بسكون النون: بلدة بالمغرب، بينها وبين تلمسان مرحلتان.
بسكون النون: بلدة بالمغرب، بينها وبين تلمسان مرحلتان.
تا: التاء: حرف هجاء من حروف المعجم تاءٌ حَسَنَةٌ، وتنسب القصيدة التي قَوافِيها على التاء تائيّةٌ، ويقال تاوِيَّةٌ، وكان أَبو جعفر الرُّؤَاسي يقول بَيَوِيَّة وتَيَوِيَّة؛ الجوهري: النسب إِلى التاء تَيَوِيٌّ.
وقصِيدة تَيَوِيَّةٌ: رويها التاء، وقال أَبو عبيد عن الأَحمر: تاوِيَّةٌ، قال: وكذلك أَخواتها؛ والتاءُ من حروف الزيادات وهي تزاد في المستقبل إِذا خاطبت تقول: أَنت تَفْعل، وتدخُل في أَمر المُواجَهة للغابرِ كقوله تعالى: فبذلك فَلْتَفْرَحُوا؛ قال الشاعر:
قُلْتُ لِبَوَّابٍ لَدَيْهِ دارُها:
تِيذَنْ فإِني حَمْؤُها وجارُها
أَراد: لِتِيذَنْ، فحذف اللام وكسر التاء على لغة من يقول أَنت تِعْلَم، وتُدْخِلها أَيضاً في أَمر ما لم يسمَّ فاعِله فتقول من زُهِيَ الرجل: لِتُزْهَ يا رجل ولِتُعْنَ بحاجتي؛ قال الأَخفش: إِدْخالُ اللام في أَمر المُخاطَب لغة رديئة لأن هذه اللام إِنما تدخُل في الموضع الذي لا يُقْدَرُ فيه على افْعَلْ، تقول: لِيَقُمْ زيد، لأَنك لا تقدر على افْعَلْ، وإِذا خاطبت قلت قُمْ لأَنك قد اسْتَغْنَيْتَ عنها؛ والتاءُ في القَسَم بدل من الواو كما أَبدلوا منها في تَتْرى وتُراثٍ وتُخَمةٍ وتُجاه، والواو بدل من الباء، تقول: تالله لقد كان كذا، ولا تدخل في غير هذا الاسم، وقد تُزاد التاء للمؤنث في أَول المستقبل وفي آخر الماضي، تقول: هي تَفْعَلُ وفَعَلَتْ، فإِن تأَخَّرت عن الاسم كانت ضميراً، وإِن تقَدَّمت كانت علامة؛ قال ابن بري: تاء التأْنيث لا تخرج عن أَن تكون حرفاً تأَخَّرت أَو تقدّمت؛ قال الجوهري: وقد تكون ضمير الفاعل في قولك فَعَلْت، يستوي فيه المذكر والمؤنث، فإِن خاطبْتَ مذكراً فتحتَ، وإِن خاطبتَ مؤنثاً كسرت؛ وقد تزاد التاء في أَنت فتصير مع الاسم كالشيء الواحد من غير أَن تكون مضافة إِليه؛ وقول الشاعر:
بالخيرِ خَيْراتٍ وإِنْ شَرًّا قال
ولا أُريدُ الشَّرَّ إِلا أَنْ تا
قال الأَخفش: زعم بعضهم أَنه أَراد الفاء والتاء فرَخَّم، قال: وهذا خطأٌ، أَلا ترى أَنك لو قلت زيداً وا تريد وعمراً لم يُستدلَّ أَنك تريد وعمراً، وكيف يُريدون ذلك وهم لا يَعْرِفون الحروف؟ قال ابن جني: يريد أَنك لو قلت زيداً وا من غير أَن تقول وعَمْراً لم يُعلم أَنك تريد عَمراً دون غيره، فاختصر الأَخفش الكلام ثم زاد على هذا بأَن قال: إِن العرب لا تعرف الحروف، يقول الأَخفش: فإِذا لم تعرف الحروف فكيف ترخم ما لا تعرفه ولا تلفظ به ؟ وإِنما لم يجز ترخيم الفاء والتاء لأَنهما ثُلاثيان ساكنا الأَوسط فلا يُرَخَّمانِ، وأَما الفراء فيرى ترخيم الثلاثي إِذا تحرك أَوْسَطُه نحو حَسَنٍ وحَمَلٍ، ومن العرب من يجعل السين تاء؛ وأَنشد لِعلْباء بن أَرقم:
يا قَبَّحَ اللهُ بَني السِّعْلاتِ:
عَمْرَو بنَ يَرْبوعٍ شِرارَ الناتِ
لَيْسُوا أَعِفَّاءَ ولا أَكْياتِ
يريد الناسَ والأَكْياسَ. قال: ومن العرب من يجعل التاء كافاً؛ وأَنشد
لرجل من حِمْيَر:
يا ابنَ الزُّبَيْرِ طالَما عَصَيْكا،
وطالَما عَنَّيْتَنا إِلَيْكا،
لَنَضْرِبَنْ بسَيْفِنا قَفَيْكا
الليث: تا وذي لغتانِ في موضع ذِه، تقول: هاتا فُلانةُ، في موضع هذه، وفي لغة تا فلانة، في موضع هذه. الجوهري: تا اسم يشار به إِلى المؤنث مثل ذا للمذكر؛ قال النابغة:
ها إِنَّ تا عِذْرَةٌ إِنْ لا تَكُنْ نَفَعَتْ،
فَإِنَّ صاحِبَها قَدْ تاهَ في البَلَدِ
(* رواية الديوان: ها إن ذي عِذرة إلخ.) وعلى هاتين اللغتين قالوا تِيكَ وتِلْكَ وتالِكَ، وهي أَقبح اللغات كلها، فإِذا ثَنَّيْت لم تقل إِلاَّ تانِ وتانِك وتَيْنِ وتَيْنِكَ في الجر والنصب في اللغات كلها، وإِذا صَغَّرت لم تقل إِلاَّ تَيَّا، ومن ذلك اشْتُقَّ اسم تَيَّا؛ قال: والتي هي مَعْرِفةُ تا، لا يَقُولونها في المَعرفة إِلا على هذه اللغة، وجعلوا إحدى اللامين تقوية للأُخرى استقباحاً أَن يقولوا التي، وإِنما أَرادوا بها الأَلف واللام المُعَرِّفة، والجمع اللاَّتِي،وجمع الجمع اللَّواتِي، وقد تخرج التاء من الجمع فيقال اللاَّئِي ممدودة، وقد تخرج الياء فيقال اللاَّءِ، بكسرة تدل على الياء، وبهذه اللغة كان أَبو عمرو بن العلاء يقرأُ؛ وأَنشد غيره:
من اللاَّءِ لم يَحْجُجْنَ يَبْغِينَ حِسْبةً،
ولَكِنْ لِيَقْتُلْنَ البَرِئَ المُغَفَّلا
وإِذا صَغَّرْت التي قلت اللَّتَيَّا، وإِذا أَردت أَن تجمع اللَّتَيَّا قلت اللَّتَيَّاتِ. قال الليث: وإِنما صار تصغيرتِهِ وذِه وما فيهما من
اللغات تَيَّا لأَن كلمة التاء والذال من ذِه وتِه كلُّ واحدة هي نَفْسٌ وما لَحِقَها من بعدها فإِنها عمادٌ للتاء لكي ينطلق به اللسان، فلما صُغِّرت لم تَجِد ياءُ التصغير حرفين من أَصل البناء تجيء بعدَهما كما جاءت في سُعَيْدٍ وعُمَيْرٍ، ولكنها وقعت بعدَ التاء فجاءت بعد فتحة، والحرف الذي قبل ياء التصغير بجَنْبها لا يكون إِلا مفتوحاً، ووقَعت التاء إِلى جنبها فانْتَصَبَتْ وصار ما بعدها قوَّة لها، ولم ينضم قبلها شيء لأَنه ليس قبلها حرفان، وجمِيعُ التصغير صَدْرُه مَضْمومٌ والحرف الثاني منصوب ثم بعدهما ياء التصغير، ومنَعَهم أَن يرفعوا التاء التي في التصغير لأَن هذه الحروف دخلت عماداً للسان في آخر الكلمة فصارَتِ الياء التي قبلها في غير موضعها، لأَنها قُلِبت للسان عماداً، فإِذا وقعت في الحَشْو لم تكن عِماداً، وهي في تَيَّا الأَلف التي كانت في ذا؛ وقال المبرد: هذه الاسماء المبهمة مخالفة لغيرها في معناها وكثير من لفظها، فمن مُخالفتِها في المعنى وُقُوعها في كل ما أَوْمَأْت، إليه وأَما مخالفتها في اللفظ فإِنها يكون منها الاسم على حَرْفَيْنِ، أَحدهما حرفُ لِين نحوذا وتاء فلما صُغِّرت هذه الأَسماء خُولِف بها جِهةَ التصغير فلا يعربُ المُصغَّرُ منها ولا يكون على تصغيره دليل، وأُلحقت أَلف في أَواخرها تدل على ما كانت تدل عليه الضمة في غير المبهمة، أَلا ترى أَنَّ كل اسم تُصَغِّره من غير المبهمة تَضمُّ أَوّله نحو فُلَيْسٍ ودْرَيْهِمٍ؟ وتقول في تصغير ذا ذَيًّا، وفي تاتَيًّا، فإِن قال قائل: ما بالُ ياء التصغيرِ لَحِقَت ثانيةً وإِنما حَقُّها أن تَلْحَقَ ثالثةً؟ قيل: إِنها لحقت ثالثةً ولكنك حَذَفْتَ ياء لاجتماع الياءَاتِ فصارت ياءُ التصغير ثانية، وكان الأَصل ذُيَيَّا، لأَنك إذا قُلْتَ ذا فالأَلف بَدَلٌ من ياء، ولا يكون اسم على حرفين في الأَصل فقد ذهَبَتْ ياءٌ أُخَرَى، فإِن صَغَّرتَ ذه أو ذي قلت تَيًّا، وإِنما منعك أَن تقول ذَيًّا كَراهيةَ الالتباس بالمُذَكَّرِ فقلت تَيًّا؛ قال: وتقول في تصغير الذي اللَّذَيَّا وفي تصغير التي اللَّتَيَّا كما قال:
بَعْدَ اللَّتَيَّا واللَّتَيَّا والَّتِي،
إِذا عَلَتْها أَنْفُسٌ تَرَدَّتِ
قال: ولو حَقَّرْتَ اللاتِي قلت في قول سيبويه اللَّتَيَّاتِ كتصغير التي، وكان الأَخفش يقول وحده اللوتيا (*قوله «اللوتيا» كذا بالأصل والتهذيب بتقديم المثناة الفوقية على التحتية، وسيأتي للمؤلف في ترجمة تصغير ذا وتا اللويا.) لأَنه ليس جمع التي على لفظها فإِنما هو اسم للجمع، قال المُبرد: وهذا هو القياس. قال الجوهري: تِه مثل ذِه، وتانِ للتثنية، وأُولاء للجمع، وتصغير تاتَيَّا، بالفتح والتشديد، لأَنك قلبت الألف ياء وأَدٌغَمْتَها في ياء التصغير؛ قال ابن بري: صوابه وأَدغمت ياء التصغير فيها لأَنّ ياء التصغير لا تتحّرك أَبداً، فالياء الأُولى في تَيّا هي ياء التصغير وقد حذفت من قبلها ياء هي عين الفعل، وأَما الياء المجاورة للأَلف فهي لام الكلمة. وفي حديث عمر: أَنه رأَى جاريةً مَهْزُولة فقال من يَعْرِف تَيَّا؟ فقال له ابنه: هي واللهِ إِحدى بَناتِك؛ تَيًّا: تصغيرُ تا، وهي اسم إشارة إلى المؤنث بمنزلة ذا للمذَكَّر، وإِنما جاء بها مُصَغَّرة تَصْغيراً لأَمرها، والأَلف في آخرها علامة التصغير وليست التي في مكبرها؛ ومنه قول بعض السلف: وأَخَذَ تِبْنةً من الأَرض فقال تَيًّا من التوفيقِ خيرٌ من كذا وكذا من العَمَل. قال الجوهري: ولك أَن تدخل عليها ها التنبيهِ فتقول هاتا هند وهاتان وهؤلاء، وللتصغير هاتَيًّا، فإِن خاطَبْتَ جئتَ بالكاف فقلت تِيكَ وتِلْكَ وتاكَ وتَلْكَ، بفتح التاء، وهي لغة رديئةٌ، وللتثنية تانِكَ وتانِّكَ، بالتشديد، والجمع أُولَئِكَ وأُولاكَ وأُولالِكَ، فالكاف لمن تخاطبه في التذكير والتأْنيث والتثنية والجمع، وما قَبْلَ الكافِ لمن تُشِيرُ إِليه في التذكير والتأْنيث والتثنية والجمع، فإِن حفظت هذا الأَصل لم تُخطِئ في شيء من مسائله؛ وتدخل الهاء على تِيكَ وتاكَ تقول هاتِيكَ هِندٌ وهاتاكَ هِندٌ؛ قال عبيد يصف ناقته:
هاتِيكَ تَحْمِلُني وأَبْيَضَ صارِماً،
ومُذَزِّباً في مارِنٍ مَخْمُوسِ
وقال أَبو النجم:
جِئْنا نُحَيِّيكَ ونَسْتَجْدِِيكا،
فافْعَلْ بِنا هاتاكَ أَوْ هاتِيكا
أَي هذه أَو تِلْك تَحِيَّةً أَو عطية، ولا تدخل ها على تلك لأَنهم جعلوا اللام عوضاً عن ها التَّنْبِيه؛ قال ابن بري: إِنما امْتَنَعُوا مِن دخول ها التنبيه على ذلك وتلك من جهة أَنَّ اللام تدل على بُعْدِ المشار إِليه، وها التنبيه تدلُّ على قُرْبه، فَتَنافيا وتَضادَّا. قال الجوهري: وتالِك لغة في تِلْك؛ وأَنشد ابن السكيت للقُطامِيّ يَصِف سفينة نوح ، عليه السلام:
وعامَتْ، وهْيَ قاصِدةٌ، بإِذْنٍ،
ولَوْلا اللهُ جارَ بها الجَوارُ،
إِلى الجُوديِّ حتى صار حِجْراً
وحانَ لِتالِك الغُمَرِ انْحِسارُ
ابن الأَعرابي: التُّوَى الجَوارِي، والتّايَةُ الطَّايَةُ؛ عن كراع.
ذا: قال أَبو العباس أَحمد بن يحيى ومحمد بن زيد: ذا يكون بمعنى هذا، وم
نه قول الله عز وجل: مَنْ ذا الذي يَشْفَع عِنده إلا بإذنه؛ أَي مَنْ هذا
الذي يَشْفَع عِنده؛ قالا: ويكون ذا بمعنى الذي ، قالا: ويقال هذا دو
صَلاحٍ ورأَيتُ هذا ذا صَلاحٍ ومررت بهذا ذي صَلاحٍ، ومعناه كله صاحِب
صَلاح. وقال أَبو الهيثم: ذا اسمُ كلِّ مُشارٍ إليه مُعايَنٍ يراه المتكلم
والمخاطب، قال: والاسم فيها الذال وحدها مفتوحة، وقالوا الذال وحدها هي
الاسم المشار إليه، وهو اسم مبهم لا يُعرَف ما هو حتى يُفَسِّر ما بعده كقولك
ذا الرَّجلُ، ذا الفرَسُ، فهذا تفسير ذا ونَصْبُه ورفعه وخفصه سواء،
قال: وجعلوا فتحة الذال فرقاً بين التذكير والتأْنيث كما قالوا ذا أَخوك،
وقالوا ذي أُخْتُك فكسروا الذال في الأُنثى وزادوا مع فتحة الذال في المذكر
أَلفاً ومع كسرتها للأُنثى ياء كما قالوا أَنْتَ وأَنْتِ. قال الأَصمعي:
والعرب تقول لا أُكَلِّمُك في ذي السنة وفي هَذِي السنة، ولا يقال في
ذا السَّنةِ، وهو خطأٌ، إِنما يقال في هذه السَّنةِ؛ وفي هذي السنة وفي ذي
السَّنَة، وكذلك لا يقال ادْخُلْ ذا الدارَ ولا الْبَسْ ذا الجُبَّة،
وإنما الصواب ادْخُل ذي الدارَ والْبَس ذي الجُبَّةَ، ولا يكون ذا إلا
للمذكر. يقال: هذه الدارُ وذي المرأَةُ. ويقال: دَخلت تِلْكَ الدَّار وتِيكَ
الدَّار، ولا يقال ذِيك الدَّارَ، وليس في كلام العرب ذِيك البَتَّةَ،
والعامَّة تُخْطِئ فيه فتقول كيف ذِيك المرأَةُ؟ والصواب كيف تِيكَ
المرأَةُ؟ قال الجوهري: ذا اسم يشار به إِلى المذكر، وذي بكسر الذال للمؤنث،
تقول: ذي أَمَةُ اللهِ، فإِن وقفت عليه قلت ذِهْ، بهاء موقوفة، وهي بدل من
الياء، وليست للتأْنيث، وإنما هي صِلةٌ كما أَبدلوا في هُنَيَّةٍ فقالوا
هُنَيْهة؛ قال ابن بري: صوابه وليست للتأْنيث وإنما هي بدل من الياء،
قال: فإِن أَدخلت عليها الهاء للتنبيه قلت هذا زيدٌ وهذي أَمَةٌ اللهِ وهذه
أَيضاً، بتحريك الهاء، وقد اكتفوا به عنه، فإِن صَغَّرْت ذا قلت دَيًّا،
بالفتح والتشديد ، لأَنك تَقْلِب أَلف ذا ياء لمكان الياء قبلها
فتُدْغِمها في الثانية وتزيد في آخره أَلفاً لتَفْرُقَ بين المُبْهَم والمعرب،
وذَيّانِ في التثنية، وتصغير هذا هَذَيًّا، ولا تُصَغَّر ذي للمؤنث وإنما
تصَغَّر تا، وقد اكتفوا به عنه، وإن ثَنَّيْتَ ذا قلت ذانِ لأَنه لا يصح
اجتماعهما لسكونهما فتَسْقُط إحدى الأَلفين، فمن أَسقط أَلف ذا قرأَ إنَّ
هذَينِْ لَساحِرانِ فأَعْرَبَ، ومن أَسقط أَلف التثنية قرأَ إَنَّ هذانِ
لساحِرانِ لأَن أَلف ذا لا يقع فيها إعراب، وقد قيل: إنها على لغة
بَلْحَرِثِ ابن كعب، قال ابن بري عند قول الجوهري: من أَسقط أَلف التثنية قرأَ
إنَّ هذان لساحران، قال: هذا وهم من الجوهري لأَن أَلف التثنية حرف زيد
لمعنى، فلا يسقط وتبقى الأَلف الأَصلية كما لم يَسقُط التنوين في هذا
قاضٍ وتبقى الياء الأَصلية، لأَن التنوين زيدَ لمعنى فلا يصح حذفه، قال:
والجمع أُولاء من غير لفظه، فإن خاطبْتَ جئْتَ بالكاف فقلت ذاكَ وذلك،
فاللام زائدة والكاف للخطاب، وفيها دليل على أَنَّ ما يُومأُ إِليه بعيد ولا
مَوْضِعَ لها من الإِعراب، وتُدْخِلُ الهاء على ذاك فتقول هذاك زَيدٌ، ولا
تُدْخِلُها على ذلك ولا على أُولئك كما لم تَدْخُل على تلْكَ، ولا
تَدْخُل الكافُ على ذي للمؤنث، وإنما تَدْخُلُ على تا، تقول تِيكَ وتِلْك، ولا
تَقُلْ ذِيك فأِنه خطأٌ، وتقول في التثنية: رأَيت ذَيْنِكَ الرِّجُلين،
وجاءني ذانِكَ الرَّجُلانِ، قال: وربما قالوا ذانِّك، بالتشديد. قال ابن
بري: من النحويين من يقول ذانِّك، بتشديد النون، تَثْنِيةَ ذلك قُلِبَتِ
اللام نوناً وأُدْغِمَت النون في النون، ومنهم من يقول تشديدُ النون
عِوضٌ من الأَلف المحذوفة من ذا، وكذلك يقول في اللذانِّ إِنَّ تشديد النون
عوض من الياء المحذوفة من الذي، قال الجوهري: وإنما شددوا النون في ذلك
تأْكيداً وتكثيراً للاسم لأَنه بقي على حرف واحد كما أَدخلوا اللام على
ذلك، وإنما يفعلون مثل هذا في الأَسماء المُبْهَمة لنقصانها، وتقول للمؤنث
تانِكَ وتانِّك أَيضاً، بالتشديد، والجمع أُولئك، وقد تقدم ذكر حكم الكاف
في تا، وتصغير ذاك ذَيّاك وتصغير ذلك ذَيّالِك؛ وقال بعض العرب وقَدِمَ
من سَفَره فوجد امرأَته قد ولدت غلاماً فأَنكره فقال لها:
لَتَقْعُدِنَّ مَقْعَدَ القَصِيِّ
مِنِّي ذي القاذُورةِ المَقْلِيِّ
أَو تَحْلِفِي برَبِّكِ العَلِيِّ
أَنِّي أَبو ذَيّالِكِ الصَّبيِّ
قد رابَني بالنَّظَر التُّرْكِيِّ،
ومُقْلةٍ كمُقْلَةِ الكُرْكِيِّ
فقالت:
لا والذي رَدَّكَ يا صَفِيِّي،
ما مَسَّني بَعْدَك مِن إنْسِيِّ
غيرِغُلامٍ واحدٍ قَيْسِيِّ،
بَعْدَ امرأَيْنِ مِنْ بَني عَدِيِّ
وآخَرَيْنِ مِنْ بَني بَلِيِّ،
وخمسة كانوا على الطَّوِيِّ
وسِتَّةٍ جاؤوا مع العَشِيِّ،
وغيرِ تُرْكِيٍّ وبَصْرَوِيِّ
وتصغير تِلْك تَيَّاكَ؛ قال ابن بري: صوابه تَيّالِكَ، فأَما تَيّاك
فتصغير تِيك. وقال ابن سيده في موضع آخر: ذا إِشارة إِلى المذكر، يقال
ذا وذاك، وقد تزاد اللام فيقال ذَلِكَ. وقوله تعالى: ذَلِكَ الكِتابُ؛
قال الزجاج: معناه هَذا الكتابُ، وقد تدخل على ذا ها التي للتَّنْبِيه
فيقال هَذا، قال أَبو علي: وأَصله ذَيْ فأَبدلوا ياءه أَلفاً، وإن كانت
ساكنة ، ولم يقولوا ذَيْ لئلا يشبه كَيْ وأَيْ، فأَبدلوا ياءه أَلفاً
لِيلْحَقَ بباب متى وإذ أَو يخرج من شَبَه الحَرْفِ بعضَ الخُروج. وقوله تعالى:
إنَّ هَذانِ لَساحِرانِ؛ قال الفراء: أَراد ياء النصب ثم حذفها لسكونها
وسكون الأَلف قَبْلَها، وليس ذلك بالقوي، وذلِك أَن الياء هي الطارئة على
الأَلف فيجب أَن تحذف الأَلف لمكانها، فأَما ما أَنشده اللحياني عن
الكسائي لجميل من قوله:
وأَتَى صَواحِبُها فَقُلْنَ: هَذَا الَّذي
مَنَحَ المَوَدَّةَ غَيْرَنا وجَفانا
فإِنه أَراد أَذا الَّذِي، فأَبدل الهاء من الهمزة. وقد استُعْمِلت ذا
مكان الذي كقوله تعالى: ويَسْأَلُونك ماذا يُنْفِقُون قل العَفْوُ؛ أَي ما
الذي ينفقون فيمن رفع الجواب فَرَفْعُ العَفْوِ يدلّ على أَن ما مرفوعة
بالابتداء وذا خبرها ويُنْفِقُون صِلةُ ذا، وأَنه ليس ما وذا جميعاً
كالشيء الواحد، هذا هو الوجه عند سيبويه، وإِن كان قد أَجاز الوجهَ الآخر مع
الرفع. وذي، بكسر الذال، للمؤنث وفيه لُغاتٌ: ذِي وذِهْ، الهاء بدل من
الياء، الدليل على ذلك قولهم في تحقير ذَا ذَيًّا، وذِي إنما هي تأْنيث ذا
ومن لفظه، فكما لا تَجِب الهاء في المذكر أَصلاً فكذلك هي أَيضاً في
المؤنث بَدَلٌ غيرُ أَصْلٍ، وليست الهاء في هَذِه وإن استفيد منها التأْنيث
بمنزلة هاء طَلْحَة وحَمْزَة لأَن الهاء في طلحة وحمزة زائدة، والهاء في
هَذا ليست بزائدة إِنما هي بدل من الياء التي هي عين الفعل في هَذِي،
وأَيضاً فإِنَّ الهاء في حمزة نجدها في الوصل تاء والهاء في هذه ثابِتةٌ في
الوصل ثَباتَها في الوقف. ويقال: ذِهِي، الياء لبيان الهاء شبهها بهاء
الإِضمار في بِهِي وهَذِي وهَذِهِي وهَذِهْ، الهاء في الوصل والوقف ساكنةٌ
إِذا لم يلقها ساكن، وهذه كلها في معنى ذِي؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
قُلْتُ لَها: يا هَذِهي هذا إِثِمْ،
هَلْ لَكِ في قاضٍ إِلَيْهِ نَحْتَكِمْ؟
ويوصل ذلك كله بكاف المخاطبة. قال ابن جني: أَسماء الإِشارة هَذا وهذِه
لا يصح تثنية شيء منها من قِبَلِ أَنَّ التثنية لا تلحق إِلا النكرة، فما
لا يجوز تنكيره فهو بأَن لا تصح تثنيته أَجْدَرُ، فأَسْماء الإِشارة لا
يجوز أَن تُنَكَّر فلا يجوز أَن يُثَنَّى شيء منها، أَلا تراها بعد
التثنية على حدّ ما كانت عليه قبل التثنية، وذلك نحو قولك هَذانِ الزَّيْدانِ
قائِمَيْن، فَنَصْبُ قائِمَيْن بمعنى الفعل الذي دلت عليه الإِشارةُ
والتنبيهُ، كما كنت تقول في الواحد هذا زَيْدٌ قائماً، فَتَجِدُ الحال واحدةً
قبل التثنيةِ وبعدها، وكذلك قولك ضَرَبْتُ اللَّذَيْنِ قاما، تَعرَّفا
بالصلة كما يَتَعَرَّفُ بها الواحد كقولك ضربت الذي قامَ، والأَمر في هذه
الأَشياء بعد التثنية هو الأَمر فيها قبل التثنية، وليس كذلك سائرُ
الأَسماء المثناة نحو زيد وعمرو، أَلا ترى أَن تعريف زيد وعمرو إِنما هو
بالوضع والعلمية؟ فإِذا ثنيتهما تنكرا فقلت عندي عَمْرانِ عاقِلانِ، فإِن آثرت
التعريف بالإِضافة أَو باللام فقلت الزَّيْدانِ والعَمْرانِ وزَيْداكَ
وعَمْراكَ، فقد تَعَرَّفا بَعْدَ التثنية من غير وجه تَعَرُّفِهما قبلها
ولَحِقا بالأَجْناسِ وفارَقا ما كانا عليه من تعريف العَلَمِيَّةِ
والوَضْعِ، فإِذا صح ذلك فينبغي أَن تعلمَ أَنَّ هذانِ وهاتانِ إِنما هي أَسماء
موضوعة للتثنية مُخْتَرعة لها، وليست تثنية للواحد على حد زيد وزَيْدانِ،
إِلا أَنها صِيغت على صورة ما هو مُثَنًّى على الحقيقة فقيل هذانِ
وهاتانِ لئلا تختلف التثنية، وذلك أَنهم يُحافِظون عليها ما لا يُحافِظون على
الجمع، أَلا ترى أَنك تجد في الأَسماء المتمكنة أَلفاظَ الجُموع من غير
أَلفاظِ الآحاد، وذلك نحو رجل ونَفَرٍ وامرأَةٍ ونِسْوة وبَعير وإِبلٍ
وواحد وجماعةٍ، ولا تجد في التثنية شيئاً من هذا، إنما هي من لفظ الواحد نحو
زيد وزيدين ورجل ورجلين لا يختلف ذلك، وكذلك أَيضاً كثير من المبنيات
على أَنها أَحق بذلك من المتمكنة، وذلك نحو ذا وأُولَى وأُلات وذُو وأُلُو،
ولا تجد ذلك في تثنيتها نحو ذا وذانِ وذُو وذَوانِ، فهذا يدلك على
محافظتهم على التثنية وعنايتهم بها، أَعني أَن تخرج على صورة واحدة لئلا
تختلف، وأَنهم بها أَشدُّ عِناية منهم بالجمع، وذلك لَمَّا صيغت للتثنية
أَسْماء مُخْتَرَعة غير مُثناة على الحقيقة كانت على أَلفاظ المُثناة
تَثْنِيةً حقيقةً، وذلك ذانِ وتانِ، والقول في اللَّذانِ واللَّتانِ كالقول في
ذانِ وتانِ. قال ابن جني: فأَما قولهم هذانِ وهاتانِ وفذانك فإِنما تقلب في
هذه المواضع لأَنهم عَوَّضوا من حرف محذوف، وأَما في هذانِ فهي عِوَضٌ
من أَلف ذا، وهي في ذانِك عوض من لام ذلك، وقد يحتمل أَيضاً أَن تكون
عوضاً من أَلف ذلك، ولذلك كتبت في التخفيف بالتاء
(* قوله« ولذلك كتبت في
التخفيف بالتاء إلخ» كذا بالأصل.) لأَنها حينئذ ملحقة بدَعْد، وإِبدال التاء
من الياء قليل، إِنما جاء في قولهم كَيْتَ وكَيْتَ، وفي قولهم ثنتان،
والقول فيهما كالقول في كيت وكيت، وهو مذكور في موضعه. وذكر الأَزهري في
ترجمة حَبَّذا قال: الأَصل حَبُبَ ذا فأُدغمت إِحدى الباءَين في الأُخرى
وشُدِّدت، وذا إِشارة إِلى ما يقرب منك؛ وأَنشد بعضهم:
حَبَّذا رَجْعُها إِلَيْكَ يَدَيْها
في يَدَيْ دِرْعِها تَحُلُّ الإِزارا
كأَنه قال: حَبُبَ ذا، ثم ترجم عن ذا فقال: هو رَجْعُها يَدَيْها إِلى
حَلّ تِكَّتها أَي ما أَحَبَّه، ويَدا دِرْعِها: كُمَّاها. وفي صفة
المهدي: قُرَشِيٌّ يَمانٍ ليس مِن ذِي ولا ذُو أَي ليس نَسَبُه نَسَبَ أَذْواء
اليمن، وهم مُلوكُ حِمْيَرَ، منهم ذُو يَزَنَ وذُو رُعَيْنٍ؛ وقوله:
قرشيٌّ يَمانٍ أَي قُرَشِيُّ النَّسَب يَمانِي المَنْشإ؛ قال ابن الأَثير:
وهذه الكلمة عينها واو، وقياس لامها أَن تكون ياء لأَن باب طَوَى أَكثر من
باب قَوِيَ؛ ومنه حديث جرير: يَطْلُع عليكم رَجل من ذِي يَمَنٍ على
وجْهِه مَسْحة من ذي مَلَكٍ؛ قال ابن الأَثير: كذا أَورده أَبو عُمَر الزاهد
وقال ذي ههنا صِلة أَي زائدة.
تين: التِّينُ: الذي يُؤكل، وفي المحكم: والتينُ شجر البَلَس، وقيل: هو
البَلَس نفْسُه، واحدته تِينة؛ قال أَبو حنيفة: أَجناسُه كثيرة بَرِّيّة
وريفيّة وسُهْليّة وجبَلِيّة، وهو كثير بأَرض العرب، قال: وأَخبرني رجل
من أَعراب السَّراة، وهم أَهلُ تينٍ، قال: التِّينُ بالسراة كثيرٌ جدّاً
مُباح، قال: وتأْكله رَطباً وتُزَبِّبه فتَدَّخِرُه، وقد يُكسَّر على
التِّين. والتينةُ: الدُّبُرُ. والتين: جبَل بالشأْم؛ وقال أَبو حنيفة: هو
جبل في بلاد غَطَفان، وليس قول من قال هو جبل بالشأْم بشيء، لأَنه ليس
بالشأْم جبل يقال له التِّين، ثم قال: وأَين الشأْم من بلاد غَطَفان؛ قال
النابغة يصف سَحائب لا ماءَ فيها فقال:
صُهْب الشمال أَتَينَ التِّينَ عن عُرُضٍ،
يُزْجِينَ غَيْماً قليلاً ماؤُه شَبِما.
وإيّاه عَنى الحَذْلِميُّ بقوله:
تَرْعى إلى جُدٍّ لها مَكِين،
أَكْنافَ خَوٍّ فبِراقِ التِّين.
والتِّينةُ: مُوَيهة في أَصل هذا الجبل؛ هكذا حكاه أَبو حنيفة، مُوَيهة
كأَنه تصغيرُ الماء. وقوله عز وجل: والتين والزيتون؛ قيل: التين دِمَشق،
والزَّيتونُ بيتُ المَقْدس، وقيل: التين والزيتون جَبَلان، وقيل: جَبَلان
بالشأْم، وقيل: مَسجِدان بالشام، وقيل: التين والزيتون هو الذي نَعرفه.
قال ابن عباس: هو تِينُكم هذا وزَيتونكم؛ قال الفراء: وسمعت رجلاً من
أَهل الشأْم، وكان صاحبَ تفسير، قال: التين جبالُ ما بين حُلوان إلى
هَمَذان، والزيتونُ جبال الشأْم. وطُورُ تَيْنا وتَيْناء وتِيناء كَسِيناء.
والتِّينانُ: الذئبُ؛ قال الأَخطل:
يَعْتَفْنَه عند تِينانٍ، يُدَمِّنُه
بادي العُواءِ ضَئيل الشَّخْصِ مُكتَسِب.
وقيل: جاء الأَخطل بحرْفَيْن لم يجئْ بهما غيرُه، وهما التِّينانُ
الذئبُ والعَيْثومُ أُنْثى الفِيَلةِ. وفي حديث ابن مسعود: تانِ كالمرّتانِ؛
قال أَبو موسى: هكذا ورد في الرواية، وهو خطأٌ، والمراد به خَصْلَتانِ
مَرَّتانِ، والصواب أَن يقال: تانِكَ المرَّتانِ، وتَصِل الكافَ بالنون،
وهي للخطاب أَي تانِك الخَصْلَتانِ اللَّتانِ أَذْكُرُهما لكَ، ومَنْ
قَرَنَها بالمرَّتيْن احتاج أَن يَجُرَّهما، ويقول كالمرَّتَيْن، ومعناه
هاتانِ الخَصْلَتان كخَصْلَتَيْن مَرَّتَيْن، والكافُ فيها للتشبيه.
جأْن: الجُؤنة: سَلَّة مُسْتَديرة مُغَشَّة أَدَماً يجعل فيها الطِّيبُ
والثِّياب.
تفسير هذا: قال المنذري: سمعت أَبا الهيثم يقول ها وأَلا حرفان
يُفْتَتَحُ بهما الكلام لا معنى لهما إِلا افتتاح الكلام بهما، تقول: هَذا أَخوك،
فها تَنبيهٌ وذا اسم المشار إِليه وأَخُوك هو الخبر، قال: وقال بعضهم ها
تَنْبِيهٌ تَفتتح العَرَبُ الكلامَ به بلا معنًى سِوى الافتتاح: ها
إَنَّ ذا أَخُوك، وأَلا إِنَّ ذا أَخُوك، قال: وإِذا ثَنَّوُا الاسم المبهم
قالوا تانِ أُخْتاك وهاتانِ أُخْتاك فرجَعوا إِلى تا، فلما جمعوا قالوا
أُولاءِ إِخْوَتُك وأُولاءِ أَخَواتُك، ولم يَفْرُقوا بين الأُنثى والذكر
بعلامة، قال: وأُولاء، ممدودة مقصورة، اسم لجماعة ذا وذه، ثم زادوا ها مع
أُولاء فقالوا هؤلاء إِخْوَتُك. وقال الفراء في قوله تعالى: ها أَنْتُمْ
أُولاء تُحِبُّونَهم؛ العرب إِذا جاءت إِلى اسم مكني قد وُصِفَ بهذا
وهذانِ وهؤلاء فَرَقُوا بين ها وبين ذا وجعَلوا المَكْنِيَّ بينهما، وذلك في
جهة التقريب لا في غيرها، ويقولون: أَين أَنت؟ فيقول القائل: ها أَناذا،
فلا يَكادُون يقُولون ها أَنا، وكذلك التنبيه في الجمع؛ ومنه قوله عز
وجل: ها أَنتمْ أُولاء تُحِبُّونهم، وربما أَعادوها فوصلوها بذا وهذا وهؤلاء
فيقولون ها أَنتَ ذا قائماً وها أَنْتُم هؤلاء. قال الله تعالى في سورة
النساء: ها أَنتُمْ هؤلاء جادَلْتُمْ عنهم في الحياة الدنيا؛ قال: فإِذا
كان الكلام على غير تقريب أَو كان مع اسمٍ ظاهرٍ جعلوها موصولةً بذا
فيقولون ها هو وهذان هما، إِذا كان على خبر يكتفي كل واحد منهما بصاحبه بلا
فعل، والتقريب لا بد فيه من فعل لنقصانه، وأَحبوا أَن يفَرقوا بذلك بين
التقريب وبين معنى الاسم الصحيح. وقال أَبو زيد: بنو عُقَيْلٍ يقولون
هؤلاء، ممدود مُنَوَّنٌ مهموز، قَوْمُكَ، وذهب أَمسٌ بما فيه بتنوين، وتميم
تقول: هؤلا قَوْمُك، ساكن، وأَهل الحجاز يقولون: هؤلاء قومُك، مهموز ممدود
مخفوض، قال: وقالوا كِلْتا تَيْنِ وهاتين بمعنى واحد، وأَما تأْنيث هذا
فإِن أَبا الهيثم قال: يقال في تأْنيث هذا هذِه مُنْطَلِقة فيصلون ياء
بالهاء؛ وقال بعضهم: هذي مُنْطَلِقة وتِي منطلقة وتا مُنْطَلِقة؛ وقال كعب
الغنوي:
وأَنْبَأْتُماني أَنَّما الموتُ بالقُرَى،
فكيف وهاتا رَوْضةٌ وكَثِيبُ
يريد: فكيف وهذه؛ وقال ذو الرمة في هذا وهذه:
فهذِي طَواها بُعْدُ هذي، وهذه
طَواها لِهذِي وخْدُها وانْسِلالُها
قال: وقال بعضهم هَذاتُ
(* قوله« هذات» كذا في الأصل بتاء مجرورة كما
ترى، وفي القاموس شرح بدل منطلقة منطلقات.) مُنْطَلِقةٌ، وهي شاذة مرغوب
عنها، قال: وقال تِيكَ وتِلْكَ وتالِكَ مُنْطَلِقةٌ؛ وقال القطامي:
تَعَلَّمْ أَنَّ بَعْدَ الغَيِّ رُشْداً،
وأَنَّ لِتالِكَ الغُمَرِ انْقِشاعا
فصيّرها تالِكَ وهي مَقُولة، وإِذا ثنيت تا قلت تانِكَ فَعَلَتا ذلك،
وتانِّكَ فَعلتا ذاك، بالتشديد، وقالوا في تثنية الذي اللَّذانِ
واللَّذانِّ واللَّتانِ واللَّتانِّ، وأَما الجمع فيقال أُولئك فعلوا ذلك، بالمدّ،
وأُولاك، بالقصر، والواو ساكنة فيهما. وأَما هذا وهذان فالهاء في هذا
تنبيه وذا اسم إِشارة إِلى شيء حاضر، والأَصل ذا ضُمَّ إِليها ها. أَبو
الدقيش: قال لرجل أَين فلان؟ قال: هوذا؛ قال الأَزهري: ونحو ذلك حفظته عن
العرب. ابن الأنباري: قال بعض أَهل الحجاز هُوَذا، بفتح الواو، قال أَبو
بكر: وهو خطأٌ منه لأَن العلماء الموثوق بعلمهم اتفقوا على أَن هذا من تحريف
العامة، والعرب إِذا أَرادت معنى هوذا قالت ها أَنا ذا أَلقى فلاناً،
ويقول الاثنان: ها نحن ذانِ نَلْقاه، وتقول الرجال: ها نحن أُولاءِ نلقاه،
ويقول المُخاطِبُ: ها أَنتَ ذا تَلْقَى فلاناً، وللاثنين: ها أَنتما ذان،
وللجماعة: ها أَنتم أُولاءِ، وتقول للغائب: ها هو ذا يلقاه وها هُما
ذانِ وها هم أُولاءِ، ويبنى التأْنيث على التذكير، وتأُويل قوله ها أَنا ذا
أَلقاه قد قَرُبَ لِقائي إِياه. وقال الليث: العرب تقول كذا وكذا كافهما
كاف التنبيه، وذا اسم يُشار به، والله أَعلم.
أكل: أَكَلْت الطعام أَكْلاً ومَأْكَلا. ابن سيده: أَكَل الطعام
يأْكُلُه أَكْلاً فهو آكل والجمع أَكَلة، وقالوا في الأمر كُلْ، وأَصله
أُؤْكُلْ، فلما اجتمعت همزتان وكثر استعمال الكلمة حذفت الهمزة الأَصلية فزال
الساكن فاستغنى عن الهمزة الزائدة، قال: ولا يُعْتَدّ بهذا الحذد لقِلَّته
ولأَنه إِنما حذف تخفيفاً، لأَن الأَفعال لا تحذف إِنما تحذف الأَسماء نحو
يَدٍ ودَمٍ وأَخٍ وما جرى مجراه، وليس الفعل كذلك، وقد أُخْرِجَ على
الأَصل فقيل أُوكُل، وكذلك القول في خُذْ ومُر.
والإِكْلة: هيئة الأَكْل. والإِكْلة: الحال التي يأْكُل عليها متكئاً
أَو قاعداً مثل الجِلْسة والرَّكْبة. يقال: إِنه لحَسَن الإِكْلة.
والأَكْلة: المرة الواحدة حتى يَشْبَع. والأُكْلة: اسم للُّقْمة. وقال اللحياني:
الأَكْلة والأُكْلة كاللَّقْمة واللُّقْمة يُعْنَى بها جميعاً المأْكولُ؛
قال:
من الآكِلِين الماءَ ظُلْماً، فما أَرَى
يَنالون خَيْراً، بعدَ أَكْلِهِمِ المَاءَ
فإِنما يريد قوماً كانوا يبيعون الماءَ فيشترون بثمنه ما يأْكلونه،
فاكتفى بذكر الماء الذي هو سبب المأْكول عن ذكر المأْكول. وتقول: أَكَلْت
أُكْلة واحدة أَي لُقْمة، وهي القُرْصة أَيضاً. وأَكَلْت أَكلة إِذا أَكَل
حتى يَشْبَع. وهذا الشيء أُكلة لك أَي طُعْمة لك. وفي حديث الشاة
المسمومة: ما زَالَتْ أُكْلة خَيْبَرَ تُعَادُّني؛ الأُكْلة، بالضم: اللُّقمة
التي أَكَل من الشاة، وبعض الرُّواة بفتح الأَلف وهو خطأ لأَنه ما أَكَل
إِلاّ لُقْمة واحدة. ومنه الحديث الآخر: فليجعل في يده أُكْلة أَو أُكْلتين
أَي لُقْمة أَو لُقْمتين. وفي الحديث: أَخْرَجَ لنا ثلاثَ أُكَل؛ هي جمع
أُكْلة مثل غُرْفة وغُرَف، وهي القُرَص من الخُبْز.
ورجل أُكَلة وأَكُول وأَكِيل: كثير الأَكْلِ. وآكَلَه الشيءَ: أَطعمه
إِياه، كلاهما على المثل
(* قوله «وآكله الشيء أطعمه إياه كلاهما إلخ» هكذا
في الأصل، ولعل فيه سقطاً نظير ما بعده بدليل قوله كلاهما) وآكَلَني ما
لم آكُل وأَكَّلَنِيه، كلاهما: ادعاه عليَّ. ويقال: أَكَّلْتني ما لم
آكُلْ، بالتشديد، وآكَلْتَني ما لم آكُل أَيضاً إِذا ادَّعيتَه عليَّ.
ويقال: أَليس قبيحاً أَن تُؤَكِّلَني ما لم آكُلْ؟ ويقال: قد أَكَّل فلان غنمي
وشَرَّبَها. ويقال: ظَلَّ مالي يُؤَكَّل ويُشَرَّب.
والرجل يَسْتأْكِل قوماً أَي يأْكل أَموالَهم من الإِسْنات. وفلان
يسْتَأْكِل الضُّعفاء أَي يأْخذ أَموالهم؛ قال ابن بري وقول أَبي طالب:
وما تَرْكُ قَوْمٍ، لا أَبا لَك، سَيِّداً
مَحُوطَ الذِّمَارِ غَيْرَ ذِرْبٍ مؤَاكِل
أَي يَسْتأْكل أَموالَ الناس. واسْتَأْكَلَه الشيءَ: طَلَب إِليه أَن
يجعله له أُكْلة. وأَكَلَت النار الحَطَبَ، وآكَلْتُها أَي أَطْعَمْتُها،
وكذلك كل شيءٍ أَطْعَمْتَه شيئاً.
والأُكْل: الطُّعْمة؛ يقال: جَعَلْتُه له أُكْلاً أَي طُعْمة. ويقال: ما
هم إِلاَّ أَكَلة رَأْسٍ أَي قليلٌ، قَدْرُ ما يُشْبِعهم رأْسٌ واحد؛
وفي الصحاح: وقولهم هم أَكَلة رأْس أَي هم قليل يشبعهم رأْس واحد، وهو جمع
آكل.
وآكَلَ الرجلَ وواكله: أَكل معه، الأَخيرة على البدل وهي قليلة، وهو
أَكِيل من المُؤَاكلة، والهمز في آكَلَه أَكثر وأَجود. وفلان أَكِيلي: وهو
الذي يأْكل معك. الجوهري: الأَكِيل الذي يُؤَاكِلُكَ. والإِيكال بين
الناس: السعي بينهم بالنَّمائم. وفي الحديث: من أَكَل بأَخيه أُكْلَة؛ معناه
الرجل يكون صَدِيقاً لرجل ثم يذهب إِلى عدوه فيتكلم فيه بغير الجميل
ليُجيزه عليه بجائزة فلا يبارك افيفي له فيها؛ هي بالضم اللقمة، وبالفتح
المرَّة من الأَكل. وآكَلْته إِيكالاً: أَطْعَمْته. وآكَلْته مُؤَاكلة: أَكَلْت
معه فصار أَفْعَلْت وفَاعَلْت على صورة واحدة، ولا تقل واكلته، بالواو.
والأَكِيل أَيضاً: الآكل؛ قال الشاعر:
لَعَمْرُك إِنَّ قُرْصَ أَبي خُبَيْبٍ
بَطِيءُ النَّضْج، مَحْشُومُ الأَكِيل
وأَكِيلُكَ: الذي يُؤَاكِلك، والأُنثى أَكِيلة. التهذيب: يقال فلانة
أَكِيلي للمرأة التي تُؤَاكلك. وفي حديث النهي عن المنكر: فلا يمنعه ذلك أَن
يكون أَكِيلَه وشَرِيبَه؛ الأَكيل والشَّرِيب: الذي يصاحبك في الأَكل
والشرب، فعِيل بمعنى مُفاعل. والأُكْل: ما أُكِل. وفي حديث عائشة تصف عمر،
رضي افيفي عنها: وبَعَج الأَرضَ فَقاءَت أُكْلَها؛ الأَكْل، بالضم وسكون
الكاف: اسم المأْكول، وبالفتح المصدر؛ تريد أَن الأَرض حَفِظَت البَذْر
وشَرِبت ماءَ المطر ثم قَاءَتْ حين أَنْبتت فكَنَت عن النبات بالقَيء،
والمراد ما فتح افيفي عليه من البلاد بما أَغْرَى إِليها من الجيوش. ويقال: ما
ذُقْت أَكَالاً، بالفتح، أَي طعاماً. والأَكَال: ما يُؤْكَل. وما ذاق
أَكَالاً أَي ما يُؤْكَل. والمُؤْكِل: المُطْعِم. وفي الحديث: لعن افيفي آكل
الرِّبا ومُؤْكِلَه، يريد به البائع والمشتري؛ ومنه الحديث: نهى عن
المُؤَاكَلة؛ قال ابن الأَثير: هو أَن يكون للرجل على الرجل دين فيُهْدِي
إِليه شيئاً ليؤَخِّره ويُمْسك عن اقتضائه، سمي مُؤَاكَلة لأَن كل واحد
منهما يُؤْكِل صاحبَه أَي يُطْعِمه.
والمَأْكَلة والمَأْكُلة: ما أُكِل، ويوصف به فيقال: شاة مَأْكَلة
ومَأْكُلة. والمَأْكُلة: ما جُعل للإِنسان لا يحاسَب عليه. الجوهري:
المَأْكَلة والمَأْكُلة الموضع الذي منه تَأْكُل، يقال: اتَّخَذت فلاناً مَأْكَلة
ومَأْكُلة.
والأَكُولة: الشاة التي تُعْزَل للأَكل وتُسَمَّن ويكره للمصدِّق
أَخْذُها. التهذيب: أَكُولة الراعي التي يكره للمُصَدِّق أَن يأْخذها هي التي
يُسَمِّنها الراعي، والأَكِيلة هي المأْكولة. التهذيب: ويقال أَكَلته
العقرب، وأَكَل فلان عُمْرَه إِذا أَفناه، والنار تأْكل الحطب. وأَما حديث
عمر، رضي افيفي عنه: دَعِ الرُّبَى والماخِض والأَكُولة، فإِنه أَمر
المُصَدِّق بأَن يَعُدَّ على رب الغنم هذه الثلاث ولا يأْخذها في الصدقة لأَنها
خِيار المال. قال أَبو عبيد: والأَكولة التي تُسَمَّن للأَكل، وقال شمر:
قال غيره أَكولة غنم الرجل الخَصِيُّ والهَرِمة والعاقِر، وقال ابن شميل:
أَكولة الحَيِّ التي يَجْلُبون يأْكلون ثمنها
(* قوله: التي يجلبون
يأكلون ثمنها، هكذا في الأصل) التَّيْس والجَزْرة والكَبْش العظيم التي ليست
بقُنْوة، والهَرِمة والشارف التي ليست من جَوارح المال، قال: وقد تكون
أَكِيلةً فيما زعم يونس فيقال: هل غنمك أَكُولة؟ فتقول: لا، إِلاَّ شاة
واحدة. يقال: هذه من الأَكولة ولا يقال للواحدة هذه أَكُولة. ويقال: ما عنده
مائة أَكائل وعنده مائة أَكولة. وقال الفراء: هي أَكُولة الراعي
وأَكِيلة السبع التي يأْكل منها وتُسْتَنْقذ منه، وقال أَبو زيد: هي أَكِيلة
الذِّئب وهي فَريسته، قال: والأَكُولة من الغنم خاصة وهي الواحدة إِلى ما
بلغت، وهي القَواصي، وهي العاقر والهَرِمُ والخَصِيُّ من الذِّكارة،
صِغَاراً أَو كباراً؛ قال أَبو عبيد: الذي يروى في الحديث دع الرُّبَّى
والماخِض والأَكِيلة، وإِنما الأَكيلة المأْكولة. يقال: هذه أَكِيلة الأَسد
والذئب، فأَما هذه فإِنها الأَكُولة. والأَكِيلة: هي الرأْس التي تُنْصب
للأَسد أَو الذئب أَو الضبع يُصاد بها، وأَما التي يَفْرِسها السَّبْع فهي
أَكِيلة، وإِنما دخلته الهاء وإِن كان بمعنى مفعولة لغلبة الاسم عليه.
وأَكِيلة السبع وأَكِيله: ما أَكل من الماشية، ونظيره فَرِيسة السبع
وفَرِيسه. والأَكِيل: المأْكول فيقال لما أُكِل مأْكول وأَكِيل. وآكَلْتُك فلاناً
إِذا أَمكنته منه؛ ولما أَنشد المُمَزَّق قوله:
فإِنْ كنتُ مَأْكولاً، فكُنْ خيرَ آكلٍ،
وإِلاَّ فَأَدْرِكْني، ولَمَّا أُمَزَّقِ
فقال النعمان: لا آكُلُك ولا أُوكِلُك غيري. ويقال: ظَلَّ مالي يُؤَكَّل
ويُشَرَّب أَي يَرْعَى كيف شاء. ويقال أَيضاً: فلان أَكَّل مالي
وشَرَّبه أَي أَطعمه الناس. نوادر الأَعراب: الأَكاوِل نُشوزٌ من الأَرض أَشباه
الجبال. وأَكل البَهْمة تناول التراب تريد أَن تأْكل
(* قوله: وأكل
البهمة تناول التراب تريد ان تأكل، هكذا في الأصل) ؛ عن ابن الأَعرابي.
والمَأْكَلة والمَأْكُلة: المِيرة، تقول العرب: الحمد فيفي الذي أَغنانا
بالرِّسل عن المأْكلة؛ عن ابن الأَعرابي، وهو الأُكْل، قال: وهي المِيرة
وإِنما يمتارون في الجَدْب.
والآكال: مآكل الملوك. وآكال الملوك: مأْكَلُهم وطُعْمُهم. والأُكُل: ما
يجعله الملوك مأْكَلة. والأُكْل: الرِّعْي أَيضاً. وفي الحديث عن عمرو
بن عَبْسة: ومَأْكُول حِمْير خير من آكلها المأْكول: الرَّعِيَّة،
والآكلون الملوك جعلوا أَموال الرَّعِيَّة لهم مأْكَلة، أَراد أَن عوامّ أَهل
اليَمن خير من ملوكهم، وقيل: أَراد بمأْكولهم من مات منهم فأَكلتهم الأَرض
أَي هم خير من الأَحياء الآكلين، وهم الباقون. وآكال الجُنْد: أَطماعُهم؛
قال الأَعْشَى:
جُنْدُك التالدُ العتيق من السَّا
داتِ، أَهْل القِباب والآكال
والأُكْل: الرِّزق. وإِنه لعَظيم الأُكْل في الدنيا أَي عظيم الرزق،
ومنه قيل للميت: انقطع أُكْله، والأُكْل: الحظ من الدنيا كأَنه يُؤْكَل.
أَبو سعيد: ورجل مُؤْكَل أَي مرزوق؛ وأَنشد:
منْهَرِتِ الأَشْداقِ عَضْبٍ مُؤْكَل،
في الآهِلين واخْتِرامِ السُّبُل
وفلان ذو أُكْل إِذا كان ذا حَظٍّ من الدنيا ورزق واسع. وآكَلْت بين
القوام أَي حَرَّشْت وأَفسدت. والأُكل: الثَّمَر. ويقال: أُكْل بســتانِك
دائم، وأُكْله ثمره. وفي الصحاح: والأُكْل ثمر النخل والشجر. وكُلُّ ما
يُؤْكل، فهو أُكْل. وفي التنزيل العزيز: أُكُلها دائم. وآكَلَتِ الشجرةُ:
أَطْعَمَتْ، وآكَلَ النخلُ والزرعُ وكلُّ شيء إِذا أَطْعَم. وأُكُل الشجرةِ:
جَنَاها. وفي التنزيل العزيز: تؤتي أُكُلَها كُلَّ حِين بإِذن ربِّها،
وفيه: ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ؛ أَي جَنًى خمطٍ. ورجل ذو أُكْل أَي رَأْي
وعقل وحَصَافَة. وثوب ذو أُكْل: قَوِيٌّ صَفِيق كَثِير الغَزْل. وقال
أَعرابي: أُريد ثوباً له أُكْل أَي نفس وقوّة؛ وقرطاس ذو أُكْل.
ويقال للعصا المحدّدة: آكلة اللحم تشبيهاً بالسكين. وفي حديث عمر، رضي
افيفي عنه: وافيفي ِ ليَضْربَنَّ أَحدكُم أَخاه بمثل آكِلة اللحم ثم يرى
أَني لا أُقِيدُه، وافيفي لأُقِيدَنَّهُ منه؛ قال أَبو عبيد: قال العجاج
أَراد بآكلة اللحم عصا محدّدة؛ قال: وقال الأُموي الأَصل في هذا أَنها السكين
وإِنما شبهت العصا المحدّدة بها؛ وقال شمر: قيل في آكلة اللحم إِنها
السِّيَاط، شَبَّهها بالنار لأَن آثارها كآثارها. وكثرت الآكلة في بلاد بني
فلان أَي الراعية.
والمِئْكَلة من البِرَام: الصغيرةُ التي يَسْتَخِفُّها الحيُّ أَن
يطبخوا اللحم فيها والعصيدة، وقال اللحياني: كل ما أُكِل فيه فهو مِئْكَلة؛
والمِئْكلة: ضرب من الأَقداح وهو نحوٌ مما يؤكل فيه، والجمع المآكل؛ وفي
الصحاح: المِئْكَلة الصِّحاف التي يستخفُّ الحي أَن يطبخوا فيها اللحم
والعصيدة.
وأَكِل الشيءُ وأْتَكَلَ وتَأَكَّل: أَكل بعضُه بعضاً، والاسم الأُكال
والإِكال؛ وقول الجعدي:
سَأَلَتْني عن أُناسٍ هَلَكوا،
شرِبَ الدَّهْرُ عليهم وأَكَل
قال أَبو عمرو: يقول مَرَّ عليهم، وهو مَثَل، وقال غيره: معناه شَرِب
الناسُ بَعْدَهم وأَكَلوا. والأَكِلة، مقصور: داء يقع في العضو فيَأْتَكِل
منه. وتَأَكَّلَ الرجلُ وأْتَكَلَ: غضِب وهاج وكاد بعضه يأْكل بعضاً؛ قال
الأَعشى:
أَبْلِغْ يَزيدَ بَني شَيْبَان مَأْلُكَةً:
أَبا ثُبَيْتٍ، أَمَا تَنْفَكُّ تأْتَكِل؟
وقال يعقوب: إِنما هو تَأْتَلِكُ فقلب. التهذيب: والنار إِذا اشتدّ
الْتهابُها كأَنها يأْكل بعضها بعضاً، يقال: ائتكلت النار. والرجل إِذا اشتد
غضبه يَأْتَكِل؛ يقال: فلان يَأْتَكِل من الغضب أَي يحترق ويَتَوَهَّج.
ويقال: أَكَلَتِ النارُ الحطبَ وآكَلْتُها أَنا أَي أَطعمتها إِياه.
والتأَكُّل: شدة بريق الكحل إِذا كسِر أَو الصَّبِرِ أَو الفضة والسيفِ
والبَرْقِ؛ قال أَوس بن حجر:
على مِثْل مِسْحاة اللُّجَينِ تَأَكُّلا
(* قوله «على مثل مسحاة إلخ» هو عجز بيت صدره كما في شرح القاموس:
إذا سل من غمد تأكل اثره)
وقال اللحياني: ائتَكَل السيف اضطرب. وتأَكَّل السيف تَأَكُّلاً إِذا ما
تَوَهَّج من الحدَّة؛ وقال أَوس بن حجر:
وأَبْيَضَ صُولِيًّا، كأَنَّ غِرَارَه
تَلأْلُؤُ بَرْقٍ في حَبِيٍٍّّ تَأَكَّلا
وأَنشده الجوهري أَيضاً؛ قال ابن بري صواب إِنشاده: وأَبيض هنديّاً،
لأَن السيوف تنسب إِلى الهند وتنسب الدُّروع إِلى صُول؛ وقبل البيت:
وأَمْلَسَ صُولِيًّا، كَنِهْيِ قَرَارةٍ،
أَحَسَّ بِقاعٍ نَفْخَ رِيحٍ فأَحْفَلا
وتَأَكَّل السَّيْفُ تَأَكُّلاً وتأَكَّل البرقُ تَأَكُّلاً إِذا
تلأْلأَ. وفي أَسنانه أَكَلٌ أَي أَنها مُتأَكِّلة. وقال أَبو زيد: في الأَسنان
القادحُ، وهو أَن تَتَأَكَّلَ الأَسنانُ. يقال: قُدِحَ في سِنِّه.
الجوهري: يقال أَكِلَتْ أَسنانه من الكِبَر إِذا احْتَكَّت فذهبت. وفي أَسنانه
أَكَلٌ، بالتحريك، أَي أَنها مؤْتكِلة، وقد ائْتَكَلَتْ أَسنانُه
وتأَكَّلت. والإِكْلَةُ والأُكال: الحِكَّة والجرب أَيّاً كانت. وقد أَكَلني
رأْسي. وإِنه ليَجِدُ في جسمه أَكِلَةً، من الأُكال، على فَعِلة، وإِكْلَةً
وأُكالاً أَي حكة. الأَصمعي والكسائي: وجدت في جسدي أُكَالاً أَي حكة.
قال الأَزهري: وسمعت بعض العرب يقول: جِلْدي يأْكُلُني إِذا وجد حكة، ولا
يقال جِلْدي يَحُكُّني.
والآكَال: سادَةُ الأَحياء الذين يأْخذون المِرْباعَ وغيره. والمَأْكَل:
الكَسْب.
وفي الحديث: أُمِرْت بقربة تَأْكُل القُرَى؛ هي المدينة، أَي يَغْلِب
أَهلُها وهم الأَنصار بالإِسلام على غيرها من القُرَى، وينصر اللهُ دينَه
بأَهلها ويفتح القرى عليهم ويُغَنِّمهم إِياها فيأْكلونها. وأَكِلَتِ
الناقةُ تَأْكَل أَكَلاً إِذا نبت وَبَرُ جَنينها في بطنها فوجدت لذلك أَذى
وحِكَّة في بطنها؛ وناقة أَكِلة، على فَعِلة، إِذا وجدت أَلماً في بطنها
من ذلك. الجوهري: أَكِلَت الناقةُ أَكالاً مثل سَمِع سَمَاعاً، وبها
أُكَال، بالضم، إِذا أَشْعَرَ وَلَدُها في بطنها فحكَّها ذلك
وتَأَذَّتْ.والأُكْلة والإِكْلة، بالضم والكسر: الغيبة. وإِنه لذو أُكْلة للناس
وإِكْلة وأَكْلة أَي غيبة لهم يغتابهم؛ الفتح عن كراع. وآكَلَ بينهم
وأَكَّل: حمل بعضهم على بعض كأَنه من قوله تعالى: أَيحب أَحدكم أَن يأْكل لحم
أَخيه ميتاً؛ وقال أَبو نصر في قوله:
أَبا ثُبَيْتٍ، أَما تَنْفَكُّ تأْتَكِل
معناه تأْكل لحومنا وتغتابنا، وهو تَفْتَعِل من الأَكل.
أذن: أَذِنَ بالشيء إذْناً وأَذَناً وأَذانةً: عَلِم. وفي التنزيل
العزيز: فأْذَنوا بحَرْبٍ من الله ورسوله؛ أَي كونوا على عِلْمٍ. وآذَنَه
الأَمرَ وآذَنه به: أَعْلَمَه، وقد قُرئ: فآذِنوا بحربٍ من الله؛ معناه أَي
أَعْلِمُوا كلَّ مَن لم يترك الرِّبا بأَنه حربٌ من الله ورسوله. ويقال:
قد آذَنْتُه بكذا وكذا، أُوذِنُه إيذاناً وإذْناً إذا أَعْلَمْته، ومن
قرأَ فأْذَنُوا أَي فانْصِتُوا. ويقال: أَذِنْتُ لفلانٍ في أَمر كذا وكذا
آذَنُ له إِذْناً، بكسر الهمزة وجزمِ الذال، واسْتَأْذَنْتُ فلاناً
اسْتِئْذاناً. وأَذَّنْتُ: أَكْثرْتُ الإعْلامَ بالشيء. والأَذانُ: الإعْلامُ.
وآذَنْتُكَ بالشيء: أَعْلمتُكه. وآذَنْتُه: أَعْلَمتُه. قال الله عز وجل:
فقل آذَنْتُكم على سواءٍ؛ قال الشاعر:
آذَنَتْنا ببَيْنِها أَسْماءُ
وأَذِنَ به إِذْناً: عَلِمَ به. وحكى أَبو عبيد عن الأَصمعي: كونوا على
إِذْنِهِ أَي على عِلْمٍ به. ويقال: أَذِنَ فلانٌ يأْذَنُ به إِذْناً إذا
عَلِمَ. وقوله عز وجل: وأَذانٌ من الله ورسولِهِ إلى الناسِ؛ أَي
إعْلامٌ. والأَذانُ: اسمٌ يقوم مقامَ الإيذانِ، وهو المصدر الحقيقي. وقوله عز
وجل: وإِذ تأَذَّنَ ربُّكم لئن شَكرتُم لأَزيدنَّكم؛ معناه وإِذ عَلِمَ
ربُّكم، وقوله عز وجل: وما هُمْ بِضارِّينَ به من أَحدٍ إلاَّ بإِذْنِ
الله؛ معناه بِعلْمِ الله، والإذْنُ ههنا لا يكون إلاَّ من الله، لأَن الله
تعالى وتقدَّس لا يأْمر بالفحشاء من السحْرِ وما شاكَلَه. ويقال: فَعلْتُ
كذا وكذا بإِذْنِه أَي فعلْتُ بعِلْمِه، ويكون بإِذْنِه بأَمره. وقال
قومٌ: الأَذينُ المكانُ يأْتيه الأَذانُ من كلِّ ناحيةٍ؛ وأَنشدوا:
طَهُورُ الحَصَى كانت أَذيناً، ولم تكُنْ
بها رِيبةٌ، مما يُخافُ، تَريبُ
قال ابن بري: الأَذِينُ في البيت بمعنى المُؤْذَنِ، مثل عَقِيدٍ بمعنى
مُعْقَدٍ، قال: وأَنشده أَبو الجَرّاح شاهداً
على الأَذِينِ بمعنى الأَذانِ؛ قال ابن سيده: وبيت امرئ القيس:
وإني أَذِينٌ، إنْ رَجَعْتُ مُمَلَّكاً،
بسَيْرٍ ترَى فيه الفُرانِقَ أَزْوَارَا
(* في رواية أخرى: وإني زعيمٌ). أَذينٌ فيه: بمعنى مُؤْذِنٍ، كما قالوا
أَليم ووَجيع بمعنى مُؤْلِم ومُوجِع. والأَذِين: الكفيل. وروى أَبو عبيدة
بيت امرئ القيس هذا وقال: أَذِينٌ
أَي زَعيم. وفَعَلَه بإِذْني وأَذَني أَي بِعلْمي. وأَذِنَ له في الشيءِ
إِذْناً: أَباحَهُ له. واسْتَأْذَنَه: طَلَب منه الإذْنَ. وأَذِنَ له
عليه: أَخَذَ له منه الإذْنَ. يقال: ائْذَنْ لي على الأمير؛ وقال الأَغَرّ
بن عبد الله بن الحرث: وإني إذا ضَنَّ الأَمِيرُ بإِذْنِه
على الإذْنِ من نفْسي، إذا شئتُ، قادِرُ
وقول الشاعر:
قلتُ لبَوَّابٍ لَدَيْهِ دارُها
تِيذَنْ، فإني حَمْؤُها وجارُها.
قال أَبو جعفر: أَراد لِتأْذَنْ، وجائز في الشِّعر حذفُ اللام وكسرُ
التاء على لغة مَن يقولُ أَنتَ تِعْلَم، وقرئ: فبذلك فَلْتِفْرَحوا.
والآذِنُ: الحاجِبُ؛ وقال: تَبَدَّلْ بآذِنِكَ المُرْتَضَى
وأَذِنَ له أَذَناً: اسْتَمَعَ؛ قال قَعْنَبُ بنُ أُمّ صاحِبٍ:
إن يَسْمَعُوا رِيبةً طارُوا بها فَرَحاً
منّي، وما سَمعوا من صالِحٍ دَفَنُوا
صُمٌّ إذا سمِعوا خَيْراً ذُكِرْتُ به،
وإنْ ذُكِرْتُ بشَرٍّ عنْدَهم أَذِنوا
قال ابن سيده: وأَذِنَ إليه أَذَناً استمع. وفي الحديث: ما أَذِنَ اللهُ
لشيءٍ كأَذَنِهِ لِنَبيٍّ يَتَغَنَّى بالقرآن؛ قال أَبو عبيد: يعني ما
استمَعَ اللهُ لشيء كاستِماعِهِ لِنَبيٍّ يتغنَّى بالقرآن أَي يتْلوه
يَجْهَرُ به. يقال: أَذِنْتُ للشيء آذَنُ له أَذَناً
إذا استمَعْتَ له؛ قال عديّ:
أَيُّها القَلْبُ تَعَلَّلْ بدَدَنْ،
إنَّ همِّي في سماعٍ وأَذَنْ
وقوله عز وجل: وأَذِنَتْ لِرَبِّها وحُقَّتْ؛ أَي اسْتَمعَتْ. وأَذِنَ
إليهِ أَذَناً: استمع إليه مُعْجباً؛ وأَنشد ابن بري لعمرو بن الأَهْيَم:
فلَمَّا أَنْ تسَايَرْنا قَليلاً،
أَذِنَّ إلى الحديثِ، فهُنَّ صُورُ
وقال عديّ:
في سَماعٍ يَأْذَنُ الشَّيخُ له،
وحديثٍ مثْل ماذِيٍّ مُشار
وآذَنَني الشيءُ: أَعْجَبَنِي فاستَمعْتُ له؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
فلا وأَبيك خَيْر منْك، إني
لَيُؤْذِنُني التَّحَمْحُمُ والصَّهِيلُ
وأَذِنَ للَّهوْ: اسْتَمع ومالَ. والأُذْنُ والأُذُنُ، يخفَّف
ويُثَقَّل: من الحواسّ أُنثى، والذي حكاه سيبويه أُذْن، بالضم، والجمع آذانٌ لا
يُكسَّر على غير ذلك، وتصغيرها أُذَيْنة، ولو سَمَّيْت بها رجلاً ثم
صغَّرْته قلت أُذَيْن، فلم تؤَنِّث لزوالِ التأْنيث عنه بالنقل إلى المذكر،
فأَما قولهم أُذَيْنة في الاسم العلم فإنما سمي به مصغَّراً. ورجل أُذْنٌ
وأُذُنٌ: مُسْتَمِع لما يُقال له قابلٌ له؛ وصَفُو به كما قال:
مِئْبَرة العُرْقُوبِ أَشْفَى المِرْفَق
فوصف به لأَن في مِئْبَرةٍ وأَشْفى معنى الحِدَّة. قال أَبو علي: قال
أَبو زيد رجل أُذُنٌ ورجال أُذُنٌ، فأُذُنٌ
للواحد والجمع في ذلك سواء إذا كان يسمع مقالَ كلّ أَحد. قال ابن بري:
ويقال رجل أُذُنٌ وامرأَة أُذُنٌ، ولا يثنى ولا يجمع، قال: وإنما سمَّوه
باسم العُضْو تَهْويلاً وتشنيعاً كما قالوا للمرأَة: ما أَنتِ إلا بُطَين.
وفي التنزيل العزيز: ويقولون هو أُذُنٌ قل أُذُنٌ خيرٍ لكم؛ أَكثرُ
القرّاء يقرؤون قل أُذُنٌ خير لكم، ومعناه وتفْسيرُه أَن في المُنافِقينَ من
كان يَعيب النبي، صلى الله عليه وسلم، ويقول: إن بَلَغَه عني شيء حَلَفْت
له وقَبِلَ مني لأَنه أُذُنٌ، فأَعْلَمه الله تعالى أَنه أُذُنُ خيرٍ لا
أُذُنُ شرٍّ. وقوله تعالى: أُذُنُ خيرٍ لكم، أي مُسْتَمِعُ خيرٍ لكم، ثم
بيّن ممن يَقْبَل فقال تعالى: يؤمنُ بالله ويؤمنُ للمؤمنين؛ أََي يسمع
ما أَنزَلَ الله عليه فيصدِّق به ويصدِّق المؤمنين فيما يخبرونه به. وقوله
في حديث زيد بن أَرْقَم: هذا الذي أَوْفَى الله بأُذُنِه أَي أَظهرَ
صِدْقَه في إِخْبارِه عما سمعَتْ أُذُنه. ورجل أُذانِيّ وآذَنُ: عظيمُ
الأُذُنَيْنِ طويلُهما، وكذلك هو من الإبلِ والغنم، ونَعْجةٌ أَذْناءُ وكَبْشٌ
آذَنُ. وفي حديث أَنس: أَنه قال له يا ذا الأُذُنَيْنِ؛ قالَ ابن
الأَثير: قيل معناه الحضُّ على حُسْنِ الاستِماعِ والوَعْي لأَن السَّمْعَ
بحاسَّة الأُذُنِ، ومَنْ خلَق الله له أُذُنَيْنِ فأََغْفَلَ الاستِماع ولم
يُحْسِن الوَعْيَ لم يُعْذَرْ، وقيل: إن هذا القول من جملة مَزْحه، صلى
الله عليه وسلم، ولَطيف أَخلاقه كما قال للمرأَة عن زوجها: أَذاك الذي في
عينِه بياضٌ؟ وأَذَنَه أَذْناً، فهو مأْذونٌ: أَصاب أُذُنَه، على ما
يَطَّرِد في الأَعضاء. وأَذَّنَه: كأَذَنَه أَي ضرَب أُذُنَه، ومن كلامهم: لكل
جابهٍ جَوْزةٌ ثم يُؤَذَّنُ؛ الجابهُ: الواردُ، وقيل: هو الذي يَرِدُ
الماء وليست عليه قامةٌ ولا أَداةٌ، والجَوْزةُ: السَّقْية من الماء،
يَعْنُون أَن الواردَ إذا ورَدَهم فسأَلهم أَن يَسْقوه ماءً لأَهله وماشيتِه
سَقَوْه سقْيةً واحدة، ثم ضربوا أُذُنَه إعْلاماً أَنه ليس عندهم أَكثرُ
من ذلك. وأُذِنَ: شكا أُذُنَه؛ وأُذُنُ القلبِ والسهمِ والنَّصْلِ كلُّه
على التشبيه، ولذلك قال بعض المُحاجِين: ما ذُو ثلاث آذان يَسْبِقُ
الخَيْل بالرَّدَيان؟ يعني السَّهمَ. وقال أَبو حنيفة: إذا رُكِّبت القُذَذُ
على السهم فهي آذانُه. وأُذُنُ كلّ شيء مَقْبِضُه، كأُذُنِ الكوز والدَّلْو
على التشبيه، وكلُّه مؤنث. وأُذُنُ العَرفج والثُّمام: ما يُخَدُّ منه
فيَنْدُرُ إذا أَخْوَصَ، وذلك لكونه على شكل الأُذُنِ. وآذانُ الكيزانِ:
عُراها، واحدَتها أُذُنٌ. وأُذَيْنةُ: اسم رَجُلٍ، ليست مُحَقَّرة على
أُذُن في التسمية، إذ لو كان كذلك لم تلحق الهاء وإنما سُمّيَ بها مُحَقَّرة
من العُضْو، وقيل: أُذَيْنة اسمُ ملِك من ملوك اليمن. وبنو أُذُنٍ: بطنٌ
من هوازن. وأُذُن النَّعْل: ما أَطافَ منها بالقِبال. وأَذَّنْتُها:
جعلتُ لها أُذُناً. وأَذَّنْتُ الصبيَّ: عرَكْتُ أُذُنَه. وأُذُنُ الحمارِ:
نبتٌ له ورق عَرْضُه مثل الشِّبْر، وله أَصل يؤكل أَعظم من الجَزرة مثل
الساعد، وفيه حلاوة؛ عن أَبي حنيفة. والأَذانُ والأَذِينُ والتَّأْذِينُ:
النّداءُ إلى الصلاة، وهو الإعْلام بها وبوقتها. قال سيبويه: وقالوا
أَذَّنْت وآذَنْتُ، فمن العرب من يجعلهما بمعنىً، ومنهم من يقول أَذَّنْت
للتصويت بإعْلانٍ، وآذَنْتُ أََعلمْت. وقوله عز وجل: وأَذِّنْ في الناس
بالحجّ؛ روي أَنَّ أَذان إبراهيم، عليه السلام، بالحج أَن وقَف بالمَقام
فنادى: أَيّها الناس، أَجيبُوا الله، يا عباد الله، أَطيعوا الله، يا عباد
الله، اتقوا الله، فوَقَرَتْ في قلب كل مؤمن ومؤمنة وأَسْمَعَ ما بين
السماء والأَرض، فأَجابه مَن في الأَصْلاب ممّن كُتِب له الحج، فكلّ من حجّ
فهو ممن أَجاب إبراهيم، عليه السلام. وروي أَن أَذانه بالحجّ كان: يا أَيها
الناس كتب عليكم الحجّ. والأَذِينُ: المُؤذِّنُ؛ قال الحُصَينُ بن
بُكَيْر الرَّبْعيّ يصف حمارَ وحش:
شَدَّ على أَمر الورُودِ مِئْزَرَهْ
سَحْقاً، وما نادَى أَذِينُ المَدَرَهْ السَّحْقُ: الطَّرْدُ.
والمِئْذنةُ: موضعُ الأَذانِ للصلاة. وقال اللحياني: هي المنارةُ، يعني
الصَّومعةَ. أَبو زيد: يقال للمنارة المِئْذَنة والمُؤْذَنة؛ قال الشاعر:
سَمِعْتُ للأَذانِ في المِئْذَنَهْ وأَذانُ الصلاة: معروف، والأَذِينُ
مثله؛ قال الراجز:
حتى إذا نُودِيَ بالأَذِين
وقد أذَّنَ أَذاناً وأَذَّنَ المُؤذِّن تأْذيناً؛ وقال جرير يهجو
الأَخطل:
إنّ الذي حَرَمَ الخِلافَةَ تَغْلِباً،
جعلَ الخِلافةَ والنُّبوَّةَ فينا
مُضَرٌ أَبي وأَبو الملوكِ، فهل لكم،
يا خُزْرَ تَغْلِبَ، من أَبٍ كأَبِينا؟
هذا ابنُ عمِّي في دِمَشْقَ خليفةٌ،
لو شِئْتُ ساقَكمُ إليّ قَطينا
إنّ الفَرَزْدَقَ، إذ تَحَنَّفَ كارِهاً،
أَضْحَى لِتَغْلِبَ والصَّلِيبِ خَدِينا
ولقد جَزِعْتُ على النَّصارى، بعدما
لَقِيَ الصَّليبُ من العذاب معِينا
هل تَشْهدون من المَشاعر مَشْعراً،
أَو تسْمَعون من الأَذانِ أََذِينا؟
ويروى هذا البيت: هل تَمْلِكون من المشاعِرِ مشعراً، أَو تَشْهدون مع
الأَذان أذينا؟ ابن بري: والأَذِينُ ههنا بمعنى الأَذانِ أَيضاً. قال: وقيل
الأَذينُ هنا المُؤَذِّن، قال: والأَذينُ أيضاً المُؤذّن للصلاة؛ وأَنشد
رجز الحُصَين بن بُكَير الرَّبعي:
سَحْقاً، وما نادَى أَذينُ المَدَرَهْ
والأَذانُ: اسمُ التأْذين، كالعذاب اسم التّعذيب. قال ابن الأَثير: وقد
ورد في الحديث ذكر الأَذان، وهو الإعلام بالشيء؛ يقال منه: آذَنَ يُؤْذِن
إيذاناً، وأَذّنَ يُؤذّن تأْذِيناً، والمشدّدُ مخصوصٌ في الاستعمال
بإعلام وقت الصلاة. والأَذانُ: الإقامةُ. ويقال: أَذَّنْتُ فلاناً تأْذيناً
أَي رَدَدْتُه، قال: وهذا حرفٌ غريب؛ قال ابن بري: شاهدُ الأَذانِ قولُ
الفرزدق:
وحتى علا في سُور كلِّ مدينةٍ
مُنادٍ يُنادِي، فَوْقَها، بأَذان
وفي الحديث: أَنّ قوماً أَكلوا من شجرةٍ فحمَدوا فقال، عليه السلام:
قرِّسُوا الماء في الشِّنانِ وصُبُّوه عليهم فيما بين الأَذانَيْن؛ أَراد
بهما أَذانَ الفجر والإقامَة؛ التَّقْريسُ: التَّبْريدُ، والشِّنان:
القِرَبْ الخُلْقانُ. وفي الحديث: بين كلّ أَذانَيْن صلاةٌ؛ يريد بها السُّنَن
الرواتبَ التي تُصلَّى بين الأَذانِ والإقامةِ قبل الفرض. وأَذَّنَ
الرجلَ: ردَّه ولم يَسْقِه؛ أَنشد ابن الأَعرابي: أَذَّنَنا شُرابِثٌ رأْس
الدَّبَرْ
أَي رَدَّنا فلم يَسْقِنا؛ قال ابن سيده: وهذا هو المعروف، وقيل:
أَذَّنه نَقَر أُذُنَه، وهو مذكور في موضعه. وتَأَذَّنَ لَيَفعَلنَّ أَي
أَقسَم. وتَأَذَّنْ أَي أعْلم كما تقول تَعَلَّم أَي اعْلَم؛ قال:
فقلتُ: تَعَلَّمْ أَنَّ للصَّيْد غرّةً،
وإلاّ تُضَيِّعْها فإنك قاتِلُهْ
وقوله عز وجل: وإذ تأَذَّنَ ربُّك؛ قيل: تَأَذَّن تأَلَّى، وقيل:
تأَذَّنَ أَعْلَم؛ هذا قول الزجاج. الليث: تأَذَّنْتُ لأَفعلنَّ كذا وكذا يراد
به إيجابُ الفعل، وقد آذَنَ وتأَذَّنَ بمعنًى، كما يقال: أَيْقَن
وتَيَقَّنَ. ويقال: تأَذَّنَ الأَميرُ في الناس إذا نادى فيهم، يكون في التهديد
والنَّهيْ، أَي تقدَّم وأَعْلمَ. والمُؤْذِنُ: مثل الذاوي، وهو العودُ
الذي جَفَّ وفيه رطوبةٌ. وآذَنَ العُشْبُ إذا بَدَأَ يجِفّ، فتَرى بعضَه
رطْباً وبعضه قد جَفّ؛ قال الراعي:
وحارَبَتِ الهَيْفُ الشَّمالَ وآذَنَتْ
مَذانِبُ، منها اللَّدْنُ والمُتَصَوِّحُ
التهذيب: والأذَنُ التِّبْنُ، واحدته أَذَنةٌ. وقال ابن شُميل: يقال هذه
بقلةٌ تجِدُ بها الإبلُ أَذَنةً شديدة أَي شَهْوةً شديدة. والأََذَنَةُ:
خوصةُ الثُّمامِ، يقال: أَذَن الثُّمامُ إذا خرجت أَذَنَتُه. ابن شميل:
أَذِنْتُ لحديث فلان أَي اشتهيته، وأَذِنْتُ لرائحة الطعام أَي اشتهيته،
وهذا طعامٌ لا أَذَنة له أَي لا شهوة لريحه، وأَذَّن بإرسالِ إبلِه أَي
تكلمّ به، وأَذَّنُوا عنِّي أَوَّلها أَي أَرسلوا أَوَّلها، وجاء فلانٌ
ناشراً أُذُنَيْه أَي طامعاً، ووجدت فلاناً لابساً أُذُنَيْه أَي
مُتغافلاً. ابن سيده: وإِذَنْ جوابٌ وجزاءٌ، وتأْويلها إن كان الأَمر كما ذكرت أَو
كما جرى، وقالوا: ذَنْ لا أَفعلَ، فحذفوا همزة إذَنْ، وإذا وقفت على
إذَنْ أَبْدَلْتَ من نونه أَلفاً، وإنما أُبْدِلَتْ الأَلفُ من نون إِذَنْ
هذه في الوقف ومن نون التوكيد لأن حالَهما في ذلك حالُ النون التي هي
علَمُ الصرف، وإن كانت نونُ إذنْ أصلاً وتانِك النونانِ زائدتين، فإنْ قلت:
فإذا كانت النون في إذَنْ أَصلاً وقد أُبدلت منها الأَلف فهل تُجيز في نحو
حَسَن ورَسَن ونحو ذلك مما نونه أَصل فيقال فيه حسا ورسَا؟ فالجواب: إن
ذلك لا يجوز في غير إذَنْ مما نونه أَصلٌ، وإن كان ذلك قد جاء في إِذَنْ
من قِبَل أَنّ إذنْ حرفٌ، فالنون فيها بعضُ حرفٍ، فجاز ذلك في نون إذَنْ
لمضارَعةِ إذَنْ كلِّها نونَ التأْكيد ونون الصرف، وأَما النونُ في حَسَن
ورَسَن ونحوهما فهي أَصلٌ من اسم متمكن يجري عليه الإعرابُ، فالنون في
ذلك كالدال من زيدٍ والراء من نكيرٍ، ونونُ إذَنْ ساكنةٌ كما أَن نُونَ
التأْكيد ونونَ الصرف ساكنتان، فهي لهذا ولِما قدمناه من أَن كل واحدةٍ
منهما حرفٌ كما أَن النون من إذَنْ بعضُ حرف أَشْبَهُ بنون الإسم المتمكن.
الجوهري: إذنْ حرفُ مُكافأَة وجوابٍ، إن قدَّمْتَها على الفعل المستقبل
نَصَبْتَ بها لا غير؛ وأَنشد ابن بري هنا لسَلْمى بن عونة الضبِّيّ، قال:
وقيل هو لعبد الله ابن غَنَمة الضبِّيّ:
ارْدُدْ حِمارَكَ لا يَنْزِعْ سوِيَّتَه،
إذَنْ يُرَدَّ وقيدُ العَيْرِ مَكْروبُ
قال الجوهري: إذا قال لك قائلٌ الليلةَ أَزورُكَ، قلتَ: إذَنْ أُكْرمَك،
وإن أَخَّرْتها أَلْغَيْتَ قلتَ: أُكْرِمُكَ إذنْ، فإن كان الفعلُ الذي
بعدها فعلَ الحال لم تعمل، لأَن الحال لا تعمل فيه العواملُ الناصبة،
وإذا وقفتَ على إذَنْ قلت إذا، كما تقول زيدَا، وإن وسَّطتها وجعلتَ الفعل
بعدها معتمداً على ما قبلها أَلْغَيْتَ أَيضاً، كقولك: أَنا إذَنْ
أُكْرِمُكَ لأَنها في عوامل الأَفعال مُشبَّهةٌ بالظنّ في عوامل الأَسماء، وإن
أَدخلت عليها حرفَ عطفٍ كالواو والفاء فأَنتَ بالخيارِ، إن شئت أَلغَيْتَ
وإن شئت أَعملْتَ.
ت: التاء من الحروف المهموسة، وهي من الحروف النَّطْعِيَّة، والطاء والدال والثاء، ثلاثة في حيز واحد.