: إنّ هذه المراتب السّتّ الأخيرة تسمّى مراتب كلية ومظاهر كلية.

وقيل: إنّ مرتبة الوحدة هي مرتبة الصفات، والحقيقة المحمدية والمرتبة الواحدية هما مرتبة أسماء، كما يقال لآدم بأنه صاحب مقام قاب قوسين.

الفُنْجُلُ

الفُنْجُلُ، كقنفذٍ: عَناقُ الأرضِ، وبالفتح: الرجُلُ الأفْحَجُ.
والفَنْجَلَةُ: تَباعدُ ما بين الساقَيْنِ والقَدَمَيْنِ، ومِشْيَةٌ ضعيفةٌ،
كالفَنْــجَلَى.

سرى

(سرى) : لا أَفْعَلُ ذاكَ ما أَسْرَى سُرَيٌّ، وزَعَمُوا أنَّ سُرَيّاُ: النَّسْرُ الواقِعُ.
(سرى) : قال ابن جرير حدثني الحارث حدثنا الحسن حدثنا ورقاء عن ابن ابي نجيح عن مجاهد (سريا) قال (نهر) بالسريانية. وقال حدثنا وكيع حدثنا أبي عن سلمة بن نبيط عن الضحاك (سريا) قال جدول صغير بالسريانية. وقال ابن أبي حاتم حدثنا حجاج بن حمزة حدثنا شبابة حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد (سربا) نهراً بالنبطية، وقال حدثنا أبو داود عن قيس بن حصين عن سعيد بن جبير (سريا) نهرا بالنبطية.
(سرى)
اللَّيْل سريا وسراية وسرى مضى وَذهب وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَاللَّيْل إِذا يسر} وَيُقَال سرى الْهم وَاللَّيْل وَبِه قطعه بالسير وَيُقَال سرى بفلان لَيْلًا جعله يسير فِيهِ وعرق الشَّجَرَة فِي الأَرْض سريا وسراية دب تحتهَا وَيُقَال أَيْضا سرى فِيهِ السم وَالْخمر وسرى فِيهِ عرق السوء وَعَلِيهِ الْهم أَتَاهُ لَيْلًا وَالْجرْح إِلَى النَّفس دَامَ ألمه حَتَّى حدث مِنْهُ الْمَوْت وَيُقَال سرى التَّحْرِيم وسرى الْعتْق تعدى إِلَى غير الْمحرم أَو الْمُعْتق
سرى: سرى: تفشى، ذاب، ففي كتاب الخطيب (ص32 و): فجعل فيه ملحاً وذاقه على الفور قبل أن ينحل الملح ويسرى في المرقة.
سرى: أعدى، سار. يقال: سرى إليه أو فيه المرض. ومرض له قوة السريان أي العدوى (بوشر) سرى النسيم: عند الشعراء: نسم، هب بلطف. (ويجرز ص86 رقم 74)، هوجفلايت ص58 رقم 4، عباد 1: 3، 1: 13).
سُرَىّ: دوران، جولان (بوشر).
سَرَايا وسراية وتجمع على سرايات: هي سراي أي قصر مثل قصر السلطان أو الوزير ونحوهما.
(فليشر معجم ص65 - 66).
سار وتجمع على سواري = صار (بوشر، محيط المحيط) الأمراض السارية: هي التي تسرى من مريض إلى مريض بطريقة العدوى أو الوباء (محيط المحيط).
مُسرى: متأمل، متبصر (فوك).
سرى
السرَى: سَيْرُ اللَّيْلِ، سَرى يَسْري سُرى وسَرْياً، فهو سارٍ. وسَرَى وأسْرى: بمعنىً. وسَرَيْنا سُرْيَةً من الليْلِ وسَرْيَةً: أي سُدْفَةً. واسْتَرى الرجُلُ: أي سَرى. وسارَيْتُه: أي سَرَيْت مَعَه. وهو يُسَارِي إبِلَه: إذا جاءَ يَخْتِلُها لَيْلاً وَيسْرِقُها.
وفي المَثَل: " إذا سَمِعْتَ بسُرَى القَيْنِ فإنَّه مُصَبِّحٌ ".
والسارِيَةُ من السحَاب: التي بَيْنَ الغادِيَةِ والرائحَةِ لَيْلاً. والعِرْقُ يَسْرِي في الأرْضِ سَرْياً. والسرِيُ: النَّهْرُ، وجَمْعُه أسْرِيَةٌ وسُرْيَانٌ. واسْتَرَيْتُ الشَّيْءَ: اخْتَرْته. والسرِيةُ: خَيْلٌ تَبْلُغُ أرْبَعَمائةٍ.
والسّارِيَةُ: أُسْطُوَانَة من حِجَارَةٍ وآجُر.
وسُريَ عن فلانٍ: إذا تَــجَلّى عنه غَشْيَةٌ عَرَضَتْ له. وسَرَيْتُ عنه الثَّوْبَ: بمعنى سَرَوْتُ أي كَشَفْت.
وسَرّى العَرَقَ عن نَفْسِه: أفَاضَه، فهو يُسَرِّيْه. والسُّرَيّاءُ: ضَرْبٌ من البُرُوْدِ؛ وهي بُرُوْدٌ مُسَيَّرَةٌ.
سرى
السُّرَى: سير اللّيل، يقال: سَرَى وأَسْرَى.
قال تعالى: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ
[هود/ 81] ، وقال تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا [الإسراء/ 1] ، وقيل: إنّ (أسرى) ليست من لفظة سرى يسري، وإنما هي من السَّرَاةِ، وهي أرض واسعة، وأصله من الواو، ومنه قول الشاعر: بسرو حمير أبوال البغال به
فأسرى نحو أجبل وأتهم، وقوله تعالى:
سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ
[الإسراء/ 1] ، أي: ذهب به في سراة من الأرض، وسَرَاةُ كلّ شيء: أعلاه، ومنه: سَرَاةُ النهار، أي: ارتفاعه، وقوله تعالى: قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا
[مريم/ 24] أي: نهرا يسري ، وقيل: بل ذلك من السّرو، أي: الرّفعة. يقال، رجل سَرْوٌ.
قال: وأشار بذلك إلى عيسى عليه السلام وما خصّه به من سروه، يقال: سَرَوْتُ الثوبَ عنّي، أي: نزعته، وسَرَوْتُ الجُلَّ عن الفرس ، وقيل: ومنه: رجل سَرِيٌّ، كأنه سَرَى ثوبه بخلاف المتدثّر، والمتزمّل، والزّمّيل ، وقوله: وأَسَرُّوهُ بِضاعَةً [يوسف/ 19] ، أي: خمّنوا في أنفسهم أن يحصّلوا من بيعه بضاعة، والسَّارِيَةُ يقال للقوم الذين يَسْرُونَ بالليل، وللسّحابة التي تسري، وللأسطوانة.
[سرى] فيه: يرد "متسريهم" على قاعدهم، هو من يخرج في سرية وهى طائفة من جيش أقصاها أربعمائة تبعث إلى العدو، وجمعها السرايا، سموا به لأنهم يكونون خلاصة العسكر وخيارهم، من الشىء الرى النفيس، وقيل: لأنهم ينفذون سرا وخفية، ولا يصح لأن السر مضاعف وهذه ناقص، ومعناه أن أن الإمام وأمير الجيش يبعثهم وهو خارج إلى بلاد العدو فاذا اغنموا شيئا كان بينهم وبين الجيش عامة لأنهم ردء لهم وفئة، فأما إذا بعثهم وهو مقيم فان القاعدين معه لا يشاركونهم في المغتم، وإن كان جعل لهم نفلا من الغنم لم يشرهم غيرهم في شىء منه على الوجهين. وفي ح سعد: لا يسير "بالسربة" أي لا يخرج بنفسه مع السيرة في الغزو، وقيل: أي لا يسير فينا بالسيرة النفسية - ويتم بيانا عن قريب. ومنه ح: فنكحت بعده "سريا" أي نفيسا شريفا، وقيل: سحيا ذا مروءة، والجمع سراة بالفتح على غير قياس وقد يضم السين والاسم السرو. و. ح: إنه قال أحد: اليوم "تسرون" أي يقتل سريكم فقتل حمزة. وح: لما حضر نى شيبان وكلم "سراتهم" أي أشرافهم، وجمع السراة سروات. وح الأنصار: قد افترق ملؤهم وقتل "سرواتهم". ك: وقتلت "سراتهم" في دخول الإسلام، في دخول متعلق بقدمه فانه لو كان صناديدهم أحياء لما انقادوا له صلى الله عليه وسلم حبا للرائاسة. ومنه: وكان من "سراتهم". ومنه: وأمهاتهم بنات "سروات" الجن، أي ساداتهم. زر: هو بفتحات. ك: ومنه:
وهان على "سراة" بني لؤى
أي سادتهم، وهم النبى صلى الله عليه وسلم وأقاربه، منها أي من البويرة وأحراقها، وروى: منهم، أي من بنى النضير، والنزه بضم نون وفتحها النزاهة وهى البعد من السوء، ونضير بضاد معجمة من الضير أي بتضرر به، وروى: نضر، من النضارة، فان قيل قال ابن الحارث: أدام الله ذلك، أي تحريق المسلمين أرض الكافرين وهو كافر، قلت: غرضه أدام الله تحريق تلك الأرض بحيث يتصل بنواحيها، وهى المدينة وسائر أرض المسلمين وأي أرضينا أي من المدينة التى هي دار الإيمان أومكة التى بها الكفار يبقى متضررة، مستطير أي منتشر. ومر في بويرة بيانه. وفيه: أما إذا نشدتنا فإن سعدا لا يسير "بالسرية" أما بالتشديد، نشدتنا بفتح شين أي سألتنا بالله، لا يسير أي لا يخرج مع الجيش بنفسه وهى نفي شجاعته، ولا يقسم بالسوية نفي عفته، ولا يعدل في القضية أي الحكومة نفي شجاعته، ولا يقسم بالسوية نفي عفته، ولا يعدل في القضية أي الحكومة نفي الحكومة، فنفي العدل عنه الكلية فدعا عليه سعد ثلاث دعوات وفق ثلاث: افترائه في النفس والمال والدين، جزاء وفقا وشرط كذبه إنصافا وعدلا، قوله: قام رياء وسمعة، أي ليراه الناس ويسمعوه فيشهروا ذلك منه ليذكر به، فدعا باطالة عمره ليرد إلى أرذل العمر وويضعف قواه وينتكس في الخلق ويجعله عرضة للفتن، وهذا وإن استلزم تمنى وقوع مسلم في العصية لكنه جائز من حيث أنه يؤدى إلى نكاية الظالم، كتمى شهادة مسلم بقتل كافر له الذي هو معصية ووهن في الدين كقول نوح: (ولا تزد الظالمين إلا ضللا). غ: (والليل إذا "يسر") أي يسرى فيه، وسمى النهر سريا لأن الماء يسرى فيه. مد: (تحتك "سريا") جدولًا، وقيل: شريفا وهو عيسى. ك: يضع عرشه على الماء ثم يبعث "سراياه" هو جمع سرية قطعة من الجيش- ويجىءكان مشغولا بناحية فلم يشعر بصلاته. ط: ابتدروا "السوارى" بالتشديد جمع سارية، أي يقف كل أحد خلف أسطوانة.

سر

ى1 سَرَى, (S, M, K,) or سَرَى اللَّيْلَ (Msb) and بِاللَّيْلِ, (Mgh, Msb,) aor. ـْ (K,) inf. n. سُرًى (S, M, Mgh, K) and مَسْرًى (S, K) and سَرْيَةٌ and سُرْيَةٌ (M, K) and سِرَايَةٌ; (S, * and TA as from the K, but not in the CK nor in my MS. copy of the K;) the first of a form rare among inf. ns., because it is one of the forms of pls., as is shown by the fact that some of the Arabs make it and هُدًى fem., namely, Benoo-Asad, supposing them to be pls. of سُرْيَةٌ and هُدْيَةٌ, (S,) and Lh knew not سُرًى but as a fem. noun; (M;) or the inf. n. is سَرْىٌ, and سُرْيَةٌ and سَرْيَةٌ are more special [in meaning, as will be shown below, voce سَرْيَةٌ], and سُرًى is pl. of سُرْيَةٌ; (Msb;) or سَرْيَةٌ is an inf. n. un., and سُرْيَةٌ is a simple subst., and so is سُرًى, (S, TA,) and so is سِرَايَةٌ (Msb, TA) also, as some say; (TA;) He journeyed, or travelled, by night, or in the night, (S, M, Mgh, Msb, K,) in a general sense; (M, K;) accord. to Az, in the first part part of the night, and in the middle thereof, and in the last part thereof; (Msb, TA;) and ↓ اسرى signifies the same (S, M, Mgh, Msb, K) in the dial. of El-Hijáz, (S, Msb,) inf. n. إِسْرَآءٌ; (M;) as also ↓ استرى; (M, K;) and perhaps ↓ تسرّى likewise. (Mgh.) [See also سُرًى and سَرْيَةٌ below.] It is said in a prov., ذَهَبُوا إِسْرَاءَ ↓ قُنْفُذٍ‏ [They went away in the manner of a hedge-hog's night-travelling; meaning they went away by night]; because the قنفذ goes all the night, not sleeping. (M.) b2: [Hence, as denoting unseen progress,] it is said also of the root of a tree, meaning It crept along beneath the ground; (Az, M, K;) aor. as above, (M,) inf. n. سَرْىٌ. (TA.) b3: And it is said of ideal things, as being likened to corporeal things; tropically, and by extension of the signification; (Msb, TA;) or metaphorically; [as, for instance,] of calamities, and wars, and anxieties: (M, TA:) and the predominant inf. ns. [in these cases] are سِرَايَةٌ and سَرَيَانٌ. (TA.) One says, سَرَى عِرْقُ السُّوْءِ فِى الإِنْسَانِ (tropical:) [The root, or strain, of evil crept in the man]. (Es-Sarakustee, Msb, TA.) And سَرَى فِيهِ السَّمُّ (tropical:) [The poison crept in him, or pervaded him]; and similarly one says of wine; and of the like of these two things. (El-Fárábee, Msb, TA. [See also دَبَّ.]) And the lawyers say, سَرَى الجُرْحُ إِلَى النَّفْسِ (tropical:) [The wound extended to the soul], meaning that the pain of the wound continued until death ensued in consequence thereof: (Mgh, * Msb, TA:) and قُطِعَ كَفُّهُ فَسَرَى إِلَى سَاعِدِهِ (tropical:) [His hand was cut off, and it extended to his upper arm], meaning that the effect of the wound passed by transmission: and سَرَى التَّحْرِيمُ, and العِتْقُ, (tropical:) The prohibition, and the emancipation, [extended, or] passed by transmission: phrases current among the lawyers, but not mentioned in books of repute, though agreeable with others here preceding and following. (Msb, TA.) One says also, سَرَى عَلَيْهِ الهَمُّ (tropical:) Anxiety came to him [or upon him] by night: and سَرَى هَمُّهُ (tropical:) His anxiety went away. (Msb, TA.) and similar to these is the phrase in the Kur [lxxxix. 3], وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (tropical:) And by the night when it goes away: (Msb, TA:) or, as some say, when one journeys in it; like as one says لَيْلٌ نَائِمٌ meaning “ night in which one sleeps: ” the [final] ى [of the verb] is elided because it terminates a verse. (TA.) b4: It is made trans. by means of ب: (Msb:) one says, سَرَى بِهِ [He made him to journey, or travel, or he transported him, by night, or in the night; or it may be rendered he journeyed, or travelled, with him, by night, or in the night]; (M, Msb, K;) and in like manner, [and more commonly,] بِهِ ↓ أَسْرَى; (S, M, Msb, K;) and ↓ أَسْرَاهُ; (S, M, K;) like as one says, أَخَذَ بِالخِطَامِ as well as اخذ الخِطَامَ. (S.) As to the saying in the Kur [17:1], سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا [Extolled be the glory of Him who transported his servant by night!], it is an instance of corroboration, (S, K, * TA,) like the saying, سِرْتُ أَمْسِ نَهَارًا and البَارِحَةَ لَيْلًا: (S, TA:) or the meaning is [simply] سَيَّرَهُ: (K, TA:) accord. to 'Alam-ed-Deen Es-Sakháwee, لَيْلًا is added, although الإِسْرَآء is not otherwise than by night, because the space over which he was transported is not to be traversed in less than forty days, but was traversed by him in one night; as though the meaning [intended] were, فِى لَيْلٍ وَاحِدٍ; and it denotes wonder: لَيْلًا is here used instead of لَيْلَةً because when they say سَرَى لَيْلَةً the meaning generally is he occupied the whole of the night in journeying: Er-Rághib holds the verb in this instance to be from سَرَاةٌ signifying “ a wide tract of land,” to belong to art. سرو, and to be like أَجْبَلَ and أَتْهَمَ; the meaning being, who transported his servant over a wide tract of land: but this is strange. (TA.) A2: سَرَى مَتَاعَهُ, (M, K,) aor. ـْ (M, TA,) inf. n. سَرْىٌ, (TA,) He threw his goods, or utensils and furniture, upon the back of his beast. (M, K.) b2: And سَرَى عَنِّى الثَّوْبَ, inf. n. سَرْىٌ, He removed from over me the garment: but و is more approved [as the final radical: see 1 in art, سرو]. (M, TA.) You say, سَرَيْتُ الثَّوْبَ and ↓ سَرَّيْتُهُ I pulled off the garment: and عَنْهُ ↓ سُرِّىَ It was removed from over him, and removed from its place: the teshdeed denotes intensiveness. (TA.) 2 سرّى, (K,) or سرّى سَرِيَّةً, (TA,) inf. n. تَسْرِيَةٌ, He (the leader of an army, TA) detached a سَرِيَّة [q. v.] (K, TA) to the enemy by night. (TA.) b2: سرّى العَرَقَ عَنْ بَدَنِهِ, inf. n. as above, He exuded the sweat from his body. (TA.) b3: See also 1, last sentence, in two places.4 أَسْرَىَ see 1, in the former half of the paragraph, in two places: b2: and again, in the latter half, in three places. b3: See also 4 in art. سرو.5 تَسَرَّىَ see 1, first sentence.8 إِسْتَرَىَ see 1, first sentence.

سُرًى, [said by some to be an inf. n., by some to be a simple subst., and by some to be pl. of سُرْيَةٌ, or supposed to be so, and therefore made fem., as mentioned in the first sentence of this art.,] meaning A journeying, or travelling, by night, or in the night, in a general sense, is masc. and fem., (M, K,) by some of the Arabs made fem., (S,) and not known to Lh but as a fem. noun. (M.) It is said in a prov., عِنْدَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ القَوْمُ السُّرَى

[At daybreak, the party commend night-journeying]: applied to the man who endures difficulty, or distress, or fatigue, hoping for rest, or ease: (Meyd:) and in inciting to labour for the accomplishment of an affair with patience, and to dispose and subject the mind, until one commends the result thereof. (Har p. 555, q. v.) سَرَاةٌ: see art. سرو.

سَرْيَةٌ and ↓ سُرْيَةٌ are inf. ns. of سَرَى: (M, K:) or have a more special signification than the inf. n. of that verb, which is سَرْىٌ: one says, سَرَيْنَا سَرْيَةً مِنَ اللَّيْلِ and ↓ سُرْيَةً [We journeyed by night a journey of the night]: and the pl. of ↓ سُرْيَةٌ is [said to be] سُرًى: (Msb:) or one says, سَرَيْنَا سَرْيَةً وَاحِدَةً [We journeyed by night a single night-journey]: and the subst. [signifying a journeying, or travelling, by night, or in the night,] is ↓ سُرْيَةٌ, and سُرًى. (S, TA.) سُرْيَةٌ: see the next preceding paragraph, in four places.

سِرْيَةٌ meaning An arrow-head, (As, M, TA,) such as is small, short, round and smooth, having no breadth, (M, TA,) is a dial. var. of سِرْوَةٌ [q. v.], (As, TA,) or formed from the latter word by the substitution of ى for و because of the kesreh: (M, TA:) accord. to the K, ↓ سَرِيَّةٌ signifies a small round arrow-head; but this is a mistake; the correct word being سِرْيَةٌ, with kesr, and without teshdeed to the ى. (TA.) A2: It is also a dial. var. of سِرْوَةٌ signifying The locust in its first state, when it is a larva. (S in art. سرو.) سَرَآءٌ A certain tree, (AHn, S, M, K,) from which bows are made, (AHn, S, M,) the wood whereof is of the best of woods, and which is of the trees of the mountains: (AHn, M:) ElGhanawee El-Aarábee says, the نَبْع and شَوْحَط [q. v.] and سَرَآء are one: (TA in art. شحط:) [it is also mentioned in the TA in art. سرأ:] n. un.

سَرَآءَةٌ. (M, K.) سَرِىٌّ i. q. نَهْرٌ [A river, &c.]: (Th, M:) or a rivulet, or streamlet: (S, M, Msb:) or a rivulet running to palm-trees: (M, K:) pl. [of pauc.]

أَسْرِيَةٌ (S, M, K) and [of mult.] سُرْيَانٌ: (Sb, S, M, Msb, K:) أَسْرِيَآءُ as its pl. has not been heard. (S.) Thus it has been expl. as occurring in the Kur xix. 24. (M, TA.) A2: See also art. سرو.

سَرِيَّةٌ A portion of an army: (S, Msb:) of the measure فَعِيلَةٌ in the sense of the measure فَاعِلَةٌ; because marching by night, privily; (Mgh, Msb;) thus originally, and afterwards applied also to such as march by day: (Ham p. 45:) or it may be from الاِسْتِرَآءُ “ the act of choosing, or selecting; ” because a company chosen from the army: (Mgh: [but if so, belonging to art. سرو:]) from five persons to three hundred: (M, K:) or four hundred: (K:) or, of horsemen, about four hundred: (M:) or the best thereof, (S,) or the utmost, (Nh,) consists of four hundred: (S, Nh:) or, accord. to the “ Fet-h el-Bári,” from a hundred to five hundred: (TA:) or nine, and more than this; three, and four, and the like being termed طَلِيعَةٌ, not سَرِيَّةٌ: but it is related of the Prophet that he sent a single person as a سَرِيَّة: (Mgh:) the pl. is سَرَايَا (S, Msb) and سَرِيَّاتٌ. (Msb.) A2: See also سِرْيَةٌ.

سِرَايَةٌ A journeying, or travelling, by night, or in the night: (S, Msb, TA:) an inf. n.; (TA as from the K; [see 1, first sentence;]) or a simple subst. (Msb, TA.) سَرَيَانِىٌّ, from the inf. n. سَرَيَانٌ, Pervasive: occurring in philosophical works, and probably post-classical.]

السُّرْيَانِيَّةُ The Syriac language.]

سَرَّآءٌ One who journeys much, or often, by night. (K.) سَارٍ Journeying, or travelling, by night, or in the night, in a general sense: (M, TA: *) pl. سُرَاةٌ. (TA.) b2: Hence, because of his going [about] by night, (TA,) السَّارِى signifies The lion; as also ↓ المُسَارِى and ↓ المُسْتَرِى. (K, TA.) سَارِيَةٌ A party, or company of men, journeying by night. (Er-Rághib, TA.) b2: And A cloud that comes by night: (S, Msb:) or clouds that travel by night: (K:) or a cloud that is between that which comes in the early morning and that which comes in the evening: [perhaps thus termed as having previously travelled in the night:] or, accord. to Lh, a rain that comes in the night: (M, TA:) pl. سَوَارِى [app. a mistranscription for سَوَارٍ, being indeterminate]. (K, TA.) b3: One says, جَآءَ صَبِيحَةَ سَارِيَةٍ He came in the morning of a night in which was rain. (TA.) b4: and the pl. السَّارِيَاتُ signifies The asses: (M:) or the wild asses: (TA:) because they rest not by night: (M:) or because they pasture by night. (TA.) A2: Also A column, syn. أُسْطُوَانَةٌ, (S, M, Msb, K,) of stone, or of baked bricks; so in the “ Bári': ” (TA:) pl. سَوَارٍ. (Mgh.) b2: [And A mast: see حَنَّ and صَرَّ: and see also صَارِيَةٌ.]

أَسْرَى [More, and most, used to night-journeying]. أَسْرَى مِنْ قُنْفُذٍ [More used to go about by night than a hedge-hog] is a prov. of the Arabs. (TA.) [See also the same word in art. سرو.]

مَسْرًى may be a n. of place and a n. of time, [signifying A place, and a time, of night-journeying,] as well as an inf. n. (Ham p. 23.) It is [used also in a larger sense, as] syn. with مَذْهَبٌ [A place, and a time, of going &c.: a way by which one goes &c.]. (Har p. 540.) المُسَارِى: see سَارٍ, above.

المُسْتَرَى: see سَارٍ, above.

المُتَسَرِّى He who goes forth in, or among, the [company termed] سَرِيَّة. (IAth, TA.)

الرَّجُلُ

الرَّجُلُ، بضم الجيمِ وسكونِه: م، وإنما هو إذا احْتَلَمَ وشَبَّ، أو هو رَجُلٌ ساعةَ يُولَدُ، تصغيرُه: رُجَيْلٌ ورُوَيْجِلٌ، والكثيرُ الجِماعِ، والراجِلُ، والكامِلُ، ج: رِجالٌ ورِجالاتٌ ورَجْلَةٌ ورِجَلَةٌ، كعِنَبَةٍ، ومَرْجَلٌ وأراجِلُ، وهي رَجْلَةٌ.
وتَرَجَّلَتْ: صارتْ كالرَّجُلِ. ورَجُلٌ بَيِّنُ الرُّجولِيَّةِ والرُّجْلَةِ والرُّجْلِيَّةِ، بضمهنَّ، والرَّجولِيَّةِ، بالفتح.
وهو أرْجَلُ الرَّجُلَيْنِ: أشَدُّهُما.
وامرأةٌ مُرْجِلٌ، كمُحْسِنٍ: مُذْكِرٌ.
وبُرْدٌ مُرَجَّلٌ، كمُعَظَّمٍ: فيه صُوَرُ الرجالِ.
والرِجْلُ، بالكسر: القَدَمُ، أو من أصْلِ الفَخِذِ إلى القَدَمِ، ج: أرْجُلٌ.
ورجُلٌ أرْجَلُ: عظيمُ الرِجْلِ.
ورَجِلَ، كفرِحَ، فهو راجِلٌ ورَجُلٌ ورَجِلٌ ورَجِيلٌ ورَجْلٌ ورَجْلانُ: إذا لم يكنْ له ظَهْرٌ يَرْكَبُه، ج: رِجالٌ ورَجَّالَةٌ ورُجَّالٌ ورُجالَى ورَجالَى ورَــجْلَى ورُجْلانٌ، بالضم، ورَجْلَةٌ ورِجْلَةٌ وأرْجِلَةٌ وأراجِلُ وأراجِيلُ.
والرَّجْلَةُ، ويُكْسَرُ: شِدَّةُ المَشْيِ، أو بالضم: القُوَّةُ على المَشْيِ.
وحَرَّةٌ رَــجْلَى، كَسَكْرَى، ويُمَدُّ: خَشِنَةٌ يُتَرَجَّلُ فيها، ط أو مُسْتَويَةٌ ط، كثيرةُ الحِجارةِ.
وتَرَجَّلَ: رَكِبَ رِجْلَيْهِ،
وـ الزَّنْدَ: وَضَعَهُ تحتَ رِجْلَيْهِ،
كارْتَجَلَهُ،
وـ النهارُ: ارْتَفَعَ.
ورَجَلَ الشاةَ وارْتَجَلَهَا: عَقَلَها بِرجْلَيْهِ، أو عَلَّقَها بِرِجْلِهَا.
والمُرَجَّلُ، كمُعَظَّمٍ: المُعْلَمُ، والزِقُّ يُسْلَخُ من رِجلٍ واحدةٍ، والزِقُّ المَلْآنُ خَمْراً،
وـ من الجَرادِ: الذي تُرَى آثارُ أجْنِحَتِهِ في الأرضِ.
والرُّجْلَةُ، بالضم،
والتَّرْجيلُ: بياضٌ في إحْدَى رِجْلَيِ الدابة، رَجِلَ، كفرِحَ، والنَّعْتُ: أرْجَلُ ورَجْلاءُ.
ورَجَلَتِ المرأةُ ولَدَهَا: وضَعَتْه بِحَيثُ خَرَجَتْ رِجْلاهُ قَبْلَ رأسِهِ.
ورِجْلُ الغُرابِ: نَبْتٌ، وذُكِرَ في: غ ر ب، وضَرْبٌ من صَرِّ الإِبِلِ لا يَقْدِرُ الفَصيلُ أن يَرْضَعَ معه ولا يَنْحَلُّ.
ورجُلٌ راجِلٌ ورَجيلٌ: مَشَّاءٌ، ج: كسَكْرَى وسُكارَى. وكأَميرٍ: الرجُلُ الصُّلْبُ.
وهو قائِمٌ على رِجْلٍ: إذا حَزَبَهُ أمْرٌ فقامَ له.
ورِجْلُ القَوْسِ: سِيَتُها السُّفْلَى،
وـ من البَحْرِ: خَليجُهُ،
وـ من السَّهْمِ: حَرْفَاهُ.
ورِجْلُ الطائِرِ: مِيسمٌ.
ورِجْلُ الجَرادِ: نَبْتٌ كالبَقْلَةِ اليَمانِيَّةِ.
وارْتَجَلَ الكَلاَمَ: تَكَلَّمَ به من غير أن يُهَيِّئَهُ،
وـ برأيِه: انْفَرَدَ،
وـ الفَرَسُ: راوَحَ بينَ العَنَقِ والهَمْلَجَةِ.
وتَرَجَّلَ البِئْرَ، وفيها: نَزَلَ،
وـ النهارُ: ارْتَفَعَ،
وـ فلانٌ: مَشَى راجِلاً.
وشَعَرٌ رَجْلٌ، وكجَبَلٍ وكَتِفٍ: بينَ السُّبوطَةِ والجُعودَةِ، وقد رَجِلَ، كفرِحَ، ورَجَّلْتُهُ تَرْجيلاً، ورَجُلٌ رَجْلُ الشَّعَرِ ورَجِلُهُ ورَجَلُهُ، ج: أرْجَالٌ ورَجالَى.
ومَكانٌ رَجيلٌ: بَعيدُ الطَّريقَيْنِ.
وفَرَسٌ رَجيلٌ: مَوْطوءٌ رَكوبٌ لا يَعْرَقُ.
وكلامٌ رَجيلٌ: مُرْتَجَلٌ.
والرَّجَلُ، مُحَرَّكةً: أن يُتْرَكَ الفَصيلُ يَرْضَعُ أُمَّهُ ما شاءَ.
ورَجَلَهَا: أرْسَلَهُ مَعَهَا،
كأَرْجَلَهَا،
وـ البَهْمُ أُمَّهُ: رَضَعَهَا، وبَهْمَةٌ رَجَلٌ ورَجِلٌ.
وارْتَجِلْ رَجَلَكَ: عليكَ شأنَكَ فالزَمْهُ.
والرِّجْلُ، بالكسر: الطائِفَةُ من الشيءِ، ونِصْفُ الراويَةِ من الخَمْرِ والزَّيْتِ، والقِطْعَةُ العَظيمَةُ من الجَرادِ، جَمْعٌ على غَيْرِ لَفْظِ الواحِدِ كالعانَةِ والخَيْطِ والصِّوارِ،
ج. أرْجالٌ، والسَّراويلُ الطاقُ، والسَّهْمُ في الشيءِ، والرَّجُلُ النَّؤُومُ، والقِرْطاسُ الأَبْيَضُ، والبُؤْسُ والفَقْرُ، والقاذورَةُ مِنَّا، والجَيْشُ، والتَّقَدُّمُ، ج: أرْجَالٌ.
والمُرْتَجِلُ: مَنْ يَقَعُ بِرِجْلٍ من جَرادٍ فَيَشْوي منها، ومَنْ يُمْسِكُ الزَّنْدَ بِيَدَيْهِ ورِجْلَيْهِ.
وكان ذلك على رِجْلِ فُلانٍ: في حَياتِهِ، وعلى عَهْدِهِ.
والرِّجْلَةُ، بالكسر: مَنْبِتُ العَرْفَجِ في رَوْضَةٍ واحِدَةٍ، ومَسِيلُ الماءِ من الحَرَّةِ إلى السَّهْلَةِ، ج: كعِنَبٍ، وضَرْبٌ من الحَمْضِ والعَرْفَجِ، ومنه: "أحْمَقُ من رِجْلَةٍ"، والعامَّةُ تقولُ: من رِجْلِهِ.
ورِجْلَةُ التَّيْسِ: ع بين الكوفَةِ والشامِ.
ورِجْلَةُ أَحْجَارٍ: ع بالشامِ.
ورِجْلَتا بَقَرٍ: ع بأسْفَلِ حَزْنِ بَني يَرْبوعٍ. وذو الرِّجْلِ: لُقْمانُ بنُ تَوْبَةَ، شاعِرٌ. وكمنْبَرٍ: المُشْطُ، والقِدْرُ من الحِجَارَةِ والنُّحاسِ، مُذَكَّرٌ.
وارْتَجَلَ: طَبَخَ فيه.
والتَّراجيلُ: الكَرَفْسُ.
والمُمَرْجَلُ: ثيابٌ فيها صُوَرُ المَراجِلِ. وكشَدَّاد: ابنُ عُنْفُوَةَ، قَدمَ في وَفْد بَني حَنيفَةَ، ثم ارْتَدَّ فَتَبعَ مُسَيْلِمَة، قَتَلَهُ زَيْدُ بنُ الخَطَّابِ يَوْمَ اليَمامَةِ، ووَهِمَ من ضَبَطَهُ بالحاءِ، وابنُ هِندٍ: شاعِرٌ. وككِتابٍ: أبو الرِّجالِ سالِمُ بنُ عطاءٍ: تابِعِيٌّ، ومُحَدِّثٌ رَوَى عن أُمِّهِ عَمْرَةَ. وعُبَيْدُ بنُ رِجالٍ: شَيْخٌ للطَّبَرانِيِّ.
وأرْجَلَهُ: أمهَلَهُ، أو جَعَلَهُ راجِلاً،
وإذا وَلَدَتِ الغَنَمُ بعضُها بعدَ بعضٍ قيلَ: ولَّدْتُها الرُّجَيْلاءَ، كالغُمَيْصاءِ.
والراجِلَةُ: كَبْشُ الراعي الذي يَحْمِلُ عليه مَتاعَهُ. وكَمقْعَدٍ ومِنْبَرٍ: بُرْدٌ يَمَنِيٌّ.
والرَّجْلُ: النَّزْوُ.
والرُّجَيْلاءُ والرَّجَلِيُّونَ، محرَّكةً: قَوْمٌ كانوا يَعْدُونَ على أرْجُلِهِم، الواحدُ: رَجَلِيٌّ، وهُمْ سُلَيْكُ المَقانِبِ، والمُنْتَشِرُ بنُ وَهْبٍ الباهِليُّ، وأوْفَى بنُ مَطَرٍ المازِنِيُّ.
ويقالُ: أمْرُكَ ما ارْتَجَلْتَ، أي: ما اسْتَبْدَدْتَ فيه برَأيِكَ. وسَمَّوْا: رِجْلاً ورِجْلَةَ، بكسرهما.
والرَّجْلاءُ: ماءٌ لبني سَعيدِ بنِ قُرْطٍ.
وكعِنبٍ: ع باليمامةِ.
والتَّرْجِيلُ: التَّقْوِيَةُ.
وفرسٌ رَجَلٌ، محرَّكةً: مُرْسَلٌ على الخَيْلِ، وكذا خَيْلٌ رَجَلٌ.
وناقةٌ راجِلٌ على ولَدِها: ليستْ بمَصْرورةٍ. وذو الرُّجَيْلَةِ، كجُهَيْنَةَ: ثلاثةٌ: عامِرُ بنُ مالِكٍ التَّغْلَبِيُّ، وكعْبُ بنُ عامِرٍ النَّهْدِيُّ، وعامِرُ بنُ زيدِ مَنَاةَ.
والأراجِيلُ: الصَّيَّادونَ.

دهو

(دهو) الرجل دهاء صَار عَاقِلا فَهُوَ دهي (ج) أدهياء ودهواء

دهو


دَهَا
دَهِيَ(n. ac. دَهْي
a. [1I ]
دَهَآء [] دَهَآءَة [دَهَاْو]), Was astute, sagacious, cunning.
b. Attributed cunning or treachery to.
دهـو
دها يَدهُو، ادْهُ، دَهْوًا، فهو داهٍ، والمفعول مدهُوّ
• دهَتِ المصيبةُ فلانًا: أصابته، نزلت وأحلَّت به "ما دهاك؟: ماذا أصابك ونزل بك؟ - تــجلّى صبرُه حين دهته الدّاهيةُ". 

دَهْو [مفرد]: مصدر دها. 
دهو
: (و ( {دَاهِيَةٌ} دَهْواءُ {ودُهْوِيَّةُ، بالضَّمِّ) : أَي (شَديدَةٌ جدّاً) .
مُقْتضى كِتَابَته بالأَحْمر أَنَّ الجوهريَّ أَهْمَلَةُ، وليسَ بل ذَكَره فِي الَّذِي سَبَقَ، فنقَلَ عَن ابنِ السِّكّيت:} دِاهِيَةٌ {دَهْياءُ} ودَهْواءُ، وَهُوَ توكيدٌ لَهَا.
(ويَوْمُ {دَهْوٍ، بالفتْحِ: من أَيَّامِهم) .
قالَ نَصْر: هُوَ مَوْضِعٌ بالحجازِ.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
} الدّهْوُ: النّكْرُ.
{دَهَوْتُه} دَهْواً فَهُوَ {مَدْهوٌّ: أَصَبْته بِهِ.
ودَهَوْتُه نَسَبْتُه إِلَى الدّهاءِ؛ عَن الليْثِ.
(د هـ و)

الدَّهْوُ، والدَّهاءُ: الْعقل، وَقد دَهَى يَدْهَى ويَدْهُو دَهاً ودَهاءَةً، فَهُوَ داهٍ من قوم دُهاةٍ. ودَهُوَ دَهاءَةً فَهُوَ دَهِىٌّ من قوم أَدْهِياء ودُهَواءَ. ودَهِىَ دَهَاءً فَهُوَ دَهٍ من قوم دَهِينَ.

ودَهاهُ دَهْواً: نسبه إِلَى الدَّهاءِ.

وأَدْهاه: وجده داهِياً. وَقَالُوا: هِيَ داهِيَةٌ دَهْواءُ ودُهْوِيَّة، وَقد تقدم كل ذَلِك فِي الْيَاء، لِأَن الْكَلِمَة يائية وواوية.

ودَهاه دَهْواً: ختله.

وَيَوْم دَهْوٍ: يَوْم تناهض فِيهِ بَنو المنتفق وهم رَهْط الشنآن بن مَالك، وَله حَدِيث.

دهو and دهى 1 دَهِىَ, aor. ـْ (JK, K,) inf. n. دَهْىٌ and دَهَآءٌ and دَهَآءَةٌ; (K;) and دَهَى, aor. as above, inf. n. دَهْىٌ; (JK;) and دَهَا, (JK, TA,) aor. ـه (JK,) or ـْ [or يَدْهَى], (TA,) inf. n. دَهَآءٌ (JK, TA) and دَهَآءَةٌ; (JK;) and دَهُوَ, aor. ـْ (JK,) [inf. n. app. دَهَآءَةٌ;] He possessed cunning; i.e. intelligence, or sagacity; or intelligence mixed with craft and forecast; and excellence of judgment; (K, TA;) he was, or became, such as is termed دَاهٍ and دَهِىٌّ and دَهٍ. (JK.) [See دَهَآءٌ, below.]

A2: دَهَوْتُهُ, (JK, TA,) inf. n. دَهْوٌ; (TA;) and دَهَيْتُهُ, (JK,) third Pers\.

دَهَاهُ, inf. n. دَهْىٌ; (TA;) I treated him with cunning, &c. (JK, * and TA in explanation of the former.) [Both signify also I outwitted, deceived, deluded, beguiled, or circumvented, him.]

And دُهِيتُ means I was turned, or kept, from a thing, or an affair, by deceit, or guile. (JK, TA.)

b2: Also دَهَاهُ, inf. n. دَهْىٌ, He attributed, or imputed, to him cunning, &c.; expl. by نَسَبَهُ

إِلَى الدَّهَآءِ [an inverted phrase]: or he attributed, or imputed, to him a vice, or fault, or the like; blamed him, censured him, found fault with him, or detracted from his reputation: or he smote him with a دَاهِيَة, i. e. great, formidable, grievous, or distressing, thing or event or accident or action: and ↓ دهّاهُ signifies the same: (K:) thus in the K, with teshdeed: but in the M and Tekmileh it is said that دَهَيْتُهُ and دَهَوْتُهُ signify I attributed, or imputed, to him cunning (الدَّهَآء); without

mention of تَدْهِيَةٌ [inf. n. of دَهَّى]. (TA.)

b3: You say also دَهَاهُ الأَمْرُ, aor. ـْ The thing, or event, befell him: (Msb:) and دَهَتْهُ دَاهِيَةٌ [a calamity befell him]. (S.) And مَا دَهَاكَ What

befell, or hath befallen, thee? (S.)

2 1َ2َّ3َ see above.

3 داهاهُ (inf. n. مُدَاهَاةٌ, M in art. ارب, and K in art. ورب, &c.,) He strove, or endeavoured, to outwit, deceive, delude, beguile, or circumvent, him; syn. آرَبَهُ, (S in art. ارب,) and وَارَبَهُ, (K in art. ورب,) and نَاكَرَهُ. (TA in art. نكر.)

b2: and داهى بِدَاهِيَةٍ, inf. n. as above, He smote people with a calamity. (TA.)

4 ادهاهُ He found him to be such as is termed دَاهٍ [i. e. cunning, &c.], (IDrd, TA,) or دَاهِيَة

[which signifies the same in an intensive sense]. (JK.)

b2: [ادهى preceded by مَا is also used as a verb of wonder.] A poet says, أَبَا خَالِدٍ مَا كَانَ أَدْهَى مُصِيبَةً

أَصَابَتْ مَعَدًّا يَوْمَ أَصْبَحْتَ ثَاوِيَا

Aboo-Khálid, how great was the calamity that befell Ma' add on the day when thou diedst [or wast slain]! (Ham p. 440.)

5 تدهّى [He acted cunningly;] he did as do the دُهَاة [or cunning, &c., pl. of دَاهٍ]. (ISd, K.)

6 تداهى [He affected, or pretended, to possess دَهَآء; i. e., to be cunning, &c.]. (IAar, K in art. خزر: see 1 and 2 in that art.)

دَهٍ: see دَاهٍ, in two places.

A2: إِلَّا دَهٍ فَلَا دَهٍ: see art. ده.

دَهْوٌ: see دَهَآءٌ.

دَهْىٌ: see دَهَآءٌ.

A2: Also A large [bucket such as is called] غَرْب. (AA, TA.)

دَهْوَآءُ: see the next paragraph.

دَهْيَآءُ: see دَاهِيَةٌ.

b2: It is also used as a corroborative: (ISk, S:) you say دَاهِيَةٌ دَهْيَآءُ (ISk, JK, S, Msb) and ↓ دَهْوَآءُ (ISk, JK, S, Msb, K) and ↓: دُهْوِيَّةٌ, (JK, K,) meaning A severe, grievous, or distressing, calamity or misfortune: (JK:) or a very severe or grievous or distressing [calamity]. (K.)

دُهْوِيَّةٌ: see what next precedes.

دَهَآءٌ (in which the ء is converted from ى not from و S) and ↓ دَهْىٌ(JK, S, K) and ↓ دَهْوٌ (JK, TA) [are all inf. ns., and] are syn., (JK, S, K, TA,) signifying Cunning; i. e. intelligence, or sagacity; or intelligence mixed with craft and forecast; (TA in art. احد;) i. q.إِرْبٌ, (K,) and نُكْرٌ: (S, K:) and excellence of judgment. (S, K.)

[It is said in the S, app. with reference to دَهَآءٌ, that the dual is دَهْيَاوَانِ: but this is the regular dual of دَهْيَآءُ ; like حَمْرَاوَنِ, dual of حَمْرَآءُ]

دَهِىٌّ: see what next follows, in three places.

دَاهٍ and ↓ دَهٍ (JK, K) and ↓ دَهِىٌّ, part. ns. of دَهَى and دَهِىَ and دَهُوَ [respectively]: (JK,) and ↓ دَاهِيَةٌ, applied to a man, Cunning; i. e. possessing

intelligence, or sagacity; or intelligence mixed with craft and forecast: and excellent in judgment: (S, K:) i. q. مُنْكَرٌ [as syn. with نَكِرٌ] : (TA, and JK in explanation of دَاهِيَةٌ :) knowing, or skilful, in affairs: (TA:) or ↓دَهِىٌّ signifies [simply] intelligent: (AA, K:) and ↓دَاهِيَةٌ is [an intensive epithet, signifying very cunning; i. e. possessing much intelligence, &c.;] from دَهَآءٌ explained above: or [it means one who is as though he were calamity, or misfortune, personified;] from الدَّاهِيَةُ in the sense commonly known [which see below]: (TA in art. احِد:) the pl. (of دَاهٍ, JK, TA) is دُهَاةٌ, and (of ↓دَهٍ, JK, TA)

دَهُونَ, (JK, K, TA,) and of ↓دَهِىٌّ, أَدْهِيَآءُ (JK, M, TA) and دُهَوَآءُ, in the K, erroneously, أَدْهِيَةٌ and دَهْوَآءُ. (TA.)

b2: [Hence,] الدَّاهِى The lion. (K.)

دَاهِيَةٌ A calamity, a misfortune, an evil accident; (JK, Msb;) a great, formidable, grievous, or distressing, thing or event or accident or action; (S, K;) and ↓دَهْيَآءُ signifies the same: (JK, TA:*)

[the dim. of the former, ↓دُوَيْهِيَةٌ, generally means a great calamity &c.; being an instance of what is termed تَصْغِيرُ تَعْظِيمٍ:] the pl. of دَاهِيَةٌ is دَوَاهٍ: (Msb, TA:) and دَوَاهِى الدَّهْرِ means the great, formidable, grievous, or distressing, events of fortune that befall men. (S, TA.)

A2: See also دَاهٍ, in two places.

دُوَيْهِيَةٌ: see the next preceding paragraph.

أَدْهَى [More, and most, cunning, &c. Hence,] أَدْهَى مِنْ قَيْسِ بْنِ زُهَيْرٍ [More intelligent, or sagacious, than Keys the son of Zuheyr] : a prov. (Meyd.)

مَدْهُوٌّ and مَدْهِىٌّ pass. part. ns.; (JK, TA;)

Treated with cunning, &c. (TA in explanation of the former.)

نيم

نيم: نيم. حساب النيم: نوع من الحساب يلجأ إليه الفلكيون حين يقدم الملوك على الحرب لمعرفة من سيكون المنتصر (انظر المقدمة 1: 210: 4 وما بعدها).
نيمة الجمع نيم: قنينة. (رسالة إلى السيد فليشر).

نيم


نَامَ (ي)
نِيْمa. Pleasure; comfort, ease.
b. Kindness, beneficence, benignity.
c. Soft, smooth (stuff).
d. Furrows, rides ( in sand ).
e. Arrowwood.
f. Friend, confidant.

نِيْمَة
نَاْيِم
نِيَاْم
نُيَّاْمa. see under
نَوَمَ

نَيْنُوْفَر
a. see نَيْلُوْفَر
نيم: النِّيْمُ: الفَرْوُ الرَّقِيْقُ. والدَّرَجُ في الرَّمْلِ إذا جَرَتِ الرِّيْحُ. وضَرْبٌ من الشَّجَرِ.
وفلانٌ نِيْمي: أي أَسْتَنِيْمُ إليه وآنَسُ به.
والنِّيْمَةُ في النِّيْمِ طَيِّبَةٌ: أي النَّوْمُ في الفَرْوِ.
[نيم] النيم: الدرج التى تكون في الرمل إذا جرَتْ فيه الريح. قال ذو الرمّة: حتَّى انــجلى الليلُ عنها في مُلَمَّعَةٍ مِثْلِ الأديمِ لها من هَبْوَةٍ نيم والنيم: الفرو الخلق. وقول ساعدة بن جؤية الهذلى:

من نيم ومن كتم * هما شجران.
نيم
( {النِّيمُ، بِالْكَسْرِ) هَكَذَا أفرده الْجَوْهَرِي، فِي تركيبٍ مُسْتَقِلٍّ، وَكَذَلِكَ ابْن بَري، وكأنَّ المصنِّف تَبِعَهُما. وَأما ابْن سَيّده فإنَّه ذكر النِّيمَ فِي النَّوْم، قَالَ: وإنَّما قضينا على يَاء النِّيمِ، فِي وُجوهِها كُلِّها، بِالْوَاو، لوُجُود: ((ن وم)) وَعدم: ((ن ي م)) ، وَهُوَ (النِّعمَةُ التَّامَّة. و)) النِّيمُ: (من} يُسْتَنام إِلَيْهِ) أَو يُوثَقُ بِهِ (ويُؤنسُ بِهِ. و) أَيْضا: (شَجَرٌ تُتَّخذ مِنْهُ القِداحُ) قَالَ أَبُو حنيفَة: النِّيمُ: شجرٌ لَهُ شوكٌ لَيِّن، وورقٌ صِغارٌ، وَله حَبٌّ كثيرٌ، متفرقٌ، أَمْثَال الحِمِّصِ، حامِضٌ، فَإِذا أينع: اسودَّ وحلا، وَهُوَ يُؤكَلُ، ومنابته: الجبالُ، وَأنْشد لساعدة [بن جُؤيَّة] الهُذليّ، وَوصف وَعلا فِي شَاهِق:
(ثُمَّ يَنوشُ إِذا آدَ النَّهارُ لَهُ ... بعد التَّرَقُّب من! نيمٍ وَمن كَتَمِ)
وَقيل: هما شجرتان، من العِضاه. (وكل ليِّن، من عَيْشٍ، أَو ثوب) : نيمٌ. (و) النِّيم أَيْضا: (الدَّرج) الَّتِي تكونُ (فِي الرِّمال، إِذا جَرَتْ عَلَيْهَا الرِّيح) ، وَأنْشد الْجَوْهَرِي لذِي الرُّمة:
(حَتَّى انْــجَلى اللَّيْلُ عنَّا فِي مُلَمِّعَةٍ ... مثلِ الأديمِ، لَهَا من هَبْوَةٍ نِيمُ) قَالَ ابنُ بَرِّي: وفُسِّرَ النِّيمُ هُنَا بِالفَرْو. (و) النِّيمُ: (الفَرْوُ) ، زَادَ الجَوْهَرِيُّ (الخَلَقُ) . وقِيلَ: هُوَ الفَرْوُ القَصِيرُ، إِلَى الصَّدْرِ، أَيْ: نِصْفُ فَرْوٍ، بِالفَارسِيَّةِ، وَقِيلَ: فَرْوٌ يُسَوَّى مِنْ جُلُودِ الأَرَانِبِ، وَهُوَ غَالِي الثَّمَن، وأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّي، لِلْمَرَّارِ بنِ سَعِيدٍ: فِي لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي القُرِّ شَاتِيَةٍ لاَيُدْفِئُ الشَّيْخَ مِنْ صُرَّادِهَا النِّيمُ وَقَالَ رُؤْبَةُ، وَقِيلَ: أَبُو النَّجْمِ: وِقْدَ أَرَى ذَاكَ فَلَنْ يَدُومَا يُكْسَيْنَ مِنْ لِينِ الشَّبَابِ {نِيمَا (} وَمَنِيمُونُ: كُوَرةٌ بِمِصْرَ) ، ظَاهِرُ سِيَاقِهِ أنَّهُ بِفَتْحِ المِيمِ، وَكَسْرِ النُّونِ، وَسُكُونِ اليَاءِ التَّحْتِيَّةِ، وضَمِّ المِيمِ الثَّانِيَةِ، وَالَّذِي فِي مُعْجَمِ ياقوتٍ، بِفَتْحِ المِيم، ثُمَّ السُّكُونِ، وَفَتْحِ اليَاءِ آخِرِ الحُرُوفِ: كُورَةٌ بِمِصْرَ، ذَاتُ قَرًى، وَضِيَاعٍ. ثُمَّ إِنَّ ظَاهِرَ كَلاَمِهِ أَنَّ المِيمَ وَالنُّونَ زَائدَتَانِ، وفِيهِ نَظَرٌ، والأَوْلَى: ذِكْرُهَا فِي المِيمِ وَالنُّونِ؛ لأَنَّ الاسْمَ عَجَمِيُّ، لَيْسَ بِمُشْتَقٍّ، فَتَأَمَّلْ ذِلَكَ. [] ومِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: النِّيمُ، بِالكَسْرِ: القَطِيفَةُ، وَقَدْ ذَكَرَه فِي ((ن وم)) . وَأَغْفَلَهُ هُنَا، وَهُوَ غَرِيبٌ. وَتَقَدَّمَّ شَاهِدُهُ. {والنِّيمُ: الضَّجيعُ، ويُقُولُونَ: هُوَ نِيمُ المَرْأَةِ، وَهِيَ:} نِيمَتُهُ، نَقَلَهُ ابْن سِيدَه.

جَلَوَ 

(جَلَوَ) الْجِيمُ وَاللَّامُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَقِيَاسٌ مُطَّرِدٌ، وَهُوَ انْكِشَافُ الشَّيْءِ وَبُرُوزُهُ. يُقَالُ جَلَوْتُ الْعَرُوسَ جَلْوَةً وَجَلَاءً، وَجَلَوْتُ السَّيْفَ جَلَاءً. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: السَّمَاءُ جَلْوَاءُ أَيْ مُصْحِيَةٌ. وَيُقَالُ تَــجَلَّى الشَّيْءُ، إِذَا انْكَشَفَ. وَرَجُلٌ أَــجْلَى، إِذَا ذَهَبَ شَعَْرُ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ، وَهُوَ الْجَلَا. قَالَ:

مِنَ الْجَلَا وَلَائِحُ الْقَتِيرِ

وَمِنَ الْبَابِ: جَلَا الْقَوْمُ عَنْ مَنَازِلِهِمْ جَلَاءً، وَأَجْلَيْتُهُمْ أَنَا إِجْلَاءً. وَيَقُولُونَ: هُوَ ابْنُ جَلَا، إِذَا كَانَ لَا يَخْفَى أَمْرُهُ لِشُهْرَتِهِ. قَالَ:

أَنَا ابْنُ جَلَا وَطَلَّاعُ الثَّنَايَا ... مَتَّى أَضَعِ الْعِمَامَةَ تَعْرِفُونِي

وَيُقَالُ جَلَا الْقَوْمُ وَأَجْلَيْتُهُمْ أَنَا، وَجَلَوْتُهُمْ. قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ: فَلَمَّا جَلَاهَا بِالْأُيَامِ تَحَيَّزَتْ ... ثُبَاتٍ عَلَيْهَا ذُلُّهَا وَاكْتِئَابُهَا

رَسَمَ 

(رَسَمَ) الرَّاءُ وَالسِّينُ وَالْمِيمُ أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا الْأَثَرُ، وَالْآخَرُ ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ.

فَالْأَوَّلُ الرَّسْمُ: أَثَرُ الشَّيْءِ. وَيُقَالُ تَرَسَّمْتُ الدَّارَ، أَيْ نَظَرْتُ إِلَى رُسُومِهَا. قَالَ غَيْلَانُ:

أَأَنْ تَرَسَّمْتَ مِنْ خَرْقَاءَ مَنْزِلَةً ... مَاءُ الصَّبَابَةِ مِنْ عَيْنَيْكَ مَسْجُومُ

وَنَاقَةٌ رَسُومٌ: تُؤَثِّرُ فِي الْأَرْضِ مِنْ شِدَّةِ الْوَطْءِ. وَالثَّوْبُ الْمُرَسَّمُ: الْمُخَطَّطُ. وَيُقَالُ إِنَّ التَّرَسُّمَ: أَنْ تَنْظُرَ أَيْنَ تَحْفِرُ، وَهُوَ كَالتَّفَرُّسِ. قَالَ:

تَرَسُّمَ الشَّيْخِ وَضَرْبَ الْمِنْقَارْ

وَيُقَالُ إِنَّ الرَّوْسَمَ: شَيْءٌ تُــجْلَى بِهِ الدَّنَانِيرُ. قَالَ:

دَنَانِيرُ شِيفَتْ مِنْ هِرَقْلَ بِرَوْسَمِ وَالرَّوْسَمُ: خَشَبَةٌ يُخْتَمُ بِهَا الطَّعَامُ. وَكُلُّ ذَلِكَ بَابُهُ وَاحِدٌ: وَهُوَ مِنَ الْأَثَرِ. وَيُقَالُ إِنَّ الرَّوَاسِيمَ كُتُبٌ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَعَلَى ذَلِكَ فُسِّرَ قَوْلُهُ:

كَأَنَّهَا بِالْهِدَمْلَاتِ الرَّوَاسِيمُ

وَقِيلَ الرَّاسِمُ: الْمَاءُ الْجَارِي. فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فَلِأَنَّهُ إِذَا جَرَى أَثَّرَ وَأَبْقَى الرَّسْمَ. وَأَمَّا الْأَصْلُ الْآخَرُ فَالرَّسِيمُ: ضَرْبٌ مِنْ سَيْرِ الْإِبِلِ. يُقَالُ رَسَمَ يَرْسِمُ. فَأَمَّا أَرْسَمَ فَلَا يُقَالُ. وَقَوْلُ ابْنِ ثَوْرٍ:

غُلَامَيَّ الرَّسِيمَ فَأَرْسَمَا

فَإِنَّهُ يُرِيدُ: فَأَرْسَمَ الْغُلَامَانِ بَعِيرَيْهِمَا، إِذَا حَمَلَاهُمَا عَلَى الرَّسِيمِ; وَلَا يُرِيدُ أَنَّ الْبَعِيرَ أَرَسَمَ.

رَجَلَ 

(رَجَلَ) الرَّاءُ وَالْجِيمُ وَاللَّامُ مُعْظَمُ بَابِهِ يَدُلُّ عَلَى الْعُضْوِ الَّذِي هُوَ رِجْلُ كُلِّ ذِي رِجْلٍ. وَيَكُونُ بَعْدَ ذَاكَ كَلِمَاتٌ تَشِذُّ عَنْهُ. فَمُعْظَمُ الْبَابِ الرِّجْلُ: رِجْلُ الْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ. وَالرَّجْلُ: الرَّجَّالَةُ. وَإِنَّمَا سُمُّوا رَجْلًا لِأَنَّهُمْ يَمْشُونَ عَلَى أَرْجُلِهِمْ، وَالرُّجَّالُ وَالرُّجَالَى: الرِّجَالُ. وَالرَّجْلَانُ: الرَّاجِلُ، وَالْجَمَاعَةُ رَــجْلَى. قَالَ:

عَلَيَّ إِذَا لَاقَيْتُ لَيْلَى بِخَلْوَةٍ ... زِيَارَةُ بَيْتِ اللَّهِ رَجْلَانَ حَافِيًا

رَجَلْتُ الشَّاةَ: عَلَّقْتُهَا بِرِجْلِهَا. وَيُقَالُ: كَانَ ذَاكَ عَلَى رِجْلِ فُلَانٍ، أَيْ فِي زَمَانِهِ. وَالْأَرْجَلُ مِنَ الدَّوَابِّ: الَّذِي ابْيَضَّ أَحَدُ رِجْلَيْهِ مَعَ سَوَادِ سَائِرِ قَوَائِمِهِ; وَهُوَ يُكْرَهُ. وَالْأَرْجَلُ: الْعَظِيمُ الرِّجْلِ. وَرَجُلٌ رَجِيلٌ وَذُو رُجْلَةٍ، أَيْ قَوِيٌّ عَلَى الْمَشْيِ. وَرَجِلْتُ أَرْجَلُ رَجَلًا. وَتَرَجَّلْتُ فِي الْبِئْرِ، إِذَا نَزَلْتَ فِيهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ تُدَلَّى. وَارْتَجَلَ الْفَرَسُ ارْتِجَالًا، إِذَا خَلَطَ الْعَنَقَ بِالْهَمْلَجَةِ. وَأَرْجَلْتُ الْفَصِيلَ: تَرَكْتُهُ يَمْشِي مَعَ أُمِّهِ، يَرْضَعُ مَتَى شَاءَ. وَيُقَالُ رَاجِلٌ بَيِّنُ الرُّجْلَةِ.

وَارْتَجَلْتُ الرَّجُلَ: أَخَذْتُ بِرِجْلِهِ. قَالَ الْخَلِيلُ: رِجْلُ الْقَوْسِ: سِيَتُهَا الْعُلْيَا وَرِجْلُ الطَّائِرِ: ضَرْبٌ مِنَ الْمِيسَمِ. وَرِجْلُ الْغُرَابِ: ضَرْبٌ مِنْ صَرِّ أَخْلَافِ النُّوقِ. وَحَرَّةٌ رَجْلَاءُ: يَصْعُبُ الْمَشْيُ فِيهَا. وَهَذَا كُلُّهُ يَرْجِعُ إِلَى الْبَابِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.وَمِمَّا شَذَّ عَنْ ذَاكَ الرَّجُلُ: الْوَاحِدُ مِنَ الرِّجَالِ، وَرُبَّمَا قَالُوا لِلْمَرْأَةِ الرَّجُلَةُ. وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْأَصْلِ أَيْضًا الرِّجْلَةُ، هِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الْبَقْلَةُ الْحَمْقَاءُ. قَالُوا: وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْحَمْقَاءَ لِأَنَّهَا لَا تَنْبُتُ إِلَّا فِي مَسِيلِ مَاءٍ. وَقَالَ قَوْمٌ: بَلِ الرِّجَلُ مَسَايِلُ الْمَاءِ، وَاحِدَتُهَا رِجْلَةٌ.

فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: تَرَجَّلَ النَّهَارُ، إِذَا ارْتَفَعَ، فَهُوَ مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ، كَأَنَّهُ اسْتِعَارَةٌ، أَيْ إِنَّهُ قَامَ عَلَى رِجْلِهِ. وَكَذَلِكَ رَجَّلْتُ الشَّعْرَ، هُوَ مِنْ هَذَا، كَأَنَّهُ قُوِّيَ. وَالْمِرْجَلُ مُشْتَقٌّ مِنْ هَذَا أَيْضًا; لِأَنَّهُ إِذَا نُصِبَ فَكَأَنَّهُ أُقِيمَ عَلَى رِجْلٍ.

وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذِهِ الْأُصُولِ مَا رَوَاهُ الْأُمَوِيُّ، قَالَ: إِذَا وَلَدَتِ الْغَنَمُ بَعْضُهَا بَعْدَ بَعْضٍ قَالُوا: وَلَّدْتُهَا الرُّجَيْلَاءَ.

شَهَرَ 

(شَهَرَ) الشِّينُ وَالْهَاءُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى وُضُوحٍ فِي الْأَمْرِ وَإِضَاءَةٍ. مِنْ ذَلِكَ الشَّهْرِ، وَهُوَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْهِلَالُ، ثُمَّ سُمِّيَ كُلُّ ثَلَاثِينَ يَوْمًا بَاسِمِ الْهِلَالِ، فَقِيلَ شَهْرٌ. قَدِ اتَّفَقَ فِيهِ الْعَرَبُ وَالْعَجَمُ ; فَإِنَّ الْعَجَمَ يُسَمُّونَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا بِاسْمِ الْهِلَالِ فِي لُغَتِهِمْ. وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:

فَأَصْبَحَ أَــجْلَى الطَّرْفِ مَا يَسْتَزِيدُهُ ... يَرَى الشَّهْرَ قَبْلَ النَّاسِ وَهُوَ نَحِيلُ

وَالشُّهْرَةُ: وُضُوحُ الْأَمْرِ. وَشَهَرَ سَيْفَهُ، إِذَا انْتَضَاهُ. وَقَدْ شُهِرَ فُلَانٌ فِي النَّاسِ بِكَذَا، فَهُوَ مَشْهُورٌ، وَقَدْ شَهَرُوهُ. وَيُقَالُ: أَشْهَرْنَا بِالْمَكَانِ، إِذَا أَقَمْنَا بِهِ شَهْرًا. وَشَهْرَانُ: قَبِيلَةٌ.

صَرَمَ 

(صَرَمَ) الصَّادُ وَالرَّاءُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ وَاحِدٌ صَحِيحٌ مُطَّرِدٌ، وَهُوَ الْقَطْعُ. مِنْ ذَلِكَ صُرْمُ الْهِجْرَانِ. وَالمَةُ: الْعَزِيمَةُ عَلَى الشَّيْءِ، وَهُوَ قَطْعُ كُلِّ عُلْقَةٍ دُونَهُ. وَالصُّرَامُ: آخِرُ اللَّبَنِ بَعْدَ التَّغْزِيرِ، إِذَا احْتَاجَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ حَلَبَهُ ضَرُورَةً. قَالَ بِشْرٌ:

أَلَا أَبْلِغْ بَنِي سَعْدٍ رَسُولًا ... وَمَوْلَاهُمْ فَقَدْ حُلِبَتْ صُرَامُ وَهَذَا مَثَلٌ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: قَدْ بُلِغَ مِنَ الشَّرِّ آخِرُهُ، وَآخِرُ الشَّيْءِ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ. وَيُقَالُ: أَكَلَ فُلَانٌ الصَّيْرَمَ، وَهِيَ الْوَجْبَةُ ; لِأَنَّهُ إِذَا أَكَلَهَا قَطَعَ سَائِرَ يَوْمِهِ. وَيُقَالُ: صَرَمْتُهُ صَرْمًا، بِالْفَتْحِ، وَهُوَ الْمَصْدَرُ، وَالصُّرْمُ الِاسْمُ. فَأَمَّا الصَّرِيمُ فَيُقَالُ: إِنَّهُ اسْمُ الصُّبْحِ وَاسْمُ اللَّيْلِ. وَكَيْفَ كَانَ فَهُوَ مِنَ الْقِيَاسِ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَصْرِمُ صَاحِبَهُ وَيَنْصَرِمُ عَنْهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} [القلم: 20] . يَقُولُ: احْتَرَقَتْ فَاسْوَادَّتْ كَاللَّيْلِ. فَهَذَا فِيمَنْ قَالَهُ إِنَّهُ اللَّيْلُ. وَأَمَّا الصُّبْحُ فَقَالَ بِشْرٌ:

فَبَاتَ يَقُولُ أَصْبِحْ لَيْلُ حَتَّى ... تَــجَلَّى عَنْ صَرِيمَتِهِ الظَّلَامُ

وَالصَّرِيمُ: الرَّمْلُ يَنْقَطِعُ عَنِ الْجَدَدِ وَالْأَرْضِ الصُّلْبَةِ. وَالصِّرَامُ: وَقْتُ صَرْمِ الْأَعْذَاقِ. وَقَدْ أَصْرَمَ النَّخْلُ: حَانَ صِرَامُهُ. وَالصِّرْمَةُ: الْقَطِيعُ مِنَ الْإِبِلِ نَحْوٌ مِنَ الثَّلَاثِينَ. وَالصِّرَمُ: الْقِطَعُ مِنَ السَّحَابِ، وَاحِدَتُهَا صِرْمَةٌ. قَالَ النَّابِغَةُ:

وَهَبَّتِ الرِّيحُ مِنْ تِلْقَاءِ ذِي أُرُلٍ ... تُزْجِي مِنَ اللَّيْلِ مِنْ صُرَّادِهَا صِرَمَا

وَالصِّرْمُ: طَائِفَةٌ مِنَ الْقَوْمِ يَنْزِلُونَ بِإِبِلِهِمْ نَاحِيَةً مِنَ الْمَاءِ، فَهُمْ أَهْلُ صِرْمٍ. وَالرَّجُلُ الصَّارِمُ: الْمَاضِي فِي الْأُمُورِ كَالسَّيْفِ الصَّارِمِ. وَنَاقَةٌ مُصَرَّمَةٌ، أَيْ يُصَرَّمُ طُبْيُهَا فَيَفْسُدُ الْإِحْلِيلُ فَيَيْبَسُ، فَذَلِكَ أَقْوَى لَهَا ; لِأَنَّ اللَّبَنَ لَا يَخْرُجُ. وَيُقَالُ: إِنَّ التَّصْرِيمَ يَكُونُ بِكَيِّ خِلْفَيْنِ. وَالصَّرْمَاءُ: الْأَرْضُ لَا مَاءَ بِهَا. وَيُقَالُ: إِنَّ الصَّرِيمَةَ الْأَرْضُ الْمَحْصُودُ زَرْعُهَا. فَأَمَّا قَوْلُهُ:

وَمَوْمَاةٍ يَحَارُ الطَّرْفُ فِيهَا ... إِذَا امْتَنَعَتْ عَلَاهَا الْأَصْرَمَانِ فَإِنَّ الْأَصْرَمَيْنِ الذِّئْبُ وَالْغُرَابُ، سُمِّيَا بِذَلِكَ لِقَطْعِهِمَا الْأَنِيسَ.

عَقَرَ 

(عَقَرَ) الْعَيْنُ وَالْقَافُ وَالرَّاءُ أَصْلَانِ مُتَبَاعِدٌ مَا بَيْنَهُمَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُطَّرِدٌ فِي مَعْنَاهُ، جَامِعٌ لِمَعَانِي فُرُوعِهِ.

فَالْأَوَّلُ الْجَرْحُ أَوْ مَا يُشْبِهُ الْجَرْحَ مِنَ الْهَزْمِ فِي الشَّيْءِ. وَالثَّانِي دَالٌّ عَلَى ثَبَاتٍ وَدَوَامٍ.

فَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْخَلِيلِ: الْعَقْرُ كَالْجَرْحِ، يُقَالُ: عَقَرْتُ الْفَرَسَ، أَيْ كَسَعْتُ قَوَائِمَهُ بِالسَّيْفِ. وَفَرَسٌ عَقِيرٌ وَمَعْقُورٌ. وَخَيْلٌ عَقْرَى. قَالَ زِيَادٌ:

وَإِذَا مَرَرْتُ بِقَبْرِهِ فَاعْقِرْ بِهِ ... كُومَ الْهِجَانِ وَكُلَّ طِرْفٍ سَابِحِ

وَقَالَ لَبِيدٌ:

لَمَّا رَأَى لُبَدُ النُّسُورَ تَطَايَرَتْ ... رَفَعَ الْقَوَادِمَ كَالْعَقِيرِ الْأَعْزَلِ

شَبَّهَ النَّسْرَ بِالْفَرَسِ الْمَعْقُورِ. وَتُعْقَرُ النَّاقَةُ حَتَّى تَسْقُطَ، فَإِذَا سَقَطَتْ نَحَرَهَا مُسْتَمْكِنًا مِنْهَا. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

وَيَوْمَ عَقَرْتُ لِلِعَذَارَى مَطِيَّتِي ... فَيَا عَجَبًا لِرَحْلِهَا الْمُتَحَمِّلِ وَالْعَقَّارُ: الَّذِي يَعْنُفُ بِالْإِبِلِ لَا يَرْفُقُ بِهَا فِي أَقْتَابِهَا فَتُدْبِرَهَا. وَعَقَرْتُ ظَهْرَ الدَّابَّةِ: أَدْبَرَتُهُ. قَالَ امْرُؤِ الْقَيْسِ:

تَقُولُ وَقَدْ مَالَ الْغَبِيطُ بِنَا مَعًا ... عَقَرْتَ بِعِيرِي يَا امْرَأَ الْقَيْسِ فَانْزِلِ

وَقَوْلُ الْقَائِلِ: عَقَرْتَ بِي، أَيْ أَطَلْتَ حَبْسِي، لَيْسَ هَذَا تَلْخِيصَ الْكَلَامِ، إِنَّمَا مَعْنَاهُ حَبَسَهُ حَتَّى كَأَنَّهُ عَقَرَ نَاقَتَهُ فَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى السَّيْرِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ:

قَدْ عَقَرَتْ بِالْقَوْمِ أُمُّ الْخَزْرَجِ ... إِذَا مَشَتْ سَالَتْ وَلِمَ تَدَحْرَجِ

وَيُقَالُ تَعَقَّرَ الْغَيْثُ: أَقَامَ، كَأَنَّهُ شَيْءٌ قَدْ عُقِرَ فَلَا يَبْرَحُ. وَمِنَ الْبَابِ: الْعَاقِرُ مِنَ النِّسَاءِ، وَهِيَ الَّتِي لَا تَحْمِلُ. وَذَلِكَ أَنَّهَا كَالْمَعْقُورَةِ. وَنِسْوَةٌ عَوَاقِرُ، وَالْفِعْلُ عَقَرَتْ تَعْقِرُ عَقْرًا، وَعَقِرَتْ تَعْقَرُ أَحْسَنُ. قَالَ الْخَلِيلُ: لِأَنَّ ذَلِكَ شَيْءٌ يَنْزِلُ بِهَا مِنْ غَيْرِهَا، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ فِعْلِهَا بِنَفْسِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ: " عُجُزٌ عُقَّرُ ".

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: عَقَرَتِ الْمَرْأَةُ وَعَقِرَتْ، وَرَجُلٌ عَاقِرٌ، وَكَانَ الْقِيَاسُ عَقُرَتْ لِأَنَّهُ لَازِمٌ، كَقَوْلِكَ: ظَرُفَ وَكَرُمَ.

وَفِي الْمَثَلِ: " أَعْقَرُ مِنْ بَغْلَةٍ ". وَقَوْلُ الشَّاعِرِ يَصِفُ عِقَابًا: لَهَا نَاهِضٌ فِي الْوَكْرِ قَدْ مَهَّدَتْ لَهُ ... كَمَا مَهَّدَتْ لِلْبَعْلِ حَسْنَاءُ عَاقِرُ

وَذَلِكَ أَنَّ الْعَاقِرَ أَشَدُّ تَصَنُّعًا لِلزَّوْجِ وَأَحْفَى بِهِ، لِأَنَّهُ [لَا] وَلَدَ لَهَا تَدُلُّ بِهَا، وَلَا يَشْغَلُهَا عَنْهُ.

وَيَقُولُونَ: لَقِحَتِ النَّاقَةُ عَنْ عُقْرٍ، أَيْ بَعْدَ حِيَالٍ، كَمَا يُقَالُ عَنْ عُقْمٍ.

وَمِمَّا حُمِلَ عَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ لِدِيَةِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ عُقْرٌ، وَذَلِكَ إِذَا غُصِبَتْ. وَهَذَا مِمَّا تَسْتَعْمِلُهُ الْعَرَبُ فِي تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ الشَّيْءِ، إِذَا كَانَا مُتَقَارِبَيْنِ. فَسُمِّيَ الْمَهْرُ عُقْرًا، لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ بِالْعُقْرِ. وَقَوْلُهُمْ: " بَيْضَةُ الْعُقْرِ " اسْمٌ لِآخِرِ بَيْضَةٍ تَكُونُ مِنَ الدَّجَاجَةِ فَلَا تَبِيضُ بَعْدَهَا، فَتُضْرَبُ مَثَلًا لِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَكُونُ بَعْدَهُ شَيْءٌ مِنْ جِنْسِهِ.

قَالَ الْخَلِيلُ: سَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا مِنْ أَهْلِ الصَّمَّانِ يَقُولُ: كُلُّ فُرْجَةٍ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَهُوَ عَقْرٌ وَعُقْرٌ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى قَائِمَتَيِ الْمَائِدَةِ وَنَحْنُ نَتَغَدَّى فَقَالَ: مَا بَيْنَهُمَا عُقْرٌ. وَيُقَالُ النَّخْلَةُ تُعْقَرُ، أَيْ يُقْطَعُ رَأْسُهَا فَلَا يَخْرُجُ مِنْ سَاقِهَا أَبَدًا شَيْءٌ. فَذَلِكَ الْعَقْرُ، وَنَخْلَةٌ عَقِرَةٌ. وَيُقَالُ كَلَأٌ عَقَارٌ، أَيْ يَعْقِرُ الْإِبِلَ وَيَقْتُلُهَا.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: رَفَعَ عَقِيرَتَهُ، إِذَا تَغَنَّى أَوْ قَرَأَ، فَهَذَا أَيْضًا مِنْ بَابِ الْمُجَاوَرَةِ، وَذَلِكَ فِيمَا يُقَالُ رَجُلٌ قُطِعَتْ إِحْدَى رِجْلَيْهِ فَرَفَعَهَا وَوَضَعَهَا عَلَى الْأُخْرَى وَصَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ، ثُمَّ قِيلَ ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ. وَالْعَقِيرَةُ هِيَ الرِّجْلُ الْمَعْقُورَةُ، وَلَمَّا كَانَ رَفْعُ الصَّوْتِ عِنْدَهَا سُمِّيَ الصَّوْتُ بِهَا.

فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: مَا رَأَيْتُ عَقِيرَةً كَفُلَانٍ، يُرَادُ الرَّجُلُ الشَّرِيفُ، فَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ لِلرَّجُلِ الْقَتِيلِ الْكَبِيرِ الْخَطِيرِ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ عَقِيرَةً وَسْطَ قَوْمٍ! قَالَ:

إِذَا الْخَيْلُ أَــجْلَى شَاؤُهَا ... فَقَدْ عُقِرَ خَيْرُ مَنْ يَعْقِرُهُ عَاقِرُ

قَالَ الْخَلِيلُ: يُقَالُ فِي الشَّتِيمَةِ: عَقْرًا لَهُ وَجَدْعًا. وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ حَلْقَى عَقْرَى. يَقُولُ: عَقَرَهَا اللَّهُ، أَيْ عَقَرَ جَسَدَهَا; وَحَلْقَهَا، أَيْ أَصَابَهَا بِوَجَعٍ فِي حَلْقِهَا. وَقَالَ قَوْمٌ: تُوصَفُ بِالشُّؤْمِ، أَيْ إِنَّهَا تَحْلِقُ قَوْمَهَا وَتَعْقِرُهُمْ. وَيُقَالُ عَقَّرْتُ الرَّجُلَ، إِذَا قُلْتُ لَهُ: عَقْرَى حَلْقَى. وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْأَعْرَابِ: " مَا نَتَشْتُ الرُّقْعَةَ وَلَا عَقَرْتُهَا " أَيْ وَلَا أَتَيْتُ عَلَيْهَا. وَالرُّقْعَةُ: الْكَلَأُ الْمُتَلَبِّدُ. يُقَالُ كَلَؤُهَا يُنْتَشُ وَلَا يُعْقَرُ.

وَيَقُولُونَ: عُقَرَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ، عَلَى وَزْنِ تُخَمَةٍ، أَيْ إِنَّهُ يَعْقِرُهُ. وَأَخْلَاطُ الدَّوَاءِ يُقَالُ لَهَا الْعَقَاقِيرُ، وَاحِدُهَا عَقَّارٌ. وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ عَقَرَ الْجَوْفَ. وَيُقَالُ الْعَقَرُ: دَاءٌ يَأْخُذُ الْإِنْسَانَ عِنْدَ الرَّوْعِ فَلَا يَقْدِرُ أَنْ يَبْرَحَ، وَتُسْلِمُهُ رِجْلَاهُ.

قَالَ الْخَلِيلُ: سَرْجٌ مِعْقَرٌ، وَكَلْبٌ عَقُورٌ.

قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: كَلْبٌ عَقُورٌ، وَسَرْجٌ عُقَرَةٌ وَمِعْقَرٌ. قَالَ الْبَعِيثُ:

أَلَحَّ عَلَى أَكْتَافِهِمْ قَتْبٌ عُقَرْ وَيُقَالُ سَرْجٌ مِعْقَرٌ وَعَقَّارٌ وَمِعْقَارٌ.

وَأَمَّا الْأَصْلُ الْآخَرُ فَالْعَقْرُ الْقَصْرُ الَّذِي يَكُونُ مُعْتَمَدًا لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ يَلْجَؤُونَ إِلَيْهِ. قَالَ لَبِيدٌ:

كَعَقْرِ الْهَاجِرِيِّ إِذِ ابْتَنَاهُ ... بِأَشْبَاهٍ حُذِينَ عَلَى مِثَالِ

الْأَشْبَاهُ: الْآجُرُّ ; لِأَنَّهَا مَضْرُوبَةٌ عَلَى مِثَالٍ وَاحِدٍ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْعَقْرُ كُلُّ بِنَاءٍ مُرْتَفِعٍ. قَالَ الْخَلِيلُ: عُقَرُ الدَّارِ: مَحَلَّةُ الْقَوْمِ بَيْنَ الدَّارِ وَالْحَوْضِ، كَانَ هُنَاكَ بِنَاءً أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَأَنْشَدَ لِأَوْسِ بْنِ مَغْرَاءَ:

أَزْمَانَ سُقْنَاهُمُ عَنْ عُقْرِ دَارِهِمْ ... حَتَّى اسْتَقَرَّ وَأَدْنَاهُمْ لَحَوْرَانَا

قَالَ: وَالْعُقْرُ أَصْلُ كُلِّ شَيْءٍ. وَعُقْرُ الْحَوْضِ: مَوْقَفُ الْإِبِلِ إِذَا وَرَدَتْ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

بِأَعْقَارِهِ الْقِرْدَانُ هَزْلَى كَأَنَّهَا نَوَادِرُ صَيْصَاءِ الْهَبِيدِ الْمُحَطَّمِ

يَعْنِي أَعْقَارَ الْحَوْضِ. وَقَالَ فِي عُقْرِ الْحَوْضِ:

فَرَمَاهَا فِي فَرَائِصِهَا مِنْ إِزَاءِ الْحَوْضِ أَوْ عُقُرِهِ

وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ الَّتِي تَشْرَبُ مِنْ عُقْرِ الْحَوْضِ عَقِرَةٌ، وَلِلَّتِي تَشَرَبُ مِنْ إِزَائِهِ أَزِيَةٌ.

وَمِنَ الْبَابِ عُقْرُ النَّارِ: مُجْتَمَعُ جَمْرِهَا. قَالَ: وَفِي قَعْرِ الْكِنَانَةِ مُرْهَفَاتٌ ... كَأَنَّ ظُبَاتِهَا عُقُرٌ بَعِيجُ

قَالَ الْخَلِيلُ: الْعَقَارُ: ضَيْعَةُ الرَّجُلِ، وَالْجَمْعُ الْعَقَارَاتُ. يُقَالُ لَيْسَ لَهُ دَارٌ وَلَا عَقَارٌ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْعَقَارُ هُوَ الْمَتَاعُ الْمَصُونُ، وَرَجُلٌ مُعْقِرٌ: كَثِيرُ الْمَتَاعِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقُتَيْبِيُّ: الْعُقَيْرَى اسْمٌ مَبْنِيٌّ مِنْ عُقْرِ الدَّارِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ: " «سَكِّنِي عُقَيْرَاكِ فَلَا تُصْحِرِيهَا» "، تُرِيدُ الْزَمِي بَيْتَكِ.

وَمِمَّا شُبِّهَ بِالْعَقْرِ، وَهُوَ الْقَصْرُ، الْعَقْرُ: غَيْمٌ يَنْشَأُ مِنْ قِبَلِ الْعَيْنِ فَيَغْشَى عَيْنَ الشَّمْسِ وَمَا حَوْلَهَا. قَالَ حُمَيْدٌ:

فَإِذَا احْزَأَلَّتْ فِي الْمُنَاخِ رَأَيْتَهَا كَالْعَقْرِ أَفْرَدَهُ الْعَمَاءُ الْمُمْطِرُ

وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْخَمْرَ تُسَمَّى عُقَارًا لِأَنَّهَا عَاقَرَتِ الدَّنَّ، أَيْ لَازَمَتْهُ. وَالْعَاقِرُ مِنَ الرَّمْلِ: مَا يُنْبِتُ شَيْئًا كَأَنَّهُ طَحِينٌ مَنْخُولٌ. وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ الثَّانِي.

وَقَدْ بَقِيَتْ أَسْمَاءُ مَوَاضِعَ لَعَلَّهَا تَكُونُ مُشْتَقَّةً مِنْ بَعْضِ مَا ذَكَرْنَاهُ.

مِنْ ذَلِكَ عَقَارَاءُ: مَوْضِعٌ، قَالَ حُمَيْدٌ:

رَكُودُ الْحُمَيَّا طَلَّةٌ شَابَ مَاءَهَا ... بِهَا مِنْ عَقَارَاءِ الْكُرُومِ رَبِيبُ وَالْعَقْرُ: مَوْضِعٌ بِبَابِلَ، قُتِلَ فِيهِ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ، يُقَالُ لِذَلِكَ الْيَوْمِ يَوْمُ الْعَقْرِ. قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

فَخَرْتَ بِيَوْمِ الْعَقْرِ شَرْقِيَّ بَابِلٍ وَقَدْ جَبُنَتْ فِيهِ تَمِيمٌ وَقَلَّتِ

وَعَقْرَى: مَاءٌ. قَالَ:

أَلَا هَلْ أَتَى سَلْمَى بِأَنَّ خَلِيلَهَا ... عَلَى مَاءِ عَقْرَى فَوْقَ إِحْدَى الرَّوَاحِلِ
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.