Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: أنطاكي

أَنْطاكِيَة

أَنْطاكِيَــة:
بالفتح ثم السكون، والياء مخففة، وليس في قول زهير:
علون بــأنطاكيّــة، فوق عقمة ... وراد الحواشي، لونها لون عندم
وقول امرئ القيس:
علون بــأنطاكيّــة، فوق عقمة، ... كجرمة نخل أو كجنّة يثرب
دليل على تشديد الياء لأنها للنسبة وكانت العرب إذا أعجبها شيء نسبته إلى أنطاكيــة، قال الهيثم بن عدي:
أول من بنى أنطاكيــة انطيخس وهو الملك الثالث بعد الإسكندر، وذكر يحيى بن جرير المتطبب التكريتي:
أن أول من بنى أنطاكيــة انطيغونيا في السنة السادسة من موت الإسكندر ولم يتمها فأتمها بعده سلوقوس، وهو الذي بنى اللاذقية وحلب والرّها وأفامية، وقال في موضع آخر من كتابه: بنى الملك أنطيغونيا على نهر أورنطس مدينة وسماها أنطيوخيا وهي التي كمّل سلوقوس بناءها وزخرفها وسماها على اسم ولده انطيوخوس وهي أنطاكيــة، وقال بطليموس:
مدينة أنطاكيــة طولها تسع وستون درجة وعرضها خمس وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة تحت اثنتي عشرة درجة من السرطان وثلاثين دقيقة، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، بيت عاقبتها مثلها من الميزان، لها درجتان ونصف من الحوت، تحكم فيه كفّ الخضيب وهي في الإقليم الرابع، وقيل: إن أول من بناها وسكنها أنطاكيــة بنت الروم بن اليقن (اليفز) بن سام بن نوح، عليه السلام، أخت أنطالية، باللام، ولم تزل أنطاكيــة قصبة العواصم من الثغور الشامية، وهي من أعيان البلاد وأمهاتها، موصوفة بالنزاهة والحسن وطيب الهواء وعذوبة الماء وكثرة الفواكه وسعة الخير.
وقال ابن بطلان في رسالة كتبها إلى بغداد إلى أبي الحسن هلال بن المحسن الصابي في سنة نيف وأربعين وأربعمائة، قال فيها: وخرجنا من حلب طالبين أنطاكيــة، وبينهما يوم وليلة، فوجدنا المسافة التي بين حلب وأنطاكيــة عامرة لا خراب فيها أصلا، ولكنها أرض تزرع الحنطة والشعير تحت شجر الزيتون، قراها متصلة ورياضها مزهرة ومياهها منفجرة، يقطعها المسافر في بال رخيّ وأمن وسكون. وأنطاكيــة: بلد عظيم ذو سور وفصيل، ولسوره ثلاثمائة وستون برجا يطوف عليها بالنوبة أربعة آلاف حارس ينفذون من القسطنطينية من حضرة الملك يضمنون حراسة البلد سنة، ويستبدل بهم في السنة الثانية، وشكل البلد كنصف دائرة قطرها يتصل بجبل، والسور يصعد مع الجبل إلى قلّته فتتم دائرة، وفي رأس الجبل داخل السور قلعة تبين لبعدها من البلد صغيرة، وهذا الجبل يستر عنها الشمس فلا تطلع عليها إلا في الساعة الثانية، وللسور المحيط بها دون الجبل خمسة أبواب، وفي وسطها بيعة القسيان، وكانت دار قسيان الملك الذي أحيا ولده فطرس رئيس الحواريين، وهو هيكل طوله مائة خطوة وعرضه ثمانون، وعليه كنيسة على أساطين، وكان يدور الهيكل أروقة يجلس عليها القضاة للحكومة ومتعلمو النحو اللّغة، وعلى أحد أبواب هذه الكنيسة فنجان للساعات يعمل ليلا ونهارا دائما اثنتي عشرة ساعة وهو من عجائب الدنيا، وفي أعلاه خمس طبقات في الخامسة منها حمّامات وبساتين ومناظر حسنة تخرّ منها المياه، وعلّة ذلك أن الماء ينزل عليها من الجبل المطلّ على المدينة، وهناك من الكنائس ما لا يحدّ كلها معمولة بالذهب والفضة والزجاج الملوّن والبلاط المجزّع، وفي البلد بيمارستان يراعي البطريك المرضى فيه بنفسه ويدخل المجذّمين الحمام في كل سنة فيغسل شعورهم بيده، ومثل ذلك يفعل الملك بالضعفاء كل سنة ويعينه على خدمتهم الأجلّاء من الرؤساء والبطارقة التماس التواضع، وفي المدينة من الحمامات ما لا يوجد مثله في مدينة أخرى لذاذة وطيبة لأن وقودها الآس ومياهها تسعى سيحا بلا كلفة، وفي بيعة القسيان من الخدم المسترزقة ما لا يحصى، ولها ديوان لدخل الكنيسة وخرجها، وفي الديوان بضعة عشر كاتبا، ومنذ سنة وكسر وقعت في الكنيسة صاعقة وكانت حالها أعجوبة وذلك أنه تكاثرت الأمطار في آخر سنة 1362 للإسكندر الواقع في سنة 442 للهجرة، وتواصلت أكثر أيام نيسان، وحدث في الليلة التي صبيحتها يوم السبت الثالث عشر من نيسان رعد وبرق أكثر مما ألف وعهد، وسمع في جملته أصوات رعد كثيرة مهولة أزعجت النفوس، ووقعت في الحال صاعقة على صدفة مخبأة في المذبح الذي للقسيان ففلقت من وجه النّسرانية قطعة تشاكل ما قد نحت بالفأس والحديد الذي تنحت به الحجارة، وسقط صليب حديد كان منصوبا على علوّ هذه الصدفة وبقي في المكان الذي سقط فيه وانقطع من الصدفة أيضا قطعة يسيرة، ونزلت الصاعقة من منفذ في الصدفة وتنزل فيه إلى المذبح سلسلة فضة غليظة يعلّق فيها الثّميوطون، وسعة هذا المنفذ إصبعان، فتقطعت السلسلة قطعا كثيرة وانسبك بعضها ووجد ما انسبك منها ملقى على وجه الأرض، وسقط تاج فضة كان معلقا بين يدي مائدة المذبح، وكان من وراء المائدة في غربيّها ثلاثة كراس خشبية مربّعة مرتفعة ينصب عليها ثلاثة صلبان كبار فضة مذهبة مرصّعة، وقلع قبل تلك الليلة الصليبان الطّرفيّان ورفعا إلى خزانة الكنيسة وترك الوسطاني على حاله فانكسر الكرسيان الطرفيان وتشظّيا وتطايرت الشظايا إلى داخل المذبح وخارجه من غير أن يظهر فيها أثر حريق كما ظهر في السلسلة، ولم ينل الكرسي الوسطاني ولا الصليب الذي عليه شيء، وكان على كل واحد من الأعمدة الأربعة الرخام التي تحمل القبة الفضة التي تغطي مائدة المذبح ثوب ديباج ملفوف على كل عمود فتقطّع كل واحد منها قطعا كبارا وصغارا، وكانت هذه القطع بمنزلة ما قد عفن وتهرّأ، ولا يشبه ما قد لا مسته نار ولا ما احترق، ولم يلحق المائدة ولا شيئا من هذه الملابس التي عليها ضرر ولا بان فيها أثر، وانقطع بعض الرخام الذي بين يدي مائدة المذبح مع ما تحته من الكلس والنّورة كقطع الفأس، ومن جملته لوح رخام كبير طفر من موضعه فتكسر إلى علوّ تربيع القبة الفضة التي تغطي المائدة وبقيت هناك على حالها، وتطافرت بقية الرخام إلى ما قرب من المواضع وبعد، وكان في المجنّبة التي للمذبح بكرة خشب فيها حبل قنّب مجاور للسلسلة الفضة التي تقطعت وانسبك بعضها معلّق فيها طبق فضة كبير عليه فراخ قناديل زجاج بقي على حاله ولم ينطفئ شيء من قناديله ولا غيرها ولا شمعة كانت قريبة من الكرسيين الخشب ولا زال منها شيء وكان جملة هذا الحادث مما يعجب منه، وشاهد غير واحد في داخل أنطاكيــة وخارجها في ليلة الاثنين الخامس من شهر آب من السنة المقدم ذكرها في السماء شبه كوّة ينور منها نور ساطع لامع ثم انطفأ وأصبح الناس يتحدّثون بذلك، وتوالت الأخبار بعد ذلك بأنه كان في أول نهار يوم الاثنين في مدينة عنجرة، وهي داخل بلاد الروم على تسعة عشر يوما من أنطاكيــة، زلزلة مهولة تتابعت في ذلك اليوم وسقط منها أبنية كثيرة وخسف موضع في ظاهرها، وكان هناك كنيسة كبيرة وحصن لطيف غابا حتى لم يبق لهما أثر، ونبع من ذلك الخسف ماء حارّ شديد الحرارة كثير المنبع المتدفّق، وغرق منه سبعون ضيعة، وتهارب خلق كثير من تلك الضياع إلى رؤوس الجبال والمواضع المرتفعة فسلموا وبقي ذلك الماء على وجه الأرض سبعة أيام، وانبسط حول هذه المدينة مسافة يومين ثم نضب وصار موضعه وحلا، وحضر جماعة ممن شاهد هذه الحال فحدّثوا بها أهل أنطاكيــة على ما سطرته، وحكوا أن الناس كانوا يصعدون أمتعتهم إلى رأس الجبل فيضطرب من عظم الزلزلة فيتدحرج المتاع إلى الأرض، وفي ظاهر البلد نهر يعرف بالمقلوب يأخذ من الجنوب إلى الشمال وهو مثل نهر عيسى وعليه رحى ويسقي البساتين والأراضي، آخر ما كتبناه من كتاب ابن بطلان، وبين أنطاكيــة والبحر نحو فرسخين ولها مرسى في بليد يقال له السّويديّة ترسو فيه مراكب الأفرنج يرفعون منه أمتعتهم على الدواب إلى أنطاكيــة، وكان الرشيد العباسي قد دخل أنطاكيــة في بعض غزواته فاستطابها جدا وعزم على المقام بها، فقال له شيخ من أهلها:
ليست هذه من بلدانك يا أمير المؤمنين، قال:
وكيف؟ قال: لأن الطيب الفاخر فيها يتغيّر حتى لا ينتفع به والسلاح يصدأ فيها ولو كان من قلعيّ الهند، فصدقه في ذلك فتركها ودفع عنها. وأما فتحها فإن أبا عبيدة بن الجراح سار إليها من حلب وقد تحصن بها خلق كثير من أهل جند قنّسرين فلما صار بمهروية على فرسخين من مدينة أنطاكيــة لقيه جمع من العدوّ ففضّهم وألجأهم إلى المدينة وحاصر أهلها من جميع نواحيها، وكان معظم الجيش على باب فارس والباب الذي يدعى باب البحر، ثم إنهم صالحوه على الجزية أو الجلاء فجلا بعضهم وأقام بعض منهم فأمنهم ووضع على كل حالم دينارا وجريبا، ثم نقضوا العهد فوجه إليهم أبو عبيدة عياض بن غنم وحبيب بن مسلمة ففتحاها على الصلح الأول، ويقال: بل نقضوا بعد رجوع أبي عبيدة إلى فلسطين فوجّه عمرو بن العاص من إيلياء ففتحها ورجع ومكث يسيرا حتى طلب أهل إيلياء الأمان والصلح، ثم انتقل إليها قوم من أهل حمص وبعلبك مرابطة، منهم: مسلم بن عبد الله جدّ عبد الله بن حبيب بن النعمان بن مسلم الــأنطاكي، وكان مسلم قتل على باب من أبوابها فهو يعرف بباب مسلم إلى الآن، وذلك أن الروم خرجت من البحر فأناخت على أنطاكيــة وكان مسلم على السور فرماه علج بحجر فقتله، ثم إن الوليد بن عبد الملك بن مروان أقطع جند أنطاكيــة أرض سلوقية عند الساحل وصيّر إليهم الفلثر بدينار ومدّي قمح فعمّروها، وجرى ذلك لهم وبنى حصن سلوقية، والفلثر: مقدار من الأرض معلوم كما يقول غيرهم الفدّان والجريب، ثم لم تزل بعد ذلك أنطاكيــة في أيدي المسلمين وثغرا من ثغورهم إلى أن ملكها الروم في سنة 353 بعد أن ملكوا الثغور المصّيصة وطرسوس واذنة واستمرت في أيديهم إلى أن استنقذها منهم سليمان بن قتلمش السّلجوقي جدّ ملوك آل سلجوق اليوم في سنة 477، وسار شرف الدولة مسلم بن قريش من حلب إلى سليمان ليدفعه عنها فقتله سليمان سنة 478، وكتب سليمان إلى السلطان جلال الدولة ملك شاه بن ألب أرسلان يخبّره بفتحها فسرّ به وأمر بضرب البشائر، فقال الأبيوردي يخاطب ملك شاه:
لمعت، كناصية الحصان الأشقر، ... نار بمعتلج الكثيب الأحمر
وفتحت أنطاكيّــة الروم، التي ... نشزت معاقلها على الإسكندر
وطئت مناكبها جيادك، فانثنت ... تلقي أجثّتها بنات الأصفر
فاستقام أمرها وبقيت في أيدي المسلمين إلى أن ملكتها الأفرنج من واليها بغيسغان التّركي بحيلة تمّت عليه وخرج منها فندم ومات من الغبن قبل أن يصل إلى حلب، وذلك في سنة 491، وهي في أيديهم إلى الآن، وبــأنطاكيــة قبر حبيب النّجّار يقصد من المواضع البعيدة وقبره يزار، ويقال إنه نزلت فيه: وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى، قال يا قوم اتبعوا المرسلين، وقد نسب إليها جماعة كثيرة من أهل العلم وغيرهم، منهم:
عمر بن عليّ بن الحسن بن محمد بن إبراهيم بن عبيد ابن زهير بن مطيع بن جرير بن عطية بن جابر بن عوف ابن ذبيان بن مرثد بن عمرو بن عمير بن عمران ابن عتيك بن الأزد أبو حفص العتكي الــأنطاكي الخطيب صاحب كتاب المقبول، سمع أبا بكر الخرائطي والحسن بن عليّ بن روح الكفرطابي ومحمد ابن حريم وأبا الحسن بن جوصا، سمع منهم ومن غيرهم بدمشق، وقدم مرّة أخرى في سنة 359 مستنفرا، فحدّث بها وبحمص عن جماعة كثيرة، روى عنه عبد الوهاب الميداني ومسدّد بن علي الأملوكي وغيرهما، وكتب عنه أبو الحسين الرازي وعثمان بن عبد الله بن محمد بن خرداذ الــأنطاكي أبو عمرو محدّث مشهور له رحلة، سمع بدمشق محمد بن عائذ وأبا نصر إسحاق بن إبراهيم الفراديسي وإبراهيم بن هشام بن يحيى ودحيما وهشام بن عمّار وسعيد بن كثير بن عفير وأبا الوليد الطيالسي وشيبان بن فرّوخ وأبا بكر وعثمان ابني أبي شيبة وعفّان بن مسلم وعلي بن الجعد وجماعة سواهم، روى عنه أبو حاتم الرازي وهو أكبر منه وأبو الحسن بن جوصا وأبو عوانة الأسفراييني وخيثمة بن سليمان وغيرهم، وكان من الحفاظ المشهورين، وقال أبو عبد الله الحاكم عثمان بن خرداذ: ثقة مأمون، وذكر دحيم أنه مات بــأنطاكيــة في المحرم سنة 282، وإبراهيم بن عبد الرّزّاق أبو يحيى الأزدي، ويقال العجلي الــأنطاكي الفقيه المقري، قرأ القرآن بدمشق على هارون بن موسى بن شريك الأخفش، وقرأ على عثمان بن خرداذ ومحمد بن عبد الرحمن بن خالد المكي المعروف بقنبل وغيرهما، وصنف كتابا يشتمل على القراءات الثماني، وحدّث عن آخرين، روى عنه أبو الفضل محمد بن عبد الله بن المطّلب الشيباني وأبو الحسين بن جميع وغيرهما، ومات بــأنطاكيــة سنة 338، وقيل: في شعبان سنة تسع.

تذكرة الشيخ: داود بن عمر الأنطاكي

تذكرة الشيخ: داود بن عمر الــأنطاكي
الطبيب، الضرير، نزيل مصر.
المتوفى بمكة: سنة خمس وألف.
وأرخ صاحب: (خلاصة الأثر) وفاته في: سنة 1008.
وهو: تأليف عظيم.
سماه: (تذكرة أولي الألباب، والجامع للعجب العجاب).
أوله: (سبحان مبدع مواد الكائنات... الخ).
ذكر فيه: أنه أنفق عمره في تحصيل الطب.
وألف فيه كتبا، منها: هذه (التذكرة).
رتب على: مقدمة، وأربعة أبواب، وخاتمة.
المقدمة: في تعداد العلوم.
الباب الأول: في كليات هذا العلم.
الباب الثاني: في قوانين الإفراد، والتركيب.
الباب الثالث: في المفردات، والمركبات.
الباب الرابع: في الأمراض، وبسط العلوم المذكورة.
والخاتمة: في نكت، وغرائب.
وذكر في بعض تأليفه: أن مالكه لم يحتج إلى كتاب سواه، وفيه ما يدل على أنه أتمه، وهو المنقول الشائع، لكن المدون المنتشر على نقصان من حرف الطاء من الباب الرابع، إلى آخر الكتاب.
وروي أنه: لم يخرج بعد وفاته إلا هذا.
وذهب بعض التجار ببعض أجزائه إلى الهند، فضاع، وبقي ناقصا.

حَلَبُ

حَلَبُ:
بالتحريك: مدينة عظيمة واسعة كثيرة الخيرات طيبة الهواء صحيحة الأديم والماء، وهي قصبة جند قنّسرين في أيامنا هذه، والحلب في اللغة: مصدر قولك حلبت أحلب حلبا وهربت هربا وطربت طربا، والحلب أيضا: اللبن الحليب، يقال: حلبنا وشربنا لبنا حليبا وحلبا، والحلب من الجباية مثل الصدقة ونحوها، قال الزّجّاجي: سمّيت حلب لأن إبراهيم، عليه السلام، كان يحلب فيها غنمه في الجمعات ويتصدّق به فيقول الفقراء حلب حلب، فسمي به، قلت أنا: وهذا فيه نظر لأن إبراهيم، عليه السلام، وأهل الشام في أيامه لم يكونوا عربا إنما العربية في ولد ابنه إسماعيل، عليه السلام، وقحطان، على أن إبراهيم في قلعة حلب مقامين يزاران إلى الآن، فإن كان لهذه اللفظة، أعني حلب، أصل في العبرانية أو السريانية لجاز ذلك لأن كثيرا من كلامهم يشبه كلام العرب لا يفارقه إلا بعجمة يسيرة كقولهم كهنّم في جهنم، وقال قوم: إن حلب وحمص وبرذعة كانوا إخوة من بني عمليق فبنى كلّ واحد منهم مدينة فسمّيت به، وهم بنو مهر بن حيص بن جان بن مكنّف، وقال الشرقي: عمليق بن يلمع بن عائذ ابن اسليخ بن لوذ بن سام، وقال غيره: عمليق بن لوذ بن سام، وكانت العرب تسميه غريبا وتقول في مثل: من يطع غريبا يمس غريبا، يعنون عمليق ابن لوذ، ويقال: إن لهم بقية في العرب لأنهم كانوا قد اختلطوا بهم، ومنهم الزّبّاء، فعلى هذا يصحّ أن يكون أهل هذه المدينة كانوا يتكلمون بالعربية فيقولون حلب إذا حلب إبراهيم، عليه السلام.
قال بطليموس: طول مدينة حلب تسع وستون درجة وثلاثون دقيقة، وعرضها خمس وثلاثون درجة وخمس وعشرون دقيقة، داخلة في الإقليم الرابع، طالعها العقرب، وبيت حياتها إحدى وعشرون درجة من القوس، لها شركة في النسر الطائر تحت إحدى عشرة درجة من السرطان، وخمس وثلاثون دقيقة، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، عاقبتها مثلها من الميزان، قال أبو عون في زيجه: طول حلب ثلاث وستون درجة، وعرضها أربع وثلاثون درجة وثلث، وهي في الإقليم الرابع، وذكر أبو نصر يحيى بن جرير الطبيب التكريتي النصراني في كتاب ألّفه أن سلوقوس الموصلي ملك خمسا وأربعين سنة، وأول ملكه كان في سنة ثلاثة آلاف وتسعمائة وتسع وخمسين لآدم، عليه السلام، قال:
وفي سنة تسع وخمسين من مملكته، وهي سنة أربعة آلاف وثماني عشرة لآدم، ملك طوسا المسمّاة سميرم مع أبيها وهو الذي بنى حلب بعد دولة الإسكندر وموته باثنتي عشرة سنة، وقال في موضع آخر:
كان الملك على سوريا وبابل والبلاد العليا سلوقوس نيقطور، وهو سريانيّ، وملك في السنة الثالثة عشرة لبطليموس بن لاغوس بعد ممات الإسكندر، وفي السنة الثالثة عشرة من مملكته بنى سلوقوس اللاذقية وسلوقية وأفامية وباروّا وهي حلب واداسا وهي الرّها وكمل بناء أنطاكيــة، وكان بناها قبله، يعني أنطاكيــة، انطيقوس في السنة السادسة من موت الإسكندر، وذكر آخرون في سبب عمارة حلب أن العماليق لما استولوا على البلاد الشامية وتقاسموها بينهم استوطن ملوكهم مدينة عمّان ومدينة أريحا الغور ودعاهم الناس الجبارين، وكانت قنّسرين مدينة عامرة ولم يكن يومئذ اسمها قنّسرين وإنما كان اسمها صوبا، وكان هذا الجبل المعروف الآن بسمعان
يعرف بجبل بني صنم، وبنو صنم كانوا يعبدونه في موضع يعرف اليوم بكفرنبو، والعمائر الموجودة في هذا الجبل إلى اليوم هي آثار المقيمين في جوار هذا الصنم، وقيل: إن بلعام بن باعور البالسي إنما بعثه الله إلى عبّاد هذا الصنم لينهاهم عن عبادته، وقد جاء ذكر هذا الصنم في بعض كتب بني إسرائيل، وأمر الله بعض أنبيائهم بكسره، ولما ملك بلقورس الأثوري الموصل وقصبتها يومئذ نينوى كان المستولي على خطّة قنسرين حلب بن المهر أحد بني الجان بن مكنّف من العماليق، فاختط مدينة سمّيت به، وكان ذلك على مضي ثلاثة آلاف وتسعمائة وتسعين سنة لآدم، وكانت مدة ملك بلقورس هذا ثلاثين عاما، وكان بناها بعد ورود إبراهيم، عليه السلام، إلى الديار الشامية بخمسمائة وتسع وأربعين سنة لأن إبراهيم ابتلي بما ابتلي به من نمرود زمانه، واسمه راميس، وهو الرابع من ملوك أثورا، ومدة ملكه تسع وثلاثون سنة، ومدة ما بينه وبين آدم، عليه السلام، ثلاثة آلاف وأربعمائة وثلاث عشرة سنة، وفي السنة الرابعة والعشرين من ملكه ابتلي به إبراهيم فهرب منه مع عشيرته إلى ناحية حرّان ثم انتقل إلى جبل البيت المقدس، وكانت عمارتها بعد خروج موسى، عليه السلام، من مصر ببني إسرائيل إلى التيه وغرق فرعون بمائة وعشرة أعوام، وكان أكبر الأسباب في عمارتها ما حل بالعماليق في البلاد الشامية من خلفاء موسى، وذلك أن يوشع بن نون، عليه السلام، لما خلف موسى قاتل أريحا الغور وافتتحها وسبى وأحرق وأخرب ثم افتتح بعد ذلك مدينة عمّان، وارتفع العماليق عن تلك الديار إلى أرض صوبا، وهي قنّسرين، وبنوا حلب وجعلوها حصنا لأنفسهم وأموالهم ثم اختطوا بعد ذلك العواصم، ولم يزل الجبارون مستولين عليها متحصّنين بعواصمها إلى أن بعث الله داود، عليه السلام، فانتزعهم عنها.
وقرأت في رسالة كتبها ابن بطلان المتطبّب إلى هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابي في نحو سنة 440 في دولة بني مرداس فقال: دخلنا من الرّصافة إلى حلب في أربع مراحل، وحلب بلد مسوّر بحجر أبيض وفيه ستة أبواب وفي جانب السور قلعة في أعلاها مسجد وكنيستان وفي إحداهما كان المذبح الذي قرّب عليه إبراهيم، عليه السلام، وفي أسفل القلعة مغارة كان يخبئ بها غنمه، وكان إذا حلبها أضاف الناس بلبنها، فكانوا يقولون حلب أم لا؟
ويسأل بعضهم بعضا عن ذلك، فسميت لذلك حلبا، وفي البلد جامع وست بيع وبيمارستان صغير، والفقهاء يفتون على مذهب الإمامية، وشرب أهل البلد من صهاريج فيه مملوءة بماء المطر، وعلى بابه نهر يعرف بقويق يمد في الشتاء وينضب في الصيف، وفي وسط البلد دار علوة صاحبة البحتري، وهو بلد قليل الفواكه والبقول والنبيذ إلا ما يأتيه من بلاد الروم، وفيها من الشعراء جماعة، منهم: شاعر يعرف بأبي الفتح بن أبي حصينة، ومن جملة شعره قوله:
ولما التقينا للوداع، ودمعها ... ودمعي يفيضان الصبابة والوجدا
بكت لؤلؤا رطبا، ففاضت مدامعي ... عقيقا، فصار الكل في نحرها عقدا
وفيها كاتب نصراني له في قطعة في الخمر أظنه صاعد بن شمّامة:
خافت صوارم أيدي المازجين لها، ... فألبست جسمها درعا من الحبب
وفيها حدث يعرف بأبي محمد بن سنان قد ناهز العشرين وعلا في الشعر طبقة المحنّكين، فمن قوله:
إذا هجوتكم لم أخش صولتكم، ... وإن مدحت فكيف الريّ باللهب
فحين لم ألق لا خوفا ولا طمعا ... رغبت في الهجو، إشفاقا من الكذب
وفيها شاعر يعرف بأبي العباس يكنى بأبي المشكور، مليح الشعر سريع الجواب حلو الشمائل، له في المجون بضاعة قوية وفي الخلاعة يد باسطة، وله أبيات إلى والده:
يا أبا العباس والفضل! ... أبا العباس تكنى
أنت مع أمّي، بلا شكّ، ... تحاكي الكركدنّا
أنبتت، في كل مجرى ... شعرة في الرأس، قرنا
فأجابه أبوه:
أنت أولى بأبي المذمو ... م بين الناس تكنى
ليت لي بنتا، ولا أنت، ... ولو بنت يحنّا
بنت يحنّا: مغنية بــأنطاكيــة تحنّ إلى القرباء وتضيف الغرباء مشهورة بالعهر، قال: ومن عجائب حلب أن في قيسارية البزّ عشرين. دكانا للوكلاء يبيعون فيها كل يوم متاعا قدره عشرون ألف دينار مستمرّ ذلك منذ عشرين سنة وإلى الآن، وما في حلب موضع خراب أصلا، وخرجنا من حلب طالبين أنطاكيــة، وبينها وبين حلب يوم وليلة، آخر ما ذكر ابن بطلان.
وقلعة حلب مقام إبراهيم الخليل، وفيه صندوق به قطعة من رأس يحيى بن زكرياء، عليه السلام، ظهرت سنة 435، وعند باب الجنان مشهد علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، رؤي فيه في النوم، وداخل باب العراق مسجد غوث فيه حجر عليه كتابة زعموا أنه خطّ علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وفي غربي البلد في سفح جبل جوشن قبر المحسن بن الحسين يزعمون أنه سقط لما جيء بالسّبي من العراق ليحمل إلى دمشق أو طفل كان معهم بحلب فدفن هنالك، وبالقرب منه مشهد مليح العمارة تعصّب الحلبيّون وبنوه أحكم بناء وأنفقوا عليه أموالا، يزعمون أنهم رأوا عليّا، رضي الله عنه، في المنام في ذلك المكان، وفي قبلي الجبل جبّانة واحدة يسمونها المقام، بها مقام لإبراهيم، عليه السلام، وبظاهر باب اليهود حجر على الطريق ينذر له ويصبّ عليه ماء الورد والطيب ويشترك المسلمون واليهود والنصارى في زيارته، يقال إن تحته قبر بعض الأنبياء.
وأما المسافات فمنها إلى قنّسرين يوم وإلى المعرّة يومان وإلى أنطاكيــة ثلاثة أيام وإلى الرّقّة أربعة أيام وإلى الأثارب يوم وإلى توزين يوم وإلى منبج يومان وإلى بالس يومان وإلى خناصرة يومان وإلى حماة ثلاثة أيام وإلى حمص أربعة أيام وإلى حرّان خمسة أيام وإلى اللاذقية ثلاثة أيام وإلى جبلة ثلاثة أيام وإلى طرابلس أربعة أيام وإلى دمشق تسعة أيام، قال المؤلف، رحمة الله عليه: وشاهدت من حلب وأعمالها ما استدللت به على أن الله تعالى خصّها بالبركة وفضّلها على جميع البلاد، فمن ذلك أنه يزرع في أراضيها القطن والسمسم والبطيخ والخيار والدخن والكروم والذرة والمشمش والتين والتفاح عذيا لا يسقى إلا بماء المطر ويجيء مع ذلك رخصا
غضّا رويّا يفوق ما يسقى بالمياه والسيح في جميع البلاد، وهذا لم أره فيما طوّفت من البلاد في غير أرضها، ومن ذلك أن مسافة ما بيد مالكها في أيامنا هذه، وهو الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر غازي ابن الملك الناصر يوسف بن أيوب ومدبّر دولته والقائم بجميع أموره شهاب الدين طغرل، وهو خادم روميّ زاهد متعبّد، حسن العدل والرأفة برعيته، لا نظير له في أيامه في جميع أقطار الأرض، حاشا الإمام المستنصر بالله أبي جعفر المنصور بن الظاهر ابن الناصر لدين الله، فإن كرمه وعدله ورأفته قد تجاوزت الحدّ فالله بكرمه يرحم رعيتهما بطول بقائمها، من المشرق إلى المغرب مسيرة خمسة أيام، ومن الجنوب إلى الشمال مثل ذلك، وفيها ثمانمائة ونيف وعشرون قرية ملك لأهلها ليس للسلطان فيها إلا مقاطعات يسيرة، ونحو مائتين ونيف قرية مشتركة بين الرعية والسلطان، وقفني الوزير الصاحب القاضي الأكرم جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن إبراهيم الشيباني القفطي، أدام الله تعالى أيامه وختم بالصالحات أعماله، وهو يومئذ وزير صاحبها ومدبر دواوينها، على الجريدة بذلك وأسماء القرى وأسماء ملّاكها، وهي بعد ذلك تقوم برزق خمسة آلاف فارس مراخي الغلة موسع عليهم، قال لي الوزير الأكرم، أدام الله تعالى علوّه: لو لم يقع إسراف في خواصّ الأمراء وجماعة من أعيان المفاريد لقامت بأرزاق سبعة آلاف فارس لأن فيها من الطواشية المفاريد ما يزيد على ألف فارس يحصل للواحد منهم في العام من عشرة آلاف درهم إلى خمسة عشر ألف درهم، ويمكن أن يستخدم من فضلات خواصّ الأمراء ألف فارس، وفي أعمالها إحدى وعشرون قلعة، يقام بذخائرها وأرزاق مستحفظيها خارجا عن جميع ما ذكرناه، وهو جملة أخرى كثيرة، ثم يرتفع بعد ذلك كله من فضلات الإقطاعات الخاصة بالسلطان من سائر الجبايات إلى قلعتها عنبا وحبوبا ما يقارب في كل يوم عشرة آلاف درهم، وقد ارتفع إليها في العام الماضي، وهو سنة 625، من جهة واحدة، وهي دار الزكاة التي يجبى فيها العشور من الأفرنج والزكاة من المسلمين وحق البيع، سبعمائة ألف درهم، وهذا مع العدل الكامل والرفق الشامل بحيث لا يرى فيها متظلّم ولا متهضّم ولا مهتضم، وهذا من بركة العدل وحسن النية.
وأما فتحها فذكر البلاذري أن أبا عبيدة رحل إلى حلب وعلى مقدمته عياض بن غنم الفهري، وكان أبوه يسمّى عبد غنم، فلما أسلم عياض كره أن يقال له ابن عبد غنم فقال: أنا عياض بن غنم، فوجد أهلها قد تحصنوا، فنزل عليها فلم يلبثوا أن طلبوا الصلح والأمان على أنفسهم وأولادهم وسور مدينتهم وكنائسهم ومنازلهم والحصن الذي بها، فأعطوا ذلك واستثنى عليهم موضع المسجد، وكان الذي صالحهم عياض، فأنفذ أبو عبيدة صلحه، وقيل: بل صالحوا على حقن دمائهم وأن يقاسموا أنصاف منازلهم وكنائسهم، وقيل: إن أبا عبيدة لم يصادف بحلب أحدا لأن أهلها انتقلوا إلى أنطاكيــة وأنهم إنما صالحوا على مدينتهم بها ثم رجعوا إليها.
وأما قلعتها فبها يضرب المثل في الحسن والحصانة لأن مدينة حلب في وطاء من الأرض وفي وسط ذلك الوطإ جبل عال مدوّر صحيح التدوير مهندم بتراب صح به تدويره، والقلعة مبنيّة في رأسه، ولها خندق عظيم وصل بحفره إلى الماء، وفي وسط هذه القلعة مصانع تصل إلى الماء المعين، وفيها جامع وميدان وبساتين ودور كثيرة، وكان الملك الظاهر غازي بن
صلاح الدين يوسف بن أيوب قد اعتنى بها بهمّته العالية فعمّرها بعمارة عادية وحفر خندقها وبنى رصيفها بالحجارة المهندمة فجاءت عجبا للناظرين إليها، لكن المنية حالت بينه وبين تتمّتها، ولها في أيامنا هذه سبعة أبواب: باب الأربعين، وباب اليهود، وكان الملك الظاهر قد جدّد عمارته وسمّاه باب النصر، وباب الجنان، وباب أنطاكيــة، وباب قنّسرين، وباب العراق، وباب السرّ، وما زال فيها على قديم الزمان وحديثه أدباء وشعراء، ولأهلها عناية بإصلاح أنفسهم وتثمير الأموال، فقلّ ما ترى من نشئها من لم يتقيل أخلاق آبائه في مثل ذلك، فلذلك فيها بيوتات قديمة معروفة بالثّروة ويتوارثونها ويحافظون على حفظ قديمهم بخلاف سائر البلدان، وقد أكثر الشعراء من ذكرها ووصفها والحنين إليها، وأنا أقتنع من ذلك بقصيدة لأبي بكر محمد بن الحسن بن مرّار الصّنوبري وقد أجاد فيها ووصف متنزهاتها وقراها القريبة منها فقال:
احبسا العيس احبساها، ... وسلا الدار سلاها
واسألا أين ظباء ال ... دّار أم أين مهاها
أين قطّان محاهم ... ريب دهر ومحاها
صمّت الدار عن السا ... ئل، لا صمّ صداها
بليت بعدهم الدا ... ر، وأبلاني بلاها
آية شطّت نوى الإظ ... عان، لا شطّت نواها
من بدور من دجاها، ... وشموس من ضحاها
ليس ينهى النفس ناه ... ما أطاعت من عصاها
بأبي من عرسها وسخ ... طي، ومن عرسي رضاها
دمية إن جلّيت كا ... نت حلى الحسن حلاها
دمية ألقت إليها ... راية الحسن دماها
دمية تسقيك عينا ... ها، كما تسقي مداها
أعطيت لونا من الور ... د، وزيدت وجنتاها
حبّذا الباءات باءت، ... وقويق ورباها
بانقوساها بها با ... هي المباهي، حين باهى
وبباصفرا وبابل ... لا ربا مثلي وتاها
لا قلى صحراء نافر ... قلّ شوقي، لا قلاها [1]
لا سلا أجبال باسل ... لين قلبي، لا سلاها
وبباسلّين فليب ... غ ركابي من بغاها
وإلى باشقلّيشا ... ذو التناهي يتناهى [1] قوله: نافر، بسكون الراء، هكذا في الأصل.
وبعاذين، فواها ... لبعاذين، وواها
بين نهر وقناة ... قد تلته وتلاها
ومجاري برك، يجلو ... همومي مجتلاها
ورياض تلتقي آ ... مالنا في ملتقاها
زاد أعلاها علوّا ... جوشنا لمّا علاها
وازدهت برج أبي الحا ... رث حسنا وازدهاها
واطّبت مستشرف الحص ... ن، اشتياقا، واطّباها
وأرى المنية فازت ... كلّ نفس بمناها
إذ هواي العوجان السا ... لب النفس هواها
ومقيلي بركة التّل ... ل وسيبات رحاها
بركة تربتها الكا ... فوز، والدّرّ حصاها
كم غراني طربي حي ... تانها لما غراها
إذ تلى مطبّخ الحي ... تان منها مشتواها
بمروج اللهو ألقت ... عير لذّاتي عصاها
وبمغنى الكامليّ اس ... تكملت نفسي مناها
وغرت ذا الجوهريّ ال ... مزن غيثا، وغراها
كلأ الراموسة الحس ... ناء ربي، وكلاها
وجزى الجنّات بالسّع ... دى بنعمى، وجزاها
وفدى البستان من فا ... رس صبّ وفداها
وغرت ذا الجوهريّ ال ... مزن، محلولا عراها
واذكرا دار السّليما ... نيّة اليوم، اذكراها
حيث عجنا نحوها العي ... س تبارى في براها
وصفا العافية المو ... سومة الوصف صفاها
فهي في معنى اسمها حذ ... وبحذو، وكفاها
وصلا سطحي وأحوا ... ضي، خليليّ، صلاها
وردا ساحة صهري ... جي على سوق رداها
وامزجا الراح بماء ... منه، أو لا تمزجاها
حلب بدر دجّى، أن ... جمها الزّهر قراها
حبّذا جامعها الجا ... مع للنفس تقاها
موطن مرسي دور ألب ... رّ بمرساة حباها [1]
شهوات الطرف فيه، ... فوق ما كان اشتهاها
قبلة كرّمها الل ... هـ بنور، وحباها
ورآها ذهبا في ... لازورد من رآها
ومراقي منبر، أع ... ظم شيء مرتقاها
وذرى مئذنة، طا ... لت ذرى النجم ذراها
والنّواريّة ما لا ... ترياه لسواها
قصعة ما عدت الكع ... ب، ولا الكعب عداها
أبدا، يستقبل السّح ... ب بسحب من حشاها
فهي تسقي الغيث إن لم ... يسقها، أو إن سقاها
كنفتها قبّة يض ... حك عنها كنفاها
قبّة أبدع بانى ... ها بناء، إذ بناها
ضاهت الوشي نقوشا، ... فحكته وحكاها
لو رآها مبتني قب ... بة كسرى ما ابتناها
فبذا الجامع سرو ... يتباهى من تباهي
جنّبا السارية الخض ... راء منه، جنّباها
قبلة المستشرف الأع ... لى، إذا قابلتماها
حيث يأتي خلفه الآ ... داب منها من أتاها
من رجالات حبّى لم ... يحلل الجهل حباها
من رآهم من سفيه ... باع بالعلم السفاها
وعلى ذاك سرور ال ... نفس منّي وأساها
شجو نفسي باب قنّس ... رين، وهنا، وشجاها
حدث أبكي التي في ... هـ، ومثلي من بكاها
أنا أحمي حلبا دا ... را، وأحمي من حماها
أيّ حسن ما حوته ... حلب، أو ما حواها
سروها الداني، كما تد ... نو فتاة من فتاها
آسها الثاني القدود ال ... هيف، لمّا أن ثناها [1] هذا البيت مختل الوزن ولعل فيه تصحيفا.
نخلها زيتونها، أو ... لا فأرطاها عصاها
قبجها درّاجها، أو ... فحباراها قطاها
ضحكت دبسيّتاها، ... وبكت قمريّتاها
بين أفنان، تناجي ... طائريها طائراها
تدرجاها حبرجاها ... صلصلاها بلبلاها
ربّ ملقي الرّحل منها، ... حيث تلقى بيعتاها
طيّرت عنه الكرى طا ... ئرة، طار كراها
ودّ، إذ فاه بشجو، ... أنه قبّل فاها
صبّة تندب صبّا، ... قد شجته وشجاها
زيّنت، حتى انتهت ... في زينة في منتهاها
فهي مرجان شواها، ... لازورد دفّتاها
وهي تبر منتهاها، ... فضّة قرطمتاها
قلّدت بالجزع، لمّا ... قلّدت، سالفتاها
حلب أكرم مأوى، ... وكريم من أواها
بسط الغيث عليها ... بسط نور، ما طواها
وكساها حللا، أب ... دع فيها إذ كساها
حللا لحمتها السّو ... سن، والورد سداها
إجن خيرياتها بال ... لحظ، لا تحرم جناها
وعيون النرجس المن ... هلّ، كالدمع نداها
وخدودا من شقيق، ... كاللظى الحمر لظاها
وثنايا أقحوانا ... ت، سنا الدّرّ سناها
ضاع آذريونها، إذ ... ضاء، من تبر، ثراها
وطلى الطّلّ خزاما ... ها بمسك، إذ طلاها
وانتشى النّيلوفر الشّو ... ق قلوبا، واقتضاها
بحواش قد حشاها ... كلّ طيب، إذ حشاها
وبأوساط على حذ ... والزنابير حذاها
فاخري، يا حلب، المد ... ن يزد جاهك جاها
إنه إن لم تك المد ... ن رخاخا، كنت شاها
وقال كشاجم:
أرتك ندى الغيث آثارها، ... وأخرجت الأرض أزهارها
وما أمتعت جارها بلدة ... كما أمتعت حلب جارها
هي الخلد يجمع ما تشتهي، ... فزرها، فطوبى لمن زارها!
وكفر حلب: من قرى حلب. وحلب الساجور:
في نواحي حلب، ذكرها في نواحي الفتوح، قال:
وأتى أبو عبيدة بن الجرّاح، رضي الله عنه، حلب الساجور بعد فتح حلب وقدم عياض بن غنم إلى منبج.
وحلب أيضا: محلّة كبيرة في شارع القاهرة بينها وبين الفسطاط، رأيتها غير مرّة.

الثَّغْرُ

الثَّغْرُ: من خِيارِ العُشْبِ، ويُحَرَّكُ، واحِدُهُ بِهاءٍ، وكُلُّ جَوْبَةٍ أو عَوْرَةٍ مُنْفَتِحَةٍ، والفَمُ، أو الأَسْنانُ، أو مُقَدَّمُها، أو ما دامَتْ في مَنابِتِها، وما يَلي دارَ الحَرْبِ، ومَوْضِعُ المَخافَةِ من فُروجِ البُلْدانِ،
كالثُّغْرورِ، ود قُرْبَ كِرْمانَ بساحِلِ بَحْرِ الهنْدِ.
وثَغَرَ، كمَنَعَ: ثَلَمَ،
وـ الثُّلْمَةَ: سَدَّها، ضِدٌّ،
وـ فُلاناً: كَسَرَ ثَغْرَهُ.
والثُّغْرَةُ، بالضم: نُقْرَةُ النَّحْرِ بَيْنَ التَّرْقُوَتَيْنِ،
وـ من البَعيرِ: هَزْمَةٌ يُنْحَرُ منها،
وـ من الفَرَسِ: فَوْقَ الجُؤْجُؤِ، والناحِيَةُ من الأرضِ، والطَّريقُ السَّهْلَةُ.
وأثْغَرَ الغُلامُ: ألْقَى ثَغْرَهُ، ونَبَتَ ثَغْرُهُ، ضِدٌّ،
كاثَّغَرَ وادَّغَرَ،
والأصلُ اثْتَغَرَ.
وثُغِرَ، كعُنِيَ، دُقَّ فَمُهُ،
كأُثْغِرَ، وسَقَطَتْ أسْنانُهُ أو رَواضِعُهُ، فهو مَثْغورٌ.
وأمْسَوْا ثُغوراً، أي: مُتَفَرِّقينَ، الواحِدُ: ثَغْرٌ. وكصَبورٍ: حِصْنٌ باليَمَنِ لِحِمْيَرَ. وكصُبْرَة: ناحِيَةٌ من أعْراضِ المدينةِ، على ساكِنِها الصلاةُ والسلامُ.
الثَّغْرُ:
بالفتح ثم السكون، وراء كل موضع قريب من أرض العدوّ يسمّى ثغرا، كأنه مأخوذ من الثّغرة، وهي الفرجة في الحائط، وهو في مواضع كثيرة، منها: ثغر الشام، وجمعه ثغور، وهذا الاسم يشمل بلادا كثيرة، وهي البلاد المعروفة اليوم ببلاد ابن لاون، ولا قصبة لها لأن أكثر بلادها متساوية، وكل بلد منها كان أهله يرون أنه أحقّ باسم القصبة، فمن مدنها بيّاس، ومنها إلى الاسكندرية مرحلة ومن بياس إلى المصّيصة مرحلتان ومن المصيصة إلى عين زربة مرحلة ومن المصيصة إلى أذنة مرحلة ومن أذنة إلى طرسوس يوم ومن طرسوس إلى الجوزات يومان ومن طرسوس إلى أولاس على بحر الروم يومان ومن بيّاس إلى الكنيسة السوداء، وهي مدينة، أقل من يوم ومن بياس إلى الهارونية مثله ومن الهارونية إلى مرعش، وهي من ثغور الجزيرة، أقل
من يوم، ومن مشهور مدن هذا الثغر: أنطاكيــة وبغراس وغير ذلك، إلا أن هذا الذي ذكرنا أشهر مدنها.
وقال أحمد بن يحيى بن جابر: كانت الثغور الشامية أيام عمر وعثمان وبعد ذلك أنطاكيــة وغيرها المدعوّة بالعواصم، وكان المسلمون يغزون ما وراءها كغزوهم اليوم وراء طرسوس، وكانت فيما بين الإسكندرية وطرسوس حصون ومسالح للروم كالحصون والمسالح التي يمر بها المسلمون اليوم، وكان هرقل نقل أهل تلك الحصون معه وشعّثها، فكان المسلمون إذا غزوها لم يجدوا فيها أحدا، وربما كمن عندها قوم من الروم فأصابوا غرّة المسلمين المنقطعين عن عساكرهم، فكان ولاة الشواتي والصوائف إذا دخلوا بلاد الروم خلّفوا بها جندا كثيفا إلى خروجهم وقد اختلفوا في أول من قطع الدرب، وهو درب بغراس، فقيل قطعه ميسرة بن مسروق العبسي، وجّهه أبو عبيدة فلقي جمعا للروم ومعهم مستعربة من غسّان وتنوخ يريدون اللحاق بهرقل، فأوقع بهم وقتل منهم مقتلة عظيمة ثم لحق به مالك الأشتر النّخعي مددا من قبل أبي عبيدة وهو بــأنطاكيــة وقال بعضهم: أول من قطع الدرب عمير بن سعد الأنصاري حين توجه في أمر جبلة بن الأيهم وقال أبو الخطّاب الأزدي:
بلغني أن أبا عبيدة بنفسه غزا الصائفة فمر بالمصيصة وطرسوس وقد جلا أهلها وأهل الحصون التي تليها، فأدرب فبلغ في غزاته زندة، وقال غيره: إنما وجّه ميسرة بن مسروق فبلغ زندة، وقال أبو صالح: لمّا غزا معاوية عمورية سنة 25 وجد الحصون فيما بين أنطاكيــة وطرسوس خالية، فوقف عندها جماعة من أهل الشام والجزيرة وقنّسرين حتى انصرف من غزواته ثم أغزى بعد ذلك بسنة أو سنتين يزيد بن الحر العبسي الصائفة، وأمره معاوية أن يفعل مثل فعله قال: وغزا معاوية سنة 31 من ناحية المصيصة فبلغ درولية، فلما رجع جعل لا يمرّ بحصن فيما بينه وبين أنطاكيــة إلا هدمه.
قال المؤلف، رحمه الله: ثم لم يزل هذا الثغر، وهو طرسوس وأذنة والمصيصة وما ينضاف إليها، بأيدي المسلمين، والخلفاء متهمون بأمرها لا يولّونها إلا شجعان القوّاد والراغبين منهم في الجهاد والحروب بين أهلها والروم مستمرة، والأمور على مثل هذه الحال مستقرة، حتى ولي العواصم والثغور الأمير سيف الدولة علي بن أبي الهيجاء بن حمدان، فصمد للغزو وأمعن في بلادهم، واتّفق أن قابله من الروم ملوك أجلاد ورجال أولو بأس وجلاد وبصيرة بالحرب والدين شداد، فكانت الحرب بينهم سجالا إلى أن كان من وقعة مغارة الكحل في سنة 349، ومن ظفر الروم بعسكر سيف الدولة ورجوعه إلى حلب في خمسة فرسان على ما قيل ثم تلا ذلك هجوم الروم على حلب في سنة 351 وقتل كل من قدروا عليه من أهلها، وكان أن عجز سيف الدولة وضعف، فترك الشام شاغرا ورجع إلى ميّافارقين والثغر من الحماة فارغا، فجاءهم نقفور الدمستق، فحاصر المصيصة ففتحها ثم طرسوس ثم سائر الثغور، وذلك في سنة 354 كما ذكرناه في طرسوس، فهو في أيديهم إلى هذه الغاية، وتولاها لاون الأرمني ملك الأرمن يومئذ، فهي في عقبه إلى الآن وقد نسبوا إلى هذا الثغر جماعة كثيرة من الرّواة والزهّاد والعبّاد، منهم: أبو أميّة محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سالم الطرسوسي الثّغري، كذا نسبه غير واحد من المحدثين، وهو بغدادي المولد، سكن طرسوس وسمع يوسف بن عمر اليمامي وعمر بن حبيب القاضي ويعقوب بن إسحاق
الحضرمي وأبا عاصم النبيل ومكي بن إبراهيم والفضل ابن دكين وقبيصة بن عقبة وإسحاق بن منصور السلولي وأسود بن عامر شاذان وغيرهم، روى عنه أبو حاتم الرازي ومحمد بن خلف وكيع ويحيى بن صاعد والحسين بن إبراهيم المحاملي وغيرهم، وسئل عنه أبو داود سليمان بن الأشعث فقال ثقة.
وأما ثغر أسفيجاب فلم يزل ثغرا من جهته، وقد ذكر أسفيجاب في موضعه نسب إليه هكذا:
طالب بن القاسم الفقيه الثغري الأسفيجابي، كان من فقهاء ما وراء النهر. وثغر فراوة قرب بلاد الدّيلم ينسب إليه محمد بن أحمد بن الحسين الغطريفي الجرجاني الثغري، وكان الإسماعيلي يدلس به في الرواية عنه، هكذا يقول: حدثنا محمد بن أحمد الثغري. وأما ثغر الأندلس فينسب إليه أبو محمد عبد الله بن محمد بن القاسم بن حزم بن خلف الثغري من أهل قلعة أيوب، سمع بتطيلة من ابن شبل وأحمد بن يوسف بن عباس، وبمدينة الفرج من وهب بن مسرّة، ورحل إلى المشرق سنة 350 فسمع ببغداد من أبي علي الصوّاف وأبي بكر بن حمدان، سمع منه مسند أحمد بن حنبل والتاريخ، دخل البصرة والكوفة وسمع بها، وسمع بالشام ومصر وغيرهما من جماعة يكثر تعدادهم، وانصرف إلى الأندلس ولزم العبادة والجهاد، واستقضاه الحكم المنتصر بموضعه ثم استعفاه منه فأعفاه، وقدم قرطبة في سنة 375، وقرأ عليه الناس قال ابن الفرضي:
وقرأت عليه علما كثيرا، فعاد إلى الثغر فأقام به إلى أن مات، وكان يعد من الفرسان، وتوفي سنة 383 بالثغر من مشرق الأندلس.

الرُّومُ

الرُّومُ:
جيل معروف في بلاد واسعة تضاف إليهم فيقال بلاد الروم، واختلفوا في أصل نسبهم فقال قوم: إنّهم من ولد روم بن سماحيق بن هرينان بن علقان بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم، عليه السلام، وقال آخرون: إنّهم من ولد روميل ابن الأصفر بن اليفز بن العيص بن إسحاق، قال عدي ابن زيد العبّادي:
وبنو الأصفر الكرام ملوك ال ... رّوم لم يبق منهم مذكور
وقال ابن الكلبي: ولد لإسحاق بن إبراهيم الخليل، عليهما السلام، يعقوب، وهو إسرائيل، عليه السلام، والعيص، وهو عيصو وهو أكبرهم، وقد ولدا توأمين وإنّما سمّي يعقوب لأنّه خرج من بطن أمّه آخذا بعقب العيص، فولد العيص روم القسطنطينية وملوك الروم، وقال آخرون: سمّي يعقوب لأنّه هو والعيص وقت الولادة تخاصما في الولادة فكلّ أراد الخروج قبل صاحبه وكان إسحاق، عليه السلام، حاضرا وقت الولادة فقال اعقب يا يعقوب، فأمّا الذين هم الروم فهم بنو رومي ابن بزنطي بن يونان بن يافث بن نوح، عليه السلام، وقال أهل الكتاب: إنّما سمّي عيصو بهذا الاسم لأنّه عصى في بطن أمّه وذاك أنّه غلب على الخروج قبله مثل ما ذكرناه وخرج يعقوب على أثره آخذا بعقبه فلذلك سمّي يعقوب، قالوا: وتزوّج عيصو بسمة بنت إسماعيل وكان رجلا أشقر فولدت له الروم، قال الأزهري: الروم جيل ينتمون إلى عيصو بن إسحاق بن إبراهيم، عليهم السلام، وقال الجوهري:
الروم من ولد روم بن عيص، يقال: روميّ وروم كما يقال زنجيّ وزنج، فليس بين الواحد والجمع إلّا الياء المشددة كما قالوا تمرة وتمر فلم يكن بين الواحد والجمع إلّا الهاء، وقال ابن الكلبي عن أبي يعقوب التّدمري: إنّما سميت الروم لأنّهم كانوا سبعة راموا فتح دمشق ففتحوها وقتلوا أهلها وكان سكانها سكرة للعازر بن نمرود بن كوش بن حام بن نوح،
عليه السلام، والسّكرة الفعلة، واسم السبعة:
لوطان وشوبال وصيفون وغاود وبشور وآصر وريضان، ثمّ جعلوا يتقدمون حتى انتهوا إلى أنطاكيــة ثمّ جاءت بنو العيص فأجلوهم عمّا افتتحوا وسكنوه حتى انتهوا إلى القسطنطينيّة فسكونها فسموا الروم بما راموا من فتح هذه الكور، وبنى القسطنطينيّة ملك من بني العيص يقال له بزنطي، ويقال:
سميت الروم بروم بن بزنطي، وعندي أنّهم إنّما سمّوا بني الأصفر لشقرتهم لأن الشقرة إذا أفرطت صارت صفرة صافية، وقيل: إن عيصو كان أصفر لمرض كان ملازما له، وقال جرير بن الخطفى الشاعر اليربوعي يفتخر على اليمن بالفرس والروم ويقول إنّهم من ولد إسحاق:
وأبناء إسحاق اللّيوث إذا ارتدوا ... حمائل موت لابسين السّنورا
إذا افتخروا عدّوا الصبهبذ منهم ... وكسرى وعدّوا الهرمزان وقيصرا
وكان كتاب فيهم ونبوّة، ... وكانوا بإصطخر الملوك وتسترا
أبونا أبو إسحاق يجمع بيننا، ... وقد كان مهديّا نبيّا مطهّرا
ويعقوب منّا، زاده الله حكمة، ... وكان ابن يعقوب أمينا مصوّرا
فيجمعنا والغرّ أبناء سارة ... أب لا نبالي بعده من تعذّرا
أبونا خليل الله، والله ربّنا، ... رضينا بما أعطى الإله وقدّرا
بنى قبلة الله التي يهتدى بها، ... فأورثنا عزّا وملكا معمّرا
وأمّا حدود الروم فمشارقهم وشمالهم الترك والخزر ورسّ، وهم الروس، وجنوبهم الشام والإسكندرية ومغاربهم البحر والأندلس، وكانت الرّقّة والشامات كلّها تعدّ في حدود الروم أيّام الأكاسرة، وكانت دار الملك أنطاكيــة إلى أن نفاهم المسلمون إلى أقصى بلادهم، قال أحمد بن محمد الهمذاني: وجميع أعمال الروم التي تعرف وتسمى وتأتينا أخبارها على الصحة أربعة عشر عملا، منها ثلاثة خلف الخليج وأحد عشر دونه، فالأوّل من الثلاثة التي خلف الخليج يسمّى طلايا وهو بلد القسطنطينيّة، وحدّه من جهة المشرق الخليج الآخذ من بحر الخزر إلى بحر الشام، ومن القبلة بحر الشام، ومن المغرب سور ممدود من بحر الشام إلى بحر الخزر ويسمّى مقرن تيخس، وتفسيره السور الطويل، وطوله مسيرة أربعة أيّام، وهو من القسطنطينيّة على مسيرة مرحلتين، وأكثر هذا البلد ضياع للملك والبطارقة ومروج لمواشيهم ودوابّهم، وفي أخبار بلاد الروم أسماء عجزت عن تحقيقها وضبطها فليعذر الناظر في كتابي هذا، ومن كان عنده أهلية ومعرفة وقتل شيئا منها علما فقد أذنت له في إصلاحه مأجورا، ومن وراء هذا العمل عمل تراقية، وحدّه من وجه المشرق هذا السور الطويل، ومن القبلة عمل مقدونية، ومن المغرب بلاد برجان مسيرة خمسة عشر يوما، وعرضه من بحر الخزر إلى حدّ عمل مقدونية مسيرة ثلاثة أيّام، ومنزل الاصطرطغوس الوالي حصن يسمى أرقدة على سبع مراحل من القسطنطينيّة، وجنده خمسة آلاف، ثمّ عمل مقدونية، وحدّه من المشرق السور الطويل، ومن القبلة بحر الشام، ومن المغرب بلاد الصقالبة، ومن ظهر القبلة بلاد برجان، وعرضه مسيرة خمسة أيّام، ومنزل الاصطرطغوس، يعني
الوالي، حصن يسمى بابدس، وجنده خمسة آلاف، فهذه الثلاثة بلدان التي خلف الخليج ومن دون الخليج أحد عشر عملا، فأوّلها ممّا يلي بحر الخزر إلى خليج القسطنطينيّة عمل أفلاجونية، وأوّل حدوده على الانطماط والثاني بحر الخزر والثالث على الأرمنياق والرابع على البقلار، ومنزل الاصطرطغوس ايلاي، وهو رستاق وقرية تدعى نيقوس، وله منزل آخر يسمّى سواس، وجنده خمسة آلاف، وإلى جانبه عمل الانطماط، وحده الأوّل الخليج، وجنده أربعة آلاف، وأهل هذا العمل مخصوصون بخدمة الملك وليسوا بأهل حرب، وإلى جانبه عمل الأبسيق، وحده الأول الخليج والثاني الانطماط والثالث عمل الناطلقوس والرابع عمل ترقسيس، ومنزل الاصطرطغوس حصن بطنة، وجنده ستة آلاف، وإلى جانبه عمل ترقسيس، وحده الأوّل الخليج والثاني الابسيق والثالث عمل الناطلقوس والرابع بحر الشام، ومنزل الاصطرطغوس في حصن الوارثون، واسمه قانيوس، والوارثون: اسم البلد، وجنده عشرة آلاف، وإلى جانبه عمل الناطلقوس وتفسيره المشرق، وهو أكبر أعمال الروم، وحدّه الأوّل الأبسيق والترقسيس والثاني عمل البقلار، ومنزل الاصطرطغوس مرج الشحم، وجنده خمسة عشر ألفا ومعه ثلاثة طرموخين، وفي هذا العمل عمّورية، وهي الآن خراب، وبليس ومنبج ومرعش، وهو حصن برغوث، وإلى جانبه من ناحية البحر عمل سلوقية، وحده الأوّل بحر الشام والثاني عمل ترقسيس والثالث عمل الناطلقوس والرابع دروب طرسوس من ناحية قلمية واللامس، واسم صاحب هذا العمل كيليرج، ومرتبته دون مرتبة الاصطرطغوس، وتفسيره صاحب الدروب، وقيل: تفسيره وجه الملك، ومنزله سلوقية إلى أنطاكيــة ثمّ يتصل به عمل القباذق، وحده الأوّل جبال طرسوس وأذنة والمصيصة والثاني عمل سلوقية والثالث عمل طلغوس والرابع عمل السملار وخرشنة، ومنزل الكيليرج حصن قره، وجنده أربعة آلاف، وفيه حصون كثيرة قويّة، ومن بلاده قورية أو قونية وملقونية وجرديلية وغير ذلك، ويتصل به عمل خرشنة، وحده الأوّل عمل القيار والثاني درب ملطية والثالث عمل الارمنياق والرابع عمل البقلار، ومنزل الكيليرج حصن خرشنة، وجنده أربعة آلاف، وفيه من الحصون خرشنة وصارخة ورمحسو وباروقطة وماكثيرى ثمّ يتصل به عمل البقلار، وحده الأوّل عمل الناطلقوس والثاني القباذق وخرشنة والثالث عمل الارمنياق والرابع عمل أفلاجونية، ومنزل الاصطرطغوس أنقرة التي بها قبر امرئ القيس، وقد ذكر في موضعه، وجندها ثمانية آلاف، ومع صاحبها طرموخان، وفيه حصون وعدّة بلاد ثمّ يتصل به عمل الأرمنياق، وحده الأوّل عمل أفلاجونية والثاني عمل البقلار والثالث خرشنة والرابع جلدية وبحر الخزر، ومنزل الاصطرطغوس حصن أماسية، وجنده تسعة آلاف ومعه ثلاثة طرموخين، وفيه عدّة بلاد وحصون ثمّ يتصل به عمل جلدية، وحدّه الأوّل بلاد أرمينية، وأهله مخالفون للروم متاخمون لأرمينية، والثاني بحر الخزر والثالث عمل الارمنياق والرابع أيضا عمل الارمنياق، ومنزل الاصطرطغوس اقريطة، وجنده عشرة آلاف ومعه طرموخان، وفيه بلاد وحصون، قال الهمذاني: فهذه جميع أعمال الروم المعلومة لنا في البرّ على كلّ عمل منها وال من قبل الملك الذي يسمى الاصطرطغوس إلّا صاحب الأنماط فإنّه يسمى الدمستق، وصاحب سلوقية وصاحب خرشنة فإن
كلّ واحد منهما يسمّى الكيليرج، وعلى كل حصن من حصون الروم رجل ثابت فيه يسمّى برقليس يحكم بين أهله، قلت أنا: وهذا فيما أحسب رسوم وأسماء كانت قديما ولا أظنّها باقية الآن وقد تغيرت أسماء البلاد وأسماء تلك القواعد، فإن الذي نعرف اليوم من بلاد الروم المشهورة في أيدي المسلمين والنصارى لم يذكر منها شيء مثل قونية وأقصرى وأنطاكيــة وأطرابزندة وسيواس إلى غير ذلك من مشهور بلادهم، وإنّما ذكرت كما ذكر، والله أعلم، وقال بعض الجلساء: سمعت المعتز بالله يقول لأحمد ابن إسرائيل: يا أحمد كم خراج الروم؟ فقال: يا أمير المؤمنين خرجنا مع جدك المعتصم في غزاته فلمّا توسط بلد الروم صار إلينا بسيل الخرشني وكان على خراج الروم فسأله محمد بن عبد الملك عن مبلغ خراج بلدهم فقال خمسمائة قنطار وكذا وكذا قنطارا، فقال: حسبنا ذلك فإذا هو أقل من ثلاثة آلاف ألف دينار، فقال المعتصم: اكتب إلى ملك الروم أني سألت صاحبك عن خراج أرضك فذكر أنّه كذا وكذا وأخسّ ناحية في مملكتي خراجها أكثر من خراج أرضك فكيف تنابذني وهذا خراج أرضك! قال: فضحك المعتز وقال: من يلومني على حبّ أحمد بن إسرائيل؟ ما سألته عن شيء إلّا أجابني بقصته، وينسب إلى الروم وصيف بن عبد الله الرومي أبو عليّ الحافظ الــأنطاكي الأشروسني، قال الحافظ أبو القاسم: قدم دمشق وحدث بها عن أبي يعقوب إسحاق بن العنبر الفارسي وعليّ بن سرّاج وسهل بن صالح وأحمد بن حرب الموصلي ومحفوظ بن بحر وأبي عليّ الحسن بن عبد الرحمن الجروي وسليمان بن عبد الله بن محمد ومحمد بن عبد الله القردواني الحرّاني وعبد الله بن محمد بن سعيد الحراني ومحمد بن عليّ الأفطح وعبد الحميد بن محمد بن المستام وإبراهيم ابن محمد بن إسحاق وعليّ بن بكار المصيصي، روى عنه أبو زرعة وأبو بكر ابنا أبي دجانة وأبو عليّ بن آدم الفزاري وأبو محمد الحسن بن سليمان بن داود بن بنوس البعلبكّي وأبو عليّ الحسن بن منير التنوخي وأبو عبد الله بن مروان وأبو أحمد بن عدي وأبو سعيد بن عبد الله الأعرابي وأبو الحسن بن جوصا وسليمان الطبراني وأبو مروان عبد الملك بن محمد بن عمر الطحان وأبو القاسم حمزة بن محمد بن عليّ الكناني الحافظ وأبو جعفر محمد بن أبي الحسن اليقطيني.

بُوقَةُ

بُوقَةُ:
من قرى أنطاكيــة، وفي كتاب الفتوح: بنى هشام بن عبد الملك حصن بوقة من عمل أنطاكيــة ثم جدّد وأصلح حديثا، ينسب إليها أبو يعقوب إسحاق بن عبد الله الجزري البوقي، روى عن مالك ابن أنس وهشيم بن بشير وسفيان بن عيينة، روى عنه هلال بن العلاء الرّقّي ومحمد بن الخضر مناكير، قاله أبو عبد الله بن مندة ونسبه كذلك، وأبو سليمان داود بن أحمد البوقي سكن أنطاكيــة، سمع أبا عبد الرحمن معمّر بن مخلّد السّروجي، ذكره أبو أحمد في الكنى. وبوقة: من قرى الصعيد، عن الأمير
شرف الدين يعقوب الهذياني، أخبرني به من لفظه.

عِمُّ

عِمُّ:
بكسر أوله، وتشديد ثانيه، ولا أراها إلا عجمية لا أصل لها في العربية: وهي قرية غنّاء ذات عيون جارية وأشجار متدانية بين حلب وأنطاكيــة، وكل من بها اليوم نصارى، وقد نسب إليها قديما قوم من أهل العلم والحديث، منهم: بشر بن علي العمّيّ الــأنطاكي، روى عن عبد الله بن نصر الــأنطاكي، روى عنه الطبراني، وأنشد ابن الأعرابي لرجل من طيّء يصف جملا:
أقسمت أشكيك من أين ومن نصب ... حتى ترى معشرا بالعمّ أزوالا
قال: والعمّ بلد بحلب، وقال ابن بطلان في رسالته التي كتبها في سنة 540 إلى ابن الصابي: وخرجنا من حلب إلى أنطاكيــة فبتنا في بلدة للروم تعرف بعمّ فيها عين جارية يصاد فيها السمك ويدور عليها رحى، وفيها من مشاوير الخنازير ومباح النساء والزنا والخمور أمر عظيم، وفيها أربع كنائس وجامع يؤذّن فيه سرّا.

بالِسُ

بالِسُ:
بلدة بالشام بين حلب والرّقة، سميت فيما ذكر ببالس بن الروم بن اليقن بن سام بن نوح، عليه السلام، وكانت على ضفّة الفرات الغربية، فلم يزل الفرات يشرّق عنها قليلا قليلا حتى صار بينهما في أيامنا هذه أربعة أميال، قال المنجمون: طول بالس خمس وستون درجة وعرضها ست وثلاثون درجة، وهي في الإقليم الرابع، قال البلاذري: سار أبو عبيدة حتى نزل عراجين وقدّم مقدّمته إلى بالس، وبعث جيشا عليه حبيب بن مسلمة إلى قاصرين، وكانت بالس وقاصرين لأخوين من أشراف الروم أقطعا القرى التي بالقرب منهما وجعلا حافظين لما بينهما من مدن الروم، فصالحهم أهلها على الجزية أو الجلاء، فجلا أكثرهم إلى بلاد الروم وأرض الجزيرة وقرية جسر منبج، ولم يكن الجسر يومئذ وإنما اتخذ في زمن عثمان بن عفان، رضي الله عنه، للصوائف، ويقال: بل كان له رسم قديم، وأسكن بالس وقاصرين قوما من العرب والبوادي ثم رفضوا قاصرين، وبلغ أبو عبيدة إلى الفرات ثم رجع إلى فلسطين، فكانت بالس والقرى المنسوبة إليها في حدها الأعلى والأوسط والأسفل أعذاء عشرية. فلما كان مسلمة ابن عبد الملك توجه غازيا إلى الروم من نحو الثغور الجزرية عسكر ببالس فأتاه أهلها وأهل بويلس وقاصرين وعابدين وصفّين، وهي قرى منسوبة إليها، فسألوه جميعا أن يحفر لهم نهرا من الفرات يسقي أرضهم على أن يجعلوا له الثلث من غلّاتهم بعد عشر السلطان الذي كان يأخذه، فحفر النهر المعروف بنهر مسلمة ووفوا له بالشرط، ورمّ سور المدينة وأحكمه، فلما مات مسلمة صارت بالس وقراها لورثته فلم تزل في أيديهم حتى جاءت الدولة العباسية وقبض عبد الله بن عليّ أموال بني أمية فدخلت فيها فأقطعها السفاح محمد بن سليمان بن عليّ بن عبد الله بن عباس، فلما مات صارت للرشيد فأقطعها ابنه المأمون فصارت لولده من بعده، وقال مكحول: كل عشريّ بالشام فهو مما جلا عنه أهله فأقطعه المسلمون فأحيوه وكان مواتا لا حق فيه لأحد فأحيوه بإذن الولاة، قال ابن غسان السّكوني:
أمّن الله، بالمبارك، يحيى ... خوف مصر إلى دمشق فبالس
وينسب إليها جماعة، منهم أبو المجد معدان بن كثير
ابن عليّ البالسي الفقيه الشافعي، كان تفقه على أبي بكر محمد بن أحمد بن الحسين الشاشي ومدحه فقال:
قد قلت للمتكلّفين لحاقه: ... كفّوا فما كلّ البحور تعام
غلّست في طلب الرّشاد وهجرّوا، ... وسهرت في طلب المراد وناموا
يا كعبة الفضل أفتنا: لم لم يجب ... شرعا، على قصّادك، الإحرام؟
ولمه يضمّخ زائروك بطيب ما ... تلقيه، وهو على الحجيج حرام
وكان لمعدان معرفة جيدة بالأدب واللغة، وممن ينسب إلى بالس أيضا: الحسن بن عبد الله بن منصور بن حبيب بن إبراهيم أبو عليّ الــأنطاكي، يعرف بالباسي، حدث بدمشق ومصر عن الهيثم بن جميل وإسحاق بن إبراهيم الحنيني وغيرهم، وروى عنه جماعة، منهم:
أبو العباس بن ملأس وأبو الجهم بن طلّاب ومكحول البيروتي، وإسمعيل بن أحمد بن أيوب بن الوليد بن هارون أبو الحسن البالسي الخيزراني، سمع خيثمة بن سليمان بأطرابلس وبالرّقّة أبا الفضل محمد بن عليّ بن الحسين بن حرب قاضي الرّقة، وببالس أبا القاسم جعفر بن سهل بن الحسن القاضي وأباه أحمد بن أيوب الزّيات وأبا العباس أحمد بن إبراهيم بن محمد بن بكر البالسي وجماعة وافرة سواهم ببلدان شتّى، روى عنه أبو الفرج عبيد الله بن محمد بن يوسف المراغي النحوي وأبو بكر محمد بن الحسن الشيرازي، وأحمد ابن إبراهيم بن فيل أبو الحسن البالسي ثم الــأنطاكي نزل أنطاكيــة روى عن هشام بن عمار والمسيب بن واضح وطبقتهما كثيرا، روى عنه أبو عبد الرحمن النسائي في سننه وخيثمة وأبو عوانة الأسفراييني وسليمان الطبراني وخلق كثير، ومات بــأنطاكيــة سنة 284.

بَحر

بَحر
: (البَحْرُ: الماءُ الكثيرُ) ، مِلْحاً كَانَ أَو عَذْباً، وَهُوَ خلافُ البَرِّ؛ سُمِّيَ بذالك لعُمْقِه واتِّسَاعه، (أَو الْمِلْحُ فَقَطْ) ، وَقد غَلَب عَلَيْهِ حَتَّى قَلَّ فِي العَذْب، وَهُوَ قولٌ مرجُوحٌ أَكْثَرِيٌّ. (ج أَبْحُرٌ وبُحُورٌ وبِحَارٌ) . وماءٌ بَحْرٌ: مِلْحٌ، قَلَّ أَو كَثُرَ، قَالَ ابنُ بَرِّيّ، هاذا القولُ هُوَ قولُ الأُمَوِيِّ؛ لأَنّه كَانَ يجعلُ البحرَ من الماءِ المِلْح فَقَط، قَالَ: وسُمِّيَ بَحْراً لِمُلُوحَتِه، وأَمّا غيرُه فَقَالَ: إِنّمَا سُمِّيَ البحرُ بحراً لسَعَتِه وانبِسَاطِه، وَمِنْه قولُهُم: إِنّ فلَانا لَبَحْرٌ، أَي واسعُ المعروفِ، وَقَالَ: فعلَى هاذا يكونُ البحرُ للمِلْح والعَذْبِ، وشاهدُ العَذْب قولُ ابْن مُقْبِلٍ:
ونحنُ مَنَعْنَا البَحْرَ أَن يَشْرَبُوا بِهِ
وَقد كانَ منكُم ماؤُه بمَكانِ
قَالَ شيخُنَا: فِي قَوْله: الماءُ الكثيرُ، قيل: المرادُ بالبَحْر الماءُ الكثيرُ، كَمَا للمصنِّف، وَقيل: المرادُ الأَرضُ الَّتِي فِيهَا الماءُ ويَدُلُّ لَهُ قولُ الجوهريِّ: لعُمْقِه واتِّسَاعِه، وجَزَمَ فِي النّامُوس بأَنّ كلَامَ المصنِّفِ على حَذْف مُضَافٍ، وأَنْ المُرَادَ مَحَلّ الماءِ، قَالَ: بدليلِ مَا سيأْتي مِن أَن البَرَّ ضِدُّ البَحْرِ، ولِحَدِيث: (هُوَ الطَّهُورُ ماؤُه) ، يَعْنِي والشيءُ لَا يُضَافُ إِلى نَفسه، قَالَ شيخُنَا: ووَصْفُه بالعُمْق والاتِّساع قد يَشْهَدُ لكلَ من الطَّرفين.
قلت: وَقَالَ ابْن سِيدَه: وكلُّ نَهْرٍ عظيمٍ بَحْرٌ، وَقَالَ الزَّجّاج: وكلُّ نَهْرٍ لَا يَنقطعُ ماؤُه فَهُوَ بَحْرٌ، قَالَ الأَزهريّ: كلُّ نهرٍ لَا ينقطعُ ماؤُه مثلُ دِجْلَةَ والنِّيلِ، وَمَا أَشبَههما من الأَنهار العَذْبَةِ الكِبَارِ، فَهُوَ بَحْرٌ، وأَمّا البحرُ الكبيرُ الَّذِي هُوَ مَغِيضُ هاذِه الأَنهارِ فَلَا يكونُ ماؤُه إِلّا مِلْحاً أُجاجاً، وَلَا يكون ماؤُه إِلّا راكداً، وأَمّا هاذه الأَنَارُ العذبةُ فماؤُهَا جارٍ د، وسُمِّيَتْ هاذِه الأَنهارُ بِحَاراً؛ لأَنها مَشْقُوقَةٌ فِي الأَرض شَقًّا.
وَقَالَ المصنِّف فِي البَصائر: وأَصْل البَحْرِ مكانٌ واسِعٌ جامعٌ للماءِ الكثيرِ، ثمَّ اعْتُبِرَ تَارَة سَعَتُه المَكَانِيَّةُ، فَيُقَال: بَحَرْتُ كَذَا: وَسَّعْتُه سَعَةَ البَحرِ؛ تَشْبِيهاً بِهِ، وَمِنْه: بَحَرْتُ البَعِيرَ: شَقَقْتُ أُذُنَه شَقًّا واسِعاً وَمِنْه البَحِيرَةُ، وسَمَّوْا كلَّ متوسِّعٍ فِي شيْءٍ بَحْراً؛ فالرجلُ المتوسِّعُ فِي عِلْمه بَحْرٌ، والفَرَسُ المتوسِّعُ فِي جَرْيه بَحْرٌ.
واعتُبر من الْبَحْر تَارَة مُلوحتُه فَقيل: ماءٌ بَحْرٌ، أُي مِلْحٌ، وَقد بَحرَ المَاءُ.
(والتَّصْغِيرُ أُبَيْحِرٌ لَا بُحَيْرٌ) ، قَالَ شيخُنا: هُوَ من شواذّ التَّصّغِيرِ كَمَا نَبَّه عَلَيْهِ النُّحاةُ، وإِن لم يَتَعَرَّض لَهُ الجوهريُّ وَغَيره، وأَما قولُه: لَا بُحَيْر، أَي على القياسِ. فغيرُ صحيحٍ، بل يُقَال على الأَصلِ وإِنْ كَانَ قَلِيلا، وسوَاه نادِرٌ قِيَاسا واستعمالاً، انْتهى. قلتُ: وظاهرُ سِيَاقِه يَقْتَضِي أَنْ أُبَيْحِراً تصغيرُ بَحْرٍ، وَمنع بُحَيْر، أَي كَزُبَيْرٍ، كَمَا فَهِمَه شيخُنَا من ظاهرِ سياقِه كَمَا تَرَى، وَلَيْسَ كذالك؛ وإِنّمَا يَعْنِي تصغيرَ بحارٍ وبُحُورٍ، والممنوعُ هُوَ بُحَيِّر بالتَّشْدِيد، وأَصلُ السِّيَاق لِابْنِ السِّكِّيت، قَالَ فِي كتاب التضغير لَهُ: تصغيرُ بُحُورٍ وبِحَارٍ أُبَيْحِرٌ، وَلَا يجوزُ أَن تُصَغِّر بحاراً على لفظِهَا فَتَقول: بُحَيِّرُ. لأَن ذَلِك يضارِعُ الواحِدَ، فَلَا يكونُ بَين تَصْغِير الواحدِ وتصغيرِ الجَمْعِ إِلّا التَّشْدِيدُ، والعَربُ تُنْزِلُ المُشَدَّدَ منزلةَ المُخَّفَفِ. انْتهى. فتَأَمَّلْ ذالك.
(و) من الْمجَاز: البَحْرُ: (الرَّجُلُ الكَرِيمُ) الكثيرُ المعروفِ؛ سُمِّي لِسَعَةِ كَرَمِه.
وَفِي الحَدِيث (أَبَى ذالك البَحْرُ ابنُ عَبّاس) ؛ سُمِّي (بحراً) لسَعَةِ عِلْمِه وكَثْرَتِه.
(و) من الْمجَاز: البَحْرُ: (الفَرَسُ الجَوَادُ) الواسعُ الجَرْيِ، وَمِنْه قولُ النبيِّ صلَّى الله عليْه وسلّم فِي مَنْدُوبٍ فَرَسِ أَبِي طلحةَ وَقد رَكِبَه عُرْياً: (إِنِّي وَجَدْتُه بَحْراً؛ (أَي وَاسع الجَرْي.
قَالَ أَبو عُبَيد: يُقَال للفَرَسِ الجَوَادِ: إِنْه لَبَحْرٌ لَا يُنْكَشُ حُضْرُه.
قَالَ الأَصمعيُّ: يُقَال: فَرَسٌ بَحْرٌ وَفْيَضٌ وسَكْبٌ وحَتٌّ، إِذا كَانَ جَوَاداً، كَثِيرَ العَدْوِ. وَقَالَ ابنُ جِنِّي فِي الخَصَائص: الحقيقةُ: مَا أُقِرّ فِي الِاسْتِعْمَال على أَصْل وَضْعِه فِي اللُّغَة. وَالْمجَاز: مَا كَانَ بِضِدِّ ذالك، وإِنما يقعُ المجازُ ويُعدَلُ إِليه عَن الْحَقِيقَة لمعانٍ ثَلَاثَة، وَهِي: الاتِّساعُ، والتَّوْكِيدُ، والتَّشْبِيهُ، فإِن عُدِمَت الثلاثةُ تَعَيَّنت الحيقة، فمِن ذالك قولُه صلَّى الله عليْه وسلّم (فِي الْفرس) (هُوَ بَحْرٌ) ؛ فالمعاني الثلاثةُ موجودةٌ فِيهِ، أَمّا الاتِّساعُ لأَنه زادَ فِي أَسماءِ الفَرَسِ الَّتِي هِيَ فَرَسٌ وطِرْفٌ وجَوَادٌ، ونحوُها البحْر، حَتَّى إِنه إِن احْتِيجَ إِليه فِي شِعْرٍ أَو سَجْعٍ أَو اتِّساعٍ استُعمِلَ استعمالَ بَقِيَّةِ تِلْكَ الأَسماءِ، لاكنْ لَا يُفْضَى إِلى ذالك إِلا بقَرِينَةٍ تُسقِطُ الشُّبهةَ، وذالك كأَن يَقُول الشَّاعِر:
عَلَوْتَ مَطَا جَوادِكَ يَوْم يومٍ
وَقد ثُمِدَ الجِيَادُ فَكَانَ بَحْرَا
وكأَنْ يَقُول السّاجِعُ: فَرَسُكَ هاذا إِذا سَمَا بغُرَّتهِ كَانَ فَجْراً، وإِذا جَرَى إِلى غايَتِه كَانَ بَحْراً، فإِن عَرِيَ عَن دليلٍ فَلَا؛ فلئلَّا يكونَ إِلباساً وإِلْغازاً، وأَمّا التشبيهُ فلأَنَّ جَرْيَه يَجْرِي فِي الكَثْرَةِ مثلَ مائِه، وأَمّا التوكيدُ فلأَنَّه شَبَّه العَرَضَ بالجَوْهَرِ، وَهُوَ أَثْبَتُ فِي النُّفُوس مِنْهُ. قَالَ شيخُنَا: وَهُوَ كلامٌ ظاهرٌ إِلّا أَن كلامَه فِي التوكيد وأَنه شَبَّه العَرَضَ بالجوهرِ لَا يخلُو عَن نَظَرٍ ظَاهر، وتناقُضٍ فِي الْكَلَام غيرِ خَفىً. وَقَالَ الإِمامُ الخطّابيّ: قَالَ نِفْطَوَيْهِ: إِنمَا شَبَّه الفَرَسَ بالبَحْر؛ لأَنه أَراد أَنْ جَرْيَه كجَرْيِ ماءِ الْبَحْر، أَو لأَنه يَسْبَحُ فِي جَرْيِه كالبحرِ إِذا ماجَ فَعَلَا بعضُ مائِه على بعض.
(و) البَحْرُ: (الرِّيفُ) ، وَبِه فَسَّر أَبو عليَ قولَه عَزَّ وجلَّ: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرّ وَالْبَحْرِ} (الرّوم: 41) ، لأَنّ البحرَ الَّذِي هُوَ الماءُ لَا يظهرُ فِيهِ فسادٌ وَلَا صَلاحٌ. وَقَالَ الأَزهريُّ: معنى هاذه الآيةِ: أَجْدَبَ البَرُّ، وانقطعتْ مادَّةُ البحرِ، بذُنُوبِهِم كَانَ ذالك، لِيَذُوقُوا الشِّدَّةَ بذُنُوبِهم فِي العاجِلِ. وَقَالَ الزَّجّاج: مَعْنَاهُ ظَهَرَ الجَدْبُ فِي البَرِّ والقَحْطُ فِي مُدُنِ البَحْرِ الَّتِي على الأَنهار، وقولُ بعضِ الأَغفال:
وأَدَمَتْ خُبْزِيَ مِن صُيَيْرِ
مِن صِيْرِ مِصْرَيْنِ أَو البُحَيْرِ
قَالَ: يجوزُ أَن يَعْنِيَ بالبُحَيْرِ البَحْرَ الَّذِي هُوَ الرِّيف، فصغَّره للوَزْنِ وإِقامةِ القافِية، وَيجوز 0 أَن يكونَ قَصَدَ البُحَيْرَةَ فرَخَّمَ اضطراراً.
(و) البَحْرُ: (عُمْقُ الرَّحِمِ) وقَعْرُهَا، وَمِنْه قيل للدَّم الخالِصِ الحُمْرَةِ: باحِر وبَحْرَانِيٌّ، وسيأْتي.
(و) البَحْرُ فِي كلامِ العربِ: (الشَّقُّ) ، وَيُقَال: إِنّمَا سُمِّيَ البَحْرُ بَحْراً لأَنّه شَقَّ فِي الأَرض شَقًّا، وجَعَل ذالك الشَّقَّ لمائِه قَراراً، وَفِي حَدِيث عبدِ المُطَّلِبِ: (وحَفَرَ زَمْزَمَ ثُمَّ بَحَرَهَا بَحْراً) ، أَي شَقَّها ووسَّعَها حَتَّى لَا يُنْزَفَ.
(و) مِنْهُ البَحْرُ: (شَقُّ الأُذُنِ) . قَالَ ابنُ سِيدَه: بَحَرَ النّاقَةَ والشّاةَ يَبْحَرُها بَحْراً: شَقَّ أُذُنَهَا بِنِصْفَيْن. وَقيل بنصفَيْن طُولاً.
(وَمِنْه البَحِيرَةُ) ، كسَفينةٍ، (كَانُوا إِذا نُتِجَتِ النّاقةُ أَو الشّاةُ عَشَرَةَ أَبْطُنٍ بَحَرُوها) فَلَا يُنتفَعُ مِنْهَا بلَبَنٍ وَلَا ظَهْرٍ، (وتَرَكُوها تَرْعَى) وتَرِدُ الماءَ، (وحَرَّمُوا لَحْمَهَا إِذا ماتَتْ على نِسائِهم وأَكَلَهَا الرِّجالُ) ، فنَهَى اللهُ تعالَى عَن ذَلِك، فَقَالَ: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ} (الْمَائِدَة: 103) .
(أَو) البَحِيرَةُ هِيَ (الَّتِي خُلِّيَتْ بِلَا راعٍ.
(أَو) هِيَ (الَّتِي إِذا نُتِجَتْ خمْسةَ أَبْطُنٍ، والخامِسُ ذَكَرٌ نَحَرُوه فأَكَلَه الرِّجالُ والنِّساءُ، وإِن كَانَ) أَي الخامسُ وَفِي بعض النُّسَخ: كَانَت (أُنْثَى بَحْرُوا أُذُنَهَا) ، أَي شَقُّوها وَفِي بعض النُّسَخ: نَحَرُوا، بالنُّون، أَي خَرَقُوا (فَكَانَ حَراماً عَلَيْهِم لَحْمُهَا ولَبَنْهَا ورُكُوبُها، فَإِذا ماتَتْ حَلَّتْ للنِّسَاءِ) ، وهاذا الأَخيرُ من الأَقوال حَكَاه الأَزهَرِيُّ عَن ابْن عرَفَه (أَو هِيَ ابنةُ السّائِبَةِ) ، وَقد فُسِّرَت السّائبةُ فِي مَحَلِّهَا، وهاذا قولُ الفَرّاءِ. (و) قَالَ الجوهَرِيُّ:
(حُكْمُهَا حُكْمُ أُمِّها) ، أَي حُرِّم مِنْهَا مَا حُرِّم من أُمِّها.
(أَو هِيَ) أَي البَحِيرَةُ (فِي الشَّاءِ خاصّةً إِذا نُتِجَت خمسةَ أَبْطُنٍ) فَكَانَ آخرُهَا ذكرا (بُحِرَتْ) ، أَي شُقَّ أُذُنُهَا وتُرِكَتْ فَلَا يَمَسُّهَا أَحدٌ. قَالَ الأَزهريُّ: والقولُ هُوَ الأَولُ.
وَقَالَ أَبو إِسحَاقَ النحويُّ: أَثْبتُ مَا رَوَيْنَا عَن أَهلِ اللغةِ فِي البَحِيرَةِ أَنّها الناقةُ كَانَت إِذا نُتِجَتْ خمسةَ أَبْطُن، فَكَانَ آخرُهَا ذَكَراً بَحَرُوا أُذُنَها، أَي شَقُّوهَا، وأَعْفَوْا ظَهْرَها من الرُّكوبِ والحَمْل، والذَّبْح، وَلَا تُحَلأُ عَن ماءٍ نَرِدُه، وَلَا تُمنَعُ مِن مَرْعًى، وإِذا لَقِيَها المُعْيِى المُنْقَطَعُ بِهِ لم يَركبها، وجاءَ فِي الحَدِيث: (أَوّلُ مَن بَحَرَ البَحَائِرَ وحَمَى الحَامِيَ وغَيَّرَ دِينَ إِسماعيلَ عَمْرُو بنُ لُحَيِّ بنِ قَمةَ بنِ خِنْدِف. (وَهِي الغَزِيرةُ أَيضاً) وأَنشدَ شَمِرٌ لابنِ مُقْبِل:
فِيهِ مِن الأَخْرَجِ المُرْتاعِ قَرْقَرَةٌ
هَدْرَ الدَّيَامِيِّ وَسْطَ الهَجْمَةِ البُحُرِ
كتاب م كتاب قَالَ: البُحُر: الغِزَار، والأَخرجُ المُرْتَاعُ: المُكّاءُ.
(ج بَحائِرُ) كعَشِيرَةٍ وعَشَائِرَ، (وبُحُرٌ) ، بضَمَّتَيْن، وَهُوَ جمعٌ غريبٌ فِي المُؤَنَّث إِلّا أَن يكونَ قد حَمَلَه على المُذَكَّر، نَحْو نَذِيرٍ ونُذُر، على أَنّ بَحِيرَةً فَعِيلَةٌ بِمَعْنى مَفْعُولَةٍ نَحْو قَتِيلَةٍ، قَالَ: وَلم يُسمَع فِي جَمْعِ مثلِه فُعُلٌ. وحَكَى الزَّمَخْشَرِيُّ: بَحِيرَةٌ وبُحُرٌ وصَرِيمَةٌ وصُرُمٌ، وَهِي الَّتِي صُرِمَتْ أُذُنُهَا، أَي قُطِعَتْ.
(والبَاحِرُ: الأَحْمَقُ) الَّذِي إِذا كُلِّمَ بَحِرَ وبَقِيَ كالمَبْهُوت، وَقيل: هُوَ الَّذِي لَا يَتَمَالَكُ حُمْقاً.
(و) الباحِرُ: (الدَّمُ الخالِصُ الحُمْرَةِ) ، يُقَال: أَحمرُ باحِرٌ وبَحْرَانِيٌّ وَقَالَ ابْن الأَعرابيّ: يُقَال: أَحْمَرُ قانِيءٌ، وأَحمَرُ باحِرِيٌّ وذَرِيحِيٌّ، بِمَعْنى واحدٍ. وَفِي المُحْكَم: ودَمٌ باحِرٌ وبَحْرَانِيٌّ، خالصُ الحُمْرة مِن دَمِ الجَوْفِ. وعَمَّ بعضُهم بِهِ، فَقَالَ: أَحمرُ باحِرِيٌّ وبَحْرَانِيٌّ، وَلم يَخُصَّ بِهِ دَمَ الجَوْفِ وَلَا غيرَه.
(و) فِي التَّهْذِيب: والباحِرُ: (الكَذّابُ، و) البَاحِرُ: (الفُضُولِيُّ. و) الباحِرُ: (دَمُ الرَّحِمِ، كالبَحْرَانِيّ) . وسُئِلَ ابنُ عَبَّاس عَن المرأَة تُستَحاضُ ويَستمرُّ بهَا الدَّمُ، فَقَالَ: (تُصَلِّي وتَتَوَضَّأُ لكلِّ صلاةٍ، فإِذا رأَتِ الدَّمَ البَحْرَانِيَّ قَعَدَتْ عَن الصَّلاة) . قَالَ ابنُ الأَثِير: دَمٌ بَحْرَانِيٌّ: شديدُ الحُمْرَةِ؛ كأَنْه قد نُسِبَ إِلى البَحْر وَهُوَ اسمُ قَعْرِ الرَّحم، وزادُوه فِي النَّسَب أَلِفاً ونُوناً للمبالَغَةِ، يُرِيدُ الدَّمَ الغَلِيظَ الواسعَ، وَقيل: نُسِب إِلى البحْرِ؛ لكَثْرتِه وسَعَتِه، وَمن الأَوّل قولُ العَجَّاج:
وَرْدٌ مِن الجَوْفِ وبَحْرَانِيُّ
وَفِي الأَساس: وَمن المَجَاز: دَمٌ بَحْرَانِيٌّ، أَي أَسودُ؛ نُسِبَ إِلى بَحْرِ الرَّحِمِ وعُمْقه.
(و) الباحِرُ: الَّذِي إِذا كُلِّمَ بَحِرَ، مثلُ (المَبْهُوت) .
(والبَحْرَةُ) : الأَرْضُ، و (البَلْدَةُ) ، يُقَال: هاذه بَحْرَتُنَا، أَي أَرضُنا، وَقد وَرَدَ بالتَّصّغِير أَيضاً، كَمَا فِي التَّوشِيح للجَلال.
(و) البَحْرَةُ: (المُنْخَفِض من الأَرضِ) ، قَالَه ابْن الأَعْرَابِيِّ: وَقد وَرَدَ بالتَّصغِير أَيضاً.
(و) البَحْرَةُ: الرَّوْضَةُ العظيمةُ) مَعَ سَعَة. وَقَالَ الأَزْهرِيٌّ: يُقَال للرَّوضَةِ بَحْرَةٌ.
(و) البَحْرَةُ: (مُسْتَنْقَعُ الماءِ) ، قَالَه شَمِرٌ.
وَقد أَبْحَرَت الأَرضُ، إِذا كَثُرَ مَناقِعُ الماءِ فِيهَا.
(و) البَحْرَةُ: (اسُم مدينةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليْه وسلّم) ، كالبُحَيْرَةِ، مُصَغَّراً، والبَحِيرَةِ كسَفِينَةٍ. الثلاثةُ عَن كُراع، ونقلَهَا السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ فِي التارِيخ. وَفِي حَدِيث عبدِ اللهِ بنِ أُبَيَ: (لقد اصطلحَ أَهلُ هاذه البُحَيْرَةِ على أَن يُتَوِّجُوه) يَعْني يُمَلِّكُوه فيُعَصِّبُوه بالعِصَابَةِ، وَهِي تصغيرُ البَحْرةِ، وَقد جاءَ فِي رِوَايَة مُكَبَّراً. الثلاثةُ اسمُ مدينةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليْه وسلّم، كَذَا فِي اللِّسَان.
(و) البَحْرَةُ: (ة بالبَحْرَينِ) لِعَبْد القَيْسِ.
(و) البَحْرَة: (كُلُّ قَرْيَةٍ لَهَا نَهْر جارٍ وماءٌ ناقِعٌ) ، وَفِي بعض النُّسَخ، نهرٌ ناقعٌ، والصَّوابُ الأَولُ، والعربُ تَقول لكلِّ قَرْيَة؛ هاذه بَحْرَتُنا.
(وبَحْرَةُ الرّغاءِ) : موضعٌ (بالطّائفِ) . وَفِي حَدِيث القَسَامةِ: (قتلَ رجلا ببَحْرَةِ الرُّغاءِ على شَطِّ لِيَّةَ) وَهُوَ أَولُ دمٍ أُقِيدَ بِهِ فِي الإِسلامِ رَجلٌ مِن بني لَيْث، قَتَلَ رجلا من هُذَيْل، فَقتله بِهِ.
(ج بِحَرٌ) ، بكسرٍ ففتحٍ، (وبِحَارٌ) ، والعربُ تُسَمِّي المُدُنَ والقُرَى البِحَارَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو نَصْرٍ: البِحَارُ: الواسِعَةُ من الأَرْض، الواحدةُ بَحْرَةٌ؛ وأَنشدَ لكُثَيِّرٍ فِي وَصفِ مَطَرٍ:
يُغَادِرْنَ صَرْعَى مِن أَرَاكٍ وتَنْضُبٍ
وزُرْقاً بأَجْوَرِ البِحَارِ تُغادَرُ
وَقَالَ مَرَّةً: البَحْرةُ: الوادِي الصَّغِير يكونُ فِي الأَرض الغَلِيظةِ.
والبِحَارُ الرِّياضُ، قَالَ النَّمرُ بنُ تَوْلَب:
وكَأَنَّهَا دَقَرَى تُخَايِلُ، نَبْتُهَا
أُنُفٌ يَعُمُّ الضَّالَ نَبْتُ بِحَارِهَا
(و) بُحَيْرٌ (كزُبَيْرٍ: بَلٌ بِتِهَامَةَ) وضَبَطَه ياقُوتٌ فِي المُعْجَم كأَميرٍ.
(و) بُحَيْرٌ: رجلٌ (أَسَدِيٌّ، حَكَى عَنهُ) سُفْيَانُ (نُ عُيَيْنَةَ) الهِلاليُّ الفقيهُ الزاهِدُ المشهورُ خَبَراً.
(وعليُّ بنُ بُحَيْرٍ تابِعِيٌّ) ، روَى عَنهُ عائِذُ بنُ ربيعةَ.
(وَكَذَا عاصمُ بنُ بُحَيْرٍ) ، واختُلِفَ فِي ضَبْطِه فَقيل هاكذا، (أَو هُوَ كأَمِيرٍ) .
(وعبدُ الرحمان بن بُحَيْرٍ) اليَشْكُرِيُّ (محدِّث) ، عَن ابنِ المُسَيِّب، (أَو هُوَ كأَمِيرٍ، بالجيمِ) أَمّا بالحاءِ فذَكَرَه أَحمدُ بنُ حَنْبَل. وأَمّا بالجِيم فَهُوَ ضَبْطُ البُخَارِيِّ، وكلٌّ مِنْهُمَا بالتَّصْغِير، وَلم أَرَ أَحداً ضَبَطَه كأَمِيرٍ، فَفِي كَلَام المصنِّف مخالفةٌ ظاهرةٌ.
(وبَحِرَ) الرَّجلُ (كفَرِحَ) يَبْحَرُ بَحَراً إِذا (تَحَيَّرَ من الفَزَع) مثلُ بَطِرَ.
(و) يُقَال أَيْضا: بَحِرَ، إِذا (اشتدَّ عَطَشُه) فَلم يَرْوَ من الماءِ.
(و) بَحِرَ (لَحْمُه: ذَهَبَ) من السِّلِّ.
(و) بَحِرَ الرجلُ و (البَعِيرُ) ، إِذا (اجتَهدَ فِي العَدْوِ طَالبا أَو مَطْلُوباً فضَعُفَ) وَانقطعَ (حتَّى اسْوَدَّ وجهُه) وتَغَيَّرَ. (والنَّعْتُ من الكلِّ: بَحِرٌ) ككَتِفٍ.
وَقَالَ الفَرّاءُ: البَحَرُ: أَنْ يَلْغَى البَعِيرُ بالمَاءِ فيُكْثِرَ مِنْهُ حَتَّى يُصِيبَه مِنْهُ داءٌ، يُقَال: بَحِرَ يَبْحَرُ بَحَراً فَهُوَ بَحِرٌ، وأَنشدَ:
لأُعْلِطَنَّه وَسْماً لَا يُفَارِقُه
كَمَا يُحَزُّ بِحُمَّى المِيسَمِ البَحِرُ
قَالَ: لأإِذا أَصابعه الدّاءُ كُوِيَ فِي مَواضعَ فيَبْرَأُ. قَالَ الأَزهريُّ: الداءُ الَّذِي يُصِيبُ البَعِيرَ فَلَا يَرْوَى من الماءِ هُوَ النَّجَرُ، بالنُّونِ والجيمِ، والبجَرُ، بالباءِ والجِيمِ، وأَمّا البَحَرُ فَهُوَ داءٌ يُورِثُ السِّلَّ.
(و) أَبحَرَ الرَّجلُ، إِذا أَخَذَه السِّلُّ.
و (البَحِيرُ، كأَمِيرٍ: مَن بِهِ السِّلُّ، كالبَحِرِ، ككَتِفٍ) ، ورجلٌ بَحِيرٌ وبَحِرٌ: مَسْلُولٌ، ذاهِبُ اللَّحْمِ، عَن ابنِ الأَعرابيِّ، وأَنشدَ:
وغِلْمَتِي منهمْ سَحِيرٌ وبَحِرْ
وآيِقٌ مِن جَذْبِ دَلْوَيْهَا هَجِرْ
قَالَ أَبو عَمْرو: البَحِيرُ والبَحِرُ: الَّذِي بِهِ السِّلُّ، والسَّحِيرُ الَّذِي انقطعتْ رِئَتُه، وَيُقَال: سَحِرٌ.
(وبَحِيرٌ، كأَمِيرٍ: أَربعةٌ صَحَابِيُّونَ) ، وهم بَحِيرٌ الأَنْمَارِيُّ، أَوودَه ابنُ ماكُولا، ويُكْنَى أَبا سَعِيد الخَيْر، وبَحِيرُ بنُ أَبي رَبِيع المَخْزُومِيُّ، سَمّاه النبيُّ صلَّى اللهُ عليْه وسلّم عبدَ اللهِ. وبَحِير الرّاهِبُ، ذَكَره ابنُ مَنْدَه وابنُ ماكُولا، وبَحِير آخَرُ استدركَه أَبو مُوسَى.
(و) بَحِيرٌ، كأمِيرٍ: (أَربعةٌ تابِعِيون) ، وهم بَحِيرُ بنُ رَيْسَانَ اليَمَانِيُّ، وبَحِيرُ بنُ ذاخِرٍ المعَافِرِيُّ، صاحِبُ عمْرِو بنِ الْعَاصِ، وبَحِيرُ بنُ أَوْسٍ، وبَحِيرُ بن سعْدٍ الحِمْصِيُّ. وبقِي عَلَيْهِ مِنْهُم: بَحِيرُ بنُ سالِمٍ، وبَحِيرُ بنُ أَحمرَ، ذَكرهما ابْن حبّانَ فِي الثِّقات.
(و) أَبو الحُسَيْن، وَيُقَال: أَبو عُمَرَ (أَحمدُ بنُ محمّدِ بنِ جَعْفَر) بنِ محمّدِ بنِ بَحِير بن نُوح النَّيْسَابُورِيّ، الحافظُ، حَدَّث عَن ابْن خُزَيمةَ والبغنديِّ، تَرْجَمه الذهبيُّ والسمعانيُّ توفّي سنة 378 هـ. وابنُه أَبو عمرٍ ومحمدٌّ صاحبُ الأَربعين، حدَّث توفِّيَ سنة 390 هـ. (وحَفِيدُه) أَبو عثمانَ (سَعِيدُ بنُ محمّدٍ) شيْخ زَاهِر، رَوَى عَن جَدِّه، وأَخوه أَبو حَامِد بَحِيرُ بنُ محمّد، رَوَى عَن جَدِّه (و) أَبو الْقَاسِم (المُطَهَّرُ بن بَحِيرِ بنِ محمّدٍ) ، حدث عَن الْحَاكِم، وَعنهُ ابنُ طَاهِر. (وإِسماعيلُ بنُ عَوْنٍ) ، هاكذا فِي النّسخ، وَالَّذِي فِي كتب الأَنساب: ابنُ عمرِو بنِ محمّدِ بنِ أَحمدَ بن محمّدِ بنِ جَعْفَر، شافعيٌّ من كِبارهم، تَفَقَّه على ناصِر العُمَرِيِّ، وَسمع من أَبي حَسّانَ الزَّكِّي، وأَمْلَى مدّةً، مَاتَ سنة 501 هـ. وَابْن عَمِّه عبدُ الحميد بنُ عبدِ الرحمان بنِ محمّدٍ، رَوَى عَن أَبي نُعيم الأَسْفَارَيِنِيِّ، وابنُ أَخيه عبدُ الرحمان بنُ عبدِ الله بنِ عبد الرحمان، حَدَّث عَن عَمِّه. وابنُه أَبو بكر، رَوَى عَن البَيْهَقِيِّ، أَخَذَ عَنهُ ابنُ السّمْعَانِيِّ. وعليُّ بنُ محمّدِ بنِ عبد الحميدِ، ذَكَره ابنُ السّمْعَانيِّ. (البَحِيرِيُّونَ: مُحَدِّثُون؛ نسبةٌ إِلى جَدَ لَهُم) ، وَهُوَ بَحِيرُ بن نُوحٍ.
(وبَحِيرَى) ، بالأَلف الْمَقْصُورَة، (وَبَيْحَرٌ) كجعفر، (وبَيْحَرَةُ) بزيادةِ الهاءِ،: { (بَحْرٌ) ، بفتحٍ فسكونٍ، (أَسماءٌ) لَهُم.
(والبَحُورُ) ، كصَبُورٍ: (فَرَسٌ يَزِيدُهُ الجَرْيُ جَوْدَةٌ) ، ونَصُّ التَّكْمِلَةُ: البَحُورُ من الْخَيل: الَّذِي يَجْرِي فَلَا يَعْرَقُ وَلَا يَزِيدُ على طُولِ الجَرْي إِلّا جَوْدَةً، انْتهى. وَهُوَ مَجازٌ.
(والباحُورُ: القَمَرُ) ، عَن أَبي عليَ فِي البَصْرِيّاتِ لَهُ.
(و) فِي الأَمثال: (لَقيَه صَحْرَة بَحْرَةَ) ، بفتحٍ فسكونٍ فيهمَا. قَالَ شيخُنَا: هما من الأَحوال المركَّبةِ، وَقيل مِن المصادرِ. والصَّوابُ الأَوْلُ، يُقال بالفتحِ، كَمَا هُوَ إطلاقُ المصنِّف، وبالضَّمِّ أَيضاً كَمَا فِي شُرُوحِ التَّسْهِيلِ والكافِيَةِ وغيرِهما، وآخرهُمَا يُبْنَى للتكريب كثيرا، (ويُنَوَّنانِ) بنَصْبٍ، عَن الصّغانيّ، أَي مُنكشفَيْن (بِلَا حِجابٍ) ، وَفِي اللِّسَان: أَي بارزاً لَيْسَ بينكَ وبينَه شيْءٌ، قَالَ شيخُنَا: ويُزَادُ عَلَيْهِ: نَحْرَة، بالنُّون، كَمَا سيأْتي، وحينئذٍ يَتَعَيَّنُ التَّنُوِينُ والأَعرابُ، ويمتنعُ التَّركِيبُ.
(وبناتُ بَحْرٍ) بالحَاءِ والخاءِ جَمِيعًا، وعَلى الأَول اقتصرَ اللَّيْثُ، (أَو الصّوابُ بالخاءِ) أَي مُعْجَمَة، بناتُ بَخْرٍ، (ووَهِمَ الجوهَرِيُّ) ، وَقَالَ الأَزهريُّ: وهاذا تصحيفٌ مُنُكَرٌ: (سَحائِبُ رِقَاقٌ) مُنتصباتٌ، (يَجِئْنَ قُبُلَ الصَّيْفِ) . وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ عَن الأَصمعيِّ: يُقَال لِسَحائِبَ يَأْتِينَ قُبُلَ الصَّيْفِ مُنْتَصِبات: بناتُ بَخْرٍ، وبناتُ مَخْرٍ، بالباءِ والميمِ والخاءِ، ونحوْ ذالك قَالَ اللِّحْيَانيّ وغيرُه.
(وبُحْرَانُ المَرِيضِ) ، بالضَّمِّ، (مُولَّدٌ) ، وَهُوَ عِنْد الأَطِبَّاءِ التَّغَيُّرُ الّذي يحَدُثُ للعَلِيلِ دَفْعَة فِي الأَمراضِ الحادَّةِ.
(و) يَقُولُونَ: (هاذا يومُ بُحْرانٍ، مُضَافا) ، كَذَا فِي الصّحاح، وَفِي نُزْهَة الشيخِ داوودَ الــأَنطاكيِّ: البُحْرَانُ بالضّمِّ لفظةٌ يونانيةٌ، وَهُوَ عبارةٌ عَن الانتقالِ من حالةٍ إِلى أُخرَى، فِي وَقْتٍ مضبوطٍ بحركةٍ عُلْوِيةٍ، قَالَ: وأَكثَرُ ارتباطِه بحركةِ القَمَرِ، لأَنه شكلٌ خفيفُ الْحَرَكَة يَقْطَعُ دَوْرَة بسرعةٍ، وَلَا يمكنُ إِتقانُه بغيرِ يَدٍ طائِلَةٍ فِي التَّنْجِيمِ، ثمَّ الانتقالُ المذكورُ إِمّا إِلى الصِّحَّةِ أَو إِلى المَرَض، والأَولُ البُحْرانُ الجَيِّدُ وَالثَّانِي الرَّدِيءُ، وأَطال فِي تَقْسِيمه فراجِعْه.
(ويَومٌ باحُورِيٌّ، على غَيرِ قياسٍ) فكأَنَّه منسوبٌ إِلى باحُورٍ وباحُوراءَ، مثل عاشُورٍ وعاشُوراءَ، وهُوَ موَلَّدٌ، وعَلى غير قياسٍ، كَمَا فِي الصّحَاح. قَالَ ابْن بَرِّيّ ويَقْتَضِي قولُه أَنْ قياسَه باحِرِيّ وَكَانَ حَقُّه أَن يَذْكُرَه؛ لأَنّه يُقَال: دَمٌ باحِرِيّ، أَي خالِصُ الحُمْرَةِ، وَمِنْه قولُ المُثَقِّبِ العَبْدِيِّ:
باحِرِيُّ الدَّم مُرٌّ لَحْمُه
يُبْرِيءُ الكَلْبَ إِذا عَضَّ وهَرْ
(والبَحْرَيْنِ) بالتَّحْتِيَّةِ، كَذَا فِي أُصول الْقَامُوس والصّحاح وغيرما من الدَّواوِين، وَفِي المِصباح واللِّسَان بالأَلِف على صِيغَةِ المثنَّى المرفوعِ: (د) بَين البَصْرةِ وعُمَانَ، وَهُوَ من بِلَاد نَجْدٍ، ويُعرَبُ إِعراب المثنَّى، ويجوزُ أَن تَجعلَ النُّونَ محلَّ الإِعراب مَعَ لُزُوم الياءِ مُطلقًا، وَهِي لغةٌ مشهورةٌ، واقتَصر عَلَيْهَا الأَزهريُّ؛ لأَنه صَار عَلَماً مُفْرَداً لدلالةٍ، فأَشْبَه المُفْرَداتِ، كَذَا فِي المِصْباح. (والنِّسْبَةُ بَحْرِيٌّ وبَحْرَانِيٌّ، أَو كُرِهَ بَحْرِيٌّ؛ لئلَّا يَشْتَبِهَ بالمَنْسوب إِلى البَحْر) . وهاذا رُوِيَ عَن أَبي محمّد اليَزِيديِّ، قَالَ: سَأَلَنِي المَهْدِيُّ وسأَلَ الكِسَائيَّ عَن النسْبَة إِلى البَحْرَينِ وإِلى حِصْنَيْنِ: لِمَ قالُوا: حِصْنيٌّ وبَحْرَانِيٌّ. فَقَالَ الكِسَائيُّ كَرِهُوا أَن يَقُولُوا حِصْنانيٌّ؛ لِاجْتِمَاع النُّونَيْن، قَالَ: وقلتُ أَنا: كَرِهُوا أَن يَقُولُوا: بَحْرِيٌّ يُشْبِهَ النِّسْبَةَ إِلى البَحْر. قَالَ الأَزهَرِيُّ وإِنّمَا ثَنّوُا البَحْرَيْنِ؛ لأَنَّ فِي ناحِيَةِ قُرَاهَا بُحَيْرَةٌ على بَاب الأَحساءِ وقُرَى هَجَرَ بَينهَا وَبَين البَحْرِ الأَخضَرِ عشرةُ فراسِخَ، وقُدِّرَت البُحَيْرةُ ثلاثةَ أَميالٍ فِي مِثلها، وَلَا يَغِيضُ ماؤُهَا، وماؤُها راكِدٌ زُعَاقٌ، وَقد ذَكَرها الفَرَزْدَقُ فَقَالَ:
كأَنَّ دِيَاراً بَين أَسْنِمَة النَّقَا
وَبَين هَذَا لِيلِ البُحَيْرَةِ مُصْحَفُ
قَالَ الصّغانيُّ: هاكذا أَنشدَه الأَزْهَريُّ. وَفِي النَّقائض: النَّحيزة.
وَفِي اللِّسَان: قَالَ السّهَيْليُّ فِي الرَّوْض: زَعَمَ ابنُ سيدَه فِي كتاب المُحْكَم أَن العَرَب تَنْسبُ إِلى البَحْر بَحْرَانيّ، على غير قياسٍ، وأَنّه من شَواذِّ النَّسَب، ونَسَبَ هاذا القولَ إِلى سيبَوَيْه والخَليل، رَحمَهما اللهُ تَعَالَى، وَمَا قالَه سِيبَوَيْهٍ قَطُّ، وإِنما قَالَ فِي شواذِّ النَّسَب: تقولُ فِي بَهْرَاءَ بَهْرانيّ، وَفِي صَنْعَاءَ صَنْعانيّ، كَمَا تَقول: بَحْرَانيٌّ فِي النَّسَب إِلى البَحْرين الَّتِي هِيَ مدينةٌ. قَالَ: وعَلى هاذا تَلَقّاه جميعُ النُّحَاة وتَأَوَّلُوه من كَلَام سِيبَوَيْهٍ، قَالَ: وإِنّمَا شُبِّهَ على ابْن سيدَه لقَوْل الْخَلِيل فِي هاذه المسأَلة، أَعْني مسأَلَة النَّسَب إِلى البحْرَيْن؛ كأَنَّهم بَنَوُا البَحْرَ على بَحْرَان، وإِنما أَرادَ لفظَ البَحْريْن، أَلا ترَاهُ يقولُ فِي كتاب العَيْن تقولُ: بَحْرَانيّ فِي النَّسَب إِلى البَحْرَيْن. وَلم يَذكُر النَّسَبَ إِلى البَحْر أَصْلاً للعلْم بِهِ، وأَنه على قياسٍ جارٍ. قَالَ: وَفِي الغَريب المصنَّف عَن اليَزيديِّ أَنه قَالَ: إِنّمَا قَالُوا: بَحْرَانيّ فِي النَّسَب إِلى البَحْرَيْن وَلم يَقُولُوا: بَحْريّ، ليُفَرِّقُوا بَينه وَبَين النَّسَب إِلى البَحْر، قَالَ: وَمَا زَالَ ابنُ سيدَه يَعْثُرُ فِي هاذا الْكتاب وَغَيره عَثَرَاتٍ يَدْمَى مِنْهَا الأَظَلُّ، ويَدْحَضُ دَحَضاتٍ تُخْرجُه إِلى سَبيل مَن ضلّ. قَالَ شيخُنَا: وذَكَر الصَّلاحُ الصَّفَديُّ فِي نَكْت الهمْيَان الإِمَامَ ابنَ سيدَه، وذَكَرَ بحثَ السُّهَيْلِيِّ مَعَه بِمَا لَا يَخْلُو عَن نَظَرٍ، وَمَا نَسَبَه لسيبَوَيْه والخَليل فقد صَرح بِشُرّاحُ التَّسْهيل.
(ومحمّدُ بنُ المُعْتَمر) ، ك ذَا فِي النُّسَخ، وَفِي التَّبْصير: محمّدُ بنُ مَعْمَر بن رِبْعيّ القَيْسيُّ، بَصْريّ ثِقَةٌ، حدث عَنهُ البُخَاريُّ والجماعةُ، مَاتَ سنةَ 350 هـ. (والعَبّاسُ بنُ يَزيدَ) بن أَبي حبيب، ويُعْرَفُ بعَبّاسَوَيْه، حدَّث عَن خَالِد بن الْحَارِث، ويَزيدَ بن زُرَيْعٍ، رَوَى عَنْه البَاغَنْديُّ وابنُ صاعد وابنُ مخلد، وَهُوَ من الثِّقات، (البَحْرَانيّان: مُحَدِّثانِ) .
وفاتَه:
زكريّا بنُ عطيّةَ البَحْرَانيُّ، سَمعَ سِلْاماً أَبا المُنْذِر، وَيَعْقُوب بن يوس بنِ أَبي عِيسَى، شيخ لِابْنِ أَبي داوودَ، وهارونُ بنُ أَحمدَ بنِ داوودَ البَحْرَانِيُّ: شيخٌ لِابْنِ شاهِين، وعليّ بنُ مقرّبِ بن منصورٍ البَحْرَانِيّ، أَديبٌ، سَمِ مِنْهُ ابنُ نُقْطَةَ. وداوودُ بنُ غَسّانَ بنِ عِيسَى البَحْرانِيّ، ذَكَرَه ابنُ الفَرضِيِّ، ومُوَفَّقُ الدِّين البَحْرَانِيُّ: أَديبٌ بإِرْبل، مشهورٌ بعد السِّتِّمائة.
(والبَاحِرَةُ: شجرةٌ شاكَةٌ) من أَشجار الجِبَال.
(و) الباح 2 ةُ (من النُّو: الصَّفِيَّةُ) المُخْتَارَة، نقلَه الصغانيّ، وَهُوَ مَجَازٌ.
(وبُحُرُ بنُ ضُبُعٍ، بضمَّتَيْن فيهمَا) الرّعَيْنِيّ، (صَحابيّ) ، ذَكَرَه ابنُ يُونُس، وَله وِفادةٌ.
(و) القَاضِي أَبو بكر (عُمَر بنُ محمودِ بنِ بَحَرٍ، كجَبَلٍ) ، ابْن الأَحنفِ بنِ قيس (الواذِنَانِيُّ) ، واوٌ وذالٌ معجَمَةٌ ونُونان. (وابنُ عَمِّه محمّدُ) بنُ أَحمدَ بنِ عُمَر، رَوَى عَنهُ يوسفُ الشِّيرَازيُّ، سَمِعَا من ابْن رَبذةَ بأَصْفَهَانَ.
وَفَاته:
أَبو جعفرٍ أَحمدُ بنُ مالِكِ بنِ بَحرٍ.
(وهشامُ بنُ بُحْرانَ، وبالضّمّ) :
محدِّثون) ، الأَخيرُ سَرْخَسِيّ، رَوَى عَن بَكْرِ بن يوسفَ.
(وأَبْحَرَ) الرجلُ: (رَكِبَ الْبَحْرَ) ، عَن يعقُوبَ وابنِ سِيدَه.
(و) أَبْحَرَ: (أَخَذَه السِّلُّ) .
(و) أَبْحَرَ: (صادَفَ إِنساناً بِلَا) ونَصُّ المُحكم: على غير اعتمادٍ و (قَصْدٍ) لِرُؤْيَتِه. وَهُوَ مِن قولِهم: لَقِيتُه صَحْرَةَ بَرَةَ، وَقد تقدَّم.
(و) أَبْحَرَ، إِذا (اشتدَّتْ حُمْرَةُ أَنْفِه) .
(و) أَبْحَرِتِ (الأَرْضُ: كَثُرتْ مناقِعُها) ، ونصُّ التَّهذيب: كَثُرَتْ مناقعُ الماءِ فِيهَا.
(و) فِي المُحكَم: أَبْحَرَ (الماءُ: مَلُحَ) ، أَي صَار مِلْحاً، قَالَ نُصَيْب:
وَقد عادَ ماءُ الأَرض بَحْراً وزادَني
إِلى مَرَضى أَنْ بْحَرَ المَشْرَبُ العَذْبُ
(و) أَبْحَرَ الرَّجلُ (الماءَ: وَجَدَه بَحْراً، أَي مِلْحاً لم يَسُغْ، هاكذا فِي النُّسَخ، وَفِيه تحريفٌ شنيعٌ؛ فإِنّ الصّغانيّ ذَكَرَ مَا نَصُّه بعدَ قَوْله: أَبْحَرت الأَرضُ: وَلَو قيلَ: أَبحَرْتُ الماءَ، أَي وَجَدْتُه بحْراً، أَي ملْحاً، لم يمْتَنعْ، فتأَمَّلْ.
(و) من المجَاز: (اسْتَبْحَر) الرجلُ فِي العِلْم وَالْمَال: (انْبَسَطَ) ، كَتبحَّر وكذالك استبحرَ المَحَلّ، إِذا اتَّسَعَ.
(و) اسْتَبحَرَ (الشّاعرُ) ، وَكَذَا الخَطيبُ: (اتسَعَ لَهُ القَوْلُ) ، كَذَا فِي التَّكْملَة، ونصُّ المُحكَم: اتَّسَع فِي القَوْل. وَفِي الأَساس: وَفِي مَديحكَ يَسْتَبْحِرُ الشاعرُ، قَالَ الطِّرّماح:
بمثْلِ ثَنَائكَ يَحْلُو المَديحُ
وتَسْتَبْحِرُ الأَلْسُنُ المادحَهْ
والتَّبَحُّرُ والاستبحارُ: الانبساطُ والسَّعَةُ؛ وسُمِّيَ البحرُ بحْراً لذالك، (و) من المَجَاز: (تَبَحَّرَ) الرجلُ (فِي المَال) ، إِذا اتَّسَعَ و (كَثُرَ مالُه) .
(و) تَبَحَّرَ (فِي العِلْم: تَعَمَّقَ وتَوسَّعَ) تَوَسُّعَ الْبَحْر.
(وبَحْرَانَةُ) ، بِالْفَتْح: (ة، باليَمن) ، وَفِي التكملة: بلدٌ باليَمَن.
(و) فِي الحَدِيث ذكْرُ (بُحْرَان) بِالْفَتْح (ويُضَمّ) ، وَهُوَ (ع بناحيةِ الفُرْعِ) من الحجَاز، بِهِ مَعْدنٌ للحَجّاج بن عِلَاط البَهْزِيِّ، لَهُ ذكْرٌ فِي سَرِيَّة عبد ابْن جَحْشٍ، قَيَّدَه ابنُ الفُرات بِالْفَتْح، كالعمْرانيِّ، والزَّمخْشريِّ، والضَّمُّ روايةٌ عَن بَعضهم، وَهُوَ المشهورُ، كَذَا فِي المُعجَم.
(ويَبْحَرُ بنُ عامرٍ) كيَمْنَعُ، وضَبَطَه الذهبيُّ بِتَقْدِيم الموحَّدة على التحتيَّة، (صحابيّ) ، وَقيل: بجراة، لَهُ حديثٌ من رِوَايَة أَولاده.
(والبَحْريَّةُ) ، وَفِي بعض النّسخ: البَحيريَّةُ وَهُوَ الصَّوابُ: (ع باليَمَامة) لعبد القَيْس عَن الحَفْصيِّ.
(وبَحيرَابادْ: ة، بمَرْوَ) يُنسَب إِليها أَبو المظفَّر عبدُ الْكَرِيم بنُ عبد الوهّاب، حدَّث عَنهُ السّمْعانيُّ، ذَكَره ياقوت فِي المعجم.
(والبَحّارُ) كَكتّانٍ: (المَلّلاحُ) ، لمُلَازَمته البَحْرَ، (وهم بَحّارةٌ) ، كالحَمَّالة.
(وبَنُو بَحْريَ: بَطْنٌ) من الْعَرَب.
(وذُو بِحَارٍ، ككِتَابٍ: جَبَلٌ، أَو أَرضٌ سهلةٌ تَحُفُّهَا جبالٌ) ، قَالَ بشْرُ بنُ أَبي خازم:
أَلَيْلَى على شَطِّ المَزَارِ تَذَكَّرُ
ومِن دُونِ لَيْلَى ذُو بِحَار ومَنْوَرُ
وَقَالَ الشَّمّاخ:
صَبَاصَبْوَةً مِنْ ذِي بِحَارٍ فَجَاوت
إِلى آلِ لَيْلَى بَطْنَ غَوْلٍ فَمَنْعَجِ
وَقَالَ أَبو زِيَادٍ: ذُو بِحَارٍ: وادٍ بأَعْلَى السَّرِير لعَمْرٍ وبنِ كِلابٍ، وَقيل: ذُو بِحار، ومَنْوَر، جَبَلانِ فِي ظَهْر حَرَّةِ بني سُلَيْم، قَالَه الجوهَرِيُّ، وَقَالَ نَصْرٌ: ذُو بِحَار: ماءٌ لغَنِيّ فِي شرقيّ النِّير، وَقيل: فِي بِلَاد الْيمن.
(وبِحَارٌ) ، مصرُوفاً، (ويُمْنَعُ: ع) بنَجْد، عَن ابْن دُرَيْد، وَرَوَاهُ الغوريُّ بِالْفَتْح، قَالَ بَشامةُ بنُ الغَدير:
لِمَنِ الدِّيَارُ عَفَوْنَ بالجَزْعِ
بالدَّوْمِ بَين بِحَارَ فالجرْعِ
(و) بُحَارٌ (كغُرَابٍ) : موضعٌ (آخرُ) عَن السِّيرايّ، كَذَا ضَبَطَه السُّكْرِيُّ فِي قَول البُرَيْق، (أَو لغةٌ فِي الكَسْرِ) .
(وبَحْرَةُ: والدُ صَفِيَّةَ التّابِعيَّةِ) ، رَوَى عَنْهَا أَيُّوبُ بنُ ثَابت، وَهِي رَوَتْ عَن أبي محذورةَ، ذَكَرها البُخَاريُّ فِي التَّاريخ.
(و) بَحْرَةُ (جَدُّ يُمَيْنِ بنِ مُعاوِيَةَ) العائشيّ (الشاعرِ) .
(و) بَحْرَةُ: (ع بالبَحْرَيْنِ، و: ة، بالطائفِ) ، وَقد تقدَّم ذكرُهما، فَهُوَ تكْرَار.
(والباحُورُ والباحُوراءُ) ، كعاشُورٍ وعاشُوراءَ: (شِدَّةُ الحَرِّ فِي تَمُّوزَ) ، وَهُوَ مُوَلَّدٌ، قَالَ شيخُنَا: وَقد جاءَ فِي كَلَام بعضِ رُجّازِ العربِ، فَلَو قَالُوا: هُوَ معَرَّبُ كَانَ أَوْلى.
(وبُحَيْرَةُ، كجْهَيْنَةَ: خمْسة عَشَرَ موضعا) ، مِنْهَا: بُحَيْرَةُ طَبَرِيَّةَ، فإِنها بحرٌ عظيمٌ نَحْو عشرَة أَميال، وبُحيرةُ تِنِّيسَ بِمصْر، وبُحيرةُ أَرْجِيشَ، وبُحيرةُ أُرْمِيَةَ، وبُحيرةُ أَرْيَغَ، وبُحيرةُ الإِسكندريَّةِ، وبُحيرةُ أَنطاكِيَــةَ، وبُحيرةُ الحَدَثِ، وبُحيرةُ قَدَس، وبُحيرةُ المَرْجِ، وبُحيرةُ المُنْتِنَةِ، وبُحيرةُ هَجَرَ، وبُحيرةُ بَغْرَا، وبُحيرةُ ساوَهْ. وممّا يُستدرَكَ عَلَيْهِ:
البَحْرُ: الفُراتُ، قَالَ عَدِيُّ بنُ زَيْد:
وتَذَكَّرْ رَبَّ الخَوَرْنَقِ إِذْ أَشْ
رَفَ يَوْمًا ولِلْهُدَى تَذْكِيرُ
سَرَّه مالُه وكَثْرَةُ مَا يَمْ
لِكُ والبَحْرُ مُعْرِضاً والسَّدِيرُ
قالُوا: أَراد بالبحرِ هَا هُنَا الفُراتَ، لأَنّ رَبَّ الخَوَرْنَقِ كَانَ يُشِرفُ على الفُرات. قُلتُ: وهاذا فِيهِ مَا فِيهِ؛ فإِنّ البحرَ فِي الأَصل المِلْحُ دُونَ العَذْبِ، كَمَا قَالَه بعضُهم، وَقَوله تَعَالَى: وَمَا يَسْتَوِى الْبَحْرَانِ هَاذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وَهَاذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} (فاطر: 12) . قَالُوا: سُمِّيَ العَذْبُ بَحْراً؛ لكَوْنِه مَعَ المِلْح، كَمَا يُقَال للشَّمْسِ والقَمَرِ قَمَرانِ، كَذَا فِي البصائر للمصنِّف.
وَفِي حَدِيث مازِنٍ: (كَانَ لَهُم صَنَمٌ يُقَال لَهُ باحَرٌ) ، بِفَتْح الحاءِ، ويُرْوَى بالجِيم، وَقد تَقَدَّم.
وتبحَّرَ الرَّاعِي فِي رَعْيٍ كثيرٍ: اتَّسَعَ.
وبَحِرَ الرَّجلُ، كفَرِحَ، إِذا رَأَيَ البَحْرَ، فَفَرِقَ حَتَّى دَهِشَ، وكذالك بَرِقَ، إِذا رأَى سَنَا البَرْقِ فتحيَّر، وبَقِرَ، إِذا رَأَى البَقَرَ الكثيرَ، ومثلُه خَرِقَ، وعَقِرَ.
وَفِي المُحْكَم: يُقَال: للبَحْر الصَّغير: بُحَيْرَةٌ؛ كأَنَّهم تَوَهَّمُوا بَحْرَةٌ، وإِلّا فَلَا وَجْهَ للهاءِ.
وَقَوله: يَا هادِيَ اللَّيْلِ جُرْتَ، إِنّمَا هُوَ البَحْرُ أَو الفَجْرُ، فَسَّره ثعلبٌ فَقَالَ: إِنّما هُوَ الهلاكُ أَو تَرَى الفَجْرَ؛ شَبَّه الليلَ بالبَحْر، ويُرْوَى بالجِيم، وَقد تَقَدَّم.
والبَحْرَةُ: الفَجْوَةَ مِن الأَرض تَتَّسعُ.
والبُحَيْرَةُ: المُنخفِضُ من الأَرض.
وتَبَحَّرَ الخَبَرَ: تَطَلَّبه.
وَكَانَت أَسْمَاءُ بنتُ عُمَيْسٍ يُقَال لَهَا: البَحْرِيَّةُ؛ لأَنّهَا كَانَت هاجَرَتْ إِلى بِلَاد النَّجَاشِيّ فَرِكبت البحرَ. وكلَّ مَا نُسِبَ إِلى الْبَحْر فَهُوَ بَحْرِيٌّ. وَالَّذِي فِي الأَساس: ومِن المَجَاز: امرأَةٌ بَحْرِيَّةٌ، أَي عَظِيمَةُ البَطْنِ؛ شُبِّهَتْ بأَهْلِ البَحْرَيْنِ، وهم مَطاحِيلُ عِظَامُ البُطُونِ.
ويُقَال للحارَاتِ والفَجَوَاتِ: البحَارُ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: إِذا كَانَ البحرُ صَغِيرا قيل لَهُ: بُحَيْرةٌ.
والبَحْرِيُّ: المَلَّاحُ.
والمُفَضَّل بنُ المطهَّر بنِ الفَضْل بنِ عُبَيْد الله بنِ بَحَرٍ، كجَبَلٍ: الكاتبُ الأَصْبَهانيُّ، سَمِعَ مِنْهُ ابنُ السّمعانيِّ وابنُ عَسَاكِر. وذَكْوَانُ بنُ محمّدِ بنه العبّاسِ بنِ أحمدَ بنِ بَحرٍ الأَصبهاني، ويُدْعَى اللَّيْث، ذكَره ابنُ نقْطَةَ.
وكأَمِيرٍ: عبدُ الله بن عِيسَى بن بَحِير: شيخٌ لعبدِ الرزّاق، وعبدُ الْعَزِيز بنُ بَحِير بن رَيسانَ: أَحدُ الأَجوادِ، رَوَى.
وبَحِيرُ بن جُبَيْر: تابعيٌّ.
وبَحِيرُ بنُ نُوح، عَن أَبي حنيفةَ.
وبَحِيرُ بنُ عَامر: شاعرٌ جاهليٌّ.
وبَحِيرُ بنُ عبد الله فارسُ قُشَيْر.
وسعدُ بنُ بَحِيرِ بنِ معاويةَ: لَهُ صُحْبَةٌ.
ومُحَمّدُ بنُ بَحِيرٍ الأَسْفَرَاينِيٌّ، سمع الحمَيديّ. وَآخَرُونَ.
والبُحَيْر، كزُبَيْرٍ: لَقَبُ عَمرِو بنِ طَرِيفِ بنِ عمرِو بنِ ثُمَامةَ؛ لجودِ.
والحُسَيْن بنُ محمّدِ بنِ مُوسَى بن بُحَيْر: شيخُ ابنِ رَشِيق، ضَبَطَه الحُمَيديّ.
والفتحُ بنْ كعثِيرِ بنِ بُحَيْر الحَضرميُّ، ذَكَرَه ابنُ ماكُولا.
وبَحْرٌ: والدُ عمرٍ والجاحظِ.
وبَيْحَرٌ وبَيْحَرةُ، أَسْماءٌ.
وبَحْرَةُ ويبحرُ: موضعانِ.
وبَحِيرَاءُ الرَّاهبُ، كأَمِيرٍ مَمْدُوداً، هاكذا ضَبَطَه الذَّهَبِيُّ وشُرّاحُ المَوَاهِبِ، وَفِي روايةٍ بالأَلفِ المَقْصُورةِ، وَفِي أُخْرَى كَأَمِيرٍ، وأَما تَصْغِيرُه فَغَلَطٌ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ.
وبَحِيرَةُ، كسَفينة: موضعٌ.
وأَبو بَحْرٍ صَفوانُ بنُ إَدريسَ، أَديبٌ أَندلسيٌّ.
وأَبو بَحْرٍ سُفيانُ بنُ العاصِي.
وبَنُو البَحْرِ: قبيلةٌ بِالْيمن.
وبُحَيْر آباذ، بالضّمّ: مِن قُرَى جُوَيْن من نَوَاحِي نَيْسَابُورَ، وَمِنْهَا أَبو الْحسن عليُّ بنُ محمّدِ بنِ حَمّويه الجُوَيْنِيّ، من بيتِ فَضْلٍ، وَلَهُم عقبٌ بِمصْر.
وإِسحاقُ بنُ إِبراهيمَ بنِ محمّدٍ البَحْرِيُّ، الحافظُ، لأَنّه كَانَ يُسَافر إِلى الْبَحْر، تُوفِّيَ سنةَ 337 هـ. وأَبو بكرٍ عبدُ اللهِ بنُ عليِّ بنِ بَحْرٍ البَحْرِيُّ البَلْخِيُّ، نُسِبَ إِلى جَدِّه بَحْرٍ.
وبَحْرٌ جَدُّ الأَحْنَفِ بنِ قَيْس التَّمِيميِّ البَصْرِيِّ.
والبُحَيْرَةُ، مصغَّراً: كُورةٌ واسعةٌ بِمصْر.
(بَحر)
الأَرْض بحرا شقها والحفرة وسعهَا والناقة أَو الشَّاة شقّ أذنها

(بَحر) بحرا رأى الْبَحْر فَفرق ودهش وتحير من الْفَزع وَاشْتَدَّ عطشه من دَاء فَلم يرو وَأكْثر من الشَّرَاب فَأَصَابَهُ دَاء الْبَحْر واجتهد فِي الْعَدو فضعف وَانْقطع فَهُوَ بَحر وبحير

عصم

عصم: {بعصم}: حبال، واحدها عصمة. {استعصم}: امتنع. 
(عصم)
إِلَيْهِ عصما لَجأ والقربة جعل لَهَا عصاما وَالله فلَانا من الشَّرّ أَو الْخَطَإِ عصمَة حفظه ووقاه وَمنعه وَيُقَال عصم الشَّيْء مَنعه

(عصم) الْحَيَوَان عصما وعصمة كَانَ فِي ذِرَاعَيْهِ أَو إِحْدَاهمَا بَيَاض وسائره أسود أَو أَحْمَر فَهُوَ أعصم وَهِي عصماء (ج) عصم يُقَال ظَبْي أعصم وَفرس أعصم وغراب أعصم أَحْمَر المنقار وَالرّجلَيْنِ
(ع ص م) : (عَصَمَهُ) اللَّهُ مِنْ السُّوءِ وَقَاهُ عِصْمَةً (وَبِاسْمِ الْفَاعِل مِنْهُ) كُنِّيَتْ جَمِيلَةُ بِنْت ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ (وَاعْتَصَمَ) بِحَبْلِهِ تَمَسَّكَ بِهِ (وَمِنْهُ)
وَسَعْدٌ بِبَابِ الْقَادِسِيَّةِ مُعْصِمُ
أَيْ مُتَمَسِّكٌ وَفَتْحُ الصَّادِ فِيهِ وَتَفْسِيرُهُ بِالْمُعَصَّبِ الْعَيْنِ خَطَأٌ فِي خَطَأ.
ع ص م : عَصَمَهُ اللَّهُ مِنْ الْمَكْرُوهِ يَعْصِمُهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ حَفِظَهُ وَوَقَاهُ وَاعْتَصَمْتُ بِاَللَّهِ امْتَنَعْتُ بِهِ وَالِاسْمُ الْعِصْمَةُ.

وَالْمِعْصَمُ وِزَانُ مِقْوَدٍ مَوْضِعُ السُّوَارِ مِنْ السَّاعِدِ.

وَعِصَامُ الْقِرْبَةِ رِبَاطُهَا وَسَيْرُهَا الَّذِي تُحْمَلُ بِهِ وَالْجَمْعُ عُصُمٌ مِثْلُ كِتَابٍ وَكُتُبٍ. 
ع ص م

أنا معتصم بفلان ومستعصم به، ومعصم بجبله. وأعصم الكفل بعرف فرسه أو بقربوس سرجه لئلا يسقط. قال جرير:

والتغلبيّ على الجواد غنيمة ... ظفل الفروسة دائم الإعصام

ونحن في عصمة الله تعالى. ودعي إلى مكروه فاستعصم أي أبى وطلب العصمة منه. ودفعته إليك بعصمته وبعصامه أي بربقته، كما تقول: برمّته. وكل ما عصم به الشيء: فهو عصام وعصمة. وعلق القربة بعصامها وهو حبل يجعل في خربتيها فتعلق به معترضةً على جنب البعير. وأخذ بعصام ذنبه وهو مستدق طرفه. ونصل الخضاب فما بقي منه إلا عصيم أي أثر. وامرأة ريّا المعاصم " وأغرب من الغراب الأعصم ". وفلان عصاميّ وعظاميّ أي شريف النفس والمنصب.
عصم: اعتصم مع: اعتنق رأياً، وانتمى إلى حزب (بوشر).
عَصمة: احتقان، كظام، انسداد (دومب ص98).
عِصمة: براءة من جرم أو ذنب. ويقال أيضاً: عِصْمَة عن الخطأ. (بوشر).
عِصْمَة: منعة، تنزه عن الخطأ أو العيب، براءة من الضلال أو من الغلط، نزاهة عنهما (بوشر).
عاصمة، وجمعها عَواصِم: ربما استعملها المولدون لقاعدة البلاد (محيط المحيط).
العاصمتان: المعنى الذي ذكره شولتنز (في معجم فريتاج) مأخوذ عن ابن دريد طبعة رايت (ص4).
عاصِمِيّ: اسم يطلق على طعام مروزيا في غرناطة. (انظر مروزيا).
عاصِمِيّ: عنب من احسن العنب كبير الحب. (محيط المحيط).
عاصِمِيّة: خوخ مجفف.
(الكالا).
معصوم عن الخطأ أو معصوم فقط: منزه عن الخطأ والعيب، منزه من الظلال والغلط. (بوشر).
معصوم: ولد، ففي محيط المحيط: والمعصوم اسم مفعول، وربما كنى به كُتَاب المولدين عن الولد تأدباً مع الأكابر.
اِعْتِصام: التنزه عن الخطأ والعيب (هلو).
ع ص م: (الْعِصْمَةُ) الْمَنْعُ يُقَالُ: عَصَمَهُ الطَّعَامُ أَيْ مَنَعَهُ مِنَ الْجُوعِ. وَ (الْعِصْمَةُ) أَيْضًا الْحِفْظُ وَقَدْ عَصَمَهُ يَعْصِمُهُ بِالْكَسْرِ (عِصْمَةً فَانْعَصَمَ) . وَ (اعْتَصَمَ) بِاللَّهِ أَيِ امْتَنَعَ بِلُطْفِهِ مِنَ الْمَعْصِيَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [هود: 43] يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ لَا مَعْصُومَ أَيْ لَا ذَا عِصْمَةٍ فَيَكُونُ فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. وَ (الْمِعْصَمُ) مَوْضِعُ السُّوَارِ مِنَ السَّاعِدِ. وَ (اعْتَصَمَ) بِكَذَا وَ (اسْتَعْصَمَ) بِهِ إِذَا تَقَوَّى وَامْتَنَعَ. وَفِي الْمَثَلِ: كُنْ (عِصَامِيًّا) وَلَا تَكُنْ عِظَامِيًّا يُرِيدُونَ بِهِ قَوْلَهُ:

نَفْسُ عِصَامٍ سَوَّدَتْ عِصَامًا ... وَعَلَّمَتْهُ الْكَرَّ وَالْإِقْدَامَا 
عصم وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِي المختالات المتبرجات: لَا يدخلن الْجنَّة مِنْهُنَّ إِلَّا مثل الْغُرَاب الأعصم. قَالَ [أَبُو عبيد -] : [الْغُرَاب -] الأعصم هُوَ الْأَبْيَض الْيَدَيْنِ وَلِهَذَا قيل للوُعول: عُصم وَالْأُنْثَى مِنْهُنَّ عَصْماء وَالذكر أعصم وَإِنَّمَا هُوَ لبياض فِي أيديها فوصف قلَّة من يدْخل الْجنَّة مِنْهُنَّ قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وَهَذَا الْوَصْف فِي الْغرْبَان عَزِيز لَا يكَاد يُوجد إِنَّمَا أرجلها حمر وأماهذا الْأَبْيَض الْبَطن وَالظّهْر فَإِنَّمَا هُوَ الأبقع وَذَلِكَ كثير 81 / ب وَلَيْسَ هُوَ / الَّذِي ذكر فِي الحَدِيث [قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ -] : فنرى أَن مَذْهَب الحَدِيث أَن من يدْخل الْجنَّة من النِّسَاء قَلِيل كَقِلّة الْغرْبَان العصم عِنْد الْغرْبَان السود والبقع. 
عصم العِصْمَةُ: المَنْعُ. وكُل شَيْءٍ اعْتَصَمْتَ به. واعْتَصَم من الشًرً بكَذا وأعْصَمَ جميعاً. واسْتَعْصَمَ: الْتَجَأ. وأعْصَمْتُه: هَيأت له ما يَعْتَصِم به. ودَفَعْتُهُ إليه بِعِصْمَتِهِ: أي بِرِبْقَتِه ورُمًتِه.
والعِصْمَةُ: القِلادَة، وتُجْمَعُ على الأعْصَام. والعُصْمَةُ: بَياضٌ في الرُّسْغ. وبه سُمَيَ الوَعِل: أعْصَمَ. وأعْطِني عُصْمَ خِضَابِك: أي ما بَقِيَ منه. وعَصِيْمُ العَرَقِ والهِنَاء وغيرِهما: أثَره إِذا جَف. والعَصِيْمُ: شَعَرٌ أسْوَدُ يَنْبُتُ تحت وَبَر البَعير إِذا انْتَسَل.
وأعْصَمْنا الإهَابَ: تَرَكْناه يَجِفُ بِشَعَره؛ وهو عَصِيْمٌ. وأهُبٌ عُصْمٌ. والعِصَامُ: مُسْتَدَقُ طَرَف الذَّنَب، والجَميعُ: الأعْصِمَة. وسَيْر يُجْعَل في المَزَادَة كهَيْئة العُرْوَة، وقد أعْصَمْتُها.
وعِصَامُ المَحْمِل: شِكالًه وقَيده الذي يُشدُ طَرَفُ العارِضَتَيْن في أعْلاهما. وكُلُّ ما يُعْصَمُ به شَيْء؛ فهو عِصَامُه، والجَمْعُ عُصُمٌ.
وَمِعْصَمُ المَرْأة: مَوْضِعُ السًوارَيْن من ساعِدَيْها.
ومِعْصَم: اسْمٌ للعَنْزِ. وتُدْعى للحَلبِ فَيُقَال: مِعْصَمْ مِعْصَمْ، مُسَكَن الميم.

عصم


عَصَمَ(n. ac. عَصْم)
a. Guarded, kept, preserved; protected, defended.
b. [Ila], Took refuge with.
c. Tied (water-skin).
عَصِمَ(n. ac. عَصَم)
a. Was white-footed.

أَعْصَمَa. Guarded, protected, safeguarded; guaranteed.
b. [Min], Defended, protected himself against; was protected
against; shunned, avoided (evil).
c. [Bi], Seized, grasped; clung, held on to.
d. see I (c)
إِنْعَصَمَa. see IV (b)
إِعْتَصَمَa. see IV (b)b. [Bi], Took refuge with.
إِسْتَعْصَمَa. see IV (b)
& VIII (b).
عِصْمَةa. Defence, protection; guard.
b. Virtue, chastity.
c. Immunity, exemption.
d. (pl.
عِصَم أَعْصُم
أَعْصَاْم), Dog's collar.
e. Bracelet.
f. Rope, cord, strap.

عُصْمa. Remains, traces.

عُصْمَةa. see 2t (d) (e), (f).
عَصَمa. White spot on the fore-feet.

عُصُمa. see 3
أَعْصَمُ
(pl.
عُصْم)
a. White-footed.

مِعْصَم
(pl.
مَعَاْصِمُ)
a. Wrist.

عَاْصِمa. Forbidden.
b. Defender.

عَاْصِمَة
(pl.
عَوَاْصِمُ)
a. fem. of
عَاْصِمb. Title given to Medina.
c. [ coll. ], Chief town, capital

عِصَاْم
(pl.
عُصُم
أَعْصِمَة
15t)
a. Thong; string.
b. Handle.

عِصَاْمِيّa. Virtuous, meritorious, noble, illustrious.

عَوَاْصِمُ
a. [art.], The Province of Antioch.
N. P.
عَصڤمَa. Free, exempt.

N. P.
إِعْتَصَمَa. Refuge, shelter, asylum.

مَعْصُوْم مِن الغَلَط
a. Infallible.

عُصْمُوْر
a. Water-wheel; bucket.
عصم
العَصْمُ: الإمساكُ، والاعْتِصَامُ: الاستمساك.
قال تعالى: لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ
[هود/ 43] ، أي: لا شيء يَعْصِمُ منه، ومن قال معناه: لا مَعْصُومَ فليس يعني أنّ العَاصِمَ بمعنى المَعْصُومِ، وإنّما ذلك تنبيه منه على المعنى المقصود بذلك، وذلك أنّ العَاصِمَ والمَعْصُومَ يتلازمان، فأيّهما حصل حصل معه الآخر. قال: ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ
[غافر/ 33] ، والاعْتِصَامُ: التّمسّك بالشيء، قال: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً
[آل عمران/ 103] ، وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ
[آل عمران/ 101] ، واسْتَعْصَمَ: استمسك، كأنّه طلب ما يَعْتَصِمُ به من ركوب الفاحشة، قال:
فَاسْتَعْصَمَ
[يوسف/ 32] ، أي: تحرّى ما يَعْصِمُهُ، وقوله: وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ
[الممتحنة/ 10] ، والعِصَامُ: ما يُعْصَمُ به. أي:
يشدّ، وعِصْمَةُ الأنبياءِ: حِفْظُهُ إيّاهم أوّلا بما خصّهم به من صفاء الجوهر، ثم بما أولاهم من الفضائل الجسميّة، ثمّ بالنّصرة وبتثبّت أقدامهم، ثمّ بإنزال السّكينة عليهم وبحفظ قلوبهم وبالتّوفيق، قال تعالى: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ
[المائدة/ 67] . والعِصْمَةُ: شِبْهُ السِّوَارِ، والمِعْصَمُ: موضعها من اليد، وقيل للبياض بالرّسغ: عِصْمَةٌ تشبيها بالسّوار، وذلك كتسمية البياض بالرّجل تحجيلا، وعلى هذا قيل: غراب أَعْصَمُ.
[عصم] أبو عمرو: العَصِيمُ: بقيّةُ كل شئ وأثره من القطران والخِضاب ونحوه. والعُصْمُ بالضم مثله. قال الاصمعي: سمعت أعرابية تقول لجارتها: أعطيني عصم حنائك، أي ما سلت منه . والعِصْمَةُ: المَنْعُ. يقال: عَصَمَةُ الطعامُ، أي منعَه من الجوع. وأبو عاصمٍ: كنية السَويقِ. وأمَّا قول الراجز:

أُرْجِدَ رأسُ شيخةٍ عَيْصومِ * فيقال: هي الاكول. ومنهم من يرويه بالضاد معجمة. والعصمة: الحفظ. يقال: عَصَمْتُهُ فانْعَصَمَ. واعْتَصَمْتُ بالله، إذا امتنعتَ بلُطْفه من المعصية. وعَصَمَ يَعْصِمُ عَصْماً: اكتسبَ. وقوله تعالى: (لا عاصِمَ اليومَ من أمر الله) يجوز أن يراد لا مَعْصومَ، أي لا ذا عِصْمَةٍ، فيكون فاعلٌ بمعنى مفعولٍ. والعصمة القلادة، والجمع الاعصام. قال لبيد: حتى إذا يئس الرماة وأرسلوا غضفا دواجن قافلا أعصامها والمعصم: موضع السِوار من الساعد. والغرابُ الأعْصَمُ: الذي في جناحِه ريشةٌ بيضاء لأنَّ جناح الطائر بمنزلة اليد له. ويقال: هذا كقولهم: الأبلقُ العَقوقُ، وبَيْضُ الأنوقِ، لكلِّ شئ يعز وجوده. قال الاصمعي: الأعْصَمُ من الظباء والوعول: الذي في ذراعيه بياض. وقال أبو عبيدة: الذي بإحدى يديه بياضٌ. والاسم العُصْمَةُ. والوعولُ عُصْمٌ. وعنزٌ عصماء. وإذا كان بإحدى يدى الفرس بياض قل أو كثر فهو أعصم اليمنى أو اليسرى، وإن كان بيديه جميعا فهو أعصم اليدين، إلا أن يكون بوجهه وضح فهو محجل ذهب عنه العصم. وإن كان بوجهه وضح وبإحدى يديه بياض فهو أعصم، لا يوقع عليه وضح الوجه اسم التحجيل إذا كان البياض بيد واحدة. والعصام: رباط القربة وسيرها الذي تُحمل به. قال الشاعر أبو كبير : وقِرْبَةِ أقوامٍ جعلتُ عِصامَها على كاهلٍ مني ذَلولٍ مُرَحَّلِ قال ابن السكيت: أعْصَمْتُ القربة: جعلت لها عصاماً. وأعْصَمْتُ فلاناً، إذا هيَّأت له في الرحل أو السرج ما يَعْتَصِمُ به لئلا يسقُط. وأعْصَمَ، إذا تشديد واستمسك بشئ خوفا من أن يصرعَه فرسُه أو راحلته. قال الشاعر :

كِفْلُ الفروسةِ دائمُ الإعْصامِ * وكذلك اعْتَصَمَ به واسْتَعْصَمَ به. وأعْصَمَ الرجلُ بصاحبه: لزِمه. وقولهم: ما وراءك يا عصام ؟ هو اسم حاجب النعمان بن المنذر. وفي المثل: " كُنْ عِصامِيًّا ولا تكن عظامياً "، يريدون به قوله: نَفْسُ عِصامٍ سَوَّدَتْ عِصاما وعَلَّمَتْهُ الكَرَّ والإقْداما وصَيَّرَتْهُ مَلِكاً هُماما والعواصم: بلاد قصبتها أنطاكيــه.
[عصم] فيه: من كانت "عصمته" شهادة أن لا إله إلا الله، أي ما يعصمه من المهالك يوم القيامة، العصمة: المنعة، والعاصم: المانع الحامي، والاعتصام: الامتساك بالشيء. ومنه: ش أبي طالب: ثمال اليتامى "عصمة" للأرامل؛ أي يمنعهم من الضياع والحاجة. وح: فقد "عصموا" مني دماءهم وأموالهم. ج: أي منعوا، والعصمة من الله دفع الشر. نه: وح: لا تمسكوا "بعصم" الكوافر، جمع عصمة، أيمن الباء- وقد مر. وفيه: لا يدخل من النساء الجنة إلا مثل الغراب "الأعصم"، هو الأبيض الجناحين، وقيل، الأبيض الرجلين، أراد قلة من يدخلها منهن لأن هذا الوصف في الغربان عزيز قليل. وفيه: المرأة الصالحة مثل الغراب "الأعصم"، وفسر بما إحدى رجليه بيضاء. وفيه: عائشة في النساء كالغراب "الأعصم"، والعصمة البياض في يد الفرس والظبي والوعل. ومنه: فتناولت القوس والنبل لأرمى ظبية "عصماء". وفيه: فإذا جد بني عامر جمل آدم مقيد طبعصم"، هو جمع عصام وهو رباط كل شيء، أراد أن خصب بلاده قد حبسه بفنائه فهو لا يبعد في طلب المرعى فكأنه مقيد لا يبرح مكانه. ومثله قول قيلة في الدهناء: إنها مقيد الجمل، أي يكون فيها كالمقيد لا ينزع إلى غيرها من البلاد.
عصم
عصَمَ يَعصِم، عَصْمًا وعِصْمةً، فهو عاصِم، والمفعول مَعْصوم
• عصَمه اللهُ عن المكروه/ عصَمه اللهُ من المكروه: مَنَعَه، حَفظه ووقاه "عَصَمَ سُمْعَتَه- {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} ". 

استعصمَ/ استعصمَ بـ يستعصم، استعصامًا، فهو مُسْتَعْصِم، والمفعول مُسْتَعَصمٌ به
• استعصم الرَّجلُ: قاوم، وبالغ في الامتناع عن الوقوع في الخطأ أو المعصية، امتنع وأبى " {وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ} ".
• استعصم بالله: لجأ إليه واستمسك به وتقوَّى وامتنع "استعصم بأبيه/ بالجبل". 

اعتصمَ بـ/ اعتصمَ في يعتصم، اعتصامًا وعِصْمةً، فهو مُعْتَصِم، والمفعول مُعْتَصَمٌ به
• اعتصم بالله: استعصم، قاوم وبالغ في الامتناع عن الوقوع في الخطأ، امتنع وأبى "اعتصم بصاحبه: تشبّث واستمسك به، لزمه- {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا} " ° اعتصم بالصَّبر: تصبَّر- اعتصم بالصَّمت: سكت ولم يتكلَّم.
• اعتصم بالمكان/ اعتصم في المكان: بقى فيه لا يغادره حتَّى يجابَ طَلَبُه "اعتصم العُمَّال بالمصنع- اعتصم الطلاّبُ في مبنى الجامعة". 

أعصمُ [مفرد]: ج عُصْم، مؤ عَصْماءُ، ج مؤ عصماوات وعُصْم
• حيوانٌ أعصمُ: في ذراعيه أو إحداهما بياض وسائره أسود أو أحمر "ظبيٌ/ فرسٌ أعصمُ- بقرةٌ عصماءُ" ° قصيدة عَصْماءُ: قصيدةٌ ممتازة من عيون الشِّعر. 

اعتصام [مفرد]: ج اعتصامات (لغير المصدر):
1 - مصدر اعتصمَ بـ/ اعتصمَ في.
2 - امتناع عن العمل أو الدّراسة يعمد إليه العُمّالُ أو الطُّلابُ لتحقيق مطالبَ لهم مع البقاء في مناطقهم، دون عُنْف "نظّم العمّال اعتصامًا في المصنع- استمرّ اعتصامُ الطلاَّب ثلاثة أيّام". 

عاصمة [مفرد]: ج عواصمُ: مدينةٌ يُدَارُ حُكم البلاد منها وتقع فيها أهمُّ مؤسَّساتِ الدَّولة "القاهرة عاصمة مصر- درجات الحرارة المتوقَّعة في عواصم العالم- انسلّ بعضُ الثُّوّار إلى العاصمة". 

عِصاميّ [مفرد]: مَنْ شرُف بنفسه لا بآبائه، أو مَنْ بنَى نفسَه بكدِّه وكفاحه واجتهاده "رجلٌ/ طالب عِصاميّ- كُنْ عصاميًّا ولا تكن عِظاميًّا [مثل]: اشْرُفْ بنفسك لا بآبائك الذين صاروا عظامًا". 

عِصاميَّة [مفرد]: اعتماد الشخص على نفسه حتى ينال الشَّرف والمجد "استطاع العقاد بعصاميّته أن ينال مكانة أدبيّة عالميّة". 

عَصْم [مفرد]: مصدر عصَمَ. 

عِصْمَة [مفرد]: ج عِصْمات (لغير المصدر) وعِصَم (لغير المصدر):
1 - مصدر اعتصمَ بـ/ اعتصمَ في وعصَمَ.
2 - مَلَكَة إلهيَّة تمنع من الوقوع في المعصية أو الميل إليها مع القدرة عليها "اطلبْ العِصْمة من الله- إذا كفرت فقد زالت عنك العِصْمة".
3 - رباط الزَّوجيَّة يحلُّه الزَّوجُ متى شاء وللمرأة حقُّ حلِّه إذا اشترطت ذلك في عقد الزَّواج "جعلت عِصْمَتها في يدها- بيده عِصْمَة النكاح- {وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} " ° صاحبة العِصْمَة: لقب لعظيمات النساء، وليَّة العهد. 

مِعْصَم [مفرد]: ج معاصِمُ:
1 - موضع السِّوار من السَّاعد "أحاط به إحاطةَ السُّوار بالمِعْصَم".
2 - يد "كُسِر مِعْصَمُه". 
الْعين وَالصَّاد وَالْمِيم

عَصَمه يَعْصِمُه عَصْما: مَنعه ووقاه. وَفِي التَّنْزِيل: (لَا عاصِم اليَوْمَ مِن أمْرِ اللهِ إلاَّ مَنْ رَحِمَ) : أَي لَا مَعْصُوم إِلَّا المرحوم. وَقيل هُوَ على النّسَب: أَي ذَا عِصْمة. وَذُو العِصْمة يكون مَفْعُولا كَمَا يكون فَاعِلا. فَمن هُنَا قيل: إِن مَعْنَاهُ " لَا مَعْصُومَ "، وَإِذا كَانَ ذَلِك، فَلَيْسَ الْمُسْتَثْنى هُنَا من غير نوع الأول، بل هُوَ من نَوعه. وَقيل " إِلَّا من رحم " مُسْتَثْنى لَيْسَ من نوع الأول، وَهُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ، وَالِاسْم: العِصْمَة.

وعَصَمَةُ الطَّعَام: مَنعه من الْجُوع.

واعْتَصَم بِهِ واسْتَعْصَمَ: امْتنع.

وعَصَم إِلَيْهِ: اعتَصَم بِهِ.

وأعْصَمَه: هيأ لَهُ شَيْئا يَعْتَصِم بِهِ. وأعْصَم بالفرس: امتسك بعرفه. وَكَذَلِكَ الْبَعِير إِذا امتسكت بِحَبل من حباله. قَالَ طفيل:

إِذا مَا غَزَا لم يُسْقِطِ الرَّوْعُ رُمْحَه ... وَلم يَشْهَدِ الهَيْجا بألْوثَ مُعْصِمِ

ويروى: " إِذا مَا غَدا ". وأعْصَمَ الرجل: لم يثبت على الْخَيل.

والعِصْمَة: القلادة. وَالْجمع: عِصَم. وَجمع الْجمع: أعْصَام. وَهِي العَصَمَة أَيْضا. وَجَمعهَا: أعْصَام، عَن كرَاع. وَأرَاهُ على حذف الزَّائِد.

وأعْصَمَ الرجل بِصَاحِبِهِ: لزمَه.

والأعْصَم من الظباء والوعول: الَّذِي فِي ذراعه بَيَاض. وَقد عَصِم عَصَما. وَالِاسْم: العُصْمَة. والعَصْماء من الْمعز: الْبَيْضَاء الْيَدَيْنِ، أَو الْيَد، وسائرها أسود أَو أَحْمَر. وغراب أعْصَم: فِي إِحْدَى جناحيه ريشة بَيْضَاء. وَقيل: هُوَ الَّذِي إِحْدَى رجلَيْهِ بَيْضَاء. وَقيل: هُوَ الْأَبْيَض. وَفِي الحَدِيث: " الْمَرْأَة الصَّالِحَة كالغراب الأعْصَم ". يَقُول: إِنَّهَا عزيزة لَا تُوجد، كَمَا لَا يُوجد الْغُرَاب الأعصم. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العُصْمة من ذَوَات الظلْف: فِي الْيَدَيْنِ، وَمن الْغُرَاب: فِي السَّاقَيْن. وَقد تكون العُصْمَة فِي الْخَيل، قَالَ غيلَان الربعِي:

قَدْ لَحِقَتْ عُصْمَتُها بالأطباءْ

مِن شِدّة الرَّكْضِ وخَلْج الأنساءْ

أَرَادَ: مَوضِع عُصْمتها.

والعَصيم: الْعرق. والعَصِيم: وسخ وَبَوْل ييبس على فَخذ الْبَعِير أَو النَّاقة. والعَصيمُ: الْوَبر. قَالَ:

رَعَتْ بَين ذِي سُقْفٍ إِلَى جُشّ حِقْفَةٍ ... مِن الرَّمْل حَتَّى طارَ عَنْهَا عَصِيمُها

والعَصيم والعُصْم والعُصُم: بَقِيَّة كل شَيْء وأثره من القطران والخضاب وَغَيرهمَا. وَقَالَت امْرَأَة من الْعَرَب لجارتها: اعطيني عُصْمَ حنائك: أَي مَا سَلَتِّ مِنْهُ.

وعِصَام الْمحمل: شكاله. وعصام الدَّلْو والقربة والإداوة: حَبل تشد بِهِ.

وعَصَم الْقرْبَة: جعل لَهَا عِصَاما.

وأعْصَمها: شدها بالعِصام.

وكل شَيْء عْصمِ بِهِ شَيْء: عِصام، وَالْجمع: أعْصِمَة وعُصُم. وَحكى أَبُو زيد فِي جمع العِصام: عِصام، فَهُوَ على هَذَا، من بَاب دلاص وهجان. وعِصام الْوِعَاء: عروته الَّتِي يعلق بهَا. وعِصام المزادة: طَريقَة طرفها، وعِصام الذَّنب: مستدق طرفه.

والمِعْصَم: مَوضِع السوار من الْيَد، قَالَ:

فاليوْمَ عندَك دَلُّها وحَدِيثُها ... وغَداً لغَيْرِك كَفُّها والمِعْصَمُ

وَرُبمَا جعلُوا المِعْصَم: الْيَد.

والعَيْصُوم: الْكثير الْأكل. الذّكر وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاء. قَالَ:

أُرْجِدَ رأسُ شَيْخةٍ عَيصُومِ

ويروى: " عيضوم ". وَقد تقدم. وَقد سموا عِصْمة، وعُصَيْمة، وعاصِما، وعُصَيْما، ومَعْصُوما، وعِصَاما. وعِصْمةُ: اسْم امْرَأَة، أنْشد ثَعْلَب:

ألم تعْلَمي يَا عِصْمَ كيفَ حَفِيظتي ... إِذا الشَّرُّ خاضَتْ جانِبَيه المجَادِحُ
باب العين والصاد والميم معهما (ع ص م، ع م ص، م ع ص، ص م ع، م ص ع مستعملات ص ع م مهملة)

عصم: العِصْمَةُ: أن يَعْصِمَكَ اللهُ من الشّر، أي: يدفعُ عنك. واعتصمت بالله، أي: امتنعت به من الشّر. واستعصمت، أي: أبيت. وأَعْصَمْتُ، أي: لجأت إلى شيء اعتصمت به. قال:

قل لذي المَعْصِمِ المُمَسِّك بالأطناب ... يا ابن الفجار يا ابن ضريبه

وأعصمت فلانا: هَيّأتُ له ما يعتصم به. والغريق يَعْتَصِمُ بما تنالهُ يده، أي: يلجأ إليه. قال:

.......... ... يظلّ ملاّحه بالخوف معتصما

والعصمة: [ال] قلادة، ويجمع على أعْصام. والأَعْصَمُ: الوَعِلُ، وعُصْمَتُهُ بياضه في الرّسغ، شبة زَمَعه الشاه.. قال أبو ليلى: هي عُصْمَة في إحدى يديه من فوق الرُّسغ إلى نصف كراعه، قال:

قد يَتْرُكُ الدّهُر في خلقاء راسية ... وهيا وينزل منها الأعصم الصدعا

وقال:

مقادير النفوس مؤقتات ... تحطّ العُصْمَ من رأس اليفاع

ويقال: غراب أعصم إذا كان كذلك وقلّما يوجد في الغربان مثله والعصيم الصدىء من العرق والبول والوسخ اليابس على فخذ الناقة يبقى فيه خثورة كالطريق، قال:

بلَبَّتِهِ سرائحُ كالعَصيمِ

وعِصام المحمِل: شِكاله وقيده الذي يشدّ في أعلى طرف العارضين، وكلّ حبل يُعْصَمُ به شيء فهو عصام، وجمعه: عصم. والعُصُم: طرائق طرف المزادة، الواحدة عصام، وهي عند الكلبة. قال أبو ليلى: العِصام القربة أو الأداوة، وأنشد:

وقربة أقوام جعلت عصامها ... على كاهل منى ذلول مذلل

قال: لا يكون للدلو عصام، إنما يكون له رِشاء. وقال عرّام كما قال. ويقال: العِصام مستدقّ طرف الذَّنب، وجمعه: أعصمة، لم يعرفه أبو ليلى، وعرفه عرّام. والمِعْصَمُ: موضع السوارين من ساعد [ي] المرأة. قال:

اليومَ عندك دلُّها وحديثُها ... وغدا لغيرِك كفُّها والمِعْصَمُ

أي: إذا مات تُزَوَّجُ الأخر.

عمص: عَمَصْتُ العامِصَ، وأَمَصْتُ الأمِصَ، أي: الخاميز ، معربة.

معص: مَعِصَ الرّجل مَعَصا فهو مَعِص ممتعص، وهو شبه الحجل ، قال أبو ليلى: المَعَصَ يكون في الرّجل من كثرة المشي في مفصل القدم. وهو تكسير يجده الإنسان في جسده من ركض أو غيره. صمع: الصَّمَع: مصدر الأصمع صَمِعَتْ أذنه صَمَعاً، أي: صغُرت، وضاق صِماخها. قال:

حتى إذا صرّ الصّماخ الأصمعا

يعني الحمار إذا رفع أذنيه. ويقال للظليم: أصمع لرفعه أذنه. والأنثي صمعاء. وامرأة صمعاء الكعبين، أي: لطف كعبها، واستوى. وقناة صمعاء، أي: لطيفة العقد ، مكتنزة الجوف. ومنه سمّي الرمح: أصمع. قال:

وكائِنْ تركنا من عميم مُحَوَّأٍ ... شحا فاه محشورَ الحديدةِ أصمعا

وبقلة صمعاء: مكتنزة مرتوية. قال:

رعت بارضَ إلبهمَي جميما وبسرة ... وصمعاء حتى آنفتها نصالها

وكلاب صُمْعُ الكعوب، أي: صغارها. والصُّمعان من الريش ما يراش به السهم من الظهار وهو أجوده وأفضله. وصومعة الثَّريد جثَّتها وذروتها المصعبنة. وصومعة الرَّاهب: منارته يترهّب فيها. وقول أبي ذؤيب : فرمى فأَنْفَذَ من نَحُوصٍ عائطٍ ... سهماً فخرّ وريشُهُ مُتَصَمِّعُ

أي: لزق بعض ريشه ببعض من الدم، يعني ريش السهم، فأراد أنه رقيق. قال عرّام: المتصمع هاهنا: ريش السهم الذي خرج من هذه الرّمية فبلّه الدّم

مصع: المُصْعُ: حمل العوسج. الواحدة: مُصْعَه، يكون حلواً أحمر يؤكل منه، ومنه ضرب أسود أردأ العوسج، وأكثره شوكاً، وهو حب صغار مثل الحمّص، وربما كان مرّاً. المُصْعُ: الضَّرب بالسيف، والمماصعة: المجالدة بالسيف. قال:

سلي عنّي إذا أختلف العوالي ... وجرّدت اللّوامع للمِصاع

وقال أبو كبير:

أزُهيرُ إنْ يَشِب القذال فإنني ... كم هيضل مَصِعٍ لففت بهيضَلِ

يعني بكتيبة. والدّابة تَمْصَعُ بذَنبها، أي: تحرّكه. ومصع به، أي: رَمَى به، والأمّ تَمْصَعُ بولدها: ترمي به إذا ولدته. قال:

ومَجَنَّباتٍ لا يَذُقْنَ عذوبةً ... يَمْصَعْنَ بالمُهَراتِ والأمهار

وقال:

يَمْصَعْنَ بالأذناب من لوح وبق أي: يحرّكْنَ. ورجل مَصُوع: فَرِق الفؤاد. ومُصِعَ فؤاده: أي: ضرب. ومَصَعَ فلان بسلحه على عقيبه إذا سبقه من فَرَق أو عَجلَةِ أمرِ. قال:

[ف] باست امرىء واسَتِ التي مَصَعْت به ... إذا زبنته الحرب لم يترمرم 

عصم

1 عَصَمَ, aor. ـِ (K, TA,) inf. n. عَصْمٌ, (TA,) i. q. مَنَعَ [as meaning He, or it, prevented, or hindered: or, as is generally the case, defended, or protected]: (K, TA:) this is [said to be] the primary signification: (TA: [but see عِصْمَةٌ]) and he, or it, preserved, or kept; syn. وَقَى: (K, TA:) and it withheld (أَمْسَكَ) a thing. (TA.) One says, عَصَمَهُ الطَّعَامُ [for عَصَمَهُ مِنَ الجُوعِ] The food prevented him, or defended him, (مَنَعَهُ,) from being hungry. (S, K.) And عَصَمَهُ اللّٰهُ, (Mgh, Msb, TA,) aor. as above, (Msb, TA,) inf. n. عِصْمَةٌ, (Mgh,) or this is a simple subst., (Msb,) and the inf. n. is عَصْمٌ, (TA,) God defended, or protected, him; (TA;) or preserved him; (Mgh, Msb, TA;) مِنَ السُّوْءِ [from evil], (Mgh,) or مِنَ المَكْرُوهِ [from what was disliked, or hated]. (Msb.) And عَصَمْتُهُ I [defended, or protected, him; or] preserved him. (S.) b2: And [hence,] عَصَمَ القِرْبَةَ, (K, TA,) aor. ـِ inf. n. عَصْمٌ, (TA,) He put, or made, to the water-skin, an عِصَام; (K, TA;) as also ↓ أَعْصَمَهَا: (ISk, S, K, TA:) or the latter signifies, (TA,) or signifies also, (K,) he bound it with the عِصَام, (K, TA,) i. e. the [tie called] وِكَآء [which is bound round its head to confine the contents]. (TA.) A2: عَصَمَ إِلَيْهِ: see 8.

A3: عَصَمَ, aor. ـِ (S, K,) inf. n. عَصْمٌ, (S,) signifies also اِكْتَسَبَ [i. e. he gained, or earned; or he sought means of subsistence]. (S, K.) A4: عَصَمَ ثَنِيَّتَهُ الغُبَارُ means The dust stuck to his central incisor; like عَصَبَ [q. v.]. (TA.) A5: عَصِمَ, aor. ـَ (K, TA,) inf. n. عَصَمٌ, (S, * TA,) said of a gazelle, and of a mountain-goat, [and app. of a horse,] He was such as is termed أَعْصَمُ. (K, TA.) 4 اعصم He exerted his strength, and laid hold, or fast hold, upon a thing, or clung to it, lest his horse, or his camel, should throw him down; [or rather اعصم بِشَىْءٍ has this meaning, or he laid hold, or fast hold, upon a thing, or clung to it;] and in like manner one says بِهِ ↓ اعتصم, and به ↓ استعصم; (S;) بِهِ ↓ اعتصم is said by Er-Rághib, to signify thus; whence, in the Kur [iii. 98], بِحَبْلِ اللّٰهِ ↓ وَاعْتَصمُوا [expl. in art. حبل]: (TA:) and [hence, likewise,] اعصم بِحَبْلِهِ signifies تَمَسَّكَ بِهِ [meaning He held fast by his corenant]. (Mgh.) One says also, اعصم بِالبَعِيرِ He laid hold upon one of the cords, or ropes, of the camel, (K, TA,) lest the camel should throw him down. (TA.) And اعصم بِالفَرَسِ He laid hold upon the mane of the horse, (K, TA,) lest his horse should throw him down. (TA.) and اعصم بِفُلَانٍ He laid upon such a one: (K:) or اعصم بِصَاحِبِهِ He clung to his companion. (S.) b2: And [hence,] He took refuge, and defended, or protected, himself, مِنَ الشَّرِّ from evil; as also ↓ اعتصم, and ↓ استعصم (Ham p. 810.) A2: Also He was not firm [in his seat] upon the back of the horse. (K.) A3: اعصم فُلَانًا He prepared for such a one, (S, K,) in the camel's saddle, and in the horse's saddle, (S,) a thing upon which he might lay hold, (S, K,) lest he should fall. (S.) b2: اعصم القِرْبَةَ: see 1, latter half.7 انعصم He became [defended, or protected, or] preserved; quasi-pass. of عَصَمْتُهُ. (S.) 8 إِعْتَصَمَ see 4, first sentence, in three places. [Hence,] اعتصم بِاللّٰهِ He held fast, or clung, unto God: (Jel in iii. 96:) or, to his religion: or he had recourse to God for protection, in, or in respect of, the concurrences, or combinations, of his affairs: (Bd ibid:) he confided in, or relied upon, God, (Bd and Jel in xxii. last verse,) in, or in respect of, the concurrences, or combinations, of his affairs, not seeking aid from any but Him: (Bd ibid.:) or he defended, or preserved, himself, or he refrained, or abstained, (اِمْتَنَعَ,) by the grace of God, (S, Msb, * K,) from disobedience. (S, K. [See also 10.]) And ↓ عَصَمَ

إِلَيْهِ signifies the same as اعتصم بِهِ. (K.) See also 4, latter half.

A2: اِعْتَصَمَتْ, said of a girl, or young woman, [from عِصَامٌ,] She applied collyrium to her eyes. (El-Muärrij, TA.) 10 استعصم: see 4, in two places. b2: Also He defended, or preserved, himself, or he refrained, or abstained; syn. اِمْتَنَعَ. (TA. [See also 8.]) عُصْمٌ (S, K) and ↓ عُصُمٌ (K) and ↓ عَصِيمٌ (S, K) A relic, and a trace, of anything, (S, K,) such as tar [with which camels are smeared when mangy], (S,) and خِضَاب [i. e. hinnà (حِنَّآء) and the like, with which one dyes, or tinges, the hair &c.], and the like: (S, K:) and عُصْمٌ is also expl. as signifying a trace of anything such as وَرْس [q. v.] or saffron or the like. (TA.) As says, I heard an Arab woman of the desert say to her follow-wife, أَعْطِينِى عُصْمَ حنَّائِكِ, meaning [Give me] what thou hast wiped off and cast away of thy حِنَّآء (S, TA *) after thy dyeing of thy hands with it. (TA.) A2: عُصْمٌ is also a pl. of عِصَامٌ [q. v.]. (TA.) عِصْمٌ: see عُصْمَةٌ.

عُصُمٌ: see عُصْمٌ.

A2: Also a pl. of عِصَامٌ [q. v.]. (Msb.) عُصْمَةٌ A قِلَادَة [meaning collar for a dog]: (S, K;) as also ↓ عِصْمَةٌ; (Kr, K, &c.;) resembling a bracelet: (Er-Rághib, TA:) pl. (of the latter, TA) عِصَمٌ, and pl. pl. أَعْصُمٌ and عِصَمَةٌ [in the CK عَصَمَةٌ, but, as is said in the TA, with kesr and then fet-h], and pl. pl. pl. أَعْصَامٌ; (K;) or this last, which is said in the S to be pl. of عُصْمةٌ, and thought by ISd to be formed from عِصْمَةٌ after rejecting the augmentative letter [ة], and said by some to be a pl. of which the sing. is ↓ عِصْمٌ, like as أَعْدَالٌ is of عِدْلٌ, is correctly pl. of عِصَمٌ, which is pl. of عِصْمَةٌ, (IB, TA.) of which أَعْصِمَةٌ is also a pl. [of pauc.] (TA.) and أَعْصَامٌ signifies also The straps (عَذَبَات) that are upon the necks of dogs: and the sing, is عُصْمَةٌ, and, (K, TA,) some say, (TA,) ↓ عِصَامٌ, (K, TA,) with kesr, [in the CK عَصامٌ,] mentioned by Lth. (TA.) [Hence,] one says, دَفَعْتُهُ إِلَيْهِ بِعُصْمَتِهِ and ↓ بِعِصَامِهِ [i. e. I gave it to him altogether]; like as one says, بِرُمَّتِهِ [q. v.]. (TA.) A2: Also The quality denoted by the epithet أَعْصَمُ [q. v.]: (S, K:) ISh says, it is in the arm of the gazelle and of the mountain-goat: and IAar says, it is in cloven-hoofed animals in the fare legs; and in the crow, in the shanks; and sometimes, he says, it is in horses. (TA.) عِصْمَةٌ [mentioned in the Mgh as an inf. n., but said in the Msb to be a simple subst.,] primarily (TA) signifies مَنْعٌ [as meaning Prevention, or hindrance: or, as seems to be indicated by most of its subordinate applications, defence, or protection]: (S, K, TA:) or, as some say, its primary signification is the act of tying, or binding; and hence the meaning of مَنْعٌ: or, accord. to Zj, it primarily signifies حَبْلٌ [i. e. a rope, or cord]; and accord. to Mohammad Ibn-Neshwán El-Himyeree, سَبَبٌ and حَبْلٌ [which mean the same]. (TA.) Defence, or protection, (TA,) or preservation, (S, Msb, K,) [in an absolute sense, and] as an act of God, (Msb, TA,) from that which would cause destruction of a man. (TA.) عِصْمَةُ الأَنْبِيَآءِ signifies God's preservation of the prophets; first, by the peculiar endowment of them with essential purity of constitution; then, by the conferring of large and highly-esteemed excellences; then, by aid against opponents, and rendering their feet firm; then, by sending down upon them tranquillity (السَّكِينَة, q. v.), [see the Kur ix. 26, &c.,] and the preservation of their hearts, or minds, and adaptation to that which is right. (Er-Rá- ghib, TA.) b2: Also [A defence as meaning] a defender from a state of perdition and from want: so in a saying of Aboo-Tálib, in praise of the Prophet, cited voce ثِمَالٌ. (TA.) b3: And A faculty of avoiding, or shunning, acts of disobedience, [or of self-preservation therefrom,] with possession of power to commit them: (El-Muná- wee, TA:) [or,] as used by the Muslim theologians, inability to disobey: or a disposition that prevents [disobedience], not such as constrains [to act]. (MF, TA.) b4: عِصْمَةُ النِّكَاحِ means The tie, or bond, of marriage: [also called, in the present day, عِصْمَةُ المَرْأَةِ i. e. the woman's matrimonial tie or bond, which is in her husband's hand, or power: a term used by the lawyers:] one says, بِيَدِهِ عِصْمَةُ النِّكَاحِ i. e. [In his hand, or power, is] the tie, or bond, of marriage: pl. عِصَمٌ: whence, in the Kur [lx. 10], وَلَا تُمَسِّكُوا بِعِصَمِ الكَوَافِرِ [And hold ye not to the matrimonial ties, or bonds, of the unbelieving women; meaning divorce ye such women: but the common reading is ولا تُمْسِكُوا, which signifies the same]. (TA.) b5: See also عُصْمَةٌ.

عِصَامٌ The tie of a قِرْبَة [or water-skin]; (S, Msb;) [i. e.] its [tie called] وَكَآء [which is bound round the head to confine the contents]: (TA:) and the strap that is used for the carrying thereof: (S, Msb:) or a cord that is used for the tying, or binding, of the leathern bucket and of the water-skin and of the [leathern vessel for water called]

إِدَاوَة: and the loop-shaped handle that serves for the suspending of the [bag, or other receptacle, for travelling-provisions or for goods or utensils &c. called] وِعَآء: (K:) and anything that serves for the protection, or preservation, of a thing: (TA:) pl. [of pauc.] أَعْصِمَةٌ and [of mult.] عُصْمٌ, (K, TA,) or عُصُمٌ, (Msb, and so in some copies of the K,) and عِصَامٌ, like the sing., of the class of دِلَاصٌ: (Az, K:) but Az states, as what had been heard [app. by him] from the Arabs, respecting the عُصْم of [the leathern water-bags called]

مَزَاد, that they are the cords that are fixed in the loops of the pairs of water-bags, and with which they are tied when they are bound upon the back of the camel; after which the [rope called] رِوَآء is bound over them: they are erroneously said by Lth to be the طَرَائِق [app. meaning borders] of the extremity of the مَزَادَة [or leathern water-bag], at the place of the كُلْيَة [or kidney-shaped piece of leather to which a loop is sewed]. (TA. [See also خُصْمٌ.]) Mention is made, in a trad., of a place where a camel was shackled with عُصْم, as meaning that its abundance of herbage confined him so that he would not go away in search of pasturage. (TA.) b2: Also The cord, or bond, of the [vehicle called] مَحْمِل, (K, * TA,) which is bound at the extremity of [each of the transverse pieces of wood called] the عَارِضَانِ [correctly عَارِضَتَانِ], in the upper part of each of these: [for,] as Lth says, there are two of such cords, or bonds: and Az says that the عِصَامَانِ of the مَحْمِل are like those of the [pair of leathern water-bags called] مَزَادَتَانِ. (TA.) b3: And The slender part of the end of the tail; (M, K;) and عِضَامٌ is a dial. var. thereof: (TA: [but see the latter:]) or the tail with its hair and its عَسِيب [q. v.]: (ISh, TA:) pl. أَعْصِمَةٌ. (K.) b4: See also عُصْمَةٌ, in two places. b5: Also Collyrium: (K, TA:) mentioned on the authority of El-Muärrij: so called because it defends and strengthens the eye. (TA.) عَصُومٌ Edacious; voracious; (K, TA;) applied to a she-camel; (TA;) and ↓ عَيْصُومٌ signifies the same, (K, TA,) applied to a human being, male and female; (TA;) the latter occurring in the saying of a rájiz, applied to an old woman, (S, TA,) and said to have this meaning, (S,) but as some relate it, the word is there with ض; (S, TA;) and عَيْضُومٌ signifies thus accord. to Kr, applied to a woman: عَيْصُومٌ, however, is of higher authority: (TA in art. عضم:) ↓ عَيْصَامٌ also signifies the same, applied to a man. (TA.) b2: Also A female whose family, or household, have become numerous. (Az, TA.) عَصِيمٌ: see عُصْمٌ. b2: Also Sweat: (K:) or, accord. to Lth, rust [that is an effect] of sweat. (TA.) b3: And Dirt, and urine that dries, upon the thighs of camels, (K, TA,) so as to become like the road, in thickness. (TA.) b4: And Black hair that grows beneath the fur of the camel when it falls off (إِذَا انْتَسَلَ [perhaps a mistranscription for اذا أَنْسَلَ]). (K.) b5: And The leaves of trees. (IB, TA.) عِصَامِىٌّ [a rel. n. used as meaning Of the class of 'Isám; and hence, self-ennobled]. عِصَامٌ is the name of a chamberlain of En-Noamán Ibn-ElMundhir: and [in relation to him] it is said in a prov., كُنْ عِصَامِيًّا وَلَا تَكُنْ عِظَامِيًّا, (S, K, TA,) [the former clause meaning Be thou of the class of 'Isám, i. e. be thou self-ennobled, and] the latter clause meaning and be not of those who glory in old and wasted and crumbling bones, [i. e. in their ancestors,] (TA,) alluding to his saying, [so in the S and K and TA, but correctly the saying of En-Nábighah, (see Har p. 297,)]

نَفْسُ عِصَامٍ سَوَّدَتْ عِصَامَا وَعَلَّمَتْهُ الكَرَّ وَالإِقْدَامَا [The soul of 'Isám ennobled 'Isám, and taught him the art of attack, and boldness]. (S, K, TA.) And [hence] one says also, فُلَانٌ عِصَامِىٌّ وَعِظَامِىٌّ i. e. Such a one is noble in respect of soul, or self, and of origin. (A, TA.) عَاصِمٌ [act. part. n. of عَصَمَ, signifying] Defending [&c.], or a defender [&c.]. (TA.) لَا عَاصِمَ اليَوْمَ مِنْ أَمْرِاللّٰهِ, in the Kur [xi. 45], may mean There is no defender [this day from the decree of God]: (TA:) or the meaning may be, no [person] defended: or no possessor of defence: (S, TA:) so that عاصم may be an instance of فَاعِل in the sense of مَفْعُوا: (S:) or it may thus be a possessive epithet. (TA. [See also دَافِقٌ.]) b2: [Hence,] العَاصِمَةُ is a name of El-Medeeneh. (K.) b3: أَبُو عَاصِمٍ is an appellation of The meal of parched barley or the like (السَّوِيق). (S, K.) And also The food called سِكْبَاج [q. v.]. (K.) عَيْصَامٌ: see عَصُومٌ.

عَيْصُومٌ: see عَصُومٌ b2: Also A woman who sleeps long, and speaks angrily when she is roused. (TA.) أَعْصَمُ A gazelle, and a mountain-goat, having in his arms, (As, T, S, K,) or in one of them, (AO, S, M, K,) a whiteness, (S, K,) the rest of him being red or black: (K:) or a goat white in the fore legs, or in the fore leg: (Az, TA:) fem.

عَصْمَآءُ: (S, K:) and pl. عُصْمٌ. (S.) b2: And A horse white in the fore leg: (As, TA:) or having a whiteness in one of his fore legs, above the pastern: (ISh, TA:) or having a whiteness in his fore shanks: (Ham p. 18:) or having a whiteness in one of his fore legs, (S, TA,) but not in his hind legs, (TA,) little or much; in which case he is termed أَعْصَمُ اليُمْنَى or اليُسْرَى [white in respect of the right fore leg or of the left]: when the whiteness is in both of his fore legs, he is termed أَعْصَمُ اليَدَيْنِ [white in respect of the two fore legs]; unless having a blaze in his face, in which case he is termed مُحَجَّلٌ, not أَعْصَمُ; (S, TA;) though a blaze in his face does not cause him to be termed مُحَجَّلٌ when the whiteness is in one fore leg. (S.) b3: And A crow having a white feather in its wing; (S, K; [in some copies of the K, in its two wings;]) i. e., in one of its wings: (TA:) because the wing of the bird corresponds to the fore leg [of the beast]: (S, TA:) or white in the wings: (ISh, IAth, TA:) or white in the legs: (TA:) or red (أَحْمَر) in the legs and beak; (Az, K, TA;) and this is said by Az to be the correct explanation; [but] he adds that the Arabs term بَيَاض [i. e. whiteness] حَمْرَة [which properly signifies redness], saying of a woman of white complexion that she is حَمْرَآء: [so that by the last of the foregoing explanations of أَعْصَمُ applied to a crow is app. meant white in the legs and beak:] the Prophet is said to have explained this epithet, thus applied, as meaning of which one of the legs is white: (TA:) some say that الغُرَابُ الأَعْصَمُ is like الأَبْلَقُ العَقُوقُ and بَيْضُ الأَنوقِ, applied to anything that is rarely found: (S, TA:) it occurs in a number of trads.; and a righteous woman is likened thereto. (TA.) مِعْصَمٌ The part, of the fore arm, which is the place of the bracelet; (S, Msb, K;) [the wrist: pl. مَعَاصِمُ:] in a citation from a poet (voce عَرَقَ), المَعَاصِيم is used by poetic license for المَعَاصِم. (L in art. عرق.) b2: And The يَد [meaning arm]; (K, TA;) used in this sense in a verse of ElAashà. (TA.) A2: Also, thus without the article ال, a name for The she-goat; which is called to be milked by one's saying مِعْصَمْ مِعْصَمْ, with the last letter quiescent. (K.) مُعْتَصَمٌ A place of defence, protection, or preservation. (Ksh and Bd in xi. 45.)
عصم

(عَصَمَ يَعْصِمُ) عَصْمًا: (اكْتَسَبَ) ، نَقَلَه الجَوْهِرِيّ.
(و) أَيْضا: (مَنَعَ) ، وَهَذَا هُوَ الأَصْل فِي كَلامِ العَرَب.
(و) عَصَمَ يَعْصِمُ عَصْمًا: (وَقَى) .
(و) عَصَم (إِلَيْه: اعْتَصَم بِهِ) .
(و) عَصَمَ (القِرْبَةَ) يَعْصِمُها عَصْمًا: (جَعَلَ لَهَا عِصامًا، كَأَعْصَمَها) .
وقِيلَ: أعصَمَها: شَدَّها بالوِكاءِ، وسيَأْتِي للمُصَنِّفِ قَريبًا.
(وعَصَمَهُ الطَّعامُ: مَنَعه مِنَ الجوعِ) .
(و) العَصِيمُ (كأَمِيرٍ: العَرَقُ) ، وَقَالَ اللَّيثُ: صَدَأُ العَرَقِ.
(و) أَيضًا: هِناءٌ ودَرَنٌ و (وَسَخٌ وبَوْلٌ يَيْبَسُ علَى فَخِذِ الإِبِلِ) حَتَّى يَبقَى كالطَّرِيقِ خُثُورَةً، ونَصَّ اللَّيْثِ: على فَخِذِ النَّاقَة، وأَنْشَد:
(وأَضْحَى عَن مَواسِمِهم قَتِيلاً ... بَلَيَّتِه سَرائِحُ كالعَصِيم)

وَلَو قَالَ: على أَفْخَاذِ الإِبلِ لَكَانَ حَسَنًا، نَبَّه عَلَيْهِ شَيْخُنا.
(و) العَصِيمُ: (شَعَرٌ أَسْوَدُ يَنْبُتُ تَحْتَ وَبَر البَعِير إِذا انْتَسَل) ، قَالَ:
(رَعَتْ بَيْنَ ذِي سَقْفٍ إِلَى حَشِّ حِقْفَةٍ ... مِنَ الرَّمْلِ حَتَّى طَارَ عَنْها عَصِيمُها)

(و) العَصِيمُ: (بَقِيَّةُ كُلِّ شَيْءٍ وأَثَرُه، من خِضابٍ ونَحْوِه) ، كالقَطِرانِ وغَيْرِه، (كالعُصْمِ، بالضَّمِّ، وبِضَمَّتَيْن) ، قَالَ ابنُ بَرِّي، شاهِدُه قَولُ الشَّاعِرِ:
(كساهُنَّ الهَواجِرُ كُلَّ يَوْمٍ ... رَجِيعًا بِالمَغابِنِ كالعَصِيمِ)

وقالَ لَبيدٌ:
(بخَطِيرَةٍ تُوفِي الجَدِيلَ سَرِيحةٍ ... مِثْلَ المَشُوفِ هَنَأْتَه بِعَصيمِ)

وَقَالَت امرأَةٌ من العَرَبِ لجارَتِهَا: أَعْطِيني عُصْمَ حِنَّائِكِ، أَي: مَا سَلَتِّ مِنه بَعْدَما اخْتَضَبْتِ بِهِ، وأَنْشَدَ الأصْمَعِيّ،
(يَصْفَرُّ لليُبْسِ اصْفِرارَ الوَرْسِ ... )

(مِنْ عَرَقِ النَّضْحِ عَصِيمُ الدَّرْسِ ... )
هُوَ أَثَرُ الخِضَاب فِي أَثَرِ الجَرَبِ.
والعُصْمُ: أثَرُ كُلِّ شَيْءٍ من وَرْسٍ أَو زَعْفَرانٍ أَو نحوِه.
(وأَعصَمَ) إِعْصامًا: (لم يَثْبُتْ على ظَهْرِ الخَيْلِ) ، فَهُوَ مُعْصِمٌ.
(و) أَعصَم (فُلانًا) إذَا (هَيَّأَ لَهُ) فِي السَّرْجِ والرَّحْلِ (مَا يَعْتَصِمُ بِه) ، لئِلاَّ يَسْقُطَ.
(و) أَعصَم (بِفُلاَنٍ) إِعصَامًا: (أَمْسَكَ) .
(و) أَعصَم (القِرْبَة: شَدَّهَا بِالعِصامِ) وَهُوَ الوِكَاءُ.
(و) أَعصَمَ (بالفَرَسِ: أمسَكَ بِعُرْفِهِ) ، لِئَلاَّ يَصْرَعَه فَرَسُه. (و) أَعصَمَ (بالبَعِيرِ: أَمْسَكَ بحبلٍ من حِبالِهِ) لِئَلاَّ تَصْرَعَهُ راحِلَتُه، قَالَ الجَحَّافُ ابنُ حَكِيم:
(والتَّغْلَبِيُّ على الجَوادِ غَنِيمَةٌ ... كِفْلُ الفُرُوسَةِ دائمُ الإعْصامِ)

(والعِصْمَةُ: بالكَسْر: المَنْع) ، هَذَا أَصلُ مَعْنَى اللُّغَة، وَيُقَال: أصلُ العِصْمَةِ الرَّبْطُ، ثمَّ صَارَت بِمَعْنَى المَنْع.
وعِصْمَةُ اللهِ عَبْدَه: أَن يَعْصِمَه مِمَّا يوبِقُه.
عَصَمه يَعْصِمه عَصْمًا: منَعَه ووَقَاه، وقَوْلُه تَعالَى: {يعصمني من المَاء} . أَي: يُمْنَعُنِي من تَغْرِيقِ الماءِ، و {لَا عَاصِم الْيَوْم من أَمر الله} ، أَي لَا مانعَ، وقِيلَ: هُوَ على النِّسْبَةِ، أَي ذَا عِصْمَةٍ، وقِيلَ: مَعْنَاه لَا مَعْصُومَ إلاّ المَرْحُومُ، وَفِيه كَلامٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَه.
وَقَالَ الزَّجّاجُ: أَصْلُ العِصْمَةِ الحبْلُ، وكُلُّ مَا أَمْسَكَ شَيْئًا فَقَدْ عَصَمه.
وقالَ محمدُ بنُ نَشْوانَ الحِمْيَرِيُّ فِي ضياءِ الحلُوم: أَصلُ العِصْمَةِ السَّبَبُ والحَبْلُ.
وَقَالَ المُناوِيّ: العِصْمَةُ مَلَكَةُ اجْتنابِ المعاصِي مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهَا.
وَقَالَ الرَّاغِب: " عِصْمَةُ اللهِ تَعالَى الأنبياءَ: حِفْظُه إيَّاهم أوّلاً بِمَا خَصَّهُم بِهِ من صَفاءِ الجَوَاهِر، ثُمَّ بِمَا أَولاَهُم من الفَضَائِلِ الجِسْمِية والنَّفْسِيَّةِ، ثمَّ بالنُّصْرَةِ وتَثْبِيتِ أقْدامِهم، ثمَّ بِإنْزالِ السَّكِينَة عَلَيْهِم وبِحِفْظِ قُلوبِهم، وبالتَّوفيقِ، قَالَ الله عَزَّ وجَلَّ: {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} .
وَقَالَ شيخُنا: العِصْمَةُ عِنْدَ أَهْلِ الكَلاَمِ: عَدَمُ قُدرةِ المَعْصِيَةِ، أَو خُلُقٌ مَانِعٌ غَيرُ مُلْجِئٍ، وَهُوَ الَّذِي اعتمدَه ابنُ الهُمام فِي تَحرِيرِه.
(و) العِصْمَةُ: (القِلادَةُ) . وَقَالَ الرَّاغِب: " شِبْهُ السِّوَارِ "، (ويُضَمُّ) ، والَّذي قَالَه كُراعٌ: وَهِي العِصْمَةُ وجَمْعُها أعْصَام، قَالَ ابنُ سيدَه: وأَرَاهُ على حَذْفِ الزَّائِدِ، والجَمْعُ الأَعْصِمَةُ (ج) أَي جَمْعُ المَكْسُورِ عِصَمٌ (كَعِنَبٍ، جج) أَي: جَمْعُ الجَمْعِ (أعْضُمٌ) بضَمِّ الصَّادِ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، (وعِصَمَةُ) بِكَسْرٍ ففَتْح (ججج:) أَي: جَمْع جَمع الجَمْع (أَعْصَامٌ) أَي هُوَ جَمْع العِصَم الَّذِي ذَكَره أوَّلاً ونَصُّ الصِّحاح: والعُصْمَة، بالضَّمِّ: القِلادَةُ، والجَمْع الأَعْصامُ، قَالَ لَبِيدٌ:
(حتَّى إِذا يَئِسَ الرُّماةٌ أرْسَلُوا ... غُضْفًا دَوَاجِنَ قَافِلاً أعْصَامُها)

قالَ ابنُ بَرِّيّ: وَهَذَا لَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ لَا يُجْمَعُ فُعْلَةٌ على أَفْعالٍ، والصَّوابُ قَولُ مَنْ قالَ: إنَّ واحِدَة عِصْمَةٌ، ثمَّ جُمِعَتْ على عِصَمٍ، ثمَّ جُمِعَ عِصَمٌ على أَعْصَامٍ، فيكونُ بِمَنْزِلَة شِيعَةٍ وشِيَعٍ وأَشْياعٍ، قَالَ: وَقد قِيلَ: إنَّ واحِدَ الأَعْصَامِ عِصْمٌ، مثْل عِدْلٍ وأَعْدَالٍ، قَالَ: وَهَذَا الأشْبَهُ فِيهِ، وَقيل: بَلْ هِيَ جَمْعُ عُصُمٌ، وعُصُمٌ جمعُ عِصامٍ، فَيكُونُ جَمْعَ الجَمْعِ، والصَّحِيحُ هُوَ الأَولُ.
(وأَبو عاصِمٍ) : كُنْيَةُ (السَّويقِ) ، نَقله الجَوْهَرِيّ.
(و) أَيْضا: كُنْيَة (السِّكْنَاج) .
(واعْتَصَم باللهِ) ، أَي: (امْتَنَع بلُطْفِه من المَعْصِيَة) .
وَقَالَ الرَّاغبُ: الاعْتِصَام: الاسْتِمْسَاكُ بالشَّيءِ، وَمِنْه قولُه تَعالَى: {واعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا} أَي تَمَسَّكُوا بِعَهْدِ اللهِ {وَمن يعتصم بِاللَّه فقد هدي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} أَي: مَنْ يَتَمسَّك بِحَبْلِهِ وعَهْدِهِ.
(والأعْصَمُ مِنَ الظِّباءِ والوُعُولِ: مَا فِي ذِراعَيْهِ) - كَمَا فِي التَّهْذِيبِ (أَو فِي أحدِهِما) - كَمَا فِي المُحْكَمِ، وَهُوَ نَصُّ أبِي عُبَيْدَة (بَياضٌ) . ووَقَعَ فِي نَصِّ العَيْن مَا نَصُّه: عُصْمَةُ الوَعل: بَياضٌ شِبْهُ زَمَعَةِ الشَّاةِ فِي رجلِ الوَعِلِ، فِي موضِعِ الزمَعَة من الشَّاءِ. قالَ الأَزْهَرِيُّ: وَهَذَا غَلَطٌ، وإِنَّمَا عُصْمَةُ الأَوْعالِ: بَيَاضٌ فِي أذْرُعِها لَا فِي أَوْظِفَتِها، والزَّمَعَة إنَّمَا تَكونُ فِي الأَوْظِفَةِ.
والأَعْصَمُ منَ المَعِز: الأَبْيضُ اليَدَيْن أَو اليَد، (وسائِرهُ أسْودُ، أَو أَحْمَرُ، وَهِي عَصْماءُ) ، وَفِي حديثِ أبِي سُفيان: " فَتَنَاولْتُ القَوسَ والنَّبْلَ لأَرْمِي ظَبْيَةً عَصْمَاءً نَردُّ بِها قَرَمَنَا ".
(وقَدْ عَصِمَ - كَفَرِحَ) عَصْمًا (والاسْمُ العُصْمَةُ، بالضَّمِّ) ، وقالَ ابنُ شُمَيْل العُصْمَةُ: البَياضُ بِذراعِ الغَزَالِ والوَعِلِ، يقالُ: أَعْصَمُ بَيِّنُ العَصَمِ.
(و) العِصَامُ (كَكِتَابٍ: الكُحْلُ) فِي بَعْضِ اللُّغات، رُوِي ذَلِك عَن المُؤّرِّج، قالَ الأَزْهَرِيُّ: وَلَا أعْرِفُ رَاوِيَةُ وَإِن صَحَّت الرِّوايَةُ عَنهُ فإنَّه ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. قُلْتُ: وإِنَّمَا سُمِّيَ بِهِ لأنَّهُ يَعْصِمُ العَيْنَ أَي يَمْنَعُها ويَشدُّها.
(و) العِصامُ: (مُسْتَدَقُّ طَرَفِ الذَّنَبِ) ، كَذَا فِي المُحْكَم، والضَّادُ لُغَةٌ فِيهِ، كَمَا سَيَاْتِي، وقالَ ابنُ شُمَيْل: الذَّنَبُ بِهُلْبِه وعَسِيبه يُسَمَّى العِصام بالصَّادِ المُهْمَلَةِ (ج: أَعْصِمَةٌ) .
(و) عِصَامُ (بنُ شَهْبرٍ) الجَرْميُّ: (حاجِبُ النُّعْمانِ بنِ المُنْذِرِ) مَلِكِ العَرَبِ (ومِنْهُ قَولُهم: مَا وَرَاءَك يَا عِصامُ؟) يَعْنُون بِهِ إيَّاه.
(وَفِي المَثَلِ: " كُنْ عِصَامِيًّا وَلَا تَكُن عِظامِيًّا "، يُريدُونَ بِهِ قَولَه: (نَفْسُ عِصَامٍ سَوَّدَتْ عِصَامَا ... )

(وصَيَّرَتْهُ مَلِكًا هُمَامَا ... )

(وعَلَّمَتْه الكَرَّ والإِقْدَامَا ... )
وقَولُه: وَلَا تَكُنْ عِظَامِيًا، أَي: مِمَّنْ يَفْتَخِرُ بِالعِظَامِ النَّخِرَةَ، وَفِي الأَساس: فُلانٌ عِصامِيٌّ وعِظامِيٌّ، أَي: شَرِيفُ النَّفْسِ والمَنْصِبِ.
(و) العِصَامُ (من المَحْمِلِ: شِكالُه) وقَيْدُهُ الَّذِي يَشَدُّ فِي طَرَفِ العَارِضَيْنِ فِي أَعْلاهُمَا، وهُما عِصَامَانِ، قَالَه اللَّيْثُ، وقالَ الأَزْهَرِيُّ: عِصَامَا المَحْمِلِ كَعِصَامَي المَزَادَتَيْن.
(و) العِصَامُ (مِنَ الدَّلْوِ والقِرْبَةِ والإِدَاوَةِ: حَبْلٌ يُشَدُّ) بِه، وقِيلَ: هُوَ سَيْرُهَا الَّذِيُ تُحْمَلُ بِهِ، قالَ تَأَبَّطَ شَرًّا:
(وقِرْبَةِ أَقوامٍ جَعَلْتُ عِصَامَها ... على كاهِلٍ مِنِّي ذَلُولٍ مُرَحَّلٍ)

وكُلُّ شَيءٍ عُصِمَ بِهِ شَيءٌ فَهُوَ عِصَامٌ.
(و) العِصَامُ (مِنَ الوِعاءِ: عُرْوَةٌ يُعَلَّقُ بِهَا. ج: أَعْصِمَةٌ وعُصُمٌ) بالضَّمِّ، وَفِي الحَديثِ: " فإذَا جَدُّ بَنِي عامِرٍ جَمَلٌ آدَمُ مُقَيَّدٌ بعُصُمٍ " أرادَ أنَّ خِصْبَ بِلادِه قد حَبَسَه بفِنَائِه، فَهو لَا يُبْعِدُ فِي طَلَبِ المرْعَى، فصارَ بمَنْزِلَةِ المُقَيَّدِ الَّذي لَا يَبْرَحُ مَكَانَهُ، ومِثْلُه قَوْلُ قَيْلَةَ فِي الدَّهْنَاءِ: " إنَّها مُقَيِّدَةُ الجَمَلِ "، أَي: يكونُ فِيها كالمقَيَّدِ لَا يَنْزِعُ إِلَى غَيرِها من الْبِلَاد.
وحَكَى أَبُو زَيْد فِي جَمْعِ العِصَامِ " (عِصامٌ على لَفْظِ مُفْرَدِهِ) ، فَهو على هَذَا (كَبابٍ دِلاصٍ) وهِجانٍ.
قالَ الأزْهَرِيُّ: " والمَحْفُوظُ من العَرَبِ فِي عُصُم المزادِ أنَّها الحِبالُ الَّتِي تُنْشَبُ فِي خُرَبِ الرَّوَايَا وتُشَدُّ بِها إِذا عُكِمتْ على ظَهْرِ البَعيرِ، ثُمَّ يُرْوَى علَيْها بِالرِّواءِ، الواحِدُ عِصَامٌ، وأمَّا الوِكَاءُ فَهو الشَّريطُ الدَّقِيقُ أَو السَّيرُ الوَثِيقُ يُوكَى بِهِ فَمُ القِرْبَةِ، والمَزَادَةِ وهَذَا كُلُّه صَحِيحٌ لَا ارْتِيابَ فِيه " وقالَ اللَّيْثُ: العُصُمُ طَرائِقُ طَرَفِ المَزَادَةِ عِندَ الكُلْيَةِ، والواحِدُ عِصَامٌ، وقالَ الأَزْهَرِيُّ: هَذَا مِنْ أَغالِيطِ اللَّيْثِ.
(والمِعْصَمُ: كَمِنْبَرٍ: مَوْضِعُ السِّوارِ) مِنَ اليَدِ، وَفِي الصِّحاح: مِنَ السَّاعِدِ، وأَنْشَدَ ابنُ سِيدَه:
(فَاليَومَ عِنْدَكَ دَلُّهَا وحَدِيثُها ... وغَدًا لِغَيْرِكَ كَفُّهَا والمِعْصَمُ)

قَالَ: (و) رُبَّمَا جَعَلُوا المِعْصَم: (اليَد) ، ومِنه قولُ الأعْشَى:
(فأَرْتَكَ كَفًّا فِي الخِضَا بِ ومِعْصَمًا مِلْءَ الجِبارَهْ)

(و) مِعْصَم (بِلاَ لاَمٍ: اسمٌ لِلعَنْزِ، وتُدْعَى لِلحَلْبِ فَيُقالُ: مِعْصَمْ مِعْصَمْ، مُسَكَّنَةَ الآخِرِ) .
(العَصُومُ: الأَكُولُ) مِنَ النُّوقِ خاصَّةً، (كَالعَيْصُومِ) وَهُوَ الأَكُولُ مِنَ النَّاسِ، لِلذَّكَرِ والأنْثَى، يُقالُ: رَجُلٌ عَيْصُومٌ وامْرَأَةٌ عَيْصُومٌ، وأَنْشَدَ الجوْهَرِيُّ:
(أُرْجِدَ رَأْسُ شَيْخَةٍ عَيْصُومِ ... )
ويُرْوَى بِالضَّادِ كَمَا سَيَأْتِي.
(والعَوَاصِمُ: بِلادٌ) مَعْرُوفَة، (قَصَبَتُها أَنْطَاكِيَّــةُ) ، نَقله الجوْهَرِيُّ.
(وعاصِمٌ: ع بِبِلادِ هُذَيْلٍ) .
(والعاصِمَةُ: المدينَةُ) .
(والعاصِمِيَّةُ: ة قُربَ رَأْسِ عَيْنٍ) بالجزيرة.
(والعُصْمُ بِالضَّمِّ: حِصْنٌ بِاليَمَنِ لِبَنِي زُبَيْدِ) بنِ صَعْبِ بنِ العَشِيرَةِ بنِ مَالِكٍ.
قُلْتُ: ولَعَلَّه نُسِبَ إِلَى عُصْمِ بنِ عَمْرِو ابنِ زُبَيْدٍ الأَصْغَرِ بنِ رَبِيعَةَ بنِ سَلَمَةَ بنِ مازِنِ بنِ رَبِيعَةَ بن زُبَيْدٍ الأكبرِ.
(و) أيْضًا: (جَبَلٌ لِهُذَيْلٍ) ، نَقلَه نَصْر.
(وسَمَّوْا: عاصِمًا، وأَعْصَمَ، ومُعْتَصِمًا، ومُسْتَعْصِمًا، ومَعْصُومًا، وعُصْمًا، بِالضَّمِّ، و) عُصَيْمًا (كَزُبَيْرٍ وجُهَيْنَةَ) ، ومِنَ الأَخِيرِ ثَلاَثَةٌ من الصَّحابَةِ.
وعُصَيْمُ بنُ الحارِثِ بنِ ظَالِمٍ: لَه وِفادَةٌ، ذَكَرَه الحافظُ، والنِّسْبَةُ إِلَيْهِ عُصَمِيُّ.
وعُصْمٌ بِالضَّمِّ فِي نَسَبِ بَنِي زُبَيْدٍ، وقدْ تَقَدَّمَ.
ومحمدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ أحمدَ بنِ مُحمدِ ابنِ عُصْمِ بنِ بِلالٍ العُصْمِيُّ الهَرَوِيُّ، من شُيوخِ الحاكِمِ والدَّارَ قُطْنِيِّ.
وبَنُو المَعْصُومِ: بَطْنٌ من العَلَوِيِّينَ بالجائِزِ، مِنْهُم شِرْذِمَةٌ بِمَكَّةَ، وشِرْذِمَةٌ بالهِنْدِ.
ومُحمَّدٌ مَعْصُومُ بنُ أحمَدَ بنِ عَبْدِ الأَحَدِ الفارُوقِيُّ، أَدْرَكَهُ شُيوخُ مَشايِخنا.
والمُعْتَصِمُ والمسْتَعْصِمُ العَبَّاسِيَّانِ مَشْهُورَانِ فِي الخُلفاءِ.
(والغُرابُ الأَعْصَمُ) قد جَاءَ ذِكْرُه فِي عِدَّةِ أحاديثَ، مِنها: أَنَّه ذَكَرَ النِّساءَ المخْتَالاتِ المتَبَرِّجاتِ فَقالَ: " لَا يَدخُلُ الجنَّةَ مِنْهُنَّ إِلَّا مِثلُ الغُرابِ الأَعْصَمِ "، قالَ ابنُ الأثِيرِ: هُوَ الأبيَضُ الجَنَاحَيْنِ، وَهُوَ قَولُ ابنِ شُمَيْلٍ، وَقيل: الأبيضُ الرِّجْلَيْنِ، وقالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هُوَ الأبيَضُ اليَدَيْن، وَمِنْه قِيلَ للوُعولِ عُصْمٌ، والأنثَى مِنْهُن عَصْمَاءُ، والذَّكَرُ أَعْصَمُ، لِبياضٍ فِي أَيْدِيهَا. قَالَ: وَهَذَا الوَصْفُ فِي الغِرْبانِ عَزِيز لَا يَكادُ يُوجَدُ، وإنَّمَا أرجلُهَا حُمْرٌ، قالَ: وأمَّا هذَا الأبْيَضُ البَطْنِ والظَّهْرِ فَهو الأَبْقَعُ، وذَلِك كَثِيرٌ. قَالَ الأزْهَرِيّ: وَقد رَدَّ عَلَيْهِ ابنُ قُتَيْبَةَ ذَلِك: وَقَالَ: ((اضْطَرَبَ قَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ لأَنَّه زَعَمَ أنَّ الأَعْصَمَ هُوَ الأبيضُ اليَدَيْنِ، ثمَّ قَال: وإِنَّما أَرْجُلُها حُمْرٌ، فذَكَر مرَّةً اليَدَيْنِ ومَرَّةً الأرْجُلَ، قَالَ الأزْهَرِيّ: وَقد جاءَ هَذَا الحدِيثُ مُفَسَّرًا فِي خَبَرٍ آخَرَ رَواهُ عَن خُزَيْمَةَ، قَالَ: " بَيْنَا نَحنُ مَعَ عَمْرِو بنِ العاصِ، فَعَدَلَ وعَدَلْنَا مَعَه، حَتَّى دَخَلْنَا شِعْبًا، فَإِذا نَحن بِغِرْبَانٍ، وفيهَا غُرابٌ أعْصَمُ أحْمَرُ المِنْقَارِ والرِّجْلَيْن، فَقَالَ عَمْرُو: قَالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: " لَا يَدْخُلَ الجَنَّةَ من النِّساءِ إِلَّا قَدْرَ هذَا الغُرابِ فِي هَؤلاءِ الغِرْبَانِ "، قَالَ: فَقَدْ بانَ فِيه أنَّه أرَادَ بِالأَعْصَمِ: (الْأَحْمَر الرِّجْلَيْن والمِنْقَار) ؛ لأنَّ أكْثَرَ الغِرْبَانِ السُّودُ والبُقْعُ "، قَالَ " وهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، قَالَ: والعَرَبُ تَجْعَلُ البَياضَ حُمْرَةً، فيقُولُونَ لِلمرأةِ البَيْضاءِ اللَّونِ: حَمْراءُ، ولِذلكَ قِيلَ لِلأعاجِمِ: حُمْرٌ لِغَلَبِةِ البَيَاضِ على أَلْوانِهِمْ " وقالَ ابنُ الأعرابِيّ: العُصْمَةُ من ذَوَاتِ الظِّلْفِ فِي اليَدَيْنِ، وَمن الغُرابِ فِي السَّاقَيْنِ، وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ " إِنَّمَا أرادَ أبُو عُبَيْدٍ أنّ هَذَا الوَصفَ لذَوَاتِ الأرْبَعِ، وَلذَا قَالَ: إنَّ هَذَا الوَصْفَ فِي الغِرْبانِ عَزِيزٌ، وَلَوْلَا ذلِك لَقالَ إنّه فِي الغِرْبان مُحالٌ لَا يُتَصَوَّر ". اه قُلتُ: وَهَذَا لَا يَنْدَفِعُ بِهِ مَا أورَدَهُ ابنُ قُتَيْبَةَ، فَتَأَمَّلْ.
(أَو) الغُرابُ الأَعْصَم: الَّذِي (فِي) إحْدَى (جَنَاحَيْه رِيشَةٌ بَيْضَاءُ) ؛ لأنَّ جَنَاحَ الطَّائِرِ بِمَنْزِلَةِ اليَدِ لَهُ، ويُقالُ هَذَا لِكُلِّ شَيْءٍ يَعِزُّ وُجودُه، كالأَبْلَقِ العَقُوقِ، وبَيْضِ الأَنُوقِ. قُلتُ: وَالَّذِي قَالَ: إنَّما الأبْيَضُ الرِّجْلَيْنِ قد يَشْهَدُ لَهُ مَا فِي مُسْنَدِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ من طَرِيقِ أبي أُمَامَةَ رَفَعَه: " المرأَةُ الصَّالِحةُ كَالغُرَابِ الأعْصَمِ، قِيلَ: يَا رَسُولَ الله: وَمَا الغُرابُ الأعْصَمُ؟ قَالَ: الَّذِي إِحْدَى رِجْلَيْهِ بَيْضَاءُ ".
(وأعْصَامُ الكِلابِ: عَذَبَاتُها الَّتِي فِي أَعْنَاقِهَا، الواحِدُ عُصْمَةٌ، بالضَّمِّ، و) يُقالُ: (عِصَامٌ) ، بالكَسْرِ نَقلَه اللَّيثُ، وتَقَدَّمَ شاهِدُه من قَوْلِ لَبِيدٍ:
(غُضْفًا دَوَاجِنَ قَافِلاً أَعْصَامُها ... )

[] وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
انْعَصَمَ: مُطَاوِع عَصَمَه.
واسْتَعْصَمَ: امْتَنَعَ وأَبَى.
وأَعصَم: اعْتَصَم، وأَنْشَدَ الأَزْهَرِيُّ لأوسِ بنِ حَجَرٍ:
(فأشْرَط فِيهَا نَفْسَه وَهُوَ مُعْصِمٌ ... وألْقَى بِأَسْبَابٍ لَهُ وتَوَكَّلاَ)

أَي مُعْتَصِمٌ بِالحَبْلِ الذِي دَلاَّهُ.
والعَاصِمُ: المَانِعُ الحَامِي.
وَفِي شِعْرِ أبِي طَالِبَ يَمْدَحُه صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّم:
(ثِمالُ اليَتَامَى عِصْمَةٌ للأَراملِ ... )
أَي يَمْنَعُهُمْ مِنَ الضيَّاعِ والحَاجَةِ.
وقَولُه تَعالَى: {وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر} جمع عِصْمَة، قَالَ ابنُ عَرَفَةَ: أيْ بِعَقْدِ نِكاحِهِنَّ، يُقَال بِيَدِهِ عِصْمَةُ النِّكَاحِ، أَي عُقْدَتُه، قَالَ عُروةُ بن الوَرْدِ:
(إذَنْ لَمَلَكْتُ عِصْمَةَ أُمِّ وَهْبٍ ... على مَا كَانَ مِن حَسَكِ الصُّدُورَ)

وَقَالَ ابنُ الأعْرَابِيّ: قَد تَكونُ العُصْمَةُ فِي الخيلِ، وأَنْشَدَ لغَيْلانَ الرَّبَعِيِّ:
(قدْ لَحِقَتْ عُصْمَتُها بالأطْبَاءْ ... )

(من شِدَّةِ الرَّكْضِ وخَلْجِ الأنْساءْ ... )
أرادَ مَوْضِعَ عُصْمَتِها.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الأعصَمُ مِنَ الخيْلِ: الَّذِي بِيَدَيْه دونَ رِجْلَيْهِ بَياضٌ قَلَّ أَو كَثُرَ، وَقد يَكون أعْصَمَ اليُمْنَى أَو اليُسْرَى. انْتهى. وَإِذا كَانَ بِيَدَيْه جَميعًا فَهُوَ أَعصَمُ اليَدَيْنِ، إلاّ أنْ يَكُون بِوَجْهه وَضَحٌ، فَهُوَ مُحَجَّلٌ ذَهَبَ عَنهُ العَصَمُ قَاله اللَّيْثُ. وَقَالَ الأصْمَعِيُّ: إذَا ابيضَّتِ اليَدُ فَهُو أعْصَمُ. وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: الأعْصَمُ الَّذِي يُصيبُ البَياضُ إحدَى يَدَيْهِ فَوقَ الرُّسْغِ.
والعَصِيمُ: وَرَقُ الشَّجَرِ، وأَنْشَدَ ابنَ بَرِّيّ لِلفَرَزْدَقِ:
(تَعَلَّقْتُ من شَهْباءَ شُهْبٍ عَصِيمُها ... بِعُوجِ الشَّبَا مُسْتَفْلِكَاتِ المَجَامِعِ)

ورَجلٌ عَيْصَامٌ: أَكُولٌ.
واعْتَصَمَتِ الجَارِيَةُ: إِذا اكْتَحَلَتْ، رَوَاهُ المُؤَرِّجُ.
وعَصَمَ ثَنِيَّتَه الغُبارُ، أَي: لَزِقَ بِهِ كعَصَب.
وَقد سَمَّوْا عِصْمَةً، وعِصَامًا.
ومالكُ بنُ نَضْلَة بنُ خَدِيجٍ العَصَمِيُّ - محرّكة - ذَكَره الرُّشاطِيُّ.
ويُقالُ: دفعْتُه إِلَيْهِ بِعِصْمَتِه وعِصَامِه، كَمَا تَقول: بِرُمَّتِه.
والعَيْصُومُ: المرْأَةُ الطَّوِيلَةُ النَّوْمِ، المُدَمْدِمَةُ إِذا انتَبَهَتْ.
والعَصُومُ: النَّاقَةُ الَّتِي كَثُرَ أكْلُهَا، نقلَه الأزْهَرِيُّ.

عصم: العِصْمة في كلام العرب: المَنْعُ. وعِصْمةُ الله عَبْدَه: أن

يَعْصِمَه مما يُوبِقُه. عَصَمه يَعْصِمُه عَصْماً: منَعَه ووَقَاه. وفي

التنزيل: لا عاصِمَ اليومَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إلا مَنْ رَحِمَ؛ أي لا

مَعْصومَ إلا المَرْحومُ، وقيل: هو على النَسب أي ذا عِصْمةٍ، وذو العِصْمةِ

يكون مفعولاً كما يكون فاعلاً، فمِن هنا قيل: إن معناه لا مَعْصومَ، وإذا

كان ذلك فليس المُستثنى هنا من غير نوع الأَوَّل بل هو من نوعِه، وقيل: إلا

مَنْ رَحِمَ مُستثنىً ليس من نوع الأَوَّل،وهو مذهب سيبويه، والاسمُ

العِصْمةُ؛: قال الفراء: مَنْ في موضع نصبٍ لأن المعصومَ خلافُ العاصِم،

والمَرْحومُ مَعصومٌ، فكان نصْبُه بمنزلة قوله تعالى: ما لَهُمْ بهِ مِنْ

علمٍ إلا اتِّباعَ الظنِّ، قال: ولو جعلتَ عاصِماً في تأْويل المَعْصوم أي

لا مَعْصومَ اليومَ من أَمْرِ الله جازَ رفْعُ مَنْ، قال: ولا

تُنْكِرَنَّ أن يُخَرَّجَ المفعولُ

(* قوله «يخرج المفعول إلخ» كذا بالأصل

والتهذيب، والمناسب العكس كما يدل عليه سابق الكلام ولاحقه) على الفاعِل، أَلا

ترى قولَه عز وجل: خُلِقَ من ماءٍ دافِقٍ؟ معناه مَدْفوق؛ وقال الأخفش: لا

عاصِمَ اليوم يجوز أَن يكون لا ذا عِصمةٍ أي لا مَعْصومَ، ويكون إلا مَنْ

رحِمَ رفْعاً بدلاً مِنْ لا عاصم، قال أبو العباس: وهذا خَلْفٌ من

الكلام لا يكون الفاعلُ في تأْويل المفعول إلا شاذّاً في كلامهم، والمرحومُ

معصومٌ، والأوَّل عاصمٌ، ومَنْ نَصْبٌ بالاستثناء المنقطع، قال: وهذا الذي

قاله الأخفش يجوز في الشذوذ، وقال الزجاج في قوله تعالى: سآوِي إلى جبلٍ

يَعْصِمُني مِنَ الماء، أي يمنعُني من الماء، والمعنى مِنْ تَغْرِيقِ

الماء، قال: لا عاصِمَ اليومَ من أمر الله إلا مَنْ رَحِم، هذا استثناء ليس

من الأَول، وموضعُ مَنْ نصبٌ، المعنى لكنْ مَنْ رَحِمَ اللهُ فإنه معصوم،

قال: وقالوا: وقالوا يجوز أن يكون عاصِم في معنى مَعْصُوم، ويكون معنى

لا عاصِمَ لا ذا عِصْمةٍ، ويكون مَنْ في موضع رفعٍ، ويكون المعنى لا

مَعْصومَ إلا المرحوم؛ قال الأزهري: والحُذَّاقُ من النحويين اتفقوا على أن

قولَه لا عاصِمَ بمعنى لا مانِعَ، وأنه فاعلٌ لا مفعول، وأنَّ مَنْ نَصْبٌ

على الانقطاع. واعْتَصَمَ فلانٌ بالله إذا امتنع به. والعَصْمة:

الحِفْطُ. يقال: عَصَمْتُه فانْعَصَمَ. واعْتَصَمْتُ بالله إذا امتنعْتَ بلُطْفِه

من المَعْصِية. وعَصَمه الطعامُ: منَعه من الجوع. وهذا طعامٌ يَعْصِمُ

أي يمنع من الجوع. واعْتَصَمَ به واسْتَعْصَمَ: امتنعَ وأبَى؛ قال الله عز

وجل حكايةً عن امرأَة العزيز حين راودَتْه عن نفْسِه: فاسْتَعْصَمَ، أي

تَأَبَّى عليها ولم يُجِبها إلى ما طلبَتْ؛ قال الأزهري: العرب تقول

أَعْصَمْتُ بمعنى اعْتَصَمْت؛ ومنه قولُ أوس بن حجر:

فأَشْرَط فيها نفْسَه وهْو مُعْصِمٌ،

وأَلْقى بأَسْبابٍ له وتَوَكَّلا

أي وهو مُعْتَصِمٌ بالحبْل الذي دَلاَّه. وفي الحديث: مَنْ كانت

عِصْمتُه شَهادةَ أن لا إلهَ إلا اللهُ أي ما يَعْصِمُه من المَهالِك يوم

القيامة؛ العصْمَةُ: المَنَعةُ. والعاصمُ: المانعُ الحامي. والاعْتِصامُ:

الامْتِساكُ بالشيء، افْتِعالٌ منه؛ ومنه شِعْرُ أَبي طالب:

ثِمالُ اليتامَى عِصْمةٌ للأَرامِل

أي يَمْنعُهم من الضَّياعِ والحاجةِ. وفي الحديث: فقد عَصَمُوا مِنِّي

دِماءَهم وأَمْوالَهم. وفي حديث الإفْكِ: فعَصَمها الله بالوَرَعِ. وفي

حديث عُمَر: وعِصْمة أَبْنائِنا إذا شَتَوْنا أي يمتنعون به من شِدَّة

السَّنة والجَدْب. وعَصَمَ إليه: اعتصم به. وأَعْصَمَه: هَيَّأ له شيئاً

يعْتَصِمُ به. وأَعْصمَ بالفرَسِ: امْتَسكَ بعُرْفِه، وكذلك البعيرُ إذا

امْتَسَكَ بحَبْلٍ مِنْ حِبالهِ؛ قال طُفيل:

إذا ما غَزَا لم يُسْقِط الرَّوْعُ رُمْحَه،

ولم يَشْهَدِ الهَيْجا بأَلْوَثَ مُعْصِمِ

ألْوَث: ضعيف، ويروى: كذا ما غَدَا. وأَعصمَ الرجلُ: لم يَثْبُت على

الخيل. وأَعْصَمْتُ فلاناً إذا هَيَّأْتَ له في الرَّحْلِ أو السَّرْج ما

يَعْتَصِمُ به لئلا يَسقُط. وأَعصم إذا تشدَّد واسْتَمْسَكَ بشيءٍ من أَن

يَصْرَعَه فرَسُه أو راحلته؛ قال الجَحّاف بن حكيم:

والتَّغْلَبيّ على الجَوادِ غَنِيمة،

كِفْل الفُروسةِ دائِم الإعْصامِ

والعِصْمةُ: القِلادةُ، والجمعُ عِصَمٌ، وجمعُ الجمعِ أَعْصام، وهي

العُصْمةُ

(* قوله «وهي العصمة» هذا الضبط تبع لما في بعض نسخ الصحاح، وصرح

به المجد ولكن ضبط في الأصل ونسختي المحكم والتهذيب العصمة بالتحريك، وكذا

قوله الواحدة عصمة) أيضاً، وجمعُها أَعْصام؛ عن كراع، وأُراه على حذف

الزائد، والجمعُ الأَعْصِمةُ. قال الليث: أَعْصامُ الكِلابِ عَذَباتُها

التي في أَعناقِها، الواحدة عُصْمةٌ، ويقال عِصامٌ؛ قال لبيد:

حتى إذا يَئِسَ الرُّماةُ، وأَرْسَلُوا

غُضْفاً دَواجِنَ قافِلاً أَعْصامُها

قال ابن شميل: الذَّنَبُ بهُلْبِه وعَسِيبه يُسمَّى العِصامَ، بالصاد.

قال ابن بري: قال الجوهري في جمع العُصْمةِ القِلادةِ أَعْصام، وقوله ذلك

لا يَصحُّ، لأنه لا يُجْمَعُ فُعْلةٌ على أَفْعال، والصواب قول من قال:

إنَّ واحدَته عِصْمة، ثم جُمِعَت على عِصَمٍ، ثم جُمِع عِصَمٌ على

أَعْصام، فتكون بمنزلة شِيعة وشِيَع وأَشْياع، قال: وقد قيل إن واحدَ الأَعْصام

عِصْمٌ مثلُ عِدْلٍ وأَعْدالٍ، قال: وهذا الأَشْبهُ فيه، وقيل: بل هي

جمعُ عُصُمٍ، وعُصُمٌ جمعُ عِصامٍ، فيكون جمعَ الجمع، والصحيح هو الأول.

وأَعْصَمَ الرجلُ بصاحبِه إعْصاماً إذا لَزِمَه، وكذلك أَخْلَدَ به

إخْلاداً. وفي التنزيل: ولا تُمَسِّكُوا بِعِصَمِ الكَوافِر؛ وجاء ذلك في

حديث الحُدَيْبية جمع عِصْمة، والكَوافِر: النساءُ الكَفَرَةُ، قال ابن

عرفة: أي بِعَقْدِ نِكاحِهنَّ. يقال: بيدهِ عِصْمةُ النِّكاح أي عُقْدةُ

النِّكاح؛ قال عروة بن الورد:

إذاً لمَلَكْتُ عِصْمةَ أُمِّ وَهْبٍ،

على ما كان مِنْ حَسَكِ الصُّدُورِ

قال الزجاج: أصلُ العِصْمةِ الحبْلُ. وكلُّ ما أَمْسَك شيئاً فقد

عَصَمَه؛ تقول: إذا كفَرْتَ فقد زالتِ العِصْمةُ. ويقال للراكب إذا تقَحَّمَ به

بَعِيرٌ صعْبٌ أو دابَّةٌ فامْتَسك بواسِط رَحْله أو بقَرَبوسِ سَرْجِه

لئلا يُصْرعَ: قد أَعْصَمَ فهو مُعْصِمٌ. وقال ابن المظفَّر: أَعْصَمَ

إذا لجأَ إلى الشيء وأَعْصَم به. وقوله: واعْتَصِمُوا بحَبْلِ الله؛ أي

تمَسَّكوا بعهدِ الله، وكذلك في قوله: ومنْ يَعْتَصِمْ بالله أي مَنْ

يَتمسَّكْ بحَبْلهِ وعَهْدِه.

والأَعْصَمُ: الوَعِلُ، وعُصْمتُه بَياضٌ شِبْهُ زَمَعةِ الشاةِ في

رِجْل الوَعِلِ في موضع الزَّمَعةِ من الشَّاء، قال: ويقال للغُراب أَعْصَمُ

إذا كان ذلك منه أبيض. قال الأزهري: والذي قاله الليث في نعت الوَعِل إنه

شِبْه الزَّمَعة تكون في الشاءِ مُحالٌ، وإنما عُصْمةُ الأَوْعالِ

بَياضٌ في أَذْرُعِها لا في أوْظِفَتِها، والزَّمَعةُ إنما تكون في

الأَوْظِفة، قال: والذي يُغيِّرُه الليثُ من تفسير الحروف أَكثرُ مما يُغيِّره من

صُوَرِها، فكُنْ على حذَرٍ من تفسيره كما تكون على حذرٍ من تصحيفه. قال

ابن سيده: والأَعْصمُ من الظِّباءِ والوُعولِ الذي في ذِراعِه بياضٌ، وفي

التهذيب: في ذِراعَيْه بياض، وقال أبو عبيدة: الذي بإحْدى يديه بياضٌ،

والوُعولُ عُصْمٌ. وفي حديث أبي سفيان: فتَناوَلْتُ القَوْسَ والنَّبْلَ

لأَرْميَ ظَبْيةً عَصْماءَ نَرُدُّ بها قرَمَنا. وقد عَصِمَ عَصَماً،

والاسم العُصْمةُ. والعَصْماءُ من المعَز: البيضاءُ اليدين أو اليدِ وسائرُها

أَسودُ أَو أَحْمرُ. وغرابٌ أَعْصَمُ: وفي أحد جَناحَيْه رِيشةٌ بيضاء،

وقيل: هو الذي إِحْدى رِجْلَيْه بيضاءُ، وقيل: هو الأَبيضُ. والغرابُ

الأَعْصَمُ: الذي في جَناحِه ريشةٌ بيضاءُ لأن جَناح الطائر بمنزلة اليدِ له،

ويقال هذا كقولهم الأبَْلَق العقوق وبَيْض الأَنُوق لكل شيء يَعِزُّ

وُجودُه. وفي الحديث: المرأَة الصالحةُ كالغُرابِ الأَعْصَم، قيل: يا رسولَ

الله، وما الغُرابُ الأَعْصَمُ؟ قال: الذي إحْدى رِجْلَيْه بَيْضاء؛

يقول: إنها عزيزةٌ لا تُوجَد كما لا يُوجَد الغُراب الأَعْصَم. وفي الحديث:

أنه ذَكَر النِّساءَ المُخْتالاتِ المُتبرِّجاتِ فقال: لا يدخلُ الجنَّةَ

منهنَّ إلا مِثْلُ الغُرابِ الأعْصم؛ قال ابن الأَثير: هو الأَبْيضُ

الجَناحين، وقيل: الأبيض الرِّجْلين، أراد قِلَّةَ مَنْ يدخل الجنةَ من

النساء. وقال الأزهري: قال أبو عبيد الغراب الأَعْصمُ هو الأبيضُ اليدين،

ومنه قيل للوُعول عُصْم، والأُنثى منهن عَصْماء، والذكر أَعْصَمُ، لبياض في

أيديها، قال: وهذا الوصف في الغِرْبانِ عزيزٌ لا يكاد يُوجد، وإنما

أَرْجُلُها حُمْرٌ، قال: وأما هذا الأَبْيضُ البطنِ والظَّهْرِ فهو الأبْقعُ،

وذلك كثير. وفي الحديث: عائِشةُ في النِّساء كالغُرابِ الأَعْصَمِ في

الغربْان؛ قال ابن الأثير: وأصل العُصْمة البَياضُ يكونُ في يَدَي الفَرسِ

والظَّبْي والوَعِل. قال الأزهري: وقد ذكر ابن قتيبة حديث النبي، صلى الله

عليه وسلم: لا يدخلُ الجنةَ منهنَّ إِلاَّ مِثْلُ الغرابِ الأَعْصم،

فيما رَدَّ على أبي عبيد وقال: اضطرب قول أبي عبيد لأنه زعم أن الأَعْصمَ

هو الأبيضُ اليدين، ثم قال بعدُ: وهذا الوصف في الغِرْبان عزيزٌ لا يكاد

يوجد، وإنما أَرْجلُها حمرٌ، فذكر مَرَّةً اليدين ومرّة الأَرْجُلَ؛ قال

الأزهري: وقد جاء هذا الحرف مفسَّراً في خبر آخرَ رواه عن خزيمة، قال:

بَيْنا نحنُ مع عَمْرِو بن العاص فعَدَلَ وعَدَلْنا معَه حتى دخلْنا شِعْباً

فإذا نحنُ بِغرْبانٍ وفيها غُرابٌ أعْصمُ أحمرُ المِنْقارِ

والرِّجْلَين، فقال عَمْروٌ: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: لا يدخلُ الجنةَ منَ

النساءِ إلاَّ قَدْرُ هذا الغُرابِ في هؤلاء الغِربْان؛ قال الأزهري:

فقد بان في هذا الحديث أن معنى قول النبي، صلى الله عليه وسلم: إلاّ مِثْلُ

الغُراب الأَعْصم، أنه أراد أحمرَ الرِّجْلَين لقِلَّتِه في الغِربانِ،

لأن أكثرَ الغِرْبان السُّودُ والبُقْعُ. وروي عن ابن شميل أنه قال:

الغُرابُ الأَعْصمُ الأبيضُ الجناحين، والصواب ما جاء في الحديث المُفسِّر،

قال: والعرب تجعل البياضَ حُمْرةً فيقولون للمرأَة البيضاء اللَّوْنِ

حَمْراء، ولذلك قيل للأعاجم حُمْر لغلبة البياض على أَلوانهم، وأما العُصْمةُ

فهي البياضُ بِذِراعِ الغَزالِ والوَعِلِ. يقال: أَعْصَمُ بَيِّن

العَصَمِ، والاسم العُصْمةُ. قال ابن الأعرابي: العُصْمةُ مِنْ ذوات الظِّلْفِ

في اليدين، ومن الغُرابِ في السَّاقَيْن، وقد تكون العُصْمة في الخيل؛

قال غَيْلان الرَّبَعيّ:

قَدْ لَحِقَتُ عُصْمَتُها بالأطْباء

مِنْ شِدّةِ الرَّكْضِ وخَلْج الأَنْساء

أراد موضعَ عُصْمتِها. قال أبو عبيدة في العُصْمةِ في الخيل قال: إذا

كان البياضُ بيديه دونَ رِجْلَيْه فهو أَعْصمُ، فإذا كان بإحْدى يديه دون

الأُخرى قَلَّ أو كثُرَ قيل: أَعْصمُ اليُمنى أو اليسرى، وقال ابن شميل:

الأَعْصمُ الذي يُصِيبُ البياض إحْدى يديه فوق الرُّسْغ، وقال الأصمعي:

إذا ابْيضَّت اليدُ فهو أَعْصمُ. وقال ابن المظفر: العُصْمةُ بَياضٌ في

الرُّسْغ، وإذا كان بإحْدى يَدَي الفرَس بَياضٌ قلَّ أو كثُرَ فهو أَعْصمُ

اليُمْنى أو اليُسْرى، وإن كان بيديه جميعاً فهو أعْصمُ اليدين، إلاَّ أن

يكون بوجهِه وضَحٌ فهو مُحجَّلٌ ذهبَ عنه العَصَمُ، وإن كان بوجهه وَضَحٌ

وبإِحْدى يديه بياضٌ فهو أَعصم، لا يُوقِعُ عليه وَضَحُ الوجْهِ اسمَ

التحجيلِ إذا كان البياض بيدٍ واحدةٍ.

والعصِيمُ: العَرَقُ؛ قال الأزهري: قال ابن المُظفر العَصِيمُ الصَّدَأُ

من العَرَقِ والهِناءِ والدَّرَنِ والوسَخِ والبول إذا يَبِسَ على فَخذِ

الناقة حتى يبقى كالطَّرِيق خُثورةً؛ وأنشد:

وأَضْحى عَنْ مَواسِمِهِمْ قَتِيلاً،

بِلَبَّتِه سرائحُ كالعَصِيمِ

والعَصِيمُ: الوَبَرُ؛ قال:

رَعَتْ بين ذِي سَقْفٍ إلى حَشِّ حِقْفَةٍ

مِنَ الرَّمْلِ، حتى طارَ عنها عَصِيمُها

والعَصِيمُ والعُصْمُ والعُصُمُ: بقيَّةُ كلِّ شيء وأثَرُه من القَطِران

والخِضابِ وغيرهما؛ قال ابن بري: شاهده قول الشاعر:

كَساهُنَّ الهَواجِرُ كلَّ يَوْمٍ

رَجيعاً بالمَغابِنِ كالعَصِيمِ

والرَّجِيعُ: العرَق؛ وقال لبيد:

بِخَطيرةٍ تُوفي لجَدِيلَ سَريحةٍ،

مِثْل المَشُوف هَنأْتَهُ بَعَصِيمِ

وقال ابن بري: العَصِيمُ أيضاً وَرقُ الشجر؛ قال الفرزدق:

تَعَلَّقْت، مِنْ شَهْباءَ شُهْبٍ عَصِيمُها

بِعُوجِ الشَّبا، مُسْتَفْلِكاتِ المَجامع

شَهْباء: شجرةٌ بيضاء من الجَدْب، والشَّبَا: الشَّوْكُ،

ومُسْتَفْلِكاتٌ: مُسْتَديراتٌ، والمَجامعُ: أُصولُ الشَّوْكِ. وقال امرأَة من العرب

لجارتِها: أَعْطِيني عُصْمَ حِنَائِكِ أي ما سَلَتِّ منه بعدما اخْتَضَبْتِ

به؛ وأنشد الأَصمعي:

يَصْفَرُّ لِلْيُبْسِ اصْفِرَارَ الوَرْسِ،

مِنْ عَرَقِ النَّضْح، عَصِيمُ الدَّرْسِ

أَثَرُ الخِضاب في أثر الجَرَب

(* قوله: أثر الخضاب إلخ هو تفسير لعصيم

الدرس في البيت السابق). والعُصْمُ: أثرُ كلِّ شيء من وَرْسٍ أو

زَعْفَرانٍ أو نحوه.

وعَصَمَ يَعْصِمُ عَصْماً: اكْتَسَبَ.

وعِصامُ المَحْمِل: شِكالُه. قال الليث: عصاما المَحْمِلِ شِكالُه

وقَيْدُه الذي يُشَدُّ في طرف العارِضَيْن في أَعلاهما، وقال الأزهري: عِصاما

المَحْمِلِ كعِصامَي المَزَادَتيْن. والعِصامُ: رِباطُ القِرْبةِ

وسَيْرُها الذي تُحْمَل به؛ قال الشاعر قيل هو لامرئ القيس، وقيل لِتأَبَّط

شرّاً وهو الصحيح:

وقِرْبة أَقْوامٍ جَعَلْتُ عِصامها

على كاهلٍ مِنِّي ذَلولٍ مُرَحَّلِ

وعصامُ القِرْبةِ والدَّلْوِ والإداوة: حَبْلٌ تُشدُّ به. وعَصمَ

القِرْبةَ وأَعْصَمَها: جعلَ لها عِصاماً، وأَعْصَمَها: شَدَّها بالعِصام.

وكلُّ شيءٍ عُصِمَ به شيءٌ عِصامٌ، والجمعُ أَعْصِمةٌ وعُصُمٌ. وحكى أبو زيد

في جمع العِصامِ عِصام، فهو على هذا من باب دِلاصٍ وهِجانٍ. قال الأزهري:

والمحفوظُ من العرب في عُصُمِ المَزادِ أنها الحبالُ التي تُنْشَبُ في

خُرَبِ الرَّوايَا وتُشَدُّ بها إذا عُكِمَتْ على ظَهْر البعير ثم يُرْوَى

عليها بالرِّواء الواحدُ، عِصامٌ، وأما الوِكاءُ فهو الشريطُ الدقيقُ أو

السَّيْرُ الوثيقُ يُوكَى به فَمُ القِرْبة والمَزادةِ، وهذا كُلُّه

صحيحٌ لا ارْتِيابَ فيه. وقال الليث: كُلُّ حَبْلٍ يُعْصَمُ به شيءٌ فهو

عِصامُه. وفي الحديث: فإذا جَدُّ بني عامرٍ جَمَلٌ آدَمُ مُقيَّدٌ بِعُصُم؛

العُصُمُ: جمعُ عِصامٍ وهو رباطُ كلِّ شيء، أراد أن خِصْبَ بلادِه قد

حَبَسه بفِنائه فهو لا يُبْعِدُ في طلب المَرْعَى، فصار بمنزلة المُقَيَّد

الذي لا يَبْرحُ مَكانَه، ومثله قول قَيلةَ في الدَّهْناءِ: إنها

مُقَيَّدُ الجمَل أي يكونُ فيها كالمُقيَّدِ لا يَنْزِعُ إلى غيرِها من البلاد.

وعِصامُ الوعاءِ: عُرْوتُه التي يُعلَّقُ بها. وعِصامُ المَزادةِ: طريقةُ

طَرَفِها. قال الليث: العُصُمُ طرائقُ طَرَفِ المَزادة عند الكُلْية،

والواحد عِصامٌ؛ قال الأزهري: وهذا من أَغاليطِ الليث وغُدَدِه. والعِضامُ،

بالضاد المعجمة، عَسِيبُ البعير وهو ذَنَبُه العَظْمُ لا الهُلْبُ،

وسيذكر، وهو لُغَتانِ بالصاد والضاد. وقال ابن سيده: عِصامُ الذَّنَبِ

مُسْتدَقُّ طرفِه.

والمِعْصَمُ: مَوْضِعُ السِّوارِ من اليَدِ؛ قال:

فاليَوْمَ عِنْدَكَ دَلُّها وحَدِيثُها،

وغَداً لِغَيْرِكَ كَفُّها والمِعْصَمُ

وربما جعلوا المِعْصَم اليَد، وهما مَعْصَمانِ؛ ومنه أيضاً قول الأعشى:

فأَرَتْكَ كَفّاً في الخِضا

بِ ومِعْصَماً مِلْءَ الجِبارَهْ

والعَيْصومُ: الكثيرُ الأَكلِ، الذَّكرُ والأُنثى فيه سواء؛ قال:

أُرْجِدَ رَأْسُ شَيْخةٍ عَيْصُومِ

ويروى عَيْضُوم، بالضاد المعجمة. قال الأزهريّ: العَيْصومُ من النِّساء

الكثيرةُ الأَكْلِ الطَّويلةُ النَّوْم المُدَمْدِمةُ إذا انْتَبهتْ.

ورجلٌ عَيْصُومٌ وعَيْصامٌ إذا كان أَكُولاً. والعَصُومُ، بالصادِ: الناقةُ

الكثيرةُ الأَكْلِ. وروي عن المؤرِّج أنه قال: العِصامُ الكُحْلُ في بعض

اللغات. وقد اعْتَصَمتِ الجاريةُ إذا اكْتَحَلتْ، قال الأزهري: ولا أعرف

راويَه، فإن صحت الروايةُ عنه فهو ثقةٌ مأْمونٌ. وقولهم: ما وَراءََك يا

عِصامُ؛ هو اسم حاجِب النُّعمان بن المُنْذِر، وهو عِصامُ بن شَهْبَر

الجَرْمِيّ؛ وفي المثل: كُنْ عِصامِيّاً ولا تَكُنْ عِظاميّاً؛ يُرِيدون به

قوله:

نَفْسُ عِصامٍ سَوَّدَتْ عِصاما

وصَيَّرَتْه مَلِكاً هُماما،

وَعَلَّمَتْه الكَرَّ والإقْدامَا

وفي ترجمة عصب: رَوَى بعضُ المُحَدِّثين أن جبريلَ جاء يومَ بَدْرٍ على

فرسٍ أُنثى وقد عَصَمَ ثَنِيَّتَه الغُبارُ أي لَزِقَ به؛ قال الأزهري:

فإن لم يكن غَلطاً من المُحدِّث فهي لغة في عصب، والباءُ والميمُ

يَتعاقبانِ في حروف كثيرة لقرب مَخرجَيْهما، يقال: ضرْبة لازِبٍ ولازِمٍ، وسَبَدَ

رأْسه وسَمَدَه.

والعواصِمُ: بِلادٌ، وقَصَبتُها أَنْطاكِيــةُ.

وقد سَمَّوْا عِصْمةَ وعُصَيْمةَ وعاصِماً وعُصَيْماً ومَعْصوماً

وعِصاماً. وعِصْمةُ: اسمُ امرأَة؛ أنشد ثعلب:

أَلَمْ تَعْلَمِي، يا عِصْمَ، كَيْفَ حَفِيظَتي،

إذا الشَّرُّ خاضَتْ جانِبَيْه المَجادِحُ؟

وأَبو عاصمٍ: كُنْىة السَّويقِ.

عَمْقٌ

عَمْقٌ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وآخره قاف، عمق الشيء ومعقه: قعره، والعمق المطمئن من الأراضي: وهو واد من أودية الطائف نزله رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، لما حاصر الطائف وفيه بئر ليس بالطائف أطول رشاء منها. والعمق أيضا:
موضع قرب المدينة وهو من بلاد مزينة، قال عبيد الله بن قيس الرّقيات:
يوم لم يتركوا على ماء عمق ... للرجال المشيعين قلوبا
ويروى عمقى بوزن سكرى بغير تنوين، وقال الشريف عليّ: العمق عين بوادي الفرع، وقال ساعدة بن جؤيّة يصف سحابا:
أفعنك لا برق كأنّ وميضه ... غاب تشيّمه ضرام مثقب
ساد تخرّم في البضيع ثمانيا ... يلوي بعيقات البحار ويجنب
لما رأى عمقا ورجّع عرضه ... هدرا كما هدر الفنيق المصعب
ويروى لما رأى عرقا. والعمق أيضا: واد يسيل في وادي الفرع يسمى عمقين، والعين لقوم من ولد الحسين بن علي، وفيها تقول أعرابية منهم جلت إلى ديار مضر:
أقول لعيّوق الثّريّا وقد بدا ... لنا بدوة بالشام من جانب الشرق:
جليت مع الجالين أم لست بالذي ... تبدّى لنا بين الخشاشين من عمق؟
والخشاشان: جبلان ثمّه، وقال عمرو بن معدي كرب:
لمن طلل بالعمق أصبح دارسا ... تبدّل آراما وعينا كوانسا
بمعترك ضنك الحبيّا ترى به ... من القوم محدوسا وآخر حادسا
تساقت به الأبطال حتى كأنها ... حنيّ براها السير شعثا بوائسا
والعمق أيضا: كورة بنواحي حلب بالشام الآن وكان أولا من نواحي أنطاكيــة ومنه أكثر ميرة أنطاكيــة، وإياه عنى أبو الطيب المتنبّي حيث قال:
وما أخشى نبوّك عن طريق ... وسيف الدولة الماضي الصقيل
وكل شواة غطريف تمنّى ... لسيرك أنّ مفرقها السبيل
ومثل العمق مملوء دماء ... مشت بك في مجاريه الخيول
إذا اعتاد الفتى خوض المنايا ... فأهون ما يمرّ به الوحول
وقال أبو العباس الصفري شاعر سيف الدولة يذكر العمق:
وكم شامخ عالي الذّرى قد تركته ... وأرفعه دكّ وأسفله سهب
وأوقعت بالاشراك في العمق وقعة ... تزلزل من أهوالها الشرق والغرب

العاصِي

العاصِي:
بالصاد المهملة، وهو ضد الطائع: وهو اسم نهر حماة وحمص ويعرف بالميماس، مخرجه من بحيرة قدس ومصبه في البحر قرب أنطاكيــة، واسمه قرب أنطاكيــة الأرند، وقيل: إنما سمي بالعاصي لأن
أكثر الأنهر تتوجّه ذات الجنوب وهو يأخذ ذات الشمال وليس هذا بمطّرد.

طَرَسُوسُ

طَرَسُوسُ:
بفتح أوله وثانيه، وسينين مهملتين بينهما واو ساكنة، بوزن قربوس، كلمة عجمية رومية، ولا يجوز سكون الراء إلا في ضرورة الشعر لأن فعلول ليس من أبنيتهم، قال صاحب الزيج: طول طرسوس ثمان وخمسون درجة ونصف، وعرضها ست وثلاثون درجة وربع، وهي في الإقليم الرابع، وقالوا: سميت بطرسوس بن الروم بن اليفز بن سام ابن نوح، عليه السلام، وقيل: إن مدينة طرسوس أحدثها سليمان كان خادما للرشيد في سنة نيف وتسعين ومائة، قاله أحمد بن محمد الهمذاني، وهي مدينة بثغور الشام بين أنطاكيــة وحلب وبلاد الروم، قال أحمد بن الطيّب السّرخسي: رحلنا من المصيصة نريد العراق إلى أذنة ومن أذنة إلى طرسوس، وبينها وبين أذنة ستة فرسخ، وبين أذنة وطرسوس فندق بغا والفندق الجديد، وعلى طرسوس سوران وخندق واسع ولها ستة أبواب ويشقها نهر البردان وبها قبر المأمون عبد الله بن الرشيد جاءها غازيا فأدركته منيته فمات، فقال الشاعر:
هل رأيت النجوم أغنت عن المأ ... مون في عزّ ملكه المأسوس؟
غادروه بعرصتي طرسوس ... مثل ما غادروا أباه بطوس
وما زالت موطنا للصالحين والزهّاد يقصدونها لأنها من ثغور المسلمين ثم لم تزل مع المسلمين في أحسن حال وخرج منها جماعة من أهل الفضل إلى أن كان سنة 354 فان نقفور ملك الروم استولى على الثغور وفتح المصيصة، كما نذكره في موضعه، ثم رحل عنها ونزل على طرسوس وكان بها من قبل سيف الدولة رجل يقال له ابن الزّيّات ورشيق النسيمي مولاه فسلّما إليه المدينة على الأمان والصلح على أن من خرج منها من المسلمين وهو يحمل من ماله مهما قدر عليه لا يعترض من عين وورق أو خرثيّ وما لم يطق حمله فهو لهم مع الدور والضياع، واشترط تخريب الجامع والمساجد، وأنه من أراد المقام في البلد على الذمّة وأداء الجزية فعل وإن تنصّر فله الحباء والكرامة وتقرّ عليه نعمته، قال: فتنصّر خلق فأقرّت نعمهم عليهم وأقام نفر يسير على الجزية وخرج أكثر الناس يقصدون بلاد الإسلام وتفرّقوا فيها، وملك نقفور البلد فأحرق المصاحف وخرّب المساجد وأخذ من خزائن السلاح ما لم يسمع بمثله مما كان جمع من أيام بني أميّة إلى هذه الغاية، وحدث أبو القاسم التنوخي قال: أخبرني جماعة ممن جلا عن ذلك الثغر أن نقفور لما فتح طرسوس نصب في ظاهرها علمين ونادى مناديه: من أراد بلاد الملك الرحيم وأحبّ العدل والنّصفة والأمن على المال والأهل والنفس والولد وأمن السبل وصحة الأحكام والإحسان في المعاملة وحفظ الفروج وكذا وكذا، وعد أشياء جميلة، فليصر تحت هذا العلم ليقفل مع الملك إلى بلاد الروم، ومن أراد الزنا واللواط والجور في الأحكام والأعمال وأخذ الضرائب وتملّك الضياع عليه وغصب الأموال، وعد أشياء من هذا النوع غير جميلة، فليحصل تحت هذا العلم إلى بلاد
الإسلام، فصار تحت علم الروم خلق من المسلمين ممن تنصّر وممن صبر على الجزية، ودخل الروم إلى طرسوس فأخذ كلّ واحد من الروم دار رجل من المسلمين بما فيها ثم يتوكل ببابها ولا يطلق لصاحبها إلا حمل الخفّ فان رآه قد تجاوز منعه حتى إذا خرج منها صاحبها دخلها النصراني فاحتوى على ما فيها، وتقاعد بالمسلمين أمهات أولادهم لما رأين أهاليهنّ وقالت: أنا الآن حرّة لا حاجة لي في صحبتك، فمنهنّ من رمت بولدها على أبيه ومنهنّ من منعت الأب من ولده فنشأ نصرانيّا، فكان الإنسان يجيء إلى عسكر الروم فيودع ولده ويبكي ويصرخ وينصرف على أقبح صورة حتى بكى الروم رقّة لهم وطلبوا من يحملهم فلم يجدوا غير الروم فلم يكروهم إلا بثلث ما أخذوه على أكتافهم أجرة حتى سيروهم إلى أنطاكيــة، هذا وسيف الدولة حيّ يرزق بميّافارقين والملوك كلّ واحد مشغول بمحاربة جاره من المسلمين وعطّلوا هذا الفرض، ونعوذ بالله من الخيبة والخذلان ونسأله الكفاية من عنده، ولم تزل طرسوس وتلك البلاد بيد الروم والأرمن إلى هذه الغاية، وقد نسب إليها جماعة يفوت حصرهم، وأما أبو أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سالم الطرسوسي فانه بغداديّ أقام بها إلى أن مات سنة 273 فنسب إليها، وممن نسب إليها من الحفّاظ محمد بن عيسى ابن يزيد الطرسوسي التميمي ثم السعدي، رحّال من أهل المعرفة، سمع بدمشق سليمان بن عبد الرحمن وصفوان بن صالح وسمع بحمص ومكة، وسمع عيسى بن قالون المقري بالمدينة، وبالكوفة أبا نعيم، وبالبصرة سليمان بن حرب، وبميافارقين مسلما ومحمد ابن حميد الرازي، روى عنه أبو بكر بن خزيمة وأبو العباس الدّغولي وأبو عوانة الأسفراييني وهو غير متهم، قال الحافظ أبو عبد الله: وكان من المشهورين بالطلب في الرحلة والكثرة والفهم والثبت، ورد خراسان بعد 250 ونزل نيسابور وأقام بها وكتب عنه من كان في عصره ثم خرج إلى مرو فأقام بها مدة وأكثر أهل مرو عنه بعد الستين ثم دخل بلخ فتوفي بها سنة 276.

ربض الدّارَين

ربض الدّارَين:
بحلب أمام باب أنطاكيــة في وسطه قنطرة على قويق، قال أحمد بن الطيب الفيلسوف:
كان محمد بن عبد الملك بن صالح بناه وبنى فيه دارا، أعني الربض، ولم يستتمه وأتمه سيما الطويل ورمّ ما كان استهدم منه وصيّر عليه باب حديد حذاء باب أنطاكيــة أخذه من قصر بعض الهاشميين بحلب يسمى قصر البنات وسمّى الباب باب السلامة وبنى سيما فيه دارا أيضا مقابلة لدار عبد الملك بن صالح فسمّي ربض الدارين لذلك.

دير سِمْعان

دير سِمْعان:
يقال بكسر السين وفتحها: وهو دير بنواحي دمشق في موضع نزه وبساتين محدقة به وعنده قصور ودور وعنده قبر عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، وقال فيه بعض الشعراء يرثيه:
قد قلت إذ أودعوه الترب وانصرفوا: ... لا يبعدنّ قوام العدل والدين
قد غيّبوا في ضريح الترب منفردا ... بدير سمعان قسطاس الموازين
من لم يكن همه عينا يفجّرها ... ولا النخيل ولا ركض البراذين
وروي أن صاحب الدير دخل على عمر بن عبد العزيز في مرضه الذي مات فيه بفاكهة أهداها له فأعطاه ثمنها، فأبى الدّيراني أخذه فلم يزل به حتى قبض ثمنها، ثم قال: يا ديراني إني بلغني أن هذا الموضع ملككم، فقال: نعم، فقال: إني أحب أن تبيعني منه موضع قبر سنة فإذا حال الحول فانتفع به، فبكى الديرانيّ وحزن وباعه فدفن به، فهو الآن لا يعرف، وقال كثيّر:
سقى ربّنا من دير سمعان حفرة ... بها عمر الخيرات رهنا دفينها
صوابح من مزن ثقال غواديا ... دوالح دهما ما خضات دجونها
وقال الشريف الرضي الموسوي:
يا ابن عبد العزيز لو بكت العي ... ن فتى من أميّة لبكيتك
أنت أنقذتنا من السبّ والشت ... م، فلو أمكن الجزا لجزيتك
دير سمعان لا عدتك الغوادي! ... خير ميت من آل مروان ميتك
وفيه يقول أبو فراس بن أبي الفرج البزاعي وقد مرّ به فرآه خرابا فغمّه:
يا دير سمعان قل لي أين سمعان، ... وأين بانوك خبّرني متى بانوا؟
وأين سكّانك اليوم الألى سلفوا، ... قد أصبحوا وهم في الترب سكان
أصبحت قفرا خرابا مثل ما خربوا ... بالموت ثم انقضى عمرو وعمران
وقفت أسأله جهلا ليخبرني، ... هيهات من صامت بالنطق تبيان
أجابني بلسان الحال: إنهم ... كانوا، ويكفيك قولي إنهم كانوا
وأما الذي في جبل لبنان فمختلف فيه، وسمعان هذا الذي ينسب الدير إليه أحد أكابر النصارى ويقولون إنه شمعون الصّفا، والله أعلم، وله عدة ديرة، منها هذا المقدّم ذكره وآخر بنواحي أنطاكيــة على البحر، وقال ابن بطلان في رسالته: وبظاهر أنطاكيــة دير سمعان وهو مثل نصف دار الخلافة ببغداد يضاف به المجتازون وله من الارتفاع كلّ سنة عدة قناطير من الذهب والفضة، وقيل إن دخله في السنة أربعمائة ألف دينار، ومنه يصعد إلى جبل اللّكّام، وقال يزيد بن معاوية:
بدير سمعان عندي أمّ كلثوم
هذه رواية قوم، والصحيح أن يزيد إنما قال بدير مرّان، وقد ذكر في موضعه. ودير سمعان أيضا:
بنواحي حلب بين جبل بني عليم والجبل الأعلى.

إِسكَنْدَرُونَة

إِسكَنْدَرُونَة:
بعد الدال راء، وواو ساكنة، ونون، قال أحمد بن الطيّب: هي مدينة في شرقي أنطاكيــة على ساحل بحر الشام وبينها وبين بغراس أربعة فراسخ، وبينها وبين أنطاكيــة ثمانية فراسخ، ووجدت في بعض تواريخ الشام أنّ إسكندرونة بين عكا وصور.

الأُرُنْدُ

الأُرُنْدُ:
بضمتين، وسكون النون، ودال مهملة:
اسم لنهر أنطاكيــة، وهو نهر الرّستن المعروف بالعاصي، يقال له في أوله الميماس فإذا مرّ بحماة قيل له العاصي فإذا انتهى إلى أنطاكيــة قيل له الأرند، وله أسماء أخر في مواضع أخر، وقال أبو علي: الهمزة في أرند اسم هذا النهر ينبغي أن تكون فاء، والنون زائدة لا يجوز أن يكون على غير هذا لأنه لم يجيء في شيء، وقد حكى سيبويه عرند، فهو مثله، قال: والقوس فيها وتر عرند.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.