رسالة.
للشيخ، جلال الدين: عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي.
المتوفى: سنة إحدى عشرة وتسعمائة.
بوح: البَوْحُ: ظهر الشيء.
وباحَ الشيءُ: ظهر. وباحَ به بَوْحاً وبُؤُوحاَ وبُؤُوحَةً: أَظهره.
وباحَ ما كَتَمْتُ، وباحَ به صاحبُه، وباحَ بِسِرِّه: أَظهره. ورجل بَؤُوحٌ
بما في صدره وبَيْحانُ وبَيِّحانُ بما في صدره، معاقبة وأَصلها الواو.
وفي الحديث: إِلاَّ أَن يكون كُفْراً بَواحاً أَي جِهاراً، ويروى بالراء
وقد تقدم. وأَباحَه سرّاً فباح به بَوْحاً: أَبَثَّه إِياه فلم يَكْتُمه؛
وفي الحديث: إِلا أَن يكون معصيةً بَواحاً أَي جِهاراً. يقال: باحَ الشيءَ
وأَباحَه إِذا جهر به.
وبُوحُ: الشمسُ، معرفة مؤنث، سمِّيت بذلك لظهورها، وقيل: يُوحُ، بياء
بنقطتين.
وأَبَحْتُك الشيء: أَحللته لك. وأَباحَ الشيءَ: أَطلقه.
والمُباحُ: خلاف المحظور.
والإِباحةُ: شِبْهُ النُّهْبَى.
وقد استباحه أَي انْتَهَبَه، واسْتَباحوهم أَي استأْصلوهم. وفي الحديث:
حتى يَقْتُلَ مُقاتِلَتَكم ويَسْتبِيحَ ذَرَارِيكم أَي يَسبيهم وبَنِيهم
ويجعلهم له مباحاً أَي لا تَبِعَة عليه فيهم؛ يقال: أَباحَه يُبِيحُه
واسْتباحه يَسْتبيحه؛ قال عنترة:
حتى اسْتَباحُوا آلَ عَوْفٍ عَنْوَةً
بالمَشْرَفِيِّ، وبالوَشِيجِ الذُّبَّلِ
والباحةُ: باحةُ الدار، وهي ساحتها. والباحة: عَرْصة الدار، والجمع
بُوحٌ، وبُحْبُوحة الدار، منها؛ ويقال: نحن في باحَة الدار، وهي أَوسطها،
ولذلك قيل: تَبَحْبَحَ في المَجْدِ أَي أَنه في مجد واسع؛ قال الأَزهري: جعل
الفراء التَّبَحْبُح من الباحة ولم يجعله من المضاعف؛ وفي الحديث: ليس
للنساء من باحة الطريق شيء أَي وسطه. وفي الحديث: نَظِّفُوا أَفْنِيَتكم
ولا تَدَعُوها كباحَة اليهود. والباحة: النخل الكثير، حكاه ابن الأَعرابي
عن أَبي صارم البَهْدَلي من بني بَهْدَلة؛ وأَنشد:
أَعْطى فأَعطاني يَداً، ودارا،
وباحةً خَوَّلها عَقَارا
يداً: يعني جماعة قومه وأَنصاره، ونصب عَقاراً على البدل من باحة،
فتَفَهَّمْ.
والبُوحُ: الفَرْجُ، وفي مثل العرب: ابْنُك ابنُ بُوحِك يَشْرَبُ من
صَبُوحِك؛ قيل: معناه الفَرْج، وقيل: النَّفْس، يقال للوَطْء. وفي التهذيب:
ابنُ بُوحِك أَي ابن نَفْسك لا من يُتَبَنَّى؛ ابن الأَعرابي: البُوحُ
النفس، قال: ومعناه ابنك من ولدته لا مَن تَبَنَّيته، وقال غيره: بُوح في
هذا المثل جمع باحة الدار؛ المعنى: ابنك من ولدته في باحة دارك، لا من ولد
في دار غيرك فتبنيته. ووقع القوم في دُوكَةٍ وبُوحٍ أَي في اختلاط في
أَمرهم. وباحَهم: صَرَعهم. وتركهم بَوْحى أَي صَرْعى؛ عن ابن الأَعرابي.
بوع: الباعُ والبَوْعُ والبُوع: مَسافةُ ما بين الكفَّيْن إِذا
بسَطْتهما؛ الأَخيرة هُذَلية؛ قال أَبو ذؤيب:
فلو كان حَبْلاً من ثَمانِين قامةً
وخمسين بُوعاً، نالَها بالأَنامِل
والجمع أَبْواعٌ. وفي الحديث: إِذا تقَرَّب العبدُ مِنّي بَوْعاً أَتيته
هَرْولة؛ البَوْعُ والباعُ سواء، وهو قَدْر مَدِّ اليدين وما بينهما من
البدن، وهو ههنا مَثَلٌ لقُرْب أَلطاف الله من العبد إِذا تقرَّب إِليه
بالإِخْلاصِ والطاعةِ.
وباعَ يَبُوع بَوْعاً: بسَط باعَه. وباعَ الحبْلَ يَبُوعُه بَوْعاً:
مدَّ يديه معه حتى صار باعاً، وبُعْتُه، وقيل: هو مَدُّكَه بباعك كما تقول
شَبَرْتُه من الشَّبْر، والمعنيانِ مُتقاربان؛ قال ذو الرمة يصف أَرضاً:
ومُسْتامة تُسْتامُ، وهي رَخِيصةٌ،
تُباعُ بساحاتِ الأَيادي وتُمْسَحُ
مَستامة يعني أَرضاً تَسُوم فيها الإِبل من السير لا من السَّوْم الذي
هو البيع، وتُباعُ أَي تَمُدُّ فيها الإِبل أَبواعَها وأَيدِيَها،
وتُمْسَحُ من المَسْحِ الذي هو القَطْع كقوله تعالى: فَطَفِقَ مَسْحاً بالسُّوق
والأَعناق؛ أَي قَطَعَها. والإِبل تَبُوع في سيرها وتُبَوِّعُ: تَمُدُّ
أَبواعَها، وكذلك الظِّباء. والبائعُ: ولد الظبْيِ إِذا باعَ في مَشْيه،
صفة غالبة، والجمع بُوعٌ وبوائعُ. ومَرَّ يَبُوع ويتَبوَّع أَي يمُدّ
باعَه ويملأُ ما بين خطْوه. والباعُ: السَّعةُ في المَكارم، وقد قَصُر باعُه
عن ذلك: لم يسعه، كلُّه على المثل، ولا يُستعمل البَوْعُ هنا. وباعَ
بماله يَبُوعُ: بسَط به باعَه؛ قال الطرمَّاح:
لقد خِفْتُ أَن أَلقى المَنايا، ولم أَنَلْ
من المالِ ما أَسْمُو به وأَبُوعُ
ورجل طويل الباعِ أَي الجسمِ، وطويل الباعِ وقصيرُه في الكَرَم، وهو على
المثل، ولا يقال قصير الباع في الجسم. وجمل بَوّاع: جسيم. وربما عبر
بالباء عن الشرَف والكرم؛ قال العجاج:
إِذا الكِرامُ ابْتَدَرُوا الباعَ بَدَرْ،
تَقَضِّيَ البازي إِذا البازِي كَسَرْ
وقال حُجر بن خالد:
نُدَهْدِقُ بَضْعَ اللحْمِ للباعِ والنَّدى،
وبعضُهُم تَغْلي بذَمٍّ مَناقِعُهْ
وفي نسخة: مَراجِلُه. قال الأَزهري: البَوْعُ والباعُ لغتان، ولكنهم
يسمون البوْع في الخلقة، فأَما بسْطُ الباع في الكَرَم ونحوه فلا يقولون
إِلا كريم الباع؛ قال: والبَوْعُ مصدر باع يَبُوعُ وهو بَسْطُ الباع في
المشي، والإِبل تَبُوع في سيرها. وقال بعض أَهل العربية: إِنَّ رِباعَ بني
فلان قد بِعْنَ من البيْع، وقد بُعْنَ من البَوْع، فضموا الباء في البوْع
وكسروها في البيْع للفرق بين الفاعل والمفعول، أَلا ترى أَنك تقول: رأَيت
إِماء بِعْنَ مَتاعاً إِذا كنَّ بائعاتٍ، ثم تقول: رأَيت إماء بُعْنَ
إِذا كنَّ مَبِيعات؟ فإِنما بُيِّن الفاعل من المفعول باختلاف الحركات وكذلك
من البَوْع؛ قال الأَزهري: ومن العرب من يُجري ذوات الياء على الكسر
وذوات الواو على الضم، سمعت العرب تقول: صِفْنا بمكان كذا وكذا أَي أَقمنا
به في الصيف، وصِفْنا أَيضاً أَي أَصابَنا مطرُ الصيف، فلم يَفْرُقُوا بين
فِعْل الفاعِلين والمَفْعولِين. وقال الأَصمعي: قال أَبو عمرو بن العلاء
سمعت ذا الرمة يقول: ما رأَيت أَفصح من أَمةِ آل فلان، قلت لها: كيف كان
المطر عندكم؟ فقالت: غِثْنا ما شئنا، رواه هكذا بالكسر. وروى ابن هانئ
عن أَبي زيد قال: يقال للإِماء قد بِعْنَ، أَشَمُّوا الباء شيئاً من
الرفع، وكذلك الخيل قد قدْنَ والنساء قد عدْنَ من مرضهن، أَشَمُّوا كل هذا
شيئاً من الرفع نحو: قد قيل ذلك، وبعضهم يقول: قُولَ. وباعَ الفرَسُ في
جَرْيه أَي أَبعد الخَطْو، وكذلك الناقة؛ ومنه قول بِشْر بن أَبي خازم:
فَعَدَّ طِلابها وتَسَلَّ عنها
بحَرْفٍ، قد تُغِيرُ إِذا تَبُوعُ
ويروى:
فَدَعْ هِنْداً وسَلِّ النفس عنها
وقال اللحياني: يقال والله لا تَبْلُغون تَبَوُّعَه أَي لا تَلْحَقون
شأْوَهُ، وأَصله طُولُ خُطاه. يقال: باعَ وانْباعَ وتبوَّعَ. وانْباعَ
العَرقُ: سال؛ وقال عنترة:
يَنْباعُ من ذِفْرى غَضُوبٍ جَسْرةٍ
زَيّافةٍ مثل الفَنِيقِ المُكْدَمِ
(* قوله «المكدم» كذا هو بالدال في الأصل هنا وفي نسخ الصحاح في مادة
زيف وشرح الزوزني للمعلقات أيضاً، وقال قد كدمته الفحول، وأورده المؤلف في
مادة نبع مقرم بالقاف والراء، وتقدّم لنا في مادة زيف مكرم بالراء وهو
بمعنى المقرم.)
قال أَحمد بن عبيد: يَنْباعُ يَنْفَعِلُ من باع يبوع إِذا جرى جَرْياً
ليِّناً وتثَنَّى وتلَوَّى، قال: وإِنما يصف الشاعر عرَق الناقة وأَنه
يتلوى في هذا الموضع، وأَصله يَنْبَوِعُ فصارت الواو أَلفاً لتحركها وانفتاح
ما قبلها، قال: وقول أَكثر أَهل اللغة أَنَّ يَنْباع كان في الأَصل
يَنْبَعُ فوُصِل فتحة الباء بالأَلف، وكلّ راشح مُنْباعٌ. وانْباع الرجلُ:
وثَب بعد سكون، وانْباعَ: سَطا، وقال اللحياني: وانْباعت الحَيَّة إِذا
بسطت نفسها بعد تَحَوِّيها لتُساوِرَ؛ وقال الشاعر:
ثُمَّتَ يَنْباعُ انْبِياع الشُّجاعْ
ومن أَمثال العرب: مُطْرِقٌ
(* قوله «ومن أمثال العرب مطرق إلخ» عبارة
القاموس مخرنبق لينباع أي مطرق ليثب، ويروي لينباق أي ليأتي بالبائقة
للداهية.) ليَنْباعَ؛ يضرب مثلاً للرجل إِذا أَضَبَّ على داهيةٍ؛ وقول صخر
الهذلي:
لَفاتَحَ البَيْعَ يومَ رُؤيتها
وكان قَبْلُ انْبِياعُه لَكِدُ
قال: انْبِياعُه مُسامَحَتُه بالبيْع. يقال: قد انْباع لي إِذا سامَحَ
في البيع، وأَجاب إِليه وإِن لم يُسامِحْ. قال الأَزهري: لا يَنْباعُ،
وقيل: البيْع والانْبِياعُ الانْبِساطُ. وفاتَح أَي كاشَف؛ يصف امرأَة
حَسْناء يقول: لو تعرَّضَت لراهب تلبَّد شعره لانْبَسَطَ إِليها. واللَّكِدُ:
العَسِرُ؛ وقبله:
والله لو أَسْمَعَتْ مَقالَتَها
شَيْخاً من الزُّبِّ، رأْسُه لَبِدُ
لَفاتَح البيعَ أَي لَكاشَف الانْبساط إِليها ولَفَرَّج الخَطْو إِليها؛
قال الأَزهري: هكذا فسر في شعر الهذليين.
ابن الأَعرابي: يقال بُعْ بُعْ إِذا أَمرته بمد باعَيْه في طاعة الله.
ومثل مُخْرَنْبِقٌ ليَنْباعَ أَي ساكت ليَثِبَ أَو ليَسْطو. وانْباعَ
الشُّجاعُ من الصفِّ: برَز؛ عن الفارسي؛ وعليه وُجِّه قوله:
يَنْباعُ من ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرةٍ
زيّافةٍ مثل الفَنِيقِ المُكْدَمِ
لا على الإِشباع كما ذهب إِليه غيره.
بوه: البُوهةُ: الرجل الضعيف الطائشُ؛ قال امرؤ القيس:
أَيا هِنْدُ، لا تَنْكحِي بُوهةً،
عليه عَقيقتُه أَحْسَبا
وقيل: أَراد بالبُوهة الأَحمق. والبُوهة: الرجل الأَحمق. والبوهة: الرجل
الضاوِيُّ. والبُوهة: الصُّوفة المنفوشة تُعْمَل للدَّواةِ قبل أَن
تُبَلّ. والبُوهة: ما أَطارته الريحُ من التراب. يقال: هو أَهون من صوفة في
بُوهةٍ، قال الجوهري: وقولهم صوفة في بُوهة يراد بها الهَباء المنثور الذي
يُرى في الكَوّة. والبُوهة: الرِّيشة التي بين السماء والأَرض تَلْعَب
بها الرياحُ. والبُوهة: السُِّحْق. يقال: بُوهةً له وشُوهةً قال الأَزهري
في ترجمة شوه: والشُّوهة البُعْد، وكذلك البُوهة. يقال: شُوهةً وبُوهةً،
وهذا يقال في الذم. أَبو عمرو: البَوْه اللَّعن.، يقال: على إِبليس
بَوْهُ الله أَي لَعْنَةُ الله. والبُوهة والبُوه: الصَّقْر إِذا سقط ريشه.
والبُوهة والبُوه: ذَكَر البُوم، وقيل: البُوه الكبير من البوم؛ قال رؤبة
يذكر كِبَره:
كالبُوه تحت الظُّلَّة المَرْشوشِ
وقيل: البوهة والبُوه طائر يشبه البُومة إِلاَّ أَنه أَصغر منه،
والأُنثى بُوهة. وقال أَبو عمرو: هي البُومة الصغيرة ويُشَبَّه به ا الرجل
الأَحمق، وأَنشد بيت امرئ القيس:
أَيا هندُ لا تَنْكحي بُوهةً
والباهُ والباهةُ: النكاح، وقيل: الباهُ الحظُّ من النكاح. قال الجوهري:
والباهُ مثل الجاه لغة في الباَءَة، وهو الجماع. وفي الحديث: أَن امرأَة
مات عنها زوجُها فمرّ بها رجلٌ وقد تزيَّنَتْ
للباه أَي للنكاح؛ ومثله حديث ابن مسعود عن النبي، صلى الله عليه وسلم:
من استَطاع منكم الباهَ فليتزوجْ، ومن لا يَسْتَطيع فعليه بالصوم فإِنه
له وِجاءٌ؛ أَراد من استطاع منكم أَن يتزوج ولم يُرد به الجماع، يدلك على
ذلك قوله ومن لم يقدر فعليه بالصوم، لأَنه إِن لم يقدر على الجماع لم
يحتج إِلى الصوم ليُجْفِر، وإِنما أَراد من لم يكن عنده جِدَةٌ فيُصْدِقَ
المنكوحة ويَعُولَها، والله أَعلم. ابن الأَعرابي: الباءُ والباءةُ
والباهُ مَقُولاتٌ كلُّها، فجَعل الهاء أَصلية في الباه. ابن سيده:
وبُهْتُالشيءَ أَبوه وبِهْْتُ
أَباه فَطِنْت. يقال: ما بِهْتُ لهُ وما بِهْت أَي ما فَطِنْتُ له.
والمُسْتَباه: الذاهبُ
العقل. والمُسْتَباه: الذي يخرج من أَرض إِلى أُخرى. والمُسْتَباهَة:
الشجرة يَقْعَرُها السيلُ فيُنَحّيها من مَنْبِتها كأَنه من ذلك. الأَزهري:
جاءت تَبُوه بَواهاً أَي تَضجُّ، والله أَعلم.
ميح: ماحَ في مِشْيته يَمِيحُ مَيْحاً ومَيْحُوحة: تَبَخْتر، وهو ضرب
حسن من المشي في رَهْوَجة حَسَنةٍ، وهو مشي كمشي البَطَّة؛ وامرأَة
مَيَّاحة؛ قال:
مَيَّاحة تَمِيحُ مَشْياً رَهْوَجا
والمَيْحُ: مشي البطة، قال:
صادَتْكَ بالأُنْسِ وبالتَّمَيُّحِ
التهذيب: البطة مَشْيُها المَيْحُ؛ قال رؤبة:
من كلِّ مَيَّاحٍ تَراه هَيْكَلا،
أَرْجَلَ خِنْذِيذٍ وعينٍ أَرْجَلا
وتَمايَح السكرانُ والغصنُ: تمايل. وماحَتِ الريحُ الشجرةَ: أَمالتها؛
قال المَرَّارُ الأَسَدِيُّ:
كما ماحَتْ مُزَعْزِعَةٌ بغِيلٍ،
يَكادُ ببعضِه بعضٌ يَمِيلُ
وتَمَيَّح الغصنُ: تَمَيَّلَ يميناً وشمالاً. والمَيْحُ: أَن يدخل البئر
فيملأً الدلو، وذلك إِذا قل ماؤها؛ ورجل مائحٌ من قوم ماحة، الأَزهري عن
الليث: المَيْحُ في الاستقاء أَن ينزل الرجلُ إِلى قرار البئر إِذا قل
ماؤها، فيملأَ الدلو بيده يَميحُ فيها بيده ويَميحُ أَصحابه، والجمع ماحة؛
وفي حديث جابر: أَنهم وردوا بئراً ذَمَّةً أَي قليلاً ماؤها، قال:
فنزلنا فيها ستةً ماحةً؛ وأَنشد أَبو عبيدة:
يا أَيُّها المائحُ دَلوِي دُونَكا،
إِني رأَيتُ الناسَ يَحْمَدُونَكا
والعرب تقول: هو أَبْصَرُ من المائح باسْتِ الماتح؛ تعني أَن الماتح فوق
المائح فالمائح يرى الماتح ويرى استه، وقد ماحَ أَصحابَه يَمِيحُهم؛
وقول صَخْر الغَيّ:
كأَنَّ بَوانِيَه، بالمَلاَ،
سَفائنُ أَعْجَمَ مايَحْنَ رِيفا
قال السكري: مايَحْنَ امْتَحْنَ أَي حَمَلْنَ من الرِّيفِ، هذا تفسيره.
وماحَه مَيْحاً: أَعطاه. والمَيْحُ يجري مَجْرَى المنفعة. وكلُّ من
أَعْطى معروفاً، فقد ماحَ. ومِحْتُ الرجلَ: أَعطيته، واسْتَمَحْتُه: سأَلته
العطاء. ومِحْتُه عند السلطان: شَفَعْتُ له. واسْتَمَحْتُه: سأَلته أَن
يشفع لي عنده. والامْتِياحُ: مثل المَيْحِ. والسائل: مُمْتاحٌ ومُسْتَمِيح،
والمسؤول: مُسْتَماحٌ.
ويقال: امْتاحَ فلانٌ فلاناً إِذا أَتاه يطلب فضله، فهو مُمْتاحٌ؛ وفي
حديث عائشة تصف أَباها، رضي الله عنهما، فقالت: وامْتاحَ من المَهْواة أَي
استقى؛ هو افْتَعَلَ من المَيْح العطاء. وامْتاحت الشمسُ ذِفْرَى البعير
إِذا اسْتَدَرَّتْ عَرَقَه؛ وقال ابن فَسْوة يذكر ناقته ومُعَذِّرَها:
إِذا امْتاحَ حَرُّ الشمسِ ذِفْراه، أَسْهَلَتْ
بأَصْفَرَ منها قاطِراً كلَّ مَقْطَرِ
الهاء في ذفراه للمُعَذِّرِ؛ وقول العُجَيْرِ السَّلوليّ:
ولي مائحٌ، لم يُورَدِ الماءُ قَبْلَه،
يُعَلِّي، وأَشْطانُ الدِّلاءِ كثيرُ
إِنما عنى بالمائح لسانه لأَنه يَميحُ من قلبه، وعنى بالماء الكلام،
وأَشطان الدلاء أَي أَسبابُ الكلام كثير لديه غير متعذر عليه، وإِنما يصف
خصوماً خاصمهم فغلبهم أَو قاومهم. والمَيْحُ: المنفعة، وهو من ذلك. ابن
الأَعرابي: ماحَ إِذا استاك، وماحَ إِذا تبختر، وماحَ إِذا أَفضل؛ وماحَ فاه
بالسواك يَميحُ مَيْحاً: شاصه وسَوَّكه؛ قال:
يَمِيحُ بعُودِ الضَّرْوِ إِغْرِيضَ ثَغْبِه،
جَلا ظَلْمَه من دونِ أَن يَتَهَمَّما
وقيل: هو استخراج الريق بالمسواك؛ وقول الراعي يصف امرأَة:
وعَذْب الكَرَى يَشْفِي الصَدَى بعد هَجْعةٍ،
له، من عُرُوقِ المُسْتَظَلَّةِ، مائحُ
يعني بالمائح السواك لأَنه يَمِيح الريقَ، كما يَمِيحُ الذي ينزل في
القَلِيبِ فيَغْرِفُ الماء في الدلو، وعنى بالمظلة الأَراكة.
ومَيَّاحٌ: اسم. ومَيَّاحٌ: اسم فرس عُقْبَة بن سالم.
يدي: اليَدُ: الكَفُّ، وقال أَبو إِسحق: اليَدُ من أَطْراف الأَصابع
إِلى الكف، وهي أُنثى محذوفة اللام، وزنها فَعْلٌ يَدْيٌ، فحذفت الياء
تخفيفاً فاعْتَقَبت حركة اللام على الدال، والنسَبُ إِليه على مذهب سيبويه
يَدَوِيٌّ، والأَخفش يخالفه فيقول: يَدِيٌّ كَنَدِيٍّ، والجمع أَيْدٍ، على
ما يغلب في جمع فَعْلٍ في أَدْنى العَدَد. الجوهريّ: اليَدُ أَصلها يَدْيٌ
على فَعْل، ساكنة العين، لأَن جمعها أَيْدٍ ويُدِيٌّ، وهذا جمع فَعْلٍ
مثل فَلْسٍ وأَفْلُسٍ وفُلُوسٍ، ولا يجمع فَعَلٌ على أَفْعُل إِلا في حروف
يسيرة معدودة مثل زَمَنٍ وأَزْمُنٍ وجَبَلٍ وأَجْبُلٍ وعصاً وأَعْصٍ،
وقد جمعت الأَيْدي في الشعر على أَيادٍ؛ قال جندل بن المثنى
الطُّهَوِيّ:كأَنه، بالصَّحْصَحانِ الأَنْجَلِ،
قُطْنٌ سُخامٌ بأَيادي غُزَّلِ
وهو جمع الجمع مثل أَكْرُعٍ وأَكارِعَ؛قال ابن بري: ومثله قول الآخر:
فأَمَّا واحداً فكفاكَ مِثْلي،
فمَنْ لِيَدٍ تُطاوِحُها الأَيادِي؟
(* قوله «واحداً» هو بالنصب في الأصل هنا وفي مادة طوح من المحكم، والذي
وقع في اللسان في طوح: واحد، بالرفع.)
وقال ابن سيده: أَيادٍ جمع الجمع؛ وأَنشد أَبو الخطاب:
ساءها ما تَأَمَّلَتْ في أَيادِيـ
ـنا وإِشناقَها إِلى الأَعْناقِ
(* قوله« واشناقها» ضبط في الأصل بالنصب على أن الواو للمعية، وقع في
شنق مضبوطاً بالرفع.) وقال ابن جني: أَكثر ما تستعمل الأَيادي في النِّعم
لا في الأَعْضاء. أَبو الهيثم: اليَدُ اسم على حرفين، وما كان من الأَسامي
على حرفين وقد حذف منه حرف فلا يُردّ إِلا في التصغير أَو فى التثنية
أَو الجمع، وربما لم يُردَّ في التثنية، ويثنى على لفظ الواحد. وقال بعضهم:
واحد الأَيادي يَداً كما ترى مثل عَصاً ورَحاً ومَناً، ثم ثَنَّوْا
فقالوا يَدَيانِ ورَحَيانِ ومَنَوانِ؛ وأَنشد:
يَدَيان بَيْضاوانِ عنْدَ مُحَلِّمٍ
قدْ يَمْنَعانِك بَيْنُهمْ أَن تُهْضَما
ويروى: عند مُحَرِّق؛ قال ابن بري: صوابه كما أَنشده السيرافي وغيره:
قد يَمْنَعانِك أَن تُضامَ وتُضْهَدا
قال أَبو الهيثم: وتجمع اليَدُ يَدِيّاً مثل عَبْدٍ وعَبيدٍ، وتجمع
أَيْدِياً ثم تجمع الأَيْدي على أَيْدِينَ، ثم تجمع الأَيْدي أَيادِيَ؛
وأَنشد:
يَبْحَثْنَ بالأَرْجُلِ والأَيْدِينا
بَحْثَ المُضِلاَّت لما يَبْغِينا
وتصغر اليَدُ يُدَيَّةً؛ وأَما قوله أَنشده سيبويه لمضَرِّس ابن رِبْعِي
الأَسدي:
فطِرْتُ بِمُنْصُلي في يَعْمَلاتٍ،
دَوامي الأَيْدِ يَخْبِطْنَ السَّرِيحا
فإِنه احتاج إِلى حذف الياء فحذفها وكأَنه توهّم التنكير في هذا فشبه
لام المعرفة بالتنوين من حيث كانت هذه الأَشياء من خواص الأَسماء، فحذفت
الياء لأَجل اللام كما تحذفها لأَجل التنوين؛ ومثله قول الآخر:
لا صُلْحَ يَيْني، فاعْلَمُوه، ولا
بَيْنَكُمُ ما حَمَلَتْ عاتِقِي
سَيْفِي، وما كُنَّا بنَجْدٍ، وما
قَرْقَرَ قُمْرُ الوادِ بالشَّاهِقِ
قال الجوهري: وهذه لغة لبعض العرب يحذفون الياء من الأَصل مع الأَلف
واللام فيقولون في المُهْتَدِي المُهْتَدِ، كما يحذفونها مع الإِضافة في مثل
قول خفاف بن ندبة:
كنَواحِ رِيشِ حَمامةٍ نَجْدِيَّةٍ،
ومَسَحْتُ باللِّثَتَيْنِ عَصْفَ الإِثْمِدِ
أَراد كنواحي، فحذف الياء لَمَّا أَضاف كما كان يحذفها مع التنوين،
والذاهب منها الياء لأَن تصغيرها يُدَيَّةٌ، بالتشديد، لاجتماع الياءين؛ قال
ابن بري: وأَنشد سيبويه بيت خفاف: ومَسَحْتِ، بكسر التاء، قال: والصحيح
أَن حذف الياء في البيت لضرورة الشعر لا غير، قال: وكذلك ذكره سيبويه، قال
ابن بري: والدليل على أَنَّ لام يَدٍ ياء قولهم يَدَيْتُ إِليه يَداً،
فأَما يُدَيَّةٌ فلا حجة فيها لأَنها لو كانت في الأَصل واواً لجاء
تصغيرها يُدَيَّةً كما تقول في غَرِيَّة غُرَيَّةً، وبعضهم يقول لذي
الثُّدَيَّةِ ذو اليُدَيَّةِ، وهو المقتول بنَهْرَوانَ.
وذو اليَدَيْن: رجل من الصحابة يقال سمي بذلك لأَنه كان يَعمل بيديه
جميعاً، وهو الذي قال للنبي، صلى الله عليه وسلم، أَقَصُرَتِ الصلاةُ أَم
نَسِيتَ؟ ورجل مَيْدِيٌّ أَي مقطوع اليد من أَصلها. واليُداء: وجع اليد.
اليزيدي: يَدِيَ فلان من يَدِه أَي ذَهَبَتْ يدُه ويَبِسَتْ. يقال: ما له
يَدِيَ من يَده، وهو دعاء عليه، كما يقال تَرِبَتْ يَداه؛ قال ابن بري:
ومنه قول الكميت:
فأَيٌّ ما يَكُنْ يَكُ، وَهْوَ مِنَّا
بأَيْدٍ ما وبَطْنَ ولا يَدِينا
(*قوله« فأي» الذي في الاساس: فأياً، بالنصب.)
وبَطْنَ: ضَعُفْنَ ويَدِينَ: شَلِلْنَ. ابن سيده: يَدَيْتُه ضربت يدَه
فهو مَيْدِيٌّ. ويُدِيَ: شَكا يَدَه، على ما يَطَّرِد في هذا النحو.
الجوهريّ: يَدَيْتُ الرجل أَصَبْتُ يَده فهو مَيْدِيٌّ، فإِن أَردت أَنك اتخذت
عنده يَداً قلت أَيْدَيْت عنده يداً، فأَنا مُودٍ، وهو مُودًى إِليه،
ويَدَيْتُ لغة؛ قال بعض بني أَسد:
يَدَيْتُ على ابنِ حَسْحاسِ بنِ وَهّبٍ،
بأَسْفَلِ ذِي الجِذاةِ، يَدَ الكَريمِ
قال شمر: يَدَيْتُ اتخذت عنده يَداً؛ وأَنشد لابن أَحمر:
يَدٌ ما قد يَدَيْتُ على سُكَينٍ
وعَبْدِ اللهِ، إِذْ نَهِشَ الكُفُوفُ
قال: يَدَيْت اتخذت عنده يَداً. وتقول إِذا وقَع الظَّبْيُ في
الحِبالةِ: أَمَيْدِيٌّ أَم مَرْجُولٌ أَي أَوْقَعَتْ يدهُ في الحِبالةِ أَم
رِجْلُه؟ ابن سيده: وأَما ما روي من أَنَّ الصدقة تقع في يَد الله فتأَويله
أَنه يَتَقبَّلُ الصَّدَقة ويُضاعِفُ عليها أَي يزيد: وقالوا: قَطَعَ اللهُ
أَدَيْه، يريدون يَدَيه، أَبدلوا الهمزة من الياء، قال: ولا نعلمها
أُبدلت منها على هذه الصورة إِلا في هذه الكلمة، وقد يجوز أَن يكون ذلك لغة
لقلة إِبدال مثل هذا. وحكى ابن جني عن أَبي عليّ: قَطَعَ الله أَدَه،
يريدُون يَدَه، قال: وليس بشيء.قال ابن سيده: واليَدا لغة في اليَدِ، جاء
متمماً على فَعَلٍ؛ عن أَبي زيد؛ وأَنشد:
يا رُبَّ سارٍ سارَ ما تَوَسَّدا
إِلاَّ ذِراعَ العَنْسِ، أَو كفَّ اليَدا
وقال آخر:
قد أَقْسَمُوا لا يَمْنَحُونَكَ نَفْعَةً
حتى تَمُدَّ إِليهمُ كَفَّ اليَدا
قال ابن بري: ويروى لا يمنحونك بَيْعةً، قال: ووجه ذلك أَنه ردّ لام
الكلمة إِليها لضرورة الشعر كما ردّ الآخرلام دم إِليه عند الضرورة، وذلك في
قوله:
فإِذا هِي بِعِظامٍ ودَمَا
وامرأَةٌ يَدِيَّةٌ أَي صنَاعٌ، وما أَيْدَى فلانةَ، ورجل يَدِيٌّ.
ويَدُ القَوْسِ: أَعلاها على التشبيه كما سمَّوا أَسْفَلَها رِجْلاً، وقيل:
يَدُها أَعْلاها وأَسْفَلُها، وقيل: يَدُها ما عَلا عن كَبِدِها، وقال
أَبو حنيفة: يَدُ القَوْسِ السِّيةُ اليُمْنى؛ يرويه عن أَبي زياد الكلابي.
ويَدُ السيفِ: مَقْبِضُه على التمثيل: ويَدُ الرَّحَى: العُود الذي
يَقْبِض عليه الطَّاحِنُ. واليَدُ: النِّعْمةُ والإِحْسانُ تَصْطَنِعُه
والمِنَّةُ والصَّنِيعَةُ، وإِنما سميت يداً لأَنها إِنما تكون بالإِعْطاء
والإِعْطاءُ إِنالةٌ باليد، والجمع أَيدٍ، وأَيادٍ جمع الجمع، كما تقدم في
العُضْوِ، ويُدِيٌّ ويَدِيٌّ في النعمة خاصّة؛ قال الأَعشى:
فَلَنْ أَذْكُرَ النُّعْمانَ إِلاَّ بصالِحٍ،
فإِنَّ له عندي يُدِيّاً وأَنْعُما
ويروى: يَدِيّاً، وهي رواية أَبي عبيد فهو على هذه الرواية اسم للجمع،
ويروى: إِلا بنِعْمةٍ. وقال الجوهري في قوله يَدِيّاً وأَنْعُما: إِنما
فتح الياء كراهة لتوالي الكسرات، قال: ولك أَن تضمها، وتجمع أَيضاً على
أَيْدٍ؛ قال بشر بن أَبي خازم:
تَكُنْ لك في قَوْمِي يَدٌ يَشْكُونها،
وأَيْدِي النَّدَى في الصالحين قُرُوضُ
قال ابن بري في قوله:
فلَنْ أَذْكُرَ النعمان إِلا بصالح
البيت لضَمْرةَ بن ضَمْرَةَ النَّهْشَلي؛ وبعده:
تَرَكْتَ بَني ماء السماء وفِعْلَهُم،
وأَشْبَهْتَ تَيْساً بالحِجازِ مُزَنَّما
قال ابن بري: ويَدِيٌّ جمع يَدٍ، وهو فَعِيلٌ مثل كلْب وكَلِيب وعَبْد
وعَبيد، قال: ولو كان يَدِيٌّ في قول الشاعر يَدِيّاً فُعُولاً في الأصل
لجاز فيه الضم والكسر، قال: وذلك غير مسموع فيه. ويَدَيْتُ إِليه يَداً
وأَيْدَيْتُها: صَنَعْتها. وأَيْدَيْتُ عنده يداً في الإِحسان أَي
أَنْعَمْت عليه. ويقال: إِنَّ فلاناً لذو مال يَيْدِي به ويَبُوع به أَي يَبْسُط
يَدَه وباعه. ويادَيْتُ فلاناً: جازَيْتُه يداً بيد، وأَعطيته مُياداةً
أَي من يدِي إِلى يده.الأَصمعي: أَعطيته مالاً عن ظهر يد، يعني تفضلاً ليس
من بيع ولا قَرْض ولا مُكافأَة. الليث: اليَدُ النِّعْمةُ السابغةُ.
ويَدُ الفأْسِ ونحوِها: مَقْبِضُها. ويَدُ القَوْسِ: سِيَتُها. ويدُ
الدَّهْر: مَدُّ زمانه. ويدُ الرِّيحِ: سُلْطانُها؛ قال لبيد:
نِطافٌ أَمرُها بِيَدِ الشَّمال
لَمَّا مَلَكَتِ الريحُ تصريف السَّحاب جُعل لها سُلطان عليه. ويقال:
هذه الصنعة في يَدِ فلان أَي في مِلْكِه، ولا يقال في يَدَيْ فلان.
الجوهري: هذا الشيء في يَدِي أَي في مِلْكي. ويَدُ الطائر: جَناحُه. وخَلَعَ
يدَه عن الطاعة: مثل نزَعَ يدَه، وأَنشد:
ولا نازِعٌ مِن كلِّ ما رابَني يَدا
قال سيبويه: وقالوا بايَعْتُه يَداً بيَدٍ، وهي من الأَسماء الموضوعة
مَوْضِعَ المَصادِر كأَنك قلت نَقْداً، ولا ينفرد لأَنك إِنما تريد أَخذَ
مني وأَعْطاني بالتعجيل، قال: ولا يجوز الرفع لأَنك لا تخبر أَنك
بايَعْتَه ويدُك في يَدِه. واليَدُ: القُوَّةُ. وأَيَّدَه الله أَي قَوَّاه. وما
لي بفلان يَدانِ أَي طاقةٌ. وفي التنزيل العزيز: والسَّماءَ بَنَيْناها
بأَيْدٍ؛ قال ابن بري:
ومنه قول كعب بن سعد الغَنَويِّ:
فاعمِدْ لِما يَعْلُو، فما لكَ بالذي
لا تستَطِيعُ من الأُمورِ يَدانِ
وفي التنزيل العزيز: مما عملت أَيدينا، وفيه: بما كسَبَتْ أَيدِيكم.
وقول سيدنا رسول الله،صلى الله عليه وسلم: المُسْلِمُونَ تتَكافَأُ دماؤُهم
ويَسْعَى بذِمَّتهم أَدْناهم وهم يَدٌ على مَن سِواهم أَي كَلِمَتُهم
واحدة، فبعضُهم يُقوِّي بَعْضاً، والجمع أَيْدٍ، قال أَبو عبيد: معنى قوله
يَدٌ على مَن سواهم أَي هم مجتمعون على أَعدائِهم وأَمرُهم واحد، لا
يَسَعُهم التَّخاذُل بل يُعاوِنُ بعضُهم بعضاً، وكَلِمَتُهم ونُصْرَتُهم
واحدةٌ على جميع المِلَلِ والأَدْيانِ المُحاربةِ لهم، يتَعاوَنون على جميعهم
ولا يَخْذُل بعضُهم بعضاً، كأَنه جعل أَيْدِيَهم يَداً واحدةً وفِعْلَهم
فِعْلاً واحداً. وفي الحديث: عليكم بالجماعةِ فإِنَّ يدَ اللهِ على
الفُسْطاطِ؛ الفُسْطاطُ: المِصْرُ الجامِعُ، ويَدُ اللهِ كناية عن الحِفظ
والدِّفاع عن أَهل المصر، كأَنهم خُصُّوا بواقِيةِ اللهِ تعالى وحُسْنِ
دِفاعِه؛ ومنه الحديث الآخر: يَدُ اللهِ على الجَماعةِ أَي أَنَّ الجماعة
المُتَّفِقةَ من أَهل الإِسلام في كَنَفِ اللهِ، ووِقايَتُه فَوْقَهم، وهم
بَعِيد من الأَذَى والخوْف فأَقِيموا بين ظَهْر انَيهِمْ. وقوله في
الحديث: اليَدُ العُلْيا خَيْرٌ من اليَدِ السُّفْلى؛ العُلْيا المُعْطِيةُ،
وقيل: المُتَعَفِّفَةُ، والسُّفْلى السائلةُ، وقيل: المانِعةُ. وقوله، صلى
الله عليه وسلم، لنسائه: أَسْرَعُكُنَّ لُحوقاً بي أَطْوَلُكُنَّ يَداً؛
كَنَى بطُولِ اليد عن العَطاء والصَّدَقةِ. يقال: فلان طَوِيلُ اليَدِ
وطويلُ الباعِ إِذا كان سَمْحاً جَواداً. وكانت زينب تُحِبُّ الصَّدقة وهي
ماتت قَبْلَهنَّ. وحديث قَبِيصةَ: ما رأَيتُ أَعْطَى للجَزِيل عن ظَهْرِ
يَدٍ من طَلْحَة أَي عن إِنْعامٍ ابتداء من غيرِ مكافأََةٍ. وفي التنزيل
العزيز: أُولي الأَيدي والأَبْصار؛ قيل: معناه أُولي القُوَّة والعقول.
والعرب تقول: ما لي به يَدٌ أَي ما لي به قُوَّة، وما لي به يَدانِ، وما
لهم بذلك أَيْدٍ أَي قُوَّةٌ، ولهم أَيْدٍ وأَبْصار وهم أُولُو الأَيْدي
والأَبْصار. واليَدُ: الغِنَى والقُدْرةُ، تقول: لي عليه يَدٌ أَي قُدْرة.
ابن الأَعرابي: اليَدُ النِّعْمةُ، واليَدُ القُوَّةُ، واليَدُ
القُدْرة، واليَدُ المِلْكُ، واليَدُ السُلْطانُ، واليَدُ الطاعةُ، واليَدُ
الجَماعةُ، واليَدُ الأَكْلُ؛ يقال: ضَعْ يدَكَ أَي كُلْ، واليَدُ النَّدَمُ،
ومنه يقال: سُقِط في يده إِذا نَدِمَ، وأُسْقِطَ أَي نَدِمَ. وفي التنزيل
العزيز: ولما سُقِطَ في أَيديهم؛ أَي نَدِمُوا، واليَدُ الغِياثُ،
واليَدُ مَنْعُ الظُّلْمِ، واليَدُ الاسْتِسلامُ، واليدُ الكَفالةُ في
الرَّهْن؛ ويقال للمعاتِب: هذه يدي لكَ. ومن أَمثالهم: لِيَدٍ ما أَخَذتْ؛
المعنى من أَخذ شيئاً فهو له. وقولهم: يدي لكَ رَهْنٌ بكذا أَي ضَمِنْتُ ذلك
وكَفَلْتُ به. وقال ابن شميل: له عليَّ يَدٌ، ولا يقولون له عندي يدٌ؛
وأَنشد:
له عليَ أَيادٍ لَسْتُ أَكْفُرُها،
وإِنما الكُفْرُ أَنْ لا تُشْكَرَ النِّعَمُ
قال ابن بزرج: العرب تشدد القوافي وإِن كانت من غير المضاعف ما كان من
الياء وغيره؛ وأَنشد:
فجازُوهمْ بما فَعَلُوا إِلَيْكُمْ،
مُجازاةَ القُرُومِ يَداً بيَدِّ
تَعالَوْا يا حَنِيفَ بَني لُجَيْمٍ،
إِلَى مَنْ فَلَّ حَدَّكُمُ وَحَدِّي
وقال ابن هانئ: من أَمثالهم:
أَطاعَ يَداً بالقَوْدِ فهو ذَلُولُ
إِذا انْقادَ واستسلمَ. وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال في
مناجاته ربه وهذه يدي لك أَي اسْتَسْلَمَتُ إِليك وانْقَدْت لك، كما يقال
في خلافِه: نزَعَ يدَه من الطاعة؛ ومنه حديث عثمان، رضي الله تعالى عنه:
هذه يَدي لعَمَّار أَي أَنا مُسْتَسْلِمٌ له مُنْقادٌ فليَحْتَكِمْ عليَّ
بما شاء. وفي حديث علي، رضي الله عنه: مرَّ قومٌ من الشُّراة بقوم من
أَصحابه وهم يَدْعُون عليهم فقالوا بِكُم اليَدانِ أَي حاقَ بكم ما
تَدْعُون به وتَبْسطُون أَيْدِيَكم. تقول العرب: كانت به اليَدانِ أَي فَعَلَ
اللهُ به ما يقولُه لي، وكذلك قولهم: رَماني من طُولِ الطَّوِيِّ وأَحاقَ
اللهُ به مَكْرَه ورجَع عليه رَمْيُه، وفي حديثه الآخر: لما بلغه موت
الأَشتر قال لليَدَيْنِ وللفَمِ؛ هذه كلمة تقال للرجل إِذا دُعِيَ عليه
بالسُّوء، معناه كَبَّه الله لوجهه أَي خَرَّ إِلى الأَرض على يدَيه وفِيهِ؛
وقول ذي الرمة:
أَلا طَرَقَتْ مَيٌّ هَيُوماً بذِكْرِها،
وأَيْدِي الثُّرَيّا جُنَّحٌ في المَغارِب
استعارةٌ واتساع، وذلك أَنَّ اليَدَ إِذا مالَتْ نحو الشيء ودَنَتْ
إِليه دَلَّتْ على قُرْبها منه ودُنوِّها نحوَه، وإِنما أَراد قرب الثريا من
المَغْربِ لأُفُولها فجعل لها أَيْدِياً جُنَّحاً نحوها؛ قال لبيد:
حتى إِذا أَلْقَتْ يَداً في كافِرٍ،
وأَجَنَّ عَوْراتِ الثُّغُورِ ظَلامُها
يعني بدأَت الشمس في المَغِيب، فجعل للشمس يَداً إِلى المَغِيب لما
أَراد أَن يَصِفَها بالغُروب؛ وأَصل هذه الاستعارة لثعلبة بن صُعَيْر المازني
في قوله:
فتَذَكَّرا ثَقَلاً رَثِيداً بَعْدَما
أَلْقَتْ ذُكاءُ يَمِينها في كافِرِ
وكذلك أَراد لبيد أَن يُصرِّح بذكر اليمين فلم يمكنه. وقوله تعالى: وقال
الذين كفروا لَنْ نُؤْمِنَ بهذا القرآن ولا بالذي بين يَدَيْهِ؛ قال
الزجاج: أَراد بالذي بين يديه الكُتُبَ المُتَقَدِّمة، يعنون لا نُؤمن بما
أَتى به محمد،صلى الله عليه وسلم، ولا بما أَتَى به غيرُه من الأَنبياء،
عليهم الصلاة والسلام. وقوله تعالى: إِنْ هُو إِلاّ نَذِيرٌ لكم بَيْنَ
يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ؛ قال الزجاج: يُنْذِرُكُم أَنَّكم إِنْ عَصَيْتُم
لَقِيتُم عذاباً شديداً. وفي التنزيل العزيز: فَرَدُّوا أَيْدِيَهم في
أَفْواهِهم: قال أَبو عبيدة: تركوا ما أُمِرُوا به ولم يُسْلِمُوا؛ وقال
الفراء: كانوا يُكَذِّبونهم ويردّون القول بأَيديهم إِلى أَفْواهِ الرسل،
وهذا يروى عن مجاهد، وروي عن ابن مسعود أَنه قال في قوله عز وجل: فَرَدُّوا
أَيْدِيَهم في أَفْواهِهم؛ عَضُّوا على أَطْرافِ أَصابعهم؛ قال
أَبومنصور: وهذا من أَحسن ما قيل فيه، أَراد أَنهم عَضُّوا أَيْدِيَهم حَنَقاً
وغَيْظاً؛ وهذا كما قال الشاعر:
يَرُدُّونَ في فِيهِ عَشْرَ الحَسُود
يعني أَنهم يَغِيظُون الحَسُودَ حتى يَعَضَّ على أَصابِعه؛ونحو ذلك قال
الهذلي:
قَدَ افْنَى أَنامِلَه أَزْمُه،
فأَمْسَى يَعَضُّ عَليَّ الوَظِيفا
يقول: أَكل أَصابِعَه حتى أَفْناها بالعَضِّ فصارَ يَعَضُ وَظِيفَ
الذراع. قال أَبو منصور: واعتبار هذا بقوله عز وجل: وإِذا خَلَوْا عَضُّوا
عليكم الأَنامِلَ من الغَيْظِ. وقله في حديث يأْجُوجَ ومأْجُوجَ: قد
أَخْرَجْتُ عِباداً لِي لا يَدانِ لأَحَدٍ بِقِتالِهمْ أَي لا قُدْرَةَ ولا
طاقَة. يقال: ما لي بهذا الأَمر يَدٌ ولا يَدانِ لأَن المُباشَرةَ والدِّفاعَ
إِنما يكونان باليَدِ، فكأَنَّ يَدَيْهِ مَعْدُومَتانِ لعجزه عن
دَفْعِه. ابن سيده: وقولهم لا يَدَيْنِ لك بها، معناه لا قُوّة لك بها، لم يحكه
سيبويه إِلا مُثنى؛ ومعنى التثنية هنا الجمع والتكثير كقول الفرزدق:
فكُلُّ رَفِيقَي كُلّ رَحْلٍ
قال: ولا يجوز أَن تكون الجارحة هنا لأَن الباء لا تتعلق إِلا بفعل أَو
مصدر. ويقال: اليَدُ لفلان على فلان أَي الأَمْرُ النافِذُ والقَهْرُ
والغَلَبةُ، كما تقول: الرِّيحُ لفلان. وقوله عز وجل: حتى يُعْطُوا
الجِزْيةَ عن يَدٍ؛ قيل: معناه عن ذُلٍّ وعن اعْتِرافٍ للمسلمين بأَن أَيْدِيَهم
فوق أَيْدِيهم، وقيل: عن يَدٍ أَي عن إِنْعام عليهم بذلك لأَنَّ قَبول
الجِزْية وتَرْكَ أَنْفُسهم عليهم نِعمةٌ عليهم ويَدٌ من المعروف جَزِيلة،
وقيل: عن يَدٍ أَي عن قَهْرٍ وذُلٍّ واسْتِسْلام، كما تقول: اليَدُ في
هذا لفلان أَي الأَمرُ النافِذُ لفُلان. وروي عن عثمان البزي عن يَدٍ قال:
نَقْداً عن ظهر يد ليس بنسِيئه. وقال أَبو عبيدة: كلُّ مَن أَطاعَ لمن
قهره فأَعطاها عن غير طيبةِ نَفْسٍ فقد أَعطاها عن يَدٍ، وقال الكلبي عن
يَدٍ قال: يمشون بها، وقال أَبو عبيد: لا يَجِيئون بها رُكباناً ولا
يُرْسِلُون بها. وفي حديث سَلْمانَ: وأَعْطُوا الجِزْيةَ عن يَدٍ، إِنْ أُرِيد
باليدِ يَدُ المُعْطِي فالمعنى عن يَدٍ مُواتِيةٍ مُطِيعة غير
مُمْتَنِعة، لأَن من أَبى وامتنع لم يُعطِ يَدَه، وإِن أُريد بها يَدُ الآخذ
فالمعنى عن يَد قاهرة مستولية أَو عن إِنعام عليهم، لأَنَّ قبول الجِزْيةِ
منهم وترك أَرْواحِهم لهم نِعْمةٌ عليهم. وقوله تعالى: فجعلناها نَكالاً لما
بين يَدَيْها وما خَلْفَها؛ ها هذه تَعُود على هذه الأُمَّة التي
مُسِخَت، ويجوز أَن تكون الفَعْلة، ومعنى لما بين يديها يحتمل شيئين: يحتمل أَن
يكون لما بين يَدَيْها للأُمم التي بَرَأَها وما خَلْفها للأُمم التي
تكون بعدها، ويحتمل أَن يكون لِما بين يديها لما سَلَفَ من ذنوبها، وهذا
قول الزجاج. وقول الشيطان: ثم لآتِيَنَّهم من بينِ أَيْديهِم ومن خلفهم؛
أَي لأُغُوِيَنَّهم حتى يُكَذِّبوا بما تَقَدَّمَ ويكذِّبوا بأَمر البعث،
وقيل: معنى الآية لآتِيَنَّهم من جميع الجِهات في الضَّلال، وقيل: مِن
بينِ أَيْدِيهِم أَي لأُضِلَّنَّهم في جميع ما تقدَّم ولأُضِلَّنَّهم في
جميع ما يُتَوقَّع؛ وقال الفراء: جعلناها يعني المسخة جُعِلت نَكالاً لِما
مَضَى من الذُّنوب ولما تَعْمَل بَعْدَها. ويقال: بين يديك كذا لكل شيء
أَمامَك؛ قال الله عز وجل: مِن بينِ أَيْدِيهِم ومِن خَلْفِهم. ويقال:
إِنَّ بين يَدَيِ الساعة أَهْوالاً أَي قُدَّامَها. وهذا ما قَدَّمَتْ يَداكَ
وهو تأْكيد، كما يقال هذا ما جَنَتْ يَداك أَي جَنَيْته أَنت إلا أَنك
تُؤَكِّد بها. ويقال: يَثُور الرَّهَجُ بين يَدي المطر، ويَهِيجُ
السِّباب بين يدي القِتال. ويقال: يَدِيَ فلان مِن يَدِه إِذا شَلَّتْ. وقوله عز
وجل: يَدُ اللهِ فوق أَيْديهم؛ قال الزجاج: يحتمل ثلاثة أَوجه: جاء
الوجهان في التفسير فأَحدهما يَدُ اللهِ في الوَفاء فوقَ أَيْديهم، والآخر
يَدُ اللهِ في الثواب فوق أَيْديهم، والثالث، والله أَعلم، يَدُ اللهِ في
المِنّةِ عليهم في الهِدايةِ فَوق أَيْديهم في الطاعة. وقال ابن عرفة في
قوله عز وجل: ولا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتِرِينَه بين أَيديهن
وأَرْجُلِهِنَّ؛ أَي من جميع الجهات. قال: والأَفعال تُنْسَب إِلى الجَوارِح،
قال: وسميت جَوارح لأَنها تَكْتسب. والعرب تقول لمن عمل شيئاً يُوبَّخ به:
يَداك أَوْ كَتا وفُوكَ نَفَخَ؛ قال الزجاج: يقال للرجل إِذا وُبِّخَ ذلك
بما كَسَبَتْ يَداكَ، وإِن كانت اليَدان لم تَجْنِيا شيئاً لأَنه يقال
لكل من عَمِلَ عملاً كسَبَتْ يَداه لأَن اليَدَيْنِ الأَصل في التصرف؛ قال
الله تعالى: ذلك بما كَسَبَتْ أَيْديكم؛ وكذلك قال الله تعالى: تَبَّتْ
يدَا أَبي لَهَبٍ وتَبَّ. قال أَبو منصور: قوله ولا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ
يَفْتَرِينَه بين أَيديهن وأَرجلهن، أَراد بالبُهْتان ولداً تحمله من غير
زوجها فتقول هو من زوجها، وكنى بما بين يديها ورجليها عن الولد لأَن
فرجها بين الرجلين وبطنها الذي تحمل فيه بين اليدين. الأَصمعي: يَدُ الثوب
ما فَضَل منه إِذا تَعَطَّفْت والْتَحَفْتَ. يقال: ثوب قَصيرُ اليَدِ
يَقْصُر عن أَن يُلْتَحَفَ به. وثوبٌ يَدِيٌّ وأَدِيٌّ: واسع؛ وأَنشد
العجاج:بالدَّارِ إِذْ ثَوْبُ الصِّبا يَدِيُّ،
وإِذْ زَمانُ الناسِ دَغْفَلِيُّ
وقَمِيصٌ قصير اليدين أَي قصير الكمين. وتقول: لا أَفعله يَدَ الدَّهْر
أَي أَبداً. قال ابن بري: قال التَّوَّزِيُّ ثوب يَدِيٌّ واسع الكُمّ
وضَيِّقُه، من الأَضداد؛ وأَنشد:
عَيْشٌ يَدِيٌّ ضَيِّقٌ ودَغْفَلِي
ويقال: لا آتِيه يَدَ الدَّهْر أَي الدَّهْرَ؛ هذا قول أَبي عبيد؛ وقال
ابن الأَعرابي: معناه لا آتيه الدهْرَ كله؛ قال الأَعشى:
رَواحُ العَشِيِّ وَسَيْرُ الغُدُوّ،
يَدا الدَّهْرِ، حتى تُلاقي الخِيارا
(* قوله «رواح العشي إلخ» ضبطت الحاء من رواح في الأصل بما ترى.)
الخِيار: المختارُ، يقع للواحد والجمع. يقال: رجل خِيارٌ وقومٌ خِيارٌ،
وكذلك: لا آتيهِ يَدَ المُسْنَدِ أَي الدهرَ كله، وقد تقدَّم أَن
المُسْنَدَ الدَّهْرُ. ويدُ الرجل: جماعةُ قومه وأَنصارُه؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
أَعْطى فأَعْطاني يَداً ودارا،
وباحَةً خَوَّلَها عَقارا
الباحةُ هما: النخل الكثير. وأَعطَيْتُه مالاً عن ظهر يَدٍ: يعني
تفضُّلاً ليس من بيع ولا قَرْضٍ ولا مُكافأَةٍ. ورجل يَدِيٌّ وأَدِيٌّ: رفيقٌ.
ويَدِيَ الرجُلُ، فهو يَدٍ: ضعُفَ؛ قال الكميت:
بأَيْدٍ ما وبَطْنَ وما يَدِينا
ابن السكيت: ابتعت الغنم اليْدَيْنِ، وفي الصحاح: باليَدَيْنِ أَي
بثمنين مُخْتَلِفَيْنِ بعضُها بثمن وبعضُها بثمن آخر. وقال الفراء: باعَ فلان
غنَمه اليدانِ
(* قوله« باع فلان غنمه اليدان» رسم في الأصل اليدان
بالألف تبعاً للتهذيب.) ، وهو أَن يُسلِمها بيد ويأْخُذَ ثمنها بيد. ولَقِيتُه
أَوَّلَ ذات يَدَيْنِ أَي أَوَّلَ شيء. وحكى اللحياني: أَمّا أَوَّلَ
ذات يَدَيْنِ فإِني أَحمدُ اللهَ. وذهب القومُ أَيدي سَبا أَي متفرّقين في
كل وجه، وذهبوا أَيادِيَ سَبا، وهما اسمان جُعلا واحداً، وقيل: اليَدُ
الطَّريقُ ههنا. يقال: أَخذ فلان يَدَ بَحْرٍ إِذا أَخذ طريق البحر. وفي
حديث الهجرة: فأَخَذَ بهم يَدَ البحر أَي طريق الساحل، وأَهلُ سبا لما
مُزِّقوا في الأَرض كلَّ مُمَزَّقٍ أَخذوا طُرُقاً شتَّى، فصاروا أَمثالاً
لمن يتفرقون آخذين طُرُقاً مختلفة. رأَيت حاشية بخط الشيخ رضيّ الدين
الشاطبي، رحمه الله، قال: قال أَبو العلاء المَعري قالت العرب افْتَرَقوا
أَيادِيَ سبا فلم يهمزوا لأَنهم جعلوه مع ما قبله بمنزلة الشيء الواحد،
وأَكثرهم لا ينوّن سبا في هذا الموضع وبعضهم ينوِّن؛ قال ذو الرمة:
فَيَا لَكِ مِنْ دارٍ تَحَمَّلَ أَهلُها
أَيادِي سَباً عنها، وطالَ انْتِقالُها
والمعنى أَن نِعَمَ سبا افترقت في كل أَوْبٍ، فقيل: تفرَّقوا أَيادِيَ
سبا أي في كل وجه. قال ابن بري: قولهم أَيادِي سبا يُراد به نِعَمُهم.
واليَدُ: النِّعْمة لأَنَّ نِعَمَهُم وأَموالَهم تفرَّقَتْ بتفرقهم، وقيل:
اليَدُ هنا كناية عن الفِرْقة. يقال: أَتاني يَدٌ من الناس وعينٌ من
الناس، فمعناه تفرَّقوا تفرُّقَ جَماعاتِ سَبا، وقيل: إِن أَهل سبا كانت يدُهم
واحدة، فلما فَرَّقهم الله صارت يدُهم أَياديَ، قال: وقيل اليدُ هنا
الطريق؛ يقال: أَخذ فلان يدَ بحر أَي طريق بَحرٍ، لأَن أَهل سبا لمَّا
مَزَّقَهم الله أَخَذوا طُرُقاً شتَّى. وفي الحديث: اجْعَلِ الفُسَّاقَ يَداً
يَداً ورِجْلاً رجْلاً فإِنهم إِذا اجتمعوا وَسْوَسَ الشيطانُ بينهم في
الشر؛ قال ابن الأَثير: أَي فَرِّقْ بينهم، ومنه قولهم: تَفَرَّقوا
أَيْدِي سَبا أَي تفرَّقوا في البلاد. ويقال: جاءَ فلان بما أَدت يَدٌ إِلى
يَدٍ، عنذ تأْكيد الإِخْفاق، وهو الخَيْبةُ. ويقال للرجل يُدْعى عليه
بالسوء: لليَدَيْنِ وللفَمِ أَي يَسْقُط على يَدَيْهِ وفَمِه.
يدي: اليَدُ: الكَفُّ، وقال أَبو إِسحق: اليَدُ من أَطْراف الأَصابع
إِلى الكف، وهي أُنثى محذوفة اللام، وزنها فَعْلٌ يَدْيٌ، فحذفت الياء
تخفيفاً فاعْتَقَبت حركة اللام على الدال، والنسَبُ إِليه على مذهب سيبويه
يَدَوِيٌّ، والأَخفش يخالفه فيقول: يَدِيٌّ كَنَدِيٍّ، والجمع أَيْدٍ، على
ما يغلب في جمع فَعْلٍ في أَدْنى العَدَد. الجوهريّ: اليَدُ أَصلها يَدْيٌ
على فَعْل، ساكنة العين، لأَن جمعها أَيْدٍ ويُدِيٌّ، وهذا جمع فَعْلٍ
مثل فَلْسٍ وأَفْلُسٍ وفُلُوسٍ، ولا يجمع فَعَلٌ على أَفْعُل إِلا في حروف
يسيرة معدودة مثل زَمَنٍ وأَزْمُنٍ وجَبَلٍ وأَجْبُلٍ وعصاً وأَعْصٍ،
وقد جمعت الأَيْدي في الشعر على أَيادٍ؛ قال جندل بن المثنى
الطُّهَوِيّ:كأَنه، بالصَّحْصَحانِ الأَنْجَلِ،
قُطْنٌ سُخامٌ بأَيادي غُزَّلِ
وهو جمع الجمع مثل أَكْرُعٍ وأَكارِعَ؛قال ابن بري: ومثله قول الآخر:
فأَمَّا واحداً فكفاكَ مِثْلي،
فمَنْ لِيَدٍ تُطاوِحُها الأَيادِي؟
(* قوله «واحداً» هو بالنصب في الأصل هنا وفي مادة طوح من المحكم، والذي
وقع في اللسان في طوح: واحد، بالرفع.)
وقال ابن سيده: أَيادٍ جمع الجمع؛ وأَنشد أَبو الخطاب:
ساءها ما تَأَمَّلَتْ في أَيادِيـ
ـنا وإِشناقَها إِلى الأَعْناقِ
(* قوله« واشناقها» ضبط في الأصل بالنصب على أن الواو للمعية، وقع في
شنق مضبوطاً بالرفع.) وقال ابن جني: أَكثر ما تستعمل الأَيادي في النِّعم
لا في الأَعْضاء. أَبو الهيثم: اليَدُ اسم على حرفين، وما كان من الأَسامي
على حرفين وقد حذف منه حرف فلا يُردّ إِلا في التصغير أَو فى التثنية
أَو الجمع، وربما لم يُردَّ في التثنية، ويثنى على لفظ الواحد. وقال بعضهم:
واحد الأَيادي يَداً كما ترى مثل عَصاً ورَحاً ومَناً، ثم ثَنَّوْا
فقالوا يَدَيانِ ورَحَيانِ ومَنَوانِ؛ وأَنشد:
يَدَيان بَيْضاوانِ عنْدَ مُحَلِّمٍ
قدْ يَمْنَعانِك بَيْنُهمْ أَن تُهْضَما
ويروى: عند مُحَرِّق؛ قال ابن بري: صوابه كما أَنشده السيرافي وغيره:
قد يَمْنَعانِك أَن تُضامَ وتُضْهَدا
قال أَبو الهيثم: وتجمع اليَدُ يَدِيّاً مثل عَبْدٍ وعَبيدٍ، وتجمع
أَيْدِياً ثم تجمع الأَيْدي على أَيْدِينَ، ثم تجمع الأَيْدي أَيادِيَ؛
وأَنشد:
يَبْحَثْنَ بالأَرْجُلِ والأَيْدِينا
بَحْثَ المُضِلاَّت لما يَبْغِينا
وتصغر اليَدُ يُدَيَّةً؛ وأَما قوله أَنشده سيبويه لمضَرِّس ابن رِبْعِي
الأَسدي:
فطِرْتُ بِمُنْصُلي في يَعْمَلاتٍ،
دَوامي الأَيْدِ يَخْبِطْنَ السَّرِيحا
فإِنه احتاج إِلى حذف الياء فحذفها وكأَنه توهّم التنكير في هذا فشبه
لام المعرفة بالتنوين من حيث كانت هذه الأَشياء من خواص الأَسماء، فحذفت
الياء لأَجل اللام كما تحذفها لأَجل التنوين؛ ومثله قول الآخر:
لا صُلْحَ يَيْني، فاعْلَمُوه، ولا
بَيْنَكُمُ ما حَمَلَتْ عاتِقِي
سَيْفِي، وما كُنَّا بنَجْدٍ، وما
قَرْقَرَ قُمْرُ الوادِ بالشَّاهِقِ
قال الجوهري: وهذه لغة لبعض العرب يحذفون الياء من الأَصل مع الأَلف
واللام فيقولون في المُهْتَدِي المُهْتَدِ، كما يحذفونها مع الإِضافة في مثل
قول خفاف بن ندبة:
كنَواحِ رِيشِ حَمامةٍ نَجْدِيَّةٍ،
ومَسَحْتُ باللِّثَتَيْنِ عَصْفَ الإِثْمِدِ
أَراد كنواحي، فحذف الياء لَمَّا أَضاف كما كان يحذفها مع التنوين،
والذاهب منها الياء لأَن تصغيرها يُدَيَّةٌ، بالتشديد، لاجتماع الياءين؛ قال
ابن بري: وأَنشد سيبويه بيت خفاف: ومَسَحْتِ، بكسر التاء، قال: والصحيح
أَن حذف الياء في البيت لضرورة الشعر لا غير، قال: وكذلك ذكره سيبويه، قال
ابن بري: والدليل على أَنَّ لام يَدٍ ياء قولهم يَدَيْتُ إِليه يَداً،
فأَما يُدَيَّةٌ فلا حجة فيها لأَنها لو كانت في الأَصل واواً لجاء
تصغيرها يُدَيَّةً كما تقول في غَرِيَّة غُرَيَّةً، وبعضهم يقول لذي
الثُّدَيَّةِ ذو اليُدَيَّةِ، وهو المقتول بنَهْرَوانَ.
وذو اليَدَيْن: رجل من الصحابة يقال سمي بذلك لأَنه كان يَعمل بيديه
جميعاً، وهو الذي قال للنبي، صلى الله عليه وسلم، أَقَصُرَتِ الصلاةُ أَم
نَسِيتَ؟ ورجل مَيْدِيٌّ أَي مقطوع اليد من أَصلها. واليُداء: وجع اليد.
اليزيدي: يَدِيَ فلان من يَدِه أَي ذَهَبَتْ يدُه ويَبِسَتْ. يقال: ما له
يَدِيَ من يَده، وهو دعاء عليه، كما يقال تَرِبَتْ يَداه؛ قال ابن بري:
ومنه قول الكميت:
فأَيٌّ ما يَكُنْ يَكُ، وَهْوَ مِنَّا
بأَيْدٍ ما وبَطْنَ ولا يَدِينا
(*قوله« فأي» الذي في الاساس: فأياً، بالنصب.)
وبَطْنَ: ضَعُفْنَ ويَدِينَ: شَلِلْنَ. ابن سيده: يَدَيْتُه ضربت يدَه
فهو مَيْدِيٌّ. ويُدِيَ: شَكا يَدَه، على ما يَطَّرِد في هذا النحو.
الجوهريّ: يَدَيْتُ الرجل أَصَبْتُ يَده فهو مَيْدِيٌّ، فإِن أَردت أَنك اتخذت
عنده يَداً قلت أَيْدَيْت عنده يداً، فأَنا مُودٍ، وهو مُودًى إِليه،
ويَدَيْتُ لغة؛ قال بعض بني أَسد:
يَدَيْتُ على ابنِ حَسْحاسِ بنِ وَهّبٍ،
بأَسْفَلِ ذِي الجِذاةِ، يَدَ الكَريمِ
قال شمر: يَدَيْتُ اتخذت عنده يَداً؛ وأَنشد لابن أَحمر:
يَدٌ ما قد يَدَيْتُ على سُكَينٍ
وعَبْدِ اللهِ، إِذْ نَهِشَ الكُفُوفُ
قال: يَدَيْت اتخذت عنده يَداً. وتقول إِذا وقَع الظَّبْيُ في
الحِبالةِ: أَمَيْدِيٌّ أَم مَرْجُولٌ أَي أَوْقَعَتْ يدهُ في الحِبالةِ أَم
رِجْلُه؟ ابن سيده: وأَما ما روي من أَنَّ الصدقة تقع في يَد الله فتأَويله
أَنه يَتَقبَّلُ الصَّدَقة ويُضاعِفُ عليها أَي يزيد: وقالوا: قَطَعَ اللهُ
أَدَيْه، يريدون يَدَيه، أَبدلوا الهمزة من الياء، قال: ولا نعلمها
أُبدلت منها على هذه الصورة إِلا في هذه الكلمة، وقد يجوز أَن يكون ذلك لغة
لقلة إِبدال مثل هذا. وحكى ابن جني عن أَبي عليّ: قَطَعَ الله أَدَه،
يريدُون يَدَه، قال: وليس بشيء.قال ابن سيده: واليَدا لغة في اليَدِ، جاء
متمماً على فَعَلٍ؛ عن أَبي زيد؛ وأَنشد:
يا رُبَّ سارٍ سارَ ما تَوَسَّدا
إِلاَّ ذِراعَ العَنْسِ، أَو كفَّ اليَدا
وقال آخر:
قد أَقْسَمُوا لا يَمْنَحُونَكَ نَفْعَةً
حتى تَمُدَّ إِليهمُ كَفَّ اليَدا
قال ابن بري: ويروى لا يمنحونك بَيْعةً، قال: ووجه ذلك أَنه ردّ لام
الكلمة إِليها لضرورة الشعر كما ردّ الآخرلام دم إِليه عند الضرورة، وذلك في
قوله:
فإِذا هِي بِعِظامٍ ودَمَا
وامرأَةٌ يَدِيَّةٌ أَي صنَاعٌ، وما أَيْدَى فلانةَ، ورجل يَدِيٌّ.
ويَدُ القَوْسِ: أَعلاها على التشبيه كما سمَّوا أَسْفَلَها رِجْلاً، وقيل:
يَدُها أَعْلاها وأَسْفَلُها، وقيل: يَدُها ما عَلا عن كَبِدِها، وقال
أَبو حنيفة: يَدُ القَوْسِ السِّيةُ اليُمْنى؛ يرويه عن أَبي زياد الكلابي.
ويَدُ السيفِ: مَقْبِضُه على التمثيل: ويَدُ الرَّحَى: العُود الذي
يَقْبِض عليه الطَّاحِنُ. واليَدُ: النِّعْمةُ والإِحْسانُ تَصْطَنِعُه
والمِنَّةُ والصَّنِيعَةُ، وإِنما سميت يداً لأَنها إِنما تكون بالإِعْطاء
والإِعْطاءُ إِنالةٌ باليد، والجمع أَيدٍ، وأَيادٍ جمع الجمع، كما تقدم في
العُضْوِ، ويُدِيٌّ ويَدِيٌّ في النعمة خاصّة؛ قال الأَعشى:
فَلَنْ أَذْكُرَ النُّعْمانَ إِلاَّ بصالِحٍ،
فإِنَّ له عندي يُدِيّاً وأَنْعُما
ويروى: يَدِيّاً، وهي رواية أَبي عبيد فهو على هذه الرواية اسم للجمع،
ويروى: إِلا بنِعْمةٍ. وقال الجوهري في قوله يَدِيّاً وأَنْعُما: إِنما
فتح الياء كراهة لتوالي الكسرات، قال: ولك أَن تضمها، وتجمع أَيضاً على
أَيْدٍ؛ قال بشر بن أَبي خازم:
تَكُنْ لك في قَوْمِي يَدٌ يَشْكُونها،
وأَيْدِي النَّدَى في الصالحين قُرُوضُ
قال ابن بري في قوله:
فلَنْ أَذْكُرَ النعمان إِلا بصالح
البيت لضَمْرةَ بن ضَمْرَةَ النَّهْشَلي؛ وبعده:
تَرَكْتَ بَني ماء السماء وفِعْلَهُم،
وأَشْبَهْتَ تَيْساً بالحِجازِ مُزَنَّما
قال ابن بري: ويَدِيٌّ جمع يَدٍ، وهو فَعِيلٌ مثل كلْب وكَلِيب وعَبْد
وعَبيد، قال: ولو كان يَدِيٌّ في قول الشاعر يَدِيّاً فُعُولاً في الأصل
لجاز فيه الضم والكسر، قال: وذلك غير مسموع فيه. ويَدَيْتُ إِليه يَداً
وأَيْدَيْتُها: صَنَعْتها. وأَيْدَيْتُ عنده يداً في الإِحسان أَي
أَنْعَمْت عليه. ويقال: إِنَّ فلاناً لذو مال يَيْدِي به ويَبُوع به أَي يَبْسُط
يَدَه وباعه. ويادَيْتُ فلاناً: جازَيْتُه يداً بيد، وأَعطيته مُياداةً
أَي من يدِي إِلى يده.الأَصمعي: أَعطيته مالاً عن ظهر يد، يعني تفضلاً ليس
من بيع ولا قَرْض ولا مُكافأَة. الليث: اليَدُ النِّعْمةُ السابغةُ.
ويَدُ الفأْسِ ونحوِها: مَقْبِضُها. ويَدُ القَوْسِ: سِيَتُها. ويدُ
الدَّهْر: مَدُّ زمانه. ويدُ الرِّيحِ: سُلْطانُها؛ قال لبيد:
نِطافٌ أَمرُها بِيَدِ الشَّمال
لَمَّا مَلَكَتِ الريحُ تصريف السَّحاب جُعل لها سُلطان عليه. ويقال:
هذه الصنعة في يَدِ فلان أَي في مِلْكِه، ولا يقال في يَدَيْ فلان.
الجوهري: هذا الشيء في يَدِي أَي في مِلْكي. ويَدُ الطائر: جَناحُه. وخَلَعَ
يدَه عن الطاعة: مثل نزَعَ يدَه، وأَنشد:
ولا نازِعٌ مِن كلِّ ما رابَني يَدا
قال سيبويه: وقالوا بايَعْتُه يَداً بيَدٍ، وهي من الأَسماء الموضوعة
مَوْضِعَ المَصادِر كأَنك قلت نَقْداً، ولا ينفرد لأَنك إِنما تريد أَخذَ
مني وأَعْطاني بالتعجيل، قال: ولا يجوز الرفع لأَنك لا تخبر أَنك
بايَعْتَه ويدُك في يَدِه. واليَدُ: القُوَّةُ. وأَيَّدَه الله أَي قَوَّاه. وما
لي بفلان يَدانِ أَي طاقةٌ. وفي التنزيل العزيز: والسَّماءَ بَنَيْناها
بأَيْدٍ؛ قال ابن بري:
ومنه قول كعب بن سعد الغَنَويِّ:
فاعمِدْ لِما يَعْلُو، فما لكَ بالذي
لا تستَطِيعُ من الأُمورِ يَدانِ
وفي التنزيل العزيز: مما عملت أَيدينا، وفيه: بما كسَبَتْ أَيدِيكم.
وقول سيدنا رسول الله،صلى الله عليه وسلم: المُسْلِمُونَ تتَكافَأُ دماؤُهم
ويَسْعَى بذِمَّتهم أَدْناهم وهم يَدٌ على مَن سِواهم أَي كَلِمَتُهم
واحدة، فبعضُهم يُقوِّي بَعْضاً، والجمع أَيْدٍ، قال أَبو عبيد: معنى قوله
يَدٌ على مَن سواهم أَي هم مجتمعون على أَعدائِهم وأَمرُهم واحد، لا
يَسَعُهم التَّخاذُل بل يُعاوِنُ بعضُهم بعضاً، وكَلِمَتُهم ونُصْرَتُهم
واحدةٌ على جميع المِلَلِ والأَدْيانِ المُحاربةِ لهم، يتَعاوَنون على جميعهم
ولا يَخْذُل بعضُهم بعضاً، كأَنه جعل أَيْدِيَهم يَداً واحدةً وفِعْلَهم
فِعْلاً واحداً. وفي الحديث: عليكم بالجماعةِ فإِنَّ يدَ اللهِ على
الفُسْطاطِ؛ الفُسْطاطُ: المِصْرُ الجامِعُ، ويَدُ اللهِ كناية عن الحِفظ
والدِّفاع عن أَهل المصر، كأَنهم خُصُّوا بواقِيةِ اللهِ تعالى وحُسْنِ
دِفاعِه؛ ومنه الحديث الآخر: يَدُ اللهِ على الجَماعةِ أَي أَنَّ الجماعة
المُتَّفِقةَ من أَهل الإِسلام في كَنَفِ اللهِ، ووِقايَتُه فَوْقَهم، وهم
بَعِيد من الأَذَى والخوْف فأَقِيموا بين ظَهْر انَيهِمْ. وقوله في
الحديث: اليَدُ العُلْيا خَيْرٌ من اليَدِ السُّفْلى؛ العُلْيا المُعْطِيةُ،
وقيل: المُتَعَفِّفَةُ، والسُّفْلى السائلةُ، وقيل: المانِعةُ. وقوله، صلى
الله عليه وسلم، لنسائه: أَسْرَعُكُنَّ لُحوقاً بي أَطْوَلُكُنَّ يَداً؛
كَنَى بطُولِ اليد عن العَطاء والصَّدَقةِ. يقال: فلان طَوِيلُ اليَدِ
وطويلُ الباعِ إِذا كان سَمْحاً جَواداً. وكانت زينب تُحِبُّ الصَّدقة وهي
ماتت قَبْلَهنَّ. وحديث قَبِيصةَ: ما رأَيتُ أَعْطَى للجَزِيل عن ظَهْرِ
يَدٍ من طَلْحَة أَي عن إِنْعامٍ ابتداء من غيرِ مكافأََةٍ. وفي التنزيل
العزيز: أُولي الأَيدي والأَبْصار؛ قيل: معناه أُولي القُوَّة والعقول.
والعرب تقول: ما لي به يَدٌ أَي ما لي به قُوَّة، وما لي به يَدانِ، وما
لهم بذلك أَيْدٍ أَي قُوَّةٌ، ولهم أَيْدٍ وأَبْصار وهم أُولُو الأَيْدي
والأَبْصار. واليَدُ: الغِنَى والقُدْرةُ، تقول: لي عليه يَدٌ أَي قُدْرة.
ابن الأَعرابي: اليَدُ النِّعْمةُ، واليَدُ القُوَّةُ، واليَدُ
القُدْرة، واليَدُ المِلْكُ، واليَدُ السُلْطانُ، واليَدُ الطاعةُ، واليَدُ
الجَماعةُ، واليَدُ الأَكْلُ؛ يقال: ضَعْ يدَكَ أَي كُلْ، واليَدُ النَّدَمُ،
ومنه يقال: سُقِط في يده إِذا نَدِمَ، وأُسْقِطَ أَي نَدِمَ. وفي التنزيل
العزيز: ولما سُقِطَ في أَيديهم؛ أَي نَدِمُوا، واليَدُ الغِياثُ،
واليَدُ مَنْعُ الظُّلْمِ، واليَدُ الاسْتِسلامُ، واليدُ الكَفالةُ في
الرَّهْن؛ ويقال للمعاتِب: هذه يدي لكَ. ومن أَمثالهم: لِيَدٍ ما أَخَذتْ؛
المعنى من أَخذ شيئاً فهو له. وقولهم: يدي لكَ رَهْنٌ بكذا أَي ضَمِنْتُ ذلك
وكَفَلْتُ به. وقال ابن شميل: له عليَّ يَدٌ، ولا يقولون له عندي يدٌ؛
وأَنشد:
له عليَ أَيادٍ لَسْتُ أَكْفُرُها،
وإِنما الكُفْرُ أَنْ لا تُشْكَرَ النِّعَمُ
قال ابن بزرج: العرب تشدد القوافي وإِن كانت من غير المضاعف ما كان من
الياء وغيره؛ وأَنشد:
فجازُوهمْ بما فَعَلُوا إِلَيْكُمْ،
مُجازاةَ القُرُومِ يَداً بيَدِّ
تَعالَوْا يا حَنِيفَ بَني لُجَيْمٍ،
إِلَى مَنْ فَلَّ حَدَّكُمُ وَحَدِّي
وقال ابن هانئ: من أَمثالهم:
أَطاعَ يَداً بالقَوْدِ فهو ذَلُولُ
إِذا انْقادَ واستسلمَ. وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال في
مناجاته ربه وهذه يدي لك أَي اسْتَسْلَمَتُ إِليك وانْقَدْت لك، كما يقال
في خلافِه: نزَعَ يدَه من الطاعة؛ ومنه حديث عثمان، رضي الله تعالى عنه:
هذه يَدي لعَمَّار أَي أَنا مُسْتَسْلِمٌ له مُنْقادٌ فليَحْتَكِمْ عليَّ
بما شاء. وفي حديث علي، رضي الله عنه: مرَّ قومٌ من الشُّراة بقوم من
أَصحابه وهم يَدْعُون عليهم فقالوا بِكُم اليَدانِ أَي حاقَ بكم ما
تَدْعُون به وتَبْسطُون أَيْدِيَكم. تقول العرب: كانت به اليَدانِ أَي فَعَلَ
اللهُ به ما يقولُه لي، وكذلك قولهم: رَماني من طُولِ الطَّوِيِّ وأَحاقَ
اللهُ به مَكْرَه ورجَع عليه رَمْيُه، وفي حديثه الآخر: لما بلغه موت
الأَشتر قال لليَدَيْنِ وللفَمِ؛ هذه كلمة تقال للرجل إِذا دُعِيَ عليه
بالسُّوء، معناه كَبَّه الله لوجهه أَي خَرَّ إِلى الأَرض على يدَيه وفِيهِ؛
وقول ذي الرمة:
أَلا طَرَقَتْ مَيٌّ هَيُوماً بذِكْرِها،
وأَيْدِي الثُّرَيّا جُنَّحٌ في المَغارِب
استعارةٌ واتساع، وذلك أَنَّ اليَدَ إِذا مالَتْ نحو الشيء ودَنَتْ
إِليه دَلَّتْ على قُرْبها منه ودُنوِّها نحوَه، وإِنما أَراد قرب الثريا من
المَغْربِ لأُفُولها فجعل لها أَيْدِياً جُنَّحاً نحوها؛ قال لبيد:
حتى إِذا أَلْقَتْ يَداً في كافِرٍ،
وأَجَنَّ عَوْراتِ الثُّغُورِ ظَلامُها
يعني بدأَت الشمس في المَغِيب، فجعل للشمس يَداً إِلى المَغِيب لما
أَراد أَن يَصِفَها بالغُروب؛ وأَصل هذه الاستعارة لثعلبة بن صُعَيْر المازني
في قوله:
فتَذَكَّرا ثَقَلاً رَثِيداً بَعْدَما
أَلْقَتْ ذُكاءُ يَمِينها في كافِرِ
وكذلك أَراد لبيد أَن يُصرِّح بذكر اليمين فلم يمكنه. وقوله تعالى: وقال
الذين كفروا لَنْ نُؤْمِنَ بهذا القرآن ولا بالذي بين يَدَيْهِ؛ قال
الزجاج: أَراد بالذي بين يديه الكُتُبَ المُتَقَدِّمة، يعنون لا نُؤمن بما
أَتى به محمد،صلى الله عليه وسلم، ولا بما أَتَى به غيرُه من الأَنبياء،
عليهم الصلاة والسلام. وقوله تعالى: إِنْ هُو إِلاّ نَذِيرٌ لكم بَيْنَ
يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ؛ قال الزجاج: يُنْذِرُكُم أَنَّكم إِنْ عَصَيْتُم
لَقِيتُم عذاباً شديداً. وفي التنزيل العزيز: فَرَدُّوا أَيْدِيَهم في
أَفْواهِهم: قال أَبو عبيدة: تركوا ما أُمِرُوا به ولم يُسْلِمُوا؛ وقال
الفراء: كانوا يُكَذِّبونهم ويردّون القول بأَيديهم إِلى أَفْواهِ الرسل،
وهذا يروى عن مجاهد، وروي عن ابن مسعود أَنه قال في قوله عز وجل: فَرَدُّوا
أَيْدِيَهم في أَفْواهِهم؛ عَضُّوا على أَطْرافِ أَصابعهم؛ قال
أَبومنصور: وهذا من أَحسن ما قيل فيه، أَراد أَنهم عَضُّوا أَيْدِيَهم حَنَقاً
وغَيْظاً؛ وهذا كما قال الشاعر:
يَرُدُّونَ في فِيهِ عَشْرَ الحَسُود
يعني أَنهم يَغِيظُون الحَسُودَ حتى يَعَضَّ على أَصابِعه؛ونحو ذلك قال
الهذلي:
قَدَ افْنَى أَنامِلَه أَزْمُه،
فأَمْسَى يَعَضُّ عَليَّ الوَظِيفا
يقول: أَكل أَصابِعَه حتى أَفْناها بالعَضِّ فصارَ يَعَضُ وَظِيفَ
الذراع. قال أَبو منصور: واعتبار هذا بقوله عز وجل: وإِذا خَلَوْا عَضُّوا
عليكم الأَنامِلَ من الغَيْظِ. وقله في حديث يأْجُوجَ ومأْجُوجَ: قد
أَخْرَجْتُ عِباداً لِي لا يَدانِ لأَحَدٍ بِقِتالِهمْ أَي لا قُدْرَةَ ولا
طاقَة. يقال: ما لي بهذا الأَمر يَدٌ ولا يَدانِ لأَن المُباشَرةَ والدِّفاعَ
إِنما يكونان باليَدِ، فكأَنَّ يَدَيْهِ مَعْدُومَتانِ لعجزه عن
دَفْعِه. ابن سيده: وقولهم لا يَدَيْنِ لك بها، معناه لا قُوّة لك بها، لم يحكه
سيبويه إِلا مُثنى؛ ومعنى التثنية هنا الجمع والتكثير كقول الفرزدق:
فكُلُّ رَفِيقَي كُلّ رَحْلٍ
قال: ولا يجوز أَن تكون الجارحة هنا لأَن الباء لا تتعلق إِلا بفعل أَو
مصدر. ويقال: اليَدُ لفلان على فلان أَي الأَمْرُ النافِذُ والقَهْرُ
والغَلَبةُ، كما تقول: الرِّيحُ لفلان. وقوله عز وجل: حتى يُعْطُوا
الجِزْيةَ عن يَدٍ؛ قيل: معناه عن ذُلٍّ وعن اعْتِرافٍ للمسلمين بأَن أَيْدِيَهم
فوق أَيْدِيهم، وقيل: عن يَدٍ أَي عن إِنْعام عليهم بذلك لأَنَّ قَبول
الجِزْية وتَرْكَ أَنْفُسهم عليهم نِعمةٌ عليهم ويَدٌ من المعروف جَزِيلة،
وقيل: عن يَدٍ أَي عن قَهْرٍ وذُلٍّ واسْتِسْلام، كما تقول: اليَدُ في
هذا لفلان أَي الأَمرُ النافِذُ لفُلان. وروي عن عثمان البزي عن يَدٍ قال:
نَقْداً عن ظهر يد ليس بنسِيئه. وقال أَبو عبيدة: كلُّ مَن أَطاعَ لمن
قهره فأَعطاها عن غير طيبةِ نَفْسٍ فقد أَعطاها عن يَدٍ، وقال الكلبي عن
يَدٍ قال: يمشون بها، وقال أَبو عبيد: لا يَجِيئون بها رُكباناً ولا
يُرْسِلُون بها. وفي حديث سَلْمانَ: وأَعْطُوا الجِزْيةَ عن يَدٍ، إِنْ أُرِيد
باليدِ يَدُ المُعْطِي فالمعنى عن يَدٍ مُواتِيةٍ مُطِيعة غير
مُمْتَنِعة، لأَن من أَبى وامتنع لم يُعطِ يَدَه، وإِن أُريد بها يَدُ الآخذ
فالمعنى عن يَد قاهرة مستولية أَو عن إِنعام عليهم، لأَنَّ قبول الجِزْيةِ
منهم وترك أَرْواحِهم لهم نِعْمةٌ عليهم. وقوله تعالى: فجعلناها نَكالاً لما
بين يَدَيْها وما خَلْفَها؛ ها هذه تَعُود على هذه الأُمَّة التي
مُسِخَت، ويجوز أَن تكون الفَعْلة، ومعنى لما بين يديها يحتمل شيئين: يحتمل أَن
يكون لما بين يَدَيْها للأُمم التي بَرَأَها وما خَلْفها للأُمم التي
تكون بعدها، ويحتمل أَن يكون لِما بين يديها لما سَلَفَ من ذنوبها، وهذا
قول الزجاج. وقول الشيطان: ثم لآتِيَنَّهم من بينِ أَيْديهِم ومن خلفهم؛
أَي لأُغُوِيَنَّهم حتى يُكَذِّبوا بما تَقَدَّمَ ويكذِّبوا بأَمر البعث،
وقيل: معنى الآية لآتِيَنَّهم من جميع الجِهات في الضَّلال، وقيل: مِن
بينِ أَيْدِيهِم أَي لأُضِلَّنَّهم في جميع ما تقدَّم ولأُضِلَّنَّهم في
جميع ما يُتَوقَّع؛ وقال الفراء: جعلناها يعني المسخة جُعِلت نَكالاً لِما
مَضَى من الذُّنوب ولما تَعْمَل بَعْدَها. ويقال: بين يديك كذا لكل شيء
أَمامَك؛ قال الله عز وجل: مِن بينِ أَيْدِيهِم ومِن خَلْفِهم. ويقال:
إِنَّ بين يَدَيِ الساعة أَهْوالاً أَي قُدَّامَها. وهذا ما قَدَّمَتْ يَداكَ
وهو تأْكيد، كما يقال هذا ما جَنَتْ يَداك أَي جَنَيْته أَنت إلا أَنك
تُؤَكِّد بها. ويقال: يَثُور الرَّهَجُ بين يَدي المطر، ويَهِيجُ
السِّباب بين يدي القِتال. ويقال: يَدِيَ فلان مِن يَدِه إِذا شَلَّتْ. وقوله عز
وجل: يَدُ اللهِ فوق أَيْديهم؛ قال الزجاج: يحتمل ثلاثة أَوجه: جاء
الوجهان في التفسير فأَحدهما يَدُ اللهِ في الوَفاء فوقَ أَيْديهم، والآخر
يَدُ اللهِ في الثواب فوق أَيْديهم، والثالث، والله أَعلم، يَدُ اللهِ في
المِنّةِ عليهم في الهِدايةِ فَوق أَيْديهم في الطاعة. وقال ابن عرفة في
قوله عز وجل: ولا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتِرِينَه بين أَيديهن
وأَرْجُلِهِنَّ؛ أَي من جميع الجهات. قال: والأَفعال تُنْسَب إِلى الجَوارِح،
قال: وسميت جَوارح لأَنها تَكْتسب. والعرب تقول لمن عمل شيئاً يُوبَّخ به:
يَداك أَوْ كَتا وفُوكَ نَفَخَ؛ قال الزجاج: يقال للرجل إِذا وُبِّخَ ذلك
بما كَسَبَتْ يَداكَ، وإِن كانت اليَدان لم تَجْنِيا شيئاً لأَنه يقال
لكل من عَمِلَ عملاً كسَبَتْ يَداه لأَن اليَدَيْنِ الأَصل في التصرف؛ قال
الله تعالى: ذلك بما كَسَبَتْ أَيْديكم؛ وكذلك قال الله تعالى: تَبَّتْ
يدَا أَبي لَهَبٍ وتَبَّ. قال أَبو منصور: قوله ولا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ
يَفْتَرِينَه بين أَيديهن وأَرجلهن، أَراد بالبُهْتان ولداً تحمله من غير
زوجها فتقول هو من زوجها، وكنى بما بين يديها ورجليها عن الولد لأَن
فرجها بين الرجلين وبطنها الذي تحمل فيه بين اليدين. الأَصمعي: يَدُ الثوب
ما فَضَل منه إِذا تَعَطَّفْت والْتَحَفْتَ. يقال: ثوب قَصيرُ اليَدِ
يَقْصُر عن أَن يُلْتَحَفَ به. وثوبٌ يَدِيٌّ وأَدِيٌّ: واسع؛ وأَنشد
العجاج:بالدَّارِ إِذْ ثَوْبُ الصِّبا يَدِيُّ،
وإِذْ زَمانُ الناسِ دَغْفَلِيُّ
وقَمِيصٌ قصير اليدين أَي قصير الكمين. وتقول: لا أَفعله يَدَ الدَّهْر
أَي أَبداً. قال ابن بري: قال التَّوَّزِيُّ ثوب يَدِيٌّ واسع الكُمّ
وضَيِّقُه، من الأَضداد؛ وأَنشد:
عَيْشٌ يَدِيٌّ ضَيِّقٌ ودَغْفَلِي
ويقال: لا آتِيه يَدَ الدَّهْر أَي الدَّهْرَ؛ هذا قول أَبي عبيد؛ وقال
ابن الأَعرابي: معناه لا آتيه الدهْرَ كله؛ قال الأَعشى:
رَواحُ العَشِيِّ وَسَيْرُ الغُدُوّ،
يَدا الدَّهْرِ، حتى تُلاقي الخِيارا
(* قوله «رواح العشي إلخ» ضبطت الحاء من رواح في الأصل بما ترى.)
الخِيار: المختارُ، يقع للواحد والجمع. يقال: رجل خِيارٌ وقومٌ خِيارٌ،
وكذلك: لا آتيهِ يَدَ المُسْنَدِ أَي الدهرَ كله، وقد تقدَّم أَن
المُسْنَدَ الدَّهْرُ. ويدُ الرجل: جماعةُ قومه وأَنصارُه؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
أَعْطى فأَعْطاني يَداً ودارا،
وباحَةً خَوَّلَها عَقارا
الباحةُ هما: النخل الكثير. وأَعطَيْتُه مالاً عن ظهر يَدٍ: يعني
تفضُّلاً ليس من بيع ولا قَرْضٍ ولا مُكافأَةٍ. ورجل يَدِيٌّ وأَدِيٌّ: رفيقٌ.
ويَدِيَ الرجُلُ، فهو يَدٍ: ضعُفَ؛ قال الكميت:
بأَيْدٍ ما وبَطْنَ وما يَدِينا
ابن السكيت: ابتعت الغنم اليْدَيْنِ، وفي الصحاح: باليَدَيْنِ أَي
بثمنين مُخْتَلِفَيْنِ بعضُها بثمن وبعضُها بثمن آخر. وقال الفراء: باعَ فلان
غنَمه اليدانِ
(* قوله« باع فلان غنمه اليدان» رسم في الأصل اليدان
بالألف تبعاً للتهذيب.) ، وهو أَن يُسلِمها بيد ويأْخُذَ ثمنها بيد. ولَقِيتُه
أَوَّلَ ذات يَدَيْنِ أَي أَوَّلَ شيء. وحكى اللحياني: أَمّا أَوَّلَ
ذات يَدَيْنِ فإِني أَحمدُ اللهَ. وذهب القومُ أَيدي سَبا أَي متفرّقين في
كل وجه، وذهبوا أَيادِيَ سَبا، وهما اسمان جُعلا واحداً، وقيل: اليَدُ
الطَّريقُ ههنا. يقال: أَخذ فلان يَدَ بَحْرٍ إِذا أَخذ طريق البحر. وفي
حديث الهجرة: فأَخَذَ بهم يَدَ البحر أَي طريق الساحل، وأَهلُ سبا لما
مُزِّقوا في الأَرض كلَّ مُمَزَّقٍ أَخذوا طُرُقاً شتَّى، فصاروا أَمثالاً
لمن يتفرقون آخذين طُرُقاً مختلفة. رأَيت حاشية بخط الشيخ رضيّ الدين
الشاطبي، رحمه الله، قال: قال أَبو العلاء المَعري قالت العرب افْتَرَقوا
أَيادِيَ سبا فلم يهمزوا لأَنهم جعلوه مع ما قبله بمنزلة الشيء الواحد،
وأَكثرهم لا ينوّن سبا في هذا الموضع وبعضهم ينوِّن؛ قال ذو الرمة:
فَيَا لَكِ مِنْ دارٍ تَحَمَّلَ أَهلُها
أَيادِي سَباً عنها، وطالَ انْتِقالُها
والمعنى أَن نِعَمَ سبا افترقت في كل أَوْبٍ، فقيل: تفرَّقوا أَيادِيَ
سبا أي في كل وجه. قال ابن بري: قولهم أَيادِي سبا يُراد به نِعَمُهم.
واليَدُ: النِّعْمة لأَنَّ نِعَمَهُم وأَموالَهم تفرَّقَتْ بتفرقهم، وقيل:
اليَدُ هنا كناية عن الفِرْقة. يقال: أَتاني يَدٌ من الناس وعينٌ من
الناس، فمعناه تفرَّقوا تفرُّقَ جَماعاتِ سَبا، وقيل: إِن أَهل سبا كانت يدُهم
واحدة، فلما فَرَّقهم الله صارت يدُهم أَياديَ، قال: وقيل اليدُ هنا
الطريق؛ يقال: أَخذ فلان يدَ بحر أَي طريق بَحرٍ، لأَن أَهل سبا لمَّا
مَزَّقَهم الله أَخَذوا طُرُقاً شتَّى. وفي الحديث: اجْعَلِ الفُسَّاقَ يَداً
يَداً ورِجْلاً رجْلاً فإِنهم إِذا اجتمعوا وَسْوَسَ الشيطانُ بينهم في
الشر؛ قال ابن الأَثير: أَي فَرِّقْ بينهم، ومنه قولهم: تَفَرَّقوا
أَيْدِي سَبا أَي تفرَّقوا في البلاد. ويقال: جاءَ فلان بما أَدت يَدٌ إِلى
يَدٍ، عنذ تأْكيد الإِخْفاق، وهو الخَيْبةُ. ويقال للرجل يُدْعى عليه
بالسوء: لليَدَيْنِ وللفَمِ أَي يَسْقُط على يَدَيْهِ وفَمِه.
عرق: العَرَق: ما جرى من أُصول الشعر من ماء الجلد، اسم للجنس لا يجمع،
هو في الحيوان أَصل وفيما سواه مستعار، عَرِق عَرَقاً. ورجل عُرَقٌ: كثير
العَرَق. فأَما فُعَلَةٌ فبناء مطرد في كل فعل ثلاثي كهُزَأَة، وربما
غُلِّظ بمثل هذا ولم يُشْعَر بمكان اطراده فذكر كما يذكر ما يطرد، فقد قال
بعضهم: رجل عُرَقٌ وعُرَقةٌ كثير العرق، فسوّى بين عُرَقٍ وعُرَقةٍ،
وعُرَقٌ غير مطرد وعُرَقةٌ مطرد كما ذكرنا. وأَعْرَقْتُ الفرس وعَرَّقْتُه:
أَجريته ليعرق. وعَرِقَ الحائطُ عَرَقاً: نَدِيَ، وكذلك الأَرض الثَّرِيّة
إِذا نَتَح فيها الندى حتى يلتقي هو والثرى. وعَرَقُ الزجاجةِ: ما نَتح
به من الشراب وغيره مما فيها. ولَبَنٌ عَرِقٌ، بكسر الراء: فاسدُ الطعم
وهو الذي يُحْقَن في السقاء ويعلَّق على البعير ليس بينه وبين جنب البعير
وقاء، فيَعْرَقُ البعيرُ
ويفسد طعمه عن عَرَقِه فتتغير رائحته، وقيل: هو الخبيث الحمضُ، وقد
عَرِق عَرَقاً. والعرَقُ: الثواب. وعَرَق الخِلال: ما يرشح لك الرجل به أَي
يعطيك للمودة؛ قال الحرث بن زهير العبسي يصف سيفاً:
سأَجْعَلُه مكانَ النُّونِ مِنِّي،
وما أُعْطِيتُه عَرَقَ الخِلالِ
أَي لم يَعْرَق لي بهذا السيف عن مودة إِنما أَخذته منه غضباً، وقيل: هو
القليل من الثواب شبّه بالعرقِ. قال شمر: العرَقُ النفع والثواب، تقول
العرب: اتخذت عنده يداً بيضاء وأُخرى خضراء فما نِلْتُ
منه عَرَقاً أَي ثواباً، وأَنشد بيت الحرث بن زهير وقال: معناه لم
أُعْطَه للمُخالَّة والمودة كما يُعْطي الخليلُ خليلَه، ولكني أَخذته قَسْراً،
والنون اسم سيف مالك بن زهير، وكان حَمَلُ بن بدر أَخذه من مالك يوم
قتَلَه، وأَخذه الحرث من حمل بن بدر يوم قتله، وظاهر بيت الحرث يقضي بأَنه
أَخذ من مالك
(* قوله «من مالك إلخ» كذا بالأصل ولعله من حمل). سيفاً غير
النون، بدلالة قوله: سأَجعله مكان النون أَي سأَجعل هذا السيف الذي
استفدته مكان النون؛ والصحيح في إِنشاده:
ويُخْبِرُهم مكان النون مِّنِي
لأَن قبله:
سيُخْبِرُ قومَه حَنَشُ بن عمرو،
إِذا لاقاهُمُ، وابْنا بِلال
والعَرقُ
في البيت: بمعنى الجزاء: ومَعارِقُ الرمل: أَلعْاطُه وآباطُه على
التشبيه بمَعارِق الحيوان. والعرَق: اللَبنُ، سمي بذلك لأَنه عَرَقٌ يتحلَّب في
العروق حتى ينتهي إِلى الضرع؛ قال الشماخ:
تغدُو وقد ضَمِنَتْ ضَرَّاتها عَرَقاً،
منْ ناصعِ اللونِ حُلْوِ الطعم مجهودِ
والرواية المعروفة غُرَقاً
جمع غُرْقة، وهي القليل من اللبن والشراب، وقيل: هو القليل من اللبن
خاصة؛ ورواه بعضهم: تُصْبح وقد ضمنت، وذلك أَن قبله:
إِن تُمْسِ في عُرْفُطٍ صُلْعٍ جَماجِمُه،
من الأَسالِق، عارِي الشَّوْكِ مَجْرودِ
تصبح وقد ضمنت ضَرَّاتها عَرَقاً،
فهذا شرط وجزاء، ورواه بعضهم: تُضْحِ وقد ضمنت، على احتمال الطيّ.
وعَرِقَ السقاءُ عَرَقاً: نتح منه اللبن. ويقال: إِنَّ بغنمك لعِرْقاً
من لبن، قليلاً كان أَو كثيراً؛ ويقال: عَرَقاً من لبن، وهو الصواب. وما
أَكثر عَرَق إِبلك وغنمك أَي لبَنها ونتاجها. وفي حديث عمر:أَلا لا
تُغالوا صُدُقَ
النساء فإِن الرجال تُغالي بصداقها حتى تقول جَشِمْت إِليك عَرَق
القربة؛ قال الكسائي: عَرَقُ القِرْبة أَن يقول نَصِبْت لك وتكلفت وتعبت حتى
عَرِقْت كعَرَقِ القِرْبة، وعَرَقُها سَيَلانُ مائها؛ وقال أَبو عبيدة:
تكلفت إِليك ما لا يبلغه أَحد حتى تجشَّمْت ما لا يكون لأَن القربة لا
تَعْرَق، وهذا مثل قولهم: حتى يَشيبَ الغُرابُ
ويَبيضَ الفأْر، وقيل: أَراد بعَرقِ القربة عَرَقَ حامِلها من ثِقَلها،
وقيل: أَراد إِني قصدتك وسافرت إِليك واحتجت إِلى عَرَق القربة وهو
ماؤها؛ قال الأَصمعي: عَرق القربة معناه الشدة ولا أَدري ما أَصله؛ وأَنشد
لابن أَحمر الباهلي:
لَيْستْ بمَشْتَمةٍ تُعَدُّ، وعَفْوُها
عَرق السِّقاء على القَعود اللاَّغِبَ
قال: أَراد أَنه يسمع الكلمة تَغِيظه وليست بمشتمة فيُؤاخِذ بها صاحَبها
وقد أُبْلَغتْ
إِليه كعَرَق السقاء على القَعُود اللاغب، وأَراد بالسقاء القربة، وقيل:
لَقِيت منه عَرَقَ
القربة أَي شدَّة ومشقة، ومعناه أَن القربة إِذا عَرِقت وهي مدهونة خبُث
ريحها، وأَنشد بيت ابن أَحمر: ليست بمشتمة، وقال: أَراد عَرَقَ القربة
فلم يستقم له الشعر كما قال رؤبة:
كالكَرْم إِذْ نادَى منَ الكافورِ
وإِنما يقال: صاحَ الكرمُ إِذا نوَّر، فكَرِه احتمال الطيّ لأَن قوله
صاح من الـ مفتعلن فقال نادى، فأَتمَّ الجزء على موضوعه في بحره لأَن نادى
من الـ مستفعلن، وقيل: معناه جَشِمْت إِليك النصَبَ والتعب والغُرْمَ
والمؤونة حتى جَشِمْت إِليك عَرَقَ
القربة أَي عِراقها الذي يُخْرَزُ حولها، ومن قال عَلَقَ القربة أَراد
السيور التي تعلَّق بها؛ وقال ابن الأََعرابي: كَلِفْت إِليك عَرَقَ
القربة وعَلَق القربة، فأَما عَرَقُها فعَرَقُك بها عن جَهْد حَمْلِها وذلك
لأَن أَشدّ الأَعمال عندهم السَّقْيُ، وأَما علقها فما شُدَّت به ثم
عُلِّقت؛ وقال ابن الأَعرابي: عَرَقُ القربة وعَلَقُها واحد، وهو مِعْلاق تحمل
به القربة، وأَبدلوا الراء من اللام كما قالوا لعَمْري ورَعَمْلي. قال
الجوهري: لَقيت من فلان عَرَق القربة؛ العَرَقُ إِنما هو للرجل لا للقربة،
وأَصله أَن القِرَبَ إِنما تْحمِلها الإِماءُ
الزوافر ومَنْ لا مُعِين له، وربما افتقر الرجل الكريم واحتاج إِلى
حملها بنفسه فيَعْرَقُ
لما يلحقه من المشقة والحياء من الناس، فيقال: تجشَّمْت لك عَرَقَ
القربة. وعَرَقُ التمر: دِبْسه. وناقة دائمة العَرَقِ
أَي الدِّرَّة، وقيل: دائمة اللبن. وفي غنمه عَرَقٌ أَي نِتاج كثير؛ عن
ابن الأَعرابي.
وعِرْق كل شيء: أَصله، والجمع أَعْراق وعُروق، ورجل مُعْرِقٌ في الحسب
والكرم؛ ومنه قول قُتَيْلة بنت النضر بن الحرث:
أَمُحَمَّدٌ ولأَنْت ضَنْءُ نَجيبةٍ * في قَوْمها، والفَحْلُ فحلٌ مُعْرِق
أَي عريق النسب أَصيل، ويستعمل في اللؤم أَيضاً، والعرب تقول: إِنَّ
فلاناً لَمُعْرَق له في الكرم، وفي اللؤم أَيضاً. وفي حديث عمر بن عبد
العزيز: إِنَّ امْرَأً ليس بينه وبين آدم أَبٌ حيٌّ لَمُعْرَق له في الموت أَي
إِن له فيه عِرْقاً وإِنه أَصيل في الموت. وقد عَرَّقَ فيه أَعمامُه
وأَخواله وأَعْرقوا، وأَعْرق فيه إِعْراق العبيد والإماء إِذا خالطه ذلك
وتخلَّق بأَخلاقهم. وعَرِّق فيه اللئامُ وأَعْرَقوا، ويجوز في الشعر إِنه
لَمعْروقٌ له في الكرم، على توهم حذف الزائد، وتَداركه أعْراقُ
خير وأَعْراق شر؛ قال:
جَرى طَلَقاً، حتى إِذا قيل سابقٌ،
تَدارَكَه أَعْراقُ سَوْءِ فبَلَّدا
قال الجوهري: أَعْرَق الرجل أَي صار عَريقاً، وهو الذي له عُروق في
الكرم، يقال ذلك في الكرم واللؤم جميعاً. ورجل عَريق: كريم، وكذلك الفرس
وغيره، وقد أَعْرَقَ. يقال: أََعْرَق الفرس كِذا صار عَريقاً
كريماً. والعَريق من الخيل: الذي له عِرْقٌ في الكرم. ابن الأَعرابي:
العُرُقُ أَهل الشرف، واحدُهم عَريق وعَرُوق، والعُرُقُ أَهل السلامة في
الدين. وغلام عَريقٌ: نحيف الجسم خفيف الروح. وعُرُوقُ كلِّ شيء: أَطْبَاب
تَشَعَّبُ منه، واحدها عِرْق. وفي الحديث: إِن ماءَ
الرجل يجري من المرأَة إِذا واقعها في كل عِرْقٍ وعَصَبٍ؛ العِرْق من
الحيوان: الأَجْوَف الذي يكون فيه الدم، والعَصَبُ غير الأَجْوَف.
والعُرُوقُ: عُروقُ الشجر، الواحد عِرْق. وأَعْرَقَ الشجرُ
وعَرَّقَ وتَعَرَّقَ: امتدَّتْ عُروقه في الأَرض. وفي المحكم: امتدَّت
عُروقه بغير تقييد.
والعَرْقاة والعِرْقاة: الأَصل الذي يذهب في الأَرض سُفْلاً وتَشَعَّبُ
منه العُروقُ، وقال بعضهم: أَعْرِقَةٌ وعِرْقَات، فجمع بالتاء.
وعِرْقاةُ كل شيء وعَرْقاته: أَصله وما يقوم عليه. ويقال في الدعاء عليه: استأْصل
الله عَرْقاتَهُ، ينصبون التاء لأَنهم يجعلونها واحدة مؤنثة. قال
الأَزهري: والعرب تقول: استأْصل الله عِرْقاتِهم وعِرْقاتَهُمْ أَي شأْفَتهم،
فعِرْقاتِهم. بالكسر، جمع عِرْق كأَنه عِرْقٌ وعِرْقات كعِرْسَ وعِرْسات
لأَن عِرْساً أُنثى فيكون هذا من المذكر الذي جمع بالأَلف والتاء كسِجِلّ
وسِجِلاَّتٍ وحَمّام وحَمّاماتٍ، ومن قال عِرْقاتَهم أَجْراه مجرى
سِعْلاة، وقد يكون عِرْقاتَهُم جمع عِرْق وعِرْقة كما قال بعضهم: رأَيت بناتَك،
شبهوها بهاء التأْنيث التي في قَناتِهِم وفَتاتِهم لأَنها للتأْنيث كما
أَن هذه له، والذي سمع من العرب الفصحاء عِرْقاتِهِم، بالكسر؛ قال الليث:
العِرْقاةُ من الشجر أُرُومُهُ الأَوسط ومنه تَتَشَعَّب العُروق وهو على
تقدير فِعْلاةٍ؛ قال الأَزهري: ومن كسر التاء في موضع النصب وجعلها جمع
عِرْقَةٍ فقد أَخطأَ، قال ابن جني: سأَل أَبو عمرو أَبا خَيْرَةَ عن قولهم
استأْصل الله عِرْقاتِهم فنصب أَبو خيرة التاء من عِرْقاتِهم، فقال له
أَبو عمرو: هَيْهات أَبا خيرة لانَ جِلْدُك وذلك أَن أَبا عمرو استضعف
النصب بعدما كان سَمِعَها منه بالجر، قال: ثم رواها أَبو عمرو فيما بعد
بالجر والنصب، فإِما أَن يكون سمع النصب من غير أَبي خيرة ممن تُرْضى
عربيته، وإِما أَن يكون قوي في نفسه ما سمعه من أَبي خيرة بالنصب، ويجوز أَيضاً
أَن يكون أَقام الضعف في نفسه فحكى النصبَ
على اعتقاده ضعفه، قال: وذلك لأَن الأعرابي يَنْطِقُ بالكلمة يعتقد أَن
غيرها أَقوى في نفسه، أَلا ترى أَن أَبا العباس حكى عن عُمَارة أَنه كان
يقرأُ ولا الليلُ سابقٌ النهارَ؟ فقال له: ما أَرَدْتَ؟ فقال: أَردتُ
سابقُ النهارِ، فقال له: فهلا قُلْتَه؟ فقال: لو قُلْتُه لكان أَوْزَنَ أَي
أَقوى. والعِرْقُ: نبات أَصفر يصبغ به، والجمع عُروقٌ؛ عن كراع. قال
الأَزهري: والعُروقُ
عُروقُ نباتٍ تكون صُفْراً يصبغ بها، ومنها عُروق حمر يصبغ بها. وفي
حديث عطاء: أَنه كره العُروقَ للمُحْرم؛ العُروقُ نبات أَصفر طيب الريح
والطعم يعمل في الطعام، وقيل: هو جمع واحده عِرْقٌ. وعُروقُ الأَرضِ: شحمها،
وعُروقَها أَيضاً: مَناتِح ثَراها. وفي حديث عِكْرَاش ابن ذُؤَيْبٍ:
أَنه قَدِمَ على النبي، صلى الله عليه وسلم، بإِبلٍ من صدقات قومه كأَنه
عُروقُ الأرْطى؛ الأَرطى: شجر معروف واحدته أَرْطاةٌ. قال الأَزهري: عُروقُ
الأَرطى طِوال حمر ذاهبة في ثَرَى الرمال الممطورة في الشتاء، تراها إِذا
انْتُثِرَتْ واستُخْرِجَت من الثّعرَى حُمْراً ريَّانةً مكتَنِزةً
تَرِقَّ يَقطُر منها الماءُ، فشبَّهَ الإِبل في حُمْرةِ أَلوانها وسِمَنها
وحسنها واكتناز لحومها وشحومها بعُرُوقِ
الأَرْطى، وعُرُوق الأَرْطى يقطر منها الماء لانْسِرابها في رِيِّ
الثَّرَى الذي انْسابَتْ فيه، والظباءُ وبقرُ
الوحش تجيءُ إِليها في حَمْراءِ القَيْظِ فتستثيرها من مَسَاربها
وتَتَرَشَّفُ ماءها فتَجْزأُ به عن وِرْدِ الماءِ؛ قال ذو الرمة يصف ثوراً يحفر
أَصل أَرْطاةٍ لِيَكْنِسَ فيه من الحرِّ:
تَوَخَّاهُ بالأَظْلافِ، حتى كأَنَّما
يُثِير الكُبابَ الجَعْد عن مَتْنَ محْمَلِ
وقول امرئ القيس:
إِلى عِرْقِ الثَّرَى وشَجَتْ عَرُوقي
قيل: يعني بِعرْقِ الثَّرَى إِسمعيلَ بن إِبراهيم، عليهما السلام.
ويقال: فيه عِرْقٌ من حُموضةٍ ومُلوحةٍ أَي شيء يسير. والعِرْقُ: الأَرض
المِلْح التي لا تنبت. وقال أَبو حنيفة: العِرْقُ سَبَخَةٌ تنبت الشجر.
واسْتَعْرَقَتْ إِبِلكُم: أَتت ذلك المكان. قال أَبو زيد: اسْتَعَرقت الإِبل
إِذا رعت قُرْب البحر. وكل ما اتصل بالبحر من مَرْعىً فهو عِراقٌ. وإِبل
عِراقيَّة: منسوبة إِلى العِرْقِ، على غير قياس. والعِراقُ: بقايا الحَمْض.
وإِبل عِراقيَّةٌ: ترعى بقايا الحمض. وفيه عِرْقٌ من ماءٍ أَي قليل.
والمُعْرَقُ من الخمر: الذي يمزج ليلاً مثلَ
العِرْقِ كأَنه جُعل فيه عِرْقٌ من الماء؛ قال البُرْجُ بن مُسْهِرٍ:
ونَدْمانٍ يَزيدُ الكَأْسَ طِيباً
سَقَيْتُ، إِذا تَغَوَّرَتِ النجومُ
رفَعْتُ برأْسِه وكشفتُ عنه،
بمُعْرَقة، ملامةَ من يَلومُ
ابن الأَعرابي: أَعْرَقْتُ
الكأْسَ وعَرَّقْتُها إِذا أَقللت ماءها؛ وأَنشد للقطامي:
ومُصَرَّعينَ من الكَلالِ، كأَنَّما
شَرِبوا الغَبُوقَ من الطِّلاءِ المُعْرَق
وعَرَّقْتُ في السِّقاء والدلو وأَعْرَقْتُ: جعلت فيهما ماء قليلاً؛
قال:
لا تَمْلإِ الدَّلْوَ وعَرِّقْ فيها،
أَلا تَرَى حَبَارَ مَنْ يَسْقِيها؟
حَبَار: اسم ناقته، وقيل: الحَبَار هنا الأَثَر، وقيل: الحَبَار هيئة
الرجل في الحسن والقبح؛ عن اللحياني. والعُرَاقَةُ: النَّطْفة من الماء،
والجمع عُرَاق وهي العَرْقَاة. وعمل رجل عملاً فقال له بعض أَصحابه:
عرَّقْت فَبرَّقْتَ؛ فمعنى بَرَّقْت لوَّحْت بشيء لا مصْداق له، ومعنى عَرَّقْت
قلَّلت، وهو مما تقدم، وقيل: عَرَّقْت الكأْسَ مزجتها فلم يعيَّنِ
بقلَّة ماء ولا كثرة. وقال اللحياني: أَعْرَقْتُ الكأْسَ ملأْتها. قال: وقال
أَبو صفوان الإِعْراقُ والتَّعْرِيقُ دون المَلْءِ؛ وبه فسَّر قوله:
لا تَمْلإِ الدَّلْوَ وعَرِّق فيها
وفي النوادر: تركت الحق مُعْرقاً وصادِحاً وسانِحاً أَي لائِحاً
بيِّناً. وإِنه لخبيث العَرْق أَي الجسد، وكذلك السِّقاء. وفي حديث إِحيْاء
المَواتِ: مَن أَحْياء أَرضاً ميتة فهي له، وليس لِعِرْق ظالم حقٌّ؛ العِرْقُ
الظالم: هو أَن يجيء الرجل إِِلى أَرض قد أَحياها رجل قبله فيغرس فيها
غرساً غصباً أَو يزرع أَو يُحْدِثَ فيها شيئاً ليستوجب به الأَرضَ؛ قال
ابن الأَثير: والرواية لعِرْقٍ ، بالتنوين، وهو على حذف المضاف، أَي لذي
عِرْقٍ ظالم، فجعَلَ العِرْقَ نفسه ظالماً والحَقَّ
لصاحبه، أَو يكون الظالم من صفة صاحب العرق، وإِن روي عِرْق بالإِضافة
فيكون الظالمُ صاحبَ العِرْق والحقُّ للعِرْقِ، وهو أَحد عُروق الشجرة؛
قال أَبو علي: هذه عبارة اللغويين وإِنما العِرْقُ المَغْروسُ أَو المَوْضع
المَغْروس فيه. وما هو عندي بَعرْقِ مَضِنَّة أَي ما لَه قَدْر،
والمعروف عِلْقُ مَضِنَّةٍ، وأَرى عِرْقَ
مَضِنَّةٍ إِنما يستعمل في الجحد وحده. ابن الأَعرابي: يقال عِرْقُ
مَضِنَّةٍ وعِلْقُ مَضِنَّةٍ بمعنى واحد، سمي عِلْقاً لأَنه عَلِقَ به لحبِّه
إِياه، يقال ذلك لكل ما أَحبه.
والعُرَاقُ: المطر الغزير: والعُراقُ: العظيم بغير لحم، فإِن كان عليه
لحم فهو عَرْق؛ قال أَبو القاسم الزجاجي: وهذا هو الصحيح؛ وكذلك قال أَبو
زيد في العُرَاقِ واحتج بقول الراجز:
حَمْراءُ تَبْرِي اللحمَ عن عُرَاقِها
أَي تبري اللحم عن العظم. وقيل: العَرْقُ الذي قد أُخِذَ أَكثر لحمه.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، دخل على أُم سَلَمة وتناول
عَرْقاً ثم صلى ولم يتوضأْ. وروي عن أُم إِسحق الغنويّة: أَنها دخلت على
النبي، صلى الله عليه وسلم، في بيت حَفْصة وبين يديه ثَرِيدةٌ، قالت
فناولني عَرْقاً؛ العَرْقُ، بالسكون: العظم إِذا أُخذ عنه معظم اللحم وهَبْرُهُ
وبقي عليها لحوم رقيقة طيبة فتكسر وتطبخ وتؤْخذ إِهالَتُها من طُفاحتها،
ويؤكل ما على العظام من لحم دقيق وتُتَمَشَّش العظامُ، ولحمُها من أَطيب
اللُّحْمانِ عندهم؛ وجمعه عُرَاقٌ؛ قال ابن الأَثير: وهو جمع نادر.
يقال: عَرَقْتُ العظمَ وتَعَرَّقْتُه إِذا أَخذتَ اللحم عنه بأَسنانك
نَهْشاً. وعظم مَعْروقٌ إذا أُلقي عنه لحمه؛ وأَنشد أَبو عبيد لبعض الشعراء
يخاطب امرأَته:
ولا تُهْدِي الأَمَرَّ وما يَليهِ،
ولا تُهْدِنَّ مَعْروقَ العِظامِ
قال الجوهري: والعَرْقُ مصدر قولك عَرَقْتُ العظم أَعْرُقُه، بالضم،
عَرْقاً ومَعْرقاً؛ وقال:
أَكُفُّ لساني عن صَديقي، فإِن أُجَأْ
إِليه، فإِنِّي عارقٌ كلَّ مَعْرَقِ
والعَرْق: الفِدْرة من اللحم، وجمعها عُرَاقٌ، وهو من الجمع العزيز. قال
ابن السكيت: ولم يجئ شيء من الجمع على فُعالٍ
إِلا أَحرف منها: تُؤَامٌ جمع تَوْأَمٍ، وشاة رُبَّى وغنم رُبابٌ،
وظِئْرٌ وظُؤَارٌ، وعَرْقٌ وعُرَاقٌ، ورِخْلٌ ورُخالٌ، وفَريرٌ وفُرارٌ، قال:
ولا نظير لها؛ قال ابن بري: وقد ذكر ستة أَحرف أُخَر: وهي رُذَال جمع
رَذْل، ونُذَال جمع نَذْلٍ، وبُسَاط جمع بُسْط للناقة تُخَلَّى مع ولدها لا
تمنع منه، وثُنَاء جمع ثِنْيٍ للشاة تلد في السنة مرتين، وظُهار جمع
ظَهْرٍ للريش على السهم، وبُرَاءٌ جمع بَرِيءٍ، فصارت الجملة اثني عشر حرفاً.
والعُرامُ: مثل العُراقِ، قال: والعِظام إِذا لم يكن عليها شيء من اللحم
تسمى عُرَاقاً، وإِذا جردت من اللحم
(* قوله «جردت من اللحم» يعني من
معظمه.) تسمى عُراقاً. وفي الحديث: لو وجد أَحدُهم عَرْقاً سميناً أَو
مَرْمَاتَيْنِ. وفي حديث الأَطعمة: فصارت عَرْقَهُ، يعني أَن أَضلاع السِّلْق
قامت في الطبيخ مقام قِطَعِ اللحم؛ هكذا جاءَ في رواية، وفي أُخرى
بالغين المعجمة والفاء، يريد المَرَق من الغَرْفِ. أَبو زيد: وقول الناس
ثَريدةٌ كثيرة العُرَاقِ خطأٌ لأَن العُراقَ العظام، ولكن يقال ثريدة كثيرة
الوَذَرِ؛ وأَنشد:
ولا تُهْدِنَّ مَعْرُوقَ العظام
قال: ومَعْروق العظام مثل العُراق، وحكى ابن الأَعرابي في جمعه عِراقٌ،
بالكسر، وهو أَقيس؛ وأَنشد:
يَبِيت ضَيْفي في عِراقٍ مُلْسِ،
وفي شَمولٍ عُرِّضَتْ للنَّحْسِ
أَي مُلْسٍ من الشحم، والنَّحْسُ: الريح التي فيها غَبَرةٌ.
وعَرَقَ العظمَ يَعْرُقُه عَرْقاً وتَعَرَّقَه واعْتَرَقَه: أَكل ما
عليه. والمِعْرَقُ: حديدة يُبْرَى بها العُرَاق من العظام. يقال: عَرَقْتُ
ما عليه من اللحم بِمعْرَقٍ أَي بشَفْرة، واستعار بعضهم التَّعَرُّقَ في
غير الجواهر؛ أَنشد ابن الأَعرابي في صفة إِبل وركب:
يَتَعرَّقون خِلالَهُنَّ، ويَنْثَني
منها ومنهم مُقْطَعٌ وجَرِيحُ
أَي يستديمون حتى لا تبقى قوة ولا صبر فذلك خِلالهن، وينثني أَي يسقط
منها ومنهم أَي من هذه الإِبل. وأَعْرَقَه عَرْقاً: أَعطاه إِياه؛ ورجل
مَعْروقٌ، وفي الصحاح: مَعْروقُ
العظام، ومُعْتَرَقٌ ومُعَرِّقٌ قليل اللحم، وكذلك الخد. وفرس مَعْروقٌ
ومُعْتَرقٌ إِذا لم يكن على قصبه لحم، ويستحب من الفرس أَن يكون
مَعْروقَالخدّين؛ قال:
قد أَشْهَدُ الغارةً الشَّعْواءَ، تَحْمِلُني
جَرْداءُ مَعْروقةُ اللَّحْيَينِ سُرْحوبُ
ويروى: مَعْروقةُ الجنبين، وإِذا عَرِيَ لَحْياها من اللحم فهو من
علامات عِتْقها. وفرس مُعَرَّق إِذا كان مُضَمَّراً يقال: عَرِّقْ
فرسك تَعْريقاً أَي أَجْرِهِ حتى يَعْرَقَ ويَضْمُر ويذهب رَهَلُ لحمه.
والعَوارِقُ: الأَضراس، صفة غالبة. والعَوارِقُ: السنون لأَنها تَعْرُق
الإِنسان، وقد عرَقَتْه تَعْرُقه وتَعَرَّقَته؛ وأَنشد سيبويه:
إِذا بََعْضُ السِّنينَ تَعَرَّقَتْنا،
كَفَى الأَيْتامَ فَقْدُ أَبي ا ليَتيمِ
أَنث لأَن بعض السنين سنون كما قالوا ذهبت بعض أَصابعه، ومثله كثير.
وعَرَقَتْه الخُطوب تَعْرُقه: أَخذت منه؛ قال:
أَجارَتَنا، كلُّ امرئٍ سَتُصِيبُه
حَوادثُ إِلاَّ تَبْتُرِ العظمَ تَعْرُقِ
وقوله أَنشده ثعلب:
أَيام أَعْرَقَ بي عامُ المَعاصيمِ
فسره فقال: معناه ذهب بلحمي، وقوله عام المعاصيم، قال: معناه بلغ الوسخ
إِلى مَعاصِمي وهذا من الجَدْب، قال ابن سيده: ولا أَدري ما هذا التفسير،
وزاد الياء في المَعاصِمِ ضرورةً. والعَرَقُ: كل مضفورٍ مُصْطفّ، واحدته
عَرَقَةٌ؛ قال أَبو كبير:
نَغْدُو فنَتْرك في المَزاحِف من ثَوى،
ونُقِرُّ في العَرَقاتِ من لم يُقْتَلِ
يعني نأْسِرهم فنشدهم في العَرَقاتِ. وفي حديث المظاهر: أَنه أُتِيَ
بعَرَقٍ من تمر؛ قال ابن الأَثير: هو زَبِيلٌ منسوج من نسائج الخُوص.
وكل شيء مضفورٍ فهو عَرَقٌ وعَرَقَة، بفتح الراء فيهما؛ قال الأَزهري: رواه
أَبو عبيد عَرَق وأَصحاب الحديث يخففونه. والعَرَقُ: السَّفِيفةُ
المنسوجة من الخوص قبل أَن تجعل زَبِيلاً. والعَرَقُ والعَرَقةُ: الزَّبيل
مشتق من ذلك، وكذلك كل شيء يَصْطَفّ. والعَرَقُ: الطير إِذا صَفَّتْ في
السماء، وهي عَرَقة أَيضاً. والعَرَقُ: السطر من الخيلِ
والطيرِ، الواحد منها عَرَقة وهو الصف؛ قال طفيل الغنوي يصف الخيل:
كأَنَّهُنَّ وقد صَدَّرْنَ من عَرَقٍ
سِيدٌ، تَمَطَّر جُنْحَ الليل، مَبْلولُ
قال ابن بري: العَرَقُ جمع عَرَقَةٍ وهي السطر من الخيل، وصَدَّرَ
الفرسُ، فهو مُصَدِّر إِذا سبق الخيل بصَدْره؛ قال دكين:
مُصَدِّر لا وَسَط ولا تالْ
وصَدِّرْنَ: أَخرجن صُدُورهن من الصف، ورواه ابن الأَعرابي: صُدِّرْنَ
من عَرَقٍ أَي صَدَرْن بعدما عَرِقْنَ، يذهب إِلى العَرَق الذي يخرج منهن
إِذا أُجرين؛ يقال: فرس مُصَدَّر إِذا كان يعرق صَدْرُه. ورفعتُ
من الحائط عَرَقاً أَو عَرَقَيْنِ
أَي صفّاً أَو صفَّين، والجمع أَعْراقٌ. والعَرَقةُ: طُرَّةٌ تنسج وتخاط
في طرف الشُّقَّة، وقيل: هي طرة تنسج على جوانب الفُسْطاط. والعَرَقةُ:
خشيبة تُعَرَّضُ
على الحائط بين اللَّبِنِ؛ قال الجوهري: وكذلك الخشبة التي توضع
مُعْتَرِضة بين سافَي الحائط. وفي حديث أَبي الرداء: أَنه رأَى في المسجد
عَرَقَةً فقال غَطُّوها عنّا؛ قال الحربي: أَظنها خشبة فيها صورة. والعَرَقةُ:
آثار اتباع الإِبل بعضها بعضاً، والجمع عَرَقٌ؛ قال:
وقد نَسَجْنَ بالفَلاة عَرَقا
والعَرَقةُ: النِّسْعةُ. والعَرَقاتُ: النُّسوع.
قال الأَصمعي: العِراقُ الطِّبابَةُ وهي الجلدة التي تغطى بها عُيون
الخُرَزِ، وعِراقُ المزادة: الخَرْز المَثْنِيّ في أَسفلها، وقيل: هو الذي
يجعل على ملتقى طرفي الجلد إِذا خُرِزَ في أَسفل القربة، فإِذا سوي ثم
خُرِزَ عليه غير مَثْنِيّ فهو طِباب؛ قال أَبو زيد: إِذا كان الجلد أَسفل
الإداوَةِ مَثْنيّاً ثم خرز عليه فهو عِراقٌ، والجمع عُرُق، وقبل عِراقُ
القربة الخَرْز الذي في وسطها؛ قال:
يَرْبوعُ ذا القَنازِع الدِّقاقِ،
والوَدْع والأَحْوِية الأَخْلاقِ،
بِي بِيَ أَرْياقكَ من أَرياقِ
وحيث خُصيْاكَ إِلى المَآقِ،
وعارِض كجانب العِراقِ
هذا أَعرابي ذكره يونس أَنه رآه يرقص ابنه وسمعه ينشد هذه الأَبيات؛
قوله:
وعارض كجانب العِراقِ
العارض ما بين الثنايا والأَضراس، ومنه قيل للمرأَة مصقولٌ عوارضُها،
وقوله كجانب العِراقِ، شبَّه أَسنانه في حسن نِبْتتها واصطفافها على نَسَقٍ
واحد بِعِراقِ المزادة لأَن خَرْزَهُ مُتَسَرِّد مُسْتَوٍ؛ ومثله قول
الشماخ وذكر أُتُناً ورَدْنَ وحَسَسْنَ بالصائد فنفَرْن على تتابع واستقامة
فقال:
فلما رأَينَ الماءَ قد حالَ دونَه
ذُعاقٌ، على جَنْبِ الشَّرِيعةِ، كارِزُ
شَكَكْنَ، بأَحْساءَ، الذِّنابَ على هُدًى،
كما شَكَّ في ثِنْي العِنانِ الخَوارزُ
وأَنشد أَبو علي في مثل هذا المعنى:
وشِعْب كَشَكِّ الثوبِ شكْسٍ طَريقُهُ،
مَدارجُ صُوحَيْهِ عِذاب مَخاصِرُ
عنى فَماً
حسن نِبْتَة الأَضراس متناسقَها كتناسق الخياطة في الثوب، لأَن الخائط
يضع إِبرة إِلى أُخرى شَكّعة في إِثْرِ شَكَّةٍ، وقوله شَكْسٍ طريقُه عنى
صغره، وقيل: لصعوبة مرامه، ولما جعله شِعْباً لصغره جعل له صُوحَيْن وهما
جانبا الوادي كما تقدم؛ والدليل على أَنه عنى فَماً قوله بعد هذا:
تَعَسَّفْتُه باللَّيْل لم يَهْدِني له
دليلٌ، ولم يَشْهَدْ له النَّعْتَ جابرُ
أَبو عمرو: العِراقُ
تقارب الخَرْز؛ يضرب مثلاً للأَمر، يقال: لأَمره عِراق إِذا استوى، وليس
له عِراقٌ، وعِراقُ السُّفْرة: خَرْزُها المحيط بها. وعَرَقْت المزادة
والسفرة، فهي مَعْروقة: عملت لها عِراقاً. وعِراقُ الظفر: ما أَحاط به من
اللحم. وعِراقُ الأُذن: كفافُها وعِراقُ الرَّكِيبِ: حاشيته من أَدناه
إِلى منتهاه، والرَّكيبُ: النهر الذي يدخل منه الماء الحائط، وهو مذكور في
موضعه، والجمع من كل ذلك أَعْرِقَةٌ وعُرُق.
والعِراقُ: شاطئ الماء، وخص بعضهم به شاطئ البحر، والجمع كالجمع.
والعِراقُ: من بلاد فارس، مذكر، سمي بذلك لأَنه على شاطئ دِجْلَةَ، وقيل:
سُمِّيَ عِراقاً لقربه من البحر، وأَهل الحجاز يسمون ما كان قريباً من
البحر عِراقاً، وقيل: سمي عِراقاً لأَنه اسْتَكَفّ أَرض العرب، وقيل: سمي به
لتَواشُج عُروق الشجر والنخل به كأَنه أَراد عِرْقاً ثم جمع على عِراقٍ،
وقيل: سَمَّى به العجمُ، سَمَّتْه إِيرانْ شَهْر، معناه: كثيرة النخل
والشجر، فعربَ
فقيل عِراق؛ قال الأَزهري: قال أَبو الهيثم زعم الأَصمعي أَن تسميتهم
العِراقَ
اسم عجمي معرب إِنما هو إِيرانْ شَهْر، فأَعربته العرب فقالت عِراق،
وإِيران شَهْر موضع الملوك؛ قال أَبو زبيد:
ما نِعِي بابَة العِراقِ من النا
سِ بِجُرْدٍ، تَغْدُو بمثل الأُسُود
ويروى: باحَة العِراقِ، ومعنى بابة العِراقِ ناحيته، والباحة الساحة،
ومنه أَباح دارهم. الجوهري: العِراقُ بلاد تذكر وتؤنث وهو فارسي معرب. قال
ابن بري: وقد جاء العِراقُ اسماً لِفناء الدار؛ وعليه قول الشاعر:
وهل بِلحاظ الدارِ والصَّحْنِ مَعْلَمٌ،
ومن آيِهِا بِينُ العِراقِ تَلُوح؟
واللِّحاظُ هنا: فِناء الدار أَيضاً، وقيل: سمي بعِراقِ المَزادة وهي
الجلدة التي تجعل على ملتقى طرفي الجلد إِذا خُرِزَ في أَسفلها لأَن
العِراقَ بين الرَّيف والبَرّ، وقيل: العِراقُ
شاطئ النهر أَو البحر على طوله، وقيل لبلد العِراقِ
عِراقٌ لأَنه على شاطئ دِجْلَة والفُراتِ
عِداءً
(* قوله «عداء» أي تتابعاً، يقال: عاديته إذا تابعته؛ كتبه محمد
مرتضى كذا بهامش الأصل). حتى يتصل بالبحر، وقيل: العِراقُ معرب وأَصله
إِيرَاق فعربته العرب فقالوا عِرَاق. والعِرَاقانِ: الكوفة والبصرة؛ وقوله:
أَزْمان سَلْمَى لا يَرَى مِثْلَها الرْ
رَاؤونَ في شَامٍ، ولا في عِرَاقْ
إِنما نكَّره لأَنه جعل كل جزء منه عِراقاً.
وأَعْرَقْنا: أَخذنا في العِرَاقِ. وأَعْرَقَ القومُ: أَتوا العِراقَ؛
قال الممزَّق العبدي:
فإِن تُتْهِمُوا، أُنْجِدْ خلافاً عليكُمُ،
وإِن تُعْمِنُوا مُسْتَحْقِي الحَرْب، أُعْرِقِ
وحكى ثعلب اعْتَرقوا في هذا المعنى، وأَما قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
إِذا اسْتَنْصَلَ الهَيْقُ السَّفا، بَرَّحَتْ به
عِرَاقِيَّةُ الأَقْياظِ نُجْدُ المَرابِعِ
نُجْدٌ ههنا: جمع نَجْدِيّ كفارسي وفُرْس، فسره فقال: هي منسوبة إِلى
العِرَاقِ
الذي هو شاطئ الماء، وقيل: هي التي تطلب الماء في القيـظ. والعِرَاقُ:
مياه بني سعد بن مالك وبني مازِن، وقال الأَزهري في هذا المكان: ويقال
هذه إِبل عِرَاقيَّة، ولم يفسر. ويقال: أَعْرَقَ الرجلُ، فهو مُعْرِقٌ إِذا
أَخذ في بلد العِرَاقِ.
قال أَبو سعيد: المُعْرِقةُ طريق كانت قريشٌ تسلكه إِذا سارت إِلى الشام
تأْخذ على ساحل البحر، وفيه سلكت عِيرُ قريشٍ حين كانت وقعة بدر. وفي
حديث عمر: قال لسلمان أَين تأْخذ إِذا صَدَرْتَ؟ أَعَلَى المُعَرِّقةِ أَم
على المدينة؟ ذكره ابن الأَثير المُعَرِّقَة وقال: هكذا روي مشدَّداً
والصواب التخفيف. وعِرَاقُ الدار: فناء بابها، والجمع أَعْرِقَة وعُرُق.
وجرى الفرس عَرَقاً أَو عَرَقَيْن أَي طَلَقاً أَو طَلَقْينِ .
والعَرَقُ: الزبيب، نادر. والعَرَقةُ الدِّرَّةُ التي يضرب بها.
والعَرْقُوَةُ: خشبة معروضة على الدلو، والجمع عَرْقٍ، وأَصله عَرْقُوٌ
إِلا أَنه ليس في الكلام اسم آخره واو قبلها حرف مضموم، إِنما تُخَصُّ
بهذا الضرب الأَفْعال نحو سَرُوَ وبَهُوَ ودَهُوَ؛ هذا مذهب سيبوبه وغيره
من النحويين، فإِذا أَدى قياس إِلى مثل هذا في الأَسماء رفض فعدلوا إِلى
إِبدال الواو ياء، فكأَنهم حولوا عَرْقُواً إِلى عَرْقِي ثم كرهوا الكسرة
على الياء فأَسكنوها وبعدها النون ساكنة، فالتقى ساكنان فحذفوا الياء
وبقيت الكسرة دالة عليها وثبتت النون إشعاراً
بالصرف، فإِذا لم يَلْتَقِ ساكنان ردّوا الياء فقالوا رأَيت عَرْقِيَها
كما يفعلون في هذا الضرب من التصريف؛ أَنشد سيبويه:
حتى تَقُضّي عَرْقِيَ الدُّلِيِّ
والعَرْقاةُ: العَرْقُوَةُ؛ قال:
احْذَرْ على عَيْنَيْكَ والمَشَافِرِ
عَرْقاةَ دَلْوٍ كالعُقابِ الكاسِرِ
شبهها بالعقاب في ثقلها، وقيل: في سرعة هُوِيِّها، والكاسر، التي تكسر
من جناحها للانْقِضاضِ. وعَرْقَيْتُ
الدلو عَرْقاةً: جعلت لها عَرْقُِوَةً وشددتها عليها. الأَصمعي: يقال
للخشبتين اللتين تعترضان على الدلو كالصليب العَرْقُوَتانِ
وهي العَراقي، وإِذا شددتهما على الدلو قلت: قد عَرْقَيْتُ
الدلو عَرْقاةً. قال الجوهري: عَرْقُوَةُ الدلو بفتح العين، ولا تقل
عُرْقُوَة، وإنما يُضَمّ فُعْلُوَةٌ إِذا كان ثانيه نوناً
مثل عُنْصُوَة، والجمع العَراقي؛ قال عديّ بن زيد يصف فرساً:
فَحَمَلْنا فارساً، في كَفِّهِ
راعِبيٌّ في رُدَيْنيٍّ أَصَمُّ
وأَمَرْناه بهِ من بَيْنِها،
بعدما انْصاعَ مُصِرّاًّ أَو كَصَمْ
فهي كالدَّلْوِ بكفّ المُسْتَقِي،
خُذِلَتْ منها العَرَاقي فانْجَذَمْ
أَراد بقوله منها: الدلو، وبقوله انْجَذم: السَّجْلَ لأَن السَّجْلَ
والدلوَ واحِد، وإِن جَمَعْتَ بحذف الهاء قلت عَرْقٍ وأَصله عَرْقُوٌ، إِلا
أَنه فعل به ما فعل بثلاثة أَحْق في جمع حَقْوٍ. وفي الحديث: رأيت كأَن
دَلْواً دُلِّيت من السماء فأَخذ أَبو بكر بعَراقِيها فشرب؛ العَراقي: جمع
عَرْقُوة الدلو. وذاتُ العَراقي: الداهية، سميت بذلك لأَن ذاتَ
العَرَاقي هي الدلو والدلو من أَسماء الداهية. يقال: لقيت منه ذات
العَرَاقي؛ قال عوف بن الأَحوص:
لَقِيتُمْ، من تَدَرُّئِكُمْ علينا
وقَتْلِ سَرَاتِنا، ذاتَ العَراقي
والعَرْقُوَتانِ
من الرَّحْل والقَتَب: خشبتان تضمان ما بين الواسط والمُؤَخَّرةِ.
والعَرْقُوَةُ: كل أَكَمة منقادة في الأَرض كأَنها جَثْوةُ
قبر مستطيلة. ابن شميل: العَرْقُوَة أَكمة تنقاد ليست بطويلة من الأَرض
في السماء وهي على ذلك تشرف على ما حولها، وهو قريب من الأَرض أَو غير
قريب، وهي مختلفة، مكانٌ منها ليّن ومكانٌ منها غليظ، وإِنما هي جانب من
أَرض مستوية مشرف على ما حوله. والعَرَاقي: ما اتصل من الإِكامِ وآضَ كأَنه
جُرْف واحد طويل على وجه الأَرض، وأَما الأَكمة فإِنها تكون مَلْمُومة،
وأَما العَرْقُوَةُ فتطول على وجه الأَرض وظهرها قليلة العرض، لها سَنَد
وقبلها نِجاف وبِرَاق ليس بسَهْل ولا غليظ جداًّ يُنْبِت، فأَما ظهره
فغليظ خَشِنٌ لا يُنْبتُ خَيراً. والعَرْقُوَةُ والعَراقي من الجبال:
الغليظُ المنقاد في الأَرض يمنعك من عُلْوِهِ وليس يُرتَقى لصعوبته وليس بطويل،
وهي العِرْقُ
أَيضاً؛ قال الأَزهري: وبه سمِّيت الداهية ذات العَراقي، وقيل: العِرْق
جُبَيْل صغير منفرد؛ قال الشماخ:
ما إِنْ يَزال لها شَأْوٌ يقَدِّمُها
مُجَرَّبٌ، مثل طُوطِ العِرْقِ، مَجْدول
وقيل: العِرْقُ الجبل وجمعه عُرُوق. والعَراقي عند أَهل اليمن:
التَّراقي.
وعَرَقَ
في الأَرض يَعْرِقُ عَرْقاً وعرُوقاً: ذهب فيها. وفي الحديث: قال ابن
الأَكْوَعِ فخرج رجل على ناقة وَرْقاءَ وأَنا على رَحْلي فاعْتَرَقَها حتى
أَخَذَ بِخطامها، يقال: عَرَقَ
في الأَرض إِذا ذهب فيها. وفي حديث وائل بن حجر أَنه قال لمعاوية وهو
يمشي في ركابه: تَعَرَّقْ في ظل ناقتي أَي امش في ظلها وانتفع به قليلاً
قليلاً. والعَرَقُ: الواحد من أَعْرَاق الحائط، ويقال: عَرِّقْ عَرَقاً أَو
عَرَقين. أَبو عبيد: عَرِقَ إِذا أَكل، وعَرِقَ إِذا كسل. وصارَعَهُ
فتَعَرَّقَهُ: وهو أَن تأْخذ رأْسه فتجعله تحت إِبطك تصرعه بعد.
وعِرْقٌ وذات عِرْق والعِرْقانِ والأَعْراق وعُرَيْقٌ، كلها: مواضع. وفي
الحديث: أَنه وَقَّت لأهل العِراق ذات عِرْقٍ؛ هو منزل معروف من منازل
الحاجِّ يُحْرِمُ أَهل العِراق بالحج منه، سمِّي به لأَن فيه عِرْقاً وهو
الجبل الصغير، وقيل: العِرْقُ من الأَرض سَبَخَة تنبت الطَّرْفاءَ؛ وعلِم
النبي، صلى الله عليه وسلم،أَنهم يُسْلمون ويَحُجُّون فبيَّن ميقاتهم.
قال ابن السكيت: ما دون الرمل إِلى الريف من العِراقِ يقال له عِراقٌ، وما
بين ذاتِ عِرْقٍ إِلى البحر غَوْرٌ وتِهامةُ، وطَرَفُ تِهامةَ
من قِبَل الحجاز مدارج العَرْج، وأَولها من قِبَلِ
نَجْدٍ مدارج ذات عِرْقٍ. قال الجوهري: ذات عِرْقٍ موضع بالبادية. وفي
حديث جابر: خرجوا يَقُودون به حتى لما كان عند العِرْقِ من الجبلِ
الذي دون الخَنْدق نَكَّبَ. وفي حديث ابن عمر: أَنه كان يصلي إِلى
العِرْقِ الذي في طريق مكة. ابن الأَعرابي: عُرَيْقة بلاد باهِلَةَ بِيَذْبُل
والقَعاقِع؛ وعارِقٌ: اسم شاعر من طيِّءٍ؛ سمي بذلك لقوله:
لَئِنْ لم تُغَيِّرْ بعض ما قد صَنَعْتُمُ،
لأَنْتَحِيَنْ للعظمِ ذُو أَنا عارِقُهْ
قال ابن بري: هو لقَيْس بن جِرْوَةَ. وابن عِرْقانَ: رجل من العرب.
بحح: البُحَّة والبَحَحُ والبَحاحُ والبُحُوحةُ والبَحاحةُ: كلُّه
غِلَظٌ في الصوت وخُشُونة، وربماكان خِلْقَةً. بَحَّ يَبَحُّ
(* قوله «بح يبح
إلخ» بابه فرح ومنع كما في القاموس. ووجد يبح بضم الباء بضبط الأصل
والنهاية وعليه فيكون من باب قعد أَيضاً.) ويَبُحُ: كذا أَطلقه أَهل
التَّجْنِيسِ وحَلَّه ابنُ السكيت فقال: بَحِجْتَ، بالكسر، تَبَحُّ بَحَحاً. وفي
الحديث: فأَخَذَتِ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، بُحَّةٌ؛ البُحَّةُ،
بالضم: غِلَظٌ في الصوت. يقال: بَحَّ يَبُحُّ بُحوحاً، وإِن كان من داء، فهو
البُحاحُ. ورجل أَبَحُّ بَيِّنُ البَحَحِ إِذا كان ذلك فيه خلقة. قال
الأَزهري: البَحَحُ مصدر الأَبَحِّ. قال ابن سيده: وأُرى اللحياني حكى
بَحَحْتَ تَبْحَحُ، وهي نادرة لأَن مثل هذا إِنما يدغم ولا يفك، وقال: رجل
أَبَحُّ ولا يقال باحٌّ؛ وامرأَة بَحَّاءُ وبَحَّة؛ وفي صوته بُحَّة، بالضم.
ويقال: ما زِلْتُ أَصِيحُ حتى أَبَحَّني ذلك. قال الأَزهري: بحِحْتُ
أَبَحُّ هي اللغة العالية، قال: وبَحَحْتُ، بالفتح، أَبَحُّ، لغة؛ وقول
الجعْدي يصف الدينار:
وأَبَحَّ جُنْدِيٍّ، وثاقِبةٍ
سُبِكَتْ، كَثاقِبةٍ من الجَمْرِ
أَراد بالأَبَحِّ: ديناراً أَبَحَّ في صوته. جُنْدِيّ: ضُرِبَ بأَجْنادِ
الشام. والثاقبة: سَبِيكَة من ذهب تَثْقُبُ أَي تتقد.
والبَحَحُ في الإِبل: خُشُونة وحَشْرَجةٌ في الصدر. بعير أَبَحُّ وعيودٌ
أَبَحُّ: غليظ الصوت. والبَمُّ يُدْعى الأَبَحَّ لغلظ صوته. وشَحِيحٌ
بَحِيحٌ، إِتباع، والنون أَعلى، وسنذكره. والبُحُّ: جمع أَبَحّ. والبُحُّ:
القِداحُ التي يُسْتَقْسَمُ بها؛ قال خُفافُ بنُ نُدْبَةَ السُّلَمِيُّ:
إِذا الحَسْناءُ لم تَرْحَضْ يَدَيْها،
ولم يُقْصَرْ لها بَصَرٌ بِسِتْرِ
قَرَوْا أَضْيافَهُمْ رَبَحاً بِبُحٍّ،
يَعِيشُ بفَضْلِهِنَّ الحَيُّ سُمْرِ
هُمُ الأَيْسارُ، إِنْ قَحَطَتْ جُمادى،
بكلِّ صَبِيرِ غاديةٍ وقَطْرِ
قال: والصبير من السحاب الذي يصير بعضه فوق بعض دَرَجاً، ويروى: يجيء
بفضلهم المَشّ أَي المَسح. أَراد بالبُحِّ القِداحَ التي لا أَصوات لها.
والرِّيحُ، بفتح الراء: الشحم. وكِسْرٌ أَبَحُّ: كثير المُخِّ؛ قال:
وعاذِلَةٍ هَبَّتْ بليلٍ تَلُومُني،
وفي كَفِّها كِسْرٌ أَبَحُّ رَذُومُ
ردوم: يسيل وَدَكُه.
الفراء: البَحْبَحِيُّ الواسع في النفقة، الواسع في المنزل. وتَبَحْبَحَ
في المجدِ أَي أَنه في مَجْدٍ واسع. وجعل الفراء التَّبَحْبُحَ مِن
الباحَة، ولم يجعله من المضاعف.
ويقال: القوم في ابْتِحاحٍ أَي في سَعَةٍ وخِصْب. والأَبَحُّ: من شُعراء
هُذَيْل ودُهاتهم. والبُحْبوحةُ: وَسَطُ المَحَلَّةِ. وبُحْبوحةُ الدار:
وسطها؛ قال جرير:
قَوْمِي تَمِيمٌ، هُمُ القومُ الذين هُمُ،
يَنْفُونَ تَغْلِبَ عن بُحْبوحةِ الدارِ
وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال: مَن سَرَّه أَن يَسْكُن
بُحْبُوحة الجنة فَلْيَلْزَمِ الجماعَةَ، فإِن الشيطان مع الواحد، وهو من
الاثنين أَبعد؛ قال أَبو عبيد: أَراد بحبوحة الجنة وسطها. قال: وبُحْبُوحة
كل شيء وسطه وخياره.
ويقال: قد تَبَحْبَحْتُ في الدار إِذا تَوَسَّطْتَها وتمكنت منها.
والتَّبَحْبُح: التمكن في الحلول والمُقامِ. وقد بَحْبَحَ وتَبَحْبَحَ إِذا
تمكن وتوسط المنزل والمقام؛ قال: ومنه حديث غناء الأَنصارية:
وأَهْدة لها أَكْبُشاً، * تَبَحْبَحُ في المِرْبَدِ
وزَوْجُكِ في النادي، * ويَعْلَمُ ما في غَدِ
(* قوله «وزوجك في النادي» كذا بالأصل.)
أَي متكمنة في المِربَد، وهو الموضع. وفي حديث خزيمة: تََفَطَّرَ
اللِّحاءُ وتَبَحْبَحَ الحَياءُ أَي اتسع الغيث وتمكن من الأَرض. قال الأَزهري:
وقال أَعرابي في امرأَة ضربها الطلق: تركتها تَبَحْبَحُ على أَيدي
القوابل. وقال اللحياني: زعم الكسائي أَنه سمع رجلاً من بني عامر يقول: إِذا
قيل لنا أَبَقِيَ عِندكم شيء؟ قلنا: بَحْباحِ أَي لم يَبْقَ. وذكر
الأَزهري: والبَحَّاءُ في البادية رابيةٌ تُعرف برابية البَحَّاءِ؛ قال
كعب:وظَلَّ سَراةُ القومِ تُبْرِم أَمرَه،
بِرابِيَةِ البَحَّاءِ، ذاتِ الأَيايِلِ