Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=82950#7f853d
(اقتنص) الصَّيْد قنصه
قنص: قَنَص الصيْدَ يَقْنِصُه قَنْصاً وقَنَصاً واقْتَنَصَــه
وتَقَنَّصَه. صاده كقولك صِدْت واصْطَدت. وتَقَنَّصَه: تَصَيَّده. والقَنَص
والقَنِيص: ما اقْتُنِص. قال ابن بري: القَنِيص الصائد والمَصِيد أَيضاً.
والقَنِيص والقانِص والقَنَّاص: الصائد، والقُنَّاص جمع القانِص. وقال عثمان بن
جني: القَنِيص جماعة القانِص، ومثل فَعِيل جمعاً الكَلِيبُ والمَعِيزُ
والحَمِيرُ. والقَنْص، بالتسكين: مصدر قَنَصَه أَي صاده.
والقانصة للطائر: كالْحَوْصَلة للإِنسان. التهذيب: والقانِصَة هَنَة
كأَنها حُجَيْر في بطن الطائر، ويقال بالسين، والصادُ أَحسنُ. والقانِصَة:
واحدة القَوانِص وهي من الطير تُدْعَى الجِرِّيئَة، مهموز على فِعِّيلَة،
وقيل: هي للطير بمنزلة المَصَارين لغيرها. وفي الحديث: تُخْرِجُ النارُ
عليهم قَوَانِصَ أَي قِطَعاً قانِصَة تَقْنِصُهُم وتأْخُذُهم كما تَخْتَطف
الجارحةُ الصَّيْدَ. والقَوانِص: جمع قانِصَة من القَنْصِ الصَّيْد،
وقيل: أَراد شَرَراً كَقَوانِصِ الطَّيْر أَي حَواصِلِها. وفي حديث علي:
قَمَصَتْ بأَرْجُلِها وقَنَصَتْ بأَحْبُلها أَي اصطادَتْ بحَبائلها. وفي
حديث أَبي هريرة: وأَنْ تَعْلُوَ التُّحُوتُ الوُعُولَ، فقيل: ما التُّحُوت؟
فقال: بيوت القانِصة، كأَنه ضَرَبَ بيوت الصَّيَّادِينَ مثلاً للأَراذل
والأَدْنِياء لأَنها أَرذل البيوت، وقد تقدم ذلك في قفص. وفي حديث
جُبَيْر بن مُطْعِم: قال له عمر، رضي اللّه عنه: كان أَنسبَ العرب ممن كان
النُّعْمانُ بنُ المُنذر، فقال: مِنْ أَشْلاءِ قَنَصِ بن مَعَدٍّ أَي من بقية
أَولاده، وقيل: بنو قَنَصِ بنِ مَعَدّ ناسٌ دَرَجُوا في الدَّهْرِ
الأَوَّل.
ضرر: في أَسماء الله تعالى: النَّافِعُ الضَّارُّ، وهو الذي ينفع من
يشاء من خلقه ويضرّه حيث هو خالق الأَشياء كلِّها: خيرِها وشرّها ونفعها
وضرّها. الضَّرُّ والضُّرُّ لغتان: ضد النفع. والضَّرُّ المصدر، والضُّرّ
الاسم، وقيل: هما لغتان كالشَّهْد والشُّهْد، فإِذا جمعت بين الضَّرّ
والنفع فتحت الضاد، وإِذا أَفردت الضُّرّ ضَمَمْت الضاد إِذا لم تجعله مصدراً،
كقولك: ضَرَرْتُ ضَرّاً؛ هكذا تستعمله العرب. أَبو الدُّقَيْش: الضَّرّ
ضد النفع، والضُّر، بالضم، الهزالُ وسوء الحال. وقوله عز وجل: وإِذا مسّ
الإِنسانَ الضُّرُّ دعانا لِجَنْبه؛ وقال: كأَن لم يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ
مسَّه؛ فكل ما كان من سوء حال وفقر أَو شدّة في بدن فهو ضُرّ، وما كان
ضدّاً للنفع فهو ضَرّ؛ وقوله: لا يَضُرّكم كيدُهم؛ من الضَّرَر، وهو ضد
النفع.
والمَضَرّة: خلاف المَنْفعة. وضَرَّهُ يَضُرّه ضَرّاً وضَرّ بِه وأَضَرّ
بِه وضَارَّهُ مُضَارَّةً وضِراراً بمعنى؛ والاسم الضَّرَر. وروي عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ في الإسلام؛
قال: ولكل واحد من اللفظين معنى غير الآخر: فمعنى قوله لا ضَرَرَ أَي لا
يَضُرّ الرجل أَخاه، وهو ضد النفع، وقوله: ولا ضِرار أَي لا يُضَارّ كل واحد
منهما صاحبه، فالضِّرَارُ منهما معاً والضَّرَر فعل واحد، ومعنى قوله:
ولا ضِرَار أَي لا يُدْخِلُ الضرر على الذي ضَرَّهُ ولكن يعفو عنه، كقوله
عز وجل: ادْفَعْ بالتي هي أَحسن فإِذا الذي بينك وبينه عداوة كأَنه
ولِيٌّ حَمِيمٌ؛ قال ابن الأَثير: قوله لا ضَرَرَ أَي لا يَضُرّ الرجل أَخاه
فَيَنْقُصه شيئاً من حقه، والضِّرارُ فِعَالٌ من الضرّ، أَي لا يجازيه على
إِضراره بإِدخال الضَّرَر عليه؛ والضَّرَر فعل الواحد، والضِّرَارُ فعل
الاثنين، والضَّرَر ابتداء الفعل، والضِّرَار الجزاء عليه؛ وقيل:
الضَّرَر ما تَضُرّ بِه صاحبك وتنتفع أَنت به، والضِّرار أَن تَضُره من غير أَن
تنتفع، وقيل: هما بمعنى وتكرارهما للتأْكيد.
وقوله تعالى: غير مُضَارّ؛ مَنع من الضِّرَار في الوصية؛ وروي عن أَبي
هريرة: من ضَارَّ في وَصِيَّةٍ أَلقاه الله تعالى في وَادٍ من جهنم أَو
نار؛ والضِّرار في الوصية راجع إِلى الميراث؛ ومنه الحديث: إِنّ الرجلَ
يعمَلُ والمرأَة بطاعة الله ستين سنةً ثم يَحْضُرُهما الموتُ فَيُضَارِران
في الوصية فتجبُ لهما النار؛ المُضارَّةُ في الوصية: أَن لا تُمْضى أَو
يُنْقَصَ بعضُها أَو يُوصى لغير أَهلها ونحو ذلك مما يخالف السُّنّة.
الأَزهري: وقوله عز وجل: ولا يُضَارَّ كاتب ولا شهيد، له وجهان: أَحدهما لا
يُضَارّ فَيُدْعى إِلى أَن يكتب وهو مشغول، والآخر أَن معناه لا يُضَارِرِ
الكاتبُ أَي لا يَكْتُبْ إِلا بالحق ولا يشهدِ الشّاهد إِلا بالحق،
ويستوي اللفظان في الإِدغام؛ وكذلك قوله: لا تُضَارَّ والدةٌ بولدها؛ يجوز أَن
يكون لا تُضَارَرْ على تُفاعَل، وهو أَن يَنْزِع الزوجُ ولدها منها
فيدفعه إِلى مُرْضعة أُخرى، ويجوز أَن يكون قوله لا تُضَارَّ معناه لا
تُضَارِرِ الأُمُّ الأَبَ فلا ترضِعه.
والضَّرَّاءُ: السَّنَة. والضَّارُوراءُ: القحط والشدة.
والضَّرُّ: سوء الحال، وجمعه أَضُرٌّ؛ قال عديّ بن زيد العبّادي:
وخِلالَ الأَضُرّ جَمٌّ من العَيْـ
شِ يُعَفِّي كُلُومَهُنَّ البَواقي
وكذلك الضَّرَرُ والتَّضِرَّة والتَّضُرَّة؛ الأَخيرة مثل بها سيبويه
وفسرها السيرافي؛ وقوله أَنشده ثعلب:
مُحَلًّى بأَطْوَاقٍ عِتاقٍ يُبِينُها،
على الضَّرّ، رَاعي الضأْنِ لو يَتَقَوَّفُ
إِنما كنى به عن سوء حاله في الجهل وقلة التمييز؛ يقول: كرمُه وجوده
يَبِينُ لمن لا يفهم الخير فكيف بمن يفهم؟ والضَّرَّاءُ: نقيض السَّرَّاء.
وفي الحديث: ابْتُلِينَا بالضَّرَّاءِ فَصَبَرْنا، وابتلينا بالسَّرَّاء
فلم نَصْبِرْ؛ قال ابن الأَثير: الضَّرَّاءُ الحالة التي تَضُرُّ، وهي
نقيض السَّرَّاء، وهما بناءان للمؤنث ولا مذكر لهما، يريد أَنا اخْتُبِرْنا
بالفقر والشدة والعذاب فصبرنا عليه، فلما جاءتنا السَّرَّاءُ وهي الدنيا
والسَّعَة والراحة بَطِرْنا ولم نصبر. وقوله تعالى: وأَخذناهم بالبأْساءِ
والضَّرَّاءِ؛ قيل: الضَّرَّاءُ النقص في الأَموال والأَنفس، وكذلك
الضَّرَّة والضَّرَارَة، والضَّرَرُ: النقصان يدخل في الشيء، يقال: دخل عليه
ضَرَرٌ في ماله. وسئل أَبو الهيثم عن قول الأَعشى:
ثُمَّ وَصّلْت ضَرَّةً بربيع
فقال: الضَّرَّةُ شدة الحال، فَعْلَة من الضَّرّ، قال: والضُّرّ أَيضاً
هو حال الضَّرِيرِ، وهو الزَّمِنُ. والضَّرَّاءُ: الزَّمانة. ابن
الأَعرابي: الضَّرَّة الأَذاة، وقوله عز وجل: غير أُولي الضَّرَر؛ أَي غير أُولي
الزَّمانة. وقال ابن عرفة: أَي غير من به عِلَّة تَضُرّه وتقطعه عن
الجهاد، وهي الضَّرَارَة أَيضاً، يقال ذلك في البصر وغيره، يقول: لا يَسْتَوي
القاعدون والمجاهدون إِلا أُولو الضَّرَرِ فإِنهم يساوون المجاهدين؛
الجوهري: والبَأْساءُ والضَّرَّاء الشدة، وهما اسمان مؤنثان من غير تذكير،
قال الفراء: لو جُمِعَا على أَبْؤُسٍ وأَضُرٍّ كما تجمع النَّعْماء بمعنى
النِّعْمة على أَنْعُم لجاز. ورجل ضَرِيرٌ بَيِّن الضَّرَارَة: ذاهب
البصر، والجمع أَضِرَّاءُ. يقال: رجل ضَرِيرُ البصرِ؛ وإِذا أَضَرَّ به
المرضُ يقال: رجل ضَرِير وامرأَة ضَرِيرَة. وفي حديث البراء: فجاء ابن أُمّ
مكتوم يشكو ضَرَارَتَه؛ الضَّرَارَة ههنا العَمَى، والرجل ضَرِيرٌ، وهي من
الضَّرّ سوء الحال. والضَّرِيرُ: المريض المهزول، والجمع كالجمع،
والأُنثى ضَرِيرَة. وكل شيء خالطه ضُرٌّ، ضَرِيرٌ ومَضْرُورٌ. والضَّرائِرُ:
المَحاويج.
والاضطِرَارُ: الاحتياج إِلى الشيء، وقد اضْطَرَّه إِليه أَمْرٌ، والاسم
الضَّرَّة؛ قال دريد بن الصمة:
وتُخْرِجُ منهُ ضَرَّةُ القَوْمِ مَصْدَقاً،
وَطُولُ السُّرَى دُرِّيَّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ
أَي تَلأْلُؤَ عَضْب، ويروى: ذَرِّيَّ عضب يعني فِرِنْدَ السيف لأَنه
يُشَبَّه بمَدَبِّ النمْلِ.
والضَّرُورةُ: كالضَّرَّةِ. والضِّرارُ: المُضَارَّةُ؛ وليس عليك ضَرَرٌ
ولا ضَرُورةٌ ولا ضَرَّة ولا ضارُورةٌ ولا تَضُرّةٌ. ورجل ذو ضارُورةٍ
وضَرُورةٍ أَي ذُو حاجةٍ، وقد اضْطُرَّ إِلى الشَّيءِ أَي أُلْجئَ إِليه؛
قال الشاعر:
أَثِيبي أَخا صارُورةٍ أَصْفَقَ العِدى
عليه، وقَلَّتْ في الصَّدِيق أَواصِرُهْ
الليث: الضّرُورةُ اسمٌ لمصْدرِ الاضْطِرارِ، تقول: حَمَلَتْني
الضّرُورَةُ على كذا وكذا. وقد اضْطُرّ فلان إِلى كذا وكذا، بِناؤُه افْتَعَلَ،
فَجُعِلَت التاءُ طاءً لأَنَّ التاءَ لم يَحْسُنْ لفْظُه مع الضَّادِ.
وقوله عز وجل: فمن اضطُرّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ؛ أَي فمن أُلْجِئَ إِلى أَكْل
الميْتةِ وما حُرِّم وضُيِّقَ عليه الأَمْرُ بالجوع، وأَصله من
الضّرَرِ، وهو الضِّيقُ. وقال ابن بزرج: هي الضارُورةُ والضارُوراءُ ممدود. وفي
حديث عليّ، عليه السلام، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنَّه نهى عن بيع
المُضْطَرّ؛ قال ابن الأَثير: هذا يكون من وجهين: أَحدُهما أَنْ
يُضْطَرّ إِلى العَقْدِ من طَرِيقِ الإِكْراهِ عليه، قال: وهذا بيعٌ فاسدٌ لا
يَنْعَقِدُ، والثاني أَنْ يُضْطَرَّ إِلى البليعِ لِدَيْن رَكِبَه أَو
مَؤونةٍ ترْهَقُه فيَبيعَ ما في يَدِه بالوَكْسِ للضَّرُروةِ، وهذا سبيلُه في
حَقِّ الدِّينِ والمُروءةِ أَن لا يُبايَعَ على هذا الوجْهِ، ولكن
يُعَان ويُقْرَض إِلى المَيْسَرَةِ أَو تُشْتَرى سِلْعَتُه بقِيمتها، فإِنْ
عُقِدَ البَيْع مع الضرورةِ على هذا الوجْه صحَّ ولم يُفْسَخْ مع كراهةِ
أَهلِ العلْم له، ومعنى البَيْعِ ههنا الشِّراءُ أَو المُبايَعةُ أَو
قَبُولُ البَيْعِ. والمُضْطَرُّ: مُفْتَعَلٌ من الضّرِّ، وأَصْلُه مضْتَرَرٌ،
فأُدْغِمَت الراءُ وقُلِبَت التاءُ طاءً لأَجْلِ الضادِ؛ ومنه حديث ابن
عمر: لا تَبْتَعْ من مُضْطَرٍّ شَيْئاً؛ حملَه أَبو عُبَيْدٍ على
المُكْرَهِ على البَيْعِ وأَنْكَرَ حَمْلَه على المُحْتاج. وفي حديث سَمُرَةَ:
يَجْزِي من الضَّارُورة صَبُوحٌ أَو غَبُوق؛ الضارروةُ لغةٌ في الضّرُورةِ،
أَي إِنَّما يَحِلّ للمُضْطَرّ من المَيْتة أَنْ يأْكُلَ منها ما يسُدُّ
الرَّمَقَ غَداءً أَو عَشاءً، وليس له اين يَجْمعَ بينهما. والضَّرَرُ:
الضِّيقُ. ومكانٌ ذو ضَرَرٍ أَي ضِيقٍ. ومكانٌ ضَرَرٌ: ضَيِّقٌ؛ ومنه قول
ابن مُقْبِل:
ضِيف الهَضْبَةِ الضَّرَر
وقول الأَخطل:
لكلّ قَرارةٍَ منها وفَجٍّ
أَضاةٌ، ماؤها ضَرَرٌ يَمُور
قال ابن الأَعرابي: ماؤها ضرَرٌ أَي ماءٌ نَمِيرٌ في ضِيقٍ، وأَرادَ
أَنَّه غَزِيرٌ كثيرٌ فَمجارِيه تَضِيقُ به، وإِن اتَّسَعَتْ. والمُضِرُّ:
الدَّاني من الشيْءِ؛ قال الأَخْطل:
ظَلَّتْ ظِياءٌ بَني البَكَّاءِ راتِعَةً،
حتى اقْتُنِصْــنَ على بُعْدٍ وإِضْرار
وفي حديث معاذ: أَنَّه كان يُصَلِّي فأَضَرَّ به غُصْنٌ فمَدَّ يَده
فكَسَرَهُ؛ قوله: أَضَرَّ به أَي دنا منه دُنُوّاً شديداً فآذاه. وأَضَرَّ
بي فلانٌ أَي دَنا منّي دُنُوّاً شديداً وأَضَرَّ بالطريقِ: دنَا منه ولم
يُخالِطْه؛ قال عبدالله بن عَنْمة
(* قوله: «ابن عنمة» ضبط في الأصل
بسكون النون وضبط في ياقوت بالتحريك). الضَّبِّي يَرْثي بِسْطَامَ ابْنَ
قَيْسٍ:
لأُمِّ الأَرْضِ ويْلٌ ما أَجَنَّتْ
غداةَ أَضَرَّ بالحسَنِ السَّبيلُ؟
(* قوله: «غداة» في ياقوت بحيث).
يُقَسِّمُ مالَه فِينا فَنَدْعُو
أَبا الصَّهْبا، إِذا جَنَحَ الأَصِيلُ
الحَسَنُ: اسمُ رَمْلٍ؛ يَقُولُ هذا على جهة التعجُّبِ، أَي وَيْلٌ
لأُمِّ الأَرْضِ ماذا أَجَنَّت من بِسْطام أَي بحيث دَنَا جَبَلُ الحَسَنِ من
السَّبِيلِ. وأَبو الصهباء: كُنْيَةُ بسْطام. وأَضَرَّ السيْلُ من
الحائط: دَنَا منه. وسَحابٌ مُضِرٌّ أَي مُسِفٌّ. وأَضَرَّ السَّحابُ إِلى
الأَرْضِ: دَنَا، وكلُّ ما دَنا دُنُوّاً مُضَيَّقاً، فقد أَضَرَّ. وفي
الحديث: لا يَضُرُّه أَنْ يَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ كانَ له؛ هذه الكلمةُ
يَسْتَعْمِلُها العرَبُ ظاهرُها الإِباحَةُ ومعناها الحَضُّ
والتَّرْغِيبُ.والضَّرِيرُ: حَرْفُ الوادِي. يقال: نَزَلَ فلانٌ على أَحدِ ضِرِيرَي
الوادِي أَي على أَحَدِ جانِبَيْهِ، وقال غيرُه: بإِحْدَى ضَفَّتَيْه.
والضَّرِيرانِ: جانِبا الوادِي؛ قال أَوس بن حَجَر:
وما خَلِيجٌ من المَرُّوتِ ذُو شُعَبٍ،
يَرْمِي الضَّرِيرَ بِخُشْبِ الطَّلْحِ والضَّالِ
واحِدُهما ضَرِيرٌ وجمعُه أَضِرَّةٌ. وإِنه لَذُو ضَرِيرٍ أَي صَبْرٍ
على الشرِّ ومُقَاساةٍ له. والضَّرِيرُخ من النَّاسِ والدوابِّ: الصبُورُ
على كلّ شيء؛ قال:
باتَ يُقاسي كُلَّ نابٍ ضِرزَّةٍ،
شَدِيدة جَفْنِ العَيْنِ ذاتِ ضَريرِ
وقال:
أَما الصُّدُور لا صُدُورَ لِجَعْفَرٍ،
ولكنَّ أَعْجازاً شديداً ضَرِيرُها
الأَصمعي: إِنه لَذُو ضَرِيرٍ على الشيءِ والشِّدَةِ إِذا كان ذا صبرٍ
عليه ومُقَاساةٍ؛ وأَنشد:
وهمَّامُ بْنُ مُرَّةَ ذو ضَرِيرِ
يقال ذلك في الناس والدوابِّ إِذا كان لها صبرٌ على مقاساةِ الشرِّ؛ قال
الأَصمعي في قول الشاعر:
بمُنْسَحَّةِ الآباطِ طاحَ انْتِقالُها
بأَطْرافِها، والعِيسُ باقٍ ضَرِيرُها
قال: ضريرُها شدَّتُها؛ حكاه الباهِليُّ عنه؛ وقول مليح الهذلي:
وإِنِّي لأَقْرِي الهَمَّ، حين يَنوبني،
بُعَيدَ الكَرَى منه، ضَرِيرٌ مُحافِلُ
أَراد مُلازِم شَدِيد. وإِنَّه لَضِرُّ أَضْرارٍ أَي شَدِيدُ
أَشِدَّاءَ، وضِلُّ أَضْلالٍ وصِلُّ أَصْلالٍ إِذا كان داهِيَةً في رأْيه؛ قال أَبو
خراش:
والقوم أَعْلَم لو قُرْطٌ أُرِيدَ بها،
لكِنَّ عُرْوةَ فيها ضِرُّ أَضْرارِ
أَي لا يستنقذه ببَأْسهه وحِيلَهِ. وعُرْوةُ: أَخُو أَبي خِراشٍ، وكان
لأَبي خراشٍ عند قُرْطٍ مِنَّةٌ، وأَسَرَتْ أَزد السَّراةِ عُرْوةَ فلم
يحمَد نيابَة قُرْطٍ عنْه في أَخيه:
إِذا لَبُلَّ صَبِيُّ السَّيْفِ من رَجُلٍ
من سادةِ القَومِ، أَوْ لالْتَفَّ بالدَّار
الفراء: سمعت أَبَا ثَروانَ يقول: ما يَضُرُّكَ عليها جارِيَةً أَي ما
يَزِيدُكَ؛ قال: وقال الكسائي سمعتهم يقولون ما يَضُرُّكَ على الضبِّ
صَبْراً، وما يَضِيرُكَ على الضبِّ صَبْراً أَي ما يَزِيدُكَ. ابن
الأَعرابي: ما يَزِيدُك عليه شيئاً وما يَضُرُّكَ عليه شيئاً، واحِدٌ. وقال ابن
السكيت في أَبواب النفي: يقال لا يَضُرُّك عليه رجلٌ أَي لا تَجِدُ رجلاً
يَزِيدُكَ على ما عند هذا الرجل من الكفاية، ولا يَضُرُّكَ عليه حَمْلٌ
أَي لا يَزِيدُك. والضَّرِيرُ: اسمٌ للْمُضَارَّةِ، وأَكْثُر ما
يُسْتَعْمَل في الغَيْرةِ. يقال: ما أَشَدَّ ضَرِيرَه عَلَيها. وإِنه لذُو ضَرِيرٍ
على امرأَته أَي غَيْرة؛ قال الراجز يصف حماراً:
حتى إِذا ما لانَ مِنْ ضَرِيرِه
وضارّه مُضارَّةً وضِراراً: خالَفَه؛ قال نابغةُ بنِي جَعْدة:
وخَصْمَيْ ضِرارٍ ذَوَيْ تُدْارَإِ،
متى باتَ سِلْمُها يَشْغَبا
وروُي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قيل له: أَنَرَى رَبَّنا يومَ
القيامةِ؟ فقال: أَتُضارُّونَ في رُؤْيَةِ الشمْسِ في غيرِ سَحابٍ؟
قالوا: لا، قال: فإِنَّكم لا تُضارُّون في رُؤْيتِه تباركَ وتعالى؛ قال أَبو
منصور: رُوِي هذا الحرفُ بالتشديد من الضُّرّ، أَي لا يَضُرُّ بعضُكم
بَعْضاً، وروي تُضارُونَ، بالتخفيف، من الضَّيْرِ. ومعناهما واحدٌ؛ ضارَهُ
ضَيْراً فضَرَّه ضَرّاً، والمعنى لا يُضارُّ بعْضُكم بعْضاً في رُؤْيَتِهِ
أَي لا يُضايِقُه ليَنْفَرِدَ برُؤْيتِه. والضرَرُ: الضِّيقُ، وقيل: لا
تُضارُّون في رُؤْيته أَي لا يُخالِفُ بعضُكم بعضاً فيُكَذِّبُه. يقال:
ضارَرْت الرجُلَ ضِراراً ومُضارَّةً إِذا خالَفْته، قال الجوهري: وبعضُهم
يقول لا تَضارّون، بفتح التاء، أَي لا تَضامُّون، ويروى لا تَضامُّون في
رُؤْيته أَي لا يَنْضمُّ بعضُكم إِلى بعْضٍ فيُزاحِمُه ويقولُ له:
أَرِنِيهِ، كما يَفْعَلُون عند، النَّظَرِ إِلى الهِلالِ، ولكن يَنْفَردُ كلٌّ
منهم برُؤْيته؛ ويروى: لا تُضامُون، بالتخفيف، ومعناه لا يَنالُكْم
ضَيْمٌ في رؤيته أَي تَرَوْنَه حتى تَسْتَوُوا في الرُّؤْيَةِ فلا يَضِيم
بعضُكم بعْضاً. قال الأَزهري: ومعاني هذه الأَلفاظِ، وإِن اخْتلفت،
مُتَقارِبةٌ، وكلُّ ما رُوِي فيه فهو صحيحٌ ولا يَدْفَعُ لَفْظٌ منها لفظاً، وهو
من صحاح أَخْبارِ سيّدِنا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، وغُرَرِها ولا
يُنْكِرُها إِلاَّ مُبْتَدِعٌ صاحبُ هَوًى؛ وقال أَبو بكر: مَنْ رواه: هل
تَضارُّون في رؤيته، مَعْناه هل تَتَنازَعون وتَخْتَلِفون، وهو
تَتَفاعلُونَ من الضَّرارِ، قال: وتفْسيرُ لا تُضارُّون لا يقعُ بِكُم في رؤيته
ضُرٌّ، وتُضارُون، بالتخفيف، من الضَّيْرِ، وهو الضُّرُّ، وتُضامُون لا
يَلْحَقُكم في رؤيته ضَيْمٌ؛ وقال ابنُ الأَثير: رُوِيَ الحديثُ بالتخفيف
والتَّشْديد، فالتشْديدُ بمعنى لا تَتَخالَفُون ولا تَتَجادلُون في صِحّةِ
النَّظر إِليه لِوُضُوحِه وظُهُوره، يقال: ضارَّةُ يُضارُّه مِثْل
ضَرَّه يَضُرُّه، وقيل: أَرادَ بالمُضارّةِ الاجْتِمَاعَ والازْدحامَ عند
النَّظرِ إِليه، وأَما التخْفيفُ فهو من الضَّيرِ لُغَة في الضرِّ،
والمَعْنَى فيه كالأَوّل، قال ابن سيده: وأَما مَنْ رواه لا تُضارُون في رؤيته على
صيغةِ ما لم يُسَمَّ فاعلُه فهو من المُضايقَةِ، أَي لا تَضامُّون
تَضامّاً يَدْنُو به بعضُكم من بعضٍ فتُضايَقُون.
وضَرَّةُ المَرْأَةِ: امرأَةُ زَوْجِها. والضَّرَّتان: امرأَتا الرجُلِ،
كلُّ واحدَةٍ منهما ضَرَّةٌ لصاحِبَتِها، وهو من ذلك، وهُنَّ الضرائِرُ،
نادِرٌ؛ قال أَبو ذُؤَيب يصِفُ قُدُوراً:
لَهُنَّ نَشُيجٌ بالنَّضِيل كأَنَّها
ضَرائِرُ جِرْمِيٍّ، تَفاحَشَ غارُها
وهي الضِّرُّ. وتزوَّجَ على ضِرٍّ وضُرٍّ أَي مُضارَّة بينَ
امْرَأَتينِ، ويكون الضِّرُّ للثَّلاثِ. وحَكى كُراعٌ: تَزوَّجْتُ المرأَةَ على
ضِرٍّكُنَّ لَها، فإِذا كان كذلك فهو مَصْدَرٌ على طَرْح الزائدِ أَو جَمْعٌ
لا واحدَ له. والإِضْرارُ: التزْويجُ على ضَرَّةٍ؛ وفي الصحاح: أَنْ
يتزوّجَ الرجلُ على ضَرَّةِ؛ ومنه قيل: رجلٌ مُضِرٌّ وامرأَةٌ مُضِرٌّ.
والضِّرُّ، بالكَسْرِ: تزوُّجُ المرأَةِ على ضَرَّةٍ. يقال: نكَحْتُ فُلانة
على ضُرٍّ أَي على امرأَةٍ كانت قبْلَها. وحكى أَبو عبدالله الطُّوَالُ:
تَزَوَّجْتُ المرأَةَ على ضِرٍّ وضُرٍّ، بالكسر والضمِّ. وامرأَةٌ مُضِرٌّ
أَيضاً: لها ضرائر، يقالُ فلانٌ صاحبُ ضِرٍّ، ويقال: امرأَةٌ مُضِرٌّ
إِذا كان لها ضَرَّةٌ، ورجلٌ مُضِرٌّ إِذا كان له ضَرائرُ، وجمعُ الضَّرَّةِ
ضرائرُ. والضَّرَّتانِ: امرأَتانِ للرجل، سُمِّيتا ضَرَّتَينِ لأَنَّ
كلَّ زاحدةٍ منهما تُضارُّ صاحِبتَها، وكُرِهَ في الإِسْلامِ أَن يقالَ لها
ضَرَّة، وقيل: جارةٌ؛ كذلك جاء في الحديث. الأَصمعي: الإِضْرارُ
التزْوِيجُ على ضَرَّةٍ؛ يقال منه: رجلٌ مُضِرٌّ وامرأَةٌ مُضرٌّ، بغير هاء. ابن
بُزُرج: تزوج فلانٌ امرأَةً، إِنَّها إِلى ضَرَّةِ غِنًى وخَيرٍ. ويقال:
هو في ضَرَرِ خَيرٍ وإِنه لفي طَلَفَةِ خيرٍ وضفَّة خير وفي طَثْرَةِ
خيرٍ وصَفْوَةٍ من العَيْشِ. وقوله في حديث عَمْرو بن مُرَّةَ: عند
اعْتِكارِ الضرائرِ؛ هي الأُمُور المُخْتَلِفَةُ كضرائرِ النساءِ لا
يَتَّفِقْنِ، واحِدتُها ضَرَّةٌ.
والضَّرَّتانِ: الأَلْيةُ من جانِبَيْ عَظْمِها، وهُما الشَّحْمتان، وفي
المحكم: اللَّحْمتانِ اللَّتانِ تَنْهَدلانِ من جانِبَيْها. وضَرَّةُ
الإِبْهام: لَحْمَةٌ تحتَها، وقيل: أَصْلُها، وقيل: هي باطنُ الكَفِّ
حِيالَ الخِنْصَرِ تُقابِلُ الأَلْيةَ في الكَفِّ. والضَّرَّةُ: ما وَقَع عليه
الوطْءُ من لَحْمِ باطنِ القَدَمِ مما يَلي الإِبْهامَ. وضَرَّةُ
الضَّرْعِ: لَحْمُها، والضَّرْعُ يذكّر ويؤنث. يقال: ضَرَّةٌ شَكْرَى أَي
مَلأَى من اللَّبَنِ. والضَّرَّةُ: أَصلُ الضرْعِ الذي لا يَخْلُو من اللَّبَن
أَو لا يكادُ يَخْلُو منه، وقيل: هو الضرْعُ كلُّه ما خَلا الأَطباءَ،
ولا يسمى بذلك إِلاَّ أَن يكونَ فيه لَبنٌ، فإِذا قَلَصَ الضرْعُ وذهَبَ
اللَبنُ قيل له: خَيْفٌ، وقيل: الضَّرَّةُ الخِلْفُ؛ قال طرفة يصف نعجة:
من الزَّمِراتِ أَسْبَلَ قادِماها،
وضَرَّتُها مُرَكَّنَةٌ دَرُورُ
وفي حديث أُمّ مَعْبَدٍ: له بصَرِيحٍ ضَرَّةُ الشاةِ مُزبِد؛
الضَّرَّةُ: أَصْلُ الضرْعِ. والضرَّةُ: أَصْلُ الثَّدْيِ، والجمعُ من ذلك كُلِّه
ضرائرُ، وهو جَمْعٌ نادِرٌ؛ أَنشد ثعلب:
وصار أَمْثَالَ الفَغَا ضَرائِرِي
إِنما عَنَى بالضرائرِ أَحدَ هذه الأَشياءِ المُتَقَدّمَةِ. والضرَّةُ:
المالُ يَعْتَمِدُ عليه الرجلُ وهو لغيره من أقارِبه، وعليه ضَرَّتانِ
من ضأْنٍ ومعَزٍ. والضرَّةُ: القِطْعَةُ من المال والإِبلِ والغنمِ، وقيل:
هو الكثيرُ من الماشيةِ خاصَّةً دُون العَيْرِ. ورجلٌ مُضِرٌّ: له
ضَرَّةٌ من مالٍ. الجوهري: المُضِرّ الذي يَروحُ عليه ضَرَّةٌ من المال؛ قال
الأَشْعَرُ الرَّقَبانُ الأَسَدِيّ جاهِليّ يَهْجُو ابن عمِّه رضوان:
تَجانَفَ رِضْوانُ عن ضَيْفِه،
أَلَمْ يَأْتِ رِضْوانَ عَنِّي النُّدُرْ؟
بِحَسْبك في القَوم أَنْ يَعْلَمُوا
بأَنَّك فيهمْ غَنيٌّ مُضِرْ
وقد علم المَعْشَرُ الطَّارِحون
بأَنَّكَ، للضَّيْفِ، جُوعٌ وقُرْ
وأَنتَ مَسِيخٌ كَلَحْمِ الحُوار،
فلا أَنَتَ حُلْوٌ، ولا أَنت مُرْ
والمَسِيخ: الذي لا طَعْمَ له. والضَّرّة: المالُ الكثيرُ.
والضَّرّتانِ: حَجَر الرّحى، وفي المحكم: الرحَيانِ. والضَّرِير: النفْسُ وبَقِيَّةُ
الجِسْمِ؛ قال العجاج:
حامِي الحُمَيَّا مَرِس الضَّرِيرِ
ويقال: ناقةٌ ذاتُ ضَرِيرٍ إِذا كانت شَدِيدةَ النفْسِ بَطِيئةَ
اللُّغُوبِ، وقيل: الضَّرِير بقيةُ النفْسِ وناقةٌ ذاتُ ضَرِيرٍ: مُضِرَّةٌ
بالإِبل في شِدَّةِ سَيْرِها؛ وبه فُسِّرَ قولُ أُمَيَّة بن عائذٍ
الهذلي:تُبارِي ضَرِيسٌ أُولاتِ الضَّرِير،
وتَقْدُمُهُنّ عَتُوداً عَنُونا
وأَضَرَّ يَعْدُو: أَسْرَعَ، وقيل: أَسْرعَ بَعْضَ الإِسْراعِ؛ هذه
حكاية أَبي عبيد؛ قال الطوسي: وقد غَلِظَ، إِنما هو أَصَرَّ.
والمِضْرارُ من النِّساءِ والإِبِلِ والخَيْلِ: التي تَنِدُّ وتَرْكَبُ
شِدْقَها من النَّشاطِ؛ عن ابن الأَعرابي: وأَنشد:
إِذْ أَنت مِضْرارٌ جَوادُ الخُضْرِ،
أَغْلَظُ شيءٍ جانباً بِقُطْرِ
وضُرٌّ: ماءٌ معروف؛ قال أَبو خراش:
نُسابِقُِم على رَصَفٍ وضُرٍّ،
كدَابِغةٍ، وقد نَغِلَ الأَدِيمُ
وضِرارٌ: اسمُ رجلٍ. ويقال: أَضَرَّ الفرسُ على فأْسِ اللَّجامَ إِذا
أَزَمَ عليه مثل أَضَزَّ، بالزاي. وأَضَرَّ فلانٌ على السَّيرِ الشديدِ أَي
صَبَرَ. وإِنه لَذُو ضَرِيرٍ على الشيء إِذا كان ذا صبْر عليه ومُقاساة
له؛ قال جرير:
طَرَقَتْ سَوَاهِمَ قد أَضَرَّ بها السُّرَى،
نَزَحَتْ بأَذْرُعِها تَنائِفَ زُورَا
من كلِّ جُرْشُعَةِ الهَواجِرِ، زادَها
بُعْدُ المفاوِزِ جُرْأَةً وضَرِيرَا
من كلِّ جُرْشُعَة أَي من كل ناقةٍ ضَخْمَةٍ واسعةِ الجوفِ قَوِيَّةٍ في
الهواجر لها عليها جُرْأَةٌ وصبرٌ، والضمير في طَرَقَتُْ يعُودُ على
امرأَة تقدّم ذكرُها، أَي طَرقَتَهْم وهُمْ مسافرون، أَراد طرقت أَصْحابَ
إِبِلٍ سَوَاهِمَ ويُريدُ بذلك خيالَها في النَّومِ، والسَّواهِمُ:
المَهْزُولةُ، وقوله: نَزَحَتْ بأَذْرُعِها أَي أَنْفَدَت طُولَ التنائف
بأَذْرُعِها في السير كما يُنْفَذُ ماءُ البِئْرِ بالنَّزْحِ. والزُّورُ: جمع
زَوْراءَ. والتَّنائِفُ: جمع تَنُوفَةٍ، وهي الأَرْضُ القَفْرُ، وهي التي
لا يُسارُ فيها على قَصْدٍ بل يأْخذون فيها يَمْنَةً ويَسْرَةً.
هدي: من أَسماء الله تعالى سبحانه: الهادي؛ قال ابن الأَثير: هو الذي
بَصَّرَ عِبادَه وعرَّفَهم طَريقَ معرفته حتى أَقرُّوا برُبُوبيَّته، وهَدى
كل مخلوق إِلى ما لا بُدَّ له منه في بَقائه ودَوام وجُوده. ابن سيده:
الهُدى ضدّ الضلال وهو الرَّشادُ، والدلالة أُنثى، وقد حكي فيها التذكير؛
وأَنشد ابن بري ليزيد بن خَذَّاقٍ:
ولقد أَضاءَ لك الطرِيقُ وأَنْهَجَتْ
سُبُلُ المَكارِمِ، والهُدَى تُعْدِي
قال ابن جني: قال اللحياني الهُدَى مذكر، قال: وقال الكسائي بعض بني
أَسد يؤنثه، يقول: هذه هُدًى مستقيمة. قال أَبو إِسحق: قوله عز وجل: قل إِن
هُدَى الله هو الهُدَى؛ أَي الصِّراط الذي دَعا إِليه هو طَرِيقُ الحقّ.
وقوله تعالى: إِنَّ علينا لَلْهُدَى؛ أَي إِنَّ علينا أَنْ نُبَيِّنَ
طريقَ الهُدَى من طَرِيق الضَّلال. وقد هَداه هُدًى وهَدْياً وهِدايةً
وهِديةً وهَداه للدِّين هُدًى وهَداه يَهْدِيه في الدِّين هُدًى. وقال قتادة
في قوله عز وجل: وأَما ثَمُودُ فهَدَيْناهُم؛ أَي بَيَّنَّا لهم طَرِيقَ
الهُدى وطريق الضلالة فاسْتَحَبُّوا أَي آثرُوا الضلالة على الهُدَى.
الليث: لغة أَهل الغَوْرِ هَدَيْتُ لك في معنى بَيَّنْتُ لك. وقوله تعالى:
أَوَلم يَهْدِ لهم؛ قال أَبو عمرو بن العلاء: أَوَلم يُبَيِّنْ لهم. وفي
الحديث: أَنه قال لعليّ سَلِ اللهَ الهُدَى، وفي رواية: قل اللهم اهْدِني
وسَدِّدْني واذكر بالهُدَى هِدايَتك الطريقَ وبالسَّدادِ تَسْدِيدَك
السَّهْمَ؛ والمعنى إِذا سأَلتَ الله الهُدَى فأَخْطِر بقَلْبك هِدايةَ
الطَّريق وسَلِ الله الاستقامة فيه كما تتَحَرَّاه في سُلوك الطريق، لأَنَّ
سالكَ الفَلاة يَلزم الجادّةَ ولا يُفارِقُها خوفاً من الضلال، وكذلك
الرَّامِي إِذا رَمَى شيئاً سَدَّد السَّهم نحوه ليُصِيبه، فأَخْطِر ذلك بقلبك
ليكون ما تَنْويه مِنَ الدُّعاء على شاكلة ما تستعمله في الرمي. وقوله عز
وجل: الذي أَعْطَى كلَّ شيء خَلْقَه ثم هَدَى؛ معناه خَلَق كلَّ شيء على
الهيئة التي بها يُنْتَفَعُ والتي هي أَصْلَحُ الخَلْقِ له ثم هداه
لمَعِيشته، وقيل: ثم هَداه لموضعِ ما يكون منه الولد، والأَوَّل أَبين
وأَوضح، وقد هُدِيَ فاهْتَدَى. الزجاج في قوله تعالى: قُلِ اللهُ يَهْدِي
للحقِّ؛ يقال: هَدَيْتُ للحَقِّ وهَدَيْت إِلى الحق بمعنًى واحد، لأَنَّ
هَدَيْت يَتَعدَّى إِلى المَهْدِيّين، والحقُّ يَتَعَدَّى بحرف جر، المعنى: قل
الله يهدي مَن يشاء للحق. وفي الحديث: سُنَّة الخُلفاء الرَّاشِدِين
المَهْدِيّينَ؛ المَهْدِيُّ: الذي قد هَداه الله إِلى الحق، وقد اسْتُعْمِل
في الأَسماء حتى صار كالأَسماء الغالبة، وبه سُمي المهْدِيُّ الذي بَشَّر
به النبيُّ،صلى الله عليه وسلم، أَنه يجيء في آخر الزمان، ويريد
بالخلفاء المهديين أَبا بكر وعمر وعثمان وعليّاً، رضوان الله عليهم، وإِن كان
عامّاً في كل من سار سِيرَتَهم، وقد تَهَدَّى إِلى الشيء واهْتَدَى. وقوله
تعالى: ويَزِيدُ الله الذين اهْتَدَوْا هُدًى؛ قيل: بالناسخ والمنسوخ،
وقيل: بأَن يَجْعَلَ جزاءهم أَن يزيدهم في يقينهم هُدًى كما أَضَلَّ
الفاسِق بفسقه، ووضع الهُدَى مَوْضِعَ الاهْتداء. وقوله تعالى: وإِني لَغَفّار
لمن تابَ وآمَنَ وعَمِل صالحاً ثمَّ اهْتَدَى؛ قال الزجاج: تابَ مِنْ
ذنبه وآمن برَبِّهِ ثم اهْتدى أَي أَقامَ على الإِيمان، وهَدَى واهْتَدَى
بمعنى. وقوله تعالى: إِنَّ الله لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ؛ قال الفراء: يريد
لا يَهْتدِي. وقوله تعالى: أَمْ مَنْ لا يَهَدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى،
بالتقاء الساكنين فيمن قرأَ به، فإِن ابن جني قال: لا يخلو من أَحد
أَمرين: إِما أَن تكون الهاء مسكنة البتة فتكون التاء من يَهْتَدِي مختلسة
الحركة، وإِما أَن تكون الدال مشدَّدة فتكون الهاء مفتوحة بحركة التاء
المنقولة إِليها أَو مكسورة لسكونها وسكون الدال الأُولى، قال الفراء: معنى
قوله تعالى: أَمْ مَنْ لا يَهَدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى؛ يقول: يَعْبُدون
ما لا يَقْدِر أَن يَنتقل عن مكانه إِلا أَن يَنْقُلُوه، قال الزجاج:
وقرئ أَمْ مَن لا يَهْدْي، بإسكان الهاء والدال، قال: وهي قراءة شاذة وهي
مروية، قال: وقرأَ أَبو عمرو أَمْ مَن لا يَهَدِّي، بفتح الهاء، والأَصل لا
يَهْتَدِي. وقرأَ عاصم: أم مَنْ لا يَهِدِّي، بكسر الهاء، بمعنى
يَهْتَدِي أَيضاً، ومن قرأَ أَمْ من لا يَهْدِي خفيفة، فمعناه يَهْتَدِي أَيضاً.
يقال: هَدَيْتُه فَهَدَى أَي اهْتَدَى؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
إِنْ مَضَى الحَوْلُ ولم آتِكُمُ
بِعَناجٍ تَهتدِي أَحْوَى طِمِرّْ
فقد يجوز أَن يريد تهتدي بأَحوى، ثم حذف الحرف وأَوصل الفعل، وقد يجوز
أَن يكون معنى تهتدي هنا تَطْلُب أَن يَهْدِيها، كما حكاه سيبويه من قولهم
اخْتَرَجْتُه في معنى استخرجته أَي طلبت منه أَن يَخْرُج. وقال بعضهم:
هداه اللهُ الطريقَ، وهي لغة أَهل الحجاز، وهَداه للطَّريقِ وإِلى الطريقِ
هِدايةً وهَداه يَهْدِيه هِدايةً إِذا دَلَّه على الطريق. وهَدَيْتُه
الطَّريقَ والبيتَ هِداية أَي عرَّفته، لغة أَهل الحجاز، وغيرهم يقول:
هديته إِلى الطريق وإِلى الدار؛ حكاها الأَخفش. قال ابن بري: يقال هديته
الطريق بمعنى عرّفته فيُعَدَّى إلى مفعولين، ويقال: هديته إِلى الطريق
وللطريق على معنى أَرشَدْته إِليها فيُعدَّى بحرف الجر كأَرْشَدْتُ، قال:
ويقال: هَدَيْتُ له الطريقَ على معنى بَيَّنْتُ له الطريق، وعليه قوله سبحانه
وتعالى: أَوَلمْ يَهْدِ لهم، وهَدَيْناه النَّجْدَيْن، وفيه: اهْدِنا
الصِّراطَ المستقيم، معنى طَلَب الهُدَى منه تعالى، وقد هَداهُم أَنهم قد
رَغِبُوا منه تعالى التثبيت على الهدى، وفيه: وهُدُوا إِلى الطَّيِّب من
القَوْل وهُدُوا إِلى صِراطِ الحَميد، وفيه: وإِنك لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ
مُسْتَقِيم. وأَمّا هَدَيْتُ العَرُوس إِلى زوجها فلا بدّ فيه من اللام
لأَنه بمعنى زَفَفْتها إِليه، وأَمَّا أَهْدَيْتُ إِلى البيت هَدْياً فلا
يكون إِلا بالأَلف لأَنه بمعنى أَرْسَلْتُ فلذلك جاء على أَفْعَلْتُ. وفي
حديث محمد بن كعب: بلغني أَن عبد الله بن أَبي سَلِيط قال لعبد الرحمن بن
زَيْدِ بن حارِثةَ، وقد أَخَّر صلاة الظهر: أَكانوا يُصَلُّون هذه
الصلاة السَّاعةَ؟ قال: لا واللهِ، فَما هَدَى مِمّا رَجَعَ أَي فما بَيِّنَ
وما جاء بحُجَّةٍ مِمّا أَجاب، إِنما قال لا واللهِ وسَكَتَ، والمَرْجُوعُ
الجواب فلم يجيءْ بجواب فيه بيان ولا حجة لما فعل من تأْخير الصلاة.
وهَدَى: بمعنى بيَّنَ في لغة أَهل الغَوْر، يقولون: هَدَيْتُ لك بمعنى
بَيَّنْتُ لك. ويقال بلغتهم نزلت: أَوَلم يَهْدِ لهم. وحكى ابن الأَعرابي:
رَجُل هَدُوٌّ على مثال عدُوٍّ، كأَنه من الهِداية، ولم يَحكها يعقوب في
الأَلفاظ التي حصرها كحَسُوٍّ وفَسُوٍّ.
وهَدَيْت الضالَّةَ هِدايةً.
والهُدى: النَّهارُ؛ قال ابن مقبل:
حتى اسْتَبَنْتُ الهُدى، والبِيدُ هاجِمةٌ
يخْشَعْنَ في الآلِ غُلْفاً، أَو يُصَلِّينا
والهُدى: إِخراج شيء إِلى شيء. والهُدى أَيضاً: الطاعةُ والوَرَعُ.
والهُدى: الهادي في قوله عز وجل: أَو أَجِدُ على النارِ هُدًى؛ والطريقُ
يسمَّى هُدًى؛ ومنه قول الشماخ:
قد وكَّلْتْ بالهُدى إِنسانَ ساهِمةٍ،
كأَنه مِنْ تمامِ الظِّمْءِ مَسْمولُ
وفلان لا يَهْدي الطريقَ ولا يَهْتَدي ولا يَهَدِّي ولا يَهِدِّي، وذهب
على هِدْيَتِه أَي على قَصْده في الكلام وغيره. وخذ في هِدْيَتِك أَي
فيما كنت فيه من الحديث والعَمَل ولا تَعْدِل عنه. الأَزهري: أَبو زيد في
باب الهاء والقاف: يقال للرجل إِذا حَدَّث بحديث ثم عَدل عنه قبل أَن
يَفْرُغ إِلى غيره: خذ على هِدْيَتِك، بالكسر، وقِدْيَتِك أَي خذ فيما كنت فيه
ولا تَعْدِل عنه، وقال: كذا أَخبرني أَبو بكر عن شمر، وقيده في كتابه
المسموع من شمر: خذ في هِدْيَتِك وقِدْيَتِك أَي خذ فيما كنت فيه، بالقاف.
ونَظَرَ فلان هِدْيةَ أَمرِه أَي جِهةَ أَمرِه. وضلَّ هِدْيَتَه
وهُدْيَتَه أَي لوَجْهِه؛ قال عمرو بن أَحمر الباهليّ:
نَبَذَ الجُؤارَ وضَلَّ هِدْيَةَ رَوْقِه،
لمَّا اخْتَلَلْتُ فؤادَه بالمِطْرَدِ
أَي ترَك وجهَه الذي كان يُرِيدُه وسقَط لما أَنْ صَرَعْتُه، وضلَّ
الموضعَ الذي كان يَقْصِدُ له برَوْقِه من الدَّهَش. ويقال: فلان يَذْهَب على
هِدْيَتِه أِي على قَصْدِه. ويقال: هَدَيْتُ أَي قصدْتُ. وهو على
مُهَيْدِيَتِه أَي حاله؛ حكاها ثعلب، ولا مكبر لها. ولك هُدَيّا هذه الفَعْلةِ
أَي مِثلُها، ولك عندي هُدَيَّاها أَي مثلُها. ورمى بسهم ثم رمى بآخرَ
هُدَيَّاهُ أَي مثلِه أَو قَصْدَه. ابن شميل: اسْتَبَقَ رجلان فلما سبق
أَحدُهما صاحبَه تَبالحا فقال له المَسْبُوق: لم تَسْبِقْني فقال السابقُ:
فأَنت على هُدَيَّاها أَي أُعاوِدُك ثانيةً وأَنت على بُدْأَتِكَ أَي
أُعاوِدك؛ وتبالحا: وتَجاحَدا، وقال: فَعل به هُدَيَّاها أَي مِثلَها. وفلان
يَهْدي هَدْيَ فلان: يفعل مثل فعله ويَسِير سِيرَته. وفي الحديث:
واهْدُوا بهَدْي عَمَّارٍ أَي سِيرُوا بسِيرَتِه وتَهَيَّأُوا بهَيْئَتِه. وما
أَحسن هَدْيَه أَي سَمْتَه وسكونه. وفلان حسَنُ الهَدْي والهِدْيةِ أَي
الطريقة والسِّيرة. وما أَحْسَنَ هِدْيَتَهُ وهَدْيَه أَيضاً، بالفتح، أَي
سِيرَته، والجمع هَدْيٌ مثل تَمْرة وتَمْرٍ. وما أَشبه هَدْيَه بهَدْي
فلان أَي سَمْتَه. أَبو عدنان: فلان حَسَنُ الهَدْي وهو حُسْنُ المذهب في
أُموره كلها؛ وقال زيادةُ بن زيد العدوي:
ويُخْبِرُني عن غائبِ المَرْءِ هَدْيُه،
كفى الهَدْيُ عما غَيَّبَ المَرْءُ مُخْبِرا
وهَدى هَدْيَ فلان أَي سارَ سَيْره. الفراء: يقال ليس لهذا الأَمر
هِدْيةٌ ولا قِبْلةٌ ولا دِبْرةٌ ولا وِجْهةٌ. وفي حديث عبد الله بن مسعود:
إِن أَحسَنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمدٍ أَي أَحسَنَ الطريقِ والهِداية والطريقة
والنحو والهيئة، وفي حديثه الآخر: كنا نَنْظُر إِلى هَدْيهِ ودَلِّه؛
أَبو عبيد: وأَحدهما قريب المعنى من الآخر؛ وقال عِمْرانُ بنِ حطَّانَ:
وما كُنتُ في هَدْيٍ عليَّ غَضاضةٌ،
وما كُنْتُ في مَخْزاتِه أَتَقَنَّعُ
(* قوله« في مخزته» الذي في التهذيب: من مخزاته.)
وفي الحديث: الهَدْيُ الصالح والسَّمْتُ الصالِحُ جزء من خمسة وعشرين
جُزءاً من النبوَّة؛ ابن الأَثير: الهَدْيُ السِّيرةُ والهَيْئة والطريقة،
ومعنى الحديث أَن هذه الحالَ من شمائل الأَنبياء من جملة خصالهم وأَنها
جُزْء معلوم من أَجْزاء أَفْعالهم، وليس المعنى أَن النبوّة تتجزأ، ولا
أَنَ من جمع هذه الخِلال كان فيه جزء من النُّبُوّة، فإِن النبوّةَ غير
مُكْتَسبة ولا مُجْتَلَبةٍ بالأَسباب، وإِنما هي كرامةٌ من الله تعالى،
ويجوز أَن يكون أَراد بالنبوّة ما جاءت به النبوّة ودعت إِليه، وتَخْصيصُ هذا
العدد ما يستأْثر النبي،صلى الله عليه وسلم، بمعرفته.
وكلُّ متقدِّم هادٍ. والهادي: العُنُقُ لتقدّمه؛ قال المفضل النُّكْري:
جَمُومُ الشَّدِّ شائلةُ الذُّنابي،
وهادِيها كأَنْ جِذْعٌ سَحُوقُ
والجمع هَوادٍ. وفي حديث النبي،صلى الله عليه وسلم: أَنه بَعَثَ إِلى
ضُباعةَ وذَبَحت شاةً فطَلَب منها فقالت ما بَقِيَ منها إِلا الرَّقَبَةُ
فبَعَثَ إِليها أَن أَرْسِلي بها فإِنها هادِةُ الشايةِ. والهادِيةُ
والهادي: العنُقُ لأَنها تَتَقَدَّم على البدَن ولأَنها تَهْدي الجَسَد.
الأَصمعي: الهادِيةُ من كل شيء أَوَّلُه وما تقَدَّمَ منه، ولهذا قيل:
أَقْبَلَتْ هَوادي الخيلِ إِذا بَدَتْ أَعْناقُها. وفي الحديث: طَلَعَتْ هَوادي
الخيل يعني أَوائِلَها. وهَوادي الليل: أَوائله لتقدمها كتقدُّم
الأَعناق؛ قال سُكَيْن بن نَضْرةَ البَجَليّ:
دَفَعْتُ بِكَفِّي الليلَ عنه وقد بَدَتْ
هَوادي ظَلامِ الليلِ، فالظُّلُّ غامِرُهُ
وهوادي الخيل: أَعْناقُها لأَنها أَولُ شيء من أَجْسادِها، وقد تكون
الهوادي أَولَ رَعيل يَطْلُع منها لأَنها المُتَقَدِّمة. ويقال: قد هَدَت
تَهْدي إِذا تَقَدَّمتْ؛ وقال عَبيد يذكر الخيل:
وغَداةَ صَبَّحْنَ الجِفارَ عَوابِساً،
تَهْدي أَوائلَهُنَّ شُعْثٌ شُزَّبُ
أَي يَتَقَدَّمُهن؛وقال الأَعشى وذكر عَشاه وأَنَّ عَصاه تَهْدِيه:
إِذا كان هادي الفَتى في البلا
دِ، صَدْرَ القَناةِ، أَطاع الأَمِيرا
وقد يكون إِنما سَمَّى العَصا هادِياً لأَنه يُمْسِكها فهي تَهْديه
تتقدَّمه، وقد يكون من الهِدايةِ لأَنها تَدُلُّه على الطريق، وكذلك الدليلُ
يسمى هادِياً لأَنه يَتَقَدَّم القومَ ويتبعونه، ويكون أَن يَهْدِيَهم
للطريقِ. وهادِياتُ الوَحْشِ: أَوائلُها، وهي هَوادِيها. والهادِيةُ:
المتقدِّمة من الإِبل. والهادِي: الدليل لأَنه يَقْدُمُ القومَ. وهَداه أَي
تَقَدَّمه؛ قال طرفة:
لِلْفَتَى عَقْلٌ يَعِيشُ به،
حيثُ تَهْدي ساقَه قَدَمُهْ
وهادي السهمِ: نَصْلُه؛ وقول امرئ القيس:
كأَنَّ دِماء الهادِياتِ بنَحْرِه
عُصارة حِنَّاءٍ بشَيْبٍ مُرَجَّلِ
يعني به أَوائلَ الوَحْشِ. ويقال: هو يُهادِيه الشِّعرَ، وهاداني فلان
الشِّعرَ وهادَيْتُه أَي هاجاني وهاجَيْتُه. والهَدِيَّةُ: ما أَتْحَفْتَ
به، يقال: أَهْدَيْتُ له وإِليه. وفي التنزيل العزيز: وإِني مُرْسِلة
إِليهم بهَدِيَّةٍ؛ قال الزجاج: جاء في التفسير أَنها أَهْدَتْ إِلى
سُلَيْمَانَ لَبِنة ذهب، وقيل: لَبِنَ ذهب في حرير، فأَمر سليمان، عليه السلام،
بلَبِنة الذهب فطُرحت تحت الدوابِّ حيث تَبولُ عليها وتَرُوت، فصَغُر في
أَعينهم ما جاؤُوا به، وقد ذكر أَن الهدية كانت غير هذا، إِلا أَن قول
سليمان: أَتُمِدُّونَنِي بمال؟ يدل على أَن الهدية كانت مالاً.
والتَّهادِي: أَن يُهْدي بعضُهم إِلى بعض. وفي الحديث: تَهادُوا تَحابُّوا، والجمع
هَدايا وهَداوَى، وهي لغة أَهل المدينة، وهَداوِي وهَداوٍ؛ الأَخيرة عن
ثعلب، أَما هَدايا فعلى القياس أَصلها هَدائي، ثم كُرهت الضمة على الياء
فأُسكنت فقيل هَدائىْ، ثم قلبت الياء أَلفاً استخفافاً لمكان الجمع فقيل
هَداءا، كما أَبدلوها في مَدارَى ولا حرف علة هناك إِلا الياء، ثم كرهوا
همزة بين أَلفين لأَن الهمزة بمنزلة الأَلف، إِذ ليس حرف أَقرب إِليها
منها، فصوروها ثلاث همزات فأَبدلوا من الهمزة ياء لخفتها ولأَنه ليس حرف بعد
الأَلف أَقرب إِلى الهمزة من الياء، ولا سبيل إِلى الأَلف لاجتماع ثلاث
أَلفات فلزمت الياء بدلاً، ومن قال هَداوَى أَبدل الهمزة واواً لأَنهم قد
يبدلونها منها كثيراً كبُوس وأُومِن؛ هذا كله مذهب سيبويه، قال ابن سيده:
وزِدْته أَنا إيضاحاً، وأَما هَداوي فنادر، وأَما هَداوٍ فعلى أَنهم
حذفوا الياء من هَداوي حذفاً ثم عوض منها التنوين. أَبو زيد: الهَداوي لغة
عُلْيا مَعَدٍّ، وسُفْلاها الهَدايا. ويقال: أَهْدَى وهَدَّى بمعنًى
ومنه:أَقولُ لها هَدِّي ولا تَذْخَري لَحْمي
(* قوله« أقول لها إلخ» صدره كما في الاساس: لقد علمت أم الاديبر أنني)
وأَهْدَى الهَدِيَّةَ إِهْداءً وهَدّاها.
والمِهْدى، بالقصر وكسر الميم: الإِناء الذي يُهْدَى فيه مثل الطَّبَقِ
ونحوه؛ قال:
مِهْداكَ أَلأَمُ مِهْدًى حِينَ تَنْسُبُه،
فُقَيْرةٌ أَو قَبيحُ العَضْدِ مَكْسُورُ
ولا يقال للطَّبَقِ مِهْدًى إِلاَّ وفيه ما يُهْدَى. وامرأَة مِهْداءٌ،
بالمد، إِذا كانت تُهْدي لجاراتها. وفي المحكم: إِذا كانت كثيرة
الإِهْداء؛ قال الكميت:
وإِذا الخُرَّدُ اغْبَرَرْنَ مِنَ المَحْـ
لِ، وصارَتْ مِهْداؤُهُنَّ عَفِيرا
(* قوله« اغبررن» كذا في الأصل والمحكم هنا، ووقع في مادة ع ف ر: اعتررن
خطأ.)
وكذلك الرجل مِهْداءٌ: من عادته أَن يُهْدِيَ. وفي الحديث: مَنْ هَدَى
زُقاقاً كان له مِثْلُ عِتْقِ رَقَبةٍ؛ هو من هِدايةِ الطريقِ أَي من
عَرَّف ضالاًّ أَو ضَرِيراً طَرِيقَه، ويروى بتشديد الدال إما للمبالغة من
الهِداية، أَو من الهَدِيَّةِ أَي من تصدَّق بزُقاق من النخل، وهو
السِّكَّةُ والصَّفُّ من أَشجاره، والهِداءُ: أَن تجيءَ هذه بطعامِها وهذه
بطعامها فتأْكُلا في موضع واحد. والهَدِيُّ والهِدِيَّةُ: العَرُوس؛ قال أَبو
ذؤيب:
برَقْمٍ ووَشْيٍ كما نَمْنَمَتْ
بمِشْيَتِها المُزْدهاةُ الهَدِيّ
والهِداء: مصدر قولك هَدَى العَرُوسَ. وهَدَى العروسَ إِلى بَعْلِها
هِداء وأَهْداها واهْتَداها؛ الأَخيرة عن أَبي علي؛ وأَنشد:
كذَبْتُمْ وبَيتِ اللهِ لا تَهْتَدُونَها
وقد هُدِيَتْ إِليه؛ قال زهير:
فإِنْ تَكُنِ النِّساءُ مُخَبَّآتٍ،
فحُقَّ لكلِّ مُحْصِنةٍ هِداء
ابن بُزُرْج: واهْتَدَى الرجلُ امرأَتَه إِذا جَمَعَها إِليه وضَمَّها،
وهي مَهْدِيَّةٌ وهَدِيٌّ أَيضاً، على فَعِيلٍ؛ وأَنشد ابن بري:
أَلا يا دارَ عَبْلةَ بالطَّوِيّ،
كرَجْعِ الوَشْمِ في كَفِّ الهَدِيّ
والهَدِيُّ: الأَسيرُ؛ قال المتلمس يذكر طَرفة ومَقْتل عَمرو بن هِند
إِياه:
كطُرَيْفةَ بنِ العَبْدِ كان هَدِيَّهُمْ،
ضَرَبُوا صَمِيمَ قَذالِه بِمُهَنَّدِ
قال: وأَظن المرأَة إِنما سميت هَدِيًّا لأَنها كالأَسِير عند زوجها؛
قال الشاعر:
كرجع الوشم في كف الهديّ
قال: ويجوز أَن يكون سميت هَدِيًّا لأَنها تُهْدَى إِلى زوجها، فهي
هَدِيٌّ، فَعِيلٌ بمعنى مفعول. والهَدْيُ: ما أُهْدِيَ إِلى مكة من النَّعَم.
وفي التنزيل العزيز: حتى يبلغ الهَدْيُ مَحِلَّه، وقرئ: حتى يبلغ
الهَدِيُّ مَحِلَّه، بالتخفيف والتشديد، الواحدة هَدْيةٌ وهَدِيَّةٌ؛ قال ابن
بري: الذي قرأَه بالتشديد الأَعرج وشاهده قول الفرزدق:
حَلَفْتُ برَبِّ مَكَّةَ والمُصَلَّى،
وأَعْناقِ الهَدِيِّ مُقَلَّداتِ
وشاهد الهَدِيَّةِ قولُ ساعدةَ بن جُؤَيَّة:
إني وأَيْدِيهم وكلّ هَدِيَّة
مما تَثِجُّ له تَرائِبُ تَثْعَبُ
وقال ثعلب: الهَدْيُ، بالتخفيف، لغة أَهل الحجاز، والهَدِيُّ، بالتثقيل
على فَعِيل، لغة بني تميم وسُفْلى قيس، وقد قرئ بالوجهين جميعاً: حتى
يَبْلُغَ الهَدي محله. ويقال: مالي هَدْيٌ إِن كان كذا، وهي يمين.
وأَهْدَيْتُ الهَدْيَ إِلى بيت اللهِ إِهْداء. وعليه هَدْيةٌ أَي بَدَنة. الليث
وغيره: ما يُهْدى إِلى مكة من النَّعَم وغيره من مال أَو متاعٍ فهو هَدْيٌ
وهَدِيٌّ، والعرب تسمي الإِبل هَدِيًّا، ويقولون: كم هَدِيُّ بني فلان؛
يعنون الإِبل، سميت هَدِيّاً لأنها تُهْدَى إِلى البيت. غيره: وفي حديث
طَهْفةَ في صِفة السَّنةِ هَلَكَ الهَدِيُّ ومات الوَديُّ؛ الهَدِيُّ،
بالتشديد: كالهَدْي بالتخفيف، وهو ما يُهْدى إِلى البَيْتِ الحَرام من النعم
لتُنْحَر فأُطلق على جميع الإِبل وإِن لم تكن هَدِيّاً تسمية للشيء ببعضه،
أَراد هَلَكَتِ الإِبل ويَبِسَتِ النَّخِيل. وفي حديث الجمعة: فكأَنَّما
أَهْدى دَجاجةً وكأَنما أَهْدى بَيْضةً؛ الدَّجاجةُ والبَيضةُ ليستا من
الهَدْيِ وإِنما هو من الإِبل والبقر، وفي الغنم خلاف، فهو محمول على حكم
ما تُقدَّمه من الكلام، لأَنه لما قال أَهْدى بدنةً وأَهْدى بقرةً وشاة
أَتْبَعه بالدَّجاجة والبيضة، كما تقول أَكلت طَعاماً وشَراباً والأَكل
يختص بالطعام دون الشراب؛ ومثله قول الشاعر:
مُتَقَلِّداً سَيفاً ورُمْحاً
والتَّقَلُّدُ بالسيف دون الرمح. وفلانٌ هَدْيُ بني فلان وهَدِيُّهمْ
أَي جارُهم يَحرم عليهم منه ما يَحْرُم من الهَدْي، وقيل: الهَدْيُ
والهَدِيُّ الرجل ذو الحرمة يأْتي القوم يَسْتَجِير بهم أَو يأْخذ منهم
عَهْداً، فهو، ما لم يُجَرْ أَو يأْخذِ العهدَ، هَدِيٌّ، فإِذا أَخَذ العهدَ
منهم فهو حينئذ جارٌ لهم؛ قال زهير:
فلَمْ أَرَ مَعْشَراً أَسَرُوا هِدِيّاً،
ولمْ أَرَ جارَ بَيْتٍ يُسْتَباءُ
وقال الأَصمعي في تفسير هذا البيت: هو الرَّجل الذي له حُرمة كحُرمة
هَدِيِّ البيت، ويُسْتَباء: من البَواء أَي القَوَدِ أَي أَتاهم يَسْتَجير
بهم فقَتلُوه برجل منهم؛ وقال غيره في قِرْواشٍ:
هَدِيُّكُمُ خَيْرٌ أَباً مِنْ أَبِيكُمُ،
أَبَرُّ وأُوْفى بالجِوارِ وأَحْمَدُ
ورجل هِدانٌ وهِداءٌ: للثَّقِيل الوَخْمِ؛ قال الأَصمعي: لا أَدري
أَيّهما سمعت أَكثر؛ قال الراعي:
هِداءٌ أَخُو وَطْبٍ وصاحِبُ عُلْبةٍ
يَرى المَجْدَ أَن يَلْقى خِلاءً وأَمْرُعا
(* قوله« خلاء» ضبط في الأصل والتهذيب بكسر الخاء.)
ابن سيده: الهِداء الرجل الضعيف البَليد. والهَدْيُ: السُّكون؛ قال
الأَخطل:
وما هَدى هَدْيَ مَهْزُومٍ وما نَكَلا
يقول: لم يُسْرِعْ إِسْراعَ المُنْهَزم ولكن على سكون وهَدْيٍ حَسَنٍ.
والتَّهادي: مَشْيُ النِّساء والإِبل الثِّقال، وهو مشي في تَمايُل
وسكون. وجاء فلان يُهادَى بين اثنين إِذا كان يمشي بينهما معتمداً عليهما من
ضعفه وتَمايُله. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، خرج في مرضه
الذي مات فيه يُهادى بين رَجُلَيْن؛ أَبو عبيد: معناه أَنه كان يمشي
بينهما يعتمد عليهما من ضَعْفِه وتَمايُلِه، وكذلك كلُّ مَن فعل بأَحد فهو
يُهاديه؛ قال ذو الرمة:
يُهادينَ جَمَّاء المَرافِقِ وَعْثةً،
كَلِيلةَ جَحْمِ الكَعْبِ رَيَّا المُخَلْخَلِ
وإِذا فَعلت ذلك المرأَة وتَمايَلَتْ في مِشْيتها من غير أَن يُماشِيها
أَحد قيل: تَهادى؛ قال الأَعشى:
إِذا ما تأَتَّى تُريدُ القِيام،
تَهادى كما قد رأَيتَ البَهِيرا
وجئتُكَ بَعْدَ هَدْءٍ مِن الليلِ، وهَدِيٍّ لغة في هَدْءٍ؛ الأَخيرة عن
ثعلب. والهادي: الراكِسُ، وهو الثَّوْرُ في وسط البَيْدَر يَدُور عليه
الثِّيرانُ في الدِّراسة؛ وقول أَبي ذؤيب:
فما فَضْلةٌ من أَذْرِعاتٍ هَوَتْ بها
مُذَكَّرةٌ عنْسٌ كهادِيةِ الضَّحْلِ
أَراد بهادِيةِ الضَّحْلِ أَتانَ الضَّحْلِ، وهي الصخرة المَلْساء.
والهادِيةُ: الصخرة النابتةُ في الماء.