Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: الجبار

قَطْ

قَطْ
الجذر: ق ط

مثال: لَمْ أَره قَطْ
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: للخطأ في الضبط.

الصواب والرتبة: -لم أره قَطُّ (عند الوصل) [فصيحة]-لم أره قَطّ (عند الوقف) [فصيحة]
التعليق: كلمة «قَطُّ» بفتح القاف وتشديد الطاء المضمومة بمعنى: فيما مضى، وهي في حالة الوقف تنطق بالتشديد مع السكون ولا تظهر الضمة.
قَطْرَان
الجذر: ق ط ر

مثال: يُستخدم القَطْران لرصف الطرق
الرأي: مرفوضة
السبب: للخطأ في ضبط الكلمة بتسكين الطاء.

الصواب والرتبة: -يُستخدم القَطْران لرصف الطرق [فصيحة]-يُستخدم القَطِرَان لرصف الطرق [فصيحة]-يُستخدم القِطْران لرصف الطرق [فصيحة]
التعليق: وردت هذه الكلمة متعددة الضبط: «قَطِران»، «قِطْران»، «قَطْران»، ففي المصباح: وفيه لغتان فتح القاف وكسر الطاء، وبها قرأ السبعة في قوله تعالى: {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ} إبراهيم/50، والثانية كسر القاف وسكون الطاء «، وكذلك وردت» قَطْران" في إحدى القراءات القرآنية: {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطْرَانٍ} إبراهيم/50؛ ومن ثمَّ يجوز الضبط المرفوض، وقد سجَّل الأساسيّ هذا الضبط.
(قَطْ)
(س) فِيهِ «ذَكَر النارَ فَقَالَ: حَتَّى يَضَعَ الجبَّارُ فِيهَا قَدَمَه فَتَقُولُ: ــقَطْ قَطْ» بِمَعْنَى حَسْب، وَتَكْرَارُهَا لِلتَّأْكِيدِ، وَهِيَ سَاكِنَةُ الطَّاءِ مخففَّة. وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ «فَتَقُولُ: قَطْنِي قَطْنِي» أَيْ حَسْبِي.
وَمِنْهُ حَدِيثُ قَتْلِ ابْنِ أَبِي الحُقيق «فتَحامل عَلَيْهِ بسَيْفه فِي بَطْنه حَتَّى أنفَذَه، فَجَعل يَقُولُ:
قَطْنِي قَطْنِي» .
(س) وَفِي حَدِيثِ أُبَيّ «وَسَأَلَ زِرّ بْنُ حُبَيْش عَنْ عدَد سُورَةِ الْأَحْزَابِ فَقَالَ: إمَّا ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ، أَوْ أَرْبَعًا وَسَبْعِينَ فَقَالَ: أقَطْ؟» بِأَلِفِ الاسِتفهام: أَيْ أحَسْب؟
وَمِنْهُ حَدِيثُ حَيْوَة بْنِ شُرَيح «لَقيتُ عُقْبَة بْنَ مُسْلِمٍ فَقُلْتُ لَهُ: بَلَغني أَنَّكَ حَدَّثْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَعُوذُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ، وبوَجْهه الْكَرِيمِ، وسُلطانه الْقَدِيمِ، مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، قَالَ: أقَطْ؟
قلتُ: نَعم» .

كَفَأَ

(كَفَأَ)
(هـ) فِيهِ «الْمُسْلِمُونَ تَتَكافَأُ دِماؤُهم» أَيْ تَتَساوَى فِي القِصاص والدِيات.
والكُفْءُ: النَّظير والمُساوِي. وَمِنْهُ الكَفاءة فِي النِكاح، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْج مُساوِياً لِلْمَرْأَةِ فِي حَسَبِها ودِينها ونَسَبِها وبَيْتَها، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَ لَا يَقْبَل الثَّناء إِلَّا من مُكافِئ» قال القُتَيْبي: مَعْنَاهُ إِذَا أنْعَم عَلَى رجُل نِعْمةً فَكَافَأَهُ بالثَّنَاء عليهِ قَبل ثَناءه، وَإِذَا أثْنَى عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُنْعِم عَلَيْهِ لَمْ يَقْبَلْها.
وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: هَذَا غَلَط، إذْ كَانَ أحدٌ لَا يَنْفَكّ مِنْ إنْعام النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لإِنَّ اللَّهَ بَعَثه رَحْمَةً لِلنَّاسِ كَافَّةً، فَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا مُكَافِئ وَلَا غَيْرُ مُكَافِئ. والثَّناء عَلَيْهِ فَرْض لَا يَتِمُّ الإسْلامُ إلاَّ بِهِ. وَإِنَّمَا الْمَعْنَى: لَا يَقْبَل الثَّناءَ عَلَيْهِ إِلَّا مِنْ رَجلٍ يَعْرف حَقِيقَةَ إسْلامه، وَلَا يَدْخل فِي جُمْلة المُنافقين الَّذِينَ يَقُولُونَ بألْسِنَتهم مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ.
وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، إِلَّا مِنْ مُكافِئ: أَيْ مِن مُقارِبٍ غَيْرِ مُجاوِزٍ حَدَّ مِثْله وَلَا مُقَصِّرٍ عَمَّا رَفَعَه اللَّهُ إِلَيْهِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ العَقِيقة «عَنِ الغُلام شَاتَانِ مُكَافِئَتان» يَعْنِي مُتَساوِيَتَين فِي السِّنّ: أَيْ لَا يُعَقُّ عَنْهُ إِلَّا بمُسِنَّة، وأقَلُّه أَنْ يَكُونَ جَذَعاً كَمَا يُجْزِئُ فِي الضَّحَايَا.
وَقِيلَ: مُكافِئتان: أَيْ مُسْتَوِيَتان أَوْ مُتَقارِبَتان. وَاخْتَارَ الخَطَّابي الْأَوَّلَ.
وَاللَّفْظَةُ «مكافِئَتان» بِكَسْرِ الْفَاءِ. يُقَالُ: كافَأَه يُكَافِئُه فَهُوَ مُكافئه: أَيْ مُساوِيه.
قَالَ: والمحدِّثون يَقُولُونَ: «مُكافَأَتان» بِالْفَتْحِ، وَأَرَى الفَتْح أوْلَى لِأَنَّهُ يُريد شاتَيْنِ قَدْ سُوِّيَ بَيْنَهُمَا، أَوْ مُسَاوَى بَيْنَهُمَا.
وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُمَا مُتساوِيَتَان، فَيحتاج أنْ يذْكر أيَّ شَيْءٍ سَاوِيا، وَإِنَّمَا لَوْ قَالَ «مُتَكَافِئَتَان» كَانَ الكْسر أَوْلَى.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَا فَرْقَ بَيْنَ المُكَافِئَتين والمُكَافَأَتَين؛ لأنَّ كلَّ وَاحِدة إِذَا كَافَأَتْ أخْتَها فَقَدْ كُوفِئَت، فَهِيَ مُكَافِئة ومُكَافَأَة.
أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ: مُعَادِلَتَانِ لِما يَجِب فِي الزَّكَاةِ والأضْحية مِنَ الْأَسْنَانِ. ويحتَمِل مَعَ الْفَتْحِ أَنْ يُرَاد مَذْبُوحَتان، مِن كَافَأَ الرجُلُ بُين بعيريْن، إِذَا نَحر هَذَا ثُمَّ هَذا مَعاً مِنْ غيْر تَفْريق، كَأَنَّهُ يُريد شاتَيْن يَذْبَحُهما فِي وقْت وَاحِدٍ.
وَفِي شِعْرِ حَسَّانَ:
ورُوحُ القُدْس لَيْسَ لَهُ كِفَاء
أَيْ جِبْرِيلُ لَيْسَ له نَظِير ولا مِثْل. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: مَنْ يُكَافِئُ هَؤُلَاءِ؟» .
(س) وَحَدِيثُ الأحْنف «لاَ أُقاوِم مَنْ لاَ كِفَاءَ لَهُ» يَعْنِي الشَّيْطَانَ. ويُروَى «لاَ أُقَاوِل» .
[هـ] وَفِيهِ «لَا تَسْألِ المرأةُ طلاقَ أُخْتِهَا لِتَكْتَفِئَ مَا فِي إنَائِها» هُوَ تَفْتَعِل، مِنْ كَفَأْتُ القِدْر، إِذَا كَبَبْتَها لِتُفْرِغ مَا فِيهَا. يُقَالُ: كَفأت الْإِنَاءَ وأَكْفَأْتُه إِذَا كَبَبْتَه، وَإِذَا أمَلْته.
وَهَذَا تَمْثيل لإمالَة الضَّرَّة حَقَّ صاحِبَتها مِنْ زَوْجِهَا إِلَى نَفْسها إِذَا سألتْ طَلاَقها.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْهِرَّةِ «أَنَّهُ كَانَ يُكْفِئ لَهَا الْإِنَاءَ» أَيْ يُميله لتَشْربَ منْه بِسُهولة.
(س) وَحَدِيثُ الفَرَعَة «خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذْبَحه يَلْصَقُ لَحْمُهُ بِوَبَرِهِ، وتُكْفِئ إِنَاءَك وتُولِّه ناقَتَك» أَيْ تَكُبّ إناءَك، لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى لَكَ لَبَنٌ تَحْلُبُه فِيهِ.
(س) وَحَدِيثُ الصِّراط «آخرُ مَنْ يَمُرُّ رَجُلٌ يَتَكَفَّأُ بِهِ الصِّراط» أَيْ يَتَمَيَّل ويَنْقلب.
وَمِنْهُ حَدِيثُ [دُعَاءِ] الطَّعَامِ «غير مِكْفَئٍ وَلَا مُودَّعٍ رَبنَّا» أَيْ غَيْرُ مَرْدُود وَلاَ مَقْلُوب. والضَّمير رَاجِعٌ إِلَى الطَّعام.
وَقِيلَ: «مَكْفِيّ» مِنَ الْكِفَايَةِ، فَيَكُونُ مِنَ المعْتَلّ. يَعْنِي أنَّ اللَّهَ هُوَ المُطْعِم والْكاَفِي، وَهُوَ غَيْر مُطْعَم وَلَا مَكْفيٍّ، فَيَكُونُ الضَّمِيرُ رَاجِعًا إِلَى اللَّهِ. وَقَوْلُهُ «وَلَا مُوَدَّع» أَيْ غَيْرِ مَتْروك الطَّلَب إِلَيْهِ والرَّغْبة فِيمَا عِنْدَهُ.
وأمَّا قَوْلُهُ «ربَّنا» فَيَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ مَنْصُوبًا عَلَى النَّداء الْمُضَافِ بِحَذْفِ حَرْف النَّداء، وَعَلَى الثَّانِي مَرْفُوعًا عَلَى الابْتداء ، أَيْ ربُّنا غيرُ مَكْفيّ وَلَا مُودَّع.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكون الْكَلَامُ رَاجِعًا إِلَى الْحَمْدِ، كَأَنَّهُ قَالَ: حَمْداً كَثِيراً مُبارَكاً فِيهِ، غَيْرَ مَكْفيٍّ وَلَا مُودَّع، وَلَا مُسْتَغْنىً عَنْهُ: أَيْ عن الحمد. وَفِي حَدِيثِ الضَّحِيَّةِ «ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْن أمْلَحَين فذبَحَهُما» أَيْ مَالَ ورَجَع.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَأَضَعُ السَّيْفَ فِي بَطْنِهِ ثُمَّ أَنْكَفِئُ عَلَيْهِ» .
وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ «وَتَكُونُ الأرضُ خُبْزة واحِدة، يَكْفَؤُها الجبَّار بيَدِه كَمَا يَكْفَأُ أحَدُكُم خُبْزَته فِي السَّفَر» .
وَفِي رِواية «يَتَكَفَّؤُها» يُرِيدُ الخُبْزة التَّي يَصْنَعُها المُسافِر وَيَضَعها فِي المَلَّة، فَإِنَّهَا لَا تُبْسَط كالرُّقاقة، وَإِنَّمَا تُقْلَب عَلَى الأيْدي حَتَّى تَسْتَوِي.
[هـ] وَفِي صِفَةِ مَشْيه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «كَانَ إِذَا مَشَى تَكَفَّى تَكَفِّياً» أَيْ تَمَايَلَ إِلَى قُدّام، هَكَذَا رُوي غيرَ مَهْمُوزٍ، وَالْأَصْلُ الْهَمْزُ، وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ مَهْمُوزًا، لِأَنَّ مَصْدر تَفَعَّل مِنَ الصَّحِيحِ تَفَعُّلٌ، كَتَقَدّم تَقَدُّماً وتَكَفَّأَ تَكَفُّأً، وَالْهَمْزَةُ حَرْفٌ صَحِيحٌ. فَأَمَّا إِذَا اعْتلَّ انكسَرت عَيْنُ المُسْتَقْبَل مِنْهُ، نَحو: تَحَفَّى تَحَفِّياً، وتَسَمَّى تَسَمِّياً، فَإِذَا خُفْفَت الْهَمْزَةُ الْتَحَقَت بالمُعْتَل، وَصَارَ تَكَفِّيا، بالكَسْر.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ «وَلَنَا عَبَاءَتَانِ نُكَافِئ بِهِمَا عَيْنَ الشَّمس» أَيْ نُدافع، مِنَ المُكَافأة: المُقَاوَمَة.
(س) وَفِي حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَد «رَأَى شَاة فِي كِفاء الْبَيْتِ» هُوَ شُقَّة أَوْ شُقَّتان تُخاط إحداهُما بِالْأُخْرَى، ثُمَّ تُجْعل فِي مُؤَخَّر الْبَيْتِ، وَالْجَمْعُ: أَكْفِئَة، كحِمار، وأحْمِرة.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّهُ انْكَفَأَ لَوْنُه عامَ الرَّمَادَةِ» أَيْ تَغَيَّر عَنْ حَالِهِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْأَنْصَارِيِّ «مَا لِي أرَى لَوْنَك مُنْكَفِئاً؟ قَالَ: مِنَ الجُوع» .
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّ رَجُلاً اشْتَرَى مَعْدِناً بِمِائَةِ شَاةٍ مُتْبِع، فَقَالَتْ لَهُ أمُّه: إِنَّكَ اشتريْتَ ثلاَثمائة شَاةٍ أمَّهاتُها مِائَةٌ، وأولادُها مِائَةٌ، وكُفْأَتُها مِائَةٌ» أصْل الكُفْأَة فِي الْإِبِلِ: أَنْ تُجْعَل قطْعَتين يُراوَح بينهما في النِّتاج. يقال: أعْطني كُفْأَةَ ناقِتك وكَفْأَتَهَا: أَيْ نِتاجَها. وأَكْفَأت إِبِلِي كُفْأَتين، إِذَا جَعَلْتها نِصْفَيْنِ يُنْتَجُ كلَّ عَامٍ نصفُها ويُتْرك نصفُها، وَهُوَ أَفْضَلُ النِّتَاجِ، كما يُفْعل بالأرض للزراعة. وَيُقَالُ: وهَبْتُ لَهُ كُفْأَةَ ناقَتِي: أَيْ وَهْبَتُ لَهُ لبَنها ووَلَدَها ووَبَرها سَنَة.
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: جَعَلتْ كُفأةَ مائِة نِتَاجٍ، فِي كُلِّ نِتاج مِائَةٌ، لِأَنَّ الْغَنَمَ لَا تُجْعَلُ قِطْعَتَيْنِ، وَلَكِنْ يُنْزَى عَلَيْهَا جَمِيعًا وتَحْمِل جَمِيعًا، وَلَوْ كَانَتْ إبِلاً كَانَتْ كُفأة مِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ خَمْسِينَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ النَّابِغَةِ «أَنَّهُ كَانَ يُكْفِئُ فِي شِعْره» الإِكفاء فِي الشِّعْر: أَنْ يُخَالِف بَيْنَ حَرَكات الرَّوِيّ رَفْعاً ونَصْباً وجَرّاً، وَهُوَ كالإقواء.

نَصَصَ

(نَصَصَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ لمَّا دَفَع مِنْ عَرَفَة سَارَ العَنَقَ، فَإِذَا وَجَد فَجْوَةً نَصَّ» النَّصُّ : التَّحْرِيكُ حَتَّى َيَسْتَخرِجَ أقْصَى سَير النَّاقَةِ. وأصلُ النَّصِّ: أقْصَى الشَّيْءِ وغايَتُه. ثُمَّ سُمِّي بِهِ ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ سريعٌ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمة لِعَائِشَةَ «مَا كنتِ قَائِلَةً لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عارَضَك بِبَعْضِ الفَلَوات ناصَّةً قَلوصاً مِنْ مَنْهَلٍ إِلَى مَنْهَلٍ» أَيْ رافِعةً لَهَا فِي السَّير.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثِ عَلِيٍّ «إِذَا بَلغ النِّساءُ نَصَّ الحِقَاق فالعَصَبةُ أوْلَى» أَيْ إِذَا بَلَغَت غايَة الْبُلُوغِ مِنْ سِنِّها الَّذِي يَصْلُح أَنْ تُحاقِقَ وتُخاصِم عَنْ نفسِها، فعصَبَتُها أَوْلَى بِهَا مِنْ أمِّها.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ كَعْبٍ «يَقُولُ الجبَّار: احْذروني، فَإِنِّي لَا أُنَاصُّ عَبْدًا إِلَّا عَذَّبْتُه» أَيْ لَا أسْتَقْصِي عَلَيْهِ فِي السُّؤَالِ والحِساب. وَهِيَ مُفاعَلة مِنْهُ.
وَرَوَى الخطَّابي عَنْ [عَوْن بْنِ] عَبْدِ اللَّه مِثْلَه. (هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَمْرو بْنِ دِينار «مَا رأيتُ رَجُلًا ــأَنَصَّ لِلْحَدِيثِ مِنَ الزُّهرِي» أَيْ أرفَعَ لَهُ وأسْندَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّه بْنِ زَمْعة «أَنَّهُ تَزَوَّجَ بنتَ السَّائِبِ، فَلَمَّا نُصَّتْ لِتُهْدَى إِلَيْهِ طَلقَّهَا» أَيْ أُقْعِدَت عَلَى الْمِنَصَّةِ، وَهِيَ بِالْكَسْرِ: سَرير الْعَرُوسِ.
وَقِيلَ: هِيَ بِفَتْحِ الْمِيمِ: الحَجَلَةُ عَلَيْهَا، مِنْ قَوْلِهِمْ: نَصَصْتُ المَتاع، إِذَا جعلْتَ بعضَه عَلَى بَعْضٍ.
وكلُّ شَيْءٍ أظهرْته فَقَدْ نَصَصْتَهُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ هِرَقْل «يَنُصُّهُمْ» أَيْ يَستخرج رأيَهم ويُظْهِرُه.
وَمِنْهُ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ «نَصُّ القرآنِ، ونَصُّ السُّنَّة» أَيْ مَا دَلَّ ظاهرُ لفظِهما عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْكَامِ.

هَبْهَبَ

(هَبْهَبَ)
(س) فِيهِ «إِنَّ فِي جهَنّم وادِياً يُقَالُ لَهُ: هَبْهَبْ، يَسْكُنه الجبَّارون» الْهَبْهَبْ:
السَّريع. وهَبْهَبَ السّرابُ، إِذَا تَرَقْرَقَ.

أَيل

(أَيل) : الإِيَلُ - خَفِيفة - والإِيَلَةُ: الإِيَّل والإِيَّلَةُ.
أَيل
{إِيلُ، بالكسرِ: اسمُ اللَّهِ تَعالَى قَالَ الأصْمَعيُّ، فِي مَعنَى جِبريلَ ومِيكائِيلَ: مَعْنَى} إيل: الرُّبُوبيَّةُ، فأضِيف جبر، ومِيكا، إِلَيْهِ، فكأنّ مَعْنَاهُ: عَبدَ إِيلَ ورَجُلَ إيلَ. وَقَالَ اللَّيثُ: هُوَ بالعِبرانِيَّة، وَهُوَ اسمٌ مِن أسماءِ اللهِ تَعالى. قَالَ الأزهريّ: وجائزٌ أَن يكونَ أُعْرِبَ، فقِيل: إِلٌّ. وَقَالَ السُّهَيلِيُّ، فِي الرَوْض: اسْم جِبرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، سُريانيٌّ، وَمَعْنَاهُ: عبد الرَّحمن، أَو عبد العَزيز، هَكَذَا جاءَ عَن ابْن عبّاسٍ، رَضِي الله تَعالَى عَنْهُمَا، مَوقُوفاً ومَرفُوعاً، والوقفُ أصَحّ، قَالَ: وأكثرُ النّاسِ على أنّ آخِرَ الاسمِ مِنْهُ هُوَ اسمُ الله تَعالَى، وَهُوَ {إيلُ، وكانَ شَيخُنا رَحمَه الله تَعَالَى يَذهبُ كطائفةٍ مِن أهلِ العِلْم فِي أَن هَذِه الأسماءَ، إضافَتُها مَقْلُوبَةٌ، كإضافة كلامِ العَجَمِ، فَيكون إيلُ عبارَة عَن العَبدِ، وأوَّلُ الاسمِ عِبارةً عَن اسْم من أسماءِ الله تَعَالَى. (و) } إيلٌ: جَبَلٌ هَكَذَا فِي سائرِ النُّسَخِ، وَالصَّوَاب: {آيِلٌ، بالمَدّ، كَمَا ضَبطه نَصْرٌ، وتَبِعه ياقوتُ، وَقَالَ: هُوَ جَبَلٌ بالنَّقرَة، فِي طَريقِ مَكَّةَ.} وإِيلِياءُ، بالكَسرِ يُمَدُّ ويُقْصَرُ، ويُشَدَّدُ فيهمَا أَي فِي المَدِّ والقَصْرِ. ويُقاِل أَيْضا: إِلْياءُ، بياءٍ واحدةٍ وبَيتانِ بَيتُ اللَّهِ نَحْنُ وُلاتُهُ وبَيتٌ بِأَعْلَى {إِيلِياءَ مُشَرَّفُ} وَأيْلَةُ: جَبَلٌ بينَ مَكَّةَ والمَدينةِ شَرَّفهما اللهُ تعالَى قُربَ يَنْبُعَ. وَقَالَ ابنُ حَبِيب: شُعْبَةٌ مِن رَضْوَى وَهُوَ جبلُ يَنْبُعَ. (و) ! أَيْلَةُ أَيْضا: د على ساحِلِ البَحْرِ بَيْنَ يَنْبُعَ ومِصْرَ وَهُوَ آخِرُ الحِجاز، وأوَّلُ الشّامِ، بِهِ تجتمعُ الحُجّاجُ مِن مِصْرَ والشامِ والغَربِ، قَالَ اليَعْقُوبي: بِه بُردُ حَبَرَةٍ تُنْسَبُ إِلَى رسولِ اللهِ صلّى الله تعالَى عَلَيْهِ وسلَّم، يُقَال: إِنَّه وَهَبه لِرُؤبَةَ مَلِكِ أيْلَةَ، حينَ سَار إِلَى تَبُوكَ، قَالَ حَسّانُ بنُ ثابتٍ، رَضِي الله تعالَى عَنهُ:
(مَلَكَا مِن جَبَلِ الثَّلْجِ إلَى ... جانِبَي أيْلَةَ مِن عَبدٍ وحُرّْ)
وعَقَبَتُها: م مَعروفةٌ فِي طَرِيق حاجِّ مِصْرَ مِنْهُ أَبُو خالِدٍ عَقِيلُ بنُ خالدٍيَخْفَى، وَقَالَ الشَّمّاخُ:
(تَرَبَّعَ أكنافَ القَنانِ فصارةً ... {فأيَّلَ فالماوانِ فهْو زَهُومُ)
وَهُوَ بِناءٌ نادِرٌ كَيفَ وَزَنْتَه، لِأَنَّهُ فَعَّلٌ، أَو فَيعَلٌ أَو فَعْيلٌ، فالأوّل لم يجِئ مِنْهُ إلاَّ بَقَّمٌ وشَلَّمُ، وَهُوَ أعْجَمِيٌّ، وَالثَّانِي لم يجىء مِنْهُ إلاَّ العَينَّ، وَالثَّالِث مَعدُومٌ.
ومِمّا يُستَدْرَكُ عَلَيْهِ: رَدَدْتُه إِلَى} أَيْلَتِه: أَي طَبيعَتِه وسُوسِهِ، عَن ابْن عَبّادٍ، وذُكِر أَيْضا فِي أول.

الجَفْرُ

الجَفْرُ:
بالفتح ثم السكون، وهي البئر الواسعة القعر لم تطو: موضع بناحية ضرية من نواحي المدينة، كان به ضيعة لأبي عبد الجبار سعيد بن سليمان بن نوفل بن مساحق بن عبد الله بن مخرمة المدائني، كان يكثر الخروج إليها فسمي الجفري، ولي القضاء أيام المهدي وكان محمود الأمر مشكور الطريقة. والجفر أيضا: ماء لبني نصر بن قعين.
وجفر الأملاك: في أرض الحيرة له قصة في تسميته بهذا الاسم ذكرت في دير بني مرينا من هذا الكتاب.
وجفر البعر، قال الأصمعي: جفر البعر ماء يأخذ عليه طريق الحاجّ من حجر اليمامة بقرب راهص، وقال أبو زياد الكلابي: جفر البعر من مياه أبي بكر ابن كلاب بين الحمى وبين مهبّ الجنوب على مسيرة يوم، وقال غيره: جفر البعر بين مكة واليمامة على الجادة، وهو ماء لبني ربيعة بن عبد الله بن كلاب، ولا أدري أي جفر أراد نصيب بقوله:
أما والذي حجّ الملبّون بيته، ... وعظّم أيام الذبائح والنّحر
لقد زادني، للجفر حبّا وأهله، ... ليال أقامتهنّ ليلى على الجفر
فهل يأثمنّي الله أني ذكرتها، ... وعلّلت أصحابي بها ليلة النفر؟
وجفر الشّحم: ماء لبني عبس ببطن الرّمة بحذاء أكمة الخيمة. وجفر ضمضم: موضع في شعر كثير بن
عبد الرحمن الخزاعي:
إليك تباري، بعد ما قلت قد بدت ... جبال الشّبا، أو نكبت هضب تريم
بنا العيس تجتاب الفلاة، كأنها ... قطا النّجد أمسى قاربا جفر ضمضم
وجفر الفرس: ماءة وقع فيها فرس في الجاهلية فغبر فيها يشرب من مائها ثم أخرج صحيحا. وجفر مرّة، قال الزبير وهو يذكر مكة حاكيا عن أبي عبيدة قال:
واحتفرت كل قبيلة من قريش في رباعهم بئرا فاحتفر بنو تيم بن مرّة الجفر، وهي بئر مرّة بن كعب، وقال أيضا: وقيل حفرها أمية بن عبد شمس وسماها جفر مرة بن كعب، وقال أمية:
أنا حفرت للحجيج الجفرا
وجفر الهباءة: اسم بئر بأرض الشّربّة قتل بها حذيفة وحمل ابنا بدر الفزاريّان قال قيس بن زهير وهو قتلهما:
تعلّم أنّ خير الناس ميت ... على جفر الهباءة، لا يريم
وسيذكر في الهباءة بأبسط من هذا إن شاء الله تعالى.
الجَفْرُ من أولادِ الشاءِ: ما عَظُمَ واسْتَكْرَشَ، أو بَلَغَ أربَعَةَ أشهُرٍ، ج: أجْفارٌ وجِفارٌ وجَفَرَةٌ. وقد جَفَرَ واسْتَجْفَرَ وتَجَفَّرَ،
وـ: الصَبِيُّ إذا انْتَفَخَ لحْمُه وأكَلَ، وهي بهاءٍ فيهما،
وـ: البِئْرُ لم تُطْوَ، أو طُوِيَ بَعْضُها،
وع بناحِيَةِ ضَرِيَّةَ من نَواحِي المدينةِ، كان به ضَيْعَةٌ لسعيدِ بنِ سُليمانَ، وكان يُكْثِرُ الخُروجَ إليها، فقيلَ له: الجَفْرِيُّ،
وـ: بئْرٌ بمكَّةَ لبني تَيْمِ بنِ مُرَّةَ، وماءٌ لبني نَصْرٍ، ومُسْتَنْقَعٌ ببِلادِ غَطَفانَ.
وجَفْرُ الفرسِ: ماءٌ وَقَعَ فيها فرسٌ، فَبَقِيَ أياماً، ويَشْرَبُ منها، ثم خرجَ صحيحاً.
وجَفْرُ الشَّحْمِ: ماءٌ لبني عَبْس.
وجَفْرُ البَعَرِ: ماء لبني أبي بكر بن كِلابٍ.
وجَفْرُ الأَمْلاكِ: بنواحي الحِيرَةِ.
وجَفْرُ ضَمْضَمَ: ع.
وجَفْرُ الهَباءَةِ: ع قُتِلَ فيه حَمَلٌ وحُذَيْفَةُ ابنا بَدْرٍ الفَزارِيَّانِ.
وجَفْرَةُ بني خُوَيْلِدٍ: ماءٌ لبني عُقَيْلٍ.
والجُفْرَةُ، بالضم: جَوْفُ الصَّدْرِ، أو ما يَجْمَعُ الصَّدْرَ والجَنْبَيْنِ، وسَعَةٌ في الأرضِ مُسْتَديرَةٌ،
وـ من الفَرَسِ: وسَطُه،
وهو مُجْفَرٌ، بفتح الفاءِ، أي: واسِعُها، ج: جُفَرٌ وجِفارٌ، وع بالبَصْرَةِ، كان بها حَرْبٌ شديدٌ عامَ سَبْعينَ، وقيلَ لجَعْفَرِ بنِ حَيَّانَ العَطارِدِيِّ: الجُفْرِيُّ، لأِنَّهُ وُلِدَ عامَ الجُفْرَةِ.
والجَفيرُ: جَعْبَةٌ من جُلودٍ لا خَشَبَ فيها، أو من خَشَبٍ لا جُلودَ فيها،
وع بناحِيَةِ ضَرِيَّةَ.
وكزُبَيْرٍ: ة بالبَحْرَيْنِ.
والجُفورُ: انْقِطاعُ الفَحْلِ عن الضِّرابِ،
كالاجْتِفارِ والإِجْفارِ والتَّجْفيرِ.
وأجْفَرَ: غابَ،
وـ عن المرأةِ: انْقَطَعَ،
وـ صاحِبَه: قَطَعَه، وتَرَكَ زِيارَتَه.
وجَفَرَ: اتَّسَعَ،
وـ من المَرَضِ: خَرَجَ.
والجَوْفَرُ: الجَوْهَرُ.
والجَيْفَرُ: الأَسَدُ الشديدُ.
وجَيْفَرُ بنُ الجُلَنْدَى: مَلِكُ عُمانَ، أسْلَمَ هو وأخُوه عبدُ اللهِ على يَدِ عَمْرِو بنِ العاصِ لَمَّا وجَّهَه رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، إليهما، وهُما على عُمانَ. وضُمَيْرَةُ بِنْتُ جَيْفَرٍ: صَحابِيَّةٌ.
وطعامٌ مَجْفَرٌ ومَجْفَرَةٌ، بفتحِهما: يَقْطَعُ عن الجِماعِ، ومنه قولُهُم: الصَّوْمُ مَجْفَرَةٌ لِلنِّكاحِ. وكمُعَظَّمٍ: المُتَغَيِّرُ ريح الجَسَدِ.
وفَعَلَ من جَفْرِكَ وجَفَرِكَ وجَفْرَتكَ: من أجْلِكَ.
ومُنْهَدِمُ الجَفْرِ: لا عَقْلَ له.
والجُفُرَّى، ككُفُرَّى، ويُمَدُّ: وِعاءُ الطَّلْعِ. وككِتابٍ: الرَّكايا، وماءٌ لبني تَميمٍ،
وـ من الإِبِلِ: الغِزارُ.
والأَجْفَرُ: ع بين الخُزَيْمِيَّةِ وفَيْدَ.

الجَوْرُ

الجَوْرُ: الْخُرُوج عَن الْوسط بِزِيَادَة أَو نُقْصَان.
الجَوْرُ: نَقِيضُ العَدْلِ، وضِدٌّ القَصْدِ، والجائِرُ.
وقومٌ جَوَرَةٌ، وجارَةٌ: جائِرونَ.
والجارُ: المُجاوِرُ، والذي أجَرْتَهُ من أن يُظْلَمَ، والمُجيرُ، والمُسْتَجيرُ، والشَّريكُ في التِّجارَةِ، وزَوجُ المرأةِ، وهي جارَتُهُ، وفَرْجُ المرأةِ، وما قَرُبَ من المَنازِلِ، والاسْتُ.
كالجارَةِ، والمُقَاسِمُ، والحَلِيفُ، والنَّاصِرُ، ج: جِيرانٌ وجِيْرَةٌ وأجْوارٌ،
ود على البحر، بينه وبين المدينةِ الشَّرِيفَةِ يومٌ ولَيْلَةٌ، منه: عبدُ اللَّهِ بنُ سُوَيْدٍ الصحابيُّ، أو هو حارِثِيٌّ، وعبدُ المَلِكِ بنُ الحَسَنِ، وعُمَرُ بنُ سَعدٍ، وعُمَرُ بنُ راشِدٍ، ويَحْيَى بنُ محمدٍ المُحَدِّثونَ الجارِيُّونَ،
وة بأَصْبَهَانَ، منها: عبدُ الجَبَّارِ بنُ الفَضْلِ، وذاكِرُ بنُ محمدٍ الجارِيَّانِ،
وة بالبَحْرَيْنِ، وجَبَلٌ شَرْقِيَّ المَوْصِلِ.
وجُورُ: مَدينَةُ فَيروزَابَاذَ، يُنْسَبُ إليها الوَرْدُ، وجماعَةٌ عُلماءُ، ومَحَلَّةٌ بنَيْسابُورَ، منها: محمدُ بنُ أحمدَ بنِ الوليدِ الأَصْبَهَانِيُّ، وقد تُذَكِّرُ وتُصْرَفُ، ومحمدُ بنُ شُجاعِ بنِ جُورَ، ومحمدُ بنُ إسماعيلَ المَعْرُوفُ بابنِ جُورَ: محدِّثانِ.
وكزُفَرَ: ة بأَصْبَهَانَ.
وغَيْثٌ جِوَرٌّ، كهِجَفٍّ: شديدُ الرَّعْدِ.
والجَوارُ، كسحاب: الماءُ الكثيرُ القَعيرُ،
وـ من الدَّارِ: طَوارُها، والسُّفُنُ، لُغَةٌ في الجَوَارِي عن صاعِدٍ، وهذا غريبٌ.
وشِعْبُ الجَوارِ: قُرْبَ المدينةِ، وبالكسر: أن تُعْطِيَ الرَّجُلَ ذِمَّةً، فيكونَ بها جَارَكَ، فَتُجيرُهُ. وككَتَّانٍ: الأَكَّارُ.
وجاوَرَهُ مُجَاوَرَةً وجواراً، وقد يُكْسَرُ: صار جارَهُ، وتَجَاوَروا، واجْتَوَروا.
والمُجاوَرَةُ: الاعْتِكَافِ في المَسْجِدِ.
وجارَ واسْتَجَارَ: طَلَبَ أن يُجارَ.
وأجارَهُ: أنْقَذَهُ، وأَعَاذَهُ،
وـ المَتَاعَ: جَعَلَهُ في الوِعاءِ،
وـ الرَّجُلَ إِجَارَةٌ وجارَةً: خَفَرَهُ.
وجَوَّرَهُ: صَرَعَهُ، ونَسَبَهُ إلى الجَوْرِ،
وـ البِنَاءَ: قَلَبَهُ.
وتَجَوَّرَ: سَقَطَ، واضْطَجَعَ، وتَهَدَّمَ،
و"يومٌ بيومِ الحَفَضِ المُجَوَّرِ"، كمُعَظَّمٍ، مَثَلٌ عندَ الشَّماتَةِ بالنَّكْبَةِ تُصيبُ الرَّجُلَ، كان لرجُلٍ عَمٌّ قد كَبِرَ، وكلن ابنُ أخيه لا يَزَالُ يَدْخُلُ بَيْتَ عَمِّهِ، ويَطْرَحُ مَتاعَهُ بعضَه على بعضٍ، فلما كَبِرَ أدرَكَ له بنو أخٍ، فكانوا يَفْعَلُونَ به مِثْلَ فِعْلِهِ بِعَمِّهِ، فقالَ ذلك، أي: هذا بما فَعَلْتُ أنا بِعَمِّي.

الخَبَرُ

الخَبَرُ: الْكَلَام الْمُحْتَمل للصدق وَالْكذب، وَقيل: الْمُحْتَمل للتصديق والتكذيب، وَقيل: الْكَلَام الْمُفِيد بِنَفسِهِ إِضَافَة أَمر من الْأُمُور إِلَى أَمر من الْأُمُور نفيا وإثباتا، وَقيل: الْكَلَام الْمُقْتَضى بصريحه نِسْبَة مَعْلُوم إِلَى مَعْلُوم بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَات.
الخَبَرُ، محركةً: النَّبَأ
ج: أخبارٌ
جج: أخابِيرُ.
ورجُلٌ خابِرٌ وخَبيرٌ وخَبِرٌ، ككَتِفٍ وجُحْرٍ: عالمٌ به.
وأخْبَرَهُ خُبورَهُ: أنبأهُ ما عِندَهُ.
والخِبْرُ والخِبْرَةُ، بكسرهما ويضمانِ،
والمَخْبَرَةُ والمَخْبُرَةُ: العِلْمُ بالشيءِ،
كالاخْتِبارِ والتَّخَبُّرِ. وقد خَبُرَ، كَكَرُمَ.
والخَبْرُ: المَزادَةُ العظيمَةُ،
كالخَبْراءِ، والناقَةُ الغَزيرَةُ اللَّبَنِ، ويكسرُ فيهما
ج: خُبُورٌ،
وة بِشيرازَ، منها الفَضْلُ بنُ حَمَّادٍ صاحبُ المُسْنَدِ،
وة باليَمنِ، والزَّرْعُ، ومَنْقَعُ الماءِ في الجَبَلِ، والسِّدْرُ،
كالخَبِرِ، ككَتِفٍ.
والخَبْراءُ: القاعُ تُنْبِتُهُ،
كالخَبِرَةِ
ج: الخَبارَى والخَبارِي والخَبْرَاوَاتُ والخَبَارُ، ومَنْقَعُ الماءِ في أُصُولِهِ.
والخَبَارُ، كسَحابٍ: ما لاَنَ من الأرضِ واسْتَرْخَى، والجَراثيمُ، وجِحَرَةُ الجُرْذانِ، و"من تَجَنَّبَ الخَبَارَ، أمن العِثارَ": مَثَلٌ.
وخَبِرَتِ الأرضُ، كفَرِحَ: كثُرَ خَبارُها.
وفَيْفَاءُ أو فَيْفُ الخَبَارِ: ع بِنَواحِي عَقيقِ المدينةِ.
والمُخابَرَةُ: أن يَزْرَعَ على النِّصْفِ ونحوِهِ،
كالخِبْرِ، بالكسر، والمُؤَاكَرَةُ.
والخَبِيرُ: الأَكَّارُ، والعالِمُ بالله تعالى، والوَبَرُ، والنَّباتُ والعُشْبُ، وزَبَدُ أفْواهِ الإِبِلِ، ونُسالَةُ الشَّعَرِ، وجَدُّ والِدِ أحمدَ بنِ عمرانَ المحدِّثِ، وبالهاءِ: الطَّائِفَةُ منه، والشَّاةُ تُشْتَرَى بَيْنَ جَماعَةٍ فَتُذْبَحُ،
كالخُبْرَة، بالضم،
وتَخَبَّرُوا: فَعَلُوا ذلك، والصُّوفُ الجَيِّدُ من أولِ الجَزِّ.
والمَخْبَرَةُ: المَخْرَأَةُ، ونَقيضُ المَرْآةِ.
والخُبْرَةُ، بالضم: الثَّريدَةُ الضَّخْمَةُ، والنَّصيبُ تَأْخُذُهُ من لَحْمٍ أو سَمَكٍ، وما تَشْتَرِيهِ لأَهْلِكَ،
كالخُبْرِ، والطَّعامُ، واللَّحْمُ، وما قُدِّمَ من شيءٍ، وطَعامٌ يَحْمِلُهُ المُسافِرُ في سُفْرَتِهِ، وقَصْعَةٌ فيها خُبْزٌ ولَحْمٌ بينَ أربَعَةٍ أو خَمْسَةٍ.
والخابُورُ: نَبْتٌ، ونَهْرٌ بينَ رأسِ عَيْنٍ والفُراتِ، وآخَرُ شَرْقِيَّ دِجْلَةِ المَوْصِلِ، ووادٍ.
وخابُوراءُ: ع.
وخَيْبَرُ: حِصْنٌ م قُرْبَ المدينةِ. وأحمدُ بنُ عبدِ القاهِرِ، ومحمدُ بنُ عبدِ العزيزِ الخَيْبَرِيَّانِ: كأَنَّهُما وُلِدَا به. وعليُّ بنُ محمدِ بنِ خَيْبَرَ: محدِّثٌ.
والخَيْبَرى: الحَيَّةُ السَّوْداءُ.
وخَبَرَهُ خُبْراً، بالضم، وخِبْرَةً، بالكسر: بَلاهُ،
كاخْتَبَرَهُ،
وـ الطَّعامَ: دَسَّمَهُ.
وخابَرانُ: ناحيةٌ بينَ سَرَخْسَ وأبِيوَرْدَ، وع.
واسْتَخْبَرَهُ: سأَلَهُ الخَبَرَ،
كتَخَبَّرَهُ.
وخَبَّرَهُ تَخْبيراً: أخْبَرَهُ.
وخَبْرِينُ، كقَزْوينَ: ة بِبُسْتَ.
والمَخْبُورُ: الطَّيِّبُ الإِدامِ. وكصَبُورٍ: الأَسَدُ. وكنَبِقَةٍ: ماءٌ لبني ثَعْلَبَةَ.
وخَبْرَاءُ العِذْقِ: ع بالصَّمَّانِ.
والخَبائِرَةُ: من ولَدِ ذِي جَبَلَةَ بنِ سَوادٍ أبو بَطْنٍ من الكُلاعِ، منهم: أبو علِيٍّ الخَبائِرِيُّ، وسُلَيْمُ بنُ عامِرٍ الخَبائِرِيُّ: تابِعِيٌّ، وعبدُ اللهِ بنُ عبدِ الجَبَّارِ الخَبائِرِيُّ.
ولأَخْبُرَنَّ خُبْرَكَ: لأَعْلَمَنَّ عِلْمَكَ. و"وجَدْتُ الناسَ اخْبُرْ تَقْلَه"، أي: وجَدْتُهُمْ مَقُولاً فيهم هذا، أي: ما من أحَدٍ إلا وهو مَسْخوطُ الفِعْلِ عندَ الخِبْرَةِ.
وأخْبَرْتُ اللِّقْحَةَ: وجدْتُهُا غَزِيرَةً. ومحمدُ بنُ علِيٍّ الخابِرِيُّ: محدِّثٌ.

الخُوارُ

الخُوارُ، بالضم: من صَوْتِ البَقَرِ والغنمِ والظباءِ والسِهامِ.
والخَوْرُ: المُنْخَفِضُ من الأرضِ، والخَليجُ من البَحرِ، ومَصَبُّ الماءِ في البَحْرِ،
وع بأرضِ نَجْدٍ، أو وَادٍ وَراءَ بِرْجِيلٍ، وإصابَةُ الخَوْرانِ للمَبْعَرِ يَجْتَمِعُ عليه حِتارُ الصُّلْبِ، أو رأسُ المَبْعَرَةِ، أو الذي فيه الدُّبُرُ
ج: الخَوْراناتُ والخَوارِينُ.
والخُورُ، بالضم: النِّساءُ الكثيراتُ الرَّيْبِ لِفَسادِهِنَّ، بلا واحدٍ، والنُّوقُ الغُزُرُ، جَمْعُ خَوَّارَةٍ، وبالتحريكِ: الضَّعْفُ،
كالخُؤُورِ والتَّخْوِيرِ.
والخَوَّارُ، ككَتَّانٍ: الضَّعيفُ،
كالخائِرِ،
وـ من الزِّنادِ: القَدَّاحُ،
وـ من الجِمالِ: الرَّقيقُ الحَسَنُ
ج: خَوَّاراتٌ، ورجُلٌ نَسَّابَةٌ.
وخَوَّارُ العِنانِ: سهلُ المَعْطِفِ، كثيرُ الجَرْيِ.
والخَوَّارَةُ: الاسْتُ، والنَّخْلَةُ الغَزيرةُ الحَمْلِ.
واسْتَخارَهُ: اسْتَعْطَفَه،
وـ الضَّبُعَ: جَعَلَ خَشَبَةً في ثَقْبِ بَيْتِها حتى تَخْرُجَ من مكانٍ آخَرَ،
وـ المَنْزِلَ: اسْتَنْظَفَهُ.
وأخارَهُ: صَرَفَهُ وعَطَفَهُ.
وخُورُ، بالضم: ة بِبَلْخَ، منها محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ الحَكَمِ،
وة بإِسْتِراباذَ تُضافُ إلى سَفْلَقَ، منها أبو سعيدٍ محمدُ بنُ أحمدَ الخُورسَفْلَقِي، وبالفتح مُضافةً إلى السِّيفِ، والدَّيْبُلِ، وفَوْفَلٍ، وفُكَّانٍ، وبَرْوَصَ أو بَرْوَجَ: مواضِعُ.
وخُوارُ، بالضم: ة بالرَّيِّ، منها: عبدُ الجبارِ بنُ محمدٍ، وزكريا بنُ مَسْعودٍ الخُوارِيَّانِ، وابنُ الصَّدَفِ: قَيْلٌ من حِمْيَرَ.
ونَحَرْنا خُورَةَ إِبِلِنا، بالضم: أي: خِيرَتَها.

الكُورُ

الكُورُ، بالضم: الرَّحْلُ، أو بِأَداتِهِ
ج: أكْوارٌ وأكْوُرٌ وكِيرانٌ، ومِجْمَرَةُ الحَدَّادِ مِن الطينِ، ومَوْضِعُ الزَّنابيرِ، وبالفَتحِ: الجماعَةُ الكَثيرَةُ من الإِبِلِ، أو مِئةٌ وخَمْسُونَ، أو مِئَتانِ وأكْثَرُ، والقَطيعُ مِن البَقَر
ج: أكْوارٌ، والزِّيادَةُ، ولَوْثُ العِمامَةِ، وإدارَتُها،
كالتَّكْويرِ، وجبلٌ بِبلادِ بَلْحارِثِ، وأرضٌ باليمامةِ، وأرضٌ بنَجْرانَ، والطَّبيعَةُ، وحَفْر الأرضِ، والإِسْراعُ، وحَمْلُ الكارَةِ، وهي مِقْدارٌ مَعْلومٌ من الطَّعامِ،
كالاسْتِكارَةِ فيهما.
والمِكْوَرُ: العِمامَةُ،
كالمِكْوَرَةِ والكِوارَةِ، بكَسْرِهِنَّ. وكمَقْعَدٍ: رَحْلُ البَعيرِ.
والمَكْوَرِيُّ: اللئيمُ، والقَصيرُ العَريضُ، والرَّوْثَةُ العظيمةُ، وتُكْسَرُ الميمُ في الكلِّ، وهي: بالهاءِ.
والكورَةُ، بالضم: المدينةُ، والصُّقْعُ
ج: كُوَرٌ.
وكُوارَةُ النَّحْلِ، بالضم وتُكْسَرُ وتُشَدَّدُ الأُولى: شيءٌ يُتَّخَذُ للنَّحْلِ من القُضْبانِ أو الطينِ، ضَيِّقُ الرأسِ، أو هي عَسَلُها في الشَّمَعِ.
أو الكُوَّاراتُ: الخَلايا الأَهْلِيَّةُ،
كالكَوائِرِ.
والكارُ: سُفُنٌ مُنْحَدِرَةٌ فيها طَعامٌ،
وبِلا لامٍ: ة بالمَوْصِلِ، منها: فَتْحُ بنُ سَعيدٍ الموصِلِيُّ الزاهِدُ، غيرُ فَتْحٍ الكَبيرِ، ومُحَمَّدُ بنُ الحَارِثِ المُحدِّث،
وة بأَصْفَهانَ، منها: عبد الجَبَّارِ بنُ الفَضْلِ، وعليُّ بنُ أحْمَدَ بنِ مُرْدَةَ المُحدِّثانِ،
وة بأَذْرَبِيجانَ.
وكارَةُ، بهاءٍ: ة ببغدادَ.
وكَوَّرَهُ: صَرَعَهُ فَتَكَوَّرَ واكْتارَ،
وـ المَتاعَ: جَمَعَهُ وشَدَّهُ،
وـ الرَّجُلَ: طَعَنَهُ فألْقَاهُ مُجْتَمِعاً،
وـ اللَّيْلَ على النَّهارِ: أدخَلَ هذا في هذا.
واكْتارَ: تَعَمَّمَ، وأسْرَعَ في مَشْيِهِ،
وـ الفَرَسُ: رَفَعَ ذَنَبَهُ عندَ العَدْوِ،
وـ الناقَةُ: عِندَ اللِّقاحِ،
وـ الرَّجُلُ: تَهَيَّأ للسِّبابِ.
ودارَةُ الكَوْرِ: ع.
ورَجُلٌ مُكْوَرَّى ومُكْوَرٌّ، وتُثَلَّثُ مِيمهُما: فاحِشٌ مِكْثارٌ، أو لَئيمٌ، أو قَصيرٌ عَريضٌ.
والكِوارَةُ، بالكسر: ضَرْبٌ من الخَمْرَةِ.
ودارَةُ الأَكْوارِ: في مُلْتَقَى دارِ بَني رَبيعَةَ ودارِ نَهيكٍ.
والأَكْوارُ: جِبالٌ هُناكَ.
وكُورٌ وكُوَيْرٌ، كزُبَيْرٍ: جَبَلانِ.
وكُورينُ، بالضم: ة،
وعَبْدُ الكُورِيِّ، بالضم: مَرْسى ببَحْرِ الهنْدِ.
والكُوَيْرَةُ، كجُهَيْنَةَ: جَبَلٌ بالقَبَلِيَّةِ.
وأكَرْتُ عليه: اسْتَذْلَلْتُهُ، واسْتَضْعَفْتُهٌ.
والتَّكَوُّرُ: التَّقَطُّرُ، والتَّشَمُّرُ، والسُّقوطُ.

العَتْرَسُ

العَتْرَسُ، كجعفرٍ وعَزَوَّرٍ: الحادِرُ الخَلْقِ، العظيمُ الجسيمُ العَبْلُ المَفاصِلِ مِنَّا، والضَّخْمُ المَحَازِمِ من الدوابِّ، والأسدُ، والدِّيكُ،
كالعُتْرُسان، بالضم.
والعِتْريسُ، بالكسر: الجَبَّارُ الغَضْبانُ، والغُولُ الذَّكَرُ، والداهيَةُ،
كالعَنْتَريسِ.
والعَتْرَسَةُ: الأخْذُ بالشِّدَّة وبالجَفاءِ والعُنْفِ والغِلْظَةِ.
والعَنْتَريسُ: الناقةُ الغليظَةُ الوَثيقَةُ.

جَشَّهُ

جَشَّهُ: دَقَّهُ وكَسَرَهُ،
كأجَشَّهُ،
وـ بالعَصَا: ضَرَبَهُ بها،
وـ المَكَانَ: كَنَسَه،
وـ البِئْرَ: نَقَّاهَا،
وـ البَاكِي دَمْعَهُ: امْتَراهُ، واسْتَخْرَجَهُ،
وـ البِئْرَ: كَنَسَها ونَقَّاها،
كجَشْجَشَها. وهاشِمُ بنُ عبدِ الواحِدِ الجَشَّاشُ الكُوفِيُّ، وإبراهيمُ بنُ الوَليدِ الجَشَّاشُ: محدِّثانِ.
والجَشِيشَةُ: ما جُشَّ من بُرٍّ ونحوِهِ.
والمِجَشُّ والمِجَشَّةُ: الرَّحَى.
والجَشِيشُ: السَّوِيقُ، وحِنْطَةٌ تُطْحَنُ جَليلاً، فَتُجْعَلُ في قِدْرٍ، ويُلْقَى فيها لَحْمٌ أو تَمْرٌ، فَيُطْبَخُ. وكأَميرٍ: اسْمٌ. وكزُبَيْرٍ: ابنُ الدَّيْلَمِيّ، ممَّنْ أعانَ على قَتْلِ الأَسْودِ العَنْسِيّ، وابنُ مالِكٍ: في تَمِيمٍ، وابنُ مُرٍّ: في مَذْحِجٍ. وابنُ عَوْفٍ: في كِنانَةَ.
والجَشُّ: المَوْضِعُ الخَشِنُ الحِجارَةِ،
وـ من الدَّابَّةِ والقَفْرِ: وسَطُهُما،
كالجُشَّانِ، بالضمِ، وبالضم: الجَبَلُ، والجَمْعُ: جِشاشٌ،
وـ من اللَّيلِ: ساعةٌ منه، وشِبْهُ شَفَةٍ فيه غِلَظٌ وارْتِفاعٌ،
ود بينَ صُورَ وطَبَرِيَّةَ، وجَبَلٌ صَغيرٌ بالحِجازِ لجُشَمَ، وجَبَلٌ عِندَ أجَأَ، بِذِرْوَتِهِ مَساكِنُ عادٍ وعَجائِبُ.
وجُشُّ أعْيارٍ: ع، أو ماءٌ مِلْحٌ بأَكْنافِ شَرَبَّةَ.
والجَشَّةُ: جَماعَةُ الناسِ يُقْبِلونَ مَعاً، ويُضَمُّ، ونَهَضَةُ القومِ.
وجَشَّةُ بِنْتُ عبدِ الجبَّارِ: محدّثَةٌ، وبالضم: ط شِدَّةُ الصَّوْتِ ط، وصَوْتٌ غَلِيظٌ من الخَيَاشِيمِ فيه بُحَّةٌ.
والأَجَشُّ: الغَلِيظُ الصَّوتِ من الإِنْسانِ ومن الخَيْلِ ومن الرَّعْدِ وغيرهِ، وأحَدُ الأَصْواتِ التي تُصاغُ منها الأَلْحان، ويَخْرُجُ من الخَيَاشِيمِ، فيه غِلْظَةٌ وبُحَّةٌ.
والجَشَّاءُ: الغَليظَةُ الإِرْنانِ من القِسِيّ، والسَّهْلَةُ ذاتُ الحَصْباءِ من الأراضِي الصَّالِحَةُ للنَّخْلِ.
وأجَشَّتِ الأرضُ: الْتَف نَبْتُها وحَشِيشُها.

العَرْشُ

العَرْشُ: عَرْشُ اللهِ تعالى، ولا يُحَدُّ، أو ياقوتٌ أحْمَرُ يَتَلأَلَأ من نورِ الجَبَّارِ تعالى، وسَرِيرُ المَلِكِ، والعِزُّ، وقِوامُ الأمرِ، ومنه: ثُلَّ عَرْشُه، ورُكْنُ الشيءِ،
وـ من البيتِ: سَقْفُه، والخَيْمَةُ، والبيتُ الذي يُسْتَظَل به،
كالعَرِيشِ ج: عُروشٌ وعُرُشٌ وأعْراشٌ وعِرَشَةٌ،
وـ من القومِ: رَئيسُهُم المُدَبِّرُ لأمرِهِمْ، والقَصْرُ، وأربعةُ كَواكِبَ صِغارٌ أسْفَلَ من العَوَّاءِ، ويقالُ لها: عَرْشُ السِمَاكِ، وعَجُزُ الأسَدِ، والجَنَازَةُ، قيل: ومنه:
"اهْتَزَّ العَرْشُ لموتِ سَعْدِ بنِ مُعاذٍ" واهْتِزَازهُ: فَرَحُهُ، والمُلْكُ، والخَشَبُ تُطْوَى به البئْرُ بعدَ أن تُطْوَى بالحِجَارَةِ قَدْرَ قامَةٍ،
وـ من القَدَمِ: ما نَتَأ من ظَهْرِ القَدَمِ، والمَظَلَّةُ، وأكثرُ ما يكونُ من القَصَبِ، والخَشَبُ الذي يقومُ عليه المُسْتَقِي،
وـ للطائِرِ: عُشُّهُ، وبالضم: لَحْمَتَانِ مُسْتَطِيلَتَانِ في ناحِيَتِي العُنُقِ، أو في أصْلِهَا، أو مَوْضِعا المِحْجَمَتَيْنِ، وعَظْمَانِ في اللَّهاةِ يُقيمانِ اللسانَ، وآخِرُ شَعَرِ العُرْفِ من الفَرَسِ، والأُذُنُ، والضَّخْمَةُ من النُّوقِ، كأنَّها مَعْروشةُ الزَّوْرِ، ومكةُ، أو بُيوتُها القديمةُ، ويُفْتَحُ، أو بالفتحِ: مكةُ،
كالعَرِيشِ، وبالضم: بُيوتُها،
كالعُروشِ، وما بينَ العَيْرِ والأصابعِ من ظَهْرِ القَدَمِ، ويُفْتَحُ
ج: عِرَشَةٌ وأعْراشٌ. وقولُ سَعْدٍ: وفلانٌ كافِرٌ بالعُرُشِ، يعني مُعَاوِيَةَ مُقيمٌ بمكةَ.
وبَعيرٌ مَعْروشُ الجَنْبَيْنِ: عَظيمُهُما.
وعُرِشَ الوَقودُ وعُرِّشَ، مَجْهُولَيْنِ: أُوقِدَ، وأُديمَ.
والعَريشُ: كالهَوْدَجِ، وما عُرِّشَ للكَرْمِ، وخَيْمَةٌ من خَشَبٍ وثُمَامٍ
ج: عُرُشٌ،
ود من أعْمالِ مِصْرَ خَرِبَتْ، وأنْ يكونَ في الأصْلِ الواحِدِ أرْبَعُ نَخَلاتٍ أو خَمْسٌ.
وعَرَشَ يَعْرِشُ ويَعْرُشُ: بَنَى عَريشاً،
كأعْرَشَ وعَرَّشَ،
وـ الكَلْبُ: خَرِق، ولم يَدْنُ للصيْدِ،
وـ الرَّجُلُ: بَطِرَ، وبُهِتَ،
كعَرِشَ، بالكسر، عَرْشاً وعَرَشاً،
وـ البَيْتَ: بناهُ،
وـ الكَرْمَ عَرْشاً وعُروشاً: رَفَعَ دوالِيَهُ على الخَشَبِ،
كعَرَّشَهُ،
وـ البِئْرَ: طَوَاهَا بالحِجَارَةِ قَدْرَ قامَةٍ من أسْفَلِهَا وسائِرُهَا بالخَشَبِ،
وـ فلاناً: ضَرَبَهُ في عُرْشِ رَقَبَتِهِ،
وـ بالمكانِ: أقامَ.
وعَرِشَ بغَرِيمِهِ، كسَمِعَ: لَزِمَهُ،
وـ عَنِّي: عَدَلَ.
وـ عَلَيَّ ما عِنْدَ فلانٍ: امْتَنَعَ.
وعَرَّشَ الحِمَارُ برأسِهِ تَعْرِيشاً: حُمِلَ عليه، فَرَفَعَ رأسَهُ وشَحا فاه،
وـ البَيْتَ: سَقَفَهُ،
وـ الأمْرَ: أبْطَأ به.
وتَعَرَّشَ بالبَلَدِ: ثَبَتَ،
وـ بالأمْرِ: تَعَلَّقَ،
كتَعَرْوَشَ.
واعْتَرَشَ العِنَبُ: عَلاَ على العريشِ،
وـ فلانٌ: اتَّخَذَ عَريشاً،
وـ الدابَّةَ: رَكِبَها، كاعْتَرَسَهَا
واعْرَوَّشَها وتَعَرْوَشَها.
والمُعَرْوِشُ: المُسْتَظِلُّ بِشَجَرَةٍ ونحوِها. 

الله

الله
صور القرآن الله المثل الأعلى في جميع صفات الكمال، فهو السميع الخبير، على كل شىء قدير، غفور رحيم، عزيز حكيم، حى قيوم، واسع عليم، بصير بالعباد، يحب المحسنين والصابرين، ولا يحب الظالمين، ويمحق الكافرين، غنى حميد، واحد قهار، نور السموات والأرض، قوى، شديد العقاب، خالق كل شىء، لا إله إلا هو، على كلّ شىء شهيد، عالم الغيب والشهادة، هو الرحمن الرحيم، الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، الخالق البارئ المصور، له الأسماء الحسنى، يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم، الأول والآخر، والظاهر والباطن، الصمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، سريع الحساب، غنى عن العالمين، عليم بذات الصدور، بكل شىء محيط، علىّ كبير، عفو غفور، شاكر حليم، ليس بظلام للعبيد، يجزى المتصدقين، ولا يهدى كيد الخائنين، لا يخلف الميعاد، عزيز ذو انتقام، خير الرازقين، لطيف خبير، ذو القوة المتين. أوليس من يتصف بهذه الصفات المثالية جديرا بالعبادة والتقديس، وألا يتخذ له شريك، ولا من دونه إله.
ومن بين ما عنى القرآن به أكبر عناية إبراز صفة الإنعام التى يتصف بها الله سبحانه؛ فيوجه أنظارهم إلى النعمة الكبرى التى أودعها قلوبهم وهى نعمة الهدوء والسكينة يحسون بها، عند ما يعودون إلى بيوتهم، مكدودين منهوكى القوى، وإلى هدايتهم إلى بناء بيوت من جلود الأنعام، يجدونها خفيفة المحمل في الظعن
والإقامة، وإلى اتخاذ أثاثهم وأمتعتهم من أصوافها وأوبارها، وإلى نعمة الظل يجدون عنده الأمن والاستقرار، وإن للشمس وحرارتها لوقعا مؤلما في النفوس وعلى الأجسام، ومن أجمل وسائل الاستتار هذه الثياب تقى صاحبها الحر، وبها تتم نعمة الله، فيقول: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (النحل 79 - 81).
ويوجه أنظارهم إلى ما في خلق الزوج من نعمة تسكن إليها النفس، وتجد في ظلها الرحمة والمودة، فيقول: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الروم 21). وهو الذى يرزقهم، ويرزق ما على الأرض من دواب، لا تستطيع أن تتكفل برزق نفسها، وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (العنكبوت 60). وينبههم إلى ما في اختلاف الليل والنهار من تجديد النشاط للجسم، وبعث القوة في الأحياء وما في الفلك المسخرة تنقل المتاجر فوق سطح البحر، فتنفع الناس، وفي الماء ينزل من السماء فيحيى الأرض بعد موتها، وفي الرياح تحمل السحاب المسخر بين السماء والأرض، ينبههم إلى نفع ذلك كله فيقول: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (البقرة 164). ويسأل عمن يلجئون إليه، حين يملأ قلبهم الرعب من ظلمة البر البحر، أليس الله هو الذى ينجيهم منه ومن كل كرب، فيقول:
قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (الأنعام 63 - 64).
ويحدثهم عن نعمة تبادل الليل والنهار، وعما خلق له الليل من نعمة الهدوء والسكون، وعن الشمس والقمر يجريان في دقة ونظام، فيحسب الناس بهما حياتهم، وينظمون أعمالهم، وعن النجوم في السماء تزينها كمصابيح، ويهتدى بها السائر في ظلمات البر والبحر، وعن المطر ينزل من السماء، فتحيا به الأرض وتنبت به الجنات اليانعة، ذات الثمار المشتبهة وغير المشتبهة، وكان للمطر في الحياة العربية قدره وأثره، فعليه حياتهم، فلا جرم أكثر القرآن من الحديث عنه نعمة من أجلّ نعمه عليهم، فيقول: فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (الأنعام 96 - 99)، وتحدث عن هذه النعم نفسها مرارا أخرى كقوله:
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (إبراهيم 32 - 34). وتحدث إليهم عما أنعم به عليهم من أنعام، فيها دفء ومنافع، وجمال، وعاد فذكرهم بنعمة المطر وإنباته الزرع، وخص البحر بالحديث عن تسخيره، وما نستخرجه منه من اللحم والحلى، وما يجرى فوقه من فلك تمخر عبابه، فقال: وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهاراً وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (الأنعام 5 - 18)، وللأنعام في حياة العرب بالبادية ما يستحق أن يذكروا به، وأن يسجل فضله عليهم بها. ويوجه القرآن نظرهم إلى خلقهم وما منحهم الله من نعمة السمع والبصر والعقل، فيقول: قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ (الملك 23). وكثيرا ما امتنّ عليهم بنعمة الرزق، فيقرّرها مرة، ويقررهم بها أخرى، فيقول حينا: اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (غافر 64). ويقول حينا: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (يونس 31). ويسترعى انتباههم إلى طعامهم الذى هو من فيض فضله، فيقول: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا وَحَدائِقَ غُلْباً وَفاكِهَةً وَأَبًّا مَتاعاً
لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ
(عبس 24 - 32).
وإن في إكثار القرآن من الحديث عن هذه النعم، وتوجيه أنظارهم إليها، وتقريرهم بها، ما يدفعهم إلى التفكير في مصدرها، وأنه جدير بالعبادة، وما يثير في أنفسهم شكرها وتقديس بارئها، ولا سيما أن تلك النعم ليست في طاقة بشر، وأنها باعترافهم أنفسهم من خلق العلىّ القدير. وهكذا يتكئ القرآن على عاطفة إنسانية يثيرها، لتدفع صاحبها عن طريق الإعجاب حينا، والاعتراف بالجميل حينا، إلى الإيمان بالله وإجلاله وتقديسه. كما أن ذلك الوصف يبعث في النفس حب الله المنعم، فتكون عبادته منبعثة عن حبه وشكر أياديه.
ومما عنى القرآن بإبرازه من صفات الله وحدانيته، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، وقد أبرز القرآن في صورة قاطعة أنه لا يقبل الشرك ولا يغفره: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً (النساء 48)؛ ويعد الإشراك رجسا فيقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا (التوبة 28).
أوليس في هذا التصوير ما يبعث في النفس النفور منه والاشمئزاز؟!
والقرآن يعرض لجميع ألوان الإشراك، فيدحضها ويهدمها من أساسها، فعرض لفكرة اتخاذ ولد، فحدثنا في صراحة عن أنه ليس في حاجة إلى هذا الولد، يعينه أو يساعده، فكل من في الوجود خاضع لأمره، لا يلبث أن ينقاد إذا دعى، وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (البقرة 116، 117). وحينا يدفع ذلك دفعا طبيعيا بأن الولد لا يكون إلا إذا كان ثمة له زوجة تلد، أما وقد خلق كل شىء، فليس ما يزعمونه ولدا سوى خلق ممن خلق:
بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (الأنعام 101، 102).
ويعرض مرة أخرى لهذه الدعوى، فيقرر غناه عن هذا الولد، ولم يحتاج إليه، وله ما في السموات وما في الأرض، فيقول: قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (يونس 68 - 70). ويعجب القرآن كيف يخيل للمشركين عقولهم أن يخصوا أنفسهم بالبنين ويجعلوا البنات لله، فيقول:
أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيماً (الإسراء 40).
ويصور القرآن- فى أقوى صور التعبير- موقف الطبيعة الساخطة المستعظمة نسبة الولد إلى الله، فتكاد- لشدة غضبها- أن تنفجر غيظا، وتنشق ثورة، وتخر الراسيات لهول هذا الافتراء، وضخامة هذا الكذب، وأصغ إلى تصوير هذا الغضب فى قوله: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (مريم 88 - 91). أما هؤلاء الذين دعوهم أبناء الله، فليسوا سوى عباد مكرمين، خاضعين لأمره، ولن يجرؤ واحد منهم على ادعاء الألوهية، أما من تجرأ منهم على تلك الدعوى فجزاؤه جهنم، لأنه ظالم مبين، وهل هناك أقوى في هدم الدعوى من اعترف هؤلاء العباد أنفسهم الذين يدعونهم أبناء، بأنهم ليسوا سوى عبيد خاضعين، ومن جرؤ منهم على دعوى الألوهية كان جزاؤه عذاب جهنم خالدا فيها، قال تعالى: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (الأنبياء 26 - 29).
وعلى هذا النسق نفسه جرى في الرد على من زعم ألوهية المسيح، فقد جعل المسيح نفسه يتبرأ من ذلك وينفيه، إذ قال: وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (المائدة 116، 117).
وتعرض القرآن مرارا لدعوى ألوهية عيسى، وقوض هذه الدعوى من أساسها بأن هذا المسيح الذى يزعمونه إلها، ليس لديه قدرة يدفع بها عن نفسه إن أراد الله أن يهلكه، وأنه لا امتياز له على سائر المخلوقات، بل هو خاضع لأمره، مقر بأنه ليس سوى عبد الله، وليس المسيح وأمه سوى بشرين يتبوّلان ويتبرّزان، أو تقبل الفطرة الإنسانية السليمة أن تتخذ لها إلها هذا شأنه، لا يتميز عن الناس في شىء، ولا يملك لهم شيئا من الضر ولا النفع، ولننصت إلى القرآن مهاجما دعوى ألوهية عيسى قائلا: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (المائدة 17). لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا
إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
(المائدة 72 - 76).
وإن الغريزة لتنأى عن عبادة من لا يملك الضرر ولا النفع. وتأمل جمال الكناية في قوله: يَأْكُلانِ الطَّعامَ. والمسيح مقر- كما رأيت- بعبوديته ولا يستنكف أن يكون لله عبدا، لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (النساء 172).
وهاجم القرآن بكل قوة الإشراك بالله، وهو يهاجم ببلاغته العقل والوجدان معا فيأخذ في نقاش المشركين، ليصلوا إلى الحق بأنفسهم، ويلزمهم الحجة، ويقودهم إلى الصواب، فيسألهم عمن يرزقهم، ومن يملك سمعهم وأبصارهم، ومن يخرج الحى من الميت، ويخرج الميت من الحى، ومن يدبر أمر العالم، ومن يبدأ الخلق ثمّ يعيده، ومن يهدى إلى الحق، وإذا كان المشركون أنفسهم يعترفون بأن ذلك إنما هو من أفعال الله، فما قيمة هؤلاء الشركاء إذا، وما معنى إشراكهم لله في العبادة، أو ليس من يهدى إلى الحق جديرا بأن يعبد ويتّبع، أما من لا يهتدى إلا إذا اقتيد فمن الظلم عبادته، ومن الجهل اتباعه، وليست عبادة هؤلاء الشركاء سوى جرى وراءه وهم لا يغنى من الحق شيئا، وتأمل جمال هذا النقاش الذى يثير التفكير والوجدان معا: يثير التفكير بقضاياه، ويثير الوجدان بهذا التساؤل عن الجدير بالاتباع، وتصويره المشرك، مصروفا عن الحق، مأفوكا، ظالما، يتبع الظن الذى لا يغنى عن الحق شيئا، وذلك حين يقول: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ (يونس 31 - 36). وفي التحدث إليهم عن الرزق، وهدايتهم إلى الحق، ما يثير في أنفسهم عبادة هذا الذى يمدهم بالرزق، ويهديهم إلى الحق، واستمع إلى هذا النقاش الذى يحدثهم فيه عن نعمه عليهم، متسائلا:
أله شريك في هذه النعم التى أسداها، وإذا لم يكن له شريك فيما أسدى، فكيف يشرك به غيره في العبادة؟ فقال مرة: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (النمل 59 - 71). أو ليس في إنبات الحدائق ذات البهجة، وتسيير الأنهار خلال الأرض، وإجابة المضطر إذا دعا، وكشف السوء، وجعلهم خلفاء الأرض، ما يبعث الابتهاج في النفس، والحب لله، ويدفع إلى عبادته وتوحيده ما دام هو الملجأ في الشدائد، والهادى في ظلمات البر والبحر، ومرسل الرياح بشرا بين يدى رحمته؟ ومرة يسائلهم قائلا: وَهُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (القصص 70 - 73). أوليس في الليل السرمد والنهار السرمد ما يبعث الخوف في النفس، والحب لمن جعل الليل والنهار خلفة؟!
وكثيرا ما تعجب القرآن من عبادتهم ما لا يضر ولا ينفع. والقرآن يبعث الخوف من سوء مصير هؤلاء المشركين يوم القيامة، فمرة يصورهم محاولين ستر جريمتهم بإنكارهم، حين لا يجدون لها سندا من الحق والواقع، فيقول:
وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (يونس 22 - 24).
وحينا يصورهم، وقد تبرأ شركاؤهم من عبادتهم، فحبطت أعمالهم، وضل سعيهم، وذلك حين يقول: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (يونس 28 - 30).
وحينا يصورهم هلكى في أشد صور الهلاك وأفتكها، إذ يقول: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (الحج 31). أما المصير المنتظر لمن يشرك بالله فأن يلقى في جهنم ملوما مدحورا.
ومن أبرز صفات الله في القرآن قدرته، يوجّه النظر إلى مظاهرها، ويأخذ بيدهم ليدركوا آثار هذه القدرة، مبثوثة في أرجاء الكون وفي أنفسهم، فهذه الأرض هو الذى بسطها فراشا، وتلك السماء رفعها بناء، وهذه الجبال بثها في الأرض أوتادا، وهذه الشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، ووجه النظر إلى هذه الحبوب فلقها بقدرته، كما فلق النوى ليخرج منه النخل باسقات، ويوجه أنظارهم إلى ألوان المخلوقات وأنواعها وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (النور 45). وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (الروم 20 - 25). خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (لقمان 10). ويوجّه النظر إلى توالى الليل والنهار، وتسخير الشمس والقمر، فيقول: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (لقمان 29، 30)؛ وكرر ذلك مرارا عدة، كقوله: أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ (ق 6 - 11).
ويوجّه أنظارهم إلى قدرته في خلقهم، إذ يقول: هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (آل عمران 6). ويقول: يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (الزمر 6).
صوّر القرآن قدرة الله الباهرة التى لا يعجزها شىء، والتى يستجيب لأمرها كل شىء، بهذا التّصوير البارع إذ قال: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (يس 82).
ولما وجّه النظر إلى مظاهر قدرته، اتخذ ذلك ذريعة إلى إقناعهم بأمر البعث، فحينا يتساءل أمن خلق السموات والأرض، ولم يجد مشقة في خلقها يعجز عن إحياء الموتى، فيقول: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (الأحقاف 33). ويقرر أن خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس، لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (غافر 57). ولذا صح هذا التساؤل ليقروا: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها وَالْجِبالَ أَرْساها مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (النازعات 27 - 33). وسوف نكمل الحديث عن ذلك في فصل اليوم الآخر.
ومن أظهر صفات الله في القرآن علمه، وإحاطة علمه بكل شىء في الأرض وفي السماء وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ (يونس 61). ويقول على لسان لقمان لابنه: يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (لقمان 16). أرأيت هذا التصوير المؤثر لإحاطة علم الله بكل شىء، فلا يغيب عنه موضع ذرّة بين طيات صخرة أو في طبقات السموات، أو في أعماق الأرض، ويعلم الله الغيب، ومن ذلك ما يرونه بأعينهم في كل يوم من أمور غيبيّة، يدركون أنها مستورة عليهم، مع قرب بعضها منهم، إذ يقول: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (لقمان 34). وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى (طه 7). واقرأ هذا التصوير الشامل لعلمه في قوله: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ (الأنعام 59). وهكذا يصور القرآن شمول علم الله تصويرا ملموسا محسا.
ومن أظهر صفاته كذلك شدة قربه إلى الناس، ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (المجادلة 7). وأمر الرسول بأن يخبر الناس بقربه، يسمعهم ويصغى إليهم إذا دعوا، فقال: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ (البقرة 186). ولا يستطيع فرد أن يعيش بعيدا عن عينه، يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (الحديد 4). بل هو أقرب شىء إلى الإنسان، يعلم خلجات نفسه، ويدرك أسراره وخواطره لا يغيب عنه منها شىء، وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (ق 16).
والعدل، وقد أطال القرآن في تأكيد هذه الصفة، وأكثر من تكريرها، فكل إنسان مجزى بعمله وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ (غافر 31). مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (فصلت 146). ويقرر في صراحة إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (يونس 44). وإِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ (النساء 40).
وإن في تقرير هذه الصفات وتأكيدها لدفعا للمرء إلى التفكير قبل العمل، كى لا يغضب الله العالم بكل صغيرة وكبيرة تصدر منه، والقريب إليه قربا لا قرب أشد منه، وفي تأكيد صفتى العلم والقرب ما يبعث الخجل في الإنسان من أن يعمل ما يغضب الله وما حرمه، وفي تأكيد صفة العدل ما يبعث على محاسبة النفس لأن الخير سيعود إليها ثوابه، والشر سيرجع عليها عقابه.
وكان وصف القرآن لله بالرحمة والرأفة والحلم والغفران والشكر، أكثر من وصفه بالانتقام وشدّة العذاب، بل هو عند ما يوصف بهما، تذكر إلى جانبهما أحيانا صفات الرحمة؛ فكثيرا ما يكرر القرآن معنى قوله: إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (البقرة 143). وقوله: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (النساء 110). وأكّد هذا الوصف حتى قال: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (الأنعام 54). وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (المؤمنون 118). أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ (الأعراف 155). ويفتح باب رحمته وغفرانه، حتى لمن أسرف ولج في العصيان، إذ يقول: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (الزمر 53). وبذلك كانت الصورة التى رسمها القرآن مليئة بالأمل والرجاء، تحيى في النفس التفاؤل، كما أن كثرة وصفه بالرحمة وأخواتها، تجعل عبادة الله منبعثة عن الحب، أكثر منها منبعثة عن الرهبة والخوف، ولكن لما كان كثير من النفوس يخضع بالرهبة دون الرغبة وصف القرآن الله بالعزة والانتقام وشدة العذاب، يقرن ذلك بوصفه بالرحمة حينا، ولا يقرنها بها حينا آخر، فيقول مرة: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (المائدة 98). غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ (غافر 3). إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ (فصلت 43). ويقول أخرى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (الحشر 7). عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (المائدة 95). إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (آل عمران 4). وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ (الزمر 37). وبرغم وصفه بالعزّة والانتقام والجبروت كانت الصفة الغالبة في القرآن هى الإنعام والرحمة والتّفضّل وأنه الملجأ والوزر، يجيب المضطرّ إذا دعاه، ويكشف السوء، وينجّى في ظلمات البرّ والبحر، فهى صورة محبّبة إلى النفوس، تدفع إلى العبادة، عبادة من هو جدير بها، لكثرة فضله وخيره وإنعامه.
وأفحم القرآن من ادّعى الألوهية من البشر إفحاما لا مخلص له منه، وذلك في الحديث الذى دار بين إبراهيم وهذا الملك الذى ادعى أنه إله، إذ يقول: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (البقرة 258).
وأرشد ــالقرآن إلى أن العقل السليم والفطرة المستقيمة يرشدان إلى وجود الله ويدلّان على وحدانيته، فهذا إبراهيم قد وجد قومه يتخذون أصناما آلهة، فلم ترقه عبادتهم، فمضى إلى الكون يلتمس إلهه، فلما رأى نورا يشع ليلا من كوكب في الأفق ظنه إلها، ولكنه لم يلبث أن رآه قد أفل، فأنكر على نفسه اتخاذ كوكب يأفل إلها، إذ الإله يجب أن يكون ذا عين لا تغفل ولا تنام، وهكذا أعجب بالقمر، واستعظم الشمس، ولكنهما قد مضيا آفلين، فأدرك إبراهيم أن ليس في كل هؤلاء من يستحق عبادة ولا تقديسا، وأنّ الله الحق هو الذى فطر السموات والأرض، واستمع إلى القرآن يصوّر تأمل إبراهيم في قوله: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (الأنعام 74 - 79).
كان الإيمان بالله ووحدانيته، أساس الدين الإسلامى، وقد رأينا كيف عنى القرآن بإبراز صفاته التى تتصل بالإنسان خالقا له، ومنعما عليه، وعالما بكل صغيرة وكبيرة تصدر منه، وقريبا منه أقرب إليه من حبل الوريد، ورحيما به، عادلا لا يظلمه، ولا يغبنه، يهبه الرزق، ويمنحه الخير، ويجيبه إذا دعاه. أو ليس من له هذه الصفات الكاملة جديرا من الناس بالعبادة والتقديس والتنزيه عن النقص والإشراك؟
الله: علم دَال على الْإِلَه الْحق دلَالَة جَامِعَة لمعاني الْأَسْمَاء الْحسنى كلهَا وَقد مر تَحْقِيقه فِي أول الْكتاب تبركا وتيمنا.
الله: وَإِنَّمَا افتتحت بِهَذِهِ الْكَلِمَة المكرمة المعظمة مَعَ أَن لَهَا مقَاما آخر بِحَسب رِعَايَة الْحَرْف الثَّانِي تيمنا وتبركا وَهَذَا هُوَ الْوَجْه للإتيان بعد هَذَا بِلَفْظ الأحمد وَالْأَصْحَاب وَاعْلَم أَنه لَا اخْتِلَاف فِي أَن لفظ الله لَا يُطلق إِلَّا عَلَيْهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا الِاخْتِلَاف فِي أَنه إِمَّا علم لذات الْوَاجِب تَعَالَى الْمَخْصُوص الْمُتَعَيّن أَو وصف من أَوْصَافه تَعَالَى فَمن ذهب إِلَى الأول قَالَ إِنَّه علم للذات الْوَاجِب الْوُجُود المستجمع للصفات الْكَامِلَة. وَاسْتدلَّ بِأَنَّهُ يُوصف وَلَا يُوصف بِهِ وَبِأَنَّهُ لَا بُد لَهُ تَعَالَى من اسْم يجْرِي عَلَيْهِ صِفَاته وَلَا يصلح مِمَّا يُطلق عَلَيْهِ سواهُ. وَبِأَنَّهُ لَو لم يكن علما لم يفد قَول لَا إِلَه إِلَّا الله التَّوْحِيد أصلا لِأَنَّهُ عبارَة عَن حصر الألوهية فِي ذَاته المشخص الْمُقَدّس. وَاعْترض عَلَيْهِ الْفَاضِل المدقق عِصَام الدّين رَحمَه الله بِأَنَّهُ كَيفَ جعل الله علما شخصيا لَهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا يتَحَقَّق إِلَّا بعد حُصُول الشَّيْء وحضوره فِي أذهاننا أَو القوى المثالية والوهمية لنا أَلا ترى أَنا إِذا جعلنَا العنقاء علما لطائر مَخْصُوص تصورناه بِصُورَة مشخصة بِحَيْثُ لَا يتَصَوَّر الشّركَة فِيهَا وَلَو بالمثال وَالْفَرْض وَهَذَا لَا يجوز فِي ذَاته تَعَالَى الله علوا كَبِيرا. فَإِن قلت وَاضع اللُّغَة هُوَ الله تَعَالَى فَهُوَ يعلم ذَاته بِذَاتِهِ وَوضع لفظ الله لذاته الْمُقَدّس، قلت هَذَا لَا يُفِيد فِيمَا نَحن فِيهِ لِأَن التَّوْحِيد أَن يحصل من قَوْلنَا لَا إِلَه إِلَّا الله حصر الألوهية فِي عقولنا فِي ذَاته المشخص فِي أذهاننا وَلَا يَسْتَقِيم هَذَا إِلَّا بعد أَن يتَصَوَّر ذَاته تَعَالَى بِالْوَجْهِ الجزئي. هَذَا غَايَة حَاصِل كَلَامه وَقد أجَاب عَنهُ أفضل الْمُتَأَخِّرين الشَّيْخ عبد الْحَكِيم رَحمَه الله بِأَنَّهُ آلَة الْإِحْضَار وَهُوَ وَإِن كَانَ كليا لَكِن الْمحْضر جزئي وَلَا يخفى على المتدرب مَا فِيهِ لِأَنَّهُ إِن أَرَادَ أَن الْمحْضر جزئي فِي الْوَاقِع فَهُوَ لَا يُفِيد حصر الألوهية فِي أذهاننا كَمَا هُوَ المُرَاد. وَإِن أَرَادَ أَن الْمحْضر جزئي فِي عقولنا فَمَمْنُوع، فَإِن وَسِيلَة الْإِحْضَار والموصل إِلَيْهِ إِذا كَانَ كليا كَيفَ يحصل بهَا فِي أذهاننا محْضر جزئي وَمَا الْفرق بَين قَوْلنَا لَا إِلَه إِلَّا الله وَبَين قَوْلنَا لَا إِلَه إِلَّا الْوَاجِب لذاته. فَإِن مَا يصدق عَلَيْهِ هَذَا الْمَفْهُوم أَيْضا جزئي فِي الْوَاقِع. فَإِن قلت التَّوْحِيد حصر الألوهية فِي ذَات مشخصة فِي نفس الْأَمر لَا فِي أذهاننا فَقَط. قلت فَهَذَا الْحصْر لَا يتَوَقَّف على جعل اسْم الله علما بل إِن كَانَ بِمَعْنى المعبود بِالْحَقِّ يحصل أَيْضا ذَلِك، وَلذَلِك يحصل بقولنَا لَا إِلَه إِلَّا الله إِلَّا الْوَاجِب لذاته كَمَا سبق وَمن ذهب إِلَى الثَّانِي قَالَ إِنَّه وصف فِي أَصله لكنه لما غلب عَلَيْهِ تَعَالَى بِحَيْثُ لَا يسْتَعْمل فِي غَيره تَعَالَى وَصَارَ كَالْعلمِ أجري مجْرى الْعلم فِي الْوَصْف عَلَيْهِ وَامْتِنَاع الْوَصْف بِهِ وَعدم تطرق الشّركَة إِلَيْهِ. وَاسْتدلَّ، بِأَن ذَاته من حَيْثُ هُوَ بِلَا اعْتِبَار أَمر آخر حَقِيقِيّ كالصفات الإيجابية الثبوتية أَو غير حَقِيقِيّ كالصفات السلبية غير مَعْقُول للبشر فَلَا يُمكن أَن يدل عَلَيْهِ بِلَفْظ. ثمَّ على الْمَذْهَب الثَّانِي قد اخْتلف فِي أَصله فَقَالَ بَعضهم إِن لفظ الله أَصله إِلَه من إِلَه الآهة وإلها بِمَعْنى عبد عبَادَة والإله بِمَعْنى المعبود الْمُطلق حَقًا أَو بَاطِلا فحذفت الْهمزَة وَعوض عَنْهَا الْألف وَاللَّام لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال أَو للْإِشَارَة إِلَى المعبود الْحق وَعند الْبَعْض من إِلَه إِذا فزع وَالْعَابِد يفزع إِلَيْهِ تَعَالَى وَعند الْبَعْض من وَله إِذا تحير وتخبط عقله، وَعند الْبَعْض من لاه مصدر لاه يَلِيهِ ليها ولاها إِذا احتجب وارتفع وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِكَمَال ظُهُوره وجلائه مَحْجُوب عَن دَرك الْأَبْصَار ومرتفع على كل شَيْء وَعَما لَا يَلِيق بِهِ. وَالله أَصله الْإِلَه حذفت الْهمزَة إِمَّا بِنَقْل الْحَرَكَة أَو بحذفها وعوضت مِنْهَا حرف التَّعْرِيف ثمَّ جعل علما إِمَّا بطرِيق الْوَضع ابْتِدَاء وَإِمَّا بطرِيق الْغَلَبَة التقديرية فِي الْأَسْمَاء وَهِي تَجِيء فِي موضعهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
ثمَّ اعْلَم أَن حذف الْهمزَة بِنَقْل الْحَرَكَة قِيَاس وَبِغَيْرِهِ خلاف قِيَاس وَهُوَ هَا هُنَا يحْتَمل احْتِمَالَيْنِ لَكِن على الثَّانِي الْتِزَام الْإِدْغَام ووجوبه قياسي لِأَن السَّاقِط الْغَيْر القياسي بِمَنْزِلَة الْعَدَم فَاجْتمع حرفان من جنس وَاحِد أَولهمَا سَاكن وعَلى الثَّانِي الْتِزَامه على خلاف الْقيَاس لِأَن الْمَحْذُوف القياسي كالثالث فَلَا يكون المتحركان المتجانسان فِي كلمة وَاحِدَة من كل وَجه وعَلى أَي حَال فَفِي اسْم الله المتعال خلاف الْقيَاس فَفِيهِ توفيق بَين الِاسْم والمسمى لِأَنَّهُ تَعَالَى شَأْنه خَارج عَن دَائِرَة الْقيَاس وطرق الْعقل وَعند أهل الْحق وَالْيَقِين رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ. حرف الْهَاء فِي لفظ الله إِشَارَة إِلَى غيب هويته تَعَالَى وَالْألف وَاللَّام للتعريف وَتَشْديد اللَّام للْمُبَالَغَة فِي التَّعْرِيف وَلَفظ الله اسْم أعظم من أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَقد يُرَاد بِهِ وَاجِب الْوُجُود بِالذَّاتِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قل هُوَ الله أحد} وَفِي قَوْلهم والمحدث للْعَالم هُوَ الله الْوَاحِد فَلَا يلْزم اسْتِدْرَاك الْأَحَد وَالْوَاحد فيهمَا وتفصيله فِي الْأَحَد إِن شَاءَ الله الصَّمد.
الله: علم دال على الإله الحق دلالة جامعة لجميع الأسماء الحسنى.
(الله) علم على إلاله المعبود بِحَق أَصله إِلَه دخلت عَلَيْهِ ال ثمَّ حذفت همزته وأدغم اللامان
الله: تَبَارَكَ وتَعالى وجَلَّ جَلاَلُهُ- هو عَلَم دالٌّ على الإله الحقِّ دلالة جامعة لمعاني الأسماء الحسنى كلها قاله السيد في "التعريفات".

الحَرَضُ

الحَرَضُ، مُحَرَّكَةً: الفَسادُ في البَدَنِ، وفي المَذْهَبِ، وفي العَقْلِ، والرَّجُلُ الفَاسدُ المَريضُ،
كالحارِضَةِ والحارِضِ والحَرِضِ، ككَتِفٍ، والكالُّ المُعْيِي، والمُشْرِفُ على الهَلاكِ،
كالحارض، ومَنْ لاخَيْرَ عِنْدَهُ، أو لا يُرْجَى خَيْرُهُ ولا يُخافُ شَرُّهُ، للواحِدِ والجَمْعِ والمُؤَنَّثِ، وقَدْ يُجْمَعُ على أحْراضٍ وحُرْضانٍ وحِرَضَةٍ، ومَنْ أذابَهُ العِشْقُ أو الحُزْنُ،
كالمُحَرَّضِ، كمُعَظَّمٍ، ومَنْ لا يَتَّخِذُ سِلاحاً، ولا يُقاتِلُ، والساقِطُ لا يَقْدِرُ على النُّهوضِ،
كالحَريضِ والحَرِضِ والمُحَرَّضِ والإِحْريضِ، وقد حَرِضَ، كَفرحَ، والرِديءُ من الناسِ، ومِنَ الكَلامِ، والمُضْنَى مَرَضاً وسُقْماً، ومنه:
{حتى تكونَ حَرَضاً} ، وقَدْ حَرَضَ يَحْرُضُ ويَحْرِضُ حُروضاً.
وحَرَضَ نَفْسَهُ يَحْرِضُها: أفْسَدَها.
وحَرُِضَ، ككَرُمَ وفَرِحَ: طالَ هَمُّهُ وسُقْمُهُ، ورَذُلَ، وفَسَدَ،
فهو حارِضٌ: فاسِدٌ مَتْروكٌ بَيّنُ الحَراضَةِ والحُروضَةِ والحَروضِ. ويُقالُ: رَجُلٌ حِرْضَةٌ، بالكَسْرِ
ج: حِرَضٌ، كعِنَبٍ.
وناقةٌ حَرَضٌ، محرَّكةً: ضاوِيَّةٌ.
والمَحْروضُ: المَرْذولُ.
وحَرَضُ، محرَّكةُ: د باليَمَنِ،
وـ من الثَّوْبِ: حاشِيَتُه وطُرَّتُهُ وصَنِفَتهُ، وبضَمَّةٍ وبضَمَّتَيْنِ: الأُشْنانُ، وقُرِئَ به، أي: حتى تكون كالأَشْنانِ نُحُولاً ويُبْساً. (ومَنْصورُ بنُ محمد، وعبدُ الباقي بنُ عبد الجَبَّارِ الحُرْضِيَّانِ: محدّثانِ) .
والمِحْرَضَةُ، بالكسر: وعاؤُهُ.
والحَرَّاضُ، ككَتَّانٍ: مَنْ يَحْرِقُهُ لِلقَلْيِ، والمُوقِدُ على الصَّخْرِ لاتِّخاذِ النُّورَةِ، أو الجِص، وبهاءٍ: سُوقُ الأُشْنانِ.
وكغُرابٍ: ع بَيْنَ المُشاشِ والغُمَيْرِ فَوْقَ ذاتِ عِرْقٍ.
وذُو حُرُضٍ، كعُنُقٍ: ع، أو وادٍ عندَ النَّقِرَةِ،
وع عندَ أُحُدٍ.
وحُراضانُ، كخُراسانَ: وادٍ بالقَبَليَّةِ. وكثُمامَةَ: ماءَةٌ قُرْبَ المدينةِ لِبَني جُشَمَ.
والأَحْرَضُ: المُتَفَتِّتُ أشْفارِ العَيْنِ، وبضم الراءِ: جَبَلٌ بِبلادِ هُذَيْلٍ، لأَنَّ مَنْ شَرِبَ مِنْ مائِهِ، فَسَدَتْ معدَتُهُ.
والحُرْضَةُ، بالضم: أمينُ المُقامِرينَ.
والإِحْريضُ، بالكسر: العُصْفُرُ.
وحَرِضَ، كفرِحَ: لَقَطَه، وفَسَدَتْ مَعِدتُهُ.
وأحْرَضَهُ: أفْسَدَه،
وـ فلانٌ: وَلَدَ وَلَدَ سَوْءٍ.
وحَرَّضَه تَحْرِيضاً: حَثَّهُ،
وـ زَيْدٌ: شَغَلَ بِضاعَتَه في الحُرْضِ،
وـ ثَوْبَهُ: صَبَغَه بالإِحْرِيضِ،
وـ الثَّوْبُ: بَلِيَ طُرَّتُهُ.
والمُحارَضَةُ: المُداوَمَةُ على العَمَلِ، والمضَارَبَةُ بالقِداحِ.

الخَفْضُ

الخَفْضُ: الدَّعَةُ، وعَيْشٌ خافِضٌ، وقد خَفُضَ، ككَرُمَ، والسَّيْرُ اللَّيِّنُ، ضِدُّ الرَّفْعِ، وبمعنى الجَرِّ في الإِعْرابِ، وغَضُّ الصوتِ.
والخافِضُ في الأسماء الحُسْنَى: من يَخْفِضُ الجَبَّارِــينَ والفراعِنَةَ ويَضَعُهُمْ.
وخَفَضَ بالمكان يَخْفِضُ: أقامَ.
والخافِضَةُ: التَّلْعَةُ المُطْمَئِنَّةُ، والخاتِنَةُ.
وخُفِضَت الجارِيَةُ: كخُتَنِ الغُلامُ، خاصٌّ بهِنَّ. و {خافِضَةٌ رافِعَةٌ} أي: تَرْفَعُ قوماً إلى الجَنَّةِ، وتَخْفِضُ قوماً إلى النارِ.
وهو خافِضُ الطيرِ، أي: وَقُورٌ.
{واخْفِضْ لهما جَناحَ الذُّلِّ من الرَّحْمَةِ} : تَواضَعْ لهما، أو من المَقْلُوبِ، أي: جناحَ الرَّحْمَةِ من الذُّلِّ.
و"يَخْفِضُ القِسْطَ ويَرْفَعُهُ". يبسُطُ لمن يَشاء، ويَقْدِرُ على مَنْ يَشاء.
وأرضٌ خافِضَةُ السُّقْيَا: سَهْلَةُ السَّقْيِ.
وخَفِّض القولَ يا فُلانُ: لَيِّنْهُ،
وـ الأمر: هَوِّنْه،
وـ رأسَ البعيرِ: مُدَّهُ إلى الأرضِ لتركبه.
واخْتَفَضَ: انْحَطَّ،
وـ الجاريةُ: اخْتَتَنَتْ.
والحُروفُ المُنْخَفِضَةُ: ما عَدا قغضخصطظ.

التُّرْفَةُ

التُّرْفَةُ، بالضم: النَّعْمَةُ، والطعامُ الطَّيِّبُ، والشيءُ الظريفُ تَخُصُّ به صاحِبَكَ، وهَنَةٌ ناتِئَةٌ وَسْطَ الشَّفَةِ العُلْيا خِلْقَةً، وهو أتْرَفُ.
وتَرَفٌ، محرَّكةً: جبلٌ، أو ع.
وذو تَرَفٍ: ع. وكفرِحَ: تَنَعَّمَ.
وأتْرَفَتْهُ النِّعْمَةُ: أطغتْهُ، أو نَعَّمَتْهُ،
كتَرَّفَتْهُ تَتْريفاً،
وـ فلانٌ: أصَرَّ على البَغْي.
والمُتْرَفُ، كمُكْرَم: المَتْروكُ يَصْنَعُ ما يَشاءُ لا يُمْنَعُ، والمُتَنَعِّمُ لا يُمْنَعُ من تَنَعُّمِه، والجَبَّارُ.
وتَتَرَّفَ: تَنَعَّمَ.
واسْتَتْرَفَ: تَغَتْرَفَ وطَغَى.

الأسْكَفُ

الأسْكَفُ، بالفتح،
والإِسْكافُ، بالكسر،
والأسْكوفُ، بالضم،
والسَّكَّافُ، كشَدَّادٍ،
والسَّيْكَفُ، كصَيْقَلٍ: الخَفَّافُ،
أو الإِسْكافُ: كلُّ صانِعٍ سِوَى الخَفَّافِ فإنه الأسْكَفُ، أو الإِسْكافُ: النَّجَّارُ، وكلُّ صانِعٍ بِحَديدةٍ، وحُمْرَةُ الخَمْرِ، أو هذه من تَصْحِيفِ ابنِ عبَّادٍ، وصُوابُهُ بالباءِ،
وـ: مَوْضِعانِ أعْلَى وأسْفَلُ بنَوَاحِي النَّهْرَوانِ من عَمَلِ بَغْدادَ، نُسِبَ إليهما عُلَمَاءُ،
وـ: الحاذِقُ بالأمرِ، وحِرْفَتُه: السِّكافَةُ ككتابةٍ،
(وـ: لَقَبُ عبدِ الجَبَّارِ بنِ عليٍّ الإِسْفَرايِنِيِّ) .
والأسْكُفَّةُ، كطُرْطُبَّةٍ: خَشَبَةُ البابِ التي يُوْطَأُ عليها.
والساكفُ: أعْلاهُ الذي يَدورُ فيه الصائِرُ.
وأُسْكُفُّ العَيْنَيْنِ: مَنَابِتُ أهْدابِهِما، أو جَفْنُهما الأسْفَلُ.
وما سَكِفْتُ البابَ، كسمِعْتُ: ما تَعَتَّبْتُهُ،
كما تَسَكَّفْتُهُ.
وأسْكَفَ: صار إسْكافاً.

الرِّزْقُ

الرِّزْقُ:
بكسر الراء، وسكون الزاي، كذا ذكره ابن الفرات في تاريخ البصرة للساجي وقال: مدينة الرزق إحدى مسالح العجم بالبصرة قبل أن يختطها المسلمون. [1] في الصفحة السابقة: بجنب الرّد.
الرِّزْقُ، بالكسْرِ: ما يُنْتَفَعُ به،
كالمُرْتَزَقِ، والمَطَرُ، ج: أرْزاقٌ، وبالفَتْحِ: المَصْدَرُ الحَقيقِيُّ، والمَرَّةُ، الواحِدَةُ: بهاءٍ، ج: رَزَقاتٌ، مُحرَّكةً، وهي: أطْماع الجُنْدِ.
ورَزَقَهُ اللهُ: أوْصَلَ إليه رِزْقاً،
وـ فُلاناً: شَكَرَهُ، أزْدِيَّةٌ، ومنه: {وتَجْعَلونَ رِزْقَكُم أنكم تُكَذِّبونَ} .
ورَجُلٌ مَرْزوقٌ: مَجْدودٌ.
والرازِقِيُّ: الضَّعيفُ، والعِنَبُ المُلاحِيُّ، وبهاءٍ: ثِيابُ كَتَّانٍ بيضٌ، والخَمْرُ،
كالرازِقِيِّ.
ومَدينَةُ الرِزْقِ: كانَتْ إِحْدَى مَسالِحِ العَجَمِ بالبَصْرَةِ قَبْلَ أن يَخْتَطَّهَا المُسْلِمونَ. وكزُبَيْرٍ أو أميرٍ: نَهْرٌ بمَرْوَ، وإليه نُسِبَ أحْمَدُ بنُ عيسَى الرُّزَيْقِيُّ صاحِبُ ابنِ المُبَاركِ. وكزُبَيْرٍ: حِصْنٌ باليَمَنِ، وتابِعِيَّانِ،
وـ ابنُ سَوَّارٍ، وابنُ عَبدِ اللهِ، وابنُ حُكيمٍ، وابن أبي سَلْمَى، وأبو عَبدِ اللهِ الأَلْهانِيُّ، والثَّقَفِيُّ، والأَعْمَى، وأبو جَعْفَرٍ، وأبو بَكَّارٍ، وأبو وَهْبَةَ، ومَوْلَى عبدِ العَزيزِ بنِ مَرْوانَ، وابنُ حَيَّانَ الأيْلِيُّ، وابنُ حَيَّانَ الفَزارِيُّ، وابنُ سَعيدٍ، وابنُ هِشامٍ، وابنُ عَمْرِو بنِ مَرْزُوقٍ، وابنُ نُجَيْحٍ، وابنُ كُرَيْمٍ، وابنُ وَرْدٍ، وأمَّا من أبوهُ رُزَيْقٌ: فَحَكيمٌ، وعُبَيدُ الله، والهَيْثَمُ، وسُفْيانُ، وعَمَّارٌ، والحُسَيْنُ، والجَعْدُ، وعَلِيُّ، ومُحمَّدٌ، وأمَّا مَنْ جَدُّهُ رُزَيْقٌ، أو أبو جَدِّهِ: فسُلَيْمانُ بنُ أيُّوبَ، وأحْمَدُ بنُ عبدِ اللهِ، ويَزيدُ بنُ عبدِ اللهِ، وسُلَيْمانُ بنُ عَبدِ الجَبَّارِ، وسَعيدُ بنُ القَاسِمِ بنِ سَلَمَةَ، وطاهِرُ بنُ الحُصَيْنِ بنِ مُصْعَبٍ، والحُسَيْنُ بنُ مُحمَّدِ بنِ مُصْعَبٍ. وأبو رُزَيْقٍ الراوِي عن علِيِّ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ، ومحمدُ بنُ أحمدَ بنِ رِزْقانَ، بالكسر، وأحمدُ بنُ عبدِ الوهّابِ بنِ رُزْقونَ، بالضم، الإِشْبِيلِيُّ المالِكِيُّ المُتَأَخِّرُ، وأحمدُ بنُ عليِّ بنِ رُزْقونَ المُرْسِيُّ، ورِزْقُ الله الكَلْواذانِيُّ، وابنُ الأَسْوَدِ، وابنُ سَلاَّمٍ، وابنُ موسَى، ومَرْزوقٌ الحِمْصِيُّ، والباهِلِيُّ، والتَيْمِيُّ: مُحَدِّثونَ، وعُلماءُ.
وارْتَزَقوا: أخَذوا أرْزاقَهُم.

العَرَقُ

العَرَقُ، مُحَرَّكةً: رَشْحُ جِلْدِ الحَيَوانِ، ويُسْتَعارُ لغَيْرِهِ.
ورَجُلٌ عُرَقٌ، كصُرَدٍ: كثيرُهُ، وأما عُرَقَةٌ، كهُمَزَةٍ: فَبناءٌ مُطَّرِدٌ في كُلِّ فِعْلٍ ثُلاثِيٍّ، كضُحَكَةٍ،
و=: نَدَى الحائِطِ، والثَّوابُ أو قَليلُهُ، واللبَنُ لأَِنَّهُ يَتَحَلَّبُ في العُروقِ حتى يَنْتَهِي إلى الضَّرْعِ، وكُلُّ صَفٍّ من اللَّبِنِ والآجُرِّ في الحائِطِ، وقد بَنَى الباني عَرَقاً وعَرَقَيْنِ وعَرَقَةً وعَرَقَتَيْنِ،
و=: الطُّرُقُ في الجِبالِ،
كالعَرْقَةِ،
و=: آثارُ اتِّبَاعِ الإِبِلِ بعضِها بعضاً.
وعَرَقُ التَّمْرِ: دِبْسُهُ،
و=: الزَّبيبُ، ونِتاجُ الإِبِلِ، والنَّقْعُ، والسَّطْرُ من الخَيْلِ ومن الطَّيْرِ، وكُلُّ مُصْطَفٍّ، والسَّفيفَةُ المَنْسوجَةُ من الخوصِ قَبْلَ أَنْ يُجْعَلَ منه الزِّنْبيلُ أو الزِّنْبيلُ نَفْسُه، ويُسَكَّنُ،
و=: الشَّوْطُ والطَّلَقُ.
و"عَرَقُ القِرْبَةِ": كنايَةٌ عن الشِدَّةِ والمَجْهودِ والمَشَقَّةِ، لأنّ القِرْبَةَ إذا عَرِقتْ خَبُثَ رِيحُها، أَو لأنَّ القِرْبَةَ مالَها عَرَقٌ، فكأنه تَجَشَّمَ مُحالاً، أو عَرَقُ القِرْبَةِ: مَنْقَعَتُها، كأنه تَجَشَّمَ حتى احْتاجَ إلى عَرَقِ القِرْبَةِ، وهو ماؤُها يَعْني السَّفَرَ إليها، أو عَرَقُ القِرْبَةِ: سَفيفَةٌ يَجْعَلُها حامِلُ القِرْبَةِ على صَدْرِهِ، أو مَعْناهُ: تَكَلَّفَ مَشَقَّةً كمَشَقَّةِ حامِلِ قِرْبَةٍ، يَعْرَقُ تحتَها من ثِقَلِها.
ولَبَنٌ عَرِقٌ، ككتِفٍ: فَسَدَ طَعْمُهُ، عن عَرَقِ البعيرِ المُحَمَّلِ عليه. وكفرِح: كسِلَ. وحِبَّانُ ابنُ العَرِقَةِ، وقد تُفْتَحُ الراءُ، وهي أُمُّه قِلابَةُ، لُقِّبَتْ به لِطيبِ رِيحِها، وهو الذي رَمَى سعدَ بنَ مُعاذٍ، رضي الله تعالى عنه، يومَ الخَنْدَقِ.
والعَرَقَةُ، (محرَّكةً) : الخَشَبَةُ تَعْتَرِضُ بين ساقَيِ الحائِطِ، والدِّرَّةُ يُضْرَبُ بها، والنِسْعَةُ يُشَدُّ بها الأسيرُ، ج: عَرَقٌ وعَرَقاتٌ.
وعَرَقَ العَظْمَ عَرْقاً ومَعْرَقاً، كمَقْعَدٍ: أكَلَ ما عليه من اللَّحْمِ،
كتَعَرَّقَهُ،
وـ في الأرضِ: ذهَبَ،
وـ المَزادَةَ: جَعَلَ لها عِراقاً.
والعَرْقُ، وكغُرابٍ: العَظْمُ أُكِلَ لَحْمُه، ج: ككِتابٍ، وغُرابٍ نادرٌ، أو العَرْقُ: العَظْمُ بلَحْمِهِ، فإذا أُكِلَ لَحْمُهُ،
فَعُراقٌ، أو كِلاهُما لِكِلَيْهِما. وكغُرابٍ وغُرابةٍ: النُّطْفَةُ من الماءِ،
كالعَرْقاةِ، والمَطَرَةُ الغَزَيرَةُ.
وعُراقُ الغَيْثِ: نباتُهُ في أثَرِهِ.
ورجُلٌ مُعَرَّقُ العِظامِ، كمُعَظَّمٍ،
ومَعْروقُها: قليلُ اللَّحْمِ، وقد عُرِقَ، كعُنيَ، عَرْقاً.
والعَرْقُ: الطريقُ يَعْرُقُه الناسُ حتى يَسْتَوْضِحَ، وبالكسر: للشجرِ والبَدَنِ: م،
ج: عُروقٌ وأعراقٌ وعِراقٌ، وأصْلُ كلِّ شيءٍ، والأرضُ المِلْحُ لا تُنْبِتُ، والجَبَلُ الغليظُ المُنْقادُ لا يُرْتَقَى لصُعوبَتِهِ، والجَبَلُ الصغيرُ، ضدٌّ، والجَسَدُ،
وع، واللَّبَنُ، والنِتاجُ الكثيرُ، ولَقَبُ الحُسينِ بنِ عبدِ الجَّبَّارِ، والسَّبَخَةُ تُنْبِتُ الطَّرْفاءَ، والحَبْلُ الرَّقيقُ من الرَّمْلِ المُسْتَطيلِ مع الأرضِ، أو المكانُ المُرْتَفِعُ، ج: عُروقٌ.
وذاتُ عِرْقٍ: بالباديَةِ، مِيقاتُ العِراقِيِّينَ.
وعِرْقٌ: وادٍ لبني حَنْظَلَةَ بنِ مالِكٍ، ومَوْضِعانِ بالبَصْرَةِ.
وعِرْقَةُ، بهاءٍ: د بالشامِ.
والعُروقُ الصُّفْرُ: نباتٌ للصَّبَّاغِينَ، فارِسيَّتُه: زَرْدُجُوبَه، أو هو الهُرْدُ، أو المامِيرانُ، أو الكُرْكُمُ الصغيرُ.
والعُروقُ البِيضُ: نباتٌ مُسَمّنَةٌ للنساءِ، وتُسَمَّى: المُسْتَعْجِلَةَ.
والعُروقُ الحُمْرُ: الفُوَّةُ.
والعُرُقُ، بضمتينِ:
جمعُ عِراقٍ: لشاطِئِ البَحْرِ.
والعُروقُ: تِلالٌ حُمْرٌ قُرْبَ سَجا. وككِتابٍ: جَوْفُ الرِيشِ، ومِياهٌ لبني سعدٍ، وشاطِئُ الماءِ، أو شاطئُ البَحْرِ طولاً، والخَرْزُ المَثْنِيُّ في أسْفَلِ المَزادَةِ، والراوِيَةُ، والطِبابَةُ، وقُطْرُ الجَبَلِ وحْدَه، وبَقايا الحَمْضِ،
كالعِرْقِ، بالكسر فيهما، ومنه: إبِلٌ عِراقِيَّةٌ،
وـ من الظُّفْرِ: ما أحاطَ به،
وـ من الأذُنِ: كِفافُها،
وـ من الدارِ: فِناؤُها،
وـ من السُّفْرَةِ: خَرْزُها المُحيطُ بها،
وـ من النَّهرِ: حاشِيَتُهُ من أدْناهُ إلى مُنْتَهاهُ،
وـ من الحَشا: فوقَ السُّرَّةِ مُعْتَرِضاً بالبَطْنِ، جمعُ الكلِّ: أعْرِقةٌ وعُرْقٌ،
وبِلادٌ م من عَبَّادَانَ إلى المَوْصِلِ طولاً، ومن القادِسِيَّةِ إلى حُلْوانَ عَرْضاً، ويُذَكَّرُ، سُمِّيَتْ بها لتَواشُجِ عِراقِ النَّخْلِ والشجر فيها، أو ط لأَنَّه اسْتَكَفَّ أرضَ العَرَب ط،
أو سُمِّيَ بِعِراقِ المَزَادَةِ: لجِلْدَةٍ تُجْعَلُ على مُلْتَقَى طَرَفَيِ الجِلْدِ إذا خُرِزَ في أسْفَلِها، لأنَّ العِراق بين الرِيفِ والبَرِّ، أو لأنه على عِراقِ دِجْلَةَ والفُراتِ، أي: شاطِئِهِما، أو مُعَرَّبَةُ إيرانْ شَهْر، ومَعْناه: كثيرةُ النَّخْلِ والشَّجَرِ.
والعِراقانِ: الكوفَةُ والبَصْرَةُ.
وعَرْقُوَةُ الدَّلْو، كَتَرْقُوَةٍ، ولا يُضَمُّ: أوَّلُها.
وعَرْقاتُها: بِمَعْنى.
والعَرْقُوتَانِ: خَشَبَتَانِ يُعْرَضانِ عليها كالصَّليبِ، وخَشَبَتَانِ تَضُمَّانِ ما بينَ واسِطِ الرَّحْلِ والمؤخِرَةِ، ج: العَراقِي.
وذاتُ العَرَاقي: الداهِيَةُ.
والعَرْقُوَةُ: كُلُّ أكَمَةٍ مُنْقادَةٍ في الأرْضِ، كأنَّها جَثْوَةُ قَبْرٍ.
والعَرْقاةُ، ويُكسَرُ،
والعِرْقَةُ، بالكسْرِ: الأصْلُ، أو أصْلُ المالِ، أو أرومَةُ الشَّجَرِ التي تَتَشَعَّبُ منها العُروقُ.
وقَوْلُهُم اسْتَأصَلَ الله عَرْقَاتَهُم، إنْ فَتَحْتَ أوَّلَهُ فَتَحْتَ آخِرَهُ، وهو الأكثَرُ، وإن كسَرْتَهُ كَسَرْتَهُ، على أَنَّهُ جَمْعُ عِرْقَةٍ، بالكسْرِ.
وكزُبَيرٍ: ع بين البَصْرَةِ والبَحْرَيْنِ.
وعِرْقَةُ، بالكسْرِ: د بالشامِ، منه: عُرْوَةُ بنُ مَرْوانَ المُسْنِدُ، وواثِلَةُ بنُ الحَسَنِ العِرْقيَّانِ. وعَبدُ الرَّحمنِ بنُ عِرْقٍ، بالكسرِ، وابنُهُ محمد: تابِعِيانِ. وإبراهيمُ بنُ محمدِ ابنِ عِرْقٍ الحِمْصِيُّ: مُحَدِّثٌ. وأحْمَدُ بنُ يَعْقوبَ المُقْرِئُ البَغْدَادِيُّ: عُرِفَ بابنِ أخي العِرْقِ.
وكَجُهَيْنَةَ: ع، وله يَوْمٌ.
وأَعْرَقَ: أتى العِراقَ، وصارَ عَريقاً في اللُّؤْمِ وفي الكَرَمِ،
وـ الشَّجَرُ: اشْتَدَّتْ عُروقُهُ في الأرْضِ،
وـ الشَّرابَ: جَعَلَ فيه عِرْقاً من الماءِ، بالكسرِ، أي: قَليلاً، فهو مُعْرَقٌ ومُعَرَّقٌ، كمُعَظَّمٍ ومُكْرَمٍ، ومَعْرُوقٌ،
وـ في الدَّلْوِ: جَعَلَ الماءَ فيها دونَ المَلْءِ،
كَعَرَّقَ فيهما تَعْريقاً.
والمُعْرِقَةُ، كمُحْسِنَةٍ ومُحَدِّثَةٍ: طريقٌ إلى الشامِ، كانَتْ قُرَيْشٌ تَسْلُكُها.
ورَجُلٌ مُعْتَرِقٌ ومَعْروقٌ ومُعَرَّقٌ، كمُعَظَّم: قَلِيلُ اللَّحْمِ.
واسْتَعْرَقَ: تَعَرَّضَ للحَرِّ كَيْ يَعْرَقَ.
والعَوارِقُ: الأضْرَاسُ والسِنونَ، لأنَّها تَعْرُقُ الإِنْسانَ.
وصارَعَهُ فَتَعَرَّقَهُ: أخَذَ رَأسَهُ تَحْتَ إبْطِهِ فَصَرَعَهُ. وابنُ عِرْقانَ، بالكسرِ: رَجُلٌ.
والعِرْقانُ: ع. وعارِقٌ: لَقَبُ قَيْسِ بنِ جِرْوَةَ الطائِيِّ لِقَوْلِهِ:
فإنْ لَمْ نُغَيِّر بَعْضَ ما قَدْ صَنَعْتُمُ ... لأَنْتَحِيَنَّ العَظْمَ ذو أنا عارِقُهْ
والأعْراقُ: ع.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.